كلمة التحرير

العدد 151

ولدت مجلة المسلم المعاصر منذ أربعين سنة (1974) على أيدي مجموعة من المفكرين الرواد الذين أرسوا مبدأ جديدا – في هذا الوقت المبكر – وهو إصدار مجلة إسلامية محكمة تكون منبرا لإجتهادات الباحثين في كافة مجالات العلوم الإسلامية.

ولم تكن الأربعون سنة من حياة مجلة المسلم المعاصر سهلة دون عقبات، ولكن نجحت المجلة – بفضل الله تعالى، وبفضل إحتضان مجموعة المفكرين لها وعلى رأسهم الأستاذ الدكتور جمال الدين عطية – في تجاوز العديد من المشكلات المادية ومشكلات التحرير والتوزيع والمشكلات القانونية، وغيرها من المشكلات الكثير، لنجد مجلة المسلم المعاصر اليوم – كما كانت يوم ولادتها – صاحبة رؤية وهدف، مليئة بالحماس لتحقيق تجديد دائم لها لكي تواكب قفزات التطور التي تحيط بها في كافة المجالات المعرفية والتكنولوجية.

ومن هذا المنطلق تدخل مجلة المسلم المعاصر تجربة جديدة، ندعو الله تعالى أن تكلل بالنجاح، فقد قررت هيئة تحرير المجلة إفراد عدد من المجلة بصورة غير دورية ليكون عددا متميزا خاصا لا ينشر فيه إلا الأبحاث التي تقدم إبداعا خاصا أو إضافة معرفية غير مسبوقة، بحيث تكون هذه الأعداد المتميزة بأبحاثها الجريئة سلسلة ذهبية رائدة في طرحها الإبداعي الجديد، بما يستفز العقل المسلم في مسيرته الحضارية العمرانية، وذلك بجانب أبحاث الأعداد المتتالية من المجلة التي تمثل الجهد البحثي التراكمي المؤسس للبناء الفكري الإسلامي.

وتستهل مجلة المسلم المعاصر هذه الأعداد المتميزة بهذا العدد الأول المتضمن مجموعة أبحاث لعدد من الباحثين المشهورين بريادتهم في مجالاتهم المعرفية، وقدراتهم على تحريك الماء الراكد بمساهماتهم الإبداعية الجريئة. كما يضم هذا العدد بحثين لإثنين من الباحثين الواعدين الذين يحاولون التفكير والإبداع من خارج الصندوق.

فنجد أولا بحثا متميزا للأستاذ الدكتور حامد ربيع – رحمه الله – أستاذ العلوم السياسية وصاحب الدراسات المبدعة في مجال العلم السياسي الإسلامي، والذي سجلت له كلية الإقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة أنه كان أول من أدخل الطرح الإسلامي في المجال المعرفي السياسي كتخصص معترف به في جامعة القاهرة، فوضع بذلك البذرة الأولى للمدرسة الإسلامية في العلوم السياسية في الكلية، والتي يمكن القول اليوم أنها صارت تضم أجيالا من المتخصصين المتميزين في هذا المجال .

أما البحث الثاني لهؤلاء الرواد المبدعين فهو للأستاذ الدكتور عبد الوهاب المسيري – رحمه الله -، ذلك الفيلسوف الإنسان الذي حول أطروحاته الفلسفية العميقة – في مجال النماذج المعرفية ومجال الجماعات الوظيفية ومجال العلمانية الجزئية والشاملة وغيرها من الأطروحات المركبة – الى مناهج بحث وتحليل ومفاهيم يسيرة يتناقلها طلابه وقراؤه، بما كون عقلية معرفية ومستوى خطاب مركب لشريحة كبيرة من الطلبة بل والأساتذة الكبار أيضا، ونتج عن هذا الطرح المبدع للدكتور عبد الوهاب المسيري أن تطور البحث المعرفي الإسلامي فلم يعد نفس هذا البحث الذي كان مطروحا قبله.

وأما البحث الثالث في هذا العدد المتميز فهو للأستاذ المستشار طارق البشري، هذا الحكيم الدؤوب الساعي وراء الحق والحقيقة في المجال المعرفي والمجال الإنساني. هذا المبدع في هدوء وصبر الذي يضيف الى المعرفة الإنسانية لآلئ لم يتم إكتشاف أكثرها بعد.

وأخيرا يأتي بحثان لكل من الدكتور جاسر عودة والأستاذة مهجة مشهور، كنموذجين معتبرين لمحاولات الإبداع في المجال المنهجي ومجال أصول الفقه، وهو ما تسعى مجلة المسلم المعاصر في هذه الأعداد أن تقدمه كإضافة فارقة الى الرؤية المعرفية الإسلامية.

* * *

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر