أبحاث

فلسفة التاريخ كما يبينها القرآن

العدد 3

يختلف المؤرخون في دراسة التاريخ وفلسفته، ويمكن تقسيم المؤرخين رغم اختلاف مذاهبهم وتباين أساليبهم في كتابة التاريخ إلى قسمين:

فريق يعني بالاتجاهات العامة والنزعات الغالبة ولا يحفل كثيرا بالأفراد لأنهم خاضعون لسنن حتمية، وفي مقدمتهم المفكرون الماديون في القرن التاسع عشر.

وفريق آخر يوجه عنايته إلى الأفراد البارزين ويرى فيهم عاملا من أهم العوامل المؤثرة في سير التاريخ واتجاه حركته ودفع تياراته وفي مقدمتهم توماس كارليل الذي يرى أن تاريخ الإنسانية هو تاريخ الأبطال.

فهما فريقان متناقضان –كما هو شأن البشر حين يتأملون دون هاد يهديهم- فيترددون بين الإفراط والتفريط.

ولو صح أن الإنسان مسوق بالقوانين الحتمية وخاضع لها تماما مثل النبات والحيوان لكان التاريخ علما مطرد الأحكام، يمكن التنبؤ بما سيقع من الأحداث وما يستجد من الزمان، كذلك لو صح أن الإنسان حر غير مقيد يصنع تاريخه بنفسه لكان إلها يفعل ما يشاء، ولما وجدنا أي عائق يقف أمام رغباته.

والحركة التاريخية تشغل جانبا كبيرا من التوجيه القرآني. سواء ما كان منها مبينا في شرح القوانين التي تهيمن على حركة الكون والتي تحكم نهضة الأمم واندحارها، أو كان سردا تاريخيا للرسالات التي أرسلها الله لهداية البشرية من الظلمات إلى النور ومن الضلال إلى الهدى ومن العذاب إلى الرحمة، أو كان بيانا لخلق الإنسان والأمانة التي كلف بها وما يلزمه من سياسة في مواجهة الأعداء والانحرافات. وإدراك هذه الحقيقة –حقيقة أن القرآن قاعدة تفسير التاريخ وتحليل السياسة- يجعل القرآن يغطي حياة المسلم كلها، وهنا فقط يستطيع أن يتدبره وأن يشرق على جنبات نفسه وحياته فتتحطم أقفال القلوب التي لا تعرفه الآن إلا همهمة وتبركا في الميتم أو المفرح.

فعلى أي باحث ليناقش التفسير القرآني للتاريخ أن يبني دراسته على ثلاثة عوامل تؤثر تأثيرا مباشرا في الحركة التاريخية وتقدم الحقائق الضاربة في أعماق الماضي والمستقبل، ومن ثم تكون خطته في الحركة وتحليله للسياسة مرتبطة بأصالة جذورها التاريخية الحقة: هذه العوامل الثلاثة هي:

1- سنة الله التي لا تتبدل ولا تتحول في الكون وسنته تعالى التي شرعها للإنسان ليهتدي إلى الصراط المستقيم وينسجم مع كل نواميس الوجود.

2- رسالات الأنبياء التي بعثها الله لتنقل المجتمعات من التخلف إلى الحضارة ومن الضياع إلى الحياة الممتلئة بالرحمة والرشاد.

3- مهمة الخلافة التي خلق الله الإنسان لها وما يتلوها من جهاد وتدافع لإظهار الحق على الباطل.

لكن يلزمنا أولا قبل عرض البيان القرآني عن التاريخ أن نفند بعض أباطيل الغزو الفكري الذي أثر على كثير من المفكرين المسلمين حين تعرضهم للتفسير الإسلامي للتاريخ وسنأخذ أخطر هذه الأباطيل وهي الجدلية.

لقد ظن البعض حين معالجته التاريخ أنه عبارة عن صراع جدلي لا راد لحتميته.

وتبني قضية الصراع الجدلي على أنه مسلمة تاريخية وقانون مجمع عليه، أمر يؤدي إلى اختلاط الفهم ويضطر صاحبه إلى إدخال معاني القرآن في الخلق والكون والحياة في إطارها الضيق فيتعسف في استخدام ألفاظ الجهاد والفتنة والابتلاء والزوجية ودفع الله الناس والاختلاف…..لأنه فرق هائل بين الاختلاف والتناقض، وبين الجهاد والصراع، وبين الزوجية للسكن والرحمة ووحدة المتناقضات من خلال الصراع.

تهافت الجدلية: Dialectic

كلمة الجدل تدل أولا على فن المناقشة وهي تفترض وجود متحاورين يدافع كل منهما عن رأي مضاد لرأي آخر أي الفكرة وضدها مع التوفيق بينهما في فكرة مركبة.

وترجع الفكرة إلى أفلاطون إلا أنه يرى المتناقضات عقبات في سبيل الوصول إلى الحقيقة من الجدل وأخذها منه “هيجل” إلا أنه اعتبر التناقض موجودا في أصل كل شيء. وربط بين أفلاطون وهيرقليطس الذي يرى أن كل شيء يتغير ويحمل بين طيات وجوده عناصر فنائه. واستخلص أن التغير والتطور لا يتمان إلا عن طريق الصراع بين النقيضين.

ولقد تأثر “هيجل” بإنجيل يوحنا سواء ما جاء فيه من تثليث أو ما جاء فيه من تقابل بين الموجودات، ودافع “هيجل” عن التثليث وبين أن ابن الله هو الوجود الطبيعي الإنساني لله أي الوجود الإلهي في الوجود المشاهد وأن روح القدس هو الروح الجامع بين الله وابن الله. وانتهى بهذا التفكير إلى وحدة الوجود.

إلا أن التحليل الهيجلي يقوم على أن الفكرة هي الحقيقة تتوزع وتتشكل في أشكال الطبيعة. فالفكرة والعقل هي كل الوجود تتكامل باطراد في إيقاع متعرج لكنه منتظم.

ثم جاء “فيورباخ” قائلا إن جوهر الحقيقة هي الطبيعة الشاملة التي تدرك بالحس وحده وإن أفكارنا ومشاعرنا هي نتاج المادة.

وعلى هذه الأفكار ظهرت المادية الجدلية التي يقول عنها إنجلز (تماما كما أن دارون اكتشف قانون تطور الطبيعة العضوية فإن ماركس اكتشف قانونا تطور التاريخ والحقيقة ببساطة التي أخفاها شطط المذاهب الفكرية:

-أن الإنسان لا بد أولا أن يأكل وأن يشرب وأن يلبس وأن يسكن قبل أن يرسم السياسات أو العلوم أو الفن أو العقيدة…إلخ. ولهذا فإن إنتاج الحياة الأساسية وبالتالي درجة التقدم الاقتصادي في فترة معينة أو حقبة معينة هي التي تقوم عليها الدولة والمؤسسات والنظم القانونية والفن حتى أفكار العقيدة للناس….وهي التي تشرحها لا العكس كما كان يحدث من قبل).

ولقد أصاب العلم الماركسية في أهم جزء من بنائها وهو الجدلية –صراع المتناقضات- فاتحدت المادة والطاقة بعد “اينشتين” وظهرت قوانين متعددة لكل نوع من عناصر المادة… ولن نسترسل في ذلك ويكفينا تراجع الماركسيين في إحداث ما كتبوه حيث يقولون عن الصراع (يجب ألا يفهم هذا الأمر فهما مبالغا في بساطته. إن الصراع بين الأضداد بمعناه الحرفي المباشر يحدث بصفة رئيسية في المجتمعات الإنسانية. ولا يمكن على أي وجه أن تتحدث دائما عن الصراع بمعناه الحرفي بالنسبة إلى العالم العضوي أما بالنسبة إلى الطبيعة غير العضوية فيجب أن يفهم هذا التعبير على وجه أقل حرفية).

لقد أصبح هذا القانون عَصيا على التطبيق في كل شيء تحكمه سنة ثابتة ويخضع للتجربة. وتقلص بالتالي بعد أن كانوا عمموه حتى على العلوم الطبيعية فاقتصر على الظواهر الإنسانية والاجتماعية التي كان للإنسان حرية في تقديرها وتحريكها. ولا بد أن نفصل في الرد وحسبنا ما قاله كارل فيدون في دراسته الهامة (التاريخ يسير كجدول لا نهاية له ولا يعرف أحد بدايته أو نهايته. ولهذا يستحيل تعيين أي مرحلة من مراحله. وهل تكون فكرة أو نقيضها أو تآلف النقيضين. ويمكن بسهولة إظهار أية حادثة تاريخية على أنها تآلف بعنصرين كانا متناقضين في الماضي… وهذا العلاج الذي لا يركن إليه بجعل التاريخ بمثابة لعبة كل ما يلزم اللعب بها- خيال خصب وجهل كثير).

وهذا يفسر لنا المراجعات الكثيرة التي حدثت في روسيا. فباسم الجدلية طبقت مشاعية الحرب سنة 1919- سنة 1922 فحدث خراب اقتصادي وعدل عنها للسياسة الاقتصادية الجديدة وإن لم يعدم ذلك التبرير الذي يخول الخطأ إلى صواب (إن السياسة الاقتصادية الجديدة هي النقيض الجدلي للشيوعية الحربية وسياسة ستالين منذ عام 1924 وما بعده بمثابة تآلف النقيضين)!.. ثم لعن بعد ذلك ستالين!..

وباسم الجدلية طبقت المشاعية الجنسية فنقص عدد السكان وانتشرت الأمراض الجنسية فعدل عنها إلى قوانين للأسرة لا تقل شدة عن القوانين الكاثوليكية. وباسم الجدلية أيدوا هتلر وهاجموا الديمقراطيين الاشتراكيين بدلا من التعاون معهم على العدو المشترك واستولى هتلر على السلطة وقضى على الاثنين معا.

وباسم الجدلية رفضت قوانين “مندل” في الوراثة ونكل بكل عالم يؤمن بها ثم سلم بها بعد أن تعذر عليهم رفضها.

والحديث في ذلك طويل وحسبنا أننا انتهينا إلى أمر أساسي وهو مدى الخطورة التي تؤثر بها أي فلسفة خاطئة على الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية للمجتمع ففكرة الإنسان عن الكون والحياة تشكل كل ظواهر المجتمع وتؤثر في مختلف نشاطاته. واستعارة ظاهرة الصراع من هذا الفكر وتطبيقها على الإسلام –وهو ما وقع فيه أساتذة كبار يكتبون في الإسلام- أمر يستلزم كل ما سبق من عرض. وعلينا الآن أن نبين وجهة نظر القرآن مبتدئين به دون أن نفرض عليه شيئا.

التفسير القرآني للتاريخ

أساسه الرحمة لا الصراع

“وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”

النظرية الإسلامية عن الحركة التاريخية باختصار تقوم على الآتي:

“إن كل الحضارات التي صعدت بالإنسان إنما نشأت عن أصول منزلة وما كانت النكسة إلا انحرافا عن هذه الأصول. ومن حكمة الله تعالى أن الإنسانية حين تصل في نكستها إلى السفح يأذن الله لدينه أن ينبعث من جديد ليؤدي دوره. (وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذوا منكم شهداء. والله لا يحب الظالمين، وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين). فلماذا اقتصرت الحضارة على مجتمع الرسالات؟.

1- سنة الله التي لا تتبدل ولا تتحول:

إن الكون كما أراد الله يتميز بالتنوع والاختلاف. ولو ترك دون ضابط لتنافر وانحل، فهي سنة الله التي تمسكه في نظام. (إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا، ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا).

وهذا الكون من الذرة البسيطة إلى المجرة الضخمة يتحرك فيتخذ أشكالا دائمة التغير والتمور والتطور. فالذرة لا تهدأ والنجوم تتقد أو تخمد والخلايا تتكون وتهدم، لا يعرف الكون السكون أبدا.

والحال أيضا في الإنسان لا يتفق مع غيره في الشكل أو الطبع بل متميز ومتنوع. وهو أيضا في حالة حركة إما إلى شباب أو إلى هرم، وكذلك المجتمعات متباينة مختلفة وفي حركة دائمة إما إلى حضارة أو إلى نكسة، إما إلى هدى أو إلى ضلال: (لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر).

ولكن هذه الحركة التي في الوجود وفي الإنسان ومجتمعاته لا تعمل كيفما اتفق. وإلا لتحول الوجود إلى فوضى تؤدي إلى اصطدامه وفنائه. إن الوجود تحكمه سنة يتحرك بمقتضاها: (لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون). نشاهد ذلك في حركة الذرة والمجرة.. كلها تدور حول محور.. (ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى). والإنسان محكوم بهذه السنة في حياته، محكوم بسنة التنفس ليحيا وسنة الطعام ليعيش وسنة الزواج ليمتد، لا يستطيع أن يوقف حركة دمه ولا دقات قلبه.

هذه السنة هي قانون الله الذي يسلم له الكون طوعا وكرها، ويذعن له كل شيء وكل حي رضي أم لم يرض، من أكبر سيارة في السماء إلى أصغر ذرة في الإنسان: (وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون).

إلا أن حكمة الله قضت أن يترك للإنسان شقا يختار فيه ليبتلي في عمله وعليه يكون الحساب والجزاء: (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر).

لهذا كان على الإنسان أن يلائم الجانب الإرادي من حياته مع سنة الكون كله لتهدأ وتنتظم وتهنأ وتستريح. إن عليه أن يلائم بين حياته التي يملك أن يوجهها، وفطرته التي هيئت أصلا على الإسلام، والكون الذي يسلم في حركته لسنة الله. وإذا لم يسلم نفسه لسنة الله كان مصيره الضلال والشقاء لأنه صار بذلك شيئا ممسوخا فينتكس ويتخبط وينفر منه كل ما في الكون من شيء وحي يسبح وليس له من مكان بعد موته إلا النار جزاء وفاقا….

فالحق هو قانون الكون إذا سار عليه انتظم وإذا خرج عنه تفتت وانهار: (ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن).

والحق هو قانون الإنسان إذا أسلم له اهتدى وسعد وإذا انحرف عنه شقي وتعس تماما كما يتفتت الكوكب حين يخرج عن مداره (فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإنه له معيشة ضنكا)…

فالقيم الإيمانية مرتبطة تماما بالسنة الطبيعية لأنها كلها سنة الله في الأرض. فالذنوب تهلك أصحابها كما يهلك الوباء الناس، فهي تؤدي إلى الدمار على المستوى الفردي وعلى المستوى الجماعي إما بقارعة من الله وإما بالانحلال البطيء الذي تندحر به الأمة إلى الهاوية (فإن تولوا فاعلم إنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون. أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون). (ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم، وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين). والاستغفار يؤدي إلى الرخاء والازدهار: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا. يرسل السماء عليكم مدرارا. ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا). (ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم. ولو أنهم أقاموا التوارة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم). ولاحظ بتدبر الآيات السابقة كيف تربط المصائب والذنوب بالعدول عن حكم الله وكيف ترتبط البركة بالتقوى بإقامة حكم الله.

والصراع لا ننكر وجوده حين الانحراف عن سنة الله. إنما الذي ننكره هنا هو ضرورته الحتمية وأنه حركة الوجود والحياة. والذي نثبته أن الإيمان يحيل الحياة إلى الوحدة والتعاون. والبعد عنه يؤدي إلى الصراع: (فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق).

والذين لا يعرفون سنة الله في التاريخ الإنساني ويعتمدون على قدراتهم فحسب في تفسير التاريخ لا يمكن أن ينتبهوا إلى المجال الذي يتلاشى عنده الصراع لأن ذلك لا يتم إلا بسنة الله. لهذا لم يكن غريبا أن يطغى الصراع كمنهج للحركة لديهم…. وبعد ما أثبت العلم أن في الذرة مسافة يبطل عندها التجاذب بين السالب والموجب هي ما يعدل 1/8 قطر الذرة مما يؤدي إلى الاستقرار والتوازن بداخلها كذلك يوجد هذا المدى في داخل الإنسان والمجتمعات، ويكون فيه السلوك الإنساني والاجتماعي محققا للتوازن والاستقرار بين مفردات المجتمع المتباينة في أجزاء بنيته المتكاملة.

الوسط:

وصراط الله المستقيم هو الوسط الذي يحقق الوحدة وحوله السبل الشتى التي يؤدي سلوكها إلى الصراع والتضاد.

عن مجاهد “قصد السبيل” أي المقتصد فيها بين الغلو والتقصير، وذلك يفيد أن الجائر هو الغالي أو المقصر وكلاهما من أوصاف البدع.

والدارس للتاريخ الإنساني يجد أن حركته تتخبط في السبل بين إفراط وتفريط فسياسيا من دكتاتورية إلى ديمقراطية واجتماعيا من رهبانية إلى حيوانية واقتصاديا من فردية إلى اشتراكية…إلخ.

وعلينا هنا أن نؤكد مرة أخرى أن الإفراط والتفريط ليست هي النقائض كما تصورها الجدلية حيث لا تتم الحياة بدونها بل هي انحراف متعدد –وليس ثنائيا- عن الوسط في سبل شتى لقصور العقل الإنساني عن أن يحدد للإنسان الحركة المنسجمة مع الكون والتاريخ لأنه لا يقدر على ذلك إلا الله عالم السماوات والأرض والغيب والشهادة..

والوسط هنا ليس وسط أرسطو لأن هذا الخلط سبب كثيرا من الغموض. والوسطية منهج حركة يغلب على كتابات المسلمين في القديم والحديث إلا أن دراسته المتعمقة ووصفه في نظرية لم يتم بل كان كثيرا ما كان يختفي لسببين:

1- عدم وضوح أن فكرة الوسط هنا ليس صفات أخلاقية كالصدق أو الكذب بل هو حدود لمنهج حركة في طريق مستقيم إلى هدف بعيد عن الانحرافات في سبل شتى.

2- أن الوسط الإسلامي ليس نقطة بين طرفين ولكن مدى بين نقطتين يتحرك فيه الضعيف و القوي دون أن يتجاوزا حدود الله بالغلو أو التقصير وبين هذا المدى يتكامل المسلمون في مواقفهم ودرجاتهم، مثلا الإنفاق وسط حده الأدنى الزكاة، وحده الأعلى بقاء الورثة لا يتكففون، والشجاعة وسط بين الحمق والجبن وبينهما مدى يتفاضل فيه الناس من الواقعية إلى المثالية، ولو اتضح الوسط في الفكر الإسلامي الحديث بمعالمه الحقيقية فإنه ولا شك سيتضمن إضافة هامة إلى علم الأصول وسيرتبط ارتباطا مباشرا بالعلة والسبب والحكمة التي يستنبط منها الفقهاء لأن الوسط مؤشر للمدى الذي يتحرك فيه المسلم وبين دفتيه يكون الواجب والمندوب وبعد طرفيه الحرام والمكروه مرتبطا بالإفراط والتفريط والغلو والتقصير.

وصدق الله العظيم: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا).

إن سنة الله هذه وحدها هي التي تؤدي إلى رحمة العباد من شقاء الضلال بين سبل شتى لأنه لا يمكن أن يتم لهم العلم والقدرة على جمع مفردات مركبات الحياة المتعددة في شكلها الحق المتناسق المنسجم.

إن مفردات هذا التباين والاختلاف يتم الانسجام بينها بسنة الله الوسط فتتحقق ثلاث أمور:

1- التزاوج: (ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون). (سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون).

والهدف منه السكن والرحمة لا الصراع والتضاد (ومن آياته أن جعل لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة).

2- التسخير: ويشمل تسخير الكون للإنسان (وسخر لكم ما في السماوات والأرض جميعا منه). ثم تسخير الإنسان للإنسان: (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا، ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون). فالتسخير هنا معناه تقسيم العمل بين الناس، الذي يخدم به بذلك كل واحد الآخر. وينتج عن ذلك الرحمة لا الصراع والتضاد.

3- التعارف: والقارئ لسورة الحجرات يجد منهج الحركة الذي يرسمه القرآن: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين، إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون، يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون، يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم، يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكركم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير).

فالتباين يتم به التزاوج والتسخير والتعارف لتشيع الرحمة كما نصت الآيات في جوانب المجتمع.

إن الرحمة لا الصراع هي التي تفيض في جنبات النفس الإنسانية بطاعة الله (إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي). (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك).

وهي التي تسود المجتمع المسلم إذا استقام الناس على أمر الله (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك). (رحماء بينهم).

والإسلام هو رسالة الرحمة للناس كافة. (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).

2- الرسالات والتاريخ:

إن الإنسان خلق من طين ثم كرمه الله بنفخة من روحه. وبذلك ألهمه الله الفجور والتقوى والهدى والضلال فهو يصفو حتى يطاول السماء ويهبط حتى يكون كالأنعام. وهو في صفائه يظل مشدودا إلى الأرض وفي كبوته يظل متطلعا إلى أشواقه الروحية التي هي جزء من كيانه وبهذا كان في إمكانه أن يصلح وأن يفسد. وبناء على ذلك يكون الجزاء في الآخرة على ما قدم في الدنيا (ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة).

ونحن لا ندرك يقينا الأطوار التي سبقت خلق آدم قبل أن ينفخ الله فيه من روحه. فقد يكون خلقه الله من العدم. وقد يكون بعد مراحل من التطور حتى انتهى إلى هذا الصورة الآدمية واكتمل تكوينه الإنساني ماديا فنفخ الله فيه من روحه وأسجد له الملائكة. وحقد عليه إبليس فناصبه العداء.

ولكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن الإنسان لم يكن إنسانا إلا منذ أن نفخ الله فيه من روحه. فهو منذئذ مدرك مكلف برسالة يحقق بها غاية وجوده ولا يمكنه أن يدعي أن مضمون الرسالات في صفات الله وأفعال وأحوال الآخرة وأبعادها قد تطورت مع نمو إدراكها لأنها كانت وستظل مغيبة عنه حتى يراها عين اليقين يوم يرث الله الأرض ومن عليها. وما استطاعت أي شرعة لحياة الاستمرار وإنما كانت عرضة للتغيير والتبديل لقصورها وعجزها: ومن ثم كانت وسائله في هذا النوع من الإدراك لا تختلف من عصر إلى عصر وكانت لذلك المسئولية واحدة ولحساب واحد والجزاء على قدر العمل لأن قدرة الإدراك واحدة والتكليف لا يتغير من قرية إلى مدينة ومن بلد إلى بلد ومن جيل إلى جيل.

وحين يقص علينا القرآن قصة الإنسانية والرسالات من لدن آدم حتى ختمت بمحمد صلى الله عليه وسلم يصورهم في وحدة واحدة لا يختلف فهمها ولا سلوكها ولا أعداؤها من عصر إلى عصر (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم، وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون).

ونشهد من القرآن صورة هذه الأمة الواحدة في مواقف الصراع بين الحق والباطل يقود المؤمنون موكبا كريما عبر التاريخ يرفع أعلام التوحيد، وتتعدد أعلام حزب الشيطان في ضلالات شتى وهم يواجهون الأمة المسلمة على مر العصور.

لقد كان محور الرسالات جميعا هو التوحيد (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون). وفي الشعائر كان كل نبي يأمر أهله بالصلاة والزكاة: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة). والمناسك (ولكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه). والصوم: (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون).

كذلك في أصول الشرائع لا تفصيلاتها جاء كل كتاب مصدقا لما قبله وجاء القرآن مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص). (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه).

ومن ثم كانت الأمة المسلمة امتدادا للأمم المسلمة من قبل. يقول تعالى: (وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل).

ولهذا يقول تعالى: “إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا، أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا).

وما أرسلت الرسل إلا لما أصاب الرسالات من التحريف والتبديل حتى حفظ الله القرآن (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون). فختمت بذلك الرسالات وتهيأت وسائل النقل والاتصالات والحفظ.

ولهذه الحقيقة يأمر الله تعالى المسلمين (قولوا: آمنا بالله وما أنزل إلينا، وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط، وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون).

ومن ثم لم تكن عبادة الطواطم أو النور خطوة تطورية نحو التوحيد كما يدعي البعض وإنما كانت انحرافا عن العقيدة السليمة التي بدأت بلا إله إلا الله وسارت في موكب كريم عبر التاريخ لتحرر الإنسان من عبودية الإنسان والأشياء.

وحياة الرسل وقصص الأنبياء أكبر معين يستمد منه الفرد المسلم والجماعة المسلمة والأمة المسلمة منهاج العمل الصالح. واقتصر القرآن على نماذج تاريخية وفصل فيها وأبان في عروض مختلفة ليتلقى منها المؤمنون زادا من التجارب. (قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه).

ومصارع القائلين التي يحكيها القرآن وهلاك أمم من قبلنا يرشدنا القرآن إلى آثارها تحذيرا من الله تعالى لنا (فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد. أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور).

3- الإنسان والتاريخ:

إن الحركة التاريخية في القرآن حركة هادفة حدد لها من أول يوم وغاية تسعى إليها وتحدد على أساسها علاقات الناس من مودة وعداء وولاء وبراء وحرب وسلام.

ولم تعرف الإنسانية في تاريخها الطويل أمة تقيم حياتها على المبادئ وتجاهد لسيادتها في الأرض إلا في الرسالات. والمظهر الخادع الذي ظهر في الثورة الفرنسية أو الثورة الشيوعية لم يلبث أن كشف عن أنياب التسلط والقهر الممثل في عهد الإرهاب في فرنسا وفي حركات التطهير في روسيا.

فالإسلام وحده هو الضمان لتحرير الناس من عبودية الناس والأشياء (إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين). (أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين). فهي الدعوة إلى التحير (تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله).

فعقيدة (لا إله إلا الله) التي تفسر للمؤمن الوجود وتحدد له رسالته التاريخية ما كادت تستقر في الضمير حتى تحرك صاحبها لتحقيق واقع محدد المعالم مطلوب إنشاؤه بحافز لا يهدأ حتى يقام. وهذا هو مضمون شهادة الحق فهو يؤديها أولا في نفسه بأن يطابق بين واقع حياته وبين ما يعتقد. ويطابق بينها وبين مجتمعه المسلم حتى يكون مطابقا لما أراده الله. ويجاهد بها الناس جميعا حتى يتحرروا من كل قيود تمنع اختيارهم الحر لما يعتقدون.

وحتى يحقق هذا لا بد من بذل جهد في دفع الباطل (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين). (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا).

ونحب أن نبين هنا التدافع حتى لا يختلط بلفظ الصراع بمحتواه الفلسفي الجدلي.

يتم التدافع في معركة ليبقى ما ينفع الناس (أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله، كذلك يضرب الله الحق والباطل، فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال).

ووراء هذا التدافع سر كبير من أسرار الوجود والحياة. يقول الله تعالى: (وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين، لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق).

لقد قضت حكمة الله أن الإنسان لا يمكنه أن يحقق وجوده إلا ببذل الجهد. ذلك لأن الجهد هو المحضن الذي ينمو فيه الإيمان وينضج فكما أن العضلات في جسم الإنسان لا تنمو إلا بالرياضة عن طريق القوة والمقاومة كذلك الإيمان لا يتم إلا بهذا العناء. وذلك هو مضمون الجهاد، (ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين). (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا).

هذا الجهد يبذله الفرد لمقاومة الفتن التي تواجه النفس. (إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم).

وعلى مستوى الأمة نجد السنن الثابتة التي شرعها الله للحركة التاريخية الجهاد: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة) أخرجه أبو داوود. وهنا يعاني المؤمنون الابتلاء والإخراج من الديار والإيذاء. ولا يتم أي تمكين دون هذا الابتلاء. (آلم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين).

(سئل الشافعي رحمه الله: أيهما أفضل للرجل أن يمكن أو يبتلى؟ فقال: لا يمكن حتى يبتلى).

وهذه هي مقومات الأهلية في الخلافة عن الله في الأرض والإمامة على الناس (ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوكم بعضكم ببعض).

ويجب أن نفرق هنا تفرقة هامة بين الاختلاف والتدافع. فالاختلاف مقصود به الالتقاء في انسجام بين مفردات الكون والحياة بالوسطية التي تحقق التزاوج والتسخير والتعارف، وإلا لكان مصير الفرد التمزق والضياع. والتدافع مقصود به إزهاق نهائي للباطل لا يصلح معه أي لقاء ولا تتحقق به وحدة بين الأضداد. ويشتد الحق على الباطل ليقضي على كل انحراف عن سنة الله (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم).

وفي المجتمع المسلم أنواع من التدافع:

1- في نفس المسلم بين الفجور والتقوى، وبين الشيطان والإنسان.

2- في المجتمع المسلم بين المعروف والمنكر، بين أهل العدل وأهل البغي.

3- خارج المجتمع المسلم بين الكفر والإيمان، بين حزب الله وحزب الشيطان.

فإقرار منهج الله في الأرض لا يتحقق بخارقة وإنما يتحقق بالجهاد وتتحقق النتائج بقدر ما يبذل من جهد روحي ومادي، جهد التوكيل و اليقين، وجهد السلاح والدفع. وهذا هو الذي يصلح الفطرة ويصلح الحياة. وعن طريقه تتحقق النتائج الآتية:

1- تمحيص النفوس (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها).

2- تمييز الصفوف (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب)، واتخاذ الشهداء (وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء).

3- قيام الأمة المهتدية في الأرض (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون).

ويتبع ذلك الآتي:

1- الاطمئنان والرضا في داخل النفس (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية).

2- الأمن والسعادة في المجتمع (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون).

3- السلام في العالم (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله). (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام).

وهنا نشاهد الفرق الكبير بين التدافع بمعناه القرآني والصراع بمحتواه الفلسفي الجدلي. ونعود فنؤكد أنه يصعب عزل الألفاظ والمصطلحات عن محتوياتها العقائدية ولا بد أن نفهم المذاهب المعاصرة بعمق حتى ننقدها بأصالة ونحكم فيها كتاب الله لا أن نحكمها على كتاب الله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر