منذ نشأة المجلة وحتى اليوم فقدت أسرة مجلة المسلم المعاصر العديد من روادها ومفكريها، وممن قام على أكتافهم هذا المشروع الفكري الضخم. وقد أدى فقدان هؤلاء جميعًا إلى شعور القائمين على المجلة بفراغ معرفي وإنساني كبير، إلا إننا لم نلتفت إلى ضرورة القيام بعرض وتحليل وتقويم فكرهم وأعمالهم جميعًا – عرفانًا بجميلهم، ونشرًا لفكرهم بين الأجيال المتعاقبة – فلم نخطط لعرض إسهام هؤلاء الرواد في صورة مركزة واضحة على الأجيال الجديدة من الباحثين وأمام مفكري الأمة.
ولكن بعد تجاوز عمر المجلة الثلاثين عامًا وبعد تجاوز إصداراتها المائة والعشرين عددًا، رأينا من الضروري والحتمي إفراد ملفات متتالية لكل من فقدتهم المجلة في رحلتها الطويلة، ومن هؤلاء من فقدتهم في رحلتها الأولى: كالمودودي، والندوي، والمبارك، والزرقا، والفاروقي – إسماعيل ولويز، رحمهم الله جميعًا، ومنهم من فقدتهم إبان عمرها الوسيط، كشريعتي، ونجاتي، والغزالي، وأبي السعود، وعيسى عبده، وعبد العزيز كامل، وأبو شقة، رحمهم الله تعالى، ثم فقدت بعدهم يوسف كمال وصدقي الدجاني. ثم فارقنا في العام الأخير عبد الوهاب المسيري ومنى أبو الفضل، رحمهم الله جميعًا وأسكنهم فسيح جناته.
وتداركًا لهذا التقصير تبدأ المجلة في هذا العدد بعرض فكر واحد ممن غادروا عالمنا هذا العام وهو الدكتور عبد الوهاب المسيري- رحمه الله -، وذلك في ملف خاص بعنوان: “المسيري: رحلة البحث عن المعنى”.
آملين أن يعبر هذا القرار عن اعترافنا بجميل كل هؤلاء الرواد، وأن نتيح الفرصة للإفادة من علمهم وللدعاء لهم، وقد صدق رسول الله r إذ أخبرنا في الحديث الصحيح – أن العبد إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث … ومن بين هذه الحالات الثلاث: “علم ينتفع به”، ولن ينتفع بعلم هؤلاء الأعلام ما لم يكن ميسرًا ومدروسًا ومتاحًا بين أيدي الباحثين المعاصرين والمأمولين في الأجيال المتعاقبة، وهو ما تسعى المجلة إلى تحقيقه بعون الله ورعايته، والله ولي التوفيق.