أبحاث

بين الخولي وتلامذته: من الدرس الأدبي إلى التأويل الحداثي

العدد 165

الشيخ أمين الخولي صاحب دعوة تجديدية مهمة، طرح في ثناياها عددا من الإسهامات المتعلقة بتجديد النحو والأدب والبلاغة العربية وعلم التفسير. وقد ظهرت دعوة الخولي التجديدية إلى النور في إطار موجة “نهضوية” عامة، انطلقت من افتراض أن الأمة العربية والإسلامية تمر بحالة من التراجع الحضاري، تستدعي تقديم منتج تجديدي، يحتذي التجربة النهضوية الأوربية بأدواتها ومناهجها، فــ”يقتل القديم فَهمًا”، ويتجاوز جموده الفكري، ويسعى للِّحاق بالحداثة والنهضة.

وقد تفاعل الخولي وتأثر بما ورد من الغرب من أفكار ونظريات؛ وكان في مقدمة هذه الأفكار والنظريات نظرية “التطور”، التي تبناها وجعل منها منطلقا لمشروعه التجديدي؛ حيث سعى الخولي لبيان أن هذه النظرية لا تتعارض مع الإسلام، وحاول نسبة مفهومه عن التجديد بالمعنى التطوري إلى الأقدمين من السلف(1).

وقد تجلى منهج التجديد عند الخولي في دعوته لإحداث “طفرات” حقيقية في ثقافة المسلمين عامة وثقافة المصريين خاصة، بما يتجاوز بهم معضلات العصر؛ بداية من مشكلات الحياة اليومية وخاصة اللغوية، مرورا بإشكاليات “الأدب المصري” و”تعدد الثقافات” في مصر، والتجديد في “رسالة الأزهر في القرن العشرين” وصولا إلى تجديد “مناهج النحو والبلاغة والأدب”، وانتهاءً بالتفسير وطرق التعامل مع القرآن الكريم وهديه في الأموال والقيادة والحكم وغيرها.

وقد انتقد الخولي التراث التفسيري الذي عاصره، واعتبر أنه بحاجة إلى التقويم، بل والتَّجاوُز إن لزم الأمر، وقد جاءت محاولته التجديدية مستوعبة تماما لهذا النقد؛ لذا نراه وقد صدّر أحد أشهر كتبه (مناهج تجديد في النحو والبلاغة والتفسير والأدب) بعبارة تلخص منهجه التجديدي المرن، والمتجاوب مع تغيرات الواقع بقوة، يقول فيها: “إن من النواميس الاجتماعية أن تُعَدّ الفكرة حينًا ما كافرة تُجرَّم، ثم تصبح مع الزمن مذهبا، بل عقيدة تُعتنَق، وإصلاحا تخطو به الحياة خطوة إلى الأمام”(2).

وقد استخلص الخولي أن المقصد النهائي من التفسير ينبغي أن يتمثل في الكشف عن “أدبية النص القرآني”. فتحت شعار أن “القرآن الكريم هو كتاب العربية الأكبر وأثرها الأدبي الأعظم” أرسى الخولي قواعد مدرسة في التفسير جوهرها إبراز “الطابع الأدبي” للقرآن الكريم. والصفة الأدبية عند الخولي لا تنصرف فقط إلى منهج التناول، ولكنها تشير إلى طبيعة النص ذاته. فالقرآن عند الخولي هو نص أدبي، يفرض منهجا وحيدا في

(أقرأ المزيد)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر