المقدمة:
يخوض الدكتور طه جابر العلواني – رحمه الله- في هذا الكتاب في قضية القضايا للفكر الإسلامي في هذا العصر الجديد الذي يتشكل ويتبلور من حولنا: قضية المنهج والمنهجية، تلك القضية التي يتوقف على التجديد فيها حصول تجديد حقيقي في فكرنا الإسلامي، وتغيير قواعد ممارسة العلم والعمل داخل أمتنا تمهيداً لشهودها الحضاري الذي طال انتظاره. ويسعى د. العلواني في هذه الدراسة الى لفت أنظار الباحثين في الفكر الإسلامي إلى أن أهم أسباب أزمتنا الحضارية الراهنة هو غياب “المنهاج القرآني”، وأن هناك حاجة ترقى إلى مستوى الضرورة للبحث عن معالم هذا المنهج القرآني الذي هو السبيل الممهد للإجابة عن سؤال أزمتنا الراهنة بشكل صحيح.
وفي هذا الكتاب المكون من مقدمة وفصلين يقدم الدكتور العلواني حصيلة تجربته الممتدة للكشف عن معالم المنهج في القرآن الكريم، فالقرآن الكريم بجانب كونه كتاباً دينياً يُعلِم الناس العقيدة والشريعة وأخبار الأنبياء والأمم فهو أيضاً مصدر لمنهج علمي يقود حركة الفكر الإنساني في مجالات الفكر المختلفة. ويرى المؤلف أنه لم يسبق لكتاب ديني من توراة أو إنجيل أن قدم للعالم منهجاً في الفكر والبحث العلمي، ولكنه يطرح في هذا الكتاب فكرة وجود “منهج قرآني” انطلاقاً من قوله تعالى: (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنكم شِرْعَةً ومِنهاجًا) [المائدة: 48].
فإذا كانت الشرعة القرآنية مفصلة في سور كثيرة من القرآن الكريم لبيان ما أحل الله تعالى وما أوجب وما حرم وما أباح، فلابد أن يكون “المنهاج” قد فُصل أيضاً في الكتاب الكريم كما فُصلت الشرعة لكن العثور على معالم ذلك المنهاج يتطلب جهداً واجتهاداً كبيرين.
إذن فهذا الكتاب هو بداية مشروع يدعو اليه د. العلواني لإنقاذ المنهج العلمي وتراث الإنسانية من الأزمات التي دخلت اليها نتيجة اقتصار البشرية على التحاور مع الطبيعة وحدها، وتجاهل خالق الطبيعة وتجاهل الغيب كله مما جعل التفاعل والجدل ناقصين مما قاد إلى تلك الأزمات التي تعاني منها الإنسانية.