أبحاث

الجامعات وتنمية العالم الإسلامي

العدد 46

تقـديم :

«العلم للعلم», أو العلم لذاته, إتجاه قديم تبناه مفكرو الإٍغريق, ووجد صدىٰ له في بعض الحقب الإٍسلامية والأوربية الوسيطة.

و«العلم للمجتمع», وفي خدمته, إتجاه حديث برز ليواجه الإٍتجاه القديم, ويرىٰ أن العلم للعلم رفاهة لا تتحملها ظروف العصر الحديث.

والجامعة, كمحراب للعلم ومصدر لكل جديد, لا ينبغي لها بطبيعة الحال أن تخرج علىٰ إجماع عصرها, وبالتالي فإن المنتظر منها هو جعل شعار العلم للمجتمع حقيقة واضحة وملموسة.

ولقد امنت جامعات الدول الأكثر تقدما بهذا المبدأ نظرياً وعلمياً, وراحت تفعل بمقتضاه الكثير في خدمة مجتمعها. فإلىٰ جانب التعليم والبحوث ـــ كمهام أساسية, قامت الجامعة بتقديم الخدمات المباشرة للناس في كثير من المجالات والمواقع.

والجامعات في الدول النامية تؤمن بكل التأكيد بنفس الشعار, إلا أن ما قدمته ـــ حتىٰ الآن ـــ في طريق خدمة مجتمعاتها ما زال محل سؤال, بل ومحل نقد كذلك.

علىٰ أيه حال, إن هذه الدراسة تهدف أساساً إلىٰ بيان الدور الذي يمكن للجامعات الإٍسلامية أن تقوم به في خدمة مجتمعاتها, ووصولاً إلىٰ الهدف المنشود فإن الدراسة سوف تسير في اتجاهات أربعة : أولها ثبت نبذة موجزة عن التنمية ـــ في علاقتها بالجامعة. وثانيها بيان دور الجامعة في خدمة المجتمع. وثالثها محاولة وضع تصور لما ينبغي أن تقوم به جامعاتها الإٍسلامية في خدمة مجتمعاتها. أما الاتجاه الرابع فيشير إلىٰ بعض العقبات التي تقف حجر عثر في طريق أداء جامعاتنا لدورها المنشود.

أولاً : نبذة عن التنمية

للتنمية تعريفات كثيرة. فهي «زيادة موجبة ومرغوبة ـــ في فرص حياة بعض الناس دون نقصانها من بعض آخر في نفس الوقت ونفس المجتمع». وهي «التغيير الاجتماعي الإٍرادي الموجب والهادف إلىٰ الوصول بالمجتمع إلىٰ خيره ورفاهيته». وهي «التغيير الإٍجتماعي الذي تقدَّم من خلاله أفكار جديدة في النسق الإٍجتماعي Social Systemبهدف تطوير أحوال الناس وتوفير الخير الإٍجتماعي Social Well – Beingلهم». كما أنها هي «التحريك العلمي المخطط لمجموعة العمليات الإٍجتماعية والإٍقتصادية لتحقيق التغيير المستهدف»(1).

وعلىٰ الرغم من ذلك التعدد ـــ المتشابه أساساً, فإن التعريف الذي يتمشى مع الأهداف المرسومة لهذه الدراسة هو أن «التنمية هي الإٍنتقال بالمجتمع من الحال (الأقل تقبلاً غالباً) الذي هو عليه فعلاً إلىٰ الحال (الأكثر تقبلاً عادة) الذي ينبغي أن يكون عليه أملاً»(2).

وإذا كانت الجامعة هي الكيان المنوط بإرساء دعائم هذا الإٍنتقال المأمول بفاعلية واقتدار, فإن عليها أيضاً ـــ وقبل أس شئ ـــ أن تحدد هذا المأمول اجتماعياً.

وعلىٰ الجانب الآخر, فإنه عندما تضع الجامعة يدها علىٰ متطلبات المجتمع, فإن عليها أيضاُ أن تتلمس الدور الذي يأمله منها مجتمعها وتضع له الحدود الواضحة والدقيقة.

ثانياً : دور الجامعة في خدمة المجتمع

إن معظم الإٍتجاهات العالمية العالمية التي تعاملت مع هذا الموضوع قد حددت الدور الذي ينبغي أن تؤديه الجامعة لخدمة مجتمعها في اتجاهات, أو أضلاع ثلاثة(3), متساوية متصلة ومتكاملة ـــ كما تظهر في الشكل التوضيحي رقم (1), لتسطع في سماء المجتمع علىٰ الوجة الآتي :

شكل رقم (1)

الجامعة في المجتمع

 ملحوظة : شكل توضيحي يصعب تحميله على الموقع

علىٰ أيه حال, إن تناول هذه الأبعاد الثلاثة بشئ من التفصيل يمكن أن يكون مفيداً في إنارة الطريق أمام جامعاتنا (الإٍسلامية), وصولاً إلىٰ دورها المأمول في خدمة مجتمعها.

(1)عملية تأمين المعارف :

إن عملية تأمين المعرف, في كل صوب, هي إحدىٰ المهام الرئيسية للجامعة. وإذا ما استقر هذا في كيانها, فإنها تستطيع القيام بهذه المهمة في اتجاهات ثلاثة, متداخلة ومتشابكة فيما بينها, وهي تقديم معارف جديدة, وتأمين المعلومات والبيانات, ثم القيام بالبحوث والدراسات.

أ ـــ تقديم معارف جديدة :

إن تقديم معارف جديدة للمجتمع, أو حتىٰ الإٍنسان جمعاء, أمر بالغ الأهمية بالنسبة للجامعة. فالعالم يتقدم بسرعة مذهلة والعلم والتكنولوجيا يقدمان الجديد مع مطلع كل شمس. والجامعة, الكيان العلمي الكبير, لا بد وأن تكون لاحقة بالركب بل وصانعة وقائدة له علىٰ الدوام. إن البحوث التي يباشرها أعضاء هيئة التدريس والباحثون وطلاب الدراسات العليا ينبغي أن تتجه إلىٰ تقديم كل جديد في طريق النهوض الإٍنسان والمجتمع وفي كل الإٍتجاهات.

إنه إذا كانت عملية التنمية في أي مجتمع هي بنت القرارات التي يصنعها الأفراد والجماعات, فإنها أيضاً مرتبطة ارتباطاً جذرياً بالظروف التي تسود الوضع المعين من ناحية ثم تلك التي تسود العلم بأسره من ناحية أخرىٰ, ومن هنا فإن توفير كل ما يستجد من معارف ومعلومات وبيانات وتزويد صناع القرار بها, إنما يمثل ركيزة أساسية في صنع القرار المناسب.

هذا والأمر هنا لا يتوقف بطبيعة الحال عند مجرد إيجاد المعارف والمعلومات والبيانات فقط, وإنما يصل أيضاً إلىٰ عملية تحليلها واستخدامها والإٍفادة منها. إن المشكلات والثضايا الإٍجتماعية متداخلة بشكل يصعب معه فض الإٍشتباك بينها. وصانعو القرار يكونون بكل التأكيد أقدر علىٰ حلها لو أنهم كانوا علىٰ دراية بطرق تحليل البيانات والنظم وبحوث العمليات وما إليها. إن استخدام الكومبيوتر ـــ وكل الأجهزة المشابهة ـــ إنما هو ثورة في هذا الإٍتجاه, فجّرتها الجامعات بقوة, وعلىٰ المجتمع ـــ بأفراده وجماعاته ـــ توظيفه وأمثاله لخدمته.

وإذا كانت بعض اتجاهات التنمية ترىٰ أن الفرق بين التقدم والتخلف إنما يقع أساساً في التفوق أو التراجع العلمي والتكنولوجي, وضحت الأهمية البالغة لدور الجامعات بالدول النامية في هذه الناحية حتىٰ تستطيع أن تلحق شعبها بركب التطور والتقدم الذي فاتهم بقسوة فيما يلهثون هم للحاق به.

ب ـــ تأمين المعلومات والبيانات :

وتأمين المعلومات والبيانات, ومن كل صوب, مهمة مكملة ومتلاحمة بجوهرها مع اتجاه تقديم المعارف الجديدة, وملقاة بكل ثقلها علىٰ عاتق الجامعات. وإذا كان العصر الحديث يوصف بحق بأنه عصر تراكم المعارف والمعلومات والبيانات, فإن الجامعات لا ينبغي لها أن تخرج علىٰ إجماع عصرها وهي التي تقود.

لقد أصبح للمعارف والمعلومات والبيانات أهميتها البالغة والتي لا يمكن لأي مجتمع حديث, أو لأي مجتمع لكي يكون حدديثا, الإٍستغناء عنها. إن حاجة المجتمعات إلىٰ هذه البيانات والمعلومات تتزايد يوماً بعد يوم, كما أنها راحت تتشعب في الكثير من الإٍتجاهات. وإذا كان المقام هنا لا يتسع لحصرها, فإن الوقوف عند بعض أمثلة منها يمكن أن يوفي بالغرض الذي وضعت هذه الدراسة من أجله.

فالكثير من وحدات صنع القرار تعمل في أغلب الظروف منفردة ومنفصلة عن بعضها, وبالتالي فهي نادراً ما تلتقي. وفي مثل هذا الوضع فإن كمّأ هامن الصراعات كثيراً ما ينشأ بين هذه الوحدات ذاتها أو حتىٰ يقوم بين أقسام الوحدة الواحدة. وفي واقع الأمر فإن معظم هذه المواقف إنما هي نتاج نقص في المعلومات ـــ إلىٰ جانب انعدام التنسيق, وبالتالي عدم معرفة الأطراف ما تفعله الأطراف الأخرىٰ. وفي كل الحالات, فإن الجامعة هي المنوطة بالقضاء علىٰ هذا التناقض والنقض والتجرؤ, وذلك حين مدها لهذه الوحدات بالمعلومات التي تمكنها من توثيق علاقتها وبالتالي صنع قرارتها بكفاءة وفاعلية.

والجامعة تستطيع أيضاً مد الجهات المعينة بالبيانات والمعلومات التي تكشف عن العلاقات المتداخلة والمتشابكة بين المشكلات والقضايا الإٍجتماعية. مثال لذلك العلاقة بين المستوىٰ الصحي المتدني وسوء التغذية والمرض, قم العلاقة بين هذه الأبعاد والمتغيرات ذاتها وبين الأمية والبطالة والفقر وانخفاض مستوىٰ المعيشة.. وهكذا. إنها بهذا تصنع تنسيقاً جوهرياً لازماً, كما تتيح المجال لتنمية متكاملة وكفء.

وفي ظروف أمم العالم الثالث فإن ما لدىٰ الدولة والمجتمع ـــ والجامعة جزء لا يتجزأ منها ـــ من معلومات, ضئيل بل ومحدود للغاية. وحتىٰ في حالة توفر بعضه فإنه يكون غير دقيق فضلاً عن بعد الكثير منه عن الصحة. إن هذا في حد ذاته يضاعف من مسئولية الجامعة في هذه الدول ويصعب مهمتها. فهي ـــ إلىٰ جانب مهمة توفير المعارف وتأمين البيانات والمعلومات ـــ مسئولة عن غرس الوعي البحثي بين القطاعات المجتمعية المختلفة.

ج ـــ البحوث والدراسات :

فإذا ما اتضحت الأهمية البالغة للمعارف الجديدة وما ينبغي تأمينه من بيانات ومعلومات, أمكن القول أن هذا لن يتأتىٰ للجامعة إلا عن طريق ما تقوم به من بحوث ودراسات في شتىٰ المجالات.

إن البحث المتعمق والمتجدد والجاد هو أحد المهام البالغة الأهمية للجامعة والذي لا يقل شأناً عن مهمتها التعليمية. فالجامعة لكي تسهم في جهود التنمية, بل وتقودها, فإن عليها أن تعمل علىٰ إثراء رأس المال البشري (جوهر عملية التنمية) من خلال ما تباشره من تعليم وتدريب من ناحية, ثم عن طريق ما تباشره من بحوث من ناحية أخرىٰ.

والجامعة لكي تكون مؤدية لدورها في خدمة مجتمعها, لابد من تفاعلها المستمر معه, والعمل علىٰ تحقيق متطلباته وحل مشكلاته. إن البحث ـــ سواء اتجه اتجاهاً نظرياً أو نحا منحىٰ عملياً ـــ هو وحده الذي يمكن الناس ـــ أفراداً وجماعات ـــ من وضع أيديهم علىٰ الداء, ومن ثم يشرعون في البحث عن المناسب له من الدواء.

وإذا كانت الجامعات في المجتمعات الأكثر تقدماً بالذات قد خطت خطوات واسعة بالفعل في هذا المجال, فإن المأمول هو أتخذو الجامعات في الدول النامية هذا الحذو. وإذا كانت الجامعات في الدول المتقدمة قد توفر لها المناخ الملائم والمناسب للبحث والدراسة كما توفرت لها البيانات والمعلومات الدقيقة التي تساعدها علىٰ الإٍنسياب في عملية البحوث والدراسات بفاعلية, إلىٰ جانب توافر الإٍمكانات المالية والمادية من ميزانيات ومعامل وأدوات وأجهزة, إضافة إلىٰ تأصل الوعي البحثي ذاته بين القطاعات الشعبية والحكومية المختلفة؛ فإن الجامعات في الدول النامية تقع عليها مسئولية إيجاد كل هذا. هذا في حد ذاته أمر ليس بالهين.

وعلىٰ الجانب الآخر فإنه إذا كانت جامعات الدول الأكثر تقدماً, رغم وصولها إلىٰ مراحل تطور وتقدم مرضية, ما زالت تتبنىٰ قضية «العلم للمجتمع» ومن أجله, وتنأىٰ بالتالي يجهدها ـــ ولو مرحلياً ـــ بعيداً عن اتجاه «العلم للعلم» أو العلم لذاته, فإن ظروف الدول النامية, مجتمعة ومنفردة, تعض علىٰ مثل هذا المبدأ (العلم للمجتمع وفي خدمته) بالنواجز, حتىٰ لا تضيع أية ذرة جهد هباءً ـــ بعيداً عن المجتمع والناس, وهي أحوج ما تكون إليه.

(2)عملية نقل المعـارف :

وعملية نقل المعارف والمعلومات والبيانات, عن طريق التعليم بشتىٰ أشكاله ومختلف قنواته, إلىٰ الأفراد والجماعات, من أهم المهام الملقاة علىٰ عاتق الجامعات أما العملية التعليمية ذاتها فلابد أن يكون هدفها الأساسي تخريج الإٍنسان الواعي الذي يحتاجه مجتمعه بالفعل والقادر علىٰ العطاء بتمكن واقتدار, إن تحسس الجامعة لحاجات المجتمع ومده بالتالىٰ بالقوىٰ البشرية العاملة الكفء المطلوبة والتي تواكب الآمال الإٍجتماعية المتوخاة إنما يقع علىٰ رأس المهام هنا.

والجامعة في شكلها المأمول لا تتوقف بطبيعة الحال عند العملية التعليمية التقليدية المعتادة وإنما تتعداها إلىٰ عمليات متسعة ومتشعبة أخرىٰ. وعلىٰ أيه حال فإن ضمن هذا الجديد, والذي ساد العالم الأكثر تقدماً بالفعل ـــ بل وكان له بعض وجود ببعض الدول النامية, ما يعرف ببرامج التربية المستمرة Continuing Educationمن ناحية, وبرامج مد العملية التعليمية والتدريب إلىٰ المواقع التي تتطلبها Extensionمن ناحية أخرىٰ. وذلك إلىٰ جانب برامج تعليم الكبار والدراسات الحرة من ناحية ثالثة.

د ـــ التعليم المستمر :

وبرامج التعليم المستمر يمكن أن تتمثل بدورها في أمور مثل الدورات التدريبية بمختلف اتجاهات وكذلك الدراسات الحرة وما في حكمها. وهذه جميعاً تهدف إلىٰ تنمية مهارات الأفراد ورفع كفاءتهم في مجالات تخصصهم أولاً ثم في مجالات أخرىٰ معاونة بعد ذلك.

فإذا ما وقفنا عند التدريب كمثال وجدنا أن الجامعة يمكن أن تقدم الكثير فيه. فمن دورات تدريب للمبتعثين, لتزويدهم بما يلزمهم من معلومات وبيانات عن الأوضاع الجديدة التي سيتعايشون معها, إلىٰ دورات للدبلوماسيين والمديرين لرفع كفاءة أدائهم .. ومن دورات تربوية للمدرسين ومن في حكمهم إلىٰ دورات في استخدام الأجهزة والآلات والمعدات .. وهكذا. وهي لا تتوقف عند هذا بل يمكن أن تتعداه إلىٰ برامج في أسس عمليات البيع والشراء وطرق المعاملات والعلاقات العامة وما إلىٰ ذلك.

هـ ـــ مد العملية التعليمية :

وإذا كنا قد قدمنا أن الجامعة الحديثة تنأىٰ بجانبها (ولو مرحلياً) عن اتجاه «العلم للعلم» وتتعايش مع شعار «البرج الماجي» المتعالي بعيداً عن المجتمع. إن الجامعة في وضعها الحديث لابد أن تمد يدها إلىٰ شعبها وتتفاعل معه. وهي في هذا المقام لا ينبغي لها أن تنتظر الناس يأتون إليها, بل عليها هي أن تسعىٰ إليهم أينما كانوا لمدهم بكل جديد وكل مفيد.

علىٰ أية حال, إن هذا الجانب من نقل المعارف إلىٰ الناس في مواقعهم هو بداية التفاعل الجامعي /الإٍجتماعي بحق. وفي الواقع فإن جامعات الدول الأكثر تقدماً قد بدأت بالفعل, ومع بدايات القرن الحالي, من هذا المنطق ثم راحت تتشعب في اتجاهات متعددة. وإذا كانت البداية في هذا الاتجاه زراعة /ريفية بالذات ـــ حيث أقامت الجامعات محطات إرشاد وحقول تجارب وتعاونيات وتجمعات زراعية, فقد امتدت نشاطاتها اليوم إلىٰ الكثير من المجالات والمواقع لكي توصل إلىٰ الناس كل تجربة مبتكرة وكل جديد في مجالات العلوم والتكنولوجيا.

و ـــ تعليم الكبار :

وبرامج تعليم الكبار والدراسات الحرة جزء من عملية نقل المعارف التي تهدف إلىٰ مد يد العون إلىٰ أولئك الأشخاص ـــ الكبار عادة ـــ الذين فاتتهم فرص الدراسة في مراحل سنهم الأولىٰ من ناحية, كما تستهدف استثمار وقت فراغهم فيما هو مفيد من ناحية أخرىٰ. هذا وغالباً ما تمارس أنشطة هذا الاتجاه من فترات مسائية حيث يقدم من خلالها ـــ إلىٰ جانب برامج تعليم الكبار ومحور الأمية ـــ دراسات في المهارات المختلفة مثل اللغات الحية والكومبيوتر والآلات الحاسبة والكتابة والاختزال وأعمال الكهرباء والميكانيكا والنجارة والسباكة وغيرها. كما قد يقدم من خلالها أيضاً دورات في الإٍسعافات الأولية واتمريض وأعمال الدفاع المدني وما ماثلها.

(3)عملية الإٍفادة من المعارف :

وإذا كان البعدان السابقان, وهما المهمتان التقليديتان للجامعة, يساهمان في خدمة المجتمع بطريق غير مباشر, فإن الجامعة منوطة أيضاً بخدمته بطرق مباشرة. فإلىٰ جانب مجالات البحوث والدراسات (التى تؤمن من خلالها المعارف والمعلومات والبيانات الجديدة), والتعليم (الذي تنتقل عن طريقه هذه المعارف والمعلومات والبيانات), فإن الجامعة يمكنها أن تتقدم إلىٰ مجالات أخرىٰ, حديثة, وذلك بتفاعلها عملياً مع المجتمع عن طريق شده إلىٰ محرابها من جهة والنزول إليه في مواقعه من ناحية أخرىٰ.

في دول العالم الأكثر تقدماً, بل وفي بعض كيانات الدول النامية, عادة ما ينظر إلىٰ الجامعة باعتبارها الأداة الفعالة للتنمية من جهة والأمينة عليها من جهة أخرىٰ. وانطلاقاً من هذا التصور, الرائع في مضمونه, فقد أُكل إليها واستعين بها لمواجهة ـــ أو علىٰ الأقل المشاركة في مواجهة ـــ الكثير من الأمور المشكلة, فكانت علىٰ مستوىٰ المسئولية بالثقة التي أولاها إليها مجتمعها.

واتجاهات الخدمات هذه كثيرة ومتعددة بل وآخذة في التزايد والتشعب والانتشار مع تراكم المعلومات والعلوم والتكنولوجيا ـــ وخاصة إذا ما كنا في وضع متقدم. وفي هذا الصدد فإنه يمكن الإٍشارة إلىٰ مشاركة الجامعة في الاستشارات التي يقدمها أعضاء هيئة التدريس وعملهم مع المنظمات ومشاركتهم في التخطيط ثم تقييمهم للأوضاع والأمور.

ز ـــ الاستشارات :

فإذا ما لجأنا إلىٰ ضرب أمثلة لنشاطاتها في هذا المقام وجدنا الكثير من أعضاء هيئات التدريس يمكنهم العمل كمستشرين للعديد من الهيئات والمنظمات الحكومية والأهلية علىٰ السواء. وبالإٍضافة إلىٰ هذا فإن الشواهد الحاضرة تدلل علىٰ أن عدداً متزايداً من هذه المؤسسات كثيراً ما تعهد إلىٰ الجامعات بمباشرة بعض البحوث والدراسات في المجالات محل الإٍهتمام. وفي نفس الوقت فإن خبرات أعضاء هيئة التدريس وكفاءتهم في تحليل وتقييم البرامج والأعمال والنتائج وإنما يضيف إليهم مهمة أخرىٰ وهي مهمة تقييم الأمور والحكم علىٰ الأشياء ـــ والتي سيشار إليها في فقرة خاصة. إنت عمل الجامعة مع المنظمات ـــ بحثاً واستشارة وتقييماً ـــ إنما يتيح لها فرصة تقديم المعلومات والبيانات ذات الأهمية (الاستراتيجية غالباً) التي توسع من رؤيتها للأمور من ناحية, كما تقدم لها بعض الحلول وبدائلها من ناحية أخرىٰ.

ح ـــ التخطيط للتنمية :

دور آخر هام تسهم فيه الجامعات وهو التخطيط للتنمية أو بالأخرىٰ المعاونة في الإٍعداد لها وسواء كانت هذه المساهمة علىٰ المستوىٰ القومي أو المستوىٰ الإٍقليمي أو حتىٰ القطاعي والمحلي. إن الجامعة بامتلاكها وتأمينها لمصادر المعلومات إنما تكون أقدر من غيرها علىٰ مد يد العون للمخططين علىٰ مختلف مستوياتهم. كما انها بعرضها للبدائل تسهم بدور فعال في هذا المجال. كما أنها بمدها الجهات المعينة بالخبراء والفنيين في كل اتجاه إنما توطد من مركزها وتكون سنداً قوياً في البناء التنموي.

ومشاركة الجامعة بتقديم خدماتها لا يتم فقط عن طريق أعظاء هيئة التدريس وإنما للطلاب أيضاً دور فعال, وخاصة إذا ما كنا في وضع نام. وإذا كان دور الأساتذة قد أصبح واضحاً ـــ بل ومقنناً في كثير من جامعات الدول الأكثر تقدماً, فإن مجموعات طلاب الدراسات العليا, بل والطلاب العاديون كذلك ـــ باعتبارهم الفئة الأكثر وعياً اجتماعياً, يمكنهم جميعاً المعاونة كأجهزة وأدوات فعالة مطبقة للعلم والتكنولوجيا الحزة وأدوات فعالة مطبقة للعلم والتكنولوجيا الحديثة, أو علىٰ الأقل المناسبة, في المجتمع.

هذا وما ينبغي التأكيد عليه في هذا الصدد ـــ أو حتىٰ التحذير منه هنا ـــ هو أن يتصور أحد أن تقوم الجامعة نفسها بصنع القرار. إن الجامعة لا ينبغي لها أن ترمي بنفسها في خضم السياسة. إنها تسهم فقط في هذا المجال وغيره بالإٍمداد بالرأي وإسداء النصح والإٍرشاد والحوار المستمر. إنها أيضاً ـــ وكما سيتضح بعد قليل ـــ يمكن أن تكون قوة حيوية حافزة ودافعة لهم الناس وعاملة علىٰ تنشيطهم. ومن جانب آخر فإنه لا ينبغي أيضاً للجامعة أن تكون أداة للأنشطة الإٍقتصادية (الربحية بالذات) بأية صورة. إن تلك الأنشطة الإٍقتصادية, مثلها مثل الأنشطة السياسية, عرضة للمكسب والخسارة والشد والجذب. والجامعة, لكي تظل متمتعة بمكانتها المرموقة وكيانها المتميز احتراماً, لابد وأن تنأىٰ بجانبها عن هذه الأمور وأمثالها بحيث تأخذ ـــ كما وضح ـــ دور الموجه والمرشد والقائد المستقل الذي يضع المصلحة العليا فوق أي اعتبار.

ط ـــ حـفز الهمم :

وحفز الهمم وتنشيط الناس ودفعهم إلىٰ المشاركة باقتناع وفاعلية هو المهمة الصعبة للغاية, الملقاة علىٰ عاتق الجامعات ـــ وخاصة إذا ما كنا في وضع اجتماعي نام. إن مشاركة الناس, إلىٰ جانب مشاركة الحكومة بطبيعة الحال, أمر جوهري في قيام جهود وسلامة بناء التنمية. إن كلا الجهدين وجهان لعملة واحدة لا يكون لها قيمة إلا بها. وإذا كان غالبية علماء التنمية يقدمون الجهود الشعبية ومبادأة الناس علىٰ جهود الحكومة ومبادرات المسئولين, فإن تثبيت مثل هذا الشعار في ضمائر الناس وقيمهم وسلوكياتهم ـــ وخاصة في الدول التي وضعها قدرها في وضع مختلف, أمر يحتاج إلىٰ جهد لا يستهان به. إنه في الواقع تحد كبير ولابد للجامعة أن تثبت وجودها حياله.

وفي كثير من الأحوال فإنه يمكن شد الناس إلىٰ مجالات المشاركة والبناء بطرق مبسطة يتمثل بعضها في خلق الفرص لإٍيضاح الأمور ـــ أو حتىٰ بعضها ـــ للمواطنين. وعلىٰ سبيل المثال فإنه في حالة إقامة مشروع يهدف إلىٰ تحسين مستويات المعيشة للمواطنين وزيادة رفاهتهم الإٍجتماعية يمكن لقادة التنمية (أساتذة الجامعات ـــ إضافة إلىٰ من هم في مواقع تنموية قيادية) بيان أن الفرد ليس له حق التمتع بالنتائج والعوائد فقط بل لابد أن يعمل ويشارك أيضاً في كل الجهود الموصلة إلىٰ هذه النتائج. إن ما ينبغي توضيحه في هذا المجال هو أن الأمر هنا ببساطة ليس أكثر من أمر حقوق وواجبات. وبطبيعة الحال فإنه لحصول أي مواطن علىٰ حقوقه لابد من قيامه بواجباته.

والمشاركة هنا لا يشترط بطبيعة الحال أن تكون مالية أو مادية أو حتىٰ بالمساهمة بجهد عملي في المشروع, وإنما يمكن أن تتمثل في مجرد المشاركة بالرأي في تحديد الأهداف أو بالمساهمة في تقييم المشروع أو جزئية منه .. وهكذا. وفي نفس الوقت فإنه ينبغي إفهام هؤلاء (المتقاعسين) أن هذه المشاركة أو تلك إنما تنقص من التكاليف وبالتالي تعود عليهم وعلىٰ مجتمعهم بالنفع. هذا بالإٍضافة إلىٰ تنمية إحساس الناس بأنهم إنما يعملون بأنفسهم من أجل أنفسهم, وأن ما تم إنجازه إنما هو من صنع أيديهم بعد تفكيرهم, وأنه ملك هو, فيزيد بذلك اعتزازهم به, ويستمر العطاء.

إن حفز الناس وشحذ هممهم يمكن أن يتأتىٰ أيضاً عن طريق اندماج أعضاء هيئة التدريس في المجتمع ومعايشة الناس في كل أمورهم وظروفهم. وهذا بدوره قد يتأتي عن طريق التساؤلات, قد تبدو عابرة لأول وهلة ـــ رغم أنها مرسومة ومقصودة, مثل : ماذا فعلت في كذا ؟ أو كيف تسير مشروعاتك ؟, أو ما هي خططك للمستقبل ؟… ثم ينهمر منها الترغيب والحفز والدفع نحو الأنشطة البديلة والأفضل. إن هذا يتم بطبيعة الحال بتقديم الجامعة للحلول وبدائلها بما لديها من قدرات بحثية ومعلومية من جهة وما تقدمه من استشارات تعود عليها هي نفسها بعائد جديد من المعلومات تتخإن هذا يتم بطبيعة الحال بتقديم الجامعة للحلول وبدائلها بما لديها من قدرات بحثية ومعلومية من جهة وما تقدمه من استشارات تعود عليها هي نفسها بعائد جديد من المعلومات تتخذ منه زاداً جديداً «Feedback» لإٍعادة إحماء العملية التنموية ذاتها من جديد جهة أخرىٰ.

والحفز قد يتأتىٰ أيضاً عن طريق ترشيد الناس في العمليات الإٍنتخابية كي تكون آراؤهم مؤثرة وفعالة. إنه عن طريق الإٍنتخابات, في أشكالها المتعددة, يمكن أن تحدث تغييرات جذرية في اتجاهات العملية التنموية وغيرها من العمليات التي تمس كيان المجتمع. إن كشف كل الأمور, الإٍقتصادية والإٍجتماعية والسياسية, وبيان تداخلها وتشابكها وتأثيرها في بعضها (وهي أمور قد يغيب بعضها عن بعض الناس) سوف يجعل للعملية الإٍنتخابية قيمتها حين تكون محصلتهما إفراز الرجل المناسب للمكان المناسب.

حفز الهمم يمكن أن يتم أيضاً عن طريق الإٍهتمام بالأسرة من ناحية ثم اهتمام الأسرة بالقيام بدورها ـــ الهام والحيوي ـــ من ناحية أخرىٰ. وإذا كان من المفهوم أن الأسرة هي الخلية الأولىٰ في المجتمع والتي يصنع فيها الفرد بحق, فإن غرس بذور الإٍتجاهات السليمة وتوجيه القيم الإٍجتماعية والثقافية نحو الأفضل ـــ إلىٰ جانب غرس بذور التنمية ذاتها, إنما يساعد علىٰ حتفريج أناس لديهم الإٍستعدادات الطيبة لحمل اللواء والعمل علىٰ التقديم بالمجتمع والناس نحو خيرهم ورفاهتهم المطلوبة.

من جانب آخر فإن حفز الناس العاديين ليس وحده المطلوب في هذا المقام وإنما لابد أن يمتد ليشتمل علىٰ «الخواص» أو الصفوة في المجتمع المعين. ففي كل مجتمع هناك أفراد وجماعات يلعبون ـــ أو علىٰ الأقل يمكن أن يلعبوا ـــ دوراً هاماً في التنمية. والجامعات ـــ كجهة لها كيانها واحترامها ـــ لابد لها أن تنجه إلىٰ هذه الفئة وجنباً إلىٰ جنب مع الفئة الأولىٰ (العوام). إن رجال الأعمال عامة ورجال الصناعة خاصة يلعبون دوراً جوهرياً وهاماً في تسيير عجلة الأمور الإٍقتصادية إلىٰ جانب ما لها من تأثيرات علىٰ الأمور الإٍجتماعية والإٍقتصادية في البلاد. ولا شك أن شد هؤلاء إلىٰ مجالات التنمية ـــ من أي مدخل لها, إنما يكون كسباً إجتماعياً كبيراً وخطوة لها وزنها وقيمتها سواء في مجال صنع التقدم المأمول أو حتىٰ في مجال العمل الجامعي ذاته.

إن الجامعة لا تعمل, ولا ينبغي أن تعمل, في عزلة عن قطاعات مجتمعها. أما الطبيعي فهو أن تتلاحم مع القطاع الأهلي, تشد من أزرهما, وتقف إلىٰ جانبهما بنفس القدر من الإٍهتمام لكي يؤدي كل منهما دوره ـــ مع الجامعة ـــ في خدمة المجتمع. وكما سبق القول, فإن الكثير من هذه القطاعات ترحب بتعاونها مع الجامعة ترحيباً كبيراً. بل إت غالبية متنامية منها تعطي الجامعة موقع القيادة في حالة قيام هذا التعاون. والجامعة, قمة الإٍدراك والوعي, عليها مسئولية استثمار مثل ذلك الموقف المتميز توظيفه التوظيف السليم والمناسب. إنها لو فعلت هذا أفادت واستفادت أيضالت هذا أفادت واستفادت أيضاً. فهذه الجهات لديها من بنود التمويل الشئ الكفهذه الجهات لديها من بنود التمويل الشئ الكثير الذي يمكن ـــ أو علىٰ الأقل يعاون ـــ الجامعة في أداء مهامها (البحثية بالذات), وخاصة في ظروف قلة الإٍعتمادات ـــ كما هو معظم الحال مع ظروف دولنا النامية. كل ما في الأمر أن هذه الجهات يكون لديها الأمل في أن تظل علىٰ علم بالدور الذي تؤديه الجامعة (الذي يعنيها بطبيعة الحال) منذ البداية وحتىٰ النهاية ـــ وهذا بكل التأكيد حقها. وبلا أدنىٰ شك فإن الجامعة كفيلة بأن تحقق لها هذا.

ي ـــ التقييم :

وتقييك الأمور وتقويمها ـــ عن طريق الحكم عليها بموضوعية وتجرد كامليْن ـــ من الأمور الجوهرية والحيوية التي ينبغي علىٰ الجامعة القيام بها. وإذا كانت الجامعة هي إحدىٰ الكيانات الإٍجتماعية القليلة التي لا تنحاز ـــ أو ينبغي لها ألا تنحاز ـــ إلىٰ فئة, وهي المستقلة المؤمنة بالمجتمع بكل كيانات والعاملة لخيره بمختلف قطاعاته, فإنها في مثل هذا الموقع يكون لها بكل التأكيد إحترامها, بل وكذلك قدسيتها التي تفرض علىٰ الجميع تقبل أحكامها بوعي وتفتح ـــ خاصة وأنها لا توصد الباب أمام أي حوار بناء, بل تشجعه وترحب به وتعمل علىٰ تنميته.

وتقييم الأمور, والذي يتضمن أيضاً الحكم علىٰ القيم, يمكن أن يجد له طريقيْن. أولهما حكم عضو هيئة التدريس علىٰ الأشياء بصفته مواطناً عادياً, مثقفاً واعياً, له حق التعبير, بحرية وانطلاق, عن أي شئ ـــ وهذا بُعد شخصي لا دخل للجامعة فيه. أما الطريق الثاني, وهو الحيوي والهام ـــ حيث تؤثر الجامعة, فهو أن يعبر عضو هيئة التدريس عن رأية في مجال تخصصه وذلك كأن يدلي أستاذ علوم سياسية مثلاً برأيه في نزاع سياسي, أو أن يدلي أستاذ اقتصاد بدلوه في مشروع أو خطة اقتصادية, أو يقيّم أستاذ في الإٍدارة, مشروعاً تنظيمياً, أو يحكم أستاذ صيدلة في قضية دوائية, أو يتناول أستاذ اجتماع بعض المشكلات الإٍجتماعية بالمناقشة.. وهكذا. وفي هذه الحالة فإنه سوف يُنظر إلىٰ رأيه نظرة خاصة ومؤثرة لما لها من كيان شخصي له اعتباره واحترامه.

وعلىٰ الرغم من الأهمية البالغة لذلك الدور التقييمي فإنه ينبغي علىٰ الجامعة أن تبادر إلىٰ تحديد دورها بكل دقة ووضوح في هذا المجال, وهل عليها أن تحكم علىٰ الأمور فقط وتقيّمها أم أنه يمكنها أيضاً أن «تصنع» ـــ أو علىٰ الأقل تحاول أن تصنع ـــ قيماً جديدة للمجتمع. وإذا كان قد سبق القول أن الجامعة هي بالفعل مصدر كل جديد ـــ وسواء اتخذ هذا الجديد شكلاً فكرياً أو اتجه اتجاهاً عملياً, أو سواء كان معنوياً أو مادياً, إلا أنه قد وضح أيضاً أن الجامعة يجب أن تنأىٰ بجانبها عن صنع القرارات الإٍجتماعية بشكل مباشر وسافر. وكما أنها تعاوت فقط في صنع القرارات, فإنهم تسهم ـــ فقط ـــ وبالطرق المباشرة وغير المباشرة في توجيه القيم والسلوكيات نحو الأفضل وتنير الطريق أمام كل جديد صالح.

ثالثاً : الجامعات وتنمية العالم الإٍسلامى

ودور الجامعات الإٍسلامية في خدمة المجتمع وتنمية لا يختلف بطبيعة الحال في جوهره عن ذلك الدور الذي انتهينا من استعراضه علىٰ التو. إلا أنه نظراً لموقع هذه الجامعات في كيانات إسلامية متميزة من جهة ومعايشتها لأوضاع وظروف نامية من جهة أخرىٰ, فإن هذا يوسع من مسئولياتها كما يزيد من صعوبة دورها.

وفي الوتقع فإن الأعباء والواجبات الملقاة علىٰ عاتق جامعات هذه الدول أكبر بكثير من تلك التي تضطلع بها جامعات الدول الأكثر تقدماً. ففي هذه الأخيرة هناك الكثير من الهيئات والمنظمات التي تتولىٰ بعض مهام التطوير والتحديث والتنمية. وفي نفس الوقت فإن غالبية كبيرة من الدول الآخذ في النمو تفتقر إلىٰ مثل هذا. وعليه فإن جامعاتها تتحمل وحدها كل الأعباء علىٰ قلة إمكاناتها.

وإذا كان جوهر تلك الأعباء المتمثلة أساساً في الأبعاد الثلاثة المتقدم ذكرها (تأمين المعارف ونقلها والإٍفادة منها) واحداً في كل جامعات العالم, فهو بكل التأكيد أمر متقبل في العالم الإٍسلامي برمته أيضاً. أما إذا ما تطلبت ظروفه دوراً أبعد وأعمق من هذا بكثير فإن الأمر هنا سوف لا يمس الجوهر أيضاً وإن تعلق أساساً بالتفاصيل.

ولقد تناولت بعض الكتابات العربية والإٍسلامية, علىٰ قلتها, هذا الدور المتطلع للجامعات الإٍسلامية بالتوضيح والتحليل وحاولت وضع النقط فيه فوق الحروف. مثال لذلك ما أعلنه وزير التعليم العالي بالمملكة العربية السعودية(4)حين حدد الأهداف الآتية كاستراتيجية للتعليم :

(1) تأمين فرص التعليم العالي للمواطنين المؤهلين بما يخدم المجتمع ككل وإعدادهم فكرياً وخلقياً بمستويات عالية من الكفاية والتخصص العلمي.

(2) توثيق التفاعل بين مؤسسات التعليم العالي وبين المجتمع والإٍسهام في معالجة مشكلاته ةخدمته فكرياً وثقافياً واجتماعياً.

(3) العناية بالتراث الإٍسلامي (العام والخاص) وإغناء الثقافة الوطنية وتعريب العلوم.

(4) العناية بدعم البحث العلمي, مع التركيز علىٰ الإٍبتكار في مجال البحوث التطبيقية.

(5) التركيز علىٰ التطوير الكيفي للتعليم العالي وفتح قنوات جديدة في مجالات العلوم والتكنولوجيا لخدمة المجتمع, وإيجاد توازن أكثر مع العلوم الإٍنسانية بدون التفريط فيها.

وإذا كانت هذه الكتابات وما ماثلها قد فتحت بالفعل الطريق أمان تصور عام للدور الذي ينبغي أن تضطلع به جامعاتنا الإٍسلامية, فإن المجال ما زال بكل التأكيد في حاجة إلىٰ المزيد حتىٰ تنجلي صورته وتتضح معالمة أكثر. وعلىٰ أيه حال فإن هذه الدراسة تود عرض الشكل التوضيحي المثبت بعد, كتصور مبدئي محدد لدور الجامعة علىٰ الوجه الآتي :

شكـل ( 2 )

الجامعات وتنمية العالم الإٍسلامي

مجلس الجامعة/الكلية

أعضاء هيئات التدريس

الأساتذة المعاونون

أجهزة البحوث

طلاب الدراسات العليا

الطلاب العاديون

الأجهزة الفنية والإٍدارية

تأمين المعارف

نقل المعارف

الإٍفادة من المعارف

تقديم معارف جديدة

تأمين المعلومات والبيانات

تعريب العلوم

أسلمة المعرفة

التعليم الرسمي

التعليم الحر

تعليم الكبار

المد التعليمي

تعليم الإٍناث

تحديث التعليم

الإٍرشاد الأكاديمي

الإٍستثارات

العمل مع المنظمات

الخدمات المباشرة

التخطيط للتنمية

حفز الهمم

تقييم الأمور

المشاركة التطوعية

والتصور المبدئي يضع الكيان الجامعي بكل هياكله الموضحة من :

ـــ مجلس الجامعات/والكليات.

ـــ أساتذة معاونين.

ـــ أجهزة بحوث.

ـــ طلاب دراسات عليا.

ـــ طلاب عاديين.

ـــ أجهزة فنية وإدارية.

يضعها في قمة المسئولية عن المجتمع وتنميته والتقديم به نحو خيره ورفاهيته. كما أن التصور ذاته يبرز دور الجامعة في نفس المقولات الثلاثة السابقة التي تلقىٰ اتفاقاً عاماً, وهي تأمين المعارف ونقلها والإٍفادة منها, إلا أنه يتفرع بها في اتجاهات أكثر حين يحددها في :

ـــ تقديم معارف جديدة.

ـــ تأمين المعلومات والبيانات.

ـــ القيام بالبحوث.

ـــ تعريب العلوم.

ـــ أسلمة المعرفة.

ـــ التعليم الرسمي.

ـــ التعليم الحر.

ـــ تعليم الكبار.

ـــ التعليم المستمر.

ـــ المد التعليمي.

ـــ تعليم الإٍناث.

ـــ تحديث التعليم.

ـــ الإٍرشاد الأكاديمي.

ـــ الاستشارات.

ـــ العمل مع المنظمات.

ـــ الخدمات المباشرة.

ـــ التخطيط للتنمية.

ـــ حفز الهمم.

ـــ تقييم الأمور.

ـــ المشاركة التطوعية.

وإذا كانت المقولات الواردة في الشكل المتقدم قد وضح بعضها حين الوقوف عند دور الجامعة بوجه عام في خدمة المجتمع, فإن ما يبقىٰ التركيز عليه هنا هو تلك الأبعاد المضافة والمستمدة من ظروف العالم الإٍسلامي مثل تعريب العلوم, وأسلمة المعرفة في جانب تأمين المعارف, وتحديث التعليم, وتعليم الإٍناث, والإٍرشاد الأكاديمي في جانب نقل المعارف, ثم التركيز علىٰ العمل التطوعي ضمن مقولة حفز الهمم في جانب الإٍفادة من المعارف.

تعريب العلوم :

وتعريب العلوم مهمة لها أهمية تقع علىٰ عاتق جامعاتنا الإٍسلامية وخاصة إذا ما كانت عربية. إن العالم المتقدم يتقدم أكثر من مطلع كل شمس فيما يلهث عالمنا النامي للحاق به. وإذا كانت وسائل اللحاق به كثيرة, فإن ترجمة ما يصدر عنهم إلىٰ اللغة العربية يمكن أن يكون واحداً منها. وإذا كانت أمم كثيرة قد بنت نهضتها علىٰ ما نقلته عن الآخرين (كما فعل الإٍغريق مع المصريين القدماء, والعرب مع الإٍغريق, والأوربيون مع العرب المسلمين), فإن الأمر عندها لم يتوقف عند مجرد النقل وإنما تعدته بطبيعة الحال حين أضفت شخصيتها المميزة علىٰ ما استوعبته من معارف. كما أنه إذا كانت أوربا قد ترجمت أمهات الكتب العربية وبنت عليها نهضتها الحديثة(5), إنطلاقاً من مبدأ إنسانية المعرفة, فإن عالمنا الإٍسلامي اليوم في مسيس الحاجة إلىٰ المعاملة بالمثل ـــ وبشرط ألا يطمس هذا النقل شخصيته.

والإٍحتفاظ بالشخصية الإٍسلامية وإضفاؤها علىٰ ما ينقل عن الأمم التي تقود التقدم اليوم يمكن أن يتأتىٰ بأحد أمرين : أولهما تعريب العلوم وثانيهما أسلمة المعرفة. فإذا ما كان كلامنا عن الجانب الأول فإن الجامعة, وقبل غيرها, تتحمل مسئولية الوضع القائم والذي تكاد تعتمد فيه العملية التعليمية والبحثية كلها علىٰ كل ما هو أجنبي. ففي مجالات كثيرة ما زال الطلاب يدرسون بلغات غير لغتهم, كما أنه في كثير من البحوث لا يعترف إلا بالمراجع الأجنبية إن هذا بالتأكيد يستنفد الكثير من الجهد والطاقة التي كان من الممكن الممكن استغلالها في مجالات أخرىٰ. إن التدريس والإٍطلاع والبحث باللغة العربية يجعل الطلاب والأساتذة أكثر تفاعلاً, كما يجعل العملية التعليمية مناسبة مشوقة وممتعة من ناحية, وأكثر كفاءة وأوفر ثماراً من ناحية أخرىٰ.

أسلمة المعرفة :

وعلىٰ الجانب الآخر فإن أسلمة المعارف هو الإٍتجاه الذي يمكن أن يسهم في إعادة الأمة الإٍسلامية إلىٰ أصالتها طريقاً إلىٰ استرداد مجد موؤود. وإذا كان جانب ترجمة العلوم أمراً معروفاً واضحاً وشائعاً, فإن ما يبقىٰ في حاجة إلىٰ مزيد إيضاح هو اتجاه الأسلمة هذا. واتجاه الأسلمة إتجاه حديث برز مع «شبه» الصحوة الأخيرة للعالم الإٍسلامي. ومع حداثته هذه فإنه لا يتوقع بطبيعة الحال أن يلقىٰ اتفاقاً عاماً في طريق الوصول إلىٰ تصور له. فمن متصور أنه ليس أكثر من تتبع الجذور الإٍسلامية في كل أصل وفرع معرفي, إلىٰ مناد بتأصيل العلوم والمعارف جميعاً بردها إلىٰ النبع الإٍسلامي الخصب, إلىٰ متطلع إلىٰ نظريات إسلامية نابعة من واقع العالم الإٍسلامي في كل اتجاه.. وهكذا. وعلىٰ أية حال, ورغم كل هذا التشتت, فإنه يمكن اعتبار كل هذه المحاولات بمثابة خطوات علىٰ الطريق الذي مازال بكل التأكيد طويلاً من ناحية ويحتاج إلىٰ مزيد من الجهد ـــ الجامعي ـــ لإٍجلاء معالمه والنزول به إلىٰ أرض الواقع من ناحية أخرىٰ.

ومع حداثة الإٍتجاه وعدم وضوحه فإن استعراض بعض الكتابات المتعرضة له يكون أمراً مفيداً. فالمقصود بالأسلمة هو الكشف عن فكر المسلمين واجتهادهم في مجالات المعرفة. والمقصود هو ربط هذا الفكر بالكشف عن حقيقتها في الكتاب والسنّة. وإذا كان علماء المسلمين قد أدلوا بدلوهم في كل فروع المعرفة(5), فعلينا نحن أن نجتهد في استخلاص هذه المعارف ووضعها في قوالب يفهمها الإٍنسان المعاصر حين نتحدث إليه بلغة العصر .. علينا أن نجلي موقف الإٍسلام في كل ما يدور بالحياة لنحدد الطيب منه والخبيث وعلىٰ هدى شريعتنا الإٍسلامية.

إن المطلوب في الأسلمة هو صبغ المعارف الحديثة بالصبغة الإٍسلامية وإذا كان أسلافنا قد قاموا ببراعة بهذه المهمة, فإن المنتظر من جامعاتنا الإٍسلامية الحديثة علىٰ انتشارها, ومع توافر الإٍمكانات الضخمة لبعضها, إعادة هذا الدور إلىٰ أصالته. وإذا كان أسلافنا قد استوعبوا معارف عصرهم وهضموها ثم انتجوا تراثاً ثقافياً وحضارياً كان وما زال له تأثيره الهائل علىٰ المسيرة التقدمية العالمية, فإننا, كجامعات وما في حكمها, مطالبون بمثل هذا الدور, أو حتىٰ ما هو أكبر منه. إن المطلوب هنا هو إعادة صياغة المعرفة وفي كافة تفرعاتها واتجاهاتها علىٰ أساس إسلامي بحت. إن العلوم جميعاً, والآخذ شكل مقررات دراسية بالذات, وسواء كانت في الجامعات أو حتى المدارس, يجب أن تتصور وتبنى من جديد علىٰ أسس إسلامية ملائمة وموائمة للعصر ــــ ودون التفريط في شئ بطبيعة الحال. إن المعارف جميعاً والعلوم في مقدمتها يجب أن تصاغ صياغة جديدة تجسد فيها مبادئ الإٍسلام بكل أبعاده.

تحديث التعليم :

وبطبيعة الحال فإن أسلمة المعرفة والعلوم والمنا

تحديث التعليم :

وبطبيعة الحال فإن أسلمة المعرفة والعلوم والمناهج وما تعلق بها لا يعني تخلفهج وما تعلق بها لا يعني تخلفها عن الركب العالمي والتقوقع بها في إطار محدود, وإنما لابد من الإٍفادة من كل جديد وحديث طالما كان لا يتعارض مع الأصول الإٍسلامية. إنه إذا كان الإٍسلام نفسه دين التدبير والتفكر الذي لا يقبل الجمود في أي شكلنه إذا كان الإٍسلام نفسه دين التدبير والتفكر الذي لا يقبل الجمود في أي شكل من أشكاله, فلا بد هنا من مراجعة واعية شاملة ودقيقة لكل البرامج والمقررات والمراجع والنظم الإٍدارية وجعلها متمشية مع متطلبات العصر ودون مساس بجوهر الإٍسلام.

أما المقصود بتحديث التعليم هنا فهو أن تتنازل جامعاتنا عن أساليبها العتيقة في معالجة الكثير من الأمور والتي يأتي ضمنها المناهج الدراسية وطرق التدريس وتنفيذ البحوث وإدارة الأفراد وكل ما تعلق بها. وعلىٰ سبيل المثال هناك مناهج مقررة تدرس بنفس الأسلوب التقليدي وبصورة لا تتغير ولا تتجدد منذ عشرات السنين. كما أن هناك كتباً مقررة عفا عليها الزمن ولا تمت إلىٰ الواقع بصلة. وعلىٰ سبيل المثال أيضاً فما زالت دراسات الإٍدارة في بعض جامعاتنا الإٍسلامية متخلفة عن نظيراتها في جامعات الدول المتقدمة بمراحل كبيرة. إن الكثير من المناهج المقررة صور مكررة وممسوخة لمناهج الغرب ودون ظهور لأية بادرة أصالة فكرية إسلامية فيها. وفي حالة البحوث مازال الطابع النظري والسطحي أيضاً هو المسيطر علىٰ نسبة كبيرة منها. أما في حالة الأساتذة فإنهم غالباً ما يهتمون في الأساس بالبحوث من أجل الترقية والترفيع فيما يأتي المجتمع وحاجاته ومعالجة مشكلاته في درجة تالية من اهتماماتهم.

إن التحديث المطلوب هو ملاحقة آخر ما وصلت إليه الصيحات العلمية علىٰ مستوىٰ العالم والإٍفادة منها في الوضع الإٍسلامي الراهن. وبطبيعة الحال فإن الإٍفادة منها لا يعني تقليدها بسذاجة ـــ أو حتىٰ بعمىٰ ـــ أو أخذها برمتها ـــ حلوها ومرها ـــ دون تمحيص كما هو حادث في كثير من المواقع الإٍسلامية. وصحيح أن الحقيقة الإٍجتماعية ترىٰ أن «المغلوب مولع في الغالب بتقليد الغالب», إلا أن هذا لا ينبغي أن يُتخذ ذريعة أو يقف مبرراً لأخذ كل ما صدر عن الغرب ـــ بالذات ـــ أو الشرق ـــ أحياناً. فالتحديث Modernizationلا يمكن أن يكون مرادفاً للتغريب ـــ أو التشبه بالغرب ـــ Westernization(أو أحياناً الشرق Easternization), كما لا يمكن أن يعني التأمرك ـــ أو الولع بكل ما هو أمريكي ـــ Amricanizationكما هو حادث في كثير من المواقع الإٍسلامية وخاصة إذا ما وصلت إلىٰ مستوياتها العليا(6).

الإٍرشاد الأكاديمي :

والإٍرشاد الأكاديمي جزء لا يتجزأ من عملية التحديث المطلوبة. فالطالب في العالم الإٍسلامي وفي كثير من الأحيان حائر في بعض الأحيان, بل وضائع أحياناً أخرىٰ, بين النظم العتيقة من جهة وعدم وضوح الرؤيا الإٍجتماعية من ناحية أخرىٰ. وإذا كانت أمثلة هذا كثيرة فإن الوقوف عند بعضها هنا يمكن أن يوفى بالغرض. فالطلاب في بعض الظروف يزج بهم في تخصصات لا يميلون إليها, وتكون النتيجة فشلاً شخصياً ومأساة أسرية وخسارة إجتماعية. وعلىٰ الجانب الآخر فإنه كثيراً ما يقبل الطلاب علىٰ دراسات وتخصصات مطلوبة وقت التحاقهم بالجامعة ثم لا يجدون فرصة للعمل بعد تخرجهم. وإذا كان هذا يعتبر استثماراً ضائعاً من الناحية الإٍقتصادية, فإنه أيضاً يسبب وينمي أزمات البطالة ـــ كلية ومقنعة ـــ ويزيد من المشكلات الإٍجتماعية.

إن الإٍرشاد الأكاديمي يعني اختيار الطالب المناسب للدراسة التخصصية المناسبة. وإذا كان الطالب بوعيه وإدراكه ـــ المحدود نسبياً ـــ لا يمكنه الإٍختيار بالشكل الصحيح فلا بد للجامعة من أن تكفل له هذا الحق وأن تتيح له الفرصة التي تعود عليه ومجتمعه بالنفع. وإذا كانت الجامعات مسئولة مسئولية مباشرة عن مد المجتمع بالقوىٰ البشرية الكفء القادرة علىٰ الوفاء بخطط التنمية وتحقيق ما فيها من آمال, فإن إرشاد الطالب أكاديمياً سوف يوصلها إلىٰ هذا.

والإٍرشاد الأكاديمي لا يتوقف بطبيعة الحال عند هذا الحد بل يتعداه إلىٰ ما يشبه احتضان الطالب وتوجيهه والوقوف إلىٰ جانبه في كل شئونه الخاصة والعامة ـــ وخاصة إذا ما كانت علمية ودراسية. وفي جامعات الدول الأكثر تقدماً يخصص أكثر من أستاذ مشرف «أكاديمي» لكل طالب. فإذا ما كنا في جامعات الأعداد الكبيرة من الطلاب والأعداد الصغير من الأساتذة وأعضاء هيئة التدريس ظهرت صعوبة العملية رغم أهميتها البالغة. وصحيح أن هناك جامعات إسلامية تتعامل مع مثل هذا النظام الإٍرشادي, إلا أن النظام نفسه مازال يطبق بغير فاعلية ولا يجد الكثير من المؤمنين به, وسواء كان هذا علىٰ مستوىٰ الكثير من الطلاب أو البعض من الأساتذة أعضاء هيئات التدريس.

تعليم الإٍناث :       

وتعليم الإٍناث لا ينفصل بطبيعة الحال عن تعليم الذكور في جوهره وإن كان الإٍختلاف في المناهج والمقررات أمراً وارداً. إلا أن ما يدعو إلىٰ تخصيص بعض الأسطر له هنا فهو هذا الإٍهمال الواضح, والغير مبرر إسلامياً أو اجتماعياً أو أخلاقياً, للأنثىٰ المسلمة, الأمر الذي نتج عنه تخلفها في كثير من الميادين. وعلىٰ سبيل المثال فإن نسب المتعلمين من الذكور أعلىٰ بكثير من نظيرتها بين الإٍناث. ونسب الذكور القائمين بجهود التنمية ـــوخاصة في جانبها التطوعي أكبر بمراحل عما عليه الوضع النسائي. بل والقائمون علىٰ أمور التنمية أنفسهم يتجهون بكل ثقلهم إلىٰ القطاع الرجالي رغم علمهم وإيمانهم بأن النساء نصف المجتمع وأن لهن دوراً هاماً في العملية التنموية ذاتها بما لها من تأثيرات ضخمة في عملية التنشئة الإٍجتماعية.

إنه انطلاقاً من ذلك الدور الحيوي والخطير للمرأة فلابد للجامعات في الدول الإٍسلامية أن تقود ثورة تعليمية تثقيفية تطويرية وتحديثية للإٍناث فيها, لإٍنقاذهم من الوضع المتردي الذي يقبع فيه بعضهن من ناحية, ولاستثمارهن, وهن النصف المتعطل ـــ أو حتىٰ المعطل (عن قصد) في جهود التنمية من ناحية أخرىٰ. إنه إذا كان الكائن الحي لا يمكنه أن يعيش سليماً ـــ أو علىٰ الأقل آمناً ـــ إذا ما تنفس برئة واحدة, وإذا كنا كاجتماعيين نشبه المجتمع بالفرد في كثير من الخصائص, أمكننا القول أن المجتمع الإٍسلامي يستخدم في الأغلب الأعم نصف إمكانان الكثير من أجرائه ما زالت في أمس الاجة إلىٰ ذارت جهد ذلك النص الآخر.

المشاركة التطوعية :

وضح مما سبق أن حفز الناس وشحذ هممهم وشدهم إلىٰ مجال العمل عامة والعمل التطوعي خاصة من أشق الأمور وأصعب المهام الملقاة علىٰ عاتق الجامعة. كما وضح أيضاً أن هذا الحفز إنما يمثل تحدياً كبيراً للجامعات وعليها أن تثبت وجودها حياله. وإذا كان قيل ينطبق علىٰ الوضع العالمي برمتع فإنه ـــ وبكل الأسف ـــ أكثر انطباقاً علىٰ عالمنا الإٍسلامي الذي قل إحساسه المجتمعي وعاش مع السلبية واللا مبالاة طويلاً وتقاعس بشكل ملموس عن المشاركة بشكلها العام والمشاركة التطوعية بشكل خاص.

وإذا كان من المفهوم أن وراء هذه اللا مشاركة واللا تطوعية الكثير من الأسباب السياسية والإٍجتماعية التي يأتي علىٰ رأسها اللا شورىٰ والتسلطية(7), فإن الجامعات يمكن أن يكون لها موقفها تجاه مثل هذه الأوضاع. وعلىٰ سبيل المثال فإنها بتوليها مسئولية الإٍرشاد السياسي ـــ وضمنها ترشيد العملية الإٍنتخابية, تمكن للناس أن يأتوا بالرجل المناسب للمكان والوضع المناسب. وهم بنزولها إلىٰ الناس ومشاركتهم مشاكلهم والتفاعل معهم في الكثير من قضاياهم إنما يضربون مثلاً عملياً حياً لما ينبغي أن تكون علية المشاركة ويؤمل أن يحتذىٰ.

إن الجامعة تستطيع أيضاً أن توضح للناس أن إسلامهم الذي يدينون به إنما يدعو إلىٰ هذه المشاركة وأن اللبنات الأولىٰ في الكيان الإٍسلامي قامت علىٰ التطوعية بكل ما تحمله من أبعاد حديثة. وإذا كانت التطوعية تعني إحساس الفرد والجماعة والمجتمع ببعضهم, والعمل بالتالي في سبيل بعضهم البعض بإرادتهم الحرة ودون انتظار أي مقابل مادي, فإن المسلمين الأوائل قد شاركوا بالنفس والنفيس في سبيل إعلاء دينهم ودولتهم.

إن التربية الإٍسلامية لم تفقد في أي شكل خصوبتها وما زالت صالحة للإٍنبات. كل ما في الأمر أنها في حاجة إلىٰ «المهندس» الواعي والفطن الذي يعيد بذر بذور تلك التطوعية وما ماثلها من اتجاهات طيبة بين ربوعها. وإذا كانت جامعات الولايات المتحدة الأمريكية تقود اليوم حركة التطوعية العالمية بقوة واقتدار, فإن راية العمل التطوعي الإٍسلامي تنتظر أن تتقدم الجامعات الإٍسلامية لحملها والوصول بها إلىٰ مجد إسلامي مأمول.

رابعاً : عقاب في الطريق

وإذا ما مانت الأمانة المعروضة علىٰ الجامعات الإٍسلامية ثقيلة ومضنية, فإن وجود مناخ صالح للعمل إنما يخفف من هذا الثقل ويسهل حمل الأمانة بطبيعة الحال. أما ذلك المناخ الصالح واللازم لكي تؤدي اتجاهين يحوي كل واحد منهما في داخله أكثر من مقولة. الإٍتجاه الأول يتعلق بالمجتمع الذي تتعايش معه الجامعة ويتضمن أموراً مثل توافر الإٍمكانات والوضع الإٍجتماعي المتقدم والمناخ السياسي الحر, فيما يتعلق الإٍتجاه الثاني بالكيان الجامعي نفسه ويركز علىٰ أبعاد مثل إعادة تنظيم الجامعة لنفسها وتحديد دورها وخططها وأولوياتها.

توافر الإٍمكانات :

والإٍمكانات مالية ومادية وبشرية وإدارية. فإذا ما بدأنا بالإٍمكانات المالية وجدنا نقص الميزانيات والإٍعتمادات يشكل عقبة كبيرة في طريق أداء هذه الجامعات لرسالتها. وحتىٰ في بعض الدول الإٍسلامية التي تعيش اليوم رخاءً اقتصادياً ووفرة مالية مشهودة, فإن الكثير من الميزانيات المعتمدة فيها تنفق علىٰ الشكليات المتظهرية «التجميلية»(8). وفي نفس الوقت فإن عدداً كبيراً من الدول تهتم بالكم دون الكيف رغم خطورة هذا علىٰ قضية التنمية ذاتها بل وعلىٰ الكيان الجامعي نفسه.

وعلىٰ الجانب الآخر فإن عدداً متزايداً من جامعاتنا الإٍسلامية يعاني من نقص شديد في الإٍمكانات المادية المتمثلة في المعامل والأجهزة وأدوات البحث وخاصة الحديث منها. إن بعض الباحثين فيها مازالوا يستخرجون نتائج بحوثهم بالطرق التقليدية القديمة في الوقت الذي غزا فيه الكومبيوتر كل بيت في الدول الأكثر تقدماً لدرجة تضمنه في لعب الأطفال. ومن ناحية أخرىٰ فإن نظم المعلومات في كثير من هذه الدول تحتاج إلىٰ هزة عنيفة إلىٰ مراحل التقدم التي شهدها هذا المجال في كل الدول المتقدمة ـــ أو حتىٰ الأقل تقدماُ ذات الإٍمكانات المادية الوفيرة.

أما الإٍمكانات البشرية فهي مشكلة المشاكل في الكيان الجماعي الإٍسلامي. فمن ناحية كوادر أعضاء هيئات التدريس فإن الكثير من الجامعات تحتاج إلىٰ أضعاف العدد الموجود حتىٰ تؤتي العملية التعليمية  ثمارها المرجوة ـــ وخاصة مع جامعات الأعداد الكبيرة في بعضها. ألا أن الأهم من هذا وأخطر فهو أن الكثيرين ـــ أو علىٰ الأقل بعض ـــ من أعضاء هيئة التدريس من التقليديين هم أنفسهم في حاجة إلىٰ تطوير قبل أن يباشروا العمل. إن هذا في حد ذاته يؤثر ـــ سلباً ـــ في العملية التنموية بل وقد يضرّ بها في النهاية. علىٰ أية حال وفي مثل هذا الموقف, فإن الجامعة مطالبة بتوجيه بعض البرامج إلىٰ هؤلاء, ومهما كانت مستوياتهم, حتىٰ لا تتعطل المسيرة.

الوضع الإٍجتماعي المتقدم :

والجامعة لكي يؤدي دورها لابد أن تحتل لها مكانة مرموقة بين الكيانات الإٍجتماعية الأخرىٰ. وإذا كانت مكانة عضو هيئة التدريس (المرتفعة) في الدول الأكثر تقدماً تجعله محترم الرأي مسموع الكلمة, فإن عضو هيئة التدريس في كثير من جامعاتنا الإٍسلامية ما زال يكافح من أجل لقمة العيش, الأمر الذي قد يهز في النهاية من كيانه.

فإذا ما كان ذلك الوضع المرموق مفتقداً في بعض الأحيان بين بعض قطاعات الشعب غير الواعية, فإن المنتظر من القطاعات الأخرىٰ الأكثر وعياً, وخاصة تلك التي تجلس علىٰ قمة الهرم الإٍجتماعي, أن تقدر الجامعة وكوادرها حق قدرها. أما ما هو أهم من هذا كله فهو أن يجد عضو هيئة التدريس كيانه وهيبته داخل الكيان الجامعي ذاته. وهذا يعني أن النظام والتنظيم الجامعي نفسه لابد أن يضعه في الوضع الذي يليق به وخاصة حين التعامل معه مالياً وإدارياً.

المناخ السياسي الحر :

أما المناخ السياسي الحر فهو أهم الأمور جميعاً. فعضو هيئة التدريس لابد أن يكون حراً في التعبير عن فكره ورأيه حتىٰ وإن لم يتوافق مع الأوضاع المعينة القائمة. ومن الصعوبة بمكان أن يحاسب علىٰ ما يقوله أو يكتبه. وعلىٰ أقل تقدير فإنه إذا كان المأمول من الجامعة تخريج الإٍنسان الواعي الحر والقادر علىٰ العطاء بأمانة واقتدار. فلا يمكن أن يتم إلا علىٰ يد نفر من أعضاء هيئة التدريس الذين يتمتعون بنفس الصفات أو حتىٰ ما يزيد عليها. وإذا كان من الثابت أن فاقد الشئ لا يعطيه, بات واضحاً أن عضو هيئة التدريس الذي لا حرية ولا كيان ـــ وبالتالي لا احترام ـــ له لا يمكن أن يخرج إلا كيانات هزيلة غير قادرة علىٰ البناء.

من ناحية أخرىٰ فإنه إذا كان البحث مهمة من مهام عضو هيئة التدريس الأساسية فلا يمكن أن يقوم بحث علمي وهو محاط بالقيود. إن الكثير من دول العالم الإٍسلامي لا يتمكن الباحثون فيها إلا من تناول الموضوعات التي ترضىٰ عنها السلطة. كما أن بعضها لا يسمح لعضو هيئة التدريس بالتأليف أو حتىٰ الكتابة عامة إلا بعد عرض ما يكتبه ـــ في أي مجال !! ـــ علىٰ «الرقيب» وهو عادة فرد من «المخابرات», وغيرها متخصص في شئ !! حتىٰ إذا ما بادر الواحد بالتأليف فإن بعض الجهات تحجب عنه بعض البيانات والمعلومات ـــ التي هي شحيحة أصلاً بهذه الدول.

إنه وسط هذا المناخ «اللا حر» لا يمكن لبحث حقيقي أن يقوم فضلاً عن أن يزدهر. إن عضو هيئة التدريس كواحد من البشر, لخ حاجاته الإٍنسانية والإٍجتماعية والنفسية, لابد أن يكون آمناً علىٰ غده إيمانه علىٰ يومه. وهو لكي يكون مطمئناً وآمناً لابد أن يتوفر له الاستقرار والطمأنينة التي تجعله ينتج ويعطي بانطلاق مناسب بلا حدود. أما إذا ما سيطر عليه الخوف وتولد لديه الجبن فسيكون النتاج نفاقاً سالباً يقوض دعائم قضية التنمية من أساسها, ويقود الجامعة بمجتمعها إلىٰ هاوية المزيد من التخلف.

البناء الجامعي :

فإذا ما وصلنا إلىٰ الكيان الجامعي وما يحمل بداخله من عناصر عائقة لأداء دوره المرتقب, أمكننا التأكيد علىٰ ضرورة إعادة جامعاتنا الإٍسلامية تنظيم نفسها من الداخل. وفي طريق إعادة تنظيم نفسها فإن الجامعات مطالبة منذ البداية بتحديد الدور الذي ينبغي, ثم يمكن, أن تقوم به بدقة ووعي كامليْن. فالجامعة إذا عرفت ما يريده ـــ أو يأمله ـــ مجتمعها منها فلها هي نفسها أن تدد ماذا تستطيع عمله. فالجامعة لا تستطيع بطبيعة الحال أن تفعل كل شئ. والأفضل والأكرم لها أن تتقن وتبدع في جوالأفضل والأكرم لها أن تتقن وتبدع في جزئية بعينها من أزئية بعينها من أن تدلىٰ بدلوها في «كليات» بسطحية لا ينتظرها منها أحد. فليس بشرط مثلاً أن تكون جامعة بعينها قمة في كل شئ, ولكن يكفيها فقط أن يشار إلىٰ تفوقها في ناحية تخصص معين ـــ كما هو الحال مع جامعات الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوربا عامة. إن هذا ذاته يعطي الجامعة المعينة كياناً مميزاً ولا يجعلها ـــ كما هو الحال مع جامعات العالم الإٍسلامي ـــ نسخاً مكررة من بعضها لا يميز بينها إلا مجرد الأسماء فقط.

وإذا كان علىٰ الجامعة أن تعرف ماذا يمكنها أن تفعلع في خدمة مجتمعها, فلا بد لها أيضاً من أن تحدد ما تريد أن تفعله من هذا الممكن حتىٰ لا تتضارب أو تتكرر الجهود ويضيع بالتالي بعضها هباء ـــ أو حتىٰ تعيق بعضها. فكما أنه لا ينتظر من الجامعات أن تبدع في كل مجال فإنها أيضاً يمكن ألا تكون سواسية في مجال البحوث أو تقديم الخدمات. وعلىٰ نفس الوتيرة فإن أعضاء هيئات التدريس ليسوا صنفاً واحداً في استعدادتهم البحثية أو اخدمية. ومن أجل هذا فقد اتجهت جامعات الولايات المتحدة الأمريكية بالذات إلىٰ تخيير أعضاء هيئات التدريس بين واحد من أمريْن يدخله مختاراً بكامل إرادته. فإما أن يتجه إلىٰ مجالات البحوث, أو أن ينزل إلىٰ مجال الخدمات المجتمعية المباشرة.

وفي طريق تحديد دورها فإن المنتظر من جامعاتنا الإٍسلامية أن تتعمل مع التخطيط بكل أبعاده وبوعي كامل. فهناك, علىٰ سبيل المثال, أهداف عاجلة وأخرىٰ آجلة. كما أن هناك خططاً قصيرة المدىٰ ومتوسطة المدىٰ وخططاً بعيدة في مداها .. وكلها أمور لازمة للمجتمع الحديث ولازمة كذلك للجامعة إذا أرادت أن تكون حديثة. وعلىٰ الجانب الآخر فإن الأمر هنا أيضاً ليس مجرد أمر تخطيط وإنما هو أمر تقييم كذلك. فالخطة بطبيعة الحال لا قيمة لها في ذاتها وإنما تستمد قيمتها من وصولها إلىٰ أهدافها بنجاح. إن التقييم المستمر يمكننا من إعادة حساباتنا وتحديد مدىٰ الإٍستمرارية من عدمها, كما يمكن أن يشير إلىٰ التعديل اللازم أو حتىٰ إلىٰ ما يعضد التراجع الكامل. وإذا ما مكننا التخطيط من وضع النقاط فوق الحروف في كثير من الأحوال فإنه يكون بمثابه المنقذ للوقتوالجهد والمال الذي كان من الممكن أن يضيع بدونه.

أما في كل الأحوال فإن المرونة وعدم الجمود يشكلان أمراً حيوياً بالنسبة للعمل الجامعي كله. والمرونة بطبيعة الحال لا تعني البعد عن الأصالة (الإٍسلامية) كما لا يمكن أن تعني التهاون والتسيب أو التدخل في شئون الآخرين. إن ما تعنية هو البعد عن التعصب المقيت والتصلب غير الواعي من نا تعنية هو البعد عن التعصب المقيت والتصلب غير الواعي من ناحية, ثم التنثيق والمواءمة ـــ طريقاً إلىٰ التكامل ـــ بين ما هو كائن وما ينبغي أن يكون من ناحية أخرىٰ. فإذا ما وجدت المرونة لها مكاناً أمكن مثلاً تغيير الخطة ذاتها أو التعديل في أولوياتها ـــ كما يمكن أيضاً إعادة توزيع الأدوار فيها.

المراجع والهـوامش

(1)لمزيد من تفصيل في التعريف بالتنمية, ارجع إلىٰ :

-Oberle, W., et al.: «A Definition of Development». Journal of Community Development Society, Vol5, No.1, Spring 1974.

– The Rockefeller Foundation : The Rol of Social Sciences in Rural Development. Washington, D.C, 1976.

– Rogers, E. and R. Burdge : Social Chsnge in Rural Communities. ACC, New York, 1972.

(2) ارجع إلىٰ كتابنا «دراسات في التنمية الاجتماعية : مخل إسلامي», مكتبة نهضة الشرق, القاهرة, 1982.

(3) لتفصيل متوسع في دور الجامعة في التنمية وخدمة المجتمع,ارجع إلىٰ :

-Morgan, Robert P.& others : Science and Technology for Development : The Role of U.S. Universities. Pergamon Press, New York, 1982.

– Word. F. Ch. (Ed.) : Education and Development. Reconcide Praecer New York, 1974.

(4) صحيفة الجزيرة, جمادى الأولىٰ 1405, يناير 1985؟

(5) لافاضة دقيقة في اتجاه الأسلنة يمكن الرجوعاه الأسلنة يمكن الرجوع إلىٰ كتاب الدكتور إسماعيل الفاروقي «أسلمة المعرفة : المبادئ العامة وخطة العمل», دار البحوث العلمية, الكويت, 1404/1984.

(6) يمكن في هذا المقام الرجوع إلىٰ كتابنا :

Abstracts on Social Sciences. The Modern Universal Office, Alexandria, 1984.

(7)لإٍيضاح أكثر في هذه الناحية يمكن الرجوع إلىٰ مقالنا في «اللا تطوعية وأزمة التنمية في العالم العربي والإٍسلامي». مجلة المسلم المعاصر, المجلد التاسع, رقم 34, ربيع آخر 1404 /فبراير 1983.

(8) إسماعيل الفاروقي : أسلمة المعرفة : المبادئ العامة وخطة العمل. دار البحوث العلمية, الكويت, 1404/1984, ص25.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر