أبحاث

الأخلاق في المحاسبة

العدد 106

مقدمة:

تتدخل الوظيفة المحاسبية تدخلاً مباشرًا أو غير مباشر في وضع كافة قرارات المشروع؛ إذ يعتمد اتخاذ أي قرار اقتصادي على توافر المعلومات المالية التى يقوم النظام المحاسبي بتوفيرها وإعدادها لتلبية حاجات المشروع بكل أطرافه المتعددة .

ويتمثل هذا التدخل في مرحلتين هما:

– مرحلة تصميم وتنفيذ النظام المحاسبي .

– مرحلة الرقابة الخارجية على المرحلة السابقة .

وقد حظيت المرحلة الثانية باهتمام المجامع والجمعيات العلمية المحاسبية العربية والدولية منذ أكثر من ثلاثين عامًا، فتم تناول معايير التكوين الذاتي للمراقب، وما زالت الدراسات تضيف إليها جديدًا كل يوم، ولكن خلال السنوات الأخيرة حدثت انهيارات مالية شديدة في مؤسسات اقتصادية ومالية لها وزنها وقوتها سواء على المستوى الدولي أو العربي، وقد كانت التقارير المالية المعدة حتى آخر لحظة لهذه المؤسسات تقارير نظيفة لم يشر فيها -لو ضمنًا- لوجود عسر مالي، ولم يتم التحفظ على مقدرة المنشأة على الاستمرار أو وجود خلل ما في الجهاز والنظام المالي للمشروع.

ولذلك تناقش الدراسة تقييم برامج التعليم والتأهيل المحاسبي الحالي ومدى كفاية برامجه والدور الذي يمكن أن يضيفه الجانب الأخلاقي والديني في تكوين المحاسب .

ويهدف هذا البحث لإلقاء الضوء على مدى كفاية البرامج العلمية والتأهيلية الحالية لوظيفة المحاسب، سواء داخل أو خارج المشروع في ضوء نماذج الفشل المالي لمنشآت اقتصادية ضخمة، سواء على المستوى العربي أو الدولي بغرض وضع إطار دراسي مقترح مستمد من الفكر الإسلامي لتدعيم الجوانب الأخلاقية والسلوكية للتعليم المحاسبي.

ولذا ينقسم البحث إلى فصلين هما:

الفصل الأول : مدى كفاية البرامج العلمية والتأهيلية الحالية للوظيفة المحاسبية .

الفصل الثاني: إطار علمي مقترح لتدعيم الجوانب الأخلاقية لوظيفة المحاسبة .

الفصل الأول

مدى كفاية البرامج العلمية والتأهيلية الحالية للوظيفة المحاسبية

البرامج العلمية والتأهيلية الحالية لوظيفة المحاسبة:

تؤدى المحاسبة دورًا حيويًّا في المجتمع، فهي تقدم المعلومات المطلوبة لإقامة صرح المشروعات عند بدء إنشاء المشروع ثم تتواصل معه وتلازمه طيلة  حياته بإعداد البيانات اللازمة لقياس كفاءته ونشاطه دوريًّا، ثم هي التى تقوم بتشغيل هذه البيانات لتقدم المعلومات المفيدة عند اتخاذ أي قرار جاري أو استثماري أو تمويلي، وأخيرًا هي التى تقدم الطرق الملائمة لإنهاء حياة المشروعات عند الحاجة إلى ذلك، ومن خلال نظم المعلومات التي تقدمها النظم المحاسبية المطبقة في المشروعات الاقتصادية المختلفة يمكن قياس كفاءة الاقتصاد القومي كله على مستوى المجتمع، ويمكن تقييم وإعادة برمجة كثير من المشروعات التى تشير نتائج أعمالها إلى ضرورة ذلك أو إعادة هيكلها التمويلي أو توجيه عملياتها الجارية أو الاستثمارية بما يلائم احتياجات المجتمع وطاقاتها الإنتاجية وظروفها .. الخ .

وهكذا تبدأ أهمية المحاسبة بالوحدة الاقتصادية التى تمثل الخلية الأولى للنظام الاقتصادي في أي مجتمع معاصر، وتنتهى بامتداد هذه الأهمية إلى الصرح الإقتصادي لكافة جوانب هذا المجتمع .

لذلك فقد اهتمت الجامعات والمؤسسات الأكاديمية والمهنية بوظيفة المحاسب التى انقسمت إلى وظيفتين :

( أ ) خريج الكليات التجارية وما يناظرها من شعبة المحاسبة، وهو الخريج الذي استكمل عدد ساعات التدريس من المواد العامة والإدارية والمحاسبية .

(ب) المحاسب القانوني أو مراقب الحسابات وهو الذي استكمل بعد المرحلة السابقة دراسة تدريبية للحصول على لقب محاسب قانوني أو مراجع .

وسيتم إلقاء الضوء على كل من هاتين الوظيفتين فيما يلي :

أولاً : خريج قسم المحاسبة:

يعتبر خريجي قسم المحاسبة من كليات التجارة أو العلوم الإدارية في الخارج (محاسب)، كما أنه يعتبر كذلك من قبل الوحدات الاقتصادية ، فاللغة الدارجة في مصر تعتبر خريج قسم المحاسبة (محاسب)؛ ولذلك فعند طلب وظائف لخريجي قسم المحاسبة يطلق على طلب الوظيفة المعلن عنها (وظيفة محاسبين) ويقصد بهم خريجي شعبة المحاسبة .

كذلك تعنى بعض التشريعات العربية بكلمة محاسبين (الحاصلين على بكالوريوس تجارة شعبة محاسبة) ، أما التشريع المصري فلا يضفى على خريج قسم المحاسبة لقب (محاسب) ولكنه يقصرها على (المحاسب القانوني) الذي تم تأهيله بعد مرحلة البكالوريوس من خلال مراحل تدريسية وتدريبية محددة .

ويتم تدريس مواد علمية لخريجي قسم المحاسبة تندرج تحت ثلاث مجموعات رئيسية هي : العلوم العامة/ العلوم الإدارية والاقتصادية والقانونية / العلوم المحاسبية المتخصصة :

وتتراوح ساعات التدريس في معظم الجامعات العربية للمجموعات  الثلاث ما بين 120 – 160 ساعة(1).

ثانيًا : المحاسب القانوني :

حظيت مسألة تعليم وتأهيل مراقب الحسابات أو المحاسب القانوني باهتمام التشريعات القانونية ودراسة وتوصيات المجامع والجمعيات العلمية والمهنية بشكل يفوق كثيرًا اهتمام الجامعات والمراكز الأكاديمية والمهنية بتعليم خريجي المحاسبة في المرحلة الجامعية، بالرغم من أن تأهيل المراقب يعتبر عملية مكملة للبناء الأساسي الذي يتم أثناء الدراسة الجامعية.

وقد يكون هناك بعض الحق في هذا الاهتمام الذي يكمن في أهمية واقع مهنة الرقابة على الحسابات بين المهن الأخرى، سواء من ناحية دور المراقب فيما يعرض له من نواحي فنية وتحمله لمسئولية إبداء الرأى فيما يسند إليه من أمور عدة، أو من حيث تعدد الأطراف التى تعتمد على عمله وما يوجد بينها من تضارب بين مصالحها المختلفة ودور المراقب في التوفيق بين متطلبات هذه الأطراف بالحق، أو من ناحية السلطة التقديرية للمراقب في كافة الأمور المتعلقة بعملية المراجعة، أو من ناحية المشاكل التى يتعرض لها المراقب أثناء قيامه بالعمل وما تتسم به من صلة بالنواحي القانونية والاقتصادية والمالية والإدارية وغيرها.

ومن هنا فقد أدى هذا الوضع الفريد لمهنة الرقابة الخارجية على الحسابات إلى اعتبار مسألة التأهيل والتكوين الذاتي لمراقب الحسابات مسألة أساسية وجوهرية ، فإذا ما اختلفت هذه المسألة فلن يكون هناك أي قيمة لعملية المراجعة(1) .

أهمية تصميم المعايير الملائمة للتكوين الذاتي للمحاسبة :

لعل أهمية دراسة وضع معايير ملائمة للتكوين الذاتي يرجع إلى جانبين:

الأول : أن مراقبي الحسابات في مجموعهم يقدمون تقاريرهم عن مجموع الأعمال الاقتصادية التى قام بها المجتمع كله، فإن كانت هذه التقارير قد تم إعدادها من خلال فئة مؤهلة تأهيلاً علميًّا وعمليًّا متكاملاً، وكانت التقارير معدة على أسس علمية وفنية صحيحة وأمينة كانت مؤشرًا جيدًا لقياس الاتجاه الاقتصادي للمجتمع صعودًا أو هبوطًا، ومن ثم يمكن للسلطات الاقتصادية والسياسية اتخاذ القرارات الملائمة في ضوء هذه النتائج، ومن ثم أمكن في الوقت المناسب علاج الأمراض الاقتصادية التى تعاني منها المجتمعات النامية والمتقدمة على السواء، أما إن لم يتم إعداد هذه التقارير بدرجة ملائمة من الأمانة والكفاءة والدقة فإن القرارات السياسية التى سيتم اتخاذها لن تكون العلاج الملائم، بل وربما تؤدى هذه القرارات إلى تفاقم الأمر وحدوث نتائج أسوأ .

الثاني: أنه لا توجد حدود أو ضوابط قاطعة وثابتة وواضحة المعالم تحكم نشاط المراقب، فكثيرًا من الأمور يتم تحديدها بشكل نسبي طبقًا لما تعارف عليه المجتمع من نشاط الرجل المعتاد، وهو أمر نسبي يصعب قياسه وتحديد معايير واضحة له بحيث يمكن قياسه وتحديد مدى الانحراف عنه .

ولذلك فكثيرًا ما يلجأ المراقب إلى استخدام تقديره الشخصى أثناء تأدية مهام مهنته؛ ولذا فقد شبه البعض المراقب بالقاضي(1) ، على أن سلطة القاضي قاصرة على تبين إرادة الشارع والنطق بها في النزاع المعروض بناء على طرق الإثبات التى حددها المشرع والزمه بالاعتداد بعناصر الإثبات التى يقدمها المتقاضون، أما بالنسبة لمراقب الحسابات فليس هناك ضوابط تحكم نشاطه الرقابي فهو صاحب السلطة التقديرية في ممارسة مهام مهنته، وهو الذي يسعى بنفسه وراء الأدلة يجمعها ويستخلصها ويوازن بينها، وهو الذي ينفرد وحده بتقدير هذه الأدلة ووزنها والنظر في مدى ملائمتها أو قصورها .

وعلى ذلك يترك المشرع سلطة تقديرية كاملة للمراقب من حيث تحديد:

– عمل الرجل المعتاد .

– حجم ونوعية الأدلة التى يجمعها بنفسه ويوازن بينها لاستخلاص الأسس التى يبنى عليها رأيه .

و بذلك تتسع السلطة التقديرية لمراقب الحسابات أكثر بكثير من سلطة القاضي، فهي تماثلها كيفًا وتزداد عنها كمًّا .

ومن هنا يمكن أن نتبين الأسباب الجوهرية التى دعت لإرساء القواعد والمبادئ والتقاليد المهنية لدى الجمعيات والمجامع المحاسبية لكى تحكم سلوك أعضائها حتى استقر العرف المهنى الدولى على معايير معينة للتكوين الذاتي للمراقب نتعرض لأهمها والتى تناولها المجلس الدولي للمحاسبة(1) في نشرة خاصة بمبادئ السلوك المهنى لمهن المحاسبة والمراجعة بهدف تقديمها للمنظمات المسئولة في كافة بلاد العالم بحيث تتخذ أساسًا لقواعد السلوك الأخلاقى للمهنة .

ومن أهم هذه المبادئ ما يلي :

النزاهة – الموضوعية – الاستقلال – الحفاظ على أسرار العملاء – العناية المهنية – أخلاقيات المهنة – المعايير الفنية.

كما اهتمت المنظمات والسلطات المسئولة باتخاذ التدابير اللازمة للتأكد من التزام المحاسبين بالمبادئ الأخلاقية المتقدمة، وفرضت العقوبات الملائمة عند مخالفة هذه المبادئ .

وقد أشارت المادة التاسعة من دستور المهنة المصري إلى أنه يحكم مسئولية مراقب الحسابات في تنفيذ مهمة حرصه وعنايته وبذله للمهارة المعقولة في حدود القواعد والمبادئ المتعارف عليها، وفي نطاق ظروف المنشأة، بالإضافة إلى حسن اختياره وتوجيهه لمعاونيه ومندوبيه الذين يعتمد عليهم في تنفيذ تلك المهمة(2) .

كذلك تعرض المعيار الثالث من معايير الأداء المهنى لمجمع المحاسبـين القانويين الأمريكي لوجوب بذل مراقب الحسابات العناية المهنية المعقولة أثناء أداء مهنته وعند إعداد تقريره(3) .

كما تناولت لجنة أندرسون سنة 1988 إعادة بناء دستور المهنة في الولايات المتحدة الأمريكية مما أدى إلى إصدار المجمع الأمريكي للمحاسبيين القانونيين AICPA الدستور المعدل(4) .

وفي سنة 1992 تم إصدار دليل الأخلاقيات المهنية المحاسبية(5) في بريطانيا ويتضمن مبادئ ممارسة المهنة والقواعد الملزمة للسلوك المهنى .

كذلك تضمن دستور مهنة المحاسبة والمراجعة المصري قواعد وآداب وسلوك المهن، كما أصدر المعهد المصري للمحاسبين والمراجعين سنة 1990 مشروع ميثاق آداب وسلوكيات مهنة المحاسب وهي(1) : الأمانة – الموضوعية والاستقلال – الكفاءة المهنية والعناية الواجبة – السرية – السلوك المهنى – المعايير الفنية .

وعلى ذلك يمكن أن نستنتج أهم ما ورد في كل من الدستور المصري والأمريكي والبريطاني بشأن آداب وسلوك المراقب فيما يلي :

الأمانة – الموضوعية – دقة العمل – الحفاظ على كرامة المهنة – تطبيق المعايير الفنية .

وعلى ذلك يمكن القول أن المجامع العلمية عربية كانت أو أجنبية لم تضع تشريعات ملزمة لطبيعة وواجبات المراقب مثلما وضعت تشريعات ملزمة يحكم القاضي في إطارها، بل تركت العرف يحدد ماهية العناية المهنية المعقولة المطلوبة للعمل المحاسبي، وتركت أمر تقدير (المهارة المهنية المعقولة) طبقًا لما تعارف عليه مجتمع المحاسبين ، كما تركت له تقرير توجيه معاونيه واختيارهم للاعتماد عليهم في تنفيذ مهام نشاطهم، وتركت له تقدير ما تتطلبه عملية المراجعة طبقًا لرؤيته عن ظروف المنشأة.. الخ .

كل هذه الأمور ترك تقديرها للمراقب بما يوسع من نطاق سلطاته طبقًا لضوابط مرنة كل المرونة، وعلى ذلك يكون مكمن الخطورة هنا سببه   اتساع الجانب التقديري في نشاط المراقب، ومن ثم فقد استوجبت هذه المرونة الاهتمام بالجانب الذاتي في تكوين المراقب .

دور الوظيفة المحاسبية في الوحدات الاقتصادية الفاشلة على مستوى عربي ودولي :

شهدت السنوات الأخيرة انهيارات متوالية ومفاجئة لوحدات اقتصادية ومالية ضخمة على المستوى العربي والدولي، هذه الانهيارات تمت لمؤسسات تم إعداد نظمها المحاسبية عن طريق كبرى الشركات العالمية والاستشارية المتخصصة في تصميم النظم المحاسبية، وكان يعمل بها فريق من المحاسبين تم تأهيله على أقل تقدير التأهيل الجامعي المعتاد والمتعارف عليه في الدول العربية والأجنبية التى شهدت هذه الانهيارات، وكان يراقب حساباتها مكاتب محلية ودولية عريقة لها اسم رنان في مجتمع المحاسبة والمال.

وسوف يتم التعرض لما استطاعت الدراسة أن تجمعه خلال فترة زمنية محدودة من معلومات عن هذه الوحدات كما يلي:

في مصر :

– قام البعض في بنك التجاريين بمضاربات ذهب قدرها 100 مليون جنيه خسروها جميعًا، فقام البنك بإنشاء حسابات وهمية لمراسلين بالخارج، ومع ذلك فلم يتضمن تقرير مراقبي الحسابات أي تحفظات أو قيود أو ملاحظات عن هذا الموضوع(1) واسفرت الواقعة عن تغيير مراقبي الحسابات فقط .

– كشفت أزمة بنك الاعتماد والتجارة عن تورط بنك فيصل الإسلامي المصري الذي كان يستثمر 300 مليون دولار فيه وبلغت خسارته حوالي ثلثي هذا المبلغ، وبالرغم من أن النظام الأساسي للبنك يمنعه من الاستثمار الربوى في بنك عربي أو أجنبي، إلا أن تقارير مراقب الحسابات السابقة على الأزمة لم تذكر من بعيد أو قريب هذا الاستثمار الذي يخالف النظام الأساسي للبنك مخالفة صارخة، بالإضافة إلى أنه قد استثمر مبلغًا ضخمًا في قناة واحدة وهو ما يخالف أيضًا متطلبات الاستثمار وتوزيع المخاطر(2) .

– شهدت مصر أكثر من ثلاثين عامًا متوالية مآسى القطاع العام الذي تولى إدارة اقتصادها بأكمله، وتوالت معه خسائرها عامًا بعد عام حتى تآكل رأس المال، وتضاعفت خسائرها حتى أن الدولة كانت تدعم سنويًّا بعض المشروعات .

وقد كان يتم إعداد قوائمها المالية بالمخالفة للمبادئ المحاسبية المتعارف عليها عمليًّا ودوليًّا. فكان يتم إعادة تقويم أصولها الثابتة لتغطية الخسائر الفادحة التى تمنى بها في رأس المال العامل، ويتم تمويل هذه الخسائر مرات أخرى من القطاع المصرفي دون اكتراث بإهدار رأس المال القومي والموارد المتاحة للمجتمع والمملوكة للأفراد والمؤسسات، كذلك كان يتم نمويل الخسائر عن طريق الدعم المستمر من الدولة على الرغم من أن المفروض عليها أن تكون المورد المالي والاستثماري للمجتمع .

وقد كانت تقارير مراجعة الجهاز المركزي للمحاسبات -وهو الجهة الرقابية المنوطة بمهمة مراقبة الحسابات- تصدر سنويًّا دون أية تحفظات بشأن مدى سلامة تطبيق المبادئ والسياسات المحاسبية المتعارف عليها، وقدرتها على الاستمرار بدون دعم، بل كانت التقارير المالية تبرر الخسائر المتوالية بتراكم المخزون وسياسة تسعير المنتجات وغيرها.

البلاد العربية والأجنبية :

– الإمارات:

بلغت خسائر بنك دبي الإسلامي في أزمة بنك الاعتماد والتجارة 200 مليون درهم من مجموع استثمارات قدرها أكثر من 300 مليون درهم، هذا على الرغم من أن النظام الأساسي للبنك يمنعه من استثمار الأموال بالفائدة أو الربا المحرم وقد تبين أن البنك يستثمر هذه الأموال منذ سنوات قبل الأزمة، ومع ذلك لم تشر تقارير مراقبي الحسابات إلى ذلك حتى آخر تقرير .

وليس ذلك فحسب، بل إن هذه الخسائر التى منى بها البنك تحققت نتيجة لتقصير الإدارة العليا للبنك في البحث عن الاستثمارات المشروعة طبقًا لنظامه الأساسي؛ لذا فكان الواجب أن تتحمل الإدارة هذه الخسائر أو المساهمين إن قبلوا ذلك ، لكن ما حدث هو أن تم تحميلها على كافة أرباح البنك بما فيها أرباح المودعين الذين بحكم عقد المضاربة بينهم وبين البنك يعتبرون شركاء وليسوا مقرضين مثل مودعى البنوك المعتادة ، وعلى ذلك يكون المودعون قد تحملوا من أرباحهم بدون وجه حق أكثر من 80% من الخسائر التى لا ذنب لهم في تحقيقها، وهذا كله مخالف لعقد المضاربة الشرعية الذي يحكم علاقة البنك أو المساهمين بالمودعين ، ومع ذلك وطيلة سنوات الأزمة – من سنة 1990 وحتى الآن – لم تشر تقارير مراقبي الحسابات إلى ما حدث(1)  .

– في سنة 1985 حدثت عدة أزمات مالية ومصرفية لثلاثة بنوك، هي: بنك الإمارات التجاري، والبنك الاتحادي التجاري، وبنك الخليج التجاري، فتدخل المصرف المركزي وحلاًّ للأزمة تم تكوين بنك أبو ظبي التجاري، ولم تشر تقارير مراقبي حسابات هذه البنوك الثلاثة قبل الأزمة إلى أي تحفظ أو إشارة لما حدث(1) .

الأردن:

عجز بنك البتراء سنة 1989 عن الوفاء بالتزاماته، وقام المصرف المركزي سنة 1992 بتصفية البنك السورى الأردني وتحويل مستحقاته إلى بنك الأردن والخليج(2) .

هذا، ولم تكن تقارير مراقبي حسابات كل منهما يتضمن أي تحفظ قبل الأزمة.

لبنان :

أدى سوء الادارة في بنك المشرق الى استخدام أمواله لأغراض شخصية؛ مما أدى إلى وقوع خسائر كبيرة، ولكن المصرف المركزي احتوى الأزمة حتى لا تتكرر أزمة بنك انترا الذي أفلس في أقل من يومين في السبعينات(3) .

الكويت :

حدثت أزمة سوق المناخ سنة 1982 بسبب غياب الرقابة المالية مع التوسع في البيع الآجل حتى تراكم 27 مليار دينار كويتي؛ مما أدى إلى توقف دفع الالتزامات المالية، وامتدت الأزمة وسرت كالكهرباء لتصيب الجهاز المالي والمصرفي في الكويت بالشلل التام وبأزمة مالية حادة(4) .

بريطانيا :

– حدثت أزمة بنك الاعتماد والتجارة سنة 1991 والذي كان يضم 79 فرعًا تنتشر في معظم أنحاء العالم، وكان يراجع حساباته أكبر مكاتب المحاسبة والمراجعة الدولية، وقد توسط في معاملات غير مشروعة ولسنوات عديدة قبل الأزمة، وبالرغم من ذلك فقد كانت تقارير مراقبي حساباته حتى آخر لحظة نظيفة لم تتضمن أي تحفظ أو إشارة بخصوص الإفصاح عن معاملاته غير المشروعة ، أو عن مجرد شك حول مقدرته على الاستمرار، وذلك على الرغم مما تقتضيه الأخلاقيات المهنية وقواعد آداب سلوك المهنة ومستويات الأداء المهنى المتعارف عليها دوليًّا وفي بريطانيا ، وعلى الرغم مما يتطلبه قانون الخدمات المالية البريطاني الصادر سنة 1986 وقانون المصارف سنة 1987 والذي يقضى بإلزام مراقبي حسابات المنشآت والمصارف بضرورة قيامهم بإبلاغ السلطة التشريعية المختصة بالأمور ذات الأهمية الناجمة عن ممارستهم لواجباتهم كمراجعين(1)  .

– أما أزمة بنك بيرنجز سادس أكبر بنك استثماري في بريطانيا سنة 1995 فترجع أسباب انهياره لأخطاء قاتلة تمت من أحد مديريه، والذي كان يتمتع بسلطات واسعة دون أية رقابة، وقد تناول البعض تحليلاً للمشكلة تتلخص فيما يلي(2) :

– القصور الشديد في عمليات المراجعة الداخلية .

– عدم تطبيق معايير الرقابة الداخلية.

– القصور الشديد في متابعة الفرع الرئيسي للبنك على الفروع الأخرى، بل لقد بلغ من سوء الإدارة أن تم ترك عدة أقسام في وقت واحد تحت إدارة شخص واحد؛ مما أدى إلى أنه استطاع أن يبرم صفقات لحساب بعض المسئولين بالبنك دون رقيب أو مساءلة.

وكل ذلك مما يلقى المسئولية الأولى على نظام الرقابة الداخلية المتبع ويتهمه بالتقصير، إلى جانب عدم الإفصاح في تقرير مراقبي الحسابات السابقة على الأزمة بما يشير لذلك .

توصل كل من Taffler & Meggy في دراستهما سنة 1984 إلى أن 75% من الشركات الفاشلة والتى أفلست قد حصلت على تقارير مراجعة نظيفة ولم يرد بها أي تحفظ بشأن استمراريتها، وقد قاما بدراسة عينة عددها 86 شركة فاشلة يقوم بمراجعة حسابات 31 شركة منها أكبر تسعة مكاتب مراجعة في بريطانيا، وتبين من الدراسة ما يلي(1) :

أسم مكاتب مراقب الحسابات

عدد الشركات المفلسة

عدد الشركات التي توجد تحفظات في تقاريرها والنسبة

-arthur Anderson

4

1

25%

Coopers and lybround

3

0%

Deloitte Haskins and sells

4

2

50%

Enest and whinney

3

1

25%

Peat Marwick michell

6

3

50%

Price waterhouse

4

1

25%

Touch ross

3

0%

Thomson

1

0%

Author young mccell and moorse

4

0%

 

أي أن متوسط نسبة التحفظات في تقارير مراقبي أكبر مكاتب الحسابات لم تتعد 26% ، وبالنسبة للمكاتب العادية بلغت 24% .

لوكسمبورج :

– تم تأسيس المصرف الإسلامي الدولي شركة مساهمة قابضة في لوكسمبورج ، وكان يعتبر من أوائل المصارف الإسلامية في العالم، وقد تعثر وتم تصفيته بخسائر قابضة أفلس على أثرها سنة 1987 وكان يراقب حساباته مكتب دولي، وكانت آخر تقاريره المالية نظيفة(2)  .

– دار المال الإسلامي :

كذلك تم تأسيس دار المال الإسلامي سنة 1981 على أن يعمل وفقًا لتعاليم الشريعة الإسلامية، وقد حقق خسائر ضخمة طيلة عشر سنوات كاملة، وكان يوزع على المودعين عائدًا في حدود 2 – 2,5% ويراقب حساباته أيضًا أحد أكبر مكاتب الحسابات الدولية ولا تزال تقاريره نظيفة حتى الآن(1).

الولايات المتحدة الامريكية:

في دراسة للبعض تم تقدير خسائر بحوالي 1350 مليون دولار ناتجة عن فشل أكبر ستة مكاتب مراجعة في الكشف عن تعسر وفشل مؤسسات الادخار والإقراض(2) .

كما حدث في السنوات الأخيرة سلسلة من الفضائح والانهيارات الاقتصادية لمنشآت ضخمة بدون سابق إنذار أو توقع؛ مما أدى إلى انتقادات مريرة من الصحافة والرأى العام ، إلى جانب وجود دعاوى قضائية مرفوعة ضد المراقبين؛ حتى بلغت أكثر من ألفي دعوى قضائية حول مسئولية المراقب عن عدم إعطاء تحفظ في تقديره عن توقع انهيار أو فشل الشركات والمؤسسات المالية والمصرفية التى أفلست وتعثرت، وطالب أصحاب المصالح المختلفة في هذه الدعاوى بتعويضات قدرت بمبلغ عشرة ملايين دولار(3) .

وذلك مما دفع رئيس شركة Price Waterhouse الدولية للمراجعة بأن يصرح بأن مهنة المراجعة تعاني الآن من أزمة المصداقية(4) .

ويتساءل في ذلك أحد أعضاء الكونجرس الأمريكي سنة 1985 مستنكرًا كيف تستطيع إحدى المنشآت الحصول على تقرير مراجعة نظيف في يوم ما ، ثم تنهار هذه المنشآت في اليوم التالي مباشرة(5) .

كما ذكر رئيس مكتب المحاسبة العام في أمريكا أن 87% من فشل مؤسسات الادخار والإقراض (S&LA) في تكساس كان بسبب تلاعب الإدارة، ومع ذلك فشل كل من المراجعين الداخليين والخارجيين في كشف أية حالة من هذه الحالات، كما قدر أن فشل 60% من هذه المؤسسات نتج عن تلاعب الإدارة الذي لم يتم اكتشافه(1).

كما توجد نماذج أخرى كثيرة من الفشل في كثير من البلدان المتقدمة مثل إفلاس بنك ماثيو في ألمانيا، وتعثر بعض البنوك اليابانية والمشاكل التى يواجهها بنك كريدي ليونيه الفرنسي، وكلها تعبر إما عن فشل النظام المحاسبي والرقابة الداخلية أو عن فشل نظام المراجعة الخارجية في الإفصاح في الوقت الملائم عن مقدرة المشروع المالية ومركزه المالي الحقيقي ومقدرته على الاستمرار .

إن ما سبق قليل من كثير، فلاتتسع الدراسة لحصر أوجه الانهيارات الاقتصادية الضخمة على مستوى العالم العربي والدولي ، بالإضافة إلى أنه يوجد كثير من ألوان الفشل المالي الذي استحكمت حلقاته على كثير من الوحدات الاقتصادية والمالية التى لم تنهار فعلاً؛ نظرًا لتدخل الدولة أو جهات أخرى، كل ذلك يحدث دون أن يفصح النظام المحاسبي المطبق عنه ودون أية إشارة من مراقب الحسابات .

والواقع أن الانهيار المفاجئ لمؤسسة اقتصادية أو مالية ضخمة ولها وزن نسبـي داخل قطاع الأعمال ليس حدثًا عشوائيًّا يمكن إغفاله أو التجاوز عنه، وليس من المقبول حتمًا أن تنهار مؤسسة فجأة بينما يكون آخر تقرير مالي عنها تقريرًا نظيفًا أو على أقل تقدير يتضمن تحفظًا لا يفصح عن الوضع المالي المتهالك للمؤسسة أو الأعمال غير المشروعة التى تقوم بها الإدارة .

وهذا ما يدعونا للبحث والتحليل عن الأسباب الحقيقية التى أدت إلى تصدع وانهيار هذه الوحدات، فما حدث كان له أسباب ولابد أنها استنفدت وقتًا من الزمن، فإذا كان هناك نظام رقابة داخلية سليم، وإذا توافر نظام محاسبي جيد، وتعاون معهما مراقب أمين وكفء لأصبح تقريره جهاز الإنذار الملائم لملاك المشروع والجهات المعنية الأخرى؛ بحيث يمكن تدارك الكارثة قبل استفحالها وقبل أن تتمكن من البقية الباقية من المؤسسة .

لقد أثبتت الممارسة العملية أنه على الرغم من أن إحدى المنشآت تكون في طريقها نحو الانقضاء بالإفلاس وهو ما لا يحدث فجأة، ومع ذلك فلا تتضمن تقارير الحسابات الآخيرة أي تحفظ أو إشارة أو تحذير؛ مما يؤدى إلى توزيع أرباح صورية قبل الإفلاس مباشرة وحتى في الحالات التى يبدى فيها المراجع الخارجي تحفظًا على بعض الجوانب فإن ذلك يكون بهدف الحماية من المسئولية القانونية؛ ولذلك يتم التحفظ بدون إفصاح كاف يوضح قدرة المشروع على الاستمرار أو وجود مخالفات وأعمال غير مشروعة .

الفصل الثاني

إطار علمي مقترح

لتدعيم الجوانب الأخلاقية لوظيفة المحاسبة

دراسة تحليلية لدور الجانب الأخلاقي في تدعيم الوظيفة المحاسبية :

إن الخلل الذي أدى إلى حدوث هذه النتائج لابد وأنه يرتبط إما بالجانب الفكري للتعليم والتأهيل المحاسبي، أو بالجانب الإجرائي أو التطبيقي للنظام المحاسبي. أو بلغة أخرى قد يرتبط بأحد السببين الآتيين :

الأول: المنهج المحاسبي المطبق في مستوى دراسة البكالوريوس والتأهيل الذاتي لمراقب الحسابات .

الثاني: الجانب التطبيقي للإجراءات المحاسبية سواء كانت داخلية على مستوى النظام المحاسبي المطبق في المشروع أو خارجية على مستوى المراقب الخارجي .

ولكن العنصر الثاني يفترض حدوث إهمال جسيم من كل من القائمين على تطبيق النظام المحاسبي داخل المشروع والقائمين على التقرير عنه خارج المشروع، وأن يستمر هذا الإهمال الجسيم سنوات حتى ينهار المشروع فعلاً، وهو ما لا يتماشى مع المنطق السليم، وخاصة إذا تبينا أن الوحدات الاقتصادية والمالية المنهارة كانت تراجع من أكبر مكاتب مراقبة الحسابات عربيًّا ودوليًّا .

ولذلك تبرر الدراسة السبب الرئيسي للخلل في العنصر الأول وهو عدم كفاية تعليم خريجي المحاسبة وتأهيل مراقبي الحسابات من حيث الجوانب الأخلاقية التى يتم تجاهلها تمامًا، سواء في المرحلة الحالية أو بعد ذلك؛ بما يؤدى إلى قصور مناهج التعليم والتأهيل في جانب لا يقل أهمية عن التأهيل العلمي والعملي للمراقب، بل إن البعض(1) يرى أن التعليم المحاسبي التقليدي هو الذي يعوق تنمية الوعي الأخلاقي لدى الطلاب، ويرى ضرورة تدريس برامج علمية بغرض تدعيم قدرات التفكير الأخلاقي لدى الطلاب .

والواقع أن المحاسبة والمراجعة مثلها مثل أي علم اجتماعي، يتم صياغة الإطار العلمي والنظري لها معتمدًا على المنطق والفكر المجرد واستقراء واقع الأعمال في المجال العلمي، فهي ليست مثل العلوم الطبيعية التى يمكن التحقق من صحتها عن طريق إجراء التجارب والتحقق من نتائجها لتسجيلها كحقــائق، ولكن العلــوم الاجتمـاعية -ومنها المحاسبة- يتم التحقق من صحة مبادئها عن طريق استقراء واقع تطبيقها، فإذا تماثلت النتائج مع الأهداف التى وضعت المبادئ من أجلها كان ذلك إيذانًا بصحة هذه المبادئ وتحويلها إلى حقائق، أما إذا اختلفت النتائج عن الأهداف؛ فمعنى ذلك وجود خلل وقصور في الفكر والمبادئ .

ويرى بعض الباحثين – في هذا المضمار – أن هناك فجوة كبيرة بين الإطار الفلسفي لقواعد أخلاقيات وسلوك المهنة وبين التطبيق العملي ودرجة الالتزام به في واقع الممارسة المهنية، وذلك على كل من المستويين: الدولي والمحلي؛ مما يؤكد عدم إمكانية الاعتماد على دليل قواعد وأخلاقيات السلوك باعتباره الحل المطلق الوحيد لكافة المشاكل الأخلاقية للمهنة، وضرورة تكاتف الجهود الأكاديمية والمهنية لعلاج السلبيات الأخلاقية التى تعاني منها مهنة الرقابة الخارجية على الحسابات ووضوح الحاجة إلى محاولة التأصيل النابع من الفكر العقيدي للقواعد الأخلاقية التى تحكم الأداء المهنى لمراقب الحسابات الخارجي وتدعميها بما قد يلزمها من معايير خاصة بالقيم الإيمانية والأخلاقية والسلوكية المستنبطة من العقيدة(2) .

فالافتراض بأن المسئولية التأديبية المترتبة على مخالفة قواعد أخلاقيات وسلوك المهنة كفيلة بإلزام أعضاء المهنة بالتمسك بتلك الأخلاقيات إنما هو افتراض قد ثبت عدم صحته على إطلاقه، فلقد بين الدستور السماوى اختلاف النفس البشرية وانطوائها على الطيب والخبيث  {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا(7)فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا(8)قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا(9)وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} (سورة الشمس: 7-10) . وقوله تعالى : {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} (سورة الإنسان: 3) .

فليس من المنطقى أن يستجيب الجميع لنفس المؤثرات بنفس الدرجة؛ إذ كلما زادت القوة الإيمانية زادت قوة الرقابة الذاتية لدى الفرد وقلت الحاجة إلى مزيد من رقابة المنظمات والأجهزة المهنية المختصة(1) .

ويبدو أن المؤسسات الأكاديمية والجامعية في الولايات المتحدة الأمريكية قد أدركت قيمة الجوانب الأخلاقية وأثرها على الالتزام السلوكي وآداب المهنة؛ لذلك فقد أدرجت علم الأخلاق ضمن المناهج الخاصة بمتطلبات التعليم المحاسبي في مستوى الدراسة للبكالوريوس .

كما حظيت هذه المشكلة باهتمام المجامع المهنية الأمريكية التى أوصت بما يلي(2) :

– أوصت جمعية المحاسبة الأمريكيةAAA  بتخصيص ساعات دراسية للمنطق والأخلاق ضمن متطلبات الكلية .

– أوصى معهد المحاسبين القانونيين الأمريكي بضرورة تدريس الأخلاق وتنمية المسئولية تجاه المجتمع والمهنة في مرحلة مبكرة من التعليم لتنشئة المحاسبـين على الفضيلة والقيم الأخلاقية.

– أوصت لجنة بدفورد بضرورة تنمية القواعد الأخلاقية في نفوس الطلاب .

كما تمت عدة دراسات ميدانية على المؤسسات التعليمية المحاسبية الأمريكية، وأوضحت ما يلي(1) :

– أن دراسة الأخلاق لم تغطَّ بشكل كاف يتناسب مع حيوية وأهمية هذا الموضوع .

– أن الطلاب في حاجة لإعداد ملائم لدراسة الجوانب الأخلاقية؛ نظرًا لارتباطها بالطلب المتزايد على المهنة .

وعلى الرغم من أن الجامعات العربية غالبًا ما تحذو حذو الجامعات الأمريكية بشكل عام في مختلف العلوم المحاسبية والإدارية بشكل خاص، وبالرغم أيضًا من أن المنطقة العربية هي مهد الحضارات والأديان السماوية التى تحض على اتباع كافة القيم العالية والفضائل الراقية ومكارم الأخلاق ، فإنه رغم ذلك لا يوجد اهتمام كاف لدى جامعاتنا وخاصة في كليات التجارة أو ما يناظرها بتدريس الأخلاق لطلابها .

ويؤيد د. بديوي تدريس المعايير والقيم الأخلاقية للطلاب باعتبارها ترفع من مقدرتهم على التفكير المنطقى الأخلاقي الذي يعتبر أمرًا ضروريًّا للمحافظة على كرامة المهنة ويزيد من مصداقيتها لدى المجتمع، ويتطلب ذلك توافر أمرين(2) :

– أن نحدد أولاً ماهية المعايير الأخلاقية التى يجب أن نتمسك بها كمحاسبـين، وهو ما يتطلب التخلص من المفهوم الشائع بأن كل ما هو قانوني أخلاقي؛ إذ إن كثيرًا مما يعتبر قانونيًّا يعتبر تصرفًا غير أخلاقي طالما أنه يضر بشكل مباشر أو غير مباشر بمصالح الغير والمجتمع .

– أن يكون لدينا وعي أخلاقي وقدرة على إدراك وتحليل الآثار الأخلاقية للمشكلة محل الدراسة حتى يمكن اتخاذ القرار الذي يراعي المعايير والقيم الأخلاقية، فيكون لدينا القدرة على العمل بتفكير خلاق وعدم تغليب المصلحة الذاتية .

مقترح دراسة الجانب الأخلاقي لوظيفة المحاسبة :

تناول البعض مقترحات متعددة لتزويد التعليم المحاسبي ولتأهيل المحاسب القانوني بدراسة الجانب الأخلاقي كما يلي :

– يرى د. البديوي ما يلي(1) :

1- ضرورة تدريس الأساس الفلسفي للتفكير الأخلاقي .

2- إبراز الدور الاجتماعي لمهنة المحاسبة وأهميتها .. لترسيخ الشعور بالمسئولية تجاه المهنة والمجتمع؛ مما يفرز الوعي الأخلاقي في نفوسهم .

3- تصميم نموذج عام للاسترشاد به عند مواجهة القضايا العلمية والتدريب عليها؛ حتى يمكن تعليم الطلاب كيفية التوصل بطريقة منطقية وأخلاقية للقرار الملائم الذي لا يترتب عليه إضرار بأى من الأطراف المختلفة .

– أما Loeb فيرى ضرورة تخصيص منهج مستقل لدراسة الأخلاق كمتطلب عام للدراسة الجامعية فيتم تدريسه باعتباره متطلبًا عامًّا وإجباريًّا قبل التخصص(2) .

–  ويقدم Armstrong مقترحًا أكثر تفصيلاً، وهو يتناول دراسة الأخلاق من خلال ثلاث مراحل(3) :

1- تتم المرحلة الأولى من خلال تخصيص منهج مستقل لتدريس علم الأخلاق في المرحلة الجامعية كمتطلب عام إجباري .

2- ويتم خلال الدراسة الجامعية أيضًا في مرحلة تالية إدراج حالات عملية تتناول الجوانب الأخلاقية في فروع المحاسبة المتخصصة .

3- وتتعلق المرحلة الأخيرة بتأهيل المراقب، ويتم فيها دراسة جوانب أخرى من دراسة الأخلاق؛ بحيث تكون الدراسة شرطًا لاجتياز مرحلة التأهيل المهنى .

مقترح الدراسة:

تقدم الدراسة مقترحًا لدراسة الأخلاق في جامعاتنا العربية في كليات التجارة وما يناظرها بغرض تعليم وتأهيل خريجي قسم المحاسبة بشكل خاص وباقي الخريجين بشكل عام ولتأهيل مراقب الحسابات أيضًا .

ويتناول المقترح الجوانب الآتية:

1- المناهج الأخلاقية المقترحة في حدود ما يلائم البيئة العربية .

2- الأساس العلمي لدراسة المناهج المقترحة في حدود ما يلائم البيئة العربية.

3- محتوى المناهج الأخلاقية المقترحة وعرض ثبت بالمراجع التى يمكن الاستعانة بها لإعداد المواد العلمية المذكورة .

ويتم تناول كل منها فيما يلي :

أولاً : المناهج الأخلاقية المقترحة:

ترى الدراسة أنه يمكن الاستفادة من مقترح كل من د. البديوي وArmstrong بدمجهما وتطويرهما ليكونا أساسًا جيدًا لدراسة علم الأخلاق كما يلي :

– بالنسبة للمرحلة الجامعية :

1- يتم تخصيص منهج مستقل كمتطلب عام في الدراسات التجارية للطلاب جميعًا في التخصصات المحاسبية والإدارية والاقتصادية .

2- يتم تخصيص مناهج محاسبية مستقلة على أن ترتبط بالجوانب الأخلاقية السابق ذكرها في المتطلب العام .

3 – يتم إضافة الموضوعات الآتية في الفروع المتخصصة لعلم المحاسبة :

( أ ) الدور الاجتماعي لمهنة المحاسب في كل فرع من فروع علم المحاسبة .

(ب) حالات عملية تتناول الجوانب الأخلاقية التى يمكن أن يتعرض لها المحاسب أثناء تأدية عمله .

(جـ) تدريب الطلاب على حالات عملية في التخصص وكيفية مواجهتها عملاً من خلال نماذج تعد لهذا الغرض.

– بالنسبة لمرحلة التأهيل العلمي للمحاسب :

يتم تخصيص منهج دراسي يناقش كافة الجوانب الأخلاقية علمًا وعملاً مع استخدام نماذج وحالات واقعية .

ثانيًا: الأساس العلمي لدراسة المناهج المقترحة والملائم للبيئة العربية :

يعتبر تدريس الأخلاق مسألة معقدة ومتشعبة الجوانب؛ حيث يتسم الموضوع بالذاتية إلى حد كبير، فما قد يعتبر صوابًا من الناحية الأخلاقية بالنسبة للبعض قد لا يعتبر كذلك بالنسبة للبعض الآخر، كما تختلف الأخلاق والقيم من مجتمع لآخر ومن فترة لأخرى في نفس المجتمع؛ نظرًا لتأثره بالظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية في المجتمع، فالأخلاق مسألة شخصية تتأثر بضمير الإنسان والصورة الذهنية التى يرسمها للآخرين ، كل ذلك من شأنه أن يضفى صعوبة على تدريس هذا الموضوع(1) .

وربما تكون صعوبة وضع أساس علمي متفق عليه لدراسة الأخلاق وتباين النظرة إلى مدى صحة هذا الأساس باختلاف المكان والزمان هو السبب الرئيسي في العزوف عن مناقشة جوانب الأساس الملائم، ومن ثم البعد عن هذه الدراسة، ولذا فإن أفضل وأدق أساس يمكن الاعتماد عليه ويحظى بأكبر نسبة من القبول العام في مجتمعنا العربي ربط هذا العلم بالأخلاقيات الفاضلة التى يدعو إليها ديننا الحنيف، وتدعو إليها سائر الشرائع السماوية.

إذ تعتبر الشريعة الأخلاق الفاضلة هي أولى الدعائم التى يقوم عليها المجتمع؛ ولهذا فهي تحرص على حماية الأخلاق وتتشدد في هذه الحماية، أما القوانين الوضعية فتكاد تهمل المسائل الأخلاقية إهمالاً تامًّا، والعلة في اهتمام الشريعة بالأخلاق على هذا الوجه أن الشريعة تقوم على الدين، وأن الدين يأمر بمحاسن الأخلاق، بينما تقوم القوانين الوضعية على أساس الواقع وما تعـارف النـاس عليه من عــادات وتقاليد(2).

إن التشريع الإلهي يتجه في أحكامه إلى تحقيق التكامل النفسي والروحي والاجتماعي والمادي بين أفراد المجتمع، وهو ينبنـي على أسس قوية من العدل والمساواة والإخاء؛ مما يؤدى إلى ترسيخ وتعميق معاني الأخلاق الكريمة والقيم العليا .

حتى العبادات التى هي في ظاهرها تمثل علاقة الفرد بربه، فهي في معناها تسعى إلى تربية الضمير الاجتماعي الذي يجعل الآحاد مندمجين في الجماعات التى يعيشون فيها بقوة روحية تحكم ميولهم وأرواحهم وتوجه عقولهم؛ فيتحقق التكافل الاجتماعي نفسيًّا قبل أن تتدخل القوانين.. والتكافل الاجتماعي المنبعث من النفس ابتداء  أجدى على المجتمع من التكافل بقوة القانون من غير اعتماد على الإيمان والضمير الديني؛ لأن ما يبنى على القانون قد يوجد في النفس ما يبرر مخالفته، أما ما يعتمد على الضمير الديني أولاً ثم على القانون ثانيًا فإن المؤمن يطيعه على أنه أمر من الله الذي يعلم السر وأخفى، والذي يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، وأن ذلك لا يسوغ له الهروب من الأحكام المقررة بحكم قانوني(1) .

ثالثًا : محتوى المناهج الأخلاقية المقترحة :

المنهج الأول : أخلاقيات التعامل والتبادل :

وهذا المنهج يعتبر متطلبًا عامًّا للتعليم التجاري والإداري والاقتصادي كله، حيث يحتاجه الطالب سواء كان متخصصًا في المحاسبة أو إدارة الأعمال أو الاقتصاد .. الخ .

ويتكون هذا المنهج من جزئين أساسيين :

الجزء الأول : الأخلاق والدين

ويتناول هذا الجزء مدخلاً يوضح أهمية الأخلاق والأدب والعلم في الفكر الإنساني بشكل عام وفي العقائد السماوية بشكل خاص ، وعلى وجه أخص بالنسبة للشريعة الإسلامية حيث نجد فيها معينًا لا ينضب من التوجيه الإلهي الحكيم لكل ما تحتاجه النفس البشرية وتتوق إليه من فضل الحكمة المعرفة .

ويقترح أن يتضمن هذا الجزء الموضوعات الآتية :

( أ ) أهمية الأخلاق والأدب :

– الأخلاق والأدب في الدين .

– الأخلاق والأدب في الدنيا .

– الأخلاق والأدب في النفس .

(ب) أهمية الأخلاق في الأديان السماوية ودورها في تربية الضمير والنفس :

– في التوراة .

– في الإنجيل .

– في القرآن .

(جـ) أهمية العلم وشرفه في الإسلام:

– فضل العلم والعلماء .

– أخلاق العلماء .

– أسس عالمية الإسلام في الدين والأدب والدنيا .

الجزء الثاني: مكارم الأخلاق في الأديان السماوية

ويتناول هذا الجزء أهم ما جاءت به الشرائع السماوية من مكارم الأخلاق، فيتناول بإطلالة ملائمة ما تعرض له القرآن الكريم والسنة الشريفة والتوراة والإنجيل من أخلاقيات التعامل والتبادل. وقد أوردت الدراسة بعضًا من مصادرها في الجزء التالي، وعلى ذلك ينقسم هذا الجزء إلى موضوعين:

( أ ) أخلاقيات التعامل :

1 – الأمانة       2- الصدق

3- العدل        4- الصبر

5- الوفاء         6- التعاون

7- الإحسان     8 – الرفق

9- العفو        10- الرحمة

11- التكافل     12- الشورى

13- التيسير     14- إماطة الأذى

15- التواضع    16- القناعة والرضا

17- البر        18- الحلم

19- الكرم .

(ب) أخلاقيات التبادل:

ويتعرض المنهج أيضًا لأهم المبادئ العامة في المعاملات والتى ترسى أسسًا أخلاقية متينة في نفس الطالب وترتبط ارتباطًا مباشرًا بطبيعة عمله مستقبلاً، وأهم هذه المبادئ المقترحة هي :

1- الغنم بالغرم .

2- الخراج بالضمان .

3- لا ضرر ولا ضرار.

4- الاستخلاف .

5- التكافل الاجتماعي .

6- قيمة العمل وإتقانه .

المنهج الثاني: مناهج محاسبية أخرى:

تقترح الدراسة إضافة مناهج محاسبية لها ارتباط بجوانب الفكر والأخلاق والعقيدة من جانب نظرى وبمناهج اقتصادية عملية مطبقة فعلا من جانب عملي، وهو ما يربط بين الجانب النظري والعملي في المنهج المحاسبي . وتختص هذه المناهج بما يلي :

( أ ) محاسبة الزكاة :

إذا كانت الجوانب المحاسبية تتناول التشريعات الضريبية بالدراسة التطبيقية في معظم الاقتصاديات المعاصرة التى تتواجد فيها هذه التشريعات ، فلابد وأن يتم دراسة الجوانب المحاسبية لتطبيق تشريع الزكاة بصفتها استقطاعًا ماليًّا يمثل ركنًا من أركان الإسلام، وتقع فريضة الزكاة على المجتمع المسلم إذا ما توافرت شروط الخضوع في المال والمكلف .

ودراسة هذا الاستقطاع المالي الإلهي يلقى الضوء على جوانب أخلاقية تنمى أحاسيس التعاون والتكافل في نفس الطالب وتدعم معاني البر والتراحم المطلوب بين أفراد المجتمع، وتؤدي بما توفره من مبادئ ومقومات إلى تدعيم فضائل الأخلاق .

كما تؤدي دراسة زكاة المال إلى الدعوة إلى العمل الجاد الخلاق والاستثمار؛ حيث إن الزكاة تفرض على الثروة النقدية إذا ما توافرت فيها شروط الخضوع، وهو ما يجب أن يدفع المكلفين إلى ضرورة استثمار هذه الثروة حتى تدفع الفريضة من عائد الثروة وليس من أصلها وهو ما تدعو إليه الأحاديث الشريفة .

فالزكاة وإن كانت تمثل عبادة لله سبحانه وتعالى ، إلا أن هذه العبادة ترتبط ارتباطًا عضويًّا بسلوك وأخلاق الفرد الذي يتعلم كيف يقي شح نفسه بالإنفاق لوجه الله وأن يكون كريمًا جوادًا وأن يخفض جناحه للمؤمنين تواضعًا ورفقًا ..

وهكذا يمكن أن يتناول علم المحاسبة جانبًا من جوانب فقه العبادات الإسلامية الذي يمثل صرحًا أخلاقيًّا عظيمًا وقيمة كبيرة تمتد عطاياها لتشمل الكثير من مكارم الأخلاق .

(ب) المنشآت المالية  الإسلامية :

تعتبر المنشآت المالية الإسلامية الصورة التطبيقية العملية لأخلاقيات التبادل في الفكر والعقيدة الإسلامية والتى سبق للطالب أن قام بدراستها بشكل نظري ، بالإضافة إلى تدعيمها لبعض أخلاقيات التعامل مثل العدل والتعاون والتكافل .

لذا يتناول منهج المنشآت المالية الإسلامية دراسة المنهج العلمي النظري والعملي التطبيقي لهذه المنشآت التى بنيت على المقومات الأخلاقية الإسلامية وتطبق بعض عقود فقه المعاملات، وهذه المنشآت هي حقيقة واقعة الآن في معظم المجتمعات العربية وبعض المجتمعات الأجنبية ، ويجب أن يتعرف الطالب على الجوانب المحاسبية المميزة لها عن سائر المنشآت المالية التقليدية . وهذه المنشآت هي :

– المصارف التجارية الإسلامية .

– شركات الاستثمار الإسلامية .

– شركات التأمين الإسلامية .

– صناديق الإستثمار الإسلامية (مازالت مقترحًا حتى الآن ).

ويمكن أن يضاف هذا المنهج للمنهج التقليدي الخاص بمحاسبة المنشآت المالية المتخصصة ، وإن كان ذلك يؤدى إلى تضخيم هذا المنهج، وتفضل الدراسة أن يكون مستقلاًّ عنه ، ولكن يرجع ذلك لظروف الدراسة الجامعية .

المنهج الثالث : إضافة أخلاقية لبعض العلوم المحاسبية :

تتأثر المحاسبة كثيرًا بكافة المتغيرات البيئية التى تصادف المجتمع ؛ إذ إن طبيعة الاقتصاد والنظام القانوني والسياسي وطبيعة التملك التجاري والقوانين المنظمة وأحجام المنشآت التجارية والمناخ الاجتماعي ودرجة الاستقرار المالي والنقدي وثبات قيمة العملة ومدى وجود تشريعات تنظم مهنة المحاسبة … كل هذه المتغيرات تؤثر تأثيرًا كبيرًا في إعداد النظام المحاسبي الملائم للمشروع.

ولذا يقترح(1) Hove (1986) أن يحدد أبناء الدول النامية مسبقًا أهداف النظام المحاسبي طبقًا لظروف الدولة ذاتها، فهم أقدر على استيعاب ظروفها الإقتصادية والسياسية والقانونية المحيطة بهم وبها .

وبذلك فقد قام مولر (1990)(2) بتصنيف فئات الأنظمة المحاسبية بالدول في أنحاء العالم من خلال ثماني مجموعات، فكان نصيب مصر والخليج العربي معًا في المجموعة التى تعتمد على اقتصاديات المورد الواحد متمثلاً في النفط والاستثمارات الموجهة نحو الخارج، وهو يرى أن أبرز ما يمثل هذا الصنف من المحاسبة ارتباطه بالعقيدة الإسلامية وما يتبع ذلك من ضوابط محاسبية لتسجيل المعاملات والتقرير عنها، فالمحاسبة شأنها شأن القضايا الأخرى يتم طرحها الآن في دول الشرق الأوسط بمحيط العقيدة الإسلامية . وبالرغم من صحة قيام المحاسبة بهذه الدول على النموذج الأمريكي American British Anglo فإنها تتمتع بمواصفات فريدة تميزها عن غيرها من الدول مثل تناول موضوع الفائدة . فعلى سبيل المثال في ظل تحريم التعامل بالفائدة (الربا) في الدول الإسلامية فإن موضوع القيمة الزمنية للنقود يستلزم نظرة وإجراءات أكثر تعمقًا ويتطلب اعترافًا آخر من المحاسبة به، ومن خلال المؤتمرات والندوات والبرامج الأكاديمية والمنشورات الموجهة علاوة على الرسائل العلمية والأوراق المنشورة يوجد اعتقاد بأنه في الوقت المناسب سيظهر على الساحة المحاسبية نوع جديد يطلق عليه (المحاسبة الإسلامية) .

ولكن هذا الرأي يقصر الأمر على منهج واحد يتناول الجوانب الإسلامية في علم المحاسبة، ولكنا نرى أنه من الأفضل أن يتم تناول الجوانب الأخلاقية المتصلة بالعقيدة والفكر المحاسبي معًا في العلوم المحاسبية التى تحتاج لذلك ونقترح بهذا الصدد تزويد المواد العلمية المحاسبية الآتية بالمنهج الإسلامي .

أ – المحاسبة المالية :

Financial Accounting

وهو يمثل أساس العلوم المحاسبية، ويعتبر متطلبًا رئيسيًّا لمعظم التخصصات الإدارية الأخرى، ويمكن أن يضاف إليه:

الجوانب الأخلاقية في وظائف المحاسبة:

تعتبر كل من وظيفتى القياس والتقرير من أهم وظائف المحاسبة على الإطلاق، ومن خلالهما يتم إعداد نتائج أعمال المشروع، ويمكن ربط ما سبق للطالب دراسته عن مكارم الأخلاق بهاتين الوظيفتين كما يلي :

– المبادئ الأخلاقية في القياس:

1- العدل في اختيار أدوات القياس الملائمة لطبيعة وظــــــروف المشـروع ((إختيار طرق وأساليب القياس) .

2- الوفاء في القيام بإجراءات القياس المطلوب كما ينبغي أن تكون .

3- عدم التطفيف ، بمعنى تطبيق نفس القاعدة في الأحوال المختلفة .

– المبادئ الأخلاقية في التقرير :

1- الأمانة في عرض المعلومات المطلوبة .

2- الصدق .

3- الإتقان .

4- عدم الإضرار بمستخدمي القوائم المالية على اختلاف فئاتهم ومصالحهم .

ب – دراسة الجدوى الاقتصادية:

تعتمد دراسة الجدوى الاقتصادية على المفاهيم الفكرية الوضعية في اقتصاد يعمل بالربا، فإذا علمنا أن الربا معاملة محرمة في جميع الديانات السماوية وهو في نظر الكثيرين لا أخلاقي، هنا يمكن إضافة دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروعات في ظل مجتمع لا يتعامل بالربا ويلتزم بالمفاهيم والقيم والأخلاقيات التى سبق للطالب دراستها.

وعلى ذلك يقترح إضافة الموضوعات الآتية للمنهج الدراسي لدراسة الجدوى الاقتصادية .

– دراسة محددات الاستثمار، وتتطلب توضيح الاستثمارات المحرمة في الشريعة الإسلامية (مثل مشروعات تصنيع المحرمات ، الخمر وتربية الخنزير… الخ ).

– دراسة معايير أو أولويات الاستثمار ، وتتطلب تحديد معايير الضرورات والحاجات والكماليات للمجتمع وترتيب الأولويات طبقًا لنوع المشروع وما إذا كان عامًّا أو خاصًّا .

– طرق أساليب الجدوى بدون التعامل بسعر الفائدة .

( تعرض الباحثون في هذا المجال لعدة طرق يمكن اختيار بعض منها وتبسيطه للطلاب) .

جـ – المراجعة – مدخل أخلاقي

يتدخل علم المراجعة ويرتبط بمعظم القطاعات الاقتصادية، ويعتبر الأداة الأولى للحفاظ على ثروة المجتمع ونموه، سواء طبق هذا العلم عن طريق الجهاز المحاسبي داخل المشروع أو عن طريق مراقبي الحسابات خارج المشروع، وكذا يجب إضافة مدخل أخلاقي ملائم لطبيعة وأهمية هذا العلم – ويقترح في ذلك إضافة ما يلي :

– أهمية دور المراجعة وتأثيرها الإيجابي والسلبي على المشروع ، بمعنى أنه يجب أن يتفهم الطالب الآثار الإيجابية الناتجة عن تخطيط وتنفيذ عملية المراجعة بشكل جيد، وكما ينبغي أن تكون، والآثار السلبية الناتجة عن الإهمال أو التقصير والتدليس في تنفيذ عملية المراجعة وتحليل الآثار في الحالة الأخيرة بالنسبة لكافة أطراف المشروع من ملاك ومستثمرين وموردين وعملاء، وكذلك آثارها على العاملين والأجهزة الحكومية والباحثين والجمهور وتصعيد هذه الآثار على مستوى الاقتصاد القومي، وذلك حتى يمكن توضيح أبعاد المشكلة وآثارها المباشرة وغير المباشرة .

– مناقشة مفهوم المسئولية في الفكر الإسلامي من خلال الكتاب والسنة، وهذه المسئولية تنقسم إلى مسئولية دينية تعبر عن علاقة الفرد بالله سبحانه وتعالى، ومسئولية خلقية تعبر عن مسئولية الإنسان أمام ضميره، ومسئولية اجتماعية تعبر عن مسئولية الفرد الدنيوية أمام المجتمع بما يوضح للطالب مسئوليته أمام الله وأمام ضميره والمجتمع عند الإدلاء بشهادته عن نتائج أعمال المشروع وتجسيد أهمية هذه الشهادة وعظم المسئولية التى يحملها على كاهله..

– ربط مكارم الأخلاق التى سبق دراستها بمهمة مراجعة الحسابات في مختلف مراحلها مع استعراض حالات عملية للمواقف المختلفة التى يمكن أن يتعرض لها المراجع وعلاجها من خلال الفضائل الحميدة .

المنهج الرابع : مدخل لفقه المعاملات:

أما عند تأهيل المحاسب القانوني فيحتاج الأمر للتعرف بتفصيل أكبر على ما يحويه فقه المعاملات من أحكام تخص الجوانب المالية التى تصادفه، أو يجب أن يزود بقدر أكبر من هذه الأحكام التى ترشده عند تعرضه للمواقف المختلفة التى يحتار فيها العقل العادي وربما يتخبط فيها الإنسان ولا يدرى إن كان قراره في النهاية يعتبر أخلاقيًّا ويتفق مع المنهج السماوى أو غير ذلك .

وتعرض الدراسة منهجًا مقترحًا لأهم الموضوعات التي يجب أن يلم بها المحاسب؛ إذ ترتبط ارتباطًا وثيقًا بقدرته على التصرف بحسب التصرفات الأخلاقية المتفقة مع كرامة المهنة ورقيها واحترامها، بالإضافة إلى اتفاقها بالطبع مع المنهج الإسلامي الرشيد في التعامل، وربما لاتفصح العناوين الرئيسية عن المعاني المقصودة ، ولكنا نورد – على سبيل المثال فقط – مدى ارتباط بعض من هذه الموضوعات بالجانب الأخلاقي في حياة الفرد باختصار شديد .

وهذه الموضوعات هي :

1- أصول فقه المعاملات : ويتناول الجانب العلمي لهذا العلم القيم، وأن الأصل في المعاملات هو الحل وليس التحريم .

2- المعاملات المحرمة : مثل الاحتكار والربا والغش والتدليس .

3- الأنشطة المحرمة : مثل بيوع الغرر والخمر والمسكرات بأنواعها وغيرها .

وتوضح دراسة كل من المعاملات والأنشطة المحرمة المعنى الحقيقي للعدل والأمانة والصدق .. وغيرها من أخلاقيات التعامل التى تتنافى ولاشك في مضمونها مع هذه المعاملات والأنشطة، وهي تضع وتوضح الفروق الجوهرية بين ما هو قانوني أي يتفق مع القواعد القانونية ولكنه محرم؛ لأنه غير أخلاقي، فليس كل ما هو قانوني أخلاقي كما سبق القول .

4- عناصر الإنتاج وطرق تحديد عوائدها

وهي العمل ورأس المال والضمان والأرض .

ويحتاج المحاسب لدراسة ماهية هذه العناصر وأسس قياس وتوزيع عوائدها طبقًا للقواعد العامة وللتعاقد من خلال مفهومه لقيم العدل والإحسان والتعاون والتيسير … الخ ، فمثلاً بالنسبة للشريك بالعمل فقط إن لم يقصر وحدثت خسائر فلا يجب أن يتحمل شيئًا من هذه الخسارة وإنما تقع على الشريك بالمال فقط؛ وذلك لأنه يخسر عمله بدون مقابل والشريك بالمال يخسر ماله.

5- المشاركات

ويقصد بها المشاركات ومقوماتها وأنواعها وهي:

– شركات الملك    – شركات العقد

6- الإجارة

ويقصد بها التعامل على أحد نوعيها وهما :

– إجارة المنافع      – إجارة الأعيان

ودراسة كل من المشاركات والإجارة توضح علل كثير من الأحكام في المعاملات والأنشطة المحرمة مثل الربا والغرر والتدليس ..الخ

7- موضوعات أخرى.

وهي: الحسبة – التسعير – الوقف – المنافسة – الحمى والإقطاع .

وكل هذه الموضوعات ترتبط ارتباطًا وثيقًا بكل المفاهيم الأخلاقية الراقية التى يحتاج المحاسب لمعرفتها واستيعابها لتطبيقها بعد ذلك في حياته العملية، وتكون هاديًا له ودافعًا يحفزه على اعتبار مهامه ومسئولياته عبادة وتكليفًا وأمانة يحاسب عنها في الدنيا والآخرة؛ مما يدفعه ويحفزه على الإحسان والاجتهاد ملتزمًا بأسمى القيم الأخلاقية .

نتائج الدراسة

تتبلور نتائج الدراسة فيما يلي:

1- حظي التعليم والتأهيل المحاسبي باهتمام الجامعات والمجامع العلمية والمهنية التى تولته بالدراسة والتوصيات المتواصلة بما يفوق الاهتمام بالدراسة الجامعية لخريجي قسم المحاسبة، وترجع الدراسة هذا الاهتمام للسببين الآتيين :

أ – عظم تأثير مراقبة الحسابات على مجموع الأعمال الاقتصادية التى يقوم بها المجتمع كله وبما ينتج عنه من توجيه لاتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية الملائمة .

ب – ترك معايير نشاط المراقب لما اصطلح عليه العرف من النشاط المعتاد واتساع مجال التقدير الشخصي للمراقب.

2- تناول دستور المهنة المصري تحديد مسئولية مراقب الحسابات وقواعد وآداب وسلوك المهنة، وكذلك المعهد المصري للمحاسبين والمراجعين، وكذلك تناول مجمع المحاسبين القانونيين الأمريكي معايير الأداء المهنى . وتم وضع دليل للأخلاقيات المهنية في بريطانيا ، وقد تركزت هذه المعايير فيما يلي :

الأمانة – الموضوعية – دقة العمل – الحفاظ على كرامة المهنة .

3- شهدت السنوات الأخيرة انهيارات متوالية لمؤسسات اقتصادية ومالية ضخمة، تم استعراض بعض منها في مصر ولبنان والأردن والإمارات والكويت والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وقد تبين من دراسة هذه المؤسسات ما يلي :

أ – أن معظم هذه المؤسسات تتميز بضخامة حجمها ووزنها المالي النسبي الكبير في مجتمع الأعمال ويقوم بمراجعة حساباتها أكبر مكاتب مراقبة الحسابات على مستوى عربي أو دولي .

ب – أنها قد حصلت على تقارير نظيفة بدون أي تحفظات قبل حدوث الإنهيار أو الأزمة مباشرة، ولم يذكر أي تقرير منها أية إشارة أو تحفظ على إمكانية استمرار المنشأة أو وجود عسر أو فشل مالي بها .

جـ – أنه توجد ثغرات قاتلة في نظم المراقبة الداخلية المطبقة في بعض من هذه المنشآت ومع ذلك فلم يتم علاجها من قبل النظام المحاسبي المطبق .

4- إن تحليل الفشل والانهيار في المؤسسات الاقتصادية السابق دراستها يشير إلى القصور الشديد في الجانب الأخلاقي لدى القائمين بالوظيفة المحاسبية، سواء داخل المشروع من القائمين على تنفيذ النظام المحاسبي أو من خارج المشروع من مراقبي الحسابات ومراجعيه .

5- توجد فجوة كبيرة بين الإطار الفلسفي لأخلاقيات مهنة المحاسبة والمراجعة وبين التطبيق العملي ودرجة الالتزام به سواء على المستوى الدولي أو المحلي، مما يستلزم ضرورة تكاتف الجهود الأكاديمية والمهنية لعلاج السلبيات الأخلاقية التى تعاني منها المهنة المحاسبية.

6- تقدم المؤسسات الأكاديمية الأمريكية مناهج لدراسة الأخلاق وتوصي الجمعيات العلمية المحاسبية بالاهتمام بتدريس الأخلاق وتنمية المسئولية تجاه المجتمع والمهنة لتنشئة المحاسبين على الفضيلة والقيم الأخلاقية.

7- ترى الدراسة ضرورة ربط وترسيخ المفاهيم الأخلاقية المجردة بالفكر العقيدي للقواعد الأخلاقية التى تحكم الأداء المهنى وتدعمها بالمعايير والقيم الإيمانية والأخلاقية المستنبطة من العقيدة، إذ قدم التشريع السماوى منهجًا متكاملاً يسعى إلى تحقيق التكامل النفسي والروحي والاجتماعي والمادي بين أفراد المجتمع وينبني على أسس قوية من العدل والمساواة والإخاء مما يؤدى إلى ترسيخ وتعميق معاني الأخلاق الكريمة والقيم العليا .

8 – لذا تقترح الدراسة المناهج الجامعية الآتية:

المنهج الأول : أخلاقيات التعامل والتبادل

وتعتبر متطلبًا عامًّا للتعليم التجاري كله بكافة تخصصاته ويتكون من جزئين:

* الأخلاق والدين – ويناقش : أهمية الأخلاق والآداب – أهمية الأخلاق في الأديان السماوية ودورها في تربية الضمير والنفس – أهمية العلم وشرفه في الإسلام .

* مكارم الأخلاق في الأديان السماوية – ويتناول استعراضًا لأخلاقيات التعامل والتبادل بين أفراد المجتمع في ضوء العقيدة.

المنهج الثاني : يتناول تخصيص مناهج محاسبية أخرى تربط بين جوانب الفكر الأخلاقي الحميد وبين المناهج العلمية المحاسبية – وتقدم الدراسة منهجين هما :

أ – محاسبة الزكاة .

يمثل هذا المنهج الجوانب العلمية لتطبيق فريضة زكاة المال، وتؤدي دراسة هذا الاستقطاع المالي لإلقاء الضوء على الجوانب الأخلاقية من تعاون وتكافل وتدعيم لمعاني البر والتراحم، وتؤدي بما توفره من مبادئ ومقومات إلى تدعيم فضائل الأخلاق .

ب – محاسبة المنشآت المالية الإسلامية:

وهي تعتبر انعكاسًا صادقًا وتطبيقًا عمليًّا لأخلاقيات التعامل التى سبق للطالب دراستها ، ويتناول هذا المنهج دراسة كل من المصارف الإسلامية وشركات الاستثمار الإسلامية وشركات التأمين الإسلامية وصناديق الاستثمار .

المنهج الثالث: إضافة أخلاقية وعملية لبعض العلوم المحاسبية :

يمكن أيضًا إضافة جوانب أخلاقية من جانب نظري وتطبيقي بما يناسب المناهج العلمية الآتية :

أ – المحاسبة المالية :

يمكن إضافة مفاهيم ومبادئ أخلاقية ملائمة لكل من وظيفتى المحاسبة الأساسيتين، وهما وظيفة القياس ووظيفة التقرير .

ب – دراسة الجدوى الاقتصادية:

يقترح إضافة دراسة الجدوى من خلال اقتصاد أخلاقي لا يعتمد على سعر الفائدة، ويطبق محددات الاستثمار الإسلامية ويراعي الأولويات طبقًا لسلم المعايير الإسلامية، باعتبار أن التشريع الإسلامي تشريعًا شاملاً لجوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية القويمة .

جـ – المراجعة  – مدخل أخلاقي:

يقترح إضافة مفهوم المسئولية في الفكر الإسلامي لمنهج المراجعة وخاصة المسئولية الاجتماعية التى تعبر عن علاقة الفرد بالمجتمع وتوضح أهمية شهادة المراجع عن نشاط ونتائج أعمال المشروع أمام الغير وربط المنهج العلمي بمكارم الأخلاق المطلوبة مع استعراض حالات عملية وأمثلة لما يمكن أن يصادفه المراجع .

9- كما تقترح الدراسة إضافة منهج دراسي لتأهيل مراقب الحسابات يعنى بدراسة قواعد وأسس فقه المعاملات – ويتناول الموضوعات الآتية:

أ – أصول فقه المعاملات .

ب – المعاملات والأنشطة المحرمة .

جـ – عناصر الإنتاج وطرق تحديد عوائدها.

د ـ موضوعات أخرى: الحسبة – التسعير – الوقف – المنافسة – الحمى والإقطاع .

ملحق الدراسة

ثبت بمراجع مختارة

الأخلاق في القرآن الكريم:

يعلمنا القرآن الكريم أفضل الخصائل التى يمكن أن يكتسبها الفرد، وفيها أيضًا نهى عن كل ما يدني النفس ويؤدى إلى فحشاء القول والفعل، فالحث والحض على الفضائل والقيم العليا من أعظم توجيهات القرآن الكريم التى لا يستطيع الباحث المنصف إلا أن يختارها منهجًا قويمًا لتربية وتعليم النشء، وتجمع آياته الكريمة كافة مكارم الأخلاق التى سبق للبحث ذكرها وتلك التى لم يذكرها مثل أدب الطريق، وآداب الحديث، والإصلاح بين الناس، وأدب دخول البيوت، وغض البصر…الخ .

ويمكن الاستعانة بكتب التفسير الآتية عند إعداد المادة العلمية الخاصة بالأخلاق:

القرطبي (جامع الأحكام ) دار إحياء التراث العربي .

الطبري (جامع البيان) عيسى البابي الحلبي .

ابن كثير (تفسير ابن كثير) دار المعارف – بيروت .

الألوسي (روح المعاني) دار إحياء التراث العربي.

سيد قطب (في ظلال القرآن) دار الشروق .

الأخلاق في السنة الشريفة:

تناولت السنة الشريفة مكارم الأخلاق ومحاسنها وتبلورت هذه المكارم في أخلاقه وسلوكه e مع الكافة، فكان بحق الرحمة المهداة من قبل الله عز وجل {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِين} وكان e يجمع بين القيم العليا والفضائل الكريمة التى تهفو النفس السوية إليها وتتوق إليها الفطرة السليمة، وصدق الله تعالى إذ يصفه {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم} وقد وجهنا القرآن الكريم إلى سيرة رسول الله e  لتكون نبراسًا لنا في الحياة تمثل القدوة والأسوة الحسنة؛ إذ يقول تعالى : {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (سورة الأحزاب: 21)

.

لذا تتناول السنة الشريفة قولاً وفعلاً الأخلاق الفاضلة، يقول e  (بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) ويقول في حديث آخر (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًّا وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه) وهكذا يعلمنا المعلم الأكبر أن حسن الخلق ليس له جزاء إلا أعلى مكانة في الجنة.

وبذلك نجد في السنة الشريفة في سيرة أكرم وأشرف خلق الله e أعظم قدوة على الإطلاق وأفضل مثل وأسوة على خلق المؤمن بما يشبع حاجتنا إلى تغذية الجوانب الفكرية والأخلاقية لدى الطلاب وبما يقوم ويهذب ويرقى من خلقهم وسلوكهم .

ويمكن الاستعانة بكتب الأحاديث  والسيرة النبوية التالية:

– صحيح البخاري بشرح فتح الباري، المطبعة السلفية – القاهرة.

– صحيح مسلم بشرح النووي، دار إحياء التراث العربي – بيروت

– نيل الأوطار للشوكاني،

دار إحياء التراث العربي – بيروت

– مسند الإمام أحمد، دار الفكر

– موطأ الإمام مالك ، طبعة دار الشعب

– السيرة النبوية لابن هشام، دار الباز للنشر والتوزيع – مكة المكرمة.

– رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين للنووى، دار القلم – بيروت .

الأخلاق في شرع من قبلنا :

يمكن أيضا الاستفادة بالكتب السماوية السابقة وخاصة الإنجيل حيث يحتوى على نصائح وتوجيهات ترقى بنفس الفرد للتسامح والعطاء والرحمة ..الخ .

انظر :

– العهد القديم والعهد الجديد.

– التفاسير البيضاوية لرسائل بولس

مراجع أخرى مختارة للدراسة:

– د. إبراهيم ، يوسف (استراتيجية وتكنيك التنمية الاقتصادية في الإسلام) الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية سنة 1981.

– د. أبو السعود، محمود (الاستثمار الإسلامي في العصر الراهن) المسلم المعاصر، ديسمبر سنة 1981م.

– أبو زهرة، محمد ( في المجتمع الإسلامي) دار الفكر العربي .

– ابن رشد (بداية المجتهد ونهاية المقتصد) دار الفكر العربي .

– أبو يوسف (الخراج ) المطبعة السلفية .

– د. أحمد ، إبراهيم فؤاد (الموارد المالية في الإسلام )مكتبة الأنجلو المصرية، سنة 1972.

– د. الأبجي ، كوثر عبد الفتاح (محاسبة المؤسسات المالية الإسلامية) دار النهضة العربية، سنة 1990.

–          (محاسبة الزكاة ) دراسة علمية وتطبيقية ) دار النهضة العربية، سنة 1992.

–          ( دراسة جدوى الاستثمار في ضوء المفاهيم التقليدية والفكر الإسلامي) دار النهضة العربية، سنة 1995.

– د. البعلي، عبد الحميد (أساسيات العمل المصرفي الإسلامي، الواقع والآفاق دراسة مقارنة للجوانب القانونية والمصرفية والفقهية) مكتبة وهبة، الطبعة الأولى ، سنة 1991.

–          ، (الملكية وضوابطها في الإسلام دراسة مقارنة )، مكتبة وهبة، سنة 1982.

– د. جمال ، غريب (المصارف والأعمال المصرفية في الشريعة الإسلامية والقانون) دار الاتحاد العربي للطباعة ، سنة 1972.

–          ( المصارف وبيوت التمويل الإسلامية) دار الشروق ، سنة 1978.

–          ، ( مدخل لدراسة المبادئ العامة للشريعة والقانون – المصارف المالية والمصارف وفقًا للنظام الاقتصادي الإسلامي) معهد الدراسات الإسلامية ، القاهرة ، سنة 1971.

– الدردير ، أبى البركات (الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك) تحقيق الدكتور مصطفى وصفى، دار المعارف، سنة 1973.

– د. الطحاوى، إبراهيم (الاقتصاد الإسلامي مذهبًا ونظامًا – دراسة مقارنة) مجمع البحوث الإسلامية ، الطبعة الأولى ، سنة 1974.

– د. العناني، حسن (التنمية الذاتية والمسئولية في الإسلام) الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية ، سنة 1980.

– الغزالي، محمد (كيف نتعامل مع القرآن – دراسة أجراها عمر عبيد) المعهد العالمي للفكر الإسلامي ، سنة 1981.

– د. العوضى، رفعت (نظرية التوزيع) مجمع البحوث الإسلامية ، سنة 1974.

– القرشي ، يحيي بن آدم (الخراج) المطبعة السلفية .

– الماوردي ، أبى الحسن البصري (الأحكام السلطانية) المكتبة التوفيقية ، سنة 1978 .

–          ، ( أدب الدنيا والدين) المكتبة الثقافية – بيروت .

– المصري ، عبد السميع (مقومات الاقتصاد الإسلامي) مكتبة وهبة، سنة 1975.

– د. حمد، أحمد (فقه الشركات – دراسة مقارنة) دار القلم، سنة 1984.

– حوى ، سعيد (الإسلام) مكتبة وهبة، سنة 1977.

– سلام، أبو عبيد قاسم(الأموال) مكتبة الكليات الأزهرية .

– د. شحاتة ، شوقى إسماعيل (نظرية المحاسبة المالية من منظور إسلامي) دار الزهراء للإعلام العربي، سنة 1987.

–          ، ( الإطار الإسلامي الشرعي للبنوك الإسلامية) دار الشروق، سنة 1977 .

– شلتوت ، محمود (الإسلام عقيدة وشريعة) .

– عاشور ، أحمد عيسى (الفقه الميسر في العبادات والمعاملات) مكتبة الاعتصام، الطبعة الرابعة، سنة 1978.

– د. عبد السلام، محمد سعيد (المحاسبة في الإسلام – دراسة مقارنة مع التطبيق على زكاة المال) دار البيان العربي، الطبعة الأولى ، سنة 1982 .

– د. عبده، عيسى (النظم المالية في الإسلام – دراسات وقراءات مقارنة) معهد الدراسات الإسلامية، القاهرة، سنة 1977 .

– د. عطية ، محمد كمال (محاسبة الشركات والمصارف في النظام الإسلامي) الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية ، سنة 1984.

– د. قاسم ، يوسف (التعامل التجاري في ميزان الشريعة ) دار النهضة العربية، سنة 1980 .

– د. ناصر ، صديق و د. محمد إبراهيم رابوى (المدخل إلى الاقتصاد الإسلامي ) كتاب ندوة الثقافة والعلوم،  دولة الإمارات .

– د. نعمان، فكري أحمد (النظرية الاقتصادية في الإٍسلام) دار القلم ، بيروت ، الطبعة الأولى ، سنة 1985.

مؤتمرات:

– بحوث مختارة من المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي – جامعة الملك عبد العزيز – الطبعة الأولى ، سنة 1980.

– بحوث مختارة من مؤتمر (الإدارة المالية في الإسلام ) المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية – مؤسسة آل البيت – عمان ، الأردن – 1990.

 

المراجع

(*) بحث مقدم إلى ندوة التربية الاقتصادية والإنمائية في الإسلام 27 – 28 يوليو 2002 م التي نظمها مركز صالح عبد الله كامل للاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر ومركز الدراسات المعرفية.

(**) أستاذ المحاسبة ووكيل كلية التجارة للدراسات العليا والبحوث، جامعة القاهرة – فرع بنى سويف .

(1) د. أبو زيد، حسن محمد حسين، دراسات في المراجعة، دار الثقافة العربية سنة 1988 ص 85 .

(1) د. عيسى أبو طبل، الاتجاهات الحديثة في الرقابة الخارجية على حسابات الشركات المساهمة، رسالة دكتوراه، كلية التجارة، جامعة القاهرة، سنة 1960 .

(1) IFAC., Guidelines on Professional Ethics for the Accounting Profession, IFAC., N,Y. 1985 .

(2) انظر : دستور مهنة المحاسبة والمراجعة المصري، نقابة المحاسبين والمراجعين المصرية سنة 1985 .

(3) AICPA, Auditing Standards Executive Committee Modification of Auditing Standards and Procedures, N. Y. AIPA .

(4) انظر : AICPA., Restructing Professional Standards to achieve Professional excellence in changing on Environment N. Y. 1987 .

– عوض لبيب فتح الله، دراسة مقارنة للتنظيم المهنى لمهنة المحاسبة والمراجعة في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وجمهورية مصر العربية بهدف وضع نموذج ملائم لتنظيم المهنة في مصر، رسالة دكتوراه، جامعة الإسكندرية ، 1993 .

(5( Institute of Chartered Accountants in England and Wales, New Guide to Professional Ethics, Accountancy, March, 1992 .

(1) مشروع ميثاق آداب وسلوكيات مهنة المحاسبة بجمهورية مصر العربية، المعهد المصري للمحاسبين والمراجعين، القاهرة، 1990.

(1) انظر : التقارير المالية المنشورة الأخيرة قبل أزمة بنك التجاريين المصري . كان يراقب حسابات البنك مكتب إبراهيم العشماوي وأحمد حكمت فهمي .

(2) انظر: لتقارير المالية المنشورة 88 – 1992 لبنك فيصل الإسلامي المصري وما بعدها ، كان يراقب حسابات البنك مكتب د. عيسى أبو طبل.

(1) انظر: التقارير المالية المنشورة لبنك دبي الإسلامي قبل وبعد أزمة بنك الاعتماد والتجارة والمعالجة المحاسبية الفعلية لتوزيع الخسائر، ويراقب حسابات البنك من وقتها وحتى الآن مكتب Ernest & Young .

(1) انظر: التقارير المالية المنشورة لكل من بنك الإمارات التجاري والبنك الاتحادى التجاري وبنك الخليج التجاري 80 – 1985 وما بعدها وتقرير المصرف المركزي لدولة الإمارات 1985 ، 1986 ومجلة المصارف العربية العدد 115 ، 1990 .

(2) انظر : مجلة المصارف العربية – اتحاد المصارف العربية، العدد 127 لسنة 1991 وأيضًا التقارير المالية المنشورة للبنك قبل 1989.

(3) انظر: التقارير المالية المنشورة لبنك المشرق ومجلة الإداري اختلاس (المشرق) بالوقائع والأرقام ، 1989 .

(4) انظر: الاقتصاد والأعمال (ندوة المخالفات المصرفية في عمان 1990) .

د. أسامة الأنصاري: (سبل حماية المودعين عند حدوث الأزمات المصرفية، نظام مقترح للتأمين على الودائع، مجلة العلوم الإدارية ، كلية التجارة، جامعة القاهرة فرع بني سويف، سنة 1993 .

(1) انظر :

ICAEW Auditing Practices Committe, Exposure draft of an Auditing Guidline “The Auditor’s Responsibility for Detecting and Reporting Fraud and other illegal Acts”, Accountancy 1988 .

– Hall, M. J. The BCCI Affairs  Banking World 1991 .

– مجلة المصارف العربية بيروت 1991 .

– BCCI, Annual Reports, England .

(2) محمد نبيل إبرهيم، القصة الكاملة لأزمة بنك بارنجز ودروس التجربة، مجلة المصارف العربية العدد 173 لسنة 1995 .

د. محسن الخضري، أزمة بنك بارنجز ، تحليل لما وراء البعد المستقبلي للأزمة، مجلة المصارف العربية سنة 1995 العدد السابق .

– Annual Reports of Baring Bank .

(1) – Taffler, R. J., Megg T., “The Audit going concern Qualification in Practice Exploding some Myths, The Accountant’s Magazine, July 1984. P. 264 .

(2) See : Annual Report of Islamic Banking System International Before 1987 .

وقد كان يراقب حساباته :

IBS. Holding Fiduciaire General – Luxembourg, IBS Finance,, Ebrahim Lumat, (CPA) N. Y.

ومكتب الأستاذ حسن سلطان بمصر والسعودية والسودان

وبالنسبة للشركات الأخرى التابعة له مكتب الأستاذ محمد عبد الله هلال .

(1) انظر: التقارير المالية المصرية لدار المال الإسلامي القابضة كمنولة الهامس يتبع مكتب مراقب الحسابات Price Waterhouse

(2) – Pomeranz, Felix “ The Successful Audit: New  Ways to Produce Risk Exposure and Increase Effiiciency “ Richard D. Irwin Inc., 1992

ومؤسسات الادخار والإقراض الفاشلة هي :

Coopers & Lybrand Ernest & Young, Touch Ross, Arther Young, Deloitte Haskins & sells, Peat Marwick .

(3) انظر: صادق حامد مصطفى ، نحو تضييق فجوة التوقعات في مهنة المراجعة – دراسة تحليلية نقدية مقارنة، مجلة المحاسبة والإدارة والتأمين، كلية التجارة – جامعة القاهرة ، سنة 1994.

– Russel, G., All Eyes on Accountants April 1986.

(4) د. صادق حامد مصطفى، مرجع سابق ص 56 .

(5) Dingell. J., Accountants must clean up their Accounting, Mangement Act., May 1985.

(3) انظر : د. البديوي، منصور (مهارات ومتطلبات العمل المحاسبي لمهنة المراجعة في القرن الحادي والعشرين) المؤتمر العلمي الثالث للمحاسبين المصريين بعنوان (احتياجات سوق العمل للتعليم المحاسبي في القرن الحادي والعشرين) الإسكندرية 1994 ص 7 .

(1) Ponemon, L., “Can Ethics be taught in Accounting” Journal of Acounting Education. Vol. II 1993.

(2) عبد المنعم ، خالد: (الإطار العلمي لمعايير التكوين الذاتي ومسئولية مراقب الحسابات بين النظم الوضعية والفكر الإسلامي) رسالة دكتوراه، كلية التجارة جامعة القاهرة، سنة 1996 .

(1) المرجع السابق .

(2) انظر: د. البديوي ، منصور ، مرجع سابق

– Kanes, A., & Sterner J. “The Role of Ethics in Accounting Education” The Act. Education, Journal of Fall 1988. AAA “Committee to Compile a Revised Statement of Educational Policy” .” A Restatement of matters relating to Education Policy. “ Supplement to the Act. Review, 1968.

– AAA, Committee on the future Structure,  Content and a cope of Accounting Education  the Bedford Committee, Issues in Accounting Education . Spring 1986 .

(1) – See : Kanes. A., op. cit. – Cohen, J. & Pant L. “Accounting Educator’s preceptions of Ethics in the Curriculum” Issues in Act. Education Spring 1989.

– Armstrong M.B.& Mintz S. M. “ Ethics Education in Accounting” Journal of Act. Education, 1989.

(2) د. البديوي، منصور: مرجع سابق ص 9 .

(1) المرجع السابق ص 10

(2) Loeb, S.E. “Teaching Students Accounting Ethics : Some Critical Issues :Issues in Act. Education,, Fall 1988.

(3) – Armstrong, M. B. “ Ethics and Professionalism in Act. Education: A Sample Course”, Journal of Act., Education 1993 .

(1) د. البديوي: مرجع سابق ص 10 .

(2) د. حسن العناني (التنمية الذاتية والمسئولية في الإسلام) الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية ، سنة 1980، ص 42.

(1) الأستاذ محمد أبو زهرة : (في المجتمع الإسلامي) دار الفكر العربي ، ص 13 .

(1) Hove. M.R. “Accounting Practices in developing countries : Colonialism’s legacy of Inappropriate Technologies” International Journal of Act. Fall 1985p. 145.

(2) د. وائل الراشد (تعليم المحاسبة في الدول النامية) مؤتمر احتياجات سوق العمل للتعليم المحاسبي للقرن الحادي العشرين ، الجمعية العلمية للمحاسبة والنظم والمراجعة، الأسكندرية ، سنة 1994 ، ص 11 – 15 .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر