أبحاث

التداخلية في العلوم الإسلامية: في منظور ابن خلدون

العدد 159

– التداخلية بين العلوم في التراث العربي: الدواعي والأسباب والتجليات.

1- مقدمات أولية:

من الظواهر الثقافية والفكرية التي تستوقف الدارس والباحث، والمتابع لمسار التراث العربي الإسلامي في تطوره التاريخي، هو ذلك التداخل القائم بين العلوم التي نشأت في أحضان هذا التراث، وتطورت فيه، حيث إن العلاقة التداخلية، والتكاملية، كانت هي السمة البارزة، والغالبة، والمهيمنة، على جميع العلوم التي نشأت، وتطورت، ونمت في أحضان الثقافة العربية الإسلامية……(1).

وهذه التداخلية القائمة بين العلوم الإسلامية، كشف عنها كثير من العلماء، وأقرها عدد من الباحثين، وأثبتها المشتغلون بالتراث العربي الإسلامي في سياق تدارسهم وحديثهم عن تصنيف العلوم، وترتيبهم للعلوم التراثية، وبيانهم لمكانة العلم في الإسلام(2)، وذلك عن طريق الفصل بين علوم الوسائل، وهي العلوم المقصودة لغيرها لا لذاتها، والتي تنعت بعلوم الآلة، لأنها آلة لغيرها من العلوم. وعلوم المقاصد، وهي العلوم المقصودة لذاتها، لا لغيرها، فقد ذكر ابن حزم أن: “العلوم كلها، كان بعضها متعلق ببعض، ومحتاج بعضها إلى البعض…” (3).

وهذا التداخل بين العلوم، استوقف كثيرا من الدارسين، وأثار عددا من الباحثين، وهو ما جعل الباحثين يتوجهون نحو البحث عن الأسباب، وينقبون عن الدواعي، ويرصدون النتائج، ويتابعون الآثار، ويكشفون عن البواعث التي كانت من وراء هذا التداخل، الحاضر بقوة، والواقع بشكل جلي في العلوم التراثية، ويقرون في نفس الوقت، بأن التداخلية بين العلوم، كانت من أبرز الخصائص، المميزة للعلوم في التراث العربي الإسلامي…

ومن أبرز الباحثين الذين اختاروا الاشتغال بمرجعية التداخلية للكشف عن التطور الحاصل بين العلوم والآليات، والبنيات المنتجة لها، الدكتور طه عبد الرحمان، الذي صرح بأن التداخلية بين العلوم كانت من أبرز الآليات التي اتخذها واعتمد عليها، واستعان بها في ممارسته أو مدارسته للعلوم، ورصده لتاريخ العلوم، كما صرح بالتزامه بالتداخلية في مدارساته للتراث العربي الإسلامي، أو في بحثه عن الآليات المنتجة للمضامين المحمولة في هذا التراث….

فلقد صرح بقوله: “نقول نحن بالتداخلية، والتكاملية، بين العلوم، ويقول خصمنا بالتقاطعية والتفاضلية في علوم التراث..”(4).

ويقول في موضع آخر في كتابه “تجديد المنهج في تقويم التراث”: ولقد نحونا في تقويم التراث، منحى غير مسبوق، ولا مألوف، ولا معهود، فهو غير مسبوق، لأننا نقول بالنظرة التكاملية، وحيث يقول غيرنا بالنظرة التفاضلية، وهو غير مألوف، لأننا توسلنا فيه بأدوات مأصولة، وحيث توسل غيرنا بأدوات منقولة…”(5).

وفي هذا السياق المتعلق بالتداخلية، وفي هذا الاختيار القائم على مقاربة التراث بالآليات التداخلية، قسم الدكتور طه عبد الرحمان هذا التداخل الحاصل بين العلوم في التراث العربي الإسلامي، إلى قسمين اثنين:

1- التكامل الداخلي الذي يحصل بين العلوم التراثية الداخلية بعضها مع بعض، دون تأثير للعلوم المنقولة إليها من ثقافات أخرى….

2- التكامل الخارجي، وهو الذي يحصل بين العلوم المأصولة الأصلية، والعلوم المنقولة الوافدة عليها من ثقافات أخرى، من ذلك تداخل علم أصول الفقه مع المنطق، وعلم النحو مع علم المنطق في القرن الخامس الهجري…(6). وهي المرحلة المسماة بمرحلة المتأخرين، لأن المجال التداولي لهذه المرحلة كان بحاجة ماسة إلى المنطق…

من ثم فإن حضور المنطق بين علماء الأصول اكتسب دعامته، وأثبت مشروعيته، من خلال كونه العلم الراشد، والخادم، والمساعد على تشييد الاستدلالات، وبناء الأنساق، وتركيب البراهين، والهادي إلى المسالك الصحيحة المعتمدة في الاستدلال، فهو الأداة التي تجنب صاحبها الفصل والتمييز بين البراهين الصحيحة والفاسدة، وتبعده عن الخطأ في الاستدلال، وتساعده على استدراك الخطأ في بناء الأحكام…..

ومما يذكره الدكتور طه عبد الرحمان في حديثه عن تقارب العلوم المأصولة مع العلوم المنقولة مثل: المنطق، هو صعوبة تقويم إنتاج أي أحد من علماء الإسلام، أو أحد حكمائهم ما لم يقع التسليم، بأن إنتاجه قد تداخل مع أقرب العلوم في المجال التداولي العربي، ومنها علم المنطق…(7).

إن الحاجة إلى المنطق ظهرت متأخرة لعدة اعتبارات ومعطيات، ذلك أن الحقل المعرفي الإسلامي في بدايته، كان همه هو الاشتغال بالنص توثيقا وتحقيقا وبيانا واستمدادا…(8) وذلك عن طريق تثبيت مجموعة من المعارف، والعلوم الموصولة والموجهة مباشرة إلى النص القرآني…(9).

 2- أسباب التداخلية بين العلوم:

ومن الأسباب التي ساهمت في هذا التداخل الحاضر بين العلوم، هو مركزية ومحورية النص القرآني في الثقافة العربية الإسلامية، فمن أبرز هذه الأسباب التي ساهمت في هذه التداخلية، هو حضور النص ومحوريته في التراث العربي الإسلامي، وهو الحضور الذي كان متجسدا بقوة، ومتجليا بشكل ملفت للانتباه في جميع العلوم الحاضرة، والقائمة في التراث العربي الإسلامي…..

فقد تمخض عن مركزية النص القرآني في الثقافة العربية الإسلامية، ومحوريته في هذه الثقافة، أن قامت شبكة متكاملة ومتداخلة من العلوم، من فقه وأصول، وحديث وسنة، وتفسير وقراءات، وغيرها من العلوم الشرعية، بالإضافة إلى علوم الآلة، وهي علوم العربية التي تعرف بالعلوم المساعدة، من نحو، وصرف، وتصريف ومعجم، وفقه لغة، وبلاغة، والتي لها حيّز واسع، وحضور قوي، وتواجد معلوم، في مباحث العلوم الشرعية…

فما من علم إلا وكان القرآن الكريم هو المحور الذي يتحرك حوله هذا العلم، وهذا الأمر ينطبق على مختلف فروع المعرفة الإنسانية التي ظهرت في الثقافة العربية الإسلامية، وتطورت في أحضانها.. فمدار العلوم الإسلامية كلها، كان هو النص المؤسس، وهو القرآن الكريم، مما جعل البحث في أي علم من العلوم الإسلامية يشكل ميدانا فسيحا، وفضاء واسعا، ومحورا متشابكا ومتداخلا بين عدد من العلوم، وهو مما انعكس أثره على تطور المعرفة في الثقافة الإسلامية…

من هنا وجب الإقرار، والاعتراف، وبدون تردد، بأن هناك خلفية دينية ساهمت بشكل مباشر في تشكيل العلوم وفي تطورها، وفي نموها، وفي ارتقائها من حال إلى آخر…(10).

ومن هنا نقول أن مما ساعد على هذا التكامل والتواصل بين هذه العلوم، بجميع فروعها وأقسامها أصلية كانت أو خادمة للأصل نقلية كانت أم عقلية هو وحدة الإطار، ووحدة المرجع الذي يجمع هذه العلوم، إذ التحمت هذه العلوم بمجملها، وفي نسق واحد من أجل خدمتها للقرآن الكريم توثيقا، واستمدادا وبيانا، فقد اتجهت كل العلوم نحو القرآن الكريم بيانا واستنباطا واستمدادا وتفسيرا وتأويلا وتوثيقا وتحقيقا وقراءة…(11). ذلك أن القرآن –كما قال ابن جزي الكلبي -كان هو المقصود بذاته، وسائر العلوم أدوات تعين عليه أو تتعلق به، أو تتفرع عنه….”(12).

هذا الأصل المعرفي الثابت، هو ما جعل كثيرا من الدارسين يرون أن عطاء الفكر العربي الإسلامي، وإبداعه، إنما نشأ أساسا من خلال تعامله المباشر مع النص القرآني، وهو التعامل الذي أدى إلى تشكل وتكون كثير من العلوم، وهو الأمر الذي يجعلنا ننعت الثقافة العربية الإسلامية بأنها ثقافة محورها النص… وهذا ما يفضي بنا إلى القول والاعتراف بأن هناك خلفية دينية تحكمت وأثرت في توجيه الدراسات اللغوية والقرآنية، وجعلت العلوم على اختلاف تخصصاتها، ومنازعها، وتوجهاتها تتجه نحو خدمة النص القرآني(13)… في جميع مستوياته ومناحيه، ومكوناته، خاصة في مستوى التوثيق، والتحقيق، أو في مستوى الاستمداد، واستخلاص المعنى والنظر….

إن التداخلية القائمة بين العلوم، يمكن اعتبارها قدر محتوم لا مفر منه لدارس التراث العربي الإسلامي.. فهي إحدى الخصائص المميزة للعلوم في الحضارة الإسلامية…

3- آثار التداخلية بين العلوم:

أ- تميز العلوم، من حيث الموضوع والمنهج:

ومما نتج عن هذه التداخلية التي كانت قائمة بين العلوم، وحاضرة بين عدد من المعارف، هو استقلالية كل علم بمنهجيته الخاصة به، والمتميز له في موضوعه، والمنفردة له بقواعده، فكان لكل منهج استقلال في جهازه المعرفي والمفاهيمي، فكان لكل علم ميزة خاصة، على مستوى الموضوع، وعلى مستوى المنهج، بحيث تميز كل علم بمسالكه، وبمبادئه، وهو ما جعل أصحابه والمشتغلين به، يقومون بتحرير المنهج المعتمد لديهم، وذلك بتقعيد المفاهيم المشيدة له، وهذا ما يدل على مدى الأهمية التي اكتسبها المنهج في الثقافة العربية الإسلامية(14)، فكان لكل علم منهجه الخاص المميز له عن غيره من المناهج التي تركب سائر العلوم، والتي يشتغل بها أصحاب ذلك العلم، بصفة عامة… وهو ما يفسر لنا أن سؤال المنهج كان حاضرا بقوة، وراسخا بشكل واضح، عند علماء الإسلام، خاصة في كل ما يدونون وما يكتبون، وما يؤلفون ويحررون من مباحث، يسيرون على ذلك المنهج في جميع بحوثهم، وفي جميع دراساتهم، وكذا في نظرتهم الكلية للعلوم بصفة عامة…(15).

وهذه العناية بالمنهج تعود أساسا إلى كون الثقافة العربية الإسلامية تنطلق من هذا الثابت المنهجي وهو “أن سلامة الفكر متوقفة على مدى سلامة المنهاج، وصحة طرقه ومسالكه…(16).

كما أن المنهج هو الطريق الناظم للثقافة، والمميز للفكر، والموصل للمعرفة بأقصر جهد، وبأقل تكلفة… وهو طريق عاصم من أن يضل الباحث، أو أن يتيه الدارس، أو أن يضل، أو أن يبتعد عن الطريق الموصل، والسبيل الهادي إلى اكتساب المعرفة.

من هنا فإن الحضور المنهجي كان حاضرا بقوة بين علماء الإسلام، يسيرون عليه في بحوثهم ودراساتهم، ويلتزمون به في ما يكتبون وما يؤلفون.

إن العلوم التراثية خاصة الدينية منها كانت تحمل منهجا دقيقا.. وغنيا ومرنا في مسالكه ومراحله المتنوعة، والمتعددة..(17).

ومن هنا فما يقتضيه هذا الموقف العلمي، هو أن طلب العلوم التراثية معرفيا ومنهجيا يقتضي من طالبها ومتلقيها، والباحث فيها وعنها، أن يعمل على استحضار قبلي وأولي لمجموعة من المعارف والعلوم المركبة والمشكِّلة لهذا التراث، لكون هذه العلوم في نسقيتها، علوما جامعة لمجموعة من العلوم الفرعية، بحيث يجمعها، ويؤلفها عدة قواسم مشتركة في مجموعة من القضايا المعرفية، والمسائل النظرية المشتركة، خاصة ما كان من قبيل المرجعيات والمفاهيم والمصطلحات التي انتقلت من حقولها المعرفية الأصلية، التي نشأت وتأسست فيها، إلى حقول معرفية أخرى وافدة عليها ومستقبلة لها، وبهذا الانتقال والعبور، قد اكتسبت هذه المفاهيم معان مستحدثة، ودلالات جديدة غير معهودة في حقلها الأول، وهو ما جعل هذه العلوم في مجملها، متداخلة في الوظائف، ومشتركة في المهام، ومتقاسمة في الأدوار، وإن كان القاسم المشترك والجامع الذي يجمع هذه العلوم هو خدمتها للنص القرآني توثيقا واستمدادا وبيانا وتفسيرا……

ب- انتقال ورحلة المفاهيم:

ومن آثار هذا التداخل بين العلوم، هو انتقال كثير من المفاهيم والمصطلحات، من حقولها المعرفية الأصلية التي نشأت فيها، إلى حقول معرفية أخرى مستقبلة لها، بحيث إن انتقال المفاهيم من حقولها الأصلية التي نشأت فيها إلى حقول أخرى، مستقبلة لها، شكلت إحدى المسلمات بين المشتغلين بالمفاهيم في التراث العربي الإسلامي….(18).

من ذلك أن مفاهيم ومصطلحات الأصوليين التي كانت متداولة بينهم، قد انتقلت إلى علماء اللغة مثل القياس، والعلة، والنسخ، والاستحسان، والوضع والحمل، والاستعمال… وأخذت في هذا النقل استعمالا مغايرا، ومفهوما جديدا وخاصا ومتميزا عند النحويين، يختلف عن المفهوم الذي كان عليه متداولا في السابق، ومستعملا في أصله الأول، وأعني استعماله في علم أصول الفقه…(19).

كما أن بعض مفاهيم اللغويين ومصطلحاتهم انتقلت وهجرت أصلها التي نشأت وتكونت فيه، وأخذت في تداول الأصوليين، وفي استعمالاتهم، وفي بحوثهم اللغوية مفاهيم جديدة خاصة، غير مسبوقة ولا معهودة، ولا مألوفة بينهم، بحيث لم تكن تلك المفاهيم معهودة بينهم مثل: الكلمة، والترادف، والاشتراك، والحمل، والوضع، والتباين، والمعنى الأصلي، والمعنى التبعي والسياق، والقرائن. وهذا العبور المصطلحي من علم إلى آخر نعته البعض وسماه برحلة المصطلحات والمفاهيم…(20).

هذا التوجه في رحلة المفاهيم، واكتسابها لمفاهيم جديدة، غير ما كانت عليه في حقولها الأصلية التي نشأت فيها، ينبغي استحضاره، والوقوف عنده، في أية مقاربة أو مدارسة، لأي حقل معرفي معين في التراث العربي الإسلامي…. خاصة الحقل اللغوي والبياني، وهو الحقل الذي استثمرت فيه كثير من المفاهيم، وفيه رحلت إليه، وتداخلت، وانصهرت فيه هذه المفاهيم اللغوية، منتقلة من أصلها الأول، ومتوجهة ومنتقلة إلى علم آخر….(21).

من هنا نقول أن انتقال المفاهيم والمصطلحات من حقولها المعرفية الأصلية التي نشأت فيها إلى حقول معرفية أخرى، هي من الأساسيات والمميزات، والمواصفات التي طبعت التراث العربي الإسلامي، ومن ثم لا ينبغي التنكر، أو التغاضي، أو التقليل من أثر هذا العبور، ومن هذا الانتقال في أية مدارسة، من هنا لا ينبغي إهماله، أو إبعاده أو مصادرته لكل من توجه أو قصد، أو أراد، أو اختار مقاربة، أو مدارسة أية قضية من القضايا الكبرى في التراث العربي الإسلامي، أو أراد البحث الأكاديمي في المسائل المعرفية الكبرى التي يطرحها التراث العربي الإسلامي، في مختلف حقوله المعرفية، خاصة ما كان من قبيل البحوث التي اختارت وجهة الدراسة المصطلحية تأصيلا، وتوصيفا، وتنظيرا، وإحصاء، وجردا وتحديدا…(22).

من هنا نقول إن انتقال المفاهيم من حقولها المعرفية، إلى حقول معرفية أخرى، ظاهرة علمية تستحق الدرس، والتوقف، والمتابعة العلمية في جميع المعارف، والمناحي، والتخصصات العلمية..(23).

ج- الموسوعية:

ومن آثار هذه التداخلية كذلك القائمة بين العلوم، هو حضور الموسوعية في التأليف والتصنيف والكتابة، بحيث صنفت الموسوعات، ووضعت المصنفات الضخمة، والمؤلفات الكبيرة في مختلف العلوم، بحيث كان العالم الواحد يشتغل بأكثر من علم، وكانت هذه الموسوعية طابع علماء الإسلام، باختلاف مدارسهم….

وقد “أدى الاقتناع بتداخل العلوم في الممارسة التراثية، تراتبا، وتفاعلا، إلى أن يتجه التعليم والتكوين والتأليف جميعا إلى الأحد…”(24).

وهذه الموسوعية هي التي تفسر لنا أن كثيرا من علماء الكلام اختاروا الاشتغال بعلم اللغة وعلم أصول الفقه في آن واحد، ومنهم من مارس الاشتغال بالعلوم المنقولة مثل علم المنطق، وقام بإدماجها، وتأصيلها، في العلوم الموصولة سواء في علم الكلام، أوفي علم أصول الفقه، أو في علم البلاغة…

وهو الاختبار الذي يفضي بنا إلى التصريح بأنه يتعذر الفصل بين المتكلم واللغوي والأصولي والمنطقي في التراث العربي الإسلامي…

فهذا إمام الحرمين الجويني، وأبو بكر الباقلاني، والقاضي عبد الجبار الهمذاني، وأبو حامد الغزالي، وأبو الحسين البصري، والإمام فخر الدين الرازي، والإمام ابن فورك، والإمام أبو الوليد الباجي، وابن حزم الأندلسي، والقاضي أبو بكر بن العربي المعافري، وابن رشد الجد، وابن رشد الحفيد… فهذه الأسماء جمعت بين الاشتغال بعلم الكلام وعلم اللغة، وعلم أصول الفقه… من هنا نقول إن الموسوعية كانت من أبرز مواصفات التأليف، والطابع المشترك للكتابة عند علماء الإسلام سواء في المشرق أو في المغرب.. (25).

بل منهم من جمع بين هذه العلوم المأصولة في التراث، والعلوم المنقولة إلى التراث من ثقافات الغير مثل: المنطق، وعمل على إدماج علم المنطق بغيره من العلوم الإسلامية، من حيث هو علم خادم لغيره من العلوم، ومسدد للاستدلال، وكاشف للطرق الصحيحة من الفاسدة في الاستدلال. وممن تفرد بهذا المشروع الإمام أبو المعالي الجويني، والإمام أبو حامد الغزالي، وابن حزم الأندلسي الأصولي والمنطقي، وابن فورك….

وإن كانت هذه الريادة يبقى يتقاسمها الإمام الغزالي في المشرق، وابن حزم الأندلسي في الغرب الإسلامي، فقد عمل كل واحد منهما على تقريب القول المنطقي إلى علم أصول الفقه…(26). وإن كان البعض ينسب هذه الريادة، والأسبقية، في هذا التقريب بين المنقول المنطقي وعلم أصول الفقه إلى الإمام الغزالي…(27).

وهذا التقريب المنطقي إلى علم أصول الفقه، تجسد في صياغة الحدود، وصياغة التعريفات المنطقية صياغة منطقية. فإن كثيرا من العلوم تلقفت علم المنطق، واختارت صياغة حدودها، ومسائلها ومعارفها، صياغة منطقية على شكل قواعد كلية، وهو ما يلزم المشتغل بالتراث أن يكون طالبا لعلم المنطق(28)، علما أن هذا العلم، أثار طلبه نقاشا حادا، وحوارا مستفيضا بين العلماء، خاصة في القرن الرابع الهجري في العالم الإسلامي من خلال المناظرة المشهورة بين أبي بشر متى رئيس مناطقة بغداد وأبي سعيد السيرافي رئيس النحاة(29).

وقد توزعت المواقف بين رافد وآخذ للمنـزع المنطقي، واستثمارها في العلوم المنقولة خاصة في علم أصول الفقه…

من هنا نقول إن هذه المصنفات ذات المنـزع الموسوعي كان من نتائجها، ومن آثارها، لزوم العالم والباحث من التمكن من أكثر من علم، خاصة في مقاربته لأي موضوع أو ظاهرة ثقافية، في أي نص تراثي، لأن هذا النص هو نتاج وحصيلة ومستخلص من مجموعة من العلوم المتقاربة والمتداخلة من حيث الموضوع والمنهج، وهو ما يقتضي من القارئ والدارس أن يستحضر مكونات التداخلية الحاضرة في هذا النص في جميع جوانبه ومستوياته المعرفية، القريبة منها أو البعيدة….

فالخطأ كل الخطأ أن تقرأ نصا تراثيا، أو تحقق هذا النص، أو تقارب هذا النص من أحد جوانبه، أو في أحد مكوناته من دون استحضار قبلي لهذه التداخلية التي كانت قائمة بين العلوم، والحاضرة بقوة في العلوم التراثية، وبشكل جلي، خاصة في علوم التراث العربي الإسلامي…

د- نمو علوم في أحضان علوم أخرى:

ومما يثير الباحث وهو يستحضر ويتابع آثار هذا التداخل أن كثيرا من العلوم نضجت وتطورت في أحضان علوم أخرى خاصة العلوم التي يجمعها وحدة الموضوع، وتشترك في وحدة الهدف والغاية. فعلم البلاغة وعلم اللغة وعلم النحو من العلوم التي نضجت ونمت وتطورت في أحضان علم التفسير، فكتب التفسير حافلة بمباحث اللغة وعلم الدلالة(30)، فهذا العلم أعني التفسير، قد اجتمع فيه من العلوم ما تفرق في غيره، وهو ما يفسر لنا أن عددا من المفسرين كانوا علماء لغة وبلاغة مثل الإمام الزمخشري، والإمام الراغب الأصفهاني، والإمام السمين الحلبي، والإمام الفيروز آبادي، والإمام فخر الدين الرازي، والإمام القرطبي، والإمام ابن عطية الغرناطي، والإمام البيضاوي، والإمام ابن العربي الإشبيلي الأندلسي، والإمام أبو حيان الأندلسي… ويعد علم أصول الفقه من أبرز العلوم التي شكلت محورا تقاطعت فيه مجموعة من العلوم حيث وظفت فيه عدة معارف، واستثمرت فيه عدة مفاهيم مما أهله لأن يكون علما جامعا بين العلوم النقلية والعلوم العقلية، وبين علوم الفهم وعلوم الاستدلال وعلوم الشريعة وعلوم النظر…

4- عواقب عدم تمثل آثار التداخلية بين العلوم:

وكان من آثار عدم تمثل هذه العلاقة التداخلية بين العلوم، أن كثيرا من الوهن والضعف والسقوط المنهجي اعترى وأصاب بعض العلوم. فقد عاتب ابن جزي الكلبي في مقدمة تفسيره بعض المفسرين، لأنهم تغاضوا وأغفلوا علم أصول الفقه، وجهود الأصوليين في التفسير، ولم يستحضروا في مباحثهم وفي سياق تفسيرهم للقرآن الكريم خاصة، ما تعلق بالقواعد اللغوية المخصصة للتفسير عامة، وتفسير النص القرآني خاصة…(31).

وهذا العتاب، يعود بالأساس إلى الصلة القوية القائمة بين علم أصول الفقه والتفسير، فكلاهما يشتغل على محور التفسير، وعلى تمثل المعاني، واستمداد الدلالات اللغوية، المحمولة في النص القرآني(32). من هنا فإن الضرورة المنهجية والعلمية ملزمة للمفسر والقارئ في أن يستعين بجهود الأصوليين، ويستحضر بحوثهم، ويستأنس باجتهاداتهم، واختياراتهم في قراءة النص الشرعي وتفسيره، وأن لا يتغاضى عن هذه الجهود في كل عمل اتصل بقراءة النص…

وفي نفس السياق ألح ابن جزي الكلبي في مقدمة تفسيره التسهيل، على ضرورة انفتاح المفسر على علم أصول الفقه، خاصة ما كان من قبيل القواعد المخصصة للفهم والتفسير والتأويل، فقواعد هذا العلم آليات معينة، ووسائل مساعدة على الفهم والتأويل والنظر في النص(33)، لأنها قواعد وضعت أساسا لضبط فهم وتسديد التأويل…

والسبب في المراهنة على علم أصول الفقه، من حيث هو يتوخى فهم النص، يعود إلى مراهنة علماء الأصول على اللغة العربية، واستثمارهم لمباحثها من أجل استنباط أصولهم واستمداد قواعدهم اللغوية المتعلقة بالتفسير والبيان، لأن الأصل في الاستدلال من أجل تفهم النص هو اللغة، ومن ثم فإن أساس البناء الأصولي قائم على العلم باللغة العربية في جميع مستوياتها ومكوناتها، لأنها عبارة عن منهج للفهم والتفسير..(34).

5- تجليات التداخلية في العلوم:

1- علم الكلام:

يعد علم الكلام من العلوم التي نشأت في الحضارة الإسلامية، لأسباب اقتضاها المسار الثقافي والحضاري لهذه الحضارة، خاصة في تفاعلها مع الحضارات الأخرى، الوافدة والدخيلة على الإسلام خاصة، وكانت الغاية من هذا العلم هو الدفاع عن العقيدة الإسلامية، وإبطال أقاويل الخصوم، ولا أدل على ذلك من هذا التعريف الذي جاء في كتاب إحصاء العلوم للفارابي إذ عرَّف هذا العلم بأنه: “صناعة علم الكلام ملكة يقتدر بها الإنسان على نصرة الأفعال المصرح بها واضع الملة، وتزييف كل ما خالفها من الأقاويل”(35).

وعرَّف أبو حامد الغزالي علم الكلام بأنه: “حفظ عقيدة أهل السنة، وحراستها من تشويش أهل البدعة…”(36).

وهذه التعاريف رغم اختلافها، فإنها تشترك في البعد الدفاعي، والحجاجي لهذا العلم، ومن هنا اختار ابن خلدون في المقدمة أن يعرِّف هذا العلم بقوله: “علم الكلام هو علم يتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية، والرد على المبتدعة المنحرفين في الاعتقادات عن مذاهب السلف…”(37).

وهو من العلوم التي جسدت مشاغل الحضارة الإسلامية في تفاعلها مع الحضارات الأخرى… وهو من العلوم المتأخرة في النشأة، كما قال الفارابي في كتابه الحروف، لأن الحاجة إلى الدفاع عن العقائد في وجه الخصوم لم تكن قائمة في بداية الإسلام، وإنما نشأت الحاجة إليه بعد امتزاج حضارة الإسلام مع الحضارات الأخرى، وبعد أن تداخلت الحضارة الإسلامية بغيرها من الحضارات والثقافات الأخرى، التي حملت كثيرا من عقائدها، وثقافاتها، وأفكارها إلى الحضارة الإسلامية…(38).

واختار الدكتور طه عبد الرحمان أن يصفه، وأن يسميه بعلم المناظرة العقدي، لأنه يحمل الصفة الحجاجية في بنائه…(39)، وهو ما جعله يستفيد من مباحث المناطقة المسلمين(40)، من حيث تسخيره لآليات الحجاجية في علم المنطق، فهو من العلوم التي تأثرت، بغيره من العلوم، وأثرت على غيره من العلوم الأخرى، لأنه كان هو الأصل، بحيث كان ينعت بعلم أصول الدين… والعلوم الأخرى كانت فروع له، وهو ما جعل البعض ينعتها بعلوم الفروع.

2- علم أصول الفقه:

يعد علم أصول الفقه من أهم العلوم التي جسدت مبدأ التداخل والتواصل، والتكامل بين العلوم، والسبب يعود إلى نسقية هذا العلم، ومعيارته في بناء القواعد، وتشييد الضوابط، وصناعة الاستدلالات، وتركيب البراهين، ذلك أن علم أصول الفقه هو في بنائه العام يظهر بمظهر نسق من العلوم، لم تدخل فيه شعب العلوم الإسلامية وحدها، بل دخلت فيه أيضا العلوم العقلية المنقولة والدخيلة، على الثقافة العربية الإسلامية، والتي وفدت عليها من ثقافات أخرى…(41).

فعلم أصول الفقه من حيث أنه علم مركب من مجموعة من العلوم، فإن موضوعه العام هو الاستنباط، والاستدلال، واستجلاء دلالة الخطاب، وهذا العمل لا يتأتى إلا بفهم النص الشرعي فهما سليما ومنضبطا تقره ضوابط اللغة العربية، وتشهد له أعرافها، وتؤسسه أصولها، وسننها في التعبير، والأداء، والإبلاغ.

ولقد قرر اللغويون وعلماء الأصول، أن سبب الخطأ في العلوم الشرعية وعدم إدراك معاني الوحي إنما يعود ويرجع إلى ضعف الاهتمام باللغة العربية، والقصور في امتلاك ناصيتها، وعدم التمكن من علومها المتفرعة عنها. يقول ابن جني العالم اللغوي في هذا الموضوع: “وذلك أن أكثر من ضل من أهل الشريعة عن القصد فيها، وحاد عن الطريقة المثلى إليها، فإنما استهواه واستخلف حلمه ضعفه في هذه اللغة الكريمة الشريفة”(42)

فقد أراد له مؤسسه الإمام الشافعي (ت204هـ) أن يكون علما مسددا، وخادما لفهم النص، ومسددا للاستدلال على الأحكام، فهو منهج جامع بين النقل والعقل، وبين النص والاجتهاد… فهو يزاوج بين الرأي والنص، ويستمد مكوناته ومرجعياته من مجموعة من العلوم التي تشاركه في الموضوع. وتتداخل معه في المنهج، وتتقاسم معه الجهاز المفاهيمي…

من هنا نقول أن علم أصول الفقه الذي يظهر بمظهر نسق من العلوم، لم تدخل فيه شعب العلوم الإسلامية وحدها، بل دخلت فيه أيضا مجموعة من العلوم العقلية المنقولة من الثقافات والحضارات الأخرى والتي لها قرابة معرفية أو صلة منهجية مع علم أصول الفقه…..”(43).

ولقد رد الدكتور طه عبد الرحمان بقوة على من استصغر هذا العلم، أو قلل من شأنه أو من قيمته، لأن القضايا والمباحث والإشكاليات التي استحضرها لا يستطيع استحضارها الباحثون اليوم….

وقد اعتبر الدكتور مهدي فضل الله إن علم أصول الفقه، منهج دقيق. إنه منهج لا يعادله منهج آخر في دقته وتماسكه، ومرونته، وقدرته على الخوض في مختلف موضوعات الشريعة، والوصول فيه إلى حلول اجتماعية إنسانية…(44).

– مراحل علم أصول الفقه:

لقد ذكر ابن خلدون في سياق حديثه عن علم أصول الفقه، بأن علم أصول الفقه مر بعدة مراحل، وقطع عدة أشواط، ويمكن التمييز بين مرحلتين أساسيتين في تطور هذا العلم:

1- مرحلة الإمام الشافعي، حيث كانت مباحثه مركبة من العلوم الأصلية، الموصولة، لا الدخيلة، ولا من العلوم المنقولة… ومن أبرز هذه العلوم الموصولة التي كانت حاضرة مع علم أصول الفقه، علم اللغة…..

2- مرحلة الإمام الغزالي (ت505هـ)، وتعد هذه المرحلة من أبرز المراحل التي قطعها هذا العلم في مساره التاريخي، وفي تطوره، وفي تداخله، وامتزاجه مع علم المنطق.

لقد مثّل الإمام الغزالي في المشرق، تداخل علوم الشريعة مع المنطق، كما مثل ابن حزم الأندلسي في الأندلس وفي بلاد المغرب هذا التداخل والتقارب بين العلمين، بحيث اعتبر الإمام الغزالي الممارسة المنطقية ممارسة ضرورية لمتعاطي علم أصول الفقه…

وتعد هذه المرحلة التي حضر فيها المنطق مع الغزالي من أبرز المراحل في تاريخ المنطق، حيث اكتسب المشروعية والحضور العلمي والفعلي المتميز بين المعارف الإسلامية(45).

وشكل الجانب المنهجي المميز لهذه المرحلة من حيث حضوره بين العلوم. ويقوم هذا الحضور على استثمار نتائج علم المنطق، وبحوث علماء المنطق، وتوظيفها في معرفة أشكال الاستدلال على الأحكام الشرعية المستنبطة من النصوص، وهو ما يفسر لنا حضور الدرس المنطقي بين الأصوليين بشكل كبير خاصة مع علماء الأصول الذين عاشوا في القرن الخامس الهجري، واطلعوا على التراث المنطقي اليوناني…(46).

وتبقى مساهمة الإمام الغزالي مساهمة رائدة ومتميزة في بابها، بحيث إن أبا حامد الغزالي أدخل المنطق إلى العلوم الإسلامية، وألزم على مفكري الإسلام مدارسته والتمكن منه، وعلل حضور المنطق في التداول العربي الإسلامي بأن الاستدلال في الفقهيات لا يباين الاستدلال في العقليات، بل بيَّن أن هناك انسجاما وتوافقا وتكاملا بين الاستدلال البرهاني والاستدلال الفقهي..

– الحاجة إلى علم أصول الفقه من حيث هو علم تؤخذ منه الأحكام…

حدد ابن خلدون قيمة هذا العلم فقال: “اعلم أن علم أصول الفقه، من أعظم العلوم الشرعية، وأجلها قدرا، وأكثرها فائدة…”(47).

فقد كانت الحاجة إلى هذا العلم ضرورية، سواء في بناء الاستدلالات، أو في تقعيد القواعد، وهو ما جعل علماء الإسلام يتجهون إلى هذا العلم، ويطورون مباحثه، ويوسعون من أنساقه(48)، علما أن المحور المشيد لهذا العلم هو منطق الألفاظ ودلالتها، وفي علاقتها بعضها مع بعض، وتطور الألفاظ تبعا إلى القواعد الأصولية، التي تعد من تجليات هذا المنهج الدقيق….

أما الريادة، والأسبقية في هذا العلم، فقد جعلها ابن خلدون، ونسبها في مقدمته إلى إمام الحرمين الجويني صاحب البرهان، والإمام الغزالي صاحب المستصفى، والإمام القاضي عبد الجبار الهمذاني، الأسد أبادي صاحب العمد، والإمام أبو الحسين البصري المعتزلي في كتابه المعتمد… (49).

فهذا العلم قد اكتمل واستوي مع هؤلاء الأئمة الأربعة خاصة، وكل الذين جاؤوا بعدهم هم عيال عليهم…(50).

قال في المقدمة: “إن من أحسن ما كتبه المتكلمون في أصول الفقه كتاب “البرهان” لإمام الحرمين الجويني و”المستصفى” للغزالي، وهما من الأشعرية، واعتبرهما ضمن الكتب الأربعة التي تعدّ قواعد هذا الفنّ وأركانه…

ومما كشف عنه ابن خلدون في سياق حديثه عن أصول الفقه، أن السلف كانوا في غنية عن هذا العلم، أما الإمام بدر الدين الزركشي في البحر المحيط، فإنه اختار مسلكا آخر في بيان العلماء الذين اشتغلوا على التصنيف في علم أصول الفقه، فإنه اختزل هذه الريادة في شخصيتين اثنتين، قال في البحر: “وجاء من بعدهم – أي الشافعي والصدر الأول – فبينوا وأوضحوا وضبطوا وشرحوا، حتى جاء القاضيان، قاضي السنة أبو بكر بن الطيب، وقاضي المعتزلة عبد الجبار، فوسعا العبارات وفكا الإشارات، وبيّنا الإجمال، ورفعا الإشكال، واقتنع الناس بآثارهم، وساروا على أخذ نارهم، فحرروا وقرروا، وصوبوا وصوروا فجزاهم الله خير الجزاء ومنحهم كل مسرة وهناء”(51).

تركيب واستنتاج:

إن مفهوم التداخلية بين العلوم، من أبرز المفاهيم التي يجب الاستعانة بها في قراءة التراث العربي الإسلامي، أو في فهم الآليات المنتجة لهذا التراث، أو في تمثل المفاهيم الحاضرة في هذه الآليات سواء في مضامينه الكبرى أو في محتوياته المركبة له.

ومن ثم فإن في أي مقاربة في المضامين، وفي المحتويات للنص التراثي في بنائه الداخلي، أو في بنائه الخارجي، فإنه يجب استحضار هذا المعطى التداخلي، الذي كان قائما، وحاضرا بين العلوم، فهو حاضرا بشكل جلي في نسقية العلوم المشيدة للتراث العربي الإسلامي.

وهذا التوجه هو الذي استقر عليه الباحثون في مدارستهم، وفي مقاربتهم للتراث العربي الإسلامي…

– تصنيف العلوم في التراث العربي الإسلامي:

إن الاهتمام بتصنيف العلوم، في التراث العربي الإسلامي، كان من اشتغال واهتمام علماء الإسلام، وقد اهتم علماء الإسلام بمسألة تصنيف العلوم، من حيث البناء والتركيب والمرجعية والوظيفة، والخدمة التي تؤديها تلك العلوم… ومدى التماسك القائم بينها في النسق المشيد والمؤسس لها…..

وكان من آثار الاشتغال بتصنيف العلوم، ظهور عدة نتائج منها، أن تصنيف العلوم وترتيبها، يؤكد على مدى الترابط والتداخل الوثيق القائم بين العلوم، والذي كان من أبرز المواصفات القائمة والحاضرة بين العلوم في الحضارة العربية الإسلامية(52).

فمن آثار هذا التداخل، ونتائجه في التراث العربي الإسلامي، هو ظهور علم جليل يسمي بعلم تصنيف العلوم، وهو علم يعني بتصنيف العلوم، وتصنيفها من حيث الأصل، وترتيبها من حيث الأهمية والمرجعية والفائدة والوظيفة التي تؤديها تلك العلوم، ومدى خدمتها للعلوم الأخرى، المشاركة لها في الموضوع. وهذا التصنيف، هو مؤشر على مدى ترابط العلوم في ما بينها، ومدى تناسق مكوناتها وعناصرها… وكذا في توجهها نحو خدمتها للقرآن الكريم…..

– نماذج من تصنيف العلوم:

إن من النماذج والأمثلة في التصنيف في العلوم، الاختيار الذي وجدناه عند ابن رشد الحفيد في كتابه الضروري في صناعة النحو، فقد أخذ ابن رشد الحفيد هذا الاختيار والتقسيم والتصنيف الذي يتأسس على تقسيم العلوم إلى علوم مقصودة لنفسها، وعلوم مقصودة لغيرها، وهي العلوم المسماة بالعلوم المسددة. قال ابن رشد في كتابه الضروري في صناعة النحو: “إن العلوم صنفان: علوم مقصودة لنفسها وعلوم مسددة للإنسان في تعلم العلوم المقصودة في نفسها…”(53). ومن العلوم المسددة علم النحو، وعلم المنطق “فمنـزلة النحو كمنـزلة المنطق، علمان مسددان إلا أن الأول يسدد اللسان، والثاني يسدد العقل والفكر حتى لا يقع غلط فيهما…”(54).

ومما ترتب على هذا التقسيم أن من العلوم ما هو مقصود لذاته مثل التفسير والفقه، وعلم الحديث، وعلم الكلام، ومنه ما هو مقصود لغيره مثل النحو وعلم التفسير، وعلم أصول الفقه للفقه، فهذه العلوم وضعت أساسا لفهم الكتاب، وهو القرآن، فابن رشد يرى أن من العلوم ما هو ضروري، خاصة النحو والبيان والبلاغة، “فهذه العلوم ضرورية لفهم الكتاب والسنة فهما صحيحا، من هنا كانت الحاجة ماسة وضرورية إليها بصفة عامة، فالعلوم تنقسم إلى علوم أصلية، وأخرى تابعة لأصلية…(55). وقيمة العلوم تكمن في ما تؤديه فيما بينها….

أما ابن حزم فقد صنّف العلوم وقسمها إلى اثني عشر علما، دون أن يفرق بين العلوم التي نشأت في الإسلام.

وأدرج ابن حزم المنطق ضمن العلوم الإسلامية، ليوحي لنا بأن المنطق هو علم مشترك بين جميع الأمم، مثلما أنه علم مخصوص في ما يسدده من خدمات بين جميع العلوم(56).

وفي رسالة مراتب العلوم، اعتبر المنطق علما لا يكتسب أي معنى، إلا إذا تم تصريفه وتوجيهه في خدمة العلوم الأخرى(57).

فبواسطة المنطق يفهم “كتاب الله، وحديث نبيه، وفي الفتيا، والحلال والحرام، والواجب والمباح، وهو من أعظم منفعة…”(58).

لقد أراد للمنطق أن تكون له وظيفة بيانية، أي البحث في وقوع الأسماء على مسمياتها، وهو بهذا يجعل من المنطق أداة بيانية، ويحدد وظيفته بأنها بيانية…(59)، أي فهم كلام الله، من أجل فهم أحكامه…

– تصنيف ابن خلدون للعلوم:

يعد ابن خلدون من أبرز علماء الإسلام تشخيصا للمعطى العلمي القائم بين العلوم، فهو يرى أن العلوم تنشأ بحكم الحاجة إليها، بحكم طبيعتها، والحاجة التي تؤديها للمتعلم… فابن خلدون كان يعرف من خلال دراسته الأصولية والفقهية والمنطقية أن العلوم منها ما ينشأ بسبب الحاجة إليها، كما أن غياب هذه الحاجة يفقد العلوم مشروعيتها وديمومتها واستمراريتها، فمثلا العلوم العقلية في الإسلام قد خضعت في نشأتها وتطورها لظرف المجتمع ولتطوره، ثم أخذت هذه المعارف تتطور وتتقدم، تبعا لتطور المجتمع، فتحولت إلى صناعات مخصوصة.

أما العلوم النقلية فيجمعها قاسم واحد في وظيفتها وفي مهمتها والهدف الذي من أجله نشأت…(60).

كما ترتبط العلوم بتطور العمران، في تقدمه، وفي سقوطه، قال في المقدمة: “فلمّا انقرض السلف وذهب الصدر الأول وانقلبت العلوم كلها صناعة احتاج الفقهاء والمجتهدون إلى تحصيل هذه الصناعة والقواعد لاستفادة الأحكام من الأدلة…(61).

والذي أهل ابن خلدون إلى هذا هو إن ابن خلدون كان ذا ثقافة موسوعية كبيرة وعالية، لديه إحاطة كبيرة بالعديد من العلوم، وإلمام كبير بالعلوم المنقولة والدخيلة، لكنه تخصص في التاريخ، واستثمر علومه في محاولة لدراسة الظواهر الاجتماعية، وهو ما أداه إلى التوصل إلى أنها محكومة بالقوانين والسنن نفسها التي تحكم سلوك الظواهر الطبيعية، كما أنه أقام علاقة قوية بين البيئة الطبيعية والجغرافية والسلوك البشري والاجتماعي والنفسي…(62).

الطبيعة والمرجع في نص المقدمة:

إن فهم النص الخلدوني، لا يتيسر إلا بفهم السياق الثقافي والحضاري والديني الذي عاش فيه ابن خلدون، ومن ثم فإن استحضار المعطى الديني ضرورة منهجية ومعرفية لفهم نصوص المقدمة، وكذا في(63)  تمثل مستوياتها ومكوناتها وعناصرها المشيدة لها(64)، خاصة في الفصل الذي خصصه ابن خلدون لتطور العلوم، من حيث تطورها وتأثيرها بالعمران، وأثر العمران فيها وعليها…(65)، ومن هنا فإن أي تغييب لهذا المعطى المنهجي، فإنه سيؤثر لا محالة على الفهم الأمثل للنص الخلدوني(66)، ويبعده عن سياقه التاريخي والحضاري والثقافي…(67).

وقد أكد المستشرق الفرنسي جورج لابيكا على أهمية المعطى الديني في فهم نص المقدمة، واعتبر هو الآخر أن المعطى الديني ضرورة منهجية لفهم نصوص المقدمة…(68).

تقسيم ابن خلدون للعلوم من حيث مرجعيتها:

يعد ابن خلدون من أبرز علماء الإسلام تصنيفا للعلوم، فقد صنّف العلوم انطلاقا من مرجعيتها الدينية، ومن حيث وظيفتها بين العلوم، ومهمتها، ومدى خدمتها للنص القرآني.

فالعلوم عنده من حيث المرجعية، والوظيفة، تنقسم إلى قسمين أساسيين:

1- العلوم النقلية، وهي العلوم الموصولة بالوحي، ومصدرها النص، ولا دخل للعقل فيها…

2- العلوم العقلية، وهي التي يهتدي إليها البشر بعقلهم…  ومرجعيتها هو العقل… وهي العلوم غير النقلية، وهذه العلوم بقسميها تتأثر بالعمران، وتتطور بتطوره، وبالاستقرار الذي يعرفه المجتمع الإنساني ويمر به العمران…

– أقسام العلوم حسب المرجعية المعرفية، والحاجة المنهجية:

فقد قسّم ابن خلدون العلوم إلى علوم أصلية وعلوم خادمة للأصل، أو علوم مقصودة وعلوم خادمة للعلوم المقصودة. وهذا التصنيف الأخير، هو التصنيف الذي اختاره ابن خلدون وارتضاه في المقدمة، حيث ذكر إن العلوم منها ما هو من العلوم المقصودة كالشرعيات والإلهيات… وهناك من العلوم ما هي مقصودة لغيرها، أو هي آلة ووسيلة لهذه العلوم المقصودة، كاللغة العربية للشرعيات، والمنطق لعلم أصول الفقه….(69).

قال في المقدمة: “اعلم أن العلوم المتعارف عليها بين أهل العمران على صنفين، علوم مقصودة بالذات كالشرعيات وكالطبيعيات، والإلهيات من الفلسفة… وعلوم هي آلة ووسيلة لهذه العلوم، كالعربية والحساب وغيرهما للشرعيات، وكالمنطق للفلسفة، وربما كان آلة لعلم الكلام وأصول الفقه على طريقة المتأخرين، فأما العلوم التي هي مقاصد، فلا حرج في توسعة الكلام فيها، وتفريع المسائل واستكشاف الأدلة والأنظار، فإن ذلك يزيد طالبها تمكناً في ملكته، وإيضاحاً لمعانيها المقصودة، وأما العلوم التي هي آلة لغيرها مثل العربية والمنطق وأمثالهما، فلا ينبغي أن ينظر فيها إلا من حيث هي آلة لذلك الغير فقط، ولا يوسع فيها الكلام ولا تفرّع المسائل، لأن ذلك يخرج بها عن المقصود، إذ المقصود منها ما هي آلة له لا غير…

إن ابن خلدون صنّف المعرفة تصنيفا ثنائيا وهو التصنيف القائم على الفصل بين العلوم النقلية، والعلوم العقلية…(70).

الفساد في العلوم:

يذكر ابن خلدون بأن الفساد الذي يصيب العلوم، هو انتقالها من علوم مقصودة لغيرها، إلى علوم مقصودة لذاتها، وابتعادها عن المهمة والوظيفة التي من أجلها ظهرت ووضعت، فمثلا صناعة المنطق صناعة نافعة وضرورية للعلوم كلها، مادام علم المنطق علما مقصودا لغيره من العلوم، فابن خلدون في المقدمة يعتبر أن المنطق نافع للعلوم، وضروري للعالم، وللمتعلم ولطالب العلم، مادام المنطق هو علم مقصود لغيره لا لذاته… لكن الفساد التي به تصاب العلوم، بما في ذلك علم المنطق، هو تحولها وانتقالها من علوم مقصودة لغيرها، إلى علوم مقصودة لذاتها فيأتيها الفساد… ومن هذه العلوم علم المنطق الذي هو في حد ذاته علم مقصود لغيره، فهو مجموعة من القوانين يعرف بها الصحيح من الفاسد من الحدود…(71)، والأقوال، والمسالك القويمة من الفاسدة في الاستدلال كان علما مقصودا لغيره، حيث إن كثيرا من العلوم استثمرت مباحثه ونتائجه، واختارت صياغة مسائله صياغة منطقية على شكل قواعد كلية، وهذا العمل مفيد، لكن عندما تحول علم المنطق إلى علم مقصود لذاته اعتراه الفساد، وصار الاشتغال به مضيعة للوقت، ولغوا، وتضييعا للعمر، واهتماما بما لا فائدة فيه…(72).

وما وقع للمنطق وقع للنحو، قال في المقدمة: “وهذا كما فعل المتأخرون في صناعة النحو، وصناعة المنطق، وأصول الفقه، لأنهم أوسعوا دائرة الكلام فيها وأكثروا من التفاريع والاستدلالات، بما أخرجها من كونها آلة، وصيروها من المقاصد…”(73).

– آفة تحول العلم المقصود لغيره إلى علم مقصود لذاته:

والجدير بالذكر أن هذه العلوم المقصودة لذاتها، والخادمة للعلوم الأصلية، لا تراد لذاتها، وإنما فائدتها في ما تسديه وما تقدمه من خدمات للعلوم الأصلية الأخرى، ومن ثم “فكلما خرجت هذه العلوم عن هذا القصد الذي من أجله وضعت وعليه تأسست، سيصار الاشتغال بها لغوا….”(74)، وستكون مفسدة لطالب العلم، ومضيعة للوقت… لهذا حذر ابن خلدون من تحول العلوم عن مهامها… بأن أكبر منعطف مرت منه العلوم هو انتقالها من علم مقصود لغيره إلى مقصود لذاته.

غياب الحاجة إلى العلوم:

ومن اختيارات ابن خلدون في ربطه بين العلوم ومدى الحاجة إليها، أو العكس، فهو يبرر عدم الحاجة إلى علم الكلام بسب غياب الداعي إلى هذا العلم، قال في المقدمة: “ينبغي أن يعلم أن هذا العلم الذي هو علم الكلام، غير ضروري لهذا العهد على طالب العلم، أن الملحدة والمبتدعة قد انقرضوا، والأئمة من أهل السنة كفونا شأنهم فيما كتبوا ودونوا من الأدلة، لكن فائدته في أخلد الناس وطلبة العلم فائدة معتبرة، إذ لا يحسن بحامل السنة الجهل بالحجج النظرية على عقائده… “(75).

– تركيب:

إن هذا التداخل القائم بين العلوم، استوقف ابن خلدون قديما، كما استوقف المعاصرون حديثا، وهو ما جعله يشتغل على تصنيف العلوم تبعا لمرجعيتها من جهة، وتبعا لوظيفتها من جهة أخرى، فهو يعمد إلى بيان مدى الحاجة العلمية إلى بعض العلوم دون البعض الآخر، ومدى تأثير العمران عليها، وارتباط هذه الحاجة بالعمران، وإن كان منهج ابن خلدون يقوم على الفصل بين ما هو مقصود لذاته، وما هو مقصود لغيره من العلوم، فإنه كان شديد التحذير، من أن يتجه، أو أن يتحول العلم المقصود لغيره، إلى علم مقصود لذاته.

وفي هذا السياق ربط ابن خلدون بين العلوم وبين مدى حاجة المتعلم إليها، ودعا المتعلم في أن يتجه إلى العلوم المقصودة لذاتها، أكثر من إن يتجه إلى العلوم المقصودة لغيرها….. ومنعطف العلوم هو التحول الذي قد يعتريها في المهمة والوظيفة…..

وهذا الإشكال الذي استوقف كثيرا من الدارسين، ونبه على خطورته عدد من الباحثين في الفترة المعاصرة، هو ما جعلهم يلحون على مدى البعد المنفعي في طلب العلم، احترازا من ضياع الوقت، وتحقيقا للهدف العام الذي من أجله وضع ذلك العلم…

* * *

(1) يراجع: منهجية التكامل المعرفي: مقدمات في المنهجية الإسلامية للدكتور حسن ملكاوي. منشورات المعهد العالمي للفكر الإسلامي: 2012.

(2) مكانة العلم في الثقافة العربية للدكتور سالم يفوت دار الطليعة بيروت. 2006.

(3) مراتب العلوم لابن حزم الأندلسي: 4/89.

(4) هده العبارة تكررت عند الدكتور طه عبد الرحمان.

(5) تجديد المنهج في تقويم التراث:12.

(6) تجديد المنهج في تقويم التراث:76.

(7) مشروعية المنطق ع1- س1-1989. ص:92.

(8) يراجع دراستنا: الدرس المنطقي في التراث العربي الإسلامي، الفصل الخاص الحاجة إلى المنطق.

(9) تأريخ المنطق عند العرب. للدكتور محمد مرسلي. ضمن كتاب: كيف نؤرخ للعلم. العدد:58. السنة:1996.

(10) المعنى في تفسير الطبري:22.

(11) يراجع: دراسة الطبري للمعنى من خلال تفسيره جامع البيان. للدكتور محمد المالكي: ص:21 وهو من منشورات وزارة الأوقاف المغربية.2000.

(12) مقدمة كتاب التسهيل لعلوم التنـزيل:1/5.

(13) جهود الطبري في دراسة الشواهد الشعرية للدكتور محمد المالكي:12. منشورات كلية الآداب فآس المغرب:1994.

(14) يراجع: مقدمة في المنهج للدكتور ة عائشة عبد الرحمان بنت الشاطئ. المقدمة.

(15) نظرية العبور في العلوم الإسلامية.

(16) نظرية الاعتبار في العلوم الإسلامية للدكتور عبد الكريم عكيوي. منشورات المعهد العالمي للفكر الإسلامي السنة:2008.

(17) العقل والشريعة لمهدي فضل الله ك12.

(18) مقدمة كتاب: انتقال النظريات والمفاهيم:76 منشورات كلية الآداب الرباط العدد رقم:67.

(19) للوقوف على مفاهيم الأصوليين،في انتقالها إلى علماء اللغة. يراجع دراسة:تمام حسان في كتابه الأصول.

(20) المفاهيم الرحالة من علم إلى أخر لمحمد حمدوش. ضمن ندوة: قضايا المصطلح في الآداب والعلوم الإنسانية. العدد:12. السنة:2001.

(21) مفهوم المصطلح ووظائفه للدكتور عز الدين البوشيخي. ضمن أعمال ندوة: المدخل إلى الدراسة المصطلحية. الشارقة المنتدى الإسلامي ماي 2013.

(22) يراجع مداخلتنا:الدرس المصطلحي عند الأصوليين. مداخلة قدمناها إلى مؤتمر الدراسات المصطلحية الذي انعقد بكلية الآداب بسطيف بنعمر:2012.

(23) انتقال المفاهيم والنظريات. مداخلات ندوة كلية الآداب الرباط. المغرب.

(24) تجديد المنهج في تقويم التراص.

(25) انتقال المفاهيم من علم الكلام إلى علم أصول الفقه. محمد بنعمر مداخلة شاركنا بها في أعمال ندوة تراث الغرب الإسلامي في علم الكلام.. مركز الدراسات والبحوث 14-15-وجدة المغرب.

(26) يراجع رسالتنا الجامعية: ابن حزم وآراؤه الأصولية.كلية الآداب ظهر المهراز فاس المغرب.

(27) مقدمة كتاب الروضة في علم أصول الفقه لابن قدامه المقدسي، بتحقيق عبد الكريم النملة.

(28) يراجع ندوة: قضية التعريف في الدراسات المنطقية. منشورات كلية الآداب بوجدة المغرب. العدد:13.

(29) تكوين العقل العربي للدكتور محمد عابد الجابري. كما كانت هذه المناظرة موضوع أطروحة الدكتور طه عبد الرحمان التي قدمها إلى جامعة السوربون وحللها بشكل مستفيض….

(30) من قبيل ذلك: ابن العربي المعارفي الأندلسي مفسرا لغويا للأستاذة موسي عائشة رسالة مرقونة بكلية الآداب وجدة المغرب. ا لمباحث اللغوية والنحوية في بصائر ذوي التمييز للدكتورة وفاء عباس الدليمي جامعة بغداد:2000 – البلاغة القرءانية في تفسير الزمخشري للدكتور محمد أبو موسى. وقد تابع الدكتور مساعد الطيار حضور اللغة في كتب التفسير في أطروحته الجامعية الموسعة: التفسير اللغوي للقرآن الكريم دار ابن الجوزي 1422ه. وأطروحة: قضايا اللغة في كتب التفسير: المنهج، التأويل، الإعجاز، تأليف: د. الهادي الجطلاوي. التفسير اللغوي للقرآن الكريم في لسان العرب. للدكتور حسن المشهداني دار اليمان مصر 2012.

(31) مقدمة تفسير ابن جزي الكلبي المسمى التسهيل:1/3.

(32) يراجع أطروحة الدكتور فهد الوهبي: المسائل المشتركة بين علوم القرآن وعلم أصول الفقه وهي رسالة جامعية.

(33) نفسه.

(34) الدرس اللغوي عندالاصوليين لمحمد بنعمر:25.

(35) إحصاء العلوم للفارابي:131.

(36) المنقذ من الضلال:16.

(37) المقدمة لابن خلدون:400.

(38) كتاب الحروف للفارابي:129.

(39) في أصول الحوار وتجديد علم الكلام لطه عبد الرحمان:8.

(40) أصول الفقه عند ابن الفرس ومنهج إعماله في التفسير من خلال كتابه أحكام القرآن تجديد المنهج في تقويم التراث: 269.

(41) تجديد المنهج في تقويم الثرات:23.

(42) الخصائص لابن جني:3/345.

(43) تجديد المنهج في تقويم التراث:32.

(44) العقل والشريعة للدكتور مهدي فضل الله:13.

(45) يراجع الفصل المخصص للمنطق في المقدمة.

(46) للوقوف على هذه العلاقة الجامعة بين علم أصول الفقه والمنطق يراجع: المنطق وفقهاء الغرب الإسلامي للدكتور ميمون بريش. رسالة جامعية مرقونة بكلية الآداب الرباط. يراجع: كتابنا: ابن حزم وآراؤه الأصولية حيث خصصنا جزءا موسعا لإبراز هذه العلاقة بين العلمين.كما اصدر مركز نماء دراسة بعنوان: علاقة أصول الفقه بعلم المنطق للدكتور وائل بن سلطان الحارثي سنة 2012. ومن الدراسات الجادة في الموضوع أطروحة الدكتور عباس ارحيلة “الأثر الأرسطي في البلاغة والنقد”. وقد صدرت عن منشورات كلية الآداب الرباط.

(47) المقدمة:585.

(48) الفارابي ونسق العلوم في الثقافة الإسلامية للدكتور محمد وقيدي. مجلة دعوة الحق العدد:364. السنة:2002.

(49) مشروعية المنطق للدكتور طه عبد الرحمان. مجلة المناظرة العدد:1. السنة:1998.

(50) المقدمة:422.

(51) مقدمة البحر المحيط:1/22.

(52) التداخل بين العلوم الإسلامية للدكتور ميمون بريش. مجلة بصائر الرباط العدد4- السنة:2007.

(53) يراجع كتاب: الضروري في صناعة النحو لابن رشد الحفيد:22.

(54) يراجع كتاب الضروري في صناعة النحو:21.

(55) المقدمة:403.

(56) الأثر الأرسطي للدكتور غباس ارحيلة 552.

(57) رسائل ابن حزم:1/:89.

(58) التقريب لحد المنطق 102.

(59) ابن حزم والفكر الفلسفي في المغرب والأندلس/204.

(60) نحن والتراث: محمد عابد الجابري: 294.

(61) المقدمة:816.

(62) يراجع: العصبية والدولة لمحمد عابد الجابري:22.

(63) حققت المقدمة: من أشهرها تحقيق الباحث المغربي عبد السلام الشدادي بيت الفنون والعلوم – الدار البيضاء:2005.

(64) الخطاب التاريخي للدكتور علي امليل. دار التنوير 1986.

(65) فكر ابن خلدون العصبية والدولة للدكتور محمد عابد الجابري.

(66) ابن خلدون في الإنتاج بالمغرب لإدريس المنصوري. أعمال ندوة الفكر الفلسفي بالمغرب المعاصر. منشرات كلية الآداب الرباط. العدد:23.

(67) للوقوف على هذا التأثير يراجع: المراكز العلمية، والفكرية في تونس لعلي الإدريسي. ضمن كتاب: مؤسسات العلم والتعليم في الحضارة الإسلامية. منشورات كلية الآداب الرباط.150 العدد.

(68) المسألة الدينية في فكر ابن خلدون لجورج لابيكا. مداخلة بمركز البحوث يناير 2007. وجدة المغرب.

(69) المقدمة:635.

(70) نحن والتراث:270.

(71) نفسه:186.

(72) نفسه.

(73) المقدمة:387.

(74) نفسه.

(75) المقدمة:475.


اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر