أبحاث

الصكوك كأداة للتمويل بين النظرية والتطبيق (2)

العدد 153

الباب الثاني

مخاطر الصكوك والرقابة الشرعية عليها ومجالات استخدامها

الفصل الأول

مخاطر الصكوك الإسلامية(1)

تعرفّ المخاطر من المنظور المالي بأنها: “إمكانية حدوث انحراف في المستقبل بحيث تختلف النواتج المرغوب في تحقيقها عما هو متوقع، أي توقع اختلافات في العائد بين المخطط والمطلوب والمتوقع حدوثه.

وتتنوع المخاطر التي تتعرض لها الاستثمارات بمختلف أنواعها، وقد اختلف الباحثون في تصنيفها وتقسيمها، وإذا كان التقسيم الشائع خاصة في الأوراق المالية هو تصنيفها إلى نوعين من المخاطر، وهي المخاطر النظامية -العامة- والمخاطر غير النظامية –الخاصة-، فإنه يمكننا تقسيم مخاطر الصكوك الإسلامية كما يلي:

1- المخاطر المالية ومدى تأثر الصكوك الإسلامية بها

وهي المخاطر المتصلة بإدارة الموجودات والمطلوبات، وتتعرض الصكوك الإسلامية إلى هذه المخاطر مثلها مثل الأوراق المالية المتداولة في الأسواق المالية، وأهم ما يمكن توقعه من مخاطر مالية ومدى تأثيرها على الصكوك الإسلامية، ما يلي:

أولاً: المخاطر الائتمانية:وتسمى كذلك “مخاطر التمويل” أو “مخاطر الاستثمار” أو “مخاطر المداينة”، وتعرف بوجه عام بأنها المخاطر الناشئة عن احتمال عدم وفاء العميل بالتزاماته التعاقدية كاملة وفي مواعيدها(2). وتكون هذه المخاطر في حالة الصكوك الإسلامية نتيجة سوء اختيار العميل، سواء بعدم وفائه بالتزامات العمل المسند إليه بالنسبة لاستثمارات الصكوك القائمة على صيغ المشاركة في الأرباح، وقد تنشأ كذلك في حالة استخدام حصيلة الاكتتاب في الصكوك في مشاريع تجارية تقوم على المبادلات؛ فقد يدخل في المشروع أثناء عمله معاملات قائمة على أساس مدفوعات آجلة، وفي حالة اعتبار الوعد غير ملزم في استثمارات صكوك المرابحة، تنشأ مخاطر الائتمان في هذه الحالة عند عدم رغبة العميل في استلام السلعة المشتراه ورجوعه عن وعده، أو عدم رغبته في استلام السلعة المستصنعة في استثمارات صكوك الاستصناع – إذا كان عقد الاستصناع جائزا غير ملزم- أو تأخير أو عدم سداد العميل ما عليه من التزامات بالنسبة لاستثمارات صكوك المرابحة وصكوك الإجارة، أو عدم الالتزام بتوريد السلع المتفق عليها وصفاً وزماناً بالنسبة لاستثمارات صكوك السلم.

وهذا كله يقع في الأساس على عاتق المنشأة مصدرة الصكوك، ومانحة الائتمان للعميل، فوجود الائتمان في العملية الاستثمارية مظنة لوقوع الخطر بفعل عدة أسباب سبق ذكرها، مما يؤثر سلباً على عوائد الصكوك؛ لذا فإن هذه المخاطر تدخل ضمن المخاطر غير النظامية “الخاصة”(3).

أما مخاطر الائتمان التي يتعرض لها حامل الصك، فتنشأ عن مدى قدرة مصدر الصكوك على دفع العوائد الدورية، وأصل قيمة الصك في تاريخ الاستحقاق، ومن أهم أشكال المخاطر الائتمانية التي تواجه المستثمرين -حملة الصكوك- مايلي:

1- مخاطر التأخر في الوفاء: وهذا الخطر يحدث إذا توقع حملة الصكوك أن العوائد التي توزع عليهم ستتأخر عدة أشهر، بسبب رغبة المدين في تأخير الوفاء. والمخاطر الائتمانية في أسوأ حالاتها قد تؤدي إلى مخاطر العجز عن الوفاء.

2- مخاطر العجز عن الوفاء: هذا الخطر يحدث إذا توقع حملة الصكوك إفلاس المدين وعدم القدرة على الوفاء بتسديد العوائد التي توزع عليهم، ويمكن أن يؤدي إلى الانخفاض الجزئي أو الكلي في القيمة الاسمية للصكوك -تآكل رأس مال المستثمرين-، وهذا الخطر يعتمد وقوعه على الجدارة الائتمانية للمدين من خلال درجة التصنيف الائتماني التي تعطى عند بدء التصكيك، والتي تساعد المستثمرين على توقع هذا الخطر قبل اتخاذ القرار الاستثماري في الصكوك المصدرة(4).

وبالنسبة للصكوك الحكومية، فقد تتعرض الجهة المصدرة – كدولة- للمخاطر الائتمانية من حيث سوء اختيار العميل، لكن من النادر أن يحدث هذا الخطر بالنسبة لحامل الصك؛ كون الصكوك الحكومية تكون عادة مضمونة السداد.

ثانياً: مخاطر السوق:وتعرف على أنها المخاطر الناتجة عن التحركات العكسية في القيمة السوقية لأصل ما، قد يكون صك استثماري، عملة أو سلعة وغيرها.

وتندرج تحت المخاطر النظامية “المخاطر العامة”، وهذه المخاطر كفيلة – إذا لم يحسن التصرف معها- بتهديد المشاريع الاستثمارية التي تسعى إلى تحقيق عوائد مناسبة تغطي التكاليف وتحقق أرباحا صافية لحملة الصكوك، ويمكن القول بأنها سلاح ذو حدين؛ فقد يحقق المشروع بسببها أرباحاً عالية أو خسائر فادحة، ويفصل بين هذا وذاك حاجز عدم التأكد، وهذا هو مكمن المخاطرة.

وتضم أهم المخاطر التالية:

1- مخاطر سوق الأصول الحقيقية “السلع والخدمات”:وهذه المخاطر مرتبطة بطبيعة الصكوك الإسلامية التي تعتمد من أساسها على الملكية لا على المديونية كالسندات التقليدية، وهذه الأصول تباع في الأسواق كأية أصول أخرى، وبالتالي فإنها معرضة لما تتعرض له كافة السلع والخدمات من إمكانية تناقص قيمتها بفعل عوامل السوق، ومن أهم العوامل التى تتفق عليها الأسواق: عوامل العرض والطلب، السياسات الاقتصادية للحكومات، العلاقات الاقتصادية الدولية، الأزمات الاقتصادية(5).

2- مخاطر سوق المال: ويمكن تصنيف تلك المخاطر وفقاً لما يلي:

– مخاطر سعر الصرف: وتنشأ هذه المخاطر في سوق النقد، وتعرف على أنها المخاطر الناجمة عن تقلب أسعار صرف العملات في المعاملات الآجلة التي تعقدها المؤسسات المالية، عند إصدارها بعملة معينة واستثمار حصيلتها بعملات أخرى، أو إذا كانت المنشأة المصدرة للصكوك تحتفظ بمواقع مفتوحة تجاه بعض العملات الأجنبية، أو التزامات الدفع خاصة في عمليات المرابحات والتجارة الدولية.

– مخاطر سعر الفائدة “السعر المرجعي”: تتمثل مخاطر تغير أسعار الفائدة في عدم تأكد أو تقلب أسعار الفائدة المستقبلية؛ حيث تنشأ هذه المخاطر نتيجة التغيرات في مستوى أسعار الفائدة في السوق بصفة عامة. فكلما ارتفعت مستويات أسعار الفائدة في السوق انخفضت القيمة السوقية للأوراق المالية المتداولة، والعكس صحيح مع بقاء العوامل الأخرى ثابتة، وهو ما يؤثر على معدل العائد على الاستثمار؛ حيث يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى جعل الصكوك ذات العائد الثابت نسبيا أقل جاذبية، ومن ثم انخفاض أسعارها، بينما يؤدي انخفاض أسعار الفائدة إلى العكس، وكلما قل معدل العائد الدوري كلما ازداد تأثير أسعار الفائدة على سعر الصك. وتعتبر الصكوك ذات العائد المتغير أقل تأثراً بالتغيرات في أسعار الفائدة(6). ومن جهة أخرى، قد يبدو أن الصكوك الإسلامية لا تتعرض لمخاطر السوق الناشئة عن التغيرات في سعر الفائدة طالما أنها لا تتعامل بسعر الفائدة في أنشطتها ومجالات استثمارها؛ كونها جاءت كبديل شرعي للسندات التقليدية التي تتعامل بالفائدة، لكنها في الحقيقة تواجه هذا النوع من المخاطر بصورة غير مباشرة؛ فالصكوك الاستثمارية الإسلامية قد تتأثر بسعر الفائدة إذا اتخذته سعراً مرجعياً؛ ففي عقد المرابحة أو الاستصناع مثلاً يتحدد هامش الربح بالإضافة إلى هامش المخاطرة من خلال السعر المرجعي وهو في العادة معدل الفائدة.

وفي الدول التي لا تتعامل بسعر الفائدة، وتلك التي لا يكون هناك تأثير لسعر الفائدة المرجعي، نجد أن المتغيرات في قيمة النقود ارتفاعاً وانخفاضاً نتيجة التضخم وارتفاع الأسعار قد يؤدي لزيادة المخاطر لحملة الصكوك.

– مخاطر معدل العائد: تتعرض المؤسسات المالية الإسلامية لمخاطر معدل العائد في سياق المخاطر الإجمالية داخل قوائم مراكزها المالية نتيجة للتغير في قيمة النقود ارتفاعاً أو انخفاضاً، وأي ارتفاع في المعدلات القياسية المقارنة قد يؤدي إلى توقع حملة الصكوك لمعدل عائد أعلى، وقد تضطر المؤسسات المالية الإسلامية تحت ضغط السوق إلى دفع عائد يفوق العائد الذي حققته فعلاً موجودات الصكوك، إذا كانت عوائد الصكوك الإسلامية دون المستوى مقارنة بمعدلات المنافسين، وقد يقرر مُصدِر الصكوك التنازل عن حقوقها في كل جزء من حصصه في أرباح المشروع لإرضاء حملة الصكوك والاحتفاظ بهم كشركاء دون التخلي عن صكوكهم، وتنشأ المخاطر التجارية المنقولة نتيجة لضغوط تنافسية على المؤسسات المالية لجذب مستثمرين –حملة الصكوك- والاحتفاظ بهم(7)، وقد تكون هناك مخاطر انخفاض معدل العائد نتيجة كون الصكوك الإسلامية يتم توظيفها في مشروعات قد يكون لها جانب اجتماعي مما يؤدي إلى انخفاض عائدها مما قد يؤدي إلى عدم الاقبال على شرائها، ولكن قد يعوض ذلك فهم المسلمين أن هناك ضريبة لابد أن تدفع مقابل العمل في المشروعات الغير محرمة وضريبة العمل بالحلال.

3- مخاطر أسعار الأوراق المالية:تتغير أسعار الصكوك الإسلامية بحسب أوضاع السوق، حتى لو لم تحدث أي تغيرات في المعطيات الأساسية للمُصدر، حيث لا تكاد تخلو الأسواق المالية من تقلبات أسعار الأوراق المالية المتداولة فيها سواء كانت تقليدية أم إسلامية، بسبب عوامل حقيقية أو عوامل مصطنعة وغير أخلاقية، كالإشاعات والاحتكار والمقامرة والبيع والشراء الصوري ونحو ذلك، وهو ما يؤثر على القيمة السوقية للصكوك الإسلامية.

4- مخاطر التضخم: تندرج هذه المخاطر تحت المخاطر النظامية، وتنشأ نتيجة الانخفاض في القوة الشرائية للعملة نتيجة للزيادة المستمرة في المستوى العام للأسعار، مما يؤدي إلى تآكل القوة الشرائية للعملة، وهو ما يعني تعرض الأموال المستثمرة وعوائدها لانخفاض في قيمتها الحقيقية.

والصكوك الإسلامية باعتبارها ذات مكونات من الأعيان والمنافع والنقود والديون، وذات عائد متغير في حالة صكوك المشاركات، فإن تأثرها بالتضخم يرتبط طردياً بزيادة مكوناتها من النقود والديون(8). وتجدر الإشارة إلى أن الصكوك الاستثمارية الإسلامية قد تتأثر إيجاباً بالتضخم وذلك عند تصفية الصكوك من خلال إنهاء الصفة الاستثمارية لها وتحويلها إلى سيولة نقدية؛ حيث أن الإطفاء يتم إما حقيقة ببيع ما تمثله الصكوك من موجودات عينية، أو من خلال التقويم، أو التنضيض الحكمي وأيلولتها الجهة المصدرة بالبيع، ولأن الصكوك تمثل أصولاً حقيقية في شكل أعيان وخدمات وترتفع أسعارها بطبيعة الحال مع ارتفاع المستوى العام للأسعار، مما يؤدي إلى ارتفاع قيمة الموجودات التي تمثلها هذه الصكوك عند إطفائها.

ويُلاحظ بالنسبة لمخاطر السوق بجميع أنواعها المذكورة سابقاً، أنها قد تؤثر على الصكوك الإسلامية الحكومية بشكل لا يختلف عن الصكوك الإسلامية التي تصدرها جهات أخرى.

ثالثاً: مخاطر السيولة:هذا النوع من المخاطر على خلاف الأنواع الأخرى السابقة يرتبط بمصدر الصكوك وليس بالطرف المقابل، وتندرج ضمن المخاطر غير النظامية –الخاصة-، وتظهر في حالة الصكوك الإسلامية عندما لا يستطيع المصدر تلبية الالتزامات الخاصة بمدفوعاتها في مواعيدها بطريقة فعالة؛ لعدم كفاية السيولة لتلبية متطلبات التشغيل العادية أو المفاجئة، أو لتسديد العوائد الدورية لحملة الصكوك، أو لتسديد الزيادة في قيمة الصكوك عند استحقاقها، نتيجة انخفاض التدفقات النقدية للمشروع فجأة، مما يقلل من مقدرة المصدر على الوفاء بالتزاماته التي حانت آجالها(9)، وقد ينتج عن حالة اللاسيولة الشديدة لدى المصدر أو تؤدي إلى تعثر أو إخفاق الإصدار.

ونرى أن هذا النوع من المخاطر قد يكون نتيجة لمخاطر الائتمان ومخاطر الصكوك العينية التي قد تتعرض لها عملية التصكيك.

ويُلاحظ عن مخاطر السيولة أنها تكون متدنية في حالة الصكوك الإسلامية الحكومية، كون المصدر هنا يتمثل في الدولة، لكن بالمقابل قد تظهر مخاطر السيولة من جانب حملة الصكوك فقط -وتسمى هنا مخاطر تسييل الصك- دون المصدر نتيجة عدم قدرة حملة الصكوك على تسييل صكوكهم، أي ضعف تداولها في السوق، وترجع مخاطر التداول في الأساس إلى ضعف قدرة المصدر في تحديد التغيرات في ظروف السوق، والتي يكون لها تأثير كبير على قدرة حامل الصك لتسييل قيمة الصكوك بشكل سريع وبأقل خسارة من القيمة.

2- المخاطر التشغيلية والصكوك الإسلامية:

تعتبر المخاطر التشغيلية من المستجدات في عالم إدارة المخاطر الحديثة، وهي تعني تلك المخاطر المتصلة بأوجه الاختلال الوظيفي في نظم المعلومات، ونظم رفع التقارير، وفي قواعد رصد المخاطر الداخلية، ويكون مصدرها الأخطاء البشرية أو المهنية أو الناجمة عن التقنية أو الأنظمة المستخدمة أو القصور في أي منها، وليس لها علاقة مباشرة مع ظروف الأسواق المالية(10).

وتندرج المخاطر التشغيلية تحت المخاطر العامة؛ إذا كانت بفعل عوامل خارجة عن سيطرة المشروع، وتندرج هذه المخاطر تحت المخاطر الخاصة؛ إذا كانت بفعل عوامل داخلية، كعدم كفاية التجهيزات أو الوسائل التقنية أو الموارد البشرية المؤهلة والمدربة، أو فساد الذمم، أو عدم توافر الأهلية الإدارية -أي الكفاءة الإدارية- القادرة على القيام بمهام الوكالة عن الملاك، وتحقيق الأرباح مع نموها واستقرارها مستقبلاً، والمحافظة على المركز التنافسي للصكوك ونحو ذلك، ومن خلال صورية أو ضعف الرقابة الشرعية، مما يؤثر سلباً في ثقة المتعاملين وسمعة المنشأة لديهم، وهو الأمر الذي من شأنه أن يترك آثاراً على القيمة السوقية للصكوك الإسلامية.

كما تشمل أيضا المخاطر القانونية حيث اعتبرتها اتفاقية بازل للرقابة المصرفية جزءاً من مخاطر التشغيل.

ويلاُحظَ على مخاطر التشغيل أنها تكون في أدنى مستوياتها إذا تعلق الأمر بالصكوك الحكومية، إلا إذا تعلق الأمر بالحروب، والنـزاعات، وبالظروف التي تكون خارجة عن سيطرة الدولة.

3- مخاطر الصكوك المرتبطة بصيغ التمويل الإسلامية:

تواجه الصكوك الإسلامية بالإضافة إلى المخاطر التقليدية -المالية والتشغيلية- مخاطر أخرى تختص وتتميز بها عن غيرها من الأوراق المالية الأخرى -الأسهم والسندات؛ نابعة من المخاطر الكامنة في صيغ التمويل التي تستند إليها الصكوك الإسلامية عند إصدارها، فمنشأ المخاطر في هذه الصيغ نابع من أن بعضها يقوم في الأساس على المشاركة في الربح والخسارة، وبعضها يقوم على الدين، وبعضها الآخر يرجع إلى عدم الاستثمار في مشروعات قد يكون العائد فيها كبيرًا جداً ولكن قد تكون هذه المشروعات مخالفة للشريعة الإسلامية، أو بمعنى آخر ضريبة العمل في المشروعات التي توافق الشريعة الإسلامية والتي غالباً ما يكون فيها العائد منخفضًا أو قد يكون لها أبعاد اجتماعية.

وتنعكس مخاطر صيغ التمويل الإسلامية على الصكوك التي أصدرت على أساسها من خلال انخفاض عوائدها في الأسواق المالية، ويمكن تلخيصها فيما يلي:

أولاً: مخاطر الاستثمار بالمضاربة:يمكن حصر أبرز مخاطر صيغة المضاربة التي تواجه العملية الاستثمارية، في المخاطر الأخلاقية، والتي من مظاهرها خيانة المضارب، وعدم التزامه بشروط العقد، أو أن يقوم بالاحتيال والتزوير في الحسابات المالية الخاصة بالمشروع الاستثماري(11).

ونرى أن صيغة الاستثمار بالمضاربة تعتبر من العلاقات التي قد تُثار أو تظهر فيها مشكلة الوكالة -تعارض المصالح- وعدم تماثل المعلومة بين أصحاب المال -أي حملة الصكوك والمضارب المصدر-، والتي من أسبابها سوء الانتقاء “الاختيار العكسي” والذي ينتج عنه تباين في المعلومات المتاحة بين حملة الصكوك ومصدر الصكوك(12)، بالإضافة إلى مشكلة عدم وجود ضمانات على صيغة المضاربة، إلا على حسن الإدارة وعدم التعدي على مال المستثمرين -والذين هم حملة الصكوك-، وليس لحملة الصكوك حق التدخل في إدارة المشروع كشرط لصحة صيغة المضاربة، مما يجعل يد المضارب مطلقة في عملية الإدارة، وأيضاً عدم وجود معايير دقيقة يمكن بها إثبات تعدي المضارب وتقصيره في حقوق حملة الصكوك.

ومن بين المخاطر كذلك سوء الظروف السوقية للسلعة المنتجة وصعوبة التدقيق والتصفية.

وبما أن صكوك المضاربة تمثل حصة شائعة في موجودات المشروع الاستثماري الممول على أساس صيغة المضاربة، فإنها قد تتأثر وبشكل مباشر بمخاطر هذه الصيغة، ويظهر تأثيرها بانخفاض القيمة السوقية لصكوك المضاربة في الأسواق المالية، كما قد تفقد الصكوك قيمتها الاسمية أيضاً نتيجة للمخاطر التي تتعرض لها أصول المشروع الاستثماري والتي تستند عليها صكوك المضاربة، ويجوز لتقليل هذه المخاطر في صيغة المضاربة وكذلك باقي الصيغ في طلب كفالة بوفاء المضارب بالتزاماته.

ثانياً: مخاطر الاستثمار بالمشاركة:تتعرض هذه الصيغة لجملة من المخاطر أبرزها: المخاطر المتعلقة بسوء الإدارة، والإخلال بعقد المشاركة، وتعتبر أشدها على هذه الصيغة(13).

وبما أن صكوك المشاركة تصدر على صيغة المشاركة، وأن حملتها إنما هم شركاء –مساهمون- في الشركة، فإن أي خطر على الشركة يؤدي إلى تناقص القيمة السوقية للصك، وقد تفقد قيمتها الاسمية في حال إفلاس المشروع بشكل كامل.

ثالثاً: مخاطر الاستثمار بالإجارة:هناك بعض المخاطر خاصة بها، مثل مخاطر الائتمان – التأخر أو المماطلة في سداد الأقساط-، ومخاطر السوق منها مخاطر تغير قيمة النقود مما قد يؤدي إلى تغير أسعار الصرف، وارتفاع نسبة التضخم النقدي مقرونة بطول فترة السداد، بالإضافة إلى مخاطر الأصول -كتلف الأصول المؤجرة- نتيجة سوء إدارة المشروع.

كما يمكن أن تتعرض هذه الصيغة إلى مخاطر مفاجئة – طبيعية- قد لا تسلم منها كل أنواع الاستثمارات.

وكل هذه المخاطر التي سبقت، تتعرض لها صكوك الإجارة، وتعتبر هذه الأصول أساس وجود صكوك الإجارة، وبالتالي فإن أي خطر من هذه المخاطر يتعدى إلى الصكوك مباشرة، وتؤثر عليها من خلال انخفاض القيمة السوقية للصكوك، أو تآكل لقيمتها الاسمية.

رابعاً: مخاطر الاستثمار بالسّلم:من بين أهم المخاطر في صيغة السلم، المخاطر الناتجة عن عدم تسليم السلعة بسبب تلفها أو مماطلة البائع في تسليمها، ومخاطر تتعلق بالسلعة نفسها في حال عدم تسليمها بالمواصفات والمعايير المتفق عليها، مثل أن تكون السلعة بجودة أقل.

وتتأثر صكوك السلم بالمخاطر، لأن حملة الصكوك هم أصحاب المال الذين دفعوا ثمن سلعة السلم، وعلى أساسه ينتظرون تسلم السلعة في تاريخ محدد، وإذا تعرضت بضاعة السلم لأي نوع من أنواع المخاطر السابقة يعني ذلك انخفاض عوائد الصكوك؛ باعتبار أنها تمثل حصة شائعة في ملكية بضاعة السلم.

خامساً: مخاطر الاستثمار بالمرابحة:ومن المخاطر الخاصة بها، عدم وفاء العميل بالتزامه بدفع الأقساط المحددة في مواعيدها -مخاطر الائتمان-، فإذا تأخر أو ماطل في سداد تلك الأقساط، فلا تستطيع المؤسسة المالية الإسلامية أن تزيد عليه، أو تفرض غرامات التأخير. ومن بين المخاطر أيضا عدم الالتزام بالوعد في حالة صكوك المرابحة للآمر بالشراء(14)، وهي تعتبر من المخاطر عند الأخذ برأي عدم إلزام العميل بتنفيذ وعده بشراء السلعة بعد توفيرها، ولو كانت وفق المعايير الخاصة بالآمر بالشراء في حالة أن الآمر بالشراء ليس المصدر بل جهة أخرى يتولى المصدر تمويلها، فإحجامه أو نكوله عن الشراء يعني اضطرار المؤسسة إلى بيعها أقل من سعر شرائها.

كما يمكن أن تفقد صكوك المرابحة قيمتها الاسمية في حالة وجود ظروف قاهرة تؤدي إلى إهلاك سلعة المرابحة بكاملها، وعليه انهيار المشروع وفشله.

سادساً: مخاطر الاستثمار بالاستصناع: من بين أهم المخاطر التي تتعرض لها هذه الصيغة، مخاطر تراجع الزبون عن إتمام العقد، إذا اعتبر عقد الاستصناع عقداً جائزاً غير ملزم، أو تخلف الزبون عن سداد الأقساط في موعدها -نتيجة عدم زيادة السعر-، أو عدم صناعة السلعة وفق المواصفات والمعايير المطلوبة، سواء أكانت مخالفة لمعايير الجودة، أو المعايير الخاصة التي طلبها المستصنع الأول الطالب لسلعة الاستصناع(15).

سابعاً: مخاطر الاستثمار بصيغ التمويل الزراعية “المزارعة، المساقاة، المغارسة”:إن من أبرز المخاطر التي تتعرض لها الصكوك الزراعية هي المخاطر الطبيعية نظراً لطبيعة الصيغ الثلاثة المتصلة اتصالا وثيقاً بالطبيعة – الكوارث والحوادث الطبيعية، الفيضانات، والرياح، والحشرات والأوبئة والآفات، والحرائق وغيرها-، مما قد يفقد هذه الصكوك قيمتها الاسمية في حالة وجود ظروف قاهرة تؤدي إلى إهلاك موجودات المشروع الزراعي بكاملها، وبالتالي انهيار المشروع وفشله.

كما تتعرض إلى مخاطر السوق -مخاطر الأسعار- مما يؤدي إلى انخفاض عائدات الصكوك التي تمثلها، ولكن في حالة الصكوك الحكومية تكون المخاطرة أقل إذا كانت متعلقة بالمصُدر؛ نظراً لكون المُصدر هنا جهة حكومية تكون لها القدرة الكافية على تعويض أي خسارة أو نقص أو حتى تلف، بينما تبقى لها نفس الحجم من المخاطرة إذا كانت متعلقة بحامل الصك أو العميل.

4- المخاطر الشرعية:

تندرج هذه المخاطر تحت المخاطر الخاصة والتي تختص بها الصكوك الإسلامية عن غيرها من الأوراق المالية الأخرى المتداولة في الأسواق المالية، وقد تكون عامة تمس جميع أنواع الصكوك الإسلامية إذا افترضنا أنها الوحيدة المتداولة في سوق الأوراق المالية، وتتعدد صور أو مصادر المخاطر الشرعية ونذكر منها ما يلي:

أولاً:مخاطر تتعلق بالاختلافات الشرعية بين الفقهاء، نتيجة غياب معايير شرعية موحدة، وإن وُجدت فهي غير ملزمة التطبيق.

ثانياً: مخاطر تنتج عن عدم التزام الصك المصدر بالضوابط الشرعية، نتيجة استخدام أموال الصكوك في المحرمات، سواء أكانت محرمات لعينها كالسلع والخدمات المحرمة، أو محرمات لكسبها كالربا، والقمار والغش، والتدليس، والخديعة، والخيانة…إلخ(16).

ثالثاً:مخاطر تضارب المصالح في الهيئات الشرعية: ويمكن أن يتصور تعارض المصالح في الهيئات الشرعية بعدم التزام الهيئة ببعض المبادئ الخاصة بالشفافية والإفصاح، وبما يعرض استقلالية الهيئة للخطر نتيجة الانتفاع المادي أو المعنوي لعضو أو أعضاء الهيئة،ويمكن أن تقسَّم أشكال تعارض المصالح في أعمال الهيئات الشرعية إلى أقسام على النحو التالي(17):

– التعارض بين استقلالية الهيئات الشرعية وحصول أعضائها على مكافآت مالية.

– التعارض بين مبدأ السرية وحق أعضاء الهيئات الشرعية الإفتاء لأكثر من جهة.

– تعارض المصالح في حالات الإفتاء للمؤسسات المالية والمساهمة فيها.

– التعارض بين حق الإطلاع على المعلومات الداخلية وإمكانية الاستفادة منها.

– تعارض المصالح في حالة عدم الفصل بين الفتوى –التشريع- والتدقيق(18).

ويُلاحَظ هنا أن مخاطر الاختلافات الشرعية وكذلك استخدام أموالها في المحرمات قد تظهر في الصكوك الإسلامية بجميع أنواعها، لكن مشكلة تعارض المصالح قد تبدو في الصكوك الخاصة أكثر منها في الحكومية.

ونرى أنه للتغلب على المخاطر الشرعية في هذه الأخيرة فإن على الجهة الحكومية المصدرة أن تعرض تلك الصكوك على مكتب تدقيق شرعي محايد؛ لإبداء رأيه في شروط نشرة الإصدار قبل إصدار الصكوك، وكذا بعد إصدارها وتداولها أو حتى عند إطفائها.

5- قياس مخاطر الصكوك الإسلامية:

بالنسبة للأوراق المالية عموماً، تزداد المخاطر كلما ازداد العائد عن قيمته المتوقعة، ولقياس المخاطر يمكن قياس هذا التشتت كمياً إما بالتباين، أو تشتت بالانحراف المعياري(19)، وهما من أهم المقاييس والمؤشرات الإحصائية المناسبة لقياس المخاطر الكلية “النظامية وغير النظامية”، ويعدان مدخلاً ملائماً للتعرف على المخاطر غير النظامية للورقة المالية من خلال قياس مدى انحراف العائدات عن العائدات المتوقعة(20)، ونفس الشيء بالنسبة لصك استثماري مثلا، فكلما كان تقلب عوائد الصك سنوية، شهرية، فصلية،…الخ بشكل كبير عن المتوسط -درجة الانحراف كبيرة- يعطي إشارة للمستثمر، كون الصك محل الاستثمار يحمل معه معدل مخاطرة مرتفع، بينما يعبر التقلب المنخفض لعوائد الصك عن وسطه الحسابي عن استقرار الصك الاستثماري وقلة مخاطره.

ونظراً لصعوبة القياس عن طريق الانحراف المعياري والتباين بالصيغ الرياضية في الدول المتقدمة فإن ذلك يزداد صعوبة في الدول الإسلامية الأقل تقدماً.

تجدر الإشارة إلى أن الانحراف المعياري لا يكون مقبولا لقياس المخاطر إلا في حالة تساوي العائد المتوقع لكافة هذه الأوراق المالية، أما في حالة عدم التساوي بينها فإن المناسب لقياس المخاطر هو معامل الاختلاف Coefficient of Variationباعتباره مقياسا نسبيا للمخاطر –التشتت- Relative Measure of varianceوالذي يستخدم عادة لتقييم مخاطر الاستثمارات الفردية(21).

6- إدارة مخاطر الصكوك الإسلامية عامة والصكوك الحكومية خاصة:

أولاً: مفهوم إدارة مخاطر الصكوك الإسلامية: يتضمن مصطلح “إدارة المخاطر” كافة الأنشطة التي تحاول تغيير شكل العلاقة بين العائد المتوقع ودرجة المخاطرة المرتبطة بتحقيق هذا العائد المتوقع، وذلك بهدف تعظيم قيمة الأصل الذي يتولد عنه هذا العائد(22).

وانطلاقا من ذلك نحاول صياغة تعريف خاص بإدارة مخاطر الصكوك الإسلامية، حيث يمكن تعريفها بأنها: “تلك العمليات والإجراءات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، التي تحاول تغيير شكل العلاقة بين العائد والمخاطرة المرتبطين بالتدفقات النقدية المستقبلية عند الاستثمار في الصكوك الإسلامية، وذلك بقصد تعظيم القيمة السوقية للصك.

ثانياً: منهج إدارة مخاطر الصكوك الإسلامية: لتنفيذ عملية إدارة مخاطر الصكوك الإسلامية بالشكل الصحيح والفعال، لابد من تحديد الخطوات العلمية والعملية اللازمة لها، لذلك يطلق على هذه الخطوات “الإطار العام لإدارة المخاطر”، ولا يختلف الأمر بالنسبة للصكوك الحكومية، وتتمثل تلك الخطوات فيما يلي:

1- تحديد المخاطر:من أجل القيام بعملية إدارة المخاطر لابد من تحديدها أولا، من خلال تحديد نوعية المخاطر التي يتوقع أن تتعرض لها الصكوك الإسلامية سواء أكانت مخاطر عامة أم مخاطر خاصة، وكذلك تحديد مصدر تلك المخاطر سواء أكانت مخاطر ائتمان أو مخاطر سوق أو مخاطر تشغيل أو مخاطر شرعية، والوقوف على أسباب تلك المخاطر، كما يجب أن تتصف بالاستمرارية، وأن يتم فهم كافة المخاطر على مستوى كل عملية وعلى مستوى كل نشاط.

2- تقييم المخاطر:يستخدم تقييم المخاطر كأداة تخطيط، ويجب أن يعطي صورة شاملة عنها، فبعد تحديد مخاطر الصكوك الإسلامية ينبغي القيام بقياسها وتقييمها للوقوف على احتمالات الخسارة، مع ترتيبها وفقاً لجسامتها من حيث كونها مخاطر مرتفعة، أو متوسطة، أو ضعيفة، لاتخاذ التدابير اللازمة للتعامل معها.

حيث أن كل نوع من المخاطر يجب أن ينظر إليه بأبعاده الثلاثة وهي حجمه، مدته، واحتمالية حدوثه، وأن التقييم والقياس الصحيح هو ذلك الذي يتم في الوقت المناسب وهو على درجة كبيرة من الأهمية، إذ يعتبر القياس الكمي من التحديات الهامة التي تواجه إدارة المخاطر الحديثة.

3- ضبط المخاطر: بعد تحديد وقياس المخاطر وتقييمها، تأتي الخطوة الثالثة وهي ضبط هذه المخاطر، وذلك من خلال دراسة البدائل اللازمة للتعامل مع كل نوع من أنواع مخاطر الصكوك الإسلامية، واتخاذ القرار اللازم باختيار البديل المناسب سواء بتجنب تلك المخاطر أو توزيعها، أو قبولها والتعامل معها خاصة في حالة وجود إدارة جيدة لإدارة المخاطر، وعلى أية حال، فإن المقارنة بين المنافع والتكاليف من جراء تلك المخاطر هو المعيار الملائم في اتباع الأسلوب المناسب في التعامل مع المخاطر، فينبغي أن تفوق المنافع التكاليف المترتبة على مخاطر الصكوك الإسلامية.

4- تنفيذ القرار: وذلك من خلال وضع الآليات اللازمة لتنفيذ البديل الملائم للتعامل مع المخاطر موضوع التنفيذ.

5- مراقبة ومراجعة المخاطر: بما أن عملية إدارة المخاطر هي عملية مستمرة، و لضمان هذا يتم القيام بمراقبة ومراجعة نتائجها، ونظرًا لسرعة تغير بيئة الأعمال وبالتالي اختفاء مخاطر معينة و ظهور أخرى تتغير بهذا التقنيات الضرورية لإدارة هذه المخاطر، فضلا عن إمكانية اكتشاف أخطاء في إدارة المخاطر الموجودة قبل ذلك، وبالتالي يصبح لدى المديرين القدرة على تصحيح هذه الأخطاء قبل أن تؤدي إلى كوارث لا تستطيع المنظمة إدارتها.

ثالثاً: آليات إدارة مخاطر الصكوك الإسلامية وتطبيقها على الصكوك الحكومية:توجد طرق وآليات تقليدية متوافقة مع الشريعة الإسلامية وأخرى شرعية –إسلامية، ومن بين هذه الآليات التي قد تكون فعالة في عملية إدارة مخاطر الصكوك الإسلامية:

1- دراسة الجدوى الاقتصادية: تعني دراسة جدوى المشروعات في مرحلة سابقة لمرحلة التقييم ومرحلة لاحقة لمرحلة التعرف على الفكرة الاستثمارية.

والمفهوم الإسلامي لدراسات جدوى المشاريع الاستثمارية(23)، هو الدراسات التي تسبق المشروع الاستثماري بمفهوم، “الربحية الإسلامية” أو ما يمكن تسميته أبعاد المشروع الشرعية والاقتصادية والاجتماعية لتقييم العائدات المتوقعة، والتوخي أو التقليل من المخاطر الاقتصادية ومخاطر مخالفة القواعد الشرعية، من خلال توجيه التمويل نحو المشروعات الملتزمة بالشرعية الإسلامية من حيث النشاط الحلال، فضلاً عن الكفاءة الاقتصادية لتحقيق التخصيص الأمثل للموارد من خلال حفظ المال وتنميته، ومراعاة الأولويات الإسلامية في الاستثمار وفقاً للضروريات، والحاجيات، والتحسينات، بالإضافة إلى الكفاءة الاجتماعية وما تتضمنه من مسؤولية اجتماعية للتمويل، وتحقيق صافي منافع اجتماعية تعود على المجتمع بالنفع والخير، والالتزام بالأخلاقيات الإسلامية، وكل هذا من شأنه أن يسهم في تخفيض مجمل مخاطر الصكوك الإسلامية.

2- الضمانات: يعتبر الضمان من أدوات الهندسة المالية الإسلامية، وفي نفس الوقت من الأدوات المتعارف عليها في الهندسة المالية التقليدية، وأحد عوامل نجاح عملية تسويق وبيع الصكوك في أسواق رأس المال، وللضمان أنواع متعددة في الفكر الاقتصادي الإسلامي والتي من خلالها يمكن التعامل مع مخاطر الصكوك الإسلامية، ومن أبرز هذه الأنواع:

– الكفالة: وتعني التزام طرف بتحمل عبء عن طرف آخر على سبيل التبرع، وكفالة الشخص ذو الملاءة وذو الخلق الحسن وسيلة ناجحة في تخفيض مخاطر توظيف حصيلة الصكوك الإسلامية، خاصة المخاطر الشرعية، ومخاطر الأصول وعوائدها، ومن أهم الآليات التي تساهم في الوقاية من مخاطر الائتمان وتقلل من فرص وقوعها(24).

 – الالتزام بالوعد: يسمح الضمان بهذا المعنى بتفادي مخاطر عدم التزام العميل بالوعد، خاصة في صكوك المرابحة، وقد ورد بشأن الإلزام بالوعد من طرف واحد قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة في دورته الخامسة المنعقدة بالكويت من 15 ديسمبر 1988م الموافق 6 جمادى الأولى 1409هـ.

– ضمان طرف ثالث: المقصود به وجود طرف غير طرفي العقد يضمن ما يحصل من نقص أو خسران في مشروع معين, حيث يعد ضمان الطرف الثالث مستقلاً عن جهة الإدارة وعن المشاركين -حَمَلة الصكوك- آلية من آليات الحماية ضد مخاطر الصكوك الإسلامية خاصة مخاطر الائتمان.

وقد جاء بالمعايير الشرعية لهيئة المحاسبة والمراجعة “يجوز تعهد طرف ثالث غير المضارب أو وكيل الاستثمار وغير أحد الشركاء بالتبرع للتعويض عن الخسارة دون ربط بين هذا التعهد وبين عقد التمويل بالمضاربة، أو عقد الوكالة بالاستثمار.

ويمكن ضمان الطرف الثالث لموجودات الصكوك، و يصلح أيضا لإيجاد الضمان لعائد ثابت للصك، لأنه يستند إلى المبدأ نفسه، وهو ما يحقق الضمان للأصول وعوائدها.

– الرهن: يعد الرهن من آليات الحماية ضد مخاطر الصكوك الإسلامية خاصة المخاطر الائتمانية، وقد جاء: “في المعيار الشرعي الثامن لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية بذات الخصوص للمؤسسة في حال الحصول على رهن من العميل أن تشترط تفويضه لها ببيع الرهن من أجل الاستيفاء من ثمنه دون الرجوع إلى القضاء(25).

وبالنسبة للصكوك الحكومية، فإنه يمكن للدولة الاستفادة من هذه الضمانات أو طلبها من العميل إذا كان هو مصدر الخطر، خاصة خطر الائتمان، بينما يكون العميل مطمئناً إلى الدولة، إذ يمكن أن تكون هي الكفيل، والملتزم بالوعد، وهي الضامن بالتسديد دون الحاجة إلى طرف ثالث.

3- التأمين الإسلامي:إن عقد التأمين من العقود المستحدثة التي لم يكن لها وجود في الفقه الإسلامي، ولا يجوز الاعتماد على التأمين التجاري في التأمين ضد المخاطر، وإنما الاستفادة من شركات التأمين التعاوني، والتي تقوم بشكل عام على فكرة مؤداها أن توزع المخاطر على مجموعة من الأفراد بدلاً من ترك من لحقته المخاطر يتحمل تبعاتها وحده، وفي ظل تواجد شركات التأمين التعاوني، على الجهات المصدرة للصكوك أن تشترك في هذا النوع من المؤسسات(26)، ولا يختلف الأمر بالنسبة للصكوك الحكومية، فالتأمين الإسلامي يعد من الآليات الإسلامية للحماية ضد مخاطر الصكوك الإسلامية خاصةً المخاطر الائتمانية ومخاطر الأصول، حيث من خلاله يمكن التأمين على الأصول الاستثمارية ضد كافة مخاطر تلك الأصول.

4- الاحتياطيات:تقوم فكرة تكوين الاحتياطيات على نفس الأساس الفكري للتأمين التعاوني، من حيث أنهما قائمان على أساس اشتراك أفراد في دفع أقساط متساوية لتغطية المخاطر التي يمكن أن يتعرضوا لها، إلا أن تكوين الاحتياطيات يكون محدود النطاق وبين أفراد يشتركون في نشاط استثماري واحد، وقد قرر مجمع الفقه الإسلامي الدولي جواز ذلك، حيث ورد في دورتها الرابعة المنعقدة في جدة- المملكة العربية السعودية في الفترة من 6 إلى 11: “ليس هناك ما يمنع شرعاً من النص في نشرة الإصدار على اقتطاع نسبة معينة في نهاية كل دورة، إما من حصة الصكوك في الأرباح في حالة وجود تنضيد دوري، وإما من حصصهم في الإيراد أو الغلة الموزعة تحت الحساب، ووضعها في احتياطي خاص لمواجهة مخاطر خسارة رأس المال”(27).

5- التنويع:إن التنويع مبدأ استثماري مهم في النظرية المالية التقليدية، ويمكن تطبيقه في الصناعة المالية الإسلامية، والذي يمثل إستراتيجية استثمارية لتدنية المخاطر.

وتقوم آلية التنويع في حالة الصكوك الإسلامية على تنويع جهة الإصدار من أجل تخفيض درجة المخاطر دون أن يترتب على ذلك تأثير سلبي على العائد، وهو ما يعرف بالتنويع الكفء حيث توجد أسس مختلفة للتنويع، من أهمها تنويع جهة الإصدار، وتنويع تواريخ الاستحقاق، والتنويع القطاعي، والتنويع الدولي. وبالتالي يُلاحظ هنا أن التنويع قد يكون آلية لتقليل المخاطر بالنسبة لحملة الصكوك الحكومية.

6- التحوط:تقوم هذه الآلية على حماية استثمارات الصكوك الإسلامية من التقلبات خاصة في أسواق الأصول والأسواق المالية، ويمكن الاعتماد عليها ضد المخاطر شريطة أن لا يؤخر البدلين الثمن والمثمن حتى لا يكون ذلك من بيع الكالئ بالكالئ المحرم شرعاً، كما لا ينبغي شرعنة المشتقات المالية من عقود آجلة ومستقبلية وخيارات وعقود مبادلة بصورتها المطبقة حالياً في أسواق المال الغربية.

ونظراً لعدم إمكانية الاعتماد على أدوات التحوط التقليدية -المشتقات المالية-للوقاية من المخاطر التي قد تتعرض لها الصكوك الإسلامية، وفي ظل عدم وجود أدوات مالية متفق عليها في الفقه الإسلامي للتحوط وإدارة المخاطر، وبديل شرعي واضح عن المشتقات المالية التقليدية متفق عليها من الناحية الشرعية، إذ نجد أن معظم الإسهامات في هذا المجال ما زالت تحتاج إلى المزيد من التأصيل بنقلها من حيز التنظير إلى حيز التطبيق والممارسة، على نحو يلبي احتياجات المؤسسات المالية الإسلامية ويحقق الكفاءة الاقتصادية من دون تفريط في المصداقية الشرعية؛ فإن الحاجة تزداد باطراد إلى أدوات مالية إسلامية للتحوط ضد المخاطر.

ومن بين أهم الإسهامات في هذا المجال التي يمكن تطبيقها على حالة الصكوك الإسلامية:

– البديل الشرعي للخيارات والاستعاضة عنها بخيار الشرط وإحلاله محلها لتحقيق نفس أهداف الخيارات(28). والذي يسمح بالتحوط ضد مخاطر عدم الوفاء بالوعد من قبل مشتري السلعة بالمرابحة من خلال الاتفاق مع البائع على مدة خيار معلومة للسلعة عند شرائها.

– كما يمكن استخدام العربون كأداة تحوطية، تشبه ما يعرف بخيار الشراء؛ حيث يكون مبلغ العربون هو مقابل إعطاء المشتري حق اصطفاء خير الأمرين له في مدة الخيار، إلا أنه يختلف عنه في أن الثمن المدفوع هو جزء من ثمن السلعة وليس ثمن الخيار ولا ثمن مستقل للخيار(29).

– ويمكن كذلك التحوط ضد مخاطر سعر الصرف من خلال العمل على توحيد عملة التوظيف مع عملة إصدار الصكوك قدر الإمكان، واختيار العملات المستقرة للتعامل، وكذلك “إجراء قروض متبادلة بعملات مختلفة بدون أخذ فائدة أو إعطائها شريطة عدم الربط بين القرضين، وشراء بضائع أو إبرام عمليات مرابحة بنفس العملة، ويجوز الاتفاق مع العملاء عند الوفاء بأقساط العمليات المؤجلة كالمرابحة على سدادها بعملة أخرى بسعر يوم الوفاء(30).

ويُلاحظ على هذه الآلية –التحوط- صلاحيتها للصكوك الخاصة أكثر منها للصكوك الحكومية؛ نظراً لكون هذه الأخيرة أكثر أماناً وضماناً من الصكوك العادية.

7- الحوكمة: تعتبر كفاءة الإدارة والرقابة على الصكوك الإسلامية سر ربحيتها ونموها، وبقدر كفاءة الإدارة بقدر ما قد تجمع تلك الصكوك بين معضلات الربحية والسيولة والأمان، فضلاً عن مراعاة الاعتبارات الأخلاقية والمسؤوليات الاجتماعية.

وفي هذا الإطار تعد الحوكمة عاملاً من عوامل تحقيق هذه الكفاءة وأمراً ضرورياً لإيجاد نظام رقابي محكم يمكن أن يساهم في تحسين أداء المشروع الاستثماري موضوع الصكوك الإسلامية، من خلال عملية تحسين إدارة المخاطر بتحديده للجهات وتوزيعه المسؤوليات والصلاحيات بين مختلف الأطراف المشاركة في عملية التصكيك للحد من المخاطر التي تواجه هذه العملية؛ باعتبار أن حوكمة الشركات هي عمليات تتم بواسطة ممثلي أصحاب المصالح لتوفير إشراف على المخاطر وإدارتها، ومراقبة مخاطر المنشأة، والتأكيد على كفاية الضوابط الرقابية لتجنب هذه المخاطر، مما يؤدي إلى المساهمة المباشرة في إنجاز الأهداف وزيادة قيمة المنشأة.

وبدراستنا لمخاطر الصكوك برزت مشكلة الوكالة وتعارض المصالح كعامل مشترك بين العديد من المخاطر التي قد تتعرض لها الصكوك الإسلامية، والحوكمة جاءت لمعالجة مشكلة الوكالة الناتجة عن الفصل بين الملكية والإدارة –الموكل والوكيل- والتي تقوم عليها معظم أطراف عملية التصكيك، ولعل التجارب أثبتت أن معالجة هذه المشكلة -مشكلة الوكالة- لن تتم بمزيد من اللوائح والقوانين لأن هناك أحداث في المستقبل قد لا يشملها العقد، وأن هناك قدراً من السلوك لا يمكن إحكامه إلا بتقوية الجانب الأخلاقي للمسيرين.

وقد قدمت المؤسسات الدولية التقليدية والإسلامية الحوكمة كعلاج متطور لهذه المخاطر.

ومن بين أهم الإستراتيجيات الضرورية لتطوير الحوكمة كآلية لإدارة مخاطر الصكوك الإسلامية بما فيها الصكوك الحكومية، والتي لابد أن تتخذ مسارات شرعية ومالية وإدارية، نذكر مايلي:

– حوكمة الجهات المتصلة بإصدار الصكوك الإسلامية: حيث يتعين هنا قيام طالب الأموال –المنشئ- بإنشاء هيئة ذات غرض خاص كشركة مساهمة، يكون رأسمالها قيمة الصكوك المصدرة، ويمتلك حملة الصكوك حصصاً على المشاع فيها بنسبة ما يحملونه، ومن الممكن أن ينضم إليهم المنشئ كشريك بما يحمله من صكوك باحتفاظه بنسبة منها، ومن الممكن في هذه الحالة أن يتم تعيينه مديراً للهيئة الخاصة، مع إعطاء الحق لحملة الصكوك في مراقبة الإدارة، من خلال جمعية تقوم بمراقبة أعمال الهيئة ومحاسبة إدارتها كل فترة مالية. ومن خلال هذا يمكن التخفيض والتقليل من مخاطر التشغيل نتيجة تخفيض المخاطر الإدارية(31)، مع ضرورة حوكمة العلاقة بين أطراف التعاقد في صيغ التمويل الإسلامية التي تبنى عليها إصدارات الصكوك الإسلامية.

– حوكمة الهيئات الشرعية: إن طرح آليات واستراتيجيات لتطوير الحوكمة في عمل الهيئات الشرعية من شأنه أن يقلل الكثير من المخاطر نظراً لارتباط هذه الهيئة بمختلف أطراف هيكل عملية التصكيك، هذا من جهة، ومن جهة أخرى وعند دراسة هيكل الحوكمة داخل المؤسسات المالية الإسلامية نجد أن مركز هذا الهيكل هو هيئة الرقابة الشرعية، لدورها في إعطاء الصبغة الشرعية لجميع معاملات عملية التصكيك، ولعل الإقبال على الاكتتاب في الصكوك لإصدار معين دون آخر، يرجع في جزء كبير منه إلى ثقة المستثمرين بذلك الإصدار، وبالاطمئنان إلى سلامته من الناحية الشرعية.

الفصل الثاني

الرقابة الشرعية على الصكوك

تعتبر هيئات الرقابة الشرعية أهم جهاز مستحدث في بناء الهيكل التنظيمي للمؤسسات المالية الإسلامية، فعليه يدور جوهر نشاطها وأعمالها، ومن ثم فهو أعظم إنجاز حققه الفكر الشرعي في القرنين العشرين والواحد والعشرين.

فالهيئة الشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية اسمها مشتق من طبيعة عملها، فهي تضيف إلى الفكر الإداري والتنظيمي الوضعي منظومة شرعية جديدة تثريه وتؤثر فيه إيجابيا، وتحقق المقصد الضروري العام في التشريع وهو مقصد “حفظ المال” بتكثيره ومنع الفساد فيه.

وإن جوهر الدور الذي تقوم به الهيئة الشرعية هو: “الإفتاء والرقابة الشرعية بما يستلزمها من أعمال وإجراءات”. وإن الفتوى في خصوصية عمل المؤسسات المالية الإسلامية تتوافر لها الأسباب الشرعية التي تجعلها ملزمة لتلك المؤسسات باختيارها لذلك ابتداء.

ومن أجل حفظ المال، الذي هو أحد مقاصد الشريعة الإسلامية، تبرز الحاجة إلى تفعيل دور الهيئات التي تعمل على مراقبة المعاملات والصفقات التي تتم في المؤسسات المالية التي تصرح بأنها تلتزم أحكام الشريعة الإسلامية وأسسها في معاملاتها.

1- تعريف هيئة الرقابة الشرعية:هيئة الرقابة الشرعية هي: “جهاز مستقل من الفقهاء المتخصصين في فقه المعاملات –ويجوز أن يكون أحد الأعضاء من غير الفقهاء على أن يكون من المتخصصين في مجال المؤسسات المالية الإسلامية وله إلمام بفقه المعاملات-، يعهد له توجيه نشاطات المؤسسة المالية الإسلامية ومراقبتها والإشراف عليها؛ للتأكد من التزامها بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، وقراراتها ملزمة للمؤسسة”(32).

2- هيكلة هيئة الرقابة الشرعية: يجب أن تتكون هيئة الرقابة الشرعية من أعضاء لا يقل عددهم عن ثلاثة، ولهيئة الرقابة الشرعية الاستعانة بمتخصصين في إدارة الأعمال أو الاقتصاد أو القانون أو المحاسبة وغيرهم، ويجب ألا تضم هيئة الرقابة الشرعية في عضويتها مديرين من المؤسسة وألا تضم مساهمين ذوي تأثير فعال.

وهذا يعني أن يتم تعيين الهيئة وفق المراحل التالية:

– يعين مجلس الإدارة، فور أول تشكيل له، أعضاء هيئة الرقابة الشرعية لمدة لا تقل عن مدة مجلس الإدارة نفسه.

– يعرض هذا التعيين على الجمعية العمومية العادية لإقراره ثم تستقل الجمعية العمومية العادية بعد ذلك بتعيين أعضاء هيئة الرقابة الشرعية بناء على توصية من مجلس الإدارة.

– من ثم تستمد هيئة الرقابة الشرعية قوتها واستقلالها من الطريقة العادية لتعيين أعضائها وهي الجمعية العمومية العادية للمؤسسة المالية.

– يشتمل قرار التعيين لأعضاء هيئة الرقابة الشرعية على تحديد مكافأتهم ويجوز للجمعية العمومية أن تفوض مجلس الإدارة في ذلك.

– لا يجوز الاستغناء عن خدمات أعضاء هيئة الرقابة الشرعية – عزلهم- إلا بناء على قرار يصدر من مجلس الإدارة بأغلبية ثلثي أعضائه على الأقل ولا يكون هذا القرار نافذا إلا بعد إقراره من الجمعية العمومية العادية للمؤسسة المالية.

وهذه الطريقة في تعيين أعضاء هيئة الرقابة الشرعية وتحديد مكافأتهم ومدة عملهم والاستغناء عن خدماتهم – عزلهم- على النحو الفائت من أهم وأقوى وسائل وأدوات استقلالية الهيئة الشرعية.

3- واجبات هيئة الرقابة الشرعية:

– المشاركة في وضع نظم المؤسسات المالية الإسلامية: ويشتمل ذلك على المشاركة في وضع التعليمات واللوائح، ونماذج العقود الشرعية للمعاملات، ومراجعتها وتصحيحها وإقرارها.

– بيان الأخطاء والمخالفات الشرعية: فلا شك أن من واجبات الهيئة الشرعية ومهامها أن تقوم ببيان الأحكام، والنظر في العقود والآليات، بل وصياغتها، أو تعديلها، وبيان الشروط والضوابط المطلوبة شرعا في العقود والتصرفات، وأن تقوم بمراقبة أعمال المؤسسة المالية الإسلامية.

إن الغرض الأساسي من النصح والفتوى هو التنفيذ، حيث يقول ابن القيم: “المفتى محتاج إلى قوة في العلم وقوة في التنفيذ فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له”(33).

وإضافة إلى الواجب الشرعي الملقى على عاتق الهيئة، فإن هذا الواجب يؤكده العقد التأسيسي، والنظام الأساسي، حيث كان من مهام الرقابة الشرعية إبداء الرأي من الناحية الشرعية وتقديم المشورة للإدارة، وتقديمها تقارير خاصة بذلك إلى الجمعية العمومية للمساهمين.

كما يجب على هيئة الرقابة الشرعية أن تبين في تقريرها إذا كانت عقود المؤسسة والوثائق المتعلقة بها تتفق مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، وإذا تبين أنه قد وقع من إدارة المؤسسة مخالفة لأحكام أو مبادئ الشريعة الإسلامية أو الفتاوى أو القرارات أو الإرشادات التي أصدرتها هيئة الرقابة الشرعية للمؤسسة فيجب عليها بيان ذلك في فقرة الرأي من تقريرها(34).

– وجوب البيان مع وجوب الصرف: وبناء على ذلك يجب على الهيئة الشرعية بيان الأخطاء والمخالفات الشرعية، بل أكثر من ذلك عليها أن تحكم بالتخلص من الفوائد التي تحققت بسبب هذه الأخطاء والمخالفات الشرعية التي أدت إلى بطلان العقد لصرفها في وجوه الخير.

وبما أن هذه المسؤولية تقع على عاتق الإدارة، فإن هيئة الرقابة الشرعية تقع على كاهلها مسؤولية البيان والرقابة والإفصاح عما جرى في المؤسسة، وإيصال هذه المعلومات إلى مجلس الإدارة أولا، ثم إلى الجمعية العمومية للمساهمين، وذلك لتبرئة الذمة وبيان الحق، ومحاولة تصحيح الأخطاء، وليكون ذلك رادعا للإدارة حتى لا تقع في المخالفة، حيث تعلم أن أخطاءها لن يسكت عنها، بل تعرض على مجلس الإدارة أولا، فإن قام بالواجب الصحيح كما ينبغي فإن الغرض المنشود قد تحقق، وإلا فتعرضها الهيئة على الجمعية العمومية لتقوم بواجبها، وإن لم تقل شيئا فعلى الهيئة أن تبين هذه الأخطاء للناس المتعاملين مع المؤسسة المالية الإسلامية بكل الوسائل المتاحة، لأن الناس قد وثقوا بها من الناحية الشرعية من خلال وجود هيئة الرقابة الشرعية.

الفصل الثالث

مجالات استخدام وتطبيق الصكوك

تقدم الصكوك الإسلامية وبأشكالها المختلفة مساهمات إيجابية من شأنها تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والدفع بعجلة الاقتصاد إلى الأمام، كما تحقق للأفراد والمؤسسات والمستثمرين فيها والمصدرين لها أثارا إيجابية ومزايا هامة تعود بالفائدة على المصدر وعلى المجتمع(35).

فالصكوك الإسلامية كأداة تمويلية تصلح للإستعمال من قبل المصارف الإسلاميه، والشركات الإستثماريه، والوقف الإسلامي، والحكومة، في حشد وتعبئة الموارد المالية لتنمية مواردها بالطريقة التي تتفق مع الشريعة الإسلامية، حيث تتنوع الصكوك الإسلامية تبعًا لاختلاف نوع الموجودات التي تمثلها هذه الصكوك، وهذه الموجودات إما أن تكون من الأعيان أو المنافع أو النقود أو الديون مجتمعة أومتفرقة، وبناء عليه يمكن إيضاح الدور الذي تقدمه الصكوك الإسلامية ويمكن أن تستخدم من خلاله فيما يلي:

1- استخدام الصكوك الإسلامية في تمويل عجز الموازنة العامة للدولة(36).

إن ظهور العجز في الموازنة العامة للدول يبرز الحاجة إلى معالجته؛ نظرا لعدم إمكانية – في أغلب الأحيان- خفض المصاريف أو زيادة الإيرادات في الأجل القصير لإزالة هذا العجز، والذي بات واحداً من أهم المشاكل الاقتصادية التي أثقلت كاهل الحكومات؛ حيث تواجه العديد من الدول صعوبات كبيرة في الحصول على موارد لتمويل عجز موازنتها خصوصا في ظل تداعيات الأزمات المالية العالمية المتتالية، والتي أفرزت شحاً كبيرا في موارد التمويل، ولعل أوضح مثال على ذلك أزمة الديون السيادية التي ضربت عدداً من البلدان الأوروبية مؤخراً.

وعادة ما تلجأ الدول لتغطية العجز في ميزانياتها:

– إما عن طريق السحب من الاحتياطي العام، وهذا ينتج عنه نقصان هذه الاحتياطيات، وانخفاض العوائد الناتجة عنها.

 – أو عن طريق الاقتراض من الأسواق الدولية، وقد لا تفضل الدول اللجوء إلى هذا الأسلوب نظرا للتبعات التي قد تترتب عن ذلك.

– أو اللجوء إلى السوق المحلية، وهو ما يعتبر البديل الأنسب؛ من خلال إصدار سندات أو أذونات الخزانة، أي اللجوء إلى الدين العام الداخلي.

ولما كان التعامل بالسندات وأذونات الخزانة كوسيلة لجذب المدخرات وجمع الأموال وإدارة السيولة لا يتفق مع الضوابط الشرعية، كان من الضروري البحث عن أدوات استثمارية إسلامية لتحل محل الأدوات التقليدية، ولتكون بمثابة وسيلة لسد العجز في الموازنة العامة للدولة، وهنا توجهت الأنظار إلى الصكوك الإسلامية كإحدى الأدوات الهامة التي يمكن أن تكون بديلاً لأدوات الدين العام، وتستفيد منها حكومات الدول لتوفير ما تحتاجه من موارد بغرض تمويل العجز في ميزانياتها، حيث يتميز كل نوع من الصكوك باستجابته للاحتياجات الرسمية بطريقة مرنة، تتمثل فيما يلي(37):

أولاً: دور صكوك المضاربة والمشاركة الحكومية في تمويل احتياجات الدولة:هذا النوع من الصكوك السيادية يناسب تمويل المشاريع المولدة أو المدرة للدخل أو للإيراد وفقا لصيغة المضاربة أو المشاركة، على أن يشارك المكتتبون في الربح أو الخسارة. ويمكن للدولة أن تقوم بشراء حصص حملة صكوك المضاربة أو المشاركة بالتدريج وفق برنامج محدد وعلى مدى فترة زمنية معينة، وهذا ما يعرف بالمشاركة المتناقصة.

ثانياً: تمويل مشاريع الدولة بصكوك الإجارة:يمكن استعمال صكوك الإجارة والأعيان المؤجرة في تعبئة الموارد اللازمة لتمويل العديد من المشاريع والنفقات الحكومية.

ثالثاً: تمويل مشاريع الدولة بصكوك السلم: تُستخدم صكوك السلم على نطاق أوسع من غيرها من الصكوك في توفير احتياجات تمويلية معينة للحكومات، وذلك مثل الاحتياجات العاجلة للسيولة للإنفاق على التزامات عامة دورية في الأوقات التي لا تتوفر فيها السيولة اللازمة لدى الحكومات، فتقوم باستخدام صكوك السلم في توفير تلك السيولة مقابل الالتزام بتوفير سلع ومنتجات زراعية بكميات محددة وبمواصفات معينة في وقت محدد في المستقبل.

وتستطيع الدولة استعمال حصيلة صكوك السلم الخاصة مثلا بالبترول في تغطية الميزانية بشكل عام دون ارتباط هذه الحصيلة بمشروع معين، وعند استحقاق الأجل تقوم الدولة نفسها ببيع البترول نيابة عن حملة صكوك السلم، وذلك وفقا للبنود الموجودة في نشرة الاكتتاب، ويكون عائد الصك هو الفرق بين سعر شراء البترول الذي تحدده الحكومة وسعر بيعه عند استحقاق أجله.

رابعاً: تمويل الدولة عن طريق صكوك المرابحة:تعتبر المرابحة أداة تمويل رئيسية واسعة الانتشار، ويتم التمويل بصكوك المرابحة من خلال بيع الدولة أصولا أو سلعاً وتسليمها فورًا، مع تأجيل تحصيل الثمن إلى أجل أو آجال يتم الاتفاق عليها، حيث يتم ذلك من خلال أسلوب المرابحة أو بيع الأجل.

ويمكن أن تستخدم صيغ المرابحة لتمويل شراء المواد الخام والآلات والمعدات والسلع المعمرة، ويمكن تمويل المرابحات في شكل صكوك ذات استحقاقات متتالية، بحيث تخدم هدف السيولة لدى مشتريها.

وعلى الرغم من عدم إمكانية تداول هذه الصكوك لأنها تدخل عندئذ في مسألة بيع الديون، إلا أن الجهة المصدرة لها يمكن أن تستردها شريطة ألا يتوسط في العملية طرف ثالث(38).

خامساً: تمويل الدولة عن طريق صكوك الاستصناع: يشهد التطبيق المعاصر للصكوك الإسلامية في تمويل الاحتياجات الرسمية استخدام صيغة الاستصناع في توفير الأجهزة المصنعة للمؤسسات الحكومية وذلك من خلال الاتفاق مع الممول أومن يمثله على بناء المشروع وتسليمه للدولة عند إنجازه، على أن يتم تقسيط الثمن خلال فترة زمنية محددة وهذا ما يعرف بأسلوب الاستصناع.

ويمكن طرح صكوك الاستصناع للاكتتاب العام وهي تمثل ديونًا على الدولة وتشبه صكوك المرابحة، وبالتالي تنطبق عليها نفس المحاذير المتعلقة بتداول صكوك المرابحة.

إن إصدار الدولة للصكوك الاستثمارية الإسلامية كبديل شرعي للسندات التقليدية لدعم الموازنة العامة للدولة، يمكن أن يحقق أهدافاً عدة أهمها(39):

– تمويل الدولة لمواجهة مصاريف المشاريع التنموية والبنية التحتية

– تنويع وزيادة موارد الدولة.

– استقطاب الأموال الموجودة خارج الجهاز المصرفي.

– إدارة السيولة داخل الاقتصاد الوطني.

فضلا عن دور الصكوك الإسلامية كأداة مالية لتوفير الاحتياجات الرسمية بمختلف أنواعها.

وهناك دور أخر للصكوك الحكومية في طرح أداة مالية إسلامية تكون أساساً لحساب تكلفة الفرصة البديلة – الضائعة- وليس سعر الاقتراض الربوي؛ حيث أن السندات تكرس معدل الفائدة على السندات الحكومية باعتباره نفقة الفرصة البديلة للسيولة النقدية في أدنى المخاطرة، وعليه تبدو أهمية الصكوك الإسلامية الحكومية في النظر إلى العائد الذي توزعه، على أنه يمثل تكلفة الفرصة الضائعة في النظام المالي الإسلامي، مما يقلل من الآثار التضخمية(40).

 2- استخدام الصكوك في الخصخصة:

وذلك بهدف إعادة توزيع الأدوار بين الحكومة والقطاع الخاص في امتلاك أو إدارة المؤسسات الإنتاجية والخدمية للاقتصاد الوطني لتحقيق أكبر قدر من المنفعة وأعلى قدر من النمو داخل المجتمع والتحول إلى الاقتصاد الحر.

وتستطيع الدولة استخدام الصكوك للحصول على الموارد المالية عن طريق بيع جزء من حصة القطاع العام في مشاريع حيوية لحملة الصكوك، وفي هذا المجال يمكن للحكومة أن تستخدم أسلوب المشاركة الدائمة بأن يبقى حملة الصكوك مالكين للجزء الذي تمَّ تخصيصه، أو أسلوب المشاركة المتناقصة؛ بحيث تؤول الملكية مرة أخرى للحكومة بعد فترة معينة، بمعنى أن عملية الخصخصة تكون مؤقتة.

ويمكن تصميم شروط الخصخصة بحيث تستمر الحكومة في سياسة الرعاية الاجتماعية التي تراها مناسبة وتحقيق سائر الأهداف الإنمائية، مع الاحتفاظ بسلطة رقابية من مستوى مناسب على المشروعات التي يتم خصخصتها ودون التفريط بوطنية هذه المشروعات، بحيث ينحصر بيعها للمواطنين فقط(41).

ويمتاز هذا الأسلوب بأنه يوفر الأموال التي تساعد في سد عجز موازنة الدولة دون ترتيب أي مديونية تضطر في المستقبل إلى سدادها، كما أنه يساعد في التخلص من الدعم السعري الذي تقدمه الحكومة، ومن جهة أخرى؛ فإن لهذا الأسلوب مزايا إضافية فهو يساعد على زيادة كفاءة المشروعات، وتحسين إنتاجها، وبالتالي يزيد من قدرتها على النمو في المستقبل، فضلاً عن امتصاص فائض السيولة من السوق النقدية.

3- استخدام الصكوك في إعمار الممتلكات الوقفية:

وذلك يتم بأن يحكر(42) ناظر الوقف أو مالك الأرض الوقفية إلى البنك الإسلامي أو أي وسيط آخر؛ ليقوم الوسيط بالبناء، ومن ثم استثمارها لمصلحته لفترة معينة يتم الاتفاق عليها مع ناظر الوقف. ويقوم البنك الإسلامي بإصدار صكوك إجارة أعيان بملكية البناء وحده دون الأرض، يبيعها للأفراد المستثمرين ويشكل بدل الإيجار العائد الذي يتم توزيعه على حملة الصكوك بعد اقتطاع المصاريف الإدارية.

وتمثل هذه الصكوك ملكية البناء المؤجر، وهي ملكية آيلة إلى الانتهاء عند أجل الحكر؛ لانتقال البناء إلى الوقف بعقد الحكر؛ بصفته جزءاً من أجرة السنة الأخيرة.

وتوفر هذه الصورة صكوكاً ذات عائد إيجاري لمدة محددة دون أن يكون للعين المؤجرة قيمة متبقية يملكها صاحب الصك، وبذلك يمكن إعمار الأراضي الوقفية وتثميرها، ممَّا يساعد ويمكِّن وزارة الأوقاف من الاضطلاع بدورها في المجال الاجتماعي والديني.

4- استخدام الصكوك في تمويل موارد البنوك الإسلامية:

يمكن لأي مصرف إسلامي إصدار الصكوك الاستثمارية المتنوعة بهدف تعبئة الموارد المالية كمصدر إضافي من مصادر الأموال، وذلك مقابل التمويل التأجيري المنتهي بالتمليك أو المشروعات الممولة بموجب عقد الاستصناع أو المشاركة والمضاربة، ويحقق المصرف الإسلامي من ذلك عائداً إضافياً يتمثل في عمولات الإصدار والإدارة،والالتزام بتعليمات البنك المركزي, بالإضافة إلى الالتزام بالمعايير الرقابية العالمية وأهمها معيار كفاية رأس المال.

5- استخدام الصكوك كأحد أدوات السياسة النقدية(43):

حيث أن بعض أنواع الصكوك مثل صكوك الإجارة يتمتع بالاستقرار إلى درجة قد تصل حد الثبات في صافي العوائد بالنظر إلى معلومية الأجرة مسبقاً، وحيث أن صكوك الإجارة الحكومية تتمتع بدرجة عالية من الثقة والضمان من حيث الالتزام بدفع الأجرة في مواعيدها والالتزام بالوفاء وبالوعد بإعادة شراء الأصل المؤجر في نهاية مدة الإجارة، فإن صكوك الإجارة هذه تصلح بديلاً قوياً لسندات الخزينة وشهادات الايداع في السياسة النقدية للبنك المركزي، من خلال ما يسمى بعمليات السوق المفتوحة.

إذ يستطيع البنك المركزي أن يشتري صكوك الإجارة الحكومية من السوق، عندما يرغب في زيادة العرض النقدي، ويبيعها عندما يرغب في تقليص كمية النقود.

وتدخّل البنك المركزي في سوق الصكوك -بائعاً أو مشترياً- يؤثر على أسعار صكوك الإجارة على اعتبار استقرار العائد للصك.

وهذا التأثير ينتقل إلى بقية عناصر السوق المالية في حالة دخول البنك المركزي مشترياً أو بائعاً، الأمر الذي ينشأ عن تغيرات في الربحية المتوقعة للاستثمار، وبالتالي يدعم الأثر المرغوب فيه لدخول البنك المركزي السوق، وهذا التأثير يكون في اتجاهين معاً هما كمية النقود وسعر الفائدة في السوق التقليدية، أو كمية النقود والعائد المتوقع في السوق الإسلامية.

6-استخدام الصكوك الإسلامية لغايات التنمية الاجتماعية:

ويقصد بها: إصدار صكوك إسلامية غير مربحة، وهذه الصكوك تعمل على تنمية الناحية الإجتماعية، وبالتالي يدخل في هذا الإطار الصكوك الإسلامية التالية:

أولاً: صكوك أهلية:وهى صكوك تصدرها هيئة الأوقاف بناء على رغبة الواقف لصالح أهله وذريته، حيث ثمثل هذه الصكوك عملاً من أعمال البر الإجتماعية، لأنها تهدف إلى رعاية الأهل والذرية.

ثانياً: صكوك خيرية:وهى صكوك تصدرها هيئة الأوقاف بناء على رغبة الواقف، وتستخدم حصيلتها في الإنفاق على وجوه الخير، ولاتعود بعائد مادي، وإنما طمعاً بأجرعظيم عندالله، مثل الوقف على المساجد أوالمدارس أوالفقراء أوالمساكين…إلخ.

ثالثاً: صكوك القرض الحسن:وهى صكوك تصدر من أى جهة كانت، وتستخدم حصيلتها في الإنفاق على وجوه الخير، ولاتعود بعائد مادي، إنما تعود على حامله بأجر عظيم في الحياة الآخرة، وهنا نشير إلى أنه يمكن لأى حكومة أن تستفيد من هذه الصكوك في دعم عجز الموازنة العامة خاصة إذا كانت تحتاج إلى سيولة نقدية لتغطية رواتب العاملين في الدولة، مثلاً يتم طرح صكوك قرض حسن للإكتتاب العام لمدة سنة فقط، فيتم الإقبال عليه من الجمهور أو الإيعاز للمصارف العاملة في الدولة من قبل البنك المركزي لشراء هذه الصكوك من خلال استخدام الأموال الموجودة في حساباتها الجارية المودعة لديها كأمانة من قبل المواطنين، حيث لا تدفع هذه المصارف عليها أى عائد للمودعين، وذلك من زاوية مساهمتها في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

7- استخدام الصكوك لغايات التنمية الاقتصادية:

ويقصد بها: صكوك إسلامية استثمارية، وهذه الصكوك تعمل على تنمية الناحية الإقتصادية، ويدخل في هذا الإطار الصكوك الإسلامية التالية:

أولاً: الصكوك الإسلامية المتمثلة في موجودات الأعيان- غالباً(44):ويقصد بذلك أن ما يمثل الصكوك الإسلامية نتيجة الاكتتاب هو من الأشياء القابلة للحصر والتمييز، وأن هذه الموجودات يكون أغلبها من الأعيان، ومفهوم الغلبة للأعيان يعني أن تكون نسبتها 51% على الأقل أى أكثر من النصف، وينطبق هذا الوضع على كل من صكوك المضاربة، وصكوك المشاركة كما يلي:

1- صكوك المضاربة (المقارضة):وهى أداة إستثمارية تقوم على تجزئة رأس مال المضاربة من خلال إصدار صكوك ملكية برأسمال المضاربة على أساس وحدات متساوية القيمة، ومسجلة بأسماء أصحابها باعتبارهم يملكون حصصاً شائعة في رأسمال المضاربة وما يتحول إليه بنسبة ملكية كل منهم فيه. وهى تشمل الصكوك التي تعرض للاكتتاب العام على أساس قيام المنشأة التي تصدرها بإدارة العمل باعتبارها المضارب أو العامل تجاه رب المال، وتكون العلاقة هنا بين الطرفين علاقة مضاربة أو قراض بكل ما تشملة العلاقة من موجبات والتزامات وغيره، ويشترط لصحة المضاربة أربعة شروط بالنسبه لرأس المال وهى: أن يكون من النقود، وأن لا يكون ديناً في ذمة المضارب، وأن يكون معلوماً، وأن يكون مسلماً للعامل بعد اكتمال الاكتتاب، وهناك أيضاً شرطان للربح وهما: معلومية نسبة الربح، وكونه حصة شائعة من جملته، وفي هذا الإطار يمكن أن تشمل نطاق المضاربة الصكوك التالية:

– صكوك المضاربة الصناعية: وهى تشمل جميع الحالات التي يكون فيها عمل المنشأة صناعياً. وعليه فإن المنشأة الصناعية تستطيع أن تطرح صكوك مضاربة للاكتتاب على أساس أنها تشترى المواد الخام وتجهز الإنتاج لموسم الحج مثلاً في السعودية، أو للتصدير إلى السوق الأوربية، ويتم إعلان تحقيق الأرباح، ونسبة التوزيع، وسائرالشروط المقبولة شرعا.ً

– صكوك المضاربة التجارية: وهى تشمل جميع الحالات التى ترغب فيها المنشأة بالمتاجرة في السلع الجاهزة الصنع، حيث تشمل هذه المتاجرة سائرعمليات الشراء بقصد البيع حسبما هو معروف في الفقه الإسلامي، والصك الصادر يمثل حصة في مجموع الموجودات التى تدخل فيها السلع المشتراة.

– صكوك المضاربة العقارية: وهى تشمل جميع الحالات التي يكون فيها عمل المنشأة عقارياً. فإن المنشآت العقارية يمكن لها أن تصدر صكوكاً عقارية يستخدم فيها رأس المال لشراء الأراضي وتطويرها، وبنائها، ومن ثم بيعها.

– صكوك المضاربة الزراعية: وهى تشمل جميع الحالات التي يكون فيها عمل المنشأة زراعياً سواء عن طريق إكتراء الأراضي بأجر معلوم أو بحصة من الزرع حسب الضوابط الفقهية للمزارعة أوالمساقاة أوالمغارسة.

2- صكوك المشاركة:وهى وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها لإستخدام حصيلة الإكتتاب في إنشاء مشروع إستثماري معين، أوتطوير مشروع قائم، أو تمويل نشاط معين على أساس المشاركة، ويصبح المشروع أوموجودات النشاط ملكا لحملة الصكوك بمقدار حصصهم، وتدارصكوك المشاركة على أساس صيغة عقد المشاركة بتعيين أحد الشركاء أوغيرهم لإدارتها بصيغة الوكالة بالإستثمار، وفي هذا الإطار يمكن أن تشمل نطاق صكوك المشاركة الصكوك التالية:

– صكوك المشاركة المستمرة: وهى تشمل حالات إصدار صكوك مشاركة لتمويل شراء عقار مثلا تديره جهة متخصصة، وذلك بهدف تحقيق عائد يتم توزيعه على المالكين بنسبة ما يملكه كل منهم في رأسمال المشاركة.

– صكوك المشاركة المتناقصة: وهى تشمل حالات من الصكوك تصدرلإنشاء مشروع محدد يمكن فرز إيراداتها ومصاريفها، وذلك على أساس أن تبدأ المشاركة بنسبة 5% مثلاً من جانب المنشأة، و95% من جانب حملة الصكوك. وتكون الأرباح بالحصة الشائعة لكل طرف، ولكن المنشأة المصدرة تختار أن لا تقبض نصيبها من الأرباح، وإنما تجمده في حساب مخصص لإطفاء الصكوك الصادرة لذلك المشروع، وتعد هذه الأداة نموذجاً مثالياً لإعمارالممتلكات الوقفية.

ثانياً: الصكوك الإسلامية المتمثلة في المنافع: ويدخل في هذا الإطار صكوك الإجارة التالية:

1- صكوك لإجارة “المنافع”:ويشمل هذا النوع من الصكوك حالات الإستئجارأوالكراء، حيث يمكن إستئجارمنافع الأشياء مثلاً كالمكاتب، والمصانع، والسيارات، والسفن، والطائرات، وذلك لغرض تأجيرها.

وبناء عليه يمكن للمنشأة ذات النشاط الخدمي طرح صكوك منافع لدفع الأجرة لمدة خمس سنوات مثلاً.

2- صكوك الإجارة “الخدمات”: وهى صكوك الأعمال لخدمات الأشخاص، وبالتالي يمكن للمنشأة ذات النشاط الخدمي القيام بإصدار صكوك منافع لخدمات الإشخاص مثلاً لتأمين المصاريف اللازمة لإحضارالعاملين وتنظيم عملهم أو رواتبهم الشخصية.

3- صكوك الأعيان المؤجرة:وهى تقوم على وجود عقار مملوك لشخص واحد يحمل صكاً يمثل ملكيتة للعقار، وهو مؤجر لطرف آخرهوالمستأجر، الذي يدفع للمؤجرأجرة العقار بصورة دورية، فالصكوك هنا صكوك أعيان مؤجرة.

ويمكن أن تستفيد منه حكومات الدول، فيمكن أن تمثل الصكوك ملكية طائرة مؤجرة، أو باخرة مؤجرة، أوخطوط سكة حديدية مؤجرة، أوشبكة أسلاك كهربائية مؤجرة، أوآلة صناعية مؤجرة، أومصفاة بترول مؤجرة…الخ.

ثالثاً: الصكوك الإسلامية المتمثلة في موجودات الديون: وهى تشمل عدة حالات من البيوع المبنية على دخول منطقة الديون إما بطريق البيع الآجل -كمافي بيع المرابحة للآمر بالشراء-، أوبطريق الإلزام-كما في بيوع السلم، والإستصناع، والإستجلاب- ويدخل في هذا الإطار التالي:

1- صكوك المرابحة:وهنا يمكن أن تحتاج المنشأة إلى شراء معدات أو تجهيزات أوخامات أوغير ذلك من المستلزمات، وبالتالي يمكن إصدار صكوك البيع بالمرابحة بناء على طلب المنشأة المحتاجة، واستعدادها لشراء ما تطلبه بثمن التكلفة والربح الذي تقدمه مع بيان مدة الوفاء وضمانات الإصدار في كل حالة على حدة.

2- صكوك السلم:وهنا يمكن للمنشأة إستخدام صكوك السلم في تنمية الإنتاج الوطني مثلاً في مجال البترول أوالزراعة أوالإنتاج الحيواني، حيث يتم الشراء والتسليم والتخزين ثم البيع بسعرالسوق، والربح على ما قسم الله، كما يمكن أن يكون السلم متاجرة، وذلك على أساس الشراء سلماً بالجملة، ثم البيع بطريقة السلم الموازي في صفقات مجزأة وبأسعار ترتفع تدريجياً بطبيعة الحال كلما إقترب موعد التسليم.

3- صكوك الاستصناع: وهنا يمكن للمنشأة أن تستفيد من صكوك الإستصناع، في مجال إستصناع المباني أوالحافلات أوالسفن أوالمصانع، وذلك من خلال طرح صكوك الإستصناع على أساس أن يشترى المكتتبون ما يرغبون فيه وتتعهد المنشأة بشراء المصنوع بالربح الذي تعرضه، وبالشروط التي تناسب هذه المنشأة لتسديد الأقساط(45).

الباب الثالث

التجارب العملية للصكوك الإسلامية

الفصل الأول

تجربة الصكوك الإسلامية في مصر

لقد حظي موضوع الصكوك الإسلامية بمزيد من الأهمية إبان تنامي وازدهار المصرفية الإسلامية، ناهيك عن التطورات التي طرأت مع نمو الصكوك وازدهارها، وإزاء ما أثارته كثير من التطبيقات العملية لها.

وقد أصبح البديل الإسلامي للقروض (المشاركات-الصكوك) في مصر مطلبا ملحا؛ كأدوات تمويلية جديدة تعمل بشكل كبير في التغلب على المشكلات المالية والهيكيلية التي يعاني منها الاقتصاد المصري، وكذلك المساهمة في إحداث نقلة نوعية وانطلاقة نحو التقدم المنشود.

وإبرازا لأهم ما يثيره موضوع الصكوك الإسلامية على المستويين النظري والتطبيقي، سنقوم بدراسة الشكل الاقتصادي للصكوك في مصر من خلال ما يلي:

أولاً: وضع الاقتصاد المصري:لقد عانى الاقتصاد المصري على مدار ثلاثين عاماً من مشكلات اقتصادية كبيرة أدت إلى قيام ثورة 25 يناير 2011م، وفي مقدمتها مشكلة الفساد.

حيث إن أخطر جانب في الفساد – من وجهة النظر الاقتصادية- أنه يؤسس لقيام اقتصاد طفيلي يدمر الاقتصاد الحقيقي، حيث يعتمد الحافز الاقتصادي فيه على الرشوة، ورؤيته العلمية على الفهلوة، وسوقه على الاحتكارات، ودعمه موجه للأغنياء، واختياره للقيادات في كثير من الأحوال من الوصوليين وأصحاب الذمم الخربة.

كما أن هذا الفساد قد جعل من هياكل الاقتصاد المصري مباني آيلة للسقوط، ولذلك يحمل الاقتصاد المصري ميراثًا ثقيلاً من الفساد الذي تغلغل في مفاصله فأحدث به الكثير من التشوهات مما جعله يعاني الآن من مشاكل اقتصادية كبيرة فضلاً عن الاحتقان السياسي والوضع الأمني غير المستقر. ومن بين أهم هذه المشاكل:

1- اقتصاد الديون: “ارتفاع حجم المديونية الحكومية:

– حيث أن إجمالي حجم الدين الداخلي في يناير 2013م يبلغ 1238 مليار جنيه.

– وكذلك إجمالي حجم الدين الخارجي في يناير 2013م ما قيمته 250 مليار جنيه.

– إجمالي ما تدفعه الموازنة العامة لخدمة الدين العام، للعام 2012/2013 حوالي 140 مليار جنيه تمثل حوالي 26% من إجمالي المصروفات العامة.

– وكذلك تبلغ أقساط الدين العام 95 مليار جنيه(46).

ويجب ملاحظة أن رفع سعر الفائدة 1% يكلف الموازنة العامة حوالي 9 مليار جنيه. ولذلك فقد ارتفعت أسعار الفائدة في السوق المصري في الفترة القليلة الماضية من حوالي 10.2% إلى حوالي 14.3%. بالنسبة لأذونات الخزانة والسندات مما أدى إلى زيادة كبيرة في حجم الدين الداخلي.

كما أن انخفاض قيمة الجنيه المصري بأكثر من 15% قد أدى إلى زيادة حجم المديونية الخارجية بأكثر من 30 مليار جنيه، بالإضافة إلى ذلك تتحمل الموازنة العامة حوالي 137 مليار جنيه مخصصات للأجور في الموازنة العامة 2012/2013م بما يعادل 26% من إجمالي المصروفات العامة البالغة 534 مليار جنيه، وتمثل الأجور الأساسية 20% وتمثل المكافآت والحوافز 80%.

تتحمل الموازنة العامة حوالي 113 مليار جنيه للدعم حيث يتم دعم الطاقة بحوالي 70 مليار جنيه والسلع التموينية بحوالي 27 مليار جنيه والصادرات بحوالي 3.1 مليار جنيه بما يعادل 21% من إجمالي المصروفات العامة، وطبقا للدراسات الدولية فإن 65% من الدعم يوجه للأغنياء، و35% يوجه للفقراء.

تبلغ الاستثمارات العامة الحكومية في الموازنة 2012/2013 حوالي 56 مليار جنيه “ضعيفة جداً”، ومن المتوقع أن يبلغ عجز الموازنة للعام 2012/2013 حوالي 200 مليار جنيه.

2- العجز في ميزان المدفوعات: حيث بلغ العجز في الميزان التجاري المصري لصالح دول العالم في عام ونصف (2011 + 6 شهور من 2012) حوالي 26.6 مليار دولار، “ضعف الإنتاج وعدم المنافسة”.

3- الاحتياطي النقدي بالعملة الصعبة: يبلغ الاحتياطي النقدي الآن في مصر حوالي 13.6 مليار دولار تكفي لتغطية احتياجات مصر من السلع الأساسية لأقل من ثلاثة أشهر، وبمقارنة الاحتياطي النقدي بالعملة الأجنبية لبعض الدول العربية فيلاحظ:

يبلغ الاحتياطي من العملة الصعبة في المملكة العربية السعودية 540 مليار دولار في عام 2011م، وفي العراق أكثر من 60 مليار دولار وفي ليبيا 104.9 مليار دولار، وفي المغرب 19.5 مليار دولار. “ضعف الاحتياطي النقدي يشكل حالة من عدم الثقة في الاقتصاد المصري”.

4- معدل النمو الاقتصادي: يبلغ معدل النمو حوالي 2.4% بعد أن كان متوقعاً له أكثر من 4%، وبمقارنته بمعدلات النمو في بعض دول العالم نجد يبلغ معدل النمو في الصين عام 2011م حوالي 9.2%، والهند 7.2%، والدول النامية والاقتصاديات الناشئة 6.2%، والشرق الأوسط وشمال أفريقيا 3.3%.

“هذه التنمية المتدنية تضغط بشدة على زيادة الأسعار وارتفاع معدلات البطالة”.

5- مشكلة البطالة: حيث تبلغ معدلات البطالة أكثر من 13%، تمثل نسبة الحاصلين على الشهادت الجامعية منهم 20%، ويقدر عدد العاطلين طبقا لدراسات متعددة من 3.5-6 مليون عاطل، “إهدار أكبر مورد اقتصادي تتمتع به مصر وهو المورد البشري في مرحلة الشباب”.

6- ارتفاع مستوى التضخم: حيث يقدر معدل التضخم في مصر بأكثر من 12%، فقد ارتفعت أسعار الكثير من السلع والخدمات بشكل كبير وخاصة أسعار السلع الأساسية والخضروات والفاكهة والبقوليات والزيوت واللحوم والمواصلات وغيرها. “وهذا يؤدي إلى المزيد من الفقر وارتفاع معدلات الجريمة”.

7- الفقر: فقد أشارت كثير من الدراسات إلى أن أكثر من 40% من سكان مصر يعيشون في دائرة الفقر، وهناك بعض المحافظات مثل الفيوم وبني سويف وسوهاج وأسيوط بلغت نسبة الفقر بها أكثر من 50%، كما يعيش كثير من السكان حياة غير كريمة في المناطق العشوائية التي تفتقر إلى الحد الأدنى لمتطلبات الحياة في مجالات الصحة والتعليم والسكن والعمل إن وجد، فعلى سبيل المثال مدينة القاهرة محاطة بـ 76 منطقة عشوائية يسكنها أكثر من 2 مليون نسمة، وهي تعد أخطر شيء يهدد السلام الاجتماعي في المجتمع المصري.

8- انخفاض التصنيف الائتماني لمصر: حيث تم تخفيض التصنيف الائتماني لمصر من قبل مؤسسات التصنيف الدولي وفي مقدمتها استاندر اند بورز 5 درجات إلى – B3، وهذا معناه تراجع حجم الاستثمارات وارتفاع تكلفة القروض نظراً للمخاطر التي يمكن أن تتعرض لها هذه القروض.

9- التخصيص غير الكفء للموارد الاقتصادية: حيث لا يتم تخصيص الموارد طبقا للأولويات الاقتصادية من الأهم فالمهم، وإنما يتم العكس في بعض الأحيان.

10- سوء الأداء الحكومي: حيث الروتين والبيروقراطية في أحيان كثيرة. “معناه بيئة خصبة للفساد”.

11- إجمالي الودائع المصرفية لدى المصارف والبنوك في مصر: بلغ إجمالي الودائع المصرفية لدى المصارف والبنوك في مصر 982.8 مليار جنيه وكذلك 63.3 مليار دولار في العام 2011م، لا يستغل أكثر من 60% من جملة هذه الودائع.

12- المشاكل التي تعاني منها قطاعات الاقتصاد: حيث تعاني الزراعة والصناعة والسياحة والتجارة من مشاكل مختلفة تتمثل في عجز التمويل والتسويق وغيرها، أمثلة: عملية نقص الصوامع، مشاكل التعبئة والتغليف، ضعف الإنتاج حيث تستورد مصر أكثر من 50% من حجم استهلاكها من القمح من الخارج، وتستورد 90% من احتياجاتها من الزيوت، وكذلك الكثير من المواد الغذائية مثل اللحوم والدواجن والأسماك(47).

– ضعف العائد من قطاع السياحة مقارنة بالإمكانات السياحية الهائلة في مصر.

13- المشاكل الحياتية: حيث تعاني مصر من مشكلات في قطاعات الصحة والتعليم والإسكان والبنية الأساسية والمرور وتكدس السيارات في المدن والقمامة وغيرها.

نتيجة لكل هذه المشاكل تحتاج مصر إلى حلول اقتصادية غير تقليدية تأتي في مقدمتها منتجات تمويلية تؤسس لاقتصاد حقيقي، ومن هذه المنتجات الصكوك الإسلامية حيث قَنن التشريع الإسلامي قواعد تملّك وتداول الأموال بما يحقق أعلى مردود اقتصادي واجتماعي تكون فيه مصلحة البلاد والعباد.

ثانياً: تصكيك الملكية العامة في مصر: تم عرض مشروع قانون للصكوك الإسلامية (رقم 10 لسنة 2013) كأداة تمويلية واستثمارية جديدة على مجمع البحوث الإسلامية، وقد اعترض المجمع على المشروع ورفضه بصورته المطروحة وطلب تعديل عدد من بنوده، وبالرغم من ذلك صدر القانون والذي أقره رئيس الجمهورية ونشر في الجريدة الرسمية في 7 مايو سنة 2013.

 ومن أبرز الاعتراضات التي وجهت نحو مشروع قانون الصكوك الإسلامية القول: “بأنه يؤدي إلى بيع الملكية العامة للدولة، وأنه يبيح للأجانب تملك الصكوك والأسهم في المصانع والمشروعات المصرية، وكأننا نبيع أملاك الدولة للأجانب”،

وفيما يلي نعرض تحليلاً لتلك الاعتراضات وموقف الشريعة الإسلامية منها على النحو التالي:

1- بيع الملكية العامة للدولة: إن تفنيد هذا الاعتراض يقتضي التعرض لبيان ماهية الملكية العامة ومدى جواز التصرف فيها من عدمه.

فمن المعروف أن نظام الملكية من الأسس الكبرى لأي نظام اقتصادي، وهو أحد المعايير الأساسية للتمييز بين الأنظمة الاقتصادية. وقد أصبح من المعارف البدهية لدي دارسي الاقتصاد الإسلامي والباحثين فيه أن نظام الملكية فيه هو النظام المزدوج، الذي يجمع بين الملكية العامة والملكية الخاصة، وليس هناك أي خلاف بين الجميع على ذلك، وإن بدى الخلاف فيما بعد ذلك حول طبيعة كل منها ونطاقها. ومن أهم محاور الملكية العامة(48):

المحور الأول:الأموال العامة متنوعة الطبائع، فمنها ما هو مصادر وموارد للثروة مثل الأراضي والمياه والمعادن ومصادر الطاقة.. إلخ، ومنها ما هو ثروة منتجة في شكل سلع نهائية، ومنها ما هو في شكل نقود مثل أموال الخراج وأموال الزكاة وغيرها.

المحور الثاني:هذه الأموال الخاضعة للملكية العامة هي كلها تحت إشراف الحكومة، وهي المسئولة عن التصرف فيها بالشكل الذي يحافظ عليها من جهة، ويجعلها تحقق أهدافها من جهة أخرى.

وقد حمل هذا التمييز بعض الباحثين إلى القول بأن الملكية العامة – غير الخاصة- هي نوعان:

– ملكية عامة أو جماعية: هي حق لكل أفراد المجتمع، ومن ثم لا يتجاوز دور الدولة حيالها الإشراف والإدارة دون التصرف في رقابها بما يفوت على أي فرد حصته في ملكيتها. وفي ذلك يقول الإمام الطحاوي: “ولا ينبغي للإمام أن يقطع مالا غنى بالمسلمين عنه، كالبحار التي يشربون منها، وكالملح الذي يمتارون منه، وما أشبه ذلك مما لاغنى بهم عنه”(49)، ويقول الكاساني: “وأرض الملح والقار والنفط ونحوها مما لا يستغنى عنها المسلمون لا يجوز للإمام أن يقطعها أحداً، لأنها حق لعامة المسلمين، وفي إقطاعها إبطال حقهم، وهذا لا يجوز”(50).

– ملكية الدولة أو بيت المال: فهي وإن كانت في النهاية ملكا للأمة مثل السابقة لكنها أكثر خضوعا للدولة، حتى ليقال عنها إنها ملكية الدولة أو بيت المال، وبالتالي فإن حق تصرف الحكومة فيها يمتد ليشمل كل ألوان التصرفات التي للمالك على ماله بما فيها التصرفات في رقبتها بيعا وتبرعا، فهي من هذه الزاوية تعد ملكية خاصة، لكن المالك لها هو الدولة بصفتها هيئة حاكمة. وليس معنى ذلك أن الدولة مطلقة التصرف فيها دونما ضوابط أو قيود، فتصرف الدولة فيها مقترح في ظل المصلحة العامة الحقيقية التي حددت معالمها الشريعة.

2- تملك الأجنبي غير المسلم في الدولة الإسلامية: لقد أقر جمهور الفقهاء في كثير من نصوصهم جواز تملك الأجنبي في الدولة الإسلامية ما دام قد دخلها بعقد الأمان، بل والأكثر من ذلك أنهم أجازوا استثناء تملكه لو دخل الدولة الإسلامية بدون عقد أمان وادعى أنه من التجار، أو أنه أت برسالة، أو لسماع كلمة الإسلام، وكان الظاهر عليه أنه كما يدعى، أو رجحت الظروف صدق أقواله، وخاصة حالة ما لو ادعى أنه دخل للتجارة وكان المسلمون في حاجة لتجارته.

ثالثاً: ضمان رأس مال الصكوك وعوائدها: من المحاذير الشرعية التي أثيرت حول الصكوك الإسلامية مشكلة ضمان القيمة الاسمية لحملة الصكوك، وتحديد عائد مضمون كربح للصكوك؛ حيث جعلت الصكوك الأرباح تحدث في وقتين بشكل ثابت، وهو ما يخالف مفهوم الربح الشرعي على أصل الصكوك.

1- ماهية الضمان: الضمان في اللغة: يعني الالتزام، تقول: ضمنت المال، إذا لزمته، ويأتي بمعنى الكفالة، تقول: ضمن الشيء ضمانا، فهو ضامن وضمين، إذا كفله. ويأتي بمعنى التغريم، تقول: ضمنته الشيء تضمينا إذا غرمته فالتزمه(51).

والضمان في اصطلاح الفقهاء: التزام حق ثابت في ذمة الغير أو إحضار من هو عليه أو عين مضمونة(52).

وعرف كذلك بأنه: “الالتزام بالتعويض وذلك بشغل الذمة بما يجب الوفاء به من مال وعمل، وهو ممنوع في المضاربة والمشاركة والوكالة بالاستثمار بين طرفيها، إلا إذا قيد بالتعدي أو التقصير أو مخالفة الشروط”(53).

2- صور الضمان في الصكوك الإسلامية: أشارت إحدى الدراسات إلى العديد من صور التعهد أو الضمان من قبل المضارب أو الشريك المدبر أو الوكيل بالاستثمار اعتمادا على ذرائع منها(54):

– تعهد المصدر الملزم بشراء أصول الصكوك بقيمتها الاسمية في نهاية مدة المضاربة أو المشاركة أو الوكالة، على أساس الفصل بين شخصية العقد وشخصية المضارب أو الشريك أو الوكيل في الاستثمار.

– تعهد المصدر الملزم بضمان رأس المال في وثيقة مستقلة عن عقد المضاربة والوكالة أو عقد إصدار الصكوك.

– تعهد المضارب الملزم بإقراض محفظة الصكوك بغرض ضمان توزيع أرباح بمستوى معين.

– توزيعات الأرباح على الحساب دون وجود آلية للتحاسب المستقبلي بين حملة الصكوك والمضارب أو الشريك أو المدير، خاصة في الصكوك المتداولة.

– التزام المضارب بتوفير تمويل مشروع للمضاربة بغرض ضمان توزيع أرباح بمستوى معين.

3- أطراف الضمان: الضمان -كما هو واضح في صوره السابقة- قد يصدر من أي طرفي الصك أو من طرف ثالث لا علاقة له بأطراف المعاملة الأصلية.

أ- الطرف الأول: وهو المصدِر أو المستفيد من إصدار الصكوك الإسلامية، يسمى “مدير الصكوك” أو “مدير الاستثمار”، والعلاقة التي بينه وبين الطرف الآخر “حامل الصك” يمكن أن تقوم وفق أحكام إحدى صيغ شرعية ثلاثة هي المشاركة، أو المضاربة، أو الوكالة، وهذه الصيغ هي من عقود الأمانات التي لا يصح فيها اشتراط الضمان -على المضارب، أو الشريك المدير، أو الوكيل بالاستثمار- وحتى لو اشترط فلا أثر لهذا الشرط؛ إذ لا يضمن أي من هؤلاء الخسارة إلا إذا نشأت بتعديه أو تقصيره أو مخالفته القيود التي نص عليها في نشرة إصدار الصكوك.

ب- الطرف الثاني: وهو حامل الصك، فهو بمثابة أحد الشركاء والذين لا يجوز أن يضمن أحدهم لغيره القيمة الاسمية للصك أو عائده.

ولذا كانت الأسهم الممتازة وكذلك الوحدات الممتازة أو الصكوك الممتازة –إن وجدت- ممنوعة شرعا؛ لأنها تقوم على أساس ضمان بقية حملة الأسهم أو الوحدات أو الصكوك لحاملي الأسهم الممتازة منها.

ويتفق ما سبق مع ما ورد في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم 30 (3/4) الفقرتين (4) و(5) من العنصر الرابع، وما ورد في القرار 178 (4/19) الفقرات (1) و(2) و(3) من البند ثالثا، وما ورد في قرار المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية من عدم جواز ضمان مصدر الصكوك للقيمة الاسمية، أو العائد على الصكوك الإسلامية، لما يؤول إليه ذلك من الربا والغرر؛ ولأنه يفقد الصكوك الإسلامية أهم خصائصها التي تفرق بينها وبين السندات الربوية المحرمة(55).

ج- أما الطرف الثالث: فهو شخص منفصل في شخصيته وذمته المالية عن طرفي العقد، وليس وكيلا أو سمسارا لأحد الطرفين أو مكفولا من أحدهما. وقد يكون شخصا طبيعيا أو اعتبارياً. ويعد الطرف الثالث منفصلا في ذمته المالية في الأحوال الآتية(56):

– ألا يكون من حملة الصكوك لأنه لا يجوز أن يضمن الشريك لشريكه.

– ألا يكون مملوكا من أحد طرفي العقد المصدِر أو حملة الصكوك.

– ألا يكون أحد الطرفين شريكا في الشخص الاعتباري بنسبة غالبة (أكثر من النصف) استئناسا باعتماد الغلبة في قرارات مجمع الفقه الإسلامي، أو بنسبة الثلث فأكثر استئناسا باعتماد الكثرة في المعايير الشرعية. وفي مسألة تداول الموجودات المختلطة من الأعيان والمنافع والنقود والديون.

– ألا يكون مكفولاً فيما يضمنه من حملة الصكوك كلهم أو بعضهم، أو من المصدِر، لأن الكفالة تقتضي شغل ذمة حملة الصكوك أو المصدر بما ضمنه الطرف الثالث.

4- أحكام ضمان الطرف الثالث: ضمان الطرف الثالث يختلف في أساسه في الصكوك المبنية على عقود الضمان –كالمرابحة والسلم والاستصناع- عن الصكوك المبينة على عقود الأمانة –كالمضاربة والمشاركة والوكالة-، وذلك على النحو التالي(57):

أ- بالنسبة للصكوك المبنية على عقود الضمان “المرابحة والسلم والاستصناع”:

– المصدر في صكوك المرابحة مشتر بالأجل، ويضمن القيمة الاسمية للصكوك والعائد بموجب ذلك.

– والمصدر في الاستصناع صانع يضمن القيمة الاسمية للصكوك ويلتزم بردها لحملة الصكوك في حال تعذر تسليم المصنوع.

– والمصدر في السلم كالصانع في الاستصناع.

وضمان الطرف الثالث في الأنواع الثلاثة سالفة الذكر، لا يعدو كونه كفالة بما ثبت في ذمة المصدر لصالح حملة الصكوك. وتطبق على الطرف الثالث في هذه الأحوال أحكام كفالة الدين، وهي عقد تبرع، وقد تؤول إلى قرض في حال تم تنفيذ الكفالة ودفع الكفيل الدين، وللكفيل أن يعود على المدين بما دفع. فإن لم يعد كان ما دفعه هبة للمدين. وقد قرر الفقهاء عدم جواز أخذ العوض على الكفالة، لأنه في حالة الكفيل مبلغ الضمان يشبه القرض الذي جر منفعاً على المقرض، وذلك ممنوع شرعا”(58). “لأنها من المعروف، ولإجماع الفقهاء على ذلك، ولأنها استعداد للإقراض (بالدفع والرجوع على المكفول) فلم يجز أخذ المقابل عن ذلك لأن الإقراض نفسه لا يجوز أخذ عوض عنه وهو ربا”(59).

ب- الصكوك المبنية على عقود الأمانة – المضاربة والمشاركة والوكالة:

ضمان الطرف الثالث إن كان مقيدا في حال التعدي والتقصير ومخالفة الشروط فهو من باب الكفالة من الطرف الثالث للمصدر، وضمان الطرف الثالث غير المقيد بحالات التعدي والتقصير ومخالفة الشروط سواء أكان للقيمة الاسمية والعائد، أم لأحدهما فقط؛ فهو من قبيل الالتزام بالتبرع على أساس الهبة.

وقد صدر بجواز التبرع لجبر الخسارة قرار مجمع الفقه الإسلامي في سندات المقارضة بشروط وردت في القرار ونصه: “ليس هناك ما يمنع شرعاً من النص في نشرة الإصدار أو صكوك المقارضة على وعد طرف ثالث منفصل في شخصيته وذمته المالية عن طرفي العقد بالتبرع بدون مقابل بمبلغ مخصص لجبر الخسران في مشروع معين، على أن يكون التزاماً مستقلاً عن عقد المضاربة، بمعنى أن قيامه بالوفاء بالتزامه ليس شرطاً في نفاذ العقد وترتب أحكامه عليه بين أطرافه، ومن ثم فليس لحملة الصكوك أو عامل المضاربة الامتناع عن الوفاء بالتزاماتهم بها، ونخلص مما سبق إلى أن ضمان أي من طرفي التعامل في الصكوك للقيمة الاسمية لرأس مال أو عائد الصكوك لا يجوز إلا بتفريط أو تعدي أو تقصير أو مخالفة لشروط الاكتتاب في الصكوك، أما ضمان طرف ثالث لا علاقة له بأي شكل من الأشكال بطرفي التعاقد فهو مقبول على أساس أنه كفالة أو تبرع”.

رابعاً: وضع الصكوك في مصر:

1- لمن الصكوك(60): من المخطط توجه الصكوك إلى أربع شرائح أساسية:

أ- الشريحة الأولى: البنوك والمؤسسات المالية العالمية التي أصبحت الصكوك ضمن محافظها الاستثمارية وترغب في دخول أسواق جديدة، إضافة لبعض المؤسسات المالية القادرة على اجتذاب فوائض الأموال من الدول التي بها فوائض والتي تشترط الاستثمار وفق آلية الصكوك المتوافقة مع مقاصد الشريعة.

ب- الشريحة الثانية: شريحة من المصريين ممن يشترطون في التعاملات المالية أن تكون وفق أدوات تتوافق مع الشريعة وبشكل حقيقي، وتعتقد أن هذا “حقهم كحق من حقوق الإنسان”.

ج- الشريحة الثالثة: جزء من الأموال في القطاع غير الرسمي، والتي تفضل أدوات الملكية مثل الأسهم المدرجة بالبورصة، وبالتالي نتوقع جاذبية الصكوك لهم كأداة ملكية سيقيد ويتداول منها في البورصة ما يسمح الشرع بتداوله، لاحتياج هذه الشريحة الشديد للاستثمار في أدوات مالية مقيدة لتسهيل عملية التخارج.

د- الشريحة الرابعة: شريحة كبيرة من المصريين العاملين بالخارج وخاصة العاملين بمنطقة الخليج العربي، والذين يترقبون إصدارات صكوك متوافقة مع الشريعة للاستثمار فيها.

2- العناصر الواجب توافرها لإنجاح سوق الصكوك:

نظراً لحداثة سوق الصكوك في مصر، وعدم وضوح الرؤية لدى بعض المتعاملين وبصفة خاصة من الأشخاص الطبيعيين، يستلزم الأمر تهيئة المناخ العام من خلال العناصر التالية، وبشكل يضمن الشفافية والوضوح التام، مع البدء في إعداد الكوادر البشرية المدربة تدريبا عاليا، سواء في النواحي الشرعية أو النواحي المالية الفنية والنواحي الرقابية.

أ- العنصر البشري: -الهيئات الشرعية والفقهية، -مديري الصكوك، – المتعاملين في الصكوك.

ب- العنصر التشريعي: -قانون موحد للتعامل مع الصكوك، -إقرار هيئة كبار العلماء.

3- العناصر الواجب إيضاحها لجمهور المتعاملين من خلال اللائحة التنفيذية للمشروع:

– طريقة احتساب العوائد وتوزيعها.

– آلية الخروج من السوق ومشروعيته.

– السوق الثانوي، -صانع السوق.

ج- آلية الضمان “صندوق الضمان”.

-كيفية احتساب مبالغ الضمان، -كيفية آلية استخدامه، -المسئول عن الإشراف عليه.

د- مدى إمكانية ضمان الأصل/ العائد في المشروعات السيادية التي قد لا تدر عائداً مباشراً.

هـ- قواعد الإفصاح المحاسبي والجهات المنوط بها التحكيم في حال وجود تداعيات لا قدر الله.

و- إيضاح مبدأ “الغنم بالغرم”، لحامل الصك الحق في العوائد، كما عليه أن يتحمل أي فروق قد تحدث في دراسة الجدوى.

4- المتطلبات الاقتصادية لنجاح إصدار الصكوك في مصر(61):

لضمان نجاح إصدار الصكوك في مصر وتحقيق تنمية اقتصادية حقيقية وملموسة على أرض الواقع يجب ملاحظة ما يلي:

أ- تحقيق الأمن وإزالة الاحتقان السياسي؛ حيث أنه لا استثمار بدون أمن، كما أن الاستثمار في الأمن هو أحد أهم أنواع الاستثمار ذات الجدوى المرتفعة والذي يتيمز بارتفاع عائده في المجتمع.

ولإزالة الخلاف والاحتقان السياسي القائم فإن المدخل الاجتماعي هو الحل؛ حيث الغوص في أعماق الشخصية المصرية العظيمة، وإخراج الكنوز المكنونة بداخلها؛ لنؤسس لغة تخاطب جميلة يقبلها الجميع بعيدا عن التشكيك والمصالح الضيقة، ثم يعقبه حوار هادئ يؤسس لانطلاقة اقتصادية قوية وسط تأييد شعبي من الجميع.

ب- تهيئة البيئة الاقتصادية المناسبة للعمل والإنتاج، وأهم ما يجب أخذه في الاعتبار:

– الإنجاز: (السرعة- اقتصاديات الوقت- وجود الإطار القانوني الواضح والمفصل لعمليات الإصدار من كافة الأوجه).

– الهيئات الرقابية الفاعلة.

ج- توافر الجانب الفني الذي يقيم دراسات الجدوى الخاصة بالمشروعات التي يراد تمويلها.

د- الإدارة الاقتصادية الفاعلة وتشمل:

– عمليات طرح الأفكار الاستثمارية ودراسة أولويات الاستثمار.

– التسويق للإصدارات المختلفة والترويج لها سواء للمواطنين والمؤسسات المالية في الداخل أو للأفراد والمؤسسات المالية في الخارج.

هـ- أن تحقق هذه المشروعات طموحات المواطنين والحكومة في زيادة الإنتاج وتحقيق الرفاهية وفقا للأولويات وكذلك المزايا النسبية والتنافسية التي تتمتع بها مصر.

و- أن تركز الصكوك على المشاركة حيث أنه الجانب الأهم في التنمية الاقتصادية، كما أنه الجانب المهمل دائما من قبل مؤسسات التمويل في العالم الإسلامي. “يبلغ معدل المشاركة في البنوك الإسلامية 3% فقط”(62).

5- الطلب على الصكوك الإسلامية:

تتعدد دوافع الطلب على الصكوك الإسلامية، ومن هذه الدوافع:

أ- الشركات والأفراد المصريون والذين لا يتعاملون إلا في أدوات متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية. “تجربة شركات توظيف الأموال في الثمانينات تؤكد ذلك”.

ب- المؤسسات المالية الأجنبية والتي تشير معظم الدراسات إلى رغبة الكثير في هذه المؤسسات في شراء الصكوك وتنويع محافظها الاستثمارية نظرا للعائد المرتفع المتوقع وخاصة في مصر “بلغت عوائد الصكوك في السودان حوالي 18%”. وتشير توقعات عوائد الصكوك في مصر للكثير من المشروعات تحقيقها لأكثر من 25-30% عائداً سنوياً.

ج- المصريون العاملون بالخارج والذين يترقبون إصدار صكوك مصرية متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، حيث أشارت إحدى الدراسات إلى فشل تسويق السندات الدولارية التي طرحها البنك الأهلي لهم في أبريل عام 2012 على الرغم من ارتفاع العائد عليها (كانت الحصيلة المتوقعة 3 مليار دولار في حين أن الفعلية بلغت 100 مليون دولار فقط)(63).

6- الاثار الاقتصادية للصكوك في مصر:

الصكوك أحد أدوات التمويل الحديثة والتي تعمل في مجالات الاقتصاد الحقيقي البعيد عن المضاربات الوهمية، واقتصاديات الديون، وهناك زيادة للطلب العالمي عليها حيث بلغ حجم إصدار هذه الصكوك عالميا عام 2012 حوالي 130 مليار دولار، كان نصيب ماليزيا من الإصدارات حوالي 23 مليار دولار، ومن أهم الآثار الاقتصادية للصكوك:

أ- الاستقرار الاقتصادي والذي يشمل السيطرة على التضخم ومعالجة مشكلة البطالة.

ب- إحداث نقلة نوعية في الاقتصاد المصري من خلال تمويل المشروعات ذات الكفاءة العالية وكذلك المشروعات التي تحتاج إلى تمويل كبير.

ج- التخلص التدريجي من مديونية الدولة الداخلية والخارجية وفتح المجال على مصراعيه أمام اقتصاد المشاركة.

7- أهم المشروعات التي يمكن تمويلها بالصكوك والتي لها أهمية استراتيجية وجدوى اقتصادية مرتفعة:

أ- مشروع تنمية سيناء: “يحتاج إلى حوالي 100 مليار جنيه في مرحلته الأولى”.

ب- صوامع لتخرين الحبوب: “مطلوب 2 مليار جنيه استثمارات لإنشاء صوامع جديدة للقضاء على الفاقد المقدر بـ 33%.

ج- مصانع للتعبئة والتغليف لتقليل الفاقد من المنتجات الزراعية والذي يبلغ حوالي 30%.

د- مشروعات استغلال المعادن حيث تقدر الثروة المعدنية غير المستغلة في مصر حتى الآن بحوالي 94%(64).

هـ- مشروع ممر التنمية المقدم من الدكتور فاروق الباز.

و- مشروعات منتقاه: “صناعية-زراعية- خدمية- إسكان- طرق-كبارى – موانئ – مطارات- مدارس- جامعات- مستشفيات… وخلافه”.

الفصل الثاني

التجارب العملية لبعض الدول لإصدار الصكوك

كان الاتجاه الحكومي لمعظم دول العالم نحو استخدام الصكوك في توفير الاحتياجات التمويلية الرسمية تطورا بارزا، نظرا لمعدلات النمو السريعة في حجم التمويلات الحكومية باستخدام الصكوك، وقد تعددت الدول التي اتجهت هذا الاتجاه فشملت كلاً من: باكستان، البحرين، قطر، ماليزيا، السودان، إيران بالإضافة إلى بعض حكومات الولايات في جمهورية ألمانيا, وتركيا.

فيوجـد العـديد مـن الـدول استخدمت الصكوك فى التمويل الحكومى وتمويل المشروعات التنموية ومشروعات البنية التحتية ويوضح هذا الفصل عدداً من تجارب هذه الدول التى نجحت فى استخدام الصكوك فى التمويل الحكومى سواء بإصدار صكوك من خلال الحكومة المركزية وهو مايطلق عليه الصكوك السيادية، أو أن يتم إصدار الصكوك من خلال احد الجهات والهيئات التابعة للحكومة كشركة خزانة الذراع الاستثمارى للحكومة الماليزية ودائرة الطيران المدنى فى دبى ويستعرض الجدول التالى الإصدارات الدولية للصكوك السيادية وشبه السيادية:

الجهة المصدرة

تاريخ الإصدار

العملة

حجم الإصدار(مليون)

ماليزيا

يناير2002

دولار أمريكى

600

البحرين

مايو2003

دولار أمريكى

250

قطر

سبتمبر 2003

دولار أمريكى

700

دائرة الطيران

المدنى (دبى)

نوفمبر 2004

دولار أمريكى

1000

ولاية سكسونيا

ألمانيا

يناير 2004

يورو

100

باكستان

يناير 2005

دولار أمريكى

600

فيما يلى استعراض بعض تلك التجارب مع التركيز على التجربة الماليزية.

1- التجربة الماليزية(66):

تعد ماليزيا من الدول الرائدة فى التمويل الإسلامى بشكل عام والصكوك بشكل خاص، حيث تم إقرار قانون البنوك الإسلامية فى ماليزيا عام 1983، وبلغت حجم أصول البنوك الإسلامية فى ماليزيا 233 مليار رنجت ماليزى، أى ما يعادل 77 مليار دولار وذلك بنهاية عام 2009، ويبلغ عدد البنوك الإسلامية 17 بنك من أصل 40 بنك متواجداً فى ماليزيا.

أما على مستوى الصكوك فتحتل ماليزيا المرتبة الأولى على مستوى العالم من حيث حجم إصدار الصكوك ونضج السوق الخاص بها، حيث اهتمت ماليزيا بخلق سوق قوى للصكوك وأعدت له القوانين والتشريعات التى ساهمت فى نمو الصكوك بشكل كبير مما جعل عدداً من المؤسسات المالية الدولية تطرح إصداراتها من الصكوك داخل ماليزيا، وتعد ماليزيا أول دولة فى العالم التى أصدرت صكوكاً حكومية (صكوك الإجارة الدولية) وذلك عام 2001 بحجم إصدار 600 مليون دولار، وتوضح بيانات السوق المالية الإسلامية الدولية أن ماليزيا استحوذت على سوق إصدار الصكوك بنسبة 51% من حجم الصكوك المصدرة خلال الفترة من 2001 حتى 2009 بحجم إصدار بلغ 77.7 مليار دولار ونمت بقوة معدلات إصدار الصكوك الماليزية خلال تلك الفترة، فمن حجم إصدار لم يتعدى 680 مليون دولار عام 2001 ليصل إلى 15 مليار دولار و26.5 مليار دولار أعوام 2006 و2007 على الترتيب لتنخفض فى العامين التاليين متأثرة بالأزمة المالية العالمية لتبلغ 5.9 مليار دولار و12.5 مليار دولار أعوام 2008 و2009 على الترتيب.

جدول يوضح حجم إصدار الصكوك فى ماليزيا

من 2001 حتى 2009

العام

2001

2002

2003

2004

2005

2006

2007

2008

2009

الإجمالى

حجم الإصدار

680

761

4,073

4,957

7,3111

15,060

26,529

5,897

12,477

77,745

شكل يوضح رصيد الصكوك والسندات فى ماليزيا منذ عام 2001 حتى 2008 (شكل يصعب تحميله على الموقع)

 

كما بلغت الصكوك الحكومية ما نسبته 25% من رصيد الصكوك فى عام 2008 برصيد بلغ 53 مليار رنجت ماليزى وبانخفاض قدره 6.9% من عام 2007 والذى بلغ فيه رصيد الصكوك الحكومية 56.9 مليار رنجت بمعدل نمو 33.8% من عام 2006 والذى بلغ فيه رصيد الصكوك الحكومية 42.5 مليار رنجت ماليزى.

جدول يوضح رصيد السندات وصكوك الشركات

والصكوك الحكومية فى ماليزيا

خلال الفترة من 2001 حتى 2008

السنة

2001

2002

2003

2004

2005

2006

2007

2008

السندات

251.6

240.6

277

283.1

297.9

306.3

357.4

374.5

الصكوك

55.2

70.1

87.3

97.8

123.2

147.6

198.4

211

الإجمالى

306.8

310.7

364.3

380.9

421.1

453.9

555.8

585.5

صكوك الشركات

40.2

52.7

64.3

71.8

90.7

105.1

141.5

157.8

الصكوك الحكومية

15

17.4

23

26

32.5

42.5

56.9

53.2

إجمالى الصكوك

55.2

70.1

87.3

97.8

123.2

147.6

198.4

211

مراحل تطور صناعة الصكوك فى ماليزيا:تعود تجربة الصكوك الإسلامية فى ماليزيا إلى عام 1983 عندما أصدرت الحكومة الماليزية (شهادات الاستثمار الحكومية) من قبل البنك المركزى الماليزى وقد قامت آليتها على شراء البنك الإسلامى الماليزى هذه الشهادات باعتبار أنه يقرض الحكومة بدون فائدة، ولكن يحدد عليها عائد تحدده لجنة تسمى لجنة العائد مكونة من وزارة المالية والبنك المركزى والمجلس الشرعى، وفى عام 1999 أصدرت شركة شل ماليزيا أول صكوك إسلامية فى ماليزيا بحجم إصدار 125 مليون رنجت (ما يعادل 33 مليون دولار) وفى عام 1997 أصدرت شركة خزانة (وهى الذراع الاستثمارى للحكومة الماليزية) وتصدر بأقل من قيمتها الإسمية، وفى عام 2000 أقرت لجنة مراقبة عمليات البورصة عدداً من الضوابط على إصدارات الصكوك و من بينها تعيين مستشارين شرعيين مستقلين، أما فى عام 2002 وقد شهد إطلاق الحكومة الماليزية صكوك الإجارة المشهورة (الصكوك الماليزية الدولية) بمبلغ million US$ 600, حيث أصبحت بهذا الإصدار أول دول العالم تصدر الصكوك الحكومية الدولية، فى عام 2003 أقرت ماليزيا تشريعات تمثل حلاً شاملاً لمشاكل الضريبة للصكوك الإسلامية كما هو الحال في السندات التقليدية، وقد أعلن عن هذا في الميزانية الفدرالية سنة 2004.

وأصدرت لجنة مراقبة عمليات البورصة ضوابط عرض الصكوك الإسلامية، وكان إصدار هذه الضوابط بمثابة الهيكل التيسيري في إصدار السندات الإسلامية وتنمية الجوانب الإبتكارية للسوق الرأس المالي الإسلامي في ماليزيا.

وقامت مؤسسة التمويل الدولية IFC)) فى ذات العام بإصدار الصكوك الإسلامية بمبلغ RM 500 millionالذى كان أول إصدار إسلامي على رنجت من قبل مؤسسة التمويل الدولية.

أصدر البنك الدولي السندات الإسلامية التي يحل أجلها في 2010 بمبلغ RM 760 million، وهذا الإصدار من رنجت هو أكبر عمليات سوق السندات على رنجت تشمل دولا متعددة.

أول مؤشر دولي للصكوك أطلق في كولالمبور وعرف هذا المؤشر بـ Dow Jones Citigroup، وهذا المؤشر يزن عمل السندات الإسلامية ذات الإيرادات الثابتة ذات ضوابط الاستثمار الشرعي، كما شاهد هذا العام إصدار أول صكوك مشاركة قابلة للتبادل أصدرتها شركة خزانة، وقيدت تلك الصكوك فى البورصة Labuanالدولية للتبادل المالى وبورصة هونج كونج و بحجم اصدار بلغ 750 مليون دولار، واتبعتها فى العام التالى 2007 بصكوك مشاركة أيضا قابلة للتبادل بحجم إصدار 850 مليون دولار.

فى عام 2007 أيضاً أصدرت لجنة مراقبة عمليات البورصة الهيكل التيسيري لإصدار الصكوك على العملة الأجنبية وذلك لتمكين ماليزيا حتى تكون مركز الصكوك الدولية.

استخدام الصكوك فى ماليزيا للتمويل الحكومى وتمويل الاستثمارات العامة:

تستخدم ماليزيا الصكوك فى التمويل الحكومى بشكل عام، وتمويل الاستثمار العام بشكل خاص، وتشكل الصكوك وزناً نسبياً هاماً من الأوراق المالية التى تصدرها الحكومة الماليزية، ومن هذه الصكوك:

1- صكوك الإجارة بنك نيجارا ماليزيا (Sukuk Bank Negara Malaysia Ijarah)

تطرح صكوك الإجارة اعتمادا على هيكل الإجارة (البيع و إعادة التأجير) ويتم تأسيس شركة ذات غرض خاص لطرح هذه الصكوك، وقد قامت ماليزيا عام 2002 بإصدار أول صكوك إجارة دولية بقيمة 600 مليون دولار.

2- صكوك الادخار (Sukuk Simpanan Rakyat)وهى تشبه سندات الادخار السابقة، ولكنها تكون متاحة للمواطنين من 21 عاما فما فوق، ويطرحها البنك المركزى الماليزى ممثلا للحكومة الماليزية عن طريق البنوك الوكيلة، وبحد أدنى 1000 رنجت، وبحد أقصى 50000 وتصرف أرباحها على أساس ربع السنوى.

3- صكوك خزانة: تقوم شركة خزانة الماليزية (Khazanah Nasional Berhad) الذراع الاستثمارى للحكومة الماليزية، والتى تدير الأصول الحكومية المملوكة للحكومة وتتخذ قرارات الاستثمار الإستراتيجية، والمملوكة بالكامل لوزارة المالية الماليزية بإصدار أنواع مختلفة من الصكوك وتمثل صكوك المرابحة الهيكل الأساسى للصكوك بآجال استحقاق تتنوع بين 3، 5، 7، 10 سنوات, وترد قيمة شرائها، كما أصدرت خزانة إصدارات صكوك مشاركة قابلة للتحويل لأسهم و ذلك عام 2006 وعام 2007.

نماذج من الإصدارات الحكومية للصكوك فى ماليزيا:

1) صكوك الإجارة الدولية 2002: فى عام 2002 قامت الحكومة الماليزية بإصدار صكوك إجارة دولية بقيمة 600 مليون دولار تستحق عام 2007، وقامت بتأسيس شركة ذات عرض خاص لهذا السبب، ومثل كل صك حصة فى أرض كانت مملوكة للحكومة الماليزية وقامت ببيعها لحملة الصكوك، على أن تقوم باستئجارها بقيمة إيجارية متفق عليها توزع نصف سنوياً على حملة الصكوك (العائد على الصك)، وفى تاريخ الاستحقاق قامت الحكومة بإعادة شراء الأرض بنفس سعر بيعها ورد قيمة الصكوك، واستخدمت الحكومة حصيلة تلك الصكوك فى البناء على الأرض محل التعاقد (أربعة مشاريع مختلفة). وقد قام بنك (HSBC) بتنظيم الإصدار كمنظم رئيسى وساعده عدد من البنوك الأخرى، وقامت مؤسسة ستاندرد ان بورز بتصنيف تلك الصكوك ائتمانياً بـ(BBB), و تم إدراج هذه الصكوك فى البورصة الماليزية وبورصة لوكسبمورج(67).

2) صكوك خزانة 2006:

فى عام 2006 أصدرت شركة خزانة الذراع – الاستثمارى للحكومة الماليزية – أول صكوك مشاركة من نوعها قابلة للتحويل لأسهم، لتمويل شركة اتصالات ماليزيا، حيث تمتلك الخزانة الحصة الأكبر منها، وقد بلغ حجم الإصدار 750 مليون دولار (650 مليون دولار حجم الإصدار الفعلى مع تخصيص الزائد بـ100 مليون دولار) وأجل استحقاق 5 سنوات تستحق فى 2011(68).

فهى أول صكوك مدعومة بأصول مالية وهى أسهم فى شركة اتصالات ماليزيا على عكس معظم إصدارات الصكوك, التى تكون مدعومة بأصول ملموسة وأصبحت الصكوك قابلة للتحويل إلى أسهم 254,239,632 سهم فى شركة اتصالات ماليزيا.

2- تجربة السعودية:

تحتل السعودية المرتبة الثانية خليجياً والرابعـة دولياً بعد ماليزيا

والإمارات والسودان من حيث اصدارات الصكوك خلال الفترة من 2001 حتى 2009, وذلك بحجم إصدار بلغ 12.348 مليار دولار، وهذا على الرغم من أن الصكوك كمنتج مالى لم ينظم طرحها وتداولها فى الأسواق السعودية إلا بعد قيام هيئة السوق المالية فى السعودية بإصدارها للائحتى الطرح والإدراج الخاصة بالصكوك عام 2004، ومع ذلك تأخر طرح أول صكوك داخل السوق السعودية إلى عام 2006، ولكن قبل هذا التاريخ قامت عدد من الشركات السعودية بإصدار صكوك خارج السعودية منذ عام 2003, ويوضح الجدول التالى حجم إصدارات الصكوك السعودية سواء محليا أو دولياً:

جدول يوضح إصدارات الصكوك السعودية

خلال الفترة من 2003 حتى 2008

العام

2003

2004

2005

2006

2007

2008

2008

الإجمالى

إصدارات الصكوك

500

415

500

800

5,683

1,874

2,576

12,348

وسيظهر الجدول أن حجم إصدارات الصكوك السعودية فى عام 2003 بلغت500 مليون دولار، وفى عام 2004 كانت 415 مليون دولار, بينما بلغ حجم الإصدار عامى 2005 و2006 ليصل إلى 500 و800 مليون دولار على الترتيب، وقفز حجم إصدار الصكـوك عام 2007 ليصـل إلى

5.683 مليار دولار، وفى عام 2008 بلغ حجم الإصدار 1.874 مليار دولار أما فى عام 2009 بلغ حجم الإصدار 2.576 مليار دولار، ويظهر الجدول التالى بعض الإصدارات التى تمت فى المملكة العربية السعودية علما بأنه لم يتم طرح أى صكوك سيادية.

جدول يوضح إصدارات الصكوك التى تمت داخل السوق السعودى

الإصدار

سنة الإصدار

القيمة (مليون ريال سعودى)

العائد

فترة الاستحقاق

سابك 1

2006

3000

سايبور(*)3شهور +40نقطة أساس

5

شركة الكهرباء 1

2007

5000

سايبور 3شهور +45نقطة أساس

5

سابك 2

2007

8000

سايبور3شهور +38نقطة أساس

5

سابك 3

2008

5000

سايبور3شهور +48نقطة أساس

5

مجموعة بن لادن

2008

1000

7%عائد ثابت

5

البنك السعودى الهولندى

2008

775

سايبور3شهور +200نقطة أساس

5

دار الأركان

2009

750

سايبور3شهور +400نقطة أساس

5

شركة الكهرباء 2

2009

7000

سايبور3شهور +160نقطة أساس

10

شركة الكهرباء 3

2010

7000

20

نماذج لإصدارات الصكوك فى السعودية:

صكوك شركة الكهرباء السعودية: قامت شركة كهرباء السعودية بإصدار 3 إصدارات من الصكوك أعوام 2007 و2009 و2010، بقيمة تتجاوز 19 مليار ريال سعودى (أى ما يعادل تقريبا 5 مليار دولار) حيث بلغ قيمة الإصدار الأول 5 مليار ريال والإصدار الثانى والثالث 7 مليار ريال لكل منهما، وتطرح تلك الصكوك تحت هيكل الوكالة بالاستثمار.

وطرحت تلك الصكوك فى السوق المحلى فقط، وتمت تغطية الإصدار الثالث منها بنحو 300% بعد أن تجاوزت طلبات الاكتتاب أكثر من 20 مليار دولار، يتم استخدام حصيلة الصكوك فى تمويل مشاريع الشركة التوسعية.

وتم تحديد موجودات الصكوك فى هذا الإصدار بأن تشمل إشراك حملة الصكوك فى خدمات الربط الكهربائى (رسوم الربط) من الشركة إلى العميل بحيث يكون حامل الصك شريكا فى هذه العملية، وقامت وكالة فيتش للتصنيف الائتمانى منح تلك الصكوك تصنيف (-(AA(69).

3- تجربة البحرين وقطر:

أولاً: تجربة البحرين:تحتل البحرين المرتبة الثالثة خليجيا بعد الإمارات والسعودية من حيث إصدارات الصكوك، وقد بلغ حجم إصدارات الصكوك البحرينية 5.948 مليار دينار, وذلك خلال الفترة من 2001 وحتى 2009، ويوضح الجدول التالى إصدارات الصكوك البحرينية خلال تلك الفترة:

جدول يوضح إصدارات الصكوك البحرينية

خلال الفترة من 2001 وحتى 2009

العام

2001

2002

2003

2004

2005

2006

2007

2008

2009

الإجمالى

حجم الإصدار

100

200

230

454

1,113

418

1,137

891

1,405

5,948

وتعد البحرين فى المرتبة الثانية دولياً بعد السودان من حيث وزن الصكوك فى التمويل الحكومى, حيث انخفض اعتماد البحرين على الديون التقليدية منذ عام 2000 لتتراجع حصة الديون التقليدية إلى الدين العام بقوة 76.4% عام 2002 إلى 14.6% عام 2007.

 وقد بدأت حكومة البحرين فى إصدار الصكوك الإسلامية منذ عام 2001, والتى اكتسبت زخما فى الأعوام اللاحقة, حيث بدأت الحكومة تعتمد اعتمادا كبيرا على الصكوك الإسلامية للإيفاء بمتطلبات الديون، ففى عام 2001 شكلت الصكوك الإسلامية 23.6% من إجمالى الدين العام للبلاد، وقفزت إلى 85.4% فى عام 2007، واستقر إجمالى الاقتراض الحكومى ما بين 585 مليون دينار بحرينى و705 مليون دينار بحرينى خلال الفترة ما بين العام 2002 والعام 2008، وكان معظم الاقتراض الجديد فى شكل صكوك إسلامية.

ونجد أن الصكوك فى البحرين تنحصر فى نوعين فقط من الصكوك وهما صكوك الإجارة للتمويل طويل الأجل، وصكوك السلم للتمويل قصير الأجل حيث تستحوذ صكوك التأجير الإسلامية وهى صكوك طويلة الأجل تتراوح تواريخ استحقاقها من ثلاثة إلى خمسة أعوام على الجزء الأكبر من الصكوك الإسلامية فى البحرين، إذ بلغت حصتها 96.6% فى المائة فى العام 2008، فى حين استحوذت صكوك السلم الإسلامية على النسبة المتبقية من الصكوك.

وارتفعت قيمة صكوك التأجير الإسلامية من 112.8 مليون دينار بحرينى فى عام 2002 إلى 507 مليون دينار فى عام 2008، وبلغت قيمة صكوك السلم الإسلامية – وهى صكوك قصيرة الأجل تبلغ مدة استحقاقها 91 يوماً – 18 مليون دينار بحرينى فى نهاية عام 2008 وهو تقريباً المستوى المسجل فى عام 2007.

ثانياً: تجربة قطر:

وقد اتجهت دولة قطر إلي استخدام الصكوك الإسلامية في المالية العامة للدولة، وقد بدأ استخدام الصكوك الإسلامية الحكومية لأول مرة في عام 2002م، ثم أصدرت حكومة قطر في عام 2004م صكوكاً إسلامية بقيمة 700 مليون دولار، وسيشهد المستقبل مزيداً من التوسع في إصدار الصكوك الإسلامية الحكومية لتوفير التمويل للنفقات العامة(70).

المركزي قام نيابة عن حكومة دولة قطر بإصدار صكوك إسلامية بنحو 39 مليار ريال، بهدف تعزيز سيولة المراكز المالية للمصارف الإسلامية وبما يتماشى مع متطلبات «بازل 3»، وذلك إيمانا من المصرف بأهمية الأدوات المالية الإسلامية. وشدد على أهمية الصكوك الإسلامية التي تواصل نموها رغم الأزمة المالية العالمية حيث شهد عام 2009 إصدارات لتلك الصكوك بلغت نحو 23 مليار دولار مقارنة بما يقارب 14 مليار دولار في عام 2008، كما زاد حجم السوق العالمي للصكوك من نحو 111 مليار دولار في عام 2009 ليصل إلى 131 مليار دولار في نهاية عام2012(71).

4- تجارب دولية متنوعة:

هناك عدد من الدول التى استخدمت الصكوك فى التمويل كقطر التى تعد ثانى دول العالم بعد ماليزيا يصدر صكوك الإجارة الدولية و ذلك عام 2003 بحجم إصدار700 مليون دولار وتستحق فى 2010، وتم استخدام حصيلة تلك الصكوك فى تمويل بناء وتطوير مدينة حمد الطبية بالدوحة، وأصبح حملة الصكوك هم ملاك منافع الأرض التى بنيت عليها المدينة، وقامت الحكومة بإعادة استئجارها بمعدل عائد يساوى سعر الليبور أجل 6 شهور بالإضافة إلى هامش يقدر بــ0.4 %.

أما إندونسيا فقد بدأت تجربة الصكوك فيها عام 2002 لتصدر خلال الفترة من 2002 حتى 2010 صكوكا بقيمة 4.698 مليار دولار، وبعـدد إصـدارات 77 إصـدار،

ويوضح الجدول التالى إصدارات الصكوك فى إندونسيا خلال تلك الفترة:

جدول يوضح إصدارات الصكوك فى إندونسيا

خلال تلك الفترة من 2002 حتى 2010

السنة

عدد الإصدارات

حجم الإصدار (مليون دولار)

2002

1

19

2003

5

65

2004

7

87

2005

3

68

2006

1

21

2007

15

270

2008

9

740

2009

20

1,669

2010

16

1,759

الإجمالى

77

4,698

ويغلب على الصكوك فى إندونسيا الطابع المحلى حيث أن كل الإصدارات تم إصدارها فى السوق المحلى وبالعملة المحلية، إلا إصدار واحد فقط أصدرته الحكومة الإندونسية فى الأسواق الدولية عام 2009، وهو أول إصدار لإندونسيا لصكوك دولية، وبلغ حجم الإصدار 650 مليون دولار، وأجل استحقاقها 5 سنوات لتستحق في 2012، واتخذت من الإجارة هيكلاً لها، وبلغ معدل العائد عليها 8.8%, وأصدرت الصكوك من خلال تأسيس شركة ذات غرض خاص، وشكلت موجودات الصكوك 66 مبنى حكومى، واستخدمت حصيلة تلك الصكوك فى تمويل عجز الموازنة، وقام بإدارة تلك الصكوك بنوك باركليز كابيتال و(HSBC) وستاندرد تشارترد، وأعلنت الحكومة الإندونسية أنها تلقت طلبات اكتتاب تجاوزت قيمتها أربعة مليارات دولار فى أول إصداراتها العالمية من الصكوك، والذى جذب مستثمرين من جميع أنحاء العالم وبمشاركة مستثمرى السندات التقليدية، وتم إدراج تلك الصكوك فى بورصة سنغافورة.

وفى ألمانيا قامت ولاية سكسونيا الألمانية عام 2004 بإصدار صكوك الإجارة بقيمة 100 مليون يورو, وذلك لتمويل بناء كوبرى، كما قام عدد من الشركات الأمريكية والبريطانية فى إصدار صكوك فى الأسواق الدولية.

5- دول على طريق إصدار الصكوك:

مع تطور سوق الصكوك والطفرة التى شهدتها في الفترة الأخيرة وسعى الدول والشركات فى تنويع مصادر التمويل والاستفادة من سيولة السوق المالى الإسلامى والذى لا يستثمر فى السندات التقليدية, أعلنت عدد من الدول أنها بصدد دخول سوق الصكوك قريباً.

ففى أستراليا أعلن مجلس الضرائب القومى أنه بصدد إدخال تعديلات على قوانين الضرائب ليضمن المعاملة العادلة لأدوات التمويل الإسلامى ويجذب إصدارت الصكوك, كما أعلنت كل من فرنسا وبريطانيا أنها تخطط لإصدار صكوك سيادية خلال الفترة القادمة، وفى خطوة رئيسية نحو ذلك أجاز مجلس المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (AAOIFI) النموذج الفرنسى للصكوك مع إدخال بعض التعديلات البسيطة عليه وذلك فى نوفمبر 2010، أما الفلبين وسريلانكا فقد أكدا على عزمهما للدخول بقوة فى مجال الصكوك وإصدار قوانين وتشريعات جديدة.

كما أعلنت وزارة المالية فى السنغال أنها بصدد دراسة إصدار صكوك لتمويل مشروعات البنية التحتية، وفى نيجيريا أعلن محافظ البنك المركزى عن مخططات الحكومة لإصدار صكوك سيادية بهدف جعل نيجيريا مركزاً للتمويل الإسلامى بحلول عام 2020، كما أعلنت اليابان وروسيا عن عزمهما إصدار صكوك سيادية مع إدخال تعديلات تشريعية وضريبية لإزالة العوائق أمام إصدار الصكوك(72).

* * *

الهوامش

(1) سليمان ناصر، ربيعة بن زيد، إدارة مخاطر الصكوك الإسلامية الحكومية، دراسة تطبيقية على الصكوك الحكومية السودانية، بحث مقدم إلى المؤتمر الدولي الخامس حول الصيرفة الإسلامية والتمويل الإسلامي، تحت عنوان “إدارة المخاطر؛ التنظيم والإشراف”، أكتوبر 2012، معهد الدراسات المصرفية، عمّان / الأردن، ص6.

(2) أشرف محمد دوابه، الصكوك الإسلامية بين النظرية والتطبيق، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، القاهرة، مصر، ط1، 2009، ص117.

(3) المرجع السابق، ص117. أحمد الأمين حامد، الصكوك الاستثمارية الإسلامية وعلاج مخاطرها، رسالة ماجستير، غير منشورة، جامعة اليرموك، الأردن، 2005، ص91.

(4) صفية أحمد أبو بكر، الصكوك الإسلامية، ورقة بحث مقدمة إلى “مؤتمر المصارف الإسلامية بين الواقع والمأمول”، دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري، دبي- الإمارات، 31 مايو – 3 يونيو 2009.

(5) أشرف دوابه، الصكوك الإسلامية، مرجع سابق، ص118. أحمد الأمين حامد، الصكوك الاستثمارية الإسلامية وعلاج مخاطرها، مرجع سابق، ص93.

(6) هيثم فايز، دراسة بعنوان “سوق الصكوك السعودية”، تقرير جدوى الاستثمار، الرياض، المملكة العربية السعودية، أغسطس 2009، ص5.

(7) مجلس الخدمات المالية الإسلامية: المبادئ الإرشادية لإدارة المخاطر للمؤسسات -عدا المؤسسات التأمينية- التي تقتصر على تقديم خدمات مالية إسلامية، كو الالمبور، ماليزيا، ديسمبر 2005.

(8) أحمد الأمين حامد، الصكوك الاستثمارية الإسلامية وعلاج مخاطرها، مرجع سابق، ص 74.

(9) عادل بوقري، مخاطر صيغ التمويل التجارية الإسلامية في البنوك السعودية، رسالة دكتوراه، غير منشورة، جامعة أم القرى، السعودية، 2005، ص126. بلعزوز بن علي، إستراتيجيات التحوط وإدارة المخاطر، مرجع سابق، ص8.

(10) رقية شرون، إدارة المخاطر في البنوك التجارية ومؤشرات قياسها، ورقة بحث مقدمة إلى الملتقى الدولي الثالث حول: “إستراتيجيات إدارة المخاطر في المؤسسات الواقع والآفاق”، كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير، جامعة حسيبة بن بوعلي، الشلف، الجزائر، 25-26 نوفمبر 2008.

(11) أحمد الأمين حامد: الصكوك الاستثمارية الإسلامية وعلاج مخاطرها، مرجع سابق، ص 81

(12) عادل بوقري، مخاطر صيغ التمويل التجارية الإسلامية، مرجع سابق، ص 135

(13) فضل عبد الكريم محمد، إدارة المخاطر في المصارف الإسلامية، متاح على الرابط www.Islamiccenter.kau.edu.sa/Arabic/hiwar-Arabea/abs/pdf-Hiwar3/243.pdf

(14) عادل بوقري: مخاطر صيغ التمويل التجارية الإسلامية في البنوك السعودية، مرجع سابق، ص 138

(15) أحمد الأمين حامد: الصكوك الاستثمارية الإسلامية وعلاج مخاطرها، مرجع سابق، ص88.

(16) أشرف محمد دوابه: إدارة مخاطر الصكوك الإسلامية، ورقة بحث مقدمة إلى الملتقى الدولي الثالث حول: “إستراتيجية إدارة المخاطر في المؤسسات الواقع والأفاق”، كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير،جامعة حسيبة بن بوعلي، الشلف، الجزائر،وفمبر 2008

(17) العياشي الصادق فداد، تعارض المصالح في عمل الهيئات الشرعية، ورقة بحث مقدمة إلى ‘مؤتمرالهيئات الشرعية الثامن’، هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، البحرين، 18-19 /5/2009، ص10.

(18) عبد الباري مشعل: حوكمة هيئات الرقابة الشرعية، ورقة بحث مقدمة إلى ملتقى “الخرطوم للمنتجات المالية الإسلامية”، مركز بيان للهندسة المالية، الخرطوم،السودان، المنعقد خلال الفترة 6-7 ابريل 2001.

(19) منير إبراهيم هندي: أساسيات الاستثمار في الأوراق المالية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1999 م، ص251.

(20) محمود محمد الداغر: الأسواق المالية مؤسسات -أوراق- بورصات، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ط 1، ص196.

(21) منير إبراهيم هندي: أساسيات الاستثمار في الأوراق المالية، مرجع سابق ص255.

(22) محمد علي: إدارة المخاطر المالية في الشركات المساهمة المصرفية، رسالة دكتوراه فلسفة في إدارة الأعمال، كلية التجارة، قسم إدارة الأعمال، جامعة القاهرة، 2005، ص2.

(23) أحمد الأمين حامد: الصكوك الاستثمارية الإسلامية وعلاج مخاطرها، مرجع سابق، ص115.

(24) أحمد الأمين حامد: الصكوك الاستثمارية الإسلامية وعلاج مخاطرها، مرجع سابق، ص123.

(25) هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية والإسلامية: المعايير الشرعية، المعيار رقم (08) المرابحة للآمر بالشراء، مرجع سابق، ص97.

(26) أحمد الأمين حامد: الصكوك الاستثمارية الإسلامية وعلاج مخاطرها، مرجع سابق، ص 128. زياد الدماغ: مخاطر الصكوك الإسلامية وطرق معالجتها، ورقة بحث مقدمة إلى: International conference on Islamic Banking and Finance: Cross Border 2010/06/16-15،Practices and Litigation, Malaysia

(27) مجلة مجمع الفقه الإسلامي، مرجع سابق، العدد الرابع، المجلد الثالث، القرار الخامس، جدة، المملكة العربية السعودية، 1408/1988، ص1809.

(28) عبد الحميد الساعاتي: نحو مشتقات مالية إسلامية لإدارة المخاطر التجارية، مجلة جامعة الملك عبد العزيز، الاقتصاد الإسلامي، المجلد رقم 11، 1419/1999، ص81.

(29) غالب عوض الرفاعي، خديجة خالدي: مخاطر الاستثمار في البنوك الإسلامية التقليل منها، ورقة بحث متاحة على الرابط http://iefpedia.com/arab/?p=5473

(30) هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية: المعايير الشرعية، مرجع سابق، معيار رقم (1) المتاجرة في العملات، ص4.

(31) معبد علي الجارحي، عبد العظيم جلال أبوزيد: أسواق الصكوك الإسلامية ووسائل تحسينها شاملة الجوانب الهيكلية والرقابية، ورقة بحث مقدمة إلى حلقة عمل بعنوان “الصكوك الإسلامية طبيعتها وتطبيقاتها”، المنعقد في مجلس دبي الاقتصادي، دبي-الإمارات، 10 مارس 2010.

(32) علي محيي الدين القره داغي، بحوث في فقه البنوك الإسلامية، ص527.

(33) محمد بن أبي بكر شمس الدين ابن قيم الجوزية، إعلام الموقعين عن رب العالمين، تحقيق طه عبد الرؤوف سعيد، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، ط1986م، ج4 ص204.

(34) المعايير الشرعية، هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، المعيار الشرعي (29)، ضوابط الفتوى وأخلاقياتها في إطار المؤسسات، ص477.

(35) فؤاد محمد أحمد محيسن، الصكــوك الإسلامية (التوريق) وتطبيقاتها المعاصرة وتداولها، رسالة دكتوراه، من الأكاديمة العربية للعلوم المصرفية، الدورة التاسعة عشرة، إمارة الشارقة، دولة الإمارات العربية المتحدة.

(36) سليمان ناصر، ربيعة بن زيد، إدارة مخاطر الصكوك الإسلامية الحكومية، دراسة تطبيقية على الصكوك الحكومية السودانية، بحث مقدم إلى المؤتمر الدولي الخامس حول الصيرفة الإسلامية والتمويل الإسلامي، تحت عنوان”إدارة المخاطر؛ التنظيم والإشراف”، أكتوبر 2012، معهد الدراسات المصرفية، عمّان / الأردن، ص4.

(37) أسامة الجورية، صكوك الاستثمار ودورها التنموي، ص179. عبد الملك منصور، العمل بالصكوك الاستثمارية الإسلامية على المستوى الرسمي والحاجة إلى تشريعات جديدة، ورقة بحث مقدمة إلى مؤتمر المصارف الإسلامية بين الواقع والمأمول، دائرة الشئون الإسلامية والعمل الخيري، دبي-الإمارات، 31 مايو-3 يونيو 2009م، ص26.

(38) وذلك حسب فتوى مجمع الفقه الإسلامي من خلال قراره رقم “7/2/66” في دورته السابعة بجدة.

(39) أسامة الجورية، صكوك الاستثمار ودورها التنموي، مرجع سابق، ص181.

(40) عبد الملك منصور، العمل بالصكوك الاستثمارية الإسلامية على المستوى الرسمي والحاجة إلى تشريعات جديدة، مرجع سابق، ص31.

(41) الخصخصة: بيع المؤسسات المملوكة من الحكومة إلى القطاع الخاص، والخصخصة جزء من عملية التخاصية وهي عملية تغيير اقتصادي شاملة لتحقيق الأهداف الاقتصادية. (علاء الدين، فؤاد محمود، التخاصية تعريف ودراسة مقارنة، ب ط، ب ت، ص7).

(42) الحكر: إجارة طويلة، تنطبق على أراضي الأوقاف في الأغلب، وقد تكون في الأملاك الخاصة. (الموسوعة الفقهية الكويتية، ج 18، ص 54).

(43) منذر قحف، سندات الإجارة والأعيان المؤجرة، مرجع سابق، ص103.

(44) سامي حسن حمود، الأدوات التمويلية الإسلامية للشركات المساهمة، مرجع سابق، ص71.

(45) زياد الدماغ، دور الصكوك الإسلاميه في دعم الشركات المساهمه، بحث مقدم إلى مؤتمر عالمي عن الإجتهاد والإفتاء في القرن الحادي والعشرين – تحديات وآفاق (كوالالمبور: 1429هـ- 2008م)، ج2، ص540-543.

(46) عادل حميد يعقوب عبد العال، المظهر الاقتصادي للصكوك، ورقة عمل مقدمة إلى مؤتمر صكوك التمويل الإسلامية بين النظرية والتطبيق، المصرف المتحد بالتعاون مع قسم الشريعة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنين، القاهرة ص38.

(47) المرجع السابق من ص 40-45.

(48) محمد محمد الغزالي، تصكيك الملكية العامة وضمان العائد ورأس المال، مؤتمر “صكوك التمويل الإسلامية بين النظرية والتطبيق، جامعة الأزهر، القاهرة، 4/3/2013، ص60.

(49) شوقي أحمد دنيا، الخصخصة وتقليص دور القطاع العام موقف الاقتصاد الإسلامي – بحث مقدم للمؤتمر العالمي الثالث للاقتصاد الإسلامي- كلية الشريعة- جامعة أم القرى – مكة المكرمة – مارس 2003 ص17-19.

(50) الطحاوي، مختصر الطحاوي، القاهرة: بدون ناشر، 1370هـ، ص35.

(51) الكاساني، بدائع الصنائع، بيروت: دار الكتاب العربي، ج3 ص52.

(52) ابن منظور، لسان العرب، مرجع سابق، مادة (ضمن).

(53) محمد الزهري الغمراوي، السراج الوهاج على متن المنهاج، دار المعرفة للطباعة والنشر – بيروت ج1/ص240.

(54) توصية ندوة البركة رقم 31/5.

(55)عبد الباري مشعل، الصكوك الإسلامية “رؤية مقاصدية”، ندوة الصكوك الإسلامية عرض وتقويم، جامعة الملك عبد العزيز، جدة 240- 25 مايو 2010م، بالتعاون مع مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي ومجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب عضو مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، ص2.

(56) حيث نص على: – منع تعهد المصدر بإعادة شراء الأصول المؤجرة بقيمتها الاسمية، ولا مانع من أن يتم ذلك بالقيمة السوقية أو بما يتفقان عليه عند إعادة الشراء (إطفاء الصكوك).

– العمل على تخفيض مخاطر الصكوك عن طريق الوسائل المشروعة المقرة من المجامع والهيئات العلمية مثل:

– تكوين مخصصات لمعالجة مخاطر نقص قيمة الصكوك أو عوائدها، أو المشاركة في صناديق ذات أغراض مماثلة.

– التأمين التكافلي المنضبط بالضوابط الشرعية.

(57) انظر قرارات مجمع الفقه الإسلامي: رقم (136-2-15)، بشأن المشاركة المتناقصة وضوابطها الشرعية، والقرار رقم (30/5/4)، بشأن سندات المقارضة وسندات الاستثمار، هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية والإسلامية، المعايير الشرعية، مرجع سابق، المعيار الشرعي رقم (21) بشأن الأوراق المالية (الأسهم والسندات).

(58) عبد الباري مشعل، الصكوك الإسلامية “رؤية مقاصدية”، مرجع سابق، ص8.

(59) قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم 12/12/2 بشأن خطاب الضمان، الفقرة ثانيا.

(60) هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية والإسلامية، المعايير الشرعية، مرجع سابق، المعيار الشرعي (5) الضمانات: المستندات الشرعية، الكفالة.

(61) محمد عشماوي، ورقة عمل مقدمة إلى مؤتمر صكوك التمويل الإسلامية بين النظرية والتطبيق، المصرف المتحد بالتعاون مع قسم الشريعة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنين، القاهرة.

(62) عادل حميد يعقوب عبد العال، المظهر الاقتصادي للصكوك، ورقة عمل مقدمة إلى مؤتمر صكوك التمويل الإسلامية بين النظرية والتطبيق، المصرف المتحد بالتعاون مع قسم الشريعة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنين، القاهرة ص45.

(63) سامي يوسف كمال، دور الصكوك المالية في القضاء على مشكلة التوازن بين السيولة والرعية، رسالة دكتوراه غير منشورة أكاديمية السادات سنة 2008 ص62-68.

(64) المرجع السابق ص88.

(65) عادل حميد يعقوب، المظهر الاقتصادي للصكوك، مرجع سابق ص48.

(66) محمد حسنين أحمد “استخدام الصكوك لتمويل الاستثمارات العامة” مرجع سبق ذكره ص60-63، 66، 67.

(67) هذا الجزء تم اقتباسه من الورقة المقدمة من أنجد نور الدين وعنوانها “تطوير الصكوك فى ماليزيا” عرض تقديمى لمؤتمر سوق رأسمالية مركز فهد للمؤتمرات بالرياض 25 أكتوبر 2008.

(68) أنجدمون نور الدين “تطوير الصكوك فى ماليزيا” عرض تقديمى لمؤتمر سوق رأسمالية مركز فهد للمؤتمرات بالرياض 25 أكتوبر 2008 .

(69) محمد حسنين أحمد “استخدام الصكوك لتمويل الاستثمارات العامة” مرجع سبق ذكره، ص 73 – 75.

(70) منصور المصعبى عبد الملك “الصكوك الاستشمارية الإسلامية”، ص54.

(71) محمد حسنين أحمد “استخدام الصكوك لتمويل الاستثمارات العامة” مرجع سبق ذكره، ص 75 ,76.

(72) محمد حسنين أحمد “استخدام الصكوك لتمويل الاستثمارات العامة” مرجع سبق ذكره، ص78 -80.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر