أبحاث

مفهوم العمل في القرآن الكريم

العدد 144

مقدمة:

يقول الله تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآَخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}(1) وفي الحديث الشريف أن رسول الله r قال: “اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً”. ومن الآية والحديث تتضح لنا الرؤية الإسلامية الدنيوية والأخروية لمفهوم العمل(2). فالدين الإسلامي ليس رهبانياً ولا ينعزل عن الحياة، وليس مادياً يدعو الإنسان للهث وراء مغريات الحياة. من ناحية أخرى فالعمل للدنيا وللآخرة لا يقوم على اختلاف بل على امتزاج بين المفهومين. فالعبادات من صلاة وصوم وجهاد في سبيل الله أعمال تحتاج إلى الصبر وبذل الجهد وجهاد النفس، من ناحية أخرى فإن الدين الإسلامي جعل لعمل الدنيا، كإعمار الأرض، ثواباً في الآخرة، وجعل ممن مات في سبيل رزقه، كما جاء في الحديث الشريف، شهيداً. وقوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ}(3)، يكفي في الدلالة على عظم أهمية العمل في دين الله، إذ إن معناه أن العمل ونوعه مناط الجزاء في الدنيا والآخرة، لذلك قال النبي r لما سمع صعصعة بن معاوية يقرأ هذه الآيات من سورة الزلزلة: “حسبي لا أبالي أن لا أسمع غيرها”(4).

بالإضافة لهذا التوازن والتلازم في مفهوم العمل الدنيوي والأخروي، فالقرآن الكريم يزخر بمفاهيم شتى تتعلق بالعمل. فقد ذكر القرآن الكريم العمل في كثير من المواضع، وقد ورد ذكرها مع مشتقّاتها والمعاني المختلفة المرادفة لها والمستدلّ عليها من سياقها في ثلاثمائة وإحدى وسبعين موضعاً. وتصبّ مختلف المعاني في مفهوم بذل الجهد البدني والعقلي من أجل الرزق والعيش (وفق الأصول الشرعيّة الإسلاميّة) وهو التعريف الدنيوي – الاقتصادي للعمل، وكذلك في مفهوم الفعل وردّة الفعل في الدّنيا من أجل تحصيل الثّواب والنّجاة من العقاب في الآخرة، وهو العمل الصّالح ونقيضه، وهو التّعريف الأخرويّ – الدّيني للعمل. واستناداً لما تزخر به آيات القرآن الكريم من مواضيع تتعلق بالعمل، خاصة تلك التي تربط الإيمان بالعمل الصالح حيث ورد في القرآن الكريم وفي أكثر من موضع عبارة “الذين آمنوا وعملوا الصالحات”، إضافة لما تزخر به السنة النبوية الشريفة عنه، فقد تصدى للكتابة عن مفهوم العمل في الإسلام عدد من الباحثين وذلك من زوايا متعددة. فالدكتور صادق مهدي السعيد(5) تناول الأحكام العامة للعمل في الإسلام. وتناول حميد ناصر الزري(6) في دراسته الميدانية أثر العمل في التربية الإسلامية. بينما تناول الشيخ باقر شريف القرشي(7) العمل في كتابه “العمل وحقوق العامل في الإسلام”. واحتوى كتاب رفعت السيد العوضي(8) “عالم إسلامي بلا فقر” مفهوم قيمة العمل. بينما تناول محمد عطية الابراشي في كتابيه “عظمة الإسلام”(9) و”روح الإسلام”(10) مكانة العمل في الدين الإسلامي وتأثيره الاجتماعي والاقتصادي.

موضوع البحث:

ليس العمل كلمة اختص بها الدين الإسلامي، فهي متداولة منذ القدم ولها مفهومها اللغوي والاقتصادي والإنساني. وهذا البحث سيتصدى لتوضيح ماهو المفهوم الخاص للعمل كما ورد في القرآن الكريم، وتبيان أنواع العمل ومجالاته، وما هو الجزاء الأخروي للعمل الدنيوي، وما هي حقوق العامل الدنيوية لقاء ما يقدمه من عمل. ولتحقيق ذلك سيتم التطرق لمعنى العمل لغوياً واصطلاحياً، يتبعه عرض لأنواع ومجالات العمل في الإسلام، قبل الخوض في التعريف بمفهوم العمل في القرآن الكريم. بعد ذلك سيتم الاستطراد حول ارتباط مفهوم العمل بالأرض، ودور الإنسان عليها من جهة، والإكتساب من جهة أخرى. كما سيتطرق البحث لجزاء العمل الصالح كفضل من الله سبحانه وتعالى وكثواب في الدنيا وفي الآخرة. من ثم سيستعرض البحث مفهوم العمل في السنة النبوية الشريفة التي تعبر عن مضمون الرسالة السماوية في القرآن الكريم، يليها عرض لحقوق وواجبات العامل في الإسلام، يعقبها الخاتمة. هذا وسنقسم البحث إلى عدة أقسام.

أولاً: معنى العمل

ا- التعريف اللغوي للعمل:

تذهب تعريفات معجميّة مختلفة إلى اعتبار العمل حركة إراديّة أو غير إراديّة تصدر عن جسم ما (التعريف الفيزيائي للعمل). ويرتبط لفظ العمل غالباً بالكسب والحرفة والمهنة وكلّ نشاط جسديّ تكون غايته الحصول على نتاج. فقد وَرد في “لسان العرب” لابن منظور(11) أن العمل هو المهنة والفعل، مِن عَمِلَ عَمَلاً والجمع أعمَال، وأعمَله واستعمَله طلب إليه العمل، واعتَمَلَ أي عمل بنفسه وأعمل رأيه، والعَمَلة أي العاملون بأيديهم، والعَامِل على الصدقة الذي يسعى إلى جمعها، والعَامِل من يعمل في مهنة أو صنعة، وقد يطلق لفظ العمل على تصرفات وسلوك الإنسان، فيقال عَمَل معروف أي تصرف معروف. والإصطلاح العام للعمل هو كل ما يَصدُر من فعل أو حركة ظاهرة عن أي جسم سواء بإرادة أو بغير إرادة(12). أما العمل بمفهومه الديني فهو القيام بالفرائض والواجبات الدينية. بينما العمل بالمفهوم الإقتصادي هو الجهد البدني الذي يبذله الإنسان في مجال النشاط الاقتصادي في سبيل إنتاج الخدمات والسلع الإقتصادية لغرض الكسب والعيش(13).

وذكر  الأزهري(14) أن اختدم تحمل معنى خدم نفسه، واقترأ إذا قرأ السلام على نفسه، واستعمل فلان غيره إذا سأله أن يعمل له، واستعمله بمعنى طلب إليه العمل، واعتمل تعني اضطرب في العمل ويقال استعمل فلان إذا ولي عملاً من أعمال السلطان. أما الرجل العمول فتأتي بمعنى رجل مطبوع على العمل. ويقال أيضاً أعمل فلان ذهنه في كذا وكذا إذا دبره بفهمه، وأعمل رأيه وآلته ولسانه واستعمله عمل به.

وفي حديث خيبر: دفع إليهم أرضهم على أن يعتملوها من أموالهم، الاعتمال: افتعال من العمل أي أنهم يقومون بما يحتاج إليه من عمارة وزراعة وتلقيح وحراسة ونحو ذلك. ويقال استعمل فلان اللبن إذا ما بنى به بناء(15).

ب‌- التعريف الإصطلاحي للعمل:

تُعرّف “موسوعة المورد”(16) العمل بأنّه الجهد الجسدي أو العقلي الذي يبذله الناس تحقيقاً لغرض غير مجرَّد الاستمتاع به. ومنذ عهد غير قريب ميّز الباحثون بين العمل المثمر (أو المنتج) والعمل غير المثمر (أو اللاّمنتج). فقد أكّد الفيزيوقراطيون، مثلاً، أن العمل الزراعي هو وحده العمل المثمر، وأن عمل الصنّاع والتجّار وغيرهم عملٌ عقيم. وحتى آدم سميث نفسُه ذهب إلى القول بأن عمل الخَدم غير مُنتج(17). أما المفهوم الحديث للعمل فيقول بأن كلّ جهد يُشبع حاجةً أو يخلق منفعةً هو عملٌ مثمر، سواء أكان هذا العملُ عملَ كاتب أو رسام أو ممثل مسرحيّ، أو عملَ طبيب أو مهندس أو مدرّس، أو عملَ فلاّح أو سائق قطار أو عامل في مصنع من مصانع النسيج.

أمّا أندري لالاند(18)، فقد حدَد في موسوعته الفلسفيّة، العمل من حيث هو عملية يجريها كائن، وتعتبر من نتاجه بالذات، لا من نتاج علة خارجية. كما أن للعمل معنى تقنياً في الميكانيكا حيث هو نتاجُ طاقة من خلال زمن(19).

وعموماً، وباختلاف كلّ هذه التحديدات، يحمل مفهوم العمل في طيّاته هيكلاً موحّداً يرتبط بصيغته الجهديّة والحرفيّة والاقتصاديّة وما تتضمّنه من منافع للإنسان. هذه الرّؤية لجوهر مفهوم العمل تتوسّع داخل الحقل الديني وترتبط بالمسألة الأخلاقيّة.

ثانياً: الضوابط الشرعية للعمل في الإسلام:

وضع الإسلام ضوابط والتزامات معينة يتوجب على العامل الإلتزام بها، ولقد وضع الفقهاء(20) شرطين ليتحول أي عمل إلى عبادة، أولهما أن يكون العمل صالحاً يوافق شرع الله عز وجل، وثانيهما أن يكون العمل خالصاً لوجه الله، فلا يقبل إيمان بلا عمل، ولا عمل بلا إيمان، وأن القيم الإيمانية هى من أهم محركات العمل الصالح والخالص، ويمكن تلخيص هذين الشرطين في الأمانة والكفاءة.

وعندما يفقه ويقتنع ويؤمن كل من العامل وصاحب العمل بأن العمل في الإسلام تكليف رباني وعبادة شرعية، وضرورة حيوية، وشرف وقيمة وعزة وجهاد في سبيل الله، يكون ذلك حافزاً لهما على العمل الصادق الخالص والنافع للنفس وللوطن وللأمة الإسلامية، وبذلك تكون العلاقة بينهما طيبة مباركة تحقق المصالح للعامل ولصاحب المنشأة ولمن تقدم لهم الخدمات وكذلك للمجتمع، وهذا هو أساس التنمية الإقتصادية الفعالة في الإسلام(21).

ووضع الإسلام ضوابط للعمل نص على بعضها، كمشروعية العمل، ولم ينص على بعضها الآخر نصاً قاطعاً، وإنما جاء بضوابط ومعايير عامة، ترشد إلى ما فيه الخير والمصلحة للعباد.

فلكي يكون العمل أخلاقياً لابد أن يكون مشروعاً ولقد أولى الإسلام العمل عناية فائقة، والعمل الذي يريده الإسلام هو العمل المشروع أو المهنة المشروعة، وهذا هو الضابط الرئيسي الذي جاء به التشريع الإسلامي، فلابد أن يكون العمل مأذوناً فيه، ويشمل ذلك ثلاثة من أقسام الشرع التكليفي، وهي الواجب، والمستحب، والمباح(22).

لأن أقسام التكليف التي جاءت بها الشريعة خمسة لا يخرج عنها أي حكم شرعي، وهي الثلاثة المذكورة بالإضافة الى المكروه والحرام، وهما غير مشروعين، فالعمل يجب أن يكون جائزاً في شرع الله غير محرم ولا مكروه، فلا يُعد التنجيم أو القيام بقتل الإنسان أو إيذائه عملاً مشروعاً بل حرام وممنوع، فلا يستحق أجراً لأن مشروعيته منتفية أصلاً، وكذلك بيع السلع المحرمة كالخمر، ويجب ألا يكون في العمل إضرار بالناس أو بواحد منهم كزراعة المخدرات أو بيعها أو المتاجرة بها(23).

والعمل الواجب هو العمل الذي أمر به الشرع على وجه الإلزام، بحيث يثاب فاعله ويعاقب تاركه، وهو قسمان(24):

* واجب عيني: وهو العمل المفروض على كل قادر، لأن طلب العيش أمر واجب على كل إنسان لبقاء حياته، وبالتالي لابد أن يعمل إذا كان عدم عمله سيؤدي به إلى الموت، فهذا من العمل الواجب عيناً.

* واجب كفائي: وهو العمل الواجب على الكفاية، أي الذي يجب أن يقوم به من تحصل بهم الكفاية للمسلمين، فيسقط الإثم عن الجميع، ويصبح مستحباً من البقية، وإن لم يقم به أحد من أهل الاختصاص أثموا جميعاً، كخدمة المسلمين في مختلف شؤون الحياة التعليمية والإدارية والسياسية.

والعمل المستحب هو العمل المندوب إليه، فيثاب من يقوم به، ولا يعاقب من تركه، ويندرج تحته كل عمل واجب قامت به الكفاية، لأنه يصبح مستحباً في حق من زاد عمن تقوم به الكفاية كما ذكرنا. والعمل المباح هو العمل الجائز الذي رُفع الحرج عن فعله أو تركه(25).

ثالثاً: مجالات العمل في الإسلام:

جاء الإسلام زاخراً بالآيات والأحاديث التي تدعو المسلمين أن يلتمسوا أبواب العمل، وطلب الرزق، وأن يعتمد كل فرد على نفسه، وأن يبذل وسعه في طلب قوته وقوت من يعوله، حتى لا يكون عالة على غيره، يتجرع آلام الذل والمهانة.

والإسلام يدعو إلى العمل ويشيد به، ولم يفرق بين كونه عملاً في المجال الزراعي أو الصناعي أو التجاري، بل أبواب العمل ومجالاته كلها مفتوحة للإنسان، فكل عمل يبلغ بالإنسان غاية، ويحقق له نفعاً من غير أن يؤذيه، أو يؤذي الناس، هو عمل يزكيه الإسلام ويجزي عليه الجزاء الحسن.

لقد دعا الإسلام إلى التجارة براً وبحراً طلباً للرزق، فقد قال تعالى في كتابه الحكيم: {فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}(26)، وكذلك قوله تعالى: {تَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ}(27). كما رفع الإسلام من قيمة الزراعة، وشجع الناس عليها ووعد بثواب عظيم، ذلك لأنهم يعمرون الأرض ويستخرجون خيراتها، ويفيدون العباد، فقد قال تعالى في كتابه الكريم: {وَآيَةٌ لَّهُمُ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ. وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنْ الْعُيُونِ. لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ}(28)، أي أن الله أجرى الينابيع في الأرض لتروى بها الزراعة، ويأكل الناس من ثمارها. وقد قال رسول الله r: “التمسوا الرزق في خبايا الأرض”(29)، كما قال أيضاً r: “أفضل الكسب الزراعة، فإنها صنعة أبيكم آدم”(30). كما جاء في المجال الصناعي عدد من المواضع سواء في القرآن الكريم حيث يقول تعالى في كتابه الكريم: {وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ}(31)، وقال أيضاً: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ}(32). أما الصيد فقد احتل مكانة هامة في الدين الإسلامي حيث ورد ذكره في العديد من الآيات المحكمات لتتأكد أهميته كمجال من مجالات العمل، ويحث عليها ديننا الحنيف في قول المولى عز وجل: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَة}(33)، وقوله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}(34).

هكذا نجد أن الدين الإسلامي لم يفرق بين مجال وآخر مادام لا يقع أي منها تحت بند التحريم، وقد كان رسول الله r يمثل الأسوة الحسنة في ذلك، حيث تؤكد سيرته على قيامه بعلف البعير، وخصف النعل، ورقع الثوب، وأكله مع الخدم، كما كان r يحمل بضاعته من السوق لأهله(35).

وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يعملون في شتى المجالات، فأبو بكر رضي الله عنه كان بزازاً يبيع الثياب، وكان عمر بن الخطاب سمساراً، وكان عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب يشتغلان بالتجارة، وكان عمرو بن العاص جزاراً(36).

ويتضح من كل ما سبق أن مفهوم الإسلام والمسلمين للعمل كان شاملاً، فكل جهد وعمل مشروع مادي أو معنوي هو مجال عمل يحث عليه الإسلام، ويثيب على القيام به.

رابعاً: العمل في القرآن الكريم:

يقف الدين الإسلامي وقفة حازمة وصارمة ضد الأفكار التقليدية الواهية والتي تعتبر العمل إهانة وحطاً من الذات البشرية، فقلب المفاهيم رأساً على عقب ومكَّن العامل من ضمان كرامته عبر العمل و جعله في منـزلة دينية رفيعة. وكما أن العمل شرفٌ وكرامة، فلقد حث الإسلام على ضروة العمل، إذ لا يجوز في الإسلام القعود عن العمل لمن تميّز بالقدرة حتّى لو كانت غاية القعود التفرّغ للعبادة. وقال r: “إن الله يحب العبد المؤمن المحترف”(37)، وأسبقية الإيمان عن الحرفة ليس مفادها التغليب التام بل الأفضلية النسبية، فليس جائزاً في الإسلام المغالاة والمبالغة في العبادة لدرجة الإنصراف عن العمل وشؤون الدنيا الواجبة شرعاً، يقول الله تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ}(38). لذلك، فإنّنا نجد أنّ الأنبياء، وهم أشرف خلق الله، كانوا يمتهنون المهن و يعملون و يسعون وراء تحصيل رزقهم، دليلاً منهم على سموّ شرف ورفعة مكانة العمل في الحياة الدّنيا.

وقد ورد ذكر العمل في القرآن الكريم في 371 موضع بعدة صيغ مختلفة:

أمثلة

عدد آيات ورودها

الصيغة

{وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (الزخرف:72).

83 آية

تَعْمَلُون

{إِلاَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (التين:6).

73 آية

عَمِلُوا

{وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى الله عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} (التوبة:105).

9 آيات

اِعْمَلُوا

{فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} (الزمر:74).

4 آيات

العَامِلِين

{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} (الزلزلة:7).

14 آية

يَعْمَلُ

كما تضمنت مفاهيم مختلفة للعمل، فمثلاً جاء ذِكرُه بمعنى الصُنع والخَلق كما في الآية الكريمة: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ}(39)، كما جاء بمعنى العمل الاقتصادي كما في الآية: {لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ}(40). وقد ورد في القرآن الكريم آيات عن العمل الصالح كقوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}(41)، وقوله: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ  الطَّيِّبَاتِ  وَاعْمَلُوا

صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}(42). كما حملت معاني بعض الآيات مفهوم العمل كقوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(43).

أ‌- العمل – الأرض الاكتساب في القرآن الكريم:

ارتبط مفهوم العمل في القرآن الكريم بمفهوميْن أخريين قد تكرر ورودهما في كتاب الله كما تكرر ورود مادة “العمل” فيه. هذان المفهومان هما: الأرض وعلاقة الإنسان بها، والاكتساب، واللّذان ارتبطا من حيث المعنى بمعنى العمل، الصالح منه والفاسد. لقد وردت كلمة الأرض في القرآن الكريم مرّات عديدة في سياق أوحد، هو سياق الحديث عن علاقة الإنسان بهذه الأرض، التي جعلها الله له فراشاً ومعاشاً، متمتعاً بخيراتها، مستعيناً بهذه الخيرات على أداء الوظيفة الأزلية التي خلق من أجلها، وهي تعمير الأرض وعبادة الله سبحانه وتعالى عليها. قال عز وجل: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ  وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِـشَ قَلِيلاً مَّا تَشْـكُرُونَ}(44) . وقـال تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً}(45)، أي يخلف بعضهم بعضاً في تعمير الأرض، وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ}(46) وهو استخلاف مؤقت إلى حين لقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}(47) إلى غير ذلك من الآيات.

أما بالنسبة للكسب فقد ورد لفظ الكسب بصيغ مختلفة باختلاف سياقات استعمالها:

أمثلة

سياقات

الاستعمال

عدد مرات ورودها

الصيغة

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} (البقرة:267).

في سياق الخير وحده

38 مرة

الفعل الماضي الثلاثي ”كَسَبَ”
{بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (البقرة:81).

في سياق الشر وحده

{كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} (الطور:21).

في سياق الخير والشر معاً

{وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاّ عَلَيْهَا} (الأنعام:164).

{فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} (البقرة:79).

في سياق الشر وحده

24 مرة

الفعل المضارع:”تكسب”،”يكسبون”.
{وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}. (البقرة:286).

في سياق الشر وحده

الفعل الماضي المزيد:”اكتسبت”  اكتسبوا”، ”اكتسبن”.
{لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} (النساء:32).

في سياق الخير وحده

ومعنى الكسب في اللغة هو ما يتحراه الإنسان مما فيه اجتلاب نفع، وتحصيل حظ؛ ككسب المال، ويستعمل الكسب فيما يأخذه لنفسه ولغيره، لذلك يصح أن تقول: أكسبتك مالاً.. وأما الاكتساب فلا يقال إلا لما استفدته لنفسك، فكل اكتساب كسب، وليس كل كسب اكتساباً(48).

وبين هذه المواد الثلاث (العمل، والأرض، والكسب) علاقة كشفت عنها آيات محكمات من القرآن الكريم، من مثل قول الله تعالى: {وَآَيَةٌ لَهُمُ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ. وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ. لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ}(49) . وكقوله سبحانه: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}(50). فالأرض خُلقت للإنسان، بما فيها من ماء وهواء وأقوات ومنافع، والعمل وسيلة استخراج وتحصيل هذه المنافع، وقوامه سلامة العقل وصحة الجسم، العقل السليم يُدبّر الطرق والكيفيات، والجسم السليم يُنفّذ التدبير، باختراع الآلات، واستخدام الحيوانات، والسفر في الصفقات والتجارات. قال تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ الله}(51)، {وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ الله وَآَخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الله}(52)، وتقديم الضرب في الأرض ابتغاء فضل الله على الجهاد والقتال في سبيل الله منبئ بأفضلية الأول على الثاني، لذلك قال سيدنا عمر رضي الله عنه لما قرأ هذه الآية : “لأَن أموت بين شعبتي رحلي وأنا أضرب في الأرض أبتغي من فضل الله أحب إلي من أن أُقتل مجاهداً في سبيل الله”(53).

والكسب أو الاكتساب إعمال الفكر واليد في تدبير موارد الأرض، ومكانته عند الله عظيمة، لكونه أثر الإجتهاد والكدّ في طلب الحلال من الأرزاق، وطلب الحلال كمقارعة الأبطال. فقد روي عن النبي r أنه قال: “التمسوا الرزق في خبايا الأرض”(54).

يتبين من هذا كله أن العمل في الإسلام واجب على كل إنسان، لكونه الوظيفة التي خلق من أجلها، ضماناً لمعيشته، وكرامته، ومروءته، استغناء عن الناس، وفضول أموالهم، وبذلك يكرم المرء نفسه أن تهون على غيره، إذ عادة الناس أن يستهينوا بمن يحتاج إليهم، “ومن يستعف يعفه الله”(55). أما البطالة والقعود عن العمل فدليل على هوان النفس، وغفلتها عن موقعها في هذا الوجود، وفي هذا يقول الراغب الأصفهاني رحمه الله: “من تعطَّل وتبطَّل انسلخ من الإنسانية، بل من الحيوانية، وصار في عداد الموتى”(56).

وورود المفهوم بهذه الكثافة ضمن النصّ القرآنيّ ينمّ عن أهميّة الموضوع، فالعمل يحظى بقيمة هامة في الحقل الإسلامي، والقيمة مزدوجة(57)، قيمة معياريّة تتضمن “القيم المرتبطة بالعمل والقيم المرتبطة بالنظرة إلى العمل، سواء أكان ذلك من وجهة نظر الفرد أم من وجهة نظر المجتمع”، وكذلك قيمة اقتصاديّة و”في هذا المعنى يجيء الأجر باعتباره قيمة للعمل، أي مقابل الجهد الّذي يبذله الإنسان”. وهذا ما سنتناوله في الفقرة القادمة.

ب: جزاء العمل الصالح في القرآن الكريم:

حثت آيات القرآن الكريم على العمل الصالح وبشرت بثواب من الله تعالى للمؤمنين الذين يقومون به، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً}(58)، و{وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَعْدَ اللّهِ حَقّاً وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً}(59)، و{لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ}(60). ففي هذه الآيات يتبين أن الله تعالى ربط بين الإيمان والعمل الصالح كشرط لثوابه جزاءً وجنةً. بل قدَم العمل الصالح على عدم الشرك بقوله تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدا}(61).

أما العمل الصالح بذاته، فالثواب هو الأجر الكبير لقوله تعالى: {الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً}(62). هذا الأجر قد يكون في الحياة الدنيا لقوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}(63) أو في الحياة الأخرى لقوله تعالى: {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً}(64). كما أن أحد شروط الغفران هو العمل الصالح لقوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى}(65). كما يقول الله تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوْا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُوْله وَالمُؤْمِنُوْنَ}(66)، وفي ذلك إشارة إلى أن للعمل قيمة على ثلاث أصعدة، الله سبحانه وتعالى، ورسوله الكريم، والمجتمع الإسلامي وفي ذلك تطرق لمكتسبات العامل الدنيوية.

ففي مجال حقوق العامل الدنيوية، حث القرآن الكريم على إيفاء العامل حقه وهذا ماتم ذكره مباشرة كقوله تعالى: {فإن أرْضعن لكم فآتوهنّ أُجورَهنّ}(67)، إلا أن مفهوم حق العامل ما هو إلا جزء من المنظومة الأخلاقية التي حث عليها الله تعالى في القرآن الكريم والتي تتضمن العدل بمفهومه الشامل، فأجر العامل فى ظل الظروف العادية فى ضوء ما يقدمه من جهد، فلا كسب بلا جهد، ولا جهد بلا كسب، ولا يجب أن يكون العامل عالة يكسب ولا يعمل، كما لا يجب أن يبخس رب العمل أجر العامل الصادق القوي الكفء حقه، فهذا يسبب الفساد، ودليل ذلك قول الله سبحانه وتعالى: {وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا المِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِين}(68) كما دعا الإسلام إلى الأمانة، ونهى عن الغش والكذب في المعاملة وشراء المال المسروق، ويتضح ذلك في قوله تعالى: {وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}(69)، وكذلك قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}(70).

خامساً: العمل في السنة النبوية الشريفة:

إذا اتجهنا إلى السيرة النبوية العطرة نجدها مليئة بالأحاديث الشريفة التي تؤكد هذا المنهاج وتعظم من قيمة العمل أياً كان نوعه، ما دام في حدود شرع الله سبحانه وتعالى، فقد قال الرسول r: “من الذنوب ذنوب لا يكفرها إلا الهم في طلب المعيشة”(71)، فالهم وقلق البال وانشغال الفكر بسبب كسب العيش في الحياة تكفر بعض الذنوب التي يرتكبها الإنسان، كما قال رسول الله r: “لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير له من أن يسأل أحداً فيعطيه أو يمنعه”(72). وقال الرسول r: “من سعى على عياله من حلٍ فهو كالمجاهد في سبيل الله، ومن طلب الدنيا في عفاف كان في درجة الشهداء”(73)، فسعي الإنسان في الحصول على رزق عياله من عمل حلال في مرتبة الجهاد في سبيل الله. وقد كان الرسول r ينهى عن التخلف عن ركب الحياة، وقد أوعد صلوات الله عليه الكسلان بأشد العقاب فقال رسول الله r: ” أشد الناس عذاباً يوم القيامة المكفي الفارغ”(74) والمكفي هو الذي يكفيه غيره ضرورات العيش، والفارغ هو المتعطل.

وقد رفض الإسلام التقاعس عن العمل، فلا قيمة لحياة المرء بغير عمل، حتى وإن كان ترْك العمل لأجل العبادة، فقد قال رسول الله r: “أعظم الناس هما المؤمن الذي يهتم بأمر دنياه وآخرته”(75)، وفي نفس السياق نذكر الآية الكريمة: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}(76). وقد قيل يا رسول الله، أي الكسب أطيب؟ قال r: “عمل الرجل بيده، وكل عمل مبرور”(77).

وقد لاحظ الرسول r أن رجلاً يلازم المسجد معظم ساعات النهار، فسأله عن من يعوله، فقال له: يعولني أخ لي، فقال له الرسول الأمين: إن أخاك لأكرم عند الله منك(78)، فالرسول يوضح لنا أن الإسلام دين عمل وجهاد. وقال أنس رضي الله عنه: “كنا مع النبي r في سفر، فمنا الصائم، ومنا المفطر، فنـزلنا منـزلاً في يوم حار، وأكثرنا ظلاً صاحب الكساء، فمنا من يتقى الشمس بيده، فسقط الصُّوَّام إعياءً، وقام المفطرون فبنوا الأبنية، وسقوا الركاب، فقال رسول الله r: “ذهب المفطرون اليوم بالأجر كله”(79)، لأنهم في ذلك اليوم الشديد الحرارة، قاموا وبنوا الأبنية لتقي الرسول وأصحابه من حرارة الشمس، وأحضروا الماء، وسقوا الصائمين، فاستحقوا الجزاء الحسن من الله تعالى.

سادساً: حقوق العامل في الإسلام:

وهى كثيرة نذكر منها على سبيل المثال:

أولاً: أن يتم تكليف العامل قدر طاقته وفي هذا الصدد يقول رسول الله r: “اكلفوا من العمل ما تطيقون؛ فإن الله لا يمل من الثواب حتى تملوا من العمل”(80) وبذلك يتضح أن العمل تكليف للإنسان، وأنه في حدود طاقته.

ثانياً: اختيار العمل المناسب للعامل ووضعه في مكان العمل المناسب حسب إمكانياته وقدراته وطاقته وعدم تكليفه مالا يطيق، يقول رسول الله r: “خير الكسب كسب يد العامل إذا نصح”(81). ويقول r كذلك: “إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة”(82).

كذلك أمر الإسلام بتحديد الأجور مسبقاً وأن لا تترك مطلقة لأن المصلحة تقتضي ذلك في كثير من الأعمال، أما الأعمال التي يصعب تحديد الأجر فيها فلا بأس بالاتفاق عليها فيما بعد، لكن يفضل الاتفاق على الأجر ابتداءً لكي تنتفي الجهالة ويُقضى على الاختلاف المؤدي للنـزاع فقد قال رسول الله r: “إذا استأجر أحدكم أجيراً فليعْلِمه أجره”(83).

وإذا لم يُتفق على أجر ابتداءً فإن العامل يُعطى أجرة المثل، وقد حرص الإسلام على إعطاء العمال أجورهم فور إنجازهم أعمالهم مباشرةً، وحذر من تأخير الأجور أو منعها، فقد جاء في الحديث القدسي قول رسول الله r: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره”(84).

ثالثاً: حق توفير العمل: فعلى ولاة الأمر ضمان وجود العمل وأدواته للقادرين عليه من الناس، أي إن الإسلام قد أوجب على الدولة الإسلامية أن تضمن وجود العمل وأدواته للمواطنين بصورة مباشرة، فقد جاء رجل إلى رسول الله r يطلب منه أن ينظر في أمره لأنه لا عمل له وهو محتاج، فدعا النبي r بقدَوم – أي بفأس – وبيد من خشب، سواها بنفسه ووضعها ودفعها إلى الرجل وأمره أن يذهب إلى مكان عينه له، وكلفه أن يعمل هناك وطلب إليه أن يعود بعد حين ليخبره بحاله، فجاء الرجل بعد ذلك وشكره على صنعه له وما صار إليه من يسر الحال(85).

أن رجلاً من الأنصار أتى النبي r يسأله فقال أما في بيتك شيء؟ قال: بلى حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه، وقعب نشرب فيه من الماء، قال: ائتني بهما، قال: فأتاه بهما، فأخذهما رسول الله r بيده وقال من يشتري هذين؟ قال رجل: أنا آخذهما بدرهم، قال: من يزيد على درهم مرتين أو ثلاثاً؟ قال رجل: أنا آخذهما بدرهمين، فأعطاهما إياه، وأخذ الدرهمين وأعطاهما الأنصاري، وقال: اشتر بأحدهما طعاماً فانبذه إلى أهلك، واشتر بالآخر قدوماً فأتني به، فأتاه به، فشد فيه رسول الله r عوداً بيده ثم قال له: اذهب فاحتطب وبع ولا أرينك خمسة عشر يوماً، فذهب الرجل يحتطب ويبيع، فجاء وقد أصاب عشرة دراهم فاشترى ببعضها ثوباً وببعضها طعاماً، فقال رسول الله r: هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة، إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة لذي فقر مدقع أو لذي غرم مفظع أو لذي دم موجع”(86) وإن دل هذا الحديث الشريف على شيء فإنما يدل على أنه من واجب الدولة دراسة أسباب التعطل عن العمل وبحث سبل معالجتها وإعانة المتعطلين ريثما تفتح أمامهم أبواب العمل أو إيجاد أعمال لهم.

رابعاً: توفير الرعاية الإنسانية والإجتماعية والصحية للعامل، وكذلك تجنب مخاطر العمل، وهذه من الأمور الداخلة في نطاق النظم والقوانين لكل دولة وتتفق مع مقاصد الشريعة الإسلامية، فقد ورد عن رسول الله r أنه نبه إلى رعاية أحوال العاملين ومستوى معيشتهم في قوله: “هم إخوانكم وخولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، ويلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم”(87)، وقد ورد هذا الحديث في الإماء ولكن دلالته شاملة لجميع العاملين.

خامساً: ضمان حاجة العامل عند العجز وحماية أسرته بعد مماته : فقد أوضح الإسلام أن من حق العامل تأمينه على نفسه وأسرته ضد طوارئ العمل والأمن في المستقبل، فإذا عجز العامل عن العمل للشيخوخة أو المرض أو للإصابة في العمل أو لأي سبب من الأسباب، وأدى ذلك إلى فقره، وجب تأمين حياته.

وينطبق ذلك الأمر على العامل بعد مماته، حيث يُقر الإسلام حماية أسرته وتأمين زوجته وأولاده إذا كانوا عاجزين عن العمل، وقد قال رسول الله r: “ألست أولى بكم من أنفسكم قالوا بلى قال فمن ترك ديناً فعلينا ومن ترك كلاً فإلينا ومن ترك مالاً فلورثته”(88) .

كما يروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مر بشيخ من أهل الذمة، وكان مسناً أعمى يسأل الناس، فضرب عضده من الخلف، وقال: من أي أهل الكتاب أنت؟، فقال: يهودي، قال: فما ألجأك إلى ما أرى؟ قال: أسأل الجزية والحاجة والسن، فأخذه عمر بيده وذهب إلى منـزله ففرض له شيئاً، ثم أرسل إلى خازن بيت المال: انظر هذا وضرباءه، فوالله ما أنصفناه إن أكلنا شيبته ثم خذلناه عند الهرم(89).

وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول في حق الأرامل: “أما لئن لقيت أرامل أهل العراق لا أدعهن يحتجن إلى أحد بعدي”(90).

سابعاً: واجبات العامل في الإسلام:

لا حق بدون واجب، ولا كسب بلا جهد، فالإسلام يربط بين الحقوق والواجبات وبين المكاسب والتضحيات، وعلى ضوء الإلتزامات والواجبات التي حددها الإسلام، ينبغي على العامل مراعاة الواجبات الآتية أثناء تأدية العمل:

أولاً: يجب تحلي العامل بالقيم الإيمانية، ومنها الإيمان بأن العمل عبادة وطاعة لله عز وجل وأن الله عز وجل سوف يحاسبه يوم القيامة عن عمله، قال الله تبارك وتعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}(91).

ثانياً: الأمانة، حيث دعا الإسلام إلى الأمانة، ونهى عن الغش والكذب في المعاملة وشراء المال المسروق، ويتضح ذلك في قوله تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}(92)، وكذلك قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}(93).

ولقد أشار القرآن إلى الأمانة على لسان إبنة سيدنا شعيب عليه السلام عندما زكت سيدنا موسى عليه السلام للعمل عند أبيها: {قالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ القَوِيُّ الأَمِينُ}(94). وهذا ما يُعرف بالصلاح والصلاحية، فالقوي الأمين قد جمعت بين الصلاح وهو الأمانة، والصلاحية وهي القوة أو الكفاءة، وفي سورة يوسف يوضح لنا القرآن خصال من يتولى الولاية على أمور الناس يقول الله على لسان سيدنا يوسف: {قَالَ المَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ اليَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ}(95).

ثالثاً: الإتقان، فإتقان العمل وإحسان أدائه حسب الجوانب الفنية له من الواجبات الدينية، وعندما زكى سيدنا يوسف عليه السلام نفسه ليكون مسئولاً على الخزائن قال: {إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}(96)، وقد قال رسول الله r: “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه”(97)، وفي هذا المقام يقول الرسول r: “إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة”(98) فالحديث يؤكد أنه يجب أداء كل شيء بإتقان حتى عند الذبح.

رابعاً: الجد وعدم التقاعس عن العمل: فقد قال رسول الله r: “إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها”(99)، وهكذا يتبين لنا مدى حرص الإسلام على الجد وبذل الجهد، شريطة أن يكون العمل مشروعاً، وأن يكون بذل الجهد والعمل في نطاق مشروعية الأعمال التي أحلها الإسلام بعيداً عن الأفعال والأعمال التي تندرج تحت التحريم ومن ثَم عدم المشروعية.

ويتضح لنا أيضاً أهمية الجد والعمل في قول الله تعالى للسيدة مريم حين جاءها المخاض وهي جالسة تحت النخلة: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا}(100)، فأمرها الله وهي في حالة الإعياء من المخاض أن تعمل وتهز النخلة، ليسقط البلح الرطب، فتأكل وتغذي نفسها، وهذا ليس بالأمر السهل، وكان في قدرة المولى عز وجل أن يرسل إليها الطعام من غير أن تقوم بأي مجهود، فهو القادر على كل شيء، ولكن أمرها بالجد وبذل الجهد أولاً، وفي ذلك إشارة الى أن على المرء أن يسعى ويتعب ليرزقه الله من فضله.

خامساً: السماحة، فقد قال رسول الله r: “رحِم الله رجلاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى”(101)، كما قال تعالى في كتابه الكريم: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}(102).

سادساً: الصدق ومن أهم المجالاتُ التي ذُكر فيها الصدق هي التجارة، فقد تواردت النصوص الكثيرة التي تحث على الصدق وتنهى عن الكذب ومنها قول الرسول r: “الحلف منفقة للسلعة ممحقة للكسب”(103) ، وقوله r: “إن التُجار يُبعثون يوم القيامة فُجَّاراً إلا من اتقى الله وبر وصدق”(104)، كذلك فقد حث رسول الله r على الصدق في بيان عيوب السلعة وعدم الكذب حيث يقول الرسول r: “البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا مُحقت بركة بيعهما”(105).

خاتمة:

اتصف الإسلام بشمولية عقيدته واهتمامها بكل جوانب الحياة، وإذا أخذنا نظرة عامة على الدعوة الإسلامية، لوجدنا أن العمل يمثل المحور الدائم لها، بل هو جوهرها، وما من أمر حث عليه القرآن وجعله في أرفع درجة بميزان المسلم أعظم من العمل، فالعبادة عمل دائب، والعبادات جميعها قائمة على العمل سعياً لمرضاة الله، فالصلاة والصوم والزكاة والجهاد في سبيل الله، كلها عمل يحتاج الى الصبر وبذل الجهد وجهاد النفس. ورغم أن العمل قاعدة فطرية، حيث إن الإنسان مدفوع بطبيعته وغريزته إلى أن يحفظ ذاته ليعيش، إلا أن الإسلام بعظمته جاء ليُقرن عمل الدنيا بثواب الآخرة، فحث على إعمار الأرض، وطلب الرزق، وجعل ذلك سبباً لنيل الثواب والمكانة في الآخرة. بذلك يكون الاسلام قد اهتم بالعمل بكلا المفهومين الاقتصادي والديني، وأثاب عليه، وحث على القيام به. وخير ما يختم به هذا البحث، قوله سبحانه وتعالى: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ}(106).

***

الهوامش

 

 

(1) سورة القصص، آية رقم (77).

(2) باقر شريف القرشي، العمل وحقوق العامل في الإسلام، مطبعة النجف، النجف 1962.

(3) سورة الزلزلة، آية رقم (7 ، 8).

(4) ابن كثير (إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي)، تفسير القرآن العظيم، دار طيبة، الرياض 2002.

(5) صادق مهدي السعيد، مفهوم العمل وأحكامه العامة في الإسلام، مكتب العمل العربي، بيروت 1983.

(6) حميد ناصر الزري (دراسة ميدانية) – مفهوم العمل في الإسلام وأثره في التربية الإسلامية، ، الشارقة : دائرة الثقافة والإعلام ، 1998.

(7) باقر شريف القرشي، العمل وحقوق العامل في الإسلام، مطبعة النجف، النجف 1962.

(8) رفعت السيد العوضي، عالم إسلامي بلا فقر،  جامعة الأزهر، القاهرة 2004.

(9) محمد عطية الأبراشي، روح الإسلام، مكتبة الانجلو المصرية، القاهرة، 1964.

(10) محمد عطية الأبراشي، عظمة الإسلام، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2002.

(11) أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور – لسان العرب – دار صادر، بيروت 2003.

(12) باقر شريف القرشي، العمل وحقوق العامل في الإسلام، مطبعة النجف، النجف 1962.

(13) المصدر السابق.

(14) أبو منصور الأزهري- تهذيب اللّغة – دار الكتب العلميّة، بيروت 2004.

(15) أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور – لسان العرب – دار صادر، بيروت 2003.

(16) منير البعلبكي، موسوعة المورد، دار العلم للملايين، بيروت 1991.

(17) المرجع السابق.

(18) أندري لالاند  – موسوعة لالاند الفلسفيّة – ترجمة خليل أحمد خليل، الجزء 3 – عويدات2001.

(19) المرجع السابق.

(20) باقر شريف القرشي، العمل وحقوق العامل في الإسلام، مطبعة النجف، النجف 1962.

(21) المصدر السابق.

(22)  المصدر السابق.

(23) المصدر السابق .

(24) المصدر السابق .

(25) المصدر السابق.

(26) سورة الجمعة – آية رقم (10).

(27) سورة النحل – آية رقم (14).

(28) سورة يس – الآيات (33 – 35).

(29) سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، المعجم الأوسط، جامعة الحرمين، القاهرة 1415هـ.

(30) محمد عطية الأبراشي، روح الإسلام، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 1964.

(31) سورة النحل – الآية رقم (80).

(32) سورة الأنبياء – الآية رقم (80).

(33) سورة المائدة – الآية رقم (96).

(34) سورة المائدة – الآية رقم (2).

(35) عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري، سيرة ابن هاشم، مؤسسة علوم القرآن الرياض 1994.

(36) محمد عطية الأبراشي، روح الإسلام، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 1964.

(37) سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، المعجم الأوسط، جامعة الحرمين، القاهرة 1415هـ.

(38) سورة القصص – آية رقم (77).

(39) سورة يس – الآية رقم (71).

(40) سورة يس – الآية رقم (35).

(41) سورة فصلت –  الآية رقم (33).

(42) سورة المؤمنون – الآية رقم (51).

(43) سورة الجمعة – الآية رقم (10).

(44) سورة الأعراف – الآية رقم (10).

(45) سورة البقرة – الآية رقم (30).

(46) سورة فاطر – الآية رقم (39).

(47) سورة الأعراف – الآية رقم (24).

(48) أبو القاسم الراغب الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن الكريم، دار القلم، دمشق 1990.

(49) سورة يس – الآية (33  – 35).

(50) سورة الملك – الآية رقم (15).

(51) سورة الجمعة – الآية رقم (10).

(52) سورة المزمل – الآية رقم (20).

(53) محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي،  المبسوط، دار المعرفة 1989.

(54) ابن عساكر (الحافظ أبي القاسم عليّ بن عساكر الدمشقي)، معجم الشيوخ، دار البشائر دمشق 2000.

(55) محمد بن اسماعيل البخاري الجعفي، صحيح البخاري، دار ابن كثير، دمشق 1993.

(56) أبو القاسم الراغب الأصفهاني، الذريعة إلى مكارم الشريعة، دار الوفاء، المنصورة 1408 هـ.

(57) رفعت السيد العوضي- عالم إسلامي بلا فقر –  جامعة الأزهر 2004.

(58) سورة الكهف – الآية رقم (107).

(59) سورة النساء – الآية رقم (122).

(60) سورة الروم – الآية رقم (45).

(61) سورة الكهف – الآية رقم (110).

(62) سورة الاسراء – الآية رقم (9).

(63) سورة النحل – الآية رقم (97).

(64) سورة النساء – الآية رقم (124).

(65) سورة طه – الآية رقم (82).

(66) سورة التوبة – الآية رقم (105).

(67) سورة الطلاق – الآية رقم (6).

(68) سورة هود – الآية رقم (85).

(69) سورة البقرة – الآية رقم (188).

(70) سورة النساء – الآية رقم (58).

(71) سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، المعجم الأوسط، جامعة الحرمين، القاهرة 1415هـ.

(72) محمد بن اسماعيل البخاري الجعفي، صحيح البخاري، دار ابن كثير، دمشق 1993.

(73) صادق مهدي السعيد، مفهوم العمل وأحكامه العامة في الإسلام، مكتب العمل العربي، بيروت 1983.

(74) رواه الديلمي (117/ 1/ 1) عن يحيى بن يحيى وفيه ضعف وإن كان معناه حسن.

(75) محمد بن يزيد ابن ماجه، سنن ابن ماجه، دار السلام للطباعة والنشر، الرياض 1420 هـ.

(76) سورة القصص – الآية رقم (77).

(77) أحمد بن علي محمد الكناني (العسقلاني) ، التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، مؤسسة قرطبة، 1995.

(78) محمد عطية الأبراشي، روح الإسلام، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 1964.

(79) محمد عطية الأبراشي، عظمة الإسلام، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2002.

(80) أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، فتح الباري شرح صحيح البخاري، دار الريان للتراث، 1986.

(81) محمد جمال الدين القاسمي، موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين، دار الكتب العلمية، 1995.

(82) محمد بن اسماعيل البخاري الجعفي، صحيح البخاري، دار ابن كثير، دمشق 1993.

(83) البيهقي، السنن الكبرى، مكتبة دار الباز، مكة المكرمة 1994.

(84) أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، فتح الباري شرح صحيح البخاري، دار الريان للتراث، 198.

(85) أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، فتح الباري شرح صحيح البخاري، دار الريان للتراث، 1986.

(86) أبو داود السجستاني، سنن أبي داود، دار محمد علي السيد، حمص، 1388هـ .

(87) الكمال بن الهمام – شرح فتح القدير، دار الفكر دمشق 1994.

(88) ابن عساكر (الحافظ أبي القاسم عليّ بن عساكر الدمشقي)، معجم الشيوخ، دار البشائر دمشق 2000.

(89) أبي يوسف يعقوب بن ابراهيم،  كتاب الخراج، دار المعرفة، 2010.

(90) عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، المصنف، دار الفكر 1994 .

(91) سورة التوبة – الآية 105.

(92) سورة البقرة – الآية 188.

(93) سورة النساء – الآية 58.

(94) سورة القصص – الآية 26.

(95) سورة يوسف – الآية 55.

(96) سورة يوسف – الآية 55.

(97) سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، المعجم الأوسط، جامعة الحرمين، القاهرة 1415هـ.

(98) ابن رجب الحنبلي، جامع العلوم والحكم، مؤسسة الرسالة، الرياض 2001.

(99) ابن رجب الحنبلي، جامع العلوم والحكم، مؤسسة الرسالة، الرياض 2001.

(100) سورة مريم – الآية 25.

(101) أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، فتح الباري في شرح صحيح البخاري، دار الريان للتراث، 1986.

(102) سورة الجاثية – الآية 14.

(103) أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، فتح الباري في شرح صحيح البخاري، دار الريان للتراث، 1986.

(104) محمد بن يزيد ابن ماجة، سنن ابن ماجة، دار السلام للطباعة والنشر، الرياض 1420 هـ.

(105) أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، فتح الباري في شرح صحيح البخاري، دار الريان للتراث، 1986.

(106) سورة الرعد – الآية (17).

قائمة المراجع

أولاً- القرآن الكريم وعلومه

1- القرآن الكريم

2- ابن كثير (اسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي)، تفسير القرآن العظيم، دار طيبة، الرياض 2002.

3- أبو القاسم الراغب الأصفهاني  – مفردات ألفاظ القرآن الكريم – دار القلم 1990.

ثانياً: كتب الحديث الشريف

1- أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، فتح الباري في شرح صحيح البخاري، دار الريان للتراث، 1986.

2- محمد بن اسماعيل البخاري الجعفي، صحيح البخاري، دار ابن كثير، دمشق 1993.

ثالثاً: كتب عامة

3- ابن عساكر (الحافظ أبي القاسم عليّ بن عساكر الدمشقي)، معجم الشيوخ، دار البشائر دمشق 2000.

4- أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور – لسان العرب – دار صادر، بيروت 2003.

5- أبو القاسم الراغب الأصفهاني، الذريعة إلى مكارم الشريعة، دار الوفاء، المنصورة  1408 هـ.

6- أبو منصور الأزهري، تهذيب اللّغة،  دار الكتب العلميّة، بيروت 2004.

7- الكمال بن الهمام – شرح فتح القدير، دار الفكر دمشق 1994.

8- أندري لالاند – موسوعة لالاند الفلسفيّة – ترجمة خليل أحمد خليل، الجزء 3 – عويدات 2001.

9- باقر شريف القرشي، العمل وحقوق العامل في الإسلام، مطبعة النجف، النجف 1962.

10- حميد ناصر الزري (دراسة ميدانية) – مفهوم العمل في الإسلام وأثره في التربية الإسلامية، الشارقة: دائرة الثقافة والإعلام، 1998.

11- رفعت السيد العوضي، عالم إسلامي بلا فقر،  جامعة الأزهر، القاهرة 2004.

12- سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، المعجم الأوسط، جامعة الحرمين، القاهرة 1415هـ.

13- صادق مهدي السعيد، مفهوم العمل وأحكامه العامة في الإسلام، مكتب العمل العربي، بيروت 1983.

14- عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، المصنف، دار الفكر 1994 .

15- محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي،  المبسوط، دار المعرفة 1989.

16- محمد جمال الدين القاسمي، موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين، دار الكتب العلمية، 1995.

17- محمد عطية الأبراشي، روح الإسلام، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 1964.

18- محمد عطية الأبراشي، عظمة الإسلام، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2002.

19- منير البعلبكي، موسوعة المورد، دار العلم للملايين، بيروت 1991.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر