أربعة وثلاثون عاما هي عمر هذه المجلة، مجلة المسلم المعاصر، التى رأت النور فى عام 1974 على أيدي مجموعة من العلماء والمفكرين من كافة التخصصات الإنسانية والاجتماعية،
مجموعة من المخلصين كان لديهم – فى هذه المرحلة من تاريخ أمتنا الإسلامية- حلم واحد نسجوه معا فى صورة هذه المجلة؛ لتكون منبرا لكل إبداع جديد، كانوا يرون أن نهضة هذه الأمة لن تتحقق إلا بتراكم معرفى لإبداعات علماء المسلمين فى كافة التخصصات العلمية. فالبنية التحتية لأي نهضة هي فى وضع رؤية إبداعية تتلاءم مع العصر فى كافة الفروع المعرفية.
كانت هذه المجلة – بهذه الرؤية وبهذا العدد الكبير من العلماء الملتفين حولها- نموذجًا فريدًا للمجلات الإسلامية فى ذاك الوقت، وقد سارت على خطاها فيما بعد مجلات أخرى أثبتت حضورها على الساحة العلمية الإسلامية.
كذلك قدمت مجلة المسلم المعاصر جيلا من شباب المبدعين فى كافة أرجاء المعمورة، تخرجوا في هذه المدرسة، واستوعبوا مناهج أساتذتهم فى الإبداع والاجتهاد، وربما تفوقوا عليهم عندما دخلوا ميدان الإنتاج العلمى الخاص بهم ، جيلا لم يتلاق أكثر أشخاصه، ورغم ذلك يشهد بفضل هذه المجلة وباحثيها وأبحاثها عليه.
وأخيرا تقدم هذه المجلة درسا جديدا وعظيما في التجديد والتغيير؛ وذلك حين يتحرك جيل روادها والجيل التالي له ممن حملوا عبء صدورها طيلة هذه الأعوام، يتحركون خطوة إلى الظل، ويتيحون المجال أمام جيل جديد من الباحثين الشباب يتمرنون على حمل مسئولية إدارة هذا الصرح الكبير ، إيمانا منهم بضرورة ضخ دماء جديدة شابة تحقق حيوية جديدة في المجلة، وتدفع بها قدما لتحقيق رسالتها الأساسية المتمثلة في كونها منبرا للفكر والإبداع المساهم فى تحقيق نهضة أمتنا الإسلامية.
ومن هنا نجد أسماء جديدة تضاف إلى أسرة مجلة المسلم العاصر، كل من هذه الأسماء مسئول مباشر عن باب من أبواب المجلة، كما نجد أبوابا جديدة تضاف إلى أبواب المجلة الرئيسة؛ تجاوبا مع آراء هؤلاء الشباب ذوي الهمة والحماس، والذين أصبحوا أكثر قربا من نبض قراء المجلة. فينفتح على صفحات المسلم المعاصر باب “المرصد المعرفي” تحرره فاطمة حافظ ليتابع الأخبار العلمية التي تهم قارئ المجلة ويرصدها بانتظام، ويعاد بث الروح في أبواب قديمة متجددة ومهمة كباب “الحوار” الذي تحرره منال يحيى لتثير موضوعات إشكالية تشغل العقل المسلم المعاصر، وتجري حولها حوارات معمقة مع نخبة من الأساتذة والعلماء المتخصصين.
ندعو الله تعالى أن يبارك فى هذه الخطوات الجديدة ، وأن يحقق حلم جيل الرواد فى أن تكون هذه المجلة العزيزة لبنة في صرح النهضة الحضارية لهذه الأمة.