فكرة في مؤتمر

تقرير حول مؤتمر التحديث والتغيير في مجتمعاتنا: تقييم للتجارب واستكشاف للآفاق

العدد 128

منذ حصول مجتمعاتنا علي استقلالها سعت صفوتها وأنظمتها السياسية إلي تحديثها من خلال الشروع في تجارب تنموية عديدة ومتتابعة، وإن حققت بعض النجاح إلا أنها واجهت الفشل في أحيان كثيرة.

وتولد عن هذا الفشل ظواهر سلبية عديدة لعبت دورها في تمزيق نسيج المجتمع والثقافة كما أسلمت في النهاية إلى نتائج تنموية هشه وبائسـة ، بحيث أرجعت غالبيـة مجتمعاتنا بعد نصف قرن من التنمية والتحديث إلي ذات النقطة التي بدأت منها أو الموضع الذي انطلقت منه.

ومما لا شك فيه أن ثمة ظروف وعوامل كثيرة مسئولة عن فشل عملية التحديث في مجتمعاتنا، بعضها يخضع للاختيارات الأيديولوجية التي قادت عملية التحديث، بينما قد يرجع البعض هذا الفشل للظروف العالمية المحيطة، على حين يرى البعض الثالث أن التحديث لم ينطلق مستنداً إلي اختيارات ثقافية ومعنوية من الداخل بالأساس.

وفي محاولة لتأمل الأوضاع التي آلت إليها تجارب التحديث في مجتمعاتنا للتعرف علي العوامل المسئولة عن تخلف معدلات الإنجاز عن المعدلات المرجوة. إضافة إلى محاولة استكشاف السبل والمداخل لتحديث مجتمعاتنا انطلاقاً من تراثها، وفي محاولة لمناقشة القضايا المختلفة المتعلقة بتحديث وتطوير مجتمعاتنا، والسعي لتطوير تصورات تنطلق من خلالها إلي ما ينبغي أن يكون. ومن أجل ذلك تضافرت جهود كل من كلية الآداب جامعة عين شمس- قسم علم الاجتماع، والمعهد العالمي للفكر الإسلامي ومركز الدراسات المعرفية لعقد مؤتمر “التحديث والتغيير في مجتمعاتنا، تقييم للتجارب واستكشاف للآ  فاق”.

ويحاول هذا المؤتمر البحث في قضية تجديد التراث لقيادة التحديث في المجتمع الإسلامي، من خلال إثارة عدد من القضايا :

  • · القطيعة المعرفية مع التراث وتأثيرها على المشروع التحديثي في المجتمع الإسلامي.
  • · التمسك بالخصوصية التراثية ومدى ملاءمة ذلك في ظل التحولات العالمية الحديثة.
  • · من أين يبدأ التحديث، وهل يتعارض مع المرتكزات والثوابت القيمية الدينية.
  • · شروط تفعيل التراث والمعايير الضابطة لتلاقي المكونات التراثية بالمكونات الحديثة.
  • · كيفية تجديد البنية المجتمعية وتحديثها في سياق يختلف عن النموذج الحداثي الغربي.

وقد شارك في المؤتمر كوكبة من العلماء والمفكرين والمهتمين بشئون التحديث والتغيير، وبعد الجلسة الافتتاحية للمؤتمر والتي تضمنت كلمات لنائب رئيس جامعة عين شمس أ.د. محمود الطيب، وأ.د. محمد سيد خليل عميد كلية الآداب، وأ.د. عبد الحميد أبو سليمان رئيس المعهد العالمي، وأ.د. سعيد ناصف رئيس قسم علم الاجتماع بالكلية، وأ.د. رفعت العوضي المستشار الأكاديمي للمركز، وأ.د. علي ليلة مقرر المؤتمر ، بدأت أعمال المؤتمر بمحاضرة افتتاحية للأستاذ الدكتور/عبد الحميد أبو سليمان بعنوان “ مقومات التغيير والتحديث في مجتمعاتنا.

وتناول أ.د. عبد الحميد أبو سليمان في كلمته أسباب تخلف الأمة الذي يرجع في الأساس إلى الغبش الذي أصاب الرؤية الكلية للأمة، والتي بحسن إدراكها من قبل الصحابة استطاعوا تكوين نموذج قل أن تجد مثله. ونبه إلى أن قصور الأمة في إنزال الرؤية الكلية للقرآن الكريم على واقعها جعل البعض منها يبحث في حلول للتغيير والتحديث لا تتناغم مع التكوين النفسي والعقدي لأبنائها فلم تستطع أن تتناغم مع الغرب المادي ولا أن تفعل منظومتها الروحية القرآنية. وفي نهاية المحاضرة دعا أ.د. عبد الحميد أبو سليمان إلى أهمية تنمية مهارات الوالدين في تربية أولادهم تربية قرآنية علمية تساعد على تكوين أجيال متناغمة نفسياً ووجدانياً متوائمة مع منظومتها القرآنية وهذا هو السبيل الوحيد للإصلاح والتغيير والتحديث.

وناقش المؤتمر المحاور التالية:

المحور الأول: “التحديث على خلفية التصورات الحضارية”.

والمحور الثاني: “دور التعليم في تحديث المجتمع العربي“.

والمحور الثالث: “الثقافة والشخصية وتحديث المجتمع في عصر العولمة“.

والمحور الرابع: “مكانة ودور الدين في تحديث المجتمع العربي“.

والمحور الخامس: “تجارب التحديث في العالم الإسلامي“.

والمحور السادس: “حالة التحضر والتحديث في المجتمع العربي“.

والمحور السابع: “حالة التحديث والبحث عن مرجعية موجهة“.

وجاءت الأبحاث كالتالي:

  1. استكشاف التطور الحضاري العربي – الإسلامي، نحو بديل مفهومي للتحديث على النمط الغربي. الأستاذ الدكتور محمد عبد الشفيع أستاذ علم الاقتصاد والسياسة، والمستشار بمعهد التخطيط القومي.
  2. التحديث المعادى للبنية، قراءة في خطاب الليبرالية الجديدة. الدكتور صالح سليمان مدرس علم الاجتماع بكلية الآداب – جامعة عين شمس
  3. رؤية جديدة للمشروع العلماني في تحديث المجتمع العربي.الأستاذ الدكتور عصام عبد الله أستاذ الفلسفة كلية الآداب – جامعة عين شمس
  4. التعليم والحداثة. الأستاذ الدكتور أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع وعميد كلية الآداب – جامعة القاهرة.
  5. تكنولوجيا التعليم وتحديث المجتمع العربي. الأستاذة الدكتورة إجلال حلمي  أستاذ علم الاجتماع كلية الآداب – جامعة عين شمس.
  6. اللغة العربية وهوية المجتمع في عصر العولمة. الأستاذ الدكتور محمود الحنطور  أستاذ مساعد علوم القرآن كلية التربية – جامعة عين شمس .
  7. التغيرات العالمية والعربية المعاصرة وانعكاساتها على تنشئة الطفل العربي. الأستاذة الدكتورة فايزة يوسف  أستاذ علم النفس معهد الطفولة- جامعة عين شمس .
  8. ثقافة الاستهلاك وتحديث المجتمع العربي. الأستاذ الدكتور مجدي حجازي  أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة  وعميد كلية  العلوم الاجتماعية جامعة السادس من أكتوبر.
  9. قابلية الشخصية المصرية للتحديث. الدكتورة نجلاء راتب كلية الآداب أستاذ مساعد علم الاجتماع – جامعة بنها.

10. الآثار السلبية لمضامين شبكة المعلومات الدولية على ثقافة الشباب الأستاذة الدكتورة/ فاطمة القليني أستاذ علم الاجتماع الإعلامي ورئيس قسم الاجتماع – كلية البنات – جامعة عين شمس.

11. أزمة المؤسسة الدينية وتأخر عملية التحديث. فضيلة الشيخ جمال قطب.

12. تجديد التراث لقيادة التحديث في المجتمع العربي، دراسة لاتجاهات عينة من النخبة الفكرية نحو الموروث الثقافي. الدكتورة حنان عبد المجيد كلية الإعلام – جامعة القاهرة .

13. دور رأس المال الديني في تحديث المجتمع العربي. الأستاذ الدكتور على ليلة أستاذ علم الاجتماع – كلية الآداب جامعة عين شمس.

14. في الأصول الثقافية لتجربة الحداثة التركية. الأستاذ الدكتور محمد هريدي أستاذ اللغات الشرقية عميد كلية الآداب السابق جامعة عين شمس .

15. تجربة التحديث الإيرانية، تحويل العقائد إلى رأس مال. الأستاذ الدكتور محمد سعيد عبد المؤمن أستاذ اللغات الشرقية كلية الآداب – جامعة عين شمس .

16. التجربة الماليزية في التنمية الإنسانية والتحديث، أضواء ودروس. الأستاذ الدكتور على جلبي أستاذ علم الاجتماع – كلية الآداب جامعة الإسكندرية .

17. محددات السياسة الاجتماعية للتحديث في المجتمع العربي. الدكتورة رباب الحسيني خبير أول بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية .

18. التحضر والاستبعاد الاجتماعي في مصر. الدكتور مصطفى خلف أستاذ علم الاجتماع – كلية الآداب جامعة أسيوط.

19. الأحياء العشوائية، تعبير عن التحضر المشوه في المجتمع العربي. الأستاذ الدكتور ثروت إسحق  أستاذ الأنثروبولوجيا كلية الآداب جامعة عين شمس.

20. التحولات المجتمعية وتغير منظومة القيم بالمجتمع. الأستاذ الدكتور جمال الطحاوي أستاذ علم الاجتماع ووكيل كلية الآداب جامعة المنيا.

21. الثقافة الحضرية وقابلية التحديث في المجتمعات العربية. الأستاذ الدكتور محمود الكردي أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة   والبحرين .

22. مكافحة الفساد بين القانون ومتطلبات تحديث المجتمع العربي. الدكتور محمود شعبان خبير أول بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية .

23. المبادئ العامة لمرجعية التحديث في المجتمع الإسلامي المعاصر. الدكتور إبراهيم بيومي غانم الخبير الأول بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية.

وانتهى المؤتمر بمجموعة من التوصيات من أهمها:

1-     ضرورة أن تقوم الدولة بدور محوري كمنظم للأداء في مختلف المجالات الاجتماعية، كما أن عليها أن تقوم بدورها كحارس للسلام الاجتماعي بين مختلف الفئات الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، فإن عليها أن تعمل على تحقيق العدل الاجتماعي، ومراعاة العدالة التوزيعية لفرص الحياة المختلفة.

2-     من الضروري أن تعمل الدولة باتجاه الاستفادة من الموارد العالمية (اقتصادية كانت أو سياسية أو تنظيمية)، وذلك لدفع عملية التحديث، شريطة أن لا يتعارض ذلك أو يتناقض مع الاستقلال الوطني والسيادة، وأن لا يضر بالهوية القومية.

3-     أن تعمل الدولة باتجاه تأسيس التوازن بين الموارد القومية المتاحة للتحديث على المستويين: المادي والمعنوي من جانب، واحتياجات مختلف الفئات الاجتماعية من جانب آخر، على أن تعطي أولوية للفئات والمناطق الأقل حظاً.

4-     العمل باتجاه تجديد الخطاب الديني لاستكشاف المعاني التي تُفعّل وتتفاعل مع قضايا واقعنا المتغير. وأن يلتزم المثقفون والمؤسسة الدينية بتجديد الخطاب الديني بما يحافظ على مضامينه ويجعله إطاراً مرجعياً وقيمياً يدعم عملية التحديث.

5-     أن يتجه تجديد الخطاب الديني إلى دعم المواطنة، وأن يراعي حقوق الديانات المتعددة في إطار من الوسطية والاعتدال بما يساعد على تحقيق الاستقرار والسلام الاجتماعي، وبما يثري مفهوم المواطنة بشكل عملي استناداً إلى مقولة التنوع في إطار الوحدة الخصبة (كما تحقق في الخبرة الماليزية والخبرة الهندية والخبرة الصينية).

وللتعرف أكثر على أبحاث المؤتمر مرفق ملخص كامل لكل أبحاثه.

ملخص بحث

استكشاف التطور الحضاري العربي – الإسلامي

( نحو بديل مفهومي للتحديث على النمط الغربي)

تقوم الفكرة الرئيسية للورقة المقترحة على أن هناك فروقا جوهرية بين مسار التطور التاريخي – الحضاري لكل من الغرب، من جهة أولى، والعالم الإسلامي بما فيه الوطن العربي، من جهة ثانية؛ وأن هذه الفروق توجب النظر في تبني مفهوم بديل للتحديث على النمط الغربي ، و الذي تم اتخاذه – بصورة عامة- دليلا للعملية التنموية والتطورية في الدول العربية والإسلامية الجديدة.

ويمكن القول إن مسار التطور التحديثي الغربي قام بصفة عامة على الدعائم التالية:

1-     من الوجهة السياسية:  العلمانية، والليبرالية، واستطالة السيادة القومية.

2-  من الوجهة الاقتصادية: الملكية الخاصة الرأسمالية، وهيمنة (المشروع) الخاص ضمن ما يسمى باقتصاد السوق، مع دور مقيد للدولة.

3-     من الوجهة الاجتماعية: التضاد الطبقي، والتضاد على صعيد النوع الاجتماعي (الرجل والمرأة).

4-     من الوجهة الثقافية : الانفصال بين العالم السياسي والعالم العقيدي-الديني.

وفي ضوء التحليل النقدي للمقومات السابقة، في حدود سياقها التاريخي الغربي الخاص، تحاول الورقة المقترحة الحث على النظر في محاولة تقديم بديل مفهومي يتسق مع السياق التاريخي الخاص بالدائرة الحضارية العربية-الإسلامية-وذلك على الصُعد التالية: نظام الملكية، والعلاقة بين الدين والحياة الاجتماعية والسياسية، والصلة بين الرجل والمرأة، وعلاقة الفرد والجماعة بالسلطة العامة.

وحري بنا التأكيد على أن الورقة لم تقدم تحليلا تفصيليا لموضوعها، وإنما غاية ما يمكن أن تسهم به من رؤية هو محاولة الإجابة الموجزة على تساؤل مركز يشكل بلورة لموضوعها المركزي:

لماذا ينبغي أن ينجز العالم الإسلامي والوطن العربي تطوره الحضاري بطريقة تختلف عما فعل الغرب- استهداء بمقولة (استئناف التطور الحضاري)..؟

 

التحديث المعادي للبنية “قراءة في خطاب الليبرالية الجديدة”

د. صالح سليمان

رغم أن ظهور الليبرالية في العالم العربي يعود إلى أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، فإنها كحركة فكرية لم تستطع أن تحقق تأثيراً مُتجذراً في الواقع العربي المعاصر.  ومن اللافت للنظر هنا أن التيار الليبرالي يعيد طرح نفسه مرة أخرى بشكلٍ باهت وضعيف ومبتذل من خلال كتابات ما يطلق عليهم الآن الليبراليون الجدد، والذين ظهرت كتاباتهم من خلال كتاب شاكر النابلسي، والذي يعتبره الكثيرون بيانا لليبرالية الجديدة في المنطقة.  وتحاول ورقة العمل الحالية الوقوف عند أهم ملامح خطاب الليبرالية الجديدة، مع محاولة المقارنة بين طبيعة التحديث المرتبطة بالليبرالية الجديدة، مقارنة بليبرالية الأسلاف السابقين.

تنطلق الليبرالية الجديدة من منطلقات فكرية تؤكد من خلالها على أهمية الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والأقليات في العالم العربي، كم أنها تدين الإرهاب وتدعو لضرورة حدوث مصالحة مع العالم الغربي والاستفادة من التقدم الحضاري المرتبط به.  وفيما يلي سوف نرصد أهم الملامح الخاصة بالليبرالية الجديدة في العالم العربي:

– تبدو كل التيارات الفكرية الأخرى، إسلامية أو قومية أو شيوعية أو ناصرية خارج التاريخ، حيث يحل الليبراليون الجدد فوق الجميع، بوصفهم ملاك التاريخ، وصانعي الحقائق المطلقة والصحيحة.

– لا تمنحنا الليبرالية الجديدة رحابة الفكر وأبعاده الجدلية المختلفة، لذلك فإنه ينطبق عليها العيوب نفسها المرتبطة بالحركات والتنظيمات والأحزاب السياسية المختلفة في العالم العربي، من حيث تسفيه الآخرين والتقليل من شأنهم، والهيمنة والاستبداد وتوريث السلطة، والإدعاءات المتواصلة بالنقاء والزهد والعمل من أجل إعلاء راية الحرية والمساواة بين المواطنين.

– حينما يغيب التاريخ من ناحية، وتهيمن الشعارات والادعاءات من ناحية أخرى، يمكن لليبراليين الجدد أن يقفزوا بنا من مفهوم لآخر، ومن تحليل لآخر بدون رابط حقيقي يجمع فيما بينهم، وبدون ناظم موضوعي يساعد القارئ على الإمساك بطبيعة الواقع الاجتماعي وتحولاته المختلفة.

– يمنحنا الليبراليون الجدد حالة من التفاؤل اللغوي بعيدا عن تعقيدات الواقع وفهمه الحقيقي، حيث تستند الليبرالية الجديدة في مرجعيتها ومبادئها وأفكارها إلى المبادئ والأفكار والأطروحات الغربية، بدون أن تطرح أي أفكار تستند في بعض جوانبها إلى الواقع العربي المعاصر، وتجلياته التاريخية المختلفة، وإلى طبيعة المشكلات والتحديات التي تواجهه.

– تعلن الليبرالية الجديدة موقفها الواضح والعدواني والفج من الدين في المجتمعات العربية، والمقصود بالدين هنا الدين الإسلامي وليس غيره.

– تركز الليبرالية الجديدة على ضرورة الوعي بآليات الحداثة الغربية والأخذ بها، ومحاولة الاستفادة منها في نقد كل ما هو مقدس وتراثي وأخلاقي، فكل ما في المجتمع قابل للتحليل والتفسير والتأويل.

– يمثل الماضي العربي والإسلامي عبئا نفسيا على الليبرالية الجديدة، وربما لا توجد حركة فكرية في العالم العربي، إذا جاز وصف الليبراليين الجدد بأنهم حركة فكرية، تعادي الماضي، وبالتبعية التاريخ، مثلما هو الحال مع الليبراليين الجدد.

واللافت للنظر هنا أن العالم العربي يواجه، ربما لأول مرة وبمثل هذا الحجم، هجوما خارجيا من قبل أقلام تصف نفسها بالعربية، وتدعي الانتماء لبلاد عربية بعينها.  واللافت للنظر أيضا أن حجم العداء والكراهية الموجهان للعالم العربي من قبل هذه الأقلام يتجاوز في معظم الأحيان حجم العداء والكراهية الذي تنطوي عليه الأقلام الغربية التي يتصف الكثير منها بالموضوعية وبالتعقل، وفي أحيان غير قليلة بالنزاهة.  وهو الأمر الذي يستدعي الوقوف عند ملامح خطاب هؤلاء الكتاب وعلى توجهاتهم الاجتماعية والسياسية من ناحية، ومحاولة رصد حجم تأثيراتهم في العالم العربي من ناحية أخرى.

1- معظم هذه الأقلام من المهاجرين العرب إلى أمريكا وأوروبا منذ سنوات طويلة، وهو الأمر الذي يكشف عن انقطاع زمني ومعيشي وحضاري مع أوطانهم التي انطلقوا منها، ناهيك عن نتاجاتهم من أبناء الجيل الثاني والثالث والرابع، حيث تتمثل وسيلة المعرفة شبه الوحيدة عن أوطانهم فيما يصلهم من كتابات سواء في صورتها الغربية أو في صورتها العربية الناقدة والكارهة في أغلب الأحيان.  ساعدت الإنترنت أيضا على التواصل بين بعض كتاب الداخل المنطوين على نزعات الكراهية لأوطانهم وبين كتاب الخارج، بحيث أصبح كتاب الداخل مجرد مرآة مشوهة غالبا لما يحدث في أوطانهم.

2- يلفت النظر هنا محدودية عدد من يسمى بالليبراليين الجدد، قياسا لحجم الانتشار الهائل والضخم لهم عبر وسائل الإعلام المختلفة، وبشكل خاص عبر الإنترنت.  فعلى الموقع الخاص بما يسمى بالليبراليين الجدد ما يشير إلى أن عدد الموقعين على ما يسمى ببيان الليبراليين الجدد قد وصل إلى الثلاثة آلاف فرد.

3- يتجاهل ما يسمى بالليبراليين الجدد، وهم المقيمون في الغرب والمطلعون على تراثه الحضاري، أن تغيير المجتمعات لا يتم هكذا بشكل نخبوي بحت، وعبر مجموعة من المقالات المتناثرة هنا وهناك، وعبر استعداء الآخر الغربي ضد أوطانهم.  من الممكن أن تحدث كتاباتهم، تحت وطأة الضعف العربي الراهن، بعض خربشات التغيير الفوقية المتخيلة، لكنه ذلك النوع من التغيير العابر، الذي يترك بعض البثور على الجلد، أكثر مما يتجاوز ذلك إلى اللحم والعظم.  فهم يتخيلون أن العالم العربي يمكن أن يتغير من خلال الإنترنت، ومواجهة المقدس والديني، وتغيير الأنظمة الحاكمة.

4- وطالما أن خطاب ما يسمى بالليبراليين الجدد يرتكز منذ بداية ظهوره وحتى الآن على التجاهل وغض الطرف عن الظروف الاجتماعية والتاريخية التي مرت وتمر بها المجتمعات العربية منذ القرن التاسع عشر وحتى الآن، فإن أصحابه لا يجدون أية غضاضة ولا يشعرون بأي خجل في بث طروحاتهم العدوانية من جانب، والمجافية للحقيقة من جانب آخر.  فحينما تغلب الأيديولوجية تنمحي البصيرة، وحينما تسود العواطف تتصدر الاتهامات، وحينما تهيمن النوازع يغيب الضمير.

5- من أسف أننا نشهد تصاعدا كبيرا لهذا الخطاب الذي يدعي الليبرالية، وهو أبعد ما يكون عن الليبرالية القائمة في جوهرها على التسامح وحرية الفكر والحوار وعدم تحقير الآخر المخالف في الرأي والتوجهات، حيث وصل الأمر بدعاة هذا الخطاب إلى استعداء الحكومات والأنظمة العربية على المخالفين لهم في الرأي والتوجهات، وهو الأمر الذي يجعلني أصف خطاب هؤلاء بالمكارثية العربية الجديدة.

ملخص بحث

رؤية جديدة للمشروع العلماني

في تحديث المجتمع العربي

دكتور/ عصام عبد الله

في أوائل القرن التاسع عشر أدرك “هيجل” أن حضارة الغرب الصناعية، وسوقه العالمية، سوف تنسف المناخ التي كانت الحضارات الأخرى ترى فيه نفسها، وذلك بالقضاء على الاختلافات بين الحضارات، وعلى سماتها المميزة، ولن يترك لأمة سبيلاً للشعور بوجودها إلا بالتأكيد المجرد لذاتيتها المستمدة من تاريخها ولغتها.

ولقد كان “هيجل” سابقًا لأوانه بزمن طويل، فقد أشار إلى المأزق الراهن للهويات المختلفة في ظل حضارة كوكبية واحدة، وإن كان الحال في المجتمع العربي أشد تأزمًا.

إن هذه الفرضية أكدها “هشام شرابي” حين قال: “إن البنى البطركية للمجتمع العربي لم تحل محلها، في السنوات المئة الأخيرة، بنى حديثة بالفعل، فهي على العكس، قد تعززت واستمرت في أشكال مشوهة ملقحة بالحداثة”.

فلقد عانى المجتمع العربي هذه التجربة من ثلاث زاويا رئيسية: زاوية “الهوية، وزاوية “التاريخ”، وزاوية أوروبا” أو “الغرب”.

فقد كانت اليقظة العربية “صراع ثقافي واجتماعي” بين نظريتين: العلمانية، التي اتخذت الحضارة الغربية نموذجًا ضمنيًا أو صريحًا، والأصولية الدينية، التي تمسكت بالإسلام بوصفه مصدر الشرعية والإلهام.

والواقع أنه لا الحركة العلمانية ولا الحركة الإسلامية نجحت في إنشاء مقال نقدي أو تحليلي بالمعنى الصحيح، مقال يقدم حلاً واضحًا وفعليًا لمشكلات الهوية والتاريخ والغرب.

لكن تحديدًا في النصف الأخير من القرن العشرين نعثر على نموذج مغاير لأحد رموز العلمانية الكبار وهو الدكتور فؤاد زكريا الذي سعى إلى تأصيل “منهج نقدي جديد” فما الجديد الذي يمكن أن نجده عند فؤاد زكريا؟

حركة التاريخ:

في مقاله “نظرتنا للغرب ذلك المتآمر الأزلي”، أظهر فؤاد زكريا هدفه الذي كان يسعى إليه من الكتابة في مختلف القضايا حين أكد على: “قضية التنبيه إلى أخطائنا العقلية” (مجلة العربي – (415) – 1993).

لقد كان فؤاد زكريا من أوائل المفكرين الذين استشعروا حجم المأساة مبكرًا، بعد أن شهد في عقد واحد (1967 – 1977) التحولات والانقلابات الدرامية العنيفة التي زلزلت ركائز هذا العقل ومنجزاته.

ففي 9 مايو عام 1977، كتب فؤاد زكريا مقالاً قصيرًا في مجلة “روز اليوسف”، تحت عنوان “أزمة العقل العربي”، جاء فيه: “الظروف التي يعمل فيها المفكرون تتجاوز قدراتهم، فنحن نلتزم جانب الحذر في تعبيراتنا، ونقول شيئًا ونخفي أشياء، ونفكر دائمًا في الأصداء المحتملة لما نكتبه، والقيود التي تكبل العقل العربي من جميع جوانبه مَنَعت وصوله إلى مرحلة التحرر، وكلما ازداد هذا العقل اقترابًا من مناقشة الجذور العميقة التي يعيش عليها المجتمع، اشتدت القيود التي تمنعه من الحركة، ومن المستحيل أن يصل إلى مرحلة التحرر إلا إذا استطاع أن يناقش الجذور”.

البحث عن مخرج:

كان فرسان هذا المشروع، الذي ضم أجيالاً من المثقفين الكبار، راح كل منهم يبحث عن مخرج منذ أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، (1) فسارع لويس عوض إلى التعبير عن موقفه العلماني “عمليًا” بتقديم استقالته من حزب “الوفد” الذي تحالف مع الإخوان المسلمين في انتخابات عام 1984.

أما من الناحية النظرية، فقد نشر سلسلة من المقالات في مجلة “المصور” عرض فيها قصة العلاقة بين الدولة والدين، ليخلص في نهاية الأمر إلى أن الفكر الأوروبي لم يتحرر إلا بعد أن خلع عن نفسه نير الوصاية الكنسية.

(2) وليس مصادفة أن يصدر في الفترة نفسها السندباد حسين فوزي كتابًا سماه على استحياء “تأملات في عصر الرنيسانس”، (3) وأن ينشر زكي نجيب محمود مقالاته في جريدة الأهرام عن “العلمانية”، وهل هي بفتح العين أم بكسرها؟ (4) وأن يحاضر فؤاد زكريا عن “النهضة الأوروبية والنهضة العربية” ثم ينشرها فيما بعد.

تحولات عالمية:

إن التكوين الفلسفي لفؤاد زكريا ومزاجه النقدي، فضلاً عن حسه التاريخي، كان يأبى الصيغتين معًا وهما (1) التوفيقية، (2) إما … أو)، ومن ثم كان لابد من البحث عن مخرج: لا هو توفيقي، ولا هو (إما … أو). وهنا تحديدًا عثر على أهم “لحظة” من اللحظات المضيئة النادرة في منتصف القرن العشرين، لحظة لم ندرك بعد “أبعادها” ودلالاتها، لأننا ببساطة لم ندرسها بما فيه الكفاية، كما أن الأحداث اللاحقة طمست معالمها!

فقد كانت هناك صيغة أخرى طُرحت على المستوى السياسي والاجتماعي، هي صيغة “التحرر والاستقلال” التي وجدت طريقها إلى التطبيق في بعض الأمور مع ثورة يوليو 1952، إلا أن القوى الدولية، أو قل النظام الدولي السابق لم يسمح للتجربة باستكمال دورتها، وهو ما فعله النظام الدولي الأسبق مع تجربة محمد علي أيضًا.

الفكر والواقع:

كان فؤاد زكريا في الثلاثين من عمره حين أصدر كتابه “الإنسان والحضارة” – لاحظ دلالة العنوان – الذي صفى فيه حساباته مبكرًا مع الصيغتين الفكريتين المطروحتين في النصف الأول من القرن العشرين، وسعى إلى تأصيل صيغة “التحرر والاستقلال” على مستوى الفكر والثقافة، التي ظلت على مختلف المستويات الأخرى مجرد “شعار” .

وتلك مفارقة، تسترعى الانتباه والأمل، بين “الفكر والواقع” في هذا المنعطف التاريخي، إذ أن ما آمن به زكريا وسعى إلى تأصيله بالفعل كان يتناقض عمليًا مع مجريات الأمور في الواقع المصري الذي “أبى” بدوره أن يتنازل عن الصيغة التوفيقية بل وعاد بها إلى مكوناتها الأولى وهي صيغة “إما …. أو”!.

في ضوء ما تقدم، نستطيع أن نتبين موقع فؤاد زكريا بوضوح داخل المشروع العلماني نفسه، فـ “فؤاد زكريا” لم يقل (علينا أن نصبح أوروبيين في كل شيء)، ولم يبحث عن (الحلول في التاريخ الأوروبي) حتى لو بقصد الاستفادة من تجارب الأمم الأخرى، ولم يدع إلى (التعادلية)، ولم يتعرج أو يسير من النقيض إلى النقيض، بل تجده دائمًا يطور أفكاره الخاصة، وينتقل بها من طور إلى طور في هارمونية تتصاعد فيها الأنغام وتهبط للواقع الذي يعيش فيه.

وتجد أيضًا أن الانتقادات التي وجهها إلى بعض رموز العلمانية في الثقافة العربية كانت أعنف مما وجهه إلى التيارات الإسلامية، والسبب واحد وهو أنه يرفض رفضًا قاطعًا “التبعية والتقليد”

هكذا نعود من جديد إلى صيغة “التحرر والاستقلال” التي ما انفك يناضل من أجلها، تلك التي تعني في جوهرها “الإبداع”/ فالحرية والاستقلال الشرط الشارط للإبداع.

إن قراءة فؤاد زكريا النقدية لأغلب توجهات الفكر العربي، والقضايا والإشكاليات الفكرية التي أصبحت جزءً لا يتجزأ من بنية العقل العربي، جعلته يلح على إحلال إشكالية “الإتباع والإبداع” مكان أكبر إشكالية قتلت بحثًا على مدار القرن الماضي وهي (الأصالة والمعاصرة). ويرى: “أن التحدي الحقيقي الذي نواجهه ليس اختيارًا بين الرجوع إلى الأصالة أو مسايرة العصر، وإنما هو إثبات (استقلالنا) إزاء الآخرين، سواء كان هؤلاء معاصرون أم قدماء، وابتداع حلول من صنعنا نحن، تعمل حساباً لتاريخنا وواقعنا، وتكفل لنا مكانًا في عالم لا يعترف إلا بالمبدعين”.

ملخص بحث

التعليم والحداثة

Education and Modernity

أ.د. أحمد زايـد

لقد ظهر مشروع الحداثة في المجتمعات الغربية. واستطاع هذا المشروع – بأدواته التكنولوجية والفكرية والسياسية – أن يخلق أنماطاً حديثة من المجتمعات لها سمات تختلف عن المجتمعات التقليدية؛ ومن أهم هذه السمات في المجال الاقتصادي: الاعتماد على التكنولوجيا، ونظام الإنتاج الرأسمالي، والأسواق الممتدة عبر العالم؛ وفى المجال السياسي : فتح الآفاق للحريات العامة والممارسات الديمقراطية؛ وفى المجال الاجتماعي الإعلاء من شأن الفرد والإنجاز؛ وفى المجال الإداري والتنظيمي اتخاذ البيروقراطية والقوانين العامة إطارا للعمل. وذلك كله في إطار ثقافة حديثة تقدر العقلانية والنقد الذاتي واحترام حقوق الآخرين، والتوفيق بين المصالح الفردية ومصالح الجماعة. ولقد نبذ المجتمع الحديث كل ما يمكن أن يعيق ذلك في ثقافة المجتمع التقليدي القديم.

ولا شك أن هذا النظام الحديث قد ارتبط بالتعليم ارتباطاً كبيراً. فالنظام الحديث نشأ أصلا عبر سلسلة من الأفكار التي بلورت الأسس التي قام عليها، والتي مهدت لقيام الثورتين : الثورة الفرنسية والثورة الصناعية. فبعد الثورتين تحولت الأفكار الفلسفية إلى واقع، وأصبح العقد الاجتماعي الذي كان حلماً واقعاً ملموساً على أرض الواقع. وباستقرار المجتمع الحديث استقرت نظم التعليم الحديثة : المدارس الحديثة، والجامعات التي تهتم بتعليم العلم، وتغرس مبادئ وقيم المجتمع الحديث في عقول طلابها. وبذلك يمكن القول أن التعليم ساهم في تأسيس المجتمع الحديث والمحافظة عليه، بل وفى تقدمه وانطلاقه الدائم.

ولقد انتقلت النظم الحديثة إلى المجتمعات غير الغربية عبر الاستعمار، واستمرت هذه المجتمعات في مجتمعات ما بعد الاستعمار، في تبنى هذه النظم عبر تأسيس الدولة الوطنية nation – States وما تتطلبه من مؤسسات حديثة (الجيوش، والبوليس، والدساتير، والمجالس التشريعية، والمدارس، والجامعات، والمصانع، والمستشفيات.. الخ). ولقد قطعت هذه الدول شوطاً كبيراً في هذا المضمار. ففي مجتمع مثل المجتمع المصري يمكن إرجاع خبرة الحداثة إلى بدايات القرن التاسع عشر. وكان التعليم هو أساس هذه الحداثة المنقولة، حيث أرسلت البعثات إلى أوربا وأنشئت المدارس الحديثة والمدارس المهنية.

والآن وبعد قرابة قرنين من الزمان من خوض غمار الحداثة في مصر، وما أفرزته من نظم للتعليم، هل لنا أن نسأل : هل ساهم التعليم فعلاً في بناء الإنسان الحديث ؟ وهل يعمل التعليم في بلد مثل مصر على اختلاف أو تناقض مع الثقافة التقليدية ؟ وهل هناك علاقة بين فشل التعليم في بناء الإنسان الحديث وبين مشكلات التنمية ومشكلات تأسيس الدولة الوطنية ؟ وللإجابة على هذه الأسئلة سوف ندخل في مستويين من التحليل :

الأول : النظر في الخطاب الحداثي حول التعليمmodernist educational discourse ، أي بعض الأفكار الحداثية التي طرحت حول تطوير التعليم في مصر. ونقف هنا وقفتين : الأولى عند كتاب رفاعة الطهطاوي “المرشد الأمين في تعليم البنات والبنين” الصادر عام 1871 والثانية عند كتاب طه حسين بعنوان “مستقبل الثقافة في مصر” والصادر عام 1937.

الثاني: النظر في بعض نتائج البحوث حول مخرجات التعليم في مصر، وبعض الممارسات المتصلة بالممارسات التعليمية لكي نكتشف إلى أي مدى يسهم التعليم في صناعة الاختلاف الحداثيmodernist difference.

ملخص بحث

“تكنولوجيا التعليم

وتحديث المجتمع العربي”

أ.د. إجلال إسماعيل حلمي

تتناول هذه الدراسة تحليلا لأبعاد عملية استثمار تكنولوجيا المعلومات في العملية التعليمية بهدف تحديث وتغيير مجتمعاتنا العربية.  وهى دراسة تقويمية لتجارب بعض البلدان العربية والإسلامية في هذا المجال بغية الوصول إلى تصور إجرائي يهدف إلى تحقيق التكامل العربي في دعم تكنولوجيا التعليم.

وتنقسم هذه الورقة البحثية إلى أربعة محاور :

المحور الأول: ويتناول واقع التعليم  في المجتمع العربي بعد عمليات تطوير التعليم منذ تسعينيات القرن العشرين.

المحور الثاني: وهو محاولة للإجابة على السؤال : لماذا نسعى لاستخدام تكنولوجيا التعليم و التربية التكنولوجية لتحديث المجتمع العربي؟

المحور الثالث: ويشتمل على تقويم لبعض التجارب في مجال تكنولوجيا التعليم لإبراز جوانبها الإيجابية والسلبية.

المحور الرابع: ونحاول فيه تقديم تصور لمشروع عربي متكامل يدعم عملية استخدام تكنولوجيا التعليم  في الارتقاء بنوعية التعليم و تحديث المجتمع العربي.

ملخص بحث

« اللغة العربية وهوية المجتمع

في عصر العولمة»

د. محمود محمد الحنطور

لقد أثرت علي اللغة العربية عدة مؤثرات منذ دخول الاستعمار إلى البلاد الإسلامية، وفرض لغته، وغلبة ثقافته، وبعد خروجه عسكرياً ظل التأثير السلبي علي اللغة العربية وأهلها حتى جاءت المؤثرات الحديثة من الثورة التقنية، والمعلومات وثقافة القطب الواحد، وما تلاه من عولمة أمريكية في كل شي، وغلبت الرطانات، والعاميات، والنزعات الفردية، وهيمنة اللغات الأجنبية مما زاد من ضعف اللغة العربية وفقدانها الكثير من مقومات هويتها وشخصيتها التي اكتسبتها منذ عصر النبوة، وما قبله، وبعد نزول القرآن الكريم الذي جعل اللغة العربية أساساً للفكر والثقافة والعلم، زيادة علي كونها لغة الوحي، والحفاظ عليها حفاظ علي الوحي، وضياعها ضياعه، وبقاؤها بقاؤه مما يحتاج منا إلي سياسة مدروسة، وخطط مستقبلية، تشترك فيها كل الدول المتحدثة باللغة العربية، متخذة من اتحادها قوة تدفع بها ما يجره الضعف علي اللغة والهوية من الذوبان في عصر لا يعرف إلا الثقافة الواحدة واللغة الواحدة. فاللغة هي الهوية وبدونها لا هوية لأمة مهما ادعت من قوة أو وجود، ووجود اللغة العربية هو وجود للأمة العربية والإسلامية. وقد احتوى البحث علي مقدمة وخمسة مباحث وخاتمة فيها الخلاصة والمصادر: الأول عن الهوية، والثاني الغلبة والثالث عن الشخصية الإسلامية والرابع عن السياسة والخامس عن العولمة والتفكك، وقد رجوت في نهاية بحثي هذا عدة رجاءات أتمني أن تتحقق وهي:

–         التخطيط لمستقبل اللغة العربية، واستثارة العقول في إخراج ما ينفع هذه اللغة.

–         الإنتاج اللغوي الجيد في كل المجالات: علامة تجارية، وصحة، واقتصاد، وتفوق علمي.

–    الترغيب والتيسير وسيلتان مهمتان في نشر اللغة واستمرار تفوقها، إذا أضيف إليها التشويق حتى لا ينفر المتلقي من لغته، ويهرب إلي غيرها قاصداً أو غير قاصد، وهذا واجب قومي، وعمل وطني يحتاج إلي تضافر الأجهزة، واتحاد السياسات التي تتولى مهمة اللغة العربية علي كافة مستوياتها من خلال الخبرة، والمشورة والميزانية، والقوانين والنظم.

–    لا أري دوراً لرجال الأعمال والأغنياء والشركات والمنتديات والنوادي في خدمة اللغة العربية، كما نفعل في الكورة مثلاً، أو الطهي، أو الملبس، وكل ما يتصل بحياة الإنسان، ونسينا أو تناسينا الاهتمام باللغة العربية، وجعلها محور التفكير أو عنوان الندوات.

ملخص بحث

“التغيرات العالمية والعربية المعاصرة وانعكاسها على

تنشئة الطفل العربي وأساليب مواجهتها”

أ. د/ فايزة يوسف عبد المجير

تتلخص الورقة البحثية في عنصرين أساسيين – هما:

(1) أهم التحديات العالمية والعربية – وانعكاسها على تنشئة الطفل العربي – بصفة خاصة

(2) أساليب مواجهتها في دعم ثقافة الطفل العربي وتربيته.

أولاً: أهم التحديات هي:

1 – الافتقاد إلى رؤية إستراتيجية – ونقصد بها مجموعة السياسات التعليمية والثقافية والاجتماعية المتكاملة، والتي يمكن تطبيقها في السنوات القادمة في تنشئة الطفل.

2 – الافتقاد إلى سياسة تكنولوجية محددة – أي لم نحدد بعد أولويات مبادراتنا التكنولوجية.

3 – ليس لدينا سياسة قومية محددة للبحث العلمي – تُطبق نظريات ومناهج العلم، والتي تتناول مشكلات الطفل العربي، في ظل التغيرات المتلاحقة في المجتمع.

4 – ليس لدينا سياسة معرفية، ونقصد بها انتقال المجتمع من مجتمع المعلومات Information Society، إلى ما يسمى بمجتمع المعرفيةKnowledge Society، وإدارة المعرفة هي التحدي الحقيقي لكي نصل إلى مجتمع المعرفة.

5 – افتقاد المجتمع لسياسة ثقافية شاملة، ترفع الوعي الثقافي حول التعامل مع الطفل.

إذن – فنحن أمام مشكلتين: إحداهما؛ تتمثل في شيوع الفكر الخرافي في تنشئة الطفل وتربيته، والمشكلة الثانية؛ هي سطحية الإعلام العربي، والذي يذخر ببرامج للأطفال، لا ترقى لمستوى التحديات العالمية.

6 – تغريب الطفل العربي في مجتمعه، من خلال تهميش اللغة العربية في برامج التعليم والثقافة والإعلام، وفي الحياة اليومية.

ثانيًا: أساليب مواجهة هذه التحديات:

1 – ترسيخ مبدأ التعليم باللغة العربية، في المجتمعات العربية والمدارس والجامعات ووسائل الإعلام والثقافة، وفي الحياة اليومية.

2 – الاستخدام الواعي للمعلومات وأدوات الاتصال، وانعكاس ذلك على البرامج التعليمية، وعلى التعليم عن بعد، وعلى المكتبات المتطورة … إلخ.

3 – إنشاء بنية معلوماتية؛ تقوم على أساس الحواسب الآلية، في صورة شبكات للمعلومات المختلفة، وبنوك للمعلومات، والتي ستؤدي بدورها إلى تحسين وسائل تبادل المعلومات وتعميق الفهم.

4 – أن يصبح التعليم عن بعد – بفضل وسائل الاتصال الحديثة – وسيلة للتعليم الفعّال، التي يمكن أن تتلافى سلبيات وسائل التعليم التقليدية، وذلك بالتعامل مع معرفة متغيرة ومتجددة في كل لحظة، مما سيجعل هذه العمليات بذاتها، تُسهم في خلق المعرفة الجديدة، التي تًُشكل العقلية التحليلية والنقدية للطفل العربي.

5 – التركيز في أساليب التعليم ووسائل الإعلام، على ترسيخ القيم الإيجابية الفعّالة للمجتمع العربي في تنشئة الأطفال.

6– تنمية مناخ لتنمية قدرات الإبداع والتفكير الاستدلالي والناقد، في كل مجالات التربية والتعليم والثقافة الموجهة للطفل العربي.

ويقصد بالاستبعاد الاجتماعي “عملية تحول دون المشاركة الكاملة للأفراد والجماعات في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، كما تحول دون ممارسة حقوقهم”.

وبذلك ينطوي تعريف الاستبعاد الاجتماعي على ثلاثة عناصر:

  • أن الاستبعاد يشير إلى الأفراد والشرائح والجماعات.
  • إنه يجسد الحرمان القائم في المجتمع.
  • إنه يتأسس على العلاقات الاجتماعية الموجودة.

ويهدف هذا البحث إلى تحليل مظاهر الاستبعاد في مصر في المناطق الحضرية تدرجًا من المدن الكبيرة إلى المدن الصغيرة. ويتم التركيز هنا على عدة مظاهر للاستبعاد الاجتماعي منها: الفقر، والأمية، والتسرب، والبطالة، وعمالة الأطفال، والاستبعاد السياسي، بالإضافة إلى الاستبعاد المكاني الذي يتمثل في المناطق العشوائية وجيوب الفقر من ناحية، والأحياء الراقية ونوادي الصفوة من ناحية ثانية.

كما يحاول البحث استشراف مستقبل العلاقة بين التحضر والاستبعاد الاجتماعي استنادًا إلى الإسقاطات السكانية حتى عام 2020، وانعكاسات ذلك على البناء الاجتماعي ومسيرة التنمية في المجتمع المصري.

وترتكز الدراسة على مجموعة من المؤشرات المتاحة من تقارير التنمية البشرية للمحافظات، ومنها دليل التنمية البشرية ومكوناته (الصحة، والتعليم، والدخل) والحرمان البشري، والمؤشرات الديموجرافية (معدل المواليد الخام، ومعدل الوفيات الخام، ومعدل استخدام وسائل تنظيم الأسرة، ومعدل الإعالة الديموجرافي، ونسبة الإحلال لقوة العمل، ومعدل وفيات الرضع)، ونسبة السكان تحت خط الفقر، والأطفال دون الخامسة ناقصي الوزن، ونسبة الأسر التي تحصل على مياه مأمونة، بالإضافة إلى عدد المناطق العشوائية ونسبة السكان فيها.

ويستكمل الباحث معالجة القضايا السابقة بدراسة ميدانية على عينة من الشرائح المستبعدة وفقًا لأشكال الاستبعاد: الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي في مناطق حضرية مختلفة بهدف تدعيم منظور علم الاجتماع إلى هذا الموضوع، وتقديم بعض التوصيات بالسياسات الاجتماعية في مصر.

ملخص بحث

ثقافة الاستهلاك وتحديث العالم العربي

أحمد مجدي حجازي

“بعد اختراق الدعاية الأمريكية لعقول البشر،

استطاعت أمريكا أن تشعر الجميع بالجوع إلى المتعة”

إيناسيو راموتيه

في كتاب أمريكا والعقول

في ظل متغيرات عالمية غير مسبوقة في التاريخ، تطورت آليات السوق وتغيرت قواعد التجارة وتبادل السلع والمنافع وأصبحت الثقافة آلية من آليات الهيمنة والسيطرة بفضل عالم لا يعرف غير القوة في التعامل مع الآخر، عالم يصطنع أصحابه المساواة ويعلق شعار “جيران في عالم واحد” إلا أن الواقع يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنه عالم لا يعرف المساواة بين الدول أو الشعوب، عالم تغيرت فيه موازين القوة وقواعد السلطة.

وتشير الوقائع إلى التباين بين الدول، والتناقضات السائدة بين الأنظمة، وتمايزات واضحة بين الطبقات الاجتماعية على الصعيدين العالمي والمحلي، فالدول تنقسم إلى فريقين يدفع الفريق الأول شعوبه نحو العمل المنتج، والفريق الآخر يقف متلقيًا لما ينتجه الأول، تمايزات تعرف طريقها في ظل منافسة غير متكافئة.

وفي ظل هذا المناخ العالمي تحولت سلوكيات البشر – خاصة في الجزء الجنوبي من القرية الكونية – إلى أفعال أكثر ميلاً نحو الوجدان والعاطفة غير المدروسة في التعامل مع السلع المعروضة أو المعلن عنها، حيث ينزع المتلقي (المستهلك) نحو الرغبة في الامتلاك، والارتباط العاطفي بالسلعة دون إدراك أو وعي بمدى حاجته إلى تلك السلعة. وعليه تحولت قيم العمل والإنتاج إلى قيم الاستهلاك والتملك، وأصبح امتلاك السلعة هو المعيار الأول في تحديد مكانة الفرد ومركزه في الجماعة التي ينتمي إليها.

لقد تشكلت نزعات استهلاكية ترفيهية، وهرول الناس نحو الأسواق، أو هرولت الأسواق إليهم، وأضحى التسوق في حد ذاته هدفًا يسعى إليه أفراد بعض المجتمعات، راغبين في الحصول على ما يتم الإعلان عنه، مترقبين بشغف الحصول على السلع التي يعلن عنها، أو ما يسمعون عن طرحها في الأسواق.

والسؤال المثار، كيف يحدث ذلك، وكيف تتحول ثقافة الإنتاج إلى ثقافة استهلاكية تتسم بمتعة التسوق والامتلاك؟ ومن المستفيد من نشر ثقافة الاستهلاك؟ وماذا حدث للمصريين؟ وما موقفنا من قضايا الإنتاج والاستهلاك والتنمية؟ وكيف نواجه تحديات الاستهلاك الترفي في ظل عالم غير متوازن يدعم ويعمم ثقافة الاستهلاك لدى الشعوب؟

تحاول هذه الدراسة الإجابة عن التساؤلات السابقة والوقوف على قضايا الإنتاج والاستهلاك والتنمية لشعوب العالم الثالث.

ملخص بحث

قابلية الشخصية المصرية للتحديث

“تحليل للواقع واستكشاف لآفاق المستقبل”

د.نجلاء راتـب

يكاد يكون هناك اتفاقا على أن فشل غالبية تجارب التحديث التي مر بها المجتمع المصري منذ القرن الثامن عشر إنما يرجع في جانب كبير منه إلى أنها كانت تجارب مفروضة على المجتمع ولم تهتم بالتفاعل مع الجماهير، بل كانت نابعة  من فكر الصفوة التي تقوم بعملية التحديث .

وقد ترتب على ذلك أن تم تحديث البيئة المادية في كثير من الأحيان دون تحديث العقل المصري والشخصية المصرية التي ظلت مفتقدة لأهم المقومات الضرورية التي ينبغي أن تتسم بها لكي تشكل دعما ودافعا لتحديث مجتمعها .

وفى هذا السياق تدور الفكرة الرئيسية لهذا البحث حيث نحاول تتبع ثلاث متغيرات أساسية عبر المراحل المختلفة التي مر بها المجتمع المصري منذ تجربة التحديث التي قام بها “محمد على”:

المتغير الأول هو متغير النظام السياسي الذي يتناوله البحث باعتباره المتغير المستقل.

المتغير الثاني هو متغير النخبة المثقفة و الدينية باعتبارها قد شكلت في بعض الأحيان متغيرا وسيطا حاول أن ينقل توجهات النظام السياسي إلى الجماهير أو ينقل رؤية الجماهير ومعاناتها إلى النظام السياسي . بينما في أحيان أخرى شكلت النخبة المثقفة أو الدينية متغيرا مستقلا حينما حاولت طرح مشروعاتها الخاصة لتحديث المجتمع المصري .

– وتأتى الشخصية المصرية باعتبارها المتغير الثالث الذي يستجيب لكل من توجهات النظام السياسي وسلوكيات النخبة وفكرها.

واستناداً إلى ذلك تنطلق الدراسة من افتراض أساسي مؤداه انه مهما كانت توجهات النظام السياسي أو النخبة إيجابية نحو تحديث المجتمع ، فإنها تظل تجربة ناقصة أو غير مكتملة طالما أنها لم تتوجه بالأساس نحو تحديث العقل المصري أو الشخصية المصرية التي تآكلت قابليتها للتحديث من جراء هذه التجارب الناقصة.

ملخص بحث

الآثار السلبية لمضامين شبكة المعلومات الدولية

على ثقافة الشباب وعملية التحديث

إعداد: د. فاطمة يوسف القلينى

مقدمة:

إن مفهوم حق الاتصال برز للمرة الأولى في عام 1969، وكان (حان دارسي) رئيس المعهد الدولي للاتصال في ذلك الوقت أول من رسم عدداً من المبادئ حين دعا إلى حق أوسع نطاقاً من الحق الإعلامي وهو الحق في الاتصال، ويشتمل هذا الحق ضمن مبادئ أخرى على حق الإنسان في أن يسمع ونستمع إليه وأن يعلم ويُعلم، أما د. سموندقبشر أستاذ علوم الاتصال فيرى أن حق الاتصال هو حق أساسي للإنسان، وليفرع عنه عدد من الحقوق والحريات الأخرى مثل الحق في الإعلام وحرية التعبير وحرية الرأي.

أما فيما يتعلق بضبط مفهوم هذا الحق فإن هناك نهجين مختلفين:

الأول يؤسس هذا الحق على الإطار الذهني للحريات والحقوق في مجال الاتصالات.

والثاني يرتكز على ضرورة وضع مفهوم جديد وأسس جديدة لهذه الحريات والحقوق.

ويبدو أن “الحق في الاتصال” ينطوي على مشكلات تختلف في شكلها وجوهرها ويختلف تأويلها من مجتمع إلى آخر. ويطلق هذا على مختلف المستويات والتنظيمات الاجتماعية في علاقاتها مع الدول الأخرى وفى علاقتها مع الجماعات والأفراد وفي علاقات وسائل الإعلام مع الحكومة ومصادر الإعلام مع الجمهور.

ويرجع منشأ عناصر حق الاتصال إلى المواقف الاجتماعية والثقافية والدينية وإلى دساتير الدول وإلى النظم السياسية القوانين وتنظيمات الحكومات وأنشطتها على مختلف المستويات، وينطوي هذا الحق على واجبات ومسئوليات مماثلة. وفى ضوء ذلك تحاول الدراسة الحالية التعرض إلى المحاور الأساسية التالية:

أولاً: الشبكة المعلوماتية الكونية.

ثانيا: الاتصال في عصر الإعلام الالكتروني.

ثالثا: سمات وخصائص الاتصال الالكتروني Face book الموقع الاجتماعي.

رابعا: التحولات وأشكال التعبير الاتصالي.

ملخص بحث

تحديات التحديث

ومؤسسة الدعوة

فضيلة الشيخ جمال قطب

مدخل:

حينما تعلقت إرادة الله بجعل القرآن الكريم خاتم الكتب السماوية وخاتم الوحي الإلهي كان معني ذلك أن الله سبحانه وتعالى قد حّمل الإنسانية إلى يوم القيامة مسئولية رؤية واقعهم المتغير مكانا والمتحدد زماناً يرونه في ضوء هذا الوحي فيجتهدون كيف ينضبط الواقع تحت مظلة الشريعة المنـزلة.

هذا الاجتهاد يستلزم جماعة متخصصة متفرغة ] … فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ[ (التوبة: 122).

والجماعة المتخصصة لا يتم إعدادها وتدريبها إلا من خلال مؤسسة تهيمن على وظائف الدعوة (أعداد المناهج – تنشئة الدعاة – التراكم العلمي الفقهي – حمل الدعوة إلى أمة الدعوة ( جميع البشرية) – حمل الدعوة إلى أمة الإجابة (الأمة المسلمة) – ممارسة الحوار العالمي بالحكمة والموعظة الحسنة من منطلق القدرة والتدافع وعدم التراجع.. الخ وهذه الوظائف تؤدي من خلال أدوار متعددة.

ولكن للأسف الشديد فإن ضوابط ومقومات المؤسسة قد أحيط بها فتقوقعت حركتها في نطاق تراثي ضيق يتجافى مع الرؤية القرآنية للعالم من ناحية ويتعنت مع الواقع المتحدد والمتغير من ناحية أخرى.. وهذا هو التحدي الأكبر الذي يحول بين مؤسسة الدعوة (الصفوة) وبين المشاركة في الواقع دائم التغيير والتحديث.

وتحاول الدراسة الإجابة على الأسئلة التالية:

أ- هل تقع قضية الدعوة الإسلامية ضمن وظائف الدولة؟

ب- ما هو مكان ومكانة مؤسسة الدعوة من مؤسسات الدولة؟

ج- ما هي وظائف مؤسسة الدعوة في الدولة الإسلامية؟

د- هل أدت مؤسسة الدعوة دورها في دعم مشروعات التحديث؟

هـ- كيف تستأنف مؤسسة الدعوة دورها؟

وتكتفي الدراسة بالساحة المصرية وموقف مؤسسة الدعوة (الأزهر الشريف) وما حاق به من ضغوط وما خطط له من تهميش وإخراج من التفاعل الشعبي.

1-  هيكل الدراسة : تقع الدراسة في مقدمة وفصلين وخاتمة

  • المقدمة وتشمل تقرير الدراسة ثم تمهيد .
  • الفصل الأول:

أ‌-  التعريف بالمؤسسة ووظائفها .

ب‌- نبذة تاريخية منذ إنشائها حتى نهاية القرن 18.

  • الفصل الثاني:

أ‌-  المؤسسة وتجربة أسرة محمد علي .

ب‌- المؤسسة والتجربة الثورية الاشتراكية من 52-70 .

ت‌- المؤسسة وتجربة الانفتاح 70.

  • · الخاتمة:

وتشمل توصيات الدراسة.

  • · المراجع .

ملخص بحث

“تجديد التراث لقيادة التحديث في المجتمع المصري

دراسة لاتجاهات عينة من النخبة الفكرية نحو الموروث الثقافي”

دراسة مقدمة من:

د. حنان محمد عبد المجيد إبراهيم

قضية البحث وأهدافه:

هناك فكرة شائعة في الفكر السوسيولوجي تدور حول الازدواجية المجتمعية في المجتمعات العربية، وهذه الفكرة تؤسس لنظرية تفترض وجود قطاعين منفصلين متعارضين في بنية المجتمع، قطاع تقليدي محلي متخلف، والآخر حديث وافد متقدم، ويفترض أصحاب هذه النظرية أن هذين القطاعين في حالة من التصارع بما لا يسمح لأحدهما أن يسود في المجتمع، وربما يذهب البعض إلى أن هذا الانقسام الاجتماعي الداخلي بين القديم والحديث قد أفضى إلى تشويه في تركيبة وبنية المجتمعات العربية مما أعاق حركة التحديث في شتى المجالات. ومن هنا دعا أصحاب اتجاه الحداثة من التغريبيين إلى إحداث قطيعة معرفية مع التراث حتى يتحقق التحديث، إلا أن دعوتهم تلك لم تفلح في تغييب التراث، ولم تفض جهودهم إلا إلى خلق أشكال مشوهة تدعي التمثل بالنموذج الغربي للحداثة.

وهناك من يعتقد أن المجتمع المصري يعاني من ازدواجية ثقافية ومجتمعية تظهر في استمرار الظواهر والسلوك والقيم والاتجاهات التقليدية بجوار الظواهر والسلوك والقيم والاتجاهات الحديثة الوافدة من الحضارة الغربية. وهذا ما يدعو إلى التساؤل هل المجتمع المصري الذي انتقلت إليه عناصر الثقافة الغربية مع نهاية القرن التاسع عشر مازال حتى وقتنا الراهن ذا طبيعتين بنيويتين منفصلتين ومختلفتين ومتصارعتين؟ وهل يصح القول إن الأنساق الاجتماعية ظلت تجمع طيلة عقود ممتدة بين القديم والحديث في ثنائية متوازية؟ وهل بقيت المكونات التراثية والمكونات الحديثة متجاورة ومنعزلة دون أن تتفاعل أو يتم استيعاب بعضها في البعض الآخر؟

وربما لا نحتاج للإجابة على هذا التساؤل أكثر من إمعان النظر في الواقع المعاش الذي يبدو محتفظاً بكثير من عناصر التراث التي ظلت حية وماثلة في التفاعلات الاجتماعية، وحاضرة في الوعي الجماهيرية بقوة. بينما يكشف هذا الواقع عن كثير من العناصر الثقافية والمجتمعية الحديثة التي انخرطت في العناصر التقليدية، كما يكشف عن بعض القيم الحديثة التي تم استيعابها في إطار البنية المجتمعية التقليدية، مما افقدها مضمونها الأصلي وجعلها تصطبغ بمعانٍ جديدة، ومن هنا يثبت الواقع أن المكونات التراثية لم تغب عن الواقع الاجتماعي والثقافي. وأن بعض هذه المكونات قد تلاقت مع المكونات الحديثة الوافدة في كثير من الأحيان، إلا أن ذلك لم ينتج بنية مجتمعية متقدمة. وقد يشير ذلك إلى أن ثمة شروط معينة مفقودة لو إنها تحققت بصورة إبداعية خلاقة خلال تلاقي القديم والحديث لكان بالإمكان تفعيل التراث لتوجيه وقيادة عملية التحديث اللازمة للنهضة والتقدم، إلا أن الجهود التوفيقية التي بذلت بهدف صياغة تركيبة تجمع بين عناصر التراث ومعطيات الحضارة الحديثة لم تفلح في إحداث التجديد والتحديث المطلوب، ربما لافتقارها لهذه الشروط وربما لأسباب أخرى.

وتبحث هذه الدراسة قضية تجديد التراث لقيادة التحديث في المجتمع المصري، واتجاهات عينة من النخبة الفكرية نحو الموروث الاجتماعي والثقافي، وذلك من خلال عدة محاور تدور حول:

  • · القطيعة المعرفية مع التراث وتأثيرها على المشروع التحديثي في المجتمع المصري.
  • · التمسك بالخصوصية التراثية ومدى ملاءمة ذلك في ظل التحولات العالمية الحديثة.
  • · من أين يبدأ التحديث، وهل يتعارض مع المرتكزات والثوابت القيمية الدينية.
  • · شروط تفعيل التراث والمعايير الضابطة لتلاقي المكونات التراثية بالمكونات الحديثة.
  • · كيفية تجديد البنية المجتمعية وتحديثها في سياق يختلف عن النموذج الحداثي الغربي.

ملخص بحث

“دور رأس المال الديني

في تحديث المجتمع العربي”

د.على ليلة

يعتبر رأس المال الديني أحد المفاهيم الحديثة في التنظير الاجتماعي، وقد ظهر هذا المفهوم مرتبطاً بمفاهيم رأس المال الاجتماعي، ورأس المال المعرفي، ورأس المال الثقافي، وهى رؤوس الأموال التي تشكل طاقة معنوية تدعم الفعل الإنساني بالقدرة التي تمكنه من إنجاز أهداف محدودة، تماما مثلما يفعل رأس المال الاقتصادي.  في هذا الإطار تشكل المعاني الدينية مصدراً لتأسيس الترابطات والشبكات التي تشكل قاعدة من الثقة المتبادلة، ومن ثم تعد مصدراً أساسياً للفعل الجمعي الذي يسعى لتحقيق أهداف محددة يؤدى إنجازها إلى تدعيم وجود الأفراد وتماسك الجماعات والمجتمع.  ارتباطاً بذلك يتجلى رأس المال الديني من خلال مظاهر عديدة.

ويتمثل المظهر الأول في كون المعاني الدينية تشكل الطاقة أو الرصيد المعنوي الذي يستمد منه المجتمع قوته في نضاله لتحقيق أهداف محدودة، تأكيداً لذلك أن المعاني الدينية لعبت دوراً أساسياً في جهاد المجتمعات الإسلامية من أجل حصولها على الاستقلال.

بينما يشير المظهر الثاني إلى قدرة رأس المال الديني من خلال معانيه ومضامينه على تعبئة البشر باتجاه تحقيق هدف مشترك، يدعم عملية التنمية.  يؤكد ذلك ما ذهب إليه عالم الاجتماع ماكس فيبر من خلال برهنته على أن القيم البروتستنتية هي التي شكلت المعاني الدافعة لتأسيس النظام الرأسمالي، وكيف تحولت هذه المعاني إلى تراكم اقتصادي شكل أساساً لقيام النظام الرأسمالي.

وهو ما يعنى أن المعاني الدينية يمكن أن تشكل قيمة مضافة لقدرات البشر الأخرى، تساعدهم في تحقيق إنجازات التنمية والتحديث في مجتمعاتنا. نشير في هذا الصدد إلى الدور الذي لعبته ديانة “الشنتو” في التجربة اليابانية، والدور الذي لعبته القيم البروتستنتية في التجربة الرأسمالية الغربية، والدور الذي لعبته القيم الإسلامية في التجربة الماليزية والتجربة الإيرانية.

ويشير المظهر الثالث إلى خضوع رأس المال الديني لإعادة الإنتاج بأساليب عديدة.  حيث يتمثل الأسلوب الأول من خلال حركة تجديد الفكر الديني، لاستكشاف طبقات المعاني التي تمتلك الفاعلية في التعامل مع قضايانا والمساهمة في حل مشكلاتنا المعاصرة، وهو ما يعنى إضافة طاقة للفاعلية الاجتماعية والمجتمعية.  بينما يتصل الأسلوب الثاني بتطوير المعاني الدينية المعتدلة ونشرها عند البشر، بما يؤكد لديهم القيم السوية التي تساعد في التعامل السمح بين الأنا والآخر.  كما تؤسس دوائر متتابعة الاتساع فيما يتعلق بتأكيد الثقة في المجتمع، وتعميق القابلية للتبادل على مستويات عديدة سواء داخل الجماعة الواحدة أو بين أعضاء الجماعات المختلفة بما يؤكد تماسك المجتمع، وتمكينه من القيام بإنجاز الفعل الجمعي.

استناداً إلى ذلك يتباين تعامل المجتمعات مع رأس المال الديني، فقد تعمل بعض المجتمعات باتجاه هدر رأس المال الديني، إما من خلال أداء الجماعات المتطرفة التي تعمل على تجميد المعاني الدينية واختزالها وتشويهها، بحيث تصبح هذه المعاني مهدرة للتماسك الاجتماعي والثقة المتبادلة.  أو من خلال فعل بعض الأنظمة السياسية التي تسعى إلى اختزال دور الدين وفاعليته، واستبعاده إلى حدود الضمير الفردي وعدم الاستفادة من هذه المعاني سواء في التعبئة من أجل الفعل الجمعي، أو في الحفاظ على مستوى ملائم من الأخلاق العامة الموجهة لأفعال البشر وسلوكياتهم.  على خلاف ذلك تعمل بعض الأنظمة السياسية على تعميق وتطوير رأس المال الديني بحيث يصبح الدين حاضراً بقوة في فضاء المجتمع، بحيث تصبح المعاني الدينية هي الطاقة التي يستدعيها المجتمع ليتخطى موقف الأزمة أو المأزق، أو يلجأ إلى استدعائها حينما يحتاج إلى التماسك الاجتماعي لدفع المجتمع باتجاه فعل شامل ومشترك، كفعل التنمية والتحديث.

ملخص بحث

“في الأصول الثقافية

لتجربة الحداثة التركية”

بقلم: أ.د. محمد هريدي

قد يظن البعض أن تجربة الحداثة التركية التي بدأت مع إعلان الجمهورية التركية عام 1924 وليدة الثورة الكمالية، أو أنها من بنات أفكار الثورة، ولكن الحقيقة أنها كانت نتيجة لمقدمات بدأت منذ مطلع القرن التاسع عشر، كما أنها تتاح لعملية تاريخية قد ترجع إلى القرن السابع عشر، لذلك أثرنا الكشف عن جذور حركة الحداثة التركية وأصولها الثقافية لتحقيق عدة أهداف لعل من أهمها:

1 – محاولة فهم الحاضر من خلال التعرف على أبعاد التجارب ونتائجها في الماضي.

2 – التعرف على أبعاد تجربة الحداثة التركية.

3 – الإفادة من التجربة التركية نظرًا لتشابه الجذور الثقافية بينها والتجربة المصرية.

4 – التعرف على أهمية الجانب الثقافي في تحديث المجتمعات البشرية.

ولتحقيق هذه الأهداف يمكن تقسيم الموضوع إلى العناصر التالية:

  • المفاهيم والمصطلحات.
  • بوادر انهيار الدولة العثمانية ومحاولات الإصلاح السلفي.
  • حركة التغريب في المجتمع التركي في القرن التاسع عشر.
  • اتجاه الدولة العثمانية للأخذ بأسباب التحديث على النسق الغربي.
  • التيارات الفكرية والاجتماعية التي سادت في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل العشرين.
  • أهم المؤلفات والمترجمات ذات الأثر في الحياة الفكرية والسياسية في الفترة السابقة الذكر.
  • مبادئ الثورة الكمالية وجذورها الثقافية.
  • الاتجاهات الفكرية والاجتماعية السائدة في المجتمع التركي خلال النصف الثاني من القرن العشرين.
  • ملامح التجربة التركية المعاصرة.

نخلص من ذلك إلى نتيجة مؤداها أن جذور التجربة التركية الحديثة ترجع إلى القرن التاسع عشر.

 

ملخص بحث

“تجربة التحديث الإيرانية

تحويل العقائد إلى رأسمال”

أ.د. محمد السعيد عبد المؤمن

عكف نظام جمهورية إيران الإسلامية على إحداث ثورة تنموية تهدف إلى تطوير الفكر الإيراني والحركات الإيرانية في مختلف المجالات، باتجاه الأصالة من خلال أساسين: أحدهما عقائدي يتمثل في الخطاب الشيعي الجديد للحوزة العلمية الدينية، والآخر قومي يتمثل في القيم التراثية للشعب الإيراني، مع الأخذ بالوسائل التقنية التي تخدم التوجهات الفكرية والثقافية الحديثة، كأدوات للحركة الثقافية الجديدة. وركز المشرع الحضاري الإيراني في نظريته على العمل، لأن الاجتهاد هو الذي يخلق الابتكار ولا يمنع من الاستفادة من ابتكارات الآخرين. وكان للمؤسسات الثورية والدينية دور في دعم التوجه الثقافي للتنمية. وقد استطاعت إيران أن تحقق قدرًا من النجاح في تحقيق أهدافها المرحلية، شجع على استقرار نموذج اقتصادي إسلامي يجمع بين النهضة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية.

ومن ثم تضمن البحث عدة عناصر رئيسية، هي:

الخطاب الثقافي للحوزة العلمية: وهي مؤسسة دينية شيعية تقوم بالفتوى وتعليم المذهب والتوجيه الديني والثقافي، أصبحت صاحبة الكلمة الأولى في تحديد المنظور الثقافي، ولكنها حرصت على ألا تنفرد بإدارة الحركة الفكرية في المجتمع، فعملت على توحيد العمل بين الحوزة الدينية والجامعات، من خلال قيادة تقوم بعملية إعادة بناء الكيان الثقافي الجديد، وتكوين هيكل فاعل يتناسب مع الحركة الجديدة.

نموذج الإصلاح: جاء الإصلاح نابعًا من ثوابت في الثورة الإسلامية والنظام الإيراني، وبرغم الاستفادة من التجربة الصينية والتجربة اليابانية، إلا أن الإصلاح الإيراني تجربة ذاتية خالصة، تنبع من قيم الثورة والنظام، وتراعي طبيعة الشخصية القومية وتراثها الحضاري والثقافي، وتصب في مصلحة البلاد والشعب.

آليات التنمية: آلية جيش حراس الثورة الإسلامية والمسيح: قام جيش حراس الثورة بدور كبير في عملية إعادة البناء والتعمير، خاصة في المناطق المحرومة، وقد شُكلت كتائب التعمير وكتائب التعليم، والكتائب الهندسية، والكتائب الإدارية، وكتائب المساجد من جميع الطبقات والفئات، وقد زاد عدد أفرادها عن ثمانية ملايين شخص في 400 مدينة بجميع أنحاء البلاد، قامت بخدمات جليلة في مجالي الأمن والتعمير.

آلية جهاد التعمير: أسست مجموعة طلابية جهاد البناء بهدف تقديم مشاريع تنموية وتوسعية للمناطق الريفية، ثم صارت مؤسسة، وتحوّلت إلى وزارة جهاد البناء، ثم أُدغمت في وزارة الزراعة لتصبح وزارة الجهاد الزراعي، فكانت ظاهرة ثقافية أدت إلى حركة تنموية واقعية، ولم تتوقف جهود هذه الآلية عند الخدمة في المناطق النائية والمحرومة والحدودية، بل تجاوزتها إلى خارج الحدود للعمل في الدول الفقيرة والنامية في أفريقيا وآسيا.

آلية المنظمات الأهلية: تكونت هيئات ومؤسسات غير حكومية من أموال الخمس والتبرعات والزكاة، كان لها دور في دعم التوجه الثقافي للتنمية، وهي هيئات غير هادفة للربح تمارس أعمالاً تجارية وإنتاجية وبنكية، بجانب الخدمات الاجتماعية، والبعض منها يقوم بدور دعائي للحماية والتأييد والتعبئة العامة وتدريس العقائد.

آلية النفط: لقد استفادت إيران بالنفط للخروج من عزلتها السياسية ولكسر الحصار الاقتصادي، ولتحقيق مكاسب سياسية وحل مشاكل التنمية مع الحكومة، ونقل التكنولوجيا.

آلية السوق (البازار): للبازار دور سياسي واجتماعي وثقافي، وله مشروعات ثورية وتنموية كثيرة، حتى أصبح النظام يعتمد على حركة البازار في دعم عملية التنمية.

آلية النشاط النسائي: تهتم عملية التنمية في إيران بتخصيص دور للمرأة في تنمية المجتمع فضلاً عن دورها السياسي من خلال عدة قنوات.

نماذج من الإنجازات: البرنامج النووي: يعتقد الإيرانيون أنهم نجحوا في أن يجعلوا لأنفسهم برنامجًا نوويًا، يقف على أقدامه رغم الضغوط والتهديدات والحصار الاقتصادي، وقد ساعد في إنجازه عناصر عديدة أهمها: ربط البرنامج بأصالة الأمة، ربط البرنامج بالعقيدة، ربط البرنامج بالتنمية واللحاق بالنمور الآسيوية، الاكتفاء الذاتي، الاتجار في التقنية النووية، التأكيد على القيام بدور إقليمي قوي.

نموذج النجاح الإيراني في العراق (تحويل التهديد إلى فرص): إن هدف النفوذ الإيراني في العراق ليس سياسيًا أو أمنيًا أو مذهبيًا فقط، بل الاستفادة من الظروف الاقتصادية التي تمر بها العراق، فتجارة الترانزيت يمكن أن تزيد من نفوذ إيران.

مشروع التحديث: يشير المشروع إلى أن الدين هو أقدم صرح وظاهرة إنسانية، وتطلعات الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى أفق سنة 2025م: تتمثل في خطة تتضمن: التنمية الاقتصادية والعلمية والتقنية، التنمية الاجتماعية، التنمية الثقافية، التنمية السياسية.

من الواضح أن المنظور الثقافي الذي أرساه نظام ولاية الفقيه سوف يبرز في عملية التطبيق للمشروع خلال المرحلة المقبلة، مع بعض التعديلات الضرورية التي تتناسب مع طبيعة هذه المرحلة والظروف العالمية. إن الأمل في مستقبل واعد لإيران يتوقف على قدرتها في صيانة ثقافتها الدينية، لا في الظواهر بل في وجدان الشعب، والعِزّة هي المعوّل عليها لتحقيق تنمية حقيقية في المجتمع.

ملخص بحث

“التجربة الماليزية في التنمية الإنسانية: أضواء ودروس”

أ.د. علي جلبي

تهدف الورقة إلى تسليط الضوء على التجربة الماليزية في التنمية، وذلك من خلال الأبعاد الأربعة التالية: السياسة الاجتماعية الماليزية، التنمية الاقتصادية الماليزية والمعادلة الصعبة، تنمية الموارد البشرية، وأخيرا التكامل الثقافي. وكذلك، استخلاص الدروس التي يمكن الاستفادة منها في توجيه تجارب التنمية في الدول العربية.

تبنت ماليزيا سياسات اجتماعية تنطلق من فلسفة جديدة، تجمع بين النمو والتوزيع المتساوي للناتج القومي المحلي، وتقوم على تحقيق هدف نهائي يتمثل في الوحدة القومية، وأن تعيش الجماعات ذات الأصول العرقية والريفية المتعددة في سلام وانسجام. وقد وضعت استراتيجيات للتخفيف من حدة الفقر وإعادة بناء المجتمع الماليزي. ولم تؤسس السياسة على عقد اجتماعي، وإنما على الإجماع الجماهيري، وعلى سياسة ليبرالية منفتحة تنسجم مع تقاليد البلاد.

وحاولت التجربة الماليزية في التنمية الاقتصادية تحقيق المعادلة الصعبة، والجمع بين المصالح الوطنية الاقتصادية لماليزيا ومواجهة سلبيات العولمة. واعتبرت النمو والتحديث والتصنيع بمثابة أولويات اقتصادية وطنية يمكن إنجازها من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص من ناحية، والشراكة بين الأعراق والفئات الاجتماعية في ماليزيا من ناحية أخرى. وأخذ نصيب الصناعة التحويلية في بنية الاقتصاد الماليزي ينمو بشكل واضح، ونمت الصناعات التصديرية بمعدلات كبيرة، ووضعت ضوابط على تطور هيكل الاستثمارات الأجنبية.

واهتمت التجربة الماليزية بتنمية الموارد البشرية، ومواجهة التحديات الاجتماعية، والتوافق مع حاجات بيئة جديدة مصنعة، والعمل على إحداث تغير في الموقف الفعلي للشعب الماليزي ككل، وتطوير قيم العمل التي تساير المجتمع الحضري الذي بلغ درجة عالية في التصنيع والعناية بالتعليم، وخاصة التوسع في نظم فكرية بعينها في مقدمتها العلوم، والرياضيات، واللغة الإنجليزية، وإعلاء قيمة المرأة، ودفعها للعمل في كل المهن بما في ذلك القوات المسلحة.

وتميزت التجربة الماليزية في التنمية بالتركيز على التكامل الثقافي، وهنا نؤكد ضرورة وإمكانية التواجد المشترك والمتجانس بين سكان ماليزيا الأصليين والمهاجرين من الصين، وتقاسم السلطة السياسية بين الجماعات العرقية والهنود والصينيين وغيرهم. ولا يمنع اعتبار اللغة الماليزية لغة رسمية من المحافظة على اللغات الأخرى، ولا يمنع اعتبار الدين الإسلامي هو الدين الرسمي من أن تنشط الأديان الأخرى دون معوقات، وأن تصبح بعض عناصر الثقافة غير الماليزية جزءا من الثقافة القومية.

ملخص بحث

“محددات السياسة الاجتماعية

في المجتمع المصري

رؤية تقويمية”

الدكتورة رباب الحسيني

يرتبط تحقيق التنمية الاجتماعية للمجتمعات على اختلافها بضرورة إتباع سياسة اجتماعية متكاملة تتجاوز تقييم التقدم الاجتماعي بالنظر إلى النمو الاقتصادي الذي لا يضمن وحده تحقيق الرفاه والرقي.

فالنظرة الأشمل تتعامل مع السياسة الاجتماعية باعتبارها تعني التعاون والتنسيق والتكامل بين القطاعات المختلفة من جانب والاهتمام ومعالجة المشكلات الاجتماعية وذلك في إطار دعم الجوانب التنموية من خلال أهداف محددة تحسن أحوال الناس ونوعية حياتهم وتترجم هذه الأهداف في برامج قابلة للتنفيذ.

وتعالج الورقة أهم محددات السياسة الاجتماعية والتي يمكن إيجازها على النحو التالي :

  • أن أحد محددات وركائز السياسة الاجتماعية المتكاملة هي في الاعتماد على خاصية تراكم الخبرات، بحيث يتم صياغتها بشكل يسمح بمتابعتها ولا تصبح سياسة اجتماعية مؤقتة لمعالجة مشكلات طارئة ، أو مشكلات غير حقيقية .
  • يعد استيعاب كافة القوى المجتمعية عنصراً أساسياً لنجاح السياسة الاجتماعية.
  • ارتباطاً بالمشاركة الاجتماعية يتم تعزيز المسئولية الاجتماعية لكافة قوى المجتمع .
  • توظيف الخارج لصالح الداخل ، إن الاحتياج إلى بنية داخلية داعمة للسياسة الاجتماعية لا يقل أهمية عن الاحتياج لبنية خارجية داعمة ، فالمشاكل الكبرى أصبح لها طبيعة عالمية . وعلى هذا فينبغي استثمار القوى الخارجية للمساهمة في تدعيم السياسة الاجتماعية الداخلية. ومن ثم فلا سبيل للتقدم ما لم يحدث وضع سياسة اجتماعية تراعي معايير (الإنصاف – الشفافية – الكفاءة – احتياجات الفئات المستحقة للرعاية الاجتماعية ) .

وتنصب معالجة الورقة على تناول المحاور التالية :

أولاً : السياسة الاجتماعية ، المفاهيم الأساسية.

ثانياً : محددات السياسة الاجتماعية في مصر .

ثالثاً :  مناهج تقييم السياسة الاجتماعية.

ملخص بحث

التحضر والاستبعاد الاجتماعي

في مصر

أ.د. مصطفي خلف عبد الجواد

موضوع الاستبعاد الاجتماعي موضوع حيوي وكاشف لطبيعة البنية الاجتماعية، ومؤشر على أداء هذه البنية لوظائفها. وتزداد أهمية هذا الموضوع عند ربطه بظاهرة التحضر في مصر، واستشراف مستقبل هذه العلاقة في سياق حصاد سياسات التنمية.

ويقصد بالاستبعاد الاجتماعي “عملية تَحوُل دون المشاركة الكاملة للأفراد والجماعات في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، كما تحول دون ممارسة حقوقهم”.

وبذلك ينطوي تعريف الاستبعاد الاجتماعي على ثلاثة عناصر:

  • أن الاستبعاد يشير إلى الأفراد والشرائح والجماعات.
  • إنه يجسد الحرمان القائم في المجتمع.
  • إنه يتأسس على العلاقات الاجتماعية الموجودة.

ويهدف هذا البحث إلى تحليل مظاهر الاستبعاد في مصر في المناطق الحضرية تدرجًا من المدن الكبيرة إلى المدن الصغيرة. ويتم التركيز هنا على عدد من مظاهر للاستبعاد الاجتماعي منها: الفقر، والأمية، والتسرب، والبطالة، وعمالة الأطفال، والاستبعاد السياسي، بالإضافة إلى الاستبعاد المكاني الذي يتمثل في المناطق العشوائية وجيوب الفقر من ناحية، والأحياء الراقية ونوادي الصفوة من ناحية ثانية.

كما يحاول البحث استشراف مستقبل العلاقة بين التحضر والاستبعاد الاجتماعي استنادًا إلى الإسقاطات السكانية حتى عام 2020، وانعكاسات ذلك على البناء الاجتماعي ومسيرة التنمية في المجتمع المصري.

وترتكز الدراسة على مجموعة من المؤشرات المتاحة من تقارير التنمية البشرية للمحافظات.

ويستكمل الباحث معالجة القضايا السابقة بدراسة ميدانية على عينة من الشرائح المستبعدة وفقًا لأشكال الاستبعاد: الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي في مناطق حضرية مختلفة بهدف تدعيم منظور علم الاجتماع إلى هذا الموضوع، وتقديم بعض التوصيات بالسياسات الاجتماعية في مصر.

ملخص بحث

الأحياء العشوائية تعبير عن

التحضر المشوه في العالم العربي

أ.د. ثروت إسحاق

تناقش الورقة الراهنة عدة محاور أولها التحضر المشوه في العالم الثالث، حيث أشار الباحث إلى مشكلة الأحياء العشوائية في أفريقيا حيث تجذب المدينة الأولى إليها المهاجرين من الريف، الأمر الذي يسهم في التحضر الزائد للمدن المتروبوليانية، كما أشار كذلك إلى انتشار الجيوب الحضرية ومناطق السكن العشوائي، كما ألمح إلى تضخم أحياء “واضعي اليد” في أمريكا اللاتينية.

وأشار المقال إلى محاولة بعض الباحثين تفسير نمط الأحياء المتخلفة في ضوء مفاهيم بعينها كالهامشية الاقتصادية، وازدواجية البناء الاقتصادي، والعمل بالقطاع غير الرسمي، بينما ركز العديد من الخبراء على مشكلات هذه المناطق التي من أبرزها ارتفاع معدلات الجريمة وتدهور صحة الإنسان.

وقد ركز المقال على خطورة التحضر الزائد over urbanization على مدن العالم الثالث حيث لا تسمح إمكانيات هذه المدن عن الوفاء بحاجات السكان فيها.

ثم أشارت الورقة إلى التدهور الحضري في العالم العربي حيث شهد العالم العربي نموًا حضاريًا متسارعًا كما هو الحال في القاهرة والخرطوم والرياض والدار البيضاء، وأشار إلى أن نسبة من يسكنون في أحياء غير مخططة وغير قانونية في معظم المدن العربية يتراوح بين 30: 60% وهي نسبة كبيرة.

وتفتقر هذه المناطق للمياه النقية، والصرف الصحي، وتنتشر بها الجريمة والمخدرات، والاعتداء على الممتلكات، والعنف والإرهاب بأشكاله المختلفة.

واستعرضت الورقة في محورها الثالث الأحياء العشوائية في المجتمع المصري.

وفي المحور الرابع من المقال يناقش الباحث ارتفاع حجم سكان الأحياء العشوائية وسكان المقابر في مصر ويستعين بدراسات أجنبية تمت في العاصمة المصرية توضح صورة الحياة في هذه المناطق العشوائية.

ملخص بحث

“التحولات المجتمعية وتغير

منظومة القيم بالمجتمع”

دكتور/ جمال إسماعيل الطحاوي

من المتفق عليه أن منظومة القيم السائدة في أي مجتمع من المجتمعات النامية والمتقدمة تعد مؤشرًا أساسيًا لمستوى التطور الاجتماعي -الاقتصادي بالمجتمع. وفى ذات الوقت فإن نسق القيم نتاج طبيعي للظروف الاجتماعية– الاقتصادية بالمجتمع.

ولقد شهد المجتمع المصري خلال العقود القليلة الماضية ابتداء من منتصف القرن العشرين تحولات في مختلف جوانب الحياة نتيجة مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية أدت إلى إعادة صياغة منظومة القيم بالمجتمع، فتغيرت بل ضعفت في معظمها تلك القيم التي ظلت لفترات تاريخية طويلة قريبة من الثبات النسبي مثل قيم العمل والإنجاز وقبول الآخر والتدين والتعاون والمشاركة والتعليم وغيرهم. وإن هذه التحولات التي أخذت أشكالاً عديدة (اقتصادية – سياسية – اجتماعية -ثقافية) تفرض على مؤسسات المجتمع الحكومية والأهلية وفى مقدمتها مؤسسات التنشئة الاجتماعية أن تعيد صياغة آليات عملها من أجل الحفاظ على هوية المجتمع وكيانه والحيلولة دون انهيار منظومة القيم باعتبارها الأفعال المرغوب فيها في المجتمع.

وفى هذا الإطار تتناول الورقة البحثية الراهنة إلقاء الضوء على مظاهر التحولات المجتمعية التي طرأت على المجتمع المصري ومنظومة القيم التي تأثرت سلباً بتلك التحولات ثم عرض لأدوار مؤسسات المجتمع المختلفة الحكومية والأهلية من خلال تصور مقترح لكيفية تفعيل أدوار هذه المؤسسات.

وأخيراً تحاول الورقة الإجابة على تساؤل رئيسي ما مستقبل المجتمع المصري في ظل هذه التحولات الداخلية والخارجية التي عصفت بمنظومة القيم الإيجابية في المجتمع المصري.

ملخص بحث

“الثقافة الحضرية وقابلية التحديث

بالمجتمعات العربية”

أ.د محمود فهمي الكردي

تتعرض ثقافتنا العربية على مر تاريخها وحتى الوقت المعاصر لمحاولات تحديث تجرى على كافة الصور: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وهى في ذلك ليست الحالة الوحيدة أو النموذج الشاذ لتعرض ثقافة “مجتمعية” لمثل تلك المحاولات من التحديث.

ولعل السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد يدور حول الثقافة الحضرية وقابلية التحديث وصلة ذلك بالتغيرات المجتمعية التي تجرى على ساحة المجتمعات العربية، أو بمعنى أكثر وضوحاً: “هل مجتمعاتنا العربية بما تشمله من ثقافة حضرية تعد أكثر (أو أقل) ميلاً للتحديث من خلال المحاولات التي تجرى بتلك المجتمعات”؟.

ويتحدد الهدف الرئيسي من وراء هذه المحاولة البحثية في التعرف على طبيعة العلاقة بين الثقافة الحضرية الراهنة بالمجتمعات العربية ومحاولات التحديث التي تجرى، الأمر الذي يكشف عن مدى قابلية هذه المجتمعات لعملية التحديث.

وفى ضوء هذا الهدف تتحدد أهم العناصر التي تضمها الورقة على النحو التالي:

أولاً: جذور الثقافة الحضرية وأصولها في المجتمع العربي.

ثانياً: بنية الثقافة الحضرية العربية بين التقليدية، ومحاولات التحديث.

ثالثاً: متغيرات التأثير في الثقافة الحضرية في ظل محاولات التحديث.

رابعاً: آثار مترتبة على غياب التحديث في الثقافة الحضرية العربية.

ملخص بحث

“مكافحة الفساد بين القانون ومتطلبات تنمية المجتمع العربي

نحو إطار قانوني فاعل لتحقيق  التنمية وحقوق الإنسان”

د. محمود بسطامي شعبان

يعد الفساد أحد أكبر التحديات التي تواجه المجتمعات في العصر الحديث، فهو يشكل تهـديدا ليس فقط للبيئة، وحقوق الإنسان، والمؤسسات الديمقراطية، والحقوق والحريات الأساسية، بل أنه يقوض التطور، ويعمق الفقر، بالنسبة للملايين في كل أنحاء العالم. فإذا سمح له بمواصلة خلق أنظمة مشوهة يحكمها الجشع وليس حاجات الناس  وزعزعة تطور القطاع الخاص، فسيؤدى حتما إلى التنكر لأهم الحاجات الإنسانية.

وبالرغم من كثرة التشريعات العربية التي تستهدف ممارسات الفساد، فإن أفضل ما يمكن أن يقال عن مردودها العملي أنه متواضع جداً، مما يعكس فشل سياسات مكافحة هذه الظاهرة وقصورها عن ملاقاة تطلعات المواطنين .

فالفساد ظاهرة تتعدد جوانب تشخيصها السياسي والاقتصادي والثقافي والقانوني بقدر ما تتنوع محاور المواجهة التي ينبغي إتباعها، سواء على الصعيد الوطني أو الصعيد عبر الوطني. ولاشك أن كل مواجهة فعالة وناحجة تتوقف بالضرورة على تشخيص دقيق يستوعب مختلف العوامل الفاعلة في ظاهرة الفساد في سبيل تحقيق الفاعلية لبرامج التنمية للمجتمع العربي.

وعلى ذلك فسوف تحاول الورقة دراسة مدى فاعلية القانون في كبح جماح الفساد في مصر والعوامل التي تهدد هذه الفاعلية وتبرز الحاجة إلى طرح بديل يساهم في تحقيق الفاعلية لبرامج مكافحة الفساد ينطلق من واقع المجتمع العربي.

ملخص بحث

“المبادئ العامة لمرجعية التحديث

في المجتمع الإسلامي المعاصر”

د. إبراهيم البيومي غانم

يحتوي هذا البحث على النقاط التالية:

أولاً – معنى المرجعية.

ثانياً – مستويات المرجعية الإسلامية:

1– أن القرآن والسنة هما أصل شريعة الإسلام.

وشريعة الإسلام بهذا المعنى هي المرجعية العليا للحكم على تصرفات البشر وتقييم أعمالهم وسلوكياتهم في كـل زمان ومكان.

وإنَّ وصف أمر ما بأنه “أصولي” أو “شرعي” معناه أن الأساس الذي بنى عليه مستمد من القرآن والسنة، وبالنسبة لموضوعنا فإن قواعد التعامل الدولي أو الخارجي – شأنها في ذلك شأن قواعد التعامل الداخلي- إنما تستمد شرعيتها في المنظور الإسلامي من ارتباطها بتعاليم الإرادة الإلهية المُعبَّر عنها في أصل الشريعة.

2-  أن تراث الفقه الإسلامي هو حصيـلة الاجتهاد البشري الذي قام به العلماء؛ وهم يسعون لاستنباط الأحكام الشرعية التي تتعلـق بتفاصيل الحياة العملية اليومية، وتكييفها وفق مقتضيات المبادئ والقيم الإسلامية الأصولية، بما يسمح في النهاية بصياغة حياة الأفـــراد والجماعات والأمم على هداها.

3- أن ممارسات الدولة الإسلامية فــي مجال العلاقات  الخارجيـــة -كما هي في مجال الشئون الداخلية- هي عبارة عن اختيارات للسلطات المسئولة، وهي محددة من حيث الزمان والمكان والوقائع، وهذه الممارسات يمكن الحكم على “شرعيتها” بمعرفة مدى التزامها أو ابتعادها عن الإجماع الشرعي الذي يحيط بها في كل مرحلة من مراحلها.

ويجب التأكيد على أن معطيات الممارسة التاريخية للسياسة الإسلامية في مجال العلاقات الدولية لا ترقى إلى مستوى المعطيـات “الفقهية الاجتهادية” في التأصيل لنظرية العلاقات الدولية الإسلامية، وأن هذه المعطيات الفقهية ذاتها – على أهميتها- لا ترقى إلى مستوى المعطيات الأصوليـــة العامة التي جاءت بها الشريعة في أصلها الأول (القرآن والسنة) ، وأن هذه العلاقـــة التراتبية بيـن أصل الشريعة، والاجتهادات الفقهية، والممارسات التاريخية، يجب أن تكون واضحة تمام الوضوح في الأذهان من حيث حجية كل منها، ومدى إلزامية ما تقدمه من معطيات تخص عملية التأصيل للعلاقات الدولية من المنظور الإسلامي، كما أنه من الأهمية بمكان في هذا السياق التمييز بين”الثوابت” التي تقدمها أصول الشريعة و”المتغيرات” التي تتضمنها آراء الفقهاء واجتهاداتهم، وخاصة فيما يتعلق بالممارسات التاريخية لتطور الدولة الإسلامية، وأنه لا يمكن أن يحل أحد المتغيرات محل أحد الثوابت؛ لا من حيث حجيته، ولا من حيث إلزاميته ووجوب العمل به.

ثالثاً: المكونات الأساسية للمرجعية الإسلامية:

1- نقض السلطة الدينية وتقويض أركانها وتجفيف منابعها. السلطة الدينية هي تلك التي تدعي أن لها حق صغر أم كبر في التدخل في ضمير الفرد أو الرقابة عليه أو معاقبته أو الحكم عليه بالكفر أو الإيمان بدعوى أن صاحب هذه السلطة – فرداً كان أو مجموعة أو طائفة أو حزباً أو فئة – ينطق باسم الله، أو مبعوثاً من لدنه، أو واسطة بينه وبين الناس، أو مفوضاً من الله تعالى. بهذا المعنى جاء الإسلام ليحارب مثل هذه النمط من السلطات ويخلص البشرية من شروره.

2- تحرير العقل من كل قيد ، وخاصة قيود التقليدي، والخرافة ، والأمية. .وإطلاق حرية التفكير وإعمال العقل باعتباره النعمة الكبرى التي أنعم الله بها على بني الإنسان، وجعل التفكير فريضة إسلامية المقصر فيها كالمقصر في الصلاة والزكاة وسائر فرائض الإسلام.

3- أن الإنسان معصوم الدم والعرض والمال بآدميته فقط، فكل من ثبت له وصف الآدمية؛ أي كونه من بني آدم هو لا يحل لأي من كان أن ينال من كرامته، أو عرضه، أو دمه، أو ماله، إلا بجناية ارتكبها وفق قواعد القانون، وبحكم قضائي.

4- العمل ، والعمل وحده – ذهنياً أو بدنياً – هو المصدر الوحيد للكسب، ويبطل كل مصدر آخر للكسب مثل الرشا، والسرقة ، والغصب، وأكل المال العام، والاستيلاء على ممتلكات الغير بالباطل.

5- إقرار العدل لإبطال الظلم. والعدل هو إعطاء كل ذي حق حقه، دون زيادة أو نقصان.

6- إقرار التعددية الدينية ، وحماية المختلفين في العقيدة وحقهم في البقاء عليها، وتجريم أي عدوان يقع عليهم بسبب عقيدتهم. ومن باب أولى إقرار التعددية الفكرية والسياسية، واختلاف الآراء في تقدير المصلحة وصوغ السياسية الملائمة للمنفعة العامة.

7 – عدم الاعتراف لفرد أو حزب أو جماعة أو فئة أو طائفة كائنة ما كانت بأنها تمتلك وحدها الحقيقة الكاملة، أو إنها معصومة من الخطأ، ولهذا أمرت المرجعية الشورى، والاستشارة طريق مساعد على التوصل إلى الصواب النافع والمحقق للمصلحة.

8 – الأمر ببناء القوة وإدانة  الضعف. القوة لحماية استقلال الوطن وعزة الشعب وتحريره من أية هيمنة أجنبية تسلبه إرادته، أو تهين كرامته.

9- الحض على المشاركة وإدانة السلبية والانعزال.

10- الشورى لمنع الاستبداد

رابعاً: المرجعية وعمليات التحديث ومشكلات التغير الاجتماعي:

سيتم مناقشة أهم قضايا ومشكلات التغير الاجتماعي وعمليات التحديث في ضوء المبادئ العامة للمرجعية الإسلامية بالمعنى السابق ذكره.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر