أبحاث

الأساس الشرعي للعلاقات الخارجية للدولة الإسلامية

العدد 133- 134

مقدمة عامة: في تحديد موضوع الدراسة ومنهاجيتها:

غنى عن البيان أن قيام علاقات واتصالات بين الأمة الإسلامية، أو قل -إن شئت- بين الدولة الإسلامية وبين غيرها من الدول والجماعات التي لا تدين بالإسلام، بقدر ما تدعو إليه الضرورات الاجتماعية والسنن الكونية،
فهو أمر تقتضيه وتحتمه تلك الخصائص العامة والسمات الكلية التي تتصف بها الشريعة الإسلامية والتي تتحصل – على وجه الخصوص- في كون هذه الشريعة خاتمة الرسالات السماوية، بكل ما يعنية ذلك من عموم أحكامها للناس كافة وشمولها لمناحي الحياة البشرية قاطبة، فضلاً عما ترتبه هذه الخصائص وتلك السمات في حق ولاة الأمر في الدولة الإسلامية من موجبات والتزامات بالدخول في علاقات مع غير المسلمين في شتى أنحاء المعمورة امتثالاً لأحكام الشريعة وانفاذًا لمقتضاها في هذا الشأن.

ويتفرع من الحقيقة السالف ذكرها بديهيتان أو مسلمتان رئيسيتان فيما يتصل بإدارة وتنظيم علاقات الدولة الإسلامية بغيرها من الدول والجماعات. فأما البدهية الأولى في هذا الخصوص فمؤداها أنه لابد وأن يكون ثمة أساس شرعي تنطلق منه العلاقات الخارجية للدولة الإسلامية وتنبنى عليه دعائم حركتها واتجاهات تطورها.

والحق أن الوقوف من خلال المصادر الأصيلة للشريعة الإسلامية على ماهية الأساس الذي يحكم علاقات الدولة الإسلامية بغيرها من الدول والجماعات يعد أمرًا من الأهمية والضرورة بمكان، بالنظر إلى ما يترتب على تعيين هذا الأساس من إمكانية تحديد مضمون هذه العلاقات، ومعرفة مدى اتساع نطاقها وتعدد مجالات نشاطها وحركتها، وما قد تتخذه من صور وأشكال على أرض الواقع.

وأما المسِّلمة الثانية فيما يختص بإدارة وتنظيم العلاقات الخارجية للدولة الإسلامية فترتبط بسابقتها ومؤداها أن ثمة مجموعة من المبادئ التي تضمنتها المصادر الأصيلة للشريعة الإسلامية بغرض تنظيم هذه العلاقات وتوجيه مسارها وضبط حركتها، حتى ليتعين على أولى الأمر في الدولة الإسلامية تصريف الشئون الخارجية للدولة وتقييم حركتها وتصويب اتجاهاتها في ضوء تلك المبادئ وعلى أساس منها.

وانطلاقًا مما سبق، يثور التساؤل حول ماهية الأساس الشرعي لعلاقات الدولة الإسلامية بغيرها من الدول والجماعات التي لا تدين بديانة الإسلام، أي: ما هي حقيقة الأحكام التي حوتها الأصول الإسلامية بشأن الأساس الذي ينهض منطلقًا لإقامة هذه العلاقات وتحديد مجالات نشاطها وضبط حركتها؟ كما يثور التساؤل بخصوص ماهية المبادئ التي تشكل في مفهوم الأصول الإسلامية إطارًا عامًا ترتسم في ظله العلاقات الخارجية للدولة الإسلامية والتي يتم الاحتكام إليها في شأن تقييم حركة هذه العلاقات وتقويم مساراتها؟ وإذا كانت العلاقات المتبادلة بين الشعوب والجماعات المستقلة والمتميزة في مواجهة بعضها البعض منذ فجر التاريخ وحتى يومنا هذا، لا تعدو – من حيث طبيعتها وأشكالها- أن تكون إلا واحدة من ثلاث: فهي إما أن تكون علاقات سلمية يسودها التنافس والتبادل أو التنسيق والتعاون، أو الاتحاد والتكامل، وإما أن تكون علاقات عدائية يغلب عليها الصراع والتوتر أو الحروب والمشاحنات، وإما أنها علاقات عوان بين السلم والعداوة فيما يعرف بالحياد أو العزلة – إذا كان ذلك كذلك، فإن التساؤل يثور كذلك بشأن تحديد موقع السلم من الأساس الذي تبنى عليه علاقات الدولة الإسلامية في المجال الخارجي، وما هي المكانة الحقيقية للسلم في نطاق المبادئ الحاكمة لهذه العلاقات والموجهة لمسارات حركتها وتطورها.

تعتمد الدراسة في الإجابة عن التساؤلات المثارة منهاجية النظر في الأصول الإسلامية من خلال تفاسير القرآن وشروح السنة، مع الاستئناس بما تضمنته كتابات الفقهاء وعلماء السير والتاريخ وكبار المفكرين من مذاهب وآراء حول ما حوته الأصول الإسلامية من قواعد وأحكام بشأن تحديد الأساس الشرعي للعلاقات الخارجية للدولة الإسلامية وتعيين المبادئ الحاكمة لهذه العلاقات، وذلك في مبحثين رئيسيين على النحو التالي.

المبحث الأول

الأساس الشرعي للعلاقات الخارجية في الإسلام

لا توجد مسألة تباينت حولها آراء المفسرين وشراح الحديث، مثل تلك المسألة المتعلقة بتحديد الأساس الشرعي لعلاقات المسلمين بغيرهم من الدول والجماعات التي لا تدين بديانة الإسلام.

وواقع الأمر أن الاختلاف القائم بين المفسرين والشراح في هذا الخصوص مرده – في حقيقته- إلى اختلاف نظرة كل فريق منهم إلى علاقة الأحكام المتضمنة في القرآن والسنة ببعضها البعض. فالذين عولوا على فكرة الناسخ والمنسوخ بمعنى إلغاء المتأخر من الأحكام لما قبله منها، إلى جانب الاعتقاد بوجود نوع من “التعارض الظاهري” بين هذه الأحكام وبين بعضها البعض، فضلاً عن تلك النزعة الواقعية المتأثرة بعصر الفتوحات الإسلامية واشتداد حدة المعارك والحروب بين الدولة الإسلامية والدول غير الإسلامية، هذا الفريق من الشراح والمفسرين يذهب إلى أن الأصل في علاقة المسلمين بغيرهم من الدول والجماعات يكمن – وخاصة في حال اكتمال القوة والغلبة للمسلمين- في تخيير غير المسلمين من “المشركين والكافرين” بين الإسلام أو القتال، أما أهل الكتاب ومعهم المجوس، فإنهم يخيرون بين الإسلام أو الجزية أو القتال.

والحال على خلاف ذلك تمامًا بالنسبة لفريق آخر من المفسرين والشراح، إذ يرى أصحاب هذا الفريق أن النصوص القرآنية والأحاديث النبوية والحروب التي خاضها الرسول r والخلفاء الراشدون من بعده – بغض النظر عن ترتيب نزولها أو تاريخ ورودها وزمان وقوعها- تشير، على الجملة، إلى أن الأصل في علاقة المسلمين بغيرهم هو السلم حتى تكون دواعي القتال والحرب.

ويتوسط الاتجاهين سالفي الذكر، فريق ثالث ينطلق في مذهبه – على خلاف الفريق الأول- من رفض فكرة النسخ، معتبرًا في ذلك بفكرة “الطبيعة المرحلية” للأحكام، على معنى أن لكل حكم من الأحكام معنى محددًا ينطبق على وضع معين في زمان معين وظروف محددة وعلى ذلك، فإنه، وأن كان ثمة أحكام نهائية تقوم على بيان وتحديد الأساس الشرعي لعلاقات الدولة الإسلامية في المجال الخارجي، إلا أن وجود هذه الأحكام القطعية والنهائية لا يحول – في نظر أصحاب هذا الاتجاه- دون الأخذ بالأحكام المرحلية السابقة، متى قامت الظروف والأحوال الموجبة لذلك.

وبصفة عامة، فإن الاتجاه المذكور – أي الاتجاه الثالث- يؤسس العلاقة بين الدولة الإسلامية وغيرها من الدول والجماعات التي لا تدين بالإسلام على مفهوم “الحاكمية”، وما يعنيه ذلك من قيام الالتزام العام والثابت في حق الدولة الإسلامية بالعمل على تحقيق سيادة النظام الإسلامي وشموله كافة أرجاء المعمورة، بغض النظر عن مسألة الاعتقاد الديني.

ونعرض فيما يلي بشيء من البيان والتفصيل لاتجاهات تأسيس العلاقات الخارجية للدولة الإسلامية توطئة لبيان الاتجاه الذي نراه – من واقع النظر في الأصول الإسلامية صوابًا لتحديد الأساس الشرعي لهذه العلاقات.

المطلب الأول: الكفر في ذاته سبب لمقاتلة أهله:

سبقت الإشارة إلى أنه بالنظر في آيات القرآن والأحاديث النبوية ذات الصلة بتحديد علاقات المسلمين بغيرهم، في ضوء الأخذ بعين الاعتبار لحقيقة أن البعض من الأحكام المتضمنة في هذه الأصول ناسخ للبعض الآخر منها، قد حدا فريقًا من علماء التفسير وشراح الحديث إلى القول بأن الأصل في علاقة المسلمين بغيرهم يكمن في تخيير المشركين والكافرين – حال تمكن المسلمين منهم- بين الإسلام أو السيف (القتال)، وأما أهل الكتاب ومعهم المجوس، فإنهم يخيرون بين الإسلام أو الجزية أو القتال.

مقتضى هذا الاتجاه إذن هو إنه إذا بلغت المشركين دعوة الإسلام فامتنعوا عنها، مع غلبة المسلمين وقدرتهم عليهم، تعين قتالهم حتى يكون ذلك سببًا أما في هلاكهم أو في دخولهم الإسلام( [1]).

وبعبارة أخرى، فإنه مع بلوغ الدعوة الإسلامية غير المسلمين، ومع اكتمال الغلبة للمسلمين، فلا يمكن أن يكون بينهم وبين غيرهم سلم أو أمان، وأنه كما يكون متعينًا على المسلمين أن يدفعوا العدو عن بلادهم، فإن عليهم أيضًا أن يداهموه في بلاده، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، لا فرق في ذلك بين أن يكون العدو (غير المسلمين) قد اكتسب وصف العداوة بارتكابه عدوانًا ماديًّا على المسلمين أو بالتحضير والإعداد لشن هذا العدوان، وبين أن يكون قد اكتسب هذا الوصف بغير ذلك، ولو كان لمجرد رفضه الخضوع للدولة الإسلامية وبقائه على غير دين الإسلام([2]).

وكثيرة هي الأدلة التي يسوقها أصحاب هذا الاتجاه من القرآن والسنة لإثبات وجهة نظرهم في شأن بيان حقيقة الأصل في علاقة الدولة الإسلامية بغيرها من الدول والجماعات التي لا تدين بالإسلام. فهم يرون أن آيات القرآن ذات الصلة بتنظيم علاقات المسلمين بغيرهم تشير إلى نوع من التدرج في الأحكام، وهو تدرج ينطوي على مراحل أربعة أساسية، كل منها ناسخة للتي قبلها، حتى صار القتال في الإسلام “شرعًا عامًا” يساق به الناس إلى الإيمان قسرًا عنهم([3]).

ساس الذي ينهض منطلقًا لإقامة هذه العلا وبيان ذلك أنه حين كان الرسول r بمكة، على ضراوة العدو وقلة النصير، لم يكن القتال مأمورًا به ولا حتى مأذونًا فيه، وإنما هو الصفح والإعراض أعمالاً لقوله تعالى: ﴿فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ﴾ (سورة البقرة: آية 109) حتى إذا هاجر الرسول وقويت بالمدينة شوكته أذن في القتال، متى كانت المبادأة من المشركين مصداقًا لقوله تعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ (سورة الحج: آية 39) فلما ازداد الإسلام قوة إلى قوة، فرض قتال مَن قاتل دون مَن لم يقاتِل حسبما تشير إليه الآية: ﴿وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ﴾ (سورة البقرة: آية 190)، حتى إذا بلغ الغاية وبعد بدر وأصر الناس – مع ذلك- على فسادهم، فرض القتال فرضًا عامًا كما جاء في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ﴾ (سورة التوبة: آية 5)([4]). وحيث أن الأحكام النهائية والقطعية المتضمنة في الآيتين الأخيرتين وفي غيرهما من آيات سورة براءة التي تعَدْ آخر ما نزل من القرآن في صدد تحديد علاقات الدول الإسلامية بالدول والجماعات غير الإسلامية، فإن مقاتلة غير المسلمين أصبحت شرعًا عامًا يكونون أمامه بين الهلاك التام وبين الدخول في الإسلام([5]).

ومن جهة ثانية، فإن أنصار الاتجاه المذكور – على خلاف ما يراه البعض من أصحاب الاتجاهات الأخرى- يذهبون إلى آيات سورة البقرة تشير – على الجملة- إلى عدم مهادنة الكفار ووجوب مقاتلتهم لمجرد الكفر([6]). فقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً﴾ (سورة البقرة: آية 208) نزل في أهل الكتاب ليأمروا بالدخول في الإسلام والإيمان بجميع شرائعه وأحكامه. وقوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ﴾ (سورة البقرة: آية 216) ناسخ من حيث إيجاب القتال بعد المنع عنه في سورة النساء ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ﴾ (سورة النساء: آية 77)، ومنسوخ من حيث وجوب القتال على الكل فأصبح فرضًا على الكفاية بمقتضى قوله تعالى في سورة التوبة: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً﴾ (سورة التوبة: آية 122). أما قوله تعالى: ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ﴾ (سورة البقرة: آية 191)، فإنه ينطوي على بيان حكم عام في جميع المشركين، إلا من كان بمكة، حيث أمر المسلمون بإخراجهم منها كما اضطروا المسلمين الخروج منها من قبل. والمبرر في قتال هؤلاء المشركين هو أن بقاءهم على كفرهم وشركهم فتنة، فالفتنة في الآية هي الشرك أو ارتداد المؤمن إلى عبادة الأوثان، وشرك القوم أعظم من قتل المسلمين إياهم وارتداد المؤمن إلى الأوثان أشد عليه من أن يقتل محقًا([7]). وأما قوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ﴾ (سورة البقرة: آية 190) فيشير إلى ذات المعنى الذي تشير إليه آية السيف: ﴿وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً﴾ (سورة التوبة: آية 36)، وليس المراد وقوع القتال من المشركين والكافرين بالفعل. وأيًّا ما كان الأمر، فإن الآية منسوخة بقوله تعالى في الآية التي تليها: ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ﴾ (سورة البقرة: آية 191)، أو بقوله تعالى في سورة براءة: ﴿فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ﴾ (سورة التوبة: آية 5) أو بقول تعالى في السورة نفسها: ﴿وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً﴾ (سورة التوبة: آية36)، مما يدل على أن الحكم النهائي في علاقة المسلمين بغيرهم من المشركين والكفار هو حملهم على الإسلام أو القتل([8]).

كذلك فإنه إذا كان المقصود في قوله تعالى في سورة البقرة: ﴿فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ (سورة البقرة: آية 192) هو انتهاء الكافرين عن قتال المسلمين دون كفرهم، فإن هذه الآية منسوخة بآية السيف ويكون معنى: ﴿فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ (سورة البقرة: آية 192) غفور للمسلمين حيث أسقط عنهم تكليف قتال المشركين، أما إذا أريد بالآية انتهاء المشركين عن شركهم وقتالهم المسلمين، فهي محكمة وعامة ويكون معنى ﴿فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ (سورة البقرة: آية 192) غفور لشرك المشركين وجرمهم لانتهائهم عن الشرك([9]).

ويشير أنصار الاتجاه المذكور – من ناحية ثالثة- إلى أنه إذا كان ظاهر قوله تعالى في سورة براءة: ﴿قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ (سورة التوبة: آية 29) يدل على أن مقاتلة أهل الكتاب ومعهم المجوس، كما دلت على ذلك السنة الصحيحة([10]) تكون على الإسلام أو دفع الجزية أو القتال، فإن المشركين والكافرين ممن هم ليسوا أهل الكتاب لا يكون لهم بصريح القرآن إلا الإسلام أو القتل. وإذا كان حديث بريدة المروي عن رسول الله r يشير إلى أنه كان يوصى أمراء الجيوش والسرايا بتخيير العدو من المشركين بين الإسلام، أو الجزية، أو القتال مما يستدل به على قبول أخذ الجزية من المشركين([11])، فإن هذا الحديث نسخته آية السيف في سورة براءة في قوله تعالى:﴿وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً﴾ (سورة التوبة: آية 36) أو قوله تعالى﴿فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ﴾ (سورة التوبة: آية 5).

ويستطرد أصحاب هذا الاتجاه إلى القول بأن قوله تعالى: ﴿فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ﴾ (سورة التوبة: آية 3) فيه دليل على أن المشركين حال اكتمال القوة للمسلمين عليهم وعدم انتهائهم عن الشرك، يقاتلون، أما قوله تعالى: ﴿إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾ (سورة التوبة: آية 4)، ففيه دليل على أنه حتى المشركين الذين عاهدوا المسلمين ولم ينقضوا عهدهم ولم يعاونوا أحدًا على المسلمين لا يتركوا إلا مدة العهد المضروب معهم، ثم بعد انقضاء هذه المدة يخيرون بين الإسلام والقتل، شأنهم في ذلك شأن غيرهم من المشركين الذين نقضوا عهدهم أو لم يكن لهم عهد مطلقًا أو كان لهم عهد مدته أقل من أربعة أشهر.

وأما قوله تعالى: ﴿فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ﴾ (سورة التوبة: آية 5) ففيه دليل على مقاتلة عموم المشركين باستثناء ما خصصته السنة من عدم جواز قتال من لا يشاركون في القتال من امرأة أو راهب أو صبي وغيرهم([12]). كما تدل الآية على قتل المشركين في أي موضع باستثناء ماخصصته الآيات الأخرى من عدم جواز قتالهم عند المسجد الحرام إلا إذا قاتلوا المسلمين فيه، بل إن في قوله تعالى: ﴿وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ﴾ (سورة التوبة: آية 5) الذي ينطوى على مواضع الغرة، ما يدل على جواز مقاتلة المشركين قبل الدعوة([13]). وكذلك فإن قوله تعالى ﴿فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ﴾ (سورة التوبة: آية 5) فيه دليل على أن القتل معلق على الشرك، على معنى أن القتل يزول بمجرد توبة المشركين عن الشرك، وما يقترن بهذه التوبة من شرطين آخرين هما: إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة([14]).

وبصفة عامة، فإن أصحاب هذا الاتجاه يذهبون إلى القول بأن آخر ما نزل من القرآن بصدد تنظيم علاقات المسلمين بالدول والجماعات غير الإسلامية – وهي الآيات التي تأمر بقتال أهل الكفر- قد جاءت مطلقة من أي تقييد برد عدوان أو دفع ضرر أو أي سبب آخر سوى أن غير المسلمين لا يدينون دين الحق (الإسلام) ولا يلتزمون أحكامه، مما يدل – في صراحة ووضوح تامين- على أن الأصل في هذه العلاقات هو أن الإصرار على الكفر والشرك ينهض في ذاته سببًا لمقاتلة أهله.

وإلى جانب ما سبق، فإن الاتجاه المذكور يذهب إلى أن ما تتصف به آيات القرآن التي تأمر بقتال أهل الكفر والشرك حتى يسلموا، من عموم وإطلاق، يتعزز ويتقوى بما ثبت في السنة من أحاديث عدة تشير – في صراحة ووضوح تامين – إلى مقاتلة أهل الكفر حتى يسلموا. فقد روى عن ابن عمر أن رسول الله r قال: “بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحى، وجعل الذل والصغار على من خالف أمرى”([15]). كما روى عن أبي هريرة أن رسول الله r قال: “أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله”([16]). فظاهر الحديثين – شأنهما في ذلك شأن الآيات المذكورة آنفًا- يدل على أن غير المسلمين إذا رفضوا الدخول في الإسلام بعد بلوغهم دعوته يقاتلون إذا كانوا مشركين، ويخيرون بين الجزية والقتال إذا كانوا من أهل الكتاب. وبعبارة أخرى: فإن قتال المشركين – كما يستفاد من أحكام القرآن والسنة- يكون مرهونًا ببقائهم على الشرك أو انتهائهم عنه([17]).

وخلاصة القول في عرض حجج وآراء الاتجاه المذكور، أن أنصاره يذهبون في صدد تأكيدهم على أن الأصل في علاقات المسلمين بغيرهم هو القتال لمجرد الكفر، إلى أن هذا الأصل يتمتع بأوصاف الإطلاق والعموم والثبات واللزوم، وذلك بناء على رأي مفاده أن آية السيف التي تشكل فصل الخطاب في قولهم بهذا الأصل نسخت آية ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ (سورة البقرة: آية 256) حتى صار قتال أهل الشرك بوصفهم هذا شرعًا عامًا لا يملكون حياله إلا الإسلام أو الهلاك([18]).

بيد أنه إذا كان مؤدي الاتجاه المذكور هو عدم جواز موادعة أهل الشرك طالما كان بالمسلمين قوة، فإن أنصار هذا الاتجاه لا يترددون في القول بأنه لا بأس بالموادعة ولا ضير من الدخول في معاهدات تحالف مع المشركين، متى رأى أولو الأمر في ذلك مصلحة للمسلمين، أو كان ذلك أمرًا ضروريًّا لدفع الضرر عنه، ويكون متعينًا على الدولة الإسلامية – والحال كذلك- الوفاء بأحكام هذه المعاهدات والنـزول على مقتضاها. وهم يستدلون على رأيهم بما ثبت في السنة من أن الرسول r وادع مشركي مكة وهو بالحديبية على أن تضع الحرب بينه وبينهم عشر سنين، ثم دخلت خزاعة في عهد الرسول r ودخلت بنو بكر في عهد قريش، فلما اعتدى هؤلاء على خزاعة نزل قوله تعالى: ﴿وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ﴾ (سورة التوبة: آية 12)، وأُمِر الرسول r، أن يعين حلفاءه([19])، بل إن قاعدة: “الضرورات تبيح المحظورات” قد حدت برأي في الفقه – ضمن الاتجاه المذكور- إلى القول بأنه إذا خاف المسلمون المشركين وطلبوا موادعتهم فأبى المشركون أن يوادعوهم حتى يعطيهن المسلمون على ذلك مالاً فلا بأس بذلك عند تحقق الضرورة([20]).

المطلب الثاني:

السلم هو الأصل في العلاقات الخارجية للدولة الإسلامية:

ينطلق هذا الاتجاه من فكرة مضادة تمامًا لسابقه، تتحصل في أن اعتبار الأصل في علاقات المسلمين بغيرهم هو قتالهم حتى يسلموا، من شأنه أن يصرف الذهن إلى أن الجهاد في معناه الضيق (اللجوء إلى القتال) وسيلة لإكراه الناس على الإسلام، وهو ما يتعارض والمبدأ الكلي – المحكم والثابت- في قوله تعالى: ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ (سورة البقرة: آية 256)، ولذلك، فإن أنصار هذا الاتجاه يرون أن النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة والحروب التي خاضها الرسول r والخلفاء الراشدون من بعده، كل هذه الأصول وتلك الممارسات – بغض النظر عن ترتيب نزولها أو تاريخ ورودها وزمان وقوعها- تشير إلى أن الأصل في علاقة المسلمين بغيرهم هو السلم حتى تكون دواعي القتال والحرب([21]). يدل على ذلك ما تضمنته آيات القرآن – وهي كثيرة- من الدعوة إلى السلم في كافة أحواله، كقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً﴾ (سورة البقرة: آية 208) واعتبار الحرب من عمل الشيطان ومن يسير فيها إنما يسير في خطوات الشيطان،كقوله تعالى: ﴿وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾ (سورة الأنعام: آية 142)، إلى جانب أمر المسلمين بالامتناع عن قتال من لم يقاتلهم ومن يلقى السلام عليهم من غيرهم كقوله تعالى: ﴿فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً﴾ (سورة النساء: آية 90)، فضلاً عن عدم جواز مقاتلة من يلقى السلام بدعوى أنه غير مؤمن، كقوله تعالى: ﴿وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا….. ﴾ (سورة النساء: آية 94). فهذه الآيات – في عمومها وجملتها- تتضمن مجموعة من الأحكام التي تفيد بأن الأصل في العلاقات الإسلامية هو السلم، إذ تأمر المسلمين جميعًا بالدخول في الإسلام بكل شرائعه وأحكامه حتى يتحقق الانقياد والاستسلام التام لطاعة الله عز وجل، كما أنها تشير إلى أن عدم مبادأة المسلمين بالقتال من جانب غيرهم، فضلاً عن إظهار هؤلاء تحية الإسلام أو أعلانهم الخضوع والاستسلام للمسلمين أو الدخول معهم في صلح – كل ذلك كاف لعدم مقاتلتهم والظهور عليهم. وبعبارة أخرى: فإن التفوه بتحية الإسلام وإعلان الاستسلام والانقياد بالقول، كاف – في حكم هذه الآيات- للحيلولة بين المسلمين وبين التعرض لمن أعلن انقياده لهم أو ألقى إليهم التحية التي تأخذ حكم العلاقات الرسمية الدالة في ظاهرها على المسالمة والمودة([22])، يؤكد ذلك أنه بعد أن حث الله تعالى المسلمين على ضرورة الاستعداد وإعداد العدة بكل ما هو آلة للجهاد والقتال في قوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ﴾ (سورة الأنفال: آية 60)، بعد هذه الآية، ورد قوله تعالى: ﴿وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ﴾ (سورة الأنفال: آية 61)، وفيه توجيه عام إلى النبي r وإلى المسلمين بأنه إن مال الأعداء عن جانب الحرب إلى جانب السلم خلافًا للمعهود منهم في حال قوتهم، فما على الرسول والمسلمين إلا الجنوح كذلك للسلم لأن المسلمين أولى به من غيرهم. يتقوى هذا المعنى العام والثابت بحقيقة أنه على الرغم من أن الألفاظ الواردة بالآية مثل لفظة “إن” التي يعبر بها عن المشكوك في وقوعه أو ما من شأنه ألا يقع، تشير إلى أن الأعداء ليسوا أهلاً لاختيار السلم لذاته وأنه لا يؤمن أن يكون جنوحهم إليه كيدًا وخداعًا، إلا أن المسلمين – رغم كل ذلك- مأمورون بالميل إلى جانب السلم، مفوضين أمرهم في ذلك إلى الله تعالى الذي يكفيهم كيد أعدائهم كذلك فإن قوله تعالى في الآية التالية مباشرة للآية السابقة: ﴿وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ…﴾ (سورة الأنفال: آية 62) فيه تأكيد للمعنى العام بضرورة الجنوح للسلم وقبوله متى جنح إليه الأعداء، لأن مقتضى الآية أنه على الرغم مما قد يريده الأعداء من خداع الرسول r والمسلمين بإظهارهم الجنوح للسلم لأجل الاستعداد للحرب أو انتظارًا لغرة تمكنهم من المسلمين، إلا أن المسلمين مأمورون – مع ذلك- بقبول الميل للسلم من جانب الأعداء، لأن الله تعالى كاف المسلمين أمر أعدائهم من كافة الوجوه، وكل ذلك مما يدعم القول بأن الأصل العام والثابت في علاقة المسلمين بغيرهم يكمن في أنه إذا اعتزل الكافرون المسلمين وطلبوا الصلح منهم لم يجز للمسلمين قتالهم وكان على المسلمين الميل إلى السلم وقبول الصلح من غيرهم، أعمالاً لمبدأ “أن القتال لمن يقاتلنا”([23]).

ومن جهة ثانية: فإن أصحاب الاتجاه المذكور يذهبون إلى أن جميع الآيات التي تأمر بقتال المشركين والكفار لم ترد – كما يقول بذلك أنصار الاتجاه الأول- عامة ومطلقة من أي تقييد، وإنما هي – على العكس من ذلك- تشير إلى العديد من الأسباب التي تحتم على المسلمين مقاتلة غيرهم، وكلها أسباب ليس من بينها قتال المشركين أو الكفار بوصفهم هذا أي لمجرد كونهم كفارًا.

وبيان ذلك أن قوله تعالى في سورة البقرة: ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ﴾ (سورة البقرة: آية 191) قد أتى في سياق الذين يقاتلون المسلمين فعلاً، فهؤلاء يكون للمسلمين قتالهم أني وجدوهم. وقوله تعالى: ﴿الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ… ﴾ (سورة البقرة: آية 194) دليل محكم على مقابلة الاعتداء في الشهر الحرام بمثله. كذلك فإن قوله تعالى: ﴿وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ﴾ (سورة المائدة: آية 2) فيه نهي للمسلمين عن أن يحملهم بغض الكفار لأجل أن صدوهم عن المسجد الحرام في عمرة الحديبية على الاعتداء على المشركين بما لا يحل لهم شرعًا ([24]). أما قوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ﴾ (سورة البقرة: آية 190)، فإنه ليس – كما يذهب إلى ذلك الاتجاه الأول- حكمًا عامًا بجميع غير المسلمين سواء منهم من قاتل المسلمين فعلاً أم سالمهم، كما أن الحكم المتضمن في الآية لم يرد عليه النسخ، فالآية محكمة وحكمها خاص بمن يقاتل المسلمين فعلاً، وإلا كانت مبادأة المشركين أو الكتابيين بالقتال عدوانًا ومجاوزة للحد، والله تعالى لا يحب العدوان. كما أن النسخ لم يرد على الآية لأنها تتضمن معاني لا تقبل النسخ، فهي تنهي عن الاعتداء، والاعتداء ظلم والظلم حرام، وفضلاً على ذلك: فإنه لو كان القتل للكفر جائزًا، وأن الآية منسوخة، لكان معنى ذلك أن الإكراه على الدين جائز، وهو ممنوع بصريح الكتاب والسنة([25]).

والأكثر من ذلك، أن آيات سورة براءة التي تعد آخر ما نزل من القرآن بصدد علاقات المسلمين بغيرهم، والتي تأمر المسلمين بقتالهم، هذه الآيات قد عددت لمقاتلة غير المسلمين أسبابًا ليس من بينها ذلك السبب المتمثل في مجرد بقائهم على كفرهم وضلالهم، بل إن هذه الأسباب – بصفة عامة- تتحصل في نقض العهود، وإخراج الرسول r من مكة مهاجرًا إلى المدينة، أو إخراجه r من المدينة لقتال أهل مكة للنكث الذي كان منهم حين نقضوا صلح الحديبية وأعانوا بنى بكر على خزاعة حلفاء الرسول r، ومظاهرتهم لغير المسلمين عليهم، ومبادأتهم المسلمين بالقتال كما حدث في بدر، وذلك حين أبوا الانصراف بعد أن أحرزوا عيرهم وأصروا على الوصول إلى بدر وشرب الخمر فيها، وصد الرسول r والمسلمين عن دخول البيت الحرام للحج والعمرة والطواف. كما يأتي ضمن هذه الأسباب، المحافظة على جماعة المسلمين الذين بقوا بمكة ولم يستطيعوا الخروج منها لسبب أو لآخر، أو درء الفتنة في الدين ومواجهة الطعن فيه، وإعلاء كلمة الله ونشر مبادئ العدل والفضيلة([26]).

وإلى جانب ما سبق، فإن أنصار هذا الاتجاه يرون أن استعراض جميع غزوات الرسول r وجهاده القتالي، هو والخلفاء الراشدين من بعده، يكشف عن أن الأسباب الكامنة وراءها تتعدى مجرد الكفر أو الشرك لتتحصل في وقوع اعتداء فعلي على الدولة الإسلامية داخل حدودها وفي نطاق إقليمها (وهو ما تفسره وتوضحه حروبه r ضد مشركي مكة الذين آذوه حتى اضطروه إلى الخروج من مكة، كما اعتدوا على أتباعه فيها بعد أن خرج منها، بل جمعوا عتادهم في كافة أنحاء الجزيرة العربية وتتبعوا الدعوة في المدينة ليقتلعوها من جذورها حتى كان لابد – والحال كذلك- من مقاتلتهم في كافة أنحاء الجزيرة كيما لا تقوم لهم دولة)، أو في وجود دلائل قوية تشير إلى انعقاد النية لدى غير المسلمين على مهاجمتهم فيكون الداعي لقتال غير المسلمين هو الحماية من الاعتداء الوشيك أو المتوقع (وهو ما توضحه حروبه r ضد الفرس والروم. حيث رد كسرى على كتاب الرسول r الخاص بدعوته إلى الإسلام بأن أرسل إلى النبي من يقتله، وهو ما فعله هرقل الروم أيضًا حينما أمر بقتل من أسلم من أهل الشام، مما أقام الدليل على عدوانهم المتوقع، وأنه ليس للرسول r وأصحابه أن ينتظروا حتى ينقض عليهم كسرى من الشرق وهرقل من الغرب)، أو أن تكون ثمة دلائل قوية على محاولة إحداث نوع من الفتنة والاضطراب في الدول غير الإسلامية، بما ينطوي على اعتداء حكامها على عقيدة من تحت سلطانهم ممن اختاروا الإسلام دينا فيرهقونهم في عقيدتهم ويحولون بينهم وبين مباشرة حرياتهم العامة في اختيار العقيدة الصحيحة عن رضا واقتناع (وهو ما تفسره تلك الجيوش التي أمر الرسول r وهو في مرض الموت بتجهيزها وإرسالها لقتال الروم في الشام بغرض إزالة الحواجز المادية التي تقف في وجه الدعوة الإسلامية وتصرف الناس عن الالتفات إليها)، أو أن يكون قتال غير المسلمين مرده إلى نقضهم لعهودهم مع المسلمين (وهو ما تفسره وتوضحه حروبه r لليهود في المدينة وإصراره r على ضرورة إجلائهم من كل جزيرة العرب. وكذلك حروبه r ضد مشركي قريش لنقضهم معاهدة الحديبية)([27]).

وفضلاً عن هذه الأسباب التي كانت تشكل دافعًا لحروبه r ضد الكفار والمشركين، فإنه – r هو والخلفاء الراشدون من بعده- كان يحرص على تخيير غير المسلمين بين أمور ثلاثة وهي: الإسلام حتى يكون الجميع إخوانًا متحابين في الله، فإن رفضوا فالعهد وإعطاء الجزية حتى يعلنوا الانقياد والخضوع للإسلام فيأمن المسلمون اعتداءاتهم، فالقتال لأن نية الاعتداء – والحال كذلك- تكون متحققة لدى أعداء المسلمين، ويكون من الحمق تركهم حتى يداهموا المسلمين في ديارهم([28])، وكل ذلك يدل على أن سيرته r في قتال الكفار والمشركين تؤكد أنه r لم يبدأ أحدًا منهم بقتال، وأن كل من هادنه من الكفار لم يقاتله، ولو كان الله أمره أن يقتل كل كافر لكان ابتدأهم بالقتل والقتال([29]).

ومن جهة ثالثة، فإن أصحاب الاتجاه المذكور يذهبون إلى أنه لا يوجد أي نوع من التعارض بين آيات القرآن وبعضها البعض، أو فيما بينها وبين الأحاديث النبوية الصحيحة بالنسبة لبيان الأحكام المنظمة لعلاقات الدولة الإسلامية مع غيرها من الدول والجماعات التي لا تدين بالإسلام. فهذه الأصول جميعها تتفق على حكم واحد مفاده: أن الأصل في هذه العلاقات هو السلم، حتى تكون دواعي الحرب والقتال. يوضح ذلك أنه إذا كانت آيات القرآن قد خصت أهل الكتاب بإعطاء الجزية، وجعلت ذلك مظهرًا ماديًّا كافيًّا للانتهاء عن مقاتلتهم، وإذا كان مقتضى حديث بريده السالف الإشارة إليه يشير إلى جواز أخذ الجزية من عموم المشركين، إلا أن الجمع بين الآية والحديث أمر قائم ومتحقق بالنظر إلى أن الآية لم تنه عن أخذ الجزية من المشركين([30]).

وأخيرًا، فإن أنصار هذا الاتجاه يشيرون إلى أن ما ذهب إليه الشافعي من أن الدنيا في الأصل دار واحدة، وأن تقسيمها إلى دارين هو أمر طارئ وما قرره الفقهاء في أصولهم من أن الأصل في الأشياء الإباحة، والأصل الخلو من التكاليف، والأصل في الذمة البراءة، كل ذلك يشير إلى أن الأصل في علاقات المسلمين بغيرهم هو السلم حتى تكون دواعي الحرب والقتال([31]). وإذا كان اشتعال الحروب بين المسلمين وغيرهم – وخاصة في عهدي الأمويين والعباسيين، في محاولة من الدول غير الإسلامية للإبقاء على زعامتهم وإطفاء نور الإسلام قبل أن يعم ويضيئ بين رعاياهم – قد ساعد على ظهور الاجتهاد الفقهي والبحث في الأصل في علاقة المسلمين بغيرهم، وما انتهى إليه بعض الفقهاء في ذلك تحت تأثير الواقع المعاش إلى أن هذا الأصل يكمن في مقاتلة أهل الكفر بوصفهم هذا، إذا كان كذلك، فإن الغالبية من الفقهاء لم تستق الحكم من مجريات الواقع بل أخذته من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة والحروب المحمدية، ولذلك اعتبرت العلاقة هي السلم حتى تكون دواعي الحرب. وإذا كان الفقهاء قد أجمعوا كلهم على أن دار المخالفين تسمى دار حرب، “فلأنها كانت في عصر الاجتهاد الفقهي هذا دار حرب بسبب تلك الاعتداءات المتكررة من الأعداء والمدافعة المستمرة من المسلمين”([32]).

وخلاصة القول في كل ما سبق، أن آيات القرآن وسنة الرسول r وعمل السلف من بعده تقرر جميعها وتؤكد أن السلم هو الأصل في العلاقات الخارجية للدولة الإسلامية، فهو إن شئت فقل “الحالة العادية” لهذه العلاقات، وأن الحرب لا تعدو أن تكون “حالة استثنائية” على هذا الأصل العام، لا يصار إليها إلا لأسباب تقتضيها ودواعٍ تحتمها، وكلها أسباب ودواعٍ لا تنطوي على ما يفيد أو يجيز مقاتلة “غير المسلمين” لمجرد بقائهم على غير ديانة الإسلام([33]).

بيد أنه إذا كان مؤدي الاتجاه السابق أن السلم هو الأصل في العلاقات الخارجية للدولة الإسلامية، فإن ذلك لا يعني أن يكون المسلمون “في حالة سلبية مطلقة، وإنما قد يكون لهم دور إيجابي في البدء بالقتال عند توافر مقتضياته، كما أن حق الحرية يخول للدولة الإسلامية حق التدخل دفاعًا عن حقوقها أو رعاياها، أو دفاعًا عن الإنسانية”([34]). وبعبارة أخرى، فإن تأسيس العلاقات بين المسلمين وغيرهم على السلم لا يعني – من وجهة نظر أصحاب هذا الاتجاه- ترك الجهاد أو عدم الاستعداد، وإنما يتعين على ولاة الأمر في الدولة الإسلامية العمل دائمًا بمقتضى قوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ﴾ (سورة الأنفال: آية 60). فيتعين التقوِّي بكل ما هو آله للجهاد في عصره وحينه، لإرهاب العدو البين الظاهر والعدو الخفي الباطن، إلى غير ذلك مما يندرج في نطاق ما يسمى في القاموس السياسي المعاصر “بالسلم المسلح”. فإعداد العدة من شأنه إرهاب العدو فيمتنع عن الإقدام على محاربة المسلمين، بخلاف الضعف الذي يغري الأقوياء بالتعدي على الضعفاء. كذلك، فإن السلم في مفهوم القائلين به كأصل لعلاقات المسلمين بغيرهم لا يعني الولاية والتناصر أو المحبة والتواد بين المسلمين وغيرهم. فالأصل في ذلك هو الحذر منهم حتى تتبين سلامة نواياهم، وعدم موالاتهم أو مناصرتهم دون المسلمين، وكذلك عدم الدخول في علاقات تعاون معهم إلا إذا ثبت نواياهم الحسنة واستقاموا على عهودهم مع المسلمين، وذلك أعمالاً لقوله تعالى ﴿لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ﴾ (سورة الممتحنة: آية 8)([35]).

المطلب الثالث:

سيادة النظام الإسلامي هي المعوّل عليه في تحديد علاقات المسلمين بغيرهم

يستنبط من شروح بعض المفسرين، وخاصة المحدثين منهم، أن مناط العلاقة بين الدولة الإسلامية وغيرها من الدول والجماعات التي لا تدين بالإسلام يكمن فيما يكون عليه موقف هؤلاء الأخيرين من مبدأ سيادة النظام الإسلامي وإخضاع المعمورة قاطبة لأحكام الشريعة الإسلامية. ومقتضى هذا الاتجاه أنه من لم يمنع المسلمين من الكفار والمشركين من إقامة دين الله في الأرض لم تكن مضرة كفره إلا على نفسه، أما من تصدي لهذه الغاية ووقف عقبة دون بلوغها كان جزاؤه القتل والهلاك، وذلك مصداقًا لما جاء في الحديث “أن الخطيئة إذا أخفيت، لم تضر إلا صاحبها، ولكن إذا ظهرت فلم تنكر ضرت العامة”([36])، كما قال الفقهاء: “أن الداعية إلى البدع المخالفة للكتاب والسنة يعاقب بما لا يعاقب به الساكت”([37]).

وبعبارة أخرى، فإن الدعوة إلى الله تعالى والعمل على ضمان سيادة النظام الإسلامي تتم – حسبما يرى أنصار هذا الاتجاه- بطريقتين: طريق لين وطريق قسوة. أما طريق اللين فهي: الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والقول اللين، فإن نجحت هذه الطريقة فبها ونعمت، وإلا تحتم اللجوء إلى طريق القسوة حتى يسود منهج الله في الأرض، مصداقًا لقوله تعالى ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ﴾ (سورة الحديد: آية 25). ففي الآية إشارة إلى إعمال السيف بعد إقامة الحجة، فإن لم تنفع الكتب تعينت الكتائب ورسول الله قاتل لتكون كلمة الله تعالى هي العليا، والله قد يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن. كما أن قوله :r “من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله”، يوضح الهدف الأساسي والمقصد النهائي للجهاد، وهو سيادة شرع الله”([38]).

وينبني على ما سبق، أن الأمر النهائي بقتال المشركين والكفار ليس – كما يرى أصحاب الاتجاه الأول- هو كونهم على الشرك مجردًا في ذاته، وإنما هو لاعلاء كلمة الله ونشر دعوته وإقامة منهجه في عموم الأرض. يتضح ذلك فيما تنطوي عليه مراحل الدعوة والجهاد في عهد الرسول r من تدرج، ابتدئ بالإذن له في الهجرة، ثم الإذن له في القتال، ثم الأمر بمقاتلة من قاتله والكف عمن اعتزله ولم يقاتله، فالأمر بقتال المشركين حتى يكون الدين لله([39]).

وواقع الأمر أن الفكرة الأساسية التي يقوم عليها الاتجاه المذكور تكمن فيما يعرف “بالحاكمية” أي تحقيق الخضوع التام لمنهج الله، وما يقتضيه ذلك من ضرورة العمل من قبل الدولة الإسلامية على التخلية بين الناس (كل الناس) في الأرض (جميع الأرض) وبين العقيدة الإسلامية، بحيث يباشرون حرية الاعتقاد دونما قسر أو إكراه، وذلك في ظل غلبة الإسلام وظهوره كدعوة عالمية.

وبعبارة أخرى، فإن هذا الاتجاه – في صدد تحديده للأصل العام في علاقات المسلمين بغيرهم- يعول على ضرورة تحقيق السريان التام والفعلي للمبادئ العليا للشريعة الإسلامية، بغض النظر عمن يعتنق الإسلام أو يظل على ما هو عليه.

فقوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ﴾ (سورة البقرة: آية 193) وقوله تعالى ﴿قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ (سورة التوبة: آية 29)، هذه الآيات تدل على أن الغاية التي تحكم علاقات المسلمين بغيرهم تكمن في ضرورة أن تكون الغلبة والظهور والسيادة للدين الإسلامي، حتى لا يكون ثمة أدنى وسيلة أو ذريعة لفتنة المسلمين في دينهم وصرفهم عنه. ولا يختلف هذا الحكم في علاقة المسلمين بالمشركين عنه في صدد علاقتهم بأهل الكتاب. فالغاية من مقاتلة هؤلاء أيضًا إذا ما قامت دواعي القتال وتجمعت أسبابه، هي خضوع أهل الكتاب لسيادة الإسلام وارتضائهم الامتثال لمقتضى أحكامه العامة. يؤيد ذلك أن الصفات والأسباب الموجبة لمقاتلة أهل الكتاب – كما تفيد الآية الأخيرة- قمينة بإخراجهم من ملة التوحيد إلى الكفر والشرك فيستوون بذلك مع المشركين ابتداءً. وفضلاً عن ذلك، فإنه لا يعقل أن تكون الجزية سببًا لمقاتلة أهل الكتاب أو غاية لقتالهم، فالثابت في السنة وفي رأي جل الفقهاء والمفسرين أنها في هذا الخصوص يرجع – في رأي الفقهاء والمفسرين- إلى الأسباب والعلل التي تضمنتها آيات سورة التوبة الموجبة لقتالهم. وكذلك الأحاديث الصحيحة الناطقة بوجوب جعل جزيرة العرب خاصة بالمسلمين([40]).

كذلك فإن قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ (سورة التوبة: آية 33)، وقول الرسول r في معرض رده على عمه أبي طالب وقد عرض عليه إغراءات قريش نظير تخليه عن الدعوة الإسلامية “والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه”، كل ذلك يؤكد أن المعول عليه في صدد علاقات المسلمين بغيرهم هو أن تكون السيادة والغلبة للإسلام، وأنه بالجمع بين مقتضى الآيات والأحاديث السابقة وبين قوله تعالى: ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ (سورة البقرة: آية 256) الذي ينفى حمل الناس على الإسلام بالإكراه، يتبين أن غاية هذه العلاقات تكمن في ضرورة أن يسود حكم الإسلام وأن هذه السيادة لابد وأنها حاصلة ولو كره المشركون وغيرهم ذلك، وأنه لا ضير – والحال كذلك- من وجود غير مسلمين يأبون الدخول في دين الإسلام ولكنهم يرتضون الخضوع لأحكامه([41]).

ولعله يتبدي من آراء القائلين بهذا الاتجاه أنهم يركزون في تأسيس علاقات الدولة الإسلامية بغيرها من الدول والجماعات التي لا تدين بالإسلام- على “الجانب الرسمي” أو “الطابع العام” لهذه العلاقات، وما إذا كانت النظم القائمة في الدولة المعنية تقف عقبة أمام وصول الدعوة الإسلامية إلى الأفراد والشعوب الخاضعة لسيطرتها، أو تحول ببقائها واستمرارها بين هؤلاء وبين مباشرة حرية الاعتقاد أم أنها تفسح المجال في هذا الخصوص بما يمكِّن الأفراد من قبول الإسلام كعقيدة عن بينة واقتناع([42]).

وبعبارة أخرى، فإن هذا الاتجاه يقوم على عدة فروض أساسية مفادها: التزام الدولة الإسلامية بنشر الدعوة والتمكين لها باعتبارها دعوة عالمية، وأن مناط تحقيق العالمية في الدعوة يكمن في العمل فعلاً على ضمان السيادة لمنهج الله في الأرض، بما في ذلك من ضمان الحرية الدينية ومباشرتها من قبل غير المسلمين في الدول والجماعات التي لا تدين بالإسلام في رضا واقتناع ودون ما تسر أو إكراه، فضلاً عن أن تحديد أسلوب وشكل التعامل مع النظم القائمة في الدول وتلك الجماعات يكون مرهونًا بموقفها من الدعوة الإسلامية تسهيلاً أو تعويقًا([43]). “فالإسلام هو الأصل العالمي الذي على البشرية كلها أن تفئ إليه أو تسالمه بجملتها، فلا تقف لدعوته بأي حائل من نظام سياسي أو قوة مادية وأن تخلى بينه وبين كل فرد، يختاره أو لا يختاره بمطلق إرادته ولكن لا يقاومه ولا يحاربه، فإن فعل ذلك أحد، كان على الإسلام أن يقاتله حتى يقتله أو يعلن استسلامه له”([44]).

وخلاصة القول في عرض آراء هذا الاتجاه أنه يعول في صدد مواجهته للدول والجماعات غير الإسلامية على كون النظم القائمة فيها تشكل “رموزًا” -أو إن شئت فقل: “عوائق مادية”- يترتب على وجودها واستمرارها صرف الناس وفتنتهم في دينهم. ولهذا كانت “الوسيلة العملية لضمان إزالة هذه العوائق المادية وعدم الإكراه على اعتناق الإسلام في الوقت ذاته، هي كسر شوكة السلطات القائمة على غير دين الحق حتى تستسلم وتعلن استسلامها بقبول إعطاء الجزية فعلاً. وعندئذ تتم عملية التحرير فعلاً، بضمان الحرية لكل فرد في أن يختار دين الحق عن اقتناع، فإن لم يقتنع بقي في عقيدته وأعطى الجزية لتحقيق عدة أهداف: أولها: أن يعلن بإعطائها استسلامه وعدم مقاومته بالقوة المادية للدعوة إلى دين الله الحق. ثانيها: أن يساهم في نفقات الدفع عن نفسه وماله وعرضه وحرماته التي يكفلها الإسلام لأهل الذمة، وثالثها: المساهمة في بيت مال المسلمين الذي يضمن الكفالة والإعاشة لكل عاجز عن العمل، بما في ذلك أهل الذمة، بلا تفرقة بينهم وبين المسلمين دافعي الزكاة([45]). ومما يؤيد ضرورة التعويل أساسًا في التعامل مع غير المسلمين على ما يكون عليه موقف النظم القائمة من الدعوة الإسلامية، ما يشير إليه قوله تعالى ﴿وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ﴾ (سورة التوبة: آية 12) من ضرورة البدء بقتال الرؤساء المتأصلين في الكفر باعتبار وجودهم فتنة لمن تحت سيطرتهم ولأن قتالهم قتال لأتباعهم([46]). يؤيد ذلك أيضًا ما تفيده كتب الرسول r إلى ملوك وحكام البلاد غير الإسلامية من إلقاء تبعة الرعية على الحاكم، إن هو رفض الدخول في الإسلام، وأن قتال هؤلاء الرعية لا يكون موجها إليهم بوصفهم أفرادًا ظلوا على دينهم المخالف لدين الإسلام وإنما باعتبارهم جندًا في جيوش النظم المناوئة للدعوة الإسلامية وإعلاء منهج الإسلام في الأرض. آية ذلك ما جاء في كتاب الرسول r إلى المقوقس عظيم القبط “فإن توليت فعليك إثم القبط”، وما جاء في كتابه r إلى كسرى عظيم فارس: “فإن أبيت (الإسلام) فإن إثم المجوس عليك”، وكذلك ما جاء في كتابه r إلى هرقل عظيم الروم “فإن توليت فعليك إثم الأريسيين”. فكل هذه الرسائل تضمنت دعوة الحكام إلى الإسلام والدخول فيه، وألا يقف الحاكم عقبة تحول دون دخول الرعية في الإسلام، لأنه بعدم ارتضائه الدخول في الإسلام، لن يسمح -منطقًا وعملاً- بدخول رعاياه في هذا الدين، مصداقًا للعرف السائد في جزيرة العرب وغيرها من أن “الناس عادة على دين ملوكهم”([47]).

على أن ثمة ملاحظة أساسية يتميز بها الاتجاه السابق- وتفرق بينه وبين الاتجاه الأول الذي يؤسس علاقات المسلمين بغيرهم على القتال لمجرد الكفر- وهي أنه بينما لا يقبل أنصار الاتجاه الأول ببقاء الشرك مع اكتمال الغلبة والقوة للمسلمين، لأن غير المسلمين من المشركين يخيرون -والحال كذلك- بين الإسلام أو القتل، فإن الاتجاه الذي يعول تأسيس العلاقة بين المسلمين وغيرهم- على تحقق السيادة للدين الإسلامي يفترض وجود غير مسلمين- من مشركين وغيرهم- في نطاق الدولة الإسلامية ماداموا خاضعين للسيادة الإسلامية. وفضلاً عن ذلك، فإن أنصار هذا الاتجاه- على خلاف ما يقول به أصحاب الاتجاه الأول- يذهبون إلى أن الأحكام النهائية التي أتت عليها سورة براءة في صدد تنظيم علاقات المسلمين بغيرهم ليست ناسخة لما نزل قبلها من أحكام، وأنها وإن كانت تتصف بكونها أحكام نهائية وقطعية، إلا أن منهج الدين الإسلامي- في حقيقته وطبيعة تطوره- “حركة ذات مراحل، كل مرحلة لها وسائل مكافئة لمقتضاتها وحاجاتها الواقعية. فهو لا يقابل الواقع بنظريات مجردة، كما أنه لا يقابل مراحل هذا الواقع بوسائل متجمدة… والذين يسوقون النصوص القرآنية للاستشهاد بها على منهج الدين الإسلامي في الجهاد، ولا يراعون هذه السمة فيه ولا يدركون طبيعة المراحل التي مر بها هذا المنهج، وعلاقة النصوص بكل مرحلة منها، الذين يصنعون هذا يخلطون خلطًا شديدًا ويلبسون منهج الدين لبسًا مضلاً ويحملون النصوص مالا تحتمله من المبادئ والقواعد النهائية”([48]).

ومؤدي ذلك، من وجهة نظر أصحاب هذا الاتجاه، أن الأحكام المرحلية السابقة على الأحكام النهائية في سورة براءة ليست منسوخة بحيث لا يجوز العمل بها في أي ظرف من ظروف الأمة المسلمة بعد نزول الأحكام الأخيرة المشار إليها. فالواقع الذي تواجهه الدولة الإسلامية في شتى الظروف والأمكنة والأزمنة هو الذي يحدد – من خلال الاجتهاد المطلق- أي الأحكام هو الأنسب للأخذ به في كل ظرف من الظروف التي تعيشها الأمة، أو في أي زمان تعيش فيه، مع عدم نسيان الأحكام النهائية والقطيعة التي يجب أن يصار إليها متى أصبحت الدولة الإسلامية قادرة على تنفيذها، كما كان الشأن عند نزول هذه الأحكام وما بعد ذلك إبان عصر الفتوحات الإسلامية التي سارت على هديها، سواء فيما يتصل بالعلاقات مع المشركين أو فيما يختص بمعاملة أهل الكتاب([49]).

المطلب الرابع: اتجاهات تأصيل العلاقات الخارجية للدولة الإسلامية: نقد وتمحيص

واقع الأمر أن انعام النظر في الاتجاهات السالف بيانها بشأن تأصيل علاقات المسلمين بغيرهم يكشف عن أن هذه الاتجاهات- على الرغم من تعارض أسمائها واختلاف تفاصيلها- فإنها جميعًا تلتقى في نقاط أساسية وجوهرية.

وبيان ذلك، من جهة أولى، أن الاتجاهات المشار إليها تجمع كافة على “عالمية الدعوة الإسلامية”، باعتبارها خاتمة الرسالات السماوية من الله تعالى إلى الخلق أجمعين. وكل هذه الاتجاهات ترتب على تلك الحقيقة المشتركة، نتيجة أساسية مفادها أن وقوف النظم القائمة في الدول غير الإسلامية حائلاً دون وصول الدعوة إلى رعاياها أو تعذيب هؤلاء الرعايا واضطهادهم لفتنتهم في الدين وصرفهم عن مباشرة حرية الاعتقاد، كل ذلك ينهض مبررًا كافيًّا في نظر الاتجاهات سالفة الذكر لمقاتلة غير المسلمين حتى تنقشع الفتنة ويزول الاضطهاد ويتمكن الأفراد والشعوب من الوقوف على حقيقة الدين الحق. وبعبارة أخرى، فإن الاتجاهات المعنية تتفق جميعا في أنه في حال ما يكون بالدولة الإسلامية قوة وتتحقق لها الغلبة والمنعة، فإنها تتوجه صوب البلاد غير الإسلامية لدعوتها إلى الإسلام. وكل ما هنالك أنه حال اضطرار الدولة الإسلامية إلى مقاتلة أي من هذه البلاد، فإن أنصار الاتجاه الأول يرون في بقاء الكافرين على كفرهم “أي مجرد الكفر في ذاته” السبب الأصيل في استمرار مقاتلهم، على خلاف أنصار الاتجاه الثاني الذين يرون أن رفض الكافرين الدخول في الإسلام، وكذلك رفضهم إعلان العهد والاستسلام للمسلمين بدفع الجزية يدل على توافر نية الاعتداء لديهم، مما يتعين معه مقاتلتهم حماية لدار الإسلام وتأمينا للدعوة الإسلامية. أما أصحاب الاتجاه الثالث فأنهم يبررون القتال في مثل هذه الحالة بحقيقة أن بقاء النظم المناوئة للدعوة الإسلامية من شأنه أن يحول بين الشعوب الخاضعة لهذه النظم وبين اختيار الإسلام على أساس صحيح وسليم، فضلاً عما يشكله بقاء تلك النظم من عقبة في وجه تحقيق السيادة للنظام الإسلامي.

– ومن جهة ثانية، فإنه إذا كان بعض أنصار الاتجاه الثاني يستدلون بقوله تعالى: ﴿إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ﴾ (سورة التوبة: آية 7) على جواز تأبيد الصلح مع غير المسلمين ولو كانوا مشركين، وهو ما يعتبره أنصار الاتجاه الأول مخالفًا لمقتضى الأحكام النهائية التي لا تجيز موادعة المشركين حال تمكن المسلمين منهم، في حين يرى الاتجاه الثالث أن هذا الحكم (موادعة المشركين ومهادنتهم) ليس بمنسوخ ولكنه حكم ثابت يمكن الأخذ به متى اقتضت أحوال الدولة الإسلامية ذلك، إذا كان ذلك كذلك، فإن مثل هذا الاختلاف بين الاتجاهات سالفة الذكر لا يحول دون وجود حد أدنى من الاتفاق فيما بين أنصارها بخصوص هذه المسألة. فالقول بجواز الصلح الدائم مع غير المسلمين لا يعني – من وجهة نظر القائلين به- الافتئات على واجب الدعوة أو النيل من الالتزام العام المفروض على المسلمين بوجوب العمل على نشرها والتمكين لها. ذلك أن المفروض شرعًا، وكما يؤكده أصحاب الاتجاه المعنى، ألا ينطوي مثل هذا الصلح –إن تحقق- على تعطيل لمهمة نشر الدعوة أو المساس بكليات الدين الإسلامي وأصوله أو التزام الدولة الإسلامية الحياد تجاه ما قد يحدث من فتنة تطال حرية الاعتقاد في الدولة غير الإسلامية (الطرف الآخر في الصلح).

وبعبارة أخرى: فإنه إذا ما قامت الدولة الإسلامية بمباشرة واجبها في نشر الدعوة ثم وقف المعاهدون في طريقها أو حالوا دون وصول الدعوة إلى رعاياهم، عد مسلكهم في هذا الشأن ناقضًا للعهد المبرم بينهم وبين الدولة الإسلامية وكان لهذه الأخيرة أن تقاتلهم. والحال كذلك بالنسبة للذين يرون في الأحكام المتضمنة في سورة براءة فصل الخطاب في صدد تحديد ما تكون عليه علاقات المسلمين بغيرهم، سواء في ذلك من قال منهم بأن هذه الأحكام ناسخة لما قبلها أو من قال بعدم النسخ وملائمة كل حكم لأوضاع محددة وواقع معين، فمثل هؤلاء جميعًا يتفقون في أن الإسلام لا يتحقق في ربوع المعمورة إلا بالقضاء على معاقل الشرك وقهر شوكة الباطل، وهو ما لا يستقيم – من وجهة نظرهم- بمهادنة المشركين والكافرين ومصالحتهم.

– ومن جهة ثالثة: فإن اختلاف منهاجية التعامل مع آيات القرآن والأحاديث النبوية كان وراء الاختلاف الذي ساد الاتجاهات الثلاثة بالنسبة لتصورهم أو تحديدهم لما هية الأصل في العلاقات الخارجية للدولة الإسلامية. فالذين تعاملوا مع هذه المصادر الأصولية وفسروها في سياق الأحداث التي نزلت فيها تحت تأثير واقع انقسام الأمة الإسلامية وتفرق جمعها وانخراط الدول الإسلامية في تنظيم دولي معاصر يقوم على تحريم العدوان واحترام السيادة الإقليمية، انتهوا إلى أنه لا يوجد نسخ بين الآيات والأحاديث وبين بعضها البعض، بل إن كلا منها يتضمن حكمًا عامًا – ثابتًا ومحكمًا- وأنها جميعًا تشير إلى أن الأصل في علاقات المسلمين بغيرهم هو السلم حتى تكون دواعي القتال. وأما الذين عايشوا الواقع الذي اشتعلت فيه الحروب والصراعات بين المسلمين وغيرهم سواء في عهد الخلفاء الراشدين أو في عهدي الأمويين والعباسيين – وهو واقع تميز بمحاربة المخالفين للإسلام للدولة الإسلامية- أمثال هؤلاء انتهوا – تحت تأثير هذا الواقع ومعهم بعض المحدثين المستحضرين له- إلى القول بأن ثمة أحكامًا نهائية ناسخة لما قبلها من أحكام جزئية أو مرحلية، وأن هذه الأحكام النهائية تشير إلى أن الأصل في علاقات المسلمين بغيرهم هو القتال حتى يعم السلام ويسود الإسلام. أما الفريق الثالث – وهم من المحدثين الذين قُدر لهم الوقوف (نظريًّا وواقعيًّا) على تاريخ الدعوة الإسلامية وقيام الدولة الإسلامية الأولى واتساع الفتوحات الإسلامية ثم انهيار الخلافة وتفتت المسلمين وظهور ضعفهم في النظام الدولي الحديث – مثل هؤلاء انتهوا إلى القول بأن وجود أحكام نهائية وقطعية في شأن تحديد العلاقة بين المسلمين وغيرهم لا يحول دون الأخذ بالأحكام الجزئية أو المرحلية بما يتفق وظروف المسلمين وأحوالهم.

والحق أن اختلاف الاتجاهات السابقة في صدد منهاجية التعامل مع المصادر الأصولية للشريعة الإسلامية، قد أدى إلى نوع من الغموض والعموم الذي شاب هذه الاتجاهات عند تحديدها لأساس العلاقة بين الدولة الإسلامية وغيرها من الدول والجماعات التي لا تدين بالإسلام، وهو ما يكشف في الوقت ذاته عن ضرورة البحث في أصل آخر لهذه العلاقات يتفق والنظرة الكلية للمصادر الأصولية للشريعة الإسلامية، ويتطابق مع جوهرها وحقيقتها كخاتمة للرسالات السماوية. وبيان ذلك من جهة أولى أن الأخذ بمنطق الاتجاه الذي يؤسس العلاقة على السلم قد يصرف الذهن عن الخاصة الأساسية للشريعة الإسلامية باعتبارها دعوة عالمية تخص الناس جميعًا. وبعبارة أخرى، فإن ظاهر ما يوحي به الاتجاه المذكور من مسالمة من يسالم المسلمين قد ينطوى – في أحد معانيه- على انكفاء الدولة الإسلامية داخل حدودها وعدم مجاوزة هذه الحدود لمباشرة واجب نشر الدعوة والتمكين لها مما يؤدي إليه من تعطيل للالتزام المتعلق بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والذي يشكل الخاصة الأساسية في تحقق إسلام الأمة المسلمة.

وكذلك الشأن بالنسبة للاتجاه الذي يرى أن الأصل في علاقة المسلمين بغيرهم هو القتال حتى يعم السلم ويسلم الجميع، حيث أنه لا يصير واضحًا – طبقًا لهذا الاتجاه- ما إذا كان الفرد المشرك الذي يصر على دينه ويرفض الدخول في الإسلام يقتل لصفته هذه (أي لكونه مشركًا) أم أنه يقتل باعتباره فردًا مقاتلاً في جيش النظام المناوئ للدعوة الإسلامية وفرض السيادة الإسلامية. وبعبارة أخرى: فإن منطق الاتجاه المذكور لا يفيد – صراحة- بأن مقاتلة المشركين حال رفضهم الإسلام راجع إلى ما ينطوي عليه موقفهم هذا من تبييت النية لمهاجمة المسلمين، مما يتوجب معه المبادرة إلى قتالهم وتأمين المسلمين ضد شرورهم واعتداءاتهم، هذا فضلاً عما يؤكده واقع الدولة الإسلامية في أوج قوتها واكتمال نظامها من إمكانية بل شرعية وجود غير مسلمين من المشركين وغيرهم تحت لواء السيادة الإسلامية.

ومن جهة ثانية: فإن الاتجاه الثاني ضمن الاتجاهات الثلاثة سالفة الذكر يجعل من المسلم الأصل في علاقات المسلمين بغيرهم، مع أن السلم – في حقيقته- شكل من أشكال العلاقات، والدعوة كعملية هي، فضلاً عن اشتمالها على تلك الأشكال جميعًا، فإنها تعبر عن جوهر الوظيفة الحضارية التي تؤسس علاقات التعارف بكل ما تعنيه أو ما تقضيه هذه العملية من تنوعات في التعامل. أما الاتجاه الأول الذي يرى في مجرد الكفر سببًا لقتال أهله فهو – بغض النظر عن مدى صحته- يركز على العلة الظاهرة في مقاتلة غير المسلمين دون أن يتعمق في بيان الأساس الذي تنبنى عليه العلاقات بين المسلمين وغيرهم أصلاً. وأما الاتجاه الذي يؤسس العلاقات على مبدأ الحاكمية، وما يعنيه من فرض سيادة النظام الإسلامي فإنه ينظر إلى الغاية المنشودة لهذه العلاقات على أنها الأصل، مع أن ثمة فارقًا بين الأمرين. فغاية أي علاقة تكون محكومة – في نطاقها ومضمونها- بالأساس الذي تقوم عليه هذه العلاقة وتنطلق منه.

المطلب الخامس: الدعوة هي مناط العلاقات الخارجية للدولة الإسلامية

مؤدي ما سبق كله، أن انعام النظر في القرآن والسنة وجهاد الرسول r هو والخلفاء الراشدين من بعده، فضلاً عن التعمق في تحليل الاتجاهات السالف ذكرها بخصوص تأصيل العلاقة بين الدولة الإسلامية وغيرها من الدول والجماعات التي لا تدين بالإسلام، كل ذلك ليكشف عن أن هذه العلاقة تنبني في أساسها ومصدرها على الدعوة. ومقتضى ذلك أن العلاقات بين المسلمين وغيرهم تنشأ وتقوم وفقًا لمعادلة منطقية – بسيطة ومحددة- مفادها: أن الدولة الإسلامية، إذ تؤمن بعقيدة عالمية، يكون لزامًا عليها إيصال هذه الدعوة – واضحة نقية- إلى جميع غير المسلمين في الأرض، دولاً كانوا أم شعوبًا وقبائل أو حتى جمع من الأفراد في نطاق الدولة الإسلامية ذاتها، وأن ما يكون عليه موقف المخاطبين بالدعوة منها، يحدد أشكال هذه العلاقات وحركة تطورها. وبعبارة أخرى: فإن واقعة وجود “غير مسلمين” في أية بقعة من بقاع الأرض، أيا كانت طبيعة وشكل التنظيم السياسي الذي ينضوون تحته، يفرض على الدولة الإسلامية التزامًا عامًا – ثابتًا ومحكمًا- بالدخول مع “غير المسلمين” هؤلاء في علاقات واتصالات من أجل دعوتهم إلى الإسلام، وأن هذا الالتزام يظل قائمًا ونافذًا في حق الدولة الإسلامية ما استمر هنالك “غير مسلمين” في الأرض، وهو ما يعني أن ما يكون عليه واقع الحال في الدولة الإسلامية من قوة أو ضعف، وكذلك ما يكون عليه موقف الدول غير الإسلامية من الدعوة المبلغة إليهم من القبول أو الرفض والصد، إلى جانب الأخذ بعين الاعتبار ما بلغته وسائل الاتصال بين الدول والشعوب في العصر الحاضر من سرعة وتقدم، كل ذلك ليس له تأثير في تنظيم العلاقات الخارجية للدولة الإسلامية إلا من حيث تحديد “توقيت” و”مكان” مباشرة الدعوة الإسلامية، وتعيين أنجح الوسائل والسبل لنشرها وتأمين حمايتها، باعتبارها تشكيل مناط هذه العلاقات وعلة قيامها واستمرارها.

ويترتب على ذلك، أن الصبر وتحمل الأذى والصفح والإعراض والدعوة بالقلم واللسان وانتهاج الأساليب غير العلنية والمهادنة، واللجوء إلى القتال، كل هذه الأساليب وغيرها، لا تعدو- في جملتها- أن تكون أدوات أو وسائل للدعوة، يستعان بأي منها ويصار إليها حسبما تمليه الظروف وتقتضيه الأحوال في علاقات المسلمين بغيرهم.وبعبارة أخرى: فإن الجهاد، سواء في معناه العام الذي يتسع ليشمل الوسائل السلمية، أو في معناه الضيق (اللجوء إلى القتال) ليس- في حقيقته- إلا أداة لتحقيق مناط العلاقات الخارجية للدولة الإسلامية والمتمثل في الدعوة، بحيث يستعان بأي من هذه الوسائل (السلمية أو القتالية) وفقا لما تفرضه ظروف وعوامل معينة تتحصل- في جملتها- وكما سلف القول- فيما يكون عليه واقع الحال في الدولة الإسلامية قوة أو ضعفا، وما يكون عليه موقف الدول غير الإسلامية من الدعوة قبولاً أو إعراضًا وصدًا، بالإضافة إلى ما يكون لوسائل التقدم العلمي المعاصر من تأثير في تقريب المسافات وتسهيل الاتصالات وقيام دواعي الاحتكاك بين الدول والجماعات بغض النظر عن حدود الزمان والمكان، فضلاً عما تكون عليه طبيعة وأشكال التفاعلات القائمة بين مختلف الدول والجماعات الإسلامية وغير الإسلامية، على أرض الواقع.

والحق أن اعتبار الدعوة مناط العلاقات الخارجية للدولة الإسلامية يجد له سندًا قويًا وثابتا في كافة المصادر الأصولية للشريعة الإسلامية. فعديدة هي آيات القرآن التي تؤكد على فرضية الدعوة من جانب، وعلى تنوع وتعدد الوسائل والأدوات التي يستعان بها في الإيصال والتبليغ واختيار أي منها بما يناسب الأحوال والظروف من جانب آخر.من ذلك- على سبيل الإيضاح- ما يدل عليه قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ (سورة المائدة: آية 67) وقوله تعالى ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾ (سورة يوسف: آية 108) من فرضية الدعوة على الرسول r وعلى أتباعه من بعده، وكذلك ما يدل عليه قوله تعالى ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ {22/39} الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ﴾ (سورة الحج: آية 39-40) من أن إخراج المسلمين من ديارهم في مكة كان بسبب إيمانهم بربهم ومواجهتهم لقوى الباطل ودولة الشرك من أجل حماية حرية الاعتقاد وأن ذلك ينهض سببا كافيا للإذن لهم بقتال المشركين. وإلى جانب ما تتضمنه الآية من بيان سبب الإذن بالقتال وأنه في ذلك مرتبط بالدعوة، فإن فيها أيضًا دليلًا على ضرورة أن تكون وسيلة الدعوة ملائمة لواقع المسلمين وبما يتفق وقدراتهم المادية والمعنوية. فالإذن بالقتال في هذه الحالة التي تشير إليها الآية قد جاء -كما يلاحظ البعض بحق([50])– في الوقت الأليق به، لأنه وقت أن كان المسلمون بمكة، كان المشركون أكثر عددًا، ولو أمر المسلمون- وهم أقل من العشر- بقتال الباقين لشق عليهم، ولهذا لما بايع أهل يثرب رسول الله r ليلة العقبة، وكانوا نيفًا وثمانين وأرادوا الإغارة على أهل الوادي (منى) لقتلهم، منعهم الرسول r لأنه لم يؤمر بهذا.فلما بغى المشركون وأخرجوا النبي r من بين أظهرهم وهموا بقتله وشردوا أصحابه حتى استقر المقام للدولة الإسلامية في المدينة، أذن الله للمسلمين في جهاد الأعداء وقتالهم. فالمحل أو السبب في كل ما لاقاه المسلمون من اضطهاد وتعذيب على أيدي المشركين وما ترتب عليه من الإذن بالقتال يكمن في أن المسلمين وحَّدوا الله وعبدوه وحده لا شريك له، حسبما يؤكده القرآن في قوله تعالى: ﴿يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ﴾ (سورة الممتحنة: آية 1) وقوله تعالى: ﴿إِلاَّ أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ (سورة البروج: آية 8)([51]). بل إن الأمر بقتال المشركين وأهل الكتاب حسبما تشير إليه آيات سورة براءة التي هي آخر ما نزل من القرآن في خصوص تنظيم المسلمين بغيرهم، مرده – في النهاية- إلى موقف غير المسلمين المناوئ للدعوة الإسلامية والمخالف لموجبات الإيمان الصحيح. فاستمراء المشركين نقض عهودهم مع الدولة الإسلامية وكلها عهود محلها الدعوة، ورفضهم الدخول في الإسلام، والسخرية من المسلمين إلى حد الطعن في دينهم، ورفضهم أداء الجزية الدال على خضوعهم لدولة الإسلام، كل ذلك دليل على مقتهم للمسلمين، وتربصهم للنيل من الدعوة والحيلولة دون انتشارها وعموم الإيمان بها، مما تعين معه اللجوء إلى مقاتلتهم حال القدرة عليهم، ولعل في قوله تعالى في السورة نفسها: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ﴾ (سورة التوبة: آية 6) دليلاً قويًّا على ضرورة سبق الدعوة وتبصير غير المسلمين بها قبل أن يخيروا بين الإسلام والجزية والقتال، وأنها بذلك- أي الدعوة- تشكل مناط العلاقة بين الدولة الإسلامية والدول أو الجماعات التي لا تدين بالإسلام. فالله تعالى يأمر الرسول r والمؤمنين من بعده بأنه إذا سأل أحد من المشركين المأمور بقتالهم جوار الرسول r أي أمانه وذمامه تعين عليه أن يعطيه إياه ليفهم أحكام القرآن، فإن قبل أمرًا فحسن، وان أبى لزم رده إلى مأمنه ثم يخير بعد ذلك. فالامتناع عن قتال المشرك الذي يطلب الأمان حال اشتداد وطيس المعركة والالتزام ببيان أحكام القرآن له وعرض الإسلام عليه وعدم التعرض له إذا أبى الإسلام ورده إلى مأمنه دليل على أن إيصال الدعوة بالبيان الثابت والحجة القوية إلى المشرك في جو من السلم والطمأنينة، ثم كفالة حرية الاختيار له وما قد يتطلبه ذلك من رده إلى داره التي يأمن فيها، كل ذلك ليؤكد حقيقة أن الدعوة هي مناط العلاقات الخارجية للدولة الإسلامية([52]). والأشد من ذلك أن سورة براءة التي تضمنت الأحكام النهائية في تحديد علاقات المسلمين بغيرهم، قد اختتمت بقوله تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ {9/128} فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ {9/129} ﴾ (سورة التوبة: آيتين 128- 129). فالآية دليل على مدى تفاني الرسول r في حمل لواء الدعوة والمصابرة عليها، وأنه r حال أعراض الكفار
عنه بعد كل ما بذله معهم من جهد وما تحمله في سبيل دعوتهم من مشاق، مأمور بأن يصبر ويحتسب([53]).

وفضلاً على ما سبق، فإن قوله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ﴾ (سورة يونس: آية 99)، وقوله تعالى: ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾ (سورة البقرة: آية 256)، هذه الآيات وغيرها كثير من القرآن تدل على أن الدين هداية اختيارية للناس، تعرض مؤيدة بالآيات والبينات، وأن الإكراه ممنوع وأن العمدة في دعوة الدين بيانه حتى تبين الرشد من الغي والهدى من الضلالة، وأن الناس مخيرون بعد ذلك في قبوله وتركه، مما يفيد كذلك بأن القتال شرع لتأمين الدعوة ولكف أذى الكافرين المؤمنين فلا يزعزعوا الضعيف في إيمانه ولا يفتنوا القوى في دينه، وبعبارة أخرى، فإن انتقاء الإكراه في الدين قاعدة كبرى من قواعد الدين الإسلامي وركن عظيم من أركانه، والجهاد لا يعدو –في حقيقته- أن يكون سياجًا للدعوة الإسلامية وجُنَّة لها، وعلى المسلمين العمل دائمًا بما يمكنهم من إقامة هذا الركن وحفظ هذه القاعدة([54]).

وإلى جانب آيات القرآن، فإن الأحاديث النبوية الصحيحة وكتب الرسول r إلى أمراء وملوك البلدان غير الإسلامية، فضلاً عن تتبع حروبه r هو والخلفاء الراشدين من بعده، كل ذلك ليكشف أيضًا عن أن الدعوة هي مناط العلاقات الخارجية للدولة الإسلامية. وأول ما يرد في هذا الخصوص قوله r لعمه أبي طالب وهو يعرض عليه r ما طرحته قريش من أن يترك أمر الدعوة في مقابل ألا يتعرضوا له، قال r “والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر (القيام بالدعوة والمصابرة عليها) ما تركته حتى يظهره الله (تنتشر الدعوة ويعم الإسلام وتكون كلمة الله هي العليا) أو أهلك دونه (ألقى الله مجاهدًا في سبيله)([55]). كما تدل كتبه r إلى حكام وملوك البلاد غير الإسلامية المجاورة على أن الدعوة تشكل التزامًا على عاتق المسلمين تجاه غيرهم، وأن “الجهة المعتبرة” في توجيه الدعوة والبدء بها هي “النظام الحاكم” باعتباره يمثل “الرمز” الذي تلتف الرعية حوله، وباعتباره أيضًا يشكل المدخل الأساسي في تحويل الرعية إلى الإسلام أو بقائهم على دينهم، بحيث يكون موقف النظم غير الإسلامية من الدعوة قبولاً أو أعراضًا أو صدًا أساس تحديد الشكل الذي تكون عليه علاقات الدولة الإسلامية بهذه النظم.

أما الرعايا الخاضعون لسيطرة النظم المعنية، فإنهم يحاربون بوصفهم جنودًا ضمن جيوش هذه النظم، بينما يتركون بوصفهم أفرادًا يختارون بين الإسلام وبين ما يدينون به حال تحقق الغلبة للدولة الإسلامية وتمكنها من غير المسلمين([56]). من ذلك كتابه r إلى هرقل عظيم الروم: “بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى. أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فعليك اثم الأريسيين…”([57]) وجاء في كتاب آخر بعث به r إلى هرقل الروم أيضًا: “من محمد رسول الله صاحب الروم، أني أدعوك إلى الإسلام، فإن أسلمت فلك ما للمسلمين وعليك ما عليهم، فإن لم تدخل في الإسلام فأعط الجزية… وإلا فلا تحل بين الفلاحين (الأريسيين) وبين الإسلام أن يدخلوا فيه أو يعطوا الجزية”([58]). كذلك، فقد جاء في كتابه r إلى كسرى ملك الفرس: “بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس: سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله… أدعوك بدعاء الله، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة لأنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين، فأسلم تسلم، فإن أبيت فإن أثم المجوس عليك”([59]).

ومما يؤيد اعتبار “النظم القائمة” في الدول غير الإسلامية بمثابة الجهة المعتبرة التي يعول عليها في توجيه الدعوة ونشرها وأن موقف هذه النظم من الدعوة، قبولاً أو اعراضًا وصدًا، هو الذي يحدد شكل العلاقة بين الدولة الإسلامية والجماعات أو الدول غير الإسلامية، ما ثبت في السنة أيضًا من أن أسيرًا من عقيل سأل رسول الله r: “بم أخذتني وأخذت سابقة الحاج؟” فأجابة r “أخذتك بجريرة حلفائك من ثقيف”([60])، والمعروف أن بنى ثقيف لم يحفظوا عهودهم مع المسلمين ولم يترددوا في القيام بأي عمل من شأنه أن ينال من دعوة الإسلام ويصرف المسلمين عن دينهم. كذلك فقد جاء في حديث أبي داود وغيره وصحيحه أنه r قال “دعوا الحبشة ما ودعوكم واتركوا الترك ما تركوكم”، مما يدل على عدم مقاتلة الدول غير الإسلامية، أو بالأحرى النظم القائمة فيها، إذا هي لم تقف عقبة دون إيصال الدعوة إلى رعاياها، أو إذا هي لم تؤلب شعوبها ضد الدولة الإسلامية من أجل محاربة الدعوة والقضاء عليها([61]).

ومن أبلغ الدلائل على كون الدعوة مناط العلاقة بين المسلمين وغيرهم ما ثبت في السنة أيضًا من أنه r كان إذا بعث قال: “تألفوا الناس وتأنوا بهم، ولا تغيروا عليهم حتى تدعوهم، فما على الأرض من أهل بيت من مدر ولا وبر إلا أن تأتوني بهم مسلمين أحب إلى من أن تأتوني بأبنائهم ونسائهم وتقتلون رجالهم”([62]). كذلك فقد ثبت في السنة أن الرسول r كان يوصي أمراء السرايا في البعوث والغزوات بتخيير العدو من المشركين عامة بين ثلاث خصال هي: الدخول في الإسلام فيصبح الجميع رعايا في الدولة الإسلامية ملتزمين بأحكام الشريعة، أو إعطاء الجزية بما يدل على ارتضاء الخضوع للسيادة الإسلامية، أو القتال لأن رفض الخيارين الأوليين يدل على توافر النية لدى غير المسلمين على مناوئة الدعوة ومحاربتها بكل وسيلة، وترقب الفرصة للانقضاض على المسلمين لطمس دعوتهم([63]). وبعبارة أخرى، فإن اعتبار إعطاء الجزية واحدًا من بين الخيارات المطروحة على العدو ينفي – بوضوح- كون القتال – حال اللجوء إليه- راجعًا إلى مجرد بقاء غير المسلمين على شركهم وكفرهم.

وحيث أنه لا يعقل أن يكون اقتضاء الجزية ثمنًا لقاء إصرار غير المسلمين على دينهم، فإن اعتبار إعطاء الجزية ضمن الخيارات المطروحة على المشركين بوجه عام ليس له من دليل سوى أن العلاقة بين المسلمين وغيرهم تتأسس على الدعوة وما يكون عليه موقف غير المسلمين منها قبولاً أو رفضًا، حتى لينظر إلى قبولهم دفع الجزية وما يعنيه ذلك من ارتضائهم الخضوع للدولة الإسلامية وعدم اعتراض سبيل الدعوة على أنه سبب كاف لامتناع المسلمين عن مقاتلتهم. ومما يؤكد طبيعة الجزية منظورًا إليها على هذا النحو وأنها لم تؤخذ مقابل الكفر أو الشرك، أن السنة النبوية وأعمال الخلفاء الراشدين، قد استقرت على عدم اقتصاء الجزية من غير القادرين بطبيعتهم على القتال من الشيوخ والنساء والأطفال والمرضى وغيرهم ممن لا يشاركون – عادة- في القتال، وإذا كانت أية الجزية في سورة براءة قد خصت أهل الكتاب بها، فإنها – في الوقت ذاته، وكما سبق بيانه- لم تنه عن أخذها من المشركين([64])، فضلاً عما ثبت في السنة من اقتضاء الجزية من المشركين ممن هم ليسوا أهل كتاب. آية ذلك عموم لفظ “عدوك من المشركين” الواردة في حديث بريدة السالف الإشارة إليه، إلى جانب ما روى من أن الرسول r بعث خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة (وهو رجل من العرب يقال هو من غسال) فأخذوه فأتوا به حقن له دمه وصالحه على الجزية([65])، مما يدل على جواز أخذ الجزية من العرب كجوازه من العجم.

وإلى جانب ما سبق، فإن تتبع كتب الحديث والسيرة يكشف عن أن الرسول r لم يتوقف عن إرسال الوفود والدعاة إلى الكفار والمشركين لتعليمهم القرآن وأحكام الإسلام، ولم يكن يثنه في ذلك r قتل أعضاء الوفود أو انزال شتى صنوف العذاب بهم، مثلما حدث بالنسبة لبعث الرجيع الذي بعثه r بقيادة عاصم بن ثابت الأنصاري في أول السنة الرابعة من الهجرة إلى بنى لحيان من هزيل([66])، مما يدل على فرضية وسمو الالتزام الخاص بنشر الدعوة الإسلامية والمصابرة عليها، مهما لاقى المسلمون من ذلك من مشاق، باعتبارها تدور وجودًا وعدمًا مع وجود “غير مسلمين” في الأرض.

وإذا كان مؤدي كل ما سبق أن انعام النظر في الأصول الإسلامية يكشف عن أن الدعوة هي مناط العلاقات الخارجية للدولة الإسلامية، فإن آيات القرآن والأحاديث النبوية التي توضح ذلك تقع – بصفة عامة- في ثلاثة ضروب. أما الصنف الأول: فخاص ببيان أن الدعوة إلى الإسلام تمثل ركنًا أصيلاً في الإسلام، وأن العمل على نشرها بكل السبل في كل زمان ومكان التزام شرعي قائم في حق الدولة الإسلامية طالما ظل هناك “غير مسلمين” في الأرض. ففي القرآن قوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾ (سورة الأعراف: آية 158) وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ (سورة المائدة: آية 67). وفي السنة قوله r: “وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة”([67]). وأما الصنف الثاني من الآيات والأحاديث المتعلقة بالدعوة فيدل على أنها تكون بالجهاد السلمي وأنها تتحقق بمجرد الإبلاغ التام وتبصير الناس بها. من ذلك قوله تعالى: ﴿ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ (سورة النحل: آية 125)، وقوله تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾ (سورة يوسف: آية 107)، وقوله r: “إنما أنا رحمة مهداة”، وتواترت كتبه r إلى ملوك وحكام البلاد غير الإسلامية على دعوتهم إلى الإسلام ومبادأتهم بالقول اللين والملاطفة، باعتبار ذلك أقرب إلى استمالتهم وجلب قلوبهم للدخول في دين الإسلام([68])، وأما الطائفة الثالثة من الآيات والأحاديث التي تؤكد على كون الدعوة أصل العلاقة بين المسلمين وغيرهم، فتشير إلى أن قتال غير المسلمين لا يكون لمجرد بقائهم على الشرك أو الكفر وإنما يتوقف ذلك – كما سبق بيانه- على حسب ما يكون عليه موقفهم من الدعوة الإسلامية قبولاً أو إعراضًا وصدًا([69])، كما يتحدد ذلك أيضًا بحسب ما يكون عليه المسلمون من قوة أو ضعف. فكافة السور المكية في القرآن تتخللها أحكام كثيرة تدور جميعها حول محاجة المشركين ودعوتهم إلى الإيمان بالأصول الاعتقادية، والتصدي لشبهاتهم وخرافاتهم. وعلى الرغم مما لاقاه المسلمون من الاضطهاد والتعذيب على أيدي مشركي مكة، إلا أن ذلك لم يحل دون مواصلة الدعوة باللسان والبيان حتى كان الأمر بالهجرة وتأسست دولة المدنية. فعند ذلك استمرت الدعوة بالأسلوب ذاته ولجأ الرسول r في سبيل حمايتها وتأمين نشرها إلى الدخول في موادعات ومهادنات مع أهل الكتاب من يهود المدينة ومع غيرهم من القبائل والممالك المجاورة للدولة الإسلامية، حتى إذا ما قويت شوكة المسلمين وتوطدت أركان الدولة الإسلامية، وبلغت الدعوة الأمم والجماعات المجاورة للدولة الإسلامية أكثر من مرة، دون انقيادهم لها وتخلية الطريق أمامها، بل الانصراف إلى جمع الجموع وإعمال التآمر والتأليب على الإسلام وأهله، بما في ذلك من نقص العهود وعدم مراعاة الذمة مع المسلمين، لما توافرت هذه الأسباب وتهيأت تلك الظروف والأحوال، كان لابد من مبادأة غير المسلمين بالهجوم من باب “الدفاع الوقائي” وتأمين نشر الدعوة الإسلامية([70]).

ومما تجدر الإشارة إليه في صدد القول بأن الدعوة هي مناط العلاقات الخارجية للدولة الإسلامية أن المصادر الاستئناسية كالروايات التاريخية ومذاهب الفقهاء وآراء المفكرين تنطوي هي الأخرى –إلى جانب المصادر الأصولية- على ما يؤكد مكانة الدعوة من حيث هي الأصل في قيام هذه العلاقات والعلة الأساسية في تبادلها واستمرارها. من ذلك ما درج عليه القادة المسلمون في فتوحاتهم من احترام عقائد شعوب البلدان المفتوحة وتركهم وما يدينون طالما أعلنوا الخضوع للدولة الإسلامية، ولم يظهر منهم ما يدل على مناوئتهم للدعوة الإسلامية. فقد قال محمد بن القاسم الثقفي فاتح بلاد السند أنه “ما البد (صنم بوذا أو كل ما يعبد حتى من غير البد) إلا ككنائس النصارى وبيع اليهود وبيوت نار المجوس”([71])، تذكر كتب التاريخ والرحلات أنه حينما مات هذا القائد بكاه أهل الهند أنفسهم لعدالته ولما كان منه من احترامه لعقائدهم([72]).

وفي الفقه الإسلامي: يذهب اتجاه إلى أن مناط القتال ليس الكفر، وإنما هو الاعتداء والوقوف في وجه الدعوة. فلو كان القتال للكفر لجعلت غاية القتال في آية الجزية إسلامهم ولما قبلت منهم الجزية وأقروا على دينهم([73]). وفي ذلك يقرر ابن الصلاح “أن الأصل هو إبقاء الكفار وتقريرهم لأن الله تعالى ما أراد إفناء الخلق ولا خلقهم ليقتلوا، وإنما أبيح قتلهم لعارض ضرر وجد منهم…”([74]). ويلاحظ في هذا الخصوص أنه إذا كان الأئمة الأربعة والأمامية والزيدية والظاهرية والاباضية قد اتفقوا جميعًا على وجوب قتل المرتد عن الإسلام بعد استتابته عند الجمهور، وعلى أنه إذا ارتد أهل بلد قوتلوا، إلا أن ثمة رأيًا في الفقه يذهب إلى أن هذا الجزاء الدنيوي (وهو القتل) غير مترتب في الواقع على الارتداد في ذاته إذ لا إكراه في الدين، وإنما هو يترتب بالنظر إلى ما ينطوي عليه الارتداد من شيوع الفوضي والاستهتار بالقيم ومحاربة المسلمين وأحداث الفتنة والاضطراب في صفوفهم إلى غير ذلك مما يشكله الارتداد من خطر اجتماعي على الأمة الإسلامية. يؤيد ذلك من وجهة نظر هذا الرأي –أن قتل المرتد لمجرد الارتداد في ذاته مستفاد من حديث هو “خبر آحاد” مع أن القاعدة أن الحدود تدرأ بالشبهات([75]).

ومن أبلغ الدلالات في هذا الشأن ما ذكره المستشرق جوستاف لوبون في كتابه “حضارة العرب” من “أن القوة لم تكن عاملاً في انتشار القرآن… ولم ينتشر الإسلام بالسيف، بل انتشر بالدعوة، وبالدعوة وحدها اعتنق الإسلام الشعوب التي قهرت العرب مؤخرًا كالترك والمغول…”([76]).

وخلاصة القول في كل ما سبق: أن الدعوة هي مناط العلاقات الخارجية للدولة الإسلامية، وأن ما يلجأ إليه المسلمون من قتال غيرهم لا يعدو – في حقيقته- أن يكون تطورًا طبيعيًّا تقتضيه وتحتمه ظروف نشر الدعوة وملابساتها، وما يكون عليه موقف غير المسلمين منها قبولاً أو إعراضًا وصدًا.

* المكانة الحقيقة للسلم في نطاق الدعوة كأساس لعلاقات المسلمين بغيرهم:

لما كان من غير الجائز شرعًا، ولا من المتصور منطقًا وعقلاً([77])، أن يتم تبليغ الدعوة الإسلامية وتبصير غير المسلمين بها في جو من العداء والقتال، فإن معنى ذلك أن السلم وما يندرج تحته من مفردات تدور –في جملتها- حول القول اللين والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، والصبر على الأذى، والصفح والعفو والأعراض والمهادنة، يشكل الأداة التي يفترض – بل يتعين- اللجوء إليها ابتداء عند قيام الدولة الإسلامية بواجب الدعوة وحمل لوائها إلى غير المسلمين، بحيث لايصار إلى الجهاد في معناه الضيق (القتال) إلا بعد اكتمال وتحقق شرائط محددة: أهمها التيقن من تمام إبلاغ الدعوة وإيصالها إلى غير المسلمين في جو من السلم وعدم الإكراه، وأن يكون موقف غير المسلمين منها ينطوي على مناوئة الدعوة والحيلولة بين الناس وبين مباشرة حرية الاعتقاد، بحيث يكون القتال في هذه الحالة ليس لحمل الناس على الدخول في الإسلام، وإنما هو من موجبات الإبلاغ السليم للدعوة.

وإذا كان مفاد ذلك أن السلم في معناه العام يرقى في نطاق الدعوة ليشكل ليس فقط الأداة الأولى أو الأداة الأساسية وإنما الإطار العام الذي يفترض للدعوة أن تنطلق منه ابتداءً وأن تنشده انتهاء، فإن ذلك لا يعني تضاؤل الأهمية المعتبرة لمبدأ الجهاد في معناه الضيق (وهو إعداد العدة وبناء القوة لغرض القتال)، بل أن الجهاد شأنه في ذلك شأن السلم، له أهميته المعتبرة في نطاق الدعوة الإسلامية، وهو يشكل ركنًا مهمًا وأساسيًّا في الشريعة الإسلامية حتى ليعد منكِره في مفهوم الشرع خارجًا عن الملة وواقعًا في دائرة الكفر. ففي القرآن قوله تعالى: )وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ( (سورة الأنفال: آية 60)، وفي السنة قوله r: “الجهاد ماض إلى يوم القيامه”([78]). فاكتمال القوة للدولة الإسلامية من شأنه أن يهيئ لها الجو الملائم لنشر الدعوة وأن يكفل حمايتها ضد أي اعتداء، وكل ما هنالك أن الجهاد، شأنه في ذلك شأن السلم، لا يعدو أن يكون أداة خادمة لتحقيق مناط العلاقات الخارجية للدولة الإسلامية المتمثل في الدعوة بحيث يلجأ إليه متى قامت دواعيه وأسبابه، وأن السلم يتميز عن الجهاد في معناه الضيق بكونه الأداة التي يتعين اللجوء إليها ابتداء.

الهوامش

(1) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، بيروت، دار المعرفة، 1403هـ/ 1983م/ ج2، ص ص 308- 310، 331- 337.

– الشنقيطي، أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، الرياض، الرئاسة العامة لإدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، 1403هـ/ 1983م، ج2، ص ص 341- 342، 484- 485.

– القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، القاهرة، دار الكاتب العربي، 1976، ج8، ص ص 39، 72، 631، ج16، ص 255.

– أبو الفرج البغدادي، زاد المسير في علم التفسير دمشق، المكتب الإسلامي للطباعة والنشر، 1968م، ص ص 159- 160.

– الطبري، جامع البيان عن تأويل أي القرآن، (حققه وعلق على حواشيه) محمود محمد شاكر، (راجعه وخرج أحاديثه) أحمد محمد شاكر، القاهرة، دار المعارف، د. ت، جـ14، ص ص 140 وما بعدها.

– الشافعي، الأم، القاهرة، المطبعة الأميرية، 1321هـ، ج4، ص 48.

– الشوكاني، نيل الأوطار، بيروت، دار الكتب العلمية، 1405هـ/ 1985م، ج8، ص 53.

– محمد الخطيب، مغني المحتاج إلى شرح المنهاج، القاهرة، مطبعة البابي الحلبي، 1352 هـ/ 1933، ج4، ص 233.

– ابن رشد القرطبي، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، (تحقيق) د. محمد محمد سالم محسن؛ د. محمد شعبان إسماعيل، القاهرة، مكتبة الكليات الأزهرية، 1394هـ/ 1974م، ج1، ص ص 538 وما بعدها.

– الماوردي، الأحكام السلطانية والولايات الدينية، القاهرة، المكتبة التوفيقية، 1978م، ص 39.

(2) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج3، ص ص 225-226 وهو يشير إلى أن آية (وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ) (سورة الأنفال: آية 61) منسوخة ببراءة، أو بقوله تعالى في سورة محمد: (فَلاَ تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ) (سورة محمد: آية 35)، وأن آية (لاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (سورة العنكبوت: آية 46) منسوخة بآية السيف.

– القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج8، ص ص 39، 72، 136، 180، 350، ج 10، ص ص 61- 62، ص 255.

– الشنقيطي، أضواء البيان، مرجع سابق، ج2، ص ص 341- 342 وهو يفسر قوله تعالى: (وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ) (سورة يونس: آية 41) بأنه حكم لا يتعارض مع انتهاء أحكام آيات العفو والصفح والإعراض عن الجاهلين، فالبراءة من عمل السوء لا شك في بقاء مشروعيتها.

– ابن العربي، أحكام القرآن، (تحقيق) علي محمد البجاوي، القاهرة، دار أحياء الكتب العربية (عيسى البابي الحلبي) الطبعة الأولى، 1376هـ/ 1957م، ج2، ص ص 865، 882- 888.

– العيني، عمدة القارئ شرح صحيح البخاري، القاهرة، المطبعة المنيرية، ج 17، ص 95.

– ابن قدامه، المغني القاهرة، مطبعة المنار، 1348هـ، ج1، ص 573.

– د. عبد الخالق النواوي، العلاقات الدولية والنظم القضائية في الشريعة الإسلامية، بيروت، دار الكتاب العربي، الطبعة الأولى، 1394هـ/ 1974م، ص 96.

(3) ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج2، ص2، ص ص 1284- 1287.

– ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج4، ص 117، 314- 315. حيث يشير في ذلك إلى قوله تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ) (سورة الحديد: آية 25).

– القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج8، ص 73.

–  الشنقيطي، أضواء البيان، مرجع سابق، ج2، ص ص 173- 174، 385.

– الطبري، جامع البيان، مرجع سابق، ج2، ص 108، ج3، ص 561 وما بعدها.

– ابن تيمية، السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية، (تحقيق) دار إحياء التراث العربي، بيروت، دار الأفاق الجديد، الطبعة الأولى، 1403هـ/ 1983م، ص ص 102- 150.

– ابن قدامه، المغني مرجع سابق، ج10، ص 573.

(4) ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج2، ص ص 301- 302، ج4، ص ص 1773- 1774.

– الطبري، جامع البيان، مرجع سابق، جـ14، ص 140 ويشير إلى الآراء التي تذهب إلى أن قوله تعالى: (فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ) ناسخ لقوله تعالى في سورة محمد: (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء) (سورة محمد: آية 4).

وانظر كذلك: د. عبد الخالق النواوي، مرجع سابق، ص ص 105- 106.

(5) ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج1، ص ص 102، 109- 110، 233- 234، ج4، ص 834- 905. وهو يفسر قوله تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ) (سورة البقرة: آية 193) بأن الكفر هو السبب المبيح للقتال؛ لأن الغاية هي عدم الكفر.

ويرد على من ينفي كون الكفر سببًا للقتل بأنه “أن قيل: لو كان المبيح للقتل هو الكفر لقتل كل كافر وأنت تترك منهم النساء والرهبان وغيرهم ممن ثبت عدم قتالهم في السنة، فالجواب أن تركهم مع قيام المبيح بهم لآجل ما عارض الأمر من منفعة أو مصلحة. أما المنفعة: فالاسترقاق فيمن يسترق، فيكون مالاً وخدمًا، وهي الغنيمة التي أحلها الله تعالى لنا من بين الأمم. وأما المصلحة، فإن في استبقاء الرهبان باعثًا على تخلي رجالهم عن القتال فيضعف حربهم ويقل حزبهم فينتشر الاستيلاء عليهم”.

قارن أيضًا تفسير ابن العربي لقوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) (سورة البقرة: آية 217) حيث يتضمن تفسيره للفتنة في هذه الآية ما يفيد بأنها ليست الكفر مجردًا في ذاته وإنما هي سيطرة الكفر وتسيده على أرض الواقع لدرجة يحال فيها بين المسلمين وإقامة شعائرهم في أول بيت وضع للناس في الأرض وهو المسجد الحرام، (المرجع السابق، ج1، ص 147).

– أبو الفرج البغدادي، زاد المسير، مرجع سابق، ص 160.

– القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج1، ص ص 61- 61، 519.

– الطبري، جامع البيان، مرجع سابق، ج2، ص 108.

– ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ص 2، ص 108، ج3، ص 415- 416، ص ص 173، 225- 226، 314- 315، 353- 355، 346- 347، 373.

– ابن رشد القرطبي، مرجع سابق، ج1، ص ص 538- 539.

– الشوكاني، السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار (تحقيق) محمد إبراهيم زايد، بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، الجزء الرابع، 1402هـ/ 1985م، ص ص 518- 519.

– ابن حزم، المحلي، (تحقيق) لجنة أحياء التراث العربي، بيروت، دار الآفاق الجديدة، المجلد الرابع، الجزء السابع، د. ت، ص ص 307، 317، 323، 345- 349.

ويلاحظ أنه إذا كان ابن حزم يتفق مع الاتجاه القائل بأن أهل الكتاب يخيرون بين الإسلام أو الجزية، فإنه يشير –في الوقت ذاته- إلى أنه لا يقبل من يهودي ولا نصراني ولا مجوسي جزية إلا بأن يقروا بأن محمد رسول الله إلينا، وأن لا يطعنوا فيه ولا في شيء من دين الإسلام، لحديث ثوبان مولي رسول الله r: كنت قائمًا عند رسول الله r فجاء حبر من أحبار اليهود فقال: السلام عليك يا محمد فدفعته دفعة كاد يصرع منها فقال لم تدفعني؟ قلت ألا تقول: يا رسول الله، فقال اليهودي: إنما ندعوه باسمه الذي سماه به أهله، فقال رسول الله r أن اسمي محمدًا الذي سماني به أهلي ثم قال في آخره “أن اليهودي قال له: لقد صدقت، وأنك لنبي ثم انصرف”.

فكون الرسول r لم ينكر فعل ثوبان فصح أنه حق وواجب، إذ لو كان غير جائز لا نكره عليه، وفيه أن اليهودي قال له: أنك لنبي ولم يلزمه النبي r ترك دينه. ويذهب ابن حزم في رأيه هذا استنادًا لقوله تعالى: (وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ) (سورة التوبة: آية 12)، ولرأي مالك من أنه “من قال من أهل الذمة لم يكن محمد نبيًا قتل”.

كما أن لابن حزم رأيًا آخر، في صدد من تؤخذ منهم الجزية من أهل الكتاب إذ يذهب إلى أنها تؤخذ منهم جميعًا دون تفرقة بين عبد وحر، ذكر وأنثى، فقير وغني، وذلك لعموم قوله تعالى: (حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) (سورة التوبة: آية 29) إلى جانب ما ثبت عن النبي r من أن كتابه إلى أهل اليمن قد تضمن أنه “من كره الإسلام من يهودي أو نصراني، فإنه لا يحول عن دينه وعليه الجزية، على كل حالم ذكر أو أنثى، حر أو عبد، دينار واف من قيمة المعافر (قبيلة باليمن) أو عرضه، فضلاً عن أنه لم يثبت – من وجهة نظره- أن أحدًا من الصحابة نهى عن أخذ الجزية من النساء. (المرجع السابق، ص ص 317- 318، 348).

– النووي، شرح صحيح مسلم القاهرة، المطبعة المصرية، الطبعة الثانية، 1392هـ/ 1972م، ج 12 ص ص 39- 40. وهو يؤول حديث بريدة عن أخذ الجزية من المشركين بأنه مخصوص بأهل الكتاب، على أساس أن اسم “المشرك” يطلق على أهل الكتاب وغيرهم، وكان تخصيصهم معلومًا عند الصحابة.

(6) أبو السعود، تفسير أبي السعود المسمى إرشاد العقل السليم إلى مزايا  القرآن الكريم، بيروت، دار أحياء التراث العربي، د. ت، ج1، ص 162.

– القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج8، ص 108.

(7) أبو الفرج البغدادي، زاد المسير، مرجع سابق، ج1، ص 243.

– ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج2، ص ص 331- 336.

– أبو السعود، تفسير أبي السعود، مرجع سابق، ج1، ج1، ص 165.

(8) ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج2، ص 302، ج3، ص ص 1425- 1426، ج4، ص ص 1692، 1704- 1709.

– أبو الفرج البغدادي، زاد المسير، مرجع سابق، ج1، ص ص 197- 200.

– الطبري، جامع البيان، مرجع سابق، جـ14، ص ص 96- 97، 99.

ويلاحظ أنه يخصص القتال للمشركين والكافرين بعد انسلاخ الأشهر الحرم بالنسبة لمن لا عهد له، وانقضاء الأربعة أشهر بالنسبة لمن كان له عهد دون هذه المدة، يخصص القتال بأهل الشرك من العرب حيث المبدأ العام والنهائي بالنسبة لهم هو القتل حيثما أدركوا أو الأسر أو الإسلام.

– د. عبد الخالق النواوي، مرجع سابق، ص 107.

(9) أبو السعود، تفسير أبي السعود، مرجع سابق، ج2، ص ص 379، 401، 420- 421، 461؛ ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج2، ص 910؛ أبو الفرج البغدادي، زاد المسير، مرجع سابق، ج1، ص 200.

وقد روى البخاري أن عمر بن الخطاب لم يكن يأخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله r أخذها من مجوس هجر (مكان يعرف الآن بالبحرين). عمدة القارئ شرح صحيح البخاري، مرجع سابق، ج 17، ص ص 78، 81.

كما روى مالك في الموطأ والبخاري في كتاب الجزية أن رسول الله r قال في شأن أخذ الجزية من المجوس: “سنوا بهم سنة أهل الكتاب”.

– ابن رشد القرطبي، مرجع سابق، ج1، ص 405.

– ابن حزم، المحلي، مرجع سابق، ص 347- 348.

وهو يستدل بأخذ الرسول r الجزية من المجوس هجر على أنهم صاروا من أهل الكتاب، مع أن قوله r: “سنوا بهم سنة أهل الكتاب” متعلق فقط ببيان حكمهم في شأن أخذ الجزية، وهو حكم أهل الكتاب، دون أن يتعدى ذلك إلى صيرورتهم أهل كتاب.

ويؤكد ابن كثير هذا الرأي بواقعة أن جمهور الفقهاء أنكروا على أبي ثور إبراهيم بن خالد الكلبي أحد الفقهاء من أصحاب الشافعي وأحمد بن حنبل ما ذهب إليه من أنه يجوز أكل ذبائح المجوس ونكاح نسائهم استنادًا إلى أخذ الجزية منهم.

راجع: ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج2، ص 20.

(10) المرجع السابق.

(11) روى مسلم عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال “كان رسول الله r” إذا أمر أمير على جيش أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المؤمنين خيرًا ثم قال: “اغزوا باسم الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدًا، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خلال، فأيهن ما أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم، ادعهم إلى الدخول في الإسلام، فإن فعلوا فاقبل منهم وكف عنهم،… فإن هم أبوا فسلهم الجزية، وإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن أبوا، فاستعن بالله وقاتلهم”.

راجع: النووي، شرح صحيح مسلم، القاهرة، المطبعة المصرية، ط (2) 1392هـ/ 1972م، جـ12، ص 237.

– الشوكاني، السبل الجرار، مرجع سابق، ص ص 528- 529.

– ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج2، ص 909.

(12) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج8، ص 71.

وقد روى عن أنس بن مالك أن النبي r قال: “لا تقتلوا شيخًا فانيًا ولا طفلاً صغيرًا، ولا امرأة، ولا تغلوا” (أخرجه أبو داود)، وعن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي r كان إذا بعث جيوشه، قال: “لا تقتلوا أصحاب الصوامع”، وعن رياح بن ربيعه أنه خرج مع رسول الله r في غزوة غزاها، فمر رباح وأصحاب رسول الله r على امرأة مقتولة، فوقف رسول الله r ثم قال: “ما كانت هذه لتقاتل، ثم نظر في وجوه القوم، فقال لأحدهم: الحق خالد بن الوليد فلا يقتلن ذرية ولا عسيفا ولا امرأة”.

كما روى مالك عن أبي بكر أنه قال “ستجدون قومًا زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله، فدعوهم وما حبسوا أنفسهم له” وفيه: “ولا تقتلن امرأة ولا صبيًا ولا كبيرًا هرمًا”.

راجع في ذلك أيضًا: ابن رشد القرطبي، مرجع سابق، ص ص 539- 540.

(13) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج1، ص ص 71- 74.

– ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج2، ص 890.

– ابن حزم، المحلي، مرجع سابق، ص 50.

– النووي، شرح صحيح مسلم، مرجع سابق، ص ص 35- 36، 107.

وفيه تأييد لجواز الإغارة دون إنذار لمن بلغتهم لحديث يحيى التميمي “أن رسول الله r أغار على بنى المصطلق وهم قارون وأنعامهم تسقي  من الماء”.

وانظر خلاف ذلك: الشوكاني، السيل الجرار، مرجع سابق، ص 527 حيث ينوه باستحباب الدعوة إذا كانت قد بلغت المشركين والكافرين من قبل.

(14) المرجع السابق.

(15) عمدة القارئ شرح صحيح البخاري، مرجع سابق، ج14، ص 193.

(16) ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ص 234.

– ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج3، ص ص 308- 310، 322- 323.

– ابن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، مرجع سابق، ج1، ص 75؛ عمدة القارئ شرح صحيح البخاري، مرجع سابق، ج14، ص 215؛ سنن النسائي، ج6، ص2؛ الشوكاني، السيل الجرار، مرجع سابق، ص 519.

(17) أبو بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني، المصنف، كراتشي، منشورات المجلس العلمي، الطبعة الأولى، 1983 م، ج10، ص ص 324- 325.

– د. وهبة الزحيلي، آثار الحرب في الفقه الإسلامي، دمشق، دار الفكر، 1962، ص ص 104- 105.

– د. عبد الخالق النواوي، مرجع سابق، ص 97.

(18) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج4، ص 17.

– القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج6، ص 362، ج8، ص 73.

– الشافعي، الأم، مرجع سابق، ج4، ص 110.

– جعفر النحاس، الناسخ والمنسوخ، مرجع سابق، ص 27.

19) ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج2، ص 865، ج4، ص ص 1688- 1692 وهو يستند في ذلك إلى قوله تعالى في سورة محمد: (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ) (سورة محمد: آية 36).

– القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج5، ص ص 308- 309، ج8، ص ص 58، 71 وما بعدها، 85- 87، 140.

– ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج2، ص 323. حيث يشير بصدد العلاقة بين أية (وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا) (سورة الأنفال: آية 61). وبين أية براءة إلى أنه لا منافاة ولا نسخ ولا تخصيص، لأن آية براءة فيها الأمر بالقتال أن كان ذلك ممكنًا، أما أن كان العدو كثيفًا، فإنه يجوز مهادنتهم ما دعت الحاجة إلى ذلك.

وانظر أيضًا: ج4، ص 181 حيث يفسر قوله تعالى: (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ) (سورة محمد: آية 36) وفقًا لرأية السابق.

– الطبري، جامع البيان، مرجع سابق، ج9، ص 20.

– عمدة القارئ بشرح صحيح البخاري، مرجع سابق، ج17، ص ص 85- 86.

– الشافعي، الأم، مرجع سابق، ج4، ص 110.

– أبو سيف، الخراج، القاهرة، المطبعة السلفية، 1352هـ، ص 207.

– مجيد خدوري، الحرب والسلم في شرعة الإسلام، بيروت، الدار المتحدة للنشر، 1973م. ص 269.

(20) السرخسي، شرح كتاب السير الكبير لمحمد بن الحسن الشيباني، (تحقيق)، صلاح الدين المنجد، معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية، 1972، ص 1689.

– ابن رشد القرطبي، مرجع سابق، ج1، ص ص 534- 544.

(21) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج5، ص ص 310- 311، ج8، ص ص 78- 86، 351. وهو يذهب إلى أن آية (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (العنكبوت: 46)، باقية ومحكمة.

– أبو الفرج البغدادي، زاد المسير، مرجع سابق، ج1، ص ص 197- 199، 202.

– ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج3، ص ص 415- 416، ج4، ص ص 348- 350.

– الطبري، جامع البيان، مرجع سابق، ج9، ص 20.

– ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج2، ص 889، ج3، ص ص 1058- 1059.

– محمد رشيد رضا، تفسير المنار، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1973، ج5، ص ص 265- 266، 268- 269. وهو يذهب إلى قوله تعالى: (إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىَ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ) (سورة النساء: آية 90) تأكيد لمضمون قوله تعالى: (قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ) (سورة البقرة: آية 190) من أن الأصل العام هو “القتال لمن قاتل المسلمين”.

– الطبري، جامع البيان، مرجع سابق، جـ14، ص ص 102- 103.

– محمد أبو زهرة، العلاقات الدولية في الإسلام، القاهرة، الدار القومية للطباعة والنشر، 1964، ص ص 47- 51.

– جعفر النحاس، الناسخ والمنسوخ، مرجع سابق، ص 109.

(22) أبو السعود، تفسير أبي السعود، مرجع سابق، ج1، ص ص 368- 369.

– أبو الفرج البغدادي، زاد المسير، مرجع سابق، ج1، ص 224.

– ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج2، ص 889، ج3، ص ص 1058- 1059.

– السيوطي، الدر المنثور في تفسير القرآن بالمأثور، ج1، ص 241، وانظر كذلك: د. صبحي محمصاني، القانون والعلاقات الدولية في الإسلام، بيروت: دار العلم للملايين، 1392هـ/ 1972م، ص ص 49- 54.

(23) محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، جـ5، ص ص 268- 269، جـ10 ص ص 59- 60.

(24) البغدادي، زاد المسير، مرجع سابق، ج1، ص ص 198- 199.

– القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج8، ص 110.

– ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج4، ص ص 1773- 1774.

– الطبري، جامع البيان، مرجع سابق، ج5، ص ص 415- 416.

– أبو السعود، تفسير أبي السعود، مرجع سابق، ج1، ص 372.

(25) الطبري، جامع البيان، مرجع سابق، ص 416.

– البغدادي، زاد المسير، مرجع سابق، ج1، ص ص 197- 198.

– ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج3، ص ص 81- 82، 349- 352.

–  محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، ج1، ص 291. ويشير إلى أن التعبير في قوله تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) (سورة البقرة: آية 256) قد ورد في صورة النفي المطلق نفي الجنس – جنس الإكراه، أي: نفي كونه ابتداء، أي: استبعاده من عالم الوجود والوقوع، وليس مجرد نهي عن مزاولته. فالنهي في صورة النفي والنفي للجنس أعمق أبقاعًا وأكد دلالة.

وانظر أيضًا: ج5، ص ص 353- 354 حيث يشير إلى أن النهي عن موالاة الكافرين هو لأجل العداوة، ولكون القوم حربًا على المسلمين، لا لأجل الخلاف في الدين لذاته، فإن النبي r لما حالف اليهود كتب في كتابه: “لليهود دينهم وللمسلمين دينهم” كما أمره الله تعالى أن يقول لجميع المخالفين: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) (سورة الكافرون: آية 6).

وقرب إلى ذلك الشنقيطي، أضواء البيان، مرجع سابق، ج2، ص 492، حيث يشير إلى أن ظاهر قوله تعالى: (أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ) (سورة يونس: آية 99) أنها غير منسوخة، لأن معناها أنه لا يهدي القلوب ويوجهها إلى الخير إلا الله تعالى (ج6، ص ص 392- 384).

وقارن في ذلك أيضًا: ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج2 ص 294، حيث يذهب إلى أن آية: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) ليست منسوخة، وإنما هي محكمة، ولكن بمعنى عموم نفي إكراه الباطل. فأما الإكراه بالحق فإنه من الدين، وهل يقتل الكافر إلا على الدين؟ قال r: “أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله… وهو مأخوذ من قوله تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ) (سورة البقرة: آية 193). هذا، ويلاحظ إن ابن العربي في موضع آخر يفسر قوله تعالى: (وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ {11/118} إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ) (سورة هود: آيتين 118-119) بأنه يتضمن الدعوة مع ترك الناس يختارون.

– الطاهر بن عاشور، تفسير التحرير والتنوير، تونس، الدار التونسية للنشر، 1973، ج3، ص ص 25- 28.

– ابن حزم، المحلي، مرجع سابق، ص 346. وهو يذهب إلى أن الآية مخصوصة بأهل الكتاب على خلاف المشركين والمرتدين فهم يكرهون على الإسلام.

– د. وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص 56.

(26) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج8، ص ص 78 وما بعدها.

– الشنقيطي، أضواء البيان، مرجع سابق، ج2، ص ص 429- 431.

– ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج3، ص ص 225- 226، 237- 239.

– ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج2، ص ص 893- 894، ج3، ص ص 1285- 1287. وهو يشير إلى أن الإيذاء سبب للقتال استنادًا لما أورده من حديث النبي r: “من لكعب بن الأشرف فإنه قد أذى الله ورسوله؟ فقام محمد بن مسلمة وقال: يا رسول الله أتحب أن أقتله؟ قال: نعم، فقتله مع أصحابه غيلة”.

– جلال الدين السيوطي، أسباب النزول لآيات من القرآن الكريم، القاهرة (كتاب الجمهورية) د. ت الجزء الأول، ص ص 151، 152، حيث يشير إلى أن أسباب القتال محصورة على نحو ما جاء في قوله تعالى: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (سورة الأنفال: آية 30).

– ابن حزم، المحلي، مرجع سابق، ص ص 90-91.

– د. وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص 27.

(27) أبو الفرج البغدادي، زاد المسير، مرجع سابق، ج2، ص 427.

– القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج 8، ص 86.

– محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، ج10، ص ص 50- 58.

– الطبري، جامع البيان، مرجع سابق، جـ4، ص 76، 77، جـ 14، ص ص 102، 103، 106، 107، 109، 132.

– عمدة القارئ شرح صحيح البخاري، مرجع سابق، ج 17، ص 95.

– ابن هشام، السيرة النبوية، (تحقيق) محمد محي الدين عبد الحميد، القاهرة: دار الهداية، 1980، جـ 2، ص 672.

– د. عبد الخالق النواوي، مرجع سابق، ص ص 98- 101.

– محمد أبو زهرة، مرجع سابق، ص ص 49- 50.

– د. صبحي محمصاني، مرجع سابق، ص 177.

(28) محمد أبو زهرة، مرجع سابق، ص 52.

(29) ابن تيمية، رسالة القتال، القاهرة: المطبعة المحمدية، ص 125.

(30) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج2، ص ص 347- 348.

– القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج1، ص 110، حيث يشير إلى ثبوت أخذ الجزية من مجوس هجر؛ ج2، ص ص 909- 910، حيث يشير إلى أخذ الجزية من الكافرين والمشركين جميعًا.

– محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، جـ10، ص ص 263، 268- 269 حيث يشير إلى أن الجزية لا تقبل من مشركي العرب خاصة بالإجماع وتقبل من اليهود والنصارى لنص القرآن ومن المجوس والصائبة لثبوت السنة وعمل الصحابة، أما غير هؤلاء من الوثنيين وغيرهم ممن لا نص وفيهم فأمرهم موكول لاجتهاد الحاكم بما فيه المصلحة.

– عمدة القارئ شرح صحيح البخاري، مرجع سابق، ج17، ص ص 78- 80، حيث يشير إلى أن الله تعالى، لم ينه عن أخذ الجزية من غير أهل الكتاب، وللشارع أن يزيد في البيان ويفرض ما ليس بموجود في الكتاب.

–  الشوكاني، السيل الجرار، مرجع سابق، ص ص 570- 571، حيث يشير إلى أن ظاهر الأدلة في شأن الجزية يقتضي أن بذل الجزية من أي كافر يوجب الكف عن مقاتلته، وأن حديث بريده يدل على أن هذا كان شأن الرسول r في كل جيش يبعثه ولا ينافي هذا قوله تعالى في أهل الكتاب (حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ) (سورة التوبة: آية 29)؛ لأنهم نوع من أنواع الكفار الذين يجب الكف عن قتالهم إذا أعطوا الجزية؛ ولا ينافي ذلك ما ورد من الأمر بقتال المشركين في آية السيف وغيرها، فإن قتالهم واجب إلا أن يعطوا الجزية، فإنه يجب الكف عنهم، كما يكف عنهم إذا اسلموا.

ولا ينافي هذا التعميم ما وقع منه r من الأمر بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، فذلك لا ينافي جواز المصالح لهم بضرب الجزية عليهم إذا كانوا في غير جزيرة العرب.

(31) د. وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص 76.

(32) محمد أبو زهرة، مرجع سابق، ص 31.

(33) د. صبحي محمصاني، مرجع سابق، ص ص 178- 179.

(34) د. وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص ص 77- 78.

(35) د. جمال الدين عطية، النظرية العامة للشريعة الإسلامية، مطبعة المدينة، ط1، 1407هـ/ 1988م، ص ص 277 – 279. ويورد العديد من الآيات التي تدل على عدم رضاء غير المسلمين عنهم حتى يتركوا الإسلام، وأنهم –أي غير المسلمين- لا يريدون الخير للمسلمين حتى وإن أحبهم المسلمون، وأنهم ينقضون عهودهم ما وجدوا في ذلك مصلحتهم، ولهذا توجبت عدم موالاتهم إلا إذا بثت سلامة نواياهم.

(36) ابن تيمية، السياسة الشرعية، مرجع سابق، ص ص 102، 106- 107.

(37) المرجع السابق.

(38) الشنقيطي، أضواء البيان، مرجع سابق، ج2 ص ص 174- 175.

– ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج1، ص 147.

– ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج4، ص ص 314- 315.

(39) سيد قطب، في ظلال القرآن، مرجع سابق، ج3، ص 1578.

(40) محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، جـ10 ص ص 247، 248، 259 وبعدها.

(41) الطبري، جامع البيان، مرجع سابق، جـ14، ص ص 214- 215.

(42) سيد قطب، في ظلال القرآن، مرجع سابق، جـ3، ص 158.

(43) المرجع السابق، ص ص 1580، 1586.

(44) المرجع السابق، ص ص 1580، 1586.

(45) المرجع السابق، ص ص 1579- 1580، 1596، 1633- 1634.

– وانظر كذلك: محمد حميد الله، الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة، بيروت: دار النفائس، الطبعة الرابعة، 1403هـ/ 1983م، ص ص 109، 135- 136، 140.

– محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، جـ 10، ص ص 259، 260د. عون الشريف قاسم، نشأة الدولة الإسلامية على عهد رسول الله r: دراسة في وثائق العهد النبوي، القاهرة: دار الكتب الإسلامية، 1981م، ص ص 78، 80، ص ص 299- 308.

(46) المرجع السابق.

(47) المرجع السابق.

(48) سيد قطب، في ظلال القرآن، مرجع سابق، جـ3، ص 1580 وما بعدها.

– محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، جـ10، ص ص 255- 256، 263.

(49) سيد قطب، في ظلال القرآن، مرجع سابق، جـ3، ص 1580 وما بعدها.

– محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، جـ10، ص ص 255- 256، 263.

(50) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج3، ص 225.

– أبو السعود، تفسير أبي السعود، مرجع سابق، جـ3، ص 142.

– محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، جـ10، ص 160.

(51)  المرجع السابق.

(52) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج8، ص ص 76- 77.

– الطبري، جامع البيان، مرجع سابق، جـ4، ص ص 138- 139.

– محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، جـ10، ص ص 161، 163.

(53) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج8، ص 302.

– ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج2، ص 403- 405.

– سيد قطب، في ظلال القرآن، مرجع سابق، ج3، ص ص 1742- 1743.

– الشنقيطي، أضواء البيان، مرجع سابق، ج2، ص ص 475- 476.

– ابن العربي، الجامع لأحكام  القرآن، مرجع سابق، ج2، ص 1022 وما بعدها.

(54) محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، جـ3 ص ص 33- 34، جـ10، ص ص 161، 163.

(55) ابن هشام، السيرة النبوية، مرجع سابق، ج1، ص 266.

(56) من ذلك ما رواه البخاري عن سهيل بن بكار عن وهيب عن عمرو بن يحيى عن عباس الساعدي عن أبي حميد الساعدي قال: “غزونا مع النبي r تبوك، وأهدي ملك أيلة للنبي بغلة بيضاء،  وكساه برداء، وكتب له ببحره، مما يعني أن قبول الهدية من رأس النظام الحاكم ايذان بالموادعة، وكتابته ببحرهم مؤذن بدخول الرعية في الموادعة لأن موادعة الملك موادعة لرعيته، لأن قوتهم به ومصالحهم إليه، فلا معنى لانفراده دونهم وانفرادهم دونه على الإطلاق”.

– عمدة القارئ شرح صحيح البخاري، مرجع سابق، ص ص 85- 86.

(57) د. محمد حميد الله، مرجع سابق، ص ص 109، 110، 140، وانظر كذلك: صحيح مسلم بشرح النووي، مرجع سابق، ج12، ط2، ص ص 109- 110 حيث يشير إلى أن مفاد رسائله r إلى ملوك وأمراء الدول المجاورة أن الخطاب يتوجه إلى النظم القائمة، لأنها هي التي تقود الناس إلى المذاهب الفاسدة، فقوله r: “… وإلا فعليك إثم الأريسيين” دليل على أن من كان سببًا في ضلالة أو سبب منع عن هداية كان آثمًا، لقوله تعالى: (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ) (سورة العنكبوت: آية 13) كما أن استخدام لفظة الاريسيين وهم الفلاحون أو الزراع، فلأنهم رعاياه الذين يتبعونه ويتقادون بانقياده. ونبه بهؤلاء على جميع الرعايا، لأنهم الأغلب، ولأنهم أسرع انقيادًا، فإذا أسلم أسلموا وإذا امتنع امتنعوا.

– د. عون الشريف قاسم، مرجع سابق، ص ص 78- 80.

(58) انظر الهامش السابق.

(59) نفسه.

(60) د. عبد الخالق النواوي، مرجع سابق، ص 108.

(61) عون المعبود في شرح سنن أبي داود، مرجع سابق، ص 320 وما بعدها.

(62) السرخسي، شرح السير الكبير للشيباني، مرجع سابق، ج1، ص 59.

– د. وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص 115.

– وانظر كذلك: الشوكاني، السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، مرجع سابق، ص 526، حيث يشير إلى حديث ابن عباس “ما قاتل رسول الله، قومًا قط إلا دعاهم”.

(63) عمدة  القارئ بشرح صحيح البخاري، مرجع سابق، ص ص 80-81.

صحيح مسلم بشرح النووي، مرجع سابق، ج 12، ط1، ص ص 37-39.

(64) محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، جـ10، ص ص 268- 270.

– د. وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص 60.

(65) ابن حجر العسقلاني، بلوغ المرام في أدلة الأحكام، (تحقيق) رضوان محمد رضوان، بيروت، دار الكتاب العربي، 1403هـ- 1983م، ص 9.

–  ابن هشام، السيرة النبوية، مرجع سابق، جـ4، 2، ص ص 181- 182.

(66) ابن كثير، البداية والنهاية القاهرة، 1351هـ، ص ص 62-81.

– د. عبد العزيز غنيم، محمد صلى الله عليه وسلم من الحرب والسلام، القاهرة، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية (مركز السيرة والسنة) 1989م، ص ص 22-29.

(67) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج2، ص 35، ص ص 308، 496، 538- 539، ج4، ص ص 440-441.

– القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج13، ص 1.

– سيد قطب، في ظلال القرآن، مرجع سابق، ج1، ص 441.

– محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، ج6، عدد 29، ص 384، ج7 عدد 32، ص ص 176- 185.

ويشير إلى أن الدعوة لا تتنافى مع قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) (المائدة: آية 105)، لأن هناك فرقًا بين التبليغ والهداية.

(68) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج3، ص ص 143- 144، 538-539.

– الشنقيطي، أضواء البيان، مرجع سابق، ج2، ص ص 173- 174، 261- 262، 287، 343.

– ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج3، ص ص 1452- 1426، 1475.

– أبو السعود، تفسير أبي السعود، مرجع سابق، جـ3، ص 142.

(69) راجع ما سبق، ص 31-32.

وانظر كذلك: د. وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص ص 58-59.

(70) محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، جـ10، ص ص 15، 134- 135.

– ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، جـ2، ص 320.

(71) البلاذري، فتوح البلدان (تعليق) رضوان محمد رضوان، القاهرة، مطبعة السعادة، 1959م، ص ص 439- 440.

(72)  المرجع السابق.

(73) محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، ج10، ص 289.

– ابن رشد القرطبي، مرجع سابق، ج1، ص ص 543-543.

– فتح القدير، مرجع سابق، ج4، ص 291.

– الماوردي، الأحكام السلطانية، مرجع سابق، ص ص 52- 54.

(74) ابن الصلاح، فتاوى ابن الصلاح، ص 224 (مشار إليه في د. وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص 90).

(75) العيني، بشرح صحيح البخاري، مرجع سابق، ج12، ص 264.

– الشوكاني، نيل الأوطار، مرجع سابق، ج7، ص ص 193- 195.

– محمد سلام مدكور، المدخل للفقه الإسلامي، القاهرة، دار النهضة العربية، 1960، ص ص 759- 760.

(76) جوستاف لوبون، حضارة العرب، ص 162، (نقلاً عن د. وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص 62).

(77) من الأدلة النقلية على وجوب الدعوة سلمًا وبالقول اللين قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) (سورة المائدة: آية 67)، وقوله تعالى:  (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ) (سورة الكهف: آية 29)، وقوله تعالى: (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ {88/21} لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ) (سورة الغاشية: آيتين 21-22). فهذه الآيات تفيد التزام الرسول r والمسلمين من بعده بالقيام بالدعوة، وإبلاغها لغير المسلمين عامة بالبيان والقول اللين والموعظة الحسنة.

كذلك، فقد مضت سنته r في دعوة ملوك وأمراء الدول المجاورة إلى الإسلام على مخاطبة هؤلاء بالرسائل والكتب والوفود التي تقوم على شرح معالم الدعوة وتعريف الناس بها، ثم دعوتهم إلى الإسلام بها.

راجع في ذلك:

– الشنقيطي، أضواء البيان، مرجع سابق، ص ص 173- 174.

– محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، ج10، ص 289، وراجع ما سبق، ص ص 31-32.

أما من وجهة نظر العقل والمنطق، فإن الدعوة في ذاتها تفترض جوا من السلم والأمان حتى يتمكن الداعية من حريتهم في الاختيار بينها وبين ما هم عليه دون ما قسر أو إكراه، فيكون الاختيار قائمًا على أساس من توخي العدل ومجانبة الظلم، أعمالاً لمقتضى قوله تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) (سورة البقرة: آية 256)، وقوله تعالى: (لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ) (سورة الأنفال: آية 42).

(78) الشوكاني، نيل الأوطار، مرجع سابق، ج7، ص 213.

– د. وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص ص 78 وما بعدها.


([1]) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، بيروت، دار المعرفة، 1403هـ/ 1983م/ ج2، ص ص 308- 310، 331- 337.

– الشنقيطي، أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، الرياض، الرئاسة العامة لإدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، 1403هـ/ 1983م، ج2، ص ص 341- 342، 484- 485.

– القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، القاهرة، دار الكاتب العربي، 1976، ج8، ص ص 39، 72، 631، ج16، ص 255.

– أبو الفرج البغدادي، زاد المسير في علم التفسير دمشق، المكتب الإسلامي للطباعة والنشر، 1968م، ص ص 159- 160.

– الطبري، جامع البيان عن تأويل أي القرآن، (حققه وعلق على حواشيه) محمود محمد شاكر، (راجعه وخرج أحاديثه) أحمد محمد شاكر، القاهرة، دار المعارف، د. ت، جـ14، ص ص 140 وما بعدها.

– الشافعي، الأم، القاهرة، المطبعة الأميرية، 1321هـ، ج4، ص 48.

– الشوكاني، نيل الأوطار، بيروت، دار الكتب العلمية، 1405هـ/ 1985م، ج8، ص 53.

– محمد الخطيب، مغني المحتاج إلى شرح المنهاج، القاهرة، مطبعة البابي الحلبي، 1352 هـ/ 1933، ج4، ص 233.

– ابن رشد القرطبي، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، (تحقيق) د. محمد محمد سالم محسن؛ د. محمد شعبان إسماعيل، القاهرة، مكتبة الكليات الأزهرية، 1394هـ/ 1974م، ج1، ص ص 538 وما بعدها.

– الماوردي، الأحكام السلطانية والولايات الدينية، القاهرة، المكتبة التوفيقية، 1978م، ص 39.

([2]) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج3، ص ص 225-226 وهو يشير إلى أن آية ﴿ وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ ﴾ (سورة الأنفال: آية 61) منسوخة ببراءة، أو بقوله تعالى في سورة محمد: ﴿ فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ ﴾ (سورة محمد: آية 35)، وأن آية ﴿لَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ (سورة العنكبوت: آية 46) في سورة العنكبوت منسوخة بآية السيف.

– القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج8، ص ص 39، 72، 136، 180، 350، ج 10، ص ص 61- 62، ص 255.

– الشنقيطي، أضواء البيان، مرجع سابق، ج2، ص ص 341- 342 وه يفسر قوله تعالى: ﴿ وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ (سورة يونس: آية 41) بأنه حكم لا يتعارض مع انتهاء أحكام آيات العفو والصفح والأعراض عن الجاهلين، فالبراءة من عمل السوء لا شك في بقاء مشروعيتها.

– ابن العربي، أحكام القرآن، (تحقيق) علي محمد البجاوي، القاهرة، دار أحياء الكتب العربية (عيسى البابي الحلبي) الطبعة الأولى، 1376هـ/ 1957م، ج2، ص ص 865، 882- 888.

– العيني، عمدة القارئ شرح صحيح البخاري، القاهرة، المطبعة المنيرية، ج 17، ص 95.

– ابن قدامه، المغني القاهرة، مطبعة المنار، 1348هـ، ج1، ص 573.

– د. عبد الخالق النواوي، العلاقات الدولية والنظم القضائية في الشريعة الإسلامية، بيروت، دار الكتاب العربي، الطبعة الأولى، 1394هـ/ 1974م، ص 96.

([3]) ابن العربين أحكام القرآن، مرجع سابق، ج2، ص2، ص ص 1284- 1287.

– ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج4، ص 117، 314- 315. حيث يشير في ذلك إلى قوله تعالى: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ ﴾ (سورة الحديد: آية 25).

– القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج8، ص 73.

– الشنقيطي، أضواء البيان، مرجع سابق، ج2، ص ص 173- 174، 385.

– الطبري، جامع البيان، مرجع سابق، ج2، ص 108، ج3، ص 561 وما بعدها.

– ابن تيمية، السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية، (تحقيق) دار إحياء التراث العربي، بيروت، دار الأفاق الجديد، الطبعة الأولى، 1403هـ/ 1983م، ص ص 102- 150.

– ابن قدامه، المغني مرجع سابق، ج10، ص 573.

([4]) ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج2، ص ص 301- 302، ج4، ص ص 1773- 1774.

–  الطبري، جامع البيان، مرجع سابق، جـ14، ص 140 ويشير إلى الآراء التي تذهب إلى أن قولته تعالى: ﴿ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ﴾ ناسخ لقوله تعالى في سورة محمد: ﴿ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء ﴾ (سورة محمد: آية 4).

وانظر كذلك: د. عبد الخالق النواوي، مرجع سابق، ص ص 105- 106.

([5]) ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج1، ص ص 102، 109- 110، 233- 234، ج4، ص 834- 905. وهو يفسر قوله تعالى: ﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ ﴾ (سورة البقرة: آية 193) بأن الكفر هو السبب المبيح للقتال؛ لأن الغاية هي عدم الكفر.

ويرد على من ينفي كون الكفر سببًا للقتل بأنه “أن قيل: لو كان المبيح للقتل هو الكفر لقتل كل كافر وأنت تترك منهم النساء والرهبان وغيرهم ممن ثبت عدم قتالهم في السنة، فالجواب أن تركهم مع قيام المبيح بهم لآجل ما عارض الأمر من منفعة أو مصلحة. أما المنفعة: فالاسترقاق فيمن يسترق، فيكون مالاً وخدمًا، وهي الغنيمة التي أحلها الله تعالى لنا من بين الأمم. وأما المصلحة، فإن في استبقاء الرهبان باعثًا على تخلي رجالهم عن القتال فيضعف حربهم ويقل حزبهم فينتشر الاستيلاء عليهم”.

قارن أيضًا تفسير ابن العربي لقوله تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ﴾ (سورة البقرة: آية 217) حيث يتضمن تفسيره للفتنة في هذه الآية ما يفيد بأنها ليست الكفر مجردًا في ذاته وإنما هي سيطرة الكفر وتسيده على أرض الواقع لدرجة يحال فيها بين المسلمين وإقامة شعائرهم في أول بيت وضع للناس في الأرض وهو المسجد الحرام، (المرجع السابق، ج1، ص 147).

–    أبو الفرج البغدادي، زاد المسير، مرجع سابق، ص 160.

–    القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج1، ص ص 61- 61، 519.

–    الطبري، جامع البيان، مرجع سابق، ج2، ص 108.

–  ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ص 2، ص 108، ج3، ص 415- 416، ص ص 173، 225- 226، 314- 315، 353- 355، 346- 347، 373.

–    ابن رشد القرطبي، مرجع سابق، ج1، ص ص 538- 539.

–  الشوكاني، السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار (تحقيق) محمد إبراهيم زايد، بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، الجزء الرابع، 1402هـ/ 1985م، ص ص 518- 519.

–  ابن حزم، المحلي، (تحقيق) لجنة أحياء التراث العربي، بيروت، دار الآفاق الجديدة، المجلد الرابع، الجزء السابع، د. ت، ص ص 307، 317، 323، 345- 349.

ويلاحظ أنه إذا كان ابن حزم يتفق مع الاتجاه القائل بأن أهل الكتاب يخيرون بين الإسلام أو الجزية، فإنه يشير –في الوقت ذاته- إلى أنه لا يقبل من يهودي ولا نصراني ولا مجوسي جزية إلا بأن يقروا بأن محمد رسول الله إلينا، وأن لا يطعنوا فيه ولا في شيء من دين الإسلام، لحديث ثوبان مولي رسول الله صلى الله عليه وسلم: كنت قائمًا عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فجاء حبر من أحبار اليهود فقال: السلام عليك يا محمد فدفعته دفعة كاد يصرع منها فقال لم تدفعني؟ قلت ألا تقول: يا رسول الله، فقال اليهودي: إنما ندعوه باسمه الذي سماه به أهله، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن اسمي محمدًا الذي سماني به أهلي ثم قال في آخره “أن اليهودي قال له: لقد صدقت، وأنك لنبي ثم انصرف”.

فكون الرسول (صلى الله عليه وسلم) لم ينكر فعل ثوبان فصح أنه حق وواجب، إذ لو كان غير جائز لا نكره عليه، وفيه أن اليهودي قال له: أنك لنبي ولم يلزمه النبي (صلى الله عليه وسلم) ترك دينه. ويذهب ابن حزم في رأيه هذا استنادًا لقوله تعالى: ﴿ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ ﴾ (سورة التوبة: آية 12)، ولرأي مالك من أنه “من قال من أهل الذمة لم يكن محمد نبيًا قتل”.

كما أن لابن حزم رأيًا آخر، في صدد من تؤخذ منهم الجزية من أهل الكتاب إذ يذهب إلى أنها تؤخذ منهم جميعًا دون تفرقة بين عبد وحر، ذكر وأنثى، فقير وغني، وذلك لعموم قوله تعالى ﴿ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾ (سورة التوبة: آية 29) إلى جانب ما ثبت عن النبي (صلى الله عليه وسلم) من أن كتابه إلى أهل اليمن قد تضمن أنه “من كره الإسلام من يهودي أو نصراني، فإنه لا يحول عن دينه وعليه الجزية، على كل حالم ذكر أو أنثى، حر أو عبد، دينار واف من قيمة المعافر (قبيلة باليمن) أو عرضه، فضلاً عن أنه لم يثبت –من وجهة نظره- أن أحدًا من الصحابة نهى وعن أخذ الجزية من النساء. (المرجع السابق، ص ص 317- 318، 348).

– النووي، شرح صحيح مسلم القاهرة، المطبعة المصرية، الطبعة الثانية، 1392هـ/ 1972م، ج 12 ص ص 39- 40. وهو يؤول حديث بريدة عن أخذ الجزية من المشركين بأنه مخصوص بأهل الكتاب، على أساس أن اسم “المشرك” يطلق على أهل الكتاب وغيرهم، وكان تخصيصهم معلومًا عند الصحابة.

([6]) أبو السعود، تفسير أبي السعود المسمى إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم، بيروت، دار أحياء التراث العربي، د. ت، ج1، ص 162.

– القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج8، ص 108.

([7]) أبو الفرج البغدادي، زاد المسير، مرجع سابق، ج1، ص 243.

–    ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج2، ص ص 331- 336.

–    أبو السعود، تفسير أبي السعود، مرجع سابق، ج1، ج1، ص 165.

([8]) ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج2، ص 302، ج3، ص ص 1425- 1426، ج4، ص ص 1692، 1704- 1709.

– أبو الفرج البغدادي، زاد المسير، مرجع سابق، ج1، ص ص 197- 200.

– الطبري، جامع البيان، مرجع سابق، جـ14، ص ص 96- 97، 99.

ويلاحظ أنه يخصص القتال للمشركين والكافرين بعد انسلاخ الأشهر الحرم بالنسبة لمن لا عهد له، وانقضاء الأربعة أشهر بالنسبة لمن كان له عهد دون هذه المدة، يخصص القتال بأهل الشرك من العرب حيث المبدأ العام والنهائي بالنسبة لهم هو القتل حيثما أدركوا أو الأسر أو الإسلام.

– د. عبد الخالق النواوي، مرجع سابق، ص 107.

([9]) أبو السعود، تفسير أبي السعود، مرجع سابق، ج2، ص ص 379، 401، 420- 421، 461؛ ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج2، ص 910؛ أبو الفرج البغدادي، زاد المسير، مرجع سابق، ج1، ص 200.

وقد روى البخاري أن عمر بن الخطاب ولم يكن يأخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أخذها من مجوس هجر (مكان يعرف الآن بالبحرين). عمدة القارئ شرح صحيح البخاري، مرجع سابق، ج 17، ص ص 78، 81.

كما روى مالك في الموطأ والبخاري في كتاب الجزية أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال في شأن أخذ الجزية من المجوس: “سنوا بهم سنة أهل الكتاب”.

– ابن رشد القرطبي، مرجع سابق، ج1، ص 405.

– ابن حزم، المحلي، مرجع سابق، ص 347- 348.

وهو يستدل بأخذ الرسول (صلى الله عليه وسلم) الجزية من المجوس هجر على أنهم صاروا من أهل الكتاب، مع أن قوله (صلى الله عليه وسلم): “سنوا بهم سنة أهل الكتاب” متعلق فقط ببيان حكمهم في شأن أخذ الجزية، وهو حكم أهل الكتاب، دون أن يتعدى ذلك إلى صيرورتهم أهل كتاب.

ويؤكد ابن كثير هذا الرأي بواقعة أن جمهور الفقهاء أنكروا على أبي ثور إبراهيم بن خالد الكلبي أحد الفقهاء من أصحاب الشافعي وأحمد بن حنبل ما ذهب إليه من أنه يجوز أكل ذبائح المجوس ونكاح نسائهم استنادًا إلى أخذ الجزية منهم.

= راجع: ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج2، ص 20.

([10]) أبو السعود، تفسير أبي السعود، مرجع سابق، ج2، ص ص 379، 401، 420- 421، 461؛ ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج2، ص 910؛ أبو الفرج البغدادي، زاد المسير، مرجع سابق، ج1، ص 200.

وقد روى البخاري أن عمر بن الخطاب ولم يكن يأخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أخذها من مجوس هجر (مكان يعرف الآن بالبحرين). عمدة القارئ شرح صحيح البخاري، مرجع سابق، ج 17، ص ص 78، 81.

كما روى مالك في الموطأ والبخاري في كتاب الجزية أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال في شأن أخذ الجزية من المجوس: “سنوا بهم سنة أهل الكتاب”.

– ابن رشد القرطبي، مرجع سابق، ج1، ص 405.

– ابن حزم، المحلي، مرجع سابق، ص 347- 348.

وهو يستدل بأخذ الرسول (صلى الله عليه وسلم) الجزية من المجوس هجر على أنهم صاروا من أهل الكتاب، مع أن قوله (صلى الله عليه وسلم): “سنوا بهم سنة أهل الكتاب” متعلق فقط ببيان حكمهم في شأن أخذ الجزية، وهو حكم أهل الكتاب، دون أن يتعدى ذلك إلى صيرورتهم أهل كتاب.

ويؤكد ابن كثير هذا الرأي بواقعة أن جمهور الفقهاء أنكروا على أبي ثور إبراهيم بن خالد الكلبي أحد الفقهاء من أصحاب الشافعي وأحمد بن حنبل ما ذهب إليه من أنه يجوز أكل ذبائح المجوس ونكاح نسائهم استنادًا إلى أخذ الجزية منهم.

راجع: ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج2، ص 20.

([11]) روى مسلم عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم” إذا أمر أمير على جيش أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المؤمنين خيرًا ثم قال: “اغزوا باسم الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدًا، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خلال، فأيهن ما أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم، ادعهم إلى الدخول في الإسلام، فإن فعلوا فاقبل =منهم وكف عنهم،… فإن هم أبوا فسلهم الجزية، وإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن أبوا، فاستعن بالله وقاتلهم”.

راجع: النووي، شرح صحيح مسلم، القاهرة، المطبعة المصرية، ط (2) 1392هـ/ 1972م، جـ12، ص 237.

– الشوكاني، السبل الجرار، مرجع سابق، ص ص 528- 529.

– ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج2، ص 909.

([12]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج8، ص 71.

وقد روى عن أنس بن مالك أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: “لا تقتلوا شيخًا فانيًا ولا طفلاً صغيرًا، ولا امرأة، ولا تغلوا” (أخرجه أبو داود)، وعن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان إذا بعث جيوشه، قال: “لا تقتلوا أصحاب الصوامع”، وعن رياح بن ربيعه أنه خرج مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في غزوة غزاها، فمر رباح وأصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على امرأة مقتولة، فوقف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم قال: “ما كانت هذه لتقاتل، ثم نظر في وجوه القوم، فقال لأحدهم: الحق خالد بن الوليد فلا يقتلن ذرية ولا عسيفا ولا امرأة”.

كما روى مالك عن أبي بكر أنه قال “ستجدون قومًا زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله، فدعوهم وما حبسوا أنفسهم له” وفيه: “ولا تقتلن امرأة ولا صبيًا ولا كبيرًا هرمًا”.

راجع في ذلك أيضًا: ابن رشد القرطبي، مرجع سابق، ص ص 539- 540.

([13]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج1، ص ص 71- 74.

–   ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج2، ص 890.

–   ابن حزم، المحلي، مرجع سابق، ص 50.

–   النووي، شرح صحيح مسلم، مرجع سابق، ص ص 35- 36، 107.

وفيه تأييد لجواز الإغارة دون إنذار لمن بلغتهم لحديث يحيى التميمي “أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أغار على بنى المصطلق وهم قارون وأنعامهم تسقي من الماء”.

وأنظر خلاف ذلك: الشوكاني، السيل الجرار، مرجع سابق، ص 527 حيث ينوه باستحباب الدعوة إذا كانت قد بلغت المشركين والكافرين من قبل.

([14]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج1، ص ص 71- 74.

–   ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج2، ص 890.

–   ابن حزم، المحلي، مرجع سابق، ص 50.

–   النووي، شرح صحيح مسلم، مرجع سابق، ص ص 35- 36، 107.

وفيه تأييد لجواز الإغارة دون إنذار لمن بلغتهم لحديث يحيى التميمي “أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أغار على بنى المصطلق وهم قارون وأنعامهم تسقي من الماء”.

وأنظر خلاف ذلك: الشوكاني، السيل الجرار، مرجع سابق، ص 527 حيث ينوه باستحباب الدعوة إذا كانت قد بلغت المشركين والكافرين من قبل.

([15]) عمدة القارئ شرح صحيح البخاري، مرجع سابق، ج14، ص 193.

([16]) ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ص 234.

– ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج3، ص ص 308- 310، 322- 323.

– ابن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، مرجع سابق، ج1، ص 75؛ عمدة القارئ شرح صحيح البخاري، مرجع سابق، ج14، ص 215؛ سنن النسائي، ج6، ص2؛ الشوكاني، السيل الجرار، مرجع سابق، ص 519.

([17]) أبو بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني، المصنف، كراتشي، منشورات المجلس العلمي، الطبعة الأولى، 1983 م، ج10، ص ص 324- 325.

–    د. وهبة الزحيلي، آثار الحرب في الفقه الإسلامي، دمشق، دار الفكر، 1962، ص ص 104- 105.

–    د. عبد الخالق النواوي، مرجع سابق، ص 97.

([18]) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج4، ص 17.

–    القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج6، ص 362، ج8، ص 73.

–    الشافعي، الأم، مرجع سابق، ج4، ص 110.

–    جعفر النحاس، الناسخ والمنسوخ، مرجع سابق، ص 27.

[19])) ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج2، ص 865، ج4، ص ص 1688- 1692 وهو يستند في ذلك إلى قوله تعالى في سورة محمد: ﴿ فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ﴾ (سورة محمد: آية 36).

– القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج5، ص ص 308- 309، ج8، ص ص 58، 71 وما بعدها، 85- 87، 140.

– ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج2، ص 323. حيث يشير بصدد العلاقة بين أية ﴿ وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا ﴾ (سورة الأنفال: آية 61). وبين أية براءة إلى أنه لا منافاة ولا نسخ ولا تخصيص، لأن آية براءة فيها الأمر بالقتال أن كان ذلك ممكنًا، أما أن كان العدو كثيفًا، فإنه يجوز مهادنتهم ما دعت الحاجة إلى ذلك.

وانظر أيضًا: ج4، ص 181 حيث يفسر قوله تعالى: ﴿ فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾ (سورة محمد: آية 36) وفقًا لرأية السابق.

–  الطبري، جامع البيان، مرجع سابق، ج9، ص 20.

–  عمدة القارئ بشرح صحيح البخاري، مرجع سابق، ج17، ص ص 85- 86.

–  الشافعي، الأم، مرجع سابق، ج4، ص 110.

–  أبو سيف، الخراج، القاهرة، المطبعة السلفية، 1352هـ، ص 207.

–  مجيد خدوري، الحرب والسلم في شرعة الإسلام، بيروت، الدار المتحدة للنشر، 1973م. ص 269.

(([20] السرخسي، شرح كتاب السير الكبير لمحمد بن الحسن الشيباني، (تحقيق)، صلاح الدين المنجد، معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية، 1972، ص 1689.

– ابن رشد القرطبي، مرجع سابق، ج1، ص ص 534- 544.

([21]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج5، ص ص 310- 311، ج8، ص ص 78- 86، 351. وهو يذهب إلى أن آية ﴿ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ (العنكبوت: 46)، باقية ومحكمة.

–  أبو الفرج البغدادي، زاد المسير، مرجع سابق، ج1، ص ص 197- 199، 202.

–  ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج3، ص ص 415- 416، ج4، ص ص 348- 350.

–  الطبري، جامع البيان، مرجع سابق، ج9، ص 20.

–  ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج2، ص 889، ج3، ص ص 1058- 1059.

– محمد رشيد رضا، تفسير المنار، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1973، ج5، ص ص 265- 266، 268- 269. وهو يذهب إلى قوله تعالى: ﴿ إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىَ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ ﴾ (سورة النساء: آية 90) تأكيد لمضمون قوله تعالى ﴿قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ﴾ (سورة البقرة: آية 190) من أن الأصل العام هو “القتال لمن قاتل المسلمين”.

–  الطبري، جامع البيان، مرجع سابق، جـ14، ص ص 102- 103.

–  محمد أبو زهرة، العلاقات الدولية في الإسلام، القاهرة، الدار القومية للطباعة والنشر، 1964، ص ص 47- 51.

–  جعفر النحاس، الناسخ والمنسوخ، مرجع سابق، ص 109.

([22]) أبو السعود، تفسير أبي السعود، مرجع سابق، ج1، ص ص 368- 369.

–  أبو الفرج البغدادي، زاد المسير، مرجع سابق، ج1، ص 224.

–  ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج2، ص 889، ج3، ص ص 1058- 1059.

– السيوطي، الدر المنثور في تفسير القرآن بالمأثور، ج1، ص 241، وانظر كذلك: د. صبحي محمصاني، القانون والعلاقات الدولية في الإسلام، بيروت: دار العلم للملايين، 1392هـ/ 1972م، ص ص 49- 54.

([23]) محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، جـ5، ص ص 268- 269، جـ10 ص ص 59- 60.

([24]) البغدادي، زاد المسير، مرجع سابق، ج1، ص ص 198- 199.

– القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج8، ص 110.

– ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج4، ص ص 1773- 1774.

– الطبري، جامع البيان، مرجع سابق، ج5، ص ص 415- 416.

– أبو السعود، تفسير أبي السعود، مرجع سابق، ج1، ص 372.

([25]) الطبري، جامع البيان، مرجع سابق، ص 416.

=- البغدادي، زاد المسير، مرجع سابق، ج1، ص ص 197- 198.

– ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج3، ص ص 81- 82، 349- 352.

– محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، ج1، ص 291. ويشير إلى أن التعبير في قوله تعالى: ﴿ لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾ (سورة البقرة: آية 256) قد ورد في صورة النفي المطلق نفي الجنس –جنس الإكراه، أي: نفي كونه ابتداء، أي: استبعاده من عالم الوجود والوقوع، وليس مجرد نهي عن مزاولته. فالنهي في صورة النفي والنفي للجنس أعمق أبقاعًا وأكد دلالة.

وانظر أيضًا: ج5، ص ص 353- 354 حيث يشير إلى أن النهي عن موالاة الكافرين هو لأجل العداوة، ولكون القوم حربًا على المسلمين، لا لأجل الخلاف في الدين لذاته، فإن النبي (صلى الله عليه وسلم) لما حالف اليهود كتب في كتابه: “لليهود دينهم وللمسلمين دينهم” كما أمره الله تعالى أن يقول لجميع المخالفين: ﴿ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴾ (سورة الكافرون: آية 6).

وقرب إلى ذلك الشنقيطي، أضواء البيان، مرجع سابق، ج2، ص 492، حيث يشير إلى أن ظاهر قوله تعالى: ﴿ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ ﴾ (سورة يونس: آية 99) أنها غير منسوخة، لأن معناها أنه لا يهدي القلوب ويوجهها إلى الخير إلا الله تعالى (ج6، ص ص 392- 384).

وقارن في ذلك أيضًا: ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج2 ص 294، حيث يذهب إلى أن آية: ﴿ لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾ ليست منسوخة، وإنما هي محكمة، ولكن بمعنى عموم نفي إكراه الباطل. فأما الإكراه بالحق فإنه من الدين، وهل يقتل الكافر إلا على والدين؟ قال (صلى الله عليه وسلم) “أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله… وهو مأخوذ من قوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ ﴾ (سورة البقرة: آية 193). هذا، ويلاحظ إن ابن العربي في موضع آخر يفسر قوله تعالى: ﴿ وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ {11/118} إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾ (سورة هود: آيتين 118-119) بأنه يتضمن الدعوة مع ترك الناس يختارون.

– الطاهر بن عاشور، تفسير التحرير والتنوير، تونس، الدار التونسية للنشر، 1973، ج3، ص ص 25- 28.

– ابن حزم، المحلي، مرجع سابق، ص 346. وهو يذهب إلى أن الآية مخصوصة بأهل الكتاب على خلاف المشركين والمرتدين فهم يكرهون على الإسلام.

– د. وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص 56.

(([26] القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج8، ص ص 78 وما بعدها.

– الشنقيطي، أضواء البيان، مرجع سابق، ج2، ص ص 429- 431.

– ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج3، ص ص 225- 226، 237- 239.

– ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج2، ص ص 893- 894، ج3، ص ص 1285- 1287. وهو يشير إلى أن الإيذاء سبب للقتال استنادًا لما أورده من حديث النبي (صلى الله عليه وسلم): “من لكعب بن الأشرف فإنه قد أذى الله ورسوله؟ فقام محمد بن مسلمة وقال: يا رسول الله أتحب أن أقتله؟ قال: نعم، فقتله مع أصحابه غيلة”.

– جلال الدين السيوطي، أسباب النزول لآيات من القرآن الكريم، القاهرة (كتاب الجمهورية) د. ت الجزء الأول، ص ص 151، 152، حيث يشير إلى أن أسباب القتال محصورة على نحو ما جاء في قوله تعالى ﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ (سورة الأنفال: آية 30).

– ابن حزم، المحلي، مرجع سابق، ص ص 90-91.

– د. وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص 27.

([27]) أبو الفرج البغدادي، زاد المسير، مرجع سابق، ج2، ص 427.

– القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج 8، ص 86.

– محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، ج10، ص ص 50- 58.

– الطبري، جامع البيان، مرجع سابق، جـ4، ص 76، 77، جـ 14، ص ص 102، 103، 106، 107، 109، 132.

– عمدة القارئ شرح صحيح البخاري، مرجع سابق، ج 17، ص 95.

– ابن هشام، السيرة النبوية، (تحقيق) محمد محي الدين عبد الحميد، القاهرة: دار الهداية، 1980، جـ 2، ص 672.

– د. عبد الخالق النواوي، مرجع سابق، ص ص 98- 101.

– محمد أبو زهرة، مرجع سابق، ص ص 49- 50.

– د. صبحي محمصاني، مرجع سابق، ص 177.

([28]) محمد أبو زهرة، مرجع سابق، ص 52.

([29]) ابن تيمية، رسالة القتال، القاهرة: المطبعة المحمدية، ص 125.

([30]) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج2، ص ص 347- 348.

– القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج1، ص 110، حيث يشير إلى ثبوت أخذ الجزية من مجوس هجر؛ ج2، ص ص 909- 910، حيث يشير إلى أخذ الجزية من الكافرين والمشركين جميعًا.

– محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، جـ10، ص ص 263، 268- 269 حيث يشير إلى أن الجزية لا تقبل من مشركي العرب خاصة بالإجماع وتقبل من اليهود والنصارى لنص القرآن ومن المجوس والصائبة لثبوت السنة وعمل الصحابة، أما غير هؤلاء من الوثنين وغيرهم ممن لا نص وفيهم فأمرهم موكول لاجتهاد الحاكم بما فيه المصلحة.

– عمدة القارئ شرح صحيح البخاري، مرجع سابق، ج17، ص ص 78- 80، حيث يشير إلى أن الله تعالى، لم ينه عن أخذ الجزية من غير أهل الكتاب، وللشارع أن يزيد في البيان ويفرض ما ليس بموجود في الكتاب.

– الشوكاني، السيل الجرار، مرجع سابق، ص ص 570- 571، حيث يشير إلى أن ظاهر الأدلة في شأن الجزية يقتضي أن بذل الجزية من أي كافر يوجب الكف عن مقاتلته، وأن حديث بريده يدل على أن هذا كان شأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) في كل جيش يبعثه ولا ينافي هذا قوله تعالى في أهل الكتاب ﴿ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ ﴾ (سورة التوبة: آية 29)؛ لأنهم نوع من أنواع الكفار الذين يجب الكف عن قتالهم إذا أعطوا الجزية؛ ولا ينافي ذلك ما ورد من الأمر بقتال المشركين في آية السيف وغيرها، فإن قتالهم واجب إلا أن يعطوا الجزية، فإنه يجب الكف عنهم، كما يكف عنهم إذا اسلموا.

ولا ينافي هذا التعميم ما وقع منه (صلى الله عليه وسلم) من الأمر بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، فذلك لا ينافي جواز المصالح لهم بضرب الجزية عليهم إذا كانوا في غير جزيرة العرب.

([31]) د. وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص 76.

([32]) محمد أبو زهرة، مرجع سابق، ص 31.

([33]) د. صبحي محمصاني، مرجع سابق، ص ص 178- 179.

([34]) د. وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص ص 77- 78.

([35]) د. جمال الدين عطية، النظرية العامة للشريعة الإسلامية، مطبعة المدينة، ط1، 1407هـ/ 1988م، ص ص 277 – 279. ويورد العديد من الآيات التي تدل على عدم رضاء غير المسلمين عنهم حتى يتركوا الإسلام، وأنهم –أي غير المسلمين- لا يريدون الخير للمسلمين حتى وإن أحبهم المسلمون، وأنهم ينقضون عهودهم ما وجدوا في ذلك مصلحتهم، ولهذا توجبت عدم موالاتهم إلا إذا بثت سلامة نواياهم.

([36]) ابن تيمية، السياسة الشرعية، مرجع سابق، ص ص 102، 106- 107.

([37]) المرجع السابق.

([38]) الشنقيطي، أضواء البيان، مرجع سابق، ج2 ص ص 174- 175.

– ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج1، ص 147.

– ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج4، ص ص 314- 315.

([39]) سيد قطب، في ظلال القرآن، مرجع سابق، ج3، ص 1578.

([40]) محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، جـ10 ص ص 247، 248، 259 وبعدها.

([41]) الطبري، جامع البيان، مرجع سابق، جـ14، ص ص 214- 215.

([42]) سيد قطب، في ظلال القرآن، مرجع سابق، جـ3، ص 158.

([43]) المرجع السابق، ص ص 1580، 1586.

([44]) المرجع السابق، ص ص 1580، 1586.

([45]) المرجع السابق، ص ص 1579- 1580، 1596، 1633- 1634.

– وانظر كذلك: محمد حميد الله، الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة، بيروت: دار النفائس، الطبعة الرابعة، 1403هـ/ 1983م، ص ص 109، 135- 136، 140.

– محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، جـ 10، ص ص 259، 260د. عون الشريف قاسم، نشأة الدولة الإسلامية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: دراسة في وثائث العهد النبوي، القاهرة: دار الكتب الإسلامية، 1981م، ص ص 78، 80، ص ص 299- 308.

([46]) المرجع السابق، ص ص 1579- 1580، 1596، 1633- 1634.

وانظر كذلك: محمد حميد الله، الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة، بيروت: دار النفائس، الطبعة الرابعة، 1403هـ/ 1983م، ص ص 109، 135- 136، 140.

– محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، جـ 10، ص ص 259، 260د. عون الشريف قاسم، نشأة الدولة الإسلامية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: دراسة في وثائث العهد النبوي، القاهرة: دار الكتب الإسلامية، 1981م، ص ص 78، 80، ص ص 299- 308.

([47]) المرجع السابق، ص ص 1579- 1580، 1596، 1633- 1634.

– وانظر كذلك: محمد حميد الله، الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة، بيروت: دار النفائس، الطبعة الرابعة، 1403هـ/ 1983م، ص ص 109، 135- 136، 140.

– محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، جـ 10، ص ص 259، 260د. عون الشريف قاسم، نشأة الدولة الإسلامية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: دراسة في وثائث العهد النبوي، القاهرة: دار الكتب الإسلامية، 1981م، ص ص 78، 80، ص ص 299- 308.

([48]) سيد قطب، في ظلال القرآن، مرجع سابق، جـ3، ص 1580 وما بعدها.

– محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، جـ10، ص ص 255- 256، 263.

([49]) سيد قطب، في ظلال القرآن، مرجع سابق، جـ3، ص 1580 وما بعدها.

– محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، جـ10، ص ص 255- 256، 263.

([50]) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج3، ص 225.

– أبو السعود، تفسير أبي السعود، مرجع سابق، جـ3، ص 142.

– محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، جـ10، ص 160.

([51]) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج3، ص 225.

– أبو السعود، تفسير أبي السعود، مرجع سابق، جـ3، ص 142.

– محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، جـ10، ص 160.

([52]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج8، ص ص 76- 77.

– الطبري، جامع البيان، مرجع سابق، جـ4، ص ص 138- 139.

– محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، جـ10، ص ص 161، 163.

([53]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج8، ص 302.

–  ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج2، ص 403- 405.

–  سيد قطب، في ظلال القرآن، مرجع سابق، ج3، ص ص 1742- 1743.

–  الشنقيطي، أضواء البيان، مرجع سابق، ج2، ص ص 475- 476.

–  ابن العربي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج2، ص 1022 وما بعدها.

([54]) محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، جـ3 ص ص 33- 34، جـ10، ص ص 161، 163.

([55]) ابن هشام، السيرة النبوية، مرجع سابق، ج1، ص 266.

([56]) من ذلك ما رواه البخاري عن سهيل بن بكار عن وهيب عن عمرو بن يحيى عن عباس الساعدي عن أبي حميد الساعدي قال: “غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم تبوك، وأهدي ملك أيلة للنبي بغلة بيضاء، وكساه برداء، وكتب له ببحره، مما يعني أن قبول الهدية من رأس النظام الحاكم ايذان بالموادعة، وكتابته ببحرهم مؤذن بدخول الرعية في الموادعة لأن موادعة الملك موادعة لرعيته، لأن قوتهم به ومصالحهم إليه، فلا معنى لانفراده دونهم وانفرادهم دونه على الإطلاق”ز

– عمدة القارئ شرح صحيح البخاري، مرجع سابق، ص ص 85- 86.

([57]) د. محمد حميد الله، مرجع سابق، ص ص 109، 110، 140، وانظر كذلك: صحيح مسلم بشرح النووي، مرجع سابق، ج12، ط2، ص ص 109- 110 حيث يشير إلى أن مفاد رسائله (صلى الله عليه وسلم) إلى ملوك وأمراء الدول المجاورة أن الخطاب يتوجه إلى النظم القائمة، لأنها هي التي تقود الناس إلى المذاهب الفاسدة، فقوله صلى الله عليه وسلم: “… وإلا فعليك إثم الأريسيين” دليل على أن من كان سببًا في ضلالة أو سبب منع عن هداية كان آثمًا، لقوله تعالى: ﴿ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ ﴾ (سورة العنكبوت: آية 13) كما أن استخدام لفظة الاريسيين وهم الفلاحون أو الزراع، فلأنهم رعاياه الذين يتبعونه ويتقادون بانقياده. ونبه بهؤلاء على جميع الرعايا، لأنهم الأغلب، ولأنهم أسرع انقيادًا، فإذا أسلم أسلموا وإذا امتنع امتنعوا.

– د. عون الشريف قاسم، مرجع سابق، ص ص 78- 80.

([58])د. محمد حميد الله، مرجع سابق، ص ص 109، 110، 140، وانظر كذلك: صحيح مسلم بشرح النووي، مرجع سابق، ج12، ط2، ص ص 109- 110 حيث يشير إلى أن مفاد رسائله (صلى الله عليه وسلم) إلى ملوك وأمراء الدول المجاورة أن الخطاب يتوجه إلى النظم القائمة، لأنها هي التي تقود الناس إلى المذاهب الفاسدة، فقوله صلى الله عليه وسلم: “… وإلا فعليك إثم الأريسيين” دليل على أن من كان سببًا في ضلالة أو سبب منع عن هداية كان آثمًا، لقوله تعالى: ﴿ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ ﴾ (سورة العنكبوت: آية 13) كما أن استخدام لفظة الاريسيين وهم الفلاحون أو الزراع، فلأنهم رعاياه الذين يتبعونه ويتقادون بانقياده. ونبه بهؤلاء على جميع الرعايا، لأنهم الأغلب، ولأنهم أسرع انقيادًا، فإذا أسلم أسلموا وإذا امتنع امتنعوا.

– د. عون الشريف قاسم، مرجع سابق، ص ص 78- 80.

([59]) د. محمد حميد الله، مرجع سابق، ص ص 109، 110، 140، وانظر كذلك: صحيح مسلم بشرح النووي، مرجع سابق، ج12، ط2، ص ص 109- 110 حيث يشير إلى أن مفاد رسائله (صلى الله عليه وسلم) إلى ملوك وأمراء الدول المجاورة أن الخطاب يتوجه إلى النظم القائمة، لأنها هي التي تقود الناس إلى المذاهب الفاسدة، فقوله صلى الله عليه وسلم: “… وإلا فعليك إثم الأريسيين” دليل على أن من كان سببًا في ضلالة أو سبب منع عن هداية كان آثمًا، لقوله تعالى: ﴿ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ ﴾ (سورة العنكبوت: آية 13) كما أن استخدام لفظة الاريسيين وهم الفلاحون أو الزراع، فلأنهم رعاياه الذين يتبعونه ويتقادون بانقياده. ونبه بهؤلاء على جميع الرعايا، لأنهم الأغلب، ولأنهم أسرع انقيادًا، فإذا أسلم أسلموا وإذا امتنع امتنعوا.

– د. عون الشريف قاسم، مرجع سابق، ص ص 78- 80.

([60]) د. عبد الخالق النواوي، مرجع سابق، ص 108.

([61]) عون المعبود في شرح سنن أبي داود، مرجع سابق، ص 320 وما بعدها.

([62]) السرخسي، شرح السير الكبير للشيباني، مرجع سابق، ج1، ص 59.

–       د. وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص 115.

–   وانظر كذلك: الشوكاني، السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، مرجع سابق، ص 526، حيث يشير إلى حديث ابن عباس “ما قاتل رسول الله، قومًا قط إلا دعاهم”.

[63])) عمدة القارئ بشرح صحيح البخاري، مرجع سابق، ص ص 80-81.

صحيح مسلم بشرح النووي، مرجع سابق، ج 12، ط1، ص ص 37-39.

([64]) محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، جـ10، ص ص 268- 270.

– د. وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص 60.

([65]) ابن حجر العسقلاني، بلوغ المرام في أدلة الأحكام، (تحقيق) رضوان محمد رضوان، بيروت، دار الكتاب العربي، 1403هـ- 1983م، ص 9.

– ابن هشام، السيرة النبوية، مرجع سابق، جـ4، 2، ص ص 181- 182.

([66]) ابن كثير، البداية والنهاية القاهرة، 1351هـ، ص ص 62-81.

– د. عبد العزيز غنيم، محمد صلى الله عليه وسلم من الحرب والسلام، القاهرة، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية (مركز السيرة والسنة) 1989م، ص ص 22-29.

([67]) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج2، ص 35، ص ص 308، 496، 538- 539، ج4، ص ص 440-441.

– القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق، ج13، ص 1.

– سيد قطب، في ظلال القرآن، مرجع سابق، ج1، ص 441.

– محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، ج6، عدد 29، ص 384، ج7 عدد 32، ص ص 176- 185.

ويشير إلى أن الدعوة لا تتنافى مع قوله تعالى: ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ((المائدة: آية 105)، لأن هناك فرقًا بين التبليغ والهداية.

[68])) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق، ج3، ص ص 143- 144، 538-539.

=- الشنقيطي، أضواء البيان، مرجع سابق، ج2، ص ص 173- 174، 261- 262، 287، 343.

– ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، ج3، ص ص 1452- 1426، 1475.

– أبو السعود، تفسير أبي السعود، مرجع سابق، جـ3، ص 142.

([69]) راجع ما سبق، ص 31-32.

وأنظر كذلك: د. وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص ص 58-59.

([70]) محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، جـ10، ص ص 15، 134- 135.

– ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق، جـ2، ص 320.

([71]) البلاذري، فتوح البلدان (تعليق) رضوان محمد رضوان، القاهرة، مطبعة السعادة، 1959م، ص ص 439- 440.

([72]) البلاذري، فتوح البلدان (تعليق) رضوان محمد رضوان، القاهرة، مطبعة السعادة، 1959م، ص ص 439- 440.

([73]) محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، ج10، ص 289.

– ابن رشد القرطبي، مرجع سابق، ج1، ص ص 543-543.

– فتح القدير، مرجع سابق، ج4، ص 291.

– الماوردي، الأحكام السلطانية، مرجع سابق، ص ص 52- 54.

([74]) ابن الصلاح، فتاوى ابن الصلاح، ص 224 (مشار إليه في د. وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص 90).

([75]) العيني، بشرح صحيح البخاري، مرجع سابق، ج12، ص 264.

– الشوكاني، نيل الأوطار، مرجع سابق، ج7، ص ص 193- 195.

– محمد سلام مدكور، المدخل للفقه الإسلامي، القاهرة، دار النهضة العربية، 1960، ص ص 759- 760.

([76]) جوستاف لوبون، حضارة العرب، ص 162، (نقلاً عن د. وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص 62).

([77]) من الأدلة النقلية على وجوب الدعوة سلمًا وبالقول اللين قوله تعالى: ) يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ((سورة المائدة: آية 67)، وقوله تعالى: ﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ﴾ (سورة الكهف: آية 29)، وقوله تعالى: ) فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ {88/21} لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ ((سورة الغاشية: آيتين 21-22). فهذه الآيات تفيد التزام الرسول (صلى الله عليه وسلم) والمسلمين من بعده بالقيام بالدعوة، وإبلاغها لغير المسلمين عامة بالبيان والقول اللين والموعظة الحسنة.

كذلك، فقد مضت سنته صلى الله عليه وسلم في دعوة ملوك وأمراء الدول المجاورة إلى الإسلام على مخاطبة هؤلاء بالرسائل والكتب والوفود التي تقوم على شرح معالم الدعوة وتعريف الناس بها، ثم دعوتهم إلى الإسلام بها.

راجع في ذلك:

– الشنقيطي، أضواء البيان، مرجع سابق، ص ص 173- 174.

– محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مرجع سابق، ج10، ص 289، وراجع ما سبق، ص ص 31-32.

أما من وجهة نظر العقل والمنطق، فإن الدعوة في ذاتها تفترض جوا نم السلم والأمان حتى يتمكن الداعية من حريتهم في الاختيار بينها وبين ما هم عليه دون ما قسر أو أكراه، فيكون الاختيار قائمًا على أساس من توخي العدل ومجانية الظلم، أعمالاً لمقتضى قوله تعالى: ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾ (سورة البقرة: آية 256)، وقوله تعالى: ﴿لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ ﴾ (سورة الأنفال: آية 42).

([78]) الشوكاني، نيل الأوطار، مرجع سابق، ج7، ص 213.

– د. وهبة الزحيلي، مرجع سابق، ص ص 78 وما بعدها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر