أبحاث

جابر بن حيان : رائد منهج البحث العلمي

العدد 50

ملخص البحث:

يهدف هذا البحث إلى الوعى بالحياة الفكرية لعبقرية عربية وإسلامية قديمة حققت السبق والريادة في مجال اكتشاف منهج البحث العلمى، والذى يفتخر الغرب بالتوصل إلى مبائه وأصوله.
فندلل هنا على أن (( جابر بن حيان )) هو أحد الرواد العرب المسلمين الكثيرين توصلوا فى القرنين الثامن والتاسع الميلادى إلى بذور هذا المنهج وأصوله، كابن الهيثم والرازى والبيرونى. وإذا كان الغرب يحقق مزيدا من التقدم الحضارى المادى بتمسكه الشديد بتطبيق هذا المنهج فى كل العلوم المادية، بلغة الإنسانية، فإننا مطالبون بالدرجة الأولى بالوعى بهذا المنهج وعيا شاملا وتطبيقه فى علومنا المادية والحضارية لنلحق بركب الحضارة المتسارعة والذى تخلفنا عنه كثيرا، خاصة وأن أسلافنا لم يحققوا انتصاراتهم الحضارية والثقافية إلا بتمسكهم الشديد بتطبيق هذا المنهج تطبيقا صحيحا بعد اكتشافه وتقنين حدوده وأصوله.   ونستعرض فى هذا البحث حياة جابر ابن حيان بإيجاز مع معرفة رأى علماء الشرق والغرب فيه قديما وحديثا، ثم نذكر أهم مؤلفاته ورسائله المنشورة والمحققة والمترجمة ثم نستعرض موقفه من علم الكمياء والذى حقق فيه مزيدا من انتصاراته واكتشافاته حيث تبنى أسلوبا تجريبيا علميا، موضحين أثناء ذلك الموقف المضاد الذى اتخذته المدرسة المائية المتأثرة بالفكر اليومانى الصورى والذى كان رائدة- حينئذ – الكندى ( الفيلسوف )، والشيخ الرئيس ( ابن سيناء )- اللذين كانا ينكران إمكانية قيام الكمياء التجريبية. ثم نستعرض منهج البحث العلمى عند (( جابر )) والمتمثل فى تنبيه للتجربة المعملية وجعل الملاحظة الحسية الدقيقة مصدر المعارف العلمية الصحيحة، ونعرّف (( بعلم الميزان )) عنده ذلك الذى يكشف عن الجوانب الكمية والرياضية من الحقائق العلمية دون الجوانب الكمية والرياضية من الحقائق العلمية دون الجوانب الكيفية، ثم نحلل منهج البحث العلمى عنده من حيث إدراكه لوظيفة كل من الاستنباط والاستقراء، والمزاوجة بينهما من أجل التوصل إلى القانون الذى يحكم تغير المادة أو صيرورة الظواهر، معتمدا على تحديد المصطلحات العلمية التى يفرد لها مؤلفا بذاته خوفا من الخلط بين المفاهيم ومن أجل تحقيق مزيد من الموضوعية. ثم نستعرض لجوانب المنهج العلمى عنده والمتمثل فى ثلاثة أنواع من الاستدلال هى دلالة المجانسة، ودلالة مجرى العادة، ودلالة الآثار، ونستعرض أثناء ذلك إنجازته العلمية فى علم الكميائى الذى يشبه ماتوصل إليه (( جون دالتون )) واكتشافه لكثير من المواد والأحماض الكيميائية. وأخيرا نعرض للصفات الخلقية التى يجب أن يتحلى بها الباحث العلمى فى نظره كالصبر والمثابرة والسرية والتكتم على أسرار العلم       إلا لإهله، والإنصاف، تلك الصفات الخلقية التى يرى جابر أنه لايخلو منها الباحث العلمى الأصيل.

المقدمة: يعتبر جابر بن حيان عبقرية عربية وإسلامية أصلية، بفضل كثرة مؤلفاته العلمية فى مختلف المعارف الإنسانية بالإضافة إلى ريادته وإسهامه الجذرى فى تكوين منهج البحث العلمى بالمعنى الحديث، فقد ساهم هو وعبقريات عربية أخرى كالرازى وإبن الهيثم والبيرونى فى تكوين ذلك المنهج العلمى ووضع مبادئه وتأسيس أصوله. وإذا كانت حضارتنا الحديثة مدينة فى وجودها إلى ذلك الكم الهائل من المعارف والمعلومات التى تراكمت عبر القرون الأربعة الماضية، فإنها مدينة بالدرجة الأولى لهذا المنهج العلمى التجريبى الذى مكنها من تحقيق تلك الطفرة الحضارية الهائلة، والتى تجلت فى مختلف فروع العلم وتخصصاته ابتداء من العلوم الذرية وانتهاء بالعلوم البيولوجية وهندسة الوراثة وكثير غيرها من العلوم الكميائية والفلكية والطبيعية الدقيقة. وإذا كان الغربيون يفتخرون بتحقيق مثل هذه الانتصارات العلمية استنادا إلى انتهاجهم لمناهج البحث العلمى الحديثة، والتى يرون أن أسلافهم من العلماء كجون استيورت مل وروجر بيكون وفرنسيس بيكون قد توصلوا إلى مبادئها وأسسها، فحق لنا كعرب ومسلمين أن نفخر بأسلافنا من العلماء كجابر بن حيان وابن الهيثم والبيرونى وكثيرين غيرهم، لأنهم قد حققوا الريادة والسبق فى هذا المضمار، ولنا فى مؤلفاتهم ورسائلهم الدليل والبرهان على ذلك.

وليس الافتخار بهؤلاء العلماء هو دافعنا الأساسى لاستعراض سبلهم إلى اكتشاف مثل هذه المناهج العظيمة، وإن كان ذلك سبيل أساسى لتأكيد الذات العربية والإسلامية الحديثة، ولكن دافعنا الإساسى هو التأكيد على أن حضارتنا العربية والمعاصرة لا تكسب من الخارج ولا تقوم لها قائمة اعتمادا على استيراد التكنولوجية فى صورتها النهائية، بقدر ما تقوم على الوعى بمنهج البحث العلمى، وتشرب هذا الوعى، حتى يصبح جزءا من الذات الفكرية والثقافية لنا، وبقدر تمثلنا لهذا المنهج، وسريانه فى حياتنا العلمية والثقافية، يتحدد المستوى الحضارى الذى يمكن أن نحققه بأنفسنا. ونحن فى هذا البحث نستعرض ذلك المنهج العلمى الدقيق الذى أمكن لعالم عربى مسلم كجابر بن حيان أن يتوصل إليه فى ذلك الزمن البعيد من حضارة الإنسان ويحقق بوصوله إلى مبادئه وأصوله ريادة علمية جليلة اعتراف بها علماء الغرب والشرق قديماً وحديثاً. ونحن باستعراضنا لإنجازات هذا العالم المسلم فى مجال          (( المنهج )) نقول للغرب: ان المنهج هو وليد الحضارة العربية والإسلامية، وإذا كنا قد أخذنا بهذا المنهج فى الحقبة الأخيرة من القرن العشرين، وحاولنا نثر بذوره فى حياتنا الفكرية والثقافية ابتغاء تحقيق مزيد من التقدم فى تلك النواحى المادية والحضارية، فليس هذا سوى أن بضاعتنا قد ردت إلينا.

حياته:

تذكر المصادر أنه أبو عبد الله جابر ابن حيان(1) وتذكر مصادر أخرى أنه (( أبو موسى جابر بن حيان ))(2)   ويرجح أحد الباحثين بأنه قد يكون مصدر الاختلاف أن له ولدين بهذين الاسمين(3). وقد سمى (( جابرا )) لأنه هو الذى (( جبر )) العلم، أى أعاد تنظيمه وترتيبه وأقامه على النهج الصحيح. وتاريخ ميلاده غير معروف على وجه اليقين، ولكنه عاش خلال النصف الثانى من القرن الثامن الميلادى والجزء الأول من القرن التاسع على ماينتهى إليه (( هولميارد ))(4) الذى اهتم بدراسته والتأريخ له حيث يقول: (( إن حياته امتدت خلال الشطر الأكبر من القرن الثامن )). وهو فارسى ولد فى مدينة طوس من بلاد خراسان(5) وهى مسقط رأس (( الفردوسى )) الشاعر الفارسى صاحب ملحمة (( الشاهنامة )) المعروفة، وإن كانت هناك رواية تقول أنه من طرسوس، وأخرى تجعله صابئاً من حران(6). ويلقب جابر (( بالكوفى )) على ما يذكر ابن النديم(7)، لطول إقامته فيها حيث فر هارباً إليها من خطر أحدق به فى عهد هارون الرشيد بعد أن طاردهم هذا الخليفة وقتلهم شر قتلة، وقد كان جابر على صلة حميمة بهؤلاء البرامكة الذين اعتقد هارون الرشيد أنهم بسبيلهم إلى نقل الخلافة إلى العلويين، فهرب جابر   (( إلى الكوفة خوفا على حياته حيث ظل مختبئا حتى أيام المأمون، فظهر بعد احتجابه ))(8). وكما تعرضت كبار الشخصيات العالمية للشك فى وجودها، حيث أعتبر (( هوميروس )) قديما أنه أسطورة من صنع الخيال، واعتبر      (( شكسبير )) شخصية غير حقيقة من صنع الفكر الأوروبي فى طور الفتوة والتنوير الحديث، كذلك اعتبر بعض المستشرقين جابر بن حيان أسطورة لا حقيقة لها فى التاريخ، مستكثرين على الفكر العربي الإسلامى أن يأتى فى هذا الزمن المبكر بمثل هذه العبقرية الفريدة الفذة فى مجالها العلمى التجريبى، وإن كان بعض العرب قديما ذهبوا     – بدوافع شعوبية – إلى مثل ما ذهب إليه هؤلاء المستشرقين، حيث ذكر ابن النديم. (( تقول عنه جماعة من أهل العلم وأكابر الوراقين أنه لا أصل له ولا حقيقة )). وقال بعضهم أنه حتى إن كانت له حقيقة تاريخية، فهو لم يصنف هذه الكتب الكثيرة التى قيل أنه مصنفها، واستثنوا، كتابا واحدا من كتبه نسبوه إليه هو (( كتاب الرحمة )) وأما بقية مصنفاته فقد صنفها غيره ثم نحلوه إياها ))(1). ولا يتردد ابن النديم فى رفض هذه الدعوى، معترفا بوجوده، قائلا أن أمره أظهر وأشهر من أن ينكر وجود صاحبها(2) كما يوافق (( كارادى فو ))     ابن النديم فيما ذهب إليه، ويرفض الرواية التى تزعم أنه أسطورة ويقول أنها (( رواية يرفضها بغير تردد ))(3).

مكانته العلمية: عبر الغربيون عن مكانته العلمية بعد دراستهم المستفيضة لأعماله ومؤلفاته، فقال عنه (( برتراند رسل )) الذى ترجم بعض أعماله الى الأنجليزية أنه: (( أشهر علماء العرب وفلاسفتهم ))(4) ويقول عنه (( القفطى )): (( كان متقدما فى العلوم الطبيعية بارعا منها فى صناعة الكيمياء وله فيها تآليف كثيرة ومصنفاته مشهورة ))(5) ويشير إليه   (( الرازى )) فى كتبه الكيميائية بقوله: (( قال أستاذنا أبو موسى جابر ابن حيان ))(6). وذكره (( حاجى خليفة )) فى      (( كشف الظنون )) ( بأنه أول من يستحق لقب (( الكيموى )) من المسلمن )(7) وقال عنه (( بريتلو )):   (( ان جابر بن حيان فى الكيمياء ما لأرسطو فى المنطق حيث أضاف إلى الفكر الإنسان عنطرا جديداً افتقر إليه اليونان، ذلك هو اعتماده على التجربة والبرهان الحسى وعدم الاكتفاء بالفروض والتحليلات الفكرية الغامضة التى كانت محور المعرفة عند اليونان، ويدل على ذلك قول جابر فى المقالة الأولى من كتابه (( الخواص الكبير )):                 (( ويجب أن تعلم أنا نذكر فى هذه الكتب خواص ما رأيناه فقط، دون ما سمعناه أو قيل لنا وقرأناه، بعد أن امتحناه وجربناه، فما صح عندنا- بالملاحظة الحسية – أوردناه، وما بطل رفضناه، وما استخرجناه نحن أيضا وقايسناه على أقوال هؤلاء  القوم )). ومعنى هذا أن الملاحظة الحسية وحدها هى وسيلة كسب الحقائق العلمية، ومصدر المعرفة الصحيحة، وأن شهادة الغير مرفوضة، ما لم تؤيدها مشاهدات الباحث وملاحظاته الدقيقة. وهذا هو المحك الصحيح فى المعرفة العلمية عند علماء المسلمين عامة وجابر بن حيان خاصة. وعلى الرغم من أن (( برتلو )) يراوده الشك فى بعض رسائل جابر الكيماوية إلا أن عبارات (( ابن النديم )) ترده إلى الصواب حيث يقول: (( إن رجلاً فاضلاً يجلس ويتعب، فيصنف كتابا يتعب قريحته وفكره بإخراجه، ويتعب يده وجسمه بنسخه، ثم ينحله لغيره- إما موجودا أو معدوما – ضرب من الجهل، وإن ذلك ( العمل ) لا يدخل تحته من تحلى ساعة واحدة بالعلم، وأى فائدة فى هذا وأى عائدة؟ )). ولذلك وجدنا (( برتلو )) ينتهى الى تأكيد مكانة جابر من علم الكمياء، حيث يعتبره فى منزلة أرسطو فى تاريخ المنطق من حيث أن جابر أول من وضع لعلم الكيمياء قواعد علمية تقترن باسمه، كما كان أرسطو أول من وضع لعلم المنطق قواعده وأصوله. ليس هذا فحسب، بل إن (( جابرا )) هو صاحب نظرية (( الاتحاد الكيميائى ))  والتى تشبه النظرية الذرية، التى تحدث عنها العالم الأوربى (( دالتن )) بعد جابر بعشرة قرون (( والتى تقول ان الاتحاد الكيميائى يكون باتصال ذرات العناصر المتفاعلة بعضها ببعض ))، وكان جابر قد أجرى تجربته على الزئبق والكبريت- على ما سنعرف من بعد- ووصف عملية تحويلهما إلى (( كبريتور الزئبق )) وكان الفيلسوف أرسطو يقول: إن الفلزات نشأت فى باطن الأرض من تفاعل الدخان والقوام المائى، لكن جابر بن حيان بعد دراسته لنظرية أرسطو رأى أنها لا تفسر الظواهر والمشاهدات التى كان يلاحظها فى تجاربه الكيميائية، فهو يعتنق مبدأ التجربة العلمية بعكس علماء ومفكرى اليونان. ولذلك جاء اعتراض جابر على رأى أرسطو بعد دراسة وتجربة. وقال بأن الفلزات لا تتكون بهذه الصورة، وأن عنصرين جديدين يتكونان فى باطن الأرض هما الزئبق والكبريت وباتحادهما تتكون الفلزات. وبقيت نظرية (( جابر )) هذه سائدة فى دراسة علم الكيمياء فى كل أوربا بعد ترجمة المؤلفات العربية، حتى القرن الثامن عشر، وكانت هذه النظرية نواة لنظرية جديدة أخرى هى نظرية                    (( الفلو جستين )) القائلة بأن كل المواد القابلة للإحتراق، والفلزات القابلة للتأكسد، تتكون من أصول زئبقية وكبريتية وملحية. وبالإضافة إلى ذلك سيتوصل جابر بعد ذلك إلى الأوزان النوعية للمواد الكيميائية وللمعادن متوسلاً إلى ذلك بما أطلق عليه اسم (( الميزان )) ولذلك أدرك الغربيون مكانة جابر ومنزلته العلمية، فوجدنا (( بول كراوس )) فى دائرة المعارف الإسلامية يقول:   (( درس جابر تراث أرسطو، وعلوم غيره من الإغريق كما قرأ (( فرفريوس ))، كما درس أفلاطون وجالينوس وإقليدس وبطليموس، ودرس نظريات أرشميدس، وليس فى كتب مثل كتب جابر، تكشف عن المعرفة الواسعة بتصانيف القدماء، تمتاز بهذه الإحاطة الموسوعية )). مما يدل على أن جابر بن حيان، لم يبدأ إلا من قراءات واسعة وعميقة للفكر اليونانى، ثم بنى عليها ما شاءت له قدراته أن يبنى من علم جديد،

ومعتمدا على بعض النظريات اليونانية كفكرة (( الطبائع الأربع الأولية )) التى منها نشأت الكائنات جميعا، أو فكرة تحويل المعادن، ولكنه سينتهى إلى نتائج علمية نرى أنها تختلف بالنوع والكيف وليس بالدرجة عن الفكر اليونانى الذى بدأ منه وتتلمذ عليه، حيث أسهم فى بناء المنهج التجريبى ذلك المنهج العلمى الذى نعتبر أن المسلمين هم أول من توصل إلى مبادئه وأصوله، محققين بذلك طفرة علمية هائلة تجاوزت ذلك المنهج التأملى العقلى الذى برع فيه اليونان واكتملت فيه العبقرية الإغريقية.

مؤلفـــاتـه: ألف جابر بن حيان كثيرا من الكتب والرسائل التى عرض فيها للكثير من الموضوعات العلمية المختلفة النظرية والعملية، والتى تشمل معظم مباحث العلم ابتداء من العلوم الفلسفية والإنسانية وانتهاء بالعلوم الطبيعية والتنجيمية، واستحوذت الصنعة أو علم الكمياء على الكثير من هذه المؤلفات والرسائل، التى لخص فى بعضها ما قد شرحه وبسطه فى بعضها الآخر على ما يقول (( الجلدكى )) فى (( نهاية الطلب )) وقد صنف (( الطغرائى )) فى كتابه (( مفاتيح الرحمة ))(1) الطريقة التى انتهجها جابر فى تأليفه لرسائله، حيث أنه يعرض مذهبه بصورة متعددة فى كتبه المختلفة، فالمادة العلمية التى يعرضها فى ذاك مع اختلاف فى صورة العرض وأسلوبه تقريبا لها إلى الأذهان، وتحبيبا فيها إلى النفوس، فهو أحيانا يسهب وأحيانا أخرى يوجز، مرة يلغز ويرمز وأخرى يصرح ويحلل،قول الطغرائى:                                                                                                                                              (( انظر إلى هذا العالم كيف يتلاعب بالناس، ويخرج هذه الصناعة الشريفة فى المعارض المختلفة ومغزاه واحد، وكيف يعترض مرة ويصرخ أخرى )). أما أهم رسائله ومؤلفاته، فهى استنادا إلى ماورده (( ابن النديم )) فى   (( الفهرست ))(1) مع الإشارة إلى ما طبع منها حديثا أو ترجم، وما ذكره بعض المحدثين كما يلى:

1- كتاب أسطقس الأس الأول إلى البرامكة. نقل بالزنكوغراف فى الهند عام 1891م.

2- كتاب أسطقس الأس الثانى إليهم- الهند 1891.

3- كتاب الكمال، وهو الثالث إلى البرامكة- الهند 1891.

4- تفسير كتاب أسقطقس- ذكره إلياس سركيس فى معجم المطبوعات العربية المعربة.

5- كتاب الواحد اكبير- المكتبة الأهلية بباريس فى المجموعة رقم 2606.

6- كتاب الوحد الصغير- المكتبة الأهلية بباريس المجموعة 2606.

7- كتاب الركن- أشار إله جابر فى كتابه (( نار الحجر ))(2).

8- كتاب البيان- الهند 1891، وبدار الكتب المصرية مجموعة 583، 631.

9- كتاب النور- الهند 1891، وبدار الكتب المصرية مجموعة 583، 631.

10- 11- 12 كتاب التدابير، والتدابير الصغيرة، والتدابير الثالث ذكرها جابر فى كتابه (( الخواص الكبير ))(3).

13- كتاب الملاغم الجوانية- ذكره كراوس من مجموعة تسمى بالمائة واثنى عشر كتابا.

14- كتاب الملاغم البرانية.

15-16- كتاب العمالقة الكبير وكتاب العمالقة الصغير- ذكرهما كراوس.

17- كتاب الشعر- منه نسخة بالمتحف البريطانى رقم 7722.

18- كتاب التبويب- المكتبة الأهلية بباريس المجموعة 2606.

19- كتاب الأحجار على رأى بليناس- نشره بول كراوس ( أربعة أجزاء ).

20- كتاب أبى قلمون- ذكره جابر فى (( الخواص الكبير )) مختار كراوس- ص 318.

21- كتاب الباهر- ذكره كراوس.

22- كتاب الدرة المكنونة- مخطوط فى المتحف البريطانى ضمن مجموعة 7722.

23- كتاب البدوح وهو كتاب فى الطلاسم.

24- كتاب الخلاص- ترجم إلى اللاتينية باسم Summa Periecuonis .

25- كتاب القمر- نسخة منه بمكتبة باريس مجموعة 2606.

26- كتاب الشمس- ذكرهما جابر فى كتابه (( الميزان الصغير )) ( كراوس ص 450).

27- كتاب التركيب- مكتبة باريس مجموعة 2606.

28- كتاب الأسرار- نسخة منه بالمتحف البريطانى مجموعة رقم 23418 نمرة 14 وترجم إلى اللاتينية.

29- كتاب الأرض- طبعة برتلو، ومنه نسخة بمكتبة باريس مجموعة رقم 2606.

30- كتاب المجردات- ذكره جابر فى كتابه (( الخواص الكبير )) ( مختارات كراوس ص 324 ).

31- كتاب الحيوان- ويذكره الجلدكى منسوبا إلى جابر.

32- كتاب الأحجار- الهند 1891.

33- كتاب ما بعد الطبيعة- ذكره جابر فى (( إخراج ما فى القوة إلى الفعل )) ( مختارات كراوس ص 31 ).

34- كتاب الخمسة عشر المعروف فى اللاتينية باسم Liber xv ومنه نسخة عربية بكلية ترنتى بأكسفورد رقم 363.

35- الروضة- ذكره الجلدكى فى الجزء الثامن كتابه نهاية الطلب.

36- الإيضاح- الهند 1891.

37- مصححات سقراط- المكتبة البودلية باكسفورد رقم 1416.

38- مصححات أفلاطون- القسطنطينية- مكتبة راغب باشا مجموعة 96 رقم 4.

39- كتاب الضمير- المكتبة الأهلية بباريس المجموعة 2606.

40- كتاب الموازين- طبعة (( برتلو )) عن نسخة موجودة بليدن- وترجم إلى اللاتينية.

41- كتاب الزئبق- طبعة (( برتلو )) نقلا عن مخطوط فى مكتبة ليون رقم 440.

42- كتاب الخواص- منه نسخة بالمتحف البريطانى برقم 4041- ونشر كراوس نخبا من كتاب (( الخواص الكبير))

43- كتاب الإستتمام- محفوظات المتحف البريطانى رقم 8229.

44- كتاب الملك طبع (( برتلو )) هذا الكتاب عن نسخة بليدن رقم 440 من المجموعة العربية- ونقل إلى اللاتينية.

45- كتاب التصريف- وهو المعروف فى اللاتينية باسم Iiber mutatorium  وقد ذكره جابر فى كتبه الأخرى.

46- كتاب شرح المجسطى ترجمة جبران الكريمونى ومنه نسخة باكسفورد ومكتبة جامعة كمبردج.

47- كتاب الوصية- منه نسخة بالمتحف البريطانى بالمجموعة 7722 وترجم إلى اللاتينية.

48- كتاب إخراج ما فى القوة إلى الفعل- نشره بول كراوس فى مختاراته ص 1- 97.

49- كتاب الحدود- نشره بول كراوس فى مختاراته- ص 97- 115.

50- كتاب كشف الأسرار- منه نسخة بالمتحف البريطانى فى المجموعة 7722 رقم 54 ونسخة بمكتبة القاهرة.

51- كتاب خواص إكسير الذهب- المكتبة الأهلية بباريس مجموعة 2625 رقم 6.

52- كتاب الرحمة- طبعة (( برتلو )) عن مخطوطة بمكتبة ليدن رقم 440.

53- كتاب التجميع- نشره بول كراوس فى مختاراته ص 341- 392.

54- الأصول- المتحف البريطانى المجموعة 23418 رقم 13 وترجم إلى اللاتينية. وأشار إليه جابر فى كتبه      ( كراوس ص 74، 342 ).

ومن يقرأ كتب جابر بن حيان يجده يذكر مئات الكتب من مؤلفات وضعها فى مختلف العلوم سواء فى المنطق أو الطب أو الزيج أو الأحجار والمعادن أو العزائم أو الصنعة والكمياء، ولكن ضاع كثير من هذه المؤلفات أو لم نعثر عليها بعد، ولذلك لم نذكر إلا ما اشتهر من هذه الكتب والرسائل أو تأكد لنا وجوده. وقد استقصى المستشرقون هذه المؤلفات والرسائل الموجود منها والمفقود وخاصة (( هولميارد )) و (( بول كراوس )) و (( برتلو )) الذين أشاروا كذلك إلى العديد من الترجمات اللاتينية لمثل هذه العديد من الترجمات اللاتينية لمثل هذه المؤلفات فى العطور الوسطى الأوربية.

جابر وعلم الكيمياء: تذكر الباحثة (( زيفريد هونكة ))(1) أن البحث عن حجر الحكمة الذى يحول المعادن إلى الذهب، وعن إكسير الحياة الذى يهب المرء صحة ويمد فى عمره، كانا من أحلام البشرية القديمة، منذ رأى الإنسان والدهشة تطل من عينيه، معجزة تحول المعادن بواسطة الإنصهار. وكم حاول المصريون والإغريق والفرس إخراج هذين الحلمين وغيرهما من أحلام البشرية إلى حيز الوجود. فلم يفلحوا.. إلا أن هذه الشطحات فى التفكير وهذا التلاعب بأشياء ما وراء الحس تحولت لدى العرب التجريبيين إلى ممارسة عملية منظمة.. وأصبح حلم تحويل المعادن وعزل المواد بعضها عن بعض دعوة فى صفوف المثقفين المسلمين إلى إجراء التجارب العديدة وتحليل المواد المختلفة وتفريقها وتعريفها حتى وصلوا فى مختبراتهم إلى شئ لم يعرفه أحد من قبل، ألا وهو علم التجربة الكيميائية. وفى الواقع هناك موقفان للمفكرين المسلمين عبر كل منهما عن اتجاه بعينه، تأثر أحدهما بالإتجاه الفلسفى اليونانى، وكان الآخر موقفا علميا عبر بوضوح عن الأصالة الإسلامية للمفكرين المسلمين ذوى الإتجاه العلمى التجريبى. ومن أصحاب الإتجاه الأول الشيخ الرئيس ابن سينا والفيلسوف الكندى، وكانا فى اتجاههما متأثرين بذلك المنحى التأملى للفكر الفلسفى اليونانى. فالشيخ الرئيس كان من المفكرين لإمكانية قيام الكيمياء التجريبية، والتى تعنى تحويل المعادن وإمكانية تغييرها، وحاول فى كتابه (( الشفاء )) أن يقيم الحجة على بطلانها، وكانت حجته- وهو فى ذلك متأثر بالإتجاه المشائى الأرسطى- إن الصفات التى يقال عنها إنها إذا أضيفت هنا أو حذفت هناك تحولت الأشياء بعضها إلى بعض، صفات عرضية محسوسة لا تمس جواهر الأشياء، فليست هى بالفواصل الحقيقية التى تميز نوعا من نوع، وأما الفواصل الحقيقية التى تجعل الذهب ذهبا، وتلك التى تجعل النحاس نحاسا، وإذا كانت هذه الكيفية- أو الماهية – مجهولة، كيف يمكن لنا أن نوجده إيجادا أو نفنيه إفناء؟(2). والغرض من علم الكمياء عند الشيخ الرئيس هو (( سلب الجواهر المعدنية خواصها وإفاداتها غيرها، وإفادة بعضها خواص بعض ليتوصل إلى اتخاذ الذهب والفضة من غيرها من الأجسام ))(1). وقد جعله ابن سينا أحد فروع العلم الطبيعى. واعتمد فى هذا التعريف على أن الفلزات(2) كلها مشتركة فى النوعية، وأن الاختلاف الظاهر بينها إنما هو اعتماد أمور عرضية يجوز انتقالها. ولذلك ونظرا لأنه من المفكرين لقيام هذا العلم نجده يحتج لذلك بقوله:

(( نسلم إمكان صبغ النحاس بصبغ الفضة، والفضة بصبغ الفضة، والفضة بصبغ الذهب، وأن يزال عن الرصاص أكثر ما فيه من النقص: فأما أن يكون المصبوغ يسلب أو يكس فلم يظهر لى إمكانه بعد. إذ هذه الأمور المحسوسة يشبه أن تكون هى الفصول التى بها تصير هذه الأجساد أنواعا، بل هى أعراض ولوازم وفصولها مجهولة. وإذا كان الشئ مجهولاً، كيف يمكن أن يقصد إيجاد أو إفناء ))(3). أما الفليسوف (( الكندى )) (( فأقام إنكاره على أساس أن الطبيعة قد انفردت- دون الإنسان – بأشياء محال على الإنسان أن يأتى بمثلها، كما انفرد الإنسان- دون الطبيعة – بأشياء أخرى، ومن الخلط بل من الخداع أن يحاول الإنسان فعل ما قد انفردت الطبيعة بفعله ))(4). أما الاتجاه الآخر والذى نرى أن تعبر عن أصالة المسلمين العلمية حيث عالجوا مثل هذه المسائل بمنهج علمى يختلف عن ذلك المنهج الذى اتبعه اليونان، فهو الذى يؤمن بإمكانية قيام الكيمياء التجريبية وإمكانية تحويل المعادن والمواد الطبيعية. من هؤلاء الإمام فخر الدين الرازى الذى عقد فصلا فى (( المباحث المشرقية )) يبين فيه إمكان علم الكيمياء والشيخ نجم الدين البغدادى الذى رد على (( ابن تيمية )) وزيف ما كان قاله عن استحالة علم الكيمياء، وكذلك أبو بكر محمد ابن زكريا الرازى الذى تصدى للرد على الكندى فى الموضوع نفسه، والذى نعتبره رائدا من رواد هذا العلم. أما جابر بن حيان فهو الفيلسوف الطبيعى الذى أيد هذا القول نظريا فى مؤلفاته العلمية الكثيرة وعمليا فى المختبرات والمعامل، وكان من اشتهر عنه هذا العلم، فاعتبره أهل الفكر مؤسس هذا العلم وواضع أصوله ومبادئه، يتضح لنا هذا من تساؤل جابر:   كيف يظن العجز بالعلم دون الوصول إلى الطبيعة وأسرارها؟ ألم يكن فى مستطاع العلم أن يجاوز الطبيعة

إلى ما وراءها؟ فهل يعجز عن استخراج كوامن الطبيعة ما قد ثبتت قدرته على استخراج السر مما هو مستور وراء حجيها؟ ثم يستدرك عندئذ لأن بعض الفلاسفة المشائين أنكروا إمكانية قيام هذا العلم كالفيلسوف ابن سينا بقوله: (( إننا لا نطلب ذلك من ذوى العلم الذين استوفوا أركان البحث ))(1). وهو بذلك ينكر على هؤلاء الفلاسفة العقليين قدرتهم على اصدار مثل هذه الأحكام التى تتطلب فيمن تصدر عنه قدرة على استخدام أسلوب ومنهج آخر هو ما أطلق عليه فيما بعد (( المنهج التجريبى ))، والذى كان يفتقده أمثال هؤلاء الفلاسفة المشائين كابن سينا. ويستمر جابر فى حديثه عن إمكانية قيام هذا العلم، فيقول: (( إن أسرار الطبيعة قد تمتنع على الناس لأحد سببين، فإما أن يكون ذلك لشدة خفائها وعسر الكشف عنها، وإما أن يكون للطاقة تلك الأسرار بحيث يتعذر الإمساك بها، سواء كان الأمر هو هذا أو ذلك، كان فى وسع الباحث العلمى أن يلتمس طريقا إلى تحقيق بغيته، فلا صعوبة الموضوع ولا لطافته ودقته مما يجوز أن تحول العلماء دون السير فى شوط البحث إلى غايته(2). وقد تبنت الباحثة (( هونكه )) كلا الإتجاهين اليونانى المشائى والعلمى التجريبى الذى اكتشفه العرب فقالت: (( كان الفكر الإغريقى يهتم بتفسير المعرفة الحسية بواسطة التأمل الفلسفى، فأوجد الكيمياء النظرية والفلسفية الطبيعية… وكان العرب أول من أوجد طرق المراقبة المنظمة فى ضوء الشروط التى كان بإمكانهم فى كل حين، أن يعيدوها وينوعوها ويراقبوها، فخلقوا بذلك علم الكيمياء التجريبى فى مفهومه العلمى وأوصلوه إلى قمة رفيعة أصبحت بموجبها اكتشافات علمى الكيمياء العضوية والكيمياء غير العضوية الحديثين من الضرورات الماسة لإرجاع الكيمياء التجريبية إلى المستوى الذى أوصلها إليه العرب ))(3). وهذا ما دعا المؤرخ الإنجليزى (( كاستم Custom  )) إلى القول بأنه قد وفق العرب إلى اكتشافات حقيقة علمية فى علم الكيمياء وكشف تركيبات كيميائية جديدة بدل محاولتهم لمعرفة حجر الفلاسفة الذى يحول المعادن إلى الذهب(1). فلقد تغيرت الغاية من علم الكيمياء بعد اشتغال المسلمين بمثل هذه الأبحاث التجريبية وبعد أن كان الهدف الأصلى من مثل هذه الأبحاث هو تحويل المعادن الخسيسة إلى معادن نفيسة، وجد علماء المسلمين وعلى رأسهم (( جابر بن حيان )) أن أبحاث الكيمياء التجريبية، والتى أمكنهم التوصل إلى كثير من حقائقها نتيجة للاختبارات المعملية الدقيقة التى قاموا بها، والتى مكنتهم من الوصول إلى تحضير كثير من المواد والأحماض التى لم تكن معروفة من قبل، تفوق أهميتها الغاية القديمة التى كانت تدفعهم إلى القيام بمثل هذه الأبحاث، ولذلك سرعان ما نسوا- أو تناسوا – تلك الدوافع المادية التى حثتهم على البحث والتجريب، واحتفوا بذلك المنهج العلمى الوليد، والذى عن طريقه توصلوا إلى كثير من الاكتشافات العلمية الرائعة. وعلى الرغم من أن الخيال العلمى الخصيب كان دافعا استحث همم علماء المسلمين كالرازى وجابر بن حيان إلى تحويل المعادن الخسيسة إلى أخرى نفيسة، إلا أن هذا الخيال القديم قد أصبح فى العصر الحديث واقعا ملموسا، فقد أمكن تحويل الزئبق إلى ذهب بعد الأبحاث الذرية الحديثة، يقول أحد الباحثين: ((شغل كيميائيو العرب القدامى أنفسهم زمنا طويلا بمحاولات الحصول على الذهب من معادن أخرى، واختاروا الزئبق لهذه العملية، فصاروا يوقدون عليه النار ليالى وأياما طويلة. والحق أن اختيارهم هذا فيه قدر كبير من التوفيق، ذلك أن الزئبق يأتى فى الجدول الدورى للعناصر لم يكن معروفا لديهم آنذاك، بعد الذهب مباشرة، ومع أن تجاربهم فى هذا السبيل لم تحقق نجاحا يذكر، إلا أنها جديرة بالتسجيل، إذ تمكن العلماء اليوم فعلا من تحويل نظير الزئبق 198 إلى ذهب، بعد قذفه بنيوترونات سريعة فتحول إلى نظير آخر هو الزئبق 197 ثم تحول هذا الأخير إلى ذهب مصحوبا بانطلاق جسيمات بيتا الموجبة أى البوزتيرنيات.

زئبق 198+ نيوترون

زئبق 197.

زئبق 197+ بيوترون.

ذهب 197+ بوزيترون ))(2).

منهج البحث عند جابر بن حيان

1- التجربة: توصل جابر بن حيان فى القرن الثامن وأوائل القرن التاسع الميلادى إلى مبادئ منهج البحث العلمى الحديث، فإن من يتصفح مؤلفاته العلمية يجد هذا المنهج منثورا ومبثوثا فى كل كتاباته، ويمكن لعين الباحث الفاحصة أن تتبين شتات هذا المنهج منثورة هنا وهناك، فإذا كان العلم فيما يقول (( أوبنهايم Oppenheim )): (( أن تكون هنالك طريقة تنطوى تحتها شتات الوقائع والمفردات المبعثرة هنا وهناك بغية تفسير ما قد يوجد بينهما من روابط أو علاقات تنظمها قوانين ))(1) فإننا يمكننا أن نتبين لجابر مثل هذه الطريقة، حيث تجد منهجا تجريبيا يصطنعه فى بحوثه الكيميائية جدير بالفحص والتحليل فهو يلزم نفسه بأسلوب من البحث النظرى والسلوك العملى، يضم تحته كلا المنهجين الاستدلالى والاستقرائى، والذى هو فى النهاية الأسلوب العلمى بالمعنى الحديث. فهو يحدثنا عن منهجه بقوله: (( ويجب أن تعلم أنا نذكر فى هذه الكتب، خواص ما رأيناه فقط دون ما سمعناه أو قيل لنا وقرأناه، بعد أن امتحناه وجربناه، فما صح أوردناه وما بطل رفضناه، وما استخرجناه نحن أيضا وقايسناه على هؤلاء القوم ))(2). وهو فى هذا المنهج لا يعتد بشهادة الغير إلا على سبيل تأكيد ما يكون قد وصل إليه هو بتجربته وامتحانه، فالمعول فى المعرفة العلمية عنده على (( التجربة والامتحان )) حيث أنهما المحك الحقيقى الذى يصدر عنه العالم فى معارفه وحقائقه، ولذلك يعفى نفسه من الاعتراف بحقائقه، ولذلك يعفى نفسه من الاعتراف بحقائق لم يختبرها بنفسه أو ما بلغته عن ثقات يعتد بأمانتهم العلمية فيقول: (( وما لم يبلغنا ولا رأيناه، فإنا من ذلك فى عذر مبسوط ))(3). وفضلا عن هذا يزاوج (( جابر ابن حيان )) بين الامتحان التجريبى أو العمل المعملى والغرض العقلى الذى تأتى التجربة لتأييده أو رفضه وتكذيبه، وهو ما يعتبر لب المنهج التجريبى، فيقول: (( قد عملته بيدى وبعقلى من قبل وبحثت عنه حتى صح وامتحنته فما كذب ))(4). فإذا كان الفرض العقلى الذى يقوم به الذهن هو نشاط العالم الداخلى الذى ينبئ به وبضعه فى صورة صورى خالص، فإن التجربة هى المحك والاختبار الذى به يظهر صدق هذا الغرض أو كذبه ومن هنا يؤكد (( جابر )) أهمية التجربة فيقول: (( من كان دربا كان عالما حقا، ومن لم يكن دربا لم يكن عالما. وحسبك بالدُرية فى جميع الصنائع أن الصانع الدرب يخذق وغير الدرب يعطل ))(1). والدربة هنا تعنى التجربة. والذى دفع جابر إلى مثل هذا القول، إعتقاده فى تغير طبائع الأشياء، ولكى تتغير لابد أن تفقد ماهيتها الكيفية، لكى تستحيل إلى ماهية أو كيفية أخرى، ونحن فى الحقيقة لا نعرف ماهيات الأشياء، ولكن ما ندركه فقط هو أوزانها النوعية أو وزن هذه الطبائع أى تحويل هذه الكيفيات النوعية إلى كميات وإدراكها على المستوى الرياضى الكمى يقول:(( الوصول إلى طبائع ميزاتها، فمن عرف ميزانها عرف كل ما فيها وكيف ركبت، وأما معرفة (( الكم )) فتكون عنده لالتجربة التى عليها معول الأمر، ومن يحذق التجربة يجعله جابرا (( دربا )) أى مجربا علميا. ولكن التجربة وحدها لا تكفى لتصنيع عالما، بل لا بد من أن يسبقها العلم النظرى أو الفرض العلمى الذى يصنعه العالم، ثم تكون التجربة بعدئذ هى المحك يقول: (( إياك أن تجرب أو تعمل حتى تعلم ويحق أن تعرف الباب من أوله إلى آخره بجميع تنقيته وعلله، ثم تقصد لتجرب، فيكون فى التجربة كمال العلم ))(2). وهذا صحيح إلى حد بعيد، إذ كيف يجرب ويمتحن من لم يعلم أصول صنعة الكيمياء، ويعرف كل أبواب هذا العلم ويدرك الغايات التى يرمى إليها من بحثه واختباره، بل يجب أن تكون هذه الغابات واضحة فى ذهن هذا العلم حتى يسعى لتحقيقها على بصيرة وهدى وهو ما يوضحه قوله:  (( إن كل صناعة لابد لها من سبوق العلم فى طلبها للعمل، لأنه إنما هو إبراز ما فى العلم الواحد كان حقا (( حاكما على الأمر قبل كونه وكيف ومتى يكون ))(4).

وهناك عبارة وردت فى كتابة (( الرحمة ))(5). يصف بها تجربة أجراها، وهى تدل على دقة ملاحظة، قال ما خلاصته: كان لدىّ حجر ممغنط يرفع قطعة من الحديد وزنها مائة درهم وحفظته عندى زمنا طويلا، ثم جربته على قطعة أخرى من الحديد، فلم يرفعها، فظننت أن هذه القطعة الثانية من الحديد قد تكون أكبر وزنا من القطعة الأولى، فوزنتها ووجدتها أقل من ثمانين درهما، ومن هنا استنتجت أن قوة الحجر الممغنط قد نقصت، على الرغم من ثبات وزنه.

2- علم الميزان: وجه جابر بن حيان الانتباه إلى خاصية العلوم التجريبية الأساسية وهى الاهتمام بالنواحى الكمية للأشياء دون النواحى الكيفية، أو تحويل تلك الأخيرة إلى كميات وأرقام رياضية، خاصة وأنه ينكر معرفة الإنسان لماهيات الأشياء فى حقيقتها، وينكر تغير هذه الماهيات، ولذلك لا يصل الإنسان فى نظره إلا إلى معرفة أوزان الطبائع أو كمياتها، وذلك يتم بوزن تلك الأجسام لمعرفة النسب المختلفة لموادها. ويصنع جابر (( نظرية الميزان )) الذى به نعلم كم من الطبائع الأربعة فى الشئ المراد تحويله وتغييره، من حيث أن الكيفيات أو الماهيات لا أوزان لها،  وإنما الأوزان فقط للأجسام فإذا أردنا تغييرا فى المادة، فعلينا بتغيير النسب بالزيادة أو النقصان، وقد اعتبر (( بول كراوس )) هذه النظرية أكبر محاولة قامت فى العصور من أجل أيجاد علوم طبيعية تقوم كلها على فكرة الكم والمقدار(1) وهو الطلب الأساسى الآن فى العلوم التجريبية الحديثة، حيث ينصب اهتمام العلماء على النسب الكمية دون الخواص الكيفية فى مختلف تلك العلوم والذى يحقق للباحث قدرا كبيرا من الموضوعية، ويجنبه الوقوع فى التفسيرات الذاتية. وقد جعل جابر هذا الميزان أساس إجراء التجارب حيث اعتبره المعيار الدقيق لقياس المواد والظواهر كميا(2). فالمواد والأجسام لا تختلف فيما بينها إلا باختلاف نسبة الطبائع المكونة لها، ولذلك فكل عالم     (( إذا علم القياس بين أفعال الطبائع يرتبه على اختياره كيف شاء ))(3 ). والمفهوم الصحيح للقياس هنا أنه علاقة بين وزنين أو طولين، وعملية المعايرة أو التقدير تكون بإضافة مقدار ما، وهو الجسم المراد وزنه أو قياسه إلى مقدار آخر يمثل طولاً أو ثقلا، وهذا هو الميزان الوزنى، ويجب أن نفرق بينه وبين ميزان الطبائع الذى به نعلم كم من الطبع المعين ( الحرارة، البرودة، اليبوسة، الرطوبة ) موجود فى الكائن المعين، وهل تغلب عليه الحرارة أو البرودة، واليبوسة أو الرطوبة؟. فإن كانت الحرارة غالبة عرفنا أن البرودة فيه مستكنة مستبطنة، وإن كانت البرودة غالبة عرفنا أن الحرارة فيه مستكنة مستبطنة، وكذلك قل فى صفتى اليبوسة والرطوبة. وما دمنا قد عرفنا أى الطبائع قد غلب فظهر، وأيها قد انكمش فاختفى، فإن الطريق إلى العمل ينفتح أمامنا لإجراء التجارب التى نحول بها الجسم على أى نحو أردنا، فنقلل من حرارته لتزيد من ليونته، وهكذا، وهذا هو ميزان الطبائع. وأما (( الميزان الوزنى )) فهو أن يكون مقدار الوزنين فى الميزان مقدارا واحدا، على أن للميزان الوزنى معنى آخر، وهو أن يتماثل الشكلان، فإن كان أحدهما مدورا كان الآخر مدورا كذلك، أو مسطحا كان مسطحا. ومن معانى الميزان كذلك أن يحلل الشئ المركب المخلوط إلى عناصره التى منها ركب وخلط، وفيها يقول (( جابر )) :    (( أما موازين الأشياء التى قد خلطت مثل أن يخلط زجاج وزيبق على وزن ما… فإن فى قوة العالم فى الميزان أن يقول لك كم فيه من الزجاج وكم فيه من الزيبق، وكذلك الفضة والذهب، والنحاس والفضة، أو ثلاثة أقسام أو أربعة أو عشرة أو ألف إن جاز أن يكون ذلك، فإنا نقول: إن هذا من الحيل على تقريب الميزان وهو حسن جدا، ولوقلت إنه كدليل على صحة هذا العلم، أى علم الموازين، لكنت صادقا ))(1). ويبين لنا جابر مثلا كيف نصنع  (( الميزان الوزنى )) وكيف نستخدمه وفى أى البحوث العلمية تستخدمه، مما يدل على دقته التجريبية وعلى سداد منهجه للوصول إلى نتائج علمية فى موضوع كالوزن النوعى للمعادن، كان أساسا لكثير من العلماء المسلمين الطبيعيين الذى أتوا من بعده كالرازى والبيرونى الذين أضافوا الكثير إلى مثل هذا الموضوع، حيث أمكن لعالم كالبيرونى الذين أضافوا الكثير إلى مثل هذا الموضوع،

حيث أمكن لعالم كالبيرونى أن يتوصل إلى معرفة الوزن النوعى لثمانية عشر معدنا وحجرا كريما قريبة جدا لما توصل إليه العلماء المحدثين، بأجهزتهم الحساسة، وما كان له أن يتوصل إلى ذلك لولا بحوث جابر بن حيان الرائدة فى هذا المضمار. ونعتبر الجهاز الذى يصنعه جابر للوزن النوعى هو صورة مبسطة لذلك الجهاز المخروطى المائى الذى يصنعه البيرونى من بعد. وجابر بن حيان فى النص الذى نورده يشرح تجربته فى الوزن النوعى ويصف أجهزته التى استخدمها، ثم يصف الطريقة التى استعان بها بالاضافة إلى النتائج التى توصل إليها فى استخراج الوزن النوعى للذهب والفضة. يقول جابر: (( فاستعمل ميزانا على هيئة الأشكال، ويكون بثلاث عرى خارجة إلى فوق، واعمل بهذه الكفتين كعمل الموزين، أعنى من شدك بها الخيوط وما يحتاج إليه، ولتكن الحديدة الواسطة التى فيها اللسان فى نهاية ما يكون من الاعتدال حتى لا يميل اللسان فيها أولا- قبل نصب الخيوط عليها – إلى حبة من الحبات، ويكون وزن الكفتين واحدا وسمعتها واحدة ومقدار ما يملؤهما واحد، فإذا فرغت من ذلك على هذا الشرط، فلم يبعد عليك كثير شئ، ثم شد الميزان كما يشد سائر الموزين، ثم شد الميزان كما يشد سائر الموزين، ثم خذ إناء فيه ما يكون عمقه إلى أسفل نحو الشبر أو دونه أو أكثر كيف شئت، ثم املأه ماء قد صفى أياما من ذعلة وقذره وما فيه، كما تصفى البنكانات (1) ثم اعمد إلى سبيكة ذهب أحمر خالص نقى جيد، ويكون وزنها درهما، وسبيكة فضة بيضاء خالصة صرفا، ويكون وزنها درهما، ويكون مقدار السبيكتين واحد ثم ضع الذهب فى إحدى الكفتين والفضة فى الأخرى، ثم دل الكفتين فى ذلك الماء الذى وضعنا إلى أن تغوصا فى الماء وتمتلئا من الماء ثم اطرح الميزان فإنك تجد الكفة التى فيها الذهب ترجح عن الكفة التى فيها الفضة وذلك لصغر جرم الذهب وانتفاش الفضة، وذلك لا يكون إلا من اليبوسة التى فيها، فاعرف الزيادة التى بينهما بالصنجة وكذلك يقاس كل جوهرين وثلاثة وأربعة وخمسة وما شئته من الكثرة والقلة، مثل أن تعرف النسبة التى بين الذهب والنحاس، والفضة والنحاس، الذهب والنحاس والرصاص، والفضة والرصاص والنحاس، والفضة والذهب والرصاص.. وكذلك إن شئت إثنين أو ثلاثة ثلاثة أو كيف أحببت ))(2).

3- منهج البحث العلمى: وقد توصل جابر إلى مفهوم شبه متكامل لمنهج البحث العلمى من حيث انه أدرك وظيفة كل من الاستنباط   او الاستدلال أو الاستقراء، وزواج بين كل منهما بعد أن أدراك حقيقة وظيفة كل منهما على حدة، ثم استخدم كل منهج فى موضعه، فهو فى كتابه (( البحث )) يميز بين الجانب الاستقرائى والجانب الاستنباطى فى المعرفة الأول  ما تدركه الحواس والثانى يكتسب بالعقل والبديهة. فهو يقول على المنهج الاستنباطى العقلى:  (( وأما الموجود بالعقل فإنه ينقسم إلى قسمين: أما الأول مُسلم لا يحتاج إلى دليل. والثانى ما كان الإداراك له والوجود له بدليل. ولا يكون واضحا للعقل وظاهرا من أول وهلة ))(1). فالأول هو العلم الرياضى الذى يعتمد على البديهيات والمسلمات الواضحة بذاتها. أما الثانى فهو العلم الطبيعى الذى لابد فيه من الرجوع إلى الواقع والتجربة لإدراكه. لذلك يفرق بين الأوائل التى هى أولية فى العقل لا تستنبط من غيرها، وهى تسبق غيرها، ولا يسبقها غيرها. والثوانى التى يطلب عليها الدليل حيث لا تكون واضحة بذاتها، بل لابد من الرجوع إلى ما هو أبسط منها فيقول: (( ينبغى أن نعلم أولا موضوع الأوائل والثوانى فى العقل كيف هى حتى لا نشك فى شئ منها ولا نطالب فى الاوائل بدليل ونستوفى منه بدلالته ))(2). وقد وضح الباحث لبكبير الدكتور زكى نجيب محمود كيفية مزاوجة جابر ابن حيان بين كلا من المنهجين الاستنباطى والاستقرائى، فإذا كان الأول هو المنهج العقلى المتبع فى الرياضيات والثانى هو الأسلوب الحسى المتبع فى معرفة الظواهر المادية، فإن المزاوجة بينهما هى تحقيق للمنهج العلمى بشكل متقدك فى مثل هذه الأزمان البعيدة. فإذا كان طريق السير فى البحث العلمى(3) مشاهدات توحى بفروض،   ثم استنباط النتائج التى يمكن توليدها من تلك الفروض، وأخيرا مراجعة هذه النتائج على الواقع لقبول الفروض أو رفضها، إذا كان الأمر كذلك كانت المرحلة الأولى والأخيرة استقراء والثانية استنباط.

كان لجابر بن حيان منهج اعتمد على الاستنباط والاستقراء معا، اعتمادا واعيا صريحا، فاقرأ- مثلا – هذه الجملة الواحدة تحبئ عرضا فى حديثه ليصف بها منهجه ذاك: (( … قد عملته بيدى وبعقلى من قبل، وبحثت عنه حتى صح، وامتحنته فما كذب ))(4). فها هنا قد أجمل جابر كل ما نريده نحن من الباحث العلمى فى كلمات قلائل رتبت أدق ما يكون الترتيب، فعمل باليد، ثانيا حتى تنتهى منه إلى نظرية مفروضة، ثم امتحان تطبيقى، ثالثا، للغرض العقلى الذى فرضناه(5). وهو يفيض فى شرح هذا المنهج إفاضة كافية فى مواضع كثيرة من كتبه(6). وقد اهتم أثناء ذلك بتعريف العلوم، وتحديد مختلف المصطلحات العلمية لها بل هو قد وضع كتابا بذاته لتعريف مختلف المصطلحات وتحديد ألفاظ وحدود العلوم، ونحن نعرف أن تحديد المصطلح خطوة علمية هامة فى منهج البحث العلمى، لأنه يحول دون الخلط بين المصطلحات ويوفر قدرا كبيرا من الموضوعية، لذلك يحث جابر على معرفة هذه المصطلحات ويطلب من قارئه كثرة النظر فى هذا الكتاب الذى يضعه لذلك يقول: (( يا ليت شعرى كيف يتم عمل لمن لم يقرأ كتاب الحدود من كتبنا، فإذا قرأته يا أخى فلا تجعل قراءتك له مثل قراءتك للكتب مرة فى الشهر، وأما الحدود، فينبغى أن ينظر فيه كل ساعة، وأن إعطاء الحد أعظم ما فى  الباب ))(1). وقد عرف (( الحد )) بأنه (( هو الإحاطة بجوهر المحدود على الحقيقة، حتى لا يخرج منه ما هو فيه ولا يدخل فيه ما ليس منه ))(2). وهو فى هذا التعريف يشبه أرسطو، حيث يجعل التعريف هو ماهية الشئ التى تحد بالجنس والفضل أو الخاصة، حتى لا يدخل فى حقيقة الشئ ما ليس من صفاته الأساسية ولا يخرج منه ما هو من مقوماته الضرورية(3). أما عن جوهر منهج البحث العلمى، وهو المنهج الاستقرائى، والذى كان يرادفه أو يستخدم بدلا منه مصطلح القياس أو الاستدلال، فقد جعله (( جابر )) على ثلاثة أوجه هى:

(أ) دلالة المجانسة.                     (ب) مجرى العادة.                     (جـ) دليل الآثار.

(أ) دلالة المجانســــــــــة: يسميها جابر بالأنموذج، من حيث أنها استدلال بنماذج جزئية من أجل التوصل إلى حكم كلى يتجاوزها. وعلى الرغم من أن العالم قد يضطر إلى الحكم على الكل بناء على قياسه على الجزء الذى يضمه إلا أن هذه الدلالة طنية إحتمالية من حيث أن وجود النموذج لا يدل بذاته على وجود الكل الذى قيل أنه متمثل فى هذا النموذج، ويدلل على ما ذهب إليه بالخطأ الذى وقع فيه نحلة (( المنائية )) فى النور والظلمة، حيث أكدوا على أنه ما دام فى العالم نور وظلمة وخير وشر وحسن وقبيح، فإنه يجب أن يكون خارج هذا العالم أيضا نور وظلمة وخير وشر وحسن وقبيح، لأن ما فى هذا العالم من هذه الأشياء كلها هو بمثابة العينة أو الأنموذج التى تدل على ما هو خاف عنا فى عالم الغيب. ولذلك يرى جابر أن الاستدلال لا يستقيم إلا إذا أثبتوا أولا أن ما فى هذا العالم هو جزء من كل، وأما إذا لم يثبتوا ذلك امتنعت ضرورة النتيجة التى انتهوا إليها (( ألا ترى أن الأنموذج لا يثبت عند من دفع إليه، كما من ذلك الجوهر عند من أراه ذلك الأنموذج، بل لا يثبت عنده بعلم يقين أن عنده من ذلك شيئا غير ما أراه ))(1). ومن هنا فدلالة الأنموذج إن استدل بها لا تعطى اليقين الكامل، بل تسمح بنسبة من الظن تجعل القوانين هنا احتمالية والدلالة طنية مما يعطى العلماء فرصة تغيير القانون أو البحث دائما عن صياغات جديدة أكثر احتمالية، مما يدفع دائما إلى مزيد من البحث والتقصى وهو ما يتفق مع العلم التجريبى الحديث.

(ب) الدلالة المأخودة من جرى العادة: وهى الاستدلال الاستقرائى فى حقيقته من حيث أن العالم يصل إلى التعميم عن طريق مشاهدته لعدة أمثلة يراها متشابهة فى ناحية من نواحيها فيعمم عليها الحكم تعميما يجعلها كلا واحدا، فهو يستدل مستقرأ النظائر ومستشهدا بالاشباه ومعتمدا على تكرار نفس الوقائع. وهذا شائع بين الناس، إذا شاهدوا حادثة تعقبها أخرى عادة توقعوا إذا رأوا إحداهما أن يروا الأخرى، ولا يكون هذا التوقع قائما إلا على أساس إحتمالى محض لذلك فالاستدلال من

جرى العادة عند جابر ليس فيه (( علم يقينى واجب اضطرارى برهانى أصلا، بل علم إقناعى يبلغ أن يكون أحرى وأولى وأجدر لاغير ))(2). يقول (( جابر )): (( إن أضعف استدلال من هذا القبيل هو ذلك الذى لم يوجد له الامثال واحد نقيس عليه حكمنا العام، كرجل قال مثلا: أن امرأة ما ستلد غلاما، فسألناه عن الدليل من أين علم ذلك؟ فأجابنا بأن قال: من حيث أنها ولدت فى العام الأول غلاما، ولم تكن تلك المرأة ولدت إلا ولدا واحدا فقط ))(3). هذه هى أضعف حالات الاستقراء. وأما أقوى حالاته، فهى تلك التى نجد جميع ما فى الوجود مطردا فيها على مثال واحد، ولا نجد أبدا ما يخالف، كرجل قال: (( إن ليلتنا هذه ستنكشف عن يوم يتبعها ويكون بعقبها فسألناه من أين علم ذلك،  فأجاب بأن قال: من قبل أنى لم أجد ليل إلا وأنكشف عن يوم ))(1). تلكما هما أضعف الحالات وأقواها بين حالات التدرج فى القوة والضعف (( وأما ما بين هذين فقوته وضعفه فى الدلالة بحسب كثرة النظائر وقالتها، وليس فى هذا الباب علم يقين واجب )). ومن هنا فدلالة المجانسة تعتمد فى قوتها وضعفها على كثرة النظائر والأمثال المتشابهة وقلتها ولكن هذا النوع من الاستقراء لا يبلغ يقين الاستدلال الاستنباطى المستخدم فى الرياضيات والذى نولد به النتيجة من مقدماتها توليدا مادامت المقدمات هى بالضرورة صحيحة. ولذلك فالتعميمات العلمية فى الاستقراء الماخوذ من جرى العادة هى تعميات احتمالية، حيث أن قياس الغائب على الشاهد فى هذا النوع من الاستدلال (( لما فى النفس ميلا إلى توقع تكرار الحادثة التى حدثت، وتزداد درجة احتمال التوقع كلما زاد تكرار الحدوث، حتى يكاد أن يكون ذلك يقينا. وقد سبق جابر بفكرة (( الاحتمال )) هذه كل من الفيلسوف (( ديفيد هيوم ))      و (( جون استيورت مل ))  وفلاسفة العلم المحدثين والذين أدركوا أن القوانين العلمية المبنية على مثل هذا الاستقراء هى قوانين احتمالية صحيحة فى ضوء الوقائع المدروسة، وربما تأتى وقائع أخرى تكذبها وتدفع الباحث إلى وضع صياغة أخرى للقانون تستوعب الجديد من هذه الوقائع. ومن هنا ندرك عبقرية جابر العلمية حين يقرر لنا حكما عاما يظل صحيحا رغم مرور كل هذه القرون الكثيرة حيث هو يكشف عن حقيقة المنهج الاستقرائى الجوهرية بقوله: (( ليس لأحد أن يدعى بالحق أنه ليس فى الغائب إلا مثل ما شاهد، أو فى الماضى والمستقبل إلا مثل ما فى الآن ))(3). فمن المشاهد لا يجوز الحكم على ما لم يشاهد إلا على سبيل الاحتمال. وإذا لم يكن جائزا القطع بوجود الغائب على أساس الحاضر المشاهد، فكذلك لا يجوز إنكار وجود الغائب إذا لم يقع فى نطاق حسنا وإدراكنا. فمعيار قبول الحقيقة أو ردها هو إمكان التحقق منها على نحو واقعى مشاهد سواء تمت تلك المشاهدة من العالم نفسه أو ممن هم موضع ثقته من العلماء الآخرين. ولذلك (( لا ينبغى أن يستدل الإنسان على أن العالم لم يزل ( أزلى ) من أنه لم يدرك أحد من الناس ابتداء كونه، ولا على أنه لم يكن رجل إلا كذلك، من قبل أنه يمكن أن يكون وجود الناس متأخرا عن ابتداء كون العالم وأن يكون كون الإنسان الأولى مخالفا لما عليه الأمر فى تكوين سائر الناس ))(1). ويعلق الباحث الكبير الدكتور زكى نجيب محمود على النص السابق بقوله(2): (( وأحسب أن جابرا قد صور بهذه الفقرة السالفة حدود المنهج التجريبى أدق تصوير، فمن المشاهد لا يجوز الحكم على ما لم يشاهد إلا على سبيل الاحتمال، لا على سبيل اليقين، لكنه إذا لم يكن من الجائز القطع بوجود تاغائب على أساس الحاضر المشاهد، فكذلك ليس من الجائز القطع بوجود الغائب على أساس الحاضر المشاهد، فكذلك ليس من الجائز إنكار وجود الغائب مادام هنا الغائب لم يقع فى نطاق الخبرة والمشاهدة وإلا لانحصر الإنسان فى حدود حسه هو، أو فى حدود ما تناهى إليه خبره، ولزمه أن ينكره وجود أشياء كثيرة وهى موجودة، ففى العالم بلدان وأمم لم يحس أهلها بالتمساح قط، إذا أخبرهم مخبر بأن ثمة حيوانا يحرك فكّه العليا عند المضغ وجب عليهم أن ينكروا الخبر ماداموا لم يشاهدا حيوانا كهذا؟ كلا (( فليس لأحد أن يدفع ويمنع وجود ما لم يشاهد مثله، بل إنما ينبغى له أن يتوقف عن ذلك حتى يشهد البرهان بوجوده أو عدمه ))(3). وأما أن يحكم الإنسان بعدم وجود شئ مادام لم يرد عليه أو يخبر به، وأن يحكم ببطلان ما يخبر به، وأن يحكم ببطلان ما يخبر به مادام لم يقع له فى مشاهداته المباشرة (( فجهل بطريق الاستدلال- على ما قدرنا – واضح ))(4).

(جـ) دلالة الآثار(5): يمكننا أن نتبينها فى قوله: (( إنا نذكر فى هذه الكتب خواص ما رأيناه فقط دون ما سمعناه أو قيل لنا أو قرأناه بعد  أن امتحناه وجربناه ))(6). فالمعوّل فى الاستدلال على رآه فقط وامتحنه وجربه ثم تأتى شهادة الغير التى هى دلالة الآثار ليؤيد بها ما توصل إليه بنفسه حيث يقايس تجاربه على تجارب الآخرين وأقوالهم خاصة وأن الباحث لا يمكنه منفردا أن يصل إلى معرفة واختبار كل شئ، ولابد له من الاستعانة بمعارف العلماء الآخرين وشهاداتهم ولكن الثقة فى هذه المعارف وتلك الشهادات تأتى فى الملاتبة الأخيرة. وقد استخدم جابر بن حيان المنهج التجريبى السابق فى الوصول إلى كثير من حقائق علم الكيمياء، على الرغم من تأثره بنظرية الطبائع الأربعة اليونانية والتى تأثر بها كثير من العلماء الطبيعيين فى هذا الوقت، إلا أنه كان يوصى تلاميذه بالاهتمام بالتجربة وعدم التعويل إلا عليها، مع التدقيق فى الاستنتاج. وفى ذلك يقول:   (( ما افتخر العلماء بكثرة العقاقير، ولكن بجودة التدبير، فعليك بالرفق والتأتى وترك العجلة، واقتف أثر الطبيعة فما تريده من كل شئ طبيعى )). والتدبير الذى يقصده جابر فى الكيمياء هو (( ذلك العلم بالأفعال المغيرة لأغراض ما حلت فيه- إلى أعراض أخر أشرف منها ))(1) ذلك أن التدبير هو الذى يخرج ما فى قوى الأشياء من القوة إلى الفعل. ومهمة الكيميائى تشبه وطيفة الطبيعة فى تغيير الأشياء ولكن فى زمن أقل يقول جابر: (( لأن فى قوى الأشياء ما يخرج بغير تدبير مدبر، ولكن الطبيعة علة خروج الطلع وخروج الرياحين البرية التى لا تعالج بالسقى واللقاح وأمثال ذلك، فتخرج من القوة إلى الفعل بأنفسها وفى زمانها، وأما غير ذلك مما علته إخراج التدبير للأشياء، فهو محتاج إلى تدبير طريقة لإخراجه ))(2). ولذلك فالكيميائى يحذو حذو الطبيعة فى تكوينها للأشياء، وكل الفرق هو أن الطبيعة تعمل من تلقاء نفسها، أما العالم الطبيعى فيعمل عمله بتجربة مدبرة. ومن هنا يلخص جابر فلسفته لعلم الكيمياء بقوله: (( فى قوة الإنسان أن يعمل كعمل الطبيعة ))(3). وقد قال جابر بن حيان بنظرية فى تكوين المعادن، مؤداها أن جوهر المعدن زئبق انعقد بكبريت، وأن المعادن تختلف فيما بينها باختلاف نسبة اتحاد الزئبق بالكبريت وهو اختلاف فى أعراضها المتغيرة يقول جابر: (( إن الأجساد كلها فى الجواهر زئبق انعقد بكبريت المعدن المرتفع إليه فى بخار الأرض. وإنما اختلف لاختلاف أعراضها ))(4). والكبريت والزئبق مادتان افتراضيتان ليستا مرادتين على حقيقتهما واتحاد الزئبق بالكبريت لا يؤدى إلى تكوين مادة جديدة فى كليتها. فالذى يحدث هو انحلال هاتين المادتين إلى دقائق صغيرة تمتزج ببعضها. وهذا الرأى فى الاتحاد الكيميائى لا يختلف عن الرأى الذى قال به الكيميائى الإنجليزى (( جون دالتون ))(1) John Dalton ( 1844م ) من أن الاتحاد الكيميائى يكون عن اتصال ذرات العناصر المتفاعلة بعضها مع بعض. وقد وصف جابر بن حيان كل العمليات الكيميائية فى كتابه (( الخواص الكبير )) كالتبخير والتقطير والترشيح والتكلس والإذبة والتبلور والتصعيد. وحضر كثير من المواد الكيميائية وعرف خواصها الطبيعية مثل نترات الفضة، وحامض الأزوتيك. وهو أول من لاحظ أن محلول نترات الفضة يكون مع محلول ملح الطعام راسب أبيض، وأن النحاس يكسب اللهب لونا أخضر. ويعتبر جابر بن حيان مكتشف (( الماء الملكى Aqua Regia ))، (( وزيت الزواج ))، (( وحامض الكبريت Sulphuric Acid  ))،  (( وماء العقد Nilric Acid )) (( وحجر جهنم نترات الفضة Nitrate of Silver  )). ويرجح أنه هو الذى ركب  (( الزرنيخ )) وحجر الكحل من الزرنيخ، والأثميد Ithmid، وهى ما يرمز إليه فى علم الكيمياء بالصيغ الآتية على التوالى: اس3 س2، 1س2 س3، س ب2 س3(2). وعرف جابر ظاهرة التبلر، وعملية تسخين الفلزات فى الهواء الجوى، والتسامى أو التصعيد وحاول تفسير طبيعة كل هذه العمليات، ووصف طرق تحضير الطلب وغيره من المعادن والأصباغ الخاصة بالأقمشة والجلود والشعر والورنيش للأقمشة والجلود والشعر والورنيش للأقمشة المضادة للمطر، ولحماية الحديد، وعرف فائدة (( ثانى أكسيد المنجنيز فى صناعة الزجاج، وكان حامض الستريك من الأشياء الألوفه لديه وعرف كيفية تركيز حامض الخليك ))(2).

4- أخلاقيات البحث العلمى: وأخيرا نعرض باختصار للمبادئ الخلقية التى توصل إليها جابر بن حيان منذ أكثر من عشرة قرون، وهى مبادئ يرى أن الباحث العلمى يجب أن يتصف بها إذا أراد حقا أن يكون باحثا موضوعيا نزيها، وهى صفات لا يخلو منها كل عالم ينشد الحقيقة. يقول جابر لتلميذه أنه لا نجاح فى عمل علمى إلا إذا كان مسبوقا بعلم، فالتحصيل النظرى أولا ثم التجربة والتطبيق بعد ذلك، وعلى الرغم من أن التحصيل الكامل قد يقتضى تعبا وجهدا كبيرا لكنه لا مفر من ذلك إذا أراد الوصول إلى الحقيقة كاملة فيقول: (( اتعب أولا، ثم تصل إلى ما تريد ))(1). وهذا يقود الباحث إلى مبدأ هام آخر، وهو أن يكون مثابرا دءوبا غير يائس من الكشف عن الحقيقة المبتغاة، فما أكثر ما يقضى البحث عناء وجهدا شديدا، قد لا يحتمله الباحث، فينفض عنه فى قنوط، لكن الذى يريد الإحاطة بعلم من العلوم، يجب عليه المثابرة التى لا يعرف اليأس إليها سبيلا، لذلك يستشهد بالآلة الكريمة: ﴿ ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ﴾(2). كذلك على الباحث أن يخفى نتائج علمه وأبحاثه عن الجهلاء والدهماء، ولا يعرف بها إلا المخلصين من العلماء وأهل الاختصاص، حتى لا يُساء استغلال الأبحاث العلمية فى غير موضعها، كما أن عليه أن يكشف عن أبحاثه لأهل الاختصاص كل على قدر فهمه وحدود إدراكه، حتى لا يعجز عن الفهم والتصور لمثل هذه النتائج البعيدة يقول: (( ولولا أننى أمرت أن أعطى الناس بقدر استحقاقهم لكشفت من نور الحكمة ما يكون معه الشفاء الأقصى، ولكنى أمرت بذلك لما فيه من الحكمة، لأن العلم- يا أخى – لا يحمله الإنسان إلا على قدر طاقته وإلا أحرقه، كما لا يقدر الإناء والحيوان أن يحمل إلا بقدر طاقته وملئه، والإفاض، ورجع بالذل والعجز ))(3)    وقد روى (( الجلدكى )) فى شرح المكتسب عن جابر بن حيان(4) رواية تبين وجهة نظر ابن حيان فى وجوب تكتم العالم حتى يصادف الظروف المواتية، وذلك أن تلميذا أراد التعلم والأخذ عنه فماطله جابر وراوغه، فلما أصر التلميذ ولم يتحول عن طلبه، قال جابر: (( إنما أردت أن أختبرك وأعلم مكان الإدراك منك، ولتكن من أهل هذا العلم، وتحريم إذاعته لغير المستحق من بنى نوعنا، وأن لا نكتمه عن أهله، لأن وضع الأشياء فى محالها من الأمور الواجبة، ولأن فى إذاعته خراب العالم، وفى كتمانه عن أهله تضييع لهم )). أما الصفات الخلقية التى يتحلى بها العالم، فهى صفة (( الإنصاف )) وحيث إن الحقيقة هى طلبة العالم وغايته من بحثه، لذلك عليه تحقيق هذه الصفة إلى أقصى حد ممكن، فعليه إنصاف خصومه من العلماء، وإيراد حججهم كلها، حجة حجة، غير تارك لبعضها عمدا، ولا مضيفا إليها شيئا من عنده، ثم يرد على كل واحدة بما يراه مناسبا، حتى يعطيهم حقهم غير منقوص شارحا لوجهة نظره بموضوعية. يقول: (( إن العالم إذا كان منصفا فإنه ليس ينزل فى الأقسام شيئا إلا ذكره، واحتج عليه وله، وأخذ حقه من خصومه، ووفاهم حقوقهم، وإلا فقد وقع العناد حماقة وجهلا ))(1). ولقد ترجمت كتب (( جابر بن حيان )) إلى اللاتينية وظلت المراجع الأوفى فى الكيمياء زهاء ألف عام، وكانت مؤلفاته موضع دراسة مشاهير علماء الغرب أمثال كوب، وبرثوليه، وبول كراوس، ومؤرخ العلم الكبير جورج سارتون. كما اهتم به     (( هولميارد )) حيث أنصفه ووضعه فى القمة بالنسبة للعلماء العرب المسلمين، ولخص منهجه العلمى التجريبى فى عدة نقاط هى:

* ابن أبى أصيبعة: عيون الأنباء فى طبقات الأطباء- طبعة أوجست موللر فى مطبعة مصطفى وهبى- الطبعة الأولى – القاهرة 1882م، والقاهرة 1965م.

* ابن سيناء: تسع رسائل فى الحكمة والطبيعيات- القاهرة – الطبعة الأولى 1908م – الشفاء- الطبعة الأولى – القاهرة عام 1965.

* ابن النديم: الفهرست- الطبعة الأولى – المكتبة التجارية – القاهرة عام 1348هـ.

* البيهقى: تاريخ الطب- الطبعة الأولى – دمشق عام 1946م.

* الجلدكى: نهاية الطب- الطبعة الأولى – القاهرة بدون تاريخ.

* أحمد عبد الوهاب: أساسيات العلوم الذرية فى التراث الإسلامى- القاهرة 1977م.

* جابر بن حيان: مختارات من رسائله- تحقيق المستشرق بول كراوس- طبعة القاهرة عام 1354هـ. وتشتمل على الكتب الآتية:

1- إخراج ما فى القوة إلى الفعل.

2- الحدود.

3- الماجد.

4- الجزء الأول من كتاب الأحجار على رأى بليناس.

5- الجزء الثانى من كتاب الأحجار على رأى بليناس.

6- نخبة من الجزء الرابع من كتاب الأحجار على رأى بليناس.

7– نخبة من كتاب الخواص الكبير: المقالة الأولى والثانية والخامسة عشرة والسابعة عشرة والخامسة والعشرون.

8- ابتداء الجزء الأول من كتاب السر المكنون.

9- نخب من كتاب التجميع.

10- نخب من كتاب التصريف.

11- كتاب الميدان العقل.

12- نخب من كتاب الميزان الصغير.

13- نخب من كتاب السبعين.

14- نخب من كتاب الخمسين.

15- نخب من كتاب البحث.

16- نخب من كتاب الراهب.

17- نخب من كتاب القديم.

18- نخب من كتاب الاشتمال.

* جابر بن حيان: مصنفات علم الكيمياء- تحقيق المستشرق الإنجليزى هلميارد- طبعة باريس عام 1928 وهى الجزء الأول من المجلد الأول. وتشتمل على:

1- كتاب البيان.

2- كتاب الحجر.

3- كتاب النور.

4- كتاب الإيضاح.

5- كتاب أسطقس الأمس.

* جابر بن حيان: كتاب البحث- مخطوط تحت رقم 2861 وبدار الكتب المصرية.

* جلال محمد موسى ( دكتور ): منهج البحث العلمى عند العرب- الطبعة الأولى – بيروت عام 1972م.

* حاجى خليفة: كشف الظنون على أسامى الكتب والفنون- استامبول – الطبعة الأولى- عام 1941م.

* الخوارزمى: مفاتيح العلوم- الطبعة الأولى – القاهرة عام 1342هـ.

* دائرة المعارف الإسلامية- لجنة الترجمة والتأليف والنشر- عام 1932م.

* زكى نجيب محمود ( دكتور ): المنطق الوضعى- الطبعة الثانية – الكتاب الثالث- الأنجلو – القاهرة 1956م.

* جابر بن حيان- أعلام العرب- العدد 3- مكتبة مصر- القاهرة 1961م.

* عبد الحليم منتصر ( دكتور ): تاريخ العلم- الطبعة الأولى- القاهرة- دار المعارف- عام 1966م.

* عبد الرحمن بدوى ( دكتور ): مناهج البحث العلمى- الطبعة الأولى – النهضة المصرية- القاهرة 1963م.

* قدرى حافط طوقان: مقام العقل عند العرب- الطبعة الأولى – دار المعارف – عام 1960م.

* القفطى: تاريخ الحكماء- الطبعة الأولى – طبعة لينبرج- عام 1321هـ.

* كروثر(ج): العلم وعلاقته بالمجتمع

– ترجمة د. إبراهيم حلمى- الطبعة الأولى

– القاهرة عام 1947م.

* محمد كمال عز الدين: العلوم عند العرب- الطبعة الأولى- القاهرة- بدون تاريخ.

* محمود قاسم ( دكتور ): المنطق الحديث ومناهج البحث- الطبعة الأولى- الأنجلو المصرية- 1966م.

* ميللى ( الدو ): العلم عند العرب وأثره فى تطور العلم العالمى- الترجمة العربية لمحمد يوسف موسى وآخرين- الطبعة الأولى- دار القلم- القاهرة 1962م.

هونكة ( زيفريد ): شمس الله تسطع على الغرب- ترجمة فاروق بيضون- الطبعة السادسة- بيروت 1981م.

المــراجــــع الأجنبيـــة:

* Irving: Reading of logic.

*  Hull L.W.H: History and philosophy of science 4th Printing- London- 1965.                           * Holmyard: Makers of chemistry- Oxford- 1946: chimestry to the Tme of Dalton-                                           London- 1965.

* Jevons: Principles of science- London- 1879.

* Sarton (George ): Introduction to the history of science- 3Vols- Baltimore 1927.

* Cample ( Donald ): Arabian medicine and its influence on middle ages 2 Vols. London 1926.

* Kraws ( Paul ) Gabir Ibn Hayyan Tome 11. Cairo 1942.

مطبوعات المعهد العلمى الفرنسى للآثار الشرقية.

* Crombic A.C. The Origines of the experimental sciental- Oxford- 1952.

* Russell, R: Jabir Ibn Hayyan- London- 1978.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر