أبحاث

الدين ودافعية الانجاز : دراسة نفسية مقارنة لمستوى دافعية الإنجاز

العدد 55- 56

مقدمة

يمثل الدين أحد المتغيرات الثقافية الأساسية ، التى تسهم فى تشكيل النواتج السلوكية المتنوعة ، والتى تمارس ضبطا يتباين فى شدته ، على المشاعر والأفكار والأفعال الصادرة عن الأفراد – على المستوى الصريح أحيانا والضمنى أحيانا أخرى ، فى مجتمعنا بوجه خاص ، وفى بلدان العلم العربى والإسلامى بوجه عام .

وكما يوضح اريك فروم ، فإنه لا توجد – بكل تأكيد – حضارة فى الماضى ، ويبدو أنه لا يمكن أن توجد حضارة فى المستقبل ، دون أن يكون لها دين . والدين بمعناه الواسع ، أى مذهب للفكر والعمل ، تشترك فيه جماعة ما ، ويعطى الفرد إطاراً للتوجيه وموضوعا للعبادة (فروم ، 1977 ،ص 20)

وعلى الرغم من أننا لا نستخدم الدين بهذا المعنى الواسع لأننا نقتصر هنا على دراسة نمطين من الديانات السماوية ( غير الوضعية) ، فإن ما نريد التأكيد عليه ، هو أن الدين يمنح الإنسان توجهاً حيال الأشياء والوقائع المتباينة فى بيئته ، وأن ثمة مقولات عامة ، أو تصورات شائعة أو فروض مطروحة ، حول قيمة التدين فى دفع عملية الإنجاز بكافة أشكاله ، ومدى الفروق بين الأقلية والأغلبية فى مجتمع ما – من ناحية دينية – ، فيما يتعلق بمستوى الأداء الإنجازى أو الكفاءة المهنية أو التوجهات حيال أنماط متباينة من الإنجاز . أضف الى ذلك مدى فاعلية عامل التعصب من قبل الأغلبية تجاه الأقلية . أو العكس فيما يتعلق بمستوى الميل والأداء الإنجازى .

وعلى مستوى آخر ، ترجع أهمية دراسة الإنجاز وخصائصه إلى ارتباطه الوثيق بالنمو الاقتصادي والاجتماعى للأفراد والمجتمعات . وهو ما أكده ماكليلاند – فى بداية السبعينات – من حيث تباين المجتمعات فى شعورها العام ، بالحاجة إلى بذل الجهد للعمل الاقتصادى ، وأن المجتمعات التى يزداد فيها هذا الشعور ، تنتج نوعاً من المنظمين الاقتصاديين العاملين بالسوق ذا رغبة دافعة وملحة للعمل والكسب وأن هؤلاء المنظمين ، يكونون فى العادة ، هم الأساس فى دفع عجلة التنمية الاقتصادية السريعة ( ماكليلاند ، 1975،ص1) .

وبشكل عام ، يمكننا أن نشير إلى عدد من النقاط التى تمخضت عنها بحوث ديفيد ماكليلاند وهو أحد الرواد الأوائل فى دراسات الإنجاز – والتى تمثل إطاراً مرجيعيا حافزاً لمزيد من الفحص فى هذا المجال ، فيما يلى :

(1) أن قيم الآباء وتمثل أو تبنى آرائهم الدينية يؤثر فى أساليب تنشئة الطفل ، وبالتالى فى مستوى الحاجة للإنجاز لديه .

وكمثال على ذلك ، فقد أدى الاصلاح البروتستانتى فى القرنين السادس والسابع عشر – وهى الفترة التى أصبح فيها كثير من المسيحين ضد الكنيسة الكاثولوكية القوية فى روما – إلى تغير فى أساليب تربية الطفل ، أفضت لزيادة الحاجة للإنجاز ، ومن ثم لظهور الثورة الصناعية (ماكليلاند – 1975،ص 201 ) .

(2) أن ثمة فروق بين الطوائف الدينية والعنصرية المختلفة فى اتجاه تفوق اليهود والبروتسانت والبيض على الكاثوليك والزنوج فى المجتمع الأمريكى ، فيما يتعلق بمستوى الدافعية للإنجاز ( نفس المرجع) .

(3) نقطة ثالثة هامة ، تتمثل فى تأكيد ماكليلاند على قابلية الأقليات لارتفاع معدل الاستنارة الإنجازية لديهم ، إذا واجهوا تعصبا من الأغلبية ، والعكس صحيح ، حيث يقرر ثمة تفسير شائع بأن الناس يظهرون خاصية الحاجة العالية للإنجاز عندما يكونون ضحايا للتعصب الاجتماعى إذا إنهم فى تلك الحالة ، يريدون أن ينجزوا ، حتى يعوضوا الوضع الدونى الذى فرض عليهم .

(ماكليلاند ،1975، ص 196) .

وعلى الرغم من أنه من غير المتاح وفقا لمحدودية الجهد والإمكانية اللازمة مراجعة النتائج المتعلقة بالأقليات اليهودية والدينية الأخرى فى إطار المجتمع الأمريكى ، فإننا نقتصر فى هذا البحث على فحص الافتراض المتعلق بإمكانية تباين مستوى الإنجاز بين الأغلبية المسلمة والأقلية المسيحية فى مجتمعنا ، وما يشاع أحيانا عن وجود تعصب ضمنى ، يمكن أن يفضى إلى تفوق نسبى لتلك الأقلية على الأغلبية فى مجالات الأداء المتنوعة ، كرد فعل لتعويض الوضع الدونى الذى قد يٌفرض عليها .

(1) – مشكلة البحث :

تحاول هذه الدراسة الإجابة على السؤال التالى :

هل يمكن أن يفضى التحدى الضمنى أو المفترض الذى قد تشعر به الأقلية المسيحية فى المجتمع المصرى – فى مواجهة أغلبية مسلمة إلى أن تغدو أكثر إنجازاً على مستوى الدافع والأداء ( التحصيل الأكاديمى) وكذا بعض الخصائص المعرفية والمزاجية المرتبطة بهذا التوجه ؟

(2) فروض البحث :

وفقا لمحدودية المعلومات المتاحة لنا فى هذا الصدد ، خاصة فى مجتمعنا ، فإننا سنتجنب طرح فروض موجهة للإجابة على السؤال – مشكلة البحث – ومن ثم نميل لطرح الفرضين الصفريين التاليين :

ـ لا توجد فروق ذات دلالة بين المسلمين والمسيحين ، فيما يتعلق بالخصائص المعرفية والمزاجية المنوطة بالإنجاز والمستهدفة فى البحث

(3) المفاهيم والأدوات :

سنعرض هنا للمفاهيم الأساسية فى البحث والأدوات التى استخدمت لقياسها كما يلى :

أ- مفهوم الإنجاز :

وقد تعامل الباحث مع هذا المفهوم باعتباره متضمنا للإنجاز من حيث إنه أداء (تحصيل أكاديمى) ودافع (ميل للإنجاز) وسمة شخصية كما مركبة . ويتحدد الدافع للإنجاز على أنه استعداد الفرد للسعى فى سبيل الاقتراب من النجاح ، أو تحقيق هدف Atkinson ,1964 ) ). كما  يشير الإنجاز للرغبة أو الحاجة للإحساس بالفخر والاعتزاز عند إتمام عمل أو إنجاز أداء ناجح Ferguson , 1976.305) ) ويمثل الشعور بحالة من الإشباع من خلال الإنجاز ومحاولة الاستمتاع بالنجاح ، جوانب أساسية لدافع الإنجاز . وقد تم قياس هذا المتغير باستخدام مقياس مهرابيان للميل للإنجاز ، حيث يعتبر أحد المقاييس الواعدة فى قياس الدافعية للإنجاز (Lawrence ,1983,p . 44 ) كما يتسم بقدر كبير من الصدق ، والخصوبة الارتباطية مع بعض المتغيرات المتعلقة بالإنجاز(Meharbian , 1969) ويمثل الإنجاز باعتباره أداء ـ فى هذه الدراسة ـ فى مستوى التحصيل الأكاديمى . ويرجع ذلك إلى أن التحصيل الأكاديمى يعتبر أحد المتغيرات التى تخطى باهتمام الباحثين فى مجال دافعية الإنجاز ، إلى حد قول البعض ، بأنه يمثل تعبيراً مباشراً عن شدة الدافع أو مستواه ( الأعسر، 1983، ص 6)

و قد تم قياس هذا التغيير من خلال الدرجة الكلية للتحصيل الدراسى للأفراد عينة البحث فى امتحان نهاية العام الجامعى مايو 1985 م .

وفيما يتعلق بالإنجاز باعتباره سمة شخصية مركبة ، فقد تم قياسه من خلال استخبار قام الباحث بتصميمه (حسن ، 1986) حيث افترض أن الإنجاز يمثل سمة شخصية مركبة وتتضمن أو ترتبط بخصائص معرفية ومزاجية معينة ، انتهت إليها نتائج البحوث فى هذا الصدد . وقد تم تمثيلها فى استخبار تم إعداده وفقا لشروط سيكومترية معتمدة ، ومراحل متدرجة من حيث البناء والتكوين (انظر حسن ،1986، ص 118).

ب – الخصائص المعرفية والمزاجية :

وتتمثل فى بعض السمات التى تتسم بقدر من الاستقرار والرسوخ النسبى فى الشخصية وتسهم فى تشكيل سلوك الأفراد وتوجهاتهم المتنوعة ، وهى كما يلى (( الحاجة للمعرفة ، الميل للتيقن ، الذكاء ، المرونة ، الطلاقة ، الأصالة ، تأكيد الذات ، الجاذبية الاجتماعية ، الحساسية الأخلاقية )) .

وفيما يلى تعريف لكل خاصية والأداة المستخدمة لقياسها :

– الحاجة للمعرفة   Need for Cognition:

وتشير إلى ميل الفرد للانخراط أو الاستمتاع بمحاولات البحث المعرفى حيث تفترض بحوث الحاجة للمعرفة أن هذه الخاصية ذات قيمة تنبؤية بالكيفية التى يتعامل من خلالها الناس مع المهام والمعلومات الاجتماعية المطروحة عليهم .

ولرصد هذا المعنى ، تم تعريف واستخدام مقياس الحاجة للمعرفة ، والذى صممه كاكيبو وبيتى . ( انظر حسن ،1986) (Cacioppo petty، 1984؛( P 306.

Certainty Orientation الميل للتيقن :

ويعنى ميل الأشخاص لعدم الاهتمام باكتشفات معلومات حول ذواتهم ، أو حول عالمهم واهتمامهم الضعيف بالبحث عن أسباب ما يحدث فى بيئهم ، أو عدم مقارنة ذواتهم الاجتماعية من خلال الآخرين وعدم تحمسهم لحل المتناقضات وأشكال عدم الاتساق الذاتى .

وقد استخدم لقياس هذا التغير ، مقياس التسلطية لييرن ولامبى ت وفقا لما أفضى له من دلالات مقبولة فى هذا الاتجاه ، ومن خلال دراسات

) ( انظر حسن ،1986) . Short  (1984,Sorrentionسورنتينو وشورت

الذكاء Intelligence :

ويشير هنا إلى (( القدرة العقلية العامة التى تساعد على التحصيل وحسن التكيف ، وقد استخدامنا مقياس المتشابهات لقياس هذا المتغير لما له من دلالة ارتباطية بالدرجة الكلية للذكاء على مقياس ويكسلو (السيد ،1980،ص 145)

– المرونة التلقائية Flexibility:

ويشير هذا المتغير إلى استعداد أو ميل لدى الشخص يمكنه من الوصول إلى عدد متنوع من الإجابات أو المعلومات المثيرة متحرراً من الضرر الذاتى . ويكشف هذا الاستعداد عن نفسه من خلال الانتقال من فئة إلى أخرى من فئات الاستجابة ، فهو يقف كمقابل للقصور الذى يكشف عن نفسه من خلال التركيز على فئة واحدة من فئات الاستجابة (حسن ،1982، ص 53) .

وقد استخدمنا صورة مختصرة لمقياس الاستعمالات الذى وضعه جليفورد لقياس هذا المتغير (انظر حسن ،1986) .

الطلاقة الفكرية Flueny:

وتعنى القدرة على إنتاج عدد كبير من الأفكار أو الألفاظ فى وقت محدد ، أو هى السهولة والسرعة التى يتسم بها استدعاء تداعيات (فكرية – لفظية) متوفر فيها شروط معينة (حنورة ، عيسى ، 1984) واستخدام لقياسها أيضا مقياس الاستعمالات .

الأصالة Originality:

ويشير هذا المفهوم إلى (( القدرة على إنتاج جديدة أو طريفة ( حنورة ،1984،ص 116) وقد استخدام اختبار المترتبات لجليفورد واختبار المترابطات البعيدة لميدنك ، لقياس هذا المتغير (حنورة ، 1984) .

تأكيد الذاتSelf-assertion :

ويعنى هذا المفهوم بوجه عام ، حرية التعبير الانفعالى ، وحرية الفعل ، سواء كان ذلك فى الاتجاه الإيجابى ، اتجاه التعبير عن الأفعال والتغيرات الانفعالية الإيجابية الدالة عن الاستحسان والتقبيل وحب الاستطلاع ، والاهتمام والحب ، والود والمشاركة ، والصداقة والإعجاب ، وفى الاتجاه السلبى ، أعنى إظهار الأفعال والتعبيرات الدالة على الرفض وعدم التقبل والغضب والألم والشك والأسى .( الطيب ،1982،ص 177) .

وقد تم قياس هذا المتغير من خلال مقياس ويلوبى لتأكيد الذات (انظر حسن ،1986) .

الجاذبية الاجتماعية Social desirability:

يشير هذا المتغير – وفقا لتعريف مارلو كروان (Marlowe؛ Crowne ,1961) إلى الحاجة للاستحسان والتقبل الاجتماعى ، والاعتقاد بأن ذلك يمكن تحقيقه بواسطة أشكال السلوك المناسبة والمقبولة ثقافيا (( وقد استخدم لرصد هذا المتغير مقياس مارلو – كروان للجاذبية الاجتماعية بعد أن قمنا بتعريفه (انظر حسن ، 1986) .

الحساسية الأخلاقية Moral sensitivity:

وتعنى مدى حساسية أو قدرة الشخص على إصدار أحكام أخلاقية على مواقف مشبوهة أو تتسم بالجدل من الناحية الأخلاقية لرصد هذا المتغير (انظر حسن ،1986) Rettig 1961) )

وفيما يتعلق بمدى ثبات هذه الاختبارات ، فقد قمنا بحساب معامل ثبات إعادة التطبيق والقسمة النصفية ، وكلها مقبولة إلى حد كبير . ومن حيث الصدق ، فإنه يترجح من خلال الدراسات والارتباطات الملائمة لهذه المقاييس فى دراسات سابقة (حسن ،1986) .

(4) عينة البحث :

تكونت عينة البحث من (132) طالبا وطالبة جامعيين (85مسلمون و47مسيحيون) يدرسون بأقسام الفلسفة وعلم النفس (الفرقة الثالثة والرابعة) والاجتماع (الفرقة الثانية) بكلية الآداب – جامعة المنيا ، ومتوسط عمرى20،5  وانحراف معيارى 1،3.

وربما كان طواعية عينة الطلاب لمتطلبات البحث ، فضلا عن سهولة الحصول على هذا العينة وإمكانية اتخاذ إجراءات الضبط اللازمة عليها ، الدافع الكامن لاختيارها .

(5) إجراءات التطبيق :

قام الباحث بتطبيق الاختبارات الخاصة بالبحث ، والمكونة من أحد عشر اختباراً على جلستين فى نفس يوم التطبيق – تراوح المدى الزمنى لكل جلسة ما بين ساعة ونصف ، إلى ساعتين ، وذلك فى الفترة من 20/3 إلى 25/3/1985

(6) المعالجة الإحصائية :

للتحقق من صحة فروض البحث ، تم استخدام المعاملات الإحصائية التالية :

(1) المتوسطات والانحرفات المعيارية لأداء مجموعتى المسلمين والمسيحين على مقاييس الإنجاز والشخصية موضوع البحث .

(2) تحليل التباين المزدوج من خلال التقسيم الثلاثى لأداء أفراد كلا المجموعتين على مقاييس البحث واستبعاد مجموعة المتوسطين فى الأداء حيث قمنا بإجراء تحليل تباين لمجموعتى المسلمين والمسيحين فى الأداء على مقاييس الدراسة ، المرتفعون والمنخفضون ، مع استبعاد المجموعة المتوسطة حيث تبدو البيانات المتعلقة بها ، غير متسقة عبر المقاييس المتنوعة ، ولا تبدو دائما متوسطة بالنسبة لجماعات المحك المتطرفة . (حسن ،1986) ( 1984,  Sorrention Short 1977)

النتائج

(1) نتائج اختبار ((ت)) لدلالة الفروق بين متوسطات أداء مجموعتى المسلمين والمسيحين على مقاييس الدراسة .

جدول رقم (1)

المتوسطات والانحرافات المعيارية وقمة ت لدلالة الفروق بين متوسطات أداء مجموعة المسلمين والمسيحين على مقاييس الدراسة .

قيمة ت مسيحيون = 47 مسلمون = 85 متغيرات الدراسة م
  ع م ع م    
57، 12،3 104،6 103،6 9،6 التحصيل الأكاديمى 1
1،5 16 189،5 194 18،5 الميل للانجاز 2
2،1 17 136،2 142،2 16،3 الشخصية الانجازية 3
2،5 9،7 9،5 2،7 الحاجة للمعرفة 4
97، 4،4 12،3 11،6 -،4 الذكاء 5
01، 6،4 82،3 82،4 7،7 الميل للتيقن 6
4،6 3،6 14،2 11،8 2،9 الجاذبية الاجتماعية 8
1،5 68،9 272،8 252،7 78،2 الحساسية الأخلاقية 9
1،8 2،2 2،2 2،5 2،3 المرونة 10
1،75 2،7 6،6 5،9 2،- الطلاقة 11
1،6 5،4 12،3 17،7 5،3 الاصالة (ترابطات) 12
1،6 5،4 16،8 16،5 5،2 الطلاقة 13
1،2 2،9 4،5 3،9 3 الاصالة 14

د . ح  130 دلاله  05،   1،98

01،      2،6

يتضح من خلال فحصنا لنتائج (( ت)) المعروضة بالجدول مايلى :

(1) توجد فروق جوهرية بين المسلمين المسلمين والمسيحين فيما يتعلق بالإنجاز كسمة شخصية فى اتجاه تفوق المسلمين على المسيحين .

(2) توجد فروق دالة أو جوهرية بين المسلمين والمسيحين فيما يتعلق بمتغير الجاذبية الاجتماعية أو الميل للاستحسان الاجتماعى ، فى اتجاه تفوق المسيحين على المسلمين .

(3) لا توجد فروق ذات دلالة بين كلا المجموعتين فيما يتعلق بمتغيرات الإنجاز الأخرى ( الميل للإنجاز والتحصيل الأكاديمى) وكذا متغيرات الشخصية الأخرى .

وللحصول على فروق أكثر وضوحا قمنا بعد استبعاد مجموعة المتوسطات فى الأداء على مقاييس البحث ، بإجراء تحليل للتباين المزدوج المتغير الدين (مسلمون – مسيحيون) كمتغير مستقل أساسى مع متغيرات الدراسة الأخرى ( مرتفعون – منخفضون) كمتغيرات تابعة ، وتم التعامل مع كل متغير كحالة مستقلة ، وفيما يلى نتائج هذا الإجراء .

ب- نتائج تحليل التباين المزدوج :

سنقتصر هنا على عرض النتائج الدالة فقط ، التى تمثلت فى أربعة متغيرات هى ( الميل للإنجاز ، الشخصية الإنجازية ، الجاذبية الاجتماعية ، الحساسية الأخلاقية ) .

جدول رقم (2)

(نتائج تحليل التباين لتغير الدين)

ومحك الميل للانجاز

ف متوسط المربعات د . ح مصدر التباين
16،6 947 1 الدين
586 37498 1 الشخصية الإنجازية
5 285 1 التفاعل
  57،2 86 الخطأ

جدول رقم (3)

(نتائج تحليل التباين لمتغير الدين)

والشخصية الانجازية

ف متوسطات المربعات د . ح مصدر التباين
10،9 1238 1 الدين
283،5 32209 1 الشخصية الإنجازية
8،2 928 1 التفاعل
  113،6 75 الخطأ

جدول رقم (4)

(نتائج تحليل التباين لمتغير الدين)

والجاذبية الاجتماعية

ف متوسطات المربعات د .ح مصدر التباين
6،5

 

39 1 الدين
126،2 757 1 الجاذبية الاجتماعية
24،9 162 1 التفاعل
  6 92 الخطأ

. أجريت العمليات الإحصائية على الحاسب الآلى – بمركز الحساب العلمى بجامعة عين شمس .

. تم التقاضى عن دلالة النسبة الغائبة للمتغيرات التابعة عموما (الأعمدة) لأننا معنيون أساسا بتأثير درجات المتغير التابع ومن ثم فإن ارتفاع قيمة الأعمدة يعنى تحصيل حاصل . بينما تغدو دلالة ف للمتغيرات المستقلة . أمراً جديرا بالاهتمام ، وكذا مستوى التفاعل بينهما .

تم استخدام معادلة المتوسط ونصف الانحراف المعيارى ( م + 1_ع) للتميز بين مجموعتين المرتفعتين والمنخفضين على محكات الإنجاز إحصائى معتمد فى كثير من البحوث ( فرج ، 1980) .

مستوى دلالة ف 05، = 014، = 7،2

جدول رقم (5)

(جدول تحليل التباين لمتغير الدين)

ومحك الحساسية الاخلاقية

ف متوسطات المربعات د .ح مصدر التباين
20،9 20294 1 الدين
671 658256 1 الحساسية الأخلاقية
20،4 20010 1 التفاعل
  98009 82 الخطأ

وتكتشف نتائج تحليل التباين المزدوج لأداء مجموعتى المسلمين والمسيحين على مقاييس الدراسة المتنوعة عما يلى :

(1) تأكيد دلالة الفروق التى كشف عنها اختبار ((ت))  فيما يتعلق بمتغيرى الشخصية الإنجازية والجاذبية الاجتماعية .

(2) بروز الفروق بين المجموعتين لمستوى دلالة واضح ، فضلاً عن دلالة التفاعل بين متغير الدين ومتغيرات (( الميل للإنجاز والحساسية الأخلاقية ، كما يتضح من متوسطات أداء المجموعتين فى جدول رقم (1) .

(3) عدم وجود تباين دال بين متغير الدين ومتغير التحصيل الأكاديمى أو الإنجاز باعتباره أداء .

مناقشة النتائج

توضح لنا نتائج هذا البحث – بشكل محدد ما يلى :

(1) وجود تباين  دال لمستوى الميل للإنجاز ( أو الإنجاز باعتباره دافعا ) مع متغير الدين فى اتجاه تفوق المسلمين على المسيحين ، يدعم ذلك وجود فروق دالة وتباين دال أيضا لمتغير الشخصية الإنجازية ( أو الإنجاز كسمة شخصية ) فى نفس الاتجاه .

(2) عدم وجود أية فروق أو تباينات ذات دلالة لمتغير التحصيل الأكاديمى ( أو الإنجاز باعتباره أداء ) مع متغير الدين .

(3) اتضح أيضا أن المسيحين أكثر اهتماما بالميل للاستحسان الاجتماعى وما يتبعه من حساسية أخلاقية مفترضة أو وسيلية لتحقيق ذلك .

وبشكل عام ، توصى هذه النتائج ، بإعادة النظر فى صحة الزعم القائل بوجود نوع من التعصب أو التحدى ضد الأقلية المسيحية فى مجتمعنا . حيث لم تكشف هذه الأقلية عن تزايد يذكر فى الاستثارة الإنجازية لحد التفوق على الأغلبية ، سواء على مستوى الإنجاز باعتباره أداء ( تحصيل اكاديمى) أو باعتباره دافعا (ميل للإنجاز) أو كسمة شخصية مركبة ( الشخصية الإنجازية)

ويمكن تفسير هذه النتيجة فى ضوء عديد من الاعتبارات تتمثل فيما يلى :

أ – أن مفهوم الأغلبية و الأقلية مفهوم نسبى الدلالة أو المحتوى فقد تكون الأقلية (عدداً) أقلية وفقا للمعنى السابق . كما هو الحال بالنسبة لدوال مثل إسرائيل وجنوب أفريقيا … الخ ، حيث تمارس الأقليات فى هذه المجتمعات اضطهادا وتعصبا حيال الأغلبية . ومن ثم يبدو هذا المعنى بحاجة للضبط أو أن يوضع فى الاعتبار عند تفسيرنا لهذه النتيجة .

ب – وربما كان الأمر راجعاً لاحتمالية أن التفوق العددى والمعنوى للأغلبية يمثل تحدياً كبيرا وطاغيا بالنسبة للأقلية ومن ثم فعلى الرغم من توافر مستوى معقول من الميل للإنجاز إلا أنه فى ظل هذه الظروف تكون الاستجابة أو الأداء الإنجازى ، أقل بعض الشئ

( ماكليلاند ،1975 ، ص 190) .

ج – ومن ناحية ثالثة ، ربما كان الأمر لاعلاقة له بالتعصب ، فالتعصب كمحك للتفسير ، يكتنفه بعض الصعوبات التى تتمثل فى إمكانية استخدامه كعملة ذات وجهين . فقد يقضى تعصب الأغلبية ضد الأقلية ، إلى تعصب مضاد يكون له نفس الأثر المتوقع من حيث تزايد مستوى الاستثارة الإنجازية لدى الأغلبية كما هو متوقع لدى الأقلية (حسن ، 1986ص 226) .

ومهما يكن من أمر ، فإن نتائج البحث توصى بعدم صحة الفرض الأول ، فيما يتعلق بالإنجاز باعتباره أداء ( التحصيل الأكاديمى ) ، كما تشير إلى صحة الفرض الثانى باستثناء متغيرى الجاذبية الاجتماعية والحساسية الأخلاقية ) .

وبوسعنا فى النهاية نشير إلى نقطتين هامتين ، تتمثلان فيما يلى :

(1) ضرورة إجراء هذه الدراسة على عينات يبدو التوجه الدينى لديها واضحا على مستوى السلوك والممارسة وملاحظة الفروق فى الاستجابة على مقاييس البحث ، فربما تكون دلالات النتائج أكثر وضوحا .

(2) محاولة اختيار الفرض الذى طرحه ماكليلاند ، والذى يعبر عن تصور شائع فى مجتمعنا ، حول اتجاه الأقلية لممارسة الأعمال المهنية والاقتصادية التى تمثل عصب الإنتاج والحركة فى المجتمع وذلك من خلال دراسة مسحية مقارنة لعينة من أبناء المجتمع . حيث أوضح ماكيلاند (( أنه إذا كانت جماعة الأقلية ذات مكانة طبقية متوسطة ، وتتسم بحاجة مرتفعة للإنجاز مع تطلع شبابها المرتفعين فى الإنجاز لمهن ذات مكانة عالية أو أوضاع قيادية سياسية أو حكومية وأنهم يحرمون من الالتحاق بمثل هذه المهن ، بسب التعصب الاجتماعى ، فإنهم قد يلجأون للاشتغال بالأعمال التجارية والصناعية كأفضل بديل للإنجاز المرتفع ، وبهذا يمكن تفسير كون النسبة العالية من قادة رجال الأعمال فى دول كثيرة ، من الأقليات (ماكيلاند ،1975 – ص169 ) .

المراجع

– الأعسر وآخرون ( صنعاء ،1983) :

دراسة استطلاعية للعلاقة بين دافعية الإنجاز وبعض المتغيرات العقلية والشخصية والاجتماعية – فى المجتمع القطرى .

الدوحة : مركز البحوث التربوية – جامعة قطر .

– السيد ( عبد الحليم – 1980) :

الأسرة وإبداع الأبناء ، القاهرة دار المعارف .

– الطيب (محمد عبد الظاهر – 1982) : مقياس تأكيد الذات ، فى

أحمد عبد الخالق (محرر) بحوث فى السلوك الشخصية ، ج 2 الإسكندرية :

دار المعارف ص ص  173-  185.

– حسن ( حسن على – 1986) :

الشخصية الإنجازية وبعض سماتها المعرفية والمزاجية ، دكتوراه غير منشورة ، إشراف أ . د عبد الهادى أحمد الجوهرى ، أ . د مصرى عبد الحميد حنورة كلية الآداب – جامعة المنيا .

– حنورة (مصرى) عيسى (حسن)   1984: الفروق فى الأصالة والطلاقة لدى مجموعتين من طلاب الجامعة المصريين والكويتين : دراسة نفسية حضارية مقارنة ، المجلة التربوية (3) كلية التربية جامعة الكويت ، الكويت ، ص ص 109-  125.

– حسين ( محيى الدين أحمد – 1982) : العمر وعلاقة بالإبداع لدى الراشدين ، القاهرة : دار المعارف .

– فروم (اريك – 1977) الدين والتحليل النفسى ، ترجمة فؤاد كامل ، القاهرة : مكتبة غريب .

– فرج ( صفوت – 1980) : الفروق بين الانبساطيين والانطوائيين فى الأحكام الأخلاقية القاهرة : المؤتمر الدولى الخامس للإحصاء ، القاهرة : 29 مارس – 3 أبريل .

– ماكليلاند ( ديفيد – 1975) مجتمع الإنجاز : الدوافع الإنسانية للتنمية الاقتصادية ترجمة : أ . د عبد الهادى أحمد الجوهرى ، سعيد فرج : القاهرة : نهضة الشرق .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر