خرجت من معرض الدار البيضاء للكتاب في أواسط شهر فبراير من سنة 2020م بعد جولات في أروقته طولاً وعرضاً، وقد أخذ مني الجوع والتعب مأخذاً، يمَمْت أقرب مطعم من المطاعم القريبة، وألقيت بنفسي على كرسي في زاوية منه في انتظار أن يجهز ما طلبته من طعام، ووضعت إلى جانبي كيساً شفافاً فيه كل غنيمتي من الكتب، بعد برهة التفت إلي شاب بلحية متوسطة الطول من الطاولة المجاورة ينبهني بنبرة فيها مزيج من النصح والتأنيب إلى أنني خالفت الأدب إذ جعلت عناوين الكتب إلى أسفل، كان ينظر إليها من “البلاستيك” الشفاف، وكان كتاب السيد براون مما يليه مباشرة وهو الوحيد الذي كان على الهيئة التي وصف، لم أشأ أن أنخرط في جدال في مطعم؛ لكنني قلت له: أتقصد “النزاع حول السنة” إنه كتاب مهم لمؤلف أمريكي مستشرق، تمتم بكلمات وعبس وجهه، ثم استدار، لعله لا يرى بأساً حينئذ في قلب كتاب لمستشرق رأساً على عقب، وكان كل فعله مثيراً للعجب، لم أعرف حينها أن الأستاذ براون قد تناول بنفسه مثل هذه الروح النازعة إلى الإلزام في كل جزئية إلى حد الاحتراب، حتى قرأت الكتاب كله، وكان لابد من كلمة عنه، فكانت هذه المراجعة.
والكتاب عبارة عن مقدمة وسبعة فصول وأربعة ملاحق، ويقع في 494…………..