أبحاث

محددات دور الدولة في توزيع الزكاة وآثارها الاقتصادية

العدد 98

مقدمة :

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، محمد بن عبد الله وآله وصحبه .. وبعد .

فيمكن القول: إن من أهداف فريضة الزكاة حال تطبيقها تطهير المجتمع الإسلامي وتزكيته ؛ وذلك كما يشير إليه قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (سورة التوبة :103).

ولقد توارد هذا المعنى في كثير من كتب التفسير، وعكستها رؤى كثير من الباحثين . فالإمام القرطبي –  رحمه الله –  على سبيل المثال –  يشير في تفسيره إلى أن التطهير والتزكية صفتان للزكاة، إذ يقول: «تطهرهم وتزكيهم بها حالان من المخاطب، والتقدير : خذها مطهرًا لهم ومزكيًا لهم بها، ويجوز أن يجعلهما صفتين للصدقة، أي صدقة مطهرة لهم مزكية»(1).

وحول معنى التطهير والتزكية يقول الإمام الرازي –  رحمه الله –  : « وإنما حسن جعل الصدقة مطهرة لما جاء أن الصدقة أوساخ الناس ، فإذا أخذت الصدقة فقد اندفعت تلك الأوساخ …

«واعلم أن التزكية لما كانت معطوفة على التطهير وجب حصول المغايرة ، فقيل : التزكية مبالغة في التطهير ، وقيل: التزكية بمعنى الإنماء ، والمعنى أنه تعالى يجعل النقصان الحاصل بسبب إخراج قدر الزكاة سببًا للنماء »(2) .

والواقع أن تعبيري «التطهير» و«التزكية» يوحيان بالكثير من المعاني العميقة الأثر في وجدان القلوب الصافية في المجتمع الإسلامي . وبالنسبة للتطهير يمكن القول: إنه إشارة إلى كون الزكاة علاجًا لأمراض قلوب الفريقين : الأغنياء والفقراء على حد سواء . فدفع الأغنياء لزكاة أموالهم يمثل علاجًا للآثار السلبية لغريزة حب التملك «حب المال» وعلى رأس هذه الآثار أمراض الشح والبخل .

وبالنسبة للفقراء ففي تلقيهم للزكاة استئصال –  أو على الأقل مقاومة –  للآثار السيئة للفقر والحرمان ، وعلى رأس هذه الآثار الحقد والحسد . يؤكد أحد الباحثين هذه الرؤية؛ إذ يقول: «الزكاة .. طهارة لمن يقدمها .. من أمراض عديدة ترتبط بمرض الشح أو يتقدم عليها.. وطهارة لمن يتلقاها من أمراض ترتبط بمرض الحقد ، وهو أسوأ أمراض المجتمع أو يتقدم عليها »(3) .

هذا وعلى الرغم من أن هدف التطهير ذو طبيعة اجتماعية إلا أنه يمكن القول: إن له مردودًا اقتصاديًّا كبيرًا . ذلك أن مجتمعًا خاليًا من البخل والشح والحقد والحسد ويسوده التراحم والعدل والإحسان من شأنه أن يكون متماسك البنيان وأن يشعر أفراده بالأمن والأمان، ومن ثم فكل فرد سوي سيبذل قصارى جهده وملكاته في عمله مراقبًا ربه في سره وعلانيته .

يشير أحد الكُتَّاب إلى هذا المعنى قائلاً: «فالشريعة الإسلامية الغراء قد نظمت تعامل الفرد مع المجتمع على أسس توفر العدل والمساواة والأمن والأمان .. فالمجتمع الذي يأمن أفراده على دمهم ومالهم وعرضهم هو مجتمع فاضل ينعم أفراده بالطمأنينة والسلام ، كما أن شعور أفراده بالعدل والمساواة من أهم الأسس التى يمكن أن يقوم عليها الإبداع في كل من العمل الذهني والعمل البدني لأفراد المجتمع(4)» .

وأما تعبير «التزكية» الذي ورد معناه بما يفيد النماء فهو ذو مدلول اقتصادي يشير إلى إمكانية تحقيق ارتفاع – وبشكل مستمر –  في المتغيرات الاقتصادية التى تؤثر –  بشكل إيجابي –  على مستوى الرفاهة الاقتصادية العامة، مثل: حجم الإنتاج القومي ، وحجم الاستهلاك القومي ، وحجم التراكم الرأسمالي ، ومستويات العمالة ، وإنتاجية عوامل الإنتاج بصفة عامة، وإنتاجية العامل بصفة خاصة ، وتقليل الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وتقليل نسبة الفقراء بصفة خاصة ، وذلك راجع إلى طابع الدورية الذي تتميز به فريضة الزكاة .

يقول أحد المفكرين –  حول هذا المعنى –  : « إن الأسلوب الفريد الذي تتعامل به فريضة الزكاة مع مشكلة الفقر يمكن أن يؤدى خلال فترة معينة إلى تراجع ظاهرة الفقر تدريجيًّا ثم اختفائها(5) .

هذا ونظرًا لأهمية الدور المنوط بفريضة الزكاة فقد جعل جمهور العلماء أمر جباية الزكاة وتوزيعها في مصارفها المحددة من الواجبات الشرعية الملقاة على عاتق ولي الأمر ، مستنبطين ذلك من قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} (سورة التوبة :103) .

وعلى سبيل المثال فقد جعل الإمام الماوردي(6) وكــذلك الحافظ البلاطنسي(7) من وظيفة جباية الزكاة ووظيفة توزيعها الوظيفة السابعة والوظيفة الثامنة في ترتيب الوظائف العامة المكلف بها شرعًا ولي الأمر .

يقول الحافظ البلاطنسي في بيان ما يلزم الإمام القيام به :

السابع : جباية الفيء والصدقات على ما أوجبه الشارع نصًّا واجتهادًا .

الثامن : تقدير العطايا وما يستحق في «بيت» المال من غير سرف ولا تقتير.

هذا ويمكن القول: إن هذا البحث ينطلق من الفرضية التالية :

إن تحقيق أهداف الزكاة عامة، والأهداف الاقتصادية خاصة منوط بشرطين:

الأول : قيام الدولة بواجب جباية الزكاة وتوزيعها باعتبارها أقدر من الأفراد والمؤسسات الخيرية على القيام بهذه الوظائف .

الثاني : وجود تنسيق مناسب بين أطراف الأمة الإسلامية فيما يتعلق بمعايير توزيع الزكاة .

وفي هذا الصدد فإن الباحث يزعم أن من أهم أسباب انتشار الفقر وازدياد حدته على مستوى العالم الإسلامي يرجع إلى افتقاد هذين الشرطين.

هذا، ولقد قسم هذا البحث طبقًا للخطة التالية :

المبحث الأول : محددات دور الدولة في توزيع الزكاة .

المبحث الثاني : الآثار الاقتصادية لمحددات دور الدولة في توزيع الزكاة .

خاتمة

نتائج وتوصيات

المبحث الأول

محددات دور الدولة في توزيع الزكاة

قبل الدخول في مناقشة هذه المحددات التى تحكم دور الدولة في توزيع الزكاة فإنه يمكن تقسيم هذه المحددات إلى:

أ –  محددات عامة :

وهي عبارة عن الشروط العامة التى يجب توافرها فيمن يستفيدون من موارد الزكاة .

ب –  محددات خاصة :

وهي عبارة عن شروط أو معايير أو مبادئ معينة يخضع لها –  ليس كل المصارف على الإطلاق وإنما –  مصارف معينة، كما سنرى فيما بعد .

أولا : المحددات العامة لدور الدولة في توزيع الزكاة :

يمكن القول: إن دور الدولة في توزيع الزكاة إنما تحكمه أيضًا المحددات العامة التالية :

1-  أنه لا يأخذ من أموال الزكاة إلا من يكون داخلاً –  على الأقل –  في صنف من الأصناف الثمانية المحددة على وجه الحصر بقوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَــــةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيم} (سورة التوبة:60)

ولقد حكى الفخر الرازي الإجماع على ذلك الحكم، إذ قال: «إنه لا حق في الزكاة إلا لهذه الأصناف الثمانية، وذلك مجمع عليه»(8) .

2-  أنه لابد من توافر شرط الإسلام في المستحق للزكاة، فهذا ما أشارت إليه كثيرٌ من كتب التراث الفقهي ؛ وعلى سبيل المثال قال الفخر الرازي: «لا يجوز صرف الزكاة إلى الفقراء والمساكين وغيرهم إلا إذا كانوا مسلمين»(9) كذلك ذكر مصنف الشرح الكبير: قال الشيخ – رحمه الله -: لا نعلم خلافًا بين أهل العلم في أن زكاة المال لا تعطى لكافر . قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن الذمي لا يُعطى من زكاة المال شيئًا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه : «أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم»(10) .

ومع ذلك فهناك خلاف فقهي فيما يتعلق بالمؤلفة قلوبهم من الكفار .

ثانيًا : المحددات الخاصة التى تحكم دور الدولة في توزيع الزكاة :

يقصد بهذه المحددات الخاصة تلك الشروط التى يجب مراعاتها في كل مصرف على حدة من مصارف الزكاة الثمانية. هذا ويمكن القول: إن مصارف الزكاة نفسها يمكن تصنيفها –  حسب معايير معينة –  إلى مجموعتين وربما أكثر، وذلك حسب المعيار موضع الاعتبار . وفي هذا الصدد تختلف رؤى الباحثين حول هذه المعايير التى تصنف على أساسها مصارف الزكاة . وعلى سبيل المثال من الباحثين(11) من يقسم مصارف الزكاة إلى مجموعتين طبقًا لمعيار الشيوع أو الانتشار ، حيث تشمل المجموعة الأولى المصارف الأكثر شيوعًا، وهي مصارف الفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم . أما المجموعة الثانية فتشمل المصارف الأقل شيوعًا وهي مصارف في الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل .

كذلك من الباحثين(12) من يقسم مصارف الزكاة –  طبقًا لمعياري الحاجة والمصلحة العامة –  إلى قسمين : القسم الأول يشمل المصارف التى يجمعها معيار الحاجة، وهي مصارف : الفقراء والمساكين، وفي الرقاب، والغارمين، وابن السبيل . أما القسم الثاني فيشمل المصارف التى يجمعها معيار المصلحة العامة، وهي مصارف : العاملين عليها، والمؤلفة قلوبهم، وفي سبيل الله .

هذا ويتبنى الباحث وجهة النظر الأخيرة مع فارق بسيط، وهو أن المصارف التى تجمعها خاصية أو معيار الحاجة الدائمة –  الفقراء والمساكين –  وكذلك أصحـــــاب الحاجات الطارئة (المؤقتة) وهم : في الرقاب والغارمون وابن السبيل يخضعون من الناحية التنظيمية لمبدأ المحلية ؛ ومع ذلك يمكن القول: إنه نظرًا لانقطاع الرق في الوقت الراهن فإن مصرف «في الرقاب» يمكن أن يدخل في نطاق الطائفة التى تجمعها خاصية المصلحة العامة .

وهكذا يمكن القول: إن مجموعة المصارف التى يجمعها معيار المصلحة العامة تشمل المصارف التالية : العاملين عليها، والمؤلفة قلوبهم، وفي الرقاب، وفي سبيل الله ، ومن الناحية التنظيمية تخضع هذه المجموعة لمبدأ السياسة المركزية ، وذلك باعتبار أن ولى الأمر هو الأقدر بشكل ملحوظ –  مقارنة بالأفراد أو الجمعيات الخيرية –  على القيام بحق هذه المصارف وتحقيق المصالح المنوطة بها كما سنرى فيما بعد .

وهذا، ويمكن استعراض المحددات الخاصة كما يلي :

أ –  محددات المصارف التى تخضع للسياسة المركزية:

1 ـ بالنسبة لمصرف «العاملين عليها»:

يجب علي الدولة تحديد الحجم المناسب للقوى العاملة لإدارة شئون الزكاة جمعاً وتسجيلاً وتصريفاً أو توزيعاً ؛ وذلك أخذاً في الحسبان الاعتبارات التالية :

( أ ) مراعاة شرط الإسلام ، فقد روي أبو عبيد بسنده عن ابن سيرين أنه قال: كنت عند ابن عمر – رضي الله عنهما – فقال رجل ندفع زكاة أموالنا إلىعمالنا ؟ فقال: نعم فقال: إن عمالنا كفار (وكان ابن  زياد يستعمل الكفار) فقـال: لا تـدفعـوا صـدقاتكم إلى الكفـار(13)، كذلك فقد أنكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه على أبي موسى لتوليته الكتـابة نصرانيًّا ، وقـال « لا تأمنوهم وقد خونهم الله » .

(ب) البلوغ والعقل والأمانة؛ لأن هذا العمل نوع من الولاية العامة(14) .

(ج) العلم بأحكام الزكاة، وبصفة خاصة إذا كان مفوضًا في جمع أو صرف الزكاة (15) .

(د) أنه يتضح من التراث الفقهي (16) ترجيح الرؤية القائلة: إن ما يتقاضاه العامل على الزكاة هو أجر وليس استحقاق حاجة، وذلك لأن العامل يستحقه حتى ولو كان غنيًّا(*) .

هذا ويمكن القول: إن جوهر القضية يكمن فيما إذا كان هذا الأجر يتحدد بكفاية العامل مطلقًا أو يتحدد بحيث لا يزيد نصيب العاملين عليها عن ثمن حصيلة الزكاة . بالرأي الأول قال أبو حنيفة(17) وبعض فقهاء الحنابلة(18) كابن قدامة ، وبالرأي الثاني قال الشافعي. والذي يرجحه الباحث – كحل وسط – وهو أن يتحدد نصيب العامل عليها بقدر الكفاية أو أجر المثل، ولكن بحيث لا يزيد ما يصرف للعاملين عليها جميعًا على ثُمْن الحصيلة . ومعنى ذلك أنه لا تخضع مرتبات العاملين عليها لمبدأ العلاوات أو الحوافز السنوية كما هو شأن مرتبات باقي موظفي الدولة إلا إذا سمح ثمن حصيلة الزكاة بهذه الزيادات .

تؤكد إحدى الباحثات هذا الرأي فتقول «ومن هنا تغاير العمالة على الزكاة غيرها من الأعمال التي تمنح لها الدولة الحوافز والعلاوات .. ولكن إذا تطوعت الدولة ومنحته ( أي العامل ما تمنح به سائر العاملين في القطاعات المختلفة) من حوافز وعلاوات فليكن ذلك خارج أموال الزكاة .. حفاظًا على حق سائر المستحقين وإلا وصلنا إلى استغراق العاملين لأموال الزكاة دون غيرهم» (19).

إذًا .. فإذا راعت الدولة هذه الاعتبارات في تحديد حجم العماله اللازمة لمرفق الزكاة جمعًا وتوزيعًا فمن المتوقع ألا تزيد تكلفة العاملين عليها عن 12,5% من حصيلة الزكاة كحد أقصي مما يعكس مبدأ الاقتصاد في النفقات كأحد المبادئ التي توصف بها الضريبة الجيدة .

هذا، وقد يقال: إن قيام أرباب الأموال أنفسهم بتوزيع زكاة أموالهم يوفر كثيرًا لصالح المصارف الأخرى . قد تكون هذه ميزة ، ولكن تضيع أمام هذه الميزة من المزايا الناتجة عن قيام الدولة بتحصيل الزكاة والتي تنعكس إيجابيًّا على حجم الحصيلة نتيجة لضعف الوازع الديني لدى كثير من المسلمين وقلة دراية كثير منهم بأحكام الزكاة، وسوء فهم بعضهم وخلطهم بين الزكاة والضرائب التي قد تفرضها الدولة لغرض ما . كذلك يترتب على قيام أرباب الأموال بتوزيع زكاة أموالهم فقدان المزايا العظيمة التي غالبًا ما تنشأ عن قيام الدولة بتوزيع الزكاة، كما سنرى عما قليل، وبعبارة أخرى سينشأ عن قيام الأفراد بتوزيع زكاة أموالهم مساوئ اقتصادية يصعب التغاضي عنها .

2 – بالنسبة لمصرف «المؤلفة قلوبهم»:

وهم – كما يتضح من التراث الفقهي(20)- أصناف عديدة؛ فصنف كان يعطى برجاء إسلامه، وصنف كان يعطى لجلب مصلحة للأمة وللدين كأن يكون سيدًا مطاعًا في قومه ولا يمكن تحصيل الزكاة منهم إلا بنفوذه فيهم وسيطرته عليهم ، وصنف كان يعطى اتقاء لشره.

وفي جميع الأحوال يصعب على المسلم رب المال أن يخرج جزءًا من زكاة ماله لمثل هذا المصرف الذي كما يقول بعض الباحثين(21): «إنه يتصل بسياسة الدولة الداخلية والخارجية وما تمليه مصلحة الدين والأمة»، ولكن الدولة – من خلال ولي الأمر المجتهد – هي الأقدر والأكفأ في تقدير هذه المصالح وتحقيقها لما تملكه من أجهزة علمية وفنية ومعلوماتية لا تتاح غالبًا للفرد العادي، ومن ثم فهي التي تقرر الصرف ومقداره أو تقرر عدمه بالمرة ، وبطبيعة الحال لو اجتهد الإمام وقدر عدم الصرف – كما فعل أبو بكر وعمر وغيرهم من الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم أجمعين – فإن من شأن ذلك أن يعود بالنفع على أصحاب الحاجات الأشد استحقاقًا وبالتالي سيكون له آثارٌ اقتصادية عديدة كما سنرى في المبحث الثاني.

ومن الناحية الأخرى فإذا اجتهد الإمام وقرر الصرف إليهم فغالبًا ما يترتب على ذلك توفير الأمن الداخلي والخارجي للدولة أو تقليلٌ لخسائر الحرب إذا فرضت على المسلمين، نظرًا لما يترتب على ذلك تأليف قلوب بعض الأعداء وكسب تأييدهم لصالح المسلمين، فهذا الوضع بجانبيه السياسي والعسكري يكون له غالبًا أثره الاقتصادي.

3 – بالنسبة لمصرف «في الرقاب»:

المفهوم التقليدي لهذا المصرف يعني استخدام جزء من حصيلة الزكاة في فك رقاب العبيد من ذل عبودية الإنسان للإنسان . هذا وقد يكون من المـمكن -إبّان عهد العبودية – أن يصرف أرباب أموال الزكاة جزءًا من زكاة أموالهم في شراء العبيد وإعتاقها، إلا أنه بعد انتهاء عهد الرق – بمقتضى المعاهدات الدولية- فإن الدولة وليس الأفراد هي الأقدر على الاجتهاد في البحث عن تطبيقات معاصرة بديلة، وهناك – على سبيل المثال – من ينادي باستخدام جزء من حصيلة الزكاة في فك أسرى الحرب كبديل عن فك الرقاب. على كل فالمسألة موضع خلاف بين الفقهاء(22) ولكن لولي الأمر أن يختار اجتهادًا من بين الآراء ما يحقق مصالح الدين والأمة.

وعلى كلا الاحتمالين – الصرف أو عدمه – هناك منافع اقتصادية متوقعة.

ففي حالة عدم الصرف – فقد سبقت الإشارة – أن ذلك يعود بالنفع على أصحاب الحاجات الأشد، وفي حالة الصرف فإن معنى ذلك أن هناك طاقة عمل محبوسة في أيدي العدو وتخليصها منه يعني – غالبًا – إضافة حقيقية إلى قوة العمل للدولة الإسلامية، خاصة وأن الأسرى في هذه الأيام هم في فترة الشباب التي تتسم بالقدرات البدنية العالية والملكات العقلية الكاملة، وبالتالي فيمكن الاستفادة بهم في مجالات الإنتاج المناسبة داخل الدولة أو على مستوى الأمة الإسلامية.

4 – بالنسبة لمصرف «في سبيل الله»:

طبقًا لما يشير إليه الاتجاه الفقهي السائد فإن المقصود بهذا المصرف هو تجهيز الغزاة بما يحتاجون من سلاح وعتاد وضروريات العيش، ولكن بشرط أن يكونوا منقطعين للجهاد وليس لهم راتب ثابت(23) .

والآن … فإذا أصبحت لكل دولة جيوشها وأنظمتها العسكرية فكيف يستطيع أرباب الأموال أن يخرجوا زكاة أموالهم لهذا الصنف. أما الدولة فهي الأكفأ والأقدر في تقدير المصلحة والموازنة بين تخصيص جزء من حصيلة الزكاة التي جمعتها للإنفاق العسكري وبين مراعاة الاحتياجات الأخرى أو المصارف الأخرى، أخذًا في الحسبان الظروف الأمنية والعسكرية التي تمر بها البلاد ، وما إذا كان بيت مال المصــالح (بيت مال الفيء) كافيًا أو غير كاف للقيام بهذا الغرض.

هذا وهناك من الكتابات الفكرية(24) ما يشير إلى أن من التطبيقات المعاصرة لهذا المصرف إعانة المجاهدين – لا بسيوفهم ولكن – من خلال فكرهم وعلمهم دفاعًا عن الإسلام في المحافل العلمية والفكرية -المحلية والدولية- وصد هذه الهجمات الفكرية الشرسة التي يشنها العلمانيون والمستشرقون وأصحاب الفكر المنحرف للنيل من الإسلام وعظمته.

ولعل من نافلة القول أن الحاكم هو الذي يقرر بناءً على اجتهاده الشخصي الاختيار بين الآراء الفقهية التي يراها مناسبة من حيث الصرف أو عدمه إعمالاً لمبدأ الأهم فالأقل أهمية في مراعاة مصارف الزكاة.

ب – محددات المصارف التي تخضع لمبدأ المحلية:

لقد سبقت الإشارة إلى أن المصارف التي تخضع من الناحية التنظيمية لمبدأ المحلية هي المصارف الأربعة التي تجمعها خاصية الحاجة، وهم : الفقراء والمساكين والغارمون وابن السبيل؛ ومع ذلك يمكن القول أن المصرفَين الأولين يجمع بينهما معيار الحاجة الدائمة أو خاصية الفقر طويل المدى نسبيًّا، بمعنى أن وجودهما لا ينقطع على مدار الزمن، ولا يخلو من وجودهما كلُ بلد غالبًا، فهناك دائمًا جنس الفقراء والمساكين في كل زمان وفي كل مكان في أغلب الأحوال. كذلك فإن تغير الحال من الفقر إلى الغنى مسألة تستغرق وقتًا طويلاً نسبيًّا في العادة.

هذا وبمناسبة تعريف من هو الفقير ومن هو المسكين، فإن الباحث لا يعول كثيرًا على هذه القضية التي اختلف حولها الفقهاءُ كثيرًا وإنما الأهم على مستوى هذا البحث هو إدراك أن أحدهما – دون تحديد ماهيته – أشد حاجة من الآخر، وأن كليهما يعتبر فقيرًا بالمعنى الواسع للكلمة.

هذا ويعني مبدأ المحلية بالنسبة لهذين المصرفين أن فقراء كل بلد أولى من غيرهم بزكاة بلدهم، ولعل هذا هو مدلول قول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذٍ رضي الله عنه : «أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم»(25)، وبالتالي فلا يجوز نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر أو إلى الحكومة المركزية – حسب اجتهاد ولي الأمر – إلا بعد استيفاء فقراء بلد الزكاة حاجتهم.

فقد أخرج أبو عبيد(26) بسنده عن عمر بن شعيب «أن معاذًا لم يزل بالجند إذ بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه ثم قدم على عمر رضي الله عنه فرده على ما كان عليه فبعث إليه معاذٌ بثلث صدقة الناس فأنكر ذلك عمر وقال: لم أبعثك جابيًا، ولا آخذ جزية، ولكن بعثتك لتأخذ من أغنياء الناس فتردها على فقرائهم، فقال معاذٌ: ما بعثت إليك بشيء وأنا أجد أحدًا يأخذه مني، فلما كان العام الثاني بعث إليه بشطر الصدقة، فتراجعا بمثل ذلك، فلما كان العام الثالث بعث إليه بها كلها فراجعه عمر بمثل ما راجعه قبل، فقال معاذ: ما وجدت أحدًا يأخذ مني شيئًا».

على أنه ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار أن حاجات البشر ليست بدرجة واحدة من الشدة، فالتراث الفقهي(27) يشير إلى ثلاثة مستويات من الحاجات:

( أ ) الحد الأدنى من الضروريات.

(ب) الحد الأدنى من الحاجيات.

(جـ) الحد الأدنى من الكماليات.

كما أن محتويات كل مستوى من المستويات الثلاثة ليست ثابتة وإنما قد تختلف محتويات كلُ مستوى باختلاف الزمان والمكان ، ولكن ما من شك في أن الهدف من كل مستوى واحد ؛ فمستوى الضروريات يهدف إلى الحفاظ على نفس الإنسان ، بينما الهدف من المستوى الثاني هو رفع المشقة من حياة الإنسان، أما الهدف من المستوى الثالث فيشمل ما فوق ذلك من التمتع بالطيبات عند الحد الأدنى ودون الإسراف كحد أعلى .

إذا .. فمن الممكن أن تكون حصيلة الزكاة في بلد ما كافية لتوفير مستوى الضروريات لفقرائها، ولكن فائض حصيلة الزكاة فوق ذلك المستوى غير كاف لإشباع مستوى الحاجيات في ذلك البلد، فإذا افترضنا أن هناك بلدًا آخر يعاني المجاعة ، فإنه يجوز لولي الأمر أن ينقل ذلك الفائض من بلد الزكاة إلى بلد المجاعة ، فقد جاء عن سحنون أنه قال: «ولو بلغ الإمام أن في بعض البلاد حاجة شديدة جاز له نقل بعض الصدقة المستحقة لغيره له» (28) ويقول مالك عن سياسة الإمام في توزيع الزكاة: «ويتحرى موضع الحاجة منهم ويقدم الأولى فالأولى» (29) .

إذًا … فالإمام مخاطب ببذل الجهد فيما يتعلق بتوزيع الزكاة، سواء داخل بلد الزكاة أو خارجه ، ومما يجدر ذكره أنه إذا كان الفقه الشافعي يعارض نقل الزكاة من بلدها فإنما ذلك الاعتراض قاصر على حالة كون الأفراد هم الذين يتولون زكاة أموالهم ، وأما إذا كان الإمام هو الذي يفعل ذلك فلا اعتراض، قال مصنف المهذب في الفقه الشافعي: «إن كان الإمام أذن للساعي في تفريقها فرقها، وإن لم يأذن له حملها إلى الإمام»، قال الإمام النووي شارحًا عبارة المهذب: «اعلم أن عبارة المصنف تقتضي جواز نقل الزكاة للإمام وللساعي، وأن الخلاف المشهور في نقل الزكـاة إنما هو في نقل رب المال خاصة»(30).

هذا، ويقتضي تطبيق مبدأ محلية الزكاة من حيث الاستحقاق أن تقوم الدولة بإجراءات تنظيمية عديدة أهمها ما يلي :

(أ) إجراء حصر شامل لجميع المستحقين، كل حسب محل إقامته وطبقًا لأصغر نطاق إداري ممكن للزكاة ( نجع ـ قرية ـ مركز ـ محافظة ) .

(ب) إجراء الحسابات الاقتصادية حول تكاليف معيشة الضروريات والحاجيات على مستوى الفرد في المتوسط وعلى مستوى الأسرة المكونة من (اثنين + طفل) أو (اثنين + طفلين) أو (اثنين + 3 أطفال) وهكذا .

(حـ ) إجراء ترتيب بين المستحقين طبقًا لمعيار الحاجة على مستوى أصغر وحدة إدارية للزكاة ثم تصاعديًّا حتى نصل إلى المستوى القومي ، وذلك حتى يتم توزيع الزكاة حسب معيار أولوية الحاجات ، وبالتالي يكون مستوى معيشة الفقراء متساويًا أو على الأقل متقاربًا، وليس متفاوتًا بشكل ملحوظ نتيجة لازدواجية الانتفاع، مثلاً مع إمكانية حرمان البعض منهم بسبب تعففهم أو الجهل بحالهم ، خصوصًا إذا تولى أرباب أموال الزكاة توزيع الزكاة بأنفسهم .

(د) إجراء حصر شامل لحجم المتعطلين من مستحقي الزكاة وتصنيفهم   حسب مهنهم وتحليل أسباب تعطلهم وذلك تمهيدًا لإعادة تأهليهم من أموال الزكاة .

هذا وجدير بالملاحظة أن البطالة الاختيارية لا تؤهل الإنسان لاستحقاق الزكاة ، فإذا توقف الفرد القادر على العمل عن ا لبحث عن مصادر رزقه لسبب أو لآخر حتى ولو كان السبب انقطاعه للعبادة فليس له نصيب من أموال الزكاة؛ وذلك لأنه مأمور بالعمل والبحث عن مصادر الرزق المناسبة بمقتضى قوله تعالى: { فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلـُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُور } ( سورة الملك : 15 ) .

وقوله تعالى  {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ } (سورة الجمعة : 10 ) .

ولذلك نقل عن الفقهاء قولهم: «إذا تفرغ إنسان قادر على الكسب لعبادة الله تعالى بالصلاة والصيام ونحوهما من نوافل العبادات لا يعطى من الزكاة ولا تحل له؛ لأن مصلحة عبادته قاصرة عليه»(31).

(هـ ) القيام بأعمال التنسيق مع الإدارات العامة المركزية للزكاة لمختلف الدول الإسلامية ؛ وذلك لمواجهة مشاكل القحط والجفاف والكوارث الطبيعية أو لتوفير مستوى معيشي متقارب للفقراء على مستوى الأمة الإسلامية؛ ولذلك يمكن القول: إنه عن طريق التنسيق بين أطراف الأمة الإسلامية أن مستويات المعيشة بين فقراء الأمة الإسلامية تكون متقاربة أيضًا وليست متفاوتة بشكل ملحوظ بسبب أن فقراء دولة ما من الدول الإسلامية قد يتمتعون بمستوى معيشة مرتفع؛ لأن حصيلة الزكاة لديهم غزيرة نسبيًّا بسبب تقدم اقتصاد تلك البلاد وارتفاع مستويات الدخل القومي فيها .

وهكذا يمكن القول: إن رؤية الباحث في هذا الصدد تختلف عن رؤية بعض الكتاب أو الباحثين(32) في الاقتصاد الإسلامي والتي خلاصتها أن مستوي معيشة فقراء كل بلد يتحدد في إطار متوسط المعيشة السائد في ذلك البلد ، ومعنى ذلك أن فقراء البلد الإسلامي الفقير يتمتعون بمستوى معيشة أقل من مستوى معيشة فقراء البلد الإسلامي الغني ؛ فمثل هذه الرؤية تتصف بالانعزالية، وقد تتضمن انفصام أطراف الأمة الإسلامية بعضها عن بعض مع أن الله سبحانه وتعالى يقول: { إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُون } ( سورة الأنبياء : 92) .

ومع ذلك فإنه من الإنصاف القول بأن تلك الرؤية قد دعت إلى قيام الدول الإسلامية الغنية بمساعدة الدول الإسلامية الفقيرة وتوفير ضروريات الحياة لفقرائها .

يشير الإمام النووي إلى هذه الواجبات التنظيمية الملقاة على عاتق ولي الأمر إذ يقول: «ينبغي للإمام والساعي وكل من يفوض إليه أمر تفريق الصدقات أن يعتني بضبط المستحقين ، ومعرفة أعدادهم ومقدار حاجاتهم بحيث يقع الفراغ من جميع الصدقات بعد معرفتهم أو معها ليتعجل حقوقهم وليأمن هلاك المال عنده» (33)  .

وهكذا يمكن أن نخلص إلى نتيجة مفادها أنه على الرغم من أن محلية الاستحقاق هي الأصل في توزيع الزكاة، إلا أن الإمام مكلف شرعاً ببذل أقصى جهد ممكن في توزيعها بحيث يكفل توفير الحاجات حسب أهميتها على مستوى أقاليم الدولة الإسلامية الواحدة، وأن أولي الأمر على مستوى الأمة الإسلامية مكلفون بتحقيق مستوى معيشي متقارب للفقراء على مستوى الأمة الإسلامية .

أما بالنسبة للمصرفين الآخرين الغارمين وابن السبيل (خاصية الحاجة الطارئة أو المؤقتة) فإنه يندر وجودهما في كل بلد عادة . هذا ويمكن عرض محددات الاستحقاق لكل منهما كما يلي : ـ

( أ ) بالنسبة لمصرف الغارمين :

وهم الذين ركبهم الــدين ولا وفــاء(34) عندهم . وينقسم صنف الغارمين إلى قسمين :

1- غارم من أجل إشباع حاجته ومن يعول ، وهذا يشترط لكي يعطى من أموال الزكاة شروط منها (35) :

ـ أن يكون الدين حالاًّ .

ـ ألا يكون لديه بعد إشباع حوائجه الأصلية مال يكفي لسداد دينه .

ـ ألا يكون سبب الدين معصية أو نتيجة إسراف، إلا إذا غلب على الظن توبته .

ـ أن يكون الدين مما يستوجب الحبس .

وإذًا .. فالصرف بناء على هذه الشروط له مزايا وآثار اقتصادية عظيمة، منها محاربة كل مظاهر السرف والإنفاق على المحرمات وتقويم لسلوك المسلم من الناحية الاقتصادية ، ومن ثم سيستفيد المسلم من حسن إدارته أمواله، وكذلك يستفيد المجتمع بشكل غير مباشر، وذلك عن طريق استغلال موارده البشرية والاقتصادية بشكل أفضل .

كذلك فإن وجود مصرف دائم بدوام المستحقين له بهذه الشروط من شأنه أن يدعم الثقة بين الأغنياء والفقراء، وبالتالي يزداد حجم القرض الحسن، ومن ثم يعتبر هذا المصرف إحدى الوسائل الفعالة -عمليًّا- في محاربة ظاهرة الربا الذي يعتبر إحدى الكبائر التي تستوجب غضب الله تعالى، وبسببه تهدد أمن المجتمع بحرب مـن الله ورسولـه ، فقــال تعــــالى : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (سورة البقرة : 278: 279 ) .

2- غارم استدان من أجل مصلحة عامة كإصلاح ذات البين ، وهذا ينبغي أن يعان إذا كان ما تحمله من دين للإصلاح يذهب بماله؛ ولذلك فإنه يعطى من مال الزكاة حتى ولو كان غنيًّا . ولقد احتج من رأى هذا الرأي وهم الشافعية والحنابلة(36)  بحديث قبيصة بن مخارق؛ إذ قال «تحملت حمالة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم أسأله فيها فقال : أقم حتي تأتينا الصدقة فنأمر لك بها، ثم قال يا قبيصة .. إن المسألة لا تحل لأحد إلا لثلاثة : رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك… إلخ» الحديث .

إذًا .. فالفرد أم الدولة أقدر على مراعاة هذه الشروط عند الصرف بهذه المصارف من مصارف الزكاة أخذاً في الحسبان حصيلة الزكاة ومراعاة الحاجات الأولى ؟!!

(ب) بالنسبة لمصرف ابن السبيل :

يشمل هذا المصرف كل غريب منقطع عن ماله ولو كان غنيًّا ، ففي واحد من أمهات كتب الفقه جاء تعريفه بأنه «المسافر الذي ليس له ما يرجع به إلى بلده، وإن كان يساراً في بلده، فيعطى ما يرجع به»(37)  .

هذا وللصرف من هذا المصرف الشروط التالية :(38)  .

(1) ألا يكون سفره في معصية .

(2) ألا يكون معه ما يكفيه، فإن كان معه بعض ما يكفيه، أُعطى ما يكفي للعودة أو لاستكمال سفره .

وهناك شرط ثالث غير متفق عليه، وهو ألا يجد من يقرضه إن كان غنيًّا في بلده .

هذا، وتشير التطبيقات التاريخية لهذا المصرف إلى أن الدولة وليس الفرد هي الأقدر على تأمين السياحة في الأرض؛ عظة واعتبارًا أو بحثًا عن العلم ومصادره أو حتى السعي في سبيل العيش الكريم ، يروي ابن سعد في طبقاته أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه اتخذ في عهده داراً خاصة أطلق عليها «دار الدقيق»، وذلك أنه جعل فيها الدقيق والسويق والتمر والزبيب وما يحتاج إليه يعين به المنقطع والضيف ينزل على عمــر رضي الله عنه ويحمـــل من ماء إلى ماء(39) .

كذلك كتب ابن شهاب الزهري كتابًا في الصدقات إلى خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه بناء على طلب الأخير ، فكان ما ذكره عن ابن السبيل ما يلي: «وسهم ابن السبيل يقسم ذلك لكل طريق على قدر من يسلكها ويمر فيها من الناس، رجال رجال، (هكذا). من ابن السبيل ليس له مأوى ولا أهل يأوي إليهم، فيطعم حتى يجد منزلاً أو يقضي حاجته ويجعل في منازل معلومة على أيدي أمناء لا يمر عليهم ابن السبيل له حاجة إلا أووه وأطعموه وعلفوا دابته…(40)».

هذا ويمكن القول أن من التطبيقات المعاصرة الممكنة ما يلي :

منح تذاكر سفر مناسبة لاستكمال رحلة السفر أو العودة .

إنشاء دور للضيافة ( لابن السبيل ) على امتداد طرق السفر المعتادة وبشكل  يتناسب وحجم الحركة على هذه الطرق، كما أشار إلى ذلك كتاب ابن شهاب، بحيث تجهز هذه الدور بما يلزم ابن السبيل من طعام وشراب وأثاث وأدوات طهي، بحيث توفر هذه الدور الحد الأدنى للراحة ومستوى معيشة فقير متوسط الفقر.

هذا، ويمكن القول أن توافر مصرف ابن السبيل بهذه الشروط والمواصفات من شأنه أن يؤمن رحلات الإنسان أثناء السفر المباح عامة، وبصفة خاصة بحثًا عن مصادر الرزق محليًّا ودوليًّا، ومن ثم فإن هذا المصرف يمكن أن يسهم بشكل ملحوظ في خفض مستوى البطالة محليًّا أو على مستوى الأمة الإسلامية عامة، بالإضافة إلى آثار اقتصادية غير مباشرة سبق الإشارة إلى بعضها .

الآثار الاقتصادية لمحددات دور الدولة في توزيع الزكاة :

مما يمكن فهمه من قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } ( سورة التوبة : 103 ) أن الآثار الاقتصادية التي يمكن أن تنشأ عن قيام الدولة بتوزيع الزكاة طبقًا للمحددات السابقة يمكن تصنيفها إلى قسمين :

أولاً : الآثار الاقتصــــادية الضمنـية (غير المباشرة).

ثانياً : الآثار الاقتصادية المباشرة .

هذا، ويمكن دراسة وتحليل كل من القسمين كما يلي:

أولاً : الآثار الاقتصـادية الضمنـية ( غير المباشرة ) :

لقد سبقت الإشارة إلى أن من وظائف الزكاة تطهير المجتمع من آفات الغنى ، وفي مقدمتها الشح والبخل، ومن آفات الفقر وفي مقدمتها الحقد والحسد؛ لذلك يمكن القول: إن المجتمع الذي تطبق فيه فريضة الزكاة ينعم أفراده بالأمن والأمان ، وتكاد تنعدم فيه جرائم الاعتداء على الأنفس والأموال .

هذا، ولعل مما يؤكد هذه المقولة السابقة أن العديد من الدراسات الاجتماعية أوضحت أن معدلات الجريمة تتناسب طرديًّا مع اتساع دائرة الفقر . وعلى سبيل المثال من أهم النتائج التي توصل إليها المركز العربي للدراسات الأمنية بالرياض أن 62,5% من الأحداث الذين هم ضحايا وفاة أحد الوالدين مارسوا السرقة(41) كذلك أشار الدكتور / حسن الساعاتي(42) من خلال دراسته إلى أن 60% من أسر الأحداث المنحرفين فقراء جدًّا .

ويفسر أحد الباحثين كيف يكون الفقر سببًا مهمًّا في انحراف الأحداث قائلاً: «فالوالد يضطر إلى قضاء معظم نهاره في العمل لمواجهة ظروف المعيشة القاسية ، فيهمل أطفاله وينصرف عن تربيتهم ؛ والوالد الذي لا يستطيع مواجهة مسئولياته الاقتصادية داخل المنزل يكون شخصًا عصبيًّا حاد المزاج يثور لأتفه الأسباب ؛ مثل هذا الجو الذي ينشأ فيه الحدث لا شك أنه يؤثر في حياته»(43) .

هذا ومكمن الخطورة في انتشار ظاهرة انحراف الأحداث أن هؤلاء المنحرفين الصغار يمكن أن يصبحوا أشد المجرمين خطراً على أمن المجتمع؛ ولذلك يمكن القول أن انحراف الكبار ما هو في حقيقته إلا امتداد لانحراف الصغار(44).

إذًا … فالزكاة من شأنها أن تؤدي دوراً جوهريًّا ـ كنظام كفء ـ في تحقيق تكافل المجتمع في مكافحة الفقر وآثاره ؛ ولذلك يمكن القول: إنه إذا توافر لكل فرد في المجتمع الإسلامي حد الكفاية فقد انسد باب كبير من أبواب الجريمة وانخفضت بالتالي تكاليف مكافحتها بشكل ملحوظ ، وكذلك آثارها الاقتصادية السيئة .

هذا، ومن بين هذه الآثار الاقتصادية الضمنية ـ علي سبيل المثال ـ ما يلي :

1 – الحفاظ على الموارد الاقتصادية من الأموال والأنفس التي كانت عرضة للإتلاف نتيجة لانتشار الجريمة .

2 – توفير التكاليف التي كانت تستوجبها عمليات مكافحة الجريمة مثل حجم قوة الشرطة المطلوبة لمكافحة الجريمة والقبض على المجرمين ، وكذلك دور المحاكم ودور السجون اللازمة لمحاكمة وتأديب المجرمين .

3 ـ توفير الوقت الضائع في مكافحة الجريمة .

هذه الآثار الاقتصادية الضمنية وغيرها تعتبر في الواقع إضافة حقيقية إلى الموارد الاقتصادية للمجتمع التي يمكن توجيهها إلى مجالات الإنتاج النافعة للمجتمع المحلي بصفة خاصة وللأمة الإسلامية بصفة عامة . كذلك يدخل ضمن الآثار أو المنافع الاقتصادية الضمنية ما سبقت الإشارة إليه عند مناقشة محددات كل مصرف من مصارف المصالح العامة كمصرف المؤلفة قلوبهم ومصرف في سبيل الله مثلاً .

وهكذا يمكن أن ندرك بعض الحكمة من قوله تعالى – إشارة إلى هذه المكاسب أو الآثــار الاقتصادية الضمنيـة- : { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم..}.

ثانياً : الآثار الاقتصادية المباشرة لمحددات دور الدولة في توزيع الزكاة :

بشيء من التدبـر لقــول الله تعالى: { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} ( سورة التوبة : 103).

يمكن القول: إن لفظ تزكيهم بها يشير إلى أن الزكاة من شأنها إحداث نمو اقتصادي لجميع المتغيرات الاقتصادية ذات الطابع الإيجابي على معيشة الإنسان، مثل النمو في حجم الإنتاج الكلي أو في حجم الاستهلاك الكلي أو في حجم التراكم الرأسمالي .

هذا ولقد سبقت الإشارة لبعض الآثار الاقتصادية المترتبة على التزام الدولة لمحددات توزيع الزكاة على المصارف التي يجمع بينها معيار المصالح العامة ، وتخضع من الناحية التنظيمية لسياسة الحكومة المركزية ؛ أما بالنسبة لمصارف الزكاة التي يجمع بينها معيار الحاجة وتخضع من الناحية التنظيمية لمبدأ المحلية فإن التزام الدولة بمحددات التوزيع طبقًا لهذا المبدأ من شأنه إحداث آثار اقتصادية مباشرة عديدة يمكن أن نعرض لأهمها بشيء من التفصيل كما يلي :

أ ـ تخصيص أفضل لأموال الزكاة :

وذلك يرجع بشكل أساسي إلى أن ولي الأمر – بعد أخذ الترتيبات السابقة في الحسبان – لا ينبغي أن يسمح بتوزيع الزكاة ليشبع حاجات أقل أهمية، كالحاجة إلى اللباس قبل إشباع الحاجات الأكثر أهمية كالحاجة إلى الحد الأدنى من الطعام(*)، وذلك ليس فقط على مستوى أقاليم الدولة الإسلامية الواحدة، بل وعلى مستوى الأمة الإسلامية أيضًا، وذلك من خلال إنشاء هيئة عالمية للزكاة تشترك في عضوية مجلسها التنفيذي جميع الدول الإسلامية ، بل وربما رؤساء مجالس الإدارات العامة للزكاة في دول غير إسلامية من الناحية الرسمية مثل رئيس مجلس إدارة الزكاة في بريطانيا أو فرنسا مثلاً، وهكذا يمكن أن يتحقق تخصيص أفضل لموارد الزكاة طالما لن يسمح ولي الأمر بإشباع مستوى الحاجيات بصفة عامة قبل إشباع مستوى الضروريات ، من طعام ولباس وسكنى … وخلافه على مستوى أقاليم الدولة الإسلامية، وكذلك على مستوى الأمة الإسلامية بالتعاون والتنسيق مع أولياء أمور جميع الدول الإسلامية من خلال الهيئة العالمية للزكاة.

وبطبيعة الحال فإن توزيع أموال الزكاة بهذا الشكل سيرفع من المنافع الكلية لهذه الموارد؛ نظرًا لأن منافع إشباع الحاجات تتناسب طرديًّا مع أهمية تلك الحاجات .

أما إذا قام أرباب الأموال أنفسهم بتوزيع زكاة أموالهم فليس ثمة ضمان يرجح على الأقل تحقيق هذا التخصيص الأفضل لموارد الزكاة؛ حيث إن أرباب الأموال ليس لديهم قاعدة المعلومات التي تمكنهم من تحقيق ذلك ، وأغلب الظن فإن المعارف والأقارب – الذين لا يجب   على أرباب الأموال النفقة عليهم – هم الذبن يستفيدون من أموال الزكاة، بينما سيحرم الكثير من أصحاب الحاجات من أهل التعفف والحياء ، وكذلك البلاد التي تعاني من الكوارث الطبيعية أو الحروب الأهلية أو غير ذلك من الظروف الاستثنائية .

ب – حجم أكبر وهيكل أفضل للطلب الفعلي للزكاة (45) :

لا شك أن هناك علاقة طردية بين حجم الإنتاج وحجم الطلب الفعلي علي ذلك الإنتاح . كذلك توجد علاقة ارتباطية بين هيكل الإنتاج وهيكل الطلب الفعلي على ذلك الإنتاج ، وذلك بحكم أن الإنتاج -بصفة عامة- هو متغير تابع، وأن الطلب الفعلي متغير مستقل ، وإن كان هذا لا يصادر على القول أنه أحيانًا تأثير متبادل بينهما .

فإذا حللنا حجم الإنتاج لدولة ما إلى سلع ضرورية وسلع حاجية ( شبه ضرورية ) وسلع كمالية فإن العلاقات النسبية بين هذه المكونات الثلاثة تعتبر عادة صدى للعلاقات النسبية لمكونات الطلب الفعلي على ذلك الإنتاج .

أخذًا لهذه العلاقات السابقة في الحسبان يمكن القول أن قيام الدولة بتحصيل الزكاة بشكل إجباري من شأنه – كما سبق الذكر – أن يرفع من كفاءة التحصيل، وبالتالي من المتوقع أن تزداد الحصيلة ، ومن ثم يزداد حجم الطلب الفعال للفقراء نتيجة لذلك .

ولقد أشار الباحث في مناسبـة أخرى(46) إلى أن ارتفاع حجم الطلب الفعلي سيرفع من حجم الطلب على عوامل الإنتاج ؛ وإذًا .. فقيام الدولة بتحصيل الزكاة بدلاً من الأفراد أرباب الأموال أنفسهم من المرجح أن يؤدي إلى تحقيق مستوى أكبر نسبيًّا في حجم التوظف نتيجة للارتفاع النسبي في حجم الطلب الفعلي على حجم إنتاج أكبر نسبيًّا .

كذلك إذا قامت الدولة بتوزيع حصيلة أموال الزكاة بدلاً من أرباب الأموال أنفسهم فمن المتوقع أن تكون العلاقات النسبية لهيكل الطلب الفعلي للزكاة أفضل مقارنة بهيكل الطلب للفقراء حال قيام الأفراد بتوزيع زكاتهم بأنفسهم . هذه الرؤية يدعى بصحتها إذا التزمت الدولة بالمعايير السابقة في التوزيع حسب الحاجة؛ بحيث لا تسمح بإشباع مستوى أعلى من الحاجات إلا بعد إشباع المستويات الأدنى ، ليس على مستوى الإقليم الواحد، بل على مستوى أقاليم الدولة كلها ، بل ينبغي أن ينسحب هذا القيد على مستوى الأمة الإسلامية جميعها .

فلنفرض على سبيل التبسيط دولة من الدول الإسلامية تتكون من إقليمين ( أ ـ ب ) ، وأن هــذين الإقليمـين متماثلان في عدد السكان، غير أن نسبة فقراء الإقليم ( أ ) تمثل 40% فقط من حجم سكانه، بينما فقراء الإقليم (ب) يمثلون 80% من حجم سكانه، وأن نسبة حصيلة الزكاة في كلا الإقليمين تعكس مستوى واحدًا من غنى الأغنياء في كليهما، وبعبارة أخرى أن نسبة حصيلة زكاة الإقليم (ب) إلى حصيلة زكاة الإقليم (أ) تمثل (1 : 3) فإذا افترضنا حالتين من التوزيع :

الحالة الأولى : قيام أرباب الأموال أنفسهم بتوزيع زكاة أموالهم .

الحالة الثانية : قيام الدولة بتحصيل الزكاة وتوزيعها نيابة عن أرباب الأموال.

ففي الحالة الأولى : من المرجح عدم انتقـال الزكاة من الإقليم (أ) إلى الإقليم (ب) أو العكس إلا في أحوال قليلة، كإعطاء رب المال في إقليم معين زكاة ماله إلى قريب له لا تجب عليه نفقته يعيش في إقليم آخر .

إن وضعًا كهذا يرجح أن تكون حصيلة زكاة الإقليم (أ) من الغزارة بحيث تمكن فقراءه أن يعيشوا في مستوى أفضل بكثير من فقراء الإقليم (ب)، لذلك فمن الممكن أن يكون هيكل الطلب الفعلي لفقراء الإقليم (أ) يتكون من 40% طلبًا على السلع الضرورية و60% طلبًا على السلع والخدمات شبه الضرورية وشبه الكمالية.

أما بالنسبة لهيكل الطلب الفعلي لفقراء الإقليم (ب) فنظراً للانخفاض الملحوظ في حصيلة الزكاة، بل وقلتها، فمن المرجح أن يكون كله يمثل طلبًا على الضروريات، بل ولربما بعضها وليس كلها .

أما في الحالة الثانية : فإنه مع الأخذ في الحسبان التزام الدولة بمعايير التوزيع السابقة فإنه يتوقع ألا يسمح لفقراء الإقليـم (أ) بالتمـتع بالســـلع الحاجــية (شبه الضرورية ) وشبه الكمالية إلا بعد تأمين إشباع فقراء الإقليم (ب) لحاجاتهم من السلع الضرورية، ثم يسمح بعد ذلك – إن وجد فائض في حصيلة الزكاة – بإشباع المستوى الأعلى مع إعطاء الأولوية حينئذ – لفقـراء الإقليـم (أ) .

وهكذا يمكن عرض الفرق في هيكل الطلب الفعلي للفقراء في مثال حسابي بسيط كما يلي : ـ

بما أن نسبة حصيلة الزكـاة في كـلا الإقليمين ( أ – ب) هـي (3 : 1) عـلى الترتيب، وبما أن الأقليمين متساويان من حيث عدد السكان، فإن مجموع أجزاء الزكاة في الإقليمين = 3 + 1 = 4 أجزاء .

أولاً ـ في حالة تولي أرباب الأموال توزيع الزكاة بأنفسهم :

هيكـل الطـلب الفعلي لفقـراء الإقليم ( أ ) :

الطلـب عـلى السلـــع الضروريـــة = 3&40% = 1,2جزء .

الطلب الفعلي على السلع والخدمات شبــه الضروريــة وشبــــه الكماليــــة = 3& 60% = 1,8جزء .

الطلب الفعلي لفقراء الإقليـم (ب) = 1جزء على السلع الضرورية .

إذًا مجموع الطلب الفعلي علي الضروريات = 1,2+ 1 = 2,2جزء من الحصيلة الكلية للزكاة .

أما مجموع الطلب الفعلي علي السلع شبــه الضروريـــة وشبـــه الكماليــــة = 1,8+ صفر = 1,8جزء .

ثانياً – في حالة قيام الدولة بجباية الزكاة وتوزيعها طبقاً لمحددات التوزيع:

بما أن نسبة الفقراء في الإقليم (ب) إلي فقراء الإقليم ( أ ) = 80% : 40% = الضعف .

وبما أن فقراء الإقليم (أ) ينفقون 1.2 جزء على السلع الضرورية فإن فقراء الإقليم (ب) يحتاجون إلى ضعف ما ينفقه فقراء الإقليم (أ) حتى يتم إشباع جميع ضرورياتهم ، فإذا قامت الدولة بنقل جزء من زكاة الإقليم (أ) إلى الإقليم (ب) حتى يستكمل فقراء الإقليم (ب) إنفاقهم على الضروريات فإن ما ينفقه فقراء الإقليم (ب) على السلع الضرورية = 1,2& 2 = 2,4جزء من حصيلة الزكاة ، منها جزء يتوافر من حصيلة الزكاة المحلية في الإقليم (ب) ، وبالتالي 40 جزء يستوفى من حصيلة زكاة الإقليم (أ) .

إذًا … إجمالي طلب فقراء الإقليمين على السلع الضرورية = 1,2+ 2,4= 3,6 جزء من حصيلة الزكاة الكلية والتي مجموع أجزائها = 4 أجزاء .

إذًا ما ينفق علي السلع شبه الضرورية وشبه الكمالية = 4 ـ 3,6= 0,4 جزء من الحصيلة الكلية للزكاة في الإقليمين ، وهذا الفائض سيكون غالبًا من نصيب فقراء الإقليم ( أ ) .

إذًا .. فهيكـل الطــلب الفعـلي الكلي في الحالـــة الأولى يتكــــون مـن (2,2 ÷ 4) & 100 % = 55 % تمثل طلبًا فعليًّا كليًّا على السلع الضرورية .

(1,8÷ 4) &100% = 45% تمثل طلبًا فعليًّا كليًّا على السلع شبه الضرورية وشبه الكمالية .

أما هيكل الطلب الفعلي الكلي في الحالة الثانية يتكون من :

(3,6 ÷ 4) & 100% = 90% تمثل طلبًا فعليًّا كليًّا على السلع الضرورية .

(0,4 ÷ 4) & 100% = 10% تمثل طلبًا فعليًّا كليًّا على السلع شبه الضرورية .

إذًا … فهيكل الطلب الفعلي للفقراء في حالة قيام الدولة بتوزيع الزكاة أفضل؛ وذلك لارتفاع نسبة الإنفاق على السلع الضرورية ذات الأهمية النسبية الأكبر لحياة الإنسان .

هذا، ولعله من نافلة القول أن نقول أن هيكل الطلب الفعلي بصفة عامة يمكن أن يعكس مدى كفاءة تخصيص عوامل الإنتاج والموارد الاقتصادية المتاحة في إنتاج الكميات المطلوبة بنسب هيكلية تتطابق مع مكونات هيكل الطلب الفعلي . ومن المثال العددي السابق يتضح أن هيكل الإنتاج الذي يكفي لإشباع احتياجات المجتمع من السلع الضرورية وبعض احتياجاته من السلع شبه الضرورية كما هو متوقع في الحالة الثانية من التوزيع أفضل من هيكل إنتاج لا يكفي لإشباع احتياجات المجتمع من السلع الضرورية ولا يكفي أيضًا لإشباع احتياجاته من السلع شبه الضرورية وشبه الكمالية كما هو متوقع في الحالة الأولى من التوزيع .

جـ ـ إمكانية مكافحة البطالة بشكل مباشر :

سبق أن أشار الباحث أن الدولة بما لديها من أجهزة وقاعدة معلومات مناسبة تستطيع ـ بل ينبغي ـ أن تجرى حصرًا شاملاً لحجم البطالة وتصنيفها من حيث الجنس والمهن وتحليل أسبابها، ومن ثم تستطيع الدولة أن تستخدم جزءًا من حصيلة الزكاة في محاربة البطالة ومحاولة التغلب على أسبابها . فالتراث الفقهي يشير إلى أن من كانت «عادته الاحتراف أعطى ما يشتري به حرفته أو آلات حرفته، قلت تلك أم كثرت ، بحيث يحصل له من ربحه ما يفي بكفايته غالبًا، ويختلف ذلك باختلاف الحرف والبلاد والأزمان والأشخاص ..».

«ومن كان خياطًا أو نجارًا أو قصابًا أو قصارًا أو غيرهم من أهل الصنائع أعطي ما يشتري به من الآلات ما تصلح لمثله»(47) .

وهكذا فبدلاً من استخدام حصيلة الزكاة في مجال الإنفاق الاستهلاكي المباشر يمكن أن يستخدم جزء منها في إنفاق استثماري لصالح المستحقين للزكاة ، ومن شأن هذا الإنفاق الاستثماري لصالح الفقراء أن يحقق هدفين في آن واحد (48) بالإضافة إلى هدف مكافحة البطالة :

(1) خفض حجم الاستهلاك، وبالتالي رفع نسبة الادخار ( الاستثمار ) إلى حجم الدخل القومي، خصوصًا في الدول النامية التي يتصف اقتصادها بتدني نسب ادخارها إلى الناتج القومي.

(2) أن هذا الاستثمار الموجه لصالح الفقراء يمثل جهدًا مكثفًا لمكافحة الفقر .

كذلك يتضح بجلاء أن الدولة أقدر من الأفراد في إلزام القادرين على العمل ومَن يتبطلون اختياريًّا – لسبب أو لآخر – بالعودة مرة أخرى إلى مجال الإنتاج ، وذلك عن طريق حرمانهم من أموال الزكاة .

إذًا .. فهذا الحرمان من أموال الزكاة للعاطلين اختياريًّا – والذي يمثل وسيلة سلبية – بالإضافة إلى إعادة تأهيل القادرين منهم بوسائل الإنتاج المناسبة لهم – والذي يمثل وسيلة إيجابية لمحاربة البطالة – كلتا الوسيلتين تلعب دوراً جوهريًّا في خفض معدلات البطالة بشكل مباشر .

د ـ تحقيق تنمية اقتصادية متوازنة :

تكمن فكرة التنمية الاقتصادية المتوازنة – التي ترجع جذورها الفكرية إلى العديد من المفكرين أشهرهم(49)  نوركسيه ، وروزنشتاين رودان في أن كل قطاعات الاقتصاد القومي وعلى مستوى أقاليم الدولة الواحدة ينبغي أن يحقق كل منها نموًا اقتصاديًّا وبمعدلات مناسبة في آن واحد(50) .

وترجع أهمية تحقيق التنمية الاقتصادية المتوازنة إلى كونها وسيلة لتحقيق نوع من العدل الاقتصادي على مستوى أقاليم الدولة الإسلامية الواحدة ـ وهي بهذا المعنى تعتبر مطلبًا شرعيًّا ينبغي الحرص على تحقيقه ـ إضافة إلى كونها وسيلة ـ أيضًا ـ لتحقيق أقصى مستوى ممكن من التقدم الاقتصادي(51) .

هذا ويمكن القول أن مضمون التنمية الاقتصادية المتوازنة كنظرية يراد تطبيقها في الدول النامية التي تعاني اقتصادياتها القومية من ضمور في هياكلها الإنتاجية على الأقل بالنسبة لبعض قطاعاتها الاقتصادية ، وكذلك ضعف حجم أسواقها بسبب ضعف القدرة الشرائية المتاحة بسبب الانخفاض الملحوظ في دخل الفرد في المتوسط – يكمن في ضرورة توافر حجم من الاستثمار بمواصفات معينة أهمها :

( أ )  أن يكون هذا الحجم من الاستثمار كافياً لتلبية الاحتياجات الاستثمارية لكافة القطاعات الاقتصادية للدولة؛ بحيث تنمو هذه القطاعات بمعدلات مناسبة في آن واحد. ومما يجدر ذكره أن نمو القطاعات الاقتصادية بمعدلات مناسبة في آن واحد يعني قدرة كل قطاع على إنتاج ما يكفي الطلب النهائي أو الطلب الوسيط من قبل القطاعات الأخرى .

(ب) حجم مناسب من الاستثمار لتلبية الاحتياجات الاجتماعية العامة، خصوصًا فيما يتعلق بمشروعات البنية الأساسية .

أخذاً لمثل هذه المواصفات وغيرها في الحسبان فإنه يتوقع أن تنمو القطاعات الاقتصادية بشكل متكامل مع بعضها البعض، وأن تنمو معها في نفس الوقت أسواق الطلب الوسيط جنبًا إلى جنب مع أسواق الطلب النهائي . بطبيعة الحال فإن الحجم المطلوب من الاستثمار بهذه المواصفات يتوقع أن يكون ضخمًا وفوق طاقة معظم الدول النامية ، ومع ذلك فإنه على مستوي الدول الإسلامية يمكن القول أنه مع قيام الدولة الإسلامية بجمع الزكاة وتوزيعها من شأنه أن يذلل كثيراً من الصعاب أمام تحقيق هذا الهدف العظيم، على الأقل بالنسبة لضعف الطلب النهائي في معظم هذه الدول .

ذلك أنه عندما تقوم الدولة – بدلاً من أرباب الأموال – بتحصيل الزكاة ، فإن حصيلة الزكاة يتوقع أن تصل إلى أقصى حجم ممكن ، ومن ثم إذا قامت الدولة – بدلاً من أرباب الأموال – بتوزيع الزكاة مع التزامها بمعايير التوزيع السابقة، والتي مفادها عدم السماح بإشباع حاجة الفقراء في جميع أقاليمها من السلع شبه الضرورية أو شبه الكمالية (السلع الحاجية) إلا بعد إشباع حاجتهم من السلع الضرورية بمختلف أنواعها (مأكل – ملبس – مسكن – تعليم – خدمة صحية ..) فإنه سوف يتوافر للفقراء على مستوى الدولة الإسلامية الواحدة ـ بل وعلى مستوى الأمة الإسلامية بأجمعها ـ قوى شرائية تمكنهم من إشباع حاجاتهم الضرورية بنسبة 100% في المدى القصير  وحاجاتهم شبه الضرورية أو شبه الكمالية في المدى البعيد .

إن هذه الوظيفة الاقتصادية للزكاة يمكن القول أنها تمثل أداة مهمة وحاسمة في التغلب على واحدة من أهم معوقات تحقيق التنمية الاقتصادية المتوازنة، ألا وهي عقبة ضعف الطلب النهائي الناتج  عن ضعف القوى الشرائية المتاحة للسواد الأعظم من السكان . فالزكاة حينما يتم توزيعها طبقًا لمعايير التوزيع السابقة فإن معنى ذلك أن القوى الشرائية – ومن ثم الطلب الفعلي – سيتوافر بشكل متناسب اقتصاديًّا وجغرافيًّا، ليس على مستوى الدولة الإسلامية الواحدة فحسب، بل وعلى مستوى الأمة الإسلامية أيضًا، أخذًا في الحسبان افتراض أن تطبيق الزكاة عن طريق الدولة أصبح نظامًا عامًّا، وأن هناك تنسيقًا فيما بين الدول الإسلامية في هذا المضمار .

أما على جانب العرض فإنه من المتوقع أن يقوم رجال الأعمال بتطبيق خطط إنتاج قادرة ـ في التحليل النهائي ـ على تلبية هيكل الطلب الفعلي الزكوي. إضافة إلى ذلك إذا أخذنا في الحسبان أن الدول الإسلامية لديها كل مقومات التكامل الاقتصادي وأنها مدعوة شرعًا إلى التنسيق فيما بينها لإنجاز مثل هذا التكامل، بحيث تسمح بانتقال رأس المال المتوافر لدى كثير منها، وكذلك عوامل الإنتاج والموارد الاقتصادية بصفة عامة من حيث الوفرة إلى حيث الندرة فإن من شأن هذا التكامل أن يقدم أداة فعالة في التغلب على المشاكل والمعوقات المتعلقة بجانب العرض الكلي اقتصاديًّا وجغرافيًّا في آن واحد .

ولكن لكي يتم هذا التنسيق والتكامل فلابد أن تتغير مفاهيمنا عن التنمية الاقتصادية والتي استقينا معاييرها وأهدافها من ينابيع الفكر الوضعي فنتبنى مفهومًا تستقى معاييره وأهدافه من صميم أيديولوجيتنا الإسلامية(52) .

وهكذا يمكن أن نصل إلى نتيجة مفادها أن الدولة ـ من الناحية النظرية ـ هي الأكفأ من الأفراد أو الهيئات الخيرية في القيام بمهمة توزيع الزكاة ، ومن ثم فإن الآثار الاقتصادية المنوطة بهذه الفريضة يتوقع أن تكون أكثر فعالية؛ لذلك يؤكد أحد الباحثين القصور الكامن في تحصيل وتوزيع الزكاة بشكل طوعي أو فردي؛ حيث يقول: «صحيح أن من أخرج زكاته في غياب بيت المال والدولة المسلمة إلى مستحقيها من الفقراء أجزأ عنه وقام بفريضته إلا أن طريقة إخراجها فرديًّا قصرت بالزكاة عن غاياتها»(53) .

هذا وتشير التطبيقات العملية لتوزيع الزكاة في البلاد الإسلامية التي تجمع فيها الزكاة اختياريًّا صدق النتيجة السابقة . فقد أثبتت التجربة اللبنانية أنه من بين العقبات التي تقف أمام نجاح تطبيق الزكاة من الناحية التوزيعية تعدد الجمعيات الخيرية وعدم وجود تنسيق فيما بينها، مما يعني سـوء توزيع الزكاة بين مستحقيها(54) .

هذا ويبدو أن صورة توزيع الزكاة في مصر من خلال نظام بنك ناصر الاجتماعي وما يشوبها من عيوب لا تختلف عما يحدث في التجربة اللبنانية ، فهذا على الأقل هو ما يدلي به نظام توزيع لجان الزكاة على مستوى المحافظــــات كما هو واضح من جدول (6) .

ولعل أول ما يجذب الانتباه في توزيع لجان زكاة بنك ناصر الاجتماعي هو تركز هذه اللجان في القاهرة الكبرى حيث تستحوذ هذه المدينة على 36% من عدد اللجان، بينما نسبة حجم سكانها إلى الحجم الكلي للسكان لا يتجاوز 15%(55) ، بينما الجيزة مثلاً التي تزيد نسبة حجم سكانها عن 6% من سكان مصر لا تستحوذ إلا على أقل من 3% من عدد اللجان، وكذلك المنيا نصيبها من عدد اللجان حوالي 1% بينما نسبة حجم سكانها أكثر من 6% .

المظهر الثاني من مظاهر هذا القصور انعدام التنسيق بين هذه اللجان حتى على مستوى المدينة الواحدة ، وبالتالي فليس هناك ما يمنع المستفيد من إحدى لجان الزكاة أن يستفيد من لجان أخرى طالما هو قادر على الحركة والانتقال من لجنة إلى أخرى، يضاف إلى ذلك – طبعًا – انعدام التنسيق على مستوى الأمة الإسلامية الواحدة؛ نظرًا لعدم وجود هيئة عالمية للزكاة . وعلى سبيل المثال من المعروف أن صندوق الزكاة الأردني وبيت مال الزكاة الكويتي كلاهما له أنشطة خارج النطاق الوطني، فصندوق الزكاة الأردني(56) قد قدم أكثر من ستة آلاف دينار أردنيّ لحجاج داغستان في عام 1995 م ، وكذلك أكثر من 3000 دينار أردنيّ للمتضررين من العدوان الإسرائيلي عن لبنان، كذلك بيت الزكاة الكويتي(57) قدم أكثر من ثلاثة ملايين دينار كويتيّ لكفالة الأيتام في 25 دولة.

هذا ورغم سمو هذه الجهود وأهميتها إلا أنه يعوزها التنسيق مع المؤسسات الخيرية على مستوى العالم الإسلامي . أما إذا قامت الدولة بذلك كما هو حاصل في السودان مثلاً – فمن الناحية التنظيمية يفترض وجود تنسيق بين منافذ التوزيع على مستوى محليات الاستحقاق، فكما لا يتصور أن يحصل فرد على أكثر من معاش من الدولة كذلك لا يتوقع أن يتمتع أي فرد بنوع من الازدواجية في الاستفادة من جهة (58) الصرف الوحيدة المتاحة أمام المستحق للزكاة، أخذًا في الحسبان حصيلة الزكاة وعدم وجود أصحاب الحاجات الأشد على مستوى أقاليم الدولة الواحدة ، بل وعلى مستوى الأمة الإسلامية بكاملها ، فقد روى أبو عبيدة بإسناده ـ أن عمر رضي الله عنه قال للسعاة كرروا عليهم الصدقة وإن راح على أحدهم مائة من الإبل(59).

خــــاتمة

نتائج وتوصيات :

في نهاية هذا البحث يمكن أن يشار إلى أهم النتائج كما يلي :

1-  أن الدولة –  بما لديها من إمكانيات سيادية وفنية علمية ومعلوماتية –  أكثر كفاءة من الأفراد أو الهيئات الخيرية في توزيع الزكاة طالما التزمت بالضوابط الشرعية للتوزيع عامة وضوابط توزيع الزكاة الواردة بهذا البحث بصفة خاصة .

أما فيما يتعلق بالتوصيات فإن أهم ما يوصي به هذا البحث ما يلي :

1-  أن يتم توزيع الزكاة طبقًا للمحددات الشرعية والمحددات الواردة في هذا البحث بصفة خاصة .

2-  ضرورة إنشاء هيئة عالمية للزكاة، وذلك للتنسيق بين أطراف الأمة الإسلامية فيما يتعلق بمصارف الزكاة ؛ وذلك حتى تصل المنافع الاقتصادية المنوطة بهذه الفريضة إلى أقصى ما يمكن.

وأخيرًا نسأل الله تعالى أن يوفق أولى الأمر في الدول الإسلامية إلى ما فيه خير البلاد والعباد، وأن يشرح صدورهم إلى تطبيق شرع الله ومنهجه كاملاً ، والله من وراء القصد وهو يهدى إلى سواء السبيل ، وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين .

المراجع :

(1) الإمام شمس الدين ، أبو عبد الله محمد بن أحمد أبي بكر بن فرج الأنصاري القرطبي (ت: 671هـ) تفسير القرطبي ، الجامع لأحكام القرآن ، دار الغد العربي ، القاهرة ، 1989 المجلد الرابع ، ص 3175.

(2) الإمام فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن بن علي التميمي البكري الرازي ، التفسير الكبير ، مفاتيح الغيب ، دار الغد العربي ، القاهرة 1992 المجلد الثامن ص 156 .

(3) د/ محمد بن أحمد الصالح ، الأساليب الإسلامية لعلاج مشكلة الفقر مقارنة بالأساليب العصرية ، ندوة الفقر والفقراء في نظر الإسلام المنعقدة بجامعة الأزهر ، مركز صالح عبد الله كامل للاقتصاد الإسلامي ، 8 رجب 1420 هـ / 17 أكتوبر 1999 م ، ص 41 .

(4) د. علاء الدين مصطفي المنوفي، دور الإسلام في تنمية الموارد البشرية ، كتاب المؤتمر الاسلامي الدولي عن السكان في العالم الإسلامي المنعقد بجامعة الأزهر ، المركز الاسلامي للدراسات والبحوث السكانية ، القاهرة في الفترة ( 1 ـ 4 مارس 1987 م ) ص 195 .

(5) د. / معبد علي الجارحي ، محاضرة عن الآثار الاقتصادية للزكاة وتطبيقها في اقتصاد معاصر ، المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، جدة ( 1418/6/22 هـ ـ 1997/10/25 م ) .

(6) الإمام علي بن محمد بن حبيب الماوردي ، الأحكام السلطانية ، مطبعة الحلبي ط 2 ، 1966 ، ص 16 .

(7) الحافظ تقي الدين أبو بكر محمد بن محمد البلاطنسي ، تحرير المقال فيما يحل ويحرم من بيت المال ، تحقيق ودراسة فتح الله محمد غازي الصباغ ، دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع ، المنصورة ، ط  1، 1989 م ، ص 117 ـ 118 .

(8) الفخر الرازي ، مفاتيح الغيب ، مرجع سابق ، المجلد السادس ص 59 .

(9) المرجع السابق ، المجلد السادس ، ص 53 .

(10) الإمام العلامة شمس الدين عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي ( ت : 683 هـ ) ، الشرح الكبير ، بهامش المغني ، دار الغد العربي ، المجلد الثالث ص 277 .

(11) د./ نادية أحمد هاشم ، مصارف الزكاة ، ندوة التطبيق المعاصر للزكاة المنعقدة بجامعة الأزهر ، مركز صالح عبد الله كامل 14 ـ 16 ديسمبر 1968 ، ص 8 .

(12) د. / محمد بن أحمد الصالح ، الأساليب الإسلامية لعلاج مشكلة الفقر مقارنة بالأساليب العصرية ، مرجع سابق ص 25 .

(13) الإمام العظيم الحافظ الحجة أبو عبيد القاسم بن سلام ، الأموال ، تحقيق خليل محمد هراس ، ط 3 ( مكتبة الكليات الأزهرية ، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ) 1401 هـ 1991 م ، ص 500 .

(14) الإمام العلامة شمس الدين عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي ( ت : 683 هـ ) ، الشرح الكبير ، مرجع سابق ، المجلد الثالث ص 277 .

(15) د/ يوسف القرضاوي ، فقه الزكاة ، الجزء الثاني ( مؤسسة الرسالة ط 6 ، بيروت 1981 ) ، ص 586 ـ ص 589.

(16) انظر – على سبيل المثال – المغني ، لابن قدامة مرجع سابق المجلد الثالث ص 56 ، كذلك الفخر الرازي مفاتيح الغيب ، مرجع سابق ، المجلد السادس ص 72 ، كذلك القرطبي مرجع سابق، المجلد الرابع ص 3102 .

(*) هناك من الفقهاء من يرى أن العامل على الزكاة لا يأخذ شيئًا إلا إذا كان فقيرًا وهو قول الحسن، راجع مفاتيح الغيب، تفسير الرازي، مرجع سابق، جـ6 ص72.

(17) تفسير القرطبي ، مرجع سابق، المجلد الرابع ص 3102 .

(18) الإمام العلامة أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة ، المغني ، دار الغد العربي، القاهرة ، المجلد الثالث ص 96 .

(19) د/ نادية أحمد هاشم / مصارف الزكاة ، ندوة التطبيق المعاصر للزكاة المنعقدة بجامعة الأزهر ، مركز صالح عبد الله كامل 14 ـ 16 ديسمبر 1968 . ص 18 .

(20) انظر على سبيل المثال الإمام شمس الدين عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامة ، الشرح الكبير، مرجع سابق، المجلد الثاني،ص 264 ، وكذلك تفسير القرطبي ، مرجع سابق ، المجلد الرابع، ص 3103 .

(21) د / يوسف القرضاوي ، فقه الزكاة ، مرجع سابق ، الجزء الثاني، ص 608 .

(22) القرطبي ، تفسير القرطبي ، مرجع سابق ، المجلد الرابع ص 3108 ، وكذلك د./ نادية أحمد هاشم ، مرجع سابق ، ص 24 .

(23) القرطبي ، تفسير القرطبي ، مرجع سابق ، المجلد الرابع ص 3110 .

(24) د/ يوسف القرضاوي ، فقه الزكاة ، مرجع سابق ، الجزء الثاني ص 658 .

(25) الإمام الحافظ بن علي بن حجر العسقلاني ، فتح الباري بشرح صحيح البخاري ( دار الريان للتراث ط1 ، 1986 ) المجلد الثالث ص 421 .

(26) أبو عبيد ، الأموال ، مرجع سابق ، ص 528 .

(27) M.A Mannan K., The Economics of Poverty With Special Reference to Muslim Countries, Distributive Justice and Need Fulfilment in an Islamic Economics, ed. by Munawar Iqbal, International Institute of Islamic Economics Islamabad and The Islamic Foundation, Leicester, U.K., 1988 PP 307- 308 .

(28) د./ يوسف القرضاوي ، فقه الزكاة ، مرجع سابق، الجزء الثاني ص 816 .

(29) القرطبي ، تفسير القرطبي ، مرجع سابق ، المجلد الرابع ص 3100، كذلك ابن قدامة ، المغني ، المجلد الثالث ص 173 .

(30) د./ يوسف القرضاوي ، فقه الزكاة ، مرجع سابق ، الجزء الثاني ، ص 819 ، نقلاً عن المجموع للنووي ، المجلد السادس ، ص 173 .

(31) د. يوسف القرضاوي، فقه الزكاة ، مرجع سابق ، الجزء الثاني ، ص 560 .

(32) Dr. Muhammad Nejatullah Siddiqi, The Guarantee of a Mimimum Level of Living in an Islamic State, Distributive Justice and Need Fulfilment in an Islamic Economy ed. By Munawar Iqbal op Cit., pp 262 – 280 .

(33) د. / يوسف القرضاوي ، فقه الزكاة ، مرجع سابق ، الجزء الثاني ص 582 نقلاً عن الروضة جـ2  ص 337.

(34) القرطبي ، مرجع سابق ، المجلد الرابع ، ص 3108 .

(35) المرجع سابق ، ص 3109 .

(36) المرجع سابق ، المجلد الرابع ص 3110 ـ ص 3111 ، وكذلك الإمام شمس الدين عبد الرحمن بن محمد بن قدامة ، الشرح الكبير، مرجع سابق ، المجلد الثالث ص 268 ـ 269 .

(37) الإمام شمس الدين عبد الرحمن بن محمد بن قدامة ، الشرح الكبير ، مرجع سابق ، المجلد الثالث ، ص 269 .

(38) المصدر السابق، المجلد الثالث ، ص 269 ـ ص 270 .

(39) د/ يوسف القرضاوي ، فقه الزكاة ، مرجع سابق ، الجزء الثاني ص 675 نقلاً عن طبقات بن سعد ، جـ 3 ص 283 ، ط بيروت .

(40) أبو عبيد ، الأموال ، مرجع سابق ، ص 514 ـ 515 .

(41) د. حسين الرفاعي ، الوقاية من انحراف الأحداث ، ومباديْ الرياض التوجيهية ، تقرير المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب بالرياض ، المؤتمر الخامس للجمعية المصرية للقانون الجنائي المنعقد في الفترة : 18ـ 20 إبريل 1988 م ، دار النهضة العربية 1992م ، ص 87 .

(42) المرجع السابق ص 110 .

(43) أ./ محمد صبحي نجم ، دور شرطة الأحداث في مرحلة الضبط القضائي ، المؤتمر الخامس للجمعية المصرية للقانون الجنائي المنعقد بالقاهرة  في الفترة : 18 ـ 20 إبريل 1988 م ، دار النهضة العربية 1992 م ، ص 81 .

(44) د./ محمد شريف بسيوني ، حماية الطفل دون حماية حقوقه ، المؤتمر الخامس للجمعية المصرية للقانون الجنائي المنعقد بالقاهرة في الفترة : 18 ـ 20 إبريل 1988 م ، دار النهضة العربية 1992 م ، ص 60 .

(*) الحد الأدنى من الطعام هو الحد اللازم لبقاء الإنسان حيًّا.

(45) لمزيد من التفصيل حول الطلب الفعلي الإسلامي يرجع إلى د/ شعبان فهمي عبد العزيز، الطلب الفعلي ، مفهومه وحجمه وآثاره الاقتصادية ، دراسة مقارنة بين الفكر الاقتصادي الإسلامي والفكر الرأسمالي ، المجلة العلمية للاقتصاد والتجارة ، كلية التجارة جامعة عين شمس، العدد الثاني ، 1995 ، ص 36 ـ ص 50 .

(46) المرجع السابق ، ص 27 ـ ص 31 .

(47) د/ يوسف القرضاوي ، فقه الزكاة ، مرجع سابق، الجزء الثاني ص 564 ـ 565، نقلاً عن المجموع للنووي، جـ6 ص 193 – 195 .

(48) Dr. F.R. Faridi, Zakat and Fiscal Policy Studies in Islamic Economics ed. By Khurshid Ahmad, International Centre for Research in Islamic Economics, King Abdul Aziz Universtiy, Jeddah and The Islamic Foundation U.K., 1980.

(49) Professor A.P. Thirlwall Growth and Development, wih Special Reference to Developing Countries, 5 th Edition , The Macmillan Press Ltd, Hampshire, U.K, 1994 pp 181 – 183 .

(50) David W. Pearce,(ed) Macmillan Dictionary of Modern Economics, 4 th Ed. Macmillan Press Ltd., London U.K, 1992, P. 26

(51) Professor Khurshid Ahmad , Economic Development In an Islamic Frame Work, Studies In Islamic Economics (ed). by Khurshid Ahmad, op cit.,P. 182.

(52) د./ إبراهيم أحمد عمر ، فلسفة التنمية ، رؤية إسلامية ، المعهد العالمي للفكر الاسلامي، فيرجينيا ، الولايات المتحدة الامريكية ، ط 2 ، 1992 ، ص 15 ـ ص 25 .

(53) د./ محمد علي ضناوي ( رئيس الهيئة العليا لبيت الزكاة في طرابلس وشمال لبنان ) دور الجمعيات الخيرية في تطبيق الزكاة ، الدورة التدريبية حول التطبيقات المعاصرة للزكاة المنعقدة في بيروت في الفترة 27 ـ 30 أكتوبر 1977 ص 4 .

(54) د./ مروان قباني ، تحصيل وتوزيع الزكاة ، تجربة لبنان ، الندوة التدريبية حول التطبيقات المعاصرة للزكاة ، المنعقدة في بيروت في الفترة 27 ـ 30 أكتوبر 1997 ، ص 27 .

(55) طبقًا لتعداد السكان في مصر في عام 1976 ، وتقدير السكان في 1984 ، وجد أن نسبة حجم السكان في كل من القاهرة ، والجيزة ، والمنيا ، وأسيوط حوالي 13% ، 6.5% 5.5% ، 4.5% على الترتيب من الحجم الكلي لسكان مصر ، راجع الكتاب الإحصائي السنوي يونية 1985 ، الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء ، القاهرة .

(56) وزارة الأوقاف والشئون والمقدسات الإسلامية ـ صندوق الزكاة ، دراسة ميدانية حول التجربة الأردنية في تحصيل وتوزيع الزكاة.

(57) أ.د/ أحمد عطية الباطني ( مدير إدارة التطوير والإدارة والتدريب ببيت مال الزكاة الكويتي ) الزكاة في دولة الكويت ، المقدمة إلى ندوة التطبقات المعاصرة للزكاة المنعقدة في بيروت في الفترة من 27 ـ 30 أكتوبر 1997 ، ص 20 .

(58) المصدر : إحصاءات غير منشورة من ملفات بنك ناصر الاجتماعي .

(59) أبو عبيد / الأموال ، مرجع سابق ، ص 503 .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر