(1) مدخل: النبوة واللغة!
استقر الأمر فى باب النظر إلى أمر النبوة فى الاعتقاد الإسلامى أنها هبة ربانية، لا مدخل للصناعة البشرية فيها، وهو ما يفسره قول القائلين إن النبوة اصطفاء ربانى، وهو بعض المعنى الذى يسكن قوله تعالى: ﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ﴾ [الحج: 22/75].
ومع هذا المستقر فإن ثمة ملامح مهمة توحى بما يمكن للناس أن يستفيدوه، من علامات الرعاية الربانية للنبى صلى الله عليه وسلم على طريق تهيئته صلى الله عليه وسلم لحمل الرسالة وتوظيف ذلك الذى استفادوه فى برامج التربية المختلفة، ولا سيما اللغوية منها.
ومن ملامح رعاية الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ملمح يمكن أن يستثمر فى نطاق التربية اللغوية، يقول تعالى: ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى﴾ [الضحى: 93/6]، وفى الآية لفظ مهم يحتاج إلى قدر من الفحص، وهو آوى، ذلك أن الإيواء معنى جامع هنا بما توافر لتحقيقه انتقال النبى صلى الله عليه وسلم إلى البادية فى بنى سعد، والبادية بيئة لغوية نوعية فصيحة، ويصبح مفهوم استرضاع النبى صلى الله عليه وسلم فى بنى سعد متوجها إلى الاسترضاع الذى به نمو الجسم، والاسترضاع الذى به نمو اللغة نموا خاصا ومتميزا من خلال الاختلاط بلغة البادية الفصيحة، وهو نوع تهيئة تعين على الوظيفة الكبرى فى حياة كل نبى ألا وهى البيان والبلاغ إلى الناس، يقول صلى الله عليه وسلم: “أنا من قريش ونشأت فى بنى سعد فأنى لى اللحن” (مراتب اللغويين ص23).
ومن ثم فإن بإمكاننا أن نقرر أن رعاية الله تعالى لنبيه بتربيته لغويا أمر ظاهر العلامات، ومنطقى من جهة أن اللغة هى الآلة العبقرية الحاملة للرسالة، والمؤدية للهدى والمحققة للبلاغ.
ومن المباحث النادرة فى تناول السيرة النبوية معالجة منهج النبى صلى الله عليه وسلم فى تربية الصحابة رضوان الله عليهم لغويا.
صحيح أن العلم الإسلامى يرى فى الصحابة منجزا تربويا أنتجه النبى صلى الله عليه وسلم بامتياز، لكن أحدا لم يفحص جهده صلى الله عليه وسلم فى تربيتهم لغويا.
وسوف يقف هذا المقال أمام مجموعة من العلامات والملامح التى يمكن أن نقرر من ورائها أن ثمة منهجا نبويا للتربية اللغوية للصحابة.
وهذا المنهج النبوى يحتاج إلى قدر كبير من الصبر على تتبع إجراءاته وأسالبيه، ويحتاج إلى مزيد دراسة، وفحص واستجماع الأدوات للكشف عنه والإفادة منه فى التخطيط التربوى فى برامج التربية اللغوية.
وفيما يلى محاولة للكشف عن هذه الملامح الكبرى العامة التى توافر عليها المقام النبوى الكريم فى تربية الصحابة تربية لغوية تعينهم على حمل رسالة الإسلام، وأداء الدعوة إلى الله سبحانه.
ومن ثم فإن تربية النبى صلى الله عليه وسلم للصحابة لغويا تدخل فى باب قيامه بالبلاغ والبيان بتنشئة الجيل الأول الذى سيواصل بلاغ الرسالة وحملها إلى الآفاق.
(2) تربية النبى (ص) للصحابة لغويا: علامات على الطريق
وفيما يلى محاولة لرصد العلامات على طريق تربية النبى صلى الله عليه وسلم للصحابة لغويا.
ونبدأ فنقرر أن التربية اللغوية مبحث شركة بين علم اللغة التطبيقى وبين علم النفس وعلم التربية وعلم الاجتماع، ويقصد بها دراسة كيفية تنمية لغة قطاع من الناس، وتطوير ما لديهم، ودراسة وسائل هذه التنمية، وإجراءاتها ووسائلها.
وثمة سؤال مهم يقول: لماذا نفترض أن هناك منهجية نبوية فى تربية الصحابة لغويا؟ للإجابة عن هذا السؤال أرجو أن نتذكر ما يلى:
أولا- أن للغة أهمية تأسيسية فى تصور البلاغ والبيان والدعوة النبوية
ثانيا- أن ثمة أخبارا وروايات تقرر عناية النبى صلى الله عليه وسلم بتربية الصحابة لغويا، ولاسيما أن اللغة كانت بابا واسعا لإيمان كثير من العرب الفصحاء.
ثالثا- أن عددا كبيرا من علماء العربية، ولاسيما علماء البلاغة يقررون أن هناك ما يشبه أن يكون طريقة خاصة لكلام جيل الصحابة، يسميها الدكتور محمد محمد أبو موسى (سمت الكلام الأول)، يقول: “لم أجد دراسة تعنى ببيان مذهب الكلام ومنهاجه… وبيان سمت البيان فى الأزمنة المختلفة وخصوصا سمت كلام الجيل الذى نـزل فيه القرآن”. ومراجعة كتاب الرجل: (شرح أحاديث من صحيح البخارى: دراسة فى سمت الكلام الأول) [ مكتبة وهبة بالقاهرة سنة 1421هـ=2001م] توقفـنا على نسب تكرارية مرتفعة لهذا المصطلح: سمت الكلام الأول، مستعمل فى سياقات تحليلية للأحاديث المختارة.
رابعا – استقرار أمر تأثير البيئة فى لغة الأفراد.
خامسا- استقرار أمر تأثير القادة النوعيين فى لغة متبوعيهم، وهو ما نلمسه فى المدارس الشعرية والأدبية، من تأثير المتقدم المبدع فى عدد كبير ممن يأخذون ويروون عنه، وتعلق الصحابة رضوان الله عليهم بالنبى صلى الله عليه وسلم وملازمته والحرص على تقليده والتأسى به أمور متواترة، مستفاضة.
وإليك العلامات التى توافرت لنا فى هذا المجال المبكر:
أولا- المدونة الحديثية الراعية للتربية اللغوية (تهيئة البيئة التربوية):
أخرجت كثير من كتب السنة الشريفة عددا من الأحاديث تدور حول ما يمكن أن يسمى إطارا إعداديا للتربية اللغوية للصحابة رضى الله عنهم منها:
1- يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل لحن، أى أخطأ فى اللغة بحضرته: “أرشدوا أخاكم فقد ضل” (مراتب اللغويين، لأبى الطيب ص 23).
2- ما جاء عن عمر من أنه كان يعاقب عمال الدولة (موظفى الجهاز الإدارى للدولة) على الخطأ فى اللغة، فيما يرفعونه من وثائق وتقارير ومستندات، روى أبو الطيب اللغوى فى كتابه (مراتب اللغويين ص 23) “وكتب كاتب لأبى موسى الأشعرى إلى عمر “من أبو موسى” فكتب إليه عمر: سلام عليك. أما بعد فاضرب كاتبك سوطا وأخر عطاءه”. وبعيدا عن فحص الأثر من جهة الرد والقبول، فإن تواتر الرواية تاريخيا كاف فى تقدير المسألة.
3- ما روى من أن الصحابة العلماء كانوا يرون الخطأ فى اللسان كالخطأ فى الرمى أو أقبح.
من هذه النصوص أو الأخبار وغيرها ندرك أن ثمة بيئة أولية تهيأت للصحابة رضوان الله عليهم تتلخص ملامحها فى الرفض للخطأ فى اللغة، وهذه البيئة أو الأجواء من العوامل المعينة على الاستجابة لبرامج التربية اللغوية، كنوع من الفرار مما هو مذموم معيب من جهة النبى صلى الله عليه وسلم على الأقل، لو كان من باب الكراهة التى ترفضها أخلاق الناس أو ما يسمى باسم خوارم المروءة.
ثانيا – تدريب النبى صلى الله عليه وسلم للصحابة على النطق الصحيح بالطرق المختلفة:
مما تواتر الخبر به أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقرئ الصحابة؛ أى: يسمعهم كيفية أداء النص الكريم أداء صحيحا، وهناك أدلة كثيرة على هذا الذى نقرره:
1- تواتر الأحاديث التى تأمر بقراءة القرآن: “اقرءوا القرآن” (انظر: الجامع الصغير فى أحاديث البشير النذير 1/52 مكتبة الحلبى 1982م) والمفهوم من القراءة هو تحريك اللسان بالكلام.
2- اشتراط القراءة، التى هى تحريك اللسان، فى الصلاة، وهو تكرار يؤدى إلى اشتقاقه الملكة اللغوية، وهو الأمر المعروف بتمارين التقدم فى الكلام بالتدريب المستمر.
3- تواتر الأحاديث المخبرة عن أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقرئ الصحابة؛ أى: يعلمهم قراءة الذكر الحكيم من مثل:
– أقرأنى رسول الله.
– أقرأنيها رسول الله.
– إنك أقرأتها إياه.
– اقرأتنى آية كذا.
– على غير ما أقرأتنيها.
– أم تقرئنى كذا؟ (انظر: المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوى لفسنك، ليدن سنة 1965م 5/338-339).
والإقراء باب ضخم من أبواب تدريب اللسان على القراءة الصحيحة، وهو الأمر المستقر اليوم فى باب تعلم اللغات عن طريق الاستماع، إلى المتدرب المتعلم والتصحيح له.
4- تواتر تشجيع حلقات القراءة، بما هى معامل تربوية لغوية، يقول سهل بن سعد الأنصارى، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن نقترئ، يقرئ بعضنا بعضا، فقال: الحمد لله كتاب الله عز وجل واحد فيه الأحمر والأسود، اقرءوا. اقرءوا. اقرءوا” (فضائل القرآن لأبى عبيد، تحقيق مروان العطية، آخرين دار بن كثير دمشق سنة 1420هـ=1999م ص68) ومصطلح الاقتراء هنا مصطلح شديد الأهمية فى برامج التربية اللغوية، يقوم عليه المختبرات اللغوية المعاصرة.
5- تواتر الأحاديث التى تخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان – يسمع القرآن من الصحابة، وهو نوع من التدريب لهم، تعرفه أدبيات التربية اللغوية المعاصرة فى باب تثمين القراءة بالصوت المرتفع وأثرها فى تنمية الملكة اللغوية لمن يفعلها.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنى أحب أن أسمعه من غيرى” (المعجم المفهرس 2/538)، ذلك أن القراءة بالصوت المرتفع مقدرة الأثر فى التربية اللغوية.
ثالثا- قيام النبى صلى الله عليه وسلم بوظيفة المعجم الحى المتحرك:
وأقصد بذلك ما كان يؤديه رسول الله صلى الله عليه وسلم لمجتمع الصحابة رضى الله عنهم من بيان للألفاظ والتعابير الغامضة، وهو ما يمكن أن نعبر عنه بأنه كان يقوم بوظيفة المعجم الحى المتحرك بينهم.
ولعل أظهر دليل على ذلك هو ما جمعه علماء السنة فى مصنفاتهم تحت عنوان باب التفسير؛ أى ما فسره النبى صلى الله عليه وسلم من كلمات القرآن وآياته للصحابة، وهناك أمثلة كثيرة جدا لهذا الباب بلغ حجمها فى البخارى ما يقرب من ثمن الصحيح.
وهذا النوع من الأحاديث مهم جدا فى باب التربية اللغوية للصحابة باعتبار أنهم حاملو الرسالة ومؤدوها، ذلك أن بيان معانى المفردات بعد تحصيل نطقها الصحيح يكمل دائرة الارتقاء اللغوى بتحصيل عنصرى العلامة اللغوية: (الدالى أو اللفظ، والمدلول، أو المعنى)
ويرتبط بهذا النوع من الأحاديث، أحاديث تصحيح المفاهيم من مثل سؤالاته صلى الله عليه وسلم للصحابة عن مفاهيم معينة، وتصحيحه لما فى أذهانهم من مثل حديث: “ليس الشديد بالصرعة، وإنما الذى يملك نفسه عند الغضب”، فأنشأ مفهوما جديدا للشديد يتعلق بنسق قيمى مراد، هو امتلاك النفس عند الغضب.
ويرتبط بهذا النوع أيضا الأحاديث التى يمكن تسميتها بالحوارية، التى يتبادل فيها النبى صلى الله عليه وسلم الحوار مع بعض صحابته من مثل حديث: “كيف أصبحت يا حارثة فقال: أصبحت مؤمنا حقا، فقال: وما حقيقة إيمانك؟ فقال: أصبحت زاهدا فى الدنيا، فأسهرت ليلى وأظمأت نهارى… قال: عرفت فألزم”.
وعلماء التربية اللغوية المعاصرين يقررون الأثر الإيجابى للحوار فى عملية التربية اللغوية، ومنهم جان بياجيه، وسيرجيوسبينى فيما كتبه عن التربية اللغوية.
رابعا- استعمال الموضحات البصرية فى تجويد عمليات التواصل:
لقد ورد فى السنة الشريفة أثار كثيرة ظهر فيها استعمال الموضحات البصرية، من الرسوم والخطوط والأشكال، والحركات – لتتميم عمليات التواصل بجوار الكلام أو الحديث.
والتربية اللغوية فى العصر الحديث تقرر أهمية الوسائل المساعدة فى عمليات التواصل وتحصيل المفاهيم، ومن ثم يقولون إن عمليات التواصل الناجحة هى التى تعتمد الحديث اللغوى مضموما إليه العناصر غير اللغوية مما ذكرت لك.
وقد تواتر الخبر عنه – صلى الله عليه وسلم- باستعمال عدد من الموضحات على طريق صناعة تواصل جديد، من مثل ما ورد من الإشارة، ورسم الخطوط على الأرض بالنكت بالعصا إلى غير ذلك مما ورد عنه صلى الله عليه وسلم، وقد وقف عدد من المعاصرين أمام استعمال النبى صلى الله عليه وسلم لوسائط الاتصال غير اللفظى بالفحص والتحليل من مثل الدكتور الصاوى الجوينى رحمه الله.
خامسا- تأسيس النبى صلى الله عليه وسلم لما يشبه ديوان الإنشاء:
ومن المدهش حقا أن نقف أمام شيء معروف فى سيرته، ونتأمله بشكل مختلف، فقد عرف عنه صلى الله عليه وسلم مخاطبة الملوك والأمراء على عهده، من باب دعوتهم إلى الإسلام وعرضه عليهم.
وقد اتخذ له من أجل ذلك كُتابا عرفوا فى التاريخ الإسلامى بكُتاب النبى صلى الله عليه وسلم، وقد اعتنى غير واحد بجمعهم وجمع ما كتبوه له صلى الله عليه وسلم فى مراسلات الملوك والأمراء فى مصنفات مستقلة من مثل:
1- المصباح المضئ فى كتاب النبى صلى الله عليه وسلم إلى ملوك الأرض من عربى وعجمى، لابن حديدة الأنصارى المتوفى سنة 783هـ.
2- إعلام السائلين عن كتب سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، لابن طولون الدمشقى المتوفى سنة 953هـ.
وعثمان بن عفان، وعلى بن أبى طالب، أبى بن كعب، والأرقم بن أبى الأرقم، وثابت بن قيس، وجهم بن سعد، وحنظلة بن الربيع، وحويطب ابن عبدالله، والحصين بن غير، وخاطب بن عمرو وحذيفة بن اليمان، وأبو أيوب الأنصارى وخالد ابن سعيد، وخالد بن الوليد وزيد بن ثابت والزبير بن العوام وسعيد بن العاص، وشرحبيل بن حسنة، وأبو سفيان بن حرب، وطلحة بن عبيد الله، وعامر بن فهيرة، وعبد الله بن رواحة، وعمرو بن العاص، والعلاء ابن الحضرمى، ومعاوية بن أبى سفيان، ويزيد بن أبى سفيان وغيرهم.
ومن الممكن النظر إلى هؤلاء باعتبار أنهم مدرسة بالمعنى العلمى، كان لهم فضل إنشاء أول ديوان للإنشاء، تدرب فيه الصحابة رضى الله عنهم على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم على نوع من التربية اللغوية فى مكاتبة عظماء ذلك الزمان ممن دعاهم النبى صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام والإيمان، وهى مؤسسة نبوية رعت ما يلى:
1- تدريب الصحابة على الكتابة بالمعنى الفنى
2- تدريب الصحابة على مراعاة اختلاف البيئات المتلقية فى رعاية مقام المخاطب المكتوب إليه من جهة:
أ- جغرافية الإقامة من بدو أو حضر.. إلخ.
ب- مقام المتلقى الرسمى (ملك، أمير، عظيم.. إلخ).
ج- مقام المتلقى الفكرى (الأيديولوجى) (عربى مشرك، نصرانى، وثنى، مجوسى.. إلخ).
د- مقام المتلقى النفسى، وخصائصه الوجدانية.
وهى الأمور التى نلمح لها آثارًا فى تصميم الرسائل التى كان يرسل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ملوك الأرض وأمرائها.
من مجموع العلامات السابقة وغيرها يتضح لنا أن ثمة ملامح لمنهج نبوى فى تربية الصحابة تربية لغوية.
وهو باب من العلم يحتاج إلى قدر من التأنى، ومزيد من الفحص والدراسة. وهو أمر يزيد المسلمين المعاصرين ثقة ويقينا فى عظمة النبوة وشمول رعايتها للمجتمع الإنسانى فى كل جوانب الحياة.
وقد ظهر من هذه الورقة مجموعة من النتائج المهمة، يرجى التنبه إليها، ومنها:
أولا- نحن نرى فى تربية النبى صلى الله عليه وسلم لغويا من تمام قيامه بالبلاغ بتنشئة الجيل الأول لغويا؛ لأن اللغة آلة البلاغ.
ثانيا- نحن نرى شمول المنهج النبوى فى التربية اللغوية، ورعايته للأداء اللغوى، نطقا، وترقية للفهم، واستعمالا للقراءة بالصوت المرتفع، ورعاية للوسائل غير اللغوية (غير اللفظية) وتقدير قيمتها فى عمليات التواصل الناجح.
ثالثا- نحن نرى فى العناية بجيل من الكتاب بذرة أول مؤسسة تدربت على الكتابة الفنية والوظيفية، فيما يعرف تاريخيا بديوان الإنشاء، ونرى فى كتاب النبى صلى الله عليه وسلم أول مؤسسة اعتنت بتخريج جيل من الكتاب المدربين على تنويع الكتابات، ومراعاة مقامات المرسل إليهم، ومراعاة تنوع بيئاتهم المختلفة.
رابعا- اتضح مما سبق أن فى السيرة النبوية أبوابا لا حدود لها يمكن أن تنفع المجتمع المعاصر فى برامج التربية عموما وبرامج التربية اللغوية خصوصا، من مثل تقدير:
1- السماع وأثره فى التربية اللغوية، من قبل المتعلمين.
2- الاستماع والتصحيح وأثرهما فى التربية اللغوية على يد المعلمين.
3- تشجيع برامج القراءة بالصوت المرتفع وأثرها فى التربية اللغوية استثمارا لآثار الإقراء والاقتراء، كما مر.
ولا يملك المرء فى النهاية إلا أن يقرر أن السيرة منهج منقذ للبشرية.
* * *