شهد العالم الإسلامى خلال العقود القليلة الماضية صعود قوى وهبوط أخرى، غير أن تركيا ربما تقدم النموذج الأكثرجاذبية وإثارة للأمل، نموذج يثير إعجاب كل من يتابعه سواء على مستوى سياساتها الداخلية أوالخارجية، وذلك فى ظل حكومة حزب العدالة والتنمية ذات التوجه الإسلامى الواضح فى دولة شديدة العلمانية، لتضرب بذلك مثالا على إمكانية تحقيق النهوض والتقدم على أيدى الإسلاميين إذا أتيحت لهم الفرصة، متحدية كل المخاوف والشكوك المثارة والمتكررة دائما حول الإسلاميين.
فإلى أى مدى يمكن أن تضيف تركيا للعالم الإسلامى ووضعه فى النظام الدولى؟ وما مقومات وجود هذا النموذج فى ظل الظروف الدولية الصعبة التى يعيشها العالم وهذه الحرب المعلنة على كل ما هو “إسلامي”، فضلا عن سياق العلمانية المحيط بها؟ وإلى أي مدى يمكن تعميم هذا النموذج؟ وما أوجه الشبه والاختلاف بينه وبين نماذج أخرى ولاسيما النموذج الإيراني؟
حول كل هذه التساؤلات يدور حوارنا التالي:
أ.منال: نبدأ بالتساؤل حول كيفية صناعة هذا النموذج فى ظل دولة شديدة العلمانية، كيف نشأ؟
د.ابراهيم : أبدأ حديثى عن تركيا عادة بمقولة أعتبرها مفسرة لكل مايجرى فى تركيا سواء على مستوى السياسة الداخلية أو الخارجية على مدى العشر سنوات الاخيرة، وهى “فى تركيا تغير الساسة فتغيرت السياسة”.
منذ عام 2001، أمسك بزمام السلطة جيل من الشباب الأتراك، اقتربت من معظمهم وأعرف بعضهم معرفة شخصية مثل رجب طيب أردوغان (حيث قابلته عندما كان رئيساً لبلدية اسطنبول في منتصف التسعينيات) وأحمد داود أوغلو (الذي ترجمت له كتابين، وتعرفت عليه منذ سنة 1988). هذا الجيل مختلف تماما عن أجيال الأتراك السابقين. هذا الجيل لديه رؤية مختلفة عن تركيا وعن العالم من حولها. وأبناء هذا الجيل لهم إدراك جديد عن ذواتهم والمجتمع الذي يعيشون فيه ودورهم فى هذا المجتمع ومسؤليتهم تجاه المجتمع والأمة التي ينتمون اليها.
بدون الوقوف على هذا التغير الجذرى فى طبقة الحكام والمسئولين المصحوب بتغير الأفكار والرؤى والتأمل فى آليات حدوثه لن نستطيع فهم الواقع التركي الراهن، وسر نجاح هذا النموذج. ولن نستطيع أيضاً أن نتوقع ما سوف يحدث في المستقبل.
هذا الجيل رغم تمثيله رسميا بشكل واضح فى حزب العدالة والتنمية، إلا أنه لا يقتصر على المؤسسات الرسمية فقط، فهو منتشر فى مؤسسات وتكوينات عديدة بعضها حكومى ومعظمها غير حكومى، انضموا إلى هذه التكوينات واعتلوا مناصب قيادية داخلها بل وداخل أجهزة الدولة نفسها، ثم قاموا بتغيير فلسفة هذه المواقع التى يشغلونها بالرغم من استمرار الإطار القانونى والدستورى الرسمى الذى يختلف كثيرا فى فلسفته وتفاصيله عن آرائهم وأفكارهم واجتهاداتهم الجديدة.
هذا هو سر النموذج كله، أن يستطيع جيل كامل جديد وليس فرد أو حزب أن يتواجد بكثافة معقولة داخل مؤسسات الدولة والمجتمع الاهلى دون أن يصطدم بالأطر القانونية والدستورية ولا مع القوى المهيمنة على جهاز البيرقراطية العامة وانما يتعايش معها لفترة، ثم يبدأ التغيير من داخل هذه المؤسسات، ثم تتصاعد وتائر التغيير لتصل إلى بعض أجزاء الاطار القانوني، ثم تغيير بعض أجزاء الاطار الدستورى، والآن هم على وشك تغيير الدستور كاملا بعد الانتخابات البرلمانية فى يونيو 2011.
أ.منال : من أين أتى هذا الجيل؟ كيف سمح لهم؟ أم جاءوا في حين غفلة من الساسة وتسللوا الى الساحة السياسية؟
د.إبراهيم : لا ليس هناك غفلة ولا تسلل ولا أسرار ولا ألغاز وانما هناك جهد وعمل وتخطيط وتنظيم، هناك ثلاثية هامة جدا يمتلكها هذا الجيل، ثلاثة فاءات هي: الفهم والفكر والفعل، فهم واع للواقع التركى ومصادر القوة والتهديد والفرص والمخاطر والعقبات، وفكر استراتيجي لمعالجة هذا الواقع، وفعل حكيم فى التنفيذ على أرض الواقع. إذن هناك فهم دقيق، فكر عميق، ثم فعل في الاتجاه الصحيح.
أتى هذا الجيل: (1) من مؤسسات المجتمع الأهلى أساسا وهي مؤسسات أصيلة في تركيا. هذا الجيل هو حصاد تجارب طويلة من عمل تلك المؤسسات الأهلية التي راحت تعمل فى قاعدة المجتمع فى مجالات التربية والتثقيف والتأهيل وتربية الكوادر بعيدا عن العمل السياسي الحزبي. هذه المؤسسات الأهلية تؤمن برؤية عامة للإسلام وعلاقته بالسياسة والدولة والمجتمع بشكل عام، ولكنها تخصصت في تكوين الكوادر. أهمية هذه المؤسسات أنها تمتلك مصادر للتمويل المستقل الذي يحتاجه أي فكر مستقل، أقصد الأوقاف والتبرعات التي يقدمها المحسنون الأتراك كي تستغني مؤسساتهم عن التسول من الجهات الأجنبية.
هو أيضا (2) حصاد عقود طويلة من التجارب السياسية سواء من الأحزاب السياسية السابقة على حزب العدالة والتنمية، مثل : حزب الرفاه، حزب الفضيلة، حزب السلامة الوطنى، حزب النظام. الخ، وأيضا من التجارب شبه الإسلامية لدى بعض الاحزاب الأخرى مثل أحزاب اليمين والوسط غير المتطرفة علمانيا.
وهو أيضا (3) حصاد عقود طويلة لحركات وطرق صوفية كثيرة، ذات وجود واسع الانتشار فى تركيا، ورغم ما يعترى بعضها من خرافات إلا أن أغلبها ذو دور إيجاببي لا يخفى على أى دارس لتاريخ تركيا.
وهو (4) حصاد عقود طويلة كذلك من البعثات العلمية والخبرات المتنوعة لشباب تركيا الذين تلقوا تعليمهم فى جامعات أوربية وأمريكية إلى جانب تلقيهم العلم فى جامعات عربية وإسلامية، على رأسها الأزهر الشريف، الى جانب بعض الجامعات الاسلامية الأخرى المنتشرة في العالم الاسلامي.
هذا الجيل الذي يتواجد سياسيا بشكل واضح في حزب العدالة والتنمية ويتواجد سياسيا أيضا في أحزاب أخرى أقل حجما من العدالة والتنمية وبكثافة في مؤسسات أهلية كثيرة هو حصاد هذه العوامل مجتمعة لذا نعود ونؤكد أن “تركيا تغير ساستها فتغيرت سياساتها”، وهذا تطبيق يكاد يكون مباشر لقول الله تعالى: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)، وهم قد بدءوا بتغيير ما بأنفسهم، طردوا أفكارا قديمة وتقليدية كانت تهيمن على الوعي الجماعي السياسي والاجتماعي، وطرحوا أفكارا جديدة، تركوا ممارسات وأساليب سلبية بالغة السوء في السياسة والاقتصاد : ففي السياسة تركوا الميكيافلية التي تبرر استخدام اي أداة من أجل الوصول إلى الهدف، ولم يعودوا يؤمنون بها وذلك لأنهم نشأوا في محاضن بعيدة عنها وعن السياسيين القدامى. وفي الاقتصاد تركوا الممارسات بالغة السلبية التي كانت تقوم أساسا على فكرة الكسب من الفساد وانتهاك المحرمات، وتحولوا إلى العمل في التجارة والصناعة وأسسوا علاقات واسعة خاصة مع العالم العربي والاسلامي، ونجحوا، في أن تصبح تركيا مالكة لنحو 80% من تجارة الحلال المنتشرة فى العالم والتى تقدر بنحو 300 مليار دولار سنويا. (تجارة الحلال هى المنتجات الموافقة للشريعة الاسلامية من لحوم وخلافه)، ومن يزور أوربا وأمريكا يجد انتشارا للمطاعم والمتاجر التركية التى تقدم هذه المنتجات.
على الجانب الاجتماعي أيضا نجد أن العلاقات المتفسخة التي كانت منتشرة انحسرت بشكل كبير جدا. هذا كله نتيجة هذه التربية التي استمرت ليس عاما ولا عامين وإنما استمرت عقودا طويلة ربما منذ سقوط الخلافة مباشرة. كانت هناك عقبات هائلة؛ لكن مع الإصرار والاستمرار والتجديد والمقاومة المستمرة تكون هذا الجيل.
أ.منال: بعد سقوط الخلافة مباشرة بدأ العمل في تكوين مثل هذا الجيل كنا نتصور أن الأمور تداعت بشكل هائل بعد سقوط الخلافة.
د. إبراهيم : على العكس بدأت الكثير من الامور تتحسن بعد سقوط الخلافة.
أ. منال : إذن ترى أن سقوط الخلافة كان نعمة على تركيا؟
د. إبراهيم : نعم هذا رأيى، ويخالفنى فيه الكثيرون. أنا أرى أن سقوط الخلافة كان نعمة من النعم الكبرى التى منَّ الله بها على تركيا والعالم الإسلامى، وليست نقمة كما يدعى بعض الرومانسيين من أصحاب المشاعر الدينية، ذلك لأن الخلافة قبل أن تسقط نهائياً كانت قد تهرأت وانحلت وتفككت من داخلها وأصبحت كيانا لا روح فيه، وأصبحت مثالا للاستبداد والفساد. وبما أن الخلافة شكل وليست أصلا من أصول الشريعة، فلا بأس من أن يتغير هذا الشكل. والمهم هو الإبقاء على الأصل، والأصل هو إقامة الحكم على مرجعية الشريعة الإسلامية. أما الخلافة فقد كانت شكلاً من أشكال تنظيم هذا الحكم وتلك السلطة فى تاريخ المسلمين. فالشكل يتغير بتغير الظروف والأحوال.
سقوط الخلافة فتح الباب أمام حركات التجديد والإحياء الإسلامي المعاصر؛ فوجود الخلافة كان مانعاً لظهور أي حركات إسلامية تجديدية، أما سقوطها فقد أدى إلى ظهور حركات إسلامية فى دول كثيرة، ففى مصر ظهرت جماعة الإخوان المسلمين بينما ظهرت جماعات أخرى فى ماليزيا وباكستان، وفي تركيا فتح الباب أمام تغييرات عميقة في المجتمع وظهرت مجموعة من المدارس الفكرية مثل مدرسة سعيد النورسى ونجيب فاضل ومحمد عاكف وجميل ميريش وأحمد قام، ومجموعة من القادة والفلاسفة والمفكرين والمربين تبنوا هذا الاتجاه التجديدي رغم سيطرة العلمانية الأتاتوركية.
واعتمد هذا الاتجاه التجديدى فى تمويل أنشطته على الأوقاف الأهلية التى لم تقم الدولة الأتاتوركية بتحطيمها أو الاستيلاء عليها، بل احترمتها ووضعت لها قانونا ينظمها. فرغم إلغاء وزارة الأوقاف عام 1925 واستبدالها بمديرية الشئون الدينية العامة، إلا أن الحكومة التركية أبقت على الأوقاف كما هي وفتحت المجال لزيادتها، واستفاد منها العلمانيون كما استفاد منها الإسلاميون.
دعمت الاوقاف أنشطة تربوية وتعليمية كثيرة. ومع طول النفس والهدوء والرزانة استطاعوا ان يراكموا هذا التيار التربوي الجديد المغاير لتربية الدولة. الدولة كانت تقوم بعملية تعبئة سياسية خلف الكمالية والنظام الجديد المفروض من أعلى، وهؤلاء كانوا يقومون بعملية تربية وليست تعبئة، والفارق كبير: التعبئة تعتمد على مخاطبة الوجدان وإلهاب الحماسة خلف القيادة السياسية وخلف الأيديولوجية دون تفكير عقلي متعمد، أما التربية فهي عملية طويلة المدى عميقة الأثر بعيدة الغور في نفسية الإنسان. التربية تحتاج إلى مهارات ومعلومات وسلوكيات وأفكار وبرامج. .الخ. وقد اشتغل الإسلاميون الأتراك في التربية السياسية بعيدا عن السياسة، والآخرون ( الدولة ) كانوا منخرطين في التعبئة السياسية بعيدا عن التربية.
أ.منال : والدولة لم تتدخل في التعليم؟
د.إبراهيم : بل تدخلت، وغيرت التعليم بالكامل ليتفق والنظام العلماني. وإنما نحن نتحدث عن تعليم أهلي وتربية أهلية من مجتمع أهلي. فكانت لهم مدارسهم الخاصة وأنشطة تربوية داخل البيوت. وإلى الآن لا تزال المدرسة التركية الرسمية مدرسة علمانية بالدرجة الأولى لا وجود فيها للفكر الإسلامي أو الدراسات الإسلامية، لكن هناك مؤسسات منـزلية بعشرات أضعاف أعداد المدارس الحكومية، فعلى سبيل المثال نجد في حي واحد من أحياء اسطنبول وهو “إسكودار” ما يقرب من ثلاثين ألف مؤسسة منـزلية غير حكومية “بيت” يأوي ويحتضن طلاب المدارس الثانوية والكليات الجامعية، حيث يذهب الطلاب إلى المدرسة نهارا ويتعلمون فى هذه البيوت ليلا (مثل بيوت الطلاب والطالبات لدينا) هذا نموذج وهناك نماذج أخرى كثيرة. فالمجتمع حقق حيوية معينة للحفاظ على الهوية بطريقته وبطول النفس، ورغم محاولات الدولة لتحجيمهم والسيطرة عليهم في بعض الأحيان لكنهم كانوا دوما يعودون.
لذا نعود للفهم والفكر والفعل، فهؤلاء الذين غيروا وجه تركيا لم يولدوا فجأة وإنما هم نتاج تجربة سياسية وتربوية طويلة هم مجموعة من طبقة السياسيين الشباب الذين تربوا فى حزب العدالة تربية استمرت لعشرات السنين، فالتجربة بدأت من السبعينيات والثمانينيات من خلال حزب السلامة ثم حزب الرفاه. .الخ، هؤلاء خبروا العمل السياسي والاجتماعي لفترة طويلة، وفهموا أن هناك طبقات تتراكم في المجتمع في هذا الاتجاه.. إذن هنالك فهم، ثم وضعوا فكراً، ثم أسسوا حركة، واستفادوا من أخطائهم. وعندما وجدوا أن نموذج “أربكان” صدامي إلى حد كبير، وأن تجربته – عندما أصبح رئيسا للوزراء – عابها الصدام والصلابة الشديدة في مواجهة العلمانية وقوى الجيش مما أدى الى سقوطه في النهاية، اختاروا هم طريقاً آخر وهو المرونة وعدم الصدام، وهكذا أكسبتهم الممارسة والتجربة والفهم والوعي والمراجعة مهارة أكبر في إدارة شئون المجتمع والدولة بمهارة ونجاح.
أ. منال : وهكذا إذن تمثل تركيا نموذجا ناجحا للتغيير من أسفل!!
د.إبراهيم : هي نموذج ناجح نحتاج لأن نستفيد منه وذلك بأن نفهمه أولا، ونفكر فيما عندنا ثانيا، وأن نستنبط فعلا جديدا يتوافق مع أوضاعنا نحن.
فيجب أن ننشغل أكثر بالتفكير للمستقبل، ولا نستجيب للأصوات المثبطة. وأمامنا تركيا التى كانت تحكم من قبل العلمانيين لمدة ثمانين عاما، وكادت أن تعلن إفلاسها فى عام 2001، حسب تصريحات كمال درويش، أكبر خبير اقتصادي في تركيا آنذاك، عندما قال : ليس أمامنا سوى إعلان إفلاسنا لصندوق النقد الدولى حتى تمتنع الدول الدائنة عن المطالبة بسداد الديون المتراكمة. بعدها وصل حزب العدالة والتنمية إلى السلطة عام 2002. وفي البداية لم يكن لديهم برنامج سوى محاربة الفساد، وكانت النتيجة بعد أربع سنوات أن تعافى الاقتصاد التركى فى 2005 وبدأ يتحرك للأمام، وفى عام 2009 أعلنوا وقف المفاوضات مع صندوق النقد الدولى الذى كان يدعمهم بقروض تصل إلى أكثر من مائة مليار دولار، وأعلن عبد الله جول في خطاب له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تركيا أصبحت دولة مانحة ومن يحتاج يمكنها مساعدته.كل هذا حدث خلال أقل من عشر سنوات!!.
أ. منال: ننتقل إلى الساحة الدولية ومكانة تركيا فيها، ما لها وما عليها، وما الذى يقدمه هذا النموذج للعالم الإسلامى من فرص أو مخاطر؟
د. إبراهيم : نبدأ بوضع تركيا على المستوى الإقليمى. وأول ما نلاحظه هو أن معظم دوائرها الإقليمية تكاد تكون إسلامية باستثناء علاقتها بالاتحاد الأوربي، ففى الجنوب نجد الدول العربية، وفى الشرق هناك وسط آسيا وبلاد القوقاز، وفي الغرب هناك دول البلقان، فى كل هذه الدوائر تسعى تركيا لتقديم نموذج إيجابى تعاونى مع هذه الأقاليم، وهذا هو الأساس الأصلى للرؤية الإسلامية للعلاقات الدولية، السلم لا الحرب، والتعاون لا الصراع، وهذا ما يطبقه أوغلو ببراعة شديدة، ويسميه سياسة “صفر مشاكل”.
على مستوى القضايا المثارة مثل القضية الفلسطينية، والعراق، وإيران، نجد الدور التركي فيها فاعلا جدا، وإيجابيا ومناصرا للحقوق العربية الإسلامية، ويتصدى لقوى الهيمنة الأجنبية الغازية، والتي ينظر إليها الساسة الأتراك في العمق – وإن كان ذلك لا يبدو على السطح- على أنها قوى تستغل وتنهب حدائق دولتهم العثمانية القديمة. فالأجانب غزاة أتوا في غفلة الرجل المريض، هذه الروح موجودة وهي التي تقف خلف تفكير هؤلاء الشباب الذين يحكمون تركيا اليوم. هم لديهم إدراك مميز عن ذواتهم وهويتهم، ظهر هذا في عدة مواقف رمزية لكنها تحمل دلالات عميقة، مثلا:
عند زيارة أحمد داوود اوغلو – وزير الخارجية التركي- للصين في النصف الثاني من سنة 2010، لم يتجه مباشرة إلى العاصمة “بكين” كما تقضي التقاليد والأعراف الدبلوماسية الرسمية، وانما توجه أولا إلى منطقة “الأوجور” وهي المنطقة التي خرج منها أصل الجنس التركي وتقع في تركستان الشرقية (تسمى سينكيانج حالياً تحت الاحتلال الصيني)، وصلى هناك الجمعة مع الأهالي وزار مسجدهم العتيق، وكان يترجم له هناك اثنان من الطلاب الأتراك الذين أتوا إلى الصين لتعلم اللغة الصينية، هذا حدث رمزى لكنه يحمل دلالات عميقة باتجاه إحياء شعور العظمة العثمانية.
مثال آخر: أثناء زيارة أحد المسئولين من سويسرا لتركيا، طلب منه المسئولون فى تركيا المنضدة التراثية التى وقعت عليها اتفاقية لوزان، وهي الاتفاقية التى فككت الدولة العثمانية، ليحتفظوا بها فى متاحفهم، وأخذوها بالفعل. هذا موقف رمزى لكنه بالغ الدلالة فى إطار الحديث عن الهوية التركية، عن الإدراك الذاتي.
أما بالنسبة لوضع تركيا فى النظام الدولى ككل، فهى تسعى منذ الستينيات للالتحاق بالجماعة الأوربية. وزادت هذه الرغبة في السنوات الأخيرة من أجل الحصول على عضوية الاتحاد الأوربي. وأتصور أن حزب العدالة والتنمية يدرك أن هذا المسعى ذا أهمية كبيرة بالنسبة للعالم الإسلامي، لأن تركيا إذا التحقت بعضوية الاتحاد ستكون ممثلة فى إحدى مراكز صنع القرار الفعلية فى العالم، فالعالم الآن له مراكز لصنع القرار والباقي ينفذ فقط، حتى ولو تظاهر بالاستقلال والفاعلية، المركز الاول في واشنطن، والمركز الثاني حاليا في بروكسل مقر الاتحاد الأوربي، أما المركز الثالث وبعد مسافة طويلة فهو في آسيا: الصين والهند، ولكن هؤلاء ليست لديهم طموحات للسيطرة العالمية. لذا فإن مجرد سعي تركيا للتواجد في أحد هذه المراكز العالمية – سواء دخلت أو لم تدخل- هو ذو مغزى مهم، وهذا لا نجده عند دول أخرى كثيرة لأنها محدودة الأفق، ولأن ساستها ليست لديهم رؤية أبعد من المحافظة على مناصبهم والبقاء في مقاعد السلطة.
مثال: الشعب المصري لم يتطلع أبدا إلى خارج وادي النيل. مصر منذ قديم الزمان وهى دولة نهرية منحصرة على ذاتها، ولا تسعى للتمدد خارج حدودها منذ الفراعنة حتى الآن. وهذا بخلاف بلدان أخرى لديها رؤية خارجية وليست محلية فحسب، مثل ألمانيا وتركيا واليابان. والذي يراجع التاريخ الألماني يجد هذه النـزعة للخارج واضحة. ويجدها واضحة كذلك في حالة تركيا من أيام الدولة العثمانية التي وصلت إلى قلب أوربا ودقت أبواب النمسا وكادت تسيطر على العالم لولا تكالب المؤامرات عليها، ومن يراجع التاريخ العثمانى يجد نقاشاً وجدلاً فقهياً واسعاً حول إنشاء العاصمة بين النمسا أو اسطنبول (التي أنشئت فيها فعلاً). هذا يدخل حسب رأيي ضمن “الفهم” الذي تحدثنا عنه سابقا. فهمهم لذاتهم وهويتهم. فهم عندهم ما يسمى بنظرية “العثمانية الجديدة” وقد حاولت شرحها عبر عدة مقالات نشرت في بعض الصحف منها صحيفة الأهرام بينت فيها أن العثمانية الجديدة تتكون من ثلاث أفكار أساسية، أولها: استحضار العظمة العثمانية فى الفكر والسلوك (عند التفكير في أي شيء وعند القيام بأي شيء ينبغي ان يكون على أحسن مستوى بما يليق بتاريخ الدولة “العثمانية”) هذا هو معنى استحضار حس العظمة العثمانية وليس استعادة الخلافة العثمانية كما يدعى البعض، وثانيها : استحضار واستمرار الانفتاح بين الشرق والغرب، والثالث: أن تتصالح تركيا مع ذاتها الحضارية، وأن تتصالح الدولة مع المجتمع بعد خصومة استمرت ما يقرب من ثمانين عاما.
أ. منال : العظمة العثمانية وليس الإسلامية!
د.إبراهيم : العظمة العثمانية مستمدة من الإسلامية، لكنهم يستحضرون أيضا عظمة عرقهم، فالإسلامية نجدها لدينا جميعا، لكن هذه الإسلامية عبر عنها العثمانيون لمدة ستمائة عام بشكل عظيم يبعث على الفخر ولمدة طويلة تصل إلى ما يقرب من نصف تاريخ الاسلام. وهو تاريخ حافل بالدفاع والذود عن الأمة الاسلامية، هذا خلق شيئاً اسمه حس العظمة العثمانية. ولعل من يزور المتاحف التركية يجد معظم اللوحات الفنية تتحدث عن هذا الحس. فمعظم اللوحات الموجودة في متحف قصر “ضلمة بهجة” باسطنبول تصور معارك الفتوحات العثمانية العظيمة ومعارك الدفاع الباسلة عن أراضي الدولة وشعوب الأمة. أغلب اللوحات عبارة عن فرسان يمتطون صهوات الخيول، ويمسكون بالسيوف اللامعة، وتحت أقدام خيولهم تتدحرج رؤوس أعدائهم. …إلخ.
أ.منال: المستوى الدولي، وأداؤه متميز على الساحة الإقليمية والدولية كما ترى سيادتكم، ماذا عن علاقة تركيا بالولايات المتحدة واسرائيل، ألا تمثل عائقا أمام تحسن علاقاتها مع العالم الإسلامى او العكس أي: ألا تمثل علاقاتها الايجابية نحو العالم الاسلامي تهديدا لعلاقاتها الامريكية والإسرائيلية بما قد يضر بمصالحها؟
د.إبراهيم : ما ألاحظه هو براعة تركيا فى المواءمة بين هذه الثنائية الصعبة، فقد استطاعت حتى الآن إحراج الأمريكان والصهاينة وخاصة فى موضوع قافلة الحرية المعروفة. ولا تزال الدبلوماسية التركية متمسكة بخمسة شروط اشترطتها عقب وقوع العدوان على السفينة التركية وقتل الأتراك التسعة في عرض البحر المتوسط؛ حيث اشترطت تركيا: الإفراج عن النشطاء المقبوض عليهم وعدم تقديمهم للمحاكمة ونفذت إسرائيل هذا الشرط، كما اشترطت عليهم تقديم اعتذار مكتوب ولم تنفذه إسرائيل إلى اليوم، بالإضافة إلى تعويض الضحايا ولم تنفذه إسرائيل أيضاً، واشترط الأتراك أيضاً تشكيل لجنة دولية للتحقيق فيه ونفذ هذا بالفعل، واشترطوا عدم عودة السفير التركي إلى إسرائيل إلا إذا نفذت هذه الشروط جميعها، ولم يعد السفير إلى اليوم. وقد كتبت فى هذا الموضوع سلسة مقالات بعنوان: “أفق ما بعد العدوان على قافلة الحرية فى العلاقات التركية- الإسرائيلية ” أكدت فيها على أن مسار العلاقات التركية الإسرائيلية هو في طريقه إلى القطيعة وليس في طريقه الى العودة مرة أخرى.
أ. منال : ولكن ألن يؤثر ذلك على مصالح تركيا العسكرية والاقتصادية مع إسرائيل و الولايات المتحدة؟
د.إبراهيم : الحديث عن ضخامة المصالح التركية-الإسرائيلية وهم كبير. لأننا إذا نظرنا للجانب الاقتصادي وهو أقوى الجوانب وأهمها سنجد أن الاقتصاد التركي قوى جدا، وقد بلغت قيمة التجارة التركية مع العالم الخارجى نحو 330 مليار دولار في العام (2010). وهذا المبلغ بالمناسبة يساوي الميزانية السنوية للإنفاق على التسلح في الولايات المتحدة الأمريكية. ونجد أن نصيب العلاقات التركية-الإسرائيلية من هذه التجارة يمثل 1% بقيمة لا تتعدى ثلاثة مليارات دولار سنوياً، فى حين يبلغ حجم التجارة التركية مع إيران مثلاً نحو 13مليار دولار سنويا، وهناك خطط لزيادتها إلى 20 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2020.
أما بالنسبة لتأثير التوتر فى العلاقة بين تركيا واسرائيل على علاقاتها مع أمريكا والعالم الخارجى، فهذا كله له حسابات ويقاس بمعايير أخرى وليس الفيصل فيه العلاقات التركية الاسرائيلية وحدها، خاصة إذا وضعنا فى اعتبارنا حجم المصالح الأمريكية – التركية. والنتيجة باختصار هي أنه لن تنهار العلاقات التركية مع الأمريكان من أجل إسرائيل.
أما فى الجانب العسكري من العلاقات بين تركيا واسرائيل، فهناك اتفاقيات وقعت تحت الضغط فى التسعينيات من القرن الماضي. ففي منتصف الستعينيات ضغطت أمريكا على سوريا للدخول فى مفاوضات مع اسرائيل، وكانت تحرض الحكومة العلمانية التركية على سوريا وتثير موضوع المياه ولواء الإسكندرون لتضع سوريا بين نارين: تركيا من الشمال وإسرائيل من الجنوب، فى هذا السياق وقعت تلك الاتفاقية للتعاون العسكري بين تركيا وإسرائيل. وهذه الاتفاقية تكاد تكون مجمدة منذ حادثة أسطول الحرية في مطلع عام 2010.
ولكني لا زلت أعتقد أن اتفاقية التعاون العسكري التركي الإسرائيلي لا تزال نقطة ضعف كبيرة تعاني منها تركيا. صحيح أنها من مواريث العلمانية الأتاتوركية التى ورثها حزب العدالة والتنمية، إلا أن حكومة العدالة والتنمية هي التي تصطلي بنارها، وهي التي عليها التفكير في كيفية التخلص منها. والمشكلة أن تركيا منذ أيام أتاتورك تعتمد في تسلحها على الولايات المتحدة والغرب بما يمثل نحو 80% من حجم قدراتها العسكرية. وقد جاء تعاونها العسكري مع إسرائيل نتيجة شدة احتياجاتها العسكرية، وأسهمت أمريكا في دفع الطرفين إلى عقد هذا الاتفاق خدمة للكيان الصهيوني. إلا أن هناك توجهاً فى تركيا الآن لإحلال الواردات العسكرية الأمريكية والغربية بتنشيط الصناعة المحلية، وهناك تقرير نشره معهد واشنطن للتخطيط الإستراتيجي عام 2008، يقول بأن تركيا ستصبح واحدة من نظام متعدد الاقطاب فى عام 2025. لاحظي أن في هذا التاريخ سيكون قد مرت مائة عام على سقوط الخلافة وهي مدة كافية جدا لإعادة البناء، فخلال الخمسة وعشرون عاما القادمة أتصور أن تركيا سوف تستكمل بناء ما تهدم. وهذه المناسبة ستكون هامة جدا لابد من الاستعداد لها من الآن بدراسات وأبحاث ومؤتمرات وتنظيم احتفال علمي وأكاديمي ضخم في اسطنبول، وفي عواصمنا العربية. وهذه دعوة أوجهها عبر “المسلم المعاصر” لكل المسلمين في أنحاء العالم كي يعملوا ويجدوا ويجتهدوا حتى تصل الأمة إلى عام 2024 وهي أكثر قوة وأكثر تقدماً عما كانت عليه قبل مائة سنة أي في سنة 1924م.
أ.منال : وكيف يمكن النظر إلى تعامل الحكومة التركية مع المشكلة الكردية التى ربما تمثل تحديا مع توجههم الاسلامى؟
مشكلة الأكراد مشكلة معقدة وعويصة. وهي تعتبر أيضا من مواريث الدولة الأتاتوركية، فهم الذين خلقوها عندما أسسوا الدولة على أساس قومى عرقى، ورفع أتاتورك شعار “سعيد من هو تركى” رغم أن هناك في الدولة من هو أرمينى ومن هو شركسى ومن هو كردى ومن هو عربي، وبالتالى فهى مشكلة الفكر العلمانى. يحاول حزب العدالة والتنمية حلها لكنه يحتاج مزيدا من الوقت، فالحل ليس في أيدي الحكومة وحدها، فالدولة لم تتخلص بعد من العلمانية، فالعلمانية لا تزال تعشش في الجيش والإعلام ورجال الأعمال والبيروقراطية. .. الخ هذا ما يفسر لنا أنهم أحيانا يضربون الأكراد وأحيانا يفتحون مجالا للحوار معهم.
وعلينا أن ننتبه إلى أن حزب العمال الكردستاني لا يمثل كل الأكراد. وهذه نقطة هامة في فهم القضية. فهو حزب يساري علماني متشدد. أما الشعب الكردي فهو شديد التدين. وعندما تضرب الدولة هذا الحزب فلأنها تعتبره حركة متمردة تستخدم القوة ضد الدولة وتهدد وحدتها. أما الأكراد فهم شديدو التدين ولاحظت ذلك بنفسي أثناء زياراتي المتكررة لتركيا. ففي مدن الشرق حيث يتركز الأكراد نجد نسبة الصائمين تصل إلى 90%، أما في مدن تركيا الغربية فلا تزيد هذه النسبة عن 50%!!!.
س. أليس غريبا افطار نحو 50% من سكان هذه المدن في ظل نظام يوسم بالتوجه “الاسلامي”؟
د.إبراهيم : هذه عبادات بين العبد وربه ليس من حق أحد أن يتدخل فيها إلا بالوعظ والإرشاد فقط، ولا يدل التمسك بها أو التفريط فيها على نجاح أو فشل نظام معين. على عكس بعض البلدان الإسلامية التى تضرب الناس حتى يدخلون المساجد، وفى هذا استغلال للدين والمشاعر الدينية لإضفاء شرعية على سلطة غير شرعية. أما في تركيا فهم يعبرون عن نظام شرعي حقيقي.
أ. منال: كيف ترى النموذج الإيراني في مقابل النموذج التركي؟
د.إبراهيم: إيران تقدم منهجاً مختلف تماما فهي تدخل الرؤية المذهبية الإمامية الاثنى عشرية فى السياسة بشكل مباشر، فالدستور الإيراني ينص على المذهب الإثنا عشرى كمذهب رسمى للدولة، وفى النظام السياسى الإيرانى هناك مزج بين الثيوقراطية بالمعنى الكنسى الكهنوتى الذى عرفته أوربا، وذلك من خلال المراجع الدينية والمرشد الأعلى ومجلس تشخيص مصلحة النظام وأعضاؤه الذين يمتلكون سلطات واسعة، وبين الديمقراطية بالمعنى الليبرالى الغربى من خلال اتساع مساحة الحريات والانتخابات النـزيهة البرلمانية والرئاسية وتعدد الأحزاب. أما في تركيا فنجد شيئاً آخر؛ نجد نظاماً ديمقراطياً شورياً يقوم على أساس توسيع مناخ الحريات واستيعاب أكبر قدر من القوى داخل النظام بطريقة سلمية هادئة ودون عنف، ويجعل للشعب الكلمة الفصل دون وصاية من هيئة أو تسلط من مجموعة أو حزب أو شخص معين.
في السياسة الخارجية، نجد السياسة الخارجية الإيرانية في العالم العربي كسيحة. في حين أن السياسة الخارجية التركية تجاه العالم العربي كاسحة. الأولى كسيحة لأنها معوقة بالمذهبية وتتطلع إلى مناطق لا تألف هذا المذهب ولا ترضى به، فالمذهب الشيعي يتسم بغموض شديد جدا والناس في بلادنا العربية وخاصة في مصر لا تخرج من الوضوح إلى الغموض، بالإضافة إلى أن هذه المناطق ليست على صلة تاريخية وثيقة بالثقافة “الفارسية”؛ وهي ثقافة مختلفة وهناك عدد من المصالح المتضاربة.
ذلك بخلاف تركيا التى ينتشر فيها المذهب الحنفي، فضلاً عن أن سياستها لا تعبر عن مواقف مذهبية أساساً؛ وبالتالي لا تواجه مشاكل في قبولها فى العالم العربي، وهذا ما كتبته للرد على فضيلة الدكتور القرضاوى فى تصريحاته الخاصة بالتشيع والتهديد الذي يشكله في المنطقة، وأكدت في حينه على أن سياسة ايران تجاه العالم الإسلامى ضعيفة والضعف من داخلها، بالإضافة إلى قلة عدد الشيعة بالنسبة للسنة، فهم لا يمثلون سوى حوالي 150مليون منهم نحو86 مليون فى إيران والباقين موزعين على كل أنحاء العالم. أما المسلمون في العالم فيبلغ عددهم ملياراً وثلاتمائة مليون مسلم، الأمر الثانى ليس لدى الداعية الشيعى ما يقدمه لإغراء السنى، فاذا قال له الحسن والحسين فنحن فى مصر أولى الناس بهم ولا يزايد علينا أحد فى حبهم، ولا في حب جميع آل البيت.
أ منال. هل تعد إيران إضافة لوضع العالم الإسلامي على الساحة الدولية؟
د.إبراهيم : أرى أنها ليست إضافة للعالم الإسلامى “داخليا”، لأنها مشروع طائفى مذهبى خاص، وتمسكهم التام بمسألة المذهب وإدخاله في السياسة الخارجية هو نقطة ضعفهم. لديهم نزعة للهيمنة لكنها كسيحة للأسباب التي ذكرناها. لكن علينا أن نتعامل معها، وأن يكون تعاملنا بحذر. أما في المحصلة النهائية- بالنسبة للسياسة الخارجية مع الآخر الأجنبي/الغربي/الصهيوني- فهي معنا، ومن الخطأ أن نعتبرها عدواً. من الخطأ أن نخصمها من رصيدنا ومن أوراق قوتنا في مواجهة الغرب. من الخطأ ان نتصور أنها باتت عدواً بدلا من إسرائيل، أو أنها سوف تغزوا بلادنا. هم قوة نضالية في مواجهة الغرب والهيمنة الأمريكية والصهيونية، قوة تريد أن تخدم أولا الشعب الإيراني والمذهب الذي يؤمن به الشعب الإيراني والدولة الإيرانية. وتربطنا بهم روابط الإسلام والنضال من أجل قضايانا العادلة في مواجهة الهيمنة الغربية والأمريكية والصهيونية.