أبحاث

علوم منسية في تراث المسلمين

العدد 81

مقدمة :

إن فى تراث المسلمين علوماً لم يولها الباحثون اهتماماً كافياً ،إما لندرة مصادرها ،أو لتفرق موضوعاتها فى مراجع تراثية شتى يتعذر الحصول على أغلبها ،أو لصعوبة مصطلحاتها التى تبدو لغير المتخصصين غربية عما هو شائع فى لغة العلوم المعاصرة ،أو لغياب المنهجية السليمة فى التعامل مع التراث بصورة عامة ، أو لكل هذه الأسباب مجتمعة ،وربما لأسباب أخرى غيرها .

وسوف نعرض للتعريف ببعض هذه العلوم المغمورة ،ونشير إلى أهم مصادرها التراثية ،عسى أن تجد من بين أهل الاختصاص من يتناولها بالتحليل الدقيق والدراسة المتأنية ،ويدعم هذه الدعوة ما تشهده ساحة الفكر العلمى حالياً من نشاط منظم على مستوى العالم لإحياء التراث العلمى والتقنى للأمم الت ساهمت فى تشييد صرح الحضارة الإنسانية عبر كل العصور ،ليس فقط بهدف إزكاء الحس الحضارى والمجد القومى ،ولكن أيضاً لإتاحة الفرصة أما الباحثين المعاصرين كى يعيدوا صياغة هذا التراث بلغة العصر وأسلوبه ومصطلحاته ،ويفيدوا منه فى تأصيل الثقافة الذاتية وتعزيز قيمتها فى نفوس النشء(1).

1– علم الحيل الهندسية :

يمثل علم الحيل الهندسية الجانب التقنى المتقدم فى علوم الحضارة الإسلامية . حيث كان المهندسون والتقنيون يقومون بتطبيق معارفهم النظرية للإفادة منها تقنياً فى كل ما يخدم الدين ويحقق مظاهر المدينة والإعمار ،وقد ظهر هذا التوجه على أيدى نفر من العلماء الأعلام ،لعل أشهرهم أبناء موسى بن شاكر أصحاب الكتاب القيم المعروف باسم “حيل بنى موسى “(2). يقول ابن خلكان :”ولهم – أى بنى موسى – فى الحيل كتاب عجيب نادر يشتمل على كل غربية ،ولقد وقفت عليه فوجدته من أحسن الكتب وأمتعها وهو مجلد واحد “(3)،ويحتوى هذا الكتاب على مائة تركيب ميكانيكى مع شروح تفصيلية ورسوم توضيحية لطرائق التركيب والتشغيل ، وهو ما يدخل اليوم فى نطاق علم “الهندسة الميكانيكة ” الذى يبحث فى الآلات والتجهيزات الميكانيكة التى تعتمد على حركة الهواء (الإيروديناميكا Airodynamics) ،أو حركة السوائل واتزانها (هيدرويناميكا Hydrodynamics،هيدروستاتيكا Hydrostatics) ،وقد استعملوا نظام الصمامات الآلية ذات التشغيل المتباطئ ،وعرفوا طريقة التحكم الآلى والتشغيل عن بعد ،ومن أمثلة تركيبات بنى موسى عمل سراج إذا وضع فى الريح العاصف لا ينطفئ ،وعمل سراج يخرج الفتيلة لنفسه ويصب الزيت لنفسه ،وكل من يراه يظن أن النار لا تأكل من الزيت ولا من الفتيلة شيئاً بتة ،وعمل فوارة (نافورة) يفور منها الماء مدة من الزمان كهيئة الترس ومدة مماثلة كهيئة القناة ،وكذلك لا تزال دهرها تتبدل – على حد قولهم ،وقد ترجم كتاب الحيل لبنى موسى إلى الإنجليزية فى عام 1979 م وأصبح الآن معروفاً الغربى ،ولكنه يحتاج إلى تحقيق جديد لإظهار محتوياته الفنية الدقيقة الت تستعصى على غير المتخصصين .

وتضمنت ابتكارات المسلمين الميكانيكية تصميمات متنوعة لساعات وروافع آلية يتم فيها نقل الحركة الخطية إلى حركة دائرية بواسطة نظام يعتمد على التروس المسننة ،وهو الأساس الذى تقوم عليه جميع الحركات العصرية ،ومن المؤلفات التراثية الرائدة فى هذا المجال كتاب “الجامع بين العلم والعمل النافع فى صناعة الحيل “لبديع الزمان الجزرى (4)،وقد وصفه مؤرخ العلم المعاصر جورج سارتون بأنه أكثر الكتب من نوعه وضوحاً ،ويمكن اعتباره الذروة فى هذا النوع من إنجازات المسلمين (5). ويضم كتاب الجزرى فكانت تستعمل دمى ذاتية الحركة لتشير إلى مرور الوقت ،مثل طيور تقذف من مناقيرها كرات صغيرة فوق صنوج أو دوائر بروج تدور ،أو موسيقين يقرعون الطبول ينفخون الأبواق ،وفى معظم هذه الساعات كان المحرك الأول ينقل الطاقة إلى الدمى بواسطة أنظمة بكرات بالغة الدقة ،وأما قسم آلات رفع الماء ففيه وصف لتصميم مضخة يعتبرها المؤرخون الجد الأقرب للآلة البخارية ،وتتكون هذه الضخمة من “ماسورتين” متقابلتين ،فى كل منهما ذراع يحمل مكبساً إسطوانياً ،فإذا كانت إحدى “الماسورتين ” فى حالة ضغط أو كبس فإن الثانية تكون فى حالة سحب (أو شفط ) ،ولتأمين هذه الحركة المتقابلة المتضادة يوجد قرص دائرى مسنن قد ثبت فيه كل من الذراعين بعيداً عن المركز ،ويدار هذا القرص بواسطة تروس متصلة بعامود الحركة المركز ، وهناك ثلاثة صمامات على كل مضخة تسمح بحركة المياه فى اتجاه واحد(6). واشتهر إلى جانب كتابى بنى موسى والجزرى كتاب ثالث هو “الطرق السنية فى الآلات الروحانية ” لتقى الدين ابن معروف الراصد الدمشقى الذى عاش فى القرن العاشر الهجرى (السادس عشر الميلادى )، فيه وصف العديد من الأجهزة الميكانيكية ،مثل الساعات الآلية والمائية والرملية ،والروافع بالبكرات والتروس (المسننات) ،والنافورات المائي ة ،وآلات الدوران باستعمال مبدأ العنفات (المراوح) البخارية التى نعرفها اليوم (7).

ومنذ نحو عشرين عاماً فقط اكتشف فى مكتبة “لورنسيين ” بفلورنسا كتاب فى الحيل الهندسية بعنوان ” الأسر فى نتائج الأفكار ” يعود إلى العصر العربى الأسبانى ،ويحوى أجزاء هامة حول الطواحين والمكابس المائية ،ويشرح (31) نوعاً من الآلات الميكانيكية وساعة شمسية متطورة جداً ،يقول “جوان فيرنيه ” J.Vernet  أستاذ تاريخ العلوم العربية بجامعة برشلونة حالياً : “لقد تأكدت نسبة كتاب الأسرار فى نتائج الأفكار للمؤلف العربى الأسبانى أحمد (أو محمد ) بن خلف المرادى الذى عاش فى القرن الخامس الهجرى (الحادى عشر الميلادى)”(8).

ومن أمثلة التقنيات المتقدمة التى صورها كتاب المرادى “منصة آلية ” فى جامع قرطبة الكبير تنفتح من تلقاء نفسها وتتيح تناول نسخة من القرآن الكريم وقرائتها دون أن تمسها الأيدى ،وهذه المنصة موضوعة على رف متحرك بواسطة سيور وآليات خافية عن الأنظار ،وفى موضوع آخر يقدم المرادى شرحاً وافيا لتقنية أخرى متقدمة فى قصر جبل طارق ،يتم فيها تحريك جدران مقصورة الخليفة آليا عن طريق تجهيز قاعة محركات إلى جانبها .

وجدير بالذكر أن علماء الحضارة الإسلامية كانوا يتبعون طريقة علمية منهجية فى ابتكار مصنوعاتهم وتنفيذها ،فكانوا يبدأون برسم مخططات ،ثم يصنعون نموذجاً مصغراً لما ينوون تنفيذه على نحو ما نجد اليوم فى التقنيات الهندسية المعاصرة ،ونجد فى كتبهم الكثير من المفاهيم الهامة ،سواء فى التصميم أو فى الصنع ، مثل تفصيح الخشب لتخفيف الالتواء ،وموازنة العجلات الساكنة ،واستعمال القوالب الخشبية ،والاستعانة بالنماذج الورقية لوضع التصميمات ،ومعايرة الفوهات ،وصب المعادن مع الرمل فى بوتقات مغلقة ،وغير ذلك . وهكذا نجد أن الحيل الهندسية فى عصر الحضارة الإسلامية لم تقتصر على صنع ألعاب أو أدوات ميكانيكية بسيطة ،بل كانت مبحثاً هاماً من مباحث العلوم الهندسية  له أصوله المنهجية والمعرفية ،والأمر يتطلب إسهام أهل الاختصاص فى إعادة تحقيق ما اكتشف من كتب ومخطوطات ،كما يتطلب بذل الجهود لاكتشاف ونشر كتب ومخطوطات جديدة فى هذا العلم .

2– علم الصوتيات :

علم الصوتيات Acousticsبمفهومه الحديث هو أحد العلوم الفيزيائية المعنية بدراسة الصوت والظواهر الصوتية بمختلف تطبيقاتها فى نواحى عديدة من حياة الإنسان تشمل مجالات الطب والهندسة والاتصالات والحاسبات والفضاء والموسيقى والبحث العلمى وغيرها ،وعلم الصوتيات – شأن شأن علم البصريات (أو المناظر) Optics– يدين بنشأته وإرساء أصوله المنهجية والمعرفية السليمة لعلماء المسلمين الأوائل فى عصر الحضارة الإسلامية الزاهرة ،ذلك أننا لم نعرف شيئا ذا قيمة علمية عن الاهتمام بدراسة الصوت فى الحضارات القديمة ،اللهم إلا فيما يتعلق ببعض أنواع الغناء والعزف (الموسيقى) . ومن ثم فإننا لا نستطيع أن نبدأ الحديث عن نظرية الصوت وتطبيقاتها إلا من حيث بدأ علماء الحضارة الإسلامية فى تناولها بالبحث والتحليل ،فقد أجمعوا من حيث المبدأ على أن هناك شيئين ضروريين لانبعاث الصوت وانتشاره : أما الشيء الأول فلابد من وجود جسم يهتز لإحداث موجات الصوت التضاغية ،على نحو ما نجد فى وتر العود أو الكمان ،أو فى الأوتار الصوتية عند الإنسان . وأما الشيء الثانى فلابد من وجود وسط مادى ،كالهواء أو الماء ،تنتقل خلاله هذه الموجات الصوتية إلى أن تصل إلى الأذن ويحدث الإحساس بالسمع فوتر العود مثلاً – لا نسمع له صوتاً إذا اهتز فى الفراغ ؛لأن التموجات الصوتية لا تجد الوسط الذى تنتقل خلاله إلينا ،ونحن نعلم اليوم أن القمر ليس له غلاف هوائى مثل الأرض ،ولهذا فإن رواد الفضاء على سطحه يتبادلون الحديث بواسطة الراديو (اللاسلكى) ،حيث يمكن للضوء وموجات الراديو الكهرومغناطيسية ، وليس موجات الصوت ،أن تنتقل خلال الفراغ (9). كذلك أجمع علماء المسلمين على تفسير جيد لحدوث “الصدى ” نتيجة لانعكاس الموجات الصوتية عندما يتعرض مسارها عائق ،فتحدث فى ارتدادها رجعا يشبه الصوت الأصلى .

ومن أوضح النصوص التى وردت فى تراثنا عن طبيعة الصوت والصدى ما ذكره بهمينار بن المرزبات فى كتابه “تحصيل بهمينار ” ،حيث قال : “والصوت أمر يحدث من تموج الجسم السيال الرطب كالهواء والماء بين جسمين متصاكين متقاومين ،وأما الصدى فإنه يحدث من تموج يوجبه هذا التموج ،فإن هذا التموج إذا قاومه شئ من الأشياء كجبل أو جدار حتى دفعه لزم أن ينضغط أيضاً بين هذا التموج الموجه إلى قرع آخر يرده ذلك ويصرفه إلى الخلف بانضغاطه ،ويكون شكله شكل الأول وعلى هيئته … ويجوز أن يكون لكل صوت صدى ولكن لا يسمع كما أن لكل ضوء عكساً .. والسبب فى ألا يسمع الصدى فى البيوت أن المسافة إذا كانت قريبة من المصدر وعاكس الصوت سمعا معاً فى زمان واحد أو قريب من واحد “(10).

ويؤكد الجلدكى فى كتابه “أسرار الميزان ” أن التموج الذى يحدث الصوت ليس المراد منه ركة انتقالية من ماء أو هواء واحد بعينه ،بل هو أمر يحدث بصدم بعد صدم ،وسكون بعد سكون … والصدى يحدث عن انعكاس الهواء المتموج (بنفس شكله وهيئته ) من مصادمة عال كبل أو حائط ،ويجوز أن لا يقع الشعور بالانعكاس لقرب المسافة فلا يحس بتفاوت زمانى الصوت وعكسه …”(11). ويستدل من هذا النص على أن الطاقة الصوتية – لا الوسط – هى التى تنتقل أثناء انتشار الصوت ،وهو ما يوافق التفسير العلمى الحديث لحركة الموجات التضاغطية .

وللصوت ،عند الفخر الرازى ،سببان :أحدهما قريب والآخر بعيد ،فالسبب القريب تموج الهواء ،وهو حالة شبيهة بتموج الماء تحدث بالتداول : من صدم بعد صدم مع سكون بعد سكون ،وأما السبب البعيد فهو من وجهين : إمساس عنيف ،وهو القرع ،أو تفريق عنيف ،وهو القرع ،أو تفريق عنيف وهو القلع ،”وإنما اعتبرنا العنيف (وحده) ؛لأنك لو قرعت جسماً ليناً كالصوف بقرع لين جداً لم تحس صوتاً ،ولو شققت شيئاً (شقاً) يسيراً ، وكان الشيء المشقوق لا صلابة ليه ،لم يكن للقلع صوت ،ثم إن تموج الهواء لازم لكلا السببين ؛لأن القارع للهواء يحوج (الهواء) إلى جنبتيها بعنف شديد ،وكذلك القالع ،ثم (إننا نجد) فى الأمرين جميعاً (أنه) يلزم للمتباعد من الهواء أن ينقاد للشكل والموج الواقعين هناك ،وإن كان القرعى أشد انبساطاً من القلعى “(12).

أما عن كيفية انتقال موجات الصوت الطويلة التضاغية خلال الهواء (أو أى وسط مادى) فإننا نعلم الآن أن ذلك يتم عبر سلسلة من التضاغطات (التكاثفات) والتخلخلات التى تحدث لو سط الانتقال ،أى إن الطاقة الصوتية ،لا الوسط ،هى التى تنتقل عن طريق اهتزاز جسيمات الوسط فى اتجاه انتشار التموجات ،فعندما يهتز وتر العود إلى الخلف تاركاً وراءه منطقة تخلخل ذات ضغط منخفض تتباعد فيه جزيئات الهواء عن بعضها ،وبتكرار هذه العملية مرات كثيرة تتحرك مناطق التضاغط والتخلخل ذهاباً وإياباً بنفس الطريقة التى يهتز بها وتر العود وينشأ ما نسميه بموجات الصوت الطويلة التضاغية ،وتجدر الإشارة إلى أن علماء المسلمين قد تعرضوا للحديث عن عملية التكاثف والتخلخل فيما يتعلق بإشكاليات المكان والمادة والخلاء ، فقال بعضهم بأن التخلخل هو تباعد الأجزاء تباعداً يترك ما بينها خالياً ،والتكاثف رجوع من الأجزاء لملء الخلاء المتخلخل ،وذكر ابن سينا أن هناك نحواً آخر من التكاثف والتخلخل لا يكون سببه اجتماع الأجزاء المتفرقة ،بل سببه أن المادة نفسها تقبل حجماً أصغر تارة وحجماً أكبر تارة أخرى ،وكلاهما أمران عرضان للجسم (13). وربما يجد المرء صعوبة فى ربط هذه الآراء بحركة التموجات الصوتية فى تلك المرحلة المبكرة جداً من التناول العلمى لظاهرة الصوت ،لكن من المهم أن يعول على هذا التحليل عن التأريخ لحركة الموجات التضاغطية فى العلوم الكونية (الطبيعية) بوجه عام ،وذلك للوقوف على حقيقة الدور الهام الذى أسهم به علماء الحضارة الإسلامية فى تحديد وصياغة واستخدام المفاهيم والمصطلحات العلمية .

من ناحية أخرى ،يكتسب الحديث عن سرعة الصوت فى كتب التراث الإسلامى أهمية خاصة فى الإطار المنهجى لتقييم المعرفة العلمية تاريخياً ،ومن يستعرض هذا الموضوع فى مختلف النصوص التراثية سوف يلاحظ أن البحث فى سرعة الصوت يأتى فى أغلب الأحيان مقترناً بسرعة الضوء .

فقد ذكر البيرونى – على سبيل المثال – أن سرعة النور أعظم كثيراً من سرعة الصوت (14) . وأشار ابن سينا إلى تأخر سماع صوت الرعد عن رؤية وميض البرق ،لكنه علل ذلك بأن البرق يرى فى الآن (أى فى نفس لحظة حدوثه )بلا زمان ،وأما السمع فيحتاج فيه إلى تموج الهواء أو ما يقوم مقامه من أجسام صلبة أو سائلة ، وذلك يحدث فى زمان ،فإذا اتفق أن قرع إنسان من بُعد جسماً على جسم فإنك ترى القرع قبل أن تسمع الصوت ؛لأن الإبصار – فيما يرى ابن سينا – ليس له زمان ،والاستماع يحتاج إلى “آن ” . وإذا كان ابن سينا قد جانبه الصواب فى تعليل الشق الخاص بالإبصار ،فإن الحسن بن الهيثم استطاع بالتجربة العلمية أن يبطل نظرية السرعة الآنية للضوء التى قال بها ابن سينا ،وأن يثبت أن للضوء زماناً وسرعة معينة ،إلا أن زمان حركة الضوء أسرع كثيراً بحيث لا يُحس به أصلاً (15).

ومما يؤسف له أن أحداً فى ذلك الوقت لم يفد من هذه الأفكار العلمية الهامة فى قياس سرعة الصوت وتحديد مقدراها ،ونحن لا نرى سبباً لذلك غير عدم توافر أجهزة دقيقة لقياس الزمن بالثوانى فى تلك المرحلة المبكرة من تاريخ التقنية ،وتأخرت هذه الخطوة الهامة – على بساطتها – إلى القرن السابع عشر عندما تمكن “ميرسن ” و “جاسندى ” Mersenne and Gassendiمن إجراء أول تجربة عملية لتعيين سرعة الصوت فى الهواء عن طريق قياس الفترة الزمنية التى تنقضى بين لحظة رؤية النار المنبعثة من فوهة مدفع (أو بندقية ) عند إطلاق قذيفة وبين لحظة سماع الصوت القذيفة عند موضع بعيد عن المدفع ،وظلت فكرة الرابط بين ضوء وصوت صادرين من مصدر واحد فى نفس اللحظة أساساً لتجارب عديدة بعد ذلك إلى أن تمكن “إسكلاجنون ” E.Escalagnonخلال الحرب العالمية الأولى فى عامى 1917 ،1918 م نن تقدير سرعة الصوت فى الهواء الجاف عند درجة الصفر المئوى بدقة عالية تقترب من القيمة النظرية لسرعة الموجات التضاغطية وهى 330.1 متراً فى الثانية (16).

وقد أفاد علماء الحضارة الإسلامية من نظريتهم فى علم الصوتيات على المستويين النظرى والتطبيقى . فعلى المستوى النظرى نذكر على سبيل المثال استخدامهم مبدأ القياس والمماثلة لاستحداث نظريات علمية جديدة ، على نحو ما ذكر كمال الدين الفارسى فى كتابه “تنقيح المناظر لذوى الأبصار والبصائر ” من أن “الحركة التى مر تقريرها فى الأضواء إنما هى على نحو حركة الأصوات ،لا عرى نحو حركة الأجسام (17)،فهو بذلك لأول مرة إلى أن الضوء ينتشر فى حركة موجية شأنه شأن الصوت الذى اتفق على أنه ينتقل فى تموجات ،ومما يحز فى نفس كل مسلم أن هذا الرأى المتقدم لكمال الدين الفارسى يذكر منسوباُ فى كتب العلم لعالم غربى يدعى “هيجنز ” نشره عام 1690 ،وأيدته تجربة “يونج “المشهورة عام 1801 ،ثم تجربة “فرنل ” عام 1814 م .

وعلى المستوى التطبيقى أفاد علماء المسلمين من معارفهم النظرية عن طبيعة الصوت وخصائصه فى تطويرعلم التآليف (الموسيقى والآلات الموسيقية ) ،وتواصلوا إلى أن اهتزاز الأوتار يخضع لعلاقة ثابته

تربط بين طول الوتر وغلظه وقوة توتره وشدة النقر عليه ونوع الصوت الذى يحدث عنه ،لكن الصياغة الرياضية لهذه العلاقة لم تتحقق إلا فى القرن السابع عشرالميلادى ،ولعل الكندى كان صاحب أول مدرسة للموسيقى فى العصر الإسلامى ،وكانت الموسيقى عنده من العلم الطبيعى ،ولكنها أيضاً ذات صلة وثيقة بالرياضيات ،ثم هى ذات أثر فى شفاء الأمراض ،وكان يعدها وسيلة لتحقيق غاية إنسانية  أعلى (18).

وطبق علماء الحضارة الإسلامية الخصائص المعروفة للصوت فى علم التصنيف ،مثال ذلك تصنيف الأصوات إلى أنواع منها الجهير والخفيف والحاد والغليظ ،تبعاً لطبيعة الأجسام المصوتة وقوة تموج الهواء ، وأيضاً تصنيف الحيوانات إلى : حيوانات ذوات الرئة ،وهى التى تختلف أصواتها باختلاف أطوال أعناقها وسعة حلاقيمها وتركيب حناجرها وشدة استنشاقها الهواء وقوة دفع أنفساها من أفواهها ومناخرها ،وحيوانات ليس لها رئة ولكن لها أجنحة كالزنابير ،وهى التى تحدث الأصوات نتيجة لتحرك الهواء بالأجنحة ، وحيوانات ليس لها رئة ولا أجنحة ،كالديدان والسلاحف ،وهى تسمى الحيوانات الخرس ،وتختلف الأصوات التى تحدثها باختلاف يبسها وصلابتها .

كما أن الفهم الواعى لأساسيات علم الصوت ساعد علماء المسلمين كثيراً على تطوير تقنية الهندسة الصوتية واستخدامها فيما يعرف الآن باسم “الصوتيات المعمارية ” . فقد عرفوا أن الصوت ينعكس عن السطوح المقعرة ويتجمع فى بؤرة محددة ،شأنه فى ذلك شأن الضوء ينعكس عن سطوح مرآة مقعرة ،وإذا أجرى حساب دقيق لهندسة السطوح المقعرة فإنه يصبح بالإمكان تسليط الأمواج الصوتية المنعكسة وتركيزها فى اتجاهات معينة بحيث تزيد من وضوح الصوت وشدته .أما إذا لم تراع الحسابات الدقيقة لأماكن وأبعاد السطوح المقعرة بالنسبة لأماكن إصدار الصوت واستقباله فإنه ينتج عن ذلك “تشويش ” لدى السامع .

وقد استخدم المهندسون المسلمون خاصية تركيز الصوت Focusing of soundفى أغراض البناء والتشييد ،وخاصة المساجد الجامعة الكبيرة لنقل وتقوية صوت الخطيب والإمام فى أيام الجمعة والأعياد ، مثال ذلك مسجد أصفهان القديم ومسجد العادلية فى حلب وبعض مساجد بغداد القديمة ،حيث كان يصمم سقف المسجد وأركانه بطريقة دقيقة تضمن توزيع الصوت بانتظام على جميع الأرجاء ،وتبقى هذه المآثر الإسلامية خير مشاهد على ريادة علماء الحضارة الإسلامية فى مجال هندسة الصوتيات التى ظلت اختصاصاً إسلامياً لعدة قرون ،وذلك قبل أن يبدأ العالم الشهير “والاس ك . سباين ” حوالى عام 1900 م فى دراسة أسباب سوء الصفات الصوتية لقاعة محاضرات فى جامعة “هارفارد ” الأميريكية ،وتتبع سلوك الخواص الصوتية للقاعات وحجرات عزف الموسيقى (19).

ولكى نقف على مدى أهمية الدور الإسلامى فى تطوير تقنية الهندسة الصوتية يكفى أن نذكر أن خاصية تركيز الصو تستخدم فى الحضارة المعاصرة كجزء أساسى من هندسة الصوتيات المعمارية ،حيث تزود المسارح وقاعات الاحتفالات الكبيرة بجدران خليفة مقعرة تعمل على ارتداد الصوت وزيادى وضوحه ، ويمكن تحسين الحالة الصوتية فى القاعات باستخدام ألواح مواد ماصة للطاقة الصوتية مثل “الفلين ” و”الجبس ” و”نسيج ” الألياف الزجاجية ” Fiber glass،وتوضع هذه الألواح فى أماكن معينة على السقف والجدران بغرض تقليل دوى الصوت أو التخلص منه .

وهكذا يتضح أن علماء الحضارة الإسلامية أحاطوا بالحقائق الأساسية لعلم الصوتيات ،وخاصة ما يتعلق بطبيعة الصوت وانتشاره وانعكاسه والإفادة منه تقنياً فى مجالات متنوعة .

3– علم التربية وطبيعة الأراضى :

هناك من يؤرخ لنشأة “علم التربة ” (أو “البيدولوجيا “Pedology) بكتاب “تشيرنوزيوم ” أو “الأرض السوداء ” الذى نشره العالم الروسى “دوكوتشايف “Dokoutchaevعام 1883 ،وأوضح فيه مفهوم التربة وأهمية العوامل المناخية فى تكوينها . لكن القراءة المتأنية فى تراث الحضارة الإسلامية تؤكد بما لايدع مجالاً للشك سبق علماء المسلمين إلى وضع أصول علم التربة وطبيعة الأراضى على أساس علمى تجريبى وفق ما كانوا يملكون من معطيات وأدوات ، بل إن الكثير من المصطلحات والمفاهيم التى وضعها علماء الحضارة الإسلامية فيما يتعلق بالتربة واستخدامها لا يزال يستخدم حتى اليوم فى علم الأراضى الحديث .

ولتجلية هذه الحقيقة الهامة نشير إلى كتاب “جامع فرائد الملاحة فى جوامع فوائد الفلاحة ” لمؤلفه رضى الدين بن محمد الغزى (935 هجرى) الذى تحدث بإسهاب عن نظرية تكوين التربة ،ووصف بوضوح تام الفروق المميزة بين ما يعرف اليوم باسم “التربة السطحية Surface soilو”التربة التحتية ” Subsoil، حيث تعتبر الطبقة السطحية من التربة غنية بالمخزون العضوى والمعدنى ،ويكون النشاط الحيوى فيها عالياً، بينما تعتبر الطبقة التحتية ذات خصوبة أقل ،وعادة ما يكون النشاط الحيوى فيها محدوداً ؛لذلك أكد الغزى عند إنشاء بساتين الفاكهة على أن يؤخذ التراب السطحى للحفرة ويوضع جانباً ثم يؤخذ التراب السلفى ويوضع فى الجانب الآخر ،والغرض من هذه العملية دفن الجذور بالتراب السطحى أولاً ؛لاحتوائه على نسبة أكبلا من المواد الغذائية ،ثم تكمله ردم الحفرة بالتراب السفلى ،يقول الغزى :”تقلب الأرض إذا أريد إنشاء الغراس فيها وهو أن يؤخذ من ترابها ما كان على وجه الأرض ،وقد أثر فيه كل من الشمس والهواء برهة من الزمان فيجعل أسفل الأرض المحفورة ليظهر أثره الجميل بما اكتسبه من الشمس والهواء ،ويكون مجاوراً ومخالطاً لأصول الأشجار المغروسة وعروقها فيربى حملها وينميها بحرارته ورطوبته فينجب بسرعة “(20).

ويشير عالم التربة الإسلامى إلى ضرورة إزالة الطبقة السطحية من التربة فى أعمال التسوية عند استصلاح الأراضى ؛لكى تظهر التلابة التحتية التى تكون ضعيفة الإنتاج ،فيقول : “ما يخرج من أعماق الأرض كالآبار والمطامير لا ينبت أول عام حتى تطبخه الشمس وتلطف أجزاءه ،ويكسب من حرارتها ؛لأن الأرض فى طبيعتها باردة يابسة ،ولولا تسخينها بالشمس وترطيبها بالمطر لما نشب فيها نبت ألبتة “(21).

كذلك عرف علماء المسلمين مفهوم “التربة المنقولة ” Transported soilعلى نحو ما يعرف اليوم عندما يحدث انجراف للطبقة السطحية من التربة بفعل الأمطار الشديدة فى الأراضى غير المغطاة بالغابات أو المراعى ،فتزيد الطبقة المنجرفة من خصوبة الأماكن التى تترسب عليها وتضر بالتربة التى انجرفت منها ، ويعبر الغزى عن ذلك بقوله :”إن أرض الجبل أبرد من السهل وأيبس ،لأن الأمطار تجرد ما أحرته الشمس فتهزل …والأرض الغائرة التى تسترها الجروف ونحوها باردة جداً رطبة كثيراً ” (22).

وأمام هذا التقسيم الطبقى لقطاع التربة Soil profileمن واقع الخبرة والممارسة لم يجزم علماء الحضارة الإسلامية بأفضلية الطبقة السطحية على الطبقة التحتية فى جميع الأحوال ،وتركوا الحكم فى نهاية الأمر للتجربة العلمية بحسب ظروف كل منطقة من الأرض . وفى مقدمة هؤلاء العلماء يأتى محمد إبراهيم بن بصال الطليطلى الذى جعل من الفلاحة علماً متميزاً ،حيث يقول فى كتاب “الفلاحة ” :”ليس كل أرض يطلق عليها جيدة ولا ردية حتى يعلم ظاهرها وباطنها ؛لأنه ربما كان وجه الأرض جيداً وأسفلها بخلاف ذلك ، أو يكون وجهها ردياً وأسفلها بخلاف ذلك ،وهذا كله يعرف بالاختبار والامتحان ودوام الحركة بالعمل فيها “(23).

 ولعل فى تلك النصوص التراثية التى ذكرنا ما يشير أيضا إلى دور السمات السطحية للمكان (أو الطوبوغرافيا Topography) فى عملية تكوين التربة وما يتضمنه ذلك من تأثير عوامل انحدار الأرض واستوائها واتساعها وارتفاعها أو انخفاضها عن سطح البحر .

وأسفر اهتمام علماء المسلمين بالأرض وإعمارها عن حصيلة ممتازة من المعارف المتعلقة بفيزياء التربة واستخدامها فى تصنيف أنواع الأراضى ،مثال ذلك ما توصل إليه هؤلاء العلماء من ربط حالة التربة وخصوبتها بمجموعة من العوامل الفيزيائية تشمل الحرارة والرطوبة والكثافة الظاهرية ،وهو ما نستدل عليه  من قول الغزى : “اعلم أن الأرض الطيبة هى الحارة الرطبة ،وسواد الأرض دليل على الحرارة .. والأرض الشديدة السواد تحمل الأمطار أكثر من غيرها ،ثم الأرض البنفسجية اللون وتسمى الهندية ،وهى طيبة جداً ، وإذا كانت منتفشة فإنه يجود بها الشجر كثيراً ،وبعدها الأرض الحمراء ،ثم الأرض الصفراء ،والأرض البيضاء أبردها “(24). كذلك بين الغزى دور قوام التربة فى امتصاصها للحرارة ،فقال : “الأرض الرملية تزيد حراً فى الصيف وبرداً فى الشتاء ،وكذلك الحجرية ،وذلك يؤذى الغراس … ويدل على جودة الأرض قلة تشققها عند يبسها وعدم احتباس الأمطار ،ولا تصير وحلة ،بل تشرب جميع ماء المطر ،ولا تصير وقت البرد كالخزف ،وخلاف ذلك يدل على الرداءة ” ،ويؤكد الغزى على حاجة الأرض إلى خواص فيزيائية جيدة بقوله “والحاجة إلى رطوبة الأرض ودسمها وانتفاشها أكثر من الحاجة إلى حرها “(25).

على أن أهم ما يميز المبتكرات التى توصل إليها علماء الحضارة الإسلامية فى علوم التربة والفلاحة أنها تستمد قيمتها من سلامة المنهج العلمى الذى اتبعوه فى تحقيقها ،وهو منهج يعتمد على الملاحظة والتجربة والاستقراء ،فهذا هو ابن العوام الإشبيلى صاحب كتاب “الفلاحة ” يؤكد أنه لم يثبت فى كتابه “الفلاحة ” يؤكد أنه لم يثبت فى كتابه إلا ما جربه مراراً فصح ،ويقول : إن أنت مارست الطين بيديك فتخلخل أصبته شبيهاً بالشمع يلصق شديداً فاعلم أنها أرض غير موافقه للبقول ،وأجود الأرض البنفسجية ،ثم شديدة الغبرة ؛ لأن فيها تخلخل (أى مسامية) ،وطعم ترابها عذب (أى خالية من الأملاح) ،ونراه يهتم بدور الدراسة المقارنة فيذكر لمعرفة نوع الأرض أنه قام بحفر ثلاث حفر بعمق نصف ذراع ،وجمع التراب فى آنية من الخزف بعناية شديدة ،ثم أخذ من أرض متخلخلة غير ملتزة ووضع فى الحفاير فإن بقى شئ كانت ملتزة(26).

وهذا هو رضى الدين الغزى بغير عن الطريقة التى تستخدم لمعرفة الكثافة الظاهرية للتربة باعتبارها مقياساً للانتفاش أو المسامية فيقول : “تمتحن الأرض بالميزان بأن يملأ إناء من تراب غير ندى ويوزن ،ثم يملأ أيضاً من تراب آخر ويوزن ” . وبهذا نجده قد ربط بين حجم التربة ومساميتها ،فكلما قلت الكثافة الظاهرية ، وهى كتلة وحدة الحجوم للأرض الجافة ،كانت التربة مفككة ،وتحتوى على فراغات كثيرة تساعد على التهوية الجيدة وتوفر الوسط الأمثل لإنبات البذور وتغلغل الجذور ،كما أوضح الغزى كيفية التعرف على الأرض من حيث جودتها من خلال الوقوف على مدى تلاحم وارتباط جزيئات التربة ومدى تخلخلها وانتفاشها ،وفى هذا يقول : “من أراد أن يعرف الأرض الذكية والوسط والرديئة حفر منها قدر ما بدا له ثم يعيد فى تلك الحفرة طينها الذى خرج منها ،فإذا زاد طينها عن حشو تلك الحفرة فتلك الأرض جيدة طيبة ، وإن كان ما يعاد من طينها إلى حفرتها كفافاً يستوى فى الأرض فهى أرض وسط ،وإن نقص عن حشوها فهى أرض رديئة “(27).

وهكذا يمكن أن نجد فى تراثنا الإسلامى ما نفيد منه فى تحديد العوامل الأكثر أثراً فى زخف الملوحة والجفاف على مناطق عديدة من الأرض الإسلامية التى تعجز الآن عن تلبية احتياجات أهلها بعد أن كانت تجذب فى عصور الازدهار الإسلامى كل الأوريبين بجمالها وخيراتها .

4 – علم البيئة :

“البيئة ” Environmentفى العلوم الكونية مصطلح يتسع مدلوله ليشمل مجموع الظروف والعوامل الخارجية التى تحيط بالكائنات الحية وتؤثر فى العمليات الحيوية التى تقوم بها ،والإنسان بطبيعة الحال واحد من مكونات البيئة دائم التأثير فيها والتأثر بها فى إطار التفاعل المستمر مع عناصرها المختلفة ،بما فيها من يمثل بنى جنسه ،ولذا فإن تعريف “البيئة ” يمكن النظر إليه أيضاً من خلال الأنشطة البشرية المختلفة ،

 فنقول : البيئة الزراعية والبيئة الصناعية والبيئة الاجتماعية والبيئة الثقافية …إلى آخره .

و”النظام البيئى Ecosystemمصطلح علمى يطلق على أية وحدة تتكون من كائنات حية ومكونات غير حية ،تتفاعل مع بعضها البعض لتكون نظاماً مستقراً فى إطار التوازن الكونى الشامل الذى قدره الخالق سبحانه وتعالى لقوانين البيئة المحكمة وموازينها الدقيقة ،فالصحراء والواحة والنهر والبحر كلها أمثلة لنظم بيئة محدودة ،وأكبر النظم البيئية التى نعرفها فى الكون هو ذلك الحيز  الذى تظهر فيه الحياة على الأرض ، مشتملاً على الإنسان والحيوان والنبات ،ويعرف باسم الغلاف (أو المحيط) الحيوى Biosphereوإذا تأملنا هذا النظام البيئى الأكبر فى محيط الأرض الحيوى لوجدنا أن كل ما فيه من ماء وهواء ويابسة وطاقة ومخلوقات حية يشكل كلاً متكاملاً يتميز باستمرارية الأخذ والعطاء فى اتزان معجز ودقيق وردت الإشارة إليه فى عدد من آيات القرآن الكريم (28). 

وتتجلى سمة التوازن البيئى فى كثير من الأشياء التى تقع حولنا ،مثال ذلك ما يقوم به النبات من امتصاص لغاز ثانى أكسيد الكربون الموجود فى الهواء واستخدامه فى صنع غذائه بواسطة عملية “البناء الضوئى ” التى يتولد منها غاز الأكسجين كناتج ثانوى يستهلكه الإنسان والحيوان فى عملية التنفس وغيرها من العمليات الحيوية ،حيث ينطلق غاز ثانى أكسيد الكربون من هذه التفاعلات إلى الغلاف الجوى لكى يبدأ دورته من جديد ،أى ان النظم البيئية لا توجد بمعزل عن بعضها البعض ،وكل شئ فى شبكة الغلاف الحيوى مرتبط بكل الأشياء الأخرى .

و”التلوث البيئى ” مصطلح شاع استخدامه حديثاً ،ويعنى وجود أية مادة أو طاقة فى غير مكانها وزمانها المناسبين ،وبكميات غير ملائمة لاستمرار التوازن البيئى ،فالماء – مثلاً – يعتبر مادة ملوثة إذا ما أضيف إلى التربة بكميات كبيرة فيحل محل الهواء فيما ويسبب اختناق جذور النبات ،والسماد المضاف إلى التربة الزراعية لتحسين خصوبتها يكون ملوثاً إذا مات أضيف بكميات غير مناسبة ،والنفط يلوث رمال الشواطئ ومياه البحار والأنهار عندما يتسرب إليها .

وهكذا فإن التلوث يشمل كل ما يكدر أو يفسد أيا من عناصر البيئة ،سواء كان هذا العنصر كائناً حياً كالإنسان والحيوان والنبات ،أو مكوناً طبيعياً غير حى كالهواء والماء والتربة وغيرها ،ويمكن أن يكون لكلمة تلوث معنى معنوى عندما تستخدم فى مجال الحديث عن البيئة الاجتماعية أو البيئة الثقافية مثلاً ،لتدل على تغير ينتاب النفس فيكدرها أو الفكر فيفسده أو الروح فيضرها ،وهذا التغير يكون دائماً إلى ما هو أسوأ .

“وعلم البيئة “(أو الإيكولوجيا Ecology Interdisciplinaryالحديثة التى تتجاذبها اختصاصات علمية متعددة ،وهو يعنى بالبحث فى العلاقات المتبادلة بين الكائنات والبيئة المحيطة بها ،ويتتبع أسباب الخلل الذى يحدث فى التوازن البيئى ليقف على تأثيراته المباشرة وغير المباشرة ،ويحذر من أخطاره العاجلة والآجلة ، ويدل على أفضل الطرق لمكافحة التلوث والقضاء عليه ،وقد حظى “علم البيئة باهتمام متزايد خلال العقود الأخيرة بعد أن وجد الإنسان نفسه متورطاً فى الانشغال الزائد بثورة العلم والتقنية ،وكادت البشرية تفقد سيطرتها على البيئة بعد الإخلال الهطير الذى حدث فى معظم النظم البيئية ،وانتشار معدلات التلوث بالمواد الكيميائية والإشعاعات النووية والضوضاء والأمواج الكهرومغناطسية والطاقة الحرارية وغيرها (29).

وكان من نتائج هذا الاهتمام العقاد أكبر مؤتمر قيمة عالية فى تاريخ البشرية فى مدينة “ريو دى جانيرو ” البرازيلية عام 1992م للنظر فى المشكلات البيئية التى تهدد سلامة الإنسان واستمرار الحياة على كوكب الأرض ،والاتفاق على معاهدات تنظم واجبات الدول فى مواجهة مختلف أشكال الخلل البيئى ،لكن الضوابط والمعاهدات الدولية التى توصل إليها المجتمعون لم تحقق حتى الآن التوازن المطلوب بين طموح الإنسان علمياً وتقنياً واقتصادياً من جهة ،وبين المحافظة على نظافة البيئة وسلامتها من جهة أخرى .

وهنا يفرض الحديث عن الإسلام نفسه ،فقد سبق الدين الإسلامى الحنيف إلى وضع تشريعات محمكة لرعاية البيئة وحمايتها من آفات التلوث والفساد ،ورسم المنهج الإسلامى حدود هذه التشريعات على أساس الالتزام بمبدأين أساسيين يحددان مسؤلية الإنسان حيال البيئة التى يعيش فيها : أما المبدأ الأول فهو “درء المفاسد ” حتى لا تقع بالبلاد والعباد وتسبب الأذى للفرد والمجتمع والبيئة ،حيث لا ضرر بالنفس ،ولا ضرار بالغير . وأما المبدأ الثانى فهو “جلب المصالح ” وبذل كل الجهود التى من شأنها أن تحقق الخير والمنفعة للجماعة البشرية ،وأهم ما يميز هذا المنهج الإسلامى الرشيد هو الأمر بالتوسط والاعتدال فى كل تصرفات الإنسان باعتباره من أهم عوامل الخلل والاضطراب والقلق فى منظومة التوازن البيئى المحكم الذى وهبه الله سبحانه وتعالى للحياة والأحياء فى هذا الكون ،كذلك يتميز المنهج الإسلامى بأن جعل النظافة والطهارة مقترنتين بالإيمان ،واعتبر التلوث نجاسة كريهة ،ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن البول فى الماء ،فقال :”لا يبولن أحدكم فى الماء الدائم ثم يتوضأ فيه “(30)،كما جاء فى الحديث الشريف :”اتقوا الملاعن الثلاث : البراز فى الموارد وقارعة الطريق والظل “(31).

وقد ثبت أن هذه الأعمال والتصرفات تسبب الأمراض الوبائية والمتوطنة وتساعد على انتشارها ،ولا شك أن النهى عنها ينسحب على جميع الملوثات الأخرى التى تضر بصحة الإنسان والحيوان وبقية المخلوقات .

ويزخر التراث الإسلامى بمؤلفات عديدة حول البيئة وسلامتها من جوانب مختلفة ،فنجد على سبيل المثال: “رسالة فى الأبخرة المصلحة للجو من الأوباء “للكندى ،وكتاباً فى “التحرز من ضرر الأوباء ” لمحمد بن أحمد التميمى ،وكتاباً حول “فنون المنون فى الوباء ،والطاعون” لا بن المبرد ،أما الرازى الطبيب فقد نشد سلامة البيئة عندما استشاره عضد الدولة فى اختيار موقع لمستشفى ببغداد ،فاختار الناحية التى لم يفسد فيها اللحم بسرعة ،وكانت المستشفيات بصورة عامة تتمتع بموقع تتوافر فيه كل شروط الصحة والجمال ،فعندما أراد السلطان صلاح الدين أن ينشئ مستشفى فى القاهرة اختار له أحد قصوره الفخمة البعيدة عن الضوضاء  وقد ألف الرازى رسالة فى تأثير فصل الربيع وتغير الهواء تبعاً لذلك ،بينما تحدث أبو مروان الأندلسى فى كتابه :” التيسير فى المداواة والتدريب ” عن فساد الهواء الذى يهب من البرك والمستنقعات ذات الماء الراكد، وجاء فى كتاب “بستان الأطباء وروضة الألباء ” لابن المطران الدمشقى ما يؤكد ضرورة مراعاة تأثير البيئة عند تشخيص المرض ،وخصص ابن القيم فى كتابه “الطب النبوى ” فصلاً عن الأوبئة التى تنتشر بسبب التلوث الهوائى ،والاحتراز منها ،وقد لخص ذلك الفصل بقوله :”والمقصود : أن فساد الهواء جزء من أجزاء السبب التام والعلة الفاعلة للطاعون ،وأن فساد جوهر الهواء هو الموجب لحدوث الوباء ،وفساده يكون لاستحالة جوهره إلى الرداءة ؛لغلبة إحدى الكيفيات الرديئة عليها ،كان من أوقات السنة ،وإن كان أكثر حدوثه فى أواخر فصل الصيف وفى الخريف غالباً …”(32).

وهكذا كلما أجلنا النظر فى نصوص الشريعة الإسلامية وصفحات التراث الإسلامى وجدنا منهجاً إسلامياً حكمياً ينهى عن التلوث والفساد بكل صورهما ،ويعول قبل كل شئ على رقابة الضمير الذى يحترم القانون الإلهى لما فيه من خير لكل البشر ،وإن ما تعانيه البيئة اليوم من تدهور ليس سوى مظهر من مظاهر الفساد فى الأرض ،الذى جلبه الإنسان لنفسه وأشار إليه القرآن الكريم فى قوله تعالى :{ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذى علموا لعلهم يرجعون }(33).

5- علم البيطرة :
علم البيطرة ،أو طب الحيوان ،يبحث فيه عن أحوال الحيوانات ،من جهة ما يصح وتحفظ به صحته ،أو يمرض ويعالج من مرضه ،قد اهتم علماء الحضارة الإسلامية بالثروة الحيوانية ،وكل ما يتعلق بتطويرها ونمائها ،يشهد على ذلك ما تضمنه مؤلفاتهم من دراسات قيمة تتعلق بتغذية الحيوان وتربيته ومداواته من الأمراض التى تصيبه ،فقد أفراد أبو بكر أحمد بن وحشية فى القرن التاسع للميلاد كتاباً للحيوانات المعينة على الفلاحة مثل البقر والغنم والإبل وغيرها ،وجعل باباً خاصاً للحمام والطيور والكراكى ،كذلك خصص ابن العوام الأبواب الأخيرة من كتاب “الفلاحة الأندلسية ” لتربية الماشية ،وتحدث عن أمراض الحيوان ، وكيفية اختيار الجيد ،ومدة الحمل ،وما يصلح من العلف ،ثم تحدث عن التسمين ورياضة الأمهار وعلاج بعض علل الدواب ،وخصص فصلاً عن إقتناء الطيور فى البيوت ،مثل الحمام والأوز والدجاج ونحل العسل، ثم اقتناء الكلاب للصيد أو الزرع (34).

من ناحية أخرى ،عرف علماء المسلمين ظاهرة التهجين وأنماطه المختلفة ،فنجد أبا عبد الله القزوينى – على سبيل المثال – يشرح خصائص الحيوانات الهجينة بقوله :”إن الحيوانات المركبة تتولد بين حيوانين مختلفين فى النوع ،ويكون شكلها عجيباً بين هذا وذاك “(35). ويصف الجاحظ ظاهرة التهجين وصفاً علمياً بقوله :”إننا وجدنا بعض النتائج المركب وبعض الفروع المستخرجة منه أعظم من الأصل “(36).

ويعترف العالم بإسهامات علماء الحضارة الإسلامية فى مجال تحسين النسل الوراثى (أو اليوجينا Eugenics) عن طريق انتقاء صفات وراثية معينة ،وقد تجلى هذا بوضوح فى حرصهم على أنساب الخيول العربية بحصر التزواج فيما بينها وبين أفراس أصلية ذات صفات وراثية محددة ،وتابعوا اصطفاء الصفات على الأنسال القادمة ،ومنعوا أى تزاوج عشوائى مع أفراد مغمورة أو وضيعة النسب ،وكان لهذا الأسلوب الوراثى  أكبر الأثر فى لفت الأنظار بعد ذلك إلى استيراد الخيول العربية ودخولها فى التهجين مع سلالات أخرى لرفد مورثاتها (Genes) بخصائصها الفذة كالرشاقة والجمال المرهف والذكاء المرهف والذكاء المفرط والعرف الغزيز وصغر الآذان وغيرها ،ولا عجب فى أن يولى المسلمون اهتماماً خاصاً بالخيل لمنفعهها العظيمة في الجهاد والحد وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حقها: “الخيل معقود بنواصيها البر إلى يوم القيامة ،وأهلها معانون عليها ،والمنفق عليها كالباسط يده بالصدقة”(37).

وقد سبق علماء المسلمين إلى الحديث عن “سياسة الحيوان “،وهو من الفروع الحديثة المعروفة فى علم البيطرة ،فعرض داود بن عمرو الأنطاكى فى تذكرته فصلاً ضافياً عن أخلاق الحيوان ،وذكر الجبلى منها والاكتسابى وكيفية خروج ذلك بالعلاج ،فمنها سرعة الأنتقال من حالة أخرى كالوقوف بعد المشى ويسمى فى الخيل “حرناً ” ،وسببه سوء المركوب وجهل المروض لها ،وقد يعترى غير الخيل ويدخل فى الوحش ، خصوصاً الأسد والفهد ،وأشد الحيوانات انحرافاً البغل ينسى فى كل يوم خصلة محمودة ويحفظ خصلة مذمومة ،وذكر داود أن من الأخلاق الرديئة أيضاً ” الكلام ” وهو العض والنهش مع هيجان ،وأكثر ما يكون فى الجمال ،وقد تدعو الحاجة إلى برد أسنانه ،لكنه أنكر ما قاله آخرون فى علاجه بأن يلقم نحو الحنظل والصبر ؛لأنه يفضى إلى إدباره عن الأكل فيكون سببا لتغير جسمه (38).

واتبع علماء المسلمين أسلوباً رائداً فى التعرف على أمراض الحيوانات والتماس علاجها ،مع ملاحظة ما بينها وبين الإنسان من اختلاف فى الأغذية والتركيب ،وما يجب لذلك من تعديل فى أنواع العلاج وكميات الدواء ،وتناولت الكتب التراثية مختلف الأمراض التى تصيب الحيوانات من خيول وأبقار وثعالب وكلاب وطيور وغيرها ،فذكروا البرص والبهق والسعال والريقان والخناق والاستسقاء ورجع القلب وضعف الكلى وآلام المفاصل والنقرس والقروح وأمراض العين والحافر وآلات التناسل ومعالجة السموم وغير ذلك “(38)، وامتد اهتمام بياطرة المسلمين ليشمل بعض أنواع الطفيليات التى تصيب الحيوانات والطيور ،فعلى سبيل المثال ،قدم الصاحب تاج الدين فى كتابه “البيطرة ” وصفاً تفصيلياً لعلامات الديدان فى بطن الخيول والقروح المتولدة عنها ،وتطرق أيضاً إلى تطفل العلق الذى يصيب الدواب ،فإن هى وقعت فى جوفه ذبل لحمه وهلك “(40).

كذلك تكلم الجاحظ فى كتاب ” الحيوان ” عن دور الذباب فى نقل الأمراض البيطرية ،ووصف طرق علاج وجود الديدان فى بعض الحيوانات ،وحرص الغطريف الغسانى أن يدون فى كتابه “ضوارى الطير ” ملاحظاته الهامة عن أنواع الطفيليات التى تصيب الطيور الجارحة (41).

وهكذا يتضح ثراء التراث الإسلامى بالمعلومات التى تعتبر أساساً لعلم البيطرة الذى تطور فى العصر الحديث ليشمل مباحث فرعية يعتبر كل منها الآن علماً مستقلاً قائماً بذاته .

خاتمة :

حاولنا إلقاء الضوء على بعض العلوم المغمورة فى تراثنا العلمى الإسلامى ،والتى تشكل أساساً لكثير من المباحث العلمية الدقيقة التى أصبحت تعامل اليوم كعلوم مستقلة نظراً لاتساع دائرة البحث فى موضوعاتها . ويبقى هناك الكثير من العلوم المنسية التى تحتاج إلى التذكيربها وكشف أصولها فى التراث الإسلامى على ضوء معطيات العلوم الحديثة ،مثل علم التعدين ،وعلم التحسين الوراثى (اليوجينيا) ،وعلم البحار والمحيطات (الأوقيانوغرافيا) ،وعلم الطفيليات ،وعلم المراعى ،وعلم الحفريات ،وعلم الزلازل ،وعلم الشفرة ،وعلم البيزرة ،وعلم التمريض ،وعلم المكتبات ،وغيرها ،ندعو الله تعالى أن يوفقنا إلى تناولها بالبحث والتحليل فى دراسات قادمة بإذن الله ،ونهيب بغيرنا من أهل الاختصاص أن يعانوا فى ذلك .

هذا ،والله من وراء القصد ،وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

الهوامش

(1) راجع فى ذلك :

D. Speier and p .Radelet – de Grave,”publishing Complete Works of the Great Scientists : an international Undertaking ‘Impact of Science on Society ,No 1 60 ,pp 321 – 348 (1990).

(2) بنو موسى بن شاكر ثلاثة إخوة لمعوا فى مجال العلوم التطبيقية والتقنية ،عاشوا فى القرن الثالث الهجرى (التاسع الميلادى) . قام دونالدهيل Donald Hillبترجمة كتابهم “الحيل ” كاملا إلى الأنجليزية فى عام 1979 م ،ثم حققه بالعربية أحمد يوسف الحسن بالاشتراك مع محمد على خياطة ومصطفى تعمرى ، ونشره معهد التراث العلمى العربى ،جامعة حلب 1981 م .

(5) جورج سارتون ،مقدمة فى تاريخ العلم .

(6) دونالدهيل ،ترجمة كتاب الجامع بين العلم والعمل النافع فى صناعة للجزرى ،نشر دوردرشت – ديل 1979 م .

(7) أحمد يوسف الحسن ،تقى الجين والهندسة الميكانكية مع كتاب الطرق السنية فى الآلات الروحانية من القرن السادس عشر ،جامعة حلب ،معهد التراث العلمى العربى 1976 م .

(8) جوان فيرنيه ،الإنجازات الميكانكية فى الغرب الإسلامى ،مجلة العلوم الأمريكية ،الترجمة العربية ، الكويت أكتوبر نوفمبر (مجلد 10) 1994 م ،وكان هيل قد نشر مقالاً عن كتاب المرادى فى مجلة تاريخ العلوم العربية ،ع1 (1977) ص ص : 33- 44 .

(9) التجربة البسيطة التى يجريها الطلاب فى المعمل للتأكد من صحة هذه الحقيقة العلمية يضعون فيها ناقوساً زجاجياً فوقه ساعة ذات جرس يدق (منبه) ،ويستخدمون مضخة هوائية لتفريغ ما يمكن إفراغه من هواء الناقوس ،ثم يسمحون بدخول الهواء تحت الناقوس مرة أخرى ،فيلاحظون أن صوت دقات الجرس يخف رويداً رويداً أثناء تفريغ الناقوس من الهواء ،ثم يشتد الصوت عندما يدخل الهواء فى الناقوس .

(10) د . أحمد فؤاد باشا ،التراث العلمى للحضارة الإسلامية ومكانته فى تاريخ العلم والحضارة ،الطبعة الثانية ،القاهرة فى 1984 ،ص 89 .

(11) قدرى حافظ طوقان ،العلوم عند العرب ،سلسلة الألف كتاب ،مكتبة مصر بالفجالة ،بدون تاريخ للنشر ص38 .

(12) عمر فروخ ،تاريخ العلوم عند العرب ،دار العلم للملايين ،بيروت 1977 م ،ص 241 .

(13) د . محمد عاطف العراقى ،الفلسفة الطبيعية عند ابن سينا ،دار المعارف 1983 م ،ص 112 وما بعدها .

(14) عمر فرخ ،تاريخ العلوم عند العرب ،مرجع سابق ،ص 418 .

(15) كمال الدين الفارسى ،كتاب تنقيح المناظر لذوى الأبصار والبصائر ،الجزء الأول ،الهيئة المصرية العامة للكتاب ،1404 هجرى = 1984 ،ص 280 وما بعدها .

(16) AL. Reimann ,physics ,Vol ,pp 285 – 286 ,Barnes & Noble . Inc New York 1971 .

(17) د . على الدفاع ود . جلال شوقى ،أعلام الفيزياء فى الإسلام ،ط2 ،مؤسسة الرسالة ،بيروت 1406 هجرى / 1985 م ،ص 69 .

(18) د . أحمد فؤاد الأهوانى ،الكندى فيلسوف العرب ،الهيئة المصرية للكتاب 1985 م ،ص 161 وما بعدها .

(19) راجع فى ذلك : تاريخ العلم والتكنولوجيا ،الجزء الثانى ،القرنان الثامن عشر والتاسع عشر ،تأليف : ر.ج فوربس ،أ.ج ديكسترهوز ،ترجمة : أسامة أمين الخولى مراجعة / محمد مرسى أحمد ،سلسلة الألف كتاب (الثانى ) ،الهيئة المصرية العامة للكتاب 1966 م . ص 68 . وتجدر الإشارة إلى ما جاءفى هذا الكتاب من اعتبار ” سابين ” رائداً فى مجال بناء قاعات استماع الموسيقى على أساس علمى ،وكنا نتمنى أن ينوه فى الترجمة العربية على الأقل إلى الريادة الحقيقية لعلماء المسلمين فى مجال هندسة الصوتيات . ولعل هذا يؤكد أهمية الحاجة إلى تنقية الكتب العلمية من المغالطات التاريخية التى تسربت أو تتسرب إلى ثقافتنا وتهدف إلى طمس الدور الرائد لحضارتنا الإسلامية فى دفع حركة التقدم العلمى والتقنى .

(20) د . محمد عبد الله الصديق ،بعض المفاهيم والمصطلحات العربية عند الغزى فى دراسة علم التربة ، ندوة التراث العلمى العربى للعلوم الأساسية ،طرابلس ليبيا ،ديسمبر 1990 .

(21) المرجع السابق .

(22) د . محمد وليد كامل ،دراسات حول واقع التربة فى المنطقة الجاقة عند الفلاحين العرب ” ،ندوة التراث العلمى العربى للعلوم الأساسية ،طرابلس ليبيا ،ديسمبر 1990 .

(23) المرجع السابق .

(24) د . محمد عبد الله الصديق ،مرجع سابق .

(25) د . محمد عبد الله الصديق ،مرجع سابق .

(26) د . أحمد فؤاد باشا ،التراث العلمى للحضارة الإسلامية ،مرجع سابق ،ص 144 .

(27) المرجع السابق .

(28) مقل قوله تعالى :{إنا كل شئ خلقناه بقدر } [سورة القمر :49]  ،وقوله عز من قائل : {والأرض مددناها وألقينا فيها رواسى وأنبتنا فيها من كل شئ موزون } [سورة الحجر :19] .

(29) راجع فى ذلك : د . أحمد مدحت إسلام ،التلوث مشكلة العصر ،عالم المعرفة ،الكويت 1411 هجرى / 1990 م .

(30) رواه مسلم .

(31) رواه أبو داود وأحمد ومسلم .

(32) ابن قيم الجوزية ،الطب النبوى ،دار مكتبة الهلال ،بيروت لبنان ،بدون تاريخ للنشر .

(33) سورة الروم 41 .

(34) د . أحمد فؤاد باشا التراث العلمى للحضارة الإسلامية ،مرجع سابق .

(35) زكريا بن محمد بن محمود القزوينى ،عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات ،بيروت 1973 .

(36) عمرو بن بحر الجاحظ ،الحيوان ،تحقيق عبد السلام محمد هارون ،مطبعة مصطفى الحلبى ،مصر 1951 م .

(37) رواه الطبرانى فى فى الكبير عن أبى كبشة .

(38) داود الأنطاكى ،تذكرة أولى الألباب والجامع للعجب العجاب ،مطبعة على صبيح وأولاده ،مصر ، بدون تاريخ .

(39) محمد مروان السبع ،علم الحياة الحيوانية فى التراث العربى ،منشورات جامعة حلب ،ومعهد التراث العلمى العربى 1989 م .

(40) بهيجة الجنابى ،الطفيليات البيطرية ،مطبعة التعليم العالى ،الموصل 1988م ،راجع أيضا : د . محمد مروان السبع ،الوارثة علم أسسه العرب ،أعمال ندوة التراث العلمى فى العلوم الأساسية – طرابلس ليبيا 1990 م .

(41) الغطريف بن قداكه الغسانى ،كتاب ضوارى الطير ،منشورات معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية ، فرانكفورت 1984 .

○○○

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر