المبحث الأول
ارتباط مشكلة السيولة في المصارف الإسلامية بتحديد المقصود بالمصارف الإسلامية ابتداء والمبادئ التي تقوم عليها
الفرع الأول: تحديد المشكلة واستقراء أسبابها:
إن مشكلة السيولة في المصارف الإسلامية تشكّل تحدياً حقيقياً لهذه المؤسسات، وقبل الولوج في أساليب معالجة المشكلة يتعين تحديدها ابتداء. فهذه المشكلة تتمثل في حالات وجود فائض أو عجز في السيولة النقدية في المصرف الإسلامي، وهذا وذاك أمر غير مرغوب فيه، ومؤثر سلبي في رسالة المصرف الإسلامي وجودة أدائها، وعلى الأداء والتشغيل في أعمال ونشاطات المصرف الإسلامي، ولكلٍ من حالات الفائض والعجز في نسبة السيولة النقدية في المصرف الإسلامي مسببات وسلبيات كثيرة متغيرة ومتبادلة.
ونستطيع أن نستقرئ أنه من مسببات هذه المشكلة بوجهيها ما يأتي:
أولاً: إن المصرف الإسلامي لا يتعامل بنظام الفائدة الربوية أخذا أو عطاء، وبخاصة في ظل بيئة ذات نظام قانوني ومؤسسي مزدوج: تقليدي يطبق نظام الفائدة الربوية، ونظام مصرفي إسلامي يقوم على المشاركة في الربح والخسارة وتحريم نظام الفائدة الربوية.
ثانياً: حداثة وقلة وربما ضعف أسواق المال الإسلامية، وما يرتبط بذلك، وما يترتب عليه من آثار…
ثالثاً: عدم تكامل شبكة المصارف الإسلامية على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي حتى يسهل التعاون والتعامل فيما بينها بيسر وسهولة لمواجهة هذه المشكلة بشقيها كما سبق.
رابعاً: عدم تطوير أدوات وأساليب مشروعة لاستخدامها في استثمار فائض السيولة النقدية وتغطية حالات العجز فيها.
خامساً: تحجيم دور هيئات الفتوى والرقابة الشرعية وتقليص دورها في مسيرة المصارف، إذ يقتصر دورها على إبداء الرأي فيما يطلب منها فقط، دون أن تأخذ هي – ولا تستطيع – زمام المبادرة والمبادءة والمشاركة في رسم سياسة المصرف المالية والاستثمارية التي هي جوهر التطبيق الشرعي، باعتبار أن هذه الهيئات – ومن المفروض- أن تكون هي مستودع المعرفة والفقه الإسلامي في منهج العمل طبقا أو وفقا لأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، مما يستدعي إصلاحات كثيرة وعميقة في هذا الجهاز الحساس ومؤسساته حتى يستطيع أن يغوص في عمق أعمال ونشاطات هذه المؤسسات المالية الإسلامية، وتطويرها لتجاوز مشاكلها والغوص في جوهر أدائها وتحقيق رسالتها وسياساتها الشرعية المتعددة والمتنوعة والمتكاملة نحو التطبيق الأمثل للمنهج الإسلامي في مجال عملها.
سادساً: المعوقات والصعوبات القانونية في بيئة المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية التي لا تتوافق مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية. وبخاصة فيما يتعلق بتنظيم العلاقة بينها وبين البنوك المركزية وإدارة السيولة خصوصاً.
سابعاً: الانحراف بالسياسات المصرفية الداخلية للمؤسسات المالية الإسلامية، والابتعاد بها عن رسالتها وقواعد ومبادئ عملها المتطابقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، مثل: التعامل بالمعادن الثمينة وفى مقدمتها الذهب والفضة والبلاتنيوم في الأسواق المالية العالمية حتى دون الالتزام بالضوابط والأحكام الشرعية.
ثامناً: شح إلى حد الانعدام تقريبا في وجود المؤسسات المساندة لتطوير الأداء والتميز في المؤسسات المالية الإسلامية، مثل: مراكز الأبحاث المتخصصة وورش العمل.
تاسعاً: ضعف أو انعدام دور المؤسسات المالية الإسلامية في المشاركة في تنفيذ وتفعيل خطط التنمية في الدول التي توجد فيها، علي الرغم من حجم رؤوس الأموال وحجم الأموال التشغيلية فيها.
عاشراً: عدم تحديد المقصود بالبنوك / المصارف الإسلامية على نحو مهني دقيق يعكس:
1) مفهومها المهني الصحيح على غرار ما تنص عليه قوانين البنوك التقليدية في تعريف البنك التقليدي والمهنة المصرفية والجائز والمحظور من أعماله ونشاطاته.
2) المبادئ التي تقوم عليها هذه المصارف وتحدد مسيرتها وتميزها عن غيرها.
3) الوظيفة الأساسية للجهاز المصرفي في تحقيق وتطبيق رسالة المال في شريعة الإسلام وفقهها، ودور هذا المال في علاج المشكلة الاقتصادية في علم الاقتصاد، والتي وجد هذا العلم من أجل حلِّها على مدى المراحل التاريخية التي مر بها الفكر الاقتصادي الوضعي، مع اختلاف النظامين الإسلامي والوضعي في محددات المشكلة الاقتصادية ومن ثم في تشخيصها بما يعكس المنظومة الفكرية والفقهية لكلا النظامين، وانعكاس ذلك أيضا على أدوات وأساليب العلاج لهذه المشكلة في تاريخ الفكر الاقتصادي حتى اليوم.
ويكفى للتدليل على صدقية وواقعية هذه الصعوبة أمرين جوهريين هما:
1- ما يقوله خبراء العمل المصرفي الأكفاء:
يقول أ. الكبير إسماعيل حسن في بحثه(1):
“يصعب الحديث عن الصعوبات التي تواجه البنوك الإسلامية وكيفية مواجهتها دون أن نعى جيداً ما هو المقصود بالضبط بالبنوك الإسلامية، وما هو الاختلاف بين هذه البنوك والبنوك التقليدية…. ولا أبالغ إذا قلت إن مقياس النجاح الفعلي للبنوك الإسلامية هو مدى التزامها بالمفاهيم ومنهجية العمل أولاً وقبل كل شيء، وليس مجرد قياس النجاح بحجم النشاط وعدد الوحدات ونسبة الربح التي تعود على المتعاملين معها والمساهمين فيها، وإلا فما كنا بحاجة إليها وكان يكفينا ما لدينا من بنوك تقليدية”.
وهذا يدعونا إلى تدقيق هذه المسألة الخاصة بتحديد المقصود بالبنك الإسلامي على النحو التالى:
أولاً: لنا تعريفات ثلاثة على مدى عمر هذه المؤسسات حتى الآن(2):
التعريف الأول: ورد النص عليه في كتاباتي الأولى وبخاصة كتابي الاستثمار والرقابة الشرعية وهو: ”مؤسسة مالية مصرفية – شعبية أو حكومية – تعمل على تجميع فوائض التوازن لدى الأشخاص – سواء طبيعيين أو اعتباريين – وتوجيهها في أوجه استثمار إنمائية – لصالح الفرد والجماعة – وذلك طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها الأساسية (الضروريات والحاجيات والتحسينات)“.
التعريف الثاني: ورد النص عليه في أبحاثي الأخيرة وهو:
”مؤسسة مالية مصرفية تعمل طبقاً لقاعدتي الخراج بالضمان والغرم بالغنم على تجميع الأموال واستثمارها والاتّجار بها طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها الكلية“.
التعريف الثالث: وهو:
” تلك التي تنص وثائقها الأساسية على الالتزام بعدم مخالفة الأحكام الشرعية بالفعل أو بالترك في توظيف الأموال مع مراعاة الواقع والمصلحة الشرعية فيه“.
* تعريف البنك الإسلامي في التشريعات والقوانين التي صدرت حتى الآن بشأن البنوك الإسلامية والمهنة المصرفية الإسلامية(3):
أ) تعريف البنك الإسلامي في القوانين التي صدرت حتى الآن:
1- القانون الماليزي رقم 276 لسنة 1983 بشأن البنوك الإسلامية أول قانون يعّرف في المادة الثانية منه البنك الإسلامية بأنه:
“شركة تمارس العمل المصرفي الإسلامي بترخيص قانوني”
2- وعرّفت المادة الأولى من القانون الاتحادي رقم (6) لسنة 1985 في دولة الإمارات العربية المتحدة المصارف والمؤسسات المالية بأنها:
“تلك التي تتضمن عقودها التأسيسية ونظمها الأساسية التزاماً بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وتباشر نشاطها وفقاً لهذه الأحكام”.
3- ونص قانون تنظيم العمل المصرفي لسنة 1991 في السودان في المادة الثالثة منه على:
معنى المصرف: يقصد به أية شركة مسجلة تحت قانون الشركات لسنة 1925 وتمارس العمل المصرفي أو أي جزء منه في السودان أو أي مصرف منشأ بقانون.
مؤسسة مالية: يقصد بها أي شركة لتوظيف الأموال أو شركة نشأت لأغراض الاستثمار وتمارس أياً من الأعمال المصرفية.
4- وعرّف قانون البنوك الأردني رقم 28 لسنة 2000 في المادة الثانية البنك الإسلامي بأنه:
“الشركة التي يرخص لها بممارسة الأعمال المصرفية بما يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها وأي أعمال وأنشطة أخرى وفق أحكام هذا القانون”.
5- وعرّف القانون رقم 30 لسنة 2003 بإضافة قسم خاص بالبنوك الإسلامية إلى القانون رقم 32 لسنة 1968 بشأن النقد وبنك الكويت المركزي والمهنة المصرفية البنوك الإسلامية في المادة الثانية /86 التي تنص على:
البنوك الإسلامية هي:
البنوك التي تزاول أعمال المهنة المصرفية وما ينص عليه قانون التجارة أو يقضي به العرف باعتباره من أعمال البنوك، وذلك وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، وتقوم بصفة معتادة بقبول الودائع بأنواعها سواء في شكل حسابات جارية أو حسابات توفير أو ادخار أو حسابات استثمار لآجال ولأغراض محددة أو غير محددة وتزاول عمليات التمويل بآجالها المختلفة مستخدمة في ذلك صيغ العقود الشرعية مثل المرابحة والمشاركة والمضاربة.
كما تقدم الخدمات المصرفية والمالية بأنواعها المختلفة لعملائها والمتعاملين معها، وتباشر عمليات الاستثمار المباشر والمالى سواء لحسابها أو لحساب الغير أو بالاشتراك مع الغير بما في ذلك إنشاء الشركات أو المساهمة في الشركات القائمة أو تحت التأسيس التي تزاول أوجه النشاط الاقتصادي المختلفة بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية ووفقاً للضوابط التي يضعها مجلس إدارة البنك المركزي في هذا الشأن وذلك كله وفقاً للأحكام الواردة في هذا القانون. ويضع البنك المركزي الأسس والقواعد والضوابط التي تنظم نشاط فروع البنوك الإسلامية الأجنبية التي يصرح لها بالعمل في دولة الكويت وتعتبر فروع أي بنك إسلامي أجنبي تعمل في دولة الكويت في حكم البنك الواحد بالنسبة لأحكام هذا القانون”.
6- وعرّفت المادة الأولى من القانون رقم 575 لسنة 2004 بشأن المصارف الإسلامية في لبنان المصارف الإسلامية بأنها:
“تلك التي يتضمن نظامها الأساسي التزاماً بعدم مخالفة الشريعة الإسلامية في العمليات التي تقوم بها وخاصة عدم التعامل بالفائدة أخذاً أو عطاء.
تطبق على المصارف الإسلامية في ما لم يرد بشأنه نص خاص في هذا القانون جميع الأحكام القانونية والنظامية المعمول بها في لبنان لاسيما تلك المتعلقة بصورة مباشرة أو غير مباشرة بالمصارف بما فيها كل من قانون التجارة البرية وقانون النقد والتسليف وقانون سرية المصارف”.
ب) التعليق والمقارنة بين هذه التشريعات فيما يتعلق بالمقصود بالبنك الإسلامي:
أ- استخدمت القوانين التي تصدت للتعريف عبارات متباينة مثل:
- تمارس العمل المصرفي الإسلامي.
- تباشر نشاطها وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية.
- تمارس العمل المصرفي.
- تمارس الأعمال المصرفية.
- تزاول المهنة المصرفية وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية.
ولما كانت المؤسسات المالية الإسلامية قد نشأت في بيئة تقليدية للعمل المصرفي القائم على الفائدة الربوية أيا كان هذا العمل المصرفي أو طبيعته إلى الحد الذي صارت فيه الأعمال المصرفية التقليدية شبه مستقرة ومعلومة بما تشتمل عليه من الإيداع والاستقراض والخدمات المصرفية والتمويل الإقراضي كل ذلك على أساس سعر الفائدة الربوية، فإن استخدام المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية لمصطلح الأعمال المصرفية في ظل المناخ السائد لا يعبّر عن حقيقة طبيعة المصرفية الإسلامية، أو بمعنى أشمل لا يشتمل على الأسس والمبادئ الجوهرية في ممارسة المصرفية الإسلامية التي من أهمها وعلى رأسها “أن النقود يتّجر “بها لا فيها” كرؤوس أموال، وأن التعامل “فيها لا بها” تحكمه قواعد عقد الصرف المعروفة من الفورية والتقابض والتماثل”.
ب- أن بعض هذه التعريفات أدخل في التعريف ما ليس منه، كالأعمال التي تمارسها والأغراض التي أنشئت من أجلها هذه المؤسسات، إذ فيه من التعميم مالا يجوز في التعريف.
ج- بعض التشريعات جمع بين الشريعة والقانون في الالتزام، بمعنى أنها نصت على أن تمارس هذه المؤسسات الأعمال المصرفية بما يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية ووفق أحكام القانون.
د- بعض هذه التشريعات اكتفى بالنص على ممارسة العمل المصرفي وفق أحكام الشريعة الإسلامية، ولم يتطلب أن تتضمن عقود التأسيس والنظم الأساسية التزاماً بذلك.
هـ- بعض هذه التشريعات نص على الالتزام بعدم مخالفة الشريعة الإسلامية وخصصه فقط بعدم التعامل بالفائدة أخذاً أو عطاء.
ج) رسالة المصارف الإسلامية:
لم تتضمن التشريعات السابقة النص بصراحة ووضوح على رسالة تلك المؤسسات كأحد معطيات العلوم المعاصرة.
ذلك أن خصوصية منهجية تلك المؤسسات تحدد رسالتها إذ تتمثل رسالة تلك المؤسسات – وهي صمام الأمان – كما يعبر علماء التخطيط والاستراتيجية في الخصائص الفريدة التي تميزها عن غيرها من المنظمات النظيرة، وتعبر هذه الرسالة عن الصورة الذهنية التي ترغب المنظمة في إسقاطها في أذهان الناس وهي – من وجهة نظرنا – العمل على “إحياء مقصد الشرع في حفظ المال” من ناحيتي الوجود والعدم كما يقول الشاطبي(4) -رحمه الله- وكما تحدث عنه الأصوليون والفقهاء وما يترتب عليه من آثار.
ومن المفيد التنويه إلى اختلاف معنى الرسالة عن معنى الأهداف، فالأهداف تتمثل في الدور الأساسي لهذه المؤسسات والذي يحقق مصلحة جميع الأطراف ذات العلاقة بهذه المؤسسات وصاحبة المصلحة وهي مثلثة الأضلاع:
أ- المؤسسات المالية ذاتها.
ب- المتعاملون معها.
ج- البيئة / المجتمع الذي تعمل فيه تلك المؤسسات وتخضع لنظامه.
لكل ذلك نرى -فيما يبدو لنا- أن التشريع إذا اتجه إلى النص على تعريف المصرف الإسلامي وجب أن يحرص على أن يكون جامعاً مانعاً بقدر الإمكان، وأن يكون معبراً تعبيراً صريحاً وواضحاً عن حقيقة وطبيعة المصرفية الإسلامية ومنطلقاتها ووسائلها ورسالتها ومقاصدها، وعلى هذا النحو يمكننا أن نعرف المصارف الإسلامية بأنها:
“تلك التي تنص وثائقها الأساسية على الالتزام بعدم مخالفة الأحكام الشرعية بالفعل أو الترك في توظيف الأموال مع مراعاة الواقع والمصلحة الشرعية فيه”.
أحد عشر: علاقة البنوك المركزية بالمصارف الإسلامية وموقفها منها:
مازالت قوانين البنوك والائتمان في الغالب الأعم والتي تقوم البنوك المركزية بالمراقبة والإشراف على تنفيذها لا تُولي الطبيعة الخاصة للبنوك الإسلامية ما يتوافق معها، والسعي نحو استنباط طرق ووسائل الإشراف والرقابة على البنوك الإسلامية بما يتفق مع منهجها وطبيعة عملها.
وذلك هو الوضع السائد في علاقة البنوك المركزية بالمصارف الإسلامية وذلك على خلاف ما نص عليه القانون رقم 30 لسنة 2013 بإضافة قسم خاص بالبنوك الإسلامية (القسم العاشر) إلى الباب الثالث من القانون رقم 32 لسنة 1968 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي وتنظيم المهنة المصرفية حيث نص في المادة 95 منه على ما يأتي:
يجوز للبنك المركزي أن يجرى العمليات الآتية:
1) أن يقدم للبنوك الإسلامية في الحالات الاضطرارية تمويلا لمدة لا تجاوز ستة شهور باستخدام الأدوات والأساليب التي لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية وطبقا للشروط والقواعد التي يقررها مجلس إدارة البنك المركزي، ويجوز مد أجل التمويل لمدة لا تزيد على ستة أشهر أخرى.
2) أن يبيع ويشترى مع البنوك الإسلامية وغيرها من الأدوات التي تتفق وأحكام الشريعة الإسلامية.
3) إصدار أدوات تتفق وأحكام الشريعة الإسلامية طبقا للحدود والشروط التي يقررها مجلس إدارة البنك المركزي .
ويتم التعامل في هذه الأدوات بيعا وشراء مع البنوك الإسلامية وغيرها من الجهات الخاضعة لرقابة البنك المركزي.
لهذا سنخصص مبحثا لدراسة تنظيم العلاقة بين المصارف الإسلامية والبنوك المركزية والبنوك التقليدية الأخرى.
اثنى عشر: نتيجة لكل ما تقدم كان وجود فائض سيولة لدى المصارف الإسلامية كمشكلة فيها.
وهذا يعنى أن الموارد المالية المتاحة للمصارف الإسلامية أكبر من قدرات وإمكانيات التشغيل والتوظيف لهذه الأموال في محلها وفقا لأدوات وصيغ التمويل المستخدمة في أعمال ونشاطات المصارف الإسلامية من مشاركات ومضاربات وغالبا المرابحات.
وهذه المشكلة هي الوجه الآخر لمشكلة السيولة في المصارف الإسلامية المتمثل أيضا في نقص السيولة، ولكن فائض السيولة هو الغالب السائد في تصوير مشكلة السيولة في المصارف الإسلامية، وهذا الوجه من المشكلة له أسبابه العديدة منها:
1– أن أغلب مصادر الأموال قصيرة الأجل مما يفرض حسب السياسة المصرفية الرشيدة أن تكون آجال التوظيف أيضا محددة، مما يسبب هذه المشكلة.
2- البيئة القانونية التي تعمل فيها كثير من المصارف الإسلامية وهي البيئة التقليدية التي تسودها قوانين البنوك والائتمان التقليدية، مما يتسبب في تأخير عدم الموافقات اللازمة للتشغيل وتوظيف هذه الأموال وما يترتب على ذلك من آثار كثيرة سلبية، ولا شك أن هذا ينعكس تلقائيا على ضعف العائد الذي توزعه المصارف الإسلامية إذ أن ما يتم توزيعه هو عوائد الأموال الموظفة فعلا وليس كل ما لديها منها.
الفرع الثاني: المبادئ الكلية العشرة للمصرفية الإسلامية (وهي أساس فقه البنوك الإسلامية)(5):
نستطيع أن نخلص من تعريف البنك الإسلامي إلى مجموعة من المبادئ الحاكمة لتحديد مفهوم وأسس المصرفية الإسلامية تكون معيارا علميا تنطلق منه وتؤسس عليه طرق علاج مشاكلها المختلفة.
أولاً: النقود رؤوس أموال يتّجر بها لا فيها لتحقيق أمرين:
(1) لتجنب إشكاليات التجميع والتشغيل والاستخدام للأموال في العمل المصرفي التقليدي وبخاصة إشكاليتي:
( أ ) الادخار والاستثمار.
(ب) السيولة والربحية.
(2) تبني القاعدة الإنتاجية لا الإقراضية في التشغيل والاستخدام للأموال في المصرفية الإسلامية وأولوية:
( أ ) الاستثمار.
و(ب) النواهي.
الخدمات على الأوامر
ثانياً: تصحيح وظيفة النقود من وجوه أربعة هي:
( أ ) ألا يكنـزوها.
(ب) ألا يأكلوها بينهم بالباطل.
(ج) ألا يفسدوا وظائفها.
(د) ألا تكون دُولة بين الأغنياء.
ثالثاً: العقود المشتقة من معانيها والمقصود بها والتكامل فيها وتحقيق السياسة الرشيدة على أساس هذا التنوع والتكامل.
رابعاً: قاعدتي الخراج بالضمان والغرم بالغنم أساس التشغيل للأموال واستخداماتها في ح-ج وح-ث أي الحساب الجاري وحساب الاستثمار.
خامساً: التجارة والاستثمار طبقاً للأحكام الشرعية التفصيلية والمقاصد الكلية: تكوين وتحريك الطاقة -المقدرة الإنتاجية- لحديث أنس t: “سبعٌ يجري للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته..” والحاجة إلى: التأصيل الفقهي لنظريتي: الاستثمار و“الأعمال التجارية والتاجر والمتجر“ في النظم المالية والتجارية المعاصرة.
سادساً: الحلال والحرام وواجب العلم بالحكم، يقول الله تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ) (يونس/59).
سابعاً: ارتباط العقيدة والأخلاق بالمعاملات: وقد اعتبره ابن القيم قاعدة الشريعة التي لا يجوز هدمها. وابن عابدين اعتبره: مدار أمور الدين. وكذلك ابن رشد وغيرهم.
ثامناً: المال استخلاف وعمل نظرية (الكسب والاتفاق)(6). وارتباط الاستخلاف بالإنفاق بمعانيه الأربعة وهي:
(ا) الإنفاق الاستثماري بغرض التكوين الرأسمإلى.
(ب) الإنفاق الجاري والتشغيلي ويشمل التجاري.
(ج) الإنفاق التصدقي بشقيه الفريضة / التطوع.
(د) الإنفاق الاستهلاكي.
وهذا المبدأ لقول الله تعالى: (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ..) (الحديد/7): ومبدأ العمل في كلام عمر t: “إني لا أجد هذا المال يصلحه إلا خلال ثلاث: أن يؤخذ بالحق ويعطي في الحق ويمنع من الباطل”(7).
تاسعاً: حقوق المال(8) (حق الله وحق السائل والمحروم والحقوق الأخرى)(9).
عاشراً: تعريف المصرف الإسلامي ومكوناته الأربعة الجوهرية الكامنة في التعريف.
وكل هذه المبادئ تؤكد سلامة تعريفنا للمصرف الإسلامي وما نحن بحاجه ماسة إليه فيها، وهو:
“مؤسسة مالية مصرفية تتلقى الأموال طبقاً لقاعدتي الخراج بالضمان والغرم بالغنم والاتجّار بها واستثمارها طبقاً لأحكام الشريعة التفصيلية ومقاصدها الكلية”.
والخلاصة أننا بحاجة ماسة إلى:
- الاتفاق على مبادئ للمصرفية الإسلامية تخدم مرتكزات ومتطلبات وقيم برنامج الإصلاح الاقتصادي في الإسلام.
- الالتزام بالسلسلة الذهبية للاجتهاد وربطه بالمقاصد الشرعية وترتيب أولوياتها المعاصرة بما يحقق مصلحة الناس الشرعية ويلبي حاجاتهم ويعالج المشكلات.
- الاتفاق على منهجية ملائمة للخروج من الاختلافات الفقهية وما قد يتطلبه ذلك من مأسسة هذا المبدأ.
- تدقيق شرعي فعّال يعكس قوة التنفيذ متفرع من أو تابع للهيئة الشرعية ويعكس التكامل في أعمال الرقابة الشرعية من سابقة وآنية ولاحقة.
- نظام مؤسسي يتمتع بالقدرة والكفاءة الكافية لجذب وحشد الأموال والمدخرات في استثمارات حقيقية تجلب الخير للناس.
أهم خصائص التمويل في النظام الإسلامي للاقتصاد(10):
أولاً: اعتماد القاعدة الإنتاجية لا الإقراضية في التمويل بمعنى:
1- إعطاء أدوات التمويل الإسلامي بأنواعها الأولوية في تخصيص الموارد المالية.
2- أن تكون التمويلات سلعية أي لشراء السلع وإنتاجها، ومشاركات استثمارية بأنواعها.
فيحصل بسبب ذلك مشاركة في المخاطر، وفي نفس الوقت مشاركة في تحمل المسئولية واتخاذ القرارات. فتنتفي بذلك كل سبل وأدوات الغرر والتغرير والإفساد مثل:
– المستقبليات.
– المشتقات.
– بيع الديون.
ثانياً: اعتماد قاعدتي: نظرة الميسرة للمعسر بضوابطها الشرعية، وعقوبة المليء المماطل بضوابطها الشرعية، ومن ثم فلا مكان لفوائد التأخير في السداد.
هذه القاعدة الذهبية، شُرعت لتحمي المدين من الإفلاس، وتحمي الاقتصاد من الدخول في السلسلة الخبيثة التي أشرنا إليها.
ثالثاً: التناسب بين مصادر الأموال والاستثمارات في طبيعتها ومددها.
رابعاً: قياس المخاطر المرتبطة بمجالات وأدوات الاستثمار بصورة دقيقة وفعالة.
خامساً: البورصة سوق للمال (الأوراق المالية والبضائع) يستثمر فيه لا المضاربة غير المشروعة فيه، فهي وسيلة لتمويل المشروعات الجديدة عن طريق الاكتتاب، وسحب السيولة الزائدة من السوق. ويجب تطهيرها من صنّاع السوق المرجفون فيها.
سادساً: تنويع المحافظ الاستثمارية وتعددها وتكاملها، وتعدد أسواق الاستثمار للحد من المخاطر بالقدرة على التكيف مع المتغيرات والمحافظة على عافيتها.
سابعاً: البناء التنظيمي الجيد المشتمل على: الوحدات المتخصصة، والمسانِدة التي يتم من خلالها تنفيذ السياسات التشغيلية، ومن أهمها وحدة إدارة مخاطر السيولة في مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية.
ثامناً: الاهتمام بالتخطيط الاستراتيجي في مجال الاستثمار بشكل خاص للحد من المخاطر بأنواعها المختلفة، ودعم الموقف التنافسي للبنك، وتوفير منتجات استثمارية أكثر قبولاً من الناس.
المبحث الثاني
مشكلة السيولة في المصارف الإسلامية ذات طبيعة خاصة مركبة و أبعاد متعددة تنعكس على سبل معالجتها بل وفي التصدي لها
الفرع الأول: ارتباط مشكلة السيولة بالطبيعة الخاصة للمصرفية الإسلامية:
ظهر لنا من المبحث السابق أن مشكلة السيولة في المصارف الإسلامية تستند إلى مفهوم مختلف للمصرف الإسلامي، وإلى مبادئ وأسس مختلفة لممارسة المهنة المصرفية، وخصائص ينفرد بها التمويل الإسلامي، وينعكس هذا وذاك وتلك تحديدا على الطبيعة الخاصة للبنوك الإسلامية.
الطبيعة الخاصة للمصارف الإسلامية وآثارها على مشكلة السيولة فيها:
البنوك الإسلامية يجتمع فيها مجموعة من خصائص بنوك عديدة فهي:
أولا: بنوك تنمية حقيقية شاملة ومن ثم مستديمة:
وذلك مستفاد من كون هذه المصارف تقوم في منهجها على سلّة من العقود وأدوات التمويل والاستثمار، وليس على صيغة واحدة أو عقد وحيد هو عقد القرض بفائدة، وهذا يجعلها أقدر على تلبية متطلبات عمليات التمويل والاستثمار بأشكالها المتعددة في قيادة عملية التنمية، وتناسب كل أو أغلب المتطلبات بدرجة كفاءة اقتصادية عالية من ناحية وسلبيات أقل من ناحية أخرى، إذ تسهم هذه الأدوات بشكل فعّال في تقليل ومعالجة التضخم، باعتبار أن هذه الصيغ والأشكال التمويلية ترتبط بالجانب السلعي وكذلك الجانب الاجتماعي أو المجتمعي، من تحقيق العدل والتوازن في علاقات المتعاملين بهذه الصيغ وأبرزها الصيغ الأساسية من المشاركة والمضاربة مما يسهم مساهمة فعالة في تحقيق تنمية حقيقية.
ولعّل هذا مرتبط ارتباطاً مباشراً بوظيفة المال في الإسلام، ومسئولية الإنسان في استخدام المال وارتباطها بقول الله تعالى:
(وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) على نحو ما سبق بيانه.
وتأسيسا على ما تقدم نستطيع القول بأن المصارف الإسلامية:
ثانياً: بنوك متعددة الوظائف:
فتستطيع أن تقوم بدور كل من:
بنوك التنمية – وبنوك الاستثمار – وبنوك الأعمال.
ومن ثم فعملها لا يقتصر على الآجال القصيرة كالبنوك التجارية في الغالب، ولا على الآجال المتوسطة والطويلة كالبنوك غير التجارية، بل يشمل كل ذلك، وهذا ينعكس حتماً على هيكل الموارد والاستخدامات فيها(11).
ثالثاً: مما يرتبط بما تقدم في أولاً وثانياً تصبح المصارف الإسلامية تمارس أعمالها ونشاطها في ظل ظروف عالية المخاطر، إذ أنها تواجه نوعين منها:
1- المخاطر التقليدية في أعمال المؤسسات المالية النظيرة.
2- المخاطر الخاصة المرتبطة بطبيعة النشاط الذي تمارسه المصارف الإسلامية، وخضوعه لأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية التي تشكل أساساً لازماً لمشروعية هذا النشاط وكذلك فارقاً جوهرياً بين المصارف الإسلامية والتقليدية.
والمخاطر التقليدية أو المشتركة بين التقليدية والإسلامية تتمثل في:
1- مخاطر الائتمان. 2- مخاطر السوق. 3- مخاطر معدل العائد. 4- مخاطر التشغيل. 5- المخاطر القانونية. 6- مخاطر الاستثمار في رؤوس الأموال. 7- مخاطر الثقة / الأخلاقية. 8- مخاطر السحب وما يرتبط بها من مخاطر الإزاحة التجارية. 9- مخاطر السيولة.
بالإضافة إلى المخاطر المشتركة السابقة فإن مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية تنفرد بنوع خاص من المخاطر مثل:
1- مخاطر الاختلاف في تفسير القواعد الشرعية.
2- مخاطر صيغ التمويل الإسلامية والاستثمار في رؤوس الأموال.
3- مخاطر نطاق وسائل معالجة تمويل السيولة (البدائل الملائمة لتمويل السيولة)
4- مخاطر الاعتماد على صيغة استثمارية غالبة.
الفرع الثاني: انعكاس طبيعة المشكلة وأبعادها المتعددة على طرق معالجة مشكلة السيولة والتصدي لها:
أولاً: نظراً لتعدد وتنوع المخاطر التي تتعرض لها المؤسسات المصرفية الإسلامية، فإن عدم تعاملها على أساس سعر الفائدة وإنما طبقاً لقاعدة الربح والخسارة (الغرم بالغنم) فإنها تحدد هامش الربح في البيوع الآجلة مثلاً استناداً إلى الليبور كسعر أساس(12)، ونظراً لثبات هامش الربح خلال فترة الأجل فإن المخاطرة تكمن في تغير سعر الفائدة في السوق المصرفية إبان مدة الأجل.
ثانياً: وكذلك فإن جائزة السداد المبكر في الوفاء بالديون يضيق نطاقها كثيراً في المؤسسات المصرفية الإسلامية لما يشترط فيها شرعاً من ألا تكون بناء على شرط ملحوظ أو ملفوظ عند التعاقد.
ثالثاً: والمخاطر القانونية الوضعية وتطبيقاتها القضائية وعدم ملائمتها لطبيعة أعمال ونشاطات المؤسسات المصرفية الإسلامية، باعتبار أن هذه النظم لا تلتزم بتطبيق أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، فضلاً عن عدم تقنين أحكام المعاملات المالية الإسلامية (13) في الغالب الأعم، هذا بالإضافة إلى عدم تنميط ونمذجة(14) العقود والصيغ المستخدمة في المصارف الإسلامية في عمليات التمويل والاستثمار.
رابعاً: مخاطر صيغ التمويل والاستثمار الإسلامية:
فهناك مخاطر لا تنفك عن طبيعة هذه الصيغ مثل:
– المرابحة: والمخاطر التجارية المتعلقة بتلف البضاعة قبل بيعها على الواعد بالشراء، وإن كان التأمين التكافلي يمكن أن يغطيها، ولكنها تظل مخاطرة لا تنفك عن طبيعة العقد.
– السلم: يصاحبه مخاطر عدم القدرة على الالتزام بتسليم سلعة السلم (المسلم فيه) في المواعيد لأسباب خارجة عن إرادة البائع ولا دخل له فيها.
– المضاربة: في التخريج الفقهي الصحيح تعتبر المضاربة أساس العلاقة بين المودعين والمصارف الإسلامية في أغلبها، وذلك فيما يتعلق بالحسابات الاستثمارية، أما في التوظيف فدورها محدود لما يكتنفها من مخاطر، على رأسها المخاطر الأخلاقية أو مخاطر الثقة التي تصاحب أعمال المضارب، وفي مقدمتها إخفاء نتائج الأعمال باعتبار مبدأ أن المضارب (المؤسسة المالية) يضارب. هذا فضلاً عن مخاطر رأس المال باعتبار أن من قواعد المضاربة أن الخسارة يتحملها رب المال.
– البيع الآجل: وهو أكثر الصيغ الإسلامية في الممارسة العملية ومن مخاطره الأبرز: مخاطر السيولة – ومخاطر العائد – ومخاطر العملات.
ففي الغالب الأعم في البيوع الآجلة يكون الثمن بعملة محددة كالدولار مثلاً، وهذا ما يترتب عليه مخاطر سيولة الدين بخاصة في البيع طويل الأجل، إذ لا يجوز تداول الديون النقدية بثمن حاضر، لأنها صرف مع تأخير التقابض وهو محرم شرعاً، وإن كان من الجائز بيع الدين النقدي بأعيان أو سلع حاضرة(15) وهذا يقلل من مخاطر السيولة.
أما مخاطر العائد فتتمثل في أن مقدار الدين ثابت في الذمة ولا يجوز تغييره خاصة بالزيادة، وعلى الأخص في العقود متوسطة وطويلة الأجل، إذ تصبح احتمالات تغير العائد ملموسة وواقعية غالباً، ويمكن لمعالجة مخاطر العائد اللجوء إلى زيادة القسط الدوري الذي يدفعه المدين (العميل)، إذا ارتفع معدل العائد مقابل تخفيض الدين بنفس المقدار، وكذلك في حالة انخفاض معدل العائد يجوز تخفيض مقدار القسط بنفس المقدار مقابل تمديد مدة السداد، وهذا الأسلوب لا يترتب عليه تغيير في مقدار الدين الإجمإلى لكن يترتب عليه توفير السيولة للطرف المتضرر من تغير معدل العائد. وكذلك يمكن معالجة هذا الخطر (معدل العائد) على أساس الجمع بين المشاركة والبيع الآجل(16).
وفي نهاية إيراد المخاطر السابقة التي تواجهها المؤسسات المصرفية الإسلامية نورد القاعدة المتفق عليها بين أهل الاختصاص وهي:
Nothing ventured , nothing gained
وما تعنيه من أن المخاطر من طبيعة النشاط الاقتصادي، ومن النادر إن لم يكن من المستحيل تحقيق ربح دون تحمل مخاطر.
ومن هنا كانت ضرورة الاستعانة بأدوات الهندسة المالية وأدوات التحّوط، ويكون المقصود الحقيقي أن تنجح المؤسسات المصرفية الإسلامية في: “تصميم أدوات ومنتجات كفؤة لتحقيق التحوط وإدارة المخاطر التي تواجهها، ومعالجة كل مشكلة بحسبها وما يناسبها، وهو ما نرسم معالمه وأدواته في هذا البحث لمعالجة مشكلة السيولة في المصارف الإسلامية، وفي نفس الوقت يوفر أساس بنية تحتية داعمة للسيولة في صناعة الخدمات المالية الإسلامية.
المبحث الثالث
الوسائل المتكاملة لمعالجة مشكلة السيولة في المصارف الإسلامية
بقدر تعدد أسباب المشكلة وخصوصيتها في المصارف الإسلامية، تكون وسائل المعالجة والتصدي للمشكلة في كل أسبابها وجوانبها، ومن هنا تظهر الأهمية البالغة لما سبق سرده تفصيلاً، وما يجب فعله وما يجب تركه من المؤسسات المصرفية الإسلامية.
ونعتقد أن هذا المنهج في معالجة المشكلة الجوهرية في السيولة والمخاطر التي تواجهها المصارف الإسلامية، يُحدث طفرة ونقلة نوعية في حركة هذه المؤسسات المصرفية الإسلامية، ويحقق كل ما يجب أن يحدث لدخول هذه المؤسسات في انطلاقة جديدة، تسهم إسهاماً مباشراً في تحقيق رسالتها في ممارسة وظائف المال في شريعة الإسلام، ودوره في علاج المشكلة الاقتصادية الكأداء وتحقيق حد الرغد في حياة الناس، لقوله تعالى:
(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ) (النحل /112).
وفي هذه الأطر ولهذا الغرض نتحدث عن الفروع الثلاث التالية:
الفرع الأول: دور أدوات الهندسة المالية ومنتجاتها المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية وأدوات التحوط الإسلامية في علاج مشكلة السيولة:
إن التحدي الحقيقي الذي يواجه المصارف الإسلامية خصوصاً والمؤسسات المالية الإسلامية عموماً في المرحلة الحالية من مراحل نشوئها وارتقائها وتطورها يكمن في: ضرورة تصميم وإخراج أدوات ومنتجات إسلامية كفؤة لتحقيق التحوط وإدارة المخاطر التي تواجهها هذه المؤسسات ومعالجة كل مشكلة بحسبها وما يناسبها.
أولاً: أدوات الهندسة المالية:
عرّفت الجمعية الدولية للمهندسين الماليين (IAFE) الهندسة المالية بأنها:
التطوير والتطبيق المبتكر للنظرية المالية والأدوات المالية لإيجاد حلول للمشكلة المالية المعقدة ولاستغلال الفرص المالية(17). ومما تعني به الهندسة المالية على النحو الذي عرفت به: ابتكار حلول جديدة للإدارة التمويلية مثل إدارة السيولة وإعداد صيغ تمويلية جديدة وآليات تمويلية جديدة من شأنها خفض التكاليف الإجرائية.
ثم ظهرت الهندسة المالية الإسلامية Islamic Financial Engineering، وبذلك قيدت أدوات الهندسة المالية التقليدية بأن تكون جميع عملياتها متوافقة مع أحكام ومبادئ وضوابط الشريعة الإسلامية الحاكمة للمعاملات والاستثمارات الإسلامية، وأولى الخطوات على هذا الدرب المهم مشروع المنتجات والأدوات المالية في الفقه الإسلامي الذي تبناه البنك الإسلامي للتنمية(18)، والأصل أن تتقيد أدوات الهندسة المالية الإسلامية بمبدأ بين أساسين هما:
– المصداقية الشرعية.
– الكفاءة الاقتصادية.
وهما محل اتفاق لدى أهل التخصص، ونعتقد أن بينهما تكاملاً حقيقياً.
ثانياً: أدوات التحوط: فقد سبق الحديث عن نماذج أساسية منها فيما تقدم عند الحديث عن مخاطر صيغ التمويل والاستثمار الإسلامية التي تنفرد بها المؤسسات المالية الإسلامية(19).
الفرع الثاني: معايير مجلس الخدمات المالية الإسلامية لمعالجة مشكلة السيولة والتصدي لها:
نظراً لما تمثل إدارة مخاطر السيولة في أغلب الأحيان من تحدٍ كبير في مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية كجزء من عملياتها وأنشطتها، سواء على مستوى المؤسسة أو المعاملات ما بين البنوك أو البنوك المركزية، كان من الأهمية بمكان وجود إطار سليم وكفؤ لإدارة مخاطر السيولة لدى هذه المؤسسات، ومن ثم عنى مجلس الخدمات المالية ببذل جهود في هذا السياق وأصدر مجموعة من المعايير والمنشورات والمبادرات بحسب ما أطلق عليها من مصطلحات ومنها:
* المعيار الأول لمجلس الخدمات المالية الإسلامية بشأن المبادئ الإرشادية لإدارة المخاطر في ديسمبر 2005، وما تلاه من معايير وحتى الإرشادات المتعلقة بالمعايير الكمية لإدارة مخاطر السيولة للمؤسسات التي تقدم خدمات مالية إسلامية، عدا مؤسسات التأمين (التكافلي) الإسلامي، وبرامج الاستثمار الجماعي الإسلامي في أبريل 2015 تحتوي على أربعة أقسام مهمة وتثبت أن المؤسسة المالية– بحاجة ماسة – لكي تتم إدارة مخاطر السيولة بشكل فعّال – إلى:
1- كفاية الموجودات السائلة عاليه الجودة.
2- مصادر تمويل مستقرة.
3- موازنة ملائمة بين مواعيد استحقاق الموجودات والمطلوبات.
4- إدارة جيدة للتعرضات المسجلة خارج المركز المالي.
– مع الأخذ في الاعتبار دائما الاضطرابات في أسواق السيولة التي قد تؤثر على عملية الوساطة المالية برمتها والاقتصاد الحقيقي إذا لم يتم تدارك الموقف بشكل مبكر.
* صناعة الخدمات المالية الإسلامية، الإطار والاستراتيجيات عشرة أعوام من التطوير، صدرت في مايو 2007 بالاشتراك مع مجموعة البنك الإسلامي للتنمية:
وبالنسبة لصناعة الخدمات المالية الإسلامية فقد أصدر مجلس الخدمات المالية الإسلامية المعيار رقم (12) الخاص بالمبادئ الإرشادية لإدارة مخاطر السيولة في مارس 2012، وقد احتوى على (23) مبدأ إرشادياً للإدارة المتينة لمخاطر السيولة للمصارف الإسلامية والإشراف والرقابة الصارمة لتلك المخاطر منها: القيود المتنوعة لإدارة مخاطر السيولة من قبل مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية في الدول المختلفة وتشمل هذه القيود:
ندرة الأدوات المالية المتفقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، وعدم وجود نشاط الأسواق المالية في هذه الأدوات، وعدم كفاية الآليات المتفقة مع أحكام الشريعة الإسلامية لتخفيف إدارة مخاطر السيولة، وعدم وجود الأدوات الكافية للسلطات الإشرافية لتوفير دعم السيولة لهذه المؤسسات في أوضاع السوق الصعبة، واستبعاد مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية في عمليات السوق المفتوحة لتحقيق أهداف السياسة النقدية.
* قضايا تتعلق بتقوية إدارة السيولة في مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية، تطوير الأسواق النقدية الإسلامية في مارس 2008.
هذا في الوقت الذي يدرك فيه مجلس الخدمات المالية الإسلامية الجهود الدولية المبذولة مثل: كفاية رأس المال ومخاطر السيولة، والمنشورات الدولية المتنوعة المتعلقة بإدارة مخاطر السيولة والتي تمت مراجعة الكثير منها بعد الأزمة المالية، مثل تلك التي تم إصدارها من قِبل:
* لجنة بازل للإشراف المصرفي.
* لجنة المشرفين للبنوك الأوروبية التي تم استبدالها بسلطة البنوك الأوروبية منذ 1 يناير 2011(20).
* والمنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية.
وكذا ما تُعَدّه لجنة بازل للإشراف المصرفي من معيارين دوليين للسيولة(21) باعتبارها جزءًا مهماً من الإطار الرقابي العالمي.
وقد قامت لجنة بازل للرقابة المصرفية بإصدار القوانين النهائية لنسبة تغطية السيولة في يناير 2013 ضمن وثيقة بازل 3: (نسبة تغطية السيولة وأدوات مراقبة مخاطر السيولة).
كما قامت بإصدار القواعد النهائية لنسبة صافي التمويل المستقر في اكتوبر 2014 ضمن وثيقة بازل 3 (نسبة صافي التمويل المستقر).
تم تحديد نسبة تغطية السيولة بنسبة 60% مبدئياً على أن يرتفع المستوى 10% سنويا حتى يصل إلى المستوى المطلوب بنسبة 100 % مع بداية عام 2019م.
وعلى مجلس الخدمات المالية الإسلامية أن يعد المبادئ الإرشادية لغرض تبني مقررات بازل 3 المتعلقة بالسيولة لمؤسسات الخدمات المالية الإسلامية. وكما هو موضح في معيار مجلس الخدمات المالية الإسلامية رقم 12 المشار إليه، فإن قلة أو عدم توفر أوراق مالية/ صكوك متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية في كثير من الدول يشكِّل مشكلة تتسبب في إلزام مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية بالاحتفاظ بمستويات كبيرة من النقد والموجودات السائلة غير المربحة، مقارنة بالمؤسسات التقليدية، وحتى في الدول التي يتوفر فيها أوراق مالية/ صكوك إسلامية فإن عدم وجود سوق نشط للتداول أو إعادة الشراء المتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية (ريبو)، مازال يعد مشكلة قائمة، وبصفة عامة فإن معظم الدول لا يوجد بها نظام متوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بالمسعف الأخير من أجل حماية سلامة مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية، واستقرارها في حالات ضغط السيولة الشديد، وفي نفس الوقت فإن الودائع وحسابات الاستثمار القائمة على المشاركة في الأرباح لدى هذه المؤسسات غير مغطاه بنظام تأمين موثوق به ومتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية.
وهذا وذلك وتلك يؤثر بشكل مباشر على أداء وتنافسية مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية في السوق، ومن ثم يحتم القيام بمراجعة شاملة لضوابط ومعايير السيولة بقصد تعزيز وتطوير صناعة خدمات مالية إسلامية تتسم – كما يذهب مجلس الخدمات المالية الإسلامية – بالاحترازية والشفافية من خلال تقديم معايير دولية جديدة أو تكييف المعايير الدولية الحالية المتوافقة مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، والتوصية بتبني هذه المعايير والالتزام بها من قبل الجهات الإشرافية والرقابية في تطبيق معايير السيولة العالمية، وما يتطلبه ذلك من توفير إرشادات حول تطبيق معايير السيولة العالمية لمؤسسات الخدمات المالية الإسلامية خصوصاً فيما بتعلق بـ:
– نسبة تغطية السيولة.
– نسبة صافي التمويل المستقر.
– ومناهج تطبيق السيولة البديلة.
* التقرير المشترك بين المجلس ومجموعة البنك الإسلامي للتنمية بشأن التمويل الإسلامي والاستقرار المالي العالمي في أبريل 2010.
* المبادئ الإرشادية للسلطات الإشرافية ومسئولية الإشراف على إدارة مخاطر السيولة ومراكزها، وما يجب على السلطات الإشرافية من أن تقوم بتقييم منتظم لوضع السيولة وإطار إدارة مخاطرها لدى مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية ومدى فعالية خطط التمويل الطارئة.
– وعلى السلطات الإشرافية أن تأخذ في الاعتبار خصائص مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية التي يمكن أن تؤثر على وضع مخاطر السيولة في هذه المؤسسات ومن هذه الخصائص: هيكل مصادر الأموال والطبيعة الشرعية الفريدة لأدوات التمويل والاستثمار والصكوك المتفقة مع أحكام الشريعة، ويجب أن تأخذ في اعتبارها أيضا القيود المختلفة التي تتعرض لها مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية في الإدارة الفعالة لمخاطر السيولة لديها خصوصاً فيما يتعلق بالبنية التحتية للسوق.
الفرع الثالث: تأسيس بنية تحتية داعمة للسيولة في صناعة الخدمات المالية الإسلامية:
إن العديد من الدول التي تتبنى أو ترغب في تطوير صناعة خدمات مالية إسلامية تفتقر بشدة (فقر مدقع) إلى تأسيس بنية تحتية داعمة للسيولة في هذا القطاع الناشئ.
وهو ما يجعلنا نخصص لها هذا الفرع لنتناول فيه ما نراه من أهم أسس قيام البنية التحتية الداعمة للسيولة في صناعة الخدمات المالية الإسلامية .
الغصن الأول: حتمية إطار التكامل بين مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية
يوجد في بعض الدول مؤسسات خدمات مالية إسلامية تعمل بصفتها مؤسسات مركزية أو موفري خدمات مركزية لمؤسسات الخدمات المالية الإسلامية ذات المستويات المنخفضة مثل: التعاونيات الإسلامية(22). وتبدو أهمية هذا التكامل في تبني مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية إطاراً مشتركا للإفصاح لمساعدة المشتركين في السوق على تقييم وضع السيولة بصفة مستمرة، وأن يكون هذا الإطار المشترك للإفصاح متوافقاً مع الإطار الذي يجب على السلطات الإشرافية أن تصوغه، وذلك استجابة لما يجب على مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية أن تفصح عنه للعامة من المعلومات النوعية والكمية بطريقة مستمرة، كي يستطيع أصحاب المصالح اتخاذ قرارات صحيحة على أساس سلامة إطار إدارة مخاطر السيولة وأوضاع السيولة لدى هذه المؤسسات.
أولا: عناصر التكامل الذاتي للنظام المصرفي الإسلامي:
إذا أردنا أن نستكشف ذلك التكامل الذاتي للنظام المصرفي الإسلامي فلا بد لنا من الانطلاق من تعريف المصرف الإسلامي وهو فيما انتهينا إليه (مؤسسة مالية مصرفية تتلقى الأموال وفقا لقاعدتي الخراج بالضمان والغرم بالغنم، وتوظفها في وجوه التجارة والاستثمار طبقا لمقاصد الشريعة الإسلامية وأحكامها التفصيلية).
وتتجلى قوة هذا التعريف للمصرف الإسلامي في أنه يعبر عن خصوصية المنهج الذي يقوم عليه وعن خصوصية المصرفية التي يمارسها.
ومن هاتين الخصوصيتين يتجلي جوهر التكامل الذاتي للنظام المصرفي الإسلامي.
- خصوصية المنهج:
وأنتقى من خصوصية المنهج أمرين جوهريين هما:
الأول – ترتيب الأولويات وفقا لمقاصد الشريعة الإسلامية في كل مكونات العملية الاقتصادية الأربعة: من الإنتاج والتوزيع والتبادل ثم الاستهلاك، وطبقا لسلم الضروريات والحاجيات والتحسينات، وانعكاس هذه السلسلة عند التحليل الاقتصادي في نتائج إيجابية من كافة الوجوه
الثاني – الأحكام الشرعية العملية التفصيلية الضابطة لكل عملية من العمليات المصرفية بما لا يجعلها تخرج عن دائرة الحلال، والبعد عن دائرة الحرام، في إطار الربط والارتباط الوثيق بين مفردات المنهج الإيمانية، من العقيدة والعبادة ومن المعاملات والاقتصاد والأخلاق والقيم، وفي خصوص هذه المسألة يقول ابن عابدين(23): (اعلم أن مدار أمور الدين على الاعتقادات والآداب والعبادات والمعاملات والعقوبات).
ويقول ابن القيم(24): (وقاعدة الشريعة التي لا يجوز هدمها أن المقاصد والاعتقادات معتبرة في التصرفات والعادات، كما هي معتبرة في التقربات والعبادات، فالقصد والنية والاعتقاد يجعل الشيء حلالا أو حراما صحيحا أو فاسدا طاعة أو معصية).
وعلى أساس من هاتين القاعدتين: الأولويات والمقاصد، ثم الأحكام التفصيلية العملية للعمليات المصرفية، يتشكل أهم عنصرين جوهريين في النظام الاقتصادي كما يقرر علماء الاقتصاد(25) من أن فكرة النظام الاقتصادي تتحدد بثلاثة عناصر هي:
– من ناحية الأهداف والبواعث: إذ النشاط الاقتصادي نشاط إنمائي يهدف إلى تحقيق أهداف معينة.
– من ناحية الفن الإنتاجي: إذ يتميز النظام الاقتصادي بدرجة معينة من المعرفة الفنية وبمجموعة من الوسائل المستخدمة في الإنتاج: أي تحويل الموارد إلى سلع نافعة، وعلى ذلك يتميز كل نظام اقتصادي بمستوى معين من الفن الإنتاجي.
– من ناحية الشكل والتنظيم القانوني: فالنظام الاقتصادي يعتمد على مجموعة من المؤسسات القانونية يتميز بها. ولكن يبقى الفيصل النهائي للحكم على أفضلية النظم المختلفة والتي لا يمكن أن يتم بمعزل عن القيم التي تؤمن بها تلك النظم وتسيطر عليها.
(2): خصوصية المصرفية / الصيرفة الإسلامية:
– الصيرفة/ المصرفية الإسلامية تقوم على قاعدة أساسية تمثل فصل الخطاب في تميزها جوهريا عن الصيرفة / المصرفية التقليدية وهي أن:
(النقود رؤوس أموال يتّجر بها لا فيها):
فإذا اتخذ الناس النقود متجرا وقع من الفساد من المعاملات ما لا يعلمه إلا الله(26).
ويترتب على ذلك مباشرةً تبني هذه المصرفية للقاعدة الإنتاجية لا القاعدة الإقراضية، وما تقوم عليه القاعدة الإنتاجية من نظام المشاركة في نتائج الاستثمار.
– يرتبط بالقاعدة السابقة قاعدة منهجية أخرى في ممارسة الصيرفة/ المصرفية الإسلامية وهي قاعدة:
((الغرم بالغنم))(27) أو الربح بالخسارة.
– وما يرتبط بذلك من مجموعة من الأحكام العملية التفصيلية من أهمها:
– مبدأ نظرة الميسرة عند الإعسار.
– امتناع غرامة التأخير في الأصل الا باجتهاد سائغ.
– الخسارة على قدر رأس المال دائما.
– اعتماد مؤشرات الربح كبديل شرعي لمؤشرات الفائدة الربوية.
(3): التكامل في النموذج الأمثل للمصرفية الإسلامية ومقصد حفظ المال في الشرع:
في الحقبة الأخيرة أخذت القيود النظامية تتراجع أمام المصارف وأسواق التمويل، فزالت الكثير من الحواجز بين المعاملات المصرفية والاستثمارية والتجارية على مستوى العالم، ومن هنا وجدت الأسواق الاستثمارية والتجارية طريقها إلى المصارف، ووجد العمل المصرفي الإسلامي دعما عالميا لمذهبه المصرفي القائم على العقود الشرعية المتنوعة، والتي توصف معه المصرفية الإسلامية (بالشاملة) لكل أشكال وأساليب وصيغ المعاملات المصرفية طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية.
وهذه المنهجية في العمل المصرفي الإسلامي تجعل من المصارف أداة حقيقية للتعمير والتنمية وإضفاء معنى جديدا على أعمال الوساطة المصرفية التقليدية، فوساطة البنك الإسلامي لا تتسم بحيادية الوسيط كالوساطة التقليدية، وإنما المصرف الإسلامي طرف فعال في العلاقات المالية والاستثمارية التي يمارسها، فهو يمارس المهنة المصرفية بأدواته التجارية والاستثمارية، وتعدد وتنوع الصيغ والأشكال المالية الاستثمارية في منهجية المعاملات المصرفية الإسلامية يعتمد اعتمادا جوهريا في آليته على (التكامل) بين هذه الصيغ والأساليب بما يزيد من الأرباح ويقلل من الخسائر ويُحدّ من المخاطر إلى حد كبير.
وأصبح هذا النموذج المتطور مصرفيا مما تسعى البنوك العالمية الآن لتطبيقه وجني ثماره، إذ أن مزاولة البنك الإسلامي للمهنة المصرفية الإسلامية وعمليات التمويل باستخدام الأدوات الشرعية يقتضي حتما التملك والبيع والشراء (التجارة)، والاستثمار المباشر وغير المباشر.
هذا في الوقت الذي لا يكاد يختلف فيه الرأي على أن طبيعة البنك التجاري التقليدي الأساسية في ممارسته لأعمال المهنة المصرفية والوساطة المالية قائمة على قاعدة (الاقتراض والإقراض) على أساس سعر الفائدة الدائن والمدين وهو غير مسموح به شرعا.
فالبنوك الإسلامية في ممارستها لأعمال مهنتها المصرفية قد تدخل طرفا مباشراً في المعاملات الشرعية بحسب نوعها وطبيعتها، فضلا عما تتطلبه استثماراتها في الغالب من تملك أصول ثابتة ومنقولة، وذلك حتى تستطيع ان تؤدي دورها بفاعلية وكفاءة تتحقق معها مصالح المتعاملين، والمحافظة على أموالها وتنميتها وفقا للقواعد الشرعية وفي مقدمتها:
قاعدة (الخراج بالضمان) وقاعدة (الغرم بالغنم) ، فعلاقة المصرف الإسلامي بأصحاب الأموال (المودعون) في تخريجها الشرعي: علاقة مضارب بأرباب الأموال، في الغالب مضاربة مطلقة، وما يتطلبه ذلك من مزاولة أعمال التجارة والاستثمار بأشكالها المختلفة وفق قواعد وأحكام الفقه الإسلامي.
وهذه العلاقة تختلف تماماً عن علاقة البنك التجاري التقليدي بأصحاب الودائع فيه والمتمثلة في حقيقتها وحكمها في علاقة (دائن بمدين)، ومن هنا كان من المسلم به أن نشاطها الأكبر يقوم على الاتجار في الديون وإدارة القروض مقابل أو نظير فائدة مقطوعة سلفا وهو أمر غير مسموح به شرعا.
وللخصائص المتميزة والسمات الحاسمة للمصرفية الإسلامية التي تمارسها المصارف الإسلامية وتتخذ من النقود متجراً بها لا فيها(28) مقارنة بالمصرفية التقليدية التي تمارسها البنوك التجارية التقليدية التي تتخذ من النقود متجراً فيها. إذن إذا كانت النقود رؤوس أموال يتجر بها لا فيها يجب أن تؤسس الرقابة المصرفية للعمل المصرفي على هذا الأساس الشرعي المكين، كرغبة جادة في الإصلاح النقدي والمصرفي، فتنصلح بصلاحه المالية العامة والاقتصاد الكلي إصلاحاً هيكلياً حاسماً، يستتبع في حلقاته المتتابعة الخير والرغد للناس أجمعين فتنهض الأمة وتقوى.
ولهذا انتهت هيئة معايير المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية إلى أن الوظائف المنوطة بالمصارف الإسلامية تختلف في أساسها وجوهرها عن وظائف المصارف التقليدية، مما يقتضي إيجاد مفاهيم ومعايير تتلائم مع طبيعة المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية.
* الارتباط الوثيق بين المصرفية الإسلامية وحفظ المال كمقصد ضروري من مقاصد الشرع باتفاق الأمة:
(1) أن تكاليف الشريعة ترجع إلى حفظ مقاصدها في الخلق ومن هذه المقاصد الضرورية بإجماع الفقهاء مقصد “حفظ المال” فهو من الضروريات الخمس، وفي هذا يقول الإمام الشاطبي(29): اتفقت الأمة على أن الشريعة وضعت للمحافظة على الضروريات الخمس ومنها مقصد حفظ المال.
والتي قال عنها – الضروريات الخمس – الفقهاء إنها أصول الدين وقواعد الشريعة.
* والحفظ لهذه الضروريات الخمس يكون بأمرين كما يقول العلماء:
– أحدهما: ما يقيم أركانها ويثبت قواعدها أي بفعل ما به قيامها وثباتها.
– ثانيهما: ما يدرأ عنها الاختلال الواقع أو المتوقع فيها.
والأمران متلازمان ومتكاملان لا ينفك أحدهما عن الآخر.
* على الوجه السابق يفهم بالابتغاء من فضل الله في قوله تعالى: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (الجمعة/10).
ويفهم أيضا الأمر بالإنفاق من طيبات الكسب في قوله تعالى: (أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ) (البقرة /267).
(2) أن الوسائل تأخذ حكم المقاصد: فإذا كانت المقاصد ضرورية كانت الوسائل كذلك ولذلك وضع الفقهاء قاعدة: “ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب”.
كما يقرر الإمام الشاطبي أن المندوب إليه بالجزء ينتهض أن يصير واجباً بالكل.
ومن ثم فإن تقييد حق المصارف الإسلامية في تملك العقارات، وتقييد حقها في تملك المنقول والتعامل به، وتقييد العمل المصرفي بعدم الاستثمار المباشر في التجارة والصناعة تخصيص لأمر الشرع بغير مخصص شرعي فلا يجوز.
(3) ولعموم الأمر بتثمير المال في الشرع حتى يمكن إقامة أمر الدين والقيام بوظائف التكاليف الشرعية كان حديث الرسول r: “إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليفعل” أخرجه أحمد في مسنده(30).
ويقول ابن القيم رحمه الله: “إن ترك الأوامر أعظم عند الله من ارتكاب المناهي”(31).
4) جوهر وطبيعة النشاط المصرفي الإسلامي:
البنك التقليدي وفقا لنظامه القانوني يقوم أساسا على تجميع المدخرات من وحدات الفائض وتقديمها إلى وحدات العجز، على أساس الفائدة أخذا وعطاءً، والعائد في النهاية هو الفرق بين سعري الفائدة الدائنة والمدينة.
والمصرف الإسلامي باعتباره جزءاً من النظام المصرفي، وتمثل عملياته وأدواته جزءا من الوسائل المتاحه لتنفيذ السياسة النقدية والمالية والاقتصادية، يقوم في نشاطه على أساس من قاعدتي الخراج بالضمان، وقاعدة الغرم بالغنم أي المشاركة بالربح والخسارة، ومن ثم لا يعتمد على سعر الفائدة في التعامل.
وعلى ذلك فحساباته(32) (الودائع لديه) تنقسم إلى حسابات جارية وحسابات استثمارية، ويقوم الحساب الجاري على أساس قاعدة الخراج بالضمان، فهو مضمون على البنك ومن ثم يستأثر بعائده، وهو في ذلك يشبه تماما الحسابات الجارية في البنوك التقليدية، أما حسابات الاستثمار في البنك الإسلامي فهو جوهر عمله وعملياته وتخضع لقاعدة الغرم بالغنم، ومن ثم لا يضمنها البنك إلا بشروط، إذ أن:
(1) المصرف الإسلامي مضارب أصلا ويضارب تبعاً:
يضارب ويتجر في أموال المودعين مقابل نسبه شائعة معلومة من الربح المتحقق، وذلك إما بتقديم أموال المودعين مضاربة لرجال الأعمال والمستثمرين، أو تقديمها لشريك في موضوع تجاري أو زراعي أو صناعي….. إلخ أو تشغيل أموال المودعين في عمليات البيوع المختلفة ومنها الآجلة والسلم والاستصناع والتجارة.
والمصرف الإسلامي في كل ذلك ملتزم بالأحكام الشرعية التي تراقب تطبيقها الهيئات الشرعية المتخصصة والجهات الإشرافية أيضا.
وفي مقابل ذلك فإن التمويل المباشر لعمليات البيع والشراء والاستيراد والتصدير والزراعة والتصنيع والتعدين…. إلخ فمحظور قانونا على البنوك التجارية التقليدية.
ومقتضى هذا الحظر أنه لا يجوز لأي بنك مرخص له بأن يعمل منفردا أو مشتركا في تجارة الجملة أو التجزئة، أو في الاستيراد والتصدير وتملك المعدات والآليات واستئجارها وإعادة تأجيرها للغير أو إدارة وتملك الشركات أو تملك أسهم البنوك أو إدارة الإصدارات الأولية من الأسهم والسندات وتعهد تغطيتها(33).
(2) على أساس جوهر وطبيعة نشاط المصرف الإسلامي السابق تحديدها فإنه ليس هناك التزام من قبل المصرف تجاه المودعين والعملاء برد أموالهم كاملة إليهم، إلا إذا أهمل المصرف أو قصر أو تعدى، وهذا هو الأساس العادل الذي يحكم علاقة المودعين بالمصرف وينظم حالات المسؤلية فيها.
ويترتب على ذلك ما يلي:
(أ) إن الصيغ والأدوات أو العقود التي يتعامل بها المصرف الإسلامي تتضمن بطريق قاطع تحمل الممول أو حامل الصك والمتعاقد لمخاطر الاستثمار في حدود مقدار وقيمة التمويل أو الصك بصفة نهائية.
(ب) وأن يتضمن العقد في المشاركات بأنواعها توزيع نسبة مقدرة معلومة مقدماً من الربح المتحقق.
(ج) أن تتضمن الوسيلة أو الأداة أو الصك أن مبلغ التمويل أو قيمة الصك مملوك لحامل الصك أو الممول، وهذا يقتضي ما يلي:
(1) أن تكون هناك ما أمكن حسابات مستقلة لكل مشروع خاص أو نشاط معين موّل بطريق شرعي.
(2) أن يتم مراجعة الحسابات بمعرفة مراقبـي الحسابات المعتمدين والمستقلين.
(3) إعلان ميزانيات الأرباح والخسائر في مواعيدها على الكافة، وذلك حتى يتم التأكد من تحقيق الأرباح أو حصول الخسائر بدون تعدٍ أو تقصيرٍ أو إهمالٍ، وأن يتم التوزيع على أساس شروط العقد أو الصك.
5) انعكاس طبيعة النشاط المصرفي الإسلامي في المزايا التالية:
(1) بالنظر إلى طبيعة نشاط المصرف الإسلامي على النحو السابق، يكون حجم الودائع تحت الطلب قليلاً جداً، وكذلك حجم القروض الحسنة، وهذا وذلك يخفف إلى حد كبير من مسؤلية البنك المركزي تجاه أموال المودعين.
(2) إن ودائع الاستثمار لدى المصارف الإسلامية تقوم على معامل الشركة في الربح والخسارة، ومن ثم فإن مردود أو عائد التمويل المبني على المشاركة في الأرباح والخسائر والذي يقدمه البنك الإسلامي يكون بحسب نجاح المشروع الممول أو فشله، وذلك خلافاً للودائع الإدخارية أو لأجل لدى البنوك التجارية التقليدية، فرأسمالها مضمون مما يؤثر على عرض النقود في المجتمع وما يتبعه من عبء ثقيل على البنك المركزي في هذا الصدد.
(3) إن إقراض المصرف الإسلامي والاستقراض منه بحسب جوهر وطبيعة نشاطه قليل نسبيا، وما يستتبع ذلك من أن تكون النقود الجديدة الناتجة عن هذه العملية قليلة أيضا، مما ييسر مهمة البنك المركزي في رقابة السياسة النقدية، بخلاف الحال في عملية الإقراض المصرفي في البنوك التجارية التقليدية والنابع من الحسابات الجارية، إذ تخلق هذه العملية نقوداً جديدة، فلا يملك المستقرض مالاً بدون أن يتنازل المقرض الأول عن ملكيته، وهو الذي أودع ماله في حساب جاري لدى البنك.
وذلك يضيف صعوبة جديدة أو يعسّر على البنك المركزي مهمته في ضبط عرض النقود كي تفي بالحاجة، وأن يكون ملائماً لأغراض الاقتصاد الوطني وتحقيق الاستقرار فيه.
فمن المعلوم أن حجم التوسع النقدي يتأثر بطبيعة الودائع وأساليب التمويل، ومن ثم يكون أقل حجماً في إطار النشاط المصرفي الإسلامي، مقارناً بنفس النشاطات إذا مارستها البنوك التقليدية.
(4) لذا تختلف المصارف الإسلامية عن البنوك التقليدية في الأمور الجوهرية التالية:
(أ) نبذ الفوائد الربوية بأشكالها المختلفة أخذاً وعطاءً.
(ب) ممارسة الاتجار المباشر.
(ت) ملكية أصول لغايات الاستثمار.
(ث) المشاركة المباشرة في مشاريع منتجة.
وتأسيساً على ذلك يبرز بشكل واضح التساؤل التالي وهو:
كيفية إخضاع المصارف الإسلامية لمجموعة من الأسس والمعايير الرقابية والتنظيمية والتوجيهية وفقاً لطبيعة عملها ؟
والمحور الأساسي لذلك:
هل تخضع المصارف الإسلامية لنفس القواعد والتعليمات الرقابية المنظمة لعمل المصارف عموماً ؟
أم يجب تطوير معايير وأدوات للرقابة والتوجيه في البنك المركزي لتستوعب هذه المصرفية المتميزة، وتعطيها حقها من الرعاية والاهتمام تقديراً لأهدافها ووظائفها وطبيعة أعمالها الشرعية؟
6) تحديد طبيعة الوساطة المالية في ممارسة المهنة المصرفية الإسلامية ودورها في التنمية:
البنك الإسلامي في ممارسته للوساطة في توظيف واستخدام أموال المودعين لا تتسم وساطته بحيادية الوسيط التقليدي(34) إذ يمارس المهنة المصرفية بأدوات تجارية واستثمارية ومن ثم فهو طرف فاعل في علاقاته المالية والاستثمارية، ومن ثم فإن مزاولة البنك الإسلامي للمهنة المصرفية وعمليات التمويل باستخدام الأدوات المصرفية الإسلامية: كالمرابحة والسلم والاستصناع والمشاركة والمضاربة والإجارة، يقتضي حتماً التملك والبيع والشراء (التجارة) باتفاق الفقهاء، والقول بغير ذلك يزيد من أعباء تلك المؤسسات الناتجة عن إدارة موجوداتها من خلال كيانات أخرى مثل الشركات.
وتأسيساً على ذلك فإن البنوك الإسلامية تدخل طرفاً مباشراً في المعاملات الشرعية بحسب نوعها وطبيعتها، وما يتطلبه ذلك من تملك أصول ثابتة ومنقولة، وذلك حتى تستطيع أن تؤدى دورها في بناء قاعدة إنتاجية وتحقيق مصالح المتعاملين معها على أساس قاعدة الربح والخسارة أو الغرم بالغنم التي لا يصح ولا يجوز القول بأنها تعرِّض أموال الناس للخطر، لأن الخطر يمكن التقليل منه أو حتى تلافيه بقواعد ونظم أخرى، مع ضرورة الالتزام في ممارسة الوساطة المصرفية من خلال ممارسة المهنة المصرفية بالشرائط الفنية البحتة مثل: مراعاة طبيعة مصادر التمويل وحجمه وتنوعه. وبكل ذلك تتحقق كفاءة تمثيل وظيفة الوساطة والتجاوب بفاعلية مع الحاجات الاقتصادية وتقليل المخاطر.
7) العقود المشتقة من المعاني والتكامل فيها في ذاتها:
إن تنوع وتعدد الصيغ والأدوات التمويلية والاستثمارية في ممارسة المهنة المصرفية الإسلامية يعتمد اعتماداً جوهرياً على التكامل في ذاتها والتكامل فيما بينها على النحو التالي:
إن المتأمل في أدوات وصيغ التمويل والاستثمار الإسلامي يجد أنها تتنوع إلى زمر أو حزم متجانسة متكاملة في ذاتها وهو ما يعبر عنه فقهياً: بالعقود المشتقة من معانيها كما يقول الإمام الرملي(35) “وأسماء العقود المشتقة من المعاني لابد من تحقق تلك المعاني فيها”.
وعلى هذا الأساس فالمرابحات مشتقة من الربح، إذ هو جوهر هذه البيوع. والسلم مشتق من تسليم رأس المال أي تعجيله، وهو جوهر هذا البيع. والاستصناع مشتق من الصنعة، وهكذا في المشاركات والإجارة والمضاربة كلها مشتقة من معانيها التي يجب تحققها فيها.
أولاً: تكامل العقود فيما بينها وفي ذاتها وتغطية أشكال التمويل المختلفة على المستوى الجزئي والكلي:
فضلاً عن تكامل العقد في ذاته على نحو ما سبق، فإن حزم العقود وزمرها تتكامل فيما بينها، فهناك زمرة أو حزمة البيوع التي تناسب التجارة القائمة على السلع والخدمات والاتجار فيها وهناك في داخل حزمة البيوع تتكامل الأدوات: فمثلاً في المرابحة، السلعة حاضرة مملوكة للبائع والثمن حال أو مؤجل أو مقسط، وفي السلم، السلعة غائبة موصوفة والثمن حال حاضر، وفي الاستصناع، السلعة موصوفة مصنوعة والثمن حال أو مؤجل. وهكذا تتكامل العقود بصيغها وأحكامها بحسب الحاجة والحال على المستوى الجزئي للأفراد والمؤسسات وعلى المستوى الكلي للدولة، ومن هنا لا يصح الاعتماد كلية على صيغة متفردة واحدة للعقود، وإلا تخلف المقصد والغاية والهدف، ولم تتحقق الرسالة المنشودة في الاقتصاد(36).
ثانياً: التكامل الذاتي وبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يقوده النظام المصرفي:
إن المصرفية الإسلامية، وما تقوم عليه من آلية متميزة للعمل المصرفي (المالي والاستثماري) تتبنى فيه برنامج الإصلاح الاقتصادي اليوسفي وما يقوم عليه من ركائز أربعة هي:
أولاً: تحفيز الإنتاج لقوله تعالى: (تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا).
ثانياً: تشجيع الادخار لقوله تعالى: (فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ).
ثالثاً: ترشيد الاستهلاك لقوله تعالى: (إِلا قَلِيلا مِمَّا تَأْكُلُونَ).
رابعاً: المدة الزمنية اللازمة والكافية.
وهذا البرنامج الإصلاحي المِكرو (Micro Economic) يعمل في إطار الخطة الإصلاحية الهيكلية الماكرو (Macro Economic) والتي تقوم على المرتكزات الأساسية التالية:
أولاً: تصحيح وظيفة النقود: إذ النقود رؤوس أموال يتِّجر بها لا فيها.
ثانياً: تعدد قاعدة الملكية وتنوعها على ضوء الحاجة العملية والمصلحة الاقتصادية.
ثالثاً: تعظيم العنصر البشري والتكافل الاجتماعي، وتفعيل دور الزكاة كأساس للإصلاح الاقتصادي.
رابعاً: تفعيل آلية العمل المصرفي وأخلاقياته الشرعية وما تقوم عليه من:
(1) قاعدة الخراج بالضمان.
(2) قاعدة الغرم بالغنم.
(3) مباشرة التجارة والاستثمار من خلال الاتجار بالنقود لا الاتجار فيها، ومن ثم تبنى “القاعدة الإنتاجية لا الإقراضية”، فهي مؤسسات مالية مصرفية تُحسن إنفاق المال على وجوهه الصحيحة كما أمر صاحب الشرع في قوله تعالى: (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) (الحديد/7).
فالإنفاق في المنهج الإسلامي يتنوع إلى أربعة أنواع(37) هي:
(أ) الإنفاق التجاري:
يقول تعالى: بعد آيات الربا وآية التداين. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (البقرة /254).
(ب) الإنفاق الاستثماري:
فالاستثمار في اللغة: من ثمر وثمّر الشيء: إذا تولد منه شيء آخر(38)، وثمر الرجل ماله أحسن القيام عليه ونمّاه، وثُمُرٌ الشيء: هو ما يتولد منه. وعلى هذا فإن الاستثمار هو:
طلب الحصول على الثمرة والفقهاء يستعملون هذا اللفظ بهذا المعنى أيضا(39).
يقول الله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة /261).
(ج) الإنفاق التصدقي بشقيه، الفريضة والتطوعي:
يقول الله تعالى:
(وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ…) (البقرة / 177).
(د) الانفاق الاستهلاكي الرشيد.
وعلى هذا النحو وفي هذا الإطار استطاعت المصرفية الإسلامية ومؤسساتها المالية والاستثمارية أن تقدم أسلوبا عمليا في حل إشكالية المال في المنهج الإسلامي، وتردده بين “الخيرية والفتنة والابتلاء”، ونجحت في الابتلاء إلى حد كبير أصبح مثالاً للفخر والاقتداء.
الغصن الثاني: ضرورة وضع إطار التنظيم التشريعي للعلاقة بين البنوك المركزية والمصارف الإسلامية ومتطلباته اللازمة:
أولاً: التنظيم التشريعي للعلاقة بين البنوك المركزية والمصارف الإسلامية:
أ- ضرورة العمل على إنشاء ووضع إطار قانوني شرعي وموثوق به من قبل البنك المركزي، لتسهيلات المسعف الأخير، وذلك يعتبر أمراً جوهرياً لتطوير إطار أكثر فعالية لإدارة السيولة والأزمات التي تتعرض لها مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية وهو يشمل:
1- تسهيلات المسعف الأخير.
2- تسهيلات مالية بضمانات متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.
3- التمويل الطارئ طبقا لعقود شرعية مع البنك المركزي.
4- توسيع دائرة وقائمة الموجودات السائلة عالية الجودة والموافقة لأحكام الشريعة الإسلامية، وتعُّد صالحة ومؤهلة لأن تكون ضمانات لتسهيلات المسعف الأخير.
5- احتياطيات البنك المركزي.
6- تسهيلات سيولة تعاقدية طبقا لعقود ملتزم بها من قبل البنك المركزي لقاء عمولة، أو أن يتضمنها التشريع، مثل: عقود الوكالة أو المضاربة أو المرابحة السلعية أو أي عقود شرعية أخرى يصطلح عليها أو مجموعة مكونة من العقود الشرعية، وتقوم مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية بدفع أجر ثابت في الوكالة أو هامش ربح في المرابحة أو حصة من الربح في المضاربة إلى البنك المركزي حسبما هو ملائم ومتفق عليه، وأن تخضع هذه التسهيلات لترتيبات البنك المركزي الدورية والدائمة، وأن تكون غير قابلة للإلغاء قبل تاريخ الاستحقاق.
ب- المادة 95 من القانون رقم 30 لسنة 2003 بإضافة قسم خاص بالبنوك الإسلامية إلى الباب الثالث من القانون رقم 32 لسنة 1986 في شأن النقد ببنك الكويت المركزي وتنظيم المهنة المصرفية تنص على ما يأتي:
يجوز للبنك المركزي أن يجري العمليات الآتية:
1- أن يقدم للبنوك الإسلامية في الحالات الاضطرارية تمويلاً لمدة لا تجاوز ستة شهور باستخدام الأدوات والأساليب التي لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، وطبقاً للشروط والقواعد التي يقررها مجلس إدارة البنك المركزي.
ويجوز مدّ أجل التمويل لمدة لا تزيد على ستة أشهر أخرى.
2- أن يبيع ويشتري مع البنوك الإسلامية الأوراق المالية وغيرها من الأدوات التي تتفق وأحكام الشريعة الإسلامية طبقاً للحدود والشروط التي يقررها مجلس إدارة البنك المركزي. ويتم التعامل في هذه الأدوات بيعاً وشراءً مع البنوك الإسلامية وغيرها من الجهات الخاضعة لرقابة البنك المركزي.
ثانياً: محددات تطويرية في علاقة البنك المركزي بمؤسسات الخدمات المالية الإسلامية في إطار النمط المصرفي المزدوج:
لا شك أن موضوعية النظام القانوني والتنظيمي للجهاز المصرفي تمكن البنك المركزي بصورة أكثر قوة وفعالية من ممارسة مهامه وأدائه لوظائفه، وعلى رأسها تأمين استقرار قيمة العملة في داخل البلاد وخارجها، وضمان حرية تحويل النقد إلى العملات الأجنبية الأخرى، وتوجيه السياسة الائتمانية عامة بما يؤكد دعم السياسة الاقتصادية للبلاد وما تهدف إليه من التقدم الاقتصادي والاجتماعي وزيادة الدخل القومي.
من هذا المنطلق نحدد علاقة البنك المركزي بكل صورة من صور هذا النمط المزدوج، أي سواء كنا بصدد نظام قانوني خاص بالمؤسسات المالية والاستثمارية الإسلامية، أو بصدد مؤسسات مالية واستثمارية رخّص لها بالعمل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية أو بصدد نص خاص في قانون البنك المركزي وتنظيم المهنة المصرفية لهذه المؤسسات والشركات الماليةو الاستثمارية.
فكل نظام من هذه النظم يؤثر ويتأثر ولو بدرجات متفاوتة بالآخر، وما يعكسه ذلك في النهاية على حركة الأموال والنشاط الاقتصادي ومن ثم الاقتصاد ككل وما يهدف إليه من نمو وتقدم.
وفي كل صورة من هذه الصور الثلاث وفي إطار هذا النمط المزدوج فقط يحتاج البنك المركزي ولو بدرجات متفاوتة تختلف من صورة إلى أخرى إلى أمرين جوهريين، هما:
الأول: إدخال تعديل تنظيمي في بعض جوانب هيكله الوظيفي.
الثاني: إدخال بعض التعديل في سياسته المصرفية.
بما يؤدي إلى أن يباشر نشاطه بأكبر قدر من المرونة والفاعلية، وذلك توطئة وتهيئة لإدخال تعديل شرعي أوفى – بإذن الله – بتعديل قانون البنك المركزي والمهنة المصرفية، بما يسمح لهذه المؤسسات المالية والاستثمارية الإسلامية أن تمارس نشاطها وفقا لطبيعة عملها وتنظيم علاقتها بالبنك المركزي على هذا الأساس.
فالبنك المركزي في النهاية مسئول عن توجيه السياسة الائتمانية عامة، بما من شأنه أن يدعم السياسة الاقتصادية للبلد التي تقع المسئولية العليا والنهائية عنها في كافة أوجهها وعلى الأخص في جوانبها المالية والنقدية على عاتق الحكومة، والبنك المركزي بصفته أحد ركائز السلطة النقدية فقد بات من المسلم أنه (البنك المركزي) ركيزة تنفيذ السياسة الاقتصادية في نواحيها النقدية مستهديا في ذلك بممارسات الحكومة في هذا الصدد.
أ) جوانب التعديل التنظيمي المطلوب والمقترح:
في جميع صور النمط الثاني الذي نتحدث فيه – المختلط –، أي سواء كان هناك نظام قانوني خاص بالبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، أو ترخيص لها بمزاولة نشاطها، أو نص بالسماح لها في قانون البنك المركزي نفسه، فإنه من الأفضل أن ينشىء البنك المركزي وحدة تنظيمية جديدة في هيكله التنظيمي متخصصة ومؤهلة تأهيلا فنيا في أعمال وعمليات النشاط المصرفي والاقتصادي الإسلامي، وقادرة على استيعاب فنياته، وطرائق تنفيذه ومراقبته، بالإضافة إلى أوجه الرقابة الأخرى التي يمارسها البنك المركزي على بقية وحدات الجهاز المصرفي (البنوك التجارية).
وحِرْص البنك المركزي على إجراء هذا التعديل أمر حيوي حتى يتمكن من بسط إشرافه في ممارسته لمهام وظيفته، وإحكام رقابته على تنفيذ السياسة النقدية والائتمانية في الدولة، فالمؤسسات المالية الاستثمارية والبنوك الإسلامية جزء من الجهاز المصرفي الاستثماري في الدولة، وتنبسط عليها سلطات البنك المركزي باعتباره أعلى سلطة نقدية، بما يمنع التعارض، ويؤدي إلى كفالة التناسق والانسجام مع سياسة وطبيعة نشاطات البنوك، وما يعكسه ذلك على السياسة الاقتصادية للدولة عامة.
ب) التعديل الجزئي المطلوب والمقترح في السياسة المصرفية للبنوك المركزية:
تعدد وتشابك أوجه علاقة البنوك المركزية بالمصارف الإسلامية والقواسم المشتركة فيها، ذلك أن علاقة البنوك المركزية بالمصارف الإسلامية لا تقتصر فقط على مجرد مسألة التوجيه والرقابة المباشرة بسبب ما يحدثه عمل ونشاطات المصارف الإسلامية من أبعاد مهنية مصرفية ومالية اقتصادية، وما يترتب على ذلك من آثار تشريعية وفقهية واجتماعية، كما أنه لا يمكن أن تكون هذه العلاقة نمطية وموحدة في مختلف البلدان لاختلاف القوانين المصرفية بل واختلاف الدول إلى عربية وإسلامية وأجنبية، وكذلك اختلاف المصارف الإسلامية ذاتها في أنظمتها الأساسية وعقود التأسيس من حيث منهجها التشغيلي العام ما بين تجاري / استثماري / جزئي / كلي.
ولهذا وذلك فإن ضوابط ومعايير العلاقة بين البنوك المركزية والمصارف الإسلامية يجب أن تتركز حول القواسم المشتركة فيها.
فعلى أساس من الطبيعة الشرعية الخاصة للمصارف الإسلامية يجب أن تحدد العلاقة بين البنوك المركزية والمصارف الإسلامية في محاورها الرئيسية وقواسمها المشتركة في أطر ثلاثة هي:
أولاً: الإطار التنظيمي:
حيث تبدأ العلاقة التنظيمية بينهما منذ مرحلة التأسيس وما يتوجب على البنوك المركزية أن تقوم به من رقابة سابقة تتمثل في:
- مراجعة النظام الأساسي للمصارف الإسلامية في إطار الطبيعة الخاصة للأعمال والنشاطات التي تقوم بها تلك المصارف، وما تنطلق منه هذه الأعمال من قواعد فقهية وضوابط شرعية.
- التأكد من كفاية رأس المال بحسب الطبيعة الاستثمارية لعمل هذه المصارف والمخاطر المحتملة لعملياتها، ومن ثم التأكد من مدى كفاية رأس المال لتحقيق أغراض المصرف الإسلامي.
- التأكد من الكفاءة التشغيلية لهذه المصارف من ناحية:
* العقود والنماذج التي ستستخدم في العمل وأدوات التمويل والاستثمار.
* أنظمة الرقابة والتدقيق الداخلي.
* الكفاءة المهنية للمسئولين التنفيذيين.
* التأكد من فعالية وكفاءة وتأهل الرقابة الشرعية.
وذلك كله لضمان نجاح المصارف الإسلامية وحماية أموال ومدخرات المستثمرين والمودعين والمساهمين والاقتصاد الوطني.
الرقابة والتفتيش:
إن غياب سعر الفائدة عن العمليات المصرفية الإسلامية لا يضير السياسة النقدية ولا يقلل من فاعليتها، ولعل أثر سعر الفائدة في السيطرة على عرض النقود تمهيدا للسيطرة على التضخم بقصد إحداث توازن في ميزان المدفوعات، لم يعد الدور الأول في هذا الصدد لوجود وسائل أخرى ذات فعاليات عالية كعمليات السوق المفتوحة.
كما أن غياب سعر الفائدة لا يعني انعدام وسائل الرقابة والتوجيه للعمل المصرفي الإسلامي، بل إن هناك ضرورات ثلاث تدعو إليها (الرقابة والتوجيه) متمثلة في:
أ- عدم تمثيل المودعين في إدارة المصرف الإسلامي، وهم الذين تمثل ودائعهم معظم موارده، بل لا توجد صيغة ملائمة لدى المصارف الإسلامية تكفل لأصحاب الودائع حق الرقابة والمتابعة لنشاط البنك.
ب- هذا فضلاً عن أن جوهر عمليات الرقابة والتفتيش بالنسبة للبنوك الإسلامية يعني مدى التزام البنك في إدارة أنشطته بالتوجه الأساسي فيها وهو تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية.
ج- الأسس التي يتم على أساسها احتساب وتوزيع الأرباح والتحقق من أسباب الخسائر ومراقبتها، ومن ثم توجيه السياسة الائتمانية للبنك لتخدم أهداف السياسة الاقتصادية للدولة، وهذا يشكل نوع ضمان جوهري يوفره البنك المركزي لأصحاب الودائع.
د- وما يتبع كل ذلك من أنواع الضمانات الملائمة التي يشترطها البنك المركزي ووضع قواعدها الأساسية، بما لا يضر بطبيعة نشاط المصارف الإسلامية، سواء كانت تلك الضمانات في شكل تأمينات شخصية أو عينية أو نقدية.
وكل ذلك يتطلب من البنك المركزي وبالإحاح في ممارسة وبسط رقابته على البنوك الإسلامية تطوير أدوات ومعايير ووسائل تفتيش تناسب طبيعة عمليات هذه البنوك مثل:
1- إعداد قوائم مراجعة وتفتيش متفقة مع النظام المالي والمحاسبي لهذه المصارف.
2- مراجعة العمليات للتأكد من دراسات الجدوى وبخاصة في المشاريع طويلة الأجل والتأكد من شروطها.
3- تنميط عمل المدقق الشرعي وفق الأسس الشرعية المعتمدة.
4- التأكد من طريقة احتساب المصروفات… إلخ.
5- تدريب الكوادر الفنية اللازمة لأداء هذا الدور في معاهده المصرفية.
إطار الرقابة والتوجيه:
الرقابة في العرف المصرفي الذي لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية وفي الممارسة العملية تنقسم إلى:
رقابة نوعية ورقابة كمية:
أ- الرقابة النوعية:
إن الرقابة النوعية التي يجب أن تمارسها البنوك المركزية على المصارف الإسلامية يمكن أن تتمثل في:
1- التوجيه نحو قطاعات وأنواع التمويل / الاستثمار، حفزاً وتشجيعاً لقطاع معين (زراعة / صناعة / تصدير…) وذلك باستخدام كل أو بعض الأدوات التالية:
* الإقناع.
* وضع سقوف العمليات بحسبها والتفاوت فيها.
* هوامش الربح والتفاوت فيها.
2- ربط أنواع الاستثمارات بهيكلية الموارد وتشجيع الودائع المخصصة لتمويل مشاريع طويلة الأجل.
3- استخدام هامش الربح بدلاً من أسعار الفائدة أخذا أو إعطاء بين البنوك، وبينها وبين البنك المركزي، وبين البنوك والعملاء، ونسب المشاركة كأداة للتحكم في مدخلات ومخرجات الموارد، وذلك باعتبار أن المصارف الإسلامية تتعامل وفق آلية الربح، ونظام الإجارة، والأصل في تحديدها هو اتفاق المتعاقدين، واسترشاداً بظروف العرض والطلب في الأسواق التجارية المفتوحة، وهنا يثور التساؤل عن مدى سلطة البنك المركزي في التدخل لتحديد هامش أو نسبة الربح أو الأجور التي تتعامل بها المصارف الإسلامية، وإن كانا يختلفان في مبناهما ومعناهما عن أسعار الفائدة، ولا شك أن هذا التحديد أو هذا التدخل من قبل البنك المركزي في التحديد يدخل في نطاق مسألة التسعير في الفقه الإسلامي والخلاف المعروف فيه، وما نرجحه فيه من أن التسعير هنا أي تحديد هامش الأرباح في معاملات المصارف الإسلامية تقتضيه المصلحة العامة لحسن سير الجهاز المصرفي والتي يختص برعايتها البنك المركزي، ومدار هذه المصلحة في منع الاحتكار وتحقيق العدل بين وحدات الجهاز المصرفي(40).
هذا وقد أجاز قانون العمليات المصرفية الخالية من الفوائد (اللاربوية) في الجمهورية الإسلامية الإيرانية الصادر في 3/8/1983 في المادة (20) للمصرف المركزي أن يدخل في تحديد نسب الأرباح بحسب ما يراه ملائما ووفقاً لشروطها التي نصت عليها، وكذلك المادة رقم 20 من قانون تنظيم العمل المصرفي لسنة 1991 في السودان.
ب) الرقابة الكمية
نظمت القوانين الوضعية وسائل رقابة البنك المركزي على البنوك التجارية وسلطاته في هذا الشأن منها:
– سلطة البنك المركزي في رقابة سلامة المركز المالي للبنوك التجارية سواء من حيث ملاءتها أو سيولتها، ومن هنا فإن للبنك المركزي بما له من سلطة في هذا الشأن:
– تحديد نسب معينة يجب على البنوك المحافظة عليها، وهذه النسب قابلة للتغيير من وقت لآخر حسبما تمليه المصلحة العامة.
ثانياً: وسائل البنك المركزي الحالية وعلى نحو ما سبق وآثارها على طبيعة نشاط المصارف الإسلامية والتعديل الجزئي المطلوب.
إن الأعمال المحظورة (المنهيات) على البنك المركزي والبنوك التجارية في جوهرها تشكل لب عمليات المصارف الإسلامية (المطلوبات)، ونقصد بذلك أن تزاول أو أن تكون لها مصلحة مباشرة في أي عمل تجاري أو زراعي أو صناعي (أي العمليات الاستثمارية، التجارية).
ولما كان الدور الحقيقي والرئيسي للجهاز المصرفي وعلى رأسه البنك المركزي هو دعم التنمية الاقتصادية وتقوية السوق المالية، مما يقتضي التخلي ولو تدريجيا عن دور الوساطة الحيادية والدخول في النشاط الاقتصادي الحقيقي، والإيمان بهذا الدور لدى السلطات النقدية جعلها تنص على السماح للجهاز المصرفي (البنك المركزي والبنوك التجارية) ولو على سبيل الاستثناء وبقيود معينة لهذه البنوك ممارسة أنواع من النشاط الاستثماري(41).
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن السماح للمصارف الإسلامية بالعمليات الاستثمارية والتجارية مع الأعمال المصرفية يقتضي إحداث تعديلات في بعض وسائل وأدوات الرقابة والتوجيه التي يمارسها البنك المركزي على هذه المؤسسات المصرفية والمالية واستعمال الأدوات المناسبة في نفس الوقت حتى لا يفلت زمام الرقابة الواجبة من قبل البنك المركزي باعتباره بنك الدولة ونخص على وجه التحديد ما يلي:
1- الاحتياطي القانوني ووجوب عدم التسوية فيه بين البنوك الإسلامية والتقليدية:
الهدف الرئيسي من الاحتياطي القانوني تحقيق القدرة لدى المصارف على تلبية طلبات السحب من قبل المودعين، فإذا كان ذلك وكانت الودائع الاستثمارية في المصارف الإسلامية لا يمكن إلا أن تكون غير مضمونة على البنك الإسلامي إلا في حالات التعدي والتقصير والإهمال باعتبار البنك مضاربا، ويضارب، لارتباط ذلك بالحلال والحرام في معاملات المصرف الإسلامي، فإن الخشية أو الخوف من عدم قدرة البنك على تلبية طلبات السحب من قبل المودعين تكون منعدمة تماما مما يترتب عليه أن ينخفض الاحتياطي القانوني إن لم ينعدم، وإلا أصبحت أموالا مكتنـزة راكدة لا تدر ثمة عائد لأصحابها، ومن ثم يجب عدم التسوية بين النوعين من البنوك في نسب الاحتياطي النقدي على الأقل.
هذا وفي الوقت الذي نرى فيه أنه لا حاجة للاحتياطي النقدي مقابل الودائع الاستثمارية في البنوك الإسلامية فإن الأصح عند البعض أن الاحتياطي ضروري مقابل هذه الودائع ولو بنسبة أقل، والسبب أن هذه البنوك تسمح بسحب هذه الودائع أو جزءا منها بشروط قبل الميعاد، ولا يتحقق ضمان ذلك إلا بإخضاع هذه البنوك لنظام الاحتياطي مقابل هذه الودائع.
وهذا يفرض بدوره على المؤسسات المالية المصرفية الإسلامية نظام استثمار جيد تحت رقابة البنك المركزي لتلافي أو التقليل من مخاطره مما يقتضي:
أ- استحداث وسائل لضمان مخاطر الاستثمار كإنشاء صندوق لتأمين مخاطر الاستثمار تحت إشراف البنك المركزي، وتسهم فيه الودائع الاستثمارية في البنوك الإسلامية بنسب معينة يحددها المركزي.
ويا حبذا لو اشترك البنك المركزي في إنشاء هذه المؤسسات لضمان ودائع المستثمرين في المصارف الإسلامية، باعتبار أن ذلك أمر حيوي وضروري حتى بالنسبة للبنوك التجارية وتنص عليه القوانين الوضعية، فضلاً عن دوره في حماية ونجاح المصارف الإسلامية وكسب ثقة جمهور المتعاملين معها مسلمين وغير مسلمين، مما ينعكس إيجابياً على الآداء المالي والاقتصادي ككل.
ب- تخصيص عمليات قصيرة الأجل وفيها نسبة كبيرة من الضمانات واحتسابها ضمن عناصر السيولة المطلوبة قانوناً…. وهكذا.
فالودائع لدى البنوك التقليدية تتقاضى فائدة ثابتة وفقاً لآجالها وليس على أساس نتائج الأعمال.
والودائع الائتمانية في المصارف الإسلامية لا تختلف عن الودائع تحت الطلب لدى البنوك التقليدية، من عدم تقاضي فوائد في الغالب الأعم ومن حيث شروط الإيداع والسحب والالتزام بالرد عند الطلب.
2- نسبة السيولة القانونية:
بالنسبة لنسب السيولة التي تفرضها البنوك المركزية على البنوك دون تمييز فإن أهم عناصر الموجودات السائلة في الغالب في البنوك هي:
أ- الأرصدة لدي البنوك المركزية والبنوك الأخرى ولدى المراسلين.
ب- السندات وأذونات الخزينة والسندات الأجنبية.
ج- الأوراق النقدية والمسكوكات.
د- أية موجودات أخرى يمكن أن يعتبرها البنك المركزي موجودات سائلة.
وبالنظر إلى عناصر الموجودات السائلة يتضح أن المصارف الإسلامية لا يمكنها شرعاً التعامل في العديد منها كالسندات والأوذونات بمختلف أنواعها، ومن ثم فإن تعميم البنوك المركزية لنسب السيولة على البنوك التقليدية والمصارف الإسلامية، يضع الأخيرة من الناحية المصرفية البحتة في موقف غير عادل وغير تنافسي عند استخدام الأموال، إذ تقتصر الموجودات السائلة لدى المصارف الإسلامية على النقدية والأرصدة النقدية، والتي في الغالب لا تدر عائداً، على حين أن معظم عناصر الموجودات السائلة لدى البنك المركزي، وإليك جدول استخدامات الأموال في كلا النوعين من البنوك(42):
3- نسبة كفاية رأس المال:
تحرص السلطات النقدية على وضع حد أدنى لما يجب أن تكون عليه نسبة رأس المال إلى إجمالي الأصول، وهو ما يطلق عليه نسبة كفاية رأس المال، وذلك بهدف حماية حقوق المودعين والدائنين، ومن ثم ثقة الجماهير والمستثمرين بالجهاز المصرفي واستقراره.
وللوهلة الأولى تبدو أهمية نسبة كفاية رأس المال في المصارف الإسلامية أيضا، حتى مع اعتبار أن ودائع الاستثمار فيها غير مضمونة على البنك إلا في حالات التعدي والتقصير والإهمال، إذ في هذه الحالات التي يثبت فيها التقصير تبدو أهمية هذه النسبة وإن لم تكن بنفس نسبتها في المصارف التجارية.
هذا في الوقت الذي تختلط فيه أيضا أموال الودائع بحقوق الملكية في بعض صيغ الاستثمار، واختلاف هيكل الودائع عن هيكل آجال الاستثمار والتمويل في أساليبها التشغيلية وعدم وجود سوق مالية نشطة، مما يترتب عليه التزام هذه المصارف بتوجيهات البنك المركزي فيما يختص بنسب كفاية رأس المال ومتابعة البنك المركزي لاستقرار هذه النسب.
4- سقوف الائتمان:
تعتبر سقوف الائتمان أحد الوسائل التي يستخدمها البنك المركزي كأداة من أدوات السياسة المالية وتوجيه النشاط الاقتصادي، وهي أيضا أحد وسائله في الرقابة على الائتمان، وتتلاءم مع طبيعة نشاط البنوك التجارية التقليدية القائم على الاتجار بالقروض، وهو الأمر الذي يختلف مع جوهر وطبيعة نشاط المؤسسات المالية الإسلامية التي تضطلع أساسا بعمليات توظيف واستثمار حقيقية، مما يجعل من تطبيق هذه السياسة استثناء بضوابط وقيود وليس أصلا أو قاعدة مطبقة باضطراد في سياسة البنك المركزي بالنسبة للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية.
ثالثاً: البنك المركزي ودور المسعف الأخير بالسيولة عند الحاجة والاضطرار:
إن للبنك المركزي وسائل في تقدير السيولة التي قد تحتاج إليها البنوك التجارية التقليدية كخصم الكمبيالات والأوراق التجارية الأخرى والإقراض بفائدة، وهي وسائل لا تتعامل بها المصارف الإسلامية، لذلك كان حرياً بالبنك المركزي أن يلبي طلب السيولة من المصارف الإسلامية حفاظا على استقرار النشاط المصرفي على النحو الذي يتفق وطبيعة نشاطها بعد التأكد من حاجتها إليها، فضلاً عن سلامة مركزها المالي، وذلك كقرض بدون فائدة أو كودائع استثمارية عامة أو مخصصة لفترة محددة مقابل هامش ربح على أساس المضاربة أو المشاركة، وإحلال واعتماد آلية الربح محل آلية سعر الفائدة، بحيث تكون هي المحرك الأساسي للعرض والطلب على النقود والأموال، ويمكن أن يكون ذلك من قبيل السياسة المستمرة للبنك المركزي، وتكون حصته من الربح كرب مال أعلى من حصة المودع العادي.
وغير ذلك كثير مما يمكن أن يلجأ إليه البنك المركزي من وسائل فنية أخرى تسمح بضخ السيولة الإضافية ودعم المصارف الإسلامية حين الحاجة، وإن اقتضى ذلك تعديلاً في أنظمة ولوائح البنك المركزي، وذلك للحاجة المتعينة للمصارف الإسلامية لذلك، ولما قد يحتمه هاجس حاجتها إلى السيولة إلى الاحتفاظ بنسبة سيولة مرتفعة، وما ينطوي عليه ذلك من الحد من قدرتها على استغلال مواردها بشكل أفضل، ولذلك أصبح من المتعين وضع الأسس والقواعد والمعايير التي يمكن من خلالها للبنوك الإسلامية اللجوء إلى البنوك المركزية، هذا فضلا عن محاولات العلاج التي يمكن أن تؤخذ في الحسبان مثل:
1- محاولة إيجاد آلية لتعاون البنوك الإسلامية وما يواجهها من صعوبات تقنية / قانونية / إدارية.
2- عمل نوع من الاتفاق على ما يسمى “بالإيداع المتبادل” مع البنوك التقليدية للاستفادة من فوائض السيولة بين حالات الفائض والعجز.
هذا وإن كان من المستحب للبنوك المركزية تطوير أساليب استثمارية إسلامية يتم عن طريقها ضخ السيولة للمصارف الإسلامية عند الحاجة، ولو عن طريق صناديق خاصة تتميز بانخفاض المخاطر وارتفاع العائد، والحث على وجود آلية لتدفق الودائع للمصارف الإسلامية والعمل على إيجاد سوق مالية نشطة.
الغصن الثالث: المتطلبات الستة الملازمة للتنظيم التشريعي للعلاقة بين البنوك المركزية والإسلامية:
أولاً: إنشاء نظام تأمين على الودائع وحسابات الاستثمار لدى مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية موثوق به، وطبقاً لأحكام الشريعة، لتحقيق الاستقرار فيها، وللحد من مخاطر السحب.
ثانياً: إنشاء برنامج يتضمن إصدارات منتظمة لأدوات مالية بأحجام كافية، ووفق آجال استحقاق نمطية.
ثالثاً: إيجاد سوق يتسم بالسيولة والعمق والاتساع في مثل هذه الأدوات يتوافق مع متطلبات الموجودات السائلة عالية الجودة.
ويتعين على السلطات الإشرافية أن تولى اهتمامها بأوضاع السوق، والصعوبات المتوقعة التي قد تواجه مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية، والقيام بتقييم مدى توافر بنية تحتية داعمة للسيولة في النظام المالي، وكذلك مدى تلبية متطلبات تغطية نسبة السيولة، وكل ذلك بغرض التقليل من مخاطر انتقال التأثير السلبي من القطاع المالي إلى الاقتصاد الحقيقي، بخاصة أن هناك فقط القليل من الدول التي فيها سوق نقد وسوق رأس مال إسلامي نشط، ومن ثم فإن هناك صعوبة عملية في تحقيق مقررات بازل (3) التي تشترط أن تكون الأدوات متداولة في الأسواق بأعداد شراء كبيرة ونشطة وعميقة.
رابعاً: على السلطات الإشرافية أن تقوم بتقنين العقبات المتصلة بالبنى التحتية لسوق رأس المال وسوق ما بين المصارف، والسياسات المالية، وهيكل النظام النقدي والعمليات، وأن يكون لدي السلطات الإشرافية نظام للتأكد من أن استخدام أساليب السيولة البديلة سيؤدي إلى تحقيق النتائج المتوقعة، ومن ثم لديها إطار مطبق لتوفير الإرشاد لمؤسسات الخدمات المالية الإسلامية.
خامساً: وضع إطار نظام تُقَدِم على أساسه المؤسسات المالية المصرفية الإسلامية أنواعاً من مختلف الحسابات لجذب الأموال بما في ذلك(43):
– الحسابات الجارية.
– حسابات الإدخار.
– حسابات الاستثمار المطلقة القائمة على المشاركة في الأرباح.
– حسابات الاستثمار المقيدة القائمة على المشاركة في الأرباح.
– حسابات المضاربة.
– بعض مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية تقدم نظام ودائع قائمة على معاملات المرابحة السلعية حيث تقوم مؤسسة الخدمات المالية الإسلامية بشراء سلعة من العميل (المودع) من خلال معاملة المرابحة العكسية على أساس الدفع المؤجل، ومن ثم تقوم ببيعها نقداً(44).
سادساً: مشروع تقنين أحكام فقه المعاملات المالية الإسلامية الذي يشكل ضرورة عملية بعدما طال أمد عدم وجود هذا التقنين، لما يتمتع به التقنين من مزايا كثيرة تتسق مع كل أحكام الإفصاح والشفافية والحوكمة التي تشكل متطلبات عالمية، وما أحوجنا إليها فيما نحن بصدده من معالجات لمشكلات مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية(45).
أهم التوصيات والغرض منها:
متطلبات الإدارة الفعالة لمخاطر السيولة في مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية لتحقيق الأغراض التالية:
* دعم مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية في سعيها: 1) لتقليل تكاليف الوساطة. 2) تعزيز مستوى السيولة. 3) تحسين مستوى الربحية. 4) توزيع الأموال السائلة في الأسواق من ناحية الاستقرار والاحتراز الكلي. 5) تعزيز قدرة مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية على الوفاء بالتزاماتها تجاه التدفقات النقدية المتوقعة وغير المتوقعة. 6) تخفيض احتمال العجز في السيولة وانتقال التأثيرات السلبية عبر الأسواق المالية ولكل هذا نوصي بالآتي:
- تطوير إنشاء ووجود بنية تحتية للسيولة توفر البيئة الملائمة للمؤسسات المالية الإسلامية لإدارة سيولتها في جميع الأوقات العادية والصعبة، بأسلوب فعّال وتنافسي.
ويترتب على البند السابق تطوير الأسواق المالية الإسلامية وما يصاحبها من استقرار النظام المالى في الدولة المعنية.
- شبكة نظم قانونية للأعمال:
– كالصكوك وأسواق رأس المال والإفلاس والإعسار والمعاملات المالية الإسلامية والتأمين على الودائع وحسابات الاستثمار
- تشريع أنظمة الإفصاح عن المعلومات الملائمة في الوقت المناسب، للتأكد من الشفافية وانضباط السوق.
- وجود الأسواق النقدية الإسلامية ومن ثم توفر الأدوات المالية الشرعية الملائمة والمناسبة والكافية.
- توفر أدوات وآليات السياسة النقدية التي تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية.
- وجود سوق كفؤة للأوراق المالية الإسلامية.
- توفير المؤشرات الشرعية(46) لتداول وتسعير المنتجات المالية التي توفرها مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية، على أساس نماذج التمويل والاستثمار التي تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية.
- من الأهمية بمكان تحديد مخاطر السيولة بكل مصادرها الأولية والثانوية والخاصة أو التي تعم الأسواق أو عبر الحدود التي يمكن أن يكون لها تأثير.
- القدرة على قياس مخاطر السيولة وتوقع التدفقات النقدية المحتملة من داخل المركز المالى أو خارجه.
- إدارة الضمانات المتفقة مع أحكام الشريعة الإسلامية في ظل أطول آية في القرآن الكريم للضمانات وتوثيق الديون(47)، مما يقطع بالتميز الشرعي في هذا الخصوص.
- التكامل في النظام المصرفي الإسلامي وتأطير دوره في علاج المشكلات التي تواجه مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية وبخاصة مخاطر مشكلة السيولة.
- أن تحرص مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية على أن تقدم أنواعا مختلفة من الحسابات لجذب الأموال.
- الحرص على أن يكون هناك نظام تأمين على الودائع وحسابات الاستثمار موثوق به ومتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية.
- تطبيق معايير مجلس الخدمات المالية الإسلامية وإرشاداته فيما يتعلق بإدارة مخاطر السيولة وما يرتبط بها من تعليمات، وفقاً لجداول تغطية نسب السيولة لمؤسسات الخدمات المالية الإسلامية.
- وضع منظومة تشريعية متكاملة لنظم وقوانين الأعمال والتأمين وأسواق المال والسوق النقدي وعقود المعاملات المالية الإسلامية والنماذج العملية لتلك العقود
- بناء المؤشرات الملائمة لتداول وتسعير المنتجات المالية التي توفرها مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية (ينظر بحثنا مؤشر الربحية للسوق المالية والنقدية الإسلامية بديل عن مؤشر سعر الفائدة).
- توفير وتأسيس عناصر البنية التحتية الداعمة للسيولة في صناعة الخدمات المالية الإسلامية على مستوى الدولة.
- إطار تنظيمي لتفعيل الدور الرقابي الإشرافي ومؤسساته، على مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية، يتفق ويتلائم مع منهجية وطبيعة عملها ورسالتها وما يتطلبه ذلك من تعديلات في النظم والسياسات النقدية السائدة.
- وضع إطار تنظيمي للتكامل والتعاون بين مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية يساعدها في حل ما يواجهها من صعوبات ويطور من مستويات الأداء فيها أيضا.
- تطوير معايير لإدارة المخاطر في السيولة وقياسها والإفصاح عنها
- إعداد خطط معتمدة لتمويل حالات السيولة الطارئة.
- تطوير أدوات ملائمة للسوق النقدية فيما بين المصارف الإسلامية لإدارة السيولة.
* * *
أهم مراجع البحث المتفاعلة فيه
- د. سامي ابراهيم السويلم – التحوط في التمويل الإسلامي سنة 2007 المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب – البنك الإسلامي للتنمية جدة.
- مبارك بن سليمان آل سليمان أحكام التعامل في الأسواق المالية المعاصرة – ط كنوز إشبلية – الرياض – المملكة العربية السعودية.
- طارق الله خان وحبيب أحمد – إدارة المخاطر تحليل قضايا في الصناعة المالية الإسلامية المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب البنك الإسلامي للتنمية جدة.
- ابراهيم الكرانسة – إطار أسس معاصرة في الرقابة على البنوك وإدارة المخاطر – صندوق النقد العربي معهد السياسات الاقتصادية ابو ظبي.
- منير ابراهيم الهنيدي – الهندسة المالية وأهميتها بالنسبة للصناعة المصرفية العربية بيروت لبنان سنة 1994.
- منير ابراهيم الهنيدي – الفكر الحديث في إدارة المخاطر – منشأة المعارف الاسكندرية مصر سنة 2003.
- رانية زيدان شحاته – إدارة المخاطر في البنوك الإسلامية – رسالة ماجستير – جامعة اليرموك.
- نصر رمضان إحلاسة – دور المعلومات المحاسبية والماليةفي إدارة مخاطر السيولة رسالة ماجستير – الجامعة الإسلامية غزة كلية التجارة – قسم المحاسبة والتمويل 2013.
- طهراوي أسماء وبن حبيب عبد الرزاق – إدارة المخاطر في الصيرفة الإسلامية في ظل معايير بازل – رسالة دكتوراه – جامعة أبو بكر بلقايد تلمسان الجزائر.
- موسى عمر مبارك أبو محيميد مخاطر صيغ التمويل الإسلامي وعلاقتها بمعيار كفاية رأس المال للمصارف الإسلامية من خلال معيار بازل 2 رسالة دكتوراه سنة 2008 كلية العلوم المالية المصرفية – الأردن.
- حمزة عبد الكريم حماد – مخاطر الاستثمار في المصارف الإسلامية – الموقع العالمي الاقتصادي http: //isegs.com.
- الأخلاق المهنية في المؤسسات المالية الإسلامية أ.د/ عبد الحميد محمود البعلي ط الديوان الأميري الكويت.
- التورق والتورق المنظم دراسة تأصيلية، المجمع الفقهي الإسلامي – رابطة العالم الإسلامي 1424 هـ 2003م
- البحث عن أدوات مبتكرة لإدارة المخاطر – ندوة مخاطر المصرفية الإسلامية المعهد المصرفي – مؤسسة النقد العربي السعودي 1424 هـ 2004م.
- جمهرة القواعد الفقهية في المعاملات المالية– على أحمد الندوى – شركة الراجحي المصرفية للاستثمار 1421 هـ -2000م
- أ.د/ عبد الحميد محمود البعلي – أدوات التمويل والاستثمار في المؤسسات المالية الإسلامية ط. مجموعة البركة المصرفية.
- أ.د/ عبد الحميد محمود البعلي – التشريعات المصرفية الإسلامية – دراسة تحليلية مع آلية إعداد تشريع نموذجي متكامل ط. مجموعة البركة المصرفية.
- أ.د/ عبد الحميد محمود البعلي – مشروع تقنين أحكام فقه المعاملات المالية الإسلامية ط. اللجنة العليا لتطبيق الشريعة بالديوان الأميري – الكويت.
- أ.د/ عبد الحميد محمود البعلي مشروع قانون التأمين التكافلي.
- أ.د/ عبد الحميد محمود البعلي ضرورة تقنين أحكام الفقه الإسلامي لتطيق الشريعة الإسلامية ط. اللجنة العليا لتطبيق الشريعة بالديوان الأميري – الكويت.
- أ.د/ عبد الحميد محمود البعلي- نحو مؤشر الربحية للسوق المالية والنقدية الإسلامية – منتدى فقه الاقتصاد الإسلامي – دبي مارس 2015. البحث حائز على جائزة المنتدى للبحوث المتميزة وصدرت بشأنه التوصية الثانية التي تنص على: يوصى المنتدى بتفعيل توصية مجمع الفقه الإسلامي الدولي في ندوة (مشاكل البنوك الإسلامية) 1413هـ-1993م) بضرورة الإسراع في إيجاد المؤشر المقبول إسلامياً (مؤشر الربحية) ليكون بديلاً عن مؤشر الفائدة الربوية في المعاملات.
- أ.اسماعيل حسن محمد – الصعوبات التي تواجه البنوك الإسلامية وتصورات لكيفية مواجهتها – بحث في مجلة مجمع الفقه الإسلامي – جدة عن 8 ح 3 ص 707 و1994.
- أ.د. حسين شحاته أزمة السيولة والعلاج الإسلامي – دار التوزيع والنشر الإسلامية القاهرة 2000.
- عز الدين الكور – بحث أثر السيولة على كفاءة التكلفة والآداء – مؤتمر الخدمات المالية الإسلامية /2.
- د. نضال رؤوف أحمد – دراسة تحليلية لمخاطر السيولة باستخدام كشف التدفق النقدي مع بيان أثرها على كفاية رأس المال في القطاع المصرفي دراسة تطبيقية – جامعة بغداد – المعهد العالى للدراسات المحاسبية والمالية.
- د. شوقي بورقية – بحث إدارة السيولة في المصارف الإسلامية جامعة فرحات عباس – الجزائر.
- إصدار لجنة بازل – الإصلاحات والمبادئ والمعايير التي تتكون منها اتفاقية بازل 3 بإطاريها:
– الإطار الدولي لمخاطر السيولة وأدوات القياس والمعايير والمراقبة.
– الإطار الرقابي لتقرير رأس المال والقدرة على تحمل ومواجهة الخسائر.
الهوامش
(1) محافظ البنك المركزي المصري الأسبق في بحثه المقدم لندوة مشاكل البنوك الإسلامية –مجمع الفقه الإسلامي الدولي- منظمة التعاون الدولي سنة 1993 والذي نعدّه من كبار خبراء المصرفية الإسلامية في العالم الإسلامي.
(2) انظر أيضا كتابنا – المدخل لفقه البنوك الإسلامية ط. المعهد الدولي للبنوك والاقتصاد الإسلامي ط- الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية – أساسيات العمل المصرفي الإسلامي ط. مكتبة وهبه والمراجع المشار إليها فيما.
(3) يصل عددهما إلى ستة عشر قانوناً حتى الآن – انظر كتابنا التشريعات المصرفية الإسلامية – دراسة تحليلية مع آلية إعداد تشريع نموذجي متكامل.
(4) الموافقات في أصول الشريعة باب المقاصد الشرعية.
(5) انظر كتابنا ما بعد تفكك النظام الرأسمالى للاقتصاد ط. الكويت لسنة 2008 والمراجع المشار إليها فيه.
(6) انظر: الاكتساب للرزق المستطاب – محمد بن الحسن الحنفي – البركة في فضل السعي والحركة للوصابي الحبشي.
(7) انظر الأموال لأبي عبيد القاسم بن سلام – ط. دار الفكر بيروت.
(8) أخذاً من قوله تعالى في الآية 10 من مصارف الفئ في سورة الحشر قوله تعالى: (و الذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان..).
(9) انظر كتابنا أصول الاقتصاد الإسلامي باب التوزيع – يدرس في أربع جامعات عربية.
(10) انظر بحثنا بعنوان “أمة مقتصدة” تملك برنامجاً متكاملاً للإصلاح – ط. اللجنة العليا لتطبيق الشريعة بالديوان الأميري – الكويت.
(11) أ. إسماعيل حسن – البحث السابق المشار إليه.
(12) انظر بحثنا في مؤشر الربحية كبديل لمؤشر سعر الفائدة الربوية المقدم إلى منتدى فقه الاقتصاد الذي عقدته حكومة دبي (دائرة الشئون الإسلامية) في مارس 2015.
(13) انظر كتابنا مشروع تقنين أحكام المعاملات المالية الإسلامية ط. اللجنة العليا لتطبيق الشريعة – الديوان الأميري بالكويت – مشروع قانون عقد بيع المرابحة ملحة بكتابنا – المدخل لدراسة الشريعة والفقه الإسلامية على ضوء الممازجة مع القانون ومراعاه الواقع. ط. كلية القانون الكويتية العالمية.
(14) انظر بحثنا مشروع موسوعة نماذج عقود التمويل والاستثمار في المؤسسات المالية الإسلامية للمارسة العملية.
(15) الموسوعة الفقهية ح (دين) – مجله مجمع الفقه الإسلامي الدولي – بحوث بيع الدين ح 1.
(16) انظر د. سالم السويلم – بحث التحوط في التمويل الإسلامي سنة 2007 ص 146، 147.
(17) انظر د. عبد الله صالح أبو مسامح، مخاطر الصكوك الإسلامية وتقييم دور أدوات الهندسية المالية في إداراتها. (رسالة دكتوراه بإشرافنا) ص 193 وما بعدها والمراجع المشار إليها فيه.
(18) انظر جهودنا في هذا المضمار مثل: ضرورة تقنين أحكام الفقه الإسلامي لتطبيق الشريعة الإسلامية ومشروع تقنين أحكام المعاملات المالية الإسلامية وقانون عقد بيع المرابحة وأصول النظرية المعيارية للشركات في الفقه والقانون ومشروع قانون التأمين التكافلي ومشروع القانون النموذجي العالمي للزكاة المقدم لبيت الزكاة في الكويت.
(19) انظر ص 19 فيما سبق.
(20) وهي مجموعة استشارية بشأن الرقابة المصرفية في الاتحاد الأوروبي.
(21) المعيار الأول يسمى “نسبة تغطية السيولة” ويهدف إلى تعزيز استقرار طبيعة مخاطر سيولة البنك قصيرة الأجل عن طريق التأكد أن لديها ما يكفي من الموارد السائلة عالية الجودة من أجل البقاء على التصورات الصعبة لمدة شهر. والمعيار الثاني يسمى “نسبة صافي التمويل المستقر” لتوفير استقرار هيكل استحقاق الموجودات والمطلوبات خلال فترة زمنية لمدة سنة واحدة ويمكن تطبيق النسبتين المشار إليهما في المعيارين بدءً من 2015 ويناير 2018 على التوالى.
(22) الإرشادات المتعلقة بالمعايير الكمية لإدارة مخاطر السيولة – مجلس الخدمات المالية الإسلامية ابريل 205 بند 67 ص 56.
(23) حاشية ابن عابدين ح1 ص79 ط2 88 مصطفى الحلبي مصر.
(24) اعلام الموقعين ج3 \ 108.
(25) د.حازم الببلاوي – أصول الاقتصاد السياسي ص232 وما بعدها.
(26) ابن القيم – إعلام الموقعين 3\.
(27) المادة رقم 87 من مجلة الأحكام العدلية.
(28) أي بذاتها فيخرج الصرف وهو بيع النقود بغير جنسها يداً بيد.
(29) الموافقات – مقاصد الشريعة ج 2 ص 138 وما بعدها.
(30) ح3 ص191 – 184.
(31) الإعلام 2/158.
(32) نرى أن هذا المصطلح هو الأدق من الناحية الفنية المصرفية.
(33) (م66 من القانون رقم 32 سنة 68 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي والمهنة المصرفية).
(34) لمزيد من التفصيل حول أهمية الوساطة المالية انظر د. عبدالله الجهني الكشي – تطور النظم المصرفية وأثره على النمو الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي.م. آفاق اقتصادية. العدد 186 لسنة 1421هـ – 2001م.
(35) حاشية الرملي على أسنى المطالب ح2 ص122.
(36) في تنظيم الإنتاج في الفقه وأثره في التنمية الاقتصادية انظر د. سعيد أبو الفتوح بسيوني – الحرية الاقتصادية في الإسلام وأثرها في التنمية ص325 وما بعدها ط دار الوفاء – المنصورة مصر – وفي أشكال الملكية ودورها في الإنتاج – انظر كتابنا – الملكية وضوابطها في الإسلام ط. مكتبة وهبة – مصر – وأصول الاقتصاد الإسلامي ط سنة 2001 – دار الراوي بالمملكة العربية السعودية.
(37) سبق بيانها تفصيلاً.
(38) مقاييس اللغة – لسان العرب – المصباح.
(39) الموسوعة الفقهية الكويتية ح3 ص 182.
(40) انظر تفصيل رأي ابن تيمية في المسألة وهو ما عولنا عليه فيما رجحناه – مجموع الفتاوى ح 28 ص 28 وما بعدها.
(41) مثلما نصت عليه المادة (37) من قانون البنك المركزي الكويتي بالنسبة للبنك المركزي والمادة 67 بالنسبة للبنوك التجارية.
(42) انظر د. عدنان الهندي – بعض جوانب العلاقة بين البنوك الإسلامية والبنوك المركزية سنة 1984.
(43) انظر أيضا المعيار رقم 12 المصُدر من مجلس الخدمات المالية الإسلامية حيث يتناول هذا المعيار بصورة منفصلة العقود المعنية ومواصفاتها المميزة ومخاطر السيولة المرتبطة بأنواع الحسابات المختلفة.
(44) انظر تفاصيل معاملات التسرب على رصيد المرابحة العكسية واجب الدفع تفصيلاً في المعيار رقم 12 لمجلس الخدمات المالية الإسلامية.
(45) قدمنا خمسة مشاريع بقوانين في اللجنة العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة في الديوان الأميري في الكويت وهي:
1) ضرورة تقنين أحكام الفقه الإسلامي.
2) مشروع تقنين أحكام فقه المعاملات المالية الإسلامية.
3) مشروع قانون البنوك الإسلامية وقد صدر القانون رقم 30 لسنة 2003 خاص بالبنوك الإسلامية بتعديل أحكام القانون رقم 32 لسنة 68 بشأن النقد وبنك الكويت المركزي والمهنة المصرفية.
4) م. قانون التأمين التكافلي.
5) مشروع تقنين عقود وأدوات الاستثمار والتمويل الإسلامي وهناك مشروع نموذجي لصيغ عقود التمويل والاستثمار الإسلامية تحت الإعداد.
(46) انظر بحثنا نحو مؤشر الربحية (مقدم لمنتدى الفقه الاقتصادي الإسلامي بدبي والحائز على جائزة المؤتمر).
(47) الآية رقم 282 من سورة البقرة.