أبحاث

تصنيف العلوم عند العلماء المسلمين

العدد 41

إن تصفيف العلوم يتصل اتصالا وثيقا بالمنهج العلمي. فالغاية من تصنيف العلوم هي بيان حدودها والعلاقات القائمة بينها. والمراد من لفظة تصنيف C aaifaction معنيان :

1- العملية الذهنية التى يتم من خلالها إدراك التشابه أو الوحدة(1). وذلك هو المعني المنطقي Logical.

2- عملية ترتيب الأشياء الفعلية الواقعية بحيث تمثل الترتيب المجرد(2). وذلك هو المعني العلمي Practical

يتضح من ذلك أن نظام التصنيف الفلسفي عبارة عن تصور للمعرفة البشرية يوضع لشرح وتوضيح علاقات أجزاء المعرفة بعضها بالبعض الآخر. وهذا الفهم يصدق على المعنى الأول وهو المعني المنطقي أما المعني الثاني فُيراد به ترتيب العلوم من حيث العموم والخصوص. وقد تنبه الفارابي 339ھ لهذا المعني. وذلك يتضح من مقدمة كتابه (( احصاء العلوم )) حيث يقول: (( قصدنا أن نحصي العلوم المشهورة علما علما، ونعرف جُمل ما يشتمل عليه كل واحد منها، وأجزاء ماله منها أجزاء، وجُمل ما في كل واحد من أجزائه))(3).

شطران في عبارة الفارابي:

أحدهما خاص بالاحصاء. وثانيهما يمكن اعتباره خاصا بالتصنيف.

الثاني يبتديء بالقول (( تعرف جُمل ما يشتمل عليه كل واحد منها.

فمعرفة الجُمل والأجزاء هي الخاصة ببيان الحدود والعلاقات وهو المراد من التصنيف لقد أثارت عبارة الفارابي تساؤل الدكتورعثمان أمين عن مُراد الفارابي من كتابه (( هل أراد أن يكون كتابَا يقتصر على تعديد أشهر العلوم المعروفة لعهده مع بيان مسائلها إجمالا أم أراد به أن يكون تقسيما أو تصنيفا للعلوم يبين مذهبا معينا لها في ترتيبها ))(4)

لقد انتهى الدكتور عثمان أمين إلى رأي يقول بأن الفارابي أراد إحصاءا ولم يُرد تصنيفا أو تقسيما للعلوم. يسهل دحض هذا الرأي ببيا  أن كل علم من العلوم هو في أحد مفاهيمه علم تصنيفي Classifactory Science بمعني أن الخطوة الأولى في أي علم من العلوم هي رسم حدوده وبيان أجزائه وعلاقاتها ببعضها وبغيرها من العلوم. وقد أدراك الفاربي هذا المعني في قوله (( إن الإنسان إذا أراد أن يتعلم علما وينظر فيه علم على ماذا يقدم وفيما ينظر..))(5)

على ضوء هذا الفهم كان عمل الفارابي عملا تصنيفيا. ودليلنا في ذلك مقارنة عمل الفارابي في (( إحصاء العلوم)) بنظريته في تصنيف العلوم تلك النظرية الواردة في مصنفه (( التنبيه على سبيل السعادة )) حيث قسم العلوم الفلسفية الى علوم نظرية وعملية. وذلك في قوله (( صناعة الفلسفة صنفان: صنف به تحصل معرفة الموجودات التي للانسان فعلها وهذه تُسمى النظرية. والثاني  به تحصل معرفة الأشياء التي شأنها أن تُفعل وهذه تُسمى العملية))(6)

يؤكد ما انتهينا إليه قول الدكتور عثمان ((المطابقة ظاهرة بين المذهب العام للفارابي في ترتيب العلوم وبين الترتيب الذي أتبعه بالفعل في الكتابه    الاحصاء ))(7)

وإذا كان من معاني التصنيف أنه نظام لترتيب العلوم بحسب العموم والخصوص، فلماذا يكون عمل الفارابي في (( التنبيه على سبيل السعادة )) عملا تصنيفيا في نظر الدكتور عثمان أمين، وعمله في إحصاء العلوم عملا إحصائيا: مع أن المطابقة تامة بين ما جاء في الكتابين. إن الكثرة من المصنفات في تصنيف العلوم لم يلفت إلى الأعمال الإسلامية في مجال التصنيف. إما عن جهل بها أو عن عمد وأغلب الظن أن ذلك عن جهل بتراث العلماء المسلمين في هذا المجال. ولتقدير قيمة هذا التراث نقارنه بما جاء قبله عند اليونانيين لنتبين كذلك مدى تأثر المسلمين بما كان متوفرا لدى اليونانيين.

إن أول نظام وصل إلينا هو ذلك النظام المنسوب لأفلاطون على لسان Richardson (8) في كتابه (( التصنيف النظري والعملى )) Theoretical, Practical Classification  ومهما يكن من أمر فقد وصلنا من أرسطو بخطة مجملة تعين على إدراك شئ من تقسيم المعرفة البشرية في نظره. فأرسطو(9) يميز بين ثلاثة أنواع من التفكير: النظري Theoretical والعملي Practical والمنتج أو الميكانيكي Productive or mechanincal هذه الأنواع الثلاثة من التفكير تقابل الفلسفة النظرية والعلمية والصناعات الانتاجية وفي هذا التقسيم الأرسطي نلاحظ أنه اعتبر المنطق آله Organon أو أداة أو مدخلا لكل لعلوم أي أنه لم يعتبره شعبة من الفلسفة. فالفلسفة النظرية عنده تشمل العلوم الألهية والرياضية والطبيعية.والفلسفة العلمية تشمل  الأخلاق والاقتصاد (تدبير المنزل) والسياسة والصناعات الانتاجية تشمل لشعر والخطابة.

ولذلك كان من الأقسام الرئيسية لنظام المعرفة الشعراء والخطباء هذا التقسيم الأرسطي- في نظر المستشرق الايطالي نللينو- اتخذته أكثر فلاسفة العرب العرب والمتكلمين(10) ولبيان مدى الصحة أو الخطأ في هذا الرأي. نعرض للتصنيف عند علماء المسلمين للمقارنة بينه وبين التصنيف الأرسطي. إن أقدم تصنيف للعلوم الأسلامية لم يكن موضع اهتمام المؤرخين- هو ذلك التصنيف الوارد في كتابي (( الحدود )) و(( إخراج ما في القوة إلى الفعل )) لجابر بن حيان ضمن المختارات التي نشرها بول كراوس من رسائل جابر بن حيان.

يبدأ جابر بن حيان تصنيفه بتحديد المراد من الحد في قوله (( هو الاحاطة بجوهر الحدود على الحقيقة حتى لا يخرج منه ما هو فيه، ولا يدخل فيه ما ليس منه ))(11)

لم يزد جابر في تعريفه للحد على ما قاله أرسطو(12) في التعريف الجامع المانع. فالتعريف عنده هو التوصل إلى الماهية عن طريق الجنس Genus والفصل Difference. واشتراط الفصل أو الخاصة في التعريف أمر له دلالته حتى لا يدخل في الشئ ما ليس من صفاته الأساسية ولا يخرج منه ما هو من مقومات الضرورية. ولذلك كان التعريف التام جامعا لا هو أساسي في الشئ يميزه عن غيره ويمنع ما ليس خاصة له من الدخول فيه. ومن هنا كانت تسمية التعريف بالجامع المانع. وفي أهمية الحدود وتعريف الألفاظ العلمية يقول جابر  (( أما الحدود فينظر فيه كل ساعة، وأن إعطاء الحد أعظم مافي الباب ))(13).

وقد اتخذ جابر لنفسه طريق القسمة الثنائية الأفلاطونية سببها إلى معرفة الحد وإلى تقسيم العلوم. ودليلنا في ذلك قوله(( لما كانت العلوم على ضربين: علم الدين وعلم الدنيا. فكان علم الدين فيها مقسما قسمين: شرعيا وعقليا. وكان العقلي منها منقسما قسمين…(16)

إذن جابر يجعل العلوم دينية ودنيوية، الدينية منقسمة إلى شرعية وعقلية الشرعية ظاهرة وباطنة. والعقلية منقسمة إلى علوم معان وعلوم حروف والآخر ينقسم إلى طبيعي وروحاني، الطبيعي أقسامه أربعة: هي الكيفيات الأربع: الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة، والروحاني ينقسم الى نوراني وظلماني. أما علوم المعاني فهي علوم فلسفية وإلهية.

هذا عن العلوم الدينية عند جابر وهي أسبق في الذكر من العلوم الدنيوية لأن التفرقة بين الديني والدنيوي على أساس زمن الانتفاع والعلوم والعلوم الدينية نوعان: شريف ووضيع.               الشريف علم الصنعة أو الكيمياء، والوضيع علم الصنائع التي يحتاج إليها علم الصنعة، أو الصنائع المستغنى بها عن سواها في كسب الأنسان الانسان الدنيوي.

إن المهم في تصنيف جابر هو اعتباره علم الكمياء مدار العلوم الدنيوية بل ينظر إليه باعتباره أشرف هذه العلوم. واضح تماما ما في تصنيف جابر أنه لا يتبع التقليد الأرسطي في تقسيم العلوم. فقد انفرد بترتيب العلوم على النحو الذي عرضناه.

على أننا نجد لجابر تصنيف آخر(17) يجعل العلوم سبعة أقسام أحدها علم الصنعة. وهذه الأقسام السبعة هي: علم الطب. علم الصنعة- علم الخواص- علم الظلمات- علم استخدام الكواكب العلوية- علم الطبيعة- علم الصور وهو تكوين على الكائنات.

استوحى جابر هذا التصنيف من تقسيم أفلاك الكواكب إلى سبعة. ولذلك جعل جابر قوله في تصنيف العلوم تحت عنوان ((القول في السباعية)) (18) وأفاض جابر القول في كل واحد من هذه العلوم السبعة المختلفة لبيان أقسامها الفرعية ويطول بنا القول إذا فصلناه تفصيلا، ولذلك ننتقل عنه إلى تصنيف الكندي 260ھ لعلوم عصره. وهو لا يخالف التصنيف الأرسطي، فابن نباته(19) يذكر من كلام الكندي في الفلسفة أنها علوم ثلاثة هي: العلم الرياضي والعلم الطبيعي وثالثهما علم الربوبية وهو أعلاها في الطبع(20) ولكن إذا كان الكندي يقسم الفلسفة التي هي علم كل شئ إلى علم وعمل أو فلسفة نظرية وعملية كما فعل أرسطو إلا أنه يقسم العلم النظري إلى قسمين كبيرين هما:

علم الأمور الالھية وعلم الأشياء المصنوعة المخلوقة، فهذا النوع من التقسيم يفترق من حيث الروح عن التقسيم الأرسطي وينم عن اهتمام الكندي بدين موحى به مقابل التدين بالفلسفة ويستدل بترتيب الخالق للموجودات بين الغليظ واللطيف على التدريج من علم المحسوسات إلى علم الالهيات. ومع ذلك نجد للكندي في رسالته- كمية كتب أرسطو- (21) تقسيما يجعل العلوم الفلسفية أنواعا أربع- أولها- المنطقيات ولم يكن المنطق عند أرسطو جزءا من الفلسفة. ويبدو أن الكندي متأثر في ذلك الرواقيين Stoics ولم يذكر الكندي من كتبه في الفلسفة العلمية سوى كتبه الأخلاقية والسياسية دون علم تدبير المنزل لا الاقتصاد. وفي هذه الرسالة يفرق الكندي بين علوم الأنبياء التي تفيض عليهم من غير حاجة إلى منطق أو رياضيات وبين علوم سائر البشر وهي تفرقه مستوحاه من واقع الثقافة الإسلامية.

فإذا انتقلنا من الكندي إلى الفارابي في تصنيفه لعلوم عصره وجدناه في رسالته (( التنبيه على سبيل السعادة )) يتابع التنظيم الأرسطي إلى علوم نظرية وعلمية  وذلك في قوله (( الفلسفة النظرية تشمل على ثلاثة أصناف من العلوم أحدهما علم التعليم والثاني علم الطبيعة والثالث علم ما بعد الطبيعة أما الفلسفة العلمية فصنفان: علم الأخلاق وعلم السياسة.(22)

وذلك لأن من الحكمة ما يعلم ليعتقد وهو الحكمة النظرية بفروعها الثلاثة:   الرياضي والطبيعي والالهي ومنها ما يعلم ليعمل به وهو الحكمة العملية التي تشتمل على السياسة والأخلاق وكانت عند أرسطو ذات شُعب ثلاث.

لعل هذه التفرقة بين ما هو نظري وعملي تكاد تكون المعنى الملاحظ عند المحدثين في التفرقة بين العلم البحث والعلم التطبيقي، ويُلاحظ أن تقسيم الحكمة النظرية إلى ثلاثة أقسام إنما يرجع إلى اعتبار الأمور المبحوث فيها.

يؤخذ على الفارابي أنه خصص الفصل الثالث الفصل الثالث من كتابه (( إحصاء العلوم ))(23) للكلام عن العلم الرياضي وحده جاعلا العلمين الطبيعي والالهي في فصل واحد هو الفصل الرابع. وخصص الفصل الثاني لعلم المنطق فاصلا إياه عن الفلسفة، كما فعل أرسطو. فما السر في ذلك؟ إن الفارابي يقابل بين العلمين التعليمي والطبيعي باعتبار الأول يبحث  في أمور محسوسة. ومبادئ العلمية يُبحث عنها في العلم الالهي الذي يتضمن النظري في المبادئ الأولى.

هذا عن العلوم الثلاثة النظرية، أما المنطق فقد ذكره مقدما على سائر العلوم لأنه:

((يعطي جملة القوانين التي من شأنها أن تقوم العقل وتسدد الانسان نحو طريق الصواب(24)

هذا يعني أن قوانين المنطق قوانين عادة كلية لا بد من مراعاتها في أي علم لأنها تعطم الذهن، من الزلل في الأحكام. ولذلك وجب تقديم الكلام فيها قبل الخوص في ذكر سائر العلوم المحتاجة إليها: من الملاحظ أن الفارابي في كتابه (( الجمع بين رأيي الحكيمين )) يعتبر المنطق جزءا من الفلسفة بدليل قوله (( إن موضوعات العلوم وموادها لا تخلو من أن تكون إما إلهية أو طبيعية أومنطقية أو رياضية أو سياسية ))(25) وكذلك في كتابه: ((التنبيه على سبيل السعادة))(26) يعتبر المنطق علما فلسفيا ثم يعود إلى اعتباره أداة الفيلسوف، وكان لهذا الاضطراب أثره فيمن جاء بعد الفارابي كما سيتضح لنا من رسائل إخوان الصفا(27)، ويلاحظ كذلك أن الفارابي الذي جعل العلوم العملية في رسالته (( التنبيه على سبيل السعادة )) قاصرة على علمي السياسة والأخلاق، يضيف إليهما علمي الفقه والكلام في كتابه (( إحصاء العلوم ))(28) ولذلك يجعل الفصل الخامس من كتابه لهذه العلوم العلمية الثلاثة لاطلاقه لفظة (( العلم المدني )) على علمي السياسة والأخلاق )). ويطلق لفظة (( صناعة )) على علمي (( الأخلاق والمنطق ))، فيقول: الصناعة الخلقية وصناعة المنطق، ولهذا الأمر في نظرنا مغزاه. ذلك أن اقتصار الحكمة العملية عند اليونان على علوم السياسة والأخلاق والاقتصاد وعدم إدراج الصناعات في  هذا الصنف من المعرفة يرجع إلى نظام الطبقة عند اليونان وهو النظام الذي جعل الصنائع والحروف يختص بها العمال والسوقة والرقيق بل إن أرسطون لم يطلق لفظة (( صناعة )) على النوع الثالث من الفلسفة وهو الذي ينتج عن التفكير المنتج كالخطابة والشعر أما عند الفارابي وغيره من الفلاسفة فتندرج الصناعات(29) في جملة العلوم العلمية مما يجعلها قسيمة العلوم النظرية، وشمل مدلول الصناعة لا ما هوعمل فحسب كالطب بل ما يتعلق بكيفية عمل كالمنطق الذي جعله الفارابي (( صناعة تفيد العلم والصواب ما يعقل، والقدرة على اقتناء الصواب فيما           يعقل(30) ولقد كانت الخطابة والشعر عند أرسطو نوعا ثالثا من التفكير، إن عالج المنطق القضايا الشعرية والخطابية أما الفارابي فقد أفرد الفصل الأول من كتابه (( إحصاء العلوم )) لعلوم اللسان وفيها الشعر ولم يفعل ذلك مع الخطابة. وإذا كانت الفصول الثلاثة الأخيرة من الإحصاء تشتمل على علوم الحكمة النظرية والعملية فهل يمكن اعتبار علوم اللسان وعلم المنطق وهي التي اشتمل عليها الفصلان الأولان تمثل النوع الثالث من التفكير عند أرسطو وهو التفكير المنتج Productive .

يمكن ذلك لأن هذين الصنفين من العلوم يحتويان الخطابة والشعر وهما يمثلان التفكير المنتج عند أرسطو. لعل مما يتصل بموضوعنا ذكر ما قاله الفارابي عن العلم الطبيعي وعن علم المناظر الذي ذكره ضمن مباحث العلم التعليمي. يقول الفارابي عن العلم الطبيعي أنه (( ينظر في الأجسام والطبيعية، وفي الأعراض التي قوامها في هذه الأجسام ويعرف الأشياء التي عنها والتي بها والتي لها توجد هذه الأجسام والأغراض التي قوامها فيها ))(31) موضوع هذا العلم إذن هو الأجسام الطبيعية التي وجودها لا بالصناعة ولا بإرادة الإنسان كالسماء والأرض وما بينهما والنبات والحيوان، وكذلك الأجسام الصناعية التي وجودها بالصناعة وبإرادة الانسان والأعراض التي تلحق هذه الأجسام كالحركة والسكون قوامها في هذه الأجسام وموضوعه كذلك معرفة العلل الفاعلة وهي التي عنها وجدت هذه الأجسام وأغراضها. ولذلك يقول الفارابي صراحة وكل واحد من الأجسام الطبيعية وُجد(32) هذا وقد اعتبر الفارابي مواد الأجسام وصورها وعللها الفاعلة والغائبة مبادئ لهذه الأجسام يبحث عنها العلم الطبيعي. والفارابي بذلك يتابع أرسطو في كلامه عن العلل المادية والصورية والفاعلية والغائبة فتصبح العلل أربعا. وقد جعل الفارابي الأجسام الطبيعية على صنفين: بسيطة ومركبة.

الأولى وجودها عن ذاتها والثانية وجودها عن غيرها.

أما عن أجزاء العلم الطبيعي فقد جعلها الفارابي ثمانية أجزاء سُميت بأسماء أرسطو الموافقة لها أي المستقصي فيها تلك الفنون. ولذلك نذكر أن القسم الأكبر من مؤلفات الفارابي هو شروح وتعليقات على فلسفة أرسطو. وقد علق الفارابي على كتابْي (( العلم الطبيعي )) و((الآثار العلوية )) لأرسطو.

أما عن علم المناظر فقد جعله الفارابي ضمن العلوم التعليمية المقابلة للعلوم الطبيعية حيث أن الجرد موضوع الأول، والمحسوس موضوع الثاني. ويشترك علم المناظر مع علم الهندسة في أنه (( يفحص عن الأشكال والأعظام والترتيب والأوضاع والتساوي والتفاضل ))(33) ولكن على أنها (( في خطوط وسطوح ومجسمات على الاطلاق ))(34).

هناك إذن أوجه اتفاق وافتراق بين العلمين. فعلم المناظر تُعرف منه أحوال المبصرات في كميتها باعتبارقربها وبعدها عن المناظر واختلاف أشكالها وأوضاعها وهوما وجدناه بنصه في رسالة الأكفاني المتوفي سنة 749ھ إرشاد القاصد إلى أسنى المقاصد(35) فإذا كان علم الهندسة يفحص عن المجردات كالأشكال للسطوح والأعظام للمقادير والأوضاع للخطوط وكذلك معاني الترتيب والتساوي والتفاضل مجردة. فإن علم المناظر يفحص عن هذه المعاني في خطوط مستقيمة أو متلاقية أو متوازية، وهي التي يمتد عليها الضوء في انتشاره، أو في مقادير وهي السطوح التي لا تدرك بالحس، وإنما تُدرك بالوهم أو في أجسام صقيلة أو مشفه.

علما بأن المجسمات قد تكون كروية أو بيضاوية أو مخروطية….(36) ومنفعة هذا العلم معرفة ما يغلط في البصر من أحوال المبصرات، وهو ما يعبر عنه الفارابي بقوله (( تميز هذا العلم بين ما يظهر في البصر بخلاف ما هو عليه بالحقيقة، وبين ما يظهر على ماهو بالحقيقة، ويعطي أسباب ذلك ))(37).

وممن تأثر بتقسيم الفارابي لعلوم عصره ابن سينا في رسالته (( وممن تأثر بتقسيم الفارابي لعلوم عصره ابن سيناء في رسالته (( في أقسام العلوم العقلية )). ولأهمية هذه الرسالة نذكر أن طاش زاده (968 ھ ) حين تحدث عن تصنيف العلوم لم يذكر من السابقين عليه إلا ابن سينا في رسالته السابقة وذلك في قوله- وصنّف ابن سينا هذا العلم رسالة لطيفة عظيمة النفع في هذا الباب.(38) لقد كانت عبارة طاش زاده بصدد تعريفه لعلم تقاسيم العلوم الذي أسميناه علم التصنيف العلوم.

يبدأ ابن سينا تصنيفه ببيان ماهية الحكمة التي جعلها تتناول نوعين من المعرفة: النظرية والعملية. يقول ابن سينا في تعريف أنها (( صناعة نظر يستفيد منها الانسان تحصيل ما عليه الوجود كله في نفسه وما عليه الواجب مما ينبغي أن يكسبه فعله )).(39) فابن سينا شأنه في ذلك شأن غيره من الفلاسفة الذين أقروا بالوجود العيني أو الخارجي جعلوا الوجود الذهني تابعا للوجود العيني. ولذلك نجد تعريف الحكمة عنده أنها (( علم بأحوال الموجودات على ما هي عليه في نفس الأمر ))(40) وهو ما أشار إليه ابن سينا بقوله (( تحصيل ما عليه الوجود كله في نفسه )) وهذا هو الجانب النظري ويقابله الجانب العملي في الواجب على المرء عمله من أجل تحصيل السعادة. ولذلك يقول (( لتشرف بذلك نفسه وتستكمل وتصير عالما معقولا مضاهيا للعالم الموجود ))(41) ومعنى ذلك أنه جعل العالم الموجود أصلا والعالم المعقول ظلا له يضاهيه، وواضح ان استخدام ابن سينا للفظة (( صناعة )) مع الحكمة وإنما يُراد به كيفية عمل ويفسر التهاوني لفظة صناعة تفسيرا آخر مناسبا في قوله (( وقد يُراد بها ملكة يُقدر بها على استعمال موضوعات ما لنحو غرض من     الأغراض ))(42) والمراد بالموضوعات آلات قد تكون ذهنية كما هو الحال في أمر الاستدلال. ولهذا الأمر أهميته  في الحكمة النظرية المتعلقة بأمور لنا أن نعلمها دون أن نعمل بها، فتصور الأمور وتصديق الحقائق يحتاج إلى ملكات للاستدلال إذ أننا (( بواسطة التعريف نتوصل إلى التصديق ))(43)

وقد جعل ابن سينا- متابعا في ذلك الفارابي- كل واحدة من الحكمتين النظرية والعلمية ينحصر في ثلاثة أقسام، وأساس التصنيف عند أبن سينا في الحكمة النظرية تعلق مباحثها بالمادة هل هي تفتقر إلى المادة في وجودها العيني الخارجي أم لا تفتقر؟ فأن كانت تفتقر إلى المادة في وجودها العيني والذهني فذلك هو العلم الطبيعي لأن موضوعه الجسم المحسوس ولواحقه من الحركة والسكون. وإن كانت لا تفتقر إلى المادة أصلا، فالعلم هو العلم الالهي لأن موضوعه النظر في المبادئ الأولى، وقد جعل ابن سينا الفارق بين العلمين: الطبيعي والتعليمي فارقا بين علم وصفي وعلم برهان فالأول استرقاق، والثاني قياس. وأساس التفريق بين العلمين اختلاف طريقة النظرة في كل منهما وماهية البرهان الذي يؤخذ به في كليهما. أما الحكمة العمدية وأقسامها الثلاثة من مدنية ومنزلية وأخلاقية، فأساسها في قول ابن سينا (( ومبدأ الثلاثة هذه مستفاد من جهة الشريعة الالهية وكمالات حدودها تستبين بها وتتصرف فيها بعد ذلك القوة النظرية من البشر، بمعرفة القوانين واستعمالها في الجزئيات))(44) أي أن هذا النوع من الحكمة يُراد به إصلاح المعاشر والعادات. ولذلك يستوحيه الانسان من الشرائع السماوية فيعمل على هديها لتحقيق صالحه في الدنيا والآخرة. ويبدو أن أساس هذا التصنيف ثمرة الانتفاع كما ذكرنا في تصنيف جابلا ابن حيان.

يعتبر ابن سينا (45) المنطق آلة لكسب الحكميتن: النظرية والعملية فلم يدرجه فيهما. ولذلك يقول عنه بعد انتهاء الكلام عن أقسام الحكمتين وفروعهما: ((حان لنا أن نعرف أقسام العلم الذي هو آلة الانسان والصلة إلى كسب الحكم النظرية والعلمية))(46) خلاصة القول إذن في تصنيف ابن سينا أنه يتأثر بتصنيف أرسطو المختصر. ودليلنا في ذلك ما أورده نللينو ملخصاً لتقسيم العلوم عند اتباع فلسفة أرسطو، وذلك في قوله ((إن أصحاب فلسفة أرسطوطاليس من اليونان المفسرين لأفكار ذلك الحكيم الأعظم في القرن الخامس والسادس للمسيح مثل أمونيوس و سمبلقيوس ويحيى النحوي استخرجوا من كتبه قواعد بنوا عليها تقسيم العلوم على رأي أرسطوطاليس)) (47) ما قاله هؤلاء الشراح والمفسرون من أقسام الحكمة وفروعها هو ما وجدناه عند ابن سينا في رسالته السالفة الذكر. والمطابقة بينهما تكاد تكون تامة وهي كذلك بين التقسيمين السينوي والفارابي ولكننا نستطيع أن نجد أساسا مخالفة للتصنيف في (( رسائل إخوان الصفا)) (48) التي ظهرت في منتصف القرن الرابع الهجري، فقد رتبت مادتها بطريقة موضوعية يمكن التعرف منها على نظام ما لتصنيف المعرفة. فقد قسمت الرسائل إلى أربعة أقسام رئيسية للمعرفة ((رياضية تعلمية وجسمانية طبيعية ونفسانية وناموسية إلهية)) (49)

وذلك لأن الفلسفة عندهم أولها محبة العلوم وأوسطها معرفة حقائق الموجودات بحسب الطاقة الانسانية وآخرها القول والعمل بما يوافق العلم ))(50). ومن ثم جعلوا العلوم الفلسفية أربعة أنواع هي الرياضيات والمنطقيات والطبيعيات والالهيات.

واضح تماما في التقسيم الرباعي الأثر الفيثاغوري وكذلك في تقديم الرياضيات على غيرها من العلوم، بل وضع الحساب قبل الهندسة يشهد بذلك التأثير حيث جعلوا الرسالة الأولى مخصصة للعدد والرسالة الثانية جعلوها للهندسة، ويتضح ذلك من قولهم (( مثل ما كان يفعله الحكماء الفيثاغوريون ))(51) ولذلك لا معنى لقول سارتون وألدوميلي (( إن تصنيف إخوان الصفا لعلومهم هو التصنيف الأرسطي معدلا ))(52) باعتبار أن التصنيف الأرسطي منقولا إليهم عن طريق يحيى النحوي والفارابي، ودليلنا في ذلك قول سارطون(53)

They had some Knowledge of Aristotle, but were more familiar with pythagoren and  Plotomic doctrines)) أما الدوميلي (54) فيأخذ الرأي نفسه عن سارطون.

وتظهر أهمية العدد(4) عند الفيثاغوريون في قول ديبور (( وهو العدد الدال على العناصر الأربعة وسرعان ما صاروا لا يتكلمون عن شئ من العلويات أو السلفيات أو يكتبون عنه إلا بكلام ذي جُمل أربع أو برسائل ذي أربعة أقسام(55) وفي رسالة العدد نجد إخوان الصفا يتكلمون كثيراعن العدد أربعة في قولهم (( إن الأمور الطبيعية أكثرها جعلها الباري مربعات مثل الطبائع الأربعة ومثل الأزمان الأربعة ومثل الجهات الأربعة والمكونات الأربعة..))(56)  وقد بدأ إخوان الصفا تصنيفهم بالرياضيات لأن الغرض منها (( هو السلوك والتطرق إلى علوم الطبيعيات(57) وغرضهم في الطبيعيات والصعود والترقي منها إلى الالهيات. وهنا(58) ينشأ التساؤل عن دور المنطقيات؟

نجد الجواب في الرسالة الثانية الخاصة بالهندسة، إذ يرون  أن المنطقيات هي(( معرفة معاني الأشياء الموجودة التي هي مصورة في أفكار النفوس))(59). ومع ذلك نجد اضطرابات في فكرة إخوان الصفا عن المنطق فتارة يعدونه جزءا من الفلسفة كما فعلٍ الرواقيون، وتارة يعدونه أداة للفيلسوف تبعا لأرسطو فقد جاء في قولهم (( اعلم أن المنطق ميزان الفلسفة، وقد قيل انه أداة الفيلسوف ))(60) ولذلك نجد الرسائل المنطقية(61) الخمسة ضمن الرسائل التعليمية الأربعة عشر ولم يفردوا لها قسما خاصاً بها.

أما العلوم الطبيعية فقد جعلوها سبعة أنواع هي: علم المبادئ الجسمانية، وعلم السماء والعالم وعلم الكون والفساد، وعلم  حوادث الجو، وعلم المعادن، وعلم النبات، وعلم الحيوان.

وبذلك يتفق إخوان الصفا مع التقسيم الأرسطي إذا اعتبرنا علم المبادئ الجسمانية هو علم الكيان وكذلك علم حوادث الجو إذا اعتبرناه الآثار العلوية. وفيما عدا  ذلك لا اختلاف في المسميات على الأطلاق، والجديد في تصنيف إخوان الصفا هو اعتبارهم علم السياسة(62) ضمن العلوم الالهية وتقسيمهم له إلى خمسة أنواع سياسية دنيوية، وسياسة ملوكية، وسياسة عادية،وسياسات خاصة، وسياسة ذاتية. والسبب في ذلك يعود إلى رغبتهم في إصلاح الشرائع عن طريق الفلسفة. وقد جعلوا آخر الفلسفة القول والعمل بما يوافق العلم على أساس أن الفلسفة هادية للحكمة الاعتقادية والمصلحة الاجتهادية ))(63) إذ كان هذا هو الملاحظ في التقسيم الرباعي للعلوم عند إخوان الصفا. فإنهم يعرضون تقسيما اخر ثلاثيا وذلك في قولهم (( إن العلوم التي يتعاطاها البشر ثلاثة أجناس فمنها الرياضية، ومنها الشريعة الوضعية ومنها الفلسفة الحقيقية ))(64).

ويبدو أن المراد بهذا التقسيم هو المقابلة بين العلوم العقلية والنقلية على أساس أن الفلسفة علم عقلي يعوّل فيه على النظر وفق العقل. أما العلوم الشريعة الوضعية فهي علوم نقلية. وقد جعلوا الرياضيات سابقة عليها وذلك في قولهم (( كيما يسهل الطريقة على المعلمين إلى طلب الحكمة التي تسمى الفلسفة ))(65) ولذلك جاء التقسيم الرباعي لاحقا بالتقسيم الثلاثي وإن اختلف مفهوم الرياضيات في الحالين.

ففي التقسيم الرباعي تصير الرياضيات نوعا من العلوم الفلسفية. بل أول هذه الأنواع. أما في التقسيم الثلاثي فيراد بالرياضيات العلوم الدنيوية التي (( وضع أكثرها لطلب المعاشر، وصلاح أمر الحياة الدنيا ))(66)

ولذلك تشتمل على علوم اللسان وعلوم اللسان وعلوم الكيمياء والسحر والطلسمات والكثير من الحروف والصناعات وقد جعلوا علم الحساب يشارك الرياضيات في الحالين، فإذا كان المراد جمع حقائق الفلسفة وطرائق الشريعة في تصنيف واحد. فقد صدق فيهم قول أبي سليمان السجستاني المنطقي المتوفي في أواخر القرن الرابع الهجري (( إن وراء هذه الطوائف جماعة لهم مأخذ من هذه الأغراض كصاحب العزيمة وصاحب الكيمياء والطلاسم ومدعي السحر ومستعمل الوهم ))(67)

وخلاصة القول إذن أن محاولة إخوان الصفا تصنيف علومهم تختلف في الأساس عن التقسيم الأرسطي وعما وجدناه عند الفارابي وابني سينا من تقسيم ثنائي للحكمة حتى وإن كان هناك اتفاق في بعض الأحيان. وإذا كانت التصنيفات التي عرضنا لها لم تعترف إلا بعلوم الفلسفة، فقد كان الطبيعي أن لا نجد تفرقة بين هذه العلوم وغيرها من أجزاء المعرفة، ولذلك سرعان ما أبدع العلماء المسلمون تمييزا بين هذه العلوم العربية الاسلامية وبين العلوم الأجنبية وذلك لتحررهم من النظريات الفلسفية الاغريقية، ويبدو ذلك واضحا عند الخوارزمي 387ھ في كتابه (( مفاتيح العلوم )) إذ رتب مادته وفق تصنيف مسبق للمعرفة البشرية لقد جعل الخوارزمي كتابه على مقالتين: الأولى في العلوم الشرعية وما يقترن بها من العلوم العربية ))(68) والثانية في (( علوم العجم من اليونانيين وغيرهم من الأمم ))(69) وأدرج في هذه المقالة علوم الفلسفة والمنطق والطب وعلم العدد والهندسة وعلم النجوم والموسيقى والحيل الكيميائية. إذن العلوم عند جنسان: تلك التي ذات أصل عربي وتلك التي ذات أصل أجنبي.

ويلاحظ على تصنيف الخوارزمي أنه قسم العلوم الفلسفية وفقا لنظام أرسطو الذي عرضناه قبلا. وربما كان ذلك لتحررها من المادة العربية، وقد زاد على النظام الأرسطي أن صوّر لنا(70) النزاع الذي حدث بالنسبة لطبيعة المنطق من حيث اعتباره جزءا من الفلسفة أو مقدمة لها.

فعرض لكل الآراء التي قيلت في هذا الصدد عرضا مجملا، وكذلك اعتبر علم الحيل أو الميكانيكا بالمعنى الحديث خارجا عن أن يكون قسما لواحد من العلوم الرياضية أو الطبيعية أو الالهية وهي أقسام العلوم الفلسفية النظرية عند أرسطو.

هذا الأساس الذي وجدناه عند الخوارزمي أوحى لابن خلدون (71) (807ھ ) بتصنيف العلوم المتداولة في عصره الى علوم يهتدي إليها الانسان بطبيعة فكره وهي العلوم الحكمية الفلسفية. وإلى علوم نقلية وضعية مستندة إلى الخبر عن الواضع الشرعي. والعلوم الأولى تشترك فيها كل الأمم، والثانية مختصة بالأمة الاسلامية وأهلها وإن شاركتها من بعيد أمم أخرى وفي أمور مجملة.

الفارق بين الخوارزمي وابن خلدون هو أن العلوم الأجنبية عند الخوارزمي أصبحت عند ابن خلدون علوما عقلية تشترك فيها كل الأمم،  أما العلوم الشرعية عند الخوارزمي فهي العلوم النقلية عند ابن خلدون.

لا خلاف بين الاثنين في اختصاص الأمة الاسلامية بها، ثم يذكر ابن خلدون أن (( هذه العلوم الشرعية النقلية قد نفقت أسواقها في هذه الملة بما لا مزيد عليه، وانتهت فيها مدارك الناظرين إلى الغاية التي لا شئ فوقها(72).

يبدأ ابن خلدون تصنيفه بهذا النوع من العلوم، قبل أن يستوفيه يبدأ بالنوع الأول، وإن كنا لا نجد فيها جديدا، اذ اعتبر العلوم الحكمية تشمل المنطق والعلم الطبيعي والالهي والرياضي، ولكنه قسّمها تقسيما أكثر تفصيلا، على أننا نلحظ في تقسيمه أنه بعد  أن ذكر الأقسام الأربعة للعلم الرياضي عدّ كل قسم منها أصلا مستقلا من أصول العلوم الفلسفية فيقول، أصول العلوم الفلسفية سبعة هي المنطق وبعده الارثماطيقي ثم الهندسة ثم الهيئة ثم الموسيقى ثم الطبيعيات ثم الالهيات))(73) ويعود فيذكر لكل واحد منها فروعا تتفرع عنها. والواقع أن هناك اضطرابا واضحا في مقالة ابن خلدون(74) في العلوم العقلية وأصنافها. إذ يقول في أول مقالته (( وتسمى هذه العلوم علوم الفلسفة، والحكمة هي مشتملة على أربعة علوم.. الأول علم المنطق والثاني العلم الطبيعي والثالث العلم الالهي والرابع العلم التعليمي(75) وعندما أخذ يذكر أقسام العلم التعليمي اعتبر الهندسة أول هذه الأقسام وثانيها علم العدد وذلك في قوله (( ويشتمل على أربعة علوم تسمى التعاليم أولها علم الهندسة وثانيها علم العدد ))(76) لكنه يعود فيذكر أن علم العدد هو أول هذه الأقسام وذلك في قوله (( الارثماطيقي أولا ثم الهندسة ومن أمثلة الاضطراب كذلك أنه يجعل العلم الالهي الذي قصر مباحثه على الروحانيات أحيانا وسط القائمة وأحيانا في آخرها، والأمر كذلك بالنسبة للعلم الرياضي الذي يذكره أحيانا بعد المنطق مباشرة وأحيانا بعد العلمين: الطبيعي والالهي.

وكذلك يذكر أبن خلدون علم الفرائض ضمن العلوم النقلية ثم يعود فيذكره ضمن العلوم النقلية ثم يعود فيذكره  ضمن العلوم العقلية باعتباره أحد فروع علم العدد وثالثة يعود فيذكر أنه (( فن شريف لجمعه بين المعقول المنقول))(78) ومع ذلك/ يجعل بين المعقول والمنقول وسطا في تصنيفه، والذي يعنينا في تصنيف ابن خلدون هو  تلك التفرقة بين علوم تشترك فيها الأمة الإسلامية مع غيرها من الأمم وعلوم تختص بها وحدها دون سواها من الأمم.

هذا الأساس يحمل دلائل صدقه إلى الآن، ذلك أن لكل أمة علومها الاصيلة التي تحتاج إلى تصنيف خاص بها.

وإذا انتقلنا من تصنيف ابن خلدون إلى تصنيف الأكفاني في رسالته (( إرشاد القاصد إلى أسنى المقاصد)) وجدنا العلوم تنقسم إلى علوم آليه وعلوم غير آليه وتصنيف الأكفاني يمكن الوقوف عليه من ثلاثة رؤوس لموضوعات هي: القول في حصر العلوم أولا، والعلوم الحكمية النظرية ثانيا، والعلوم الحكمية العملية ثالثا، المهم هو ما جاء تحت الرأس الأول لأن ما ورد تحت الرأسين الآخرين هو ما وجدناه قبلا عند أرسطو وكذلك عند الفارابي في كتابه (( إحصاء العلوم )).

نجد الأكفاني ينقل عبارات بنصها عن الفارابي في ((إحصاء العلوم )) يقول الأكفاني في حصر العلوم  (( كل علم إما أن يكون مقصورا لذاته، أو لا يكون مقصورا بذاته. بل آلة لغيره(79) ومن ذلك أن العلوم إما أن تكون غير آلية أو آلية، لأنها إما أن لا تكون في أنفسها آلة لتحصيل شئ آخر. بل كانت مقصودة لذاتها وبذاتها أو تكون آلة غير مقصودة في نفسها.

الأولى تسمى علوما غير آلية والثانية تسمى علوما آلية، وكما يقول التهانوي (( ليست الآلية ذاتية للشئ. بل تعرض له بالقياس إلى غيره))(80) واضح ان التسمية بالآلية بناء على اشتمال العلم على الآلة أو الآلات، والآلي أقرب في المعنى إلى العملي. وغير الآلي أقرب إلى النظري ولذلك كانت غاية العملي حصول العمل سواء كان مقصورا لذاته أو لأمر آخر. وغاية النظري حصول ذاته(81).

يعتبر الأكفاني علم المنطق علما آليا، وأقسام الحكمة النظرية الثالثة علوما غير آلية لقول الأكفاني عن الموضوع  في أي علم من العلوم (( هو الشئ الذي يبحث في ذلك العلم عن أحواله التي تعرض له إما لذاته، أو لما يشتمل عليه أو يساويه ))(82)

فأحوال الشئ هي التي تعرض له وتختص به وتبين فيه وتحمل عليه إما لذاته أو لجزئه الأعم الأشمل أو لخارج مساو له. فإذا نظرنا إلى موضوع المنطق وجدناه (( المعلومات التصورية والتصديقية من حيث توصل إلى ما هو مطلوب تصوري أو مطلوب تصديقي ))(83). والمنطق بهذا المعني أداة أو آلة موصلة إلى معان تعلم لتعتقد في الحكمة النظرية، ومن ثم كان المنطق آلة لتحصيل غيره.

وليس من شك  أن هذه النظرة إلى المنطق نظرة أرسطية في صميمها. وليس ما يدعو لإفاضة القول في سائر فروع الحكمة النظرية عند الأكفاني لأنه ذكر  في جملة العلوم أربعمائة تصنيف لا تخرج في جملتها عن الأساس الذي ذكرناه له. ولذلك ننتقل عنه إلى أكمل التصنيفات العربية الاسلامية وهي تلك التي نجدها عند طاش زاده في كتابه (( مفتاح السعادة ومصباح السيادة)).

جعل طاش زادة التصنيف علما مستقلا يعرفه بقوله (( هو علم باحث عن التدرج من أعم الموضوعات إلى أخصها ليحصل بذلك موضوع العلوم المندرجة تحت ذلك الأعم، ويمكن التدرج فيه من الأخص إلى الأعم كذلك ))(84) ولما كان العلم الالهي أعم العلوم جعل التصنيف مندرجا تحته  وفرعا من فروعه والتعريف الذي أورده طاش زاده يتضمن عملية التكثير من فوق إلى أسفل. أي من علم أعم  إلى ما هو أخص كتقسيم الجنس إلى أنواع والنوع إلى أصناف، والتصنيف هو (( جعل الشئ أصنافا متميزة ))(85) ومعني ذلك أن التعريف تضمن منهجا من مناهج التصنيف هو المنهج الاستنباطي أي هو المنهج النازل من المقدمات الى النتائج ومن العموميات الى الخصوصيات، ويقابل منهج آخر صاعد من أسفل  إلى أعلى أي من الجزئيات إلى المبدأ أو القانون وهو المنهج الاستقرائي الذي أدركه طاش زاده وهو أحدث مناهج التصنيف الحالية للعلوم.

إذن هما طريقتا التحليل والتركيب  أو الاستنباط والاستقراء جمع بينهما طاش زاده في تصنيفه لعلوم عصره، وللتعرف على منهج طاش زادة في التصنيف نضع أمامنا مقدمته في بيان (( حصر العلوم في الاجمال )) وقد جاء منها (( أعلم أن للاشياء وجودا على أربع مراتب:    في الكتابة والعبارة والاذهان والأعيان وكل سابق منها وسيلة إلى اللاحق ))(86)، ما يهمنا هو الوجود العيني والذهني وقد فصلت القول فيهما من قبل(87) أما الوجود في الكتابة والعبارة. فخاصان بعلوم اللغة وآدابها، ونمضي الآن مع طاش زادة في مقدمته إذ يؤكد ما ذهبنا إليه من اعتبار الوجود العيني أو الخارجي هو الأصل وان الوجود الذهني يكون تابعا له الحاصل فيه صورة وماهية في هوية عينية موجودة بوجود أصيل، وذلك في قوله.

(( لا يخفى أن الوجود العيني هو الوجود الحقيقي الأصل، وفي الوجود الذهني خلاف أنه حقيقي أو مجازي(88) ويرى طاش زادة أن العلم للتعلق بالموجودات الثلاث الأولى علم آلي. أما العلم المتعلق بالأعيان فهو علم نظري    أو عملي، ويشرح طاش زادة المراد بالعلم النظري أو العملي في قوله: (( النظري يقصد به حصول نفسه فقط، والعملي لا يقصد به حصول نفسه، بل غيره ))(89) ان المراد بالعملي عند طاش زادة يغني عن ذكر المراد بالآلي الذي هو وسيلة لحصول غيره، ويرى طاش زادة أن كلا من النظري والعملي قد يكون علما شرعيا نقليا أو علما شرعيا نقلنا أو علما حكميا عقليا.

معنى ذلك أن طاش زادة جعل العلم المتعلق بالوجود العيني ذا شعب أربع، وبذلك كان تصنيفه لعلوم عصره إلى سبع شُعب(90) وقد جعل الشعبتين الرابعة(91) والخامسة(92) توسيعا شديدا للفلسفة: النظرية والعملية علوما عربية تعلم آداب الملوك وعلم آداب الوزارة وعلم قيادة الجيوش.

وتجدر الاشارة كذلك إلى أن طاش زادة جعل المنطق ضمن العلوم الباحثة عن أحوال الأذهان، وهي العلوم الآلية التي كتبت عنها مؤلفات مستقلة وذلك في قوله.(( هذه هي الأصول السبعة. ولكل منها أنواع، ولأنواعها فروع يبلغ الكل على ما اجتهدنا في الفحص والتنقير بحسب موضوعاته وأساميه وتتبع ما وقع فيه من المصنفات إلى مائة وخمسين نوعا))(93)

إذن اعتمد طاش زادة في تصنيفه على المؤلفات وليس على مجرد التقسيم الفلسفي، ولذلك جاء تصنيفه أقرب التصانيف الى النظام الحديث من حيث تسجيله لأدق التفاصيل ونلاحظ أن طا ش زادة كان يبدأ تصنيفه بتعريف العلم(94) موضوعه وغايته، ثم يعقب ذلك بذكر المنصفات فيه المختصرة والمتوسطة والمبسوطة، ونستطيع أن نعتبر ذلك مبدأ التفصيل الشديد والتصنيف الدقيق Close Classification ، لا وجه لمقارنة تصنيف طاش زادة بتصنيف أرسطو أو الفارابي وغيره وذلك لتقدم المعرفة وتميز فروعها في عصر طاش زادة أفضل من بحث في تصنيف العلوم من العلماء المتأخرين ودقق فيه وأجاد في تعريفه وتقسيمه كان ذلك حقا   لا ينتقصه أخذ طاش زادة للكثير من التعريفات عن الأكفاني. فقد فعل حاجي خليفة نفس الشئ مع طاش زادة في مؤلف حاجي خليفة (( كشف الظنون عن طريق عن أساس الكتب والفنون )) فقد لخص حاجي خليفة في مقدمة كتابه بعض ما ورد في مقدمة ابن خلدون وفي مفتاح السعادة وسلك في ذلك مسلك طاش زادة وإن كان قد تعرض له بالنقص حينا وبالنقل عنه الزيادة عليه حينا آخر ))(95) وما فعله حاجي خليفة مع طاش زادة فعله حسني صديق خان في كتابه (( أبجد العلوم ))(96) حيث نقل عمن سبقوه في هذا في هذا الفن وخاصة حاجي خليفة، واستمر الحل كذلك إلى أن جاء في القرن الثاني عشر الهجري الهجري المولوي التهانوي الهندي صاحب (( كشاف اصطلاحات الفنون)) فأخذ كل ما قيل في هذا الفن وحشده في كتابه سالف الذكر.

ونظرا لأننا لا نجد في هذه الؤلفات الثلاث الأخيرة ما يستحق الذكر ضربنا صفحا عن بيان المنهج في تصنيفها، ودليلنا في ذلك قول التهانوي في مقدمة كتابه (( كشاف اصطلاحات الفنون )) (( رتبته على فنين: فن في الألفاظ العربية وفن في الألفاظ العجمية ))(97)، أليس هذا ما وجدنا عند الخوارزمي  وابن خلدون؟

خاتمة المطاف إذن في التصنيف عند العلماء العرب المسلمين ابتداء من جابر بن حيان والفارابي وغيرهم وضعوا تآليف مستقلة في التصنيف…إلى أن جاء طاش زادة فجعل التصنيف علما من العلوم إذ يقول طاش زادة (( تأمل فيما قدمت إليك من العلوم اسما ورسما وموضوعا ونفعا(98) وليس التصنيف بخلاف ذلك تحديدا وموضوعا وغاية. يمكن مقارنة هذا الوضع وتلك المكانة بمكانة التصنيف عند اليونان وعند أوربا والعصور الوسطى كما  هو الحال في تصنيفات بيكون وغيره(99).

إن التصنيف عند العلماء المسلمين كان مرآة تعكس المعرفة البشرية  في زمانها. ومعني ذلك أن العلوم العربية الاسلامية قد بلغت ما لم تبلغه من قبل، وأنها كانت تمهيدا حقيقيا للكثير من علوم القرون الحديثة بل والمعاصرة.

الهوامش

(1) Sayers W.C.B: Manual of classification p. 79 London 1959. 3 rd edition.

(2) Ibid: The same page.

(3) الفارابي: إحصاء العلوم: تحقيق الدكتور عثمان أمين ص 11 طبعة القاهرة سنة 1949.

(4) المصدر السابق ص 43.

(5) الفارابي: إحصاء العلوم ص 43.

(6) الفارابي: التنبيه على سبيل السعادة ص 23.

(7) عثمان أمين: مقدمة إحصاء العلوم للفارابي ص 13.

(8) Richardson: classification, theretical and practical p. 79 London 1930 .

(9) Sarton: Introduction to the history of science Vol IP. 128 Boltimore 1927.

(10) نللينو ( كارلو ): علم الفلك وتاريخه عند العرب في القرون الوسطى ص 29 طبعة روما سنة 1911.

(11) جابر ابن حيان: كتاب الحدود ص 97 ضمن مختارات بول كراوس- طبعة القاهرة سنة 1354 ھ .

(12) Irving: Readings on logic P.8

(13) جابر ابن حيان: كتاب الحدود ص 102 وكذلك الجزء الأول من كتاب الأحجار على رأي بليناس ص 138 ضمن مختارات بول كراوس.

(14) ابن سينا: تسع رسائل في الحكمة والطبيعيات- الرسالة الرابعة في الحدود ص 73 وقد نقل ابن سينا كل ما قاله أرسطو في التعريف وذلك ص 87 من رسالته في الحدود: إذ يقول عن الحد (( إنه القول الدال على ماهية الشئ. أي على كمال وجوده الذاتي وهو ما يتحصل له من جنسه القريب وفصله )) الرسائل طبعة القاهرة سنة 1326ھ .

(15) جابر ابن حيان: كتاب الحدود ص 97.

(16) نفس المصدر ص 100.

(17) جابر ابن حيان: إخراج ما في القوة إلى الفعل ص 48.

(18) نفس المصدر ص 47- 48.

(19) ابن نباتة: سرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون ص 125- طبعة القاهرة سنة 1321ھ .

(20) المصدر السابق- نفس الصفحة.

(21) الكندي: الرسائل ص 363 تحقيق الدكتور محمد عبد الهادي أبو ريدة- طبعة القاهرة سنة 1950م.

(22) الفارابي: التنبيه على سبيل السعادة.

(23) الفارابي: إحصاء العلوم- الفصل الثالث ص 75 والفصل الرابع ص 91 ويلاحظ أن الفارابي جعل كتابه في خمسة فصول تشتمل على ثمانية علوم هي: علم اللسان- المنطق- العلم التعليمي- العلم الطبيعي- العلم الالهي-  العلم المداني- علم الفقه- علم الكلام.

(24) الفارابي: إحصاء العلوم ص 53.

(25) الفارابي: الجمع بين رأي الحكيمين ص 32 طبعة القاهرة 1970.

(26) الفارابي: التنبيه على سبيل السعادة ص 23.

(27) إخوان الصفا: الرسائل ج 1 ص 202، ص 34- طبعة القاهرة سنة 1347ھ 1928 م.

(28) الفارابي: إحصاء العلوم ص 102.

(29) يرى الفارابي أن الصنائع ليست عملية فحسب كالطب والفلاحة والعمارة. بل نظرية كذلك والمثال                 على ذلك المنطق- إحصاء العلوم ص 45.

(30) الفارابي: التنبيه على سبيل السعادة ص 12.

(31) الفارابي: إحصاء العلوم ص 91.

(32) الفارابي: إحصاء العلوم ص 93.

(33) الفارابي: إحصاء العلوم ص 79.

(34) نفس المصدر- نفس الصفحة.

(35) الأكفاني: إرشاد القاصد إلى أسني المقاصد ص 82- طبعة القاهرة سنة 1907 وعن الأكفاني أخذ طاش زادة  وكذلك التهانوي.

(36) ظل هذا الاعتقاد شائعاً حتى ثبت عكس ذلك حديثا عن طريق نظرية الحيود الضوئي القائلة بأن أشعة الضوء تحيد عن الاستقامة قليلا عند نفاذها من ثقب ضيق. نظرية العالم الايطالي اليسوعي جريمالدي المتوفي 1663 م.

(37) الفارابي: إحصاء العلوم ص 80.

(38) طاش زادة: مفتاح السعادة ومصباح الريادة ج 1 ص 324- طبعة القاهرة سنة 1968م.

(39) ابن سينا: الرسالة الخامسة ص 105 ضمن تسع رسائل في الحكمة والطبيعات. والملاحظ أن التعريف الوارد هو تعريف بالرسم لأنه تعريف خاص بالحكمة أو قول مميز لها عن سواها.

(40) ابن سينا: الرسالة الأولى في الطبيعات من عيون الحكمة ص 2 وكذلك كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي ص 49- طبعة القاهرة سنة 1963 م.

(41) ابن سينا: الرسالة الخامسة في أقسام العلوم العقلية ص 105.

(42) التهانوي: كشاف اصطلاحات الفنون ج1 ص 5.

(43) النشار: مناهج البحث عند مفكري الإسلام ص 27- طبعة الاسكندرية ص 1965م.

(44) ابن سينا: الرسالة الأولى في الطبيعيات من عيون الحكمة ص 2.

(45) نرى في كتابات ابن سينا اضطرابا. إذ يجعل المنطق خارجاً من أقسام الحكمة النظرية والعلمية. ثم يذكر بعد ذلك مباشرة كون المنطق من الحكمة وذلك في قوله ص 116 (( في أقسام الحكمة التي هي المنطق أقسامها التسعة ويجمع ابن سينا بين الرأيين في الشفاء. فيعتبر المنطق مقدمة للفلسفة وجزءاً منها في الوقت عينه.    يصوّر الخوارزمي هذا النزاع في كتابه (( مفاتيح العلوم )) ص 98 وعنه يأخذ التهانوي في (( كشاف اصطلاحات الفنون )).

(46) ابن سينا: الرسالة الخامسة في أقسام العلوم العقلية ص 116.

(47) تللينو (كارلو ): علم الفلك- تاريخه عند العرب في القرون الوسطى ص 28.

(48) القفطي: تاريخ الحكماء وهو مختصر الزوزني المسمى بالمنتخبات الملتقطات من أخبار العلماء ص 82.         (( هولاء جماعة اجتمعوا على تصنيف كتاب في أنواع الحكمة الأولى وتّبوا مقالة عدتها 51 مقالة وباحصاء عدد الرسائل اتضح أنها 52 بخلاف الجامعة: 14 رسالة رياضية، 17 جسمانية طبيعية، 10 رسائل نفسية عقلية ))،  11 ناموسية الهية.                                                                                                                   (49) اخوان الصفا: فهرست الرسائل ج 1 طبعة القاهرة سنة 1928م مع مقدمة للدكتور طه حسين وبحث  للدكتور أحمد زكي.

(50)إخوان الصفا: الرسالة الأولى من القسم الرياضي ج 1 ص 23.

(51) نفس المصدر- نفس المصدر مع ملاحظة أن تقسيم الفيثاغوريين للرياضيات ينقسم إلى حساب وهندسة   وفلك وموسيقى وهو ما نجده عند إخوان الصفا.

(52) Sarton (George): Introduction to the history of science Vol. IP. 661.

(53) المصدر السابق ص 660.

(54) ظهر كتاب سارطون سنة 1927 م وظهر كتاب مييلي سنة 1938م ومع ذلك نجد المطابقة تامة بين القولين في المؤلفين.

(55) ديبور: تاريخ الفلسفة في الإسلام ص 111 ترجمة الدكتور أبو ريدة طبعة القاهرة سنة 1374ھ.

(56) إخوان الصفا: الرسالة الأولى في العدد ج 1 ص 27.

(57) نفس المصدر ص 47.

(58) نفس المصدر- نفس الصفحة.

(59) إخوان الصفا: الرسالة الثانية ج1 ص 50.

(60) إخوان الصفا: الرسالة الثالثة عشرة ج 1 ص 342.

(61) سانتلانا: المذاهب الفلسفية ج 1 ص 275 وما بعدها. أنالوطيقا الأولى والثانية هي البرهان: طوبيقا: الجدل- يطوريقا: الخطابة. سوفسطيقا المغالطة في الجدل والمناظرة.

(62) علم السياسة عند إخوان الصفا يشمل العلوم الحكمية العملية عند أرسطو. فالسياسة الخاصة هي تدبير المنزل (الاقتصاد ) والسياسة الذاتية هي علم الأخلاق. والسياسة الملوكية والعامية هي علم السياسة عند أرسطو.

(63) القفطي: تاريخ الحكماء ص 84.

(64) إخوان الصفا: فصل في أجناس العلوم ضمن الرسالة السابقة في الصنائع العلمية والغرض منها ج 1 ص 202.

(65) إخوان الصفا: الرسالة الأولى ج 1 ص 23.

(66) إخوان الصفا: الرسالة السابعة ص 202.

(67) القفطي: تاريخ الحكماء ص 86.

(68) الخوارزمي: مقدمة مفاتيح العلوم ص 4- طبعة القاهرة سنة 1342ھ.

(69) نفس المصدر- نفس الصفحة.

(70) ابن خلدون: المقدمة الفصل الرابع من الباب السادس في أصناف العلوم الواقعة في العمران لعهده ص 435 طبعة القاهرة سنة 1948 المكتبة التجارية. يذكر هذا النزاع التهانوي في صورة تقرب من الخوارزمي كشاف اصطلاحات الفنون ج 1 ص 58.

(71) ابن خلدون: المقدمة ص 435.

(72) نفس المصدر ص 436.

(73) نفس المصدر ص 479.

(74) نفس المصدر ص 478.

(75) نفس المصدر- نفس الصفحة.

(76) نفس المصدر ص 479.

(77) نفس المصدر ص 482 الفصل الرابع عشر العلوم العددية حيث يقول (( وهذا الفن أول أجزاء التعاليم وأثبتها)).

(78) ابن خلدون: المقدمة  ص 452، 484.

(79) الأكفاني: إرشاد القاصد إلى أنس المقاصد ص 26- طبعة القاهرة سنة 1907م .

(80) التهانوي: كشاف اصطلاحات الفنون ج 1 ص 6.

(81) يثير التهانوي إشكالات من قبيل أن غاية الشيء علة لنفسه ص 76 من كشاف اصطلاحات الفنون.

(82) الأكفاني: إرشاد القاصد إلى أسن المقاصد ص 27.

(83) الأكفاني: إرشاد القاصد إلى أسن المقاصد ص 37.

(84) طاش زادة: مفتاح السعادة ومصباح السيادة ج 1 ص 324.

(85) حاجي خليفة: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون ج 1 ص 35 هامش.

(86) طاش زادة: مفتاح السعادة ومصباح السيادة ج 1 ص74.

(87)ذكرنا أن الوجود العيني هو الوجود الأصيل، وأن الوجود الذهني هو الوجود الظلي وذلك في كلامنا عن التصنيف عند ابن سينا.

(88) طاش زادة: مفتاح السعادة ومصباح السيادة ج 1 ص 67.

(89) نفس المصدر- نفس الصفحة.

(90) شعبة الكتابة وتشمل العلوم الخطية. شعبة العبارة وتشمل العلوم اللفظية. شعبة الأذهان وتشمل المنطق وآداب الدرس والمناظرة. شعبة الأعيان وتشمل الفلسفة النظرية والعلمية والعلوم الشرعية وعلوم الباطن.

(91) الشعبىة الرابعة في العلم الإلهي وفروعه، والعلم الطبيعي بفروعه الأربعة.

(92) الشعبة الخامسة في علم الأخلاق علم تدبير المنزل- علم السياسة وفي فروع الحكمة العملية وهى العلوم العربية التي ذكرناها في المتن.

(93) طاش زادة: مفتاح السعادة ومصباح السيادة ج 1 ص 74.

(94) طاش زادة: مفتاح السعادة ومصباح السيادة ج 1 ص 324.

(95) أحمد زكي: موسوعات العلوم العربية ص 26- طبعة القاهرة سنة 1889 م.

(96) حسن صديق خان: أبجد العلوم يشتمل عاى ثلاثة كتب- طبعة لكنو الهند سنة  1296ھ .

(97) التهانوي: كشاف اصطلاحات الفنون- طبعة القاهرة سنة 1965م المقدمة ص 2 .

(98) طاش زادة: مفتاح السعادة ومصباح السيادة ج 1 ص 3.

(99) بول موي: المنطق وفلسفة العلوم ج 1 ص 27- طبعة القاهرة 1961م ورد فيه أن أساس تصنيف بيكون للعلوم هو التفرقة بين ثلاثة ملكات لدى الانسان هي الذاكرة والخيال والادراك العقلي. فالذاكرة يناظرها التاريخ الذي ينقسم إلى التاريخ المدني وهو ما نسميه عادة بالتاريخ. والتاريخ الطبيعي والخيال يناظره الشعر وأخيراً العقل وهو أساس الفلسفة أو العلم بمعني الكلمة وهو الذي يكون موضوعه اللاهوت أو الطبيعة ( الفلسفة الطبيعية )  أو الانسان ( الفلسفة الانسانية ).

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

    1. يمكننا توفير البحث بمقابل 50$ يتم تحويلها للمجلة ويمكنكم التواصل عبر رقم الهاتف المذكور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر