أبحاث

دور البنوك الإسلامية في التنمية الاجتماعية

العدد 37

تمهيد: البنوك الإسلامية ظاهرة جديدة.. ومن طبيعة الظواهر الجديدة أنها تغري الباحثين بدراسة وتقصي كل ما يحيط بها من جوانب وأعماق وأبعاد.

ومن الصحيح أن الظواهر الجديدة لا تتوفر لها بسهولة متطلبات البحث العلمي من بيانات دقيقة وإحصاءات تفصيلية، ولكنه صحيح بنفس المقدار أن الظاهرة الجديدة تقبل المعالجة النظرية لاكتشاف وتحديد نوع وكم البيانات والإحصاءات اللازمة التي تمكن في مرحلة تالية من إخضاع الظاهرة للبحث العلمي المنضبط.

وموقف الباحث من موضوع دور البنوك الإسلامية في التنمية الاجتماعية هو موقف المعالجة النظرية للدور الذي يتصور أن تقوم به البنوك الإسلامية في مجال التنمية الاجتماعية.

ولما كان مفهوم التنمية الاجتماعية في حد ذاته هو الآخر مفهوم جديد بل وغير متفق عليه، وكانت البنوك الإسلامية هي الأخرى ظاهرة جديدة، فإن الباحث سوف يقسم موضوع بحثه إلى الأجزاء الرئيسية الثلاثة التالية:

الجزء الأول ويخصصه الباحث لتناول المفاهيم المتعددة للتنمية الاجتماعية بغية التوصل إلى تعريف لها يسير البحث في إطاره.

الجزء الثاني ويخصصه الباحث للتعريف بالبنوك الإسلامية والوظائف التي تقوم بها من واقع قوانين إنشائها وممارستها الفعلية.

الجزء الثالث ويخصصه الباحث لتحليل وتحديد محاور عمل البنوك الإسلامية في التنمية الاجتماعية وآثار هذه البنوك – منطقياً – في إحداث التنمية الاجتماعية من خلال قيامها بوظائفها وأدائها لأنشطتها.

ويعقّب الباحث بعد هذا العرض بالاشتراطات الموضوعية التي يلزم توفرها لكي تقوم البنوك الإسلامية بالتصور المنطقي الذي يطرحه البحث لدورها في التنمية الاجتماعية.

 

الجزء الأول: مفهوم التنمية الاجتماعية

من الألفاظ الشائعة لفظ نمو ولفظ تنمية، وقد تجدر الإشارة باديء ذي بدء إلى أن النمو يختلف عن التنمية، فحيث يُنظر إلى النمو على أنه عملية تلقائية، تحدث دون أن يتدخل فيها الإنسان، فإن اللفظ العربي للتنمية يشير إلى النمو غير التلقائي أي إلى النمو المتعمد الذي يتم عن طريق الجهود المنظمة التي يقوم بها الإنسان لتحقيق أهداف معينة.. وهكذا يمثل تدخل الإنسان فارقاً بين الاصطلاحات كالفارق بين مصطلح التطور والتطوير والتغير والتغيير1.

وقد ظل مصطلح التنمية فترة طويلة مقصور الدلالة إلى حد كبير على التنمية في المجالات الاقتصادية المباشرة، حيث لم يتجاوز مصطلح التنمية المجالات الاقتصادية إلى الميادين الاجتماعية والنفسية والعقلية2، ولذلك فإننا نلاحظ أن علماء الاقتصاد قد سبقوا غيرهم من المتخصصين في العلوم الأخرى إلى دراسة هذا الموضوع، وكان الاتجاه الواضح في المراحل الأولى للدراسة التركيز على الجوانب الاقتصادية والتكنولوجية وحدها، وأسفر ذلك عن إهمال الجوانب الاجتماعية في دراسات التنمية الاقتصادية على أنها متغير مستقل، وهي السبيل إلى إحداث التقدم الاجتماعي، أما التنمية الاجتماعية فليست إلا متغيراً تابعاً أو لاحقاً3.

ومع تطور الدراسات التاريخية والحضارية المقارنة، أدرك المفكرون الاقتصاديون حقيقة الترابط بين الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، فمما لا شك فيه أن التنمية الاقتصادية تؤدي إلى جانب وظيفتها الاقتصادية وظيفة أخرى اجتماعية حيث أنها في المدى البعيد تستهدف رفاهية الإنسان ورفع مستوى معيشته، والتنمية الاجتماعية تؤدي إلى جانب وظيفتها الأساسية وظيفة أخرى اقتصادية حيث أنها في المدى البعيد تهدف إلى تحقيق أقصى استثمار ممكن للطاقات والإمكانيات البشرية الموجودة في المجتمع، كما أدرك كذلك المفكرون الاقتصاديون عدم إمكان حدوث التنمية الاقتصادية في فراغ أو من فراغ، وأن حدوثها وتحقيقها لنتائجها يقتضي سيرها مع التنمية النفسية والعقلية للأفراد جنباً إلى جنب4.. وهكذا بدأت محاولات إدخال المتغيرات الاجتماعية مع المتغيرات الاقتصادية في إطار نظري متكامل… نذكر من تلك المحاولات فكرة الحلقة المفرغة للفقر، ومبدأ العملية الدائرية التراكمية (G. Myrdal)، ونظرية روستو عن مراحل النمو الاقتصادي، ونظرية هاجن عن التغير الاجتماعي والتنمية الاقتصادية.

تعريف مصطلح التنمية الاجتماعية:

حتى اليوم مازال مصطلح التنمية الاجتماعية غير محدد المعالم، ومن طريف ما يرد في هذا الصدد ما قاله د. أحمد خليفة ((… وأعتقد أنني أستطيع أن أعد بأننا لو تركنا أنفسنا لمتعة الجدل في تعريف التنمية الاجتماعية لكي نصل إلى راي يقنعنا جميعاً فسوف ينفض عنا هذا المؤتمر قبل أن نصل إلى تعريف للتنمية الاجتماعية نستطيع أن نجمع عليه))5.

وعلى الرغم من ذلك ولكي نمضي قدماً في بحثنا، فإننا مطالبون بأن نصل إلى تعريف للتنمية الاجتماعية، حتى نستطيع أن نتبين دور البنوك الإسلامية في احداثها وتحقيقها.

يعرف بعض المفكرين الاجتماعين التنمية الاجتماعية بأنها عملية توافق اجتماعي، ويعرفها آخرون بأنها تنمية طاقات الفرد إلى أقصى حد مستطاع أو بأنها اشباع الحاجات الاجتماعية للإنسان، أو الوصول بالفرد لمستوى معين من المعيشة، أو أنها عملية تغيير موجه يتحقق عن طريقها إشباع احتياجات الأفراد6.

ويختلف تعريف التنمية الاجتماعية بحسب المجال الذي توجه إليه التنمية، وبحسب الخلفيات النظرية لواضعي التعريف، ففيما ورد في مناقشات مؤتمر القادة الإداريين المنعقد بالقاهرة (4 فبراير – 2 مارس 1967)7:

نجد أن التنمية الاجتماعية لدى بعض المشتغلين بالعلوم الإنسانية والاجتماعية هي تحقيق التوافق الاجتماعي لدى أفراد المجتمع، بما يعنيه هذا التوافق من إشباع بيولوجي ونفسي واجتماعي.

ولدى المعنيين بالعلوم السياسية والاقتصادية هي الوصول بالإنسان إلى حد أدنى لمستوى المعيشة لا ينبغي أن ينزل عنه باعتباره حقاً لكل مواطن تلتزم به الدولة.

ولدى المصلحين الاجتماعيين تعني التنمية الاجتماعية توفير التعليم والصحة والمسكن الملائم والعمل المناسب لقدرات الإنسان، وكذلك الأمن والتأمين الاجتماعي، والقضاء على الاستغلال وعدم تكافؤ الفرص.

وعند رجال الدين تعني التنمية الاجتماعية، الحفاظ على كرامة الإنسان باعتباره خليفة الله في أرضه، وتحقيق العدالة.

ويقيم بعضهم مثل بيتردي سوتوري تصوره للتنمية الاجتماعية على أنها مرادفة لمفهوم الإرشاد التربوي8.

كما يعرفها البعض على أنها هي العملية التدريجية لتطوير وتنمية أهالي المجتمع المحلي بواسطة الموارد الفنية والمالية والحكومية، وأن عملية التنمية الاجتماعية تستهدف العمل مع الجماهير من خلال ثقافتهم تحقيقاً لدفع العمل الإنمائي من الداخل9.

وفي تقرير إدارة الشئون الاقتصادية والاجتماعية بهيئة الأمم تعرّف التنمية الاجتماعية بأنها عملية تربوية تنظيمية، ذلك أنها في نهاية الأمر مجموعة من الإجراءات لتطوير الاتجاهات الاجتماعية لدى الأهالي وتشجيعهم على تقبل الأفكار الجديدة واكتساب المعلومات النافعة والمهارات العملية سواء بالنسبة للأفراد أو الجماعات.. حيث يمثل كل هذا أبعاداً أساسية في سبيل التوصل إلى عملية الانطلاق الذاتي10.

تلخيص واستخلاص:

لو أننا نظرنا إلى التعريفات السابقة نظرة تحليلية، لوقفنا على عدد من الاتجاهات في التعريف بالتنمية:

الاتجاه الأول: ويرى أصحابه أن اصطلاح التنمية الاجتماعية مرادف لاصطلاح الرعاية الاجتماعية بالمعنى الضيق لمفهوم الرعاية11.

الاتجاه الثاني: يطلق أصحابه اصطلاح التنمية الاجتماعية على الخدمات الاجتماعية التي تقدم في مجالات التعليم والصحة والإسكان والتدريب المهني وتنمية المجتمعات المحلية12.

الاتجاه الثالث: يرى أصحابه أن التنمية الاجتماعية عبارة عن عمليات تغيير اجتماعي تلحق بالبناء الاجتماعي ووظائفه بغرض إشباع الحاجات الاجتماعية للأفراد.

الاتجاه الرابع: يرى أصحابه أن التنمية الاجتماعية لا تتمثل في إحداث تقدم مادي فحسب، ولكنها تتمثل وبالدرجة الأولى في إيجاد القدرة على صنع التقدم واستثارة التغيير نحو الأحسن لدى أفراد المجتمع وتحقيق المشاركة الإيجابية من جانب أبناء المجتمع13.

الاتجاه الخامس: يرى أصحابه أن التنمية الاجتماعية لا تكمن في استحداث تغييرات عميقة في الجوانب المادية لثقافة المجتمع بقدر ما تكمن في استحداث تأثيرات عميقة وإيجابية في بناء الشخصية ونسق القيم وبناء التوقعات ومستويات التطلع ومجالات الاهتمام.

واستشفافاً لما تتضمنه وتستهدفه التعريفات العديدة المختلفة لمفهوم التنمية الاجتماعية، وفي ضوء ما تشير إليه الاتجاهات المختلفة للمفهوم، يمكن تلخيص المسألة في أن هناك عدداً من المحاور تعمل عليها التنمية الاجتماعية وهذه المحاور في مجموعها تمثل المفهوم الذي يقصده تعريف التنمية الاجتماعية. هذه المحاور هي:

تحقيق التوافق الاجتماعي (بمعنى تخفيف حدة الصراع داخل الشخص وبينه وبين البيئة إلى أقل حد ممكن)، وتنمية طاقات الفرد، واكساب وتعميق القيم الروحية بما يؤدي إلى إحداث تأثيرات عميقة وإيجابية في بناء الشخصية وبالتالي في أنماط الممارسات السلوكية، وتأكيد الأمن والتأمين الاجتماعي، وتحقيق العدالة وإتاحة سبيل تكافؤ الفرص، وتعديل الاتجاهات بما يتفق مع القيم الروحية.. كل ذلك في إطار أيديولوجية علوية غير وضعية تستهدف تكريم الإنسان كخليفة الله على الأرض.

ويكاد يكون ذلك المفهوم في التعريف بالتنمية الاجتماعية هو الذي يمثل الاتجاه الغالب في كثير من الكتابات والمناقشات العلمية14.

أما السبيل إلى تحقيق ذلك، فهي كل الوسائل الفعالة القادرة على تحقيق التنمية على مختلف هذه المحاور سواء كانت هذه الوسائل مباشرة أو غير مباشرة، مرئية أو غير مرئية.

ولما كانت الوسائل الفعالة كثيرة وعديدة، فإننا سنقصر حديثنا هنا على البنوك الإسلامية وحدها، كمؤسسة من مؤسسات المجتمع التي تمثل إحدى وسائل إحداث التنمية الاجتماعية وتحقيقها.

الجزء الثاني: التعريف بالبنوك الإسلامية:

للتعرف على دور البنوك الإسلامية في التنمية الاجتماعية، يجد الباحث أن هناك حاجة للتعريف بالبنوك الإسلامية: فكرها، فلسفتها، الوظائف التي تقوم بها، كتوطئة ضرورية لإمكان التعرف على مدى مناسبة البنوك الإسلامية كوسيلة من وسائل التنمية الاجتماعية وبالتالي مدى وحدود الدور الذي يمكن أن تؤديه البنوك الإسلامية في هذا المجال.

تعريف البنك الإسلامي:

كتقديم للتعريف بالبنوك الإسلامية تجدر الإشارة إلى أن الدعوة لإنشاء البنوك الإسلامية كانت تمثل إعلاناً عن رغبة أمتنا الكبرى الإسلامية في أن تقدم للعالم علاجاً للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية التي يواجهها عالم اليوم، واستعداد هذه الأمة الوسط لكي تقوم بدور رائد في بناء مستقبل أفضل للحضارة الإنسانية15.

والبنوك الإسلامية هي مؤسسات مالية تمثل التحرر الحقيقي من بقايا التبعية والخضوع للاقتصاد الاستعماري الرأسمالي الغربي الذي فرض على بلاد المسلمين نظام البنوك الربوية وتركها من بعده تحمل فكرته وتنفذ خطته، والبنوك الإسلامية تمثل في الوقت نفسه تجسيداً حياً ليقظة الأمة الإسلامية. وتثبت أن لها وجوداً إسلامياً حقاً في ذلك الميدان الذي هزمت فيه يوماً أمام الحضارة الوافدة.. وهو ميدان الاقتصاد16.

والبنك الإسلامي هو منشأة مالية تعمل في إطار إسلامي، وتستهدف تحقيق الربح بإدارة المال حالاً بعد حال، وفعلاً بعد فعل إدارة اقتصادية سليمة17.

والبنك الإسلامي هو مؤسسة مصرفية لتجميع الأموال وتوظيفها في نطاق الشريعة الإسلامية بما يخدم بناء مجتمع التكافل الإسلامي، وتحقيق عدالة التوزيع، ووضع المال في المسار الإسلامي18.

والبنوك الإسلامية تضيف الكثير على المهام التقليدية للبنوك التجارية لتجعل من البنك الإسلامي أداة تحقيق وتعميق للأداءات المرتبطة بالقيم الروحية، ومركزاً للإشعاع، ومدرسة للتربية، وسبيلاً عملياً إلى حياة كريمة لأفراد الأمة الإسلامية19.

كما أن الهدف من إقامة البنك الإسلامي هو أنه يقوم بتطبيق نظام مصرفي جديد يختلف عن غيره من النظم المصرفية القائمة في أنه يلتزم بالأحكام القطعية التي وردت في الشريعة الإسلامية في مجال المال والمعاملات، وأنه يضع في اعتباره وهو يقوم بهذه الوظيفة أنه يعمل على تجسيد المبادئ الإسلامية في الواقع العملي لحياة الأفراد، وأنه يعمل على إقامة مجتمع إسلامي عملي، فتعميق الروح الدينية لدى الأفراد يعتبر جزءاً من وظيفته التي يقوم بها على مستوى المجتمع الذي يعمل فيه20.

والبنوك الإسلامية هي أجهزة مالية تستهدف التنمية وتعمل في إطار الشريعة الإسلامية وتلتزم بكل القيم الأخلاقية التي جاءت بها الشرائع السماوية، وتسعى إلى تصحيح وظيفة رأس المال في المجتمع، وهي أجهزة تنموية اجتماعية، مالية من حيث أنها تقوم بما تقوم به البنوك من وظائف في تيسير المعاملات، وتنموية من حيث أنها تضع نفسها في خدمة المجتمع وتستهدف تحقيق التنمية فيه، وتقوم بتوظيف أموالها بأرشد السبل بما يحقق النفع للمجتمع أولاً وقبل كل شيء، واجتماعية من حيث أنها تقصد في عملها وممارستها إلى تدريب الأفراد على ترشيد الإنفاق وتدريبهم على الإدخار ومعاونتهم في تنمية أموالهم بما يعود عليهم وعلى المجتمع بالنفع والمصلحة، هذا فضلاً عن الإسهام في تحقيق التكافل بين أفراد المجتمع بالدعوة إلى أداء الزكاة وجمعها وإنفاقها في مصارفها الشرعية21.

والبنك الإسلامي هو البنك الذي بني على العقيدة الإسلامية ويستمد منها كل كيانه ومقوماته، فهذه العقيدة تمثل البناء الفكري الذي يسير عليه هذا البنك، وعلى ذلك فالمتوقع أن يكون للبنك الإسلامي خط فكري يختلف تمام الاختلاف عن الخط الفكري لغيره من البنوك أيديولوجية البنك الإسلامي تتمثل في:22

  • أن النظام الاقتصادي الإسلامي هو النظام الذي يسير عليه، ويؤمن به.
  • وفي ذلك أن البنك جزء من تنظيم إسلامي عام.
  • وفي أنه بنك ملتزم بتعاليم الإسلام وتجسيد المباديء الإسلامية.
  • وفي التزامه بالشمولية في السلوك الإسلامي.
  • وفي أن صفته الإسلامية صفة شمولية بالضرورة.
  • وفي التزامه بموقف الإسلام من الربا.

وفي المذكرة التفسيرية للقانون رقم 66 لسنة 1971 بإنشاء بنك ناصر الاجتماعي23 نجد تأكيداً على أن الوظيفة الاجتماعية هي التي تحدد للبنك أهدافه، كما وأنها تميزه عن غيره من الأجهزة التي قد تشترك معه في الإسم (بنك)، وأن البنك يلتزم بأن يعطي الأولوية في استثماراته للمشروعات التي يفتقر لها المجتمع وتشتد حاجة الجماهير إليها، وأن التكافل الاجتماعي يمثل هدفاً أساسياً للبنك24.

من مجموع هذه التعريفات يمكن أن نحدد في عبارات قصيرة أن البنوك الإسلامية لا تنظر إلى نفسها على أنها مجرد وسيط مالي، أو أنها بنوك وظيفتها اقتصادية بالمعنى الضيق، وإنما أدوات ووسائل لتحقيق وتعميق القيم الروحية المرتبطة بالإنسان، وهي مركز للإشعاع ومدرسة للتربية، وسبيل عملي إلى حياة كريمة لأفراد الأمة.

كما يمكن أن نستخلص من التعريفات السابقة المرتكز الفيصل لطبيعة وخصائص البنك الإسلامي، هذا المرتكز الفيصل أو النقطة الأم هو أنه بنك يقوم – على خلاف غيره – بالالتزام بالأحكام الإسلامية تشريعاً وتطبيقاً، قولاً وممارسة.

وهذا الالتزام يضع لكل حركة وسكنة في البنوك… لكل عمل أو نشاط فيه تحديداته في إطار العقيدة25.

والتزام البنك بإطار العقيدة والتزامه بتجسيدها واقعاً حياً معاشاً هو الذي يضع للبنك الإسلامي دوره في الإسهام في التنمية الشاملة: اقتصادية، واجتماعية، ونفسية وعقلية.

فحيث يعلن البنك عن هويته الإسلامية، ويلتزم في عمله بالعقيدة الإسلامية، فإن هذه العقيدة توجب أن تكون مناشط البنك وممارساته ملتزمة بما توجبه العقيدة في مجال المال والمعاملات، أي أن يكون محكوماً بمجموعة من المباديء على رأسها:

  • التوافق والمواءمة والموازنة بين مصلحة الفرد ومصلحة المجتمع، وأساس ذلك أن كلا المصلحتين العامة والخاصة يكمل كلاهما الآخر في الإسلام26.
  • أن النشاط الاقتصادي وإن كان مادياً بطبيعته ال أنه مطبوع بطابع ديني أو روحي، وأساس ذلك أنه بحسب الإسلام لا يتعامل الناس مع بعض فحسب، وإنما يتعاملون أساساً مع الله، وأن خشيته تعالى وابتغاء مرضاته والتزام تعاليمه هي التي تصوغ علاقات الأفراد بعضهم ببعض.
  • تسامي هدف النشاط الاقتصادي، فإن المصالح المادية وان كانت مستهدفة ومقصودة، إلا أنها ليست مقصودة لذاتها، وإنما كوسيلة لتحقيق الفلاح، والارتفاع إلى مستوى الخلافة بتعمير الدنيا وتسخير طاقاتها لخدمة الإنسان27.
  • عدم الفصل بين الجانب المادي والجانبين الروحي والأخلاقي، فالمادة في نظر الإسلام ليست نقيضاً للروح بل مكملة لها، والنمو في ذات الفرد وفي بيئته الاجتماعية، إنما يعتمد أصلاً على استغلال أمثل لكل ما أودع الله النفس والجسم والعقل والروح والمحيط الطبيعي استغلالاً يكمل بعضه بعضا28.
  • ان الموارد الاقتصادية يجب أن تتوجه وتتركز في إنتاج السلع والخدمات التي تشبع الحاجات السوية للإنسان.
  • ان العائد الاجتماعي وليس العائد المادي يمثل مقياساً رئيسياً يخضع له الإنتاج.
  • أنه يتحتم تحقيق التوازن في الاستثمارات، بمعنى ألا يطغى توظيف الأموال في ناحية على توظيف الأموال في بقية النواحي، بل يجب توجيه الاستثمار إلى جميع المسالك التي تمليها ضرورات المجتمع29.
  • أن تخضع الاستثمارات لعدد من التحديدات على رأسها ألا تستثمر الأموال إلا فيما ترضى عنه الشريعة وتبيحه، وأن تكون العمليات الوسيطة من تمويل أو تسويق أو توزيع داخلة جميعاً في دائرة الحلال، وأن تكون كذلك كل الخطوات الإجرائية من أجور إلى ساعات عمل… الخ داخل دائرة الحلال30.

الجزء الثالث: كيف تؤدي عمليات البنك الإسلامي إلى التنمية الاجتماعية:

في الجزء الأول من الدراسة تناول الباحث التعريفات المختلفة للتنمية الاجتماعية، والاتجاهات التي تشير إليها هذه التعريفات، ثم استشف الباحث من كل هذه التعريفات مفهوماً إطارياً للتنمية الاجتماعية تحقيق توافق الفرد وتنمية طاقاته وغرس وتنمية القيم الروحية لديه بما يؤدي إلى إحداث تأثيرات عميقة وإيجابية في بناء الشخصية.

وفي الجزء الثاني من الدراسة تناول الباحث تعريفات البنك الإسلامي حيث أوضحت هذه التعريفات أن البنك الإسلامي هو البنك الذي بني على العقيدة الإسلامية، ويستمد منها كل كيانه ومقوماته ومن ثم تتبلور مهمته الأساسية في تجسيد المباديء الإسلامية في الواقع العملي لحياة الأفراد والإسهام في إقامة مجتمع إسلامي عملي، وبذلك يكون للبنك الإسلامي معتقدات أساسية تختلف عن المعتقدات الأساسية للبنك غير الإسلامي31.

وفي ضوء التنمية الاجتماعية ومهمة ووظائف البنك الإسلامي يعالج هذا الجزء من الدراسة طيف يسهم البنك الإسلامي في تحقيق أهداف وغايات التنمية الاجتماعية بل وكيف يتميز في هذا الإسهام.

تتمثل الوظائف الإجرائية للبنك الإسلامي في قبول ودائع، وتوظيفها، والدعوة إلى إيتاء الزكاة وجمع أموالها وإنفاقها في مصارفها الشرعية. وتقوم البنوك التجارية بهذه الوظائف أيضاً فيما عدا وظيفة الزكاة.

وعلى الرغم من ذلك التشابه الظاهري في عموم الوظائف الإجرائية بين النظام المصرفي الإسلامي والنظام المصرفي غير الإسلامي، فإنهما لا يلتقيان في تصور، ولا يتفقان في أساس، ولا يتوافقان في نتيجة، ذلك لأن المنطلق الذي ينطلق منه كل نظام من هذين النظامين يختلف تمام الاختلاف عن المنطلق الذي يصدر عنه الآخر، وحيث يختلف المنطلق.. تختلف الأهداف النهائية، وحيث تختلف الأهداف النهائية تختلف طرائق وأساليب ممارسة الوسائل المؤدية إلى الأهداف حتى ولو بدا ظاهراً أن هنالك اتفاقاً في شكل هذه الوسائل والطرائق.

البنك الإسلامي بتعريفاته التي أوردتها هذه الدراسة يلتزم بالعقيدة ولا يستطيع أن يتعدى إطارها أو أن يتجاوز حدودها.

فهو بنك عقيدي32.. ترى كيف يؤثر هذا الالتزام على البنك الإسلامي في ممارسته للوظائف التي يؤديها حتى ولو بدت شكلاً إنما هي الوظائف التي يؤديها غيره من البنوك؟

إن الالتزام العقيدي يلزم البنك الإسلامي منذ البداية بالتزامات في شكل وطريقة انتقاء العاملين فيه، وفي تخطيط وتشكيل الهيكل التنظيمي له، بل وفي المسئوليات والعلاقات الوظيفية بين الأفراد.

فحيث يقرر الالتزام العقيدي أن النفس لا تكلف إلا ما في وسعها فإنه يلفت نظر البنك إلى ذلك التفاوت بين الناس في الإمكانات والقدرات ومن ثم يوجب عليه أن يتيح الفرصة العادلة المتكافئة للناس ليختار من بينهم الأصلح والأقدر على العمل فيه.. وذلك يؤسس ويعمق مشاعر الإحساس بالعدالة بين أفراد المجتمع، ويؤسس الاطمئنان إلى أن مواهب الله الطبيعية هي وحدها – وليس غيرها – المعيار الذي يقوم على أساسه التفضيل.

وحيث يقرر الالتزام العقيدي أنه ((فَبِمَا رَحْمَة مِّنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ، وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلك، فَاعْفُ عَنْهُمْ واسْتَغْفِر لَهُم وَشَاوِرهُم فِي الأمْر، فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى الله، إِنَّ الله يُحِبُّ الْمُتَوَكّلِين)33.

فإن هذا الالتزام يوجب على البنك في تشكيل هيكله التنظيمي أن يتوفر في قياداته ما أوجبه الإسلام من صفات العدل والرحمة وعدم الاستبداد بالرأي وطلب المشورة وتحري مصلحة المرؤوسين والنصح لهم34، وأن يراعى في علاقاته التنظيمية ما أوجبه الإسلام من مبادئ في العلاقات الإنسانية بين الرؤساء والمرؤوسين.

وحيث يقرر الالتزام العقيدي (يَا أَيُّهَا الّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولي الْأَمْرِ مِنْكُم فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْم الآخر ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَن تَأْويلا)35، فإن ذلك يلفت نظر البنك إلى أن مفهوم السلطة في الجهاز التنظيمي للبنك محدوداً ومقيداً، منظماً ومضبوطاً بأن الطاعة إنما تكون في غير معصية.

وحيث يوجب الالتزام العقيدي نشر الدعوة وعدم كتمان الحق، فإن ذلك يلفت نظر البنك الإسلامي إلى أن يهيئ العاملين فيه بكل وسائل التهيئة المعرفية والموعظة الحسنة.

وحيث يقرر الالتزام العقيدي صفات أساسية للمسلم كالإيمان وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والوفاء بالعهد والصبر والصدق (لَيْسَ البِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِب، وَلَكِنًّ البِرَّ مَنْ آَمَنَ بِالله وَالْيَوْمِ الآخرِ وَالْمَلاَئِكَة وَالنَّبيينَ وَآتى المَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وابْنَ السَّبِيل وَالسَّائِلِين وَفِي الرِّقَاب وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء وَالضَرَّاء وَحِينَ الْبَأْس أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ المُتَّقُون)36.

فإن ذلك يلفت نظر البنك إلى اتخاذ التدابير اللازمة لتوفير هذه الصفات في العاملين فيه وفي قياداته، وإلى غرس هذه الصفات وتنميتها وتعميقها والتأكيد على سيادة التعامل بها بين العاملين وبعضهم، وبينهم وبين الناس.

وهكذا يعمل البنك الإسلامي منذ البداية وفي محيطه الداخلي على عدد من محاور التنمية الاجتماعية.

فإذا انتقلنا إلى عمليات البنك الإسلامي، وجدنا كنقطة بداية أن الالتزام العقائدي يوجب على البنك ألا يتعامل بالربا.. فماذا يعني ذلك في مجال التنمية الاجتماعية؟

أنه يعني أولاً وقبل كل شيء تطبيق منهج الله في المجتمع بكل ما يمكن أن يترتب على ذلك من آثار على النمو الاجتماعي للأفراد.

أنه يعني مساعدة الفرد على أن يمارس الجانب الاقتصادي من عقيدته.

أنه يعني إطفاء الصراع الذي يمكن أن يدور في نفسه من جراء تناقض ممارسته العملية مع معتقداته الدينية.

أنه يعني توفير راحة الضمير وهدوء البال للفرد في علاقته مع نفسه وعلاقاته مع الآخرين. أنه يعني القضاء على الازدواجية في الشخصية المسلمة بين القول والعمل.

أنه يعني غرس وتعميق المعايير والقيم الروحية لدى الفرد.

أنه يعني كمحصلة عامة تحقيق التوافق الداخلي للفرد وتحقيق التوافق بينه وبين المجتمع، الأمر الذي يعني أن يسير المجتمع إلى الصورة التي يقل فيها الصراع إلى أقل حد ممكن.

البنك الإسلامي يعمل على جذب الودائع وتعبئة المدخرات، وتعمل البنوك الأخرى نفس العمل.. ولكن اختلاف المنطلق كما سبق وأن أشرنا يضفي على قيام البنك الإسلامي بهذه الوظيفة ما يجعل لها دورها الحقيقي في التنمية الاجتماعية.

إن البنك الإسلامي بحكم منطلقه العقيدي لا ينظر إلى حجم الوديعة ولكنه ينظر بحكم كونه مؤسسة إسلامية إلى الإنسان.. إنه ينظر إلى تربية أفراد المجتمع.. ينظر إلى تنمية قدرات الفرد المادية.. من هنا لا ينظر البنك الإسلامي إلى حجم الوديعة قدر ما يعمد إلى السلوك نفسه فيعمل على الدعوة إليه، ويعمل على نشره، ويعمل على تنميته، ويعمل على تعميقه.. الذي يهم البنك الإسلامي هو أن يزيد عدد المودعين، فزيادة عددهم هو زيادة في عدد القوى الموجبة (لا السالبة) في المجتمع، وزيادة عددهم إضافة لقوة المجتمع، وزيادة عددهم يعني نجاح البنك في تحقيق تربية مقصودة غير مباشرة تستهدف تنمية لعديد من السمات الإيجابية المطلوبة في أفراد المجتمع، وزيادة عددهم تعني إكساباً وتعميقاً للقيم التي ينشدها الإسلام في المجتمع الصالح37، وزيادة عددهم يعني زيادة عدد القادرين على التخطيط، القادرين على ممارسة التفكير الموضوعي المبرئين من التواكل والقعود.

فإذا انتقلنا إلى عمليات البنك الإسلامي في توظيف الأموال، نجد أن الالتزام العقائدي يحظر على البنك الإسلامي عقد القرض بفائدة وبذلك يقاوم البنك الإسلامي موجة التناقضات والصراعات بين الأغنياء والفقراء ويقاوم توليد الكراهية التي تؤدي إلى الشقاق بين طائفة المقرضين والمقترضين38.

ويوجب الالتزام العقائدي على البنك الإسلامي ألا يعطي فائدة على الودائع التي لديه، وبذلك يقوّم البنك الإسلامي أفراد المجتمع الذي يعمل فيه، ويعمل على تنمية الإيجابية في نفوسهم39، فانتظار ((الفائدة المحددة)).. سلبية، ذلك أنه ((لم يكن أولئك الذين ابتدعوا الفائدة وأصروا على سريانها في معاملات الدول الإسلامية عابثين عندما ابتدعوها، ولكنهم كانوا يريدون بقصد وعن عمد استلال جانب الإيجابية في نفوس المسلمين، فاتخذوا الفائدة سلاحاً يعينهم على ذلك))40.

والالتزام العقيدي للبنك الإسلامي بعدم التعامل بالربا في مجال التوظيف يوجب على البنك الإسلامي تركيز الاهتمام على الاستثمار المباشر وعلى التمويل بالمشاركة غنماً وغرماً.

فماذا يعني في مجال التنمية الاجتماعية اهتمام البنك الإسلامي بالاستثمار المباشر؟ ان الالتزام العقائدي للبنك يوجب عليه بشكل عام في مجال الاستثمار – مباشر أو غير مباشر – مجموعة من التحديدات سلف أن أشرنا اليها، منها الاعتبار الاجتماعي، ومنها إدخال المكاسب الاجتماعية والمكاسب النفسية بين حساباته عند دراسة جدوى المشروعات، ومنها الاهتمام بالمشروعات التي تستجيب للحاجات السوية للإنسان، ومنها التنمية المتوازنة في كل القطاعات.. وهكذا يضفي الالتزام العقائدي على استثمارات البنك معناها الحقيقي وقيمتها العظمى في تنمية المجتمع.

أما ماذا يعني في مجال التنمية الاجتماعية قيام البنك بالمشاركة في التمويل؟ أنه يعني قيام البنك في التنمية بدور إيجابي.. دور الشريك لا دور الوسيط.. والفرق بين الدورين بيّن واضح، ان الشريك يتحمل مسئولية كاملة في دراسة المشروعات وإدارتها والسهر عليها ورعايتها والعمل على إنجاحها، لأن نجاحه هو.. يتوقف على نجاح تلك المشروعات. كما وأن التضامن الذي يقوم عليه عقد المشاركة يجعل البنك الإسلامي يهتم بالناحية الأخلاقية والكفاءة المهنية لدى شريكه أكثر مما يبحث في مقدرته المالية، فهو يستطيع أن يقدم ماله لمن يثق في كفاءته ولو كان فقيراً41.. إن عقد المشاركة يجسد عملياً دخول العنصر الأخلاقي في الاقتصاد والمعاملات.

أما الجانب الثالث من أنشطة البنوك الإسلامية، فهو دعوتها إلى إيتاء الزكاة والقيام بجمعها وإنفاقها في مصارفها الشرعية، ودور الزكاة في التنمية الاجتماعية غني عن البيان، فقد قيل فيه وعنه الكثير42 غير أننا نود أن نشير فقط إلى أن صورة الزكاة قد بهتت في حس أجيالنا المعاصرة حتى أصبحت الأجيال تحسبها إحساناً فردياً هزيلاً43، وحتى كادت الزكاة أن تصبح فريضة مهجورة لولا اهتمام البنوك الإسلامية بالإسهام في إحياء الدعوة لإيتائها.

وأبسط ما يقال عن المعنى الحركي للدعوة إلى الزكاة وإحيائها ودور ذلك في التنمية الاجتماعية أن الزكاة هي النتيجة الحتمية للموقف الإيجابي الذي يتخذه المسلم حيال قضية الإنتاج أو النشاط الاقتصادي النافع، فكأن إيمان المسلم لا يكتمل إلا إذا حقق إنتاجاً اقتصادياً يسد حاجاته أولاً ثم يزيد على ذلك، ويتوافر فيه النصاب، ثم يزيد عن النصاب، أو يتحقق فائض من الإنتاج أو الدخل. هذا الفائض هو ((مطرح الزكاة))44.

ويزيد من وضوح دور الزكاة في التنمية الاجتماعية أن ((الفهم الصحيح للزكاة ليس هو مجرد سد جوع الفقير أو إقالة عثرته بدريهمات، وإنما وظيفتها الصحيحة تمكين الفقير من إغناء نفسه بنفسه بحيث يكون له مصدر دخل ثابت يغنيه عن طلب المساعدة من غيره، ولو كان هذا الغير هو الدولة فمن كان من أهل الاحتراف أو الاتجار أعطى من صندوق الزكاة ما يمكنه من مزاولة مهنته أو تجارته، بحيث يعود عليه من وراء ذلك دخل يكفيه بل يتم كفايته وكفاية أسرته بانتظام))45.

تعقيب واستخلاص:

من استعراض تعريفات التنمية الاجتماعية، ثم استخلاص المحاور التي ترتكز عليها، ومن استعراض وظائف وأنشطة البنك الإسلامي تبين لنا أشكال ومجالات تأثيره في التنمية الاجتماعية وبتحليل وظائف وأنشطة البنك الإسلامي تبين لنا أن للبنك الإسلامي (كمؤسسة) محاور يعمل عليها، كما يتبين لنا كذلك أن محاور عمل البنك الإسلامي هي المحاور التي تعطي للتنمية الاجتماعية مفهومها ومعناها.

فالتنمية الاجتماعية تعني وتستهدف تنمية طاقات الفرد وإمكاناته نفسياً ومادياً، والبنك الإسلامي كمؤسسة يعمل – كما أسلفنا – على تحقيق تلك التنمية سواء في داخله بين العاملين فيه أو خارجه مع المتعاملين معه من خلال تقديمه للقدوة وقيامه بنشر الدعوة وعمله في مجال نشر السلوك الادخاري.

والتنمية الاجتماعية تعني وتستهدف غرس وتعميق القيم الروحية وتعديل الاتجاهات بما يتفق معها، والبنك الإسلامي كمؤسسة تتعامل مع الجماهير يعمل على هذا المحور بتطبيق منهج الله في عدم التعامل بالربا وفي تأكيد الترابط في كل عملياته بين النظام الأخلاقي والنظام العملي وتأكيد ارتباط الإنسان في كل تصرفاته بعهد الاستخلاف وشرطه وتأكيد أن النظام الأخلاقي والنظام العملي يؤلفان معاً نشاط الإنسان وكلاهما عبادة يؤجر عليها.

والتنمية الاجتماعية تعني وتستهدف تعريض قاعدة من يملكون في المجتمع، والبنك الإسلامي يعمل في هذا الاتجاه من خلال فهمه وطريقة ممارسته لزيادة عدد المدخرين، ومن خلال استثماراته المباشرة، ومن خلال تمويله بالمشاركة للمشروعات التي يتقدم بها من يملك الخبرة ولا يملك المال، ومن تطبيقه الواعي للفهم الصحيح للزكاة.

والتنمية الاجتماعية تعني وتستهدف إحداث تأثيرات عميقة وإيجابية في بناء الشخصية وصياغة الفرد الذي ينبذ الاتكالية والعفوية ويمارس العمل والتخطيط، والبنك الإسلامي بكل أنشطته يؤدي في هذا الاتجاه دوره الواضح كما أسلفنا.

والتنمية الاجتماعية تعني وتستهدف تحقيق العدالة وإتاحة سبيل تكافؤ الفرص، والبنك الإسلامي بتنظيمه الداخلي وبالتزامه بتحديدات الإسلام في الاستثمار بأشكاله المختلفة وبتطبيقه لعقود التمويل بالمشاركة يؤدي دوراً غير منكور في هذا المجال.

والتنمية الاجتماعية تعني وتستهدف الأمن والتأمين لأفراد المجتمع، والبنك الإسلامي بنشاطه في التكافل الاجتماعي والزكاة يؤدي دوره الواضح في هذا المجال.

وهكذا تتطابق مجالات وأهداف التنمية الاجتماعية مع المحاور الأصلية التي تقوم عليها أعمال ووظائف وأنشطة البنك الإسلامي ويزيد من قدرة البنك الإسلامي على تحقيق التنمية الاجتماعية وقوة دورها في إحداثها انه لا يعمل في نطاق محصور، وإنما يعمل على مستوى المجتمع كله، كما وأن وسيلته وأداته في الاقتراب والتأثير إنما هي التعامل بالمال.. وهو أداة ووسيلة لا غنى لأحد عنها.

شروط نجاح البنك الإسلامي في أداء دوره في التنمية الاجتماعية:

استناداً إلى التحليل المنطقي النظري هناك تأكيد على أن للبنك الإسلامي دوراً فعالاً في إحداث وتحقيق التنمية الاجتماعية، وتأكيد كذلك على أن البنك الإسلامي هو أقوى وأقدر مؤسسات المجتمع على القيام بدور فعال في التنمية الاجتماعية، ويأتي هذا التأكيد من تحليل وظائف وأنشطة البنك الإسلامي، كما يأتي من التسليم ابتداء بأن مهمة البنك الإسلامي الأولى والأساسية تجسيد المباديء الإسلامية في المجتمع.

ومن هنا فإن نجاح البنك الإسلامي في أن يكون له دوره في التنمية الاجتماعية مرهون بعدد من الشروط لابد من توافرها.

هذه الشروط يمكن تلخيصها في:

  • ضرورة التزام البنك الإسلامي التزاماً كاملاً بأحكام الشريعة الإسلامية التي قام عليها وهي الإسلام.. قولاً وعملاً، شكلاً ومضموناً، التزامه بمباديء الإسلام في تكوين رأس ماله، في انتقائه للعاملين به، وتنظيماته ولوائحه، في طريقة تعبئته لموارده، في طريقة وأساليب توظيفه لأمواله.
  • التحري الدقيق في اختيار قيادات البنك بما يضمن أن تكون هذه القيادات نماذج حية للشخصية المسلمة الواعية، المؤمنة بقضيتها.
  • الوضوح الفكري لمهمة ووظيفة البنك الإسلامي لدى كل العاملين في البنك من الإدارة العليا إلى أدنى مستوى تنفيذي.
  • توفر الوعي الاستراتيجي لدى قيادات البنك بإعداد تخطيط واضح للأهداف، وإعداد برامج العمل اللازمة لتحقيقها.
  • التقويم المستمر للأداء والنتائج.
  • العمل على انتشار وحدات البنك حتى مستوى الحي ما أمكن ذلك يبقى بعد ذلك الإشارة إلى نقطة ذات أهمية بالغة، تلك هي أن البنوك الإسلامية مطالبة بالاهتمام بإجراء بحوث ميدانية لتأكيد الاثبات العملي لدور البنوك الإسلامية في التنمية الاجتماعية وللتعرف على أكثر الطرق والوسائل فعالية في إحداث هذه التنمية والإسراع بها.

ولا يفوت الباحث في ختام دراسته أن يشير إلى أمرين:

أولهما: أن معطيات البحث في معظمها جاءت معطيات نظرية، لعدم توفر البيانات المتصلة بالدراسة بحكم حداثة نشأة البنوك الإسلامية من جهة وبحكم صعوبة التوصل في مجال إثبات الآثار الاجتماعية إلى بيانات ذات دلالة إحصائية.

ومن ثم فقد اعتمد الباحث اعتماداً كبيراً على التحليل المنطقي.

ثانيهما: أن الباحث وإن كان قد بذل جهده في تنحية تحيزاته الشخصية إلا أنه في نهاية الأمر لا يمكن إغفال أنه مسلم لا يستطيع أن يواري عاطفته الإسلامية إزاء قضية من أهم قضايا العصر.. هي البنوك الإسلامية.

وما التوفيق إلا بالله,,,,

ملخص البحث

تناول الباحث في هذا البحث موضوع ((دور البنوك الإسلامية في التنمية الاجتماعية)) وقد قسم الباحث بحثه إلى ثلاثة أجزاء، وتعقيب.

تناول في الجزء الأول مفهوم التنمية الاجتماعية وأورد عدداً من التعريفات ثم حاول أن يتبين اتجاهات هذه التعريفات وصولاً إلى تعريف يسير البحث في إطاره.

وتناول في الجزء الثاني التعريفات المختلفة للبنوك الإسلامية، حيث خلص في النهاية إلى أن البنك الإسلامي هو بنك يقوم على العقيدة الإسلامية ويستمد منها كل كيانه ومقوماته.

وفي الجزء الثالث من البحث تناول الباحث بالتحليل وظائف وأنشطة البنك الإسلامي، حيث استخلص من ذلك التحليل المحاور التي يعمل عليها البنك الإسلامي في مجال التنمية الاجتماعية، كما قام بعرض آثار كل وظيفة من وظائف البنك الإسلامي في تحقيق التنمية الاجتماعية.

وفي التعقيب لخص الباحث أوجه التقابل بين ما تقصد إليه التنمية الاجتماعية وما تستهدفه وبين الآثار الناشئة عن أعمال وأنشطة البنك الإسلامي.

واختتم الباحث بحثه بإيراد الشروط التي يراها ضرورية لنجاح الدور الذي يقوم به البنك الإسلامي في تحقيق التنمية الاجتماعية.

 

الـهــوامــــــــش

  • عبدالباسط محمد حسن، التنمية الاجتماعية، القاهرة، مكتبة وهبة 1977، ص 92.
  • سيد الهواري، ما معنى بنك إسلامي، القاهرة: الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية، 1983، ص 33، 34.
  • عبدالباسط محمد حسن، مرجع سبق ذكره، ص 9، 10.
  • مصطفى حجازي، التخلف الاجتماعي، لبنان: معهد الإنماء العربي، 1976.
  • أحمد خليفة، مؤتمر التنمية الاجتماعية (مرسى مطروح 15 – 18 أكتوبر 1966)، وزارة الشئون الاجتماعية، الإدارة العامة للتخطيط، ص 24.
  • عبدالباسط محمد حسن، مرجع سبق ذكره، ص 95.
  • الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة: لجنة برنامج القادة الإداريين، الدعوة الخامسة: مشاكل تخطيط وتنفيذ مشروعات التنمية الاجتماعية، إعداد محمد جمال الدين نصوحي ومصطفى أبو الفتوح أحمد، يوليو 1967، الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية، ص 13.
  • Peter du Sautory, Community development in Ghana, Oxford University press, 1958, p p. 2 – 3.
  • نبيل محمد توفيق السمالوطي، علم اجتماع البيئة، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1974، ص 101.
  • N. Community development and National development, U. N. Department of Economic and Social affairs, Newyork, E\C NS\ 379\ REV. 1963.
  • N. Economic Bulletin for Asia and the for East, Social development planning, Vol. 14. No. 2. Sept. `963. P. 10.
  • Cit., p. 10.
  • Price, Harry, Rural reconstruction and development, Fredric A. prager, Newyourk 1967, p. 25.
  • ما زال الباحث يتحفظ على أنه ليس هناك تعريف متفق عليه لمصطلح التنمية الاجتماعية.
  • توفيق الشاوي، قصة البنوك الإسلامية، القاهرة: المختار الإسلامي، 1979، ص 11.
  • يوسف القرضاوي ((للمال وظيفة اجتماعية))، مجلة البنوك الإسلامية عدد 11 (مايو 1980)، ص 56.
  • شوقي إسماعيل شحاته، البنوك الإسلامية، جدة: دار الشروق، 1977، ص 55.
  • تقرير الحلقة العلمية لخبراء التنظيم في البنوك الإسلامية، مجلة البنوك الإسلامية عدد 5 (مارس 79)، ص 39.
  • الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية، جزء اول، القاهرة: الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية 1977. ص 5.
  • نفس المرجع، ص 64، 65.
  • أحمد النجار، عن البنوك الإسلامية: ماذا قالوا، القاهرة: الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية، 1982، ص 9، 10.
  • سيد الهواري، ما معنى بنك إسلامي، مرجع سبق ذكره، ص 9.
  • هو احد البنوك الإسلامية بحكم قانون إنشائه (المادة 3).
  • المذكرة التفسيرية للقرار الجمهوري بقانون بإنشاء هيئة بنك ناصر الاجتماعي.
  • يقصد الباحث بتعبير و(العقيدة) أحكام الشريعة الإسلامية الغراء تشريعاً وتطبيقاً.
  • محمد شوقي الفنجري، الوجيز في الاقتصاد الإسلامي، منشورات دار ثقيف للنشر والتأليف، و. ت، ص 32.
  • نفس المرجع، ص 40.
  • محمد أحمد صقر، الاقتصاد الإسلامي: مفاهيم ومرتكزات، القاهرة: دار النهضة العربية، 1978، ص 21.
  • محمد عبدالله العربي، النظم الإسلامية ح 1، القاهرة: معهد الدراسات الإسلامية، 1967، ص 178.
  • أحمد النجار، منهج الصحوة الإسلامية، القاهرة: دار وهدان، 1977، ص 55، 56.
  • سيد الهواري، الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية، ح 3، القاهرة: الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية، 1980، ص 91.
  • يرجى ملاحظة أن ذلك لا يعني كونه بنكاً طائفياً، إنما يشير الباحث هنا إلى القانون الذي ينظم عمل البنك وممارساته.
  • آل عمران: 159.
  • الموسوعة العلمية للبنوك الإسلامية، ح 4، القاهرة: الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية، 1981، ص 30.
  • النساء: 59.
  • البقرة: 177.
  • الدراسة مستفيضة عن هذا الموضوع راجع: محمود الأنصاري، الوظيفة الاجتماعية للادخار، الكتاب السنوي للتربية الاجتماعية، وزارة التربية والتعليم، 1965، ص 65 – 107.
  • توفيق الشاوي، قصة البنوك الإسلامية، مرجع سبق ذكره، ص 14 – 18.
  • غريب الجمال، المصارف وبيوت التمويل الإسلامية، جدة: دار الشروق للنشر والتوزيع، 1938 هـ ، ص 48.
  • الدراسة المصرية لإقامة نظام العمل في البنوك الإسلامية المقدمة من وفد مصر إلى مؤتمر وزراء الخارجية الإسلامي الثالث بجدة 29/2/72، ص 51.
  • توفيق الشاوي، قصة البنوك الإسلامية، مرجع سبق ذكره، ص 15، 16.
  • يلاحظ الباحث أن معظم الكتابات التي تناولت دور البنوك الإسلامية في التنمية الاجتماعية قد أفاضت في توضيح أثر قيام البنك الإسلامي بوظيفة جمع الزكاة وتوزيعها: ومن ثم فقد آثر الباحث الاكتفاء بالإشارة بالنسبة لهذه النقطة.
  • سيد قطب، تفسير آيات الربا، القاهرة: دار الشروق 1978، ص 34 – 35.
  • محمد أحمد صقر، الاقتصاد الإسلامي مفاهيم ومرتكزات، مرجع سبق ذكره، ص 25، 26.
  • يوسف القرضاوي، دور الزكاة في علاج المشكلات الاقتصادية، بحوث مختارة من المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي، جدة: المركز العالمي لأبحاث الاقتصاد الإسلامي، 1980، ص 228.

المـراجـــــــع

  • الدراسة المصرفية لإقامة نظام العمل في البنوك الإسلامية (اقتصادية – شرعية) المقدمة لمؤتمر وزراء الخارجية الإسلامي الثالث، جدة 9/2/72 منظمة المؤتمر الإسلامي.
  • تقرير لجنة برنامج القادة الإداريين. الدورة الخامسة.
  • الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية (ستة أجزاء)، القاهرة: الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية.
  • المذكرات التفسيرية لقوانين إنشاء البنوك الإسلامية.
  • أحمد خليفة: مؤتمر التنمية الاجتماعية (مرسى مطروح 15 – 18/10/66): القاهرة: وزراء الشئون الاجتماعية.
  • أحمد النجار: عن البنوك الإسلامية، ماذا قالوا. القاهرة: الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية: 1982.
  • ــــــــــ. منهج الصحوة الإسلامية. القاهرة: دار وهدان: 1977.
  • توفيق الشاوي: قصة البنوك الإسلامية. القاهرة: المختار الإسلامي: 1979.
  • سيد قطب: تفسير آيات الربا. القاهرة: دار الشروق: 1978.
  • سيد الهواري: ما معنى بنك إسلامي. القاهرة: الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية: 1983.
  • شوقي شحاته: البنوك الإسلامية. جدة: دار الشروق: 1977.
  • عبدالباسط محمد حسن: التنمية الاجتماعية. القاهرة: مكتبة وهبة: 1977.
  • غريب الجمال: المصارف وبيوت التمويل الإسلامية. جدة: دار الشروق 1398 هـ.
  • محمد أحمد صقر: الاقتصاد الإسلامي.. مفاهيم ومرتكزات. القاهرة: دار النهضة العربية: 1978.
  • محمد عبدالله العربي: النظم الإسلامية. القاهرة: معهد الدراسات الإسلامية: 1967.
  • محمد شوقي الفنجري: الوجيز في الاقتصاد الإسلامي. الرياض: دار ثقيف: د. ت.
  • محمود الأنصاري: الوظيفة الاجتماعية للادخار. الكتاب السنوي للتربية الاجتماعية. القاهرة: وزارة التربية والتعليم: 1965.
  • مصطفى حجازي: التخلف الاجتماعي. لبنان: معهد الاتحاد العربي: 1976.
  • نبيل السمالوطي: علم اجتماع البيئة. القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب: 1974.
  • يوسف القرضاوي: دور الزكاة في علاج المشكلات الاقتصادية. بحوث مختارة من المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي، جدة: المركز العالمي لأبحاث الاقتصاد الإسلامي: 1980.
  • Peter du sautory: Community development in Ghana. Oxford Univ press: A 58.
  • Price, Hurry: Rura reconstruction and development. Fredric A. Prager: New York: 1983.
  • N. Community development and national development U. N. department of Economic and social affairs.
    New York: E\C NS\Rev. 1983.
  • N. Economic Bulletin for Asia and for East. Social development planning: Vol. 14. No. 2. Sept. 1963.

* بحث مقدم إلى ندوة البنوك الإسلامية ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية – القاهرة: بنك فيصل الإسلامي المصري، 1404 هـ = 1983م.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر