الأنسنة ونزع القداسة:
القرآن الكريم – بنظر الخطاب العلماني – « أنطولوجيا متعالية , راسخة [1]» , فالخطاب القرآني يعلن الحقيقة المطلقة عن العالم والمخلوقات والتاريخ بكل الهيبة والسيادة الخاصة بمؤلفه الله الواحد الأحد المهيمن الجبار»[2]. و « لقد رسخ القرآن مراتبية هرمية أو طبقية أنطولوجية ذات مستويين: الأول والأعلى هو مستوى المطلق التنزيهي المتعالي , والمستوى الثاني هو مستوى التجسيد التاريخي والعمل التاريخي المحسسوس» أي العمل النبوي [3] .
إن القرآن يقوم بعملية « خلع التعالى على أحداث تاريخية واقعية حصلت في زمن النبي – صلى الله عليه وسلم – ولكنها حورت من قبل الخطاب القرآني لكي تتخذ دلالة كونية تتجاوز خصوصيتها المحلية , وتتخذ صفة كونية, وتصبع وكأنه لا علاقة لها بحدث محدد وقع في التاريخ المحسوس» [4], وهكذا فالقرآن عن طريق العمليات الاسلوبية والبلاغية التي يتبعها « يمحو المعالم المحسوسة والإشارات التاريخية الدقيقة عن طريق أسلوب التسامي والتصعيد , أي تصعيد هذه الأحداث بالذات , وإسباغ الروحانية الدينية والكونية على مفردات ذات مضمون اجتماعي وسياسي وقانوني في الأصل .. وهكذا ينجح ( القرآن ) في محو كل التفاصيل والدقائق التاريخية للحدث , ويصبح خطاباً كونياً موجهاً للبشر في كل زمان ومكان , وهكذا يفقد صفته التاريخية فيبدو وكأنه خارج التاريخ أو يعلو عليه» [5]
هذه المحاولات من القرآن هي – بنظر الخطاب العلماني – محاولات أيدولوجية أي أن القرآن يفعل ذلك ويتعالى بالتاريخ لمقاصد وأغراض دنيوية , ومن مهام أركون والمثقف العربي عموماً « الخروج من السياج الدوغمائي المغلق الذي تم ترسيخه وتشغيله وإعادة إنتاجه من قبل المؤسسات الدينية على مدى قرون طوال , وهذا السياج تمثل في الأصل أو ما تمثل ” بالدائرة الأيدولوجية ” التي افتتحها القرآن وعمل النبي – صلى الله عليه وسلم – ثم وسعت وضخمت فيما بعد من قبل العلماء والفقهاء»[6] .
وهكذا يريد أركون أن يقف في وجه القرآن ويتصدى له , فالقرآن يرسخ الأدلجة والأسطرة والتقديس , « لأن النصوص جميعاً سواء في ممارسة الحجب والمخاتلة والألاعيب والمراوغة » [7].
وأركون يريد « تشكيل معرفة معادية للخداع والأسطرة والأدلجة والتقديس » [8].
فالقرآن «يغطى على تاريخانيته ببراعة عن طريق ربط نفسه باستمرار بالتعالي الذي يتجاوز التاريخ الأرضي كلياً أو يعلو عليه» [9] وأركون يريد أن يكون أكثر براعة من القرآن فيكتشف عن هذه التاريخية القرآنية , وهذا يعني أن التقديس للقرآن كان سبب هذه البراعة القرآنية في التغطية على أرضيته . ولكنه يري في مكان أخر أن «التقديس للكتب المقدسة خلع عليها وأسدل بواسطة عدد من الشعائر والطقوس والتلاعبات الفكرية الاستدلالية , ومناهج التفسير المتعلقة بكثير من الظروف المحسوسة المعروفة أو تمكن معرفتها , وأقصد بها الظروف السياسية والاجتماعية والثقافية .. وهذا التقديس الذي خلع وأسدل قد توضحت أسبابه وبرهن عليها فيما يخص التوراة والإنجيل , ولكنها لم تحصل حتى الآن في يخص القرآن . لماذا ؟ بسبب الظروف السياسية والثقافية والتربوية للمجتمعات السائدة» [10] .
فقداسة القرآن هنا ليست أصلية وإنما دخيلة , وليست جوهرية وإنما سطحية , وليست حقيقية وإنما مصطنعة حصلت لأسباب سياسية وثقافية وتلاعبات فكرية , وأن هذه التلاعبات قد كشفها النقد وتبين زيفها فيما يخص الوراه والإنجيل , أما بالنسبة للقرآن فإن هذا لم يحصل بعد , فلا يزال كتاباً مقدساً يحتوى على مساحة كبيرة من اللافكر فيه , ويأمل أركون أن يتحقق ذلك , فالهدف الأساسي الذي يسعى إليه هو الكشف عن تاريخية القرآن , فإذا كان القرآن «يغطى على تاريخانيته ببراعة» فإن أركون يريد أن يكون أكثر براعة .
إن القرآن – ينظر الخطاب العلماني لأنه متعالى لا تاريخي – فهو يسيطر على عواطف الناس وعقولهم, ويزيح الوضوعية مقدماً , ويطالب بالتسليم المطلق , ويختار قراءه منذ البداية [11] , ويستولى على مشاعر القارئ والسامع بحيث يحاصره في سلفوية ماضوية , فيفصل الواقع عن الإنسان, ويصبح المثال بدل الواقع , ويتغلب التأثر بالعاطفة على الفهم والعقل [12] .
ولذلك فالخطاب القرآني كخطاب المسيح الناصري خطاب سلطوي محكوم بهدفين : تدمير الخطابات السابقة , وترسيخ الخطاب الجديد [13], ولأن القرآن الكريم كذلك وهو ما لا يريده الخطاب العلماني فإن الهدف الأساسي هو ألا نقف عند هذه القداسة القرآنية كما يفعل المحافظون [14] , و ألا ننطلق من هذه الأرضية للنص الديني , لأنني «أرضية خطرة زلقة على كل حال , فللنص حدود تحده , ليس على مستوى اللغة فحسب وإنما على مستوى لحظة حضوره على الساحة أو زمن إنتاجه إن جاز التعبير» [15] , و لأننا «إذا استمررنا في النظر إلى القرآن كنص ديني متعال – أي يحتوى على الحقيقة التي تجعل حضور الله دائماً – فإننا عندئذ لا نستطيع أن نتجنب مشاكل التفكير الثيولوجى, والبحث الثيولوجى» [16] , لأن القداسة تجعل الأدوات البشرية قاصرة أمامها , بحيث لا يمكنها أن تطال هيمنة النص , ويصبح ذلك حاجزاً أمام الفهم , لأن أدوات التعامل ستظل بشرية أرضية وإن ادعت التعالى [17] .
ومن هنا يريد الخطاب العلماني نزع هالة القداسة عن الوحي بتعرية آليات الأسطرة والتعالى والتقديس التي يمارسها الخطاب القرآني[18] , وذلك بأن ننظر إلى القرآن ليس على كلام آت من فوق , وإنما على أنه حدث واقعي تماماً كوقائع الفيزياء والبيولوجيا [19] , أو أن ندرسه بوصفه نصاً لغوياً دون أي اعتبار لبعده الإلهي , لأن الإيمان بوجود ميتافيزيقي سابق على النص يعكر كون النص منتجاً ثقافياً , ويعكر الفهم العلمي له[20] , ولأن النصوص الدينية ليست مفارقة لبنية الثقافة التي تشكلت فيها , والمصدر الإلهي لها لا يلغي كونها نصوصاً لغوية مرتبطة بزمان ومكان , ولا يهمنا هذا المصدر الإلهي , وكل حديث فيه يجرنا إلى دائرة الخرافة والأسطورة[21], والتركيز على ألوهية مصدر النص – بنظر الخطاب العلماني – ليس له مبرر إلا سيطرة قوى التخلف والرجعية على واقع المجتمعات الإسلامية, وهي قوى تقف ضد تحرير العقل[22].
ومن هنا يمتدح الخطاب العلماني أركون لأنه «حررنا من الهيبة الساحقة للنص .. هذه الهيبة التي تحجب عن حقيقة ماديته اللغوية»[23] , وهو ما يعلنه أركون حين يقول :«عملي يقوم على إخضاع القرآن لمحك النقد التاريخي المقارن»[24] , وحين يحدد مسعاه من نقده بأنه فرض قراءة تاريخية للنص القرآني»[25] حيث يخضع أركون القرآن الكريم لمطرقته النقدية بعين حفرية تفكيكية كاشفاً عن تاريخيته الأكثر مادية ودنيوية , والأكثر يومية واعتيادية والأكثر شيوعاً بل والأكثر ابتذالاً[26] .
ولهذا الغرض كان التركيز إما على المدخل الأدبي اللغوي واعتباره المنهج الوحيد لفهم النص القرآني [27] , وإما على المدخل الهرمينوطيقي أو اللسان حيث الألسنية فائدتها – كما يقرر الخطاب العلماني – أنها تزحزح كثيراً من قداسة النص وهيبته المفروضة علينا , فالالسنية تحيد الأحكام اللاهوتية الثقيلة التي تحيط بالنص عبر القرون[28], وتبين أن النصوص الإلهية كغيرها من النصوص اللغوية خاضعة للمشروطيات البشرية[29] , هكذا تكلم العلمانيون ..
وهذا هو رأيهم في القرآن بشكل عام وهم يوظفون لإزاحة قداسة القرآن الكريم مناهج مختلفة ماركسية وإنسية وهرمينوطيقية دون اعتبار لقداسته و دون اعتبار لكونه كلام الله عز وجل , والفقرات التالية تزيد مانقوله وضوحاً .
نقد القرآن :
هل ينقد القرآن ؟ ذلك هو السؤال المرعب بنظر أركون وعلي حرب ؟[30], وإذا كان أركون قد أجاب بأنه «من المستحيل عملياً في اللحظة الراهنة فتح مناقشة نقدية تاريخية أو حتى مناقشة تأويلية بخصوص القرآن»[31] , إلا أنه عملياً قد تجاوز كل حدود النقد إلى الكثير من الافتراء وإساءة الأدب , فقد قرأنا له قبل قليل «عملي يقوم على إخضاع القرآن لمحك النقد التاريخي المقارن»[32] , بل إنه يقرر أن النظر إلى القرآن الكريم نظرة نقدية تاريخية إبثربولوجية يزعزع جميع لأبنية التقديسية و التنزيهية التي بناها العقل اللاهوتي التقليدي[33].
والخطاب العلماني عموماً يكرر كثيراً الدعوة إلى نقد القرآن وإخضاعه للتحليل والتفكيك[34], ويرى أن نقد القرآن من المناطق المحرمة في فكرنا[35], مع أن هذا النقد ضروري ولابد منه لكي يحافظ الإنسان على تماسكه المنهجي أو العقلي[36]. وقد تطور الأوربيون لأنهم أخضعوا نصوصهم المقدسة للنقد[37].
تلك هي إجابة الخطاب العلماني , فماذا يجيب الإسلاميون عن هذا السؤال ؟
لقد أجاب القرآن الكريم عن هذا السؤال فطلب من القارئ أن يتدبر{أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً} ( النساء:82) وذكر القرآن كل الانتقادات التي وجهت إليه دون أن يخشي شيئاً منها , وهي لا تزال تتلى أي اليوم فقالوا عنه بأنه سحر , أو شعر, أو كهانة, أو افتراء أو أساطير, أو أضغاث أحلام , إلى آخر ذلك, وتعلم المسلمون من ذلك فكانوا من أشد الأمم نقداً لكتابهم , فما من مفسر إلا ويقارن بين الآيات, ويفترض الاعتراضات والإشكالات, ويضع نفسه على أنه خصم للقرآن , والرازي أبرز دليل على ذلك في تفسيره « مفاتيح الغيب » وفي كل كتبه, والزمخشري كذلك , والباقلاني وغيرهم .
لكن النقد في المفهوم العلماني حتى يكون نقداً يجب أن يخرج بنتائج مناقضة للقرآن ومضادة لتعاليمه , فكل نقد يرسخ المعاني القرآنية ويؤكدها هو نقد تقليدي أيديولوجي تبجيلي , أما النقد الذي يرفض بعض العقائد القرآنية أو يسخر منها أو يستهزئ بالقرآن الكريم فهو الذي يسمى نقداً تنويرياً .
ولا بد من القول هنا: إن عملية الحياد أو الموضوعية غير الممكنة , لأن الحياد والموضوعية تابعان للاعتقاد , والاعتقاد انفعال وليس فعلاً – ولا يخلو الإنسان من اعتقاد ما أياً كان هذا الاعتقاد – فلا يمكن لإنسان مسلم أن ينقد القرآن ويخرج بنتائج تعارض تعاليمه الأساسية الواضحة المجمع عليها , يمكنه أن يخرج بنتائج جديدة فيما هو خاضع للاجتهاد , أو أن يحسن تنزيل الآيات على الوقائع والمستجدات الطارئة , أما من يقول إنه مسلم ثم ينسف كل تعاليم القرآن بانتقاداته أو يحرفها أو يناقضها فهو إما متشكك أو منخلع من ربقة الإسلام ويظهر الإسلام نفاقاً .
إن المسلمين على مر التاريخ يرحبون بانتقادات الخصوم الذين لا يؤمنون بالقرآن ولا يدينون بالإسلام , والمؤلفات التي كتبت في الرد عليهم كثيرة جداً وتحتوي على كل ما تعلق به أولئك الخصوم , بل إن المسلمين يعرضون شبهات الخصوم أفضل من عرضهم هم أنفسهم لها , أفليس هذا هو منهج النقد ؟ ولكن ما دام المسلم مسلماً يعتقد أن كتاب الله ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ) ( فصلت : 42 ) فلا بد له من بيان تهافت الانتقادات وبطلانها, أما أن يجمع الإنسان بين الإسلام من جهة , والاعتقاد باحتواء الإسلام على أباطيل أو تناقضات من جهة أخرى فإن هذا لا يجتمع إلا في أشخاص المنافقين والزنادقة .
إن النقد في المفهوم العلماني هو النقد بمفهوم الحداثة وما بعد الحداثة , والذي لا يعتد بقائل النص بل ولا يعتد بالنص أصلاً , وإنما يعتد بقدرة القائل على التحريف والتقويل , مع ضرورة استبعاد « الماورائيات » فالنقد الحداثي أصلاً مرتبط بالفلسفات المادية والإلحادية ويقوم على اعتقاد وليس كما يزعم أصحابه ينطلق من حياه , لأن الزندقة والإلحاد من الاعتقاد السلبي , هذا الاعتقاد السلبي له دوره الخطير في توجيه عملية النقد [38].
ومن هنا فإن النقد في الخطاب العلماني يجب أن يقوم على الهدم والتشكيك والنقض والتفكك , لأن خلفيته الفلسفية تقوم على هذه الأسس , وكل نقد ينطلق فيه الباحث من إيمان واعتقاد إيجابي, ويخرج بنتائج متلائمة مع هذا الإيمان ومتساوقة معه فإنه بنظر الخطاب العلماني يعتبر نقداً تقليدياً , وهكذا ينظر الخطاب العلماني إلى الكتابات الإسلامية :
– فكتاب مالك بن نبي الظاهرة القرآنية» ” كتاب سطحي جداً”[39] .
وكتاب موريس بو كاي ” التوراة والإنجيل والقرآن والعلم ” «كتاب تبجيلي هزيل جداً»[40] . ومثله كتاب روجيه جارودي ” وعود الإسلام ” «كتاب هزيل أيضاً»[41] . هذه الكتابات التبجيلية بنظره تلقى رواجاً واسعاً لدى الجمهور[42].
أما عن كتابات أنور الجندي فإن « الأسلوب العلمي ( أركون طبعاً ) يحتقر هذا النوع من الكتابة »[43]. ويصف نصاً ينقله لأنور الجندي بأنه يفيض بالأحكام التعميمية المزعجة , والتبسيطات السطحية الرديئة , والتعبيرات الهائجة , والأوامر الاعتباطية , والهواجس العصابية التي تغذي الوعي الخاطئ للخطاب الإسلامي[44] , مع أن الجندي كان يعدد بعض مبادئ الإسلام وتعاليمه وقيمه بهدوء , ولم أجد فيه شيئاً من الأوصاف الأركونية الفاشية السابقة[45].
بل أن كتاب شحرور ” الكتاب والقرآن . قراءة معاصرة ” وكتاب الصادق بلعيد ” القرآن والتشريع ” يعتبران بنظر أركون « مثالان للنقد الذي يعطينا صورة عن التراجع الفكري الذي حصل للفكر الإسلامي طيلة الخمسين عاماً الماضية »[46] .
لماذا ؟! وقد قام الرجلان بما تتطلبه الحداثة الأركونية , ونسفا كل أحكام القرآن وتعاليمه ؟!
لعل السبب في ذلك أن الرجلين ابتدا دراساتهما بعد الإيمان بالمفهوم التقليدي للوحي , يعني أنهما لم يشككا في حقيقة الوحي كما هو معروف في الفكر الإسلامي , إن الوحي كتابات هؤلاء « لم يتعرض للمساءلة , ولم يصبح إشكاليا , وإنما تم تثبيته مرة أخرى بالنسبة للمسلمين الذين قد يتعرض إيمانهم للاهتزاز أو الزعزعة تحت تأثير الفكر العلمي الحديث » [47] . في حين يريد أركون « نقد أكثر جذرية, وهو نقد يرتكز على القضايا الأساسية التي أحاول أنا شخصياً إدخالها وإعادة تنشيطها وبعثها بصفتها مساهمة في إنجاز المهام الخصوصية لما أدعوه بالعقل الاستطلاعي المستقبلي المنبثثق حديثاً».[48]
وهكذا تبدو العجرفة العلمانية في شكل فاشية تنفي وتقصي كل الآخرين لتثبت ذاتها في قمة الهرم , هذا عندما تكون في إطار تنافسي مع الإسلاميين فإنها لا تحرم مشايعيها من بعض الإطراء والثناء , عند ذلك توصف مؤلفات الإسلاميين بأنها « الأدبيات التراثية للإسلام النضالي الوعظي الدوغمائي ذي الأهداف الشعبية أو حتى الشعوبة الديماغوجية»[49]. أما ما يكتبه هو وشيعته العلمانية فإنها« الكتب العلمية التي تقدم صورة تاريخية أو واقعية موضوعية عن الإسلام, أقصد بذلك الكتب الجادة التي تعطي الأولوية للتحليل التفكيكي والإيضاحي والنقدي عن كل أنظمة العقائد واللاعقائد, وعن كل التركيبات اللاهوتية ».[50]
يجب أن تنطلق الدراسة النقدية للقرآن – إذن – من الخلفية الفلسفية التي يتبناها الخطاب العلماني, وأن تتجنب الوقوع في أسر التبريرات والتأويلات ذات الطابع الدفاعي أو السجالي, وأي قراءة « تستبعد السياق التاريخي الشامل لنزول الآيات ومايتضمنه من سياقات جزئية ستفضي بالضرورة إلى الانخراط في التعامل مع افتراضات تحددها أساساً أيديولوجية الباحث »[51]. وأي دراسة لا تلتزم بالمنهج اللغوي – البوزيدي – « الوحيد » ستكون دراسة منخرطة في شبكة الإجابات الجاهزة, ودوامة التشويش الأيديولوجي[52], وترتدي ثياب التراث في أشد اتجاهاته تخلفاً ورجعية[53]. ولذلك يكون منهج التحليل اللغوي هو المنهج الوحيد الإنساني الممكن لفهم الرسالة, ومن ثم لفهم الإسلام[54].
وهكذا يحسم الخطاب العلماني موقفه مستخدماً كل أشكال المصادرة والنفي والإقصاء والفاشية, وهذه الأوصاف التي لا يكف عن وصم الآخرين بها.
القرآن الكريم تحت مطرقة النقد العبثي العلماني:
ينطلق الخطاب العلماني في تعامله مع القرآن الكريم من خلال عدة أسس مرت معنا جميعها متفرقة في ثنايا البحث ونلخصها بالمحاور التالية:
1- الأنسنة: فالنص القرآني بنظر هذا الخطاب قد تانسن منذ أن تلفظ به النبي صلى الله عليه وسلم وتحول منذ تلك اللحظة من كتاب تنزيل إلى كتاب تأويل, والمصدر الإلهي للنصوص لا يخرجها عن كونها نصوصاً بشرية لأنها تأنست, والنص الخام المقدس يعنينا إلا منذ اللحظة التي تموضع فيها بشرياً[55]. ومن هنا يقول «إننا نتبني القول ببشرية النصوص الدينية » [56].
2- المركسة: فالنص «منتج ثقافي » و « يعيد إنتاج الثقافة » [57]. ويستمد خصائصه من حقائق بشرية دنيوية اجتماعية, وثقافية, لغوية[58].
3- النسبية: حيث يصبح النص قابلاً لكل الأفهام, وليس له معنى محدد, وإنما يقول كل شئ ولا يقول شيئاً[59].
من خلال هذه الخلفية الفلسفية ينطلق الخطاب العلماني يقرأ القرآن الكريم ويطمئنا بأننا يجب أن لا نخشي تطبيق العلوم الإنسانية والاجتماعية الحديثة, وخصوصاً علم الأديان المقارن على النص القرآني[60] « ومهمة الباحث المسلم أم يمضي في سعيه لأنه لا يخشي على القرآن, ويثق ثقة مطلقة بأنه كتاب مقدس لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .. ومن هنا لا خشية من أن نطرح القرآن للمناهج الحديثة في الدراسة … فهي تمكننا من اكتشاف مستويات عميقة في القرآن لم يستطيع العلماء اكتشافها»[61], لأن النص يتحدد من خلال سياقه بوصفه خطاباً, وكونه خطاباً إلهياً لا يعني عدم قابليته للتحليل والنقد, لأنه يحسم في اللغة الإنسانية [62] « وهو كغيره من النصوص البشرية معرض لأن يموت إذا لم يجد قراء » [63]. فالقرآن نزل للبشر, وبلغة البشر, فيجب أن يفهمه البشر على ضوء قواعدهم اللغوية والنحوية, لماذا يتضايق الناس من ذلك؟![64].
وإذا تعاملنا مع كتاب الله بهذا المنهج – منهج التحليل اللغوي المعاصر – فإننا قد نستخلص ما يتنافي وعقيدتنا, فهل نتجهل ذلك ونددفن رءوسنا في الرمال؟! وهل نخشي على كتاب الله؟![65]
بالطبع نحن لا نخشي على كتاب الله عز وجل, ولا نخشي من العبث, وإنما نخشي من العبث بالعقول, وتزوير الحقائق, وترويج الأكاذيب .
من خلال الأسس السابقة يفسح الخطاب العلماني المجال لنفسه لكي يصف القرآن الكريم بكل الأوصاف المنحطة, ويتجرأ على اقتحام قداته, وتجاوز هيمنته وسماويته, وتجلي ذلك فيما يلي:
أولاً: أدلجة القرآن:
كما رأينا طرفاً من ذلك في الفقرة السابقة, فالقرآن له دوافع خفية دنيوية, وإضفاء المشروعية على أفعال النبي صلى الله عليه وسلم, وإكراه الناس على الخضوع والطاعة, وهو ما يعنيه أركون حين يقول بأن القرآن افتتح الدائرة الأيديولوجية – كما سبق – وهو بنظره موقف الباحث الذي يجب أن يحاكم النص القرآني من خلال الوقائع والأحداث التي جرت, وليس من خلال المقاصد والنيات[66].
أما المؤمنون فيرون أن القرآن في نزوله عند الأحداث « أسباب النزول » ومتابعته لحركة المجتمع يقصد التثبيت لفؤاد النبي صلى الله عليه وسلم كما يقرر القرآن بصراحة, والمؤمنون آمنوا بما صرح به القرآن, أما العلمانيون فقد ذهبوا يفترضون الافتراضات, فالسؤال من هو الذي يبحث عن النوايا والمقاصد ؟[67].
من هذا القبيل رأى «القمني» حين يعتبر القرآن لا يعتد بالحقيقة وإنما باللحظة الراهنة, فيتقرب إلى اليهود ويجاملهم حين يكون المسلمون بحاجة إليهم, ثم يهاجمهم وينكل بهم حين يقوى المسلمون ويستغنون عنهم, وقد وضح كذب القمني وافتراؤه من خلال تاريخ نزول الآيات[68].
وهو موقف ينتهي منه الخطاب العلماني إلى وصف القرآن الكريم بالتناقض في الموقف من اليهود, وفي الخير والاختيار, والوقف من المشركين, والهداية والضلال, ويسوق الآيات الكثيرة مستدلاً لهذا التناقض, ويعلل ذلك بأنه إما موقف «أيديولوجي» من القرآن يراعي الأحوال السياسية والتاريخية والظروف الطارئة للدولة الناشئة وإما أن السبب هو في جمع القرآن, حيث جمع الصحابة الآيات المنسوخة إلى جوار الآيات الناسخة[69]. هذا الكلام الآنف الذكر في أساسه لجولد زيهر[70] أخذه عنه سيد القمني ثم تناقله عن القمني كل من طيب يتزيني[71] ورشيد الخيون[72] وأنور خلوف[73] وغيرهم.
إنها المنهجية الماركسية التي تقرر أنه ما «إن تنتصر الثورة الاجتماعية وتتولي الطبقات الصاعدة السلطة السياسية حتى تطرح هذه الطبقة أيديولوجيتها وتبني دولتها وتقيم المؤسسات اللازمة للحفاظ على هيمنتها الطبقية »[74] . وهو ما يستدل الخطاب العلماني عليه بموقف القرآن من الشعر حيث يعتبره موقفاً أيديولوجياً, فالقرآن ينفي عن نفسه الشعر «لأسباب ترتبط بتصور العربي لماهية الشعر من حيث المصدر والوظيفة, وبالمثل أراد أن يدفع عن محمد صفة الشاعرية, لأن وظيفة الشاعر في ذلك المجتمع مغايرة للوظيفة التي نسبها النص لمحمد صلى الله عليه وسلم »[75].
وهكذا يطبق الخطاب العلماني الماركسية على القرآن من خلال وسمه بالأيديولوجيا حيث أحدث انقلاباً في الوعي الاجتماعي العربي, ويصبح القرآن مشروعاً أيديولوجياً يخدم طبقته الصاعدة[76] .
هذا الموقف نفسه الذي تعنيه إحدى الباحثات حين تقرر أن « النص يعفو متى وجب, ويأمر بالقتل متى استقام له الأمر, فاكتسب بذلك دلالة جديدة تجمع بين المتناقضات عسى أن تؤلف بين الجموع المتنافرة »[77].
ومن ذلك ما يوحي به خليل عبد الكريم إلى قارئه[78] حين يتجنب دائماً أن يشير إلى نزول القرآن, ويربط نزوله دائماً بإرادة النبي صلى الله عليه وسلم ورغبته في حل الأزمات, وهذه بعض الكلمات في ذلك: «ولكن كما رأينا فيما سلف عندما تتأزم المشكلات, ويقع كبراء الصحابة في ورطة يسعفهم محمد صلى الله عليه وسلم بالحل بأن يتلو عليهم آيات من القرآن تأتي بالفرج بعد الشدة»[79].
ويقول أيضاً:«وتوصل محمد صلى الله عليه وسلم » إلى حل لظاهرة الزنا, وهو أن يتلو عليهم قرآناً يحرم الزنا»[80]. محمد صلى الله عليه وسلم يحل لعمر الورطة التي وقع فيها بأن يتلو آية قرآنية[81].
كان فصل الخطاب يأتي عن طريق آيات يقرؤها محمد صلى الله عليه وسلم .
في سبيل علاج جريمة الزنا قرأ محمد صلى الله عليه وسلم قرأناً حمل العقاب الصارم. ولم يكتف محمد بقراءة آيات من القرآن[82].
وعن أحاديثه صلى الله عليه وسلم يقول الأفاك: « وكان استعمال محمد صلى الله عليه وسلم لأحاديثه هو كسلاح يفل به شوكة العلاقات الجوانح » [83].
هذا لون من ألوان الزندقة التي يتفنن في التعبير عنها بعض العلمانيين أمثال خليل عبد الكريم والقمني وغيرهم .
ثانياً: تمييع التفرد القرآني:
1- دمجه في إطار النصوص المحرفة والمزورة:
يريد الخطاب العلماني أن يطمس المصطلح القرآني في وسط ركام هائل من المصطلحات الجديدة التبشيرية أو الحداثة أو الأدبية, وذلك لكي يشتت خصوصية المصطلح القرآني, ويدمجه في إطار تداولي وضعي مادي إنسي بشري, فبالإضافة إلى وصف القرآن بأنه نص أو خطاب هكذا بدون أي إضافة[84] يوصف القرآن أحياناً ببعض الأوصاف المستوردة من اللاهوت المسيحي مثل وصف القرآن بأنه الكتاب المقدس أو النص المقدس, أو التبشير القرآني, التبشيرية القرآنية أو الخطاب التبشيري[85] أو «سفر الخروج التبشيري»[86].
ويصنف القرآن أحياناً تحت مصطلح الخطاب النبوي, ويقصد به القرآن والسنة, وذلك لدمج القرآن مع السنة وزحزحة تفرده [87], وأحياناً يراد بهذا المصطلح – الخطاب النبوي – القرآن والتوراة والإنجيل[88] ويعتبر القرآن على ذلك نسخة منقحة من بعض الحشو الذي كان في التوراة والإنجيل[89].
ويصنف الإسلام تحت اسم «مجتمعات الكتاب أو أديان الوحي» أو «التراثات المقدسة»[90] شاملاً بذلك اليهودية والنصرانية والإسلام [91], والمساجد تسمى كنائس, والعلماء لاهوتيون أو أرثوذكسيون[92].
والفائدة من هذا الدمج للقرآن والإسلام عموماً مع المسيحية أو اليهودية وإسقاط المصطلحات التبشيرية على القرآن ليس إلا لتمييع التفرد القرآني أو الإسلامي, وخلطه مع أنماط محرفة أو مزورة أو مهجورة, كما أنه يخفف من وطأة النقد عندما توضع هذه الأديان جميعاً في سلة واحدة ومن ضمنها الإسلام ليناله ما نال الأديان الأخرى من دراسات نقدية أجهضتها وأفقدتها مصداقيتها التاريخية « لقد فعل ذلك ( أركون ) لكي يبرهن على إمكانية الخروج من أسر السياح الدوغمائي المغلق, وذلك عن طريق إجراء زحزحات منهجية وإبستمولوجية على الفكر الديني التوحيدي »[93].
2- دمجه في إطار النصوص الإنسية البشرية :
هذه المصطلحات التبشيرية تتوازي أيضاً وانفس الغرض مع مصطلحات أخرى أدبية وفلسفية تطلق على القرآن الكريم من أجل زحزحة المفاهيم لإسلامية المقدسة واستبدالها بمفاهيم جديدة تقبل النقد والتحوير والإسقاط فيسمي القرآن «اللوغوس القرآني»[94] أو يوصف القرآن الكريم بأنه رواية أو مجموعة روايات [95] أو حكايات[96] أو ملاحم دراماتيكية [97] منفتحة على العجيب المدهش الساحر الخارق الخلاب[98].
هذه الروايات القرآنية والتي يفضل القرآن أن يسميها قصصاً بدلاً من أساطير[99] ألفت لأغراض تبجيلية وجدالية[100], ونتج عن ذلك أنواع من «الخلط والحذف والإضافة والمغالطات التاريخية أحدثتها الرواية القرآنية بالقياس إلى معطيات التاريخ الواقعي المحسوس»[101]. فالقرآن إذن – بنظره – يزور التاريخ الحقيقي, لأن التاريخ المحسوس لا يمدنا بوثائق عن بعض الأقوام مثل ثمود وعاد[102].
أما حدث جمع القرآن فيسمي «واقعة المصحفة » [103], والمصحف يسمى «المدونة القرآنية»[104], أو « المدونة النصية القرآنية » أو «المدونة الرسمية» أو «النص الرسمي القانوني» [105]. أما الآيات للقرآنية فتسمى مقاطع, والآية أو السورة أحياناً تسمى مقطع[106]. أو تسمى « وحدات نصية, والآية « وحدة نصية[107]» , أو تسمى الآية «المنطوقة اللغوية»[108] أو تسمى الآية علامة والآيات علامات[109].
ويوضح هاشم صالح لماذا تستخدم هذه المصطلحات الألسنية الجديدة في وصف القرآن بدلاً من الأسماء والأوصاف والمصطلحات التي يعرفها المسلمون حين يقول:«نلاحظ أن أركون يستخدم مصطلحات ألسنية محضة للتحدث عن القرآن, فهو يقول: المنطوقة أو العبارة اللغوية بدلاً من الآية القرآنية, ويقول: المدونة النصية بدلاً من القرآن .. وسبب ذلك أنه يريد تحييد الشحنات اللاهوتية التي سرعان ما تستحوذ على وعينا عندما تتحدث عن القرآن, فالقداسة اللاهوتية أو الهيبة اللاهوتية العظمى التي تحيط بالقرآن منذ قرون تمنعنا من أن نراه كمان هو: أي كنص لغوي مؤلف من كلمات وحروف وتركيبات لغوية ونحوية بلاغية .. بمعنى آخر : أن المادية اللغوية للقرآن اختفت تماماً أو عابت عن أنظارنا بسبب الهيبة العظيمة التي تحيط به, وميزة القراءة الألسنية هي أنها تحيد الهيبة ولو للحظة من أجل فهم التركيبة النصية أو اللغوية للقرآن, وتزداد هذه الهيبة في ما يخص سورة الفاتحة لأنها مستخدمة يومياً في الشعائر والطقوس, أي في الصلاة أساساً, وبالتالي فإن نزع الهيبة عنها ورؤيتها في ماديتها اللغوية أمر بالغ الصعوبة» [110].
إن هذا الكلام فيه كثير من الخلط والتزوير, لأن المسلمين عبر تاريخهم درسوا القرآن الكريم بمختلف الوسائل اللغوية, نحواً وبلاغة ونظماً, وهناك تفاسير تعتمد المنهج اللغوي كأساس, وأخرى تركز على الجانب البلاغي والفني, وثالثة تهتم بالجانب الكلامي أو الفلسفي, ورابعة تعتني بالمباحث الفقهية والأصولية, ولم تحل قداسة القرآن دون ذلك, لأن كل أشكال الدراسة والتفسير للقرآن التي تبحث عن الحق تدخل في إطار التدبر لآيات الله, والتفكر بمعانيها, وهو ما يحث القرآن الكريم عليها.
3- تمييع مفهوم الإعجاز:
إن المراد لدي الخطاب العلماني ليس هو التمكن من دراسة القرآن وفهمه وإنما زعزعة الاعتقاد الراسخ في قلوب المؤمنين بكونه كلاماً متعالياً مقدساً مهيمناً حاكماً, لأن هذا الاعتقاد يحول دون تمرير الخطاب العلماني لمراداته المناهضة للنص القرآني والمصادمة له, إن زعزعة القداسة تتيح لهؤلاء الناس أن يحيدوا قائل النص ومنزله, وغض النظر عن أي تميز أو تفرد يمكن أن يحتفظ به القرآن الكريم زيادة على النصوص البشرية, ومن هنا يصبح القرآن الكريم نصاً مثله مثل بقية النصوص, ولكن لكي يطيب الخطاب العلماني خواطر المؤمنين يقال عنه بأنه نص بامتياز[111] أو أدب عظيم[112]. ومعني كونه نص بامتياز يعني أنه «نص مفتوح واحتمال لا يتوقف عن التأويل » [113], أي أنه يستجيب لكل ما يريده منه الناس دون تردد « ولا يمكن لأي تفسير أو تأويل أن يغلقه أو يستنفده بشكل نهائي أو أرثوذكسي» [114]. إنه نص كغيره من النصوص الثرية الراقية[115], مثله مثل النص الفلسفي[116] أو النص الماركسي يقبل تعدد الأفهام والقراءات[117].
وإعجازه كإعجاز أي نص آخر, لأن «كل نص ذاتي خصوصاً هو باعتبار ما, وبلحظة ما, نص إعجازي, فهو من حيث ذاتيته متفرد وذو خصوصية تمعنه من أن يتماثل مع سواه من النصوص, محققاً بذلك ما ندعو هنا ببعض التحفظ الاصطلاحي الأصالة»[118].
فالإعجاز القرآني بهذا المنظور ليس متفرداً, لأنه لا يختلف عن بقية الآثلر والتحف الفنية الراقية من حيث أنها لا يمكن الإتيان بمثلها إلا عن طريق المحاكاة, والمحاكاة دائماً انحطاط عن الأصل[119] «القرآن إذن عمل أدبي أصيل ليس تقليداً, ولا يمكن تقليد مثله … والعمل الأدبي لا ينقسم إلى أجزاء بل هو كل واحد. ليس العمل الأدبي كما بل هو كيف, ولا يمكن لأحد أخذ جزء منه وتذوقه أدبياً دون كله» [120], وهو ما يعني أن القرآن ليس معجزاً بنظمه وبلاغته وبيانه ومعانيه, إذ هو لا يختلف عن بقية النصوص في ذلك, بدليل أن العرب لم يكونوا قادرين على استيعاب المغايرة بين القرآن وغيره, وكانوا يريدون جره إلى نصوصهم كالشعر والكهانة والسجع وغير ذلك[121].
وهنا يتنكر الخطاب العلماني لحقيقة أن المشركين عندما وصفوا القرآن بأنه شعر أو سحر أو كهانة أو غير ذلك إنما كانوا يعبرون عن اضطرابهم الشديد وحيرتهم في وصف القرآن الكريم, إن هذا التردد في موقف المشركين والحيرة ليدل على هول الصدمة التي أحدثها القرآن في عقولهم, فكانوا ينتقلون من قالة إلى قالة لوضوح الافتراء وسطوع الكذب, فتكذيبهم للقرآن لم يكن عن قناعة, ووصفهم للقرآن بما وصفوه ليس لعدم قدرتهم على إدراك إعجاز القرآن وتفرده, وإنما هو لون من الجحود والمكابرة يراد منها المحافظة على المصالح والامتيازات.
هذا بالإضافة إلى تنكر الخطاب العلماني للروايات التي تبين أن المشركين كانوا يعترفون فيما بينهم بأن القرآن ليس كلام من كلام البشر, ومن ذلك قول الوليد بن المغيرة « إن أعلاه لمغدق, وإن أسفله لمثمر, وإنه يعلو ولا يعلي عليه, وماهو من كلام البشر» .
ولكن في ضوء الجذور التي يستند عليها الخطاب العلماني فإن الموقف من الإعجاز ليس مستغرباً فهو جزء من الموقف الإنسي والماركسي الذي يتشبث دائماً بالتفسير المحسوس والوضعي, ويطمس كل الأبعاد الغيبية والإلهية في القرآن الكريم .
إن تمييع مفهوم الإعجاز يستند على القول بأن القرآن الكريم ليس وحياً من الله عز وجل بلفظه ومعناه وإنما المعني فقط من الله, وأما الألفاظ فهي من النبي صلى الله عليه وسلم, والمستند في ذلك إما قول شاذ أورده السيوطي[122] كما يحاول نصر حامد أبو زيد وغيره[123]. وإما استغلال أحاديث الأحرف السبعة للقول بأن القراءة كانت متاحة للجميع بأي الألفاظ ما دامت تؤدي المعنى كما يزعم العشماوي[124].
ولأن السيوطي أورد هذا القول في كتابه الإتقان فقد اعتبر القدماء يقبلون أن يكون القرآن نزل بالمعاني فقط, ولذلك فهم أوسع أفقاً من المعاصرين, لأن القول بأن القرآن صاغه النبي صلى الله عليه وسلم بألفاظه هو الأولى في المعقولية الحديثة, أما التصور السني المخالف فقد أفقد النبي صلى الله عليه وسلم إرادته وملكاته[125].
ونتساءل هنا: إذا كانت لغة النبي صلى الله عليه وسلم بناءً على ما يقرره الخطاب العلماني – كما رأينا في مواضع سابقة – لابد أن تحمل آثار البيئة ومعطياتها فكيف يمكن والحالة هذه أن يصل المعنى الإلهي سليماً؟ إنه سيكون مجرد خواطر يعبر بها النبي صلى الله عليه وسلم عن مشاعره وأحاسيسه, وإذا كان المعنى إلهياً فكيف يكون القرآن تاريخياً؟ لأنه في هذه الحالة سيكون مهيمناً على التاريخ بكل أبعاده؟ وإذا كان القرآن لابد أن يستجيب لكل ما تتطلبه المعقولية الحديثة أو الضمير الحديث فما الحاجة إليه؟ فليعد الإنسان مباشرة إلى ضميره ليعالج واقعه بما ينسجم معه وليترك القرآن فلن يضيف شيئاً سوى مشقة البحث المعروفة نتيجته سلفاً[126].
هكذا يريد الخطاب العلماني أن يرسخ بشرية القرآن بكافة الوسائل, وأن يقوض قداسته من كل الجهات, فالألفاظ ما دامت تؤدي نفس المعنى فهي جائزة, والمعاني لا نهائية, وغير محددة, ولا يمكن لأحد أن يحدد معنى القرآن, وبذلك يصبح نزول القرآن وعدمه سواء, وهي النتيجة التي يناضل الخطاب العلماني للوصول إليها.
هذه الرؤية الإنسية التي يؤسس لها الخطاب العلماني هي التي تدفعه إلى أشكال كثيرة من قلة الحياء, وانعدام الأدب مع كتاب الله عز وجل, ونحن بالطبع نخاطبهم من خلال ما يصرحون به وهو كونهم مسلمين, لأنهم عندما لا يكونون مسلمين فلا معنى لوصفهم بقلة الحياء وقلة الأدب مع القرآن الكريم, ولكن هؤلاء المسلمين يوصف القرآن الكريم على ألسنتهم بأنه « يدعو إلى النفور بعرضه غير المنظم ووفرة إيحاءاته الأسطورية ومجموعة كاملة من الرموز التي لم تعد تجد ألبته دعائم ملموسة في تفكيرنا ومحيطنا »[127]. وأما الآيات القرآنية فهي – بنظر الخطاب العلماني – مجرد نصوص متبعثرة متفككة[128] كما يقرر الغربيون[129], وسورة الكهف مجرد تجاور بين عبارات لغوية ومعنوية متبعثرة[130] تذهب وتعود للتحدث عن موضوعات عامة لا يمل القرآن من تكرارها[131], وهي مثال « للتداخلية النصانية » [132] التي تؤكد على اللاترتيب واللاعقلاني في آيات القرآن « إن النص يدهش عقولنا بلا ترتيبه » [133].
هذه التداخلية النصانية أو « التناص » المطعمة بالمادية الجدلية هي التي تجعل نصر حامد أبو زيد يحاول جاهداً أن يشد النص القرآني إلى الواقع والثقافية اللذين كانا سائدين في الجزيرة العربية, فيبحث عن أصول ثقافية واقعية للقرآن الكريم في الشعر والسجع, وذلك لكي يؤكد مقولة رولان بارت :« النص نسيج من الاقتباسات تنحدر من منابع ثقافية متعددة [134] » أي أن النص القرآني بنظر أبو زيد امتداد لأشلاء من نصوص سابقة, أسهمت جميعها في تشكيلة وإنتاجه, أليس هو القائل إن « النص منتج ثقافي » [135] والقائل:« لا يمكن في حالة النص القرآني مثلاً تجاهل الحنيفية بوصفها وعياً مضاداً للوعي الديني الوثني الذي كان سائداً ومسيطراً , ومنعي ذلك أن النص يمثل في جزء من جزءاً من بنية الثقافة»[136].
وكما قال رولان بارت « كل نص هو تناص, والنصوص الأخرى تتراءي فيه بمستويات متفاوتة وبأشكال ليست عصية على الفهم بطريقة أو بأخرى, إذ نتعرف فيها نصوص الثقافة السالفة والحالية, فكل نص ليس إلا نسيجاً من استشهادات سابقة » [137] يقرر أبو زيد فيما يخص القرآن الكريم :« والحقيقة أن النص القرآني منظومة من مجموعة من النصوص التي لا يمكن فهم أي منها إلا من خلال سياقه الخاص, أي بوصفه نصاً, وإذا كان النص القرآني يتشابه في تركيبته مع النص الشعري كما هو واضح من المعلقات الجاهلية مثلاً فإن الفارق بين القرآن إلى أن الإنسان ليس مجرد إنسان طبيعي ” مادي” مجموعة من العناصر البيولوجية, وإنما يوجد داخله ما يميزه عن الطبيعة / المادة »[138]
[1] على حرب >> نقد النص << من 62 , وانظر : أركون >> تاريخية الفكر << ص 269
[2] أركون >> الإسلام والأخلاق والسياسة << ص22 ترجمة هاشم صالح – مركز الإنماء القومى – بيروت – باريس1991 / ط1 .
[3] أركون >> الإسلام والأخلاق والسياسة << ص 22 , 24
[4] أركون >>السابق<< ص 30-31 , وانظر : على حرب>> نقد النص<< ص 65 .
[5] السابق ص 31 , وانظر : على حرب >> نقد النص << ص65
[6] أركون >> الفكر الإسلامي << نقد واجتهاد ص 12- دار الساقي , وانظر : على حرب >> نقد النص << ص 203
[7] انظر على حرب >> نقد النص << ص 17
[8] كم يقرر تلاميذه على حرب , انظر :>> نقد النص << ص 67 وخالد السعيدانى ص 269
[9] أركون : القرآن من التفسير الموروث .. ص 31
[10] أركون >> القرآن من التفسير << ص 25-26 .
[11] انظر: طيب نيزينى >> النص القرآني << ص 58 , 59.
[12] اانظر: السابق ص 140, 141.
[13] انظر: أركون >> تاريخية الفكر<< ص 167.
[14] انظر: عبد الهادى عبد الرحمن >> سلطة النص << ص 157.
[15] السابق نفسه .
[16] أركون >> الإسلام التاريخ والحداثة << ص 25 , ترجمة هاشم صالح , مجلة الوحدة – المجلس القومى للثقافة العربية – الرباط , عدد 1 1989 , وانظر: إلياس قويسم >> إشكالية قراءة النص << ص 44 .
[17] انظر: عبد الهادى عبد الرحمن >> سلطة النص << ص33 .
[18] انظر: على حرب >> نقد النص << ص 203 , والممنوع والممتنع ص 120 .
[19] انظر: أركون >> تاريخية الفكر<< ص 284
[20] انظر: نصر حامد أبو زيد >> مفهوم النص << ص27 .
[21] انظر: نصر حامد أبو زيد >> النص , السلطة , الحقيقة << ص 92 , وانظر >> مفهوم النص << ص 27-30 .
[22] انظر >> مفهوم النص << ص 93, وكلام نصر حامد هذا منزوع عن سياقه الأصلي , ولكنه موظف في هذا السياق الذي لا ينكره نصر حامد أبو زيد لأن مضمونه موجود في >> مفهوم النص << ص 31-32 حيث يضرب بالغزالى مثالاً للرجعية والتخلف .
[23] محمد أركون >> من فيصل التفرقة إلى فصل المقال . أين هو الفكر الإسلامي المعاصر << ص 13, والكلام للمترجم هاشم صالح , وانظر: خالد السعيدانى >> إشكالية القراءة << ص 194.
[24] أركون مجلة >> الثقافة الجديدة<< عدد 26, 27/1983 , وانظر: على حرب >> الممنوع والممتنع<< ص 119.
[25] أركون >> الفكر الإسلامي قراءة علمية<< ص 213
[26] انظر: على حرب >> نقد النص << ص 119 , وانظر: أركون >> الفكر الإسلامي قراءة علمية << ص 91 و >> الإسلام والأخلاق والسياسة << ص 91 وكلمة ابتذالاً في هذا الكتاب الأخير ص 91 .
[27] انظر: نصر حامد أبو زيد >> مفهوم النص << ص 39.
[28] انظر: أركون >> القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطابب الديني << ص 62 هامش هاشم صالح.
[29] انظر: السابق ص 201 هامش هاشم
[30] انظر: أركون >> الإسلام والأخلاق والسياسة << ص 23 , على حرب >> الممنوع والممتنع << ص 119.
[31] انظر: أركون >> الإسلام والأخلاق والسياسة << ص 51.
[32] مجلة الثقافة الجديدة عدد 26-27 / 1983 , وانظر: على حرب >> الممنوع والممتنع << ص 119.
[33] انظر: أركون >> نافذة على الإسلام << ص 63.
[34] انظر: على حرب >> نقد النص << ص 107,76,62.
[35] انظر: نصر حامد أبو زيد >> الخطاب والتأويل << ص 257.
[36] انظر: طيب تزينى >> النص القرآنى<< ص 252.
[37] انظر: عبد الهادى عبد الرحمن >> سلطة النص<< ص15.
[38] يمكن مراجعة النقد وتاريخه ونظرياته في كتاب ميجان الزويلي وسعد البازعى >> دليل الناقد الأدبي << ص204 فما بعد .
[39] انظر: أركون >> القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني << ص15.
[40] انظر: أركون >> الفكر الإسلامي قراءة علمية << ص 83, وانظر كتابه أيضاً >> القرآن من التفسير الموروث << ص 152.
[41] انظر السابق ص 84.
[42] انظر: السابق ص 83 , لأن الجمهور بنظر الخطاب العلماني أبله لا يفرق بين الكتابات العلمية وغيرها من الكتابات الهزيلة .
[43] انظر: أركون >> تاريخية الفكر << ص 123.
[44] انظر: السابق ص 124 . هكذا يضع أركون نفسه حاكماً فوق الجميع يلقي أحكامه الحاسمة , ويوزع فرماناته بدون حساب . ويقرر ماهو سطحى وماهو ردئ وماهو صحيح في الإسلام وما هو خاطئ , وبذلك تتحول علمانيته إلى أرثوذكسية طالماً وصف الإسلاميين بها .
[45] انظر: نص الجندى الذي نقله أركون في >> تاريخية الفكر << ص 119 – 123
[46] أركون >> القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني << ص 15, وفي مثل هذا السياق المستخف المتعالى المتعجرف يتحدث عن نصر حامد أبو زيد في إطار الإشفاق عليه , ولكن اللهجة الاستعلالية واضحة فيقول : >> إن المسكين نصر حامد أبو زيد الذي نشر دراسة متواضعة عن القراءة الألسنية للقرآن راحوا يلاحقونه في محاكم القاهرة << . انظر: أركون >> قضايا في نقد العقل الديني << ص 58 , 59.
[47] السابق ص15.
[48] السابق نفسه. والعقل الاستطلاعي هو عقل مابعد الحداثة , ولكن أركون يخترع اسماً جديداً كما يقول مترجمه هاشم صالح, انظر: المصدر السابق ص 15 الهامش.
[49] أركون , قضايا في نقد العقل الديني << ص18.
[50] انظر: السابق نفسه.
[51] نصر حامد أبو زيد >> الخطاب والتأويل << ص259.
[52] انظر: نصر حامد أبو زيد >> مفهوم النص << ص39.
[53] انظر: انظر: نصر حامد أبو زيد >> مفهوم النص << ص32.
[54] السابق: ص30.
[55] انظر: النص, السلطة الحقيقة ص92.
[56] أبو زيد >> نقد الخطاب الديني << ص206.
[57] انظر: مفهوم النص ص 28.
[58] انظر: نصر حامد أبو زيد >> النص, السلطة, الحقيقة << ص97.
[59] انظر: طييب تزينى >> الإسلام والعصر << ص105,148.
[60] انظر: كمال عمران والباجي القمري >> جدلية النص والمنهج آيات من سورة لقمان نموذجاً << ص 95 ضمن كتاب >> في قراءة النص الديني << الدار التونسية للنشر – سلسلة موافقات – تونس ط 2 / 1990.
[61] : نصر حامد أبو زيد >> مجلة العربي << ص 69 عدد 450 / 1996م وانظر: إلياس قويسم >> إشكالية قراءة النص << ص 176 .
[62] انظر: نصر حامد أبو زيد >> النص, السلطة, الحقيقة << ص 9.
[63] حامد أبو زيد >> الخطاب والتأويل << ص264.
[64] نصر حامد أبو زيد >> السابق << ص 361.
[65] انظر: أنور خلوف >> القرآن بين التفسير والتأويل والمنطق العقلي << ص 9-10.
[66] انظر: أركون >> الإسلام والأخلاق والسياسية << ص23.
[67] انظر: السابق ص23.
[68] انظر: القمنى >> الأسطورة والتراث << ص363 , 364 .
[69] انظر: سيد القمنى >> الأسطورة والتراث << ص 360 , 364 وانظر: له >> الحزب الهشمى << ص 133, 135و 150, 151
[70] انظر: جولد زيهر >> مذاهب التفسير الإسلامي << ص 170 فما بعد وفي مواضع أخرى متفرقة .
[71] انظر: طيب تنزينى >> النص القرآني << ص 250 فما بعد, يقول تنزيني :>> قد تكون وراء هذه الظاهرة أسباب عديدة, ومنها السبب المتمثل بعملية جمع القرآن وما أثارته من شكوك في أن كل شئ جمع <<.
[72] انظر: رشيد الخيون >> جدل التنزيل وكتاب خلق القرآن للجاحظ << ص 68,69 يري هذا الباحث أن الحديث النبوي مثل >> القرآن ذو وجود فاحملوه على أحسن وجوهه << وقول على :>> القرآن حمال ذو وجوه << جاءت لتبرير التناقض الموجود في القرآن, وهو يري أن لهجة سيد القمني لهجة مجاملة بسبب حالة الإرهاب الفكري في مصر. انظر: جدل التنزيل ص 70 هامش4<<.
[73] انظر: أنور خلوف >> القرآن بن التفسير والتأويل والمنطق العقلي << ص 19 ,41, 46, 47, ويقول عن الآيات التي تتحدث عن الهدي والضلال بأننا يجب أن نسكت عنها لأنها تسبب فتنة للناس << ص41 وعن قوله تعالي : (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ) وقوله عز وجل ( قل لن يصبنا إلا ما كتب الله لنا ) بانها نزلت لظروف خاصة اقتضت ذلك, انظر: ص19: إلى إنها آيات خاصة بذلك العصر الذي نزلت فيه وهي تخاطب أناساً متخلفين بدائيين, فلا يجب أن نفهمها حرفياً, انظر: ص45. وانظر: أيضاً أركون:>> القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني << وذلك عندما يلفت نظر القارئ إلى أن في القرآن تناقضات ونواقص أسلوبية. انظر ص15و انظر: نائلة السليني >> تاريخية التفسير القرآني << عندما تقول في النص الذي سقناه انفاً وفيه تقرر أن التناقض في القرآن جاء ليجمع دلالات مختلفة تتمكن من توحيد الجموع المتنافرة . انظر: نائلة السليني >> تاريخية التفسير القرآني << ص 47 وانظر: هشام جعيط >> الوحي والقرآن والنيوة << ص10 حيث يصف القرآن بأنه يحتوي على تناقضات .
[74] معن زيادة>> الموسوعة الفلسفية << 2/ القسم 2 مقال المادية التاريخية, وانظر: إلياس قويسم>> إشكالية قراءة النص<< ص 132
[75] نصر حامد أبو زيد >> مفهوم النص << ص158.
[76] انظر: قويسم >> إشكالية قراءة النص << ص 133.
[77] نائلة السليني >> تاريخية التفسير القرآني << ص47
[78] كتابه >> مجتمع يثرب << كله قائم على الطعن في العصر النبوي, والانتقاص من حياة الصحابة رضوان الله عليهم, وذلك عن طريق التدليس والجمع, وذلك حين يجمع روايات امتدت على مدي عشرين عاماً, ثم يقوم برصها ليخيل إلى القارئ أن العصر النبوي كان مثالاً للدنس والرذيلة .
[79] خليل عبد الكريم >> مجتمع يثرب << ص75.
[80] السابق ص73 .
[81] انظر: السابق ص52, 53.
[82] انظر: السابق ص8, 19.
[83] انظر: السابق ص19.
[84] انظر: نصر حامد أبو زيد >> مفهوم النص << وأركون في مواطن كثيرة من كتبه .
[85] انظر: أركون >> تاريخية الفكر << ص 76 وانظر: أركون >> القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني << ص98 , 133, 149 , وانظر: هشام جعيط >> الوحي والقرآن النبوة << ص 53, 70, وانظر: كمال عمران والباجي القمري >> في قراءة النص الديني << ص92.
[86] انظر: الربيعو >> العنف والمقدس و الجنس << ص 29, 31.
[87] انظر: على حرب >> نقد النص << ص 201.
[88] انظر: أركون >> القرآن من التفسير الموروث << ص 78, 7, 59, 5 , وانظر: الصادق النيهوم >> الإسلام في الأسر << ص 135-140 , وانظر: نصر حامد أبو زيد >> الخطاب والتأويل << ص123.
[89] انظر: النيهوم >> الإسلام في الأسر << ص135-140.
[90] انظر: أركون >> تاريخية الفكر << ص 190.
[91] انظر: أركون >> تاريخية الفكر << ص 71, 106, 91, وانظر: أركون القرآن من التفسير الموروث, ص80, وانظر: رمضان بن رمضان >> خصائص التعامل << ص126.
[92] انظر: أركون >> القرآن من التفسير الموروث << ص90.
[93] انظر: أركون >> القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني << ص80.
[94] انظر: على حرب >> نقد النص << ص66 .
[95] انظر: تركي على الربيعو >> العنف والمقدس والجنس << ص52, 53, 54, وانظر: سيد القمني >> الأسطورة والتراث << ص311 .
[96] انظر: أركون >> القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني << حيث يصف سورة الكهف بأنها حكاية ص148, وانظر: رمضان بن رمضان >> خصائص التعامل مع التراث << ص20.
[97] انظر: هاشم صالح على أركون >> القرآن من التفسير << ص63.
[98] انظر: أركون >> الفكر الإسلامي , قراءة علمية << ص 187.
[99] انظر: أركون >> القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني << ص6.
[100] انظر: أركون >> تاريخية الفكر << ص 260.
[101] انظر: الربيعو >> العنف والمقدس والجنس << ص53.
[102] انظر: السابق ص53.
[103] انظر: جورج طرابيشي >> إشكالياات القراءة << ص 62.
[104] انظر: عبد المجيد الشرفي >> الرد على النصاري << ص 305.
[105] انظر: أركون >> القرآن من التفسير الموروث …<< ص39, 155.
[106] انظر: هشام جعيط >> الوحي والقرآن والنبوة << ص61, 49, وانظر: أركون >> القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني << ص36.
[107] وانظر: أركون >> القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني << ص36. 38, وانظر: عبد الهادي عبد الرحمن >> سلطة النص << ص61.
[108] انظر: أركون >> السابق << ص119.
[109] انظر: نصر حامد أبو زيد >> النص, السلطة, الحقيقة << ص 242
[110] انظر: هاشم صالح على أركون >> القرآن من التفسير الموروث << ص119.
[111] انظر: أبو زيد >> الخطاب والتأويل << ص234.
[112] انظر: الربيعو >> النعف , والمقدس , و الجنس << ص 78.
[113] انظر: على حرب >> نقد الحقيقة << ص 34 , وانظر: نائلو السليني >> تاريخية التفسير القرآني << ص 60.
[114] أركون >> تاريخية الفكر الإسلامي << ص 145.
[115] انظر: عبد المجيد الشرفي >> لبنات << 1.
[116] انظر: على حرب >> نقد النص << ص11.
[117] انظر: على حرب >> نقد النص << ص148.
[118] طيب تيزيني >> النص القرآني << ص289.
[119] انظر: عبد المجيد الشرفي >> الإسلام بين الرسالة والتريخ << ص51.
[120] انظر: حسن حنفي >> من العقيدة إلى الثورة << 4 / 189-190 , وانظر: السيد على أبو طالب حسنين التأويل في مصر: ص268
[121] انظر: نصر حامد أبو زيد >> مفهوم النص << ص156-157.
[122] انظر: السيوطى >> الإتقان << 1 / 139 فما بعد.
[123] انظر: نصر حامد أبو زيد >> الإمام الشافعي وتأسيس الأيديولوجية << ص20 , وانظر: >> عبد المجيد لشرفي << الإسلام بين الرسالة والتاريخ << ص 37 فما بعد .
[124] انظر: محمد سعيد العشماوي >> حصاد العقل << ص 72 , دار سينا- القاهرة ط 2 / 1992 وانظر: الشرفي أيضاً >> الإسلام بين الرسالة والتاريخ << ص50, وانظر: صلاح يعقوب يوسف عبد الله >> العلمانيون والقرآن << ص106, ويقول العشماوي :>> إن القرآن نزل على المعاني وقصد إليها , وإذا كانت المعاني تقبل التعبير عنها بأكثر من لفظ تضمن التنزيل صياغتها في لفظ , وأجاز النبي صلى الله عليه وسلم أن يعبر عنها بلفظ آخر يفيد معناه >> حصاد العقل << ص72.
[125] انظر: عبد المجيد الشرفي >> الإسلام بين الرسالة والتاريخ << ص 37-38.
[126] انظر: عبد الرحمن حللي >> استخدام المناهج الحديثة في دراسة الإسلام. قراءة في كتاب الإسلام بين الرسالة والتاريخ لعبد المجيد الشرفي << ص46 مجلة الحياة الثقافية , عدد 129, نوفمبر 2001 تونس.
[127] أركون >> قراءات في القرآن << النسخة الفرنسية ص1 , نقلاً عن عبد الرزاق هوماس >> القراءة الجديدة << ص62.
[128] أنظر: أركون >> القرآن من التفسير الموروث..<< ص 145
[129] انظر: جاك بيرك >> القرآن وعلم القراءة << ص31.
[130] انظر: أركون >> القرآن من التفسير الموروث << ص 149.
[131] هاشم صالح على أركون >> القرآن من التفير الموروث << ص149.
[132] انظر: السابق ص40.
[133] انظر: أركون >> نافذة على الإسلام << ص65,66, مصطلح التداخلية النصانية يعني به أركون تأثر النص القرآني بالتاريخ القديم ويضرب مثلاً بسورة الكهف التي تحتوي بنظره على قصة أهل الكهف المسيحية, وملحمة جلجامش الأشورية , ورواية الإسكندر الإغريقية لتشكل ثلاث مرجعيات ثقافية, وبذلك يكون القرآن مجموعة نصوص متداخلة وملفقة كما يريد أن يقول. انظر: أركون-
[134] رولان بارت >> درس السيمولوجيا << ص85, ترجمة: عبد السلام بن عبد العالي, دار توبقال- المغرب ط2 / 1986, وانظر: إلياس قويسم >> إشكالية قراءة النص << ص43.
[135] د. أبو زيد >> مفهوم النص << 27.
[136] نصر حامد أبو زيد >> النص, السلطة , الحقيقة << ص 100.
[137] رولان بارت >> نظرية النص << ص96 ترجمة محمد خير البقاعي – مجلة العرب والفكر العالمي عدد 3 / 1988.
[138] رولان بارت >> نظرية النص << ص96 ترجمة محمد خير البقاعي – مجلة العرب والفكر العالمي عدد 3 / 1988.