أبحاث

العشور الإسلامية في ضوء الضرائب المعاصرة

العدد 42

مقدمة

إن  النظام المالي في الإسلام واضح المعالم مستقل كل الاستقلال عن النظم المالية العالمية . وأكثر مبادئ هذا النظام قواعد كلية أقرها القرآن الكريم وأوضحها النبي صلى الله عليه وسلم وجرى العمل بها في العهد النبوي. وعلى هذه القواعد الكبرى تقاس الفروع الجزئية الصغرى المستجدة تبعاً لتطور الظروف والأحداث (1).

وقد تعددت الموارد المالية في النظام المالي الإسلامي فهي لم تقتصر علي الزكاة، ولكنها امتدت إلي أنواع أخري من الإيرادات التي كانت تعتبر مصدراً هاما من مصادر الإنفاق العام وهذه الموارد وضعها الخلفاء الراشدون والسلف الصالح. وهم قد أفنوا عمرهم وجهدهم في استنباط أحكام هذه الموارد من الأحكام والقواعد الكلية للشريعة ومن أحكام الزكاة ومن أقوال وأفعال النبي, بحيث لا تتعارض قواعد أو أحكام هذه الموارد مع قاعدة شرعية.

لذلك فقد تركوا لنا ثروة علمية قيمة من الدراسات والبحوث تصلح قواعدها وأحكامها لاتخاذها أساساً يمكن بناء أي نظام مالي رشيد عليه.

ويتعرض هذا البحث بالدراسة لأحد أنواع الموارد المالية وضعت في عصر الخلفاء الراشدين وهو ((العشور الإسلامية )) ويعتبر استقطاعاً مالياً فرض على أموال التجارة الخارجية.

فيهدف البحث إلي تبيان طبيعة العشور الإسلامية في ضوء مفهومنا للاستقطاعات الضريبية المشابهة بفرض الإفادة من العشور في وضع النظم المالية الحديثة التي تتفق والمنهج الإسلامي, وكذلك القواعد التي تحكم فرض هذا الاستقطاع ومميزاته.

ويتناول البحث ذلك في ثلاثة مباحث :

الأول : تحديد طبيعة استقطاع العشور .

الثاني : أحكام وقواعد العشور .

الثالث : خصائص العشور في ضوء الاستقطاعات المالية الوضعية .

المبحث الأول : طبيعة العشور الإسلامية نبذة عن العشور :

حدثنا عاصم بن سليمان عن الحسن قال : كتب أبو موسى الأشعري إلى الخليفة عمر بن الخطاب : (( أن تجاراً من قبلنا من المسلمين يأتون أرض الحرب فيأخذون منهم العشر ))             قال : فكتب إليه عمر (( خذ أنت منهم كما يأخذون من تجار المسلمين وخذ من المسلمين من كل أربعين درهم درهماً وليس فيما دون المائتين شيء ,فإن كانت مائتين ففيها خمسة          دراهم وما زاد فبحسابه )) (2) .

وبذلك يكون أول من وضع العشور في الإسلام هو عمر بن الخطاب والسبب في ذلك أن تجار المسلمين كانوا إذا اختلفوا بتجاراتهم في أرض الحرب أخذ منهم عشرها، ولما علم               عمر بذلك طبق مبدأ المعاملة بالمثل عليهم وهو مبدأ لم يعرف إلا حديثاً (3) .

وقد كانت العشور موجودة قبل الإسلام فيحدثنا بذلك جورجي زيدان فيقول (( كان الأندلسيون يضربون علي السفن التي تمر ببوغاز جبل طارق في ذهابها وإيابها فكان الأفرانج وغيرهم إذا مروا بسفنهم أدوا الضريبة في مدينة يقال لها (( طريف )) ويرجع الإفرنج كلمة Tariff التي تدل عندهم على الضرائب والرسوم على البضائع الداخلة والخارجة تحريفاً لكلمة (( طريف )) المشار إليها مع أن لفظة ((تعريفة )) في العربية تدل علي نحو معناها الأفرنجي فيجوز أن اللفظ الأفرنجي منقول عن لفظ تعريفة العربي أو تحريف (( طريف )) كما يقولون (4).

وهكذا اقتبس العرب فكرة العشور من الأمم السابقة عليهم ثم قاموا بتطويرها حتى أصبحت من مصادر الأموال العامة في الدولة .

فكانت العشور تضرب علي السفن التي تمر ببعض الثغور وتستقضي أما نقداً أو عيناً، وقد كان عمال اليمن يأخذون هذه الضريبة من السفن التي تمر بسواحلهم قادمة من الهند تحمل الأعواد المختلفة والمسك والكافور والعنبر والصندل والصيني فيأخذون الضريبة عيناً وقد بلغت أعشار السفن في أيام الواثق بالله مالا كثيراً .

ويري كثير من المحدثين أن العشور هي ضريبة بالمفهوم المعاصر للضريبة وهي تنطبق علي الضرائب الجمركية بالقياس علي الضرائب المعروفة ،ويستدل كذلك البعض علي شرعية أنواع الضرائب الوضعية الأخرى قياساً على هذه الضريبة (5) .

ولذلك يتعرض البحث لدراسة طبيعة استقطاع العشور لتحديد ما إذا كانت ضريبة أم أنها غير ذلك.

أولاً : ما ورد عن الأحاديث الشريفة بشأن العشور :

حدثنا أبو عبيد قال : عن عقبة بن عامر أنه سمع الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : لا يدخل الجنة صاحب مكس , ثم قال عن رويفع بن ثابت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن صاحب المكس في النار، قال : يعني العاشر (6) .

ويروي أيضاً فلان بن عتاهية أنه قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (( إذا لقيتم عاشراً فاقتلوه )) قال : يعني بذلك الصداقة يأخذها على غير حقها وحدثنا مسلم ابن المصبح أنه سأل ابن عمر : أعلمت أن عمر أخذ من المسلمين العشر؟ قال: لا لم أعلمه (7) .

ويروي ابن الأثير:المكس الضريبة التي يأخذها الماكس وهو العشار (8). أما المناوي فيروي في صاحب الماكس (( المراد به العشار وهو الذي يأخذ الضريبة من الناس ويعد المكس من أعظم الموبقات وعند الذهبي من الكبائر )) (9) .

ويقول البغوي (( يريد بصاحب المكس الذي يأخذ من التجار إذا مروا عليهم مكسا باسم العشر (( ثم يعلق علي صفة هذه الأموال فيقول : (( أما الآن فانهم يأخذون مكسا باسم العشر ومكوسا أخري ليس لها اسم بل شيء يأخذونه حراماً وسحتاً ويأكلونه في بطونهم ناراً حجتهم فيه داحضة عند ربهم وعليهم غصب ولهم عذاب شديد )) (10) .

بل لقد شبه بعض الأئمة العُشّار ((بأن فيهم شبه من قاطع الطريق، وهو شر من اللص فإذا عسف بالناس جرد عليهم ضرائب فهو أظلم وأعشم، وجاني المكس وآخذه من جندي وشيخ وصاحب زاوية شركاء في الوزر أكاّلون للسحت )) (11) .

ويوضح أبو عبيد مفهوم العشور في الإسلام فيروي عن زياد بين حدير أنه قال : (( أنا أول عاشر عشّر في الإسلام )) قلت : ممن كنت تعشرون ؟ قال : ما كنا نعشر مسلماً ولا معاهداً، كنا نعشر نصارى بني تغلب )) وكذلك رواه عن عبد الرحمن بن معقل (12) .

كما يروي عن حرب عبيد الله الثقفي عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( ليس علي المسلمين عشور وإنما العشور على اليهود والنصارى (13) .

كما روي عن سعيد بن زيد قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول )) يامعشر العرب أحمدوا الله الذي رفع عنكم العشور )) (14).

وقيل في بيان ذلك (( إنما تجب العشور علي اليهود والنصارى، فإذا صولحوا علي العشر وقت العقد أو على أن يدخلوا بلادنا للتجارة ويؤدوا العشر أو نحوه لزمهم ذلك وليس علي المسلمين عشور غير عشور الزكاة وهذا أصل في تحريم المكس من المسلم )) (15) .

ويوضح أبو عبيد ذلك فيقول : فإذا زاد في الأخذ علي أصل الزكاة فقد أخذها بغير حقها (16)، وكان مذهب عمر فيما وضع من العشر أنه كان يأخذ من المسلمين الزكاة ومن أهل الحرب العشر تاماً لأنهم كانوا يأخذون من تجار المسلمين مثله إذا قدموا بلادهم فكان سبيله هذين الصنفين بينا واضحاً (17) .

ومما سبق يتبين نتيجة هامة وهي ذم العشور وتحريمها تحريماً تاماً على المسلمين وفرضها فقط علي أهل الذمة وأهل الحرب.

ثانياً : فرض العشور وآراء المحدثين فيها :

ولكن يتضح من الدراسة أن الخليفة عمر بن الخطاب قد قام بفرض العشور ووضع أحكاماً خاصة بها – يتولي البحث دراستها في الفصل الثاني – مما أدي إلي استناد الكثير من الباحثين في حقل المالية العامة والضرائب إلي اعتبار العشور ضريبة بمفهوم هذا العصر وقاموا بقياسها بالضرائب الجمركية الحالية ومن ثم فقد توصلوا بذلك إلي شرعية هذه الضرائب بل ووجوبها في مجتمعنا المعاصر (18).

ويقول في ذلك د. يوسف القرضاوي – في  بحثه القيم – مؤكداً ما سبق ذكره في أهمية الضرائب في الدولة الإسلامية وسلطة الحاكم – أو الإمام – في تشريعها مستنداً في ذلك إلى شرعية العشور واعتبارها ضريبة – بالمفهوم المعاصر لها – ما يلي :

أولا: أنه يستند إلى الآيات الكريمة التي تؤكد أن هناك حقاً في المال سوى الزكاة وهي} ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون [ البقرة آية 177 وهي تفيد اختلاف حق الزكاة عن إيتاء الأموال للفئات المذكورة، وكذلك استند إلى الأحاديث الشريفة التي تؤكد أن هناك حقاً في المال سوى الزكاة (19) .

ثانيا : الملكية الشخصية لا تنافي تعلق الحقوق بالمال :

ويقصد بذلك أن احترام الملكية الشخصية الذي ينادي به الإسلام لا تنافى مع تعلق حقوق الدولة بأموال الأفراد فإذا كان في الدولة الإسلامية ممحتاجون لم تكفيهم الزكاة أو كانت مصلحة الجماعة تأمينها عسكرياً واقتصادياً تتطلب مالاً لتحقيقها، أو كان دين الله ودعوته وتبليغ رسالته يحتاج ألي مال لإقامة ذلك، فإن الواجب الذي يحتم الإسلام أن تفرض في أموال الأغنياء ما يحقق هذه الأمور لأن تحقيقها واجب على ولاة الأمر من المسلمين ولا يتم هذا الواجب إلا بالمال ولا مال بغير فرض الضرائب ومالا يتم الواجب إلا به فهو واجب (20).

ثالثاً : المكس غير الضريبة المشروعة :

يروي د. يوسف القرضاوي (21) . أن أكثر الأحاديث الواردة غي ذم المكس والع)).لم يثبت صحته وما هو بصحيح منها ليس نصا في منع مطلق الضريبة، ويرجع أنه يقصد بالمكس الموظف العامل علي الزكاة الذي يظلم في عمله ويعتدي علي أرباب الأموال فيأخذ منهم ما ليس من حقه أو يغل من مال الله الذي جمعه ما ليس حق فيه وإنما هو حق الفقراء وسائر المحتاجين ويستدل على ذلك بتفسيرالهيثمي  للعاشر (22). بأنه (( هو الذي يأخذ الصدقة على غير حقها )) .

كما يذكر أن المكس هي الضرائب الجائرة التي كانت تسود العالم قبل الإسلام فقد كانت تؤخذ بغير حق تنفق في غير حق ولا توزع أعباؤها بالعدل، أما الضرائب التي تغطي نفقات الميزانية وتسد حاجات البلاد من الإنتاج والخدمات وتقيم مصالح الأمة العامة.. الخ فهي جائزة بل واجبة وللحكومة الإسلامية فرضها حسب المصلحة وبقدر الحاجة (23).

وقد أستخلص من ذلك أن العشور هي ضريبة جمركية وهي تعتبر مقياساً  يمكن الاقتداء به عند فرض الضرائب النوعية الأخرى .

وسيتولى البحث دراسة هذه النتيجة التي توصل إليها د. يوسف القرضاوي وتبعه في ذلك كثير من الباحثين المحدثين في هذا لحقل إذ تمد آثار هذه النتيجة إلى جوانب المجتمع الإسلامي من الناحية الاقتصادية المالية الاجتماعية .

ولذلك يتعرض البحث لكل سبب من الأسباب السابقة بالدراسة والتحليل ثم استخلاص نتائج محددة بشأن هذا الموضوع :

أولا : ما ورد في الكتاب والسنة :

ذكر د. يوسف القرضاوي ما ورد في الكتاب في سورة البقرة من آيات تحض على الأنفاق في سبيل الله وذلك سوى الزكاة، وكذلك أورد لنا الأحاديث الشريفة التي تؤكد أن هناك حقاً           في المال سوي الزكاة.

وينبغي التأكيد على أن ما ذكر بهذا الخصوص صحيح على الإطلاق، ولكن ما يؤخذ على استنتاج سيادته تصور أن حق المحتاجين من (( ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل وفي الرقاب )) يعتبر من قبيل العشور مثلا ،ولكن هذا الحق الذي ذكرته الآية الكريمة ليس له أي صلة بالعشور أو المكس أو الضريبة .

وقد نظم القران الكريم والسنة المطهرة أحكام الزكاة بدقة من حيث مقاديرها وأحكامها ومصارفها..الخ. أما الحق الآخر في الأموال فلم يذكر عنه نظاماً خاصاً ينبغي الالتزام به، ولعل أبلغ ما يذكر في هذه الآية الكريمة التي تقول :(ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو).

وبذلك نستنتج أن هناك خلطاً في المعنى بين شرعية العشور على المسلمين وبين وجود حق آخر في الأموال سوى الزكاة، فالتسليم بهذا الحق لا يؤيد شرعية العشور بوجه خاص.

ثانياً : إحترام الملكية الشخصية :

إن ما ذكر عن واجب الأغنياء تجاه احتياجات الدولة لتأمين المصالح العسكرية والاقتصادية والسياسية هو حق ولا شك . ولكن ما يؤخذ علي ذلك أن يطبق ذلك على الضرائب بصفة          عامة وعلى العشور بصفة خاصة . فبالنسبة للضرائب فيحب أن يراعي عند فرضها ما يلي:

1-    يجب فرض الزكاة أولاً وجبايتها وأنفاقها في مصارفها المحددة .

2- اذا لم تكفي الزكاة أو كانت هناك أبواب أخرى للإنفاق ليست ضمن مصارف الزكاة الخ فتفرض الضرائب وتجبى طبقاً للمفاهيم والقواعد الإسلامية وهي العدالة والمقدرة .. الخ.

أما بالنسبة للعشور فالأمر مختلف ففرض الضرائب على الأغنياء لمقابلة احتياجات الدولة لا يعني فرض ضرائب على تجار المسلمين المستوردين أو المصدرين، وإنما هو يعني فرض ضرائب على من يستطيع الوفاء بها، فالأمر هنا يتعلق بتوافر عدة شروط هي :

1-    يتعلق فرض الضرائب بالأشخاص لا بالأموال لأن ذلك يستتبع فرضها على كل ذي سعة وغني فقط .

2-    أن فرض الضرائب يتعلق بالقدر المطلوب فقط من فيقول:ان الدولة وتوزيعه تبعاً لمقدرة الأفراد.

3-  أن ذلك قد يؤدي إلى فرض ضرائب علي بعض التجار دون البعض الأخر سواء كانوا يقومون بأعمال التجارة الخارجية أو الداخلية.

إذن فالأخذ بواجهة نظر د . يوسف القرضاوي يؤدي إلى نتيجة هامة مفادها: أن العشور ليست نظاماً إسلامياً تقتضيه حاجة الأمم الإسلامية .

ثالثاً :أن المكس غير الضريبة المشروعة :

ذكر د. يوسف القرضاوي حديثاً (( ليس على أهل الإسلام عشور )) وأوضح أنه ليس بحسن أو صحيح ثم استنتج من ذلك أن أكثر الأحاديث الواردة بهذا الشأن غير صحيحة وأن المكس أو العاشر لم يوضحا بمعنى محدد لغة وشرعاً.

ولكنه لم يوضح باقي الأحاديث النبوية ومدى صحتها فهناك كثير من الأحاديث الصحيحة قد وردت بشأن تعذيب العشارين والمكاسين وبذم المكس، ومنها ما ذكره د . يوسف نفسه عن الحديث الذي رواه مسلم في صحيحة عن قصة المرأة – الغامدية التي حملت من الزنى (( لقد تابت توبة لو تأبها صاحب مكس لغفر له )) بما يدل عليه الحديث من أن صاحب المكس أشد ذنباً من هذه المرأة (24) .

كما يعضد الأحاديث تعدد رواتها وكثرتهم تى إن لم تبلغ درجة الصحة أو الحسن فإن بعضها يقوي بعضا.

ويري أيضا الطبراني بسنده عن عثمان بن أبي العاص عن النبي  صلى الله عليه وسلم : (( إن الله يدنو من خلقه فيغفر لمن يغفر إلا لبغى بفرحها أو عشَار ))( 25) .

ونستنتج الواردة من تلك الأحاديث بهذا الشأن ومن استعرض ومن استعرض الدراسة استنتاجين هامين :

أولاً : أن العشور هي ضريبة معروفة فرضت أساساً قبل الإسلام وعرفت بذلك الإسم حيث كانت تستقطع بنسبة عشر الأموال المارة على الثغور والمدن وبذلك كان العرب يعرفونها                 جيداً، ولكن عندما ظهر الإسلام حرمها تحريماً قاطعاً بالقول والفعل فذكرت الأحاديث الشريفة السابق ذكرها التي تؤيد ذلك كما أنها رفعت بالفعل عن كاهل المسلمين  ولم يؤخذ منهم سوى الزكاة – بخلاف الخراج مثلا فلم يرد بشأنه أي تحريم دلالة على ذلك – ولو كانت العشور من الضرائب الجائزة لأجازها الرسول صلى الله عليه وسلم على المسلمين، أو حتى كان سكت ولم يذكر عنه صلى الله عليه وسلم نهي عن اقتضائها.

ويؤكد أبو عبيد ذلك فيقول : أنه كان من سنة الجاهلية الأعشار فأبطل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءت فريضة الزكاة بربع العشر من كل مائتي درهم خمسة فمن أخذها منهم على فرضها فليس بعاشر لأنه لم يأخذ العشر وإنما أخذ ربعه (26) .

ثانياً : أن أحكام العشور على أموال تجارة المسلمين هي أحكام زكاة التجارة وهي كما يلي :

‌أ- أن نسبة عشور التجارة هي نفس نسبة زكاة التجارة وهي 2,5% من قيمة الأموال وهي كما ذكرها الخليفة عمر بن الخطاب (( يؤخذ من المسلمين من كل أربعين درهم درهما )).

‌ب- أن حد إعفاء الأموال من استقاطع العشور هو نفسه حد الإعفاء من الزكاة فيحدثنا أبو يوسف عن المسلم فيقول : (( إذا أمر بمتاع قد اشتراه للتجار، فإن كان المتاع يساوي مائتي درهم أو عشرين مثقالاً أخذ منه، وان كان لا يساوي وكانت قيمته تنقص عن مائتي درهم أو عشرين مثقالاً لم يؤخذ منه شيء )) (27).

‌ج- أن استقطاع العشور سنوي كزكاة التجارة فيقول ابوعبيد ((لا يؤخذ منه في المال الواحد أكثر من مرة واحدة في السنة وان مر به مراراً ))  ثم يستشهد على ذلك فيقول (( إن المسلم لو مر بمال لم تؤد زكاته أخذت منه الصدقة ثم إن مر بمال آخر في عامه ذلك لم تكن أخذت منه الزكاة يؤخذ منه ماله هذا أيضا ذلك الصدقة لا تكون قاضية عن المال الاخر))(28) .

‌د- أن أموال عشور المسلمين توضع ضمن أموال الزكاة وتصرف ضمن مصارفها ويحدثنا في ذلك أبو يوسف فيقول : (29) ((إن عمر بن الخطاب وضع العشور فلا بأس بأخذها إذا لم يتعد فيها على الناس، ويؤخذ بأكثر مما يجب عليهم . وكل ما أخذ من المسلمين من العشور فسبيله سبيل الصداقة، وسبيل ما يؤخذ من أهل الذمة جميعا وأهل الحرب سبيل الخراج )) .

2- تعتبر الأحاديث الشريفة التي تذم العشور على المسلمين وتمنعها دليلاً آخر على أن العشور التي جباها الخليفة ابن الخطاب ليست ضريبة جديدة وإنما هي الزكاة بعينها، والعجيب أن د. يوسف القرضاوي قد ذكر في تفسيره معني العاشر بأنه : هو الذي يأخذ الصدقة بغير حقها ((ويؤيد ذلك بما ورد من أحاديث زاجراً للعاملين عليها، وهو دليل جديد على أن العشور على المسلمين أصلها زكاة التجارة ( وإنما سميت بذلك مجازاً تتخذ في مناسبة  جباية عشور الأموال على أهل الحرب الذميين )،ويدل الحديث على أن أي زيادة علي قيمة زكاة التجارة أو ربع العشر هو سحت لاحق فيه لآخذيه (30).

3-  يدل أيضا على ذلك مل ذكر عن الماوردي من أن التجارة داخل الدول الإسلامية ليس فيقول: عليها عشر فيقول : (( أما أعشار الأموال المتنوعة داخل دار الإسلام من بلد إلي بلد فمحرمة لا يبيحها شرع ولا يسوغها اجتهاد ولا هي من سياسات العدل أو قضايا النصفية)) (31).

4- كذلك ما ذكر عن زياد بن حدير حيث قال : بعثني عمر رضي الله عنه إلى نصارى بني تغلب وأمرني أن آخذ منهم نصف عشر أموالهم ونهاني أن اعشر مسلماً أو ذا ذمة يؤدي الخراج – قال يحيى يعني فيما أظن بقوله مسلماً يقول (( من أسلم منهم لأنه إنما أرسل إلى نصارى بني تغلب )) (32) أي أن العشر هنا قد ذكر بمثابة الجزية التي تفرض على غير المسلمين وترفع من على المسلمين .

5- يقول أبو عبيد (( إن ارتاب العاشر بما ادعاه المسلم فأراد احلافه على ذلك فان سفيان قال : لا أري أن يستحلف المسلمون عليه لانهم مؤتمنون في زكاتهم. ويرى مالك قبول قول المسلم ويحدثنا بذلك البعض فيقول : مررت بعبد الله بن معقل لم تحلف الناس ؟ تلقيهم في النار هلكت وأهلكت، فقال : اني أن لم أفعل لم يعطوني شيئاً، فقلت : وما عليك خذ ما أعطوك )) (33).

ولكن أبا يوسف يرى وجوب حلف المسلم على ذلك فيقول : (( إذا مر التاجر على العاشر بمال أو متاع وقال قد أدبت زكاته وحلف على ذلك فإن ذلك يقبل منه ويكف عنه ولا يقبل في هذا من الذمي ولا من الحربي لأنه لا زكاة عليهما يقولان قد  أديناها)) (34).

ومن ذلك يتضح بجلاء مفهوم عشور التجارة على المسلمين لدى فقهاء المسلمين إذ أنهم قد أدركوا أنها زكاة تجارة، لذلك فأن كانت قد أديت على العاشر وانما عليه إثبات البينة سواء بالحلف أو بسواه.

6- إن الحديث الذي يذكر أن عمر رضي الله عنه لم يأخذ من المسلمين العشر يؤكد إن عمر يؤكد إن عمر ما قصد أن يضع عشراً على المسلمين وأن ما فرضه هو الزكاة ولكنها جمعت مع العشر أهل الحرب ونصف العشر على أهل الذمة وذلك لوحدة مناسبة اقتضائها من التجار عند دخول البلاد فقط ،ولكنها وان كانت اجتمعت معهما على ذلك إلا انها قد تفرقت عنهما وتميزت من حيث طبيعتها وأحكامها ومصرفها أيضا .

7- يذكر أبو عبيد ما يؤكد ذلك فيقول : كان مذهب عمر فيما وضع من العشور أنه كان يأخذ من المسلمين الزكاة ومن أهل الحرب العشر تاماً لأنهم كانوا يأخذون من تجار المسلمين مثله إذا قدموا بلادهم فكان سبيله في هذين الصنفين بينا واضحا.

أما الذي يشكل على وجهة أخذه من أهل الذمة فجعلت أقوال : ليسوا بمسلمين فتؤخذ منهم الصدقة ولا من أهل الحرب فيؤخذ منهم مثل ما أخذوا منا فلم أدر ما هو حتى تدبرت حديثاً له فوجدته انما صالحهم على ذلك صلحاً سوى جزية الرؤوس وخراج الأرضين (35)  ويتأكد من ذلك صدق ما توصل إليه البحث أن العشور على المسلمين ما هي إلا زكاة التجارة فقط دون أي زيادة، وعشور أهل الحرب هي ضريبة مثل ، أما الذي استشكل تكييفه الشرعي على أبي عبيد فهو وضع العشور بالنسبة لأهل الذمة حتى تبين له أنها نوع من الاستقطاع  تصالح عليه عمر معهم وبذلك فيمكن اعتباره نوعاً من الضرائب المتفق عليها .

كذلك يحكى أن عبيد في موضع آخر من مالك وأهل الحجاز أنهم قالوا : إن الذي يؤخذ من أهل الذمة ليس بزكاة فينظر إلى مبلغها وإلى حدها، وإنما هو فيء بمنزلة الجزية التي تؤخذ من رؤوسهم – ألا تري أنها تجب على الغني والفقير على قدر طاقتهم من غير أن يكون لأدني ما يملك أحدهم وقت مؤقت وعلى ذلك صولحوا ؟ – قالوا : فكذلك ما مروا به من التجارات يؤخذ منها ما كانت قليلة أو كثيرة (36).

وبذلك رأى الإمام مالك وأهل الحجاز في معرض حديثهم عن إعفاء العشور من قبيل الجزية التي صولحوا عليها وهي كذلك من قبيل الزكاة على تجار المسلمين .

ومما سبق نصل إلي نتيجة هامة مؤداها ما يلي :

أنه لا توجد ضرائب عشور أو ضرائب جمركية على الاطلاق في دار الإسلام أي بين الدول الإسلامية وبعضها – بل غنها قد حرمت تحريماً مطلقاً وما يؤخذ على سبيل العشور أو ما يماثل الضرائب الجمركية الحالية هو : (( زكاة تجارة على المسلمين وضريبة متصالح عليها من أهل الذمة وضريبة مثل على أهل الذمة وضريبة مثل على أهل الحرب))

وبذلك تكون أحكام عشور تجارة المسلمين هي أحكام زكاة التجارة المعروفة من حيث مقاديرها ونصابها .. الخ.

وبالنسبة لأهل الذمة فالعشور هي نوع من الضرائب المتصالح عليها معهم وهي التي وضع أحكامها الخليفة عمر بن الخطاب بدقة وهي قد تعتبر ضريبة جمركية بمفهوم العصر .

أما بالنسبة لأهل الحرب فهي ضريبة مثل يجب أن تتفق أحكامها مع الأحكام التي تطبق على تجار المسلمين.

وسيتولى البحث في الفصل التالي توضيح أحكام  كل من عشور تجارة المسلمين والذميين لاستنباط المبادئ الرئيسية لأحكام هذه الاستقطاعات ثم تحديد مميزات كل منها على حدة.

المبحث الثاني

أحكام وقواعد العشور

اتضح في الفصل السابق أن العشور إما ان تكون زكاة تجارة على المسلمين أو أن – تكون ضريبة أو جزية متصالح عليها مع الذميين أو ضريبة مثل على أهل الحرب ويتعرض البحث               لكل من زكاة العشور وضريبة العشور ببعض التفصيل لبيان المبادئ الرئيسية لكل من الاستقطاعين .

العشور على المسلمين أو زكاة التجارة :

وتنقسم أحكام العشور على المسلمين إلى نوعين، أحكام عامة وهي تلك التي تخص زكاة التجارة المارة على العاشر وذلك كما يلي :

أولاً : الأحكام العامة لزكاة العشور :

لا يخضع لزكاة التجارة سوى المال المعد لهذا الغرض فالإعداد للتجارة يتطلب توافر عنصري العمل والنية هي القصد الربح ، ولا يكفي أحد العنصرين دون الآخر (37) .

وتستحق زكاة التجارة مرة واحدة في العام عملا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم (( لا تثنى في الصدقة)) (38) .

وتزكى أموال التجارة بقيمتها الحالية فيقول عن ذلك ميمون بن مهران (( إذا حلت عليك الزكاة فانظر ما كان عندك من نقد أو عرض فقومه قيمة النقد وما كان من دين في ملاءة فاحسبه ثم اطرح منه ما كان عليك من الدين ثم زك ما بقى )) (39) .

أي تزكى الأموال النقدية مع العروض بعد تقويمها بما تساويه نقداً طبقاً للقيمة الجارية له وكذلك المديونيات ثم تستقطع منها الديون المطلوبة الخاصة بالنشاط التجاري ويكون الباقي هو الأموال الخاضعة لزكاة التجارة .

وتجب الزكاة عند إكمال النصاب وهو عشرون ديناراً وقد اختلف الفقهاء في تحديد وقت اعتبار كمال النصاب فمنهم من اهتم بتمام آخر الحول فقط كالإمام مالك ومنهم من أوجب اعتبار النصاب في جميع الحول وانقطاعه متى نقص النصاب وذلك قول الحنابلة وأبي عبيد وابن المنذر ومنهم من أوجب كمال النصاب أول الحول وآخره دون ما بينهما ولا يهم النقصان بينهما وذلك حجة أبي حنيفة وأصحابه (40) .

فإذا تم النصاب وحال عليه الحول وجبت الزكاة (( في كل مائتين خمسة دارهم وما زاد فبالحساب أو كما قال عمر بن عبد العزيز (( من كل أربعين ديناراً دينار وما نقص فبحسابه                   وبذلك يبلغ النصاب عشرين ديناراً فإن نقص ثلث دينار فدعها )) (41) .

ثانيا : الإعفاءات الخاصة بزكاة العشور :

يحدثنا أبو يوسف فيقول عن إعفاءات العشور لأموال المسلمين ما يلي  : (42) .

1- إذا مر المسلم على العاشر بغنم أو بقر أو إبل فقال إن هذه ليست سائحة أحلف على ذلك فإذا حلف كف عنه.

2- وكذلك كل طعام يمر به عليه فقال هو من زرعي وكذلك التمر يقول هو من تمر نخلي فليس عليه في ذلك عشور .

3- وإذا مر التاجر على العاشر بمال أو متاع وقال قد أديت زكاته وحلف على ذلك فإن ذلك يقبل منه ويكف عنه .

4- ومن مر بمال فادعي انه مضاربة أو بضاعة لم يعشر بعد أن يحلف على ذلك.

5- وكذلك العبد يمر بمال سيده وبمال نفسه فهو سواء وليس عليه عشر حتى يحضر مولاه, وكذلك المكاتب ليس عليه عشر.

6- إن مر التاجر بالعنب أو الرطب أو الفاكهة الرطبة المشتراه للتجارة وكانت قيمتها أقل من مائتي درهم وان اختلف عليه بذلك مراراً ولو أضاف بعض المرات إلى بعض فكانت                           قيمة ذلك إذا جمع تبلغ الفاً فلا زكاة فيه أيضا ولا ينبغي أن يضاف بعض المرات إلى بعض.

العشور على أهل الذمة :

يروي ابن آدم القرشي قال : (( سمعت زياد بن حدير يقول : أنا أول من عشر في الإسلام , قال وحدثني رجل عنه : انه كان يأخذ من بني تغلب نصف العشر كما قال عن داود بن كردوسي قال : صالح عمر بن الخطاب بني تغلب على أن يضاعف عليهم الصداقة فلا يمنعوا أحداً منهم أن يسلم )) (43).

وقال عن ابن ليلى : يرسل إلى نصارى بني تغلب في دارهم قال حسن : ولا يرسل إلى غيرهم من أهل الذمة في شيء من مواشيهم ولا في ثمارهم وزرعهم في أرضهم ويؤخذ من جميع أهل الذمة من بني تغلب وغيرهم فيما تجروا إذا مروا به على العاشر )) (44) .

أي أن العشور هي ضعف الصدقة على أهل الذمة قياساً بما حدث لنصارى بني تغلب الذين انفوا دفع الجزية وطلبوا إلى الخليفة عمر بن الخطاب رفعها عنهم فأمر بذلك مع تضعيف الصدقة عليهم .

وتتضح ملامح نظام ضريبة العشور على أهل الذمة من خلال دراسة ست موضوعات رئيسية هي :

أولاً : تقدير نسب الأعشار :

يحدثنا أبو يوسف فيقول (( إذا مر على العاشر بمائتي درهم مضروبة أو عشرين مثقالاً تبرا أو مائتي درهم تبراً أو عشرين مثقالاً مضروبة أخذ من ذلك نصف العشر من الذمي ثم لا يؤخذ منها شيء إلى مثل ذلك الوقت من الحول وان مر بها غيره مرة . وكذا إذا مر بمتاع قد اشتراه للتجارة فإن كان المتاع يساوي مائتي درهم أو عشرين مثقالاً أخذ منه وإن كان لا يساوي وكانت قيمته تنقص عن مائتي درهم أو عشرين مثقالاً لم يؤخذ منه شيء(45) . ويقول أبوفقال:أن سفيان كان يقول إذا مر الذمي بالمال على العاشر فلا يأخذون منه شيئا حتى يبلغ مائة درهم فإذا بلغ مائة أخذ منه نصف العشر (46).

أما مالك فقال : إذا مر الذمي بالمال على العاشر لتجارة أخذ منه نصف العشر وان لم يبلغ مائتين (47) .

ويفسر أبو عبيد ترك مالك وأهل الحجاز للمائتين وأخذهم بما دونها أن الذي يؤخذ من أهل الذمة ليس بزكاة فينظر إلى مبلغها وإلى حدها، وإنما هو فيء بمنزلة الجزية التي تؤخذ على رؤسهم وتجب على الغني والفقير على قدر طاقتهم وعلى ذلك صولحوا، فكذلك يكون على التجارات، وقد جعل سيفيان المائة وترك ما دونها قياساً بما وضع على أهل الذمة من ضعف صدقة المسلمين، وهي في كل مائتين عشرة تجعل المال على حسب أصله وأوجب عليهم في المائة خمسة، كما يجب عليهم في المائتين عشرة ليوافق الحكم بعضه بعضاً وأسقط ما دون المائة )) (48) .

ويؤيد ذلك أبو عبيد بقوله (( أن قول سفيان هو عندي أعدل الأقوال وأشبها بالذي أراد عمر بن الخطاب مع أن عمر بن عبد العزيز قد فسر ذلك في كتابه إلى زريعه بن حيان فكتب إليه يطلب منه أن يأخذ من تجارات أهل الذمة من كل عشرين ديناراً ديناراً والعشرين ديناراًهي مساوية للمائة درهم في الزكاة وبذلك يتفق تأويل حديث عمر بن الخطاب مع تفسير عمر بن عبد العزيز (49) .

وتبين من ذلك اجتماع معظم الأقوال على وجوب قدر الإعفاء في حدود مائة درهم أو عشرين ديناراً وهو قدر معقول إذا ما تم تحويل قيمته بالعملة الحالية لتبين كفايته (50) .                                                       

ثانياً : أحكام الديون :

يقول سفيان وأهل العراق إن قال التاجر أن عليه دين أو أن هذا المال ليس لي وحلف عليه فانه يصدق في ذلك ولا يؤخذ منه شيء، ويري الإمام مالك أن الذمي إذا أدعى أن عليه ديناً لم يقبل منه إن مر بفاكهة أو غيرها مما ينبغي في أيدي الناس أو لا يبقى بعد أن يكون للتجارة (51) .

ويختار أبو عبيد بين ذلك خلاً وسطاً إذ يقول (( إن أقام البينة على دعواه فإن الذي اختار من ذلك قولاً بين القولين فأقول : ان كان له شهود من المسلمين على دينه قبل ذلك منه ولم يكن على ماله سبيل لأن الدين حق وجب لربه عليه منهم أو للي به من الجزية لأنها وان كانت حقاً للمسلمين في عنقه فانه ليس يحصى أهل الحق، فيقدر على قسم مال الذمي بينهم وبين هذا الغريم بالحصص، ولا يعلم كم يأخذ منه وقد علم حق الغريم فلهذا جعلناه أولى بالدين من غيره – فإن لم يعلم دين هذا الذمي إلا بقوله كان مردوداً غير مقبول منه إبطاله بالدعوى وليس بمؤتمن في ذلك كما يؤتمن المسلمون على زكاتهم في الصامت وإنما هذا فيء وحكمه غير حكم الصدقة (52) .

ثالثاً : سنوية العشور :

حدثنا أبو يوسف عن قصة رجل من بني تغلب من نصارى العرب الذي أسلم عندما اشتكى إلى الخليفة عمر بن الخطاب من العاشر الذي أعشر تجارته وأرد أن يعشر نفس المال مرة أخري خلال العام، فقال له عمر: كفيت ثم أرسل كتاباً إلى عامله على العشور – زياد بن حدير – يأمره بألا يأخذ العشور من الرجل قبل ذلك اليوم من العام التالي إلا أن يكون هناك فضلا ً على ما سبق (53) .

وقال سفيان وأهل العراق كذلك لا يؤخذ منه في المال الواحد أكثر من مرة واحدة في السنة وإن مر به مراراً. أما مالك وأهل الحجاز فرأوا أن يؤخذ منه كلما مر وإن مر بماله في السنة مرارا (54).

ويوضح لنا أبو عبيد وجه الخلاف بين الفريقين فيقول : (( إن كان المال الثاني هو الذي مر بعينه في المرة الأولي لم يؤخذ منه لأن الحق الذي لزمه قد قضاه فلا يقتضي حق واحد من مال واحد مرتين، وإن كان مر بسواه أخذ منه وان جدد ذلك في كل عام مراراً إذا كان قد عاد الي بلاده ثم أقبل بمال سوى ماله الأول ،لأن المال الأول لا يجزي عن  الآخر، ولا يكون في هذا أحسن حالاً من المسلم ألا ترى أنه لو مر بمال لم تؤد زكاته أخذت منه الصدقة ثم إن مر بمال آخر في عامه ذلك لم تكن قد أخذت منه الزكاة أنه يؤخذ من ماله هذا أيضا لأن الصداقة الأولى لا تكون قاضية عن المال الآخر (55) .

وهكذا أوضح أبو عبيد الحكمة من التفرقة بين الحالتين وهو ما يتفق مع طبقة عمر بن عبد العزيز أيضا وكذلك ما يؤيده بعض الباحثين المعاصرين (56) .

رابعاً :الإعفاءات  الخاصة بالعشور :

قال أبو عبيد (( كان عمر يأخذ من النبط من الزيت والحنطة نصف العشر من أهل الحرب يكثر الحمل إلى المدينة ويأخذ من القطنية العشر )) (57). ويقصد بذلك أنه بالرغم من النسبة المقررة لأهل الحرب هي العشر كاملاً إلا أن ذلك كان يخفض إلى النصف بالنسبة للمواد الغذائية وذلك للعمل على توفيرها لأهل البلد بثمن معقول .

كذلك أعفيت غير السوائم من الحيوانات والزروع الخاصة ببقرة.فيحدثنا أبو يوسف عن اعفائها فيقول : (( إذا مر المسلم على العاشر بغنم أو بقرة .. فقال ان هذه ليست سائمة احلف      على ذلك فإذا حلف كف عنه، وكذلك كل طعام يمر عليه فقال هو من زراعي ..فليس عليه في ذلك عشر إنما العشر في الذي اشترى للتجارة وكذلك الذمي، أما الحربي فلا يقبل منه ذلك )) (58) .

خامساً : تقويم الخمر والخنازير :

روى عن الخليفة عمر بن الخطاب وأيده في ذلك عمر بن عبد العزيز أن عتبة بن فرقد بعث إلى عمر بن الخطاب بأربعين ألف درهم صدقة الخمر فكتب إليه عمر: بعثت إلي بصدقة الخمر  وأنت أحق بها من المهاجرين وأخبر بذلك الناس فقال : والله ما استعملتك على شيء بعدها قال : فتركه . كذلك يحدثنا كتاب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن ارطاة يرد عليه عشور الخمور ويطلب إليه ردها على صاحبها (59) .

فإذا مر الذمي بالخمر والخنازير على العاشر فانه لا يطلب له أن يعشرها ولا يأخذ ثمن العشر منها وان كان الذمي هو المتولي بيعها أيضا , فالعشور ليست كالجزية لأنها حق وجب على رقابهم وأرضيهم , أما العشور فهي ما توضع على الخمر والخنازير نفسها فكذلك لا يطيب ثمنها لقول رسول الله  صلى الله عليه وسلم  (( إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه )) (60) .

أما أبو يوسف فيري أنه إذا مر أهل الذمة العاشر بخمر أو خنازير قوم ذلك على أهل الذمة ثم يؤخذ منهم نصف العشر وكذلك أهل الحرب يؤخذ منهم نصف العشر (61) .

أما سفيان فيري أن الذمي إذا مر بالخمر على العاشر فتضاعف عليه العشور،وقال أبوحنيفة إذا مر العاشر بالخمر والخنازير تعشر تعشر الخمر ولا تعشر الخنازير سمعت وقال محمد بن الحسن يحدث بذلك عنه (62)

وبذلك تعددت الآراء فيما يتعلق بالخمر والخنازير .

سادساً : عمال العشور :

قال أبو يوسف : أما العشور فرأيت أن توليها قوماً من أهل الصلاح والدين وتأمرهم ألا يتعدوا على الناس فيما يعاملونهم به فلا يظلموهم ولا يأخذون منهم أكثر مما يجب عليهم، وأن يمتثلوا ما رسمناه لهم ثم تتفقد بعد أمرهم وما يعاملون به من يمر بهم ،هل تجاوزوا ما أمروا به ؟  فإن كانوا قد فعلوا ذلك عزلت وعاقبت، وأخذتهم بما يصح عندك لمظلوم أو مأخوذ منه أكثر مما يجب عليه، وان كانوا قد انتهوا إلى ذلك الأمر وأحسنت اليهم، فانك متى أثبت على الظلم والتعدي لما تأمر به في الرعية يزيد المحسن في إحسانه ونصحه، وارتداع الظالم عن معاودة الظلم والتعدي (63) .

كذلك كره الإمام عمر بن العزيز أخذ العشور من الناس على استكراه منهم وأمر عماله بالترفق بهم ومن ذلك قوله (( من حاءك بصدقة فاقبلها ومن لم يأتك فالله حسبه )) وكذلك حديث عثمان (( ومن أخذنا منه لم نأخذ منه حتى يأتينا بها تطوعاً )) (64) .

ويفيدنا حديث مسروق أيضا وكان أميراً بالسلسلة بالعراق فكان يخشى الله من عمل العاشر فيقول لعماله : فالله ما علمت عملاً أخوف عندي أن يدخلني النار من عملكم هذا، ومابي أن أكون ظلمت فيه مسلماً ولا معاهداً ديناراً ولا درهما ولكني لا أدري ما هذا الحبل الذي لم يسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر )) وكان ذلك حبلاً يعترض به النهر ليمنع السفن من المضي حتى تؤخذ منهم العشور فأنكر مسروق أن تؤخذ منهم على استكراه (65) .

كذلك يروي عن زياد بن حدير قال : أول من بعث عمر بن الخطاب على العشور أنا فأمرني ان لا أفتش أحداً (66) .

وهكذا تفيدنا الدراسة بما يجب أن يتحلى به عمال العشور من صفات كما يلي :

1- الكفاية الأخلاقية وهي الأمانة والدين والصلاح .

2- الدراية والخبرة بأمور البضائع والتجارات .

3- الاستعانة بأهل الخبرة عند الحاجة إليهم .

4- الترفق واللين عند اقتضاء العشور ورفض الشدة واستكراه الناس .

المبحث الثالث

خصائص العشور الإسلامية

في ضوء دراستنا لطبيعة الاستقطاعات المالية الوضعية المعروفة يمكن أن نستخلص مميزات وخصائص العشور الإسلامية فيما يلي :

1- أنه استقطاع نوعي : إذ أنه يفرض علي نوع واحد من الثروة هي الثروة التجارية والأرباح الناتجة عنها، ويلاحظ أن أنواع الزكاة المستحقة على صنوف الأموال المختلفة تعتبر أيضا استقطاعات نوعية إذ ينفرد كل نوع من أنواع الثروة أو الدخل بنوع مستقل من أنواع الزكوات، أي أن النظام المالي الإسلامي يتخذ نظام الاستقطاعات النوعية وليست الموحدة .

2- أنه استقطاع سنوي : توضح الدراسة أن كل من زكاة العشور وضريبة العشور تجب سنوياً مرة واحدة على نفس المال، فإذا تغير المال فرض عليه الاستقطاع مرة أخرى، وتسير معظم النظم الضريبية على مبدأ السنوية، إذ تعتبر السنة وحدة زمنية مناسبة لقياس الدخل أو الثروة .

3-  أنه استقطاع علي رأس المال والإيراد معا : تتناول معظم أنواع الزكوات رأس رأس المال الذي يغل إيرادا، أو رأس المال محل النماء والأرباح مثل عروض الثروة التجارية والنقود والأنعام، أما الأصول الثابتة أو أدوات الإنتاج فهي وإن كانت سبباً غير مباشر لتحقيق الأرباح الا أنها في واقع الأمر ليست محلاً للنماء والربح، لذلك فقد أعفيت من الزكاة، والعشور الإسلامية سواء تمثلت في زكاة على المسلمين أو ضريبة على أهل الذمة فهي تقع في نفس الشكل على رأس المال التجاري أو عروض التجارة. وهذه العروض تقوم بقيمتها الجارية دون بيع الضرورة، أى أن الأرباح المقدر تحقيقها من هذه العروض تدخل في تقويم الأصول المتداولة. وبذلك تتناول العشور الإيراد مع رأس المال.

4- أنه يقع على الأموال المعدة للتجارة : يتطلب خضوع المال للعشور أن يكون قد تم إعداده بالفعل والنية لغرض التجارة وبذلك تعفى الأمتعة الشخصية والغلال والبضائع المعدة للاستهلاك الشخصي من العشور، وهو ما جري العمل به في زكاة العروض .

ويلاحظ أن (( الضرائب الجمركية )) تراعي إعفاء الأمتعة الشخصية وإن كان ذلك يتقيد بحدود قصوى تقديرية كثيراً مالا تتناسب مع واقع الأمر .

5- أنه استقطاع نسبي على هذه الأموال : أي أنه استقطاع بنسبة محددة من قيمة هذه الاموال، وهو محدد بأسعار مختلفة تبعاً لعقيدة التاجر، فأن كان مسلماً كان الاستقطاع بنسبة 5׳2% وهو سعر فريضة الزكاة، وان كان ذمياً كان الاستقطاع بنسبة 5% ، وأن كان من أهل الحرب كانت معاملته بمثل ما يعامل به تجار المسلمين في هذه البلاد .

6- أنه استقطاع ذو سعر منخفض : (67) يلاحظ أن أسعار هذا الاستقطاع تعتبر منخفضة إلي حد بعيد بالقياس إلي مثيلاته من الضرائب المعاصرة، وهذا الانخفاض في الواقع يؤدي إلي خفض تكلفة الانتاج والتسويق وبالتالي توفير احتياجات المجتمع بأسعار معقولة تمكن كل فرد من الحصول على احتياجاته، إلي جانب تشجيع التجارة والتبادل والنشاط.

7- أن سعره يختلف باختلاف نوع البضاعة : ويوضح ذلك ما قام به الخليفة عمر بن الخطاب من تخفيض عشور التجارة على أهل الحرب إلى النصف فيما يتعلق باستيراد المواد الغذائية لأهل المدينة في فترة قحط كانت المدينة عاني فيها من نقص كبير في المواد الغذائية والسلع التموينية. وقد كان لهذه السياسة أثرها البعيد في توافد قوافل التجارة على المدينة لدرجة أن هذه الأزمة قد انتهت في غصون فترة زمنية وجيزة، وهذا ما يجب مراعاته دائماً من مرونة السياسة المالية تبعاً للظروف التي يمر بها المجتمع الإسلامي وتوافق هذه السياسة مع احتياجاته .

8-  أنه استقطاع شخصي : ذلك أن هذا الاستقطاع يراعي ناحيتين

أ‌-  يراعي الديون والأعباء على الممول أو التاجر، فإذا كان مسلماً واثبت ذلك بالحلف أو بالبينة كف عنه واستنزلت قيمة الدين من أمواله، فإذا بلغ النصاب استحقت عليه زكاة العشور .

ب- يراعي أيضا النصاب الذي ينبغي أن يبلغه المال حتى يخضع للعشور،فإن نقص المال عنه فلا تستحق العشور، والنصاب للمسلم هو نصاب الزكاة المعروف. أما بالنسبة للذمي فقد اختلف فيه، وإن كانت معظم الأقوال تؤيد ضرورة توفر النصاب في المال للخضوع  للاستقطاع .

9-  أنه يتميز بإعفاءات متعددة : تتميز العشور الإسلامية بالاعفاءات التالية:

أ‌- إعفاء أموال المضاربة والإبضاع : حيث أن المضارب لا يملك المضارب به ولكنه يقع في ملك رب المال الذي يجب عليه تحمل زكاة العروض من أمواله إن ظلت ممثلة في عروض تجارة حني نهاية الحول، أما إن تحولت إلى نقدية فيستحق عليها زكاة النقود .

ب‌- إذا كان هناك دين يستغرق الأموال أو ينقصه إلى ما دون النصاب .

ج- إعفاء المال السابق تزكيته : حتى لا يحدث تثنية أو ازدواج في دفع العشور سواء كانت زكاة أو ضريبة. وعدم التثنية على نفس المال هو أحد القواعد الأساسية في فرض الاستقطاعات المالية الإسلامية ويرجع إلى أساس فرض الزكاة.

د- إعفاء الأموال غير المعدة للتجارة من الزروع والثمار والأمتعة وخلافه، حيث لا ينطبق عليها شروط التجارة من ناحية النية وبذلك لا يخضع للعشور بصفتها زكاة على تجارة المسلمين. والنية كما هو معلوم أحد شروط خضوع المال لزكاة العروض .

أما العشور بصفتها ضريبة على غير المسلمين فقد تم قياسها على وضعها بالنسبة للمسلمين.

ھ – إعفاء الموالي والعبيد : حيث يسقط أول شرط من شروط وجوب الزكاة وهو الملكية،حرم، فالموالي والعبيد وما يملكون لا صحابهم، ولذلك تقع العشور سواء كانت زكاة أو ضريبة  على من يملكونهم وليس عليهم. ويرجع ذلك الي أن العشور شخصية بمعني أنها تقع على الأشخاص وليست عينية تقع على المال دون صاحبه .

10- أنه استقطاع يقع على جميع صنوف الأموال :  فهو يشمل جميع الأموال التجارية من نقود ومعادن نفيسه كالذهب والفضة ثم عروض التجارة من البضائع المختلفة. ويجدر الملاحظة بأن عروض القنية معفاة أساسا من زكاة التجارة لذلك فهي تعفي تباعاً من العشور إذا كانت لمسلم . وتنطبق هذه الحالة عند استيراد العدد و الآلات الخاصة بالمصانع وأدوات الانتاج المختلفة مما نطلق عليه اسم (( الأصول الثابتة )) ولاشك أن هذا الإعفاء له محله ونتائجه الحميدة فهو تشجيع على العمل والإنتاج المفيد للمجتمع وقيام الصناعات والحد من استيراد السلع الاستهلاكية والاتجاه للإنتاج، كما يعمل على توفير جزء لا يستهان به من تكلفه الإنتاج مما يوفر في النهاية احتياجات المجتمع بأسعار معقولة. وتحاول السياسة المالية احياناً أن تأخذ بمثل هذا الإعفاء، ولكنها ما تلبث أن تعود في معظم الدول النامية الإسلامية فتفرض (( الضرائب الجمركية )) مرة أخري على أدوات الإنتاج بالرغم من فقر هذه الدول الشديد وحاجتها إلى الإنتاج الذاتي دون استيراد السلع الاستهلاكية (68) .

11- أنه لا يقع على السلع المحرمة :  يتبين لنا من استعراض الآراء السابقة فيما يتعلق بفرض العشور على الخمر والخنازير ان معظمها قد اجتمع على عدم جواز فرضها على هذه الأموال، قياسا على الزكاة التي لا تقع إلا على المال الحلال ولو كان هذا المال يخص أهل الذمة. ولنا أن نقارن ذلك بما تفرضه التشريعات الوضعية من ضرائب علي ما أحل الله وما حرم، فتفرض الضرائب علي تجار المخدرات والخمور والملاهي الليلية وغيرها (69) .

12- تنفق العشور على مصارفها على وجه التحديد : يصاف مصرف عشور المسلمين على مصاريف الزكاة الثمانية المحددة من قبل القرآن الكريم ولا يضاف إلي وعاء الايرادات العامة للدول، بخلاف عشور غير المسلمين التي تنفق في                                                             المصالح العامة على اختلاف أنوعها .

المراجع

الأحاديث النبوية الشريفة :

ابن الأثير (( النهاية في غريب الحديث والأثر )) تحقيق د. محمود محمد الطناحي دار احياء الكتب العربية – عيس الحلبي.

–  المناوي (( فيض القدير شرح الجامع الصغير )) المكتب الإسلامي , بيروت .

– المناوى (( التيسير شرح الجامع الصغير )) المكتب الإسلامي , بيروت .

– المنذري (( الترغيب والرهيب )) طبعة مصطفي اليأس الحلبي .

– نور الدين الهيثمي (( مجمع الزوائد ومنبع الفوائد )) مكتبة القدس .

الفقه الإسلامي :

ابن قدامة (( المغني في الشرح الكبير )) طبعة المنار ط – ا سنة 1345ھ .

– ابن عابدين (( رد المختار على الدار المختار شرح تنوير الأبصار )) درسعادت مطبعة عثمانية سنة 1327ھ .

– أبو الحسن الماوردي (( الأحكام السلطانية والولايات الدينية )) المكتبة التوفيقية سنة 1976ھ  .

متفرقات إسلامية :

– أبو عبيد (( الأموال )) مكتبة الكليات الأزهرية /ط/ 2 سنة 1976 .

– أبو يوسف (( الخراج )) المطبعة السلفية ط/4 سنة 1392ھ القاهرة .

– الذهبي (( الكبائر )) مطبعة البيان – بيروت.

– جورجي زيدان (( تاريخ التمدن الإسلامي )) مطبعة الهلال .

– د. صبحي الصالح (( النظم الإسلامية )) دار العلم للملايين.                                        – يحيى بن آدم القرش (( الخراج )) المطبعة السلفية ط/2 سنة 1384.

مراجع مالية حديثة :

– د. ابراهيم فؤاد أحمد علي (( الموارد المالية في الإسلام )) مكتبة الانجلو المصرية سنة 1972 ط/3 .

– د. حسن العزباوي (( مبادئ الأصول العلمية للضرائب )) مطبعة المليجي سنة 1974.

– د.حسن غلاب (( المحاسبة الضريبة مبادؤها وأصولها العلمية )) مكتبة التجارة والتعاون سنة 1976.

– د.شوقي اسماعيل شحاتة (( التطبيق المعاصرة للزكاة )) دار الشروق سنة 1977.

الهوامش

(1) د. صبحي الصالح (( النظم الإسلامية )) دار العلم للملايين بيروت ص 354 .

(2) ابو يوسف (( الخراج )) المطبعة السلفية ط/4 سنة 1392 ص 145-146 .

(3) د. ابراهيم فؤاد (( الموارد المالية في الإسلام )) مكتبة الأنجلو المصرية سنة 1972ص 207 .

(4) جورجي زيدان (( تاريخ التمدن الإسلامي )) مطبعة الهلال ج /1 ص 135 .

(5) عبد السميع المصري (( مقومات الاقتصاد الإسلامي )) مكتبة وهبة عام  1975ص 160.

(6) رواه الامام أحمد أبو داود وصححه على شرط مسلم – انظر أبو عبيد (( الأموال )) ص 632 .

(7) يرونه أيضاً يحيى القطان بن لهيصة اسناداً ومتناً . وأبن الأثير (( النهاية )) – أنظر أبو عبيد (( الأموال )) مكتبة الكليات الأزهرية ج/2 سنة 1926 ص

(8) ابن الأثير النهاية في غريب الحديث والأثر دار إحياء الكتب العربية – ج/ ص 110 .

(9) الذهبي (( الكبائر )) مطبعة البيان – بيروت ص 119 .

(10) الحافظ المنذري ((ترغيب والترهيب )) طبعه مصطفى البابي الحلبي ص 567.

(11) الإمام المناوي (( فيض القدير شرح الجامع الصغير )) ج/6 ص 449. المكتب الإسلامي – بيروت .

(12) أبو عبيد مرجع سابق ص 635.

(13) المرجع السابق ص 636 .

(14) الهيثمي (( مجمع الزوائد ومنبع الفوائد )) مكتبة القدس ج/3 ص 8 .

(15) المناوي (( التيسير شرح الجامع الصغير )) المكتب الإسلامي – بيروت ج /1 ص 358 .

(16)، (17) أبو عبيد ص 637، 638 .

(18) انظر الي المراجع الاتية :

– د. عبد الخالق النواوي (( النظام المالي في الإسلام )) المكتبة العصرية عام 71 ص 120.

– د. حسن غلاب (( المحاسبة الضريبية , مبادؤها وأصولها العلمية )) مكتبة التجارة والتعاون سنة 1976 ص 38- 40 .                                                                                                                                                                                                                                                           – حسن العزباوي (( مبادئ الأصول العلمية للضرائب )) مطبعة المليجي عام 1974 ص 47- 48.

– عبد السميع المصري مرجع سابق ص 160 .

(19) د. يوسف القرضاوي مرجع سابق ج/2 ص 968-984 .

(20) قامت الباحثة بالتعرض تفصيلا لرأي د. يوسف القرضاوي حيث يعتبر مرجعه هو الدراسة الوحيدة التي تعرضت لهذا الموضوع بأدلة وحجج مفصلة دون الدراسات والمراجع                                                    الأخرى التي اعتبرت أن العشور هي ضريبة مماثلة للضرائب الجمركية وأقرت بشرعيتها دون سند أو دراسة .

(21) د. يوسف القرضاوي ج/2 ص 1093 .

(22) الهيثمي مرجع سابق ص 87 – 88 .

(23) د. يوسف القرضاوي مرجع سابق ج /2 ص 1095 .

(24) د. يوسف القرضاوي مرجع سابق ص 1090 .

(25) الحافظ نور 636. الهيثمي مرجع سابق ج/3 ص 88 .

(26) أبو عبيد ص 636 .

(27)  أبو يوسف ص647..

(28) أبو عبيد ص 647 .

(29) أبو يوسف ص 145 .

(30) د. يوسف القرضاوي ج/2 ص 1094 .

(31) الماوردي ((648-649.السلطانية والولايات الدينية ))

(32) يحيي بن آدم (( الخراج )) المطبعة السلفية ط/ 2 سنة 1384 ص 61-62 .

(33) أبو عبيد ص 648-649 .

(34) أبو يوسف ص 638.

(35) أبو عبيد ص 638 .

(36) أبو عبيد ص 644.

(37) ابن عابدين (( رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار )) در سعادت مطبعة عثمانية .

(38) إبن عبيد,(( المغني علي الشرح الكبير )) سنة 1327ھ ص/2 ص 18-19 .

(39) أبو عبيد , ص 521 ج/2 ص 629 .

(40) انظر ابن قدامة , م516.بق , ج /3 ص 32-40 .

(41) أبو عبيد, ص 515 – 516  .

(42) السابق, , ص 144- 145 .

(43) يحيي بن آدم ص 62 .

(44) السابق، ص 61 .

(45) أبو يوسف ص 143 . 643.

(46) أبو يوسف ص 143 .

(47) أبو عبيد ص 642 – 643 .

(48) ابو عبيد ص 645. 645 .

(49) أبو عبيد ص 645 .

(50) أنظر د . 646.اسماعيل شحاتة (( التطبيق المعاصر للزكاة )) دار الشروق ص 101 – 112 .

(51) أبو عبيد ص 643.

(52) أبو عبيد 646 .

(53) أبو يوسف 643.- 147 .

(54) أبو عبيد 643 .

(55) أبو عبيد 64641.

(56) د . ابراهيم فؤاد احمد علي , مرجع سابق ص 211.

(57) أبو عبيد ص 641 .

(58) أبو يوسف ص 144 64.

(59) أبو عبيد ص 63- 64 .

(60) أبو عبيد ص 63. 65.

(61) أبو يوسف ص 144 .

(62) أبو عبيد ص 64- 65 .

(63) أبو يوسف ص 142 – 143 .

(64) أبو يوسف ص 637 – 638 .

(65) أبو عبيد ص 635 – 637 .

(66) أبو يوسف ص 145 .

(67) أنظر التعريفة الجمركية في مصر مثلا، تصل الضريبة الجمركية على بعض السلع إلى 200% من تكلفتها من نقص انتاجيتها محلياً وما يترتب علي ذلك من ارتفاع في                                          الأسعار والتضخم …. الخ

(68) تتذبذب السياسية المالية كثيراً في مصر ما بين اعفاء ادوات هذه الانتاج اعفاء مطلقا، ثم اخضاعها مرة أخري ثم اعفائها جزئياً وهكذا، انظر التعريفة الجمركية خلال خمس                                                           سنوات سابقة مثلا .

(69) يفرض التشريع المصري ضرائب كسب العمل علي الكسب الخبيث كما يفرض علي الكسب الحلال هذا بالرغم من عدم اعترافه ببعض المصروفات غير المشروعة                                                                                                            كالرشاوى والغرامات …. الخ

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر