( أولاً ) تـــاريخ هــذه الدعـوة ومبرراتهـا :
1 ــ مـن الأمور المعروفــة في عـالم الطبـابـة, أن الطب الحديث السـائد, والمعمول بـه في المستشفيـات والعيادات وســائر دور العـلاج, والـذي تتابعه بالمســاندة معــامل الأدويــة والأجهزة الطبية, ليس النظـام العلاجي الوحيد في العالم, إذ يوجد إزاءه عدد غير قليل من النظم العلاجية الأخرى المبثوثة والمعمول بهــا في أنحـاء مختلفة من العـالم, بمـا في ذلك العــالم الغربي الـذي هـو مركز الطب الحديث.
ويذكـر المؤرخون أنـه حتى سـنة 1970م, لم يكن المشتغلون بـالطب الحديث يعطون تلك الأنظمـة العلاجية الأخري اهتمامهم الجـاد. وحتى سنة 1990م, لم تكن المؤسســات الطبيـة العلمية في الولايات المتحدة تعترف بهذه الأنظمـة, وتعتبرهـا موروثات قديمـة من البيئـات الحضــارية المتخلفــة لا تتصف بالشـروط العلميــة الطبية المقررة التى تجيز قبولهـا والتعامل معهـا.
ولكنــه منـذ الربع الأخــير من القرن الماضـي, بدأت هذه النظرة تتغير تدريجيًّا وجديًّـا, وبـدأ الطب الحديث The Mainstream Allopathic Medicine يفسح المجال للطب التكميلي أو الإضـافي Complementary Medicine, وكـــذلك الطــب الــبديل Alternative Medic –ine, وربمـا أعطـي هـذان النوعــان نفس التسميـة Complementary and Alternat – ive Medicine (CAM) باعتبـارهمــا معــاً مغايرين للطب الحديث.
ثـم ظهرت الدعوة الجديدة إلى أهميـة دمج هـذين النوعين من الطبـابـة, بمـا يسمـي الطب المدمج Integrated Medic – ine أو الطب المشترك Blended Medic – ine(3).
2 ــ ولهـذا التعـير مـبررات طبيـة وحضـارية وتنموية نجملهـا فيمـا يلي :
أ ـــ إحســاس المشـــتغلين بالطب الحديث, بأنه بالرغم من تقدمـه ق=في سبر أغوار « الجســم الإنســاني » بالدراســة, وإحراز إنجــازات مرموقـة في مجالات : الوقـايـة, والعلاج, والتأهيل, وتخفيف الآلام, والقضــاء على بعض الأوبئـة, وإتاحـة الفرصـة للأعمـار الطويلة أن تبلغ مداهــا المقـدور لهـا ـــ فــإن لهـذا الطب نواقص لابـد من الاعــتراف بهـا. فمـا زال المجهـول مـن الأمور الطبيــة لا يقل عن المعلوم منهـا, ومـا زالت مشكـلة الآثــار الجانبيــة غير الحميـدة للأدويـة ملحوظـة, ومـا زالت بعض الأمراض والأوبئة الفتاكـة خـارجـة عن السيطرة. وقـد أدى هـذا الإحســاس إلى ســعي المشتغلين بالطب الحديث إلى فتح النوافذ ومحاولة الاستفـادة من كل نظـام علاجي موجــود أو قـــابل للوجود, دون الاستخفـاف بـه, بشــرط توفر شـروط الأمــان والســلامة, والتأثــير العلاجى الناجح.
ب ــ التعـامل مع موضوع « العلاج التكميلي والبديــل » بجديـــة مـن قبـل الجامعات والمستشفيات ومراكـز الأبحـاث الطبيــة في أنحــاء مختلفـة مـن العــالم, وتخصيص أقسـام فيهـا لدراسته واقتراح ما يستحق التبني من معطياته, وقـامت بعض الدوريات الطبية بتخصيص أعداد لهذا الموضوع, واســتقبلت المكتبــات العلمية عشرات المؤلفات حوله.
وعلى سبيل المثــال, فقـد أنشــئ مؤخـراً في دولة الإمارات العربية المتحدة, وهي مـن الدول الحديثــة النـامية, مركز متخصص باســم ( مجمع زايـد لبحوث الأعشــاب ), وبـالرغم من أنــه بدأ بدراسـات تقييمية للأعشـاب المحلية, فإنه قد توصـل إلى تصنيع بعضهـا على هيئة أدويـة بعد التثبت مـن جدواهـا العـلاجى المأمون(4), ومن الأبحـاث المتقدمـة تقدمـاً ملحوظـاً التوصل إلى علاجـات عشبية في مجــالات أمـراض السـكري, والسـل, وقرحـة المعدة, وغيرهــا. وقد أدركت منظمة الصحة العالمية جديـة العمل في هـذا المـركــز, فاعــترفت بـه واعتبرتـه مركزهــا الإقليمــي لأبحـــاث طب الأعشــاب. ومثل هـذا كثير وشــائع تقريبـاً في كل مكــان, ولم يعد طب الأعشـاب نوعـاً من ( العطـارة ) العلاجيـة التي ينظـر إليهـا نظـرة دونيـة, وقد كـان كتــاب عبـد الله بـن البيطــار, الطبيب الأندلسـي المتوفى سـنة 646هـ عن الأدوية العشـبية قد طبع في مصـر بعنوان ( صيدليــة العطـار لابـن البيطــار ) مما قد يشعر بأنـه كتاب في الوصفات العلاجيـة الشــعبية, وحقــه أن يعــامل وفق استحقــاقه العلمي, على أنـه كتاب في طب الأعشـاب لعــالم مشهور متخصص(5).
ومن الممـارسات الطبية التي شـاهدتهـا بنفســي في مستشفــي العيون بمدينـة موســكو في أواخـر الثمانينــات, لجوء البروفســور فيدروف, الرائد في جرحـة العيـون وتصحيح قـوة الإبصــار بطريقـة التشطيب, إلى استخدام الإبر الصينية لتخفيف آلام المريـض, فقـد كــانت العمليــات تجرى بالمشــرط لا بالليزر كمـا تطورت فيمــا بعد, ولم يجـد فيدروف أفضل من الأســلوب الصيني لمسـاعدة المرضـى الذين أقـروا لي باسـتفـادتهم من ذلك العـلاج غــير الغربي, وقـد أصبح استخدام الإبر الصينية اليوم موضـع تقبُّا مـتزايد, وهـي مـن معطيــات الطب البديل.
ج ــ التنبـه, الذي أرجو أن يتأكد, بأن الطـب نفسـه, لم ينشــا فجأة بدون أصـول قديمة. وأصولـه القـديمة هي من بيئات حضـارية غير غربية تمـامـاً.
فـالمعروف هـو أن الطب الحديث هو امتـداد للجـذور التي غرســها أطبـاء الإغريـق وخـاصــة أبقـراط Hippocrates المتوفـى سـنة 377 ق.م, وجـالينوس Galen المتوفـى سـنة 210م وغيرهمـا. لكـن الذي يُتناسـى كثـيراً هو أن طب أبقراط وجـالينوس لم يصب إلى أوربــا الغربية مباشرة, وإنمـا وصلهـا عن طريق العرب الذين قاموا بترجمته, ثـم تطويره, والـذي وصل في النهـايـة إلى أوربـا هو الطب الإغريقي المطـوّر بالإضـافات العربية. وتعـرف أوربـا بشـكل واضح دور ابـن ســينا Avicenna المتوفـى ســنة 1037م صـاحب كتــاب ( القــانون ), والـرازي Razes المتوفـى سـنة 925م صـاحب كتاب ( الحاوي ). وقد قـام مؤخـراً العـالم الــتركي البروفســور فؤاد سزكين بنشر مخطوط نفيس من جزئين لأبي الحسـن الطبري من أطباء العرب في القـرن الرابع الهجـري, بعنوان ( المعالجة البقراطيـة )(6), ويبين الكتـاب ما توصـل إليــه الحهـدان الإغريقـي والعـربي من اقتراح ووضع للأسس العلاجيـة التى بني عليهـا الطب الحديث.
على أن الطب الحديـث قد يرى أنـه قد تجـاوز أبقــراط وابن ســينا, وحقق تطويرات كثيرة لما قرراه, وهـذا صحيح.
على أن الطب الحديث قد يرى أنه قد تجـاوز أبقـراط وابن ســينا, وحقق تطويرات كثيرة لما قرراه, وهذا صحيح. ولكن الـذي يلزم تـأكيده هو أن الطب الحديث قد تغـذى بلبان الطب الإغريقي العربي, والذي ما زالت آثاره فيه باقية. وانتقـل الطب الإغريقي العربي إلى الهند. ومازال معروفـاً فيهـا ومعترفاً بـه باسـم ( الطب اليونـــاني Unani Medicine ), وبذلـك يكون قد انخرط تحت مســمى ( الطب البديل ) ! والنتيجة هي أن الطب الحديث هـو الوليـد الشــرعي للطب الإغريقي العربي, أو حسب التسمية الجديدة ( الطب اليوناني ), ولابد من أن يتحسس أصولـه ويعترف بهـا, ويستفيد مما طرأ عليهـا من تطــوير حتى لــو سمي الآن ( طبًّا بديلاً ) كما سنبين فيمـا بعد.
د ــ ارتفـاع أسعــار أدويـة الطب الحديث, وكذلك نفقـات العلاج وفقـاً لـه. وبعـد ازدهـار صناعـة الأدوية وتحكـم الشـركـات الغربيــة العمـلاقـة في صنعهـا وتوزيعهــا, أصبـح مـن الصعـب على الدول الناميـة أن تحصل على حـاجتهـا من الدواء بأسعـار معقولـة.
ومع أن بعـض هذه الشــركـات قد أعطت ترخيصـات لشـركات محلية بإعـادة تصنيعهـا بأسعـار مخفضة, فـإن ملايين النـاس في الـدول الناميــة مــا زالت لا تحصـل عليهـا بســهولة. وفي صيدليـات الهنـد والباكســتان وكينيــا مثلاً, وهي جميعـاً متمتعــة بهـذه الترخيصــات, تجد المريض المحتـاج ‘لى ( البنــادول ) مثـلاً يشتريه بالحبـة والحبتين لأنه لا يقـدر على شراء العلبة العـادية ذات الاثنتى عشــرة حبـة. أمــا أدويـة الإيدز وغـيره من الأمـراض الخطــيرة فـالحصول عليهــا مســتحيل على الأفراد وصعب على الحكومات؛ لذلك ظهـرت فكرة تشجيع العلاج وفقـاً للتقــاليد والممارســات الحضـارية الموروثـة محلياًّ في الدول الناميـة, واللجــوء إلى الطب البديل في المجالات التي يفيد فيهـا, واتجهت منظمة الصحـة العالميـة إلى مراعــاة هذا الاعتبــار التنموي في توصياتهـا العلاجية.
ثانيــاً : توســيع دائـرة البحث في الطب التكميلي والبـديل :
1 ــ وما دامت المبررات لدمج الطـب التكميلي والبديل بالطب الحديث, على مــا بينــا, وبهـذا الوضـوح, فليـحرص البـاحثون على فتح جميع النوافذ وتوسـيع دائرة البحث لتشـمل كل ما هو معروف من الأنظمـة العلاجيـة التكميليـة والبديلـة, بصـرف النـظر عـن تاريخهــا القــديم أو الحديـث, أو انبثاقهـا عن أي حضـارة إنســانية معـروفــة, دون تحفظ أو تحيز مضـاد.
وهـذا, فيمــا يبــدو, هـو الاتجـاه الملحوظ في الأبحــاث الحديثــة التي تقوم بهــا المراكـز العلميــة المهتمــة بهـذا الموضوع, وفيمـا ينشـر من دراســات فردية أو جمـاعية عنهـا(7).
ولعلــه من المفيــد أن نذكـر فيمــا يلي عنــاوين بعض مـن أهـم هـذه الأنظمـة العلاجيـة, مع التنبيـه على نظـامين اثنين فقـط تحرص الورقــة على توجيــه النظـر إليهـا :
أ ــ طب الأعشـاب Herbal Medicine
ب ــ العـــلاج الطبيعــي Physioth- erapy في إطــار التدريبــات الجســدية العلاجيــة, وتكبس العظـام Osteopathy, والتدليــــــك Massage Treatment وأشباهـها.
ج ــ العـلاج الطبيعـي في إطـار العـودة إلى الحيــاة الطبيعية البعيـدة عن التلوث والضجيج, وتنــاول الطعـام الخــالي من المـواد الحـافظــة ووســائل التصنيع, والحركـة, والنوم الكـافي بدون مسكنات أو مهدئـات, والعمل وفق الطــاقــة بلا تســرع زائـد, ومـا إلى ذلك Naturop – altic Medicine.
د ــ العلاج الصيني بما في ذلك الإبر الصينية Acupuncture.
هـ ــ التحكم الغذائـي تنويعـاً وكيفـاً وكمًّــا بما يلائـم حالة كـل جسـم في مختلف الأعمـار والأحوال المريضـة Nutr – itional Biotherapy.
و ــ العـلاج بالطـرق التقليدية الموروثـة والمجربـة في الحضـارات المختلفـة : المصرية القديمــة, العربيـة, الهنـديــة, حضـارات الشـــرق الأقصى, الإفريقيـــة, الأمريكية, .. إلخ.
ز ــ الطب اليوناني Unani Medicine الممـارس حاليـاً في شبه القـارة الهنديـة.
ح ــ الطب الروحي بمــا في ذلك التــأمل الروحى Meditation, والـتركيز الفكــري Mindfulness, والأدعيـــة والصلوات Supplications and Prayers.
ويضـاف إلى مـا سبق عدد آخـر من هـذه الأنظمـة التي تختلف الآراء حولهـا, مثل العلاج بالإيحــاء والتنويم المغناطيسي Hypnotherapy, والعـلاج بجرعــات ضئيلــة لإثــارة القدرات الطبيعيــة في الأجســـام للمقاومــة والشـــفاء Homeopathy, والعــلاج الســـلوكي Behavioral Medicine خــاصـــة في الأمراض النفســية والعصبيــة, والعلاج الموجه إلى الصحـة العامة للجسم بدلاً من التركيز على عضو معين منــه Holistic, وغير ذلك من الأنظمـة.
2 ــ وفي شأن الطب اليوناني, الذي سبقت الإشـارة إلى تاريخـه, يلزم التنبيه إلى أنـه ليس نظـامـاً علاجيًّـا من نوع متخصص كــأنواع الطب التكلميلي والبديل التي ســردناهـا, وإنمـا هو تراث شــامل للعلوم الطبية التي عرفهـا الإغريق والعــرب, وقـد ظلت هـذه العـلوم بنظرياتهـا وممترساتهـا سائدة ومعمولاً بهـا في العالم حتى بداية العصر الحديث.
وباعتبــار أن الطب اليوناني قد استقر في شبه القـارة الهنديـة, بعد هجـرة كثير مـن الأطبــاء في القرون الوســطي عقب الغزوات المغوليـة, فقد تألفت في العصر الحديث في الهند لجـان ومجـالس علمية لمراجعتـه وتقييمـه من قبل الســلطات المســئولة عن الطب والعلاج في الهند, ويوجد في الهند الآن متائــة مستشــفي تمارس العـلاج وفقـاً لهذا الطب, 867 مســتوصفـاً, ويبلغ عـدد الأطباء الذين يمـارسونه قريباً من ثلاثين ألفـاً, كما تخصصت في دراساته 18 كلية(8), من أشهرهـا جامعة هـامدرد المنبثقة عن وقف هـامـدرد الخيري الذي أنشـأه الحكيـم عبد المجيد, وتبعــه فيــه ابنــاه الحكيم عبد الحميد في الهند, والحكيم محمد سـعيد في باكســـتان. وقد قدر لي أن أزور هـذيـن الطبيبــين, رحمهمــا الله, في نيولهي وكراتشــي, واطلعت بوجـه خاص على مركز أبحاث جامعة هـامدرد في نيولهـي وكذلـك على كليــة العلوم الطبية كلية التـمريض, ممـا أقنعني بجدية الجهـد العلمــي والبحث ومسأأتوى التدريس في هذه الجـامعـة وفروعهــا, فنحن إذن أمـام تراث طبي شــامل لـه جذوره واسـتمراريته ومؤسســاته, بل هـو مدرســة طبيــة كاملــة لا يجوز تجاهلهـا(9).
ومما يؤكد أهمية التعـامل مع الطب اليونـــاني, هـو أن مــا كتبــه رواده الأقدمون مـن إعريق وعرب مشــرقيين ممن ذكرنــا ـــ وعرب أندلســـيين مثل الزهراوي ( ت 404 هـ ), وابن زهـر ( ت 557 هـ ), وابن رشـد ( ت 595 هـ ), لم يـترجم بتمامـه إلى اللغـات الأوربيـة, وبقى كثـير منه باللغة العربيـة إمـا مخطوطـاً وهو كثيـر, كمـا تؤكد ذلك المراجـع البيليوجرافيـــة, وإمــا محققـاً ومنشــوراً بالعربيـة منذ سـنوات قليلة فقـط, مثل كتـاب « التيسـير في المداواة والتدبـير » لابـن زهـر المنشــور ســنة 1983م في دمشق, وكتاب « الكليـات في الطب » لابن رشـد المنشــور ســنة 1999م في بيـروت(10).
3 ــ وفي شـأن الطب الروحي, فـإن مـن الثــابت أن لعقيـدة المريض وفكره وحالتـه الروحيـة والعاطفيـة تأثيراً على علاجـه, خـاصــة في الأمراض النفســية والذخـانية والعصبية, وأحيـانـاً في غيرهـا مـن الأمــراض, على الأقل من حيث كونهــا عــاملاً مســاعداً للعلاجــات الأخـرى التي يقدمهــا الطب الحديث, ولـزيـادة تأثـير الجــانب الروحي في أمور العـلاج, والارتفــاع بــه أحيـانـاً إلى مستوى كونه علاجـاً قائمـاً بذاته, لابد من إزالـــة بعض الخلط والأوهـام التي تتعلق به, والتوصـل إلى تعريف لمفهومه ودوره في المعالجـة والأساليب التي يمكن توظيفه فيهـا :
فمن ذلك الاستبعاد الكــامل لأمور السحر والشعوذة ومزاعم الاتصـال بعالم الأرواح والجن والشــياطين, وما يتصل بذلك من تعليق الخرز والتمــائم وأداء الرقصــات الهســتيرية, وغيرهــا من الخرافات, ومنهـا التعامل مـع الحالات الروحيــة الصوفية Mystical, وحــالات القدرة على الشـفاء و الإيحــاء وامتـلاك القدرة على الإبراء من المرض Power of Healing على أنهـا حـالات فرديـة وأنهـا إن صحـت فــلا يمكـن تعميمهــا واستخراج قواعد علاجية عامة فيهـا. ومن ذلك أيضــاً ربط العـلاج الروحي بخلفياتـه الثقافيــة والدينيــة والحضـاريـة بحيث يعرف الـدور الذي يمكن أن يقوم بـه إزاء كـل حتالــة مرضـية يوظف في مواجهتهـا.
ولا تتم هـذه التحســينات وتكتمـل هذه الضوابط إلا بالتفــاهم والتعــاون المشترك بين المشتغلين بالطبابة الحديثة والعـارفين بالخلفيات الدينية والحضـارية لأســاليب العـلاج الروحـي, وهـذا مـا تقوم به بنجـاح المنظمـة الإسلامية للعلوم الطبيـة في الكويت, إذ تحرص في جميع ندواتهـا على وجود هذيـن النوعين من المتخصصين, ويتوفـر ذلك, فإنــه من الممكـن أن يحظـى العــلاج الروحـي بمزيد من الثـقة والـترحيب وأن يوظف توظيفـاً أدق, وأشـد تأثيراً, وأوسـع نطـاقـاً مما هو عليه الآن.
4 ــ على أن الترحيب بالإفـادة من صنـوف الطب التكميلي والبديل, لا يمكن أن يحقق النفـع المرجو منهـا وحصـول الثـقة فيهـا إلا بعـد إخضـاعهـا للتقييم الموضوعي من أربعـة جوانب :
أولهـا, التـأكد من الســلامة والأمن الصحيين في التعامل معهـا Safety.
ثانيهـا, التـأكد من تأثيرهـا الإيجـابي في العلاج Efficacy.
وثالثهــا, أن تكون المـدة الزمنيــة المخصصة للوصـول إلى آثـارهـا معقولـة ومناسبـة لنوع المرض وحالات المرضى. ولي في هـذا الشأن خـبرة شخصية, فقد كنت في سن الشـباب أعـاني من صداع الشــقيقة Migraine, وأتعاطى لـه عقـاراً مُصنعـاً من مادة الـــ Ergotamine بتأثير إيجـابي سـريع ثم نصحـني بعض المتعاملين بالطب البديل على تجـريب دواء مأخوذ من الأعشــاب بشــرط الصبر على تعاطيه لمدة ثلاثــة أشــهر. وأشــهد أن ذلك العلاج من الأعشــاب كان مفيـداً وربمـا كـان خاليـاً من التأثـيرات الجانبية, لكن كــان على أن أكـرره, فلــم أصــبر, وعدت إلى الدواء المصنع؛ لأن الراحـة بعد نصف سـاعة بالدواء المصنع, أشـد إغراء من الشـفـاء بدواء الأعشـاب بعد الصبر لعدة أشهـر.
ورابع التقييمـات يتعلق بمـن يمـارسون العلاج بالطبابات البديلة, إذ من السهـل أن يدعي القـدرة عليهــا من ليس مؤهـلاً لهـا بخلفية طبية كافية, بل ومن الممكن أن يدعيهــا المشــعوذون, خـاصـة إذا تعلقـت بتقاليد بيئيــة وحضــاريــة تنتقل بالوراثة والتدريب Apprenticeship.
وهـذه التقييمـات الأربعـة تحتـاج إلى خبرة رجـال الطب الحديث ومناهجهـم البحثيـــة؛ لأن الدمج لا يعني فرض ممارسات علاجية على الأطباء دون أن تكـون متوافقـة مع المنـاهج والاشتراطات الأساسية المرعية في مهنتهم.
ثالثـاً : هدي الإســلام في المحافظـة على الصحة بكل أنواع التداوي :
مقتضى الهدي الإســلامي في أمور صحـة الأبـدان, هو المحـافظـة عليهـا بما عرف, وبمـا تسـتجد معرفتـه من أمور الوقـاية والتـداوي والتمـاس العلم الطبي, وتجنب كل مـا يضر, والحـرص على مـا يفيد, ونجد ذلك واضحـاً ومقرراً بالأمور الآتية :
1 ــ اعتبار المحـافظة على الصحة من الضروريـات التي هي أعلى درجـة من مقـاصد الشـريعة :
فقـد استفــاض القــول في كتب ( مقاصـد الشريعة ) قديمهــا وحديثهـا, بما بلغ درجــة الإجمـاع, أن مقـاصد الشريعة ثلاث درجـات : ضرورات. وحـاجات, وتحســينات(11). وأن مــا اندرج ضمن الضروريات يتممه ويلحقه في الحكم ما يناسبــه من الحاجــات(12) وباعتبــار أن الضرورات خمس وهي حفظ الدين, والنفس, والنسـل, والمـال, والعقـل ـــ فإن المحـافظـة على الصحـة تدخل ضمن ثلاث منهـا, وهـي المحافظـة على النفس والنســل والعقل, فكـل مــا يؤدي إلى حفظ أرواح الناس من من الموت أو المرض أو الضعف, وكل مــا يؤدي إلى حفظ النســل والعـرض من زواج وإنجـاب وتنشئة للذريـة, وكل مـا يصون العقل ويحميه من التغيب أو الإفسـاد أو الخرف ـــ كل ذلك من ضـرورات الدين والدنيـا التي توجب الشـريعـة الإسلامية توفيرهـا ورعايتهـا, والتمــاس جميع الأســباب لذلك.
2 ـــ النص صراحــة على ضرورة التـداوي ودفع مـا قد يوهـم معارضتـه من أمـور الاعتقـاد, أو السـلوك الديني, أو الأحكـام الشـرعية :
فمن النصـوص التي تدعو إلى التداوي مــا أخرجــه الــترمـذي وابن ماجــة(13) وغيرهمـا عن أسـامة بن شــريك قال : قالت الأعراب : يا رســول الله, ألا نتـداوي . قــال : نعم, يــا عبــاد الله تداووا, فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء, إلا داءاً واحــداً, قالوا : يا رســول الله, ومـا هـو ؟ قــال : الهـرم » وهو المفهوم من حديث مســلك : « لكل داء دواء, فــإذا أصيب دواء الـداء, بـرئ بإذن الله عز وجل »(14).
وعندمــا توهـم بعض الصحـابة أن التـداوي يتنـاقض مـع عقيــدة الإيمـان بالقضــاء والقـدر, ردهـم النبي ـــ صّلى الله عليــه وسلم ـــ, وطمــأنهم بعـدم التناقض, فقـد أخرج ابن ماجـة بسنـد صحيح : سئل رسول الله ـــ صّلى الله عليــه وسلم ـــ : ارأيت أدويــة نتـداوى بهـا, ورقى نســترقي بهـا, وتقي نتقيهـا, هل ترد من قدر الله شيئـاً, فقال ـــ صّلى الله عليــه وسلم ـــ : هي من قدر الله(15).
كمــا أن بعض الســلف الصـالح قد تحرجوا من التداوب لتوهمهـم أنه يتنـاقض مع عقيـدة ( التوكل على الله ). وممن أصــابهم هـذا الحرج الإمـام أحمـد بن حنبل, ثـم الإمــام النووي. ولكن هذا الحرج محمول على أن علم هؤلاء الأئمة بالطب كـان محـدوداً كمـا هو واضح من عبــارة الإمــام الغزالي عنـدمـا عــالج هذا الموضوع في كتـابــه ( الإحيــاء ) إذ ان التداوي الذي كـان معروفـاً في زمـانه هو مـا ذكـره من « معالجـة البرودة بالحـرارة, والحـرارة بالــبرودة »(16) وهـي إحـدى مقـولات الطب الإغريقي؛ ولذلك فإنـه قد سمـى هـذا العلاج بأنـه مظنون, وغير مقطـوع بجــدواه, أمــا العــلاج المقطوع بجـدواه وضرورته فإنـه لم يتردد في تأكيد الأخذ به, وللدكتور يوسف القرضـاوي دراسـة لهـذا الموضوع استوعب فيهـا آراء الأئمــة وختـم بــترجيح « رأي الذيـن يوجبون العلاج إذا كــان الألم شــديداً, والدواء ناجعـاً, والشــفاء مرجـوًّا وفق سنة الله تعــالى »(17) وهـذا هو الحق الذي استقـر بيـانـه والأخـذ بـه لدى علمـاء هذا العصـر.
ونظـراً لوجـود نص ديني يمنع التداوي بمـا هو محرم, وهـو قول النبي ـــ صّلى الله عليــه وســلم ـــ « ولا تــداووا بحـرام »(18), وسمــي مـن ذلك الحرام الخمـر, واعتبرهـا داء وليس دواء أو شـفـاء(19), وباعتبار أن بعـض الأدوية قد تحتــوي على الكحــول الـذي هو جوهـر الخمر المحرمــة, فقـد أفتـى علمــاء الإســلام بجواز تعاطي هـذه الأدوية عند قيـام الضرورة إلى ذلك ولم يوجـد البـديل الخــالي من الكحـول عمـلاً بعمــوم قول الله تعـالى : ( فَمَنِ اضْطُـرَّ غَيْـرَ بَـاغٍ وَلاَ عَـادٍ فَلاَ إِثْمَ عَليْهِ )(20).
وبهـذا يكون الإســلام قد فتح باب التـداوي على مصـراعيــه وحــرره مـن القيود التي تحول دون التوسـع فيه.
3 ـــ الحض على التـماس العلم من كـل مكـان, والأخـذ بمــا علــم من أسـاليب العلاج :
دعــا الإســلام إلى طلب العلم, والسعـي إلى تحصيله, سواء أكـان متعلقـاً بأمور الدين أم بـأمور الدنيـا, ويدخل ضمن ذلك بالضـرورة العلم الطبي, ففي الحديث الشريف الذي أخرجه مسـلم عـن أبـي هريـرة « ومن ســلك طريقــاً يلتمس فيـه علمــاً سهــل الله لـه به طريقــا إلى الجنــة » وأخرج الـترمـذي عـن أنس قولــه ـــ صّلى الله عليــه وسلم ـــ : « مـن خرج في طلب العـلم, فهـو في ســبيل الله حتـى يرجـع » ومن ذلك أيضـاً الحديث الشـائع الذي أخرجه البيهقـي وابن عبد البر عن أنس قوله ـــ صّلى الله عليــه وسلم ـــ : « اطلبـوا العلم ولو في الصـين, فإن طلب العلم فريضـة على كـل مسلم »(21).
وفي التمــاس العلاج الطـبي, قد كـان للنبي ـــ صّلى الله عليــه وسلم ـــ هَدْي وتوجيهــات وتوصيـات وعلاجــات, موجـودة في أبواب الطب من كتب الحديث النبــوي, وجمعهــا بعـض العلمــاء تحت عنــوان ( الطب النبـوي ) الـذي يضـم ما أُوحـي إليــه مثل إتمام رضـاعة الأطفـال من قبل أمهـاتهـم, واعـتزل النســاء في المحيض, وتنـاول عسل النحل في الأحوال المناسبة, والتزام الاعتدال في المـأكل والمشــرب, وكثــير غــير ذلـك, بالإضـافــة إلى اجتهــادات شخصية عديدة وفقه الله إليهـا, مما هو وارد بالتفصيل في مظانه المذكورة.
ومع ذلـك, فقـد كــان الرسول ـــ صّلى الله عليــه وسلم ـــ يحرص على فنون الطب البـدوي والمحلي التي كـانت شــائعة في بيئتــه. فرفض منهــا أمــوراً مثــل ( الكــي ), وقبــل أمــوراً أخرى, وطبق بعضها على نفسـه. فقـد أخرج أحمد والحـاكم عن عروة بن الزبير أنه سـأل خالته عائشـة زوج النبي ـــ صّلى الله عليــه وسلم ـــ عن سـر معرفتهـا بأمور من الطبابة, فقـالت : « إن رســول الله ـــ صّلى الله عليــه وسلم ـــ كـان يســقم عند آخـر عمــره, فكـانت تقدم عليــه وفود العـرب مـن كل وجـه, فينعتون لــه الأنعات, وكنت أعالجهـا له ».
وممـا يجـري هـذا المجـرى في التمــاس العلم الطبي مـا أخرجـه أبو داود مـن أن رسول الله ـــ صّلى الله عليــه وسلم ـــ عـاد سعـد بن أبي وقاص فقـل لــه : ائت الحــارث بن كَلَــدة أخـا ثقيف, فـإنــه رجــل يتطبب. وكــان الحــارث الثقفي قـد ســافر إلى فـارس واليمن وأخذ عنهــا علوم الطـب, لـه محـاورة مع كسـرى أنو شــروان, فلمـا عــاد تطبب أي مــارس العــلاج الطبي واشتهــر به, وقد خلفــه في فنـه ابنـه النضر(22).
وحتى لا يختلط العــارف بالجـاهل في أمور التطبب, قال ـــ صّلى الله عليــه وسلم ـــ « من تطبب, ولم يعلم منــه طب, فهـو ضــامن »(23) والضــامن من هـو الغــارم الـذي يتحمل مسـئولية من يضـار بعلاجه بغير علم.
4 ـــ نشــوء مدرســة إسلامية للعلوم الطبيـة على أساس التفاعل المتبادل مع الإســهامات الطبية لجميع الحضارات المعروفة :
باستقرار الدولة العربية الإسـلامية أيام الأمويين والعباسـيين, ونضج النشـاط العلمي في مراكزهـا الفكـريــة في دمشق وبغـداد وقرطبــة والقــاهرة, ازدادت العنـاية بـالعلوم الطبيــة, وتبلور التوجـه الإســلامي بشــأنهـا بمـا يمكن أن يوصف بأنه تأسيس مدرسـة طبية إسلامية ذات صـفات ومميزات خاصـــة بهـا. وقـد أخـذت هـذه المدرســة أصولهــا في الفكــر الطبي من المصــادر الآتية :
أ ـــ الطب العربـي القديــم, ومــا خالطــه من إضـافات بتأثير الحضــارات المحيطة.
ب ـــ الهـدي الإســلامي في رعـايـة العــلاج والحض على الوقـاية, والتماس العــلاج الموثوق, وقــد تجمع مـن ذلك تـراث كبـير, ممــا حدا بأطبــاء العرب القدامي الذين مارسوا المهنة قبل الإسلام أن يعرضوا تجربتهـم وخبراتهـم على النبي ـــ صّلى الله عليــه وسلم ـــ(24) ويــأخذوا بتوجيهـاتــه كمــا فعل الشمردل طبيب نجران.
ج ـــ الإفــادة من العلوم الطبيــة التي اســتقرت في جنديســابور الواقعــة في جنوب غرب فارس بسبب هجرة جماعة السـريان النسـطوريين إليهـا ومعهم علوم الطـب الإغريقـي, وكـذلك من العلوم الطبيــة في مدرســة الإســكندرية التي احتفظـت مكتبتهــا بكتـب أبقراط وجالينوس وأريباسيوس ودياستوريدوس وغيرهم(25).
د ـــ التوسـع في أعمـل الترجمـة بعد إنشـاد ( دار الحكمــة ) في بغداد, و ( بيت الحكمـــة ) في القاهرة, وجلب كتب الحضــارات الأخــرى : اليونانيــة, و الفارسـية, والهنديــة, والقبطية, بل واستضـافة العلمــاء والأطبــاء من مختلف الأقطــار للتعريف بمؤلفاتهم وإنجـازاتهـم.
ولم يكن موقـف العـرب والمسلمين مقصوراً على الترجمـة, بل أضـافوا إلى ذلك دراسـاتهـم ومؤلفـاتهـم الخاصـة, وأســهموا بتقديـم نظريــات جديدة في الفهم البيولوجي والفسيولوجي للجسم الإنســاني, وأساليب الفحص والعلاج والجراحـــــــــة والتمريـض وإدارة المستشــفيات(26), مما هو واضح فيمـا ترجم من أعمــالهم ككتاب القانون لابن سينـا, وكذلك فيمــا بقى بنصـه العربي, وتبلور ذلك كلـه فيمــا عرف في القرون الوســطى, ومــا زال معـروفـاً حتى الآن باسـم الطب اليوناني, والذي يحمل بحق أسمــاء أخــرى هي : الطـب العربـي, والطب الإســلامي, والطب العربي الإســلامي, والطب الشــرقي, وقـد بينـا سـابقـاً أن هـذا الطب كــان القاعـــدة الأسـاسية للطب الحديث(27).
وبعبــارة مجملـــة, فــإن المدرســـة الإســلامية في العلوم الطبية, هي مدرسة جــامعـــة, ومنفتحــــة, ومتجــددة, موصولة بالطب الحديث بحكم التطور التاريخي الطبيعـي لمهنـة الطبابة. ونتيجة لذلك؛ فـإن العالم الإســلاكي بعلمـائه وأطبـائــه وجماهــيره هو عــالم متفهم للتواصـل والدمج بين الطب الحديث والطب المحلي التقليدي وكـل صنوف الطب التكميلس والبديـل, مـا عرف منها, وما سيعترف في المستقبل.
5 ـــ الإضـافــة الإســلاميــة للطب الروحي :
ومن الطبيعي أن يكون للإســـلام, وهو دين قبـل أن يكون قـاعدة لحضـارة منبثقـة عنـه, إضـافات إلى مفهـوم الطب الروحي, والمكونـات التي يمكن أن تجعل منه علاجـاً فعـالاً, ومستحقـاًّ لأن يتعامل معه على أنـه أحـد الأبدال العلاجيـة ذات المصـداقية, والتي تؤخـذ بثقة وجدية من المعــالجين والمرضـى, وفيمـــا يلي ذكر لبعض العناصر الرئيسية التي يتشكل منهـا ما يمكـن أن يسمـى « الطب الروحي الإسـلامي » :
أ ـــ اعتبار المرض ابتلاءً وامتحـاناً من الله, يجب على المريض المؤمن أن يتقبله بصــبر وجـلد, آملاً أن يجـزيه الله عن هـذا الصبر بـالثواب وتكفــير الذنوب والشفاء قال ـــ صّلى الله عليــه وسلم ـــ :
« ما يصيب المسلم من نصب, ولا وثب ولا هم, ولا حزن, ولا أذى, ولا غم, حتى الشــوكـة يشـاكلها, إلا كفـر الله بهـا من خطـاياه (28)».
وأخرج البخـاري في مرض العينين أو فقدهمــا قــا النبي ـــ صّلى الله عليــه وسلم ـــ : « إن الله عز وجـل قـل : إذا ابتليت عبدي بحبيبتيــه فصبر, عوضته عنهمــا الجنة »(29).
وإذا كان المـرض مفضيـاً إلى الموت, وتبقــاه المؤمن بالصــبر, فـإن الله ينزلــــه منازل الشـهداء, وهي من أرفع المنازل في الجنة, وفي هذا ورد الحديث النبوي, « الشهداء خمسـة : المطعون, والمبطرون, والغريق, وصـاحب الهدم, والشهيد في سبيل الله »(30).
وبهـذا المفهـوم عن المرض, يقتـدر المريض المؤمن على الصبر بل والرضـا بما قسمـه الله له, وهو متعشم أن ينال أحد الشـفاء, وإمـا كليهمـا, لقولــه تعالى : ( وَإِذَا مَرِضْتُ يَشْـــفِين ) (31). وبدون هذا المفهوم أو مضمونه, يكون المريض عرضـة للقلق والحــزن وربمـا الهـلع وفقـاً للدرجـة التي يكون عليهــا مرضـه. وتظل هذه المشــاعر المحزنـة معه طيلة مـدة علاجـــه حتى يشفى, وإذا كـان مرضـه لا يرجــى برؤه منــه, أو ســبب للمريض آلامـاً متصلـة ربمـا بالغــة, فحينئذ قـد تنفتح عليــه محنـة التفكير في التخلص من الحيــاة بطــريقــة أو بــأخرى من طـرق الانتحــار أو قـتل الرحمـة ( اليوثونيـزيا ). وكـل هـذه التطورات المؤســفة يمكن دفعهــا أو التعــامل معهـا بتحكــم أكبـر بتأثــير المفهوم الإســـلامي للمرض, والألم, وأخيراً الموت(32).
ب ـــ التــأكيد علـى التعــاطف الاجتمــاعي بـين المريض وذويــه من أقــارب ومعـارف, واعتبـاره واجبـاً دينيًّا موصـى بــه, فعلـى هـؤلاء أن يحرصـوا على زيــارة المريض والدعـاء له بالشـفاء, والتنفيس لــه في الأجــل, وتذكـــيره بإحسـان الظن بالله ومواجهـة ما يجـده في مرضـه بالصبر والرضـا والأمل.
ففـي الزيــارة, ورد عـن الــبراء بن عــازب, قـال : « أمـرنـا رســول الله ـــ صّلى الله عليــه وسلم ـــ بعيـادة المريض»(33), وفي الحديث القدسـي المتفق عليه, قـال ـــ صّلى الله عليــه وســلم ـــ : إن الله عز وجـل يقول يوم القيـامة : « يا ابن آدم, مرضت فلم تعـدني. قال : يارب, كيف أعـودك وأنت رب العـالمين؟ قـال : أمـا علمت أن عبدي فلانـاً مرض فلم تعده ؟ أمـا علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده ».
وفي الدعــاء للمـريض, كـان رسـول الله يــزور المرضــى من أهلــــه, ومن المسلمين, ومن غـير المسلمين(34), ويدعو لهـم, ومن دعـائـه عنــد زيــادة المريض قولــه : « اللهم رب النـاس, أذهب البـــأس, واشف, أنت الشــافي لا شـفــاء إلا شفـــاؤك, شفـــاء لا يغــادر سقمـاً »(35).
والتنفيس في الأجــل لـدى زيــادة المريـض, هو تمني طول العمر لــه, لوصيتـه ـــ صّلى الله عليــه وسلم ـــ « إذا دخلتـم على المريض, فنفســوا لـه في أجلـه, فإن ذلك لا يرد شيئاً, ويطيب بنفسـه »(36)
إن هذه الملاطفـة الاجتماعية من ذوي المريض, بما فيهــا من مودة ورقـة, وبمـا تتضمنــه مـن تقويــة الأمــل والتفــاؤل, والتذكيـر برحمة الله بعباده, ومَنّه عليهـم بالراحــة والشــفاء, تعـين على إخراج المريض من وحـدتــه, وترفع حالتــه المعنوية والروحيـة.
ج ـــ وجـوهـر العــلاج الروحـي وفقـاً للهدي الإســـلامي, بالإضـافــة إلى مـا ذكــر, وتوصيــة المريض ومن حوله بكثرة الدعــاء, وذكــر اله تعــالى, وتـلاوة القرآن الكـريم أو الإنصــات إلى تلاوتـه وترتيـله.
والمقصـود هـو إحـاطــة المريـض بجو عبـق من الروحانيات التي تربطـه بالخالق عز وجـل, وتذكـره بأنـة سبحـانه وتعـالى هو الشـافي والمعـافي, وأنه مع عبـاده أينما كانوا وكيفمــا كانزا لقولــــه تعــــالى : ( وَنَحْــنُ أَقــْربُ إلَيْــهِ مــِنْ حَبْــل الْـــوَرِيدِ ) (37), وقوله : ( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إلَيْـــهِ مِنْكُم وَلَكِـــنْ لاَ تُبْصِرُون )(38), وقولــه ( مَــا يَكُونٌ مِنْ نَجْـوَى ثَلاَثَةٍ إلاَّ هُوَ رَابعُهُمْ )(39) كمـا تذكره بأن كشف الضـر الـذي يصيب الإنســان هو في يد الله ســـبحانه. قـال تعـالى : ( وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بضُرًّ فَلاَ كَـاشِفَ لَهُ إلاًّ هُوَ وَإنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلَّ شَيْءً قَدِيرٌ )(40).
وبشــيء من التـأمل لبعض من هذه القراءات والأدعيـة والأذكـار, التي ينصح المريض بترديـدهـا أو بقـراءتهـا لــه وهو منصت, يتضـح الأثــر الروحـي الـذي يمكن أن يســري في عقلــــه وجســمه ووجدانه :
فمـن القــرآن الكـريــم : ( قُـل لاَ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلاَ نَفْعًـا إلاَّ مَـا شَـاءَ اللهُ لِكُـلَّ أُمَّةٍ أَجَـلٌ إذَا جَاءَ أَجَلُهُـمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَـاعَـةً وَلاَ يَسـْتَقْدِمُون )(41) ( وَلَنَبْلُوَنَّكُــمْ بِشَـــيْء مِـنَ الْخَوْفِ وَالْجْوعِ وَنَقْصٍ مِـنَ الأمْوَال وَالأنْفُسٍ وَالصَّمَــراتِ وَبَشَّــر الصَّــابرينَ (155) الَّذِينَ إذَا أَصَــابتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَـالُوا إنَّـا لِلَّهِ وَإنَّا إلَيْــهِ رَاجعُونَ (156) أُولَئِـكَ هُـمُ الْمُهْتَدُونَ ) (42) ( وَنُنَزَّلُ مِـنَ الْقُرْءَان مَـا هُـوَ شِـــفَاءٌ وَرَحْمَـــةٌ للْمؤْمِنِـين )(43) ( الَّــذي خَلَقَنِـي فَهُــوَ يَهْـديـنِ (78) وَالَّـذِي هُوَ يُطْعِمُنِـي وَيَسْــقِين (79) وَإذا مَرضْـتُ فَهُـوَ يَشْـــفِين )(44) ( وَأَيُّوبَ إذْ نَتدى رَبَّهُ أَنّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَـمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَـاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَـا بهِ مِنْ ضُرًّ وَءَاتَيْنَـاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلهُـمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِـنْ عِنْـدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِديِن )(45).
ومن الأدعيـة والأذكـار : «أعـوذ بعـزة الله وقـدرتــه مـن شــر مـا أجـــد وأحـاذر »(46), « لا إله إلا الله رب العـرش العظيم »(47), « يـا حي يا قيوم برحمتك أســتغيث »(48), « اللهم داونـي بدوائك واشفني بشفائك, واغنني بفضلك عمن ســواك, واحـذر عـني أذاك »(49) « اللهـم عـافني في بدني, اللهم عـافني في سمعي, اللهــم عـافني في بصــرى لا إلـه إلا أنت »(50), « باسم الله الذي لا يضر مع اسمـه شــيء في الأرض ولا في الســماء وهو السميع العليم »(51).
إن هذه القـراءات والأذكــار تضع المريض بل والمعالج والممرض في إطـار روحـي علوي رفيع, ثـم يأتي العلاج العضـوي فيجـد الاســتجابة البدنيـــة الملائمــة, إذ يكون لالتقــاء العـــاملين الروحي والدوائي أثره المضــاعف الفعـال الـذي هو الهدف ممـا يســمى ( العلاج الروحـي ) الصحيح والمحقق, ولي في هـذا الصدد خــبرة أنقلهـا كمــا وقعت, فقد كــان لي صديق مصــاب بمــرض قلبي, حتى ظن أنه قد مـات به فلما جاء الخبر بأنه عوفي وأصبح بصحـة حسنة, سألته عن العلاج الذي استعمله, فكان رده عالجت نفسي بذكـر الله ! فلمـا رآني متعجبـاً, هزني بسؤال استنكـاري قائلاً : ألم تقـرأ قــول الله تعــالى : ( أَلاَ بِذِكْرِ الّلَّـهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوب )(52), فأطرقت, بل وخشــعت نفســي, وأحسسـت بمصداقيــة قـول هـذا الصديـق, ولأنـه طبيب ومعـروف لي بالـواقعيـة والعقلانية, لم أجـد بدًّا من حمل قصتـه على أنهـا مثــال للطب الروحـي لرجـل شــديد الإيمـان, فارتفـع بالذكـر والدعـاء إلى آفاق روحيــة عاليــة سـاعدت على إكســابه السكينة والرضـا والهدوء, وهي أكثـر من نصف العلاج إن لم تكن العلاج كله في هذه الحالة.
وقـد اهتـم المســـلمون بــالعلاج الروحـي, دون أن يتخلــوا عـن العـلاج الدوائـي, وغذوا جـهود العلاج الروحي بمؤلفـات تعمقه مثل كتاب ابن أبي الدنيـا ( ت 281 هـ ) « المرض والكفـارات »(53) وقـد تنبه إلى ذلـك قاستخدمه في العلاج بنجـاح بعض الأطباء المعاصرين, ومنهم الدكتور منصور أسكوردو بيديت الذي خصص في عيادتــه النفسية في مدينــة Motril جنـوب أسـبانيا قاعـــة للإنصـات إلى القـرآن الكريم المرتـل, وذكـر لي أن التأثير النفسـي لسمـاع التلاوة لم يقتصـر على مرضـاه من المسـلمين, وأن غـير المسلمين قد تجـاوبـوا معهـا أيضـاً. على أحـداً مـن هؤلاء الأطبــاء لم يدع أنــه أهمـل العـلاج الدوائي, وبذلـك بكونون قد حققوا التوازن النافع(54).
وعليــه, فــإن البحث الموضوعي لموقف الإســلام, دينـاً وحضـارة, من الطـب والطبابـة, يظهـر أربعــة معالم رئيسـة :
أولهـا, أنــه أعطـى المرض مفهـومـاً واقعيًّـا, ودعـا إلى اخذ بأسـباب العلاج والتمـاسهـا من أي مصدر.
وثانيهـا, أنـه زود المريـض والمعـافي والمحيطين بـالمرض بتوجيهــات روحيــة وخلقيـة وسلوكية تجعله يتقبل فترة المرض بصـبر وثبـات وسكينة نفسـية مما يعتبر في حد ذاته إسهـامـاً في العلاج ومسـاندته.
وثالثهـا, أنه أسهــم تاريخيًّــا في تطوير الأبحـاث العلمية الطبية بالنقل والترجمـة والإضـافـة والتطويـر والابتكــار بمـا يمكن وصفه بإقامــة « مـدرســة طبية » قائمــة بذاتهـا.
ورابعهـا, أنه حض على ترك الباب في مجالات الأبحـاث والعلاج والوقـايـة والجراحـة والتغذيــة مفتوحـاً, فكل ما ثبت صلاحـه ونفعــه فهـو حريص على الأخـذ بـه, ونسـبة نفسـه إليــه, سـواء أسمينــاه حديثـاً, أم تكميليًّـا, أم بديلاً, أم مدبحـاً(55).
رابعــاً : الدعــوة إلى استخدام الطب التقليــدي المحلي, وخاصـــة في البلاد الناميــة :
1 ـــ في الوقت الــذي علت فيــه الدعــوة إلى اللجـوء للطب التكميلي والبديـل ودمجهمــا بـالطب الحديث, ظهـرت دعـوة أخـرى موازيــة, وهي الاعتراف بجـدوى الصحيح من الطب التقليــدي المحلي في المجتمعــات المختلفــة ةالتوسـع في استخدامه في البلاد النـامية بوجه خاص.
والمقصــود بـالطب التقليــدي المحلي طرق المداواة المستقرة على مدى التاريخ في كل مجتمـع أو حضــارة على حدة, والتي توارثهـا الأجيــال, وأولتهـا من التجريب مـا جعلهـا أهلاً للثقـة في هذه المجتمعـات. وغالبــاً مـا يشتمـل الطب التقليدي المحلي بصفـة أسـاســية على اسنخدام الأعشـاب المحلية ذات التأثير العلاجي, ولكنــه لا يقتصـر على ذلك بل يضـم صنوفـاً أخـرى مـن أســاليب التغذية, والمداواة, والعلاج, والجبارة, والجراحة, وغير ذلك.
وحـجة الداعين إلى الطب التقليدي المحلي هو أنـه طب مجرب, ونتاج لحضــارات لهـا نظرياتهـا عـن الإنســان والحيــاة, ومبني على حكمـة الأجيال والاكتشـافات العلاجيـة المحلية, ويحظى بثقـة الناس, وإلى جانب ذلك كله زهيد التكلفــة. ونظـراً لهـذه الصـفة الأخيرة المهمـة فإنـه يناسب المجتمعات التى لا تطيق التكـاليف الباهظـة للأدوية وأنواع العـلاج والجراحــة التي يقـدمـا الطب الحديث, وما قـد يحوطـه من التوجهـات التجـارية للمستثمرين بإنشـاء المستشفيات ومصانع الأدوية.
2 ـــ وقد تبنت منظمة الصحـة العالميـة هـذه الدعــوة خــلال الربع الأخــير من القـرن المـاضي, بعـد أن كـانت النظرة الســائدة إزاء هـذا النـوع من الطب متشـككة في سلامت،ه وفعاليته وجدواه. وعقدت المنظمـة سلسـلة من المؤتمرات والحلقــات الدراســية, كمــا أعدت دراسـات مستفيضة في البلدان الناميـة والمتقدمــة. وأيدتهـا في هـذه الدعوة مؤسسـات التنميـة والرعـايـة الخيريـة والإنســانية ومراكز البحث العلمي في بلاد مختلفة. ومن اللقاءات التي تستحق الإشــارة في هذه الصـدد اجتمــاع الجمعيـة العامـة للصحـة العالميـة WHA في ألمآتا سنة 1978م الذي صدر عنه ( إعلان ألمآتا ) يإدخــال الطـب التقليـدي المحلـي ضمـن السياسـات العلاجيـة للدول المحتلفــة, وضرورة وضـع التنظيمـات والتشـريعـات التي تضبط شـئونه, ثن اجتمــاع ســنة 1989م الذي دعت فيه الجمعية العامة الدول الأعضـاء إلى إجراء دراسـات محليـة لحصـر العلاجــات المســتعملة فيهـا وتقييمهـا, وكذلك الحلقـة الاستشـارية لمنظمة الصحة العالميـة WHO في ميونيخ في يونيـو 1991م, ثــم في أتَــوا في أكتوبـر 1991م حيث تم تبنــي معــايير الجـودة, والأمــان, والفاعليــة عند تقييم العلاجـات والمواد المستخدمة فيهـا.
ومن الدراسـات الجيدة الوثيقة التي صـدرت عن برنامج العلاج التقليدي في منظمة الصحة العالمية بإشـراف الدكتور Xiaorui Zhang وشملت 52 بلــداً نامـياً ومتقـدمـاً. وقـد أظهـرت دراسـات أخرى أن العـالم الثالث يعتمـد واقعيًّـا على الطلب التقليدي النحلي, ونسـبة ذلـك في إفريقيـا هي 80%, وفي الهند هي 70%.
3 ـــ ولا شـــك أن الدعــوة إلى اســتخدام الطب التقليدي المحلـي على نطـاق واسـع, دعــوة حكيمــة ولا غنى عنهـا في عالمنـا الذي يـتزايد سـكـانه ولا تتوافـر فيـه الخـدمــة الطبيــة, ولا الأوليــة Primary Health Care), ولا المسـتدامة, بصـورة كـافيـة, ويجب أن تتضـافر الجهـود الحكوميـــة والأهليــة على تحقيق هذه الدعوة, التي هـي دمج الطب التكميـلي والبـديـل في الطب الحديث. كمـا يجب أن تراعى الاحتياطـات اللازمـة, ومنهـا :
أ ـــ قيــام الحكومــات بـــإصدار التشـــريعـات والترتيبــات الخاصـة بتقييم العلاجـات والأدويــة التقليديـة المحليــة لضمـان لتصـافهــا بــالجودة والأمــان والفعاليـة.
ب ـــ العمــل علـى تقنــين هـذه العلاجـات وتوصيفهـا وتعميم المعلومـات عن جدواهــا, والطـرق المأمونـــة لاســـتعمـالها, والطرق المأمونـــة لاســـتعمالهـا, ومحاذيرهــا, بـإصدار النشــرات التى تســاعد الممـارسين للعلاج والمرضـى على التفهم العلمـي الصحيح لما يمارسونه أو يتنـاولونه.
وقـد ارتفعت جمهوريـــة الصين بمستوى هذا التقنين والتوصيف والتفهيم إلى تحويـل العلاجـــات المذكــورة إلى مسـافات دراسية افتتحت لهـا جامعـات خاصـة مفوضـة بمنـح الـدرجات العلميــة فيهـا(56), كمـا سـبقت الإشــارة إلى أن الطـب اليوناني الـذي يمـارس في شــبه القــارة الهنديــة على نطاق واســع يتم الإعـداد لــه في جامعات متخصصة, كمـا حصـر إنتاج أدويتــه في جهـات تصنيع مؤهلة ومرخصـة.
ج ـــ الحــذر مـن أن يقـع تصنيـع الأدويــة الخـاصـة بـالطب التقليدي في أيدي شــركـات الأدويـة التجـاريـة, التى ســرعان مـا تنتجهــا في صورة حسـنة ولكن بأسعــار باهظة تفسـد المقصـود من هـذا التوجه العلاجي, كمـا هو حـاصـل مع نبـات الجينسينج الصيني والكوري, الذي تحول من شــرائح نباتيـة صالحـة للمضغ إلى كبسولات معلبة بصورة أنيقة ومعروضــة في الصيدليــات, وقـد شـاع في الأوســاط الطبية أن نوعـاً من البطــاطس الإفريقـي الــذي ينمــو في جمهوريــة الكونغـو الديمقراطيــة قد ثبت صلاحـه في علاج مرض الإيدز, فكـانت النتيجـــة أن اختفـي هــذا النوع من البطــاطس في جمهوريـة الكونغو في ظرف سنتين !
والمفـروض أن يظل الـدواء التقليدي شــعبيًّا في متنـاول أيـدي النـاس, وأن يحـافظ على هيئته الطبيعية ما أمكـن, إذ لا معنى مثلاً للعــدول عن أكـل المـانجو الطـازجــة إلى شــراء حبوب مصنوعـة لفيتامين أ, خـاصــة في بلاد فيهـا الأطفال بالعمى المبكـر.
د ــ العمـل على حماية هـذه الطبابة من الممـارسين غـير المؤهلـين, وكذلك من المشــعوذين والدجــالين الذيـن يشـدون بجهــالتهم مجتمعـاتهم البسـيطة إلى قبول مفاهيم الخرافـة والسحـر والاتصـال بعالم الأرواح وأشباههـا.
4 ـــ علـى أن الإفــادة من الطـب التقليدي المحلي, ليست بديلاً كـاملاً عن الإقـادة من الطب الحديث, الذي يجب أن نحـافظ لـه على الصــدارة, مع جميع البدائـل الطبية التي ذكــرناهـا, ذلك أن إدارة الظهـر للطب الحديث, كمـا يفعل أحياناً بعض الباحثين والنقـاد والصحفيين الذين يكتبون حول الموضوعـات الطبيـة, تعتبر نكسـة حضـارية لا تغتفر.
حقيقــة أن للطب الحديث, كمـا لكـل بحث أو مهنـة علميــة, نقــاط ضعف, مثل : إصـابة المرضـي بالأضرار الجانبية للأدويـة, والاقتصـار غالباً على علاج العضو المريض بدلاً مـن التعـامل مع الجســم الإنســاني باعتبــاره كلاًّ لا يتجـزأ, ولا ينفصل عن بيئتـه الطبيعية, وإشـاعة ثقافة الكبسـولة وقارورة الدواء في مقـابل ثقـافــة الحياة الطبيعية وتناول الأطعمـة الطـازجـة ةالـتريض المستدام, وأمثــال ذلـك(57). ولكن نقــاط الضعف هذه محدودو ومعروفـة ويمكن احتواؤهـا, ويبقـي للطب الحديث بمستشــفياته وجـامعـاته ومراكز أبحـاثـه ومصـانع أدويته وتجهيزاته وســائر إمكـاناته, الاستحقـاق المؤكـد للثقــة بـه واحترامــه وتشــجيع رجاله.
ثــم إن الطـب الحديث لا يمكـن الاســتغناء عنــه في مجـالات الجراحــة الرئيسـية, ومع التجهيزات المعقدة اللازمـة لإجراء العمليات الجراحية, فـإن لا يمكن أن يجرى ذلك إلا في غرف العمليات في المستشــفيات المعــاصرة, وعلى أيدي الجراحين, ذوى الخبرة الكـافية.
ومع الطب الحديث وفي مواجهــة أدويتـه الحديثــة أيضـاً, والتي لا تخضع للتقيم والتدقيق من قبل السلطات الطبية المختصــة, وفي مواجهــة بعض الأمراض لا يوجد لهـذه الأدويـــة بديــل جدي, وكـل مــا تذيعـه الصحف الســيارة عن الأدوية العشبية المكتشفة(58) يبقي افتراضـا مأمولاً إلى أن يقيَّــم تقييمـاً علميًّـا مـدعمـاً بالتجريب النـاجح, أمـا أدويـة الأمراض المعضلــة كــالإيدز, فهي رغـم تطويرهـا باستمرار وإحرازهـا بعض النجـاح, فإنه لا منــافس لهــا حتى الآن, ولابـد من توفيرهـا إذا أريـد للمرضـي بهذه الأمراض إطـالة أمل الحياة أمـامهـم.
5 ــ لذلـك فــإن كـل مــا قيـل عن العلاج التقليدي, وأدويتــه, بل وحتـى العلاجـات التكميليـة والبديلــة الأخرى, وأدويتهـا, ولا يغلي المشــكلة الكبيرة التي تةاجــه العالم النـامي, وهي توفير العلاج والدواء الحديث بأسعـار محتملة.
لقد حُلًت هـذه المشكلة جزئيًّـا في المـاضي كمـا ذكرنا, بدخول الشركات العالميـة المصنعـة للأدويــة في اتفاقيـات مع المؤسسات الإقليمية والمحلية المسئولة عن تصنيع الأدويــة, بحيث يضمن لهذه الشركـات صاحبة البراءة العلمية في صنع الأدويــة حقهـا المعقـول مقــابل أبحـاثهـا وجهـدهـا, مع إتاحــة الفرصــة لإعــادة إنتاج هذه الأدويـة في دول العالم الثالث بنفس التســـميات أو ببدائل عنهــا, وبذلك ضمنت الأطــراف الثلاثــة : شــركات الــبراءة والملكيــة الفكــرية, وشــركات إعــادة التصنيع, والمرضي, مصالحهـا بالتي هي أحسن.
ولكن هذا التوجــه العــادل حقوقيًّـا, والجيد خلقيًّــا, قد توقف أمـام بعض الأدوية للأمراض المعضلـة وفي مقدمتهـا الإيدز, وما زالت دول كجنوب إفريقيا التي يشكل الإيدز فيهـا وباءًا مؤكـداً, لا تتوافــر لهـا حاجاتهـا مـن العلاج بســعر مســتطاع؛ والنتيجــة هـي أن الدول المحتاجة قد تتجاهل حقــوق الملكيــة الفكــريـة (Intellectual Property Rights) ونمضي في طريق التمـرد عــيز القانوني فتصنع الأدويــة التى تحتــاج إليهــا تحت أسمــاء جديدة وإذا لم تفعـل ذلـك, فإن البـديل هو أكثـر ســوءاً, إذ يصبح العالم بأســره مســئولاً عن هـلاك الملايين من البشــر الذين لم يحصـلوا على الدواء, ولذلك مـا له من تداعيـات سـيئة إنسـانية وسياسية, لا تخفى على أحـد.
إن عـلاج مشــكلة التكلفـة للعلاج والدواء يجب أن يسـير فى خط مواز مع الدعوة إلى الأخذ بالبـدائل العلاجيــة, وإلا فإن العالم الثالث سـوف يسخـر من هذه الدعـوة ويعتبرهـا صرفـاً له عمـا يحتاج إليه وتصـر الدول المتقدمــة على حرمانهــا منه واحتكــاره لنفســها, ويكون مثل هذه الـدول في ذلـك كــالمثل الـذي أورده القرآن الكـريم عن أصحــاب البســـتان الذين أضمـروا منع ثمراتـه عن الفقـراء واحتكـارهـا لأنفســهم, فنــالهم بذلك الحرمـان من البسـتان ذاتـه ( إناَّ بَلَوْنَاهُـمْ كَمَـا بَاَوْنَا أَصْحَـابَ الْجَنَّـةِ إَذْ أَقْسَـمُوا لَيَصْرمُنَّهَــا مُصْبحِــينَ (17) وَلاَ يَسْتَثْنونَ (18) فَطَافَ عَلَيْهَـا طَائِفٌ مِنْ رَبَّكَ وَهُــمْ نَــائِمُونَ (19) فَـأَصْبَحَتْ كَـالصَّرِيمِ (20) فَتَنَادَوْا مُصْبحِينَ (21) أَنِ اغْــدُوا عَلَــى حَرْثِكُـــمْ إِنْ كُنْتُــمْ صَــارِمِينَ (22) فَانْطَلَقُوا وَهـمْ يَتَخَـافَتُونَ (23) أَنْ لاَ يَدْخُلَنَّهَــا الْيَــوْمَ عَلَيْكُــمْ مِسْـــكِينٌ (24) وَغَدَوْا عَلَـى حَـرْدٍ قَــادِرينَ (25) فَلَمَّـا رَأَوْهَــا قَــالُوا إنَّـا لَضَالُّونَ (26) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُون )(59).
الخلاصـة والنتائج :
1 ـــ لم يكن الطب التكميلي والطب البديــل موضـع اعــتراف أو تقبـل حتى السبعينات من القرن الماضي, ثم تغيرت النظـرة إليهمـا تدريجيًّـا, وخـاصـة منذ التسعينيات, لأســبات منهـا : الشعــور بأن الطب الحديث رغم تقدمه الكبير ما زال في حاجــــة إلى تصحيحـات واستكمـال, ومـا اتضح لمؤسسـات البحث العلمي من إيجابيات في أنظمـة الطبابـة الأخرى, وأخيــراً لغوا أسعــار الطبابة الحديثة وأدويتهـا, والحاجة إلى بدائل إضـافية تكون تكلفتهـا محتملة.
2 ـــ وما دام الطب التكميلي والبـديل قـادرين على تحقيق بعض المنافع الطبية, فيجب توسيع دائرة البحث فيهمـا بحيث يشمـل كل ما يعرف منهـما, مع توجيه النظـر بوجه خاص إلى ثلاثة أنواع هي : طب الأعشــاب, والطب الإغريثي العـربي المعروف حاليـاً باسـم « الطب اليوناني » والطب الروحي.
وتبين أن الطب الإغريقي العربي يمثل الجذور الأولى للطب الحديث, بما قدمه أعلامـه الأوائل مثل : أبقراط وجالينوس من جانب العـرب والمسلمين, ثم مـا أضيف إليــه خلال ازدهـار الحضــارة الإســلامية في بغداد والأندلس, وما منهـا البــاحثون المحدثــون, وبــالتطوير والإضـافة الغربية الكبيـرة, وصل الطب الحديث إلى صورته الحالية.
3 ـــ أمــا موقف الإســلام, دينـاً وحضــارة, من الطب والطبابــة, فيتلخص في أربعــة معالم رئيسـة : أولهـا, أنــه أعطـى المـرض والتـداوي والتمـاس طرق العـلاج مـن أي مصدر مفهومـاً واقعيًّا وإيجابيًّـا, ثانيهـا, أنـه زود المريــض بتوجيهــات روحيــة وخلقيــة وسلوكية تسـاعد على الشفاء, وثالثها, أنـه أســهم تاريخيًّــا في تطوير الأبحاث العلميــة الطبية خلال الفترة المزدهـرة من تاريخـه الحضــاري, ورابعهـا, أنـه حرص على ترك الباب في محــالات الأبحــاث الطبيــة مفتوحـاً للإفــادة من كل نافع وجديد سواء أسمي حديثاً, أم تكميليًّا, أم بديلاً, أم محليًّا, أم مدمجًـا.
4 ـــ تأييد الدعوة إلى استخدام الطب التقليدي المحلي في كل مكان يوجد فيه, وخاصـة في البلاد الناميـة, مع إخضـاعه للدراسـات التقييمية التي تضمن جودتـه, والأمن في اســتعماله, وفعاليتــه, والاهتمــام بحمـايته من الممارسين غير المؤهلين والمشعوذين والمستغفلين.
5 ـــ وفي جميع الأحــوال, ومع الحرص على تبني ما يثبت نفعه من أمور الطبابة والعلاج, لا يمكن الاستغناء عن الطب الحديث, ولا مناص من الوصـول إلى توجــه إجمــاعي بتبني مفهـوم الطب المدمج الذي بســلك جميع المعروف من أنظمـة العلاج في منظومة واحدة متكاملة ومنسجمة.
ولابد مـن التـأكيد أولاً وأخـيراً على أهميـة التحكم في أسعـار العلاج والأدوية بحيث تصل إلى الغني والفقير من الناس, والنــامي والمتقدم من الـدول. ومع أن منظمة الصحـة العالميـة ومؤتمرات التنمية المســتدامة قد بذلت جهـداً كبيراً فى هذا المضمــار, فــإن الأمل الإنســاني في الســيطرة على الأسعـار مـا زال بعيد المنال.
***
الهوامـش
(1) ورقة مقـدمـة إلى ندوة ( دمج الطب بالطب الحديث ), التي عقدتهـا المنظمـة الإسلاميـة للعلوم الطبيـة في القاهرة بتاريخ 12 – 15 أكتوبر 2003م.
(2) من رجـال التربية والتعليم والفكر الإسلامي ويعمل حاليـاً مستشـاراً ثقافيـاً بديوان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة, أبوظبي.
(3) *Essentials of Complementary and Alternative Medicine. Edited by W.B. Jonas and J.S. Levin P. 16 U.S.A 1999.
*Michael Castleman, Blended Medicine. Radale U.S.A. 2000.
(4) جريدة الخليج, الشـرقة, دولة الإمـارات العربية المتحدة, العدد 8134 بتاريخ 26/ 8/ 2001م, ص4. التقرير الصـادر عن نشـاطات المجمع من إعداد الدكتور محمد كـامل (Ph D.D. Se. C.chem FRSC) رئيس قسم الأبحـاث في المجمع أبوظبي, سبتمبر 2003م.
(5) عبدالله ابن البيطـار : دائرة المعارف الإسلامية الأولى الترجمة العربية جـ1 ص 104, القاهرة 1933.
وانظر الكتب الأخري لابن البيطـار « الجامع لمفردات الأدويـة والأغذية » طبع في القـاهرة في مجلدين كبيرين 1291هـ « تنقيح الجامع لمفردات الأدويـة والأغذيـة » طبع في بيروت بتحقيق محمد العربي الخطابي 1990م « الدرة البهيـة في منافع الأبـدان الإنسـانية » الطبعـة السـادسة بالقاهرة 1994م.
(6) أبو الحسـن الطبري : المعالجـات البقراطية, إصدار فؤاد سـزكين منشــورات معهد تـاريخ العلوم العربيــة والإســلامية بجامعـة فرانكفورت, سلسلة ج مجلد 47/ 1, طبعة طهران 1990.
(7) انظـر قوائـم الدراسـات الواردة في Essentials of Complementary and Alternative Medicine ص 12, 44, 69, 537.
(8) المصـدر : نشـرات المجلس المركـزي لأبحـاث الطب اليونـاني التــابع لوزارة الصحــة والرعـاية العائليــة, حكومــة الهند, نيودلهي (inf@unanimedicine.org).
(9) نشـرات جامعة هـامدرد وزيارات ميدانية شخصية.
(10) وانظر أيضـاً / الدكتور علي عبد الله الدفـاع : أعلام العرب والمسلمين في الطب, مؤسسة الرسـالة, دمشق 1983م.
(11) الشـاطبي : الموافقات ج2, ص5, ط محيي الدين عبد الحميد, محمد الطاهر بن عاشور : مقــاصـد الشـريعة الإسلامية ص 78, تونس 1978م.
(12) الترمذي حديث 2038 وقال : حديث حسن صحيح, وابن ماجـة برقم 3426.
(13) صحيح مسلم يشرح النووي ج2, ص 1729.
(14) ابن ماجة ج2, ص 1137.
(15) وقال النووي مثل ذلك, انظر مختصر شعب الإيمان للقزويني, ط2, ص2.
(16) يوسف القرضـاوي, فتاوى معاصرة, ج2, ص528, دار أولي النهى, بيروت 1994. وانظر بحث الدكتـور محمد سليمـان الأشقر ضمن : دراسـات حول الطب النبوي : إصدار المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية الكويت 1995, ص 104 وما بعدهـا.
(17) أبو داود : حديث 3874.
(18) ابن ماجه : حديث 3500.
(19) سورة البقرة : 173.
(20) حديث مسلم صحيح, وحديث الترمذي حسن, وأمـا حديث البيهقي فلقد تكلموا في سنده ولكن اقروا متنه, ومعناه متفق مع مـا سبقه, انظـر البيهقي : شعب الإيمـان, حديث 1663, والمناوي : شرح الجامع الصغير, ج1, ص 164, وزاد « ولهذا سافر جابر ابن عبد الله من المدينة إلى مصـر في طلب حديث واحد بلغه عن رجل بمصر ».
(21) الزركلي : الأعلام ط2, ج2, ص159.
(22) أبو داود والنسـائي وابن ماجه.
(23) رواه البيهقي.
(24) انظـر عبد الله بن البيطار : تفسير كتاب دياستوريدوس. تحقيق إبراهيم بن مراد, دار الغرب الإسـلامي, بيروت 1989.
(25) د. أحمد عيسى : تاريخ البيمارستانات في الإسلام, دار الرائد العربي. بيروت 1981.
(26) د. علي عبد الله الـدفاع : أعلام العرب والمسلمين في الطب ص 27 وما بعـدها مؤسسة الرسالة, بيروت 1983.
(27) البخاري ومسلم, النصب هو التعب, والموصب هو المرض.
(28) حبيتيه يعني عينيه.
(29) البخـاري ومسلم. والمطعون من مات بالطاعون, والمبطون من مات بداء باطني.
(30) سورة الشعراء : 80.
(31) انظـر بحثنـا : السنوات المتأخرة من العمر ص 62 وما بعدهـا, المكتب الإسلامي, بيروت 2001.
(32) البخاري ومسلم.
(33) البخاري وأبو داود.
(34) البخـاري ومسلم.
(35) الترمذي حديث 2087, وابن ماجه حديث 1438, والمعنى أن هذا التميني يريح خاطر المريض.
(36) سورة ق : 16.
(37) سورة الواقعة : 85.
(38) سورة المجادلة : 7.
(39) سورة الأنعـام : 17.
(40) سورة يونس : 49.
(41) سورة البقرة : 155 ـــ 157.
(42) سورة الإسراء : 82.
(43) سورة الشعراء : 78 ـــ 80.
(44) سورة الأنبياء : 83 ـــ 84.
(45) مسلم, ما أجـد : ما أشعـر به, مـا أحاذر : ما أخاف وقوعه.
(46) البخاري ومسلم.
(47) الترمذي.
(48) الطبراني : احذر الأذى أي أزاله عني.
(49) أبو داود.
(50) أبو داود والتـرمذي.
(51) سـورة الرعـد وتتمـة الآيـة : ( الَّذيِنَ ءَامَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُـمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلاَ بذِكْر اللهِ تَطْمَئِن الْقُلُوب ) والصديق الذكور هو المرحوم الدكتور مهدي بن عبود الطبيب المغربي والمكفـر الإسلامي المتصوف, وقدَ توفي بعد ذلك بسنوات عند انتهاء الأجل المقدور.
(52) ابن أبي الدنيــا المرض والكفارات, بمبــاي 1991 وكذلك كتب الأدعيــة وكتب (الفرج بعد الشـدة) وهي كثيرة وتضم قصص الشدائد, ومنهـا المرض, وفي المكتبة الإسلاميـة المعاصرة مثل ذلك : انظر سكينة الإيمان للدكتور محمد كمـال الشـريف, دار ابم كثير, دمشق 1996.
(53) الدكتور بيديـت أسباني مسلم, وهو أيضا يستعين بتسجيلات للموســيقى الهادئـة اتباعاً لممارسات قدامــي أطبـاء المسلمين في بيمارستان فاس بالمغرب, والبيمارستان النووي في دمشق ( انظر تاريخ البيمارستانات في الإسلام ) المقدمة.
(54) انظر Edward G. Browne : Islamic Medicine, Cambridge 1921.
*فؤاد سزكين : محاضرات في تاريخ العلوم العربية والاسلامية, ص 37 فرانكفورت 1984.
*محمد العربي الخطابي : الطب والأطباء في الأندلس الإسلامية, دار الغرب الإسلامي, بيروت 1988م.
*الطب الإسلامي : مفاهيم ودراسات, المنظمة الإسلامية والعلوم الطبية, تحرير الدكتور أحمد رجائي الجندي, الكويت 1994م.
انظر أيضاً مقدمـة الدكتـور محمد عابد الجابري لكتـاب ابن رشد (الكليـات في الطب) إصدار مركز دراسـات الوحدة العربية بيروت 1999, ص 9 ــ 95 حيث يبين الجهـد التجديدي لعلماء الطب في الإسلام, وتشابه تصورهم للطب بالتصور المعاصر.
(55) Essentials of Complementary and Alternative Medicine P. 216. وربما لجأت الصين إلى ذلك لجـأت الصين إلى ذلك لاتسـاع دائرة العلاج التقليدي شـاملة الأعشـاب والإبر الصينية بأنواعهـا, والتدليك الصيني المسـمى (توينـا), والتمـارين الذهبية ومســتخرجات العظام الحيوانية .. الخ.
(56) انظـر : كتــاب الفيلســوف ايفـأن اليتش (Ivan IIIich, Medical Nemesis The expropriation of Health, London وكذلك الورقــة المقدمــة إلى الحلقة الدراسية في أيسـلا, الســويد سنة 1985 Raymond Obomsawin : Problems With Developing World Medicalization and Traditional Medicine Alternative.
(57) كمـا أذيع مؤخرا في كل من القاهرة وبيروت عن أدوية ناجحة في علاج أنواع من السرطان, نشـرت ذلك جريدة الاتحاد الإماراتية بتاريخ 7/ 9/ 2002م.
(58) سورة القلم, الأيات 17 إلى 27.