أبحاث

الحركة الأنثوية وأفكارها : قراءة نقدية إسلامية

العدد 109

مصطـلح الأنثـويـة وتعـريفــا

تاريخ ظهـور المصطـلح :

ليس هنــاك تــاريخ محـدد لظهـور المصطـلح في الأدبيـات المعـاصـرة, وبعض اللغـات لا توجـد فيهــا كلمــة Feminism للتعبيـر عـن سياســات المســاواة بين الجنسين, وقيل إنهـا ظهـرت في بريطـانيا لأول مـرة عــام 1890م(3), ولكن هذه الكلمــة وجـدت الآن طـريقهــا إلى أكثــر لغــات العـالم كعنـوان واســم للحـركـات الـتي تنــادي بمســاواة الجنســين, وتمكـن المـرأة في الحيـاة العـامـة وتحقيق استقلالهــا عن الراجـل .. إلخ, وتســـتخـدم غي هذه اللغــات باللفظ الإنجليزي نفسـه أو بشـيء من التحوير, وهذه الكلمــة الآن أصبحت عنوان مدرســة فلســفية خـاصـة بقضيـة المـرأة وعلاقـات الجنســين, بل وتتنــاول جميع أبعــاد الحيــاة ذات الصلـــة بهـذا الموضـوع, وحاليـاً فإن الحـركـة النسـوية قـد توســعت وتشــعبت الآراء والميول والاتجـاهات فيهـا بحيث أصبحت مدارس متعـددة وتيــارات ليبراليــة, ودينيــة, وشــيوعيــة, ووجوديــة, ودنيـويـــة, وراديكـاليــة متطـرفة .. إلخ, كمــا سنبين هذا في مباحث لاحقـة.

أبعـاد شموليــة وراديكاليـة للمصطـلح :

وهنـــاك من المفكــرين مـن يرى أن مصطلح Feminism خــاص بالمدرســة الراديكاليــة المتطـرفـة في داخـل الحـركـات النســائية والتي تتبنى نهجـاً عـدائيًّــا تجـاه الرجـل وتنظـر إلى المـرأة مجـردة عن السياق الاجتمـــاعي, ومنهــم الدكتــور عبـد الوهـاب المسـيري الذي يتناول هذا الأمـر في بحث لـه حول (دراســة التحيـز وعلاقـة الدال بالمـدلول), وفيــه يتطــرف لتفســير وتحليل الكثــير مـن الكلمــات والمصطلحــات الـواردة في أدبياتنــا المعـاصـرة واختلاف المدلولات بيننـا وبين الغربيين عنـدمــا نســتعمل مصطلحــاً واحـداً, ويـأتي إلى مصطلح Feminism  والفــرق بينــه وبـين المصطـلح القـديم للحـركـة النســوية Womem’s Liberation Movement, ويقـول : « ظهـر منـذ عـدة سـنوات(4), مصطلح آخـر هو Feminism وحـل محـل المصطـلح الأول (حـركـة تحـرير المــرأة والدفــاع عـن حقوقهـا) وكـأنهمــا مترادفان أو كــأن المصطلح الأخــير أكثــر شمـولاً مـن المصطـلح الأول, ولكننــا لو دققنا النظــر في المصطلح الأخـير لوجـدنا أنـه يشــير في واقع الأمــر إلى مدلولين مختلفين تمــام الاختـلاف : (حـركــة تحـرير المرأة) و (حـركـة التمـركز حول الأنثى), وهمـا حركتان في تصورنا مختلفتـان, بل متناقضتــان, فحـركـة تحرير المـرأة هي حركـة اجتمـاعيـه, بمعنـى أنهــا تدرك المـرأة باعتبـارهــا جـزءًا من المجتمع, ومـن ثـم تحــاول أن تدافـع عن حقوقهــا داخل المجتمع, ورغـم أن هذه الحـركـة علمـانية ــ في رأينـا ــ في رؤيتهـا, تســتند إلى فكـرة العقـد الاجتمـاعي والإنســان الطبيعي والإنســان الاقتصـادي إلا أن مثلهــا الأعلى يحوي داخـله أبعــادًا إنســانية واجتمـاعيـة لعلهـا بقايا رؤى المجتمع التقليدي الديني الغربي, ومـع تصـاعـد معـدلات العلمنــة, بـدأت هـذه البقـايــا في التبخـر, وتراجع البعــد الاجتمــاعي, وتم إدراك الأنثــى خــارج أي إطـار اجتمـاعي, كـأنهـا كائن قــائم بذاتـــه, وظهـرت نظـريــات تتحـدث عن ذكورة وأنوثـة اللغـة, والفهـم الأنثوي للتــاريخ, والجــانب الذكوري أو الأنثوي في رؤيـة الإنســان للإله, أي أننـا هنـا لسنـا أمــام قضيــة حقـوق المــرأة الاجتمــاعيــة والاقتصـادية أو حتــى الثقـافيـة, وإنمــا أمـام رؤيـة معأرفيــة متكـاملة, نابعــة من الإيمــان بــأن الأنثــى كيــان منفصـل عـن الذكـر, متمركـزه حـول ذاتهـا, بل وفي حالــة صـراع كوني تاريخـي معــه, ومن هنــا ما تطـرحـه لا يهــدف إلى تغيير القوانين, أو السياق الاجتمـاعي للحفـاظ على إنسـانية المـرأة باعتبارهــا أمًّــا وزوجـة وابنـة وعضـواً في المجتمع, وإنمــا تهـدف إلى اغييـر اللغـة الإنســانية, ومســار التــاريخ والطبيعــة البشـرية ذاتهــا حتى يتم اختلاط الأدوار تمـامـاً وحتى يتحسن أداء المـرأة في إدارة الصـراع مع الرجـل, وقـد نتفق أو نختلف في

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر