أبحاث

ثغرات القانون ودورها في انتشار الزواج العرفي : دراسة فقهية مقارنة

العدد 124

مقدمة:

 

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ونشهد ألا إله إلا الله الملك الحق المبين ، ونشهد أن محمدا رسوله الأمين وخاتم رسله أجمعين ، بعثه ربه رحمة للعالمين .

 

أما بعد ،،

 

فليس يخفى على أحد أن المجتمع يتغير تغيرا سريعا ، فالظاهرة فيه لم تكد تظهر إلا وتتولد عنها أفراد من جنسها لا تقل خطرا عنها، وهذا المجتمع فى تطوره السريع ربما أطاح بقيم وثوابت كان أولى به أن يحافظ على ثباتها ، ففى الحفاظ على ثباتها حفظ له .

 

وقد تبع هذا شيء من السلوك غير السوى يستباح معه شيء الناس، والمستبيح يبرر بجمع من المبررات التى لا تثبت أمام النقاش ، ولم يترك هذا التغير بابا إلا وطرقه حتى كاد يطرق باب العبادات ، هذا الباب الذى أكمل ، وكلُّ ابتداع حادث فيه دليل على ما تقدم .

 

وليس يخفى أن هذا قد جر على الناس أعظم بلاء تمثل فى فساد أخلاقهم وقلة المروءة عندهم ، فضعف الإيمان حتى كاد لا يكون خوف من عاقبة ، ومظاهر ذلك لا تخفى على من يقلب بصره، تتمثل فى شهادات الزور التى انتشرت، والأيمان الكاذبة التى تملأ الآذان ، وفى إنكار الولد وادعاء الأعراض والدماء، وفساد الذمم الذى كان المجتمع الأول يتبرأ إلى الله منه ، وقد صار يُعَّلم ويتعلم ، فرأينا من يوصى حِبًّه فيقول :

 

إذا لم تكن عقربا ً يلدغ

 

لعبت بثيابك العقرب

 

يحاول أن يستبدل بهدى السنة هذا المنطق ، وهل يتربى مع هذا المنطق السؤال عن الحلال والحرام بله أن أقول هلى يتربى معه الورع؟

 

والتزاوج سلوك إنسانى طبيعى لا غنى عنه لجنس البشر ، فقد فطر الناس عليه ، فكأن لسان الحال يقول:

 

فنحن بنو الدنيا وهن بناتها

 

وعيش بنى الدنيا لقاء بناتها

 

وما كان الدين ليعطل عيشاً شرعه ، وإنما يهذب حتى يهنأ الناس بعيشهم فى هديه ، فشرع وأحكم ، وقضى وأبرم ، وسن وألزم .

 

لكن المجتمع ينحرف عن الطريق الذى رسمه الإسلام فى هذا الباب الذى لم يعتبره محض معاملة، فيقال إن الناس أعلم بشئون دنياهم فيه ، وإنما أعلاه بأن جعل فيه جانبا تعبديا فى معظمه ، فهو يشبه العقود فى جانب الحقوق المالية بينما يشبه العبادات فى جوانب متعددة .

 

وأعظم أبواب الانحراف عن الطريق المستقيم فى الباب تعدد طرق النكاح التى شاء الإسلام أن تكون واحدة ، فعائشة – رضى الله عنها – تحكى أنواع الأنكحة التى كانت موجودة وهى الأربعة التى لم يقر الإسلام منها إلا ما تعارف الناس عليه فى ضوء هذه الشريعة ، وقد فعله رسول الله r وأقره ، وعلم الناس كيف يصنعونه . فهداهم إلى أن يحققوا الأركان وشروط الصحة وشروط الانعقاد ، ويتحققوا من عدم وجود الموانع ، ثم سماه نكاحا .

 

فأبى كثير من الناس إلا أن يجعلوه مضافا فقال البعض منهم : نكاح الشغار ، ونكاح المسيار ، ونكاح النهار ، ولو عددنا التسميات لطال بنا الحديث . ومن هذه التسميات النكاح (الزواج) العرفى.

 

فهل العرفى يعنى ما تعارف عليه الناس؟ فذلك الشرعى ، أما العرفى ما خادع النظام متمثلا فى التوثيق؟ فذاك ما أردت أن ألفت النظر إلى دور القانون نفسه فى ازديادحالاته ، وإكثار عدد المتعاملين به .

 

وليس ينكر على القانون أنه أخذ بضرورة التوثيق لهذا العقد وغيره لما نعرفه للتوثيق من منافع ، فبه تحفظ حقوق العباد ، وبه يذكّر الضال فلا ينكر ما عليه من الواجبات ، وبه استقرار المعاملات ، وقبل كل هذا أنه لا يخالف الإسلام، بل فهم البعض أنه من الواجبات الشرعية خاصة بعد نزول آية الدين .

 

وعليه فقد كتبْت هذه الورقات ليكون يقين أن الالتزام بشريعة الله تستقيم معه الحياة ، ويزداد اليقين بأنه ليس أنجع من علاج هذه الشريعة للمشكلات.

 

واقتضى الكلام فى هذا الموضوع أن تكون هذه المقدمة له ، ثم يأتى تعريف موجز للنكاح فى اللغة والاصطلاح ، ثم لكلمة العرفى ، ثم وقفة مع سبب استشهار عقد النجاح ليتلو ذلك تكييف فقهى لعقد الزواج العرفى ، ثم كان تناول لموضوع التوثيق بين الشريعة والقانون ، ثم كانت وقفة مع الأسباب القانونية التى كانت سببا فى انتشار هذه الظاهرة التى ينبغى أن تتكامل الجهود على الحد منها إذا لم تستطع إخفاءها، ولا يحتجَّن أحد بأن صورة منه جائزة شرعا ، فكونها جائزة لا يعنى وجوب العمل بها ، كما أن جوازها لا يعنى أنها الأمثل فى مجتمع هذه الأيام لما ذاع وانتشر من فساد ذمم الناس، وهذه الأسباب (الثغرات) قد تناولت منها الآتى :

 

– تحديد سن الزوجين وأثره .

 

– محاولات الحد من التعدد ودورها .

 

– دور القوانين الخاصة .

 

– قانون المعاشات .

 

– قانون التجنيد .

 

– قانون الحضانة .

 

– قوة الشرط القانونى .

 

ثم ذيلت ذلك بالفرق الاجتماعى الخطير بين الزواج الشرعى العلنى وبين الأنواع الأخرى ومنها العرفى .

 

وأردفت ذلك كله بخاتمة وثبت للمراجع التى أفدت منها ، وعلى الله قصد السبيل ، سبحانه يهدى إلى الحق وإلى الطريق المستقيم ، فهو خير الفاتحين ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

 

تعريف الزواج العرفى:

 

لا يختلف فى تعريف كلمة الزواج التى تدور فى العرف اللغوى بين معنيين : الضم، والوطء .

 

أما العرفى فكلمة يدور معناها فى إطار اللغة ، فى العلم ، والإعلام والمعروف ، فالعرف ضد النكر ، وكلمته تدور كما يقول الأزهرى فى كل ما تعرفه النفس من الخير وتطمئن إليه(1) .

 

وكما لم يختلف فى تعريف الزواج فى اللغة لم يختلف فيه فى الاصطلاح إلا ما كان من خلاف فى كونه حقيقة أو مجازاً فى العقد أو الوطء فالحنفية على كونه ( الزواج ) حقيقة فى الوطء مجازا فى العقد ، أما الشافعية والحنابلة فيرونه حقيقة فى العقد مجازا فى الوطء(2) .

 

وليس اختلافهم فى هذا فضول قول ، وإنما هو خلاف له ثمرته التى يقف عليها من يسأل عن حكم من زنى بها الولد أو الوالد على التزوج بالآخر ، فهل حكم التحريم مرتبط بالوطء (مجرد الجماع) أم يرتبط بالعقد؟ .

 

ويقف على هذه الثمرة كذلك من يسأل عن حكم تعليق الطلاق على النكاح ، فهل يقع بمجرد العقد أم لا زال قائما حتى يكون الدخول؟.

 

وابن تيمية يرفض أن يكون هذا فى الشرع ، وإن رضيه عرف اللغة فيقول : ( … فقالوا : المراد بالنكاح الوطء ، وهذا ما يظهر فساده بأدنى تأمل ، أما أولا : فليس فى القرآن لفظ نكاح إلا ولابد أن يراد به العقد، وإن دخل فيه الوطء أيضا ، فأما أن يراد به مجرد الوطء فهذا لا يوجد فى كتاب الله قط(3).

 

والنصوص الشرعية – وإن قصدت معنى الوطء بإيرادها الكلمة – فإنها تقصد ما ترتب على عقد صحيح أو فاسد ، ويفهم ذلك من منطوق قوله تعالى : ﴿حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ (سورة البقرة : من الآية 230) ، فمع الاتفاق على اشتراط الوطء ليحدث التحليل غير أن الوطء لا يحدث أثره إلا إذا كان فى نكاح صحيح ، يقول الزرقانى : (والنكاح شرعا إنما يطلق على وطء المعقود عليها لا على مجرد الوطء)(4).

 

فالنكاح والزواج يراد بهما حقيقة الإيجاب والقبول اللذين يبيحان الاستمتاع بين الزوجين، وعليهما تترتب آثار العقد ، وعقد النكاح قد عرف بذكر موضوعه أو بذكر آثاره، بقول الجرجانى: (النكاح : عقد يرد على تمليك منفعة البضع)(5)، ويقول : القونوى : (عقد موضوع لملك المتعة : أى حل استمتاع الرجل بالمرأة)(6) ، ويقول الشيخ على حسب الله :” هو اتفاق يقصد به حل استمتاع كل من الزوجين بالآخر ، وائتناسه به طلبا للنسل على الوجه المشروع”(7) ، وبعض الفقهاء اكتفى باشتهاره ، فلَمْ يعرفه ، فلِمَ ينفق وقتا فى تعريف ما هو معروف مشتهر؟(8) .

 

واشتهار النكاح ناتج عن تفرد هذا العقد ، واختلاف طبيعته عن غيره من العقود ، فليس يُهتم بمقدمات عقد كما يهتم بمقدماته ؛ وذلك لأن موضوعه الإنسان ذاته ، فهو من أهم العقود إن لم يكن أهمها على الإطلاق ، وقد رأينا أنه جعل فيه جانبا تعبديا يسمو به أن يدخله البدل أو الإباحة ، وأنه اختص بألفاظ تشبه الألفاظ التى هى ذكرت فى الصلاة(9) ، فالحل فيه مرتبط – كما يقول ابن القيم – بشروط النكاح وانتفاء موانعه ، وحضور وقته ، وأهلية المحل فيه(10) .

 

أما العرف فى الاصطلاح فليس يبتعد كثيرا عن معناه فى اللغة ؛ إذ يطلق ويراد به ما تعارف الناس عليه فى شئون حياتهم ، ولم ينكروه ، واشتهر أمره عندهم وإن لم يشترطوه(11) .

 

والعرف إما فاسد وإما صالح، وهو إما قولى وإما عملى ، وقد يكون عاما أو خاصا ، ولا يعمل به إلا بتحقق شرطه الذى يتلخص فى كونه مطرودا غير مخالف لنص أو قاعدة شرعية .

 

أما الزواج العرفى كتركيب فيعنى فى الاصطلاح عقد الزواج الذى لم يوثق رسميا سواء كان مكتوبا أو غير مكتوب ، فهو عقد لم يسجل على يد المأذون إذا كان بين مصريين فى مصر مثلا ، أو لم يشهر فى الشهر العقارى إذا كان أحد طرفيه مصريا والآخر أجنبيا ، أو لم يسجل فى السفارة المصرية إذا كان بين مصريين خارج حدود مصر .

 

فإذا توفر فى هذا العقد – الذى لم تجر عليه وسائل التوثيق الرسمية السابقة ركناه ، ولم يخل من المهر ، أو يشترط فيه إسقاطه ، وتوافرت فيه الشروط ، وعرى عن شرط التأقيت، فهو عقد صحيح شرعا(12) .

 

وصورة الزواج العرفى التى يعرفها المجتمع وقد فشت فيه، إحدى طريقتين أولاهما : طريقة الاحتيال والمخادعة للقوانين الوضعية وذلك باستغلال جانب الشكلية المفرطة فى المواد القانونية المحكمة ، وهى مجال تفصيل هذا العمل .

 

ثانيهما : طريقة حتمية الأمر الواقع ، وذلك الذى يتم فى المناطق التى تبتعد بعاداتها عن سلوك التوثيق المدنى وظروفه ، وهذه الجماعات – وإن كانت تنتهى – لا زال لآثارهاوجود ، فى شرذمة لم تسجل فى سجلات قيد المواليد ، ومن ثم فليس من حقهم أن يحملوا إثبات هوية إلا بعد جهد جهيد مما يضطرهم إلى التصرف بعيدا عن المدنيين ، وهؤلاء لهم حق طبيعى فى التزاوج ، لكن المدنية لن توثق لهم عقودهم ، فيضطرهم ذلك إلى التزاوج العرفى بأركانه الشرعية ، وشروطه كلها ، وبالإعلان الذى يستفيض ، ويسمونه بإجراء السنة ، وما كذبوا ، فإجراء السنة فى التزاوج لا يعدو هذا.

 

وقد طالعتنا جريدة الأسبوع فى عددها رقم (520) الصادر بتاريخ 29 من صفر 1428هـ ، الموافق 19 مارس 2007م أن هذه المجموعات تمثل (2000000) مليونى مصرى ، وقالت (6 قرى بأكملها ببنى سويف ، وسبعون ألف أسرة بمطروح لا يعرفون سوى الزواج العرفى) .

 

والعاقدان قد يكونان بنفس الظروف ، وقد يكفى أن يكون أحدهما ليحدث هذا وقد يلجأ المدنيون الذين تحققت فيهم شروط التوثيق إلى هذا طلبا للتيسير ، وتخلصا من أعباء التسجيل ، ولم يدر بخلدهم تحيل ، أو رغبة فى التملص من الحقوق .

 

التكييف الفقهى للزواج العرفى:

 

سبق التنويه إلى خصوصية عقد النكاح عن غيره من العقود على صفحات هذا البحث، بل وجدنا من يجعل للعلاقات الزوجية ما يميزها عن باقى العلاقات التى تأخذ جانب العلاقات الشخصية(13) ، وعليه فقد حرصت الشريعة الإسلامية على ضرورة الالتزام بما يحقق المصالح فى هذا التعاقد ، ويمنع ما قد يلحق من ضرر ، وقد ألزمت بأركانه وشروطه، وحرمت الإقدام على ما يخالف ذلك ، فإذا خولفت فى جانب أساس جوهرى فى إقامة هذا العقد فإنها تحكم ببطلانه كحكمها ببطلان من نكح أمه أو إحدى محارمه لاختلال ركن المعقود عليها فى شرط الشريعة ألا تكون محرمة(14) .

 

وأما إذا خولفت الشريعة فى جانب فرعى ليس جوهريا كأن يختل شرط المهر ، وذلك بأنها لا تمنع تصحيحه بإزالة ذلك المفسد الذى ألم بهذا العقد .

 

وأما إذا اتخذت المخالفة جانبا غير شرعى ، كأن تخالف شرطا قانونيا أو مدنيا أو عرفا جديا كعدم مراعاة شرط التوثيق ، أو عدم مراعاة أخذ إذن القاضى فليست هذه المخالفة بمؤثرة على صحة هذا العقد ما روعيت أركانه وشروطه .

 

” فعقد الزواج عقد رضائى يقع شرعا بموافقة طرفيه ، ومن ثم لو عقد رجل زواجه على أخرى دون إذن من القاضى ، فإن العقد يكون صحيحا من الناحية الشرعية ، وحكم القاضى ببطلانه يكون مخالفا للدين”(15) .

 

وهذا التوصيف لعقد الزواج العرفى متى كان يعوز الأمر الواقع إليه ولم يجد المتزوجون بدا منه ، ولم يلجأوا إليه لتغيب الأركان الشرعية أو الأوصاف ، فأهلية العاقدين قائمة، والزوجة ليست محرمة على زوجها وخلا زواجهما من شرط التأقيت أو غيره من الشروط التى تخالف مقتضى العقد ، وتحرز طرفا العقد عن نية لو ظهرت اتهم العقد بسببها كنية التحليل ، أو التطليق بعد قضاء وطر ؛ حتى لا يوصف بكونه متعة .

 

فإذا تحقق وجود ما يطلب وجوده، وغياب ما يتحتم تغيبه فالنكاح ماض شرعا ، وهو صحيح حتى لو عرى عن شرط التوثيق ، على أن شرط التوثيق ليس حراما ، ولا نبغضه ما دام لا يخالف أحكام الشريعة ، ويساعد على استقرار المجتمع باستقرار أسره .

 

موقف الشريعة من توثيق النكاح:

 

والنكاح عقد من العقود لا يدخله البدل أو الإباحة أو الضمان ، لم يلزم الشرع بتوثيقه فيما وقف الباحث عليه من كتابات فقهاء الإسلام على اختلاف منازلهم ومذاهبهم ، فلم يأت عن واحد منهم أن الشريعة اشترطت أن يقع هذا العقد على يد عالم أو قاض أو حاكم، وليس ذلك عن إغفال أمر الكتابة أو التوثيق ، فلا يخفى أن الأمر معلوم خاصة بعد نزول آية الدَين(16) ، ولا يعقل عند أهل التحقيق أن المقصود بالكتابة الكتابة والإشهاد؛ لأن الكتابة لا تكون حجة بغير شهادة(17).

 

هذا إذا قيل بوجوب الكتابة كما ذهب بعض الناس – كما يقول القرطبى(18) : ( ذهب بعض الناس إلى أن كتب الديون واجب على أربابها ، فرض بهذه الآية بيعا كان أو قرضا لئلا يقع فيه نسيان أو جحود).

 

أما إذا أخذنا بقول من قال بالندب للكتابة ، أو قول من قال بنسخ وجوب الكتابة فى الآية بقوله تعالى فيها : ﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي أؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ…﴾ (البقرة من الآية : 202) ، فإننا نؤكد على عدم اشتراط الشريعة لتوثيق العقود عامة ، وعقد النكاح منها خاصة ؛ لأنه ليس عقدا خالصا، ولا شبه له بالمال إلا فى المهر ، وذلك إذا لم يكن حالا كله ، فابن تيمية يقول: (فما كان الصحابة يكتبون المهور؛ لأنهم كانوا يعجلونها، فليس هناك ما يدعو إلى تسجيلها وكتابتها)(19) .

 

وقال : (ولا يفتقر تزويج الولى المرأة إلى حاكم باتفاق العلماء)(20).

 

فالشريعة لم تشترط إلا أن تتحقق أركان هذا العقد ، وشروطه بحضور شاهدين أو أكثر مع عدم التواصى بالكتمان ليتحقق أمر الإشهار ، وهذا يتفق مع ما فعله الإسلام بتعاليمه فى نفوس متبعيه ، فقد حذرهم من أكل أموال بعضهم بغير حقها ، وملأ نفوسهم إيمانا بضرورة الوفاء بعهودهم وعقودهم ، فلا ضرر يتوقع مع التزام الناس بالتدين . ومن ثم فليس على الناس حرج ألا يوثقوا عقدا أو دينا ، فدِينهم ومروءتهم يحفظان حقوق الناس عندهم ، وهذا مؤدى الآية بنفى الجناح إذا كان الأمان من قبل طرف فى طرف ﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي أؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ . . .﴾ (البقرة : 282) .

 

والشريعة وإن لم تشترط التوثيق لم تمنعه أو تحظره ، أو تخطئ عرفا أو قانونا من عمل به ؛ فلا يخفى على أحد إذنها بمبدأ التوثيق ، حيث كانت الشهادة دون الكتابة طريقة ، ثم كان أمر الكتابة الذى لم يعر عن الشهادة، ثم عدم منعها من تحكيم وسائل الإثبات الأخرى بما أطلقت للمتعبدين بها أنهم أعلم بشئون دنياهم ، والحديث لا يخفى ، وهو غير مقصور على تأبير النخل(21) .

 

فليس ينكر على القوانين الوضعية أنها أخذت بضرورة التوثيق لهذا العقد وغيره لما فيه من منافع كبيرة ، فيه تحفظ حقوق العباد فيضمن ألا أكل لأموال الناس بغير حق لإنكار أحقيتهم فيها .

 

لكن الذى ينكر على القوانين والمدنية وغيرهما أن ينشئوا ما يجعلونه فى قوة الشروط الشرعية فكما يقول الشيخ على حسب الله – رحمه الله – : (فليس لمدونى القوانين أن ينشئوا حكما شرعيا دينيا يحل حراما أو يحرم حلالا ، بل هو شرط يترتب عليه أثر قانونى لا دخل له فى الحكم الشرعى)(22) .

 

فمؤدى كلام الشيخ أن الزواج إذا كان عقدا صحيحا شرعا ، فليس يضيره أن يغيب عنه الشرط القانونى فى مسألة التوثيق ، وإذا عاقب القانون على اختلال شرطه ، فليس يملك أن يحكم ببطلان أو فساد عقد الزواج ، ويدين بهذا كل من له فقه صحيح بقضية توثيق العقود فى الشريعة الإسلامية ، وقد سئل الشيخ مخلوف عن الموقف من أحد عقود الزواج العرفى فقال : (عقد الزواج إذا استوفى أركانه وشروطه الشرعية تحل به المعاشرة بين الزوجين ، وليس من شرائطه الشرعية إثباته كتابة فى وثيقة رسمية أو غير رسمية ؛ إنما التوثيق لدى المأذون أو الموظف المختص نظام أوجبته اللوائح والقوانين الخاصة بالمحاكم الشرعية خشية الجحود ، وحفظا للحقوق ، وحذرت من مخالفته لما له من النتائج الخطيرة عند الجحود)(23) .

 

فعدم التوثيق ليس خللا فى نظر الشريعة ، ومن ثم فليس له أثر فى الحكم على العقدشرعا ، ولم يذهب أحد من الفقهاء إلى اشتراطه، فالعقد فى الشرع صحيح متى وقعت صيغته مستوفاة شروط الانعقاد والصحة ، وسلم باقى أركانه فطابع العقود فى الإسلام الرضائية .

 

موقف القانون من توثيق عقد النكاح:

 

لا يخفى على أحد أن تحكّم القوانين فى أمور القضاء فى خصومات الناس على اختلافها فى بلاد الإسلام ليس له تاريخ طويل ، فلم يرتبط بحركة الترجمة مثلا ، وذلك للقوة الراسخة التى صاحبت الإسلام ، فلم تجعله يحوج أهله لانتظار ثقافة أو تشريعات وافدة ، ولم يجد المجتمع المسلم بدا من هذا فى عصور انحطاطه بعد انتشار التقليد، فجمود وتقليد وتعصب عندنا يقابله أخذ بوسائل التقدم عند غيرنا، فوفد إلينا مع منتجهم منطقهم وقانونهم ، ويرده الدارسون إلى وقت قريب آخر القرن الثامن عشر وأول التاسع عشر .

 

يقول د . صوفى أبو طالب : “ولم يحس المجتمع بحاجة إلى تجديد الفقه ، وتطوير الأحكام حتى أواخر القرن الثامن عشر ومطلع القرن التاسع عشر الميلادى حينما بدأ الاتصال والاحتكاك بالحضارة الأوربية التى طرقت أبواب عصر الصناعة … فأصبحت الحاجة ماسة إلى تجديد شباب الفقه الإسلامى بل الحضارة الإسلامية حتى تستطيع الصمود أمام الحضارة الأوربية الناهضة والقوانين الأوربية “(24) .

 

وأوائل القرن التاسع عشر ليست منا ببعيد ، ولا أواخر القرن الذى قبله، وعليه فقد كان موقف الشرع من التوثيق هو المعمول به بكل وجه، وقد سبق أنهم ما كانوا يوثقون، وأنهم كانوا يكتفون بالإشهاد على عقودهم .

 

وكتابة مؤخر المهور – وإن اتخذ وثيقة لإثبات الزواج – لا يعد توثيقا له ؛ لأنه قد اتخذ صورة كتابة الدين، وقد تأخر أيضا ، يقول ابن تيمية: (لم يكن الصحابة يكتبون صداقات ، لأنهم لم يكونوا يتزوجون على مؤخر، بل يعجلون المهر ، وإن أخروه فهو معروف؛ فلما صار الناس يزوجون على المؤخر ، والمدة تطول وينسى صاروا يكتبون المؤخر ، وصار ذلك حجة فى إثبات الصداق، وفى أنها زوجة له)(25) .

 

وليس يعنينى أن أفصل القول فى نظرية التوثيق القانونية للعقود عامة ، وإنما يعنينى موقف القانون من توثيق عقد النكاح خاصة ، ولا يخفى أن موقفه يمثل الشرط القانونى لهذا العقد وقد سبق تقرير أن العقد يقع صحيحا لازما نافذا به أو بدونه ، وقد سبق أن المقنن لا يمكن أن يعطى قوة الشرط الشرعى لقوله مهما كان(26) .

 

ويمثل لشرط المقنن بأمور منها اشتراطه سن معينة لكلا الزوجين كما جاء نص المادة 367/2 من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 على أنه ” لا يجوز مباشرة عقد الزواج ولا المصادقة على زواج مسند إلى ما قبل العمل بهذا القانون ما لم تكن سن الزوجة ست عشر سنة، وسن الزوج ثمانى عشرة سنة وقت العقد ، ومن الأمثلة كذلك شرط التوثيق لهذا العقد الخطير ، وقد جعله القانون شرطا لسماع دعوى الزوجية ، أو الدعاوى الناشئة عنها وذلك عند إنكار أحد طرفى العقد للعقد ، وأوقف القانون أمر عدم السماع عند الإنكار يعنى أنه يرى إمكانية السماع لدعاوى الحضانة ، والنفقة ، والطاعة للزوج فى غير العقد الموثق ما كان هناك رضا بالعقد ، ولم يكن ثمة إنكار من أحد طرفيه .

 

فقد جاء فى المادة رقم (99) من القانون 78 لسنة 1931، وذلك فى فقرتها الرابعة أنه (لا تسمع عند الإنكار دعوى الزوجية أو الإقرار بها إلا إذا كانت ثابتة بوثيقة زواج رسمية فى الحوادث الواقعة من أول أغسطس 1931 ثم كان نفس هذا الشرط فى القانون سنة 2000م وهو القانون رقم (1) الذى بدأ العمل به من أول مارس لسنة 2000م وذلك فى المادة رقم 17 وفيها : (ولا تقبل عند الإنكار الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج فى الوقائع اللاحقة على أول أغسطس 1931م ما لم يكن الزواج ثابتا بوثيقة رسمية ، ومع ذلك تقبل دعوى التطليق أو الفسخ بحسب الأحوال دون غيرهما ، إذا كان الزواج ثابتا بأية كتابة) .

 

ولا يخفى ما أحدثته زيادة الجملة الأخيرة من نص المادة (17) حيث لم تمنع من سماع دعوى التطليق ، أو الفسخ عند الإنكار بشرط أن يكون الزواج ثابتا بأية كتابة، كأن تكون كتابة مبدئية عرفية ولو لم توثق ، بل أدخلوا فى الكتابة ما كان قرينة على الزواج بأن يكون قد أرسل لها ما يفيد كونها زوجته ، أو أقرا فى محضر شرطة بالزواج ونحو ذلك .

 

ولم يكن هناك فرقًا مذكورا بين الزواج الشرعى وغيره من التزاوج الذى قد يكون قد ألم به مفسد أو مبطل .

 

وهذه الزيادة قد فتحت الطريق للتخلص من بعض الزيجات العرفية التى لم يكن مجال لسماع دعوى فيها عند إنكارها ، فظن القانونيون أن القانون قد يقلل بهذا الإجراء حالات الزواج العرفى ، ولم يدر هؤلاء أنهم فتحوا الطريق أمام من كان يرفض هذا النوع من الزواج خشية عدم سماع دعواه ، مطمئنين لسماع دعاواهم بما صنع القانون .

 

على أن المدقق فى قراءة نصوص هذا القانون ، وبخاصة المادة 17 من القانون 1 لسنة 2000 يتضح له أنه قد قصر فوائد سماع الدعوى فيه على التفريق دون ضمان أى حق آخرمعه، فلا مطالبة بإرث أو نفقة عند وفاة الزوج ، ولا حق فى المطالبة بمهر معلوم أو مجهول فما أفادته الزيادة محصور فى إقامة دعوى التفريق ، أما دعوى النسب فهى ثابتة بالفراش، ولا صلة لها بتوثيق عقد الزواج أو عدمه .

 

وأوجب القانون بجوار التوثيق لعقد النكاح بالشكل السابق أن يكون على يد مختص ، فالمادة – 10 – من قانون الإثبات تنص على أن (المحرر يكون رسميا إذا قام به الموظف العام المختص ، وللمحرر حجية مطلقة أمام المحاكم ، ولا يجوز الطعن فيها إلا عن طريق الطعن بالتزوير) ، ولا يخفى أن اتخاذ المحرر شكل الرسمية بهذا الإجراء أنه لم يكن رسميا قبل توثيقه، فالطعن فيه جائز ، وإنكاره غير مستبعد ، وهم بهذا يشبهون أمر توثيق النكاح بورقة بيع أو تنازل يفترق أمرهما بعد إشهارهما عن قبله ، فبعد إشهار التوثيق لا يقبل الطعن أو الإنكار .

 

أبعد هذا إغراق فى الشكلية؟ إن هذه الشكلية هى التى فتحت أبوابا لزيادة هذه الظاهرة (الزواج العرفى) من حيث لا يقصد القانون، ويمكن التدليل على ذلك من خلال الآتى :

 

تحديد سن الزوجين وأثره :

 

كان المأذون (وهو الموظف العام المختص) لا يمتنع عن توثيق أى عقد ما دام يزاول من أهله ، فإذا توافر فى عقد الزواج ركنه وتحقق شرطه فليس للمأذون أن يمتنع عن توثيقه .

 

ولم يكن قد اشترط سن للزوجين أو لأحدهما ، فلو تقدم رجل ليتزوج بنت العاشرة فى السن أو دونها كان من حقهما أن يوثقا عقدهما ، وليس لمأذون ولا لغيره أن يمتنع عن ذلك بسلطان عرف أو قانون .

 

وظل هذا الوضع يسرى فى الناس حتى صدر القانون رقم 56 لسنة 1923م الذى بدأ العمل به فى السنة التالية لصدوره ، وقد حدد هذا القانون سنا لكلا الزوجين لم يجوز للموظف المختص أن يوثق للزوجين عقدهما إذا لم يتحقق فيهما شرط السن ، وقد حدد القانون هذا السن بكونه لا يقل عن ستة عشر عاما للزوجة ، وثمانى عشرة سنة للزوج ، وحدد السن بكونها هلالية.

 

ثم نص صراحة على عدم جواز التوثيق بغير هذا كما جاء فى الفقرة الثانية من المادة 367 من القانون 78 لسنة 1931 ، وكان الاختلاف فى مراعاة ذلك عند العقد أو عند التقاضى ، فعدل النص على أن العبرة بسنهما وقت التقاضى بالنسبة لسماع الدعوى ، وإن كان عند العقد بالنسبة للتوثيق فيجب أن يكون اكتمال فى شرط السن .

 

وقد برر القانونيون هذا الاشتراط بأن هذا السن هو الذى يغلب معه الظن أن الزوجين يكتمل عندهما الاستعداد لتفهم الحياة ، وإقامتهما على ما ينبغى ، وقد حاولوا بهذا أن يمنعوا استغلال أولياء الأمور للصغيرات، ممن لا يفقهن الشأن، فى تحقيق أغراض مادية لهم أولهن دون النظر لتحقيق سعادة زوجية أو غيرها.

 

وهذا الاجتهاد الذى دفع إلى هذا الاشتراط لم يقف عند هذا ، بل وجدت محاولات فى الآونة الأخيرة لمحاولة رفع سن الزواج أكثر من هذا حتى يكتمل العقل ، ويبلغ من النضج مبلغا يتفهم معه الحياة الزوجية وأعباءها ليقوما بها ، معتبرين أن فى ذلك الصالح العام فى عصرنا من ملاحظة مصالح الفتيان والفتيات طبيا واجتماعيا واقتصاديا وبيئيا وغير ذلك .

 

فطالبوا بتحديد سن ثمانى عشرة سنة للفتاة ، وبتحديد السن القانونى للفتى حتى لا يكون مسئولا عن أسرة وأولاد ، وله قوامة على زوجة وهو نفسه قاصر قانونيا ، يخضع فى تصرفاته المالية لإدارة ولى أو وصى .

 

وقد حرس القانونيون مشروعهم السابق بالتفكير فى ردع لمن سيحتال عليه ، فقد نص فى القانون 44 لسنة 1933 فى مادته الثانية (يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين أو بغرامة لا تزيد على مائة جنيه كل من أبدى أمام السلطة المختصة بقصد إثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانونا لضبط عقد الزواج أقوالا يعلم أنها غير صحيحة . . . ويعاقب بالحبس أو بغرامة لا تزيد عن مائتى جنيه كل شخص خوله القانون سلطة ضبط عقد الزواج إذا عقده وهو يعلم أن أحد طرفيه لم يبلغ السن المحددة للقانون) .

 

وقد سرى القانون ، وسرت حراسته ، فظن هؤلاء أو كادوا يتيقنون انهم بذلك قد حدوا من زواج الصغار ، وما علموا أنهم قد فتحوا بذلك بابا من أبواب الزواج العرفى غير الموثق، ليس يعنى أنهم تعمدوه ولكن فتحهم للباب هذا ولو عن غير قصد يمثل فتحا لوابل من المشكلات بسبب منعهم موظفهم من التوثيق .

 

وزواج الصغار – وإن كنا لا نحبذه أو نشجع عليه – لا نستطيع أن نقول : إنه حرام ، ومن ثم فليس من حق أحد أن يجرمه ، أو يجرم من يوثقه أو يصنعه ، هذا إذا وضع الصغار فى موضعهم الصحيح ، فليس يتفق مع أحد على أن تضيع حقوق شباب بحجة أنهم صغار ، فالصغير الذى لم يبلغ الحلم ، فإذا بلغه صار قادرا على أن يدبر أمره ، ويشترط اختباره فى شأن المال ليعطى ماله فالله تعالى يقول : ﴿وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ (النور : 59) وما ذلك إلا لأنهم صاروا ببلوغهم مكلفين كما كلف من قبلهم، أيحكم بأنهم يكلفون ولا يغنمون؟ أى منطق يقبل هذا؟ .

 

وجاء فى القرآن : ﴿وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ (النساء: 6) .

 

فعلامة الكبر البلوغ ، وهو تهيؤ الكائن أن يحدث فى جنسه نوعه ، وذلك بعلاماته التى لا تخفى ، وليس الكبير ببلوغ سن معينة ، فقد تبلغ هذا السن ولا يبلغ صاحبها معها مبلغ العقل الذى يدبر له شأنه ، ويحفظ له حاجاته .

 

وقضية التزاوج بين أفراد الجنس جبلية فطرية ، تشبع رغبة مركوزة لا تتطلب صفات خاصة فى عقل من يقوم بها ، فالبهائم تتزاوج وتنجب ولا عقل يدبر شأنا فيها ، والمجنون من بنى آدم حقه جِبلَّة أن يكون له امتداد ، وإذا زوجه وليه فليس ما يمنع شرعا ، وفطرته تهديه ألا يؤذى وليده ، أنرضى له التزاوج وتوثيقه إن بلغ السن القانونى ونرفض أن نوثق لمن يصغره سنا ، والصغير عنه صاحب عقل وتدبير ؟

 

وإذا رضينا بأن السياسة الشرعية لها أن تقنن ما تضبط به مجتمعها أفلم يظهر لها أن التقعيد لا يمكن أن يحكم المجموع بغير استثناء؟

 

أليست هناك ظروف تحتم زواج الصغار؟ أعجز أصحاب العقول أن يفرعوا قواعد لهذه الظروف تضمن ألا يحتال أصحابها لخرق القواعد مع السماح لهم أن يتصرفوا بالاستثناء؟

 

إن الأمور إذا قننت ولم يراع عند ذلك جوانب الأمور كلها فإن خرق التقنين لابد أن يكون من هذه الجوانب التى لم تراع ، أيمنع بنص القانون ثرى لم يرزق الولد إلا بأخرى من أن يزوج ولده ليرى حفدته؟

 

أيمنع عم صبية من أن يزوجها بولده بعد تيتمها ليضمها إليه بسلطان شرع؟ أيتركها وحيدة أم يفتح باب الحرام بينها وبين ابنه الذى لا يقول أحد بطرده من البيت أو عزله؟

 

إن تجريم الحلال بنص قانون أمر لا يجوز ، وبجوار عدم جوازه فإنه يفتح بابا للتحايل لا يستطيع القانون أن يمنع الداخلين فيه ، وإذا كان احتيالهم أمرا حلالا فليس للقانون أن يسده بله أن ينص على بطلانه وقد فعل .

 

المحاولات القانونية للحد من تعدد الزوجات:

 

لقد جاء الإسلام والمجتمع يعدد الزوجات ، ولم تنكر أمر التعدد ديانة سبقت كما لم ينكره عرف صالح ، وكان أمر التعدد مطلقا قبل الإسلام، فقد جاء أن الرجل كان يسلم وتحته العشرة(27)، ويسلم وتحته الخمس(28)، فأمر التعدد كظاهرة موجودة قبل الإسلام، فقيد الإسلام أمره بألا يزيد عن أربع ، واشترط لمن يقدم عليه أن يغلب على ظنه أن يعدل ، وعزم عليه ألا يجور ويظلم ، فظن ناس تعجلوا فهم الآية : ﴿وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ﴾ (النساء : 129) وربطوا فهمهم مع ظاهر قولـه تعالى : ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا ْفَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ (النساء : 3) فظنوا أن التعدد غير جائز فى الإسلام .

 

وقد ضل هؤلاء أن فهموا أن الله يأمر بالمستحيل غير الجائز ؛ إذ النص فى القرآن : ﴿فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ﴾ ولا يخفى أنه يرد على زعم هؤلاء بأن العدل المشترط لنعدم الخوف منه غير العدل الذى لا يستطاع ، فميل القلب شيء ، والعدل فى النفقة والقسم شيء آخر، فإذا استحال تحقيق العدل فى المحبة والميل فليس يستحيل ولا يصعب أمره فى النفقة والقسم والمبيت ، وخلاف ذلك من الأمور الظاهرة .

 

وللتعدد أسباب تجعل منه تشريعا ينظر إليه بكل تبجيل وتوقير ليس المجال يفسح لتفصيلها ، وقد راعاها الشرع فأذن لأتباعه فيه ، فعمروا دنياهم وكثروا نسلهم ، وحفظوا حقوق غيرهم ، وكفلوا بهذا الباب أيتاما وأرامل وصانوا ودا قصر طرفه أن يشبع رغبة الإنجاب للآخر ، وصانوا عهدا بالوفاء لمريضة بالإبقاء عليها مع تزوج غيرها خير من فراقها، وهذب غرائز الرجال بإشباعها فى الحلال المشروع لتسد أبواب الفواحش أو تضيق.

 

لكن القانون برغبة القائمين عليه لأغراض أشاعوا أنها عامة غير أنها تحركها ظروف خاصة فى غالبها شخصية لمن بأيديهم حل كثير من الأمور وعقدها سعى أن يقيد هذا الحق .

 

فسبق إلى غير الحسنى القانون السورى بمرسومه رقم 59 الصادر فى 17/9/1953 ، فنصت المادة 17 من هذا القانون بتقييد تعدد الزوجات بإذن القاضى ثم أعد مشروع قانون بمصر ينص على أنه (لا يجوز لمتزوج أن يعقد زواجه بأخرى ، ولا لأحد أن يتولى عقد هذا الزواج ، أو يسجله إلا بإذن القاضى الذى فى دائرة اختصاصه مكان العقد) وجاء فيه أيضا (ولا يأذن القاضى بزواج متزوج إلا بعد التحرى ، وظهور القدرة على القيام بحسن المعاشرة والإنفاق على أكثر ممن فى عصمته ، ومن تجب نفقتهم عليه من أصوله وفروعه) ثم نصت على أنه لن تسمع دعوى زوجية لما حدث بعد هذا التقنين بغير ثبوت الإذن بورقة رسمية.

 

وقد دافع الشيخ المراغى – رحمه الله – على هذا المشروع بالتفريق بين ما يفهم من ظاهر القانون ، وبين قصده ، وذكر أن القانون لا يحكم بعدم صحة النكاح إذا لم يستوف شروط القانون إذا استوفى الشرائط الشرعية المنوطة بالعقد .

 

ثم أضيف فى المادة (11) من القانون رقم (100) لسنة 1985 (أنه يجوز للزوجة التى تزوج عليها زوجها أن تطلب التطليق منه إذا لحقها ضرر بهذا الزواج) كما أعطى هذا القانون نفس الحق للزوجة الجديدة إذا لم تكن تعلم أن زوجها كان متزوجا بسواها .

 

تقول المادة (على الزوج أن يقر فى وثيقة الزواج بحالته الاجتماعية ، فإذا كان متزوجا فعليه أن يبين فى الإقرار اسم الزوجة أو الزوجات اللاتى فى عصمته ومحال إقامتهن ، وعلى الموثق إخطارهن بالزواج الجديد بكتاب مسجل مقرون بعلم الوصول) ، وليته وقف بالأمر عند إعلامهن ، وإنما أعطى الحق لكلتيهما أن تطلب الفرقة ، الأولى لتضررها بإحداث التزوج عليها والأخرى بتضررها لأنه أخفى عنها ، واعتمد المبررون لهذا على ما ظنوه مقررا عند الإمام مالك ، والإمام أحمد من أن الزوجة إذا ادعت الإضرار من زوجها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما فإنه يجوز لها أن تطلب من القاضى التفريق ، وحينئذ يطلقها القاضى طلقة بائنة إذا عجز عن الإصلاح بينهما ، واستندا فى هذا إلى الحديث (لا ضرر ولا ضرار)(29).

 

وقد ظن هؤلاء المبررون – خطأ – أنه ليس من المعروف أو المروءة أن يتزوج زوج على زوجته دون علمها، وأنه لا تجبر زوجة على الاستمرار فى عصمة رجل رغما عنها، وهذا كلام لا يخلو من لغط ، وخلط، ومخالفة :

 

فهل أعطى القانون حق عدم إجبار المرأة أن تعيش فى عصمة رجل رغماً عنها صفة الإطلاق؟ وهل يطلق القانون الواحدة لنفس السبب؟ ألم يفرض الطاعة عليها ؟ إن المعايير إذا ازدوجت ، وروعى فيها حال دون حال فأحرى أن تسقط .

 

أما جانب المخالفة فليس يدعى أن إعلام الزوجة بالتزوج عليها شرط أو ركن أو صفة ، بل ربما كان إخفاؤه أكرم ، وإذا تساوى أمر إخفائه مع أمر إظهاره فلا يحكم بأن إخفاءه يخالف العرف والمروءة .

 

لقد خفى على الناس أمر فعل النبى r عند تزوجه بصفية بنت حيى – رضى الله عنها ، وانتظروا ما يفعله النبى r بأمر حجابها حتى يعرفوا إن كان يعاملها زوجة أو أمة تتسرى ، ولو كان الإعلام هو المعروف ما كان انتظارهم لهذا أمرا ذا معنى(30) .

 

أما اللغط والخلط فآت من كون المرأة لا تتضرر بتزوج زوجها عليها ضررا يجعل العيش بينهما مستحيلا ، فالضرر ليس على إطلاقه ، ولا يحكم بأقله كما يحكم عند تحقق أكثره ، فالناس تتضرر لأن الناس يشاركونهم الهواء فهل يقتل المشاركون من الناس فى الهواء لتضرر الناس من شركهم هذا ؟ أم أن هذا ضرر غير معتبر، فالكل لهم حق فى العيش؟

 

أيهما أشد ضررا : أن تشارك امرأة غيرها فى زوج؟ أم تستقل واحدة بزوج وتحرم الأخرى؟ سلوا من حرمت لظرف أو ظروف ليصدق عندكم مدلول القول : إن امرأة مع أخرى لزوج واحد خير فى ميزان العقول من أن تكون واحدة بزوج والأخرى بدون أنيس .

 

والخلط الآخر الظن بأن كل الرجال فى الأمر سواء ، فرجل لا يرضى امرأة تنفرد به غير رجل ترضى المرأة بأن يكون حظها منه نصفه ، تقول د . بنت الشاطئ : (إن النساء قد تؤثر أنثى عاقلة منهن أن يكون لها حظ النصف من حياة رجل على أن يكون لها غيره كاملا ، فالرجال ليسوا سواء ، وكم من عاقلة رفضت أن يتزوجها شاب سيكون لها ، وتشارك أو تقبل أن تشارك أخرى فى رجل تراه جديرا أن يعطى حقا فى اثنتين) .

 

ألم يعرف القانونيون والمبررون لقولهم أن سد باب الحلال يفتح بابا من أبواب المخالفة؟ ألم يقلقهم حياة البغاء التى تعيشها النسوة اللاتى لا يرضين التعدد؟ أصاروا يقرون قول العامة (ألف عشيقة ولا لصيقة)؟

 

إن تعدد الزوجات لو فهم على وجهه بكونه حلا لمشكلة العنوسة التى لا يكاد مجتمع إلا ويخافها ويسعى فى علاجها ، وأنه يحل مشكلة كثيرات يعطيهن حق التمتع بكونهن زوجات لهن حقوق ، وأنه يمثل إيمانا بحق المحرومة من الزوج عند امرأة ذات زوج تحب لأختها ما تحب لنفسها لا ينبغى أن يحارب بهذا الشكل السافر ، ثم يبرر الحرب ناس يعتمدون على الدين .

 

إن القانون لما سعى سعيه غير الحميد فى النقض لهذا التشريع (تعدد الزوجات) فتح بابا زاد بسببه المتزوجون عرفيا ، فكأن القانون – وإن لم يقصد – دفع ظاهرة الزواج العرفى أن تجد لها مبررا تعلنه ، مؤداه محاربة القوانين للطرق السوية التى كانت تسلك فى الظروف التى تحكم فى التعدد .

 

ونستطيع أن نقضى على هذا فى شقيه كالآتى :

 

– أما شرط السن فبإعمال الحكم الشرعى فى إجازة تزويج الصغار خاصة عند تحقق شرطه ، ولا مانع أن يكون نص على استثناءات يراها القانون حرية بالقبول ، وإن كانت الظروف الآن لا تدعو إليه ، لكن المنع يفتح باب الرغبة فى الممنوع ، فالمقنن ينبغى ألا يجرم شأنا جاء الشرع بإباحته ، وإن رأى المقنن المصلحة فى تضييق مجال حكم أو رأى مصلحة فى تأخير حكم فليس ما يمنع أن يمضى رؤيته ما لم يرفضها الشرع ، أو يعاند المقنن الشرع .

 

– وأما إعلام الزوجة فهو أحد سبل محاربة الزواج الثانى (التعدد) والعلاج أن يتعرف الناس على الحاجة إليه ، ولا يمنع القانون أمره إن لم يشجع عليه ، لتسد أبواب الزواج العرفى .

 

كما أن الواجب أن يعطى كل إنسان ما خول له الشرع ، فالإذن بالتعدد إذا اشترط أن يكون من جهة غير المعدد فإنه سيعبث برغبة المعدد ذاته ، إذ هو من جعله الشرع ناكحا بيده العقدة ، فهو المسئول ، أما أن ينقل التقنين ذلك إلى غيره فليحمل غيره أعباء التعدد وغيره .

 


 

استغلال الثغرات القانونية وأثر ذلك:

 

بالنظر إلى حال كثير من أفراد المجتمعات الآن ، وبالتقليب فى الصعوبات والمشكلات التى يعانى منها هؤلاء الأفراد: فبطالة تزيد ، ومال يقل وشهوات تتأجج ، وأبواب للحلال تغلق وعدم الشعور بالمسئولية يزيد ، وضمائر تتزعزع ، وألسن تهدى إلى البر بالدنانير تقطع ، كل ذلك دفع الناس أن تستغل الموقف ، دفعهم ألا يراعوا إلا ما يسألون عنه ماديا ، وقل شعور الناس بالجانب الأدبى .

 

ولما لم يكن للقانون سلطان على القلب ، فسلطانه على الأبدان والتفلت من رقابته صار يلح على أفراد تحكم فيهم مواده لغياب الروح عنها ، فاستغل الناس ثغرات(31) فيه كانت سببا فى مشكلات اجتماعية متعددة ، ومنها انتشار هذه العادة (الزواج العرفى) ، فكيف كانت ثغرات القانون كذلك فى قضيتنا؟

 

المطلب الأول : دور قانون المعاشات:

 

يعرف من لـه بصر بمواد القانون فى هذه الجزئية أن القانون لم يفرق بين الاستحقاق والمنح بشرط كما فعلت الشريعة مثلا فى التوريث ، ففرق يراعى بين المستحق والوارث فى قضية اختلاف الدين ، فالثابت أن اختلاف الدين مانع من موانع التوريث فى الشريعة بغير خلاف إلا ما جاء عن معاوية ونفر قليل ، ومردود عنه بما ورد عن النبى r أنه قال : (لا يرث المسلم الكافر ، ولا يرث الكافر المسلم)(32) ، وأنه قال : (لا يتوارث أهل ملتين شتى)(33) ، فلا ينتقل مال بإرث لمختلف فى الديانة .

 

أما استحقاق المال بقرض ، أو رهن ، أو هبة ، أو وصية أو غير ذلك من أسباب انتقال المال للغير بالاستحقاق فلا يمنع منع اختلاف الدين ، فقد أوصت أم المؤمنين صفية بثلث ثمن حجرتها لأخيها وكان يهوديا(34) ، وكان النبى r يقترض من اليهود، ويسترهنهم درعه(35) ، ولم يقل أحد بعدم أحقيتهم فى مالهم لكونهم مغايرين فى الدين .

 

أما القانون فى موضوع المعاش فقد خلط بين الأمرين بما يتعجب منه، فهو يجعل المستحقين له هم المستحقين للميراث ، ولا يمنع أن يعطيه للزوجة المخالفة فى الدين ، فكأنه يعتبره إرثا مرة ، واستحقاقا مرة ، ثم لا يطبق عليه لا أحكام الإرث ، ولا أحكام الاستحقاق فالإرث يعطاه الوارث أيا كان سنه ، أو وضعه ، فالكبير كالصغير والعامل كالعاطل ، والطالب كالراغب عنه ، والمطلقة من البنات كالمتزوجة ، وكلاهما كالطفلة أو الأيم التى توفى زوجها عنها ، أما القانون فقد فرق .

 

والاستحقاق كذلك يعطاه المستحق بغير سؤال عن حاله ، لكن القانون لا يعطى المعاش إلا لمن توافرت فيه شروط رضيها، كأن يشترط أن يكون المستحق صغيرا لم يبلغ سنا عينها ، ويشترط أن تكون البنت المستحقة غير متزوجة أو موظفة .

 

أما الزوجة فقد اعتبرها القانون مستحقة ، وليست وارثة بدليل أنه جعل لها حقا ولو كانت على غير ديانة زوجها ، ولكنه لم يجعلها مستحقة بإطلاق ، وإنما اشترط ألا تتزوج بعد الزوج المتوفى ، فقد نصت المادة (104) من القانون رقم (79) لسنة 1975 على الآتى: (إذا توفى المؤمن عليه أو صاحب المعاش كان للمستحقين عنه الحق فى تقاضى معاش وفقا للأنصبة والأحكام المقررة بالجدول المرفق من أول الشهر الذى حدثت فيه الوفاة وقد قصد القانون بالمستحقين فى هذه المادة الأرملة ، والمطلقة والزوج ، والأبناء والبنات ، والوالدين ، والإخوة والأخوات الذين تتوافر فيهم بنفس تاريخ وفاة المؤمن عليه ، أو صاحب المعاش شروط الاستحقاق المنصوص عليها فى القانون .

 

وفى حق الأرملة على سبيل الخصوص اشترط القانون أن يكون زواجها موثقا أو ثابتا بحكم قضائى بناء على دعوى رفعت حال حياة الزوج ، كما يشترط بالنسبة لها أيضا أن يكون عقد الزواج أو التصادق عليه قد تم قبل بلوغ المؤمن عليه أو صاحب المعاش سن الستين(36) .

 

كما اشترط القانون بجوار السابق كله ألا يكون للزوجة دخل آخر من أى نوع يعادل قيمة استحقاقها للمعاش أو يزيد عليه ، وألا تتزوج المطلقة التى تستحق المعاش بعد زوجها المتوفى عنها الذى تأخذ عنه هذا المعاش(37) .

 

ثم نص القانون فى المادة رقم (113) على الحالات التى يقطع فيها المعاش، وذكر منها بعد وفاة المستحق زواج الأرملة أو المطلقة أو البنت أو الأخت ، وهؤلاء النسوة الأربعة يفتح القانون بذلك أمامهن باب الزواج العرفى حتى يحتفظن بحقهن فى المعاش الذى استحققنه من موت الزوج ، أو الأب ، أو الأخ .

 

ولم يخف هذا عن القائمين على القانون بل ناقشوه واقترحوا أن يحتفظ لمن تتزوج ولو بنصف المعاش حتى تشجع على إعلان زواجها بدلا من إخفائه، فالذى تعطاه ليس صدقة أو منا، وإنما هو أقساط سددها المتوفى ولابد أن ترد(38) .

 

وقد رفض القائمون على تنفيذ القانون كل ذلك ، وأبوا إلا أن يقطعوا معاش من تزوجت بعد زوجها المتوفى صاحب المعاش ، وتذرعوا بما لم يراعوه ، حيث جاء عنهم أن الإسلام يوجب النفقة على الزوج ، فليس من المنطق أن يجرى على زوجته رزق تستحقه من زوج غيره ، وتذرعوا أيضا بأن من يعال لا يستحق معاشا ، كما تذرعوا أن المعاش ليس ميراثا ولكنه نتيجة اشتراكات دفعت والحقيقة أن هناك ردودا على كل ما تذرعوا به ، فهم لم يراعوا رأى الإسلام فى مسألة الحساب الاكتوارى الدقيق ، وأقروه رغم تحريم الإسلام للربا ، وحسابهم هذا أصل فيه ومنه ، أم أنهم لا يستهدون من هدى الإسلام إلا وما يتفق مع رغبتهم ، أفيؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض ، وجزاء ذلك لا يخفى .

 

ثم إن الإسلام لا يحرم أن يكون للزوجة ملك أو ذمة مالية تدخل فيها ما تستحقه من غير زوجها وتنميه، فهل تحرم الزوجة من الإرث لأن لها زوجا يعولها؟ وهل تحرم المرأة نصيبا لها فى شركة أو مشروع كانت أقامته لأن لها زوجا؟

 

ولما كان الإسلام لا يحرم ، فلا يحتج أنها لا تستحق مستحقها من المعاش إذا كان لها زوج لأن الإسلام يوجب على الزوج أن يعولها.

 

أما عن التذرع بعدم الاستحقاق لوجود العائل فهذا يليق لو كان المعاش تبرعا محضا ، فالمتبرع من حقه أن يحسب لمن يتبرع له ، ويقدم بحسب اجتهاده ناسا، ويؤخر آخرين.

 

أما إذا كان المقنن لهذا ليس متبرعا فليس له أن يحرم الناس حقوقها ؛ لأن اجتهاده أداه إلى ذلك، فالمستحقون للحق أولى به ولو كانوا أغنى الناس .

 

فالقانونيون لما أقروا أن المعاش ليس ميراثا وأنه استحقاق وجب عليهم أن يؤدوا الحقوق إلى أهلها ، فهم أولى بها وأهلها ، وتأولهم أن من له عائل لا يعطى لن يعفيهم من كونهم أكلة لأموال الناس بالباطل ، فهم يستحلون هذا التأمين باعتباره تعاونيا ، ولا تتحقق التعاونية بأن يحرم أحد من استحقاق كان له لتأول فاسد يراعى فيه جانب ، وتهمل فيه جوانب .

 

فالقانون فى هذه الجزئية قد فتح باب التزوج عرفيا – وإن لم يقصد – لثلاثة من النساء بموت واحد ، فالزوجة التى توفى عنها أمرها لا يخفى ، وأخت المتوفى لتعطى لابد أن تكون أيما ، وكذلك ابنته ، هذا إذا كان لكل متوفى زوجة وابنة واحدة وأخت واحدة ، فإذا شاء الله وتعددن فقد تعددت حالات هذا الزواج التى نريد أن نقللها قدر الطاقة، إن لم يكن عزم أكيد على إخفائها، فلو افترضنا أن شخصا مؤمَّنا عليه قد توفى عن زوجتين أو ثلاث وأختين أو ثلاث وبنتين أو ثلاث وأما تشتهى أو ترغب فى الزواج والقانون يمنع كل واحدة من السبع أو العشر من المعاش إذا تزوجت، فهل نرضى أن يفتح باب للزواج العرفى أمامهن جميعا بموت واحد لاحتفاظهن بما يرونه حقا لهن.

 

المطلب الثانى : دور قانون التجنيد :

 

لن أفصل فى مواد القانون ، فهذا ليس شأنا لهذا البحث وإنما ألمح إلى الجزئية التى استغلت منه لانتشار هذه العادة التى تزيد ، فقد صدر القانون رقم (127) لسنة (1980م) بتاريخ 23 من شعبان 1400هـ ، السادس من يوليو 1980م لتنظيم الخدمة الوطنية والعسكرية ، وحوى أسباب الإعفاء من هذه الخدمة ، ومنها أن يكون الولد يعول أمه الأرملة أو المطلقة .

 

فاحتال الناس لإعفاء أولادهم من هذه الخدمة ، فكان الرجل يطلق زوجه أم ولده من غير بأس رسميا بالكتابة ويتزوجها عرفيا لتنطق الأوراق الرسمية بغير الحال الحقيقية فيعفى الولد من الجندية ، ويفتح الباب لزيادة الظاهرة فينا .

 

ولا يبرئ الناس القانون من الأثر، لأنه لم يقصده ، فقد فُرض على الناس دون أن يقنعهم به ، واعتمد الداعمون لفرضه على سلطانه الذى زعموه ، ولا سلطان له على قلب أحد ، فواضعه والداعم له ينشر عوره فى الناس حتى يخدعوه .

 

وفى هذه الجزئية نسأل : القضية لا تمثل إلا الجانب المادى عندكم؟ أليس يحسن أن يربى الناس على الأخلاق التى تردعهم أن يتحيلوا لفعل ما لا يليق؟ أليست الخدمة الوطنية واجبا دينيا يسعى لتنفيذه ولو أبته النفس؟ أحرام أن يلحق من البيت الواحد أكثر من خادم للوطن؟ ألم يقتل أربعة من بيت واحد فى معركة واحدة؟

 

المطلب الثالث : دور تحكيم الشرط القانونى:

 

ليس يخفى دور الشرط فى العقود، كما ليس يخفى أن الدين طالب بإقامته وضرورة الوفاء به ما لم يكن يحل حراما أو يحرم حلالا ، فقد جاء فى الحديث : (المسلمون عند شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا)(39) ، فإذا خالف الشرط عرف الشرع السابق ، فإن الشرع لا يقره ولو تعدد ، ولا يقوم الاتفاق عليه بالمطالبة بإتمامه ؛ فالاتفاق على قرار ما لا يليق ، وفى الحديث : (ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست فى كتاب الله)(40)، والشرط القانونى لا يختلف أمره ، فليس يحل به الحرام ، أو يحرم به الحلال لكونه منسوبا إلى القانون ، فكما يقول الشيخ على حسب الله – رحمه الله – : (ليس لمدونى القوانين أن ينشئوا حكما شرعيا دينيا يحل حراما أو يحرم حلالا ، بل هو شرط يترتب عليه أثر قانونى لا دخل له فى الحكم)(41) .

 

وعليه فيعد من التعسف أن يضع القانون جمعا من الشروط لتتم عملية التوثيق ، وهى نفسها من الشروط القانونية التى يحكم بصحة النكاح شرعا إذا عرى عنها متى استوفى شروطه وأركانه ، يقول الشيخ مخلوف : (عقد الزواج إذا استوفى أركانه وشروطه الشرعية تحل بها المعاشرة بين الزوجين ، وليس من شرائطه الشرعية إثباته كتابة فى وثيقة رسمية أو غيررسمية ؛ إنما التوثيق لدى المأذون أو الموظف المختص نظام أوجبته اللوائح والقوانين الخاصة بالمحاكم الشرعية خشية الجحود ، وحفظا للحقوق ، وحذرت من مخالفته لما له من النتائج الخطيرة عند الجحود)(42) .

 

وقد سبق عند دراسة جزئية التوثيق أن العقد لا يفتقر للتوثيق ، فليس هناك مبرر لأن تعتبر بعض القوانين العقود التى لا توثق باطلة ، وقد فرقت دار الإفتاء المصرية بين صحةالعقد ، وصحة سماع دعوى الزوجة عند الإنكار استنادا لهذا العقد وذلك بتاريخ 1/2/1957م .

 

المطلب الرابع : دور مواد الحضانة فى ذلك :

 

تقرر فى مواد القانون أن الأم أولى بحضانة صغارها ما لم تتزوج ، فإذا تزوجت أسقط القانون حقها فى احتضان أولادها – وذلك عند النـزاع وقد كثر – ، خاصة إذا تزوجت من غير رحم المحضون .

 

ويلجئ هذا كله حاضنة تخشى أن يؤخذ منها المحضون إلى أحد رأيين لا ثالث لهما وهما :

 

– رفض التزوج ألبتة .

 

– إخفاء التزوج من غير أبى المحضون .

 

والأول لا يلزمنا ، فضرره أكبر من نفعه ، فقد يفتح للرذيلة أبوابا . وأما الآخر يوسع دائرة الزواج العرفى الذى نبتغى تقليصه أو القضاء عليه .

 

ولو رجعنا إلى تعاليم الإسلام فى هذه الجزئية لوقفنا على خير هدى وأقومه ، إذ يأمر بتخيير الغلام بينهما، ولا يمنع الآخر من الزيارة متى كانت بضوابطها الشرعية، ولا يمنع الصغير من زيارة من ليس معه حتى لا يغريه بقطع الرحم أو العقوق(43).

 

ولقد أنتجت هذه التعاليم جيلا لهم أثرهم فى صنع تاريخ أمتهم، نشأ كثير منهم بين أم لها زوج ، أو عائل غير أبيه ، أو أب له أكثر من زوجة ربما لم تكن أمه فيهن، وربما نشأ بين مجتمع ليس فيه والداه .

 

الفرق بين الزواج العلنى وغيره:

 

ليس يخفى أن الإسلام قد حث على الزواج ، وليس يخفى أنه نهى عن التبتل والخصاء ، ورفض الرهبانية وأمر بالزواج ، وحض على أن تكون الذرية ، وعلل بأنه r مباه بنا الأمم يوم القيامة .

 

وإثبات الذرية فى نكاح العلن أمر ليس أمامه سد أو مانع ، فشهادة تسامع تعرف أن فلانا ولد لفلان تكفى لتثبت الحقوق لكليهما تجاه الآخر ، وهذا الابن يُنتظر ، وإذا تأخر طلب ولو اقتضى ذلك مالا ربما يقترض إن لم يكن موجودا .

 

أما إثبات البنوة – وهى حق الوليد – فى النكاح المخالف فإن جنينا فى بطن امرأة لا يعرف من أبوه دليل على العار الذى يلحق أمه ، وتفسير لتهرب هؤلاء من العلنية ، وإن حال هذه المرأة لشاهد قوى على نوع الخير الذى تحصل عليه من هذا الزواج .

 

وإن امرأة تنصل صاحب الماء من الاعتراف ببنوة الوليد لكفيل أن يخبر الموقف بلسان الحال بالخزى، وليس خزى مع إقامة الهدى الصحيح ، وإنما الخزى فى المخالفة وارتكاب المحظور .

 

وإن امرأة ترى زوجها من هذا النكاح يعبر بغيرها أمامها ، ولا يستطيع أن يلقى عليها التحية أو يعينها إذا تعثرت وهى تحمل له ولده مع العلن ، لتشهد كيف الهوان الذى ألم بها لما ضيعت العزة والتكريم الذى يكون مع العلن .

 

وإذا سألنا من جربن هذا الطريق والمأساة التى ألمت بهن لما تَخلَّى عنهن من قضى وطره منهن ، فصرن يرين من كانوا يسمون أزواجهن ، ولا يستطعن أن يطلبن منهن حقا أو غيره! إن إجابتهن – وإن كانت لا تلزم الشرع أن يحكمها أو يغير حكمه لأجلها – غير أنها تمثل السبب فى عدم الرضا بهذه العقود لضياع حِكَمِ الأحكام ، وضياع الآثار التى تشوَّف الشرع أن يحققها، أو ندب المتعاملين أن يحصلوها، فمقصود كل عقد والدافع إليه أثره الذى رتبه الشرع عليه فرضى العقد بسببه .

 

وفرق آخر لا يقل عن فرق الأثر السابق وهو الخلل غير المحسوب الذى سيذاع فى المجتمع متمثلا فى مخالفة ولى الأمر الذى له أن يقيد المباح ، وأن ينظر إلى ما يصلح شأن رعيته ، وأن ضياع الحقوق مع عدم التوثيق تقتضى أن يقبل اجتهاد الحاكم بضرورته والإلزام به وإن كان الخلاف الفقهى موجودا فى المسألة بين دلالة الأمر فى الكتابة (التوثيق) من حيث الإيجاب أو الندب والإباحة أو كونه إرشادا ينصلح به شأن المتعاملين به .

 

وفرق ثالث بينهما أن الدعوة لجعل هذه الأمور تسير فى العلن توافق الفطرة السليمة التى تعمد إلى قول الحق إن سئلت عنه ، وتستطيع أن تثبته بطرقه المرتضاة ، على غير الحال فى الطرق الأخرى التى تحتاج عند حكايتها أو التحدث عنها إلى صياغات خاصة يجتهد لربط بعضها ببعض ، وإذا خان القاضي حفظه أو ترتيبه فسد أمره .

 

فليحذر الكل أن تخالف فيهم الفطر ، والحلال مع الفطر السليمة متى أقام الناس أمر الله ولم يقصدوا المخالفة .

 

والله يهدى إلى سواء السبيل ،،

 

الخاتمة :

 

الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات ، والصلاة والسلام على من ختمت به النبوات ، ونشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ، وبعد ،،

 

فالزواج فطرة إنسانية شاء الله أن تكون شعيرة دينية فهذب بشرعه فيها ما ينأى بها أن تكون مجرد شهوة حيوانية لذا حث الشرع عليه بشرطه، وأمر من ملك أو استطاع الباءة أن يتزوج ، وإذا كان وليا أن يزوِّج من كان تحت ولايته ، ونهاه أن يعضل ، وأذن له أن ينظر فى المصلحة للولى ، ونهاه أن يؤثر مصلحته عن مصلحته.

 

وأذن فى التعدد بشرطه ، ونهى عن الميل فيه أو كله إن لم يستطع استئصال شأفته ، ودعاه لإعفاف نفسه وغيره ، ولم يجعل هذا التعدد مطلقا فى عدد من يتزوج بهن، بل قيده بأربع .

 

وفرّق الشرع بين النكاح والسفاح بما طلبه من الإعلان والإشهاد واختلف الفقهاء هل يكفى الإشهاد لتحقيق الإعلان أم لا ، ونهى عن نكاح السر حتى نسب إلى عمر أنه هم أن يرجم فى نكاح السر وراعى الشرع فى كل ذلك العرف المرتضى ، ونبذ فاسد عرف الناس وأذن فى إجراء العرف ما لم يصادم ما أمر به .

 

وأبى الله أن يكون الكمال إلا له، وقد شاء وعصم رسله ، وأجرى فى خلقه أن كلاَّ أى (كل بشر ليس معصوماً) يؤخذ من قوله ويردُّ ، ولعل الناس يتنبهون فى ذلك إلى قوله تعالى : ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيراً﴾ (النساء: 82) ، وهذا ما أردت أن أشير إليه على صفحات هذا البحث ، وذلك أن القانون اختلف مع نفسه فى نصوصه ، ففشت فيهم عادات هو يدعو لتقليلها ، ومنها الزواج العرفى، وقد استبان بجلاء هذا من خلال نقاط البحث فالناس لما غاب عنهم الوازع والضمير الدينى لجأوا لهذا الزواج ليضيعوا حقوقا عليهم لوأعلنوا ، فرأينا الرجل إذا اختلف مع امرأته تركها كالمعلقة وتزوج غيرها عرفيا ؛ لأنه لو أعلن بالأخرى خاصمته الأولى وأمره القانون بطلاقها ، وهكذا .

 

وفى هذا دعوة لأن يتدبر الناس هدى الشريعة ، ويسألوا عن تطبيقها فيهم ، وتغيبها لا يفيدهم ، وأن الأيادى التى تعمل لتغيبها فيهم هى صاحبة الفائدة الوحيدة ، فالهجر للشريعة لا يسوغهُ إلا أن يكون صاحبه قاصداً نفعا فى غيرها مستبدلا الأدنى بالذى هو خير أو جاهلا مستغلا مساقا أو مقاداً .

 

والله يهدى للحق وإلى طريق مستقيم ، وماذا بعد الحق إلا الضلال،

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ،،


 

الهوامش

 

(1) انظر : لسان العرب ، تهذيب اللغة ، مختار الصحاح الكل فى مادة : ع . ر . ف

 

(2) انظر حاشية ابن عابدين 3/5 ومعنى المحتاج 3/123 كفاية الأخيار 2/65 ، المغنى 9/333

 

(3) مجموع الفتاوى 23/113 ، وانظر : شرح الزرقانى 3/184

 

(4) شرح الزرقانى 3/184

 

(5) التعريفات 315

 

(6) أنيس الفقهاء 145 لقاسم القونوى تحقيق : أحمد الكبيس ، دار الوفاء للنشر – جدة، ط1 1406هـ / 1986م

 

(7) الزواج فى الشريعة الإسلامية 33

 

(8) انظر : المغنى 9/341

 

(9) انظر : الفروق 4/155 ، وانظر : أحكام القرآن 3/102 للجصاص ، المجموع 9/202

 

(10) إعلام الموقعين 2/269

 

(11) انظر : نظرية العرف 24 د . عبد العزيز خياط ، مكتبة الأقصى . عمان د .ط 1397هـ / 1977م ، وانظر : علم أصول الفقه : 991390هـ / 1970م

 

(12) انظر أحكام الزواج فى ضوء الكتاب والسنة 176 د ، الأشقر وانظر فى قضايا الزواج والطلاق 128

 

(13) انظر : مكانة المرأة . . . لأستاذنا المرحوم د . محمد بلتاجى

 

(14) انظر : مجموع الفتاوى 33/18 ، جامع الفصولين 2/34

 

(15) أحكام الأسرة بين الشرع والقانون 53 على عبد الله طنطاوى

 

(16) فالآية وإن نسب إلى ابن عباس – رضى الله عنهما -أنها نزلت فى السلم خاصة – القرطبى 2/1185 إلا أن مالكا لم ير فرقا بين القرض وسائر العقود فى المداينات ، والمهر المؤجل مداينة .

 

(17) انظر تفسير القرطبى 2/1190

 

(18)السابق 2/1191

 

(19)مجموع الفتاوى 32/131

 

(20) السابق 32/34

 

(21) الحديث صحيح : أخرجه مسلم فى باب وجوب امتثال ما قاله دون ما ذكره – صلى الله عليه وسلم – من معايش الدنيا على سبيل الرأى – من كتاب الفضائل وقد أخرجه من حديث عائشة رضى الله عنها برقم 2363 الصحيح بشرح النووى 15/171.

 

(22) الزواج فى الشريعة الإسلامية 78

 

(23) الفتاوى الشرعية 2/55 طبع دار الاعتصام – القاهرة

 

(24) تطبيق الشريعة الإسلامية فى البلاد العربية 217 ، دار النهضة العربية ، الطبعة الثالثة، 1410هـ / 1990م .

 

(25) مجموع الفتاوى 32/131 ، وانظر 33/158

 

(26) انظر : صمن هذا البحث

 

(27 ، 28) الحديث أخرجه الشافعى فى مسنده – كتاب النكاح 2/16 ، وأخرجه الترمذى فى أبواب النكاح – باب ما جاء فى الرجل يسلم وتحته عشرة عارضة الأخوذى 5/60/61 ، وابن ماجة فى كتاب النكاح ، باب الرجل يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة السن 1/628 ، والإمام مالك فى الموطأ – كتاب الطلاق باب جامع الطلاق 2/586 ، والإمام أحمد فى المسند 7/184 .

 

(29) الحديث أخرجه أحمد فى المسند 5/326 ، والدار قطنى فى سننه – كتاب البيوع برقم 228 ، وابن ماجه – كتاب الأحكام – باب من بنى فى حقه ما يضر بجاره . رقم 2340

 

(30) يراجع ما علق به ابن القيم على فقه المسألة فى زاد المعاد ، وانظر : المغنى 9/292 والحديث فى الموضوع الذى مثل به صحيح متفق عليه فقد أخرجه البخارى فى باب غزوة خيبر – كتاب المخازى

 

(31) الثغر والثغرة : كل فرجة فى جبل أو بطن وادٍ فهو أو ص29 هى كل جوبة أو عورة ، والثغرة : الثلمة .

 

يقال : ثغرناهم : أى سددنا عليهم ثلم الجبل ، فاثغرة : موطن المخافة من أطراف البلاد .

 

وعلى السابق تكون الثغرة القانونية هى الثلمة التى لم تسد ، والعورة التى تستغل .

 

(32) الحديث صحيح متفق عليه : أخرجه البخارى فى كتاب المغازى – باب أين ركز النبى – صلى الله عليه وسلم – الراية يوم الفتح ، وفى كتاب الفرائض – باب لا يرث المسلم الكافر وأخرجه مسلم فى كتاب الفرائض فى صحيحه .

 

(33) الحديث أخرجه أبو داود فى باب هل يرث المسلم الكافر من كتاب الفرائض 2/113 كما أخرجه ابن ماجه فى باب ميراث أهل الإسلام من أهل الشرك من كتاب الفرائض 2/912 كما أخرجه أحمد فى سنده 2/178 .

 

(34) انظر المحلى لابن حزم 9/322 مسألة رقم 1756 .

 

(35) الحديث صحيح فقد أخرجه البخارى فى باب ما قيل فى درع النبى – صلى الله عليه وسلم – من كتاب الجهاد والترمذى فى باب ما جاء فى الرخصة فى الشراء إلى أجل من أبواب البيوع العارضة 5/219 ، والنسائى فى باب مبايعة أهل الكتاب من كتاب البيوع المجتبى 7/267 .

 

(36) انظر : الوجيز فى التأمينات الاجتماعية 232 .

 

(37) انظر : الوجيز فى التأمينات الاجتماعية 232 .

 

(38) انظر : الوجيز فى التأمينات الاجتماعية 246 د . أحمد حسن البرعى

 

(39) الحديث أخرجه البخارى بلفظ ( المؤمنون ) بدل ( المسلمون ) فى باب أجر السمسرة من كتاب الإجارة ، وأخرجه أبو داود فى كتاب الأقضية – باب فى الصلح السنن 20/273

 

(40) الحديث أخرجه البخارى بلفظ ( المؤمنون ) بدل ( المسلمون ) فى باب أجر السمسرة من كتاب الإجارة ، وأخرجه أبو داود فى كتاب الأقضية – باب فى الصلح السنن 20/273

 

(41) الزواج فى الشريعة الإسلامية 78

 

(42) الفتاوى الشرعية 2/55 للشيخ حسين مخلوف ، دار الاعتصام

(43) انظر : بدائع الصنائع 4/54 ، ومغنى المحتاج 3/458 وكشاف القناع 5/502 ، وشرح منتهى الإرادات 3/251

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر