أبحاث

دور الرجل والمرأة في الأسرة المسلمة بالولايات المتحدة الأمريكية

العدد 21

لقد خطر بذهني هذا الموضوع عندما سمعت بعض المناقشات التي تدور حول مسألة “المساواة” بين الرجل والمرأة في الإسلام، وعندما أبدى البعض رفضهم لمبدأ قبول الرجل كراس الأسرة. وفي معظم تلك المناقشات، تمت الإشارة إلى الكثير من المفاهيم
الغربية باعتبارها غير قابلة للدحض من الناحية العلمية، تم تفسير الكثير من الآيات القرآنية على نحو اعتباطي من تجاهل الكثير من الأحاديث ووصفها بأنها غير موثوق بصحتها، ولقد استطعت أن أدرك بوضوح الدوافع الكامنة وراء تلك المناقشات، وكيف أن معظمها كانت نتيجة للبنيان الاجتماعي الغربي الغير ثابت، بالإضافة إلى الأيديولوجية الغير إسلامية المسيطرة على أحكام الأشخاص في تلك المجتمعات.

وإذ أردنا الحديث عن دور كل منا لجنسين في الأسر المسلمة إلي تعيش في الولايات المتحدة الأمريكية ، فمن الواجب أن نعرف ما هي “الأسرة” ومنشؤها ووظيفتها والأسرة المسلمة كما هي في واقع الأمر، والمفهوم الإسلامي للأسرة، وأخيرا دور كل من الزوج والزوجة في الحياة الأسرية. وسوف يكون الجزء الأخير من تلك المعرفات محور دراستنا هذه.

1 – منشأ الأسرة:

( أ ) العامل البيولوجي:

لقد قدم لنا العلماء الاجتماعيون تعريفات مختلفة لمؤسسة الأسرة التي نشير إليها فيما بعد. ومع ذلك – وفي خط هذه المقالة – سوف تعتبر أن الجماع البيولوجي الأساسي بين الذكر والأنثى يعتبر عنصرا أساسي لتكوين الأسرة، كما نجد أن الجنسية المثلية لم تخلقها الطبيعة.

1 – الخلية:

تتكون جميع الكائنات الحية – من الناحية البيولوجية – من نوعين من الخلايا: الأيوكاريوتس والبروكاريوتس ويمثل النوع الأول تلك الخلايا التي تحتوي على نواة وتتكاثر عن طريق الجماع والتزاوج. أما النوع الثاني، أي البروكاريوتس، فهو يمثل الخلايا التي لا تحتوي على نواة، ومن ثم تعد أحادية الخلية، وتتكاثر عن طريق الانقسام. وتحتوي كل خلية على خصائصها الوراثية، وتحمل معلوماتها في المادة الحمضية التي توجد في نواة الخلية: “.. في جديلتين طويلتين للغاية، تلتف كل منهما حول الأخرى في لولب مزدوج” وأنه لما يثير الاهتمام الشديد أن نعرف أن الأيوكاريوتس فقط هي “القادرة على تكوين الأجسام التي تمثل أعجوبة الخليقة – تلكا لأجسام التي تحتوي على القل، والرئتين، والكليتين والمخ” أما البركاريوتس فتعد طفيلية بطبيعتها كما تعد عدو قاتلا للايوكاريوتس يأكلها عن آخرها أو يدمرها بواسطة أنزيماته. وأن الكائن الحي (الإنسان) ليس بأكثر من مجموعة من الخلايا تعمل سويا.

والجنس، أي الكلمة التي تشير غلى تبادل العناصر الوراثية. ويتطلب وجود كائنين حيين، ويكون ايصالهما سويا من أجل التكاثر. وبالرغم من أنه ثمة بعض الكائنات الحية التي تستطيع التكاثر بدون العمليات الجنسية مثل بعض أنواع البكتيريا، فإننا نجد أن من المحتم على ذريتها مماثلة الأصل بدون أي اختلاف أو قابلية للتطور، إذ التطور يحتاج إلى خصائص ورثاية مختلفة لا يمكن تحقيقها إلا عن طريق الاتحادات المتجددة أبدا بين الخصائص المورثة للخلايا المتغايرة الجنس – أي الأيوكاريوتس.

وقبل أن نتجه لاستكشاف وظائف الخلايا باعتبارها الشيء المكون للذكور والإناث من بني البشر، فإنه من الهام للغاية أن نعرف أن الخلايا ذاتها تعد من نتائج الذرات. وأن الذرات تتبع نمطا خالدا محددا للسلوك وكأم لديها نوع من الإدراك الذي يجمعها سويا بمثل ذلك الأسلوب المنظم، وهي تقوم بتكوين الجزئيات بأشكال هندسية غريبة، وتقوم الجزيئيات بتكوين الأنسجة التي تصبح بمثابة الأعضاء التي تقوم ببناء الكائن الحي بشكل يتعذر تدميره.. وإن لكل جزيء خصائصه المميزة الخاصة به وفقا للذرات التي يتكون منها… وتحوذ الحياة على خصائصها بمقتضى الجزيئيات التي تدخل في بناء الكائنات الحية.” وجميع الكائنات الحية بما في ذلك البكتيريا – يجب من أجل التكاثر أن تستخدم الحامض النووي المنظم في المورثات، وتعد المورثات الحامل الحقيقي لجميع الصفات الوراثية والخصائص الخاصة بالذرية.

هذه المعلومات الأولية المقر بها تظهر لنا بعض الحقائق الأساسية في الحياة تعيننا في هذه الدراسة. فالحقيقة الأولى ومدمرة. وهي ليست قابلة للتطور ولا تكون أي جزء من أنظمتنا الوظيفية.

والشيء الثاني هو أن الأيوكاريوتس لا تستطيع البقاء دون الزواج لأنها تتكاثر عن طرق التزاوج، ويعد اتحادها أساس الرقي إلى الأفضل من خلال عملية الاختيار الطبيعي. فهي قد وهبت خاصية اختيار الأصلح من بينها، ومن ثم تستطيع الرقي من الناحية الوراثية.

وشيء ثالث هو أن جميع الجزيئيات تنتمي في أصلها الأول إلى الذرة، التي لا تستطيع البقاء بدون الاتحاد بمقتضى طبيعتها، وأن مكونات الذرة أي: البروتونات، والنيوترونات، والإلكترونات هي الأخرى يتحتم عليها أن تتحد.

ومن ثم، فإن الزواج يعد قانون الوجود، وهو بمثابة صفة متأصلة في خلايانا وبنياننا لا نستطيع البقاء أو التطور بدونها، وفي كل زواج للخلايا يجب أن يكون ثمة ذكر وأنثى، أي الموجب الذي يقوم بالعطاء في الجماع والسالب الذي يقوم بالاستقبال، وفي عالم الخلايا، الذي هو عالمنا، يستمر كل شيء في الرقي في نظام شديد التدقيق، فالنظام يؤدي إلى تعيين الخلية وتؤدي الخلية إلى تعيين الحياة. و”قبل أن تكون ثمة حياة، يجب أن يكون ثمة نظام..ويجب أن يكون ثمة تنظيم.. فإن النظام هو الحياة.. أما الموت فهو اللا نظام”.

2 – بيولوجيا الإنسان:

لقد تم اكتشاف الكثير عن الخلية، وتكوينها، ووظيفتها، وتكاثرها، ولكنه لم يستطيع أي شخص أن يعرف كيف نشأت الخلية الأولى، فالأيوكاريوتس – كما ذكرنا من قبل – تعد على مستوى عال من التنظيم وتعد بمثابة خلايا متخصصة للغاية تقوم ببناء أجسامنا، بل في الحقيقة تبث فينا الحياة، وتتكون كل خلية من عدد من الطبقات التي تكمن فوق طبقات من الجزيئيات تنفصل بعضها عن البعض بواسطة الأغشية، وفي وسطها تقع النواة المحاطة بغشاء مزدوج، وتحتوي النواة على المورثات – أي المقررات النهائية للخلية – التي تكون ملتفة في سلسلة أنابيب من الكروموسومات.

ويتكاثر البشر عن طريق الاتحاد بين خلية مذكرة وخلية مؤنثة، تماما مثلما يتم تكاثر أي ذرية أخرى. وعندما يتم الإخصاب (أي الاتحاد أو التزاوج) يتم تكوين خلية جديدة، ويتم تقرير الجنس إلى جانب التركيب البدني، بما في ذلك المخ، بواسطة المورثات. التي تم اتحادها في الخلية الجديدة وكل من الذكور والإناث لديهم نفس أساس الكروموسومات (X)، ولكن منذ البداية الأولى. إذا كان هذا الأساس مقترنا مع واحد أو أكثر من كروموسومات (X). فإن النتاج يكون أنثى، أما إذا اقترن الأساس مع واحد أو أكثر من كروموسومات (Y)، يكون النتاج ذكرا.

وحين “تولد” الخلية الجديدة تبتدئ في العمل بأسلوب مستقل، ويمنحها الناشط تلك القوة المتأصلة بها التي تقع تحت سيطرة المجموعة الجدية من الموروثات، وتسمى في تلك المرحلة المبكرة بـ “اللاقحة”، وبعد ذلك الاستهلال، سرعان ما تقوم الأجنة المذكرة بإفراز هرمون مسيطر يسمى بمنشط الذكورة، في حين تقوم الأجنة المؤنثة بإفراز هرمون مثير للدورة النزوية، ثم تقوم فيما بعد بإفراز هرمونات الأنوثة، وهي: الجسفرون والبرولاكتين. ونمو الجنين، سواء كان ذكرا أم أنثى يتبع نفس قوانين النمو: فيستمر تكاثر الخلايا المتخصصة في عملية بناء أعضائنا المختلفة، دون أي انحراف إلا بهدف الإفرازات الهرمونية، وعندما يحين وقت ولادة الطفل، سواء كان ذكرا أم أنثى، فإنه يكون قد تأثر بالفعل بواسطة تلك الهرمونات التي تتسم بأقصى درجة من الفعالية في تأثيراتها على عمل المخ.

وبعد المخ البشري واحدا من أعظم عجائب الخليقة، وفي جزئه السفلي، ثمة منطقة صغيرة تسمى Limbic system تتكون من تركيبات تتصل بكل من العاطفة والدوافع البشرية، إحدى تلك التركيبات، وتسمى اللوزة، تعد واحدة من بين أجزاء المخ الرئيسية المسئولة عن تصرفاتنا، لأنها تؤثر على بعض الافرازات الباطنية، خاصة تلك المتصلة بميولنا الجنسية، وفوق ذلك، “يقوم اللحاء المخي أيضا بتزويده (أي Limbic system ) بدرجات مكثفة من النشاطات المخية، بما في ذلك التصويرات المصنفة عن حالة العالم الخارجي، وهو يقوم بتقييم نشاطات (الجهاز العلوي في المخ) … ويوازن الأولويات الحالية بالنسبة للاحتياجات طويلة وقصيرة الأمد للكائن الحي ويقوم باختيار وتقييم النشاطات، المختلفة المتكاملة”.

ومن المقرر أن التركيب المسمى “بالهايبوتلاموس” الخاص بـ Limbic system يتم تكوينه قبل الولادة، ويتم دفعه بصفته الجنسية، بشكل يتعذر محوه من خلال نشاط الهرمونات الجنسية، ومن ثم يقرر بصفة دائمة ردود الفعل الفسيولوجية والسلوكية التي سوف يحوز عليها الحيوان إذا ما كان ذكرا أم أنثى. وفي معظم الحيوانات، يعتقد أن المرحلة الخطيرة لنشاط الهرمونات تتم قبل الولادة ومن ثم فإنها تعد شيئا غير قابل للتغيير. “وإن ذلك الادماغ الجنسي للجهاز العصبي الذي لا يمكن تغييره… يحوز على متضمنات بعيدة المدى للغاية بالنسبة للاختلافات الجنسية في السلوك البشري” ويعني ذلك أنه منذ الأيام المبكرة للحمل (أي تكون الخلية الجديدة المخصبة أو اللاقحة) يبتدئ المخ في تكوينها، وتنظيمها وتقرير مسار عمليها، وعندما يولد الطفل فإنه يحمل بداخلها أسلوب الفكر، والخيال، والدوافع والتقييم الخاص به، وحتى بين الأفراد من نفس الجنس، ثمة فروق وراثية يرجع إلى الاختلاف في درجة تدفق الهرمونات إلى المخ. ويعد الكروموسوم Y مسئولا عن الهرومونات المذكرة منشطة الذكورة، التي ترتبط بما يطلق عله علماء النفس “النزعة العدوانية”، ويعني ذلك نوع السلوك الذي يتسم عامة برد فعل مباشر وصريح، وفطنة تنافسية، وتقييم وإدراك طويل الأمد. وتتضمن تلك الكلمة أيضا بعض النشاط العدواني النهائي الواقعي الذي لو لم يتم ضبطه تماما سوف يؤدي إلى نتائج تدميرية. ومما يعد حقيقة بيولوجية أن مثل تلك الهرمونات في الجنين المذكر تعتمد على هرمون يسمى جونادال الذي ترجع إليه الاختلافات السلوكية بين الجنسين والذي من المعتقد أنه يؤثر على القرارات السلوكية التي يصدرها المخ.

أما في الأنثى، فتعد الهرمونات الجنسية مسئولة عن الطمث الشهري الذي يتم تنظيمه مباشرة بواسطة الهرمونات الأنثوية الرئيسية، وهي:

الهرمون ؟؟؟ للدورة النزوية والجسفرون. وإن إقلال إفراز تلك الهرمونات يؤدي إلى حدوث الطمث الشهري الذي غالبا ما تصاحب حالة من القلق، والكبت والأفكار المكتئبة. ومن المعتقد أن الزاد الهرموني في تلك الحالة يؤثر على عمل مخ الأنثى، مؤديا إلى كبت أو إنعاش حالتها الانفعالية، ويؤكد علماء الأحياء حقيقة أن الميل الطبيعي لدي الإنسان يتجه إلى النظام الأنثوي (X) إلا إذا تم انتهاكه بواسطة كرومسوم مذكر Y مؤديا إلى إنتاج الهرمون المذكر: منشط الذكورة.

وتعتبر النزعة العدوانية – كما عرفناها من قبل – نتاجا لهرمون تستوستيرون، ومنشط الذكورة، ويكمن هذا الهرمون في الغدد الواقعية فوق الكلية في كلا الجنسين، ولكن بالطبع في كميات مختلفة تماما. وترجع النزعة العدوانية لدي النساء – في الغالب – إلى وجود جرعة متزايدة من هذا الهرمون، إلا إذا كانت المرأة تعاني من بعض الصدمات الاجتماعية. أما الرجل الذي يميل كثيرا للعدوان فيكون حافظه في ذلك أيضا هو جرعة متزايدة من منشط الذكورة.وإذا تم إعطاء ذلك الرجل الهرمون المثير للدورة النزوية فإنه سوف يهدأ في معظم الحالات، ويتخذ سلوكا جديدا أكثر لينا. وبالنسبة للتحول من جنس إلى آخر، فإن الشخص الذي يود أن يصبح أنثى يحدث له ذلك عن طريق التدخل الجراحي والعلاج بواسطة الهرمونات الأنثوية التي بدونها لا تستطيع الأنوثة أن تسير في مجراها المعتاد. وفي مثل تلك الظروف تعد الهرمونات ضرورية لبناء الثديين، وحث الرغبات الجنسية، وإزالة الشعر الغزير من الوجه والجسم، الخ وحالما يتم إعطاء الإنثى الجديدة مثل ذلك العلاج الهرموني، فإن تلك المنطقة الكامنة بالمخ (المسماة Limbic system ) سوف تقوم بالعمل تبعا لذلك: فتصبح غزيرة الأمومة واحضة تماما، وتصبح الرغبة في كثرة التحدث أكثر وضوحا، وتحل العواطف الأنثوية محل العقلانية، وتقوم الغدد الدمعية بإفراز دمع أغرز في خلال التوتر العاطفي. ولعله ليس ثمة شيء أكثر إقناعا بالنسبة للانقسام الثنائي من الأمومة.وقد كتبت فيتز قائلة: “إنا لأدلة التي تحوز عليها من عالم الحيوان تؤيد مفهوم غريزة الأمومة. فإن الهرمونات الجنسية الأنثوية مثل الهرمون المثير للدورة النزوية، والجسفرون والبرولاكتين تبدو كأنها متضمنة في تطور السلوك الخاص بالأمومة” وقد روت لنا نفس المؤلفة تجربة القردة – الأم التي قتلت أطفالها المولودين حديثا عندما تم إعطاؤها منشط الذكورة. والقرد الأب الذي عني بالأطفال بعد إعطائه الهرمونات الأنثوية.ونحن لا نجد الأباء في أي مكان يتخذون ذلك الدور الأساسي للعناية بالأطفال المولودين.

وتولد الطفلة الأنثى ولديها غريزة الأمومة: فهي تشعر باهتمام قوي بالأطفال. وذلك يفسر لنا لماذا فضل الفتيات اللعب بالدمى. ومن المقرر أن الفتيات اللاتي تكون لديهن زيادة في منشط الذكورة قبل ولادتهن “يبدو أنهن يظهرن اهتماما أقل بالأفطال عن الفتيات الطبيعيات” ولكن بالطبع أكثر من الفتيات الطبيعيين. والسلوك الخاص بالأمومة يتصف بالحنان، والروابط الفعالة، والحفاظ على الذات، والحماية، والتعيين الذاتي مع الطفل.

وختاما لذلك، نستطيع القول أن “السلوك الجنسي للفرد، ومن ثم دوره من حيث الذكورة والأنوثة، لا يعد حياديا أو بدون توجيه أولى عند الميلاد. ولكن النزعة الجنسية تعد مجرد قدرة كامنة تقيم الحدود لنمط لديه قابلية كبيرة للتغيير عن طريق التجارب التي تؤدي إلى ارتقاء وتطور الفرد” وفي عبارة أخرى، فإن التطور (أي تطور الكائن الفرد) يؤكد أن الأنثى تولد ولديها غريزة الأمومة وتكون لديها نزعة وراثية تختلف عن تلك النزعات الخاصة بالذكر. ومن إلهام أن تلاحظ أنه ثمة معاملة مختلفة للأطفال بواسطة الآباء طبقا لجنسهم. فتمثل الأمها للتسامح مع الأولاد أكثر من البنات، في حين تسامح الآباء مع البنات أكثر من الأولاد. وتسود هذه الظاهرة بين بني الإنسان وبعض الثدييات وتبدو واضحة بين القردة.

(ب) عوامل التنشئة الاجتماعية:

“إن النظريات القديمة التي تلمح إلى أن الرجال بمقتضى رغبة جماعية قد جعلوا النساء في مركز أدنى على مدى قرون، ليست جديرة بنظرة جادة،وليست ثمة شك في أن وظائفها الفسيولوجية تتأثر بحالتنا النفسية والاجتماعية، ولقد ساهم كل من علم الأحياء وعلم النفس، والمجتمع في إقرار الأدوار الجنسية السائدة بدرجاتها وحدودها المختلفة، ومن المستحيل أن نفصل بين العامل البيولوجي والعامل الاجتماعي، ولكننا يجب أن نضع في اعتبارنا بصفة جادة أن ثمة نزعة محددة في كل جنس تظهر في الجنين منذ بدء تكوين، وتستمر على مدى تطوره. وإن مثل ذلك الاشراط الذي يحدث في الجنين ليس من الممكن إرجاعه إلى أي عامل اجتماعي، بل إنه هو الذي يعد بمثابة السبب الأساسي للمعاملة الاجتماعية المختلفة للجنسين. وعندما يقدم الآباء دمية لأبنتهم، فإنهم يكونون مدركين لشعورها الغريزي بالأمومة، ومن ثم يستجيبون لرغباتها الغريزية. ومن الممكن تسكين، وتخفيف، وإعادة توجيه الحوافز الداخلية الغريزية، ولكن من المستحيل إلغاؤها أو مسحها تماما، وكبت تلك الحوافز الغريزية يسبب للفرد ضررا أكثر مما يسبب نفعا، وتجاهلها يعني دفع الطفل إلى الطريق الخاطئ الذي يحاول فيها إشباع الرغبات بأي وسيلة سواء كانت مشروعة أم غير مشروعة، مقبولة اجتماعيا أمرفوضة.

إن عوامل التنشئة الاجتماعية، أي الآباء، والمدرسة، والرفاق، والرموز الاجتماعية للجنسين، من المفترض، بل في الحقيقة يجب أنتكون عوامل الانضباط السلوكي الغريزي، فمثلا يجب إشباع رغباتنا الجنسية الأساسية عن طريق الزواج، وليس عن طريق الزنا والفسوق، ويجب الإيفاء بحاجتنا الغريزية للأمن عن طريق العمل المشرف والكسب الشرعي وليس عن طريق السرقة والعنف، وحتى غريزتنا الداخلية المغروسة في الأيوكاريوتس التي تحثنا على التطور إلى الأفضل يجب تشجيعها من خلال التعليم الملائم الذي يبث الشعور باحترام الذات والابتهاج. وإذا فشل الفرد في تحقيق ذلك فإنه سوف يلجأ إلى ممارسات غير صحية لا تتوافق مع المجتمع حتى يشعر بأهمية الأنا، وقد تنمو لديه عادات سيئة مثل الكذب،والتباهي بل حتى القتل. وأي انتهاك للغرائز يعد انتهاكا للقانون الطبيعي للحياة الذي يفضي إلى الماسوشية، والنرجسية، والفصام وغير ذلك من الاضطرابات العقلية.

وللأسرة تأثير دائم على الأدوار الجنسية لان معظم تصرفات الشخص المستترة تتكون بصفة أساسية في السبعة أو الثمانية سنوات الأولى للطفولة، ويتعلق الدور الأساسي للوالدين بالتعيين الذاتي للطفل ومن ثم يكون من الواجب المراعاة الدقيقة لكل من الروابط الفعالة، وأسلوب التشكيل والتصنيف المعرف. وهنا نجد أن الموضوع الذي يثيره الليبراليون بصفة عامة هل يجب على الآباء أن يفرقوا في معاملتهم بين الذكور والإناث أم لا؟ ويعتقد الكثيرون منهم أنه يجب أن لا يلتفتوا إلى الجنس فيعاملون كل من البنين والبنات وكأنهم من نفس الجنس، وهم يدعون أن أي تفرقة في تلك المرحلة المبكرة تؤدي إلى نوع من الشعور بالنقص لدي الفتاة وإلى تحيز إلى جانب الفتى. وثمة أدلة كافية في حياتنا اليومية تدعم تلك الادعاءات، ولكن أي شخص ذا رؤية واضحة يستطيع أن يدرك بسهولة أنه ليست التفرقة في ذاتها التي تؤدي إلى مثل ذلك الكبت في الفتاة، لنه حتى في الأسر التي لديها بنات فقط وليس لديها بنين تتم معاملة البنات بنفس لذلك الأسلوب، وكل طفل يختلف عن الآخر ومن ثم يجب أن تتم معاملته بأسلوب مختلف، ولكن ما يؤلم الطفل هو الأسلوب الذي يربط به الآباء تلك التفرقة مع جنس الطفل، وإذا تم إعطاء الفتاة دمية فذلك ليس لأنها أقل من الفتى الذي تم إعطاؤه حصانا أو مسدسا.. إن الفتيات تعانين من الكبت والشعور بالنقص فقط إذا عاملهن الآباء باعتبار أنهم ذوات مرتبة أدنى، أو إذا كانوا يشرحون تلك التفرقة في معاملتهم بأسلوب تمييزي.

أما العامل الهام الآخر للتنشئة الاجتماعية فيتمثل في المدرسة، والأطفال في بيوت الحضانة، والبنون والبنات في المرحلة العليا تتم معاملتهم بأسلوب مختلفة بكيفية أو أخرى طبقا لجنسهم، وفي جميع صور الأطفال الصغار، وفي جميع الكتب والمطبوعات، يكون الأمر دائما “هو” و “هي”. ويتسم هو بالصلابة والجرأة والاتجاه للمظاهر الخارجية، وبكيفية ما بالعدوانية، أما هي، فتتسم بالرقة، والحنان، وحب الأطفال، والاتجاه للنواحي الروحية أو العقلية، وبكيفية ما، صيانة الذات، ثم بعد ذلك، نجد الاختلافات الواضحة في النشاطات الطلابية: فيتنافس الفتيان في الألعاب البدنية العنيفة الصعبة، ويشاركون في المناقشات السياسية والاجتماعية، ومن المتوقع أن يتفوقوا على البنات في العلوم القائمة على الملاحظة والاختبار. ومن الناحية الأخرى، تتمرن الفتيات على الرقص والغناء، والألعاب الخفيفة الغير عنيفة، والأعمال المنزلية، ومن المتوقع أن يتفوقن على الفتيان في النواحي الفنية.

وهنا مرة أخرى نجد التفرقة واضحة بشكل تيعذر إنكاره، وفي حين أنها تنسجم من حيث الجوهر مع بيولوجيا الإنسان، فإن “الليبراليين” يدينون تلك التفرقة ودائما ما تتمثل حجتهم في: أن تلك المعاملة تؤدي إلى تنمية الشعور بالنقص لدي الأنثى، فهي تشرب العقل بالطن للفتاة بوجهة نظر لإقناعها بالخطأ السائد، أي بأفضلية الذكور. ويعتقد “الليبراليون” أن الحافظ على “الأدوار التقليدية للجنسين” في المدرسة يعطي الفتيان أفضلية على الفتيات: فيتم تصوير الفتى باعتباره البطل، والحامي، والقائد، بل حتى السيد!!! ولكن ذلك يبدو مبالغة تكمن جذورها العاطفة الأنثوية، ففي كثير من الأحيان، تتغلب “الطباع – الذليلة” على الحماس التحرري ويظهر ذلك في السلوك الغير منطقي المنحرف.

أن أكثر مؤيدي مبدأ التحررية أخلاصا لا يستطيع إنكار ان الذكر قد خلق ولديه قوة عضلية أكثر، وأنه من الناحية البيولوجية يعد أكثر “عدوانية” ويغلب على ذهنه الاتجاه للمظاهر الخارجية، وأنه يعد أكثر تحررا من التأثيرات الفسيولوجية الدورية، أما الأنثى فقد خلقت بمميزات وخصائص مختلفة بمقتضى تكوينها تتمثل في غرائزها للأمومة، وحنانها الأنثوي، واستعدادها الفسيولوجي المتقبل للإنجاب، وتلك الحقائق الواضحة يجب – على الأقل – أن تحثنا على قبول تلك الاختلافات التي تتأكد وترتبط بالصفات الطبيعية المميزة لكل جنس، ومما يتبع ذلك أنه يجب أن تكون ثمة تفرقة في جميع المدارس استجابة لتلك المتطلبات البيولوجية الأساسية المختلفة.

وما يسمى بتأثير جماعة الرفاق والرموز الخاصة بالأدوار الجنسية تتماثل كل مع الآخر إلى حد كبير، خاصة فيما بين الناضجين. ونستطيع أن نرى النوادي الخاصة بكل من النساء والرجال، والاختلافات في السلوك العام تجاه الجنسين، والمعاملة التميزية لكل منهما في الكثير من المناسبات العامة والاجتماعية في جميع المجتمعات الحالية، كما يجب أن نعترف أن بعض تلك التفرقة تراجع إلى العوامل الاجتماعية و/ أو التقاليد القديمة الموروثة، وبالرغم من تساوي الفرص المتاحة لكلا الجنسين في التعليم والحياة العامة، فإن النساء تبدين نشاطا في المجالات التي لا تتطلب الكثير من “العدوانية” والتي يوجد فيها اتفاق بين الواقع البيولوجي والعمل الاجتماعي. وفي مثل تلك النشاطات لا يوجد سبب لأن لا ينجح النساء بل حتى أنهن يتفوقن على الرجال.

(ج) التنشئة الاجتماعية إزاء علم الأحياء:

ثمة أدلة أنه عندما يتم تطبيق عوامل التنشئة الاجتماعية على نطاق واسع في سن مبكرة فإنها تؤثر على الوظائف البيولوجية للطفل. وبذلك الأسلوب نستطيع أن نلاحظ الفتى “المخنث”. والفتاة التي “تميل إلى ألعاب الفتيان”، ونجد أيضا أن الإفراط في إفراز الهرمونات الأنثوية في أحد الذكور سوف يحدث نفس الأثر بصرف النظر عن أي مجهود من ناحية التنشئة الاجتماعية يهدف إلى العكس. وفي كلتا الحالتين يصبح الموقف غير صحي ويعاني الشخص من بعض الانحراف. ومن الممكن أن يحدث لديه بعض التحول الجنسي. والاتجاه الصحيح يعتبر واضحا: إذ يجب أن نكيف عملية تنشئتنا الاجتماعية بذلك الأسلوب الذي يجعلها تتلاءم مع وظائفنا البيولوجية، فالصفات الخاصة بكل من الذكور والإناث المغروسة في تلك المنطقة من المخ (المسماة Limbic system ) والتي لا يمكن محوها نتيجة للإفرازات الهرمونية قبل الولادة يجب أن تكون الأساس لعملية التنشئة الاجتماعية الخاصة بنا، كما يجب أن يكون ثمة انسجام بين عملية الخلق (أي الحالة الطبيعية) والنشاطات الإنسانية الإرادية، فإنه إذا ما فشل ذلك سوف يحدث اختلال خطير في التوازن يؤدي إلى اهتزاز شخصية الفرد من جذورها، ومن ثم، فإن مطالبة الليبراليين بالمعاملة المتماثلة لكل من الذكور والإناث في جميع النواحي الذكورة والأنوثة الجنسية المثلية التي تحظى ببعض الأهمية في المجتمعات الصناعية الغربية في الوقت الحالي، تعد نتاجا لأسلوب معوج من التفكير ومحكوم عليها بالفشل، إذ تمثل ثورة ضد قانون الخليقة ولن يسمح لها أن تسود، أيا كان الثمن الذي تدفعه البشرية لذلك.

ويجب أن تتم تربية الأنثى بأسلوب يجعلها فخورة بأنوثتها وغير خجولة منها، كما يجب أن تتم معاملتها بأسلوب عادل ولكنه لا يجب الموازنة بينها وبين الذكر، فهما مختلفان وليس من الممكن أبدا أن يكونا متساويين، فلكل منهما مجال مقدور له في الحياة.

2 – بنيان الأسرة ومهامها:

لقد رأينا أنه لا يوجد استمرار للحياة بدون الزواج – أي الاتحاد بين الذكر والأنثى – وأن الحياة هي النظام، وأن الموت هو الإنتروبيا أو اللا نظام وطبقا لما قال كادمور: “إن الحياة بصفة رئيسية هي من أجل الإنجاب والإحساس”. وإن تزاوج الخلايا الذي يؤدي إلى تكوين جسدنا، ومخنا، وأعصابنا يعد بمثابة “قانون” منظم للغاية تتم إدارته بواسطة قوانين معقدة يتحكم فيها نظام صارم. إن البشر ليسوا بأكثر من خلاياهم، وأن قانون النظام والتنظيم هو جوهر وجودهم، وإن أي انتهاك لذلك القانون يعد خطوة تجاه الإنتروبيا أو تدمير الذات.

ونحن في حياتنا نقوم بالإنجاب – أي نقوم بالزواج -، ويتعلم البشر المعيشة في أزواج مختلفة الجنس والإنجاب في إطار تنظيم اجتماعي معين يطلق عليه “المؤسسة الأسرية”، وكلمة “اجتماعي” هنا ليست بدعة من الإنسان، ولكنها ضرورة من الناحية البيولوجية بمعنى أن الخلية الواحدة في الإنسان لا تستطيع أن تعزل نفسها عن الخلايا الأخرى المتماثلة، وكلما اجتمعت مجموعة من الخلايا (آي، أس) سويا، تصبح ضرورة النظام والتنظيم بمثابة شيئا إلزاميا، ومن ثم فإن هؤلاء الذين يعتقدون أنه يجب أن يكون – أو حتى من الممكن ان يكون – ثمة مجتمع للخلايا البشرية (آي، أس) بدون قوانين تنظم العلاقات بين أفراده، يطلبون المستحيل والمضاد للطبيعة، فليس ثمة وجود مثل تلك التنظيمات المشوشة بمقتضى الطبيعة.

وإن أوبارين، وهو عالم بيولوجي روسي، قد اثبت أنه إذا أتيحت الفرصة لمجموعة من الجزيئيات (وهو يطلق عليها اسم جماعة) أن تقوم بالعمل فإنها سوف تكون نظاما. وقد نظم هو تفاعلا كيميائيا في محلول كانت تلك المجموعة من الجزيئيات طافية به، ووجد أنها قد كونت نظاما غير قابل للتفسير أو التنبؤ: فقد كانت الرؤوس للخارج والذيول للداخل. وقد كان ثمة اختلاف محير بين درجة رد الفعل خارج وداخل الجماعة. وطبقا لأوبارين، فإن هذا الفارق يفسر تكون الخلايا.

وإذا تحدثنا من ناحية علم الاجتماع، يتم تعريف الأسرة باعتبار أنها “… نوع خاص من التركيب الذي يتصل أفراده كل مع الآخر من خلال روابط الدم أو العلاقات الزوجية، وتعد تلك القرابة ذات طبيعة تستلزم وجود توقعات متبادلة يقضي بها الدين، ويفرضها القانون، ويدمجها الفرد في نفسه حتى تصبح بمثابة مبدأ” وهذا التعريف يأخذ في اعتباره الاتجاه العام لأي أسرة ووجهة النظر الإسلامية. ولقد حدد الدكتور عبد العاطي أهداف الزواج طبقا لذلك فيما يلي:

– وسيلة للإشباع العاطفي.

– وسيلة للحد من التوتر.

– وسيلة للإنجاب الشرعي.

– تعيين الوضع الاجتماعي.

– أسلوب للاتحاد الأسري والتضامن الجماعي، وفوق كل شيء، عمل من أعمال التقوى.

إن كل من التعريفات والأهداف السابق ذكرها مفصل تماما ويتضمن الكثير من الآراء بالنسبة لمهام الأسرة، ومع ذلك فإنه ثمة علاقة معقدة من العلة والمعلوم بين الأسرة والمجتمع.

والثقافة الخاصة بأي مجتمع تتضمن الكثير من التقاليد الراسخة في أذهان الأفراد والتي يسلمها كل جيل إلى الآخر، ونظرا لأن الإنسان يعد متحفظا بغريزته، فهو لا يحاول تغيير تلك التقاليد إلا تحت ضغط هائل من متطلبات التطور. وتلعب تلك المعركة الأبدية بين الغريزتين – أي التحفظ والتطور دورا هاما في تحديد مهام الأسرة في كل مجتمع. وتتسم كلا الغريزيتين بالديناميكية، ويجب الحفاظ على التوازن بينهما من أجل أن يتطور أي مجتمع بأسلوب يتسم بالتعقل، فالتقاليد تعد جزءا من الأيديلوجية التي يقر بها الناس، في حين أن التطور يمثل العنصر الفعال الذي يحث الوضع الحالي على التقدم، ومن ثم يكون جزءا آخر من الأيديولوجية ووسط تلك العملية المستمرة توجد الأسرة التي تجد نفسها محصورة بين الاثنين، وتكون مهمة الأسرة هي الحفاظ على أفضل الأشياء وأكثرها ملاءمة في التطور. ومن أجل تطبيق كل من الفلسفة، والمهام والتعريفات السابقة على الأسرة المسلمة في الولايات المتحدة، سوف نجد أنفسنا في مواجهة عدد من المشاكل المتنوعة والمتداخلة، إذ أن الإسلام يعد متكاملا ومن المفترض أن يعتنقه المسلمون بكليته.

(أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون…).

وطبقا لذلك، يطالب المسلمون بتطبيق القوانين الإسلامية المتعلقة بجميع الأمور الزوجية، ولكنهم بمقتضى إقامته في دولة غير مسلمة لا تتبع الشريعة الإسلامية، فإنهم بالضرورة سوف يواجهون الكثير من المواقف المتضاربة المعقدة، وتتفاقم مثل تلك المواقف بسبب الافتقار إلى المجتمعات المسلمة المتماسكة والافتقار إلى أي نظام إسلامي يستطيع المساعدة في حل مشاكلهم.

ولنبتدئ بمشكلة عقد الزواج. فالمسلمون الذي يعتزمون الإقامة هنا لفترة طويلة من الزمان أو إلى الأبد يكونون ملزمين بتسجيل زواجهم طبقا لقوانين الولاية التي يتم زواجهم بمقتضى شروط تلك القوانين وليس بمقتضى الوصايا الإسلامية، وينطبق ذلك في الحقيقة على جميع القضايا اللاحقة المتعلقة بالأسرة، فإن الالتزام المالي للزوج تجاه زوجته وبيته، وواجبات الزوجة تجاه زوجها وبيتها، والقنون الاجتماعي الذي يجب أن تتم مراعاته بواسطة الاثنين – تصبح جميعها بمثابة قضايا خاضعة للسلطة التشريعية الأمريكية. وفي حالة الطلاق، سوف يكون الأمر مرة أخرى خاضعا لقانون الولاية الذي يقضي بالحكم في الانفصال النهائي بصرف النظر عن الوصايا الإسلامية.

ثمة مسألة أخرى هامة تؤثر على الأسرة المسلمة في الولايات المتحدة، وهي الحالة الاقتصادية، ففي كثير من الأحيان يضطر كلا الزوجين إلى العمل للحصول على دخل أكبر وادخار شيء يكون ضمانا للمستقبل، وهذا المظهر الاقتصادي عادي للغاية بالنسبة لمعظم العائلات الأمريكية، وهم يقبلونه كشيء مسلم به، بكل من آثاره الحسنة والسيئة، ولا يكون مشكلة رئيسية بالنسبة لهم لأنه يتفق مع حضارتهم وأيديولوجيتهم المادية: لقد كون الغربيون فلسفة معينة في الحياة بالنسبة لوضع النساء نتيجة لتراثهم الماضي ومجتمعاتهم الصناعية الحالية، ومما هو معلوم أن اليونانيين كانوا يعاملون النساء وكانهم سلعة من الممكن بيعها وشرائها، وكان الرومانيون يعتبرون النساء ملكية للأب و/ أو الزوج حتى عهد جستنيان (في القرن الخامس) عندما تم الاعتراف بنوع من الهوية الذاتية للنساء بصفة قانونية، أما اليهودية فتنظر إلى النساء نظرة مزدرية وكأنهن لعنة أسوأ من الموت وتعتبرهن بمثابة شيء سيء بالضرورة، ولقد تغيرت آراء المسيحية بالنسبة للنساء، فبعد أن كانت تنظر إليهن على أنهن كائنات حية بدون روح، أصبحت تعتبرهن بشرا بدون هوية، والقانون البريطاني حتى عام 1801 قد سمح للزوج أن يبيع زوجته، وقائمة الإساءة إلى النساء على مدى التاريخ في الغرب تعد طويلة للغاية حتى أننا لا نستطيع إحصاءها في هذه المقالة.

ومنذ وقت قريب للغاية وافقت المجتمعات الغير مسلمة على منح النساء وضعا مستقلا بعض الشيء، وحتى في يومنا هذا، فإن الزوجة الأمريكية المعروفة بتحررها لا تستطيع شراء ملكية بدون موافقة زوجها، ولا يسمح لها أيضا الاستمرار باسم أسرتها بدون أن تضيف اسم زوجها. وفي سويسرا، لا تستطيع المرأة أن تدخل أي معاملة تجارية تعاقدية بدون موافقة كتابية من زوجها، وإذا كسبت مالا من عملها، فإن الزوج يكون مخولا نصف دخلها بصفة قانونية. وفي جميع العالم الغربي، يستطيع الزوج أن يحرم زوجته من الميراث بعد وفاته.

ومن ثم، فإنه ليس من الغريب أن نسمع النساء يطالبن “بالمساواة” من الرجال والمعاملة المنصفة والحضارة الحالية، التي سيطر عليها تأثير العامل الاقتصادي أو المادي قد أضيفت على “العدالة” و”المساواة” و”التحرر” مضمونا ماديا وقيمة مالية. وفي هذا العصر الصناعي الذي تتمثل فيه القوة في المال، وتعد الثروة شيئا حميدا والفقر شيئا سيئا، “ويأكل الكلب أخاه”، وحينما تكون تلك هي المبادئ المقبولة بالنسبة لعلاقات الأفراد، وتصبح القيم الأخلاقية شيئا ألقى به في سلة المهملات، فإن النساء يكافحن من أجل الاستقلال الاقتصادي باعتباره الأساس لمطالبتهن بحقوق إنسانية متساوية.

ومن أجل تحقيق تلك الغاية، فإنهن لا تمانعن في المتاجرة بأنوثتهن وفقدان عفتهن، وتدمير أسرهن واضطراب عواطفهن، وهذا التطلع إلى “الحرية” قد دفع المرأة الغربية إلى موقف خطير، فقد دفعتها رغبتها في الاستقلال إلى المنافسة و”العدوانية”، وعزلها كبرياؤها عن المجتمع المتعاطف. وفي عزلتها تلك، قد قبلت مبدأ المباحية، ونما لديها شعور بالمرارة والحقد في إطار معركتها من أجل البقاء. وفي وسط ذلك الانشغال الدنيوي، فإنها قد كبحت قيمها الروحية ووطأت فوق غرائزها الأمومية.

ولقد مر المفهوم الأمريكي للأسرة والزواج بتغيير جذري في العقود القليلة الماضية. وفي الأصل، طبقا لتعبير إدوارد وسترماك، “تتأصل جذور الزواج في الأسرة، وليست الأسرة في الزواج”، ولقد كانت الأسرة بدورها تعد الأساس للمجتمع. ومن ثم فإن تنظيم جميع العلاقات الأسرية كان يعتبر ضرورة يستدعيها مطلبان أساسيان وهما: الإنجاب البشري الصحي، والحفاظ على المجتمع. ولكن الحضارة الصناعية الحديثة قد أدت إلى الإخلال بالمعيار الماضي للحياة الاسرية، وغيرت أهداف الزواج إلى حد كبير. فقد تمت إتاحة فرص جديدة للكسب المادي للنساء المتزوجات وغير المتزوجات جعلتهن مستقلات اقتصاديا عن أزواجهن أو من يعولونهن من الذكور، وتبعا لذلك، أعلنت حركة تحرر النساء أنه لم يعد ثمة سبب آخر لتحمل الخضوع للرجال، وشجعت تلك الاتجاهات الغريبة التي تتعارض مع مهام الأسرة والأدوار التقليدية للجنسين، “ولقد ترتب على تلك الحرية التي حظيت بها المرأة حديثا أن إزدادت الفرص الجنسية خارج إطار الخارج إلى حد كبير، وقد ساعد في ذلك كل من وسائل منع الحمل والإجهاض.”

ولقد أصحب الهدف الرئيسي من الزواج هو إشباع رغبات الزوجين، أو طبقا لليبراليين، تحقيق الفرد لذاته وتأكيده لشخصيته. ولقد أصبح لذلك المفهوم الجديد معادلا لإشباع “كل من الزوجين لاحتياج الآخر من السعادة الشخصية” و “وتكوين العلاقة بين الرجل والمرأة”. وطبقا لليبراليين، فإن ذلك سوف يؤدي إلى منح المرأة مركزا متساويا من الزوج بدون تفرقة أو تمييز، ومن ثم كان يجب ظهور مفهوم جديد للزواج الذي بدون تفرقة أو تمييز، ومن ثم كان يجب ظهور مفهوم جديد للزواج الذي تأصل جذوره في الأسرة، وثمة أربعة بدائل يتم ممارستها في المجتمعات الحديثة:

1 – الزواج الأحادي المسلسل، الذي تتم فيه سلسلة من الزيجات واحدة تلو الأخرى، تلك هي الممارسة السائدة في الولايات المتحدة في الوقت الحالي، ويتم حدوث الطلاق في 40% من الزيجات ويتم إعادة زواج 75% من المطلقات وهناك بعض من ذوي النزعة العصرية الذين يقترحون “تجن الطلاق عن طريق المطالبة بتجديد أو إلغاء جميع عقود الزواج على فترات متقطعة تفصل بين كل منها فترة ثلاثة سنوات”.

2 – الزواج المفتوح، الذي يتم فيه إلغاء الحقوق المعينة بالنسبة للزوج والزوجة. (سواء كانت جنسية أو غيرها)، وهؤلاء الذين يؤيدون هذا النوع من الزواج يمارسون عملية “تبادل الزوجة” أو “تناقلها”، وهم يدعون أن التجارب الخارجية عن الزواج سوف تؤدي إلى الحد من الغيرة، وتخفيف التوتر والحد من ضغوط الصراعات الشخصية.

3 – تعدد الزوجات والزواج الجماعي، الذي تختلط فيه جماعة من الأزواج والزوجات وأطفالهم سويا بدون قيد أو كابح، وللادعاء هنا أن تعدد الآباء بالنسبة للبالغين والأطفال سوف يقدم عددا أوسع من التجارب المتفاعلة للإيفاء بحاجات الأفراد.

4 – الجنسية المثلية، أي عندما “تتزوج” النساء نساء “ويتزوج” الرجال رجالا، والتخلص من الصراع المعتاد الذي يكون محتما في كل زواج سوى جديد.

وليس من الممكن أن تنجح مثل تلك الاتجاهات في تكوين أسرة سعيدة لأنها تتجاهل العناصر البيولوجية والروحية. فالبشر لا يستطيعون البقاء بدون مجتمع ولا يستطيع المجتمع البقاء بدون الأسرة، وباعتبارنا كأفراد، فإن الحياة هي الحب والحب هو الحياة” طبقا لتعبير هافلوك اليس. إن الزواج الآحادي المسلسل، والزواج المفتوح، والزواج الجماعي والجنسية المثلية تفتقر جميعا إلى العناصر الأساسية اللازمة لتكوين الأسرة، إذ أن الإنسان هو النوع الوحيد الذي تحتاج فيه الذرية إلى عناية الآباء وامدادهم لهم بالغذاء لفترة طويلة نسبيا بعد الميلاد ليس فقط من الناحية الجسدية ولكن من الناحية العاطفية أيضا. والمحاولات الجديدة عديمة الجدوى التي ينعكس أثرها في الحياة الشاذة للاسرة الحديثة لا تؤدي إلى ربط الرجل والمرأة برباط يتمتع فيه كلاهما بالأمن المادي والعاطفي، والاستقرار والرضا، وهي لا تشفي القلق الناجم عن الحضارة التكنولوجية السائدة مثل: العزلة، والوحدة، والفوضوية، والافتقار إلى الحب، والقل. و”لنبحث عن أي إنسان طبيعي، وسرعان ما نجد دليلا على توقه الشديد لتكوين الصلات الحميمة والمودة والحياة المشتركة باعتبارها المصادر الوحيدة التي يمكن الاعتماد عليها من أجل تحقيق الشعور بالاحترام الذاتي والقيمة الشخصية.”.

إن حركة تحرير المرأة في هذه الدولة تعد ثورة ضد المعاملة الغير عادلة لأمد طويل، وضد النظام القانوني المتميز الغير عادل، والاستغلال الاقتصادي المستبد. ولقد ذهبت النساء إلى مدى متطرف في ثورتهن تلك نتيجة لعدم وجود أي إرشادي ديني أو أخلاقي فعال، فجلبن على أنفسهن رذائل “الدعارة والزنا المتمدينين”.

تلك هي الظروف الحضارية التي تعيش فيها العائلة المسلمة في هذه البلدة، وخطأ هائل أن نفترض أن المسلمين لا يتأثرون بأسلوب الحياة الأمريكي، والقيم المادية الأمريكية، والقوانين الأمريكية، ومن ثم تبتدئ المشاكل المعقدة للأسرة المسلمة في الظهور، وإذا أضفنا إلى تلك الأشياء الشاذة السابق ذكرها المشاكل النابعة من النظم التعليمية ونتائجها الغير مباشرة على الشباب والبالغين، فإننا سوف نفهم البعد الواسع لذلك المأزق الذي تستطيع أن تقدمه لذلك التشوش هو الزوجة المسلمة الحائزة على تعليم عال والتي تعتقد أنه مما يعد حقا مشروعا لها أن تدعو أي صديق من الجنس الآخر إلى منزلة، حتى في غياب زوجها، وأن تقبل الدعوة إلى مدينة أخرى أو دولة أخرى بدون إذنه، أو أن تستطيع اختيار عملها في حي غير ذلك الذي يعيش به. وليس من النادر أن نجد امرأة مسلمة تعتقد ان لها الحق في العمل نظرا لأنها قد أمضت سنوات طويلة لتهيئة نفسها لمهنة معينة وفي معظم الحالات، تكون رغبتها في الحصول على الكسب المادي هي الحافظ، خاصة عندما يكون في استطاعتها أن تحقق ذاتها بعض الشيء في خارج إطار النشاطات الاجتماعية للحياة المهنية، مثل تلك الزوجات تتأثرن للغاية بالعقلية الأمريكية المادية وسوف تطالبن بحقهن في أفضل الأشياء في كلتا الناحيتين، أي: الحفاظ على وظيفتها والمطالبة بحقها “الإسلامي” في قيام زوجها باعالتها.

إن مشكلة الأطفال المولودين في الأسر المسلمة تعد معروفة للجميع وقد تم تناولها بالمناقشة من علماء الاجتماع والمفكرين المسلمين في العديد من المؤتمرات والندوات، وتدور المناقشات حول تلك الحقيقة القائمة القائلة أن البيئة والثقافة الأمريكية تؤثر على عقلية الطفل المسلم ومجموعة المبادئ التي تكون قيمة الأخلاقية، وفي حالة عمل كل من الأم والأب، فإن الطفل لا يحصل على رعاية كافية وتوجيه أبوي لحمايته ضد الممارسة المتعارضة مع الإسلام. وثمة تهديد أخطر من ذلك وهو فقدان الطفل لهويته الإسلامية وانتسابه إلى المجتمع المسلم. ولكن مشاكل هؤلاء الأطفال تنبع بصفة رئيسية من المشاكل الأساسية الخاصة بالأسرة التي، إذا تم حلها، سوف تجلب الشعور بالراحة وتوجد بطريقة آلية (أتوماتيكية) حلا لمحنة الأطفال.

3 – الحل الإسلامي:

( أ ) البيولوجيا والتنشة الاجتماعية:

ليس ثمة شيء يتلائم مع طبيعة الإنسان أكثر من التعاليم والوصايا الإسلامية، خاصة فيما يتصل بنظرتها إلى الشخص باعتباره مخلوقا معرضا للخطأ، وخاضعا للمحاولة والخطأ، وخاضعا للمحاولة والخطأ ولديه استعدادا للتصحيح والرقي.

(لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت).

ونظرا لأننا نعني هنا بالأسرة المسلمة، فمن الطبيعي أن أيا من الحلول التي يمكننا اقتراحها يجب أن تكون على توافق مع الإسلام، ولحسن الحظ أن الإسلام يأخذ الطبيعية البشرية في اعتباره عند اتخاذه القرارات بالنسبة لجميع القضايا فينصحنا بالالتزام بقوانين الخليقة الخالدة. لقد كشفت العلوم التجريبية عن الكثير من الحقائق المتعلقة ببنياننا البيولوجي ووظائفنا البدنية، ولكنه لا زال هناك الكثير من أسرار الحياة تنتظر الكشف عنها، وليس ثمة حقيقة علمية واحدة تعد متعارضة مع أي من الوصايا الإسلامية، ولكن ثمة الكثير من الافتراضات، والأفكار والنظريات التي قد تكون غير متوافقة مع التعليمات الإسلامية. وبمقتضى تلك الأحوال الغير ثابتة، فمن المفروض على المسلم أن يتبع القواعد الإسلامية بصرف النظر عن وجهات النظر “العلمية” الملتبسة ورغباته الشخصية.

وبالنسبة للتقاليد والحضارات التي تؤثر على تنشئتنا الاجتماعية، يجب أن نضع في أذهاننا أنها نتاج لبعض المثل العليا والأفكار السائدة في فترة معينة في مجتمع معين، وذلك عنصر هام للغاية في الأعراض المتزامنة الإسلامية لحلول المشاكل الاجتماعية. الإسلام فلسفة تعرف هدف الحياة البشرية، والعلاقة بين الإنسان، والطبيعة والخالق، إنه مذهب يضع الخطوط العريضة للنظم الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية ولاجمالية التي يجب تطبيقها في معاملاتنا واتصالاتنا اليومية، ومثل تلك التعريفات الفلسفية والتصورات المذهبية يتم قصرها على الحقائق الأساسية التي لا تتطور أو تتغير طبقا للتطور المستمر للجنس البشرين فإن تلك الحقائق تعد مطلقة وليست خاضعة للتغيير، وإلا فإنها لا تكون حقائق ولا تكون مطلقة.

وحيثما الحلول التي نجدها في الإسلام، فهي تقوم على أساس تلك الحقائق المطلقة سواء كانت معروفة لعلمائنا المعاصرين أو مجهولة لديهم. ومفهوم الأسرة بأكمله وأدوار أفرادها يعد جزءا من المفهوم العامة للمجتمع الإسلامي. ولنضع في أ       ذهاننا أن الزواج يتم بمقتضى حاجاتنا البيولوجية وهو جزء من المجتمع البشري الذي لا يمكن الاستغناء عنه وليس مجرد مسألة اختيار شخصي.

(ومن كل شيء خلقنا زوجين.)

إن كلمة “زوج” تستخدم في القرآن فتعني زوجا أو أليفا، وكلا الكلمتين تشيران إلى الزواج. (وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم) ويخبرنا القرآن أنه سوف يكون لدينا أزواج حتى في الجنة لقد خلق الله البشر من نفس واحدة، التي من الممكن أن تعتبر مثابة الخلية الأولى، ومن تلك النفس خلق الذكر والأنثى، على أن قصة خلق حواء (أول أنثى) من ضلع آدم (أول ذكر) لم يرد ذكرها في القرآن.

(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها).

(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منها رجالا كثيرا ونساء).

ولقد أمرنا النبي أن نتزوج في أقرب فرصة تتاح لنا، فإن الأسرة هي نواة المجتمع الإسلامي، ويعد الزواج الأسلوب الوحيد لتحقيق مثل تلك المؤسسة ويتم إدانة وتحريم العلاقات الخارجة عن إطار الزوج.

(ولا تقربوا الزنا أنه كان فاحشة وساء سبيلا).

ومما يتفق مع المنطق أن الإسلام يضع القواعد لتنظيم مجرى عمل الأسرة التي يستطيع بمقتضاها كل من الزوجين أن يجد السلام، والحب والأمن، والصلاة الحميمة، وتلك العناصر ضرورة من أجل تحقيق أعظم هدف للزواج: وهو عبادة الله. ولا نعني بالعبادة مجرد أداء الطقوس، ولكنها بالضرورة تتضمن الاستقامة في جميع السلوك والمعاملات، وكل فعل حميد، وكل خدمة للبشرية، وكل مجهود مفيد مثمر، بل حتى كل كلمة طيبة تعد من العبادة الحقيقية من المسلم لربه. وإذا راعى كل من الزوج والزوجة ذلك الهدف الأساسي، ذلك الهدف الرئيسي لزواجهما. فإنهما بالضرورة سوف يتعلمان كيفية التسامح بعضهما مع البعض، وكيفية حب الله في أنفسهم وفي المخلوقات الأخرى، وكيفية التغلب على صعوباتها ونقائصهما.

أما الهدف الثاني من الزواج، فهو الاستجابة للغريزة الطبيعية الأساسية للإنجاب. فالأطفال تحقيق للأمومة والأبوة. ويعني الإسلام بصفة خاصة بتوفير أكبر جو صحي ممكن لتربية الأطفال، والآباء ذاتهم، والطفل المحروم من الحب الكافي من والديه، والذي لا يتم تعليمه في سن مبكرة، ويترك للمربيات وبيوت الحضانة سوف تنمو لديه الكثير من الأنماط السلوكية العدائية للمجتمع، وقد ينتهي بالجريمة، والانحراف والفساد. ومثل ذلك الطفل قد لا يجد ذاته أبدا كما يكون الأمر لو أنه نشأ في حياة منتظمة في طفولته. وبدون الحياة الأسرية التي يسودها النظام الإسلامي، كيف نتوقع من الطفل أن يحوز على الوعي الإسلامي ولاقيمة الإسلامية التي تقضي بالاستقامة، لقد أقر الإسلام حقوقا والتزامات واضحة بالنسبة لكل من الآباء والأبناء، فالآباء مسؤولون قانونيا عن تعليم أبنائهم واعالتهم، والأنباء بدورهم مسؤولون قانونيا عن إيواء آبائهم وإعالتهم إذا اقتضى الأمر نظرا لكبر سنهم، وكل من الآباء والأبناء يرث الآخر لقانون مفروض ودقيق خاص بالإرث جاء تفصيله في القرآن. ولا يستطيع أي منهم أن يحرم الآخر من نصيبه في الميراث.

وهذا كله مجرد جزء من القانون الأسري الطويل في الإسلام. ولكن ما نعني به هنا هو علاقة الزوج والزوجة – وأدوراهم الجنسية – في إطار المفهوم الإسلامي:

(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزوجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) وبالرغم من أهمية تلك القيم الأخلاقية مثل: الطمأنينة، والسلام، والحب، والرحمة، فإن الإسلام لم يتوقف عند ذلك، بل أنه دعم مفهومه الأصلي للأسرة عن طريق تعريفه دوري كل من الرجل والمرأة بمثل ذلك الأسلوب الذي يعمل بمقتضاه كل منهما طبقا لميزاته البيولوجية. فإن الرجل “بنزعته العدوانية” يحمل مسؤولية ما يسمى بالمهام المفيدة مثل: الإعالة، والحماية، ومعالجة الشؤون الأطفال، واتخاذ مركز القيادة في الأسرة. أما المرأة فلديها مسؤولية رعاية الأطفال وتربيتهم، وتنظيم المنزل، وخلق الجو المملؤ بالحب. ولنكن واضحين من البداية أن الزوجة في المجتمع الإسلامي ليس من المتوقع أن ترغم على العمل من أجل الكسب المادي، وحتى المرأة الغير متزوجة، والمطلقة، والأرملة، فإن القانون يضمن لها دخلا يعاونها في تحقيق حياة مريحة. أن العمل أو التجارة لم يتم تحريمهما على النساء، ولكنه ليس من الموصى به أن يباشرن تلك النشاطات إلا إذا كان ثمة تبرير لذلك، وهذا ليس بمثابة تحيز لحقوق أزواجهن. وحالما تتزوج المرأة، فهي تقبل القانون الإسلامي بالنسبة لمهام الأسرة، ويصبح دورها بصفة رئيسية متمثلا في توفير السعادة المنزلة والعناية بالشئون الداخلية للأسرة. وإذا ما رغبت في العمل، يجب أن تطلب الموافقة الصريحة من زوجها، ولكنها إذا كانت لديها ممتلكات أو ثروة خاصة بها، ورغبت في تشغيل أو استثمار تلك الثروة، فإن لديها الحق أن تفعل ذلك بدون إذن زوجها، ولكن بشرط أن لا يؤثر ذلك على التزاماتها الزوجية.

(ب) الأسرة الإسلامية:

في الإسلام – كما في علم الإحياء – ليس ثمة أسرة بدون زواج، وليس ثمة زواج بدون قواعد ونظام، الأسرة في الإسلام وحدة يتحد فيها شخصان مستقلان ويشتركان سويا في الحياة. وإن كرامة الزوج تعد جزءا متصلا من كرامة زوجته. وطبقا لذلك، فإنه ليس ثمة أحد منهما أفضل من الآخر. ومن أجل الاتحاد والمشاركة، يجب أن يكون ثمة حب وعاطفة مشتركة – ذلك الشعور الحقيقي الذي لو لم تتم ترجمته إلى عمل وسلوك يكون مجرد وهم وعاطفة لا جدوى منها. ونحن لا نستطيع أن نقبل ادعاء الحب من الزوج أو الزوجة الذي لا يعني بشريكته أو شريكها المريض أو الذي لا يشارك في مسئوليات الأسرة، وهذا الأساس الرئيسين إذا فهمناه ولاحظناه جيدا، يعد بمثابة الولاء الأول من كلا الزوجين لأسرتهما وهو جزء من عبادة الله ويعد الهدف الأول من الزواج ويتضمن ذلك أن يتصرفا وكأنهما شخص واحد في جسدين. أن رأس الإنسان أفضل من قلبه، ويده ليست أفضل من قدمه. وإذا كان الرجل يحمل واجب القيادة والإعالة، فإنه ليس المنزلة، حتى إذا كان واجب الرجل أكثر صعوبة بل حتى أكثر أهمية. ويؤكد الإمام محمد عبده تلك النقطة باعتبار أنها تعد حيوية بالنسبة للفهم الصحيح لدوري كل من الزوج والزوجة، ويضيف أن الآية القرآنية:

(ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب ما أكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن…).

لا تعني أن كل رجل أفضل من كل امرأة أو العكس بالعكس. وطبقا له، فإن لكل جنس بعض الميزات على الآخر بصفة عامة، بالرغم من أن الرجال لديهم درجة فوق النساء.

ولقد كان ثمة كثير من الجدل بالنسبة لتلك “الدرجة” وقد فسرها البعض أنها تتمثل في تفويض القيادة، والإشراف والإعالة الذي يمنح للرجال. ويقول البعض الآخر أنها تتمثل في التسامح الذي يجب أن يعامل به الأزواج زوجاتهن وثمة رأي ثالث يقول أنها تتمثل في الهبة الطبيعية للرجل التي تمكنه من الحكم في الأمور والسيطرة على المشاكل الخارجية. ولكن الاجماع قد اتفق أن تلك “الدرجة” تشمل مبدأ “الوصاية” أو “القوامة”.

وإن الإمامة عبده في إطار تفسيره للآية القرآنية السابقة ذكر أنه ثمة أربعة عناصر للقوامة أو الوصاية، وهي: الحماية، والرقابة، والرعاية والإعالة، وقد اعتبر الدكتور عبد العاطي عنصر “الطاعة”، – فوق الأربعة عناصر السابق ذكرها – أنه أهم علامة للقوامة. إن الطاعة، بالنسبة له، وطبقا للقرآن والحديث، تتضمن ما يلي:

1 – “إنها لا يجب أن تقابل غرباء من الجنس الآخر أو تقبل هدايا منهم بدون إذنه. ولا يجب أن تقرض أو تتنازل عن أي من ممتلكاته بدون إذنه.

2 – أن الزوج لديه الحق القانوني في الحد من حرية حركتها ومنعها من مغادرة منزلها بدون إذن، ويجب عليها أن تذعن لذلك الحق إلا إذا كان ثمة ضرورة أو فائدة قانونية لأن تفعل عكس ذلك. ولكن الزوج يعد ملزما من الناحية الدينية أن يكون رحيما وأن يحد من ممارسته لحقه في تقييد حرية حركتها، وإذا نشأ صراع بين حقه هذا وحق أسرة زوجته في زياراتها لهم، فإن حقه يسود. ولكنه مما ينصح به من الناحية الدينية أن يكون مراعيا للشعور بشكل كاف يجعله يتنازل عن حقه ويتفادى النفور داخل أسرته أو بين أي فرد من أفراد أسرته أو أقربائه الأقربين، مثل أهل الزوجة.

3 – أن الزوجة العنيدة ليس لديها حق قانوني للاعتراض على ممارسة الزوج لسلطته التأديبية، وإن القانون الإسلامي بصفة عامة، إلى جانب معظم النظم القانونية الأخرى يعترف بحق الزوج في تأديب زوجته لعدم الطاعة.

4 – أن الزوجة لا تستطيع أن تعترض بصفة قانونية على حق الزوج في اتخاذ زوجة أخرى أو في ممارسة حقه في الطلاق، فإن عقد الزواج يقر بموافقتها الضمنية بالنسبة لتلك الحقوق. ولكنها إذا ما رغبت في تقييد حريته في هذا الشأن أو اتخاذ حقوق مساوية فإنها يخول لها ذلك بصفة شرعية. فهي تستطيع أن تشترط في عقد الزواج أنها هي أيضا سوف يكون لها  الحق في الطلاق، أو أنها سوف تحافظ  على رابطة الزواج فقط طالما تكون هي الزوجة الوحيدة. وإذا اتخذ زوجة أخرى يكون لديها الحق في المطالبة بالطلاق طبقا لعقد الزواج.

5 – وأخيرا، إذا أصر الزوج على السكن مع الأب أو في سكن جديد، يجب على الزوجة أن توافق.”

(ج) الاستنتاج:

أن المشاكل التي تواجه الأسر المسلمة التي تعيش في الولايات المتحدة من الممكن معالجتها طبقا للتعليمات والمبادئ الإسلامية حالما نقبلها باعتبارها ملزمة، وإذا كان الزوجان متمسكين بدينهما حقيقة لن تكون لديهما صعوبة في مواجهة مساوئ الحضارة الغربية وتفادي العوامل الاجتماعية الغير إسلامية والتي قد تتعارض مع الإسلام. وطبقا لرؤيتنا، تتمثل الخطوط العريضة في:

1 – أن الهدف الأساسي من الزواج هو العيش بأسلوب يتسم بالورع وخدمة الهدف الإسلامي.

2 – أن دوري كل من الزوج والزوجة تتقرر طبقا لتكوينها البيولوجي، ويؤكد الإسلام ذلك الاختلاف الطبيعي ويرجع بعض القواعد الأساسية المعينة إلى التنشئة الاجتماعية:

( أ ) أن الأسرة تعد بمثابة أسلوب يؤدي إلى بنيان المجتمع بطريقة متعلقة، ويجب أن تقوم على أساس الزواج المشروع.

(ب) أن قانون الخليقة هو الذي يقرر أنه يجب أن يكون ثمة نظام في أي مجتمع، وبالنسبة للحيوانات بصفة عامة، والبشر بصفة خاصة، يجب أن يكون ثمة قائد لكل قطيع من الحيونات، أو سرب من الطيور أو أي تجمع بشري.

(ج) لقد وهبت الطبيعة الذكور خصائص معينة تؤهلهم إلى تحمل مسؤلية القيادة. وفي الإسلام، يعد الرجل بمثابة رأس الأسرة ورأس أي تنظيم سياسي (أي الدولة).

(د) ثمة حقوق والتزامات أخلاقية وقانونية تترتب على الزواج وإذا لم تكن مقبولة عن اقتناع، لن يكون من الممكن استمرار العلاقات الأسرية السعيدة، وتتمثل القيم الأخلاقية الرئيسية للزواج الإسلامي في الاتحاد والمشاركة مع وضع الهدف الأساسي للزوج دائما في الرؤية. ومع اعتناق القيم الأخلاقية، تصبح مسألة “المساواة” بمثابة شيء لا أساس له لأنها لن تثار من أصلها. فإن الرجل والمرأة يحصلان على معاملة متساوية من خالقهما، وكلاهما يخضع لنفس القوانين القرآنية بالنسبة للمعاملات والسلوك.

(هـ) نظرا لاختلاف تكوين ووظيفة كل منهما من الناحية البيولوجية والفسيولوجية، يسند لكل  جنس دور معين يقوم به في الأسرة. ويتوافق ذلك الدور، بل وينبع من التكوين البيولوجي لكل منهما.

وبعودتنا إلى المشاكل الواقعية التي تواجهها الأسرة المسلمة في هذا المجتمع الغربي، نستطيع القول أن الحل الإسلامي يمكن أن يكون كما يلي:

1 – الإعالة:

إن الزوج هو الذي منه إعالة الأسرة، وإذا لم يستطيع أن يكسب ما يكفي لإعالتها، أو إذا كان دخله أقل من أن يمكنه من توفير مستوي مقبول للمعيشة، فإن كليهما يستطيع العمل من أجل الكسب بشرط قبول الزوجة لذلك. ومع ذلك:

( أ ) فإن الزوج لديه الحق في إنهاء عمل زوجته كلما رأى ذلك ضروريا.

(ب ) أنه لديه الحق في الاعتراض على أي وظيفة إذا شعر أنها سوف تعرض زوجته لأي ضرر، أو إغراء أو مذلة.

(ج) إن الزوجة لديها الحق في التوقف عن العمل في أي وقت تريد ذلك.

(د) إن الزوج يستطيع أن يسمح للزوجة بالعمل بشرط أن يكون كسبها من أجل الأسرة ولا يعتبر كملكية شخصية لها.

2 – إدارة المنزل:

عندما تكون الزوجة غير موظفة، تصبح إدارة المنزل بمثابة شاغلها الأول، ونعني بإدارة المنزل تربية الأطفال وجميع الخدمات المنزلية المطلوبة للحفاظ  على سكن نظيف ومريح. ولقد قال النبي عليه السلام: “النظافة من الإيمان” وإن الأمومة تعد ات قيمة كبيرة في الإسلام بل هي أسمى القيم بعد عبادة الله.

3 – الزواج والمنازعات والطلاق:

( أ ) الزواج، أن المسلمين يجب أن يتزوجوا طبقا للتقاليد والقواعد الإسلامية. وسوف يكون عليهم أن يسجلوا الزواج في الولاية التي تزوجوا بها حتى يكون الزواج ذا صفة قانونية. وإن ذلك الإجراء القانوني يخضع عقد الزواج إلى السلطان القضائي للقوانين الأمريكية التي تتعارض في معظم الحالات مع الكثير من القواعد الإسلامية. ولكن مثل ذلك التناقض لا يحدث إلا إذا كان ثمة نزاع فشل كل من الزوجين في حله طبقا للشريعة.

(ب) المنازعات: أنه من المتوقع نشوء المنازعات في جميع العلاقات الزوجية. وإن الأزواج الذين يلتزمون بالإسلام يجب أن يتعلموا كيف يتصالحون أو يتسامحون كل مع الآخر، وتكون تعليمات دينهم هي المرشد ويكون النبي مثلهم الأعلى.

ومع ذلك، فإنهم في حالة فشلهم في حل مشاكلهم، سوف يضطرون إلى اللجوء إلى حكم للفصل في نزاعهما. وإذا رفض أي من الزوجين ذلك الأمر القرآني وتحدث شريكه الآخر ناشدا الحماية تحت راية القوانين الأمريكيين فإنه يكون قد فشل في الحفاظ على التزامه الديني. ويعني بالتحكيم القرائي أن يكون ملزما لكل من الزوجين، وهو في الحقيقة يستطيع أن يخلص الأسرة المسلمة من معظم مشاكلها.

(ج) الطلاق: إذا رفض واحد من الزوجين التحكيم، سوف يكون من المحتم أن يتم الطلاق بأسلوب غير إسلامي، تاركا جرحا عميقا لكل منهما. وإن التحكيم قد ينتهي إلى الطلاق، ولكنه في تلك الحالة سوف يكون أقل ضررا لأن كليهما سوف يشعر برضاء أكثر عندما تكون الشريعة قد تم تطبيقها بأسلوب عادل. وإنه لمن المؤسف أن نجد الكثير من النساء المسلمات الناشز اللائي تعتقدن أن القانون الأمريكي يخدم مصالحهن بشكل أفضل من القانون الإسلامي، وليست ذلك خطأ فقط، ولكن نتائج رفع الدعوات أمام القضاء تترك شعورا بالمرارة أكثر مما يجب.

4 – البيئة والأطفال:

لا يستطيع أحد أن ينكر تأثير البيئة على البالغين والأطفال، وحتى الوقت الحاضر نستطيع أن نقول عن ثقة أن مسلمي أمريكا ليس من الممكن أن يكونوا أي مجتمع مادي أو معنوي بالمقارنة مع اليهود أو الصينيين، وإذا سلمنا جدلا أنه ثمة بعض الجماعات في أنحاء متفرقة وبعض الإرشاد الروحي من مصادر عديدة، فإنه ليس ثمة مجتمع يستطيع الاستجابة لكثير من الحاجات الأساسية. إن الأسرة يجب أن تعيش في “مجتمع”، ولو لم يتم تكوين مجتمع إسلامي. وذلك الخطر يعد هائلا حتى أنه يكون الجزء الأعظم من مشاكل الأسرة في الولايات المتحدة، أن كلا من البالغين والأطفال يتأثرون بالقيم والتقاليد الأمريكية، وبالسلوك والأخلاقيات الأمريكية. وليس ثمة مهرب من ذلك “الاستيعاب” الاجتماعي إلا بواسطة تقوية الروابط الأسرية والتمسك المخلص بالتعليمات الإسلامية.. أن الزوج يجب أن يعيش هنا بالتمسك الحازم بأساليب الحياة الإسلامية ويطلب نفس الشيء من زوجته. تلك هي الأدوار الجنسية في الإسلام والمشاكل الرئيسية التي تواجه الأسر في الولايات المتحدة، بل في الحقيقة في جميع الدول الغير مسلمة. أن الحلول السابق ذكرها تعتمد كلية على إيمان الزوجين ورغبتهما المخلصة في العيش طبقا لدينهما. وإن الله طبقا للقرآن قد جعل الرجال مسئولين عن زجاتهم، وأمرهم باعالتهم وحمايتهم وأمر النساء بطاعة أزواجهن والحفاظ على أسرارهن. وبالنسبة لهؤلاء الأزواج الذين يدعون الحق في تحريف معاني النصوص القرآنية حتى تتلاءم مع رغباتهم الشخصية، وهؤلاء الذين يحاولون أن يخضعوا الإسلام إلى قوانين غير إسلامية، فهم مرضى في قلوبهم وآثمون. ومن المرجح أن مثل هؤلاء الأشخاص لن يودوا قراءة هذه المقالة، ولكننا ندعوا الله أن يرشدهم للطريق المستقيم.

(قل هذه سبيلي ادعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين).

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر