حوار

اجتهاد …. ولكن!! – (محاولة لبيان دور الفِقه في الحَضارة)

العدد 3

أتراني أعبر عن نزعة مذهبية ( ظاهرية أو حازميه أو غزاليه ) وأنا أعمد إلي وضع بعض ” الضوابط ” – بكلمتي تلك – في طريق معلم كبير من معالم خط ” المسلم المعاصر ” !! . . ” معلم الاجتهاد ” ؟ . . . لا ضير ! !

***

العقل المسلم وحده – من بين المدارس العقلية المختلفة – هو العقل الذي يجب ألا يصده شعار ما – مهما يكن – عن محاولة سبر أغوار الحقيقة . . .

إن الحقيقة غايته ، أمله ، وضالته التي ” أني وجدها التقطها ” . . .

إنه لا يثنيه عنها – إذا كان إسلامياً صادقاً – أن يكون بعضها مع عدوه . . . أو أن يعترف بوجودها مع محاوره ، أو أن يدفع في سبيلها مهراً غالياً ! !

وبالتالي : لتكن كلمني هذه إحياء لنهج أخر ، أو إشارة إلي ضوابط أراها ضرورية ، المهم . . أن يكون ” الرأي ! الأخر ” في الصورة دائماً ؛ على الأقل ؛ لتكون المسيرة أكثر وعياً وحيطة ! !

***

لقضية الاجتهاد في الحق جذور تاريخية خطيرة مرتبطة بدور الفقه في الحضارة . . . فإن ” علم الفقه ” – من وجهة نظر تاريخية – هو الطابقان الاجتماعي والاقتصادي في بناء الحضارة الإسلامية . . . وبالتالي ، فإن وصول هذا العلم إلي تقديم إطار ملائم متناغم مع الجوانب الحياتية الأخرى – يشكل بعداً خطيراً من أبعاد قضية الحضارة الإسلامية !

والمقياس في عطاء هذا العلم ، ينحصر في الجوانب الملحة التالية :

  • مدي ارتباط هذا العلم بالأرضية اليقينية الإسلامية ، التي لا جدل في أنها خلاصة الكليات التي يمتاز بها الإسلام .
  • مدي قيادة هذا العلم – ولا أقول مدي تعبيره – للدورة الحضارية التي تمر بها الأمة .

جـ- مدي إسهام هذا العلم في تحقيق الشخصية الحضارية المتميزة للأمة وفي تقديمها للإنسانية كحضارة ذات هوية ، وذات فعالية .

والذين يتتبعون الأسباب الحقيقية لبعض الاتجاهات الفقهية (الفكرية) التي انتظمت أعلاماً أفذاذاً تاريخنا ، علي رأسهم ابن حزم الأندلسي ، وأبو حامد الغزالي ، والإمام مجد الدين بن تيمية …

الذين يتتبعون هذه الأسباب سوف يكتشفون العوامل الحقيقية (الحضارية) التي جعلت هؤلاء الأفذاذ المجتهدين – يقفون في جانب ، والفقهاء المذهبيين التقليديين يقفون في جانب معاد ومضاد .

ومن هذه الأسباب :

“أن الفقه المذهبي قد تخطي دوره في البناء الاجتماعي والاقتصادي المعاش المنظور ، ليصبح “عقيدة” و “هيكلاً” أيديولوجيا ، يطغي علي الأصول الاعتقادية والفكرية ….

لقد تحول الرأي إلي عقيدة ، وتقدمت النافلة الفرض ، والفرع الأصل !! . أن الفقه – ممثلاً في بعض الفقهاء – قد خان دوره ، وأصبح يجحوده أحياناً ، وبعدم ارتباطه بالجذور أحياناً ، لعبة سياسية تقاد ولا تقود وتُحكم ولا تحكم !!

“أن الفقهاء – سامحهم الله – قد فرضوا أنفسهم وجمودهم العقلي بصورة “كنيسة” ليست من طبيعة الإسلام ، فانقلبوا من حاؤس للبناء الاجتماعي والاقتصادي (التحي) إلي تابع ذليل للأوضاع المختلة الواقعة التي يحركها البناء السياسي (الفوقي) …. يعطونها التبرير الجدلي ، ويلوون أعناق النصوص من أجلها …. ومن أجل تسويفها !!

“وقد كان لهم دور – بهذا الاستبداد وهذا الجمود – في اضمحلال عديد من الدول الإسلامية ، كتغذيتهم الحلافات بين ممالك أندلسية طائفية كثيرة ، وكاستبدادهم بدولي المرابطين (448 – 541هـ) والموحدين (524 – 668هـ) في المغرب العربي ، حتى أسقطوهما … وكمواقفهم إزاء بعض الأوضاع المختلة في دولتي المماليك والعثمانيين في المشرق العربي !!!

ومن هنا كانت المسيرة المذهبية لابن حزم الأندلسي ثورة فكرية في حد ذاتها …..

فهذا الرجل العظيم لم يخش سطوة الفقهاء المالكية المتعبدين بمدونة أسد بن الفرات ، أو بمدونة سحنون – في عصره !! وإنما تدرج – وفق اجتهاده – من المذهب المالكي ، إلي المذهب الشافعي …. فلما أشتد عوده العقلي مال إلي الظاهرية (نسبة إلي داود بن علي الأصفهاني الظاهري المتوفى سنة 270هـ) ….

فلما طال باعه ، اجتهد لنفسه ، وكون نظرات متكاملة خاصة ، في إطار منهج الظاهرية ، أطلق عليها بعضهم لقب “الحازمية” !!

ومن هنا أحس الغزالي – أمام الجمود المذهبي التفريعي – بضرورة إعطاء العقل المسلم وثبة تجميعية ، ترد نثاره إلي الجذور ، فكان “إحياء علوم الدين” – الذي أحرق بتأثير ضغوط الفقهاء في مسجد قرطبة الجامع وإبان حكم علي بن يوسف الموحدي – هو هذه الوثبة التجميعية !!

ومن هنا – أيضاً – كان رفض الإمام ابن تيمية لمناهج الفقهاء في عصره ، وميله إلي الكتابة عن “التوحيد” و “أصول الإيمان” و “الأصول الثلاثة” و “السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية” وغيرها من المؤلفات المنتمية للجذور ، وحتى فتاواه – رضي الله عنه – كانت عملية اجتهادية ترد الفروع – بقوة لهذه الأصول الكبرى !!

إنني لن أدخل هنا في دوامة تاريخية مسهبة ، كي أصل إلي تفسير شاف للعوامل التي أدت إلي بروز هذه الاتجاهات التي تزعمها هؤلاء الأعلام الثلاثة ، لكن الأمر الذي يجب التركيز عليه هنا ، هو أن “الفقه” باعتباره دوره الاجتماعي والاقتصادي ، هو ركن من أركان الحضارة ، يخضع لقوانينها ، ويأخذ مكانه من بنائها العام …. وحين تنفصل لبنائه (بحكم الجمود أو التسيب) عن الخط العام الذي يجب أن تسير فيه الحضارة ، يلزم رده – بقوة – إلي مكانه في عملية “إحياء” – كما فعل الإمام الغزالي ، أو عملية رد “للأصول” كما فعل الإمام ابن تيمية ، أو عملية “إبطال القياس والرأي والاستحسان والتقليد والتعليل (1) ” كما فعل ابن حزم .

أقول : إني لن أدخل في دوامة تاريخية لبيان هذه الأسباب ، لكنني سأكتفي هنا بإبراز بعض الدلالات التي تومئ إلي البعد الحضاري – في الإطار التاريخي – للتيارات الفقهية – ذات الطابع الفكري التجديدي ، تلك التي وعاها هؤلاء وتبنوها ، في وجه موجات السقوط التي كانت تجتاح العالم الإسلامي في عهودهم ….

لقد ولد الإمام أبو محمد علي بن حزم بقرطبة سنة 384هـ ومات سنة 456هـ ….

وتعتبر هذه الفترة – كما هو معلوم – من أنكد فترات تاريخ المسلمين في الأندلس ، فخلا لها …. استبد بأمور الدولة الأموية في الأندلس المنصور بن أبي عامر الملقب بالحاجب ، ومازال أبناؤه ، ومن عاصرهم من أمويي الأندلس يتصارعون حتى سقطت الدولة الأموية في الأندلس سنة 422هـ ، بعد حياة دامت قرابة ثلاثة قرون !!

وبعد هذا السقوط الكبير ، ولمدة استغرقت بقية عمر ابن حزم ، وسنوات بعده ، عاشت الأندلس عصرها الهمجي المعروف بعصر ملوك الطوائف !!!

ولقد ذاق ابن حزم مرارة هذه الفوضى ، إذ كان أبوه وزيراً ، ووصل هو إلي الوزارة مرتين ، وتعرض بالتالي لنكبات كثيرة ، وصلت به إلي اليأس من الأحياء جميعاً ، وبخاصة من هؤلاء الفقهاء الذين كان أكبر همهم السباحة مع التيارات المتصارعة ، في اتجاه منافعهم !!

ولما فشل ابن حزم في مجال الإصلاح السياسي (من فوق) جنح إلي مجال الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي (من تحت) ، فكان الفقه هو المجال الطبيعي لتحقيق هذا الإصلاح (بالإضافة إلي علاقة الفقه بالفكر السياسي الإسلامي) .

ولما كان الفقه – بالصورة التي سار عليها الفقهاء في مدن الأندلس قد فقد إشعاعاته ، بل أصبح عاملاً من عوامل التدهور … لذا ، كان أكبر هم ابن حزم أن يعيد الفقه إلي شبابه ، وإلي جذوره (حتى ولو تم ذلك بالحدة والعنف) ، وأيضاً … ليخلص الفقه من جمودية وأهواء فقهاء الفتنة المنتشرين !

والإمام أبو حامد الغزالي ، ولد سنة 450 هـ في طوس من أعمال خراسان بفارس ، وتنقل بعد ذلك إلي في العالم الإسلامي حتى مات سنة 505 هـ !!

وهذه الفترة التي عاشها الغزالي ، لا تبعد خصائصها كثيراً – في الجناح المشرقي – عن سابقتها التي عاشها ابن حزم في الجناح المغربي من العالم الإسلامي .

ففي هذه الفترة ، كان الصراع الداخلي قد احتدم بين أبناء البيت السلجوقي الحاكم (المسيطر علي الخلافة العباسية) مما أدي إلي انتشار الفساد والاضطراب (وللغزالي رسائل مشهورة تصور هذا الحال) ….. ونتيجة هذه الخلافات السلجوقية الداخلية برزت “الإسماعيلية” كحركة ناشطة ، تبث الرعب في قلوب الناس ، وامتد نشاطها إلي العالم الإسلامي كله …. وفي هذه الفترة أيضاً ، وبسبب من هذا النزاع ، اكتسح الروم البلاد .. وبدأت الحملات الصليبية تهب عاتية علي العالم الإسلامي حتى نجحت خلال الربع الأخير من حياة الغزالي أن تكون أربع إمارات صليبية كبيرة (الرها وأنطاكية وطرابلس وبيت المقدس) !!!

لكن … أين كان ساسة العالم الإسلامي أمام هذه النوازل ؟ …. ومن باب أولي : أين كان الفقهاء إبان هذه الظروف ؟!!!

لقد كانوا مشغولين بالتقرب من أمراء المسلمين ، وبالحظوة عندهم : “فنقت في ذلك الزمان كتب المذاهب ، وعمل بمقتضاها ، ونبذ ما سواها ، وكثر ذلك حتى نسي الناس النظر في كتاب الله وحديث الرسول (ص) ، فلم يكن أحد من مشاهير أهل ذلك الزمان يعتني بهما كل الاعتناء (1)”

“ولم يزل الفقهاء علي ذلك ، وأمور المسلمين راجعة إليهم ، وأحكامهم صغيرها وكبيرها موقوفة عليهم (….) فكثرت لذلك أموالهم ، واتسعت مكاسبهم . وفي ذلك يقول أبو جعفر أحمد بن محمد المعروف بابن النبي من أهل المدينة جيان بالأندلس :

أهل الرياء لبستمو ناموسكم                  كالذئب أولج في الظلام العاتم

فملكتمو الدنيا بمذهب مالك          وقسمتو الأموال بابن القاسم

وركبتمو شهب الدواب بأشهب               وبأصبغ صبغت لكم في العالم (2)

وشيخ الإسلام أبو العباس تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية ، ولد بحران سنة 661 هـ ، ومات بقلعة دمشق سنة 728 هــ !!

ومولده – رضي الله عنه – كان بعد خمس سنوات فقط من كسح التتار للخلافة العباسية في بغداد سنة 656 هـ بعد أن ظلت هذه الخلافة – طويلاً – تترنح آيلة للسقوط !! – ولم يكن نقل الخلافة الأسمى إلي مصر إلا استغلالا سياسياً ذكياً من المماليك الذين انتصروا في عين جالوت سنة 658 هـ .

وعلي امتداد حياة الإمام ابن تيمية ، كان شبح التتار يقلق مضاجع الناس ، وكانت الصورة الباهتة للحكم الفاشل تساعد علي قتامة الصورة ، وانهيار الوضع الاجتماعي والاقتصادي !!

ونحن نستطيع – باطمئنان مسبق – أن ترجع إلي مصدر حولي أو موضوعي من المصادر التي أرخت لهذه الحقبة – لنري كيف كانت الأنفصامية واضحة بين القاعدة والقمة ، ولنري عدم إحساس أكثر الفقهاء بالمسئولية التاريخية الملحة ، وانشغالهم بجزئيات مذهبية لا تمت إلي التحدي الحضاري بصلة …

وفقط …. وكنموذج عابر ، نقف هنيهة عند نماذج عابرة من تاريخ الحافظ ابن كثير (صاحب البداية والنهاية) لهذه الفترة .

أحداث (سنة 700 من الهجرة النبوية) .

ونبدأ العام من أوله :

“ولما كان ثالث المحرم جلس المستخرج لاستخلاص أجرة أربعة أشهر عن جميع أملاك الناس وأوقافهم بدمشق ، فهرب أكثر الناس من البلد ، وجرت خبطة قوية ، وشق ذلك علي الناس جداً “.

ثم ماذا :

“وفي مستهل صفر وردت الأخبار – بقصد التتار بلاد الشام ، وأنهم عازمون علي دخول مصر ، فأنزعج الناس لذلك وازدادوا ضعفاً علي ضعفهم ، وطاشت عقولهم وألبابهم ، وشرع الناس في الهرب إلي بلاد مصر والكرك والشويك والحصون المنيعة ، فبلغت الحمارة إلي مصر خمسمائة وبيع الجمل بألف …. وجلس الشيخ تقي الدين بن تيمية في ثاني صفر  بمجلسه في الجامع ، وحرض الناس على القتال ، وساق لهم الآيات والأحاديث الواردة في ذلك ، ونهي عن الإسراع في الفرار . . . ونودي في البلاد لا يسافر أحد ألا بمرسوم وورقة ، فتوقف الناس عن السير وسكن جأشهم ” .

ونعبر الزمان شهرين :

” وفي أول ربيع الأخر قوي الإرجاف بأمر التتار ، وجاء الخبر بأنهم وصلوا إلي البيرة ” .

” ثم جاءت الأخبار بأن سلطان مصر رجع عائداً إلي مصر بعد أن خرج منها قاصداً الشام ، فكثر الخوف ، واشتد الحال . . . ”

” وخرج كثير من الناس خفافاً وثقالاً يتحملون بأهليتهم وأولادهم ، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ، وجعلوا يحملون الصغار في الوحل الشديد والمشقة على الدواب والرقاب ” .

ثم نمضي شهرين مع ابن كثير :

” واستهل جمادي الأولي والناس على خطة صعبة من الخوف ، وتأخر السلطان واقترب العدو ، وخرج الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمه الله في مستهل هذا الشهر إلي نائب الشام ، فثبتهم وقوي جأشهم وطيب قلوبهم ، ووعدهم النصر والظفر على الأعداء . . . . . وكان السلطان قد وصل إلي الساحل فلم يدركه إلا وقد دخل القاهرة ، وتفارط الحال” .

وتمضي الأحوال الاجتماعية والسياسية على هذا النحو . . بل على شر من ذلك ! !

لكن . . يبقي السؤال الملح : أبن كان فقهاء الأمة من هذه الأوضاع ( عدا الشيخ ابن تيمية ) ؟

  • يجيب ابن كثير أيضاً ( حوادث سنة 701هـ ) :

” وفي هذا الشهر – من السنة المذكورة – ثار جماعة من الحسدة على الشيخ تقي الدين بن تيمية ، وشكوا منه أنه يقيم الحدود ، ويغزر ، ويحلق رءوس الصبيان ” .

وأيضاً : ” وبهذا وأمثاله – من إصلاحات ابن تيمية – حسدوه وأبرزوا له العداوة ، وكذلك بكلامه في ابن عربي وأتباعه ، فحسد على ذلك وعودي . . . وأكثر ما نالوا منه الحبس ” .

ويستمر ابن كثير ( حوادث سنة 705 هـ ) :

” وكان للشيخ تقي الدين من الفقهاء جماعة يحسدونه لتقدمه عند الدولة ، وانفراده بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وطاعة الناس له ومحبتهم له ، وكثرة أتباعه وقيامه في الحق وعلمه وعلمه ” ! ! !

***

وما أريد أن أقوله من وراء هذه المسيرة بإيجاز ، يتلخص في :

  • أن الفقه – حين يعرف دوره – يتحول إلي ثورة ( تحتية ) تهز البناء الاجتماعي والاقتصادي كله ، وتحميه عند الحاجة ! !
  • * وهو – حين يؤدي دوره – يصنع – بلغة علمية قانونية – التحولات التطورية في حياة الأمة ، ويغنيها عن تحولات تفرض عليها بطريقة انفعالية عفوية لا علمية ! !
  • والفقه ليس مجموعة تصورات جزائية مفقودة الروابط ، وإنما هو لبنات تقوم على أرضية صلبة ، وتنتمي إلي هيكل هندسي في مدروس ! !
  • والاجتهاد الفقهي ليس سباحة عقلية في بحار جدلية لا حدود لها ، وإنما هو سباحة في بحر معلوم الحدود . . . واضح المسيرة . . . واضح القاع . . . واضح الأهداف ! !
  • وعلى الرغم من الالتزام الشديد لهؤلاء الأقطاب الذين تكلمنا عنهم بالنصوص ، التزاماً بلغ عند حزم حدً الرفض للقياس والرأي والاستحسان والتعليل . . .

. . . على الرغم من هذا ، فإن أكثر الاجتهادات الفقهية التي تعتبر ثورة ذات بعد تقدمي عصري . . . إنما صدرت عن هؤلاء الأقطاب الكبار ، مما يؤكد أن الاجتهاد – بالعودة إلي المصادر ، وبرؤية حضارية واعية – إنما يمثل عطاء ثراً مجدياً ، وانفتاحاً على كنوز تشريعية أكبر من أي تصور ! !

  • وابن حزم – وهو أسبق الثلاثة زماناً – هو صاحب الرأي القائل بفريضة كفاية أغنياء كل بلد لفقرائها مأكلاً وملبساً ومشرباً ومسكناً بقوة السلطان .

وهو الذاهب – في قضية زراعة الأرض – مذهباً يجعل الزارع للأرض – لا المالك – صاحب اليد العليا . . .

وهو صاحب نظرية التعليم الإجباري ( المرحلة الابتدائية ) بقوة القانون ، وصاحب الرأي القائل يجواز تولي المرأة القضاء (1) ! ! !

إني أرجو – وأدعو الله – أن تكون ” المسلم المعاصر ” مدرسة فسيحة للاجتهاد ، لكني أرجو – أيضاً – أن تكون مدرسة واعية بالدور الحضاري الفقه – والفقهاء – . . تخطط له . . وتضع البرامج والأهداف القريبة والبعيدة ، في ظل ارتباط ذكي بالأصول . . وبالواقع . . وبالتحديد الحضارية التي تواجهها الأمة الإسلامية . . . وما ذلك على الله ببعيد ! !

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر