المقاصد جمع مقصد، وهو مصدر ميمي مشتق من الفعل (قصد)، وهو الشيء الذي (تقصده) أو (تقصد له) أو (تقصد إليه) أي تطلبه بعينه، وتعمد أو تتوجه لجهته لتصل إليه.
أما الأمر الذي (تقصد فيه) فمعناه: أن تستقيم فيه وتعتدل وتتوسط ما بين الإسراف والتقتير.
والقصد له معانٍ في اللغة:
منها: استقامة الطريق، كقوله تعالى (وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ) ([1])، أي على الله تبين الطريق المستقيم والدعاء إليه بالحجج والبراهين الوضحة.
ومنها : التوجه إلى الشيء وإتيانه. تقول قصدت البيت الحرام، أي: توجهت إليه .
ومنها: التوسط وعدم مجاوزة الحد كقوله تعالى: (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ) ([2])
وقد أرجع “ابن جني” المعاني جميعها إلى معنى التوجه نحو الشيء فقال: أصل (ق ص د) ومواقعها في كلام العرب الاعتزام والتوجُّه والنهود والنهوض نحو الشيء.([3])
أما تعريف المقاصد من الناحية الشرعية عند علماء الأصول:
فقد تحدث الفقهاء قديما عن المقاصد تحت عناوين ومسميات كالمصلحة والاستحسان، والمصالح المرسلة. قال الإمام الغزالي -رحمه الله-: “أما المصلحة فهي عبارة في الأصل عن جلب منفعة أو دفع مضرة ، ولسنا نعني بالمصلحة إلا المحافظة على مقصود الشرع، ومقصود الشرع من الخلق خمسة: وهو أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم، فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول فهو مصلحة، وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة ودفعها مصلحة”.([4])
إلا أن المتأخرين حاولوا صياغة تعريفات أكثر تحديدا:
1- فعرفها الطاهر ابن عاشور بقوله: “مقاصد التشريع العامة هي: المعاني والحكم الملحوظة للشارع في جميع أحوال التشريع أو معظمها؛ بحيث لا تختص ملاحظتها بالكون في نوع خاص من أحكام الشريعة.
ثم قال: فيدخل في هذا أوصاف الشريعة وغايتها العامة المعاني التي لا يخلو التشريع من ملاحظتها، ويدخل في هذا أيضا معان من الحكم ليست ملحوظة في سائر أنواع الأحكام ولكنها ملحوظة في أنواع كثيرة منها. ([5])
2- وعرفها علال الفاسي بقوله:” المراد بمقاصد الشريعة: الغاية منها والأسرار التي وضعها الشارع عند كل حكم من أحكامها. ([6])
ويلاحظ أن التعريفات السابقة تدور حول المعنى الكلي للمقاصد وتميزها بصورة مجملة، أما تمييز كل مقصد بصورة تفصيلية فهذا يجعلنا نطرح السؤال التالي:
كيف يتمكن العالم من إدراك مقاصد الشريعة؟
والجواب: أن العالم يتمكن من إدراك المقاصد بطول ممارسته للعلم، والتدقيق في الأحكام، فتتكون لديه ملكة وخبرة تجعله يحكم بأن هذا المعنى من مقاصد الشارع، أو أن ذلك المعنى ليس مقصدا من مقاصده.
وقد عبر الإمام العز بن عبد السلام عن ذلك فقال:…….
عرض المزيد
[1] – سورة النحل، الآية: 9.
[2] – سورة فاطر، الآية : 32.
[3] – تاج العروس (ص: 2201).
[4] – المستصفى، ص 174.
[5] – مقاصد الشريعة الإسلامية، لابن عاشور 3/165.
[6] – مقاصد الشريعة ومكارمها لمحمد علال بن عبد الواحد الفاسي، ص: 3.