أولاً : ـــ العلمانية من العلم أم من العالم ؟ :
من خلال قراءتنا للمصطلح في المصادر الأجنبية من معاجم ودوائر للمعارف وتعريفات الباحثين الغربيين، يمكننا أن نؤكد أن العَلمانية ـــ بفتح العين ـــ هي الترجمة الصحيحة على غير قياس لكلمة secularismالإنجليزية أو seculairالفرنسية، وهاتان الكلمتان لا صلة لهما بلفظ العلم ومشتقاته،
فالعلم في الإنجليزية والفرنسية يعبر عنه بكلمة scienceوالمذهب العلمي نطلق عليه كلمة scientismوالنسبة إلى العلم هي scientificأو scientifiqueفي الفرنسية، والترجمة الدقيقة للكلمة هي «العالمانية» أو «الدنيوية» أو «اللادينية»، ولكن تحولت كلمة عالمانية إلى عَلمانية؛ لأن العربية تكره تتابع الحركات وتلجأ إلى التخفف منه(1).
وكذلك فإن زيادة الألف والنون هنا ليست قياسية في اللغة العربية أو في الاسم المنسوب «عالماني»، وإنما جاءت سماعًا، مثل : رباني، نفساني، روحاني، عقلاني، ومثلها علماني، واللغة العربية تقبل إضافة الألف والنون لاحقة لبعض الكلمات(2)، والترجمة الحرفية في قاموس اللغة للعمانية هي «الدنيوية»؛ لأنها مشتقة من العالَم أي «الدنيا»(3).
ومن هنا فإن العلماني هو الدنيوي لأنه يهتم بالدنيا، بخلاف الديني أو الكهنوتي فهذا الأخير يهتم بالآخرة. وأول معجم عربي يورد الكلمة هو المعجم الوسيط، وقد جاءت فيه بهذا المعنى في طبيعتيه الأوليين(4).
وأول معجم ثنائي اللغة قدم ترجمة صحيحة للكلمة هو قاموس «عربي ـــ فرنسي» أنجزه لويس بقطر المصري عام 1828م، وهو من الجيل الذي ينتمي للحملة الفرنسية، وقد كان تعاونًا مع الفرنسيين ورحل معهم إلى باريس وعاش هناك، وكانت ترجمته لكلمة seculariteعالماني seculier علماني، عالماني، وميزة هذه الترجمة أنها أول وأقدم ترجمة صحيحة للكلمة تدحض آراء الذين يعتبرون العَلمانية من العِلم؛ لأنه نسبها إلى العالَم(5). وكما أن الرباني منسوب إلى الرب بزيادة الألف والنون للدلالة على كمال الصفة أو بلوغها حدًّا قريبًا من الكمال قالوا في كثير الشعر : شعراني، وغليظ الرقبة : رقباني، وطويل اللحية أو كثيفها : لحياني(6)كذلك فإن العَلماني منسوبٌ إلى العالَم ـــ بهذا الشكل ـــ للدلالة على المبالغة في الانتماء إلى العالم والإيمان به(7).
ومما يؤكد انقطاع المصلحة بين العَلمانية والعلم، البحث القيم الذي تقدم به الدكتور عدنان الخطيب حول تاريخ الكلمة الذي أرجعه إلى قرون عديدة، وتاريخ دخولها إلى اللغة العربية، وقد استند في بحثه على مراجعة مصادر الكلمة في اللغات القديمة كالآرامية والسريانية، وصله الكلمة بالعلاقة بين رجال الكنيسة وعامة الناس، حيث إن رجال الكنيسة ليسوا عَلمانيين؛ لأنهم يهتمون بالآخرة فقط، أما بقية الناس والشعب فهم : «دنيويون، دهريون، زمنيون، قرنيون، عالميون»، وهذه التفرقة انتقلت إلى اللغة العربية ــ بنظره ـــ عندمـا تغلبت هذه على الآراميـة بعد الفتح الإسلامي عن طريق ترجمات علماء السريان.
وعندما استقل التعليم عن الكنيسة في فرنسا بعد الثورة وُصِف هذا التعليم بـأنــه seculaireودلالتها هي نفس الدلالات القديمة التي يوصف بها من هو خارج الكنيسة من عامة الشعب، فكل واحدة من الكلمات السابقة «دنيوي، زمني، دهري …» تصلح مقابلاً للكلمة الفرنسية seculaireإلا العلم فلا يدخل في مدلولاتها مطلقًا(8).
مع أن هذا التأصيل المعجمي لمصطلح العلمانية يكاد يكون حاسمًا في أن العلمانية من العالم وليس من العلم، ولذلك فهي بفتح العين وليس بكسرها، فإن كثيراً من العلماء والباحثين العرب والمسلمين مختلفون حول النسبة الصحيحة للعلمانية. فالبعض ينسبها إلى العلم وينطقها بكسر العين، ومن هؤلاء أستاذنا الجليل الدكتور البوطي(9)، والدكتور يوسف القرضاوي(10)، والدكتور عبد العظيم المطعني(11)، والشيخ محمد مهدي شمس الدين(12)، والدكتور عماد الدين خليل(13)، والدكتور زكي نجيب محمود(14)، والدكتور سفر الحوالي(15)، وممن أجاز الوجهين ـــ الكسر والفتح ـــ الدكتور عزيز العظمــة، وإن كـان يفضــل الكســر(16)، والدكتور رفعت السعيد(17)، إلا أن الأغلبية الساحقة من الباحثين والمفكرين ينطقون الكلمة بالفتح وينسبونها إلى العالَم وليس إلى العِلم، وهو ما يتفق مع المصادر الغربية التي توضح مصدر الكلمة ومعناها والغاية منها، ومن هؤلاء الدكتور محمد البهي(18)، والدكتور سيد محمد نقيب العطاس(19)، والدكتور محمد عمارة(20)، والدكتور عبد الوهاب المسيري(21)، الحجر(22)، والدكتور أحمد فرج، والدكتور عبد الصبور شـاهين، والدكتور عدنان الخطيب(23)، والدكتور عبد الله كامل(24)، والدكتور محمد سالم محمد(25)، الدكتور زكريا فايد(26)، ومحمد إبراهيم مبروك(27)، والدكتور يحيى هاشم حسن فرغل(28)، والدكتور حسن حنفي(29)، والدكتور محمد عابد الجابري(30)، والدكتور مراد وهبة(31)، والدكتور عادل ضاهر(32)، وحسين أحمد أمين(33)، والدكتور عبد المجيد الشرفي(34)، والدكتور فادي إسماعيل(35)، وغير هؤلاء من الباحثين إسلاميين وعلمانيين كثير، وليس مرادي هنا الاستقصاء، وإنما المراد هو أن أمهد لملاحظتين تبدوان هما السبب ـــ بنظري ـــ للخلاف بين الباحثين في نسبة الكلمة :
الأولى : هي أن التقارب في الألفاظ لين العَلمانية ــ بالفتح ـــ والعِلمانية ـــ بالكسر ـــ قائم في اللغة العربية مما أوقع بعض المعاجم والباحثين في اللبس وشاع ذلك قبل أن يتبين الباحثون الخطأ من الصواب.
الثانية : أن العَلمانية ـــ بالفتح ـــ والعِلمانية ـــ وبالكسر ـــ ظاهرتان بارزتان في الفكر الغربي، وإحداهما تكمل الأخرى، ومع أننا نرى أن العَلمانية ـــ بالفتح ـــ ظاهرة قديمة وممتدة في عمق التاريخ، وتغلغلت في كافة الحضارات، إلا أنها في العصر الحديث وفي أوربا بالذات تفاقمت بشكل لم يسبق له مثيل، وشد أزرها في ذلك العِلمانية ـــ بالكسر ـــ أي تطور العلم وارتفاع مستوى السيطرة الإنسانية على الطبيعة، نتيجة للكشوفات العلمية المتلاحقة التي غيرت نظرة الإنسان إلى الكون، فولّد هذا العلم أو العِلمانية ـــ بالكسر ـــ الغرور الشديد بالذات الإنسانية، والاعتداد المفرط بقدرة الإنسان وعقله، ونتج عن ذلك العَلمانية ـــ بالفتح ـــ أي الدنيوية والتطلع إلى هذا العالم القريب المحسوس المشاهد، وانعدام أي أمل في عالم آخر غيبي مفارق.
وأهم عنصر ولدته العِلمانية ـــ بالكسر ـــ هو انعدام الانبهار بالطبيعة، وتجريد الطبيعة من العناصر والإحالات الزائدة، والمقصود بالعناصر والإحالات الزائدة العناية الإلهية، أو الآثار الإلهية في الكون، أو الماورائيات والغيبيات التي يمكن أن تدل عليها الطبيعة، وبالتالي انفتح المجال أمال الإنسان للتصرف في الطبيعة بحرية، واستخدامها وفق حاجاته وغاياته(36).
إن هذا التجريد العلماني للطبيعة من مغزاها الروحي، والحط من قيمتها بحيث لا تتجاوز مجرد كونها شيئًا من الأشياء خاليًا من أي معني علوي قدسي قد كان هو العامل الأساسي الذي انطلقت منه عملية العلمنة في الغرب(37).
وهكذا ترسخت الدهرية والدنيوية ـــ العَلمانية ـــ بالفتح ـــ في ضمير الإنسان وتطلعاته نتيجة للعِلمانية ـــ بالكسر ـــ كما رأينا في التمهيد وأصبح همه أن يتصرف في العالم حسبما يريد، ويتمتع بدنياه كما يحب ودون أية قيود.
ولذلك فإن أقرب كلمة تصلح أن تكون مقابلاً لمصطلح العَلمانية ـــ بالفتح ـــ كما يقترح د. سيد محمود نقيب العطاس هي ما أشار إليه القرآن الكريم دائماً بعبارة «الحياة الدنيا» فلفظ دنيا المشتق من «دنا» يعني كون الشي قد جُعل قريبًا، وعلى ذلك فالعلم الطبيعي قد جعل العالم قريبًا من الإنسان، وتحت سيطرته وخاضعًا لوعيه، وخبرته العقلية والحسية، وبما أن العالم قد أصبح كذلك فإنه من المؤكد سيصرفه عن مصيره الأبدي الذي يتجاوز هذه الحياة الدنيا إلى الآخرة.
وبما أن الآخرة تأتي في النهاية فإنها تبدو للإنسان العجول بعيدة، وهذا الشعور من شأنه أن يزيد في الإلهاء الذي يسببه ما هو قريب ومغر؛ ولذلك نجد هذه الحياة الدنيا، وهذا العالم هما محور المنظور العلماني ومَحَطُّ اهتمامه(38).
ثانيًا ـــ خلاصة القضية :
لم ننته بعد من الحديث عن الفرق بين العَلمانية ـــ بالفتح ـــ والعِلمانية ـــ بالكسر ـــ وقد ذكرت آنفًـا وفي التمهيد، وأتفق في ذلك مع الدكتور عدنان الخطيب كما أشرنا(39)، والدكتور فتحي القاسمي كما سنشير(40)أن العَلمانية ــ بالفتح ــ قديمة قدم التاريخ والحضارات، وذلك أن العَلمانية «الدنيوية» «حلوة خضرة» وفيها إغراءٌ شديد للإنسان العجول المجبول على الرغبة في السعادة العاجلة، والتغاضي عن السعادة الأبدية التي تبدو له بعيدة، وفي القرآن الكريم آيات كثيرة قد اختاروا الحياة الدنيا على الآخرة، وهذا هو جوهر العلمانية(41).
ويؤكد ما نذهب إليه أن العَلمانية ـــ بالفتح ـــ أصلاً لا تينيًّا سابقًا للعلم الأوربي الحديث؛ «إذ لا علاقة للأصل اللاتيني speculumبالعلم من قرب ولا من بعد، وإنما صحتها بفتح العين نسبة إلى العَلْم بمعنى العالم الدنيوي»(42).
أما العِلمانية ـــ بالكسر ـــ فهي احتكام لمنطق العلم ـــ دون سواه ـــ في تأويل الأشياء المتصلة بمختلف أوجه النشاط البشري(43).
وقد ظهرت لفظة العِلمانية ـــ بالكسر ـــ في بدايات القرن العشرين تقريبًا سنة 1911م تيارًا ذهنيًّا يقوم على حل المشاكل الذهنية بواسطة العلوم، فهي تنطلق من الإيمان بأن للعلم قدرة فائقة على إعطاء تفسير علمي للأشياء، أو كما قال جون فيول : «الاعتقاد في القدرة الفائقة للعلم الوضعي حتى في المجال الديني»(44)، وفي القاموس الإنجليزي الجديد : «العِلمانية ـــ بالكسر ـــ تعني العادات وطريقة التعبير لدى رجل العلم»(45)، ويرى فريدريك فون هايك صاحب كتاب «العلمانية وعلم الاجتماع» «أن هذا المفهوم تبلور معناه واكتمل مدلول عندما تكونت الجمعية البريطانية للتطور العلمي»(46).
ونختم هذه الفقرة بالقول:
إن العِلمانية ـــ بالكسر ـــ مشتقة من العِلم وتدعو الاحتكام إلى العلم، وهي ظاهرة حديثة وظفتها العَلمانية ـــ بالفتح ـــ توظيفًا خاطًئا وخطيرًا على البشرية والإنسانية جمعاء.
وكما يبدو، فنحن كمسلين لسنا ضد العِلمانية ـــ بالكسر ـــ لأن ديننا وقرآننا يدعوانا إلى الاحتكام لمنطق العلم }وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بهِ عِلْمٌ إنَّ السَّمْعْ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولَئَكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا{(الإسراء : 36)، ويمجد العلماء }قُلْ هَلْ يَسْتَوي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذيِنَ لاَ يَعْلَمُونَ إنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ{(الزمـر : 9)، ولكن الخلاف بيننا وبين العِلمانيين في تحديد مفهوم العلم، فالعلم عند الغربيين الطبيعيين لا يتناول إلا المحسوسات والمشاهدات، فهو العلم الطبيعي والرياضي فقط(47)،ولا صلة له بالميتافيزيقا أو بالأسئلة الكبرى المتعلقة بمصير الإنسان، وإن العالِم بنظرهم ما أن يسأل نفسه هذه الأسئلة ويحاول الإجابة عنها حتى يتحول عن سلوكه كعالم ويتخلى عن وظيفته العلمية(48)، أما عندنا فالعلم يشمل كل ما يتصل بالكون والإنسان والحياة.
فنحن إذن على المستوى العلمي على طرف نقيض مع العِلمانية ـــ بالكسر ـــ لأن هذه الأخيرة تحصر العلم في المحسوس، في الدنيوي، وتقوم على عقلانية مادية وضعية اجتماعية، وتطرح مفهومًا جديدًا للعلم يحيد التفكير الميتافيزيقي عن ساحته(49). «فالعِلماني ـــ بالكسر ـــ هو من يتخذ من المعرفة العلمية كما هي ممثلة في العلوم الطبيعية بخاصة نموذجًا لكل أنواع المعرفة، إنه يتبنى وجهة النظر الوضعية؛ مما يعني عدم اعترافه بإمكان المعرفة الخلقية أو الدينية أو الميتافيزيقية؛ لأن القضايا المزعومة لأي منها لا يمكن إخضاعها ـــ حتى من حيث المبدأ ـــ لمعايير العلم»(50)، فالفهم العلمي العِلماني ـــ إذن ـــ يتنافى مع الإيمان بالوحي الإلهي(51)، وهكذا تعود العِلمانية فتنقلب إلى عَلمانية.
والخلاصة: أن لفظتي عَلمانية ـــ بالفتح ـــ وعِلمانية ـــ بالكسر ـــ تصلحان تعبيراً عن الظاهرة المادية التي تستولي اليوم على مجتمعاتنا الإسلامية؛ وذلك لأن الكلمتين متكاملتان متفاعلتان من حيث المفهوم، فالعَلمانية هي تكريس للدنيوية، والعِلمانية من حيث المفهوم، فالعَلمانية هي تكريس للدنيوية، والعِلمانية أساس هذا التكريس؛ لأن العلم بمفهومها هو العلم المادي والتجريبي والطبيعي ـــ أي الدنيوي فقط ـــ ولا تعترف بعلوم غيبية ميتافيزيقية أخرى. فالعَلمانية وإن لم تربط بالعلم من حيث الاشتقاق ولكنها لا تنفك عنه إذ هي ارتبطت تاريخيًّا بتعلم العلوم العقلية والطبيعية والتجريبية(52).
وأخيرًا يمكن القول أيضًا : إن بعض الإسلاميين الذين يستخدمون العَلمانية ـــ بالفتح ـــ لا يفعلون ذلك بسوء نية، وبقصد فصل العَلمانية عن العلم ورابطها بالدهرية كما يزعم بعض العلمانيين(53)، وإنما يفعلون ذلك لأن معاني الكلمة ومصادرها واشتقاقاتها في اللغات الأجنبية لا صلة لها بمفهوم العلم ـــ كما رأينا ـــ وصلتها ـــ كما رأينا ـــ في دوائر المعارف والمعاجم ودراسة تاريخ الكلمة أقوى ما تكون بالدنيوية والمادية، كما أن السياق التاريخي والاجتماعي الذي نشأت فيه العلمانية وتبلورت يؤكد على ربط المصطلح بالمحسوس والمادة فقط.
العلمانية واللائكية
رأينا أن العِلمانية ـــ بالكسر ـــ وظفها الفكر الغربي كأساس تبريري للعَلمانية ـــ بالفتح ــ هذه الأخيرة التي اعتبرناها ظاهرة تستولي على كل البشر إلا من رحم ربك، وتمتد في عمق التاريخ والحضارات والأمم.
وإذا كان هناك من يعتبر اللائكية مصطلحًا رديفًا أو ترجمة للعلمانية، ولا يرى مانعًا من استخدامه بديلاً لها(54)، فإن هناك من يراعا تمثل الجانب السياسي للعَلمانية المتطرفة التي استفحل أمرها في فرنسا ـــ على وجه الخصوص ـــ في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، حيث طغت عليها النزعة الانتقامية من الدين، فكان الاعتماد على اللائكية لاجتثاث التدين بطريقة متعسفة ومغالية(55)، وقد ارتبطت اللائكية في فرنسا على الخصوص بالتعليم(56)وأغلقت «اثنتين وعشرين ألفًا من المدارس المسيحية» في القرن التاسع عشر(57)، فاللائكية إذن الصورة العملية المتطرفة للعلمانية، مارستها النظم السياسية التي انتهجت أسلوب الرفض الديني(58).
وبناء على هذه التفرقة يمكن اعتبر الممارسات الجنونية التي قام بها أتاتورك وأتباعه في تركيا للقضاء على كل مظاهر التدين نوعاً من اللائكية التي مورست في البلاد الإسلامية، في حين تظل الحكومات الجاثمة في الدول الإسلامية والعربية الأخرى التي تحاول فرض العلمانية على شعوبها بطرق دبلوماسية مراوغة ومتخفية، تتحرك في الإطار العَلماني وليس اللائكي، وحتى على تعريف بعض الحداثيين للائكية بأنها «أن يكون كل إنسان سيد نفسه»(59)، فلا يمكن اعتبار اللائكية ذات صله بالبلاد العربية أو الإسلامية؛ لأن الإنسان هنا لا يملك من أمر نفسه شيئًا، فإذا كان حرًّا مخيراً في الغرب، فإنه في الشرق مسيّر كما قال الشيخ محمد الغزالي ـــ عليه رحمة الله ـــ ساخرًا من النظم السياسية في البلاد العربية والإسلامية.
والواقع أن التعريف الحداثي السابق أقلاب إلى كونه تعريفاً للعَلمانية محايدة تترك المتدين وشأنه، فهي ليست لائكية؛ لأن اللائكية ترفض أي مظهر للتدين، حتى حرية الإنسان في اختيار لباسه، وإطلاق لحيته وارتياد دور العبادة(60).
والخلاصة :أن اللائكية تمثل الجانب العملي التطبيقي للعلمانية، فإذا اعتبرنا العِلمانية ـــ بالكسر ـــ مرحلة بحث وتأسيس وتأصيل، والغَلمانية ـــ بالفتح ـــ مرحلة قرار وحسم، فإن القرار وإنزاله من مستوى النظر لذلك «أليكة» التعليم(61) بمراحله المختلفة والقوانين بكل فروعها ومجالاتها، والحياة السياسية والاجتماعية بكل نشــاطاتها، ويتم ذلك عبر مؤسسات الدولة التي حَجَّمت من سلطات الكنيسة إلى أقصى ما يمكن.
ولكن الصراع لم يُحسم لصالح الدولة، فلم يكن من السهل القضاء على الكنيسة، فحافظت على الأقل على وجودها الشكلي والرمزي، واعتُبرت العلاقة بين الدولة والكنيسة كالروح والجسد، والفصل بينهما انتحارًا وطنيًّا(62)؛ لذلك اختير في النهاية التعايش السلمي بين الدولة المعلمنة والكنيسة، فالملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا كانت هي رئيسة الكنيسة الإنجليزية، وفي ألمانيا يؤدي المواطن ضريبة إلى الدولة خاصة بالكنيسة، ويتعايش في بلجيكا التعليم الديني مع التعليم الرسمي في المدارس الحكومية(63).
أخيراً :يمكن القول إن العَلمانية ـــ بالفتح ـــ هي بمثابة السلطة التشريعية، واللائكية بمثابة السلطة التنفيذية، أما العِلمانية ــ بالكسر ـــ فهي المرجعية الفكرية والتاريخية الحديثة لهما، كما يمكن تمثيل الفكرة السابقة بالبناء حيث المواد الأولية اللازمة له هي العِلمانية ـــ بالكسر ــ والبناء قائمًا مهيئًا هو العَلمانية ـــ بالفتح ـــ والمرحلة الأخيرة وهي استقرار سكانه فيه واستخدامه والاستمتاع به هو اللائكية(64). والله أعلم.
بقى سؤال قد يتبادر إلى الذهن هنا وهو هل توجد علمانية محايدة وأخرى متطرفة؟ سنجيب على هذا السؤال في نهاية الفقرة الآتية إن شاء الله عز وجل.
العلمانية والعلمانوية
أولاً : المصطلح المُغرض :
يهوى العلمانيون التشدق بالألفاظ والتمحك بالمصطلحات بقصد الإغراب أو الاستفزاز أو استعراض الذات، والطرق التي يصك بها العلمانيون مصطلحاتهم كثيرة ومتنوعة تحتاج إلى رسالة لغوية مستقلة تتناول هذا الموضوع بالدراسة والتحليل.
ونريد هنا أنتطرف لطرف من هذا الموضوع بعجالة نتناول فيه طريقة واحدة شائعة في كتبهم ومصنفاتهم هي هذه الــ « ــوية » التي تضاف إلى كثير من المصطلحات الدارجة والشائعة لإعطائها مدلولات جديدة وغريبة لا يعرفها أحد لولا أنهم ينصّون عليها، أو تُفهم من خلال السياق الذي يتحدثون فيه.
ويبدو لي أن طيب تيزيني ومحمد أركون هما أكثر من يمارس هذه الــ « ويــة »، فالسلفية عند طيب تيزيني تتحول إلى سلفوية، والسلفي إلى سلفوي(65). وأحياناً يخيل إليه أن هذه الــ «وية» ليست كافية في الاستفزاز، ولا تحقق غرضه في تعميق الهوة بينه وبين الإسلاميين فتتوالى الكلمات المعبرة عن الانتقاص والاستخفاف بالفكر الإسلامي، ويتفنن في الأوصاف فتصبح السلفوية : السلفوية الماضوية(66)، أو السلفوية الدوغمائية(67)، أو السلفوية الطوباوية(68).
وكان عليه أن يترفع عن أخلاق السوقيين الذين يشعرون في شجاراتهم أن شتيمة واحدة لا تكفي ولذلك تتلاحق الشتائم عندهم حتى يشعرون بالرضى والراحة؛ لأنهم يفرغون ما في داخلهم من شعور بنشوة الظفر ولذة النصر، وهذا ما يفعله طيب تيزيني وغيره، مثال ذلك: الرؤية السلفوية الماضوية: ذات نسيج وهمي زيفي إيهامي(69)، والأصولية الإسلامية: إيديولوجيا وهمية، توهيمية، تتحدث حيص بيص، وتهرف بما لا تعرف؛ لأنها وهمية ملتبسة، توهيمية كاذبة(70).
ولفظة الأصولية مع أنها أُعدّت لغرضها المراد لدى الغرب وعممتها وسائل إعلامه، وشاعت في وسائل الإعلام العربية والإسلامية على أنها تعبير عن التطرف والعنف، ووُصِم بذلك المسلمون دائمًا، إلا أن طيب تيزيني لم يجد ذلك كافيًا؛ لأن الكلمة كما يبدو ابتُذلت واهترأت فلم تعد معبرة عن مدلولها السلبي الذي اقترن بها بشكل كاف، فأضاف إليها واوًا من عنده لكي تزداد الكلمة إمعانًا في التعبير عن التطرف والإرهاب والقمع «من باب زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى» فأصبحت الأصولية لديه : أصولوية، والأصوليين : أصولويين(71)، وعلى هذا النحو يتحول النص إلى : نصوية، والنصيين إلى : نصويين(72)، والماضي إلى : ماضوية(73)، والسلطة إلى : سلطوية ليُوصَف الإسلام بأنه الإسلام الرسمي السلطوي(74).
وبنفس اللغة يتحدث محمد أركون، فالتاريخ والتاريخي يتحول إلى تاريخوي(75)، أو النزعة التاريخوية(76)، أو التاريخوية الوضعية(77)، والعقبلني يصبح عقلانوي(87)، والشعبي يصبح شعبوي أو شعبوية(79)، والأخلاقية تصبح الأخلاقوية(80)، والمنطقي يصبح المنطقوي(81)، والإسلامي إلى إسلاموي إو إسلاموية(82)، لكي يُصنّف عدد من المفكرين الإسلاميين والعلماء مثل محمد مهدي شمس الدين، ود. محمد عمارة، ود. محمد يحيى، ومحمد نور فرحات «هذا النوع من المفكرين»(83)، على أنهم مفكرون إسلامويون(84).
وإذا كان طيب تيزيني اعتبر الخلافة الإسلامية سلطوية، فإن أركون صعد من عدوانه واستفزازه فاعتبر القرآن الكريم خطابًا سلطويًّا(85).
وعلى هذه الوتيرة يفرق أركون بين العلمانية والعلمانوية(86)، والفكر العلماني والتطرف العلمانوي(87). وأركون يقصد بالعلمانية الفكر المعتدل المستنير الذي لا يتناقض ولا يتصادم مع الأديان، أما العلمانوية فهي الجانب المتطرف منها الذي يرفض التعايش مع الأديان، ويسعى للصدام معها، ويرفض تدريس اللاهوت الديني من أجل المحافظة على قداسة العلمنة.
ولذلك يزعم أركون أن الغربيين يرفضون تفرقته هذه ويحاربونه في كتاباتهم من أجلها ويتهمونه بالتفاهة، والظلامية، والتشقيق الفارغ، وأنه لا يقصد سوى معاداة عصر التنوير، والقضاء على العلمانية القيمة الأساسية المؤسسة للحضارة الغربية(88). ولم يتكرم علينا أركون بذكر من هؤلاء الغربيين الذين يحاربونه من أجل ذلك؟ لعله يريد أن يستثير عواطفنا معه بجعله من نفسه خصمًا للغرب والاستشراق الذي يقف منا موقف المستَغِل والمضطهِد والخصم، ويصبح أركون بذلك قائد المضطهَدين والمستغَلين والمظلومين، والمنافح عنهم، ولكن المراد في الواقع هو تمرير العلمانية الغربية؛ لأن أركون في الحقيقة ليس خصمًا فعليًّا للغرب، وإنما خصمًا مصطنعًا غايته ترويج نفسه أولاً، وترويج علمانيته ثانيًا.
والعلمانوية المتطرفة التي ينتقدها أركون هي الرؤية المادية البحتة للكون والإنسان والحياة، ويتفق معه في هذا الاتجاه ثلة من الحداثيين، إذ يريد هؤلاء جميعًا أن تشمل العلمنة أبعادًا جديدة في حياة الإنسان بما في ذلك البعد الروحى(89)، وهو لا يعني بذلك الإقرار بحقيقة الجانب الروحي، ولكن بما أنه واقع مشاهد في حياة الناس فيجب على العلمنة أن تشمله ببركاتها وخيراتها، حيث علينا «أن نعترف للبعد الروحي بوجوده بصفته أحد المكونات التي تشكل نظام التصور والاعتقاد الخاص بكل فئة اجتماعية مدروسة»(90)ومن هنا وبما أننا في نظره في غفلة عن النقاش الدائر في الغرب حول العلمانوية Laicisimeوالعلمانية Laiciteانتشر الخطاب الإسلاموي أو الأصولوي انتشارًا سريعًا في الآونة الأخيرة(91).
وهكذا يسير أركون دائمًا في تفرقاته فيفصل بين القول بــ «التاريخية الراديكالية»، وهي تعني عنده أن «العقل البشري لا يمكن فصله عن تأسيسه الاجتماعي التاريخي، أو عن جذوره الاجتماعية التاريخية»، وهذه هي التي يسعى أركون لإشاعتها، والقول بــ «التاريخوية الوضعية» وهي تعني عند أصحابها أن «الأحداث والوقائع والأشخاص الذين وُجدوا حقيقة، ودلت على وجودهم وثَائق صحيحة هم فقط الذين يمكن أن يُقبلوا كمادة للتاريخ الحقيقي الفعلي، وهذا يعني استبعاد كل العقائد والتصورات الجماعية التي تحرك المخيال الاجتماعي أو تنشطه من ساحة علم التاريخ»(92). ويعني أركون بهذا النص أن النزعة التاريخوية الوضعية مخطئة في تحييدها لأثر الأساطير والميثيات عن ساحة التاريخ فهي ذات دور كبير في صنع التاريخ، وإن لم تكن ذات البنية الميثية في القرآن الكريم كما يصفها، وسنفصل قوله في ذلك لاحقًا.
وكذلك يفرق أركون بين النظام المعرفي الشعبي والشعبوي، فما هي الشعبوية عنده؟ إن الشعبوية عند أركون ــ في تاريخنا القديم والحديث ــ هي التيا السلفي السني المسيطر السائد الذي يقود الجماهير الشعبية المؤمنة، ويُشكّل منها نواة الدولة والأمة، ويُكرّس لهبوية عند أركون ــ في تاريخنا القديم والحديث ــ هي التيا السلفي السني المسيطر السائد الذي يقود الجماهير الشعبية المؤمنة، ويُشكّل منها نواة الدولة والأمة، ويُكرّس لها معتقداتها وتصوراتها الدوغمائية ــ أي الجامدة ــ والتي تنفس بنظره الآخرين وتقصيهم عن أي دور في تشكيل النظام المعرفي الذي سيُفرَض على الشعب(93). إنها تُحوّل الدين إلى هذيان جماعي يحمل في طياته الموت والخراب(94). ويتفق معه في ذلك مترجمه هاشم صالح حيث يؤكد أن الشبوية تعني: الدوغمائية المتطرفة الغرائزية(95)، بينما الشعبية فهي: مستنيرة، متسامحة، ميالة إلى التقدم(96).
ثانيًا ـــ تعقيب :
بهذا الشكل يبدو لنا أن الفرق بين العلمانية والعلمانوية عند أركون أصبح واضحًا، فهي الجانب المتطرف من الفكر العلماني، الذي يرفض كل ما سوى المادة، ويفسر كل الأشياء تفسيرًا ماديًّا، في حين يرى أركون أن العلمانية المستنيرة يجب أن تضع في اعتبارها الجوانب الروحية الديناميكية أو «الدينامو» كمؤثرات في النشاط البشري، وليس كحقائق ثابتة. هذه التفرقة تنسحب على كل الكلمات الأخرى التي يضيف إليها هذه الـ «ويّة» متأثراً بالفكر الغربي والاستشرافي.
ويبدو لي أن هناك عاملين آخرين يدفعان الباحثين من أمثال تيزيني وأركون إلى اختيار هذه الصياغى كمعبر عن الغلو والتطرف في الفكر الإسلامي ثم تعميم ذلك ليشمل ظواهر عالمية أخرى.
الأول : هو المحاكاة المبدئية للمصطلح الذي أشاعته وسائل الإعلام الغربية، ولحقتها وسائلنا العربية دون انتباه للأخطار واللبس الذي يتولد عن استيراد المصطلحات وإسقاطها من ثقافة إلى أخرى، وخصوصًا إذا كان بين الحضارتين عداء تاريخي يتكرر باستمرار.
وهذا المصطلح هو الأصولية، فلقد ظلت إذاعتا «لندن ومونتكارلو» على مدى العقود الثلاثة الماضية تربط هذا المصطلح بالإسلاميين في الجزائر، ومصر، وسوريا، وإيران، وغيرها من الدول، وظلت تكرر كثيراً حتى ارتبط المصطلح بالعنف والقمع والإرهاب والقتل، ورسخ ذلك في اللاشعور الثقافي واللغوي الفردي والجماعي، وأصبح يتردد على الألسنة والأقلام حتى بين الإسلاميين أنفسهم، وكل ذلك نتيجة للتكرار الذي يُكسب الأفكار صفة الرسوخ والفاعلية، حتى وإن كانت كذبة أو مزوّرة أو أسطورية، يقول غوستاف لوبون : «إن التوكيد والتكرار عاملان قويان في تكوين الآراء وانتشارها، وإليهما تستند التربية في كثير من المسائل، وبهما يستعين رجال السياسة والزعماء في خطبهم كل يوم، ولا يحتاج التوكيد إلى دليل عقلي يدعمه، وإنما يجب أن يكون التوكيد حماسيًّا وجيزًا ذا وقع في النفس … والتوكيد لا يلبث بعد أن يُكرَّر تكراراً كافيًا أن يُحدِث رأيًا ثم معتقدًا، والتكرار تتمة التوكيد الضروبية، ومن يُكرر لفظًا أو فكرة أو صيغة تكرارًا متتابعًا يحوّله إلى معتقد»(97).
وبذلك تحول مصطلح الأصولية ـــ والذي هو في أصله يعني العودة إلى الأصول الصحيحة والصافية التي تُشكَّل المعين الذي لا ينصب للفكر الإسلامي والثقافية ـــ تحول نتيجة للتكرار المُغرض المدروس إلى مصطلح مُشوّه لا يمت إلى معناه الحقيقي بصلة.
الثـاني : أن كلمة أصولية عُرَّيت كثيراً من قبل علماء الإسلام وأدرك المسلمون ما تعينه هذه الكلمة في وسائل لإعلام الغربية، وما يراد لها أن تتضمنه من إيماءات، فتعاملوا معها بحذر وتَوجُس، هذا بالإضافة إلى الابتذال الشديد الذي لحق الكلمة لكثرة ما تتردد مقترنة بتوظيفات فكراتية(98). أجهضت فاعليتها السلبية لتي أُريدت لها وكادت أن تُعدِمَها، مما دفع تلاميذ الغرب والاستشراق إلى محاولة تجديد الكلمة بإضافة هذه الـ «وية» إليها لتعطيها دفعًا جديداً، ومغزيً تنفيزيًّا أكبر، وأكثر فاعلية في حجب الناس عن الرؤية الإسجابية للأصولية، ولا سيما أن الإضافة الجديدة للكلمة تجعلها على وزن ونمط كلمة أخري ينفر منها كل الناس، وتتبادر إلى أذهانهم بمجرد ذكر الأصولوية أو حتى الأصولية، وهذه لكلمة هي «دموي» و «دموية» وإسهام وسائل الإعلام الغربية في عقد صلة سفاحية بين إراقة الدماء البريئة، وبين الأصولية أو الأصولوية الإسلامية، وهذه «الدموية» هي التي دفعت المستشرقين إلى التفرقة بين المسلم وإسلاموي، فالأوللا Islamiqueذات إيحاء إيجاي حيادي، والثانية Islamicisteذات إيحاء سلبي دموي متطرف(99)، ولحق بهم كل من أركون وتيزيني وأمثالهم في اشتقاق مصطلحاتهم على هذا النمط لكي تمثل الغلو، والإفراط، والعنف والقمع(100).
ولكن قد يخطر في البال هنا سؤالوهـو : ما الفرق بين اللائكية والعلمانوية إا كانتا معًا ــ كما رأينا ــ تمثلان الجانب المتطرف في العلمانية؟ يمكن أن يجاب عن هذا بأن العلمانوية تمثل التطرف على مستوى الفكر والتنظير، أما اللائكية فتمثل التطرف حين الممارسة والتطبيق، فالأولى متطرفة فكريًّا، وأما الثانية فمتطرفة سلوكيًّا وعمليًّا. والله أعلم.
بقى أن نجيب على السؤال الأخير الذي طرحناه في نهاية المبحث السابق وهو : هل توجد علمانية معتدلة أو حيادية، وأخرى متطرفة؟
فالأولى :مثلاً التي تتبناها دول أوربا الغربية وأمريكا ومن يطلق عليهم «العالم الحر» ويُفتَرَض فيها أن تتبنى الحريات وحقوق الإنسان بصفة عامة، ومنها الحرية الدينية، وحق الإنسان في الالتزام بدينه.
والثانية :هي العلمانية الماركسية التي تتبناها روسيا الشيوعية، فهذه لا تقف موقفًا محايدًا من الدين، بل هي تطارده داخل جدران المساجد والكنائس، وتعتبره عدوًّا لها، وتسعى للقضاء عليه نهائيًّا(101).
الواقع ــ كما يقرر الدكتور القرضاوي ــ أن العلمانية لا يمكن أن تكون محايدة من الدين؛ لأن عزل الدين عن حياة المجتمع أو تفريغ حياته من الدين ليس موقفًا حياديًّا، إنه موقف ضد الدين، إنه يقوم على اتهام الدين بأنه ضرر بالحياة وخطر عليها، فيجب إبعاده عن توجيه الحياة والتأثير فيها، ويجب الحياة والتأثير فيها، ويجب جريم للدين وإدانة له(102).
كما أن الدين يطرح نفسه على أنه منهج حياتي شامل، والحد من سلطانه يعني إعلان الحرب عليه، وبالذات الإسلام فهو رؤية شاملة وكاملة للكون والحياة والإنسان، تغطي عبر آلياتها الاجتهادية كل مراحل التطور البشري والاجتماعي والتاريخي }الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمُ وَأَتْمَمْت عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمِ دِينًا{(المائدة : 3)، والدين المسيحي مع أنه لا يحتوي على تشريع أو تنظيم اجتماعي وإنما يحيل إلى التوراة أو العهد القديم، ومع أن العلمانية حاربته طوال القرون الخمسة الماضية حتى انزوى إلى الحياة الشخصية على مستوى أفراد قليلين لا يشكلون نسبة كبيرة في الغرب، بدأ يستعد وجوده في الحياة الغربية، وإن كانت هذه الاستعادة ذات أهداف فكرانية وسياسية، ليكون سلاحًا روحيًّا في مواجهة الإسلام الذي يلقى رواجًا واسعًا في الغرب هذه الأيام؛ ولذلك نجد النشاط المسيحي أغلبه نشاط سياسي تبشيري تدعمه النظم السياسية الغربية التي تعتبر نفسها في حالة مواجهة مع الإسلام «الخطر الأخضر».
ومع أن الدين المسيحي فقد ركائزه المقدسة، وانهارت مرجعيته تحت سياط البحث العلمي والتاريخي ـــ كما أشرنا في التمهيد ـــ ولم يعد يملك القدرة على الإقناع أو اكتساب ثقة المؤمنين به، ومع ذلك فإن الغرب اضطر أن يعدّل كثيراً في المسيحية حتى كادت أن تتماهى مع الإلحاد، وذلك من أجل أن يرضي حاجته إلى التدين، أو يرضي ضميره المعذب لاغتياله المسيحية، ولذلك فقد «تضاءلت الفروق الثقافية بين المؤمن والكافر، وانطمست الحدود بين الإيمان والكفر، وأصبحت المسيحية أكثر مرونة والإلحاد أكثر سلبية، والإنجليزي الكافر ذو المنزلة متواضعة يجري على سنن المسيحية غالبًا في مناسبات الولادة والموت والزواج»(103).، ومن هنا فإن إليوت يعتبر دين مجتمع ما هو ثقافته أيضًا، والاحتفاظ به احتفاظ بثقافة الأمة «إن الثقافة والدين مظهران إن لشيءٍ واحد»(104).
ومن الخطأ الشائع القول : بأن «الثقافة يمكن حفظها وبسطها وتنميتها بغير دين»(105)، و«حين ندافع عن ديننا فلا بد لنا في معظم الأمر من أن نكون مدافعين عن ثقافتنا في الوقت نفسه والعكس بالعكس» وإن «القوة الرئيسة في خلق ثقافة مشتركة بين شعوب لكل منها ثقافته المتميزة هي الدين»(106)؛ ولذلك «إذا ذهبت المسيحية فستذهب كل ثقافتنا»(107). ومن هنا فإن الدين في الغرب يتجلى في مظاهر حياتة كثيرة كالقَسَم وتدريس المناهج الدينية، وأعياد الميلاد، وقوانين العقوبات(108). وهكذا يتبين لنا أن الغرب يريد العودة إلى الدين لأهداف دنيوية محضة، أهمها استخدامه كسلاح وثقافة «فكرانية» في مواجهة الشمولية الإسلامية. ولكن الدين الذي يريده الغرب ليس هو الدين العلماني علمانية ثابتة، وإنما هو الدين الذي يقبل الخضوع للعلمانية المستمرة دون توقف، وعلى هذا النحو يفرقون بين العلمانية والعلمنة، فكيف ذلك؟.
العلمانية والعلمنة :
العلمانية لم تكن في الأصل تتضمن حكمًا تقييمًّيا، فقد كانت تعني في شرع الكنيسة الرومانية «رجوع» رجل دين أو قس إلى العالم، كما كانت تعني إبعاد مقاطعة أو ملكية ما عن رقابة السلطات الكنسية، ولم تصبح العلمانية مفهومًا فكرانيًّا مثقلاً بالمعاني مثيرًا للجدل إلا حديثًا، وبالتحديد منذ الحرب العالمية الأخيرة حيث أصبحت تعني حسب موقع كل طرف إما التحرر من قيود الدين وسلطة رجاله، وإما انحسار النصرانية والرجوع إلى الوثنية(109).
ويبدو أن التعريف الذي يقترحه «بيترجي» أكثر تعريفات العلمنة ضبطها هي «السيرورة التي بها تخرج قطاعات تابعة للمجتمع والثقافة عن سلطة المؤسسات والرموز الدينية» (110). وسنلاحظ ـــ فيما بعد ـــ أن كلمة السيرورة هي الحد الفاصل بين العلمانية والعلمنة، إذ إن اتجاه العلمنة الجارق جعل المسيحية تحاول أن تتنازل كثيراً عن معتقداتها التي تبنتها لبضعة قرون لتتماشى مع التيار الجديد، فكانت البروتستانتية أول بوادر العلمنة في المسيحية، ثم انخرط اللاهوتيون المسيحيون بدون وعي في علمنة المسيحية، وبدأوا يطرحون صيغًا جديد للمسيحية لم تكن من قبل حتى قال قائلهم : «إننا نصير مسيحيين باستمرار» أي أن كل ما يطرح من نظريات علمانية جديدة نتبناه ونعتبره من المسيحية، ومن هنا قال باسكال : «إننا بدلاً من أن ندخل العالم في المسيحية، نريد أن ندخل المسيحية في العالم»(111).
والواقع أن استجابة المسيحية للعلمنة كانت سريعة، وانخراطها في سيرورتها لم يكن شاقًّا، والسبب هو أن المسيحية فقدت ركائزها التي ترتكز عليها منذ القرون الأولي بجهود بولس، ثم قسطنطين والمجامع المسيحية، وبالتالي بدأت تبحث عن أسس تستند إليها في الأفكار الإغريقية والهلينية، وكان بولس قد أنجز هذه المهمة بنجاح(112).
وهكذا فإن أول غاية للعلمنة هي التحرر من المسيحية لأن العلمنة في أساسها تعني أن هناك «مساراً تاريخيًّا لا راد له تقريبًا هو الذي يتحرر بمقتضاه المجتمع والثقافة من الخضوع لوصاية الدين والأنساق الميتافيزيقية المغلقه». فالعلمنة إذن «تطور تحرري وثمرتها النهائية هي : النسبية التاريخية» أو هي : «عملية تطورية لوعي الإنسان من مرحلة الطفولة إلى مرحلة النضج» والتاريخ بالنسبة للعلمانيين عبارة عن سيرورة لتحقق العلمنة(113).
لعلنا نستطيع الآن أن ندرك الفرق بين العلمنة والعلمانية.
فالعلمنة تعني مسارًا لا نهائية له ولا حدود، تخضع فيه القيم والرؤى الكلية للوجود للمراجعة الدائمة حسبما يقتضيه التغير في المسيرة التطورية للتاريخ، بينما تعكس العلمانية ـــ شأنها شأن الدين مثلاً ـــ رؤية مغلقة، ومجموعة من القيم المطلقة المتوافقة مع غاية نهائية للتاريخ تنطوي على أهمية كبرى للإنسان، وهذا يعني أن العلمانية بالنسبة للغربيين تمثل منظومة فكرانية أي ثابتة وجامدة(114). «العلمنة لا ينبغي لها هي الأخرى أن تصبح عقيدة إيديولوجية تضبط الأمور، وتحد من حرية التفكير كما فعلت الأديان سابقًا، والعلمانية النضالية Iaicismeربما كانت قد مشت في هذا الاتجاه»(115)، إن العلمانية مشروع لا يكتمل، وأفق ينبغي افتتاحه باستمرار؛ لكي لا تتحول إلى معتقد مغلق، وسلطة كهنوتية(116). ولذلك فالعلمانية تجربة لا تكتمل وسيرورة تحتاج على الدوام إلى إعادة تأسيس وبناء(117)، وعلى داعية العلمانية أن صنع علمانيته باستمرارويعيد خلقها من جديد، ويعيد انتزاعها من تاريخها الخاص وإعادة إنتاجها بشكل دائم(118).
إن هذا يعني أن العلمانية إذا تجسدت وتبلورت في قالب معين تتحول إلى منظومة فكرانية، وهو ما لا يريده الغرب؛ لأنهم يريدون بشكلٍ دائمٍ أن تظل العلمانية في حركة تعلمن دون توقف، ويجب على كل جيل أن يسهم في تحريك عملية العلمنة وإخراجها من جمودها وثباتها عن طريق إبداع برامج فلسفية مفتوحة تكرس النسبية المطلقة(119).
وهكذا ففي الوقت الذي تقوم فيه الفكرانية العلمانية بتحرير عقل الإنسان من النظر إلى الطبيعة نظرة رهبة وتقديس، وينزع القداسة عن السياسة شأنها في ذلك شأن العلمنة بوصفها مسارًا متصلاً، إلا أنها لا تمتهن القيم بالشكل المطلوب والمستمر؛ لأنها تقدم نسقًا قَيْميًّا خاصًّا بها، ولذلك تُعتبر العَلمانية خطراً على العلمنة إذا لم تُراقب بشكل دقيق وصارم حتى لا تتحول إلى إطار فكرانللدولة، أو إطار دوجماطيقي(120)؛ لأن العلمنة تطور دائم وحركة دائمة فهي لا تعرف الثبات(121).
يمكننا أن نشبه هذه الحركة بالحركة التي تحصل داخل المادة حسب المفهوم الماركسي، وتنتج صراع الأضداد، وهذا الصراع يؤدي دائمًا إلى أوضاع جديدة لا تستقر على حال(122). وبذلك نلاحظ كيف تظل العلمانية تستعيد جذورها التي أنتجتها.
العلمانية الشاملة والعلمانية الجزئية:
تقدم الدكتور عبد الوهاب المسيري بهذه القسمة بين نوعين من العلمانية ليسا منفصلين، وإنما متكاملين في داخل دائرة واحدة، وهو يعرض قسمته هذه من أجل تجاوز إشكالية التأرجح في تعريفات الباحثين بين علمانية جزئية قاصرة على فصل الدين عن الدولة، وعلمانية شاملة تعم كل شئون الحياة.
والعلمانية الجزئية : عنده هي رؤية معرفية جزئية للواقع لا تتعامل مع أبعاده الكلية والنهائية، ومن ثم لا تتسم بالشمول، فهي تذهب إلى فصل الدين عن الدولة، وربما بعض النشاطات الاجتماعية والاقتصادية الأخرى، ولكنها تسكت فيما يتعلق بجوانب الحياة المختلفة الأخلاقية والميتافيزقية، ولا تتعرض للمطلقات والكليات الأخلاقية والإنسانية والدينية بالنفي أو الإثبات.
وأما العلمانية الشاملة:فهي رؤية شاملة للعالم ذات بعد معرفي كلي ونهائي، وتحاول بكل صراحة تحديد علاقة الدين والمطلقات والماورائيات بكل مجالات الحياة، وهي رؤية عقلانية مادية تدور في إطار المرجعية الواحدية المادية(123).
والعلمانية الشاملة بهذا المعنى ليست مجرد فصل الدين عن الدولة أو عن الحياة، وإنما فصل لكل القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية عن العالم، وليس عن الحياة فقط أو الإنسان فقط، بمعنى أن العالم يصبح شيئًا تافهًا لا قداسة له، والإنسان مادة خالية من أية قيمة روحية متجاوزة للمادة، أو متعالية عليها(124).
وعندما تُنزع القداسة عن العالم «الإنسان والكون» يسقط في قبضة الصيرورة المادية، ويظهر الإنسان الطبيعي في حدود احتياجاته المادية الاقتصادية أو الجسمانية، وحدوده هي حدود المادة، وأهدافه وغاياته وأخلاقه مادية، وسلوكه وتطلعاته وأشواقه مادية، إنها باختصار المادية المطلقة(125).
ويذهب الدكتور المسيري إلى أن العلمانية الشاملة تتفق مع الإمبريالية، وذلك لأنها حين تكرس المادية المطلقة، تترسخ في الواقع الإنساني النفعية المطلقة على كل المستويات الأخلاقية والسياسية والاجتماعية، وعندما تصبح النفعية هي المعيار فإن سلطان القوة هو المرجعية والحكم، وسلطان التفوق الحضاري والمادي هو الأساس والمنطق.
وبذلك بدلاً من النزعة الإنسانية تسود مركزية الإنسان الأبيض، والشعر الأشقر، والعيون الزرقاء في الكون، وبدلاً من الدفاع عن مصالح الجنس البشري تسيطر مصالح الجنس الأبيض أو الجنس الأمريكي ـــ كما هو ملاحظ اليوم في مؤتمرات العولمة ـــ وبدلاً من الاحتكام للمعايير والقيم الإنسانية، يصبح الاحتكام للمعايير الأمريكية أو الغربية تحت حراسة القوة النووية، والترسانات العسكرية(126).
والواقع أن هذه النفعية المطلقة، وأخلاق القوة ممتدة في التاريخ الغربي منذ أفلاطون وأرسطو اللذين رأيا ضرورة إبادة المعوقين والضعفاء، إلى ميكافللي الذي نهى الحكام هم الرأفة والرحمة، ودعاه إلى القتل والإبادة لتوطيد سلطانه، إلى نيتشه الذي حلم بإبادة كل الضعفاء من البشر في إطار دعوته إلى «الإنسان الأعلى» إلى داروين «والبقاء للأقوى» والفلاسفة الأمريكيين الذين رسخو النفعية بشكل فلسفي يتواءم مع التطور التقني والتكنولوجي، ويستجيب لتطلعات العقل الغربي الذي اكتنز المادية منذ بضعة قرون.
ونزلت هذه الفلسفات إلى ساحة الواقع، وعانت منها البشرية الويلات المتلاحقة على يد نابليون بونابرت، وهتلر، وموسوليني، وستالين، وكان حصاد هذه العلمانية ملايين الضحايا من البشر في حربين عالميتين، ولا تزال المأساة متواصلة على يد الجرز الأمريكي، والتحالف الأوروبي والشيوعي في البوسنة والهرسك، وألبانيا، والشيشان والعراق وأفغانستان والفلبين، والعلامات تشير إلى أن الدور قادم إلى سوريا وإيران، والله أعلم.
كل هذه الفظائه لم تقع بأيدي المسلمين «يوجد دائما النقد للمسلمين، لأنهم لم يقوموا بأفضل الإنجازات، ولكن نادرًا ما يسجل لهم أنهم منعوا حدوث الأفظع في بلادهم، فلن تجد عندهم أبدًا القتل المنظم للشعوب كما حدث في أمريكا الشمالية والجنوبية واستراليا، ولن تجد ما يشبه الرعب والإرهاب الستاليني، واقتلاع الملايين من البشر من جذورهم تحت مسمى الخطة الخمسية، كما أن المسلمين لا يتحملون وجود نماذج للتفرقة العنصرية كالتي شهدتها جنوب إفريقيا من قبل الهولنديين، بمباركة وبموافقة كنيستهم الإصلاحية، ولا تجد شبيهًا أبدًا للعنصرية اليابانية العنيفة التي شهدتها آسيا قبل عام 1945م ولا الثقافية العنصرية التي مارسها البيض ضد الزنوج في الجنوب الأمريكي بما تضمنه من قتل وإبادة وعنف، وشنق دون محاكمة»(127).
لم يحصل مثل هذا في ديار المسلمين وبلادهم وإنما في العالم المتحضر الذي يتباهى اليوم بالضارة ويصم الآخرين بالتخلف، وليس لذلك من مبرر إلا أن العلمانية الشاملة المادية هي التي تسلمت القيادة، وتحكمت في مصائر الشعوب الغربية، وتريد أن تفرض نفسها على بقية الأمم في إطار العولمة، وعن طريق الممارسة الإمبلايالية، والتلويح بالقوة النووية، وهذا يؤكد ما ذكره الدكتور المسيري من أن «العلمانية هي النظرية والإمبريالية هي الممارسة»(128)ويقودنا ذلك إلى الحديث عن العلمانية والسلام.
العلمانية والسلام
في الوقت الذي كان الإنكليز يحتلون البلاد العربية والإسلامية، ويرتكبون الفظائع من قتل وتدمير وإبادة وتجويع وتجهيل في العراق، الهند، ومصر، كان سلامة موسى يتغزل بالإنجليز فهم «النظاف الأذكياء»(129). وهم «أرقى أمة موجودة في العالم، والخلق الإنجليزي يمتاز عن سائر الأخلاق، والإنسان الإنجليزي هو أرقى إنسان من حيث الجسم والعقل والخلق»(130)، ثم دعا إلى التعاون معهم وهم يحتلون البلاد، ويقتلون العباد فقال: «فنحن إذا أخلصنا النية مع الإنجليز فقد نتفق معهم إذا ضمنا لهم مصالحهم، وهم في الوقت نفسه إذ أخلصوا النية لنا، فإننا نقضي على مراكز الرجعية في مصر، وننتهي منها، فلنول وجوهنا شطر أوربا»(131).
هذا هو ثمن السلام بنظر سلامة موسى أن نتعاون مع الإنجليز، ونضمن لهم مصالحهم، ومصالحهم أن يظلوا جاثمين على صدر مصر، ينهبون خيراتها ويستذلون أهلها، ويدرسون كرامتها، ولكن هذا لا يشكل خطراً على سلامة موسى لأنه سيظل هو النخبة الربية ينعمون بالرفاهية، ويتمتعون بالخيرات، ما دام أسيادهم راضين عنهم، آمنين لجانبهم.
والربح الذي يحققه سلامة موسى من التعاون مع الإنجليز هو القضاء على الرجعية، والرجعية المقصودة عنده والتي يحلم بالقضاء عليها هي الأزهر الي يبث فينا ثقافة القرون المظلمة، وشيوخ الأزهر المأفونون، الذي لا يكفون عن التوضؤ على قوارع الطرق(132). أليس هذه هو الفاشيست الذي يتحدثون عنه؟ !.
واليوم يدعونا طارق حجي إلى الإيمان بحتمية الوصول إلى السلام مع إسرائيل، وعلينا أن نكافح لترسيخ ثقافة السلام بدلاً من ثقافة العدوان(133)وأن نسير على خطا السادات لكي تتجنب المنطقة السقوط في العنف والماضوية والتخلف والفقر، وعلينا أن نقبل قيام دولة ديمقراطية لا دينية على كامل تراب فلسطين يتساوى فيها اليهود والمسلمون والمسيحيون(134). ويعنى هذا أن يتنازل الفلسطينيون عن مقدساتهم، وعن حق العودة للمشردين من أبنائهم، ويرضخوا لما يفرضه منطق القوة الإسرائيلي والأمريكي، إنها دعوة للاستسلام تحت عنوان: «الإيمان بحتمية السلام».
أما مراد وهبة فالعلمانية بنظره الحل لمشكلة الشرق الأوسط في فلسطين(135)ذلك أنه يعرف العلمانية بأنها «النظر إلى النسي بما هو نسبي وليس بما هو مطلق»(136)، ويعنى بذلك سيادة النسبية على كافة المستويات، وإقصاء المطلقات من الوجود؛ لأنه لا وجود لحقيقة مطلقة، والقول بها مجرد خرافة، وسيادة المطلق يهدد السلام العالمي، لأنها ستدخل في صراع كما هو الحال بين المطلقات الثلاثة : الإسلامي اليهودي والمسيحي، وليس من وسيلة لحل هذا الصراع إلا بالقضاء على المطلقات، ويتم ذلك بنفي الدوجماطيقية «أي نفي علم العقيدة» لأن مفهوم الحرب كامن في هذا العلم(137)؛ لأن هذا العلم قائم على اليقين،«واليقين لا يمكن أن يكون إلا مغلقًا، ولهذا فهو يؤول في المنتهى إلى الدوغمائية التي تترجم تعصبًا وتجزبًا وربما عنفًا وإرهابًا»(138)ومع أن هذا الكلام لا يرضى الناطقين باسم الغائب والمدافعين عن العقائد وحراس النصوص كما يقول الخطاب العلماني(139)إلا إنه يقرر ذلك ليؤكد على أن الصراع العربي الإسرائيلي في النهاية هو صراع مطلقات، والحل الوحيد في العلمانية لأنها المضاد الحيوي للأصوليات الدينية التي تغذي المطلقات وتتغذي منها(140)، وعلى ذلك بدلاً من شعار «الإسلام هو الحل» تصبح «العلمانية هي الحل».
ولكن تجاهل مراد وهبة هنا أن العلمانية تصالحت مع الصهيونية واليهودية، وبررت لهم وجودهم في فلسطين، وشرعت لاستمرارهم على حساب العرب والمسلمين الذين لم يربحو شيئًا، ولم يحصلوا على شيء من علمانية مراد وهبة، إلا إذا كان مراد وهبة وأمثاله سيجيبون بأن الربح العربي يتمثل في النجاة من القنابل النووية الإسرائيلية، وهذا ما لا يحسب الأصوليون المسلمون حسابه؛ لأن الخوف من الموت لا يردعهم عن المطالبة بحقوقهم ولديهم من الآليات والوسائل «الإرهابية»(141) ما يجعل إسرائيل تفقد صوابها.
بقي أن نتساءل :
ألم تتحول علمانية مراد وهبة إلى مطلق أيضًا ينفي المطلقات الأخري؟ فإذا قرر هو وشيعته أن «العلمانية هي الحل» وقرر المسلمون بشكل مطلق أن «الإسلام هو الحل» وقررت إسرائيل أن «التلمود هو الحل» أفلات تدخل العلمانية هنا طرفًا جديداً فيما يسميه صراع المطلقات، وبالتالي فإن أية رؤية تُطرح على أنها الحل هي بنظر أصحابها مطلق على الآخرين أن يرضخوا لها، وهكذا فإنه لا خلاص من المطلق، ولابد من مطلق واحد تذعن له كل الأطراف المعارضة(142).
ونتساءل مرة أخرى : هل حربنا مع إسرائيل هي حرب مطلقات؟ في الواقع لا؛ لأننا نحن لا نحارب إسرائيل لندخلها في مطلقنا الإسلامي، وإسرائيل لا تحاربنا لتدخلنا في مطلقها اليهودي، نحن نريد أن نستعيد أراضينا المغتصبة ــ في إطار وعود ومؤامرات دبرت ــ على مرأى ومسمع من كل العالم، ونريد أن يعود الشعب المشرد الطريد في كل بقاع العالم إلى أرضه ودياره، ويريد الشعب المضطهد المقموع أن يتخلص من الاضطهاد والقمع، ويتمتع بحريته وكرامته واستقلاله، فأين المطلقات في هذا الصراع؟ وإذا كانت حربنا مع إسرائيل حرب مطلقات فإن هذا يعنى أنه لا يوجد خلاف بين شخصين في محكمة إلا ويمكن تسميته أيضًا «صراع مطلقات» وأن الإنسان الذي يأتى ليغتصب منزل مراد وهبة أو يعتدى على أسرته أو حتى على حياته، على مراد وهبة ألا يدافع عن نفسه ــ طبقًا لعلمانيته أو لنسبيته ــ حتى لا يدخل في صراع المطلقات. والله أعلم.
العلمانية الصلبة والعلمانية اللينة
تقدم بهذه القسمة عادل ضاهر في كتابه «الأسس الفلسفية للعلمانية»، ويعنى بالعلمانية الصلبة هي تلك التي تتخذ من الاعتبارات الفلسفية أساسًا لها، وبذلك تكون علمانية راسخة لا تتزعزع لأن الاعتبارات الفلسفية لا تخضع للظروف والواقع، ولا ترتبط بها(143).
ولا يبني العلماني الصلب موقفه بناء على أية أدلة تاريخية أو اجتماعية أو سوسيولوجية أو دينية؛ لأن كل هذه اعتبارات خاضعة للظروف والتغيرات وغير حاسمة(144)، واللجوء بالذات إلى نصوص دينية لتسويغ الموقف العلماني ــ كما فعل عبد الرازق وخلف الله وغيرهما ــ هو في نهاية التحليل لجوء إلى سلطة دينية ما، إما سلطة الله ]عز وجلِ[نفسه، أو سلطة نبي من الأنبياء، أو سلطة علماء الدين والفقهاء، وبما أن الرجوع إلى سلطة الله ]عز وجل[مباشرة بالنسبة لنا غير ممكن إلا بواسطة الأنبياء ولا أنبياء اليوم، فإن السلطة ــ على هذا الشكل ــ بقيت للعلماء والفقهاء، وبما أن العلماء مختلفون ومتعارضون، فإننا بحاجة إلى اعتبارات مستقلة عن سلطة العلماء المتناقضة لتحكم في المواقف، وتحسم الخلاف، وليس من سلطة هنا إلا العقل، والعقل الفلسفي بالدرجة الأولى، وحتى ولو وجد أنبياء فإن التتى ولو وجد أنبياء فإن التمييز بين النبي إلا بطريق العقل، والفلسفة هي وسيلنتا الوحيدة للوصول إلى ذلك(145).
والخلاصة التي يريد أن يقررها عادل ضاهر هي: أن العلمانية الصلبة لا تقوم على اعتبارات جائزة أو ممكنة، بل على اعتبارات ضرورية، فلا الوحدة الاجتماعية، ولا الشروط التاريخية أو الاجتماعية أو الثقافية، ولا النصوص الدينية هي التي تملي على العلماني الصلب موقفه، وهذا لا يعنى أنه يرفض هذه الاعتبارات، بل إنها ربما تكون حافزًا وعونًا له في موقفه، ولكن موقفه الأخير تمليه عليه اعتبارات فلسفية محصنة، فهو يبنى علمانيته على هذه الاعتبارات بالدرجة الأولى، وما يأتي بعد ذلك مصدقًا فليكن في المرتبة الثانية(146).
وهذا يعني أن العلمانية الصلبة تعنى أمرين أساسيين :
أولاً :أن العلاقة بين الروحي والزمنى، بين الدولة والسياسة لا يمكن أن تكون أكثر من علاقة موضوعية، أي علاقة تفرضها ظروف تاريخية معينة، وعلاقة كهذه لا يمكن أن تنبع من الماهية العقدية للدين(147). ويعنى ذلك حتى لو أن النبي ـــ صّلى الله عليــه وسلم ـــ أقام دولة ـــ بعكس ما أراد عبد الرازق وخلف الله أن يثبتا ـــ فإن هذه الدولة محكومة بظروف وشروط تاريخية عينة، وليس لها أساس ديني خارج التاريخ، ومفارق للزمن والواقع.
ثانيًا :أن المعرفة العملية «أي المعرفة المطلوبة لتنظيم شئون المجتمع والسياسة والإدارة والاقتصاد والقانون لا تجد أساسها الأخير في المعرفة الدينية»(148)، وهذا هو تعريف عادل ضاهر للعلمانية(149).
هذا عن العلمانية الصلبة فماذا عن العلمانية اللينة؟
العلمانية اللينة عند عادل ضاهر هي التي لا تقوم على أسس فلسفية، وإنما تبحث عن مبرراتها في التاريخ والثقافة وعلم الاجتماع والنصوص الدينية، وهذه المبررات بنظره جائزة وممكنة وليس ضرورية كالأسس الفلسفية الحاسمة، ولذلك فإن علمانية هؤلاء تظل علمانية لينة، أي هشة؛ لأن النصوص الدينية ليست حاسمة، والخلاف في تأويلها يغذي كل وجهات النظر، ولأن الشروط التاريخية والثقافية ونية ليست حاسمة، والخلاف في تأويلها يغذي كل وجهات النظر، ولأن الشروط التاريخية والثقافية والاجتماعية خاضعة للتغير والتطور عبر مرور الزمن(150).
كتاب عادل ضاهر «الأسس الفلسفية للعلمانية» يبلغ 429 صفحة يقوم على جدلية العقل والنقل، وهي كما نعلم جدلية قديمة خاض فيها أعلام الفكل الكلامي الإسلامي، ومنهم من اختار أسبقية العقل على النقل تخلصًا من الوقوع في الدور، والعلمانية عند عادل ضاهر حتمية أو ضرورية ـــ كما يعبر ـــ للخلاص من هذه المشكلة «فالعلمانية هي الحل» عنده أيضًا ــ كما رأينا عند مراد وهبة ـــ وهي المطلق أيضًا لأنها عنده «ضرورية» ولكن في حين كانت عند مراد وهبة هي الحل لمشكلة الشرق الأوسط وقضية فلسطين، فهى عند عادل ضاهر الحل لأزمة العقل العربي الإسلامي المتمثلة في التردد والحيرة بين العقل والنقل.
علينا أن نحذو حذو إمامينا الجليلين الغزالي والرازي في تقرير آراء الآخرين الذين نختلف معهم قبل أن نناقشها لنتبين الخطأ فيها من الصواب(151).
لقد اختار عادل ضاهر أن العقل أسبق من الوحي بل هو أساس في الاعتبار العلماني هو المرجعية «إن العلمانية هي بالضرورة موقف رافض للطابع الكلياني للدولة الدينية الذي يرتبط مفهومها بجعل الاعتبارات الدينية نهائية فيما يخص الأمور الروحية والزمنية على حد سواء … ومن المهم ملاحظة أن المعيار في كون الشخص علماني أو لا علماني ليس هو قبول المقررات الشرعية أو عدم قبوله، وإنما المعيار هو الأساس الذي يبني عليه هذا القبول : فاللاعلماني بينى قبوله على أساس ديني، والعلماني قد يقبل الشريعة، ويبني قبوله على أساس عقلي أو خلقي، وهو بذلك يظل علمانيًّا»(152).
المعيار إذن بين العلماني وغيره هو في أصل المشروعية التي يرتكز عليها مجتمع في تصوره لهويته وفي إرسائه لنظمه وشئونه، ففي المجتمع الديني تستمد المشروعية من مصدر مفارق علوى غائب قدسي والإنسان لا مشروعية له هنا ولا شرعية فهو مجرد نائب عن، أما في المجتمع العلماني فالمشروعية مستمدة من داخله الإنسان المستقل بعقله والذي ينتج معارفه وتجاربه وخبراته ففيه المشروعية والمرجعية(153).
ومن هنا فإن ما يرفضه العلماني هو المبادئ التي تقوم باسمها السيطرة، وليس المقصود سيطرة الدين أو رجال الدين، إن المرفوض هو أن تكون التعاليم الدينية عي التي ينبغي أن تشكل المعيار الأخير أو المرجع الأخير لكل القضايا الروحية والزمنية على حد السواء(154).
ولذلك فالعلمانية «قد تعترف بأنه لا وجود لمؤسسة كهنوتية في الإسلام، ولكن ليس هذا ما يرفضه العلماني، لأن معيار رفضه هو كون الدين المصدر الأخير للتشريع، والمعيار الأخير للدولة الفاضلة ليس بالضرورة وجود كنيسة، لأنها تتصل بشيء أعمق من هذا بكثير : بالطابع الكلياني للدولة الدينية، فالمرجعية المطلقة لله ]عز وجل[سواء أكان الوسيط بيننا وبين هذه المرجعية رجال إكليروس أو أنبياء، فالقضية هي : جعل الدين في نصوصه المقدسة المرجعية النهائية للحاكم في كل المجالات الحياة(155). وما دامت وجدت مرجعية دينية فسيوجد رجال دين لهم نفوذ وممارسة للسيادة، وسلطة استبدادية، وإن لم يكن للدين على مستوى التنظير تأكيد لهذه السيادة، إلا أنه من الناحية العملية والممارسة لابد من وجود مثل هذه السيادة النفوذية، وأمثلة ذلك : دور الإفتاء وعلماء الدين الإسلامي والإكراهات التي يمارسونها ضد الحكومات(156). فالكهنوت سمة لازمة لكل الأديان ولا يستثنى من ذلك الإسلام(157).
وهكذا يبدو أن تطبيق القرآن فيه تكريس لسلطة طبقة من رجال الدين، وبالتالي القضاء على أحد المبادئ الضامنة لاستقلالية الإنسان، واحتكار المعرفة في الشئون الدينية التي تهم المجتمع، ولا فرق أن نسمى هذه الطبقة التي ستحتكر فهم الدين طبقة كهنوت أو علماء أو غير ذلك؛ لأن النص الديني لا يفسر ذاته، فالنتيجة هي ضياع حرية الإنسان(158)وانهيار الاستقلالية المعرفية للعقل(159).
ولنا هنا أن نتساءل : إذا قوضنا المرجعية الإلهية والنبوية، وكرسنا المرجعية العقلية البشرية، فسيكون للمُشرّعين البشر نفس الأهمية الكبري، والنفوذ والسيادة والتسلط والدكتاتورية ــ إذا افترضننا أن هذه موجودة في المرجعية الدينية، وسيحل القانوني والمحامي بديلاً الشيخ والمفتى، والمغني والمطرب بديلاً عن القارئ والمرتل، ولاعب الكرة بديلاً عن المفكر والعالم، والراقصة والممثل بديلاً عن المبدع والعبقري والمجاهد والجندي، وبالتالى فإن العلماني سوف يعود فيصبح لاهوتيُّا علمانيًّا من جديد يمارس لاهوت العلمانية وعلمانية اللاهوت بما في ذلك من تسلط وإرهـاب ودكتاتورية(160)وينشأ دين علماني جديد عقيدته الرسمية هي العلمانية(161) ويرفع شعار التقدم والتنوير كإيديولوجيا تمارس سلطتها في سبيل فرض مصالحها تحت راية الرأسمالية أو الاشتراكية(162) وهكذا فأننا عندما نلغي الله ]عز وجل[لنُحل محله الإنسان في التشريع تكون خسارتنا فادحة دون أن نربح شيئًا.
ومع ذلك يظل العلماني يصر على أن «الإنسان يمكنه بدون وحي إلهي أن يتدبر شئون دنياه»(163)والمقولة التي يسعى لتنفيدها هي أن «الإسلام دين ودولة»(164)«لأن المعرفة غير ممكنة إلا إذا قامت على أسس عقلية … فلا الوحي ولا الحس ولا أية وسيلة أخرى قد يحلو لواحدنا أن يفترضها كمصدر للمعرفة يمكن أن تتخذ على أنها ذات أولوية على العقل، أو على أنها مستقلة عن العقل»(165)فإن «للعقل استقلالية تامة عن كل ما يقع خارجه، فلا يمكن إخضاعه لرقابة دينية أو غير دينية، ولا يمكن لأية معايير من خارجه مهما كان نوعها ومضمونها أن تكون ذات أسبيقة على معاييره(166)، والعلماني الذي يستشهد بالقرآن أو السنة لدعم موقفه يتنازل تنازلاً كبيراً؛ لأن العلمانية في أساسها قائمة على أسبقية العقل على النص(167)، ولأن المعيار الأخير للإلزام القانوني أو السياسي لدى العلماني ينبغي أن يكون مستمدًّا من الأخلاق لا من الدين(168)، والسبب هو أن المعرفة الدينية جائزة وممكنة، أما المعرفة الفلسفية فهي ضرورية، ولا يجوز اشتقاق الجائز من الضروري(169).
وإذا كان الأمر كذلك «فإنه لا يمكننا من منظور عقلي أن نُلزم أنفسنا بالامتثال لأمر أو نهى ما ينطوى عليه نص ديني معين، إلا إذا وجدنا أن هذا تمامًا هو ما تُلزمنا به الاعتبارات الأخلاقية الصحيحة، مما يجعل العودة إلى الاعتبارات الدينية والنصوص الدينية أمراً عديم الجدوى»(170).
ومعنى ذلك أن التوفيق بين العقل والنقل مرفوض لأنه تحصيل حاصل، فالتوفيق سيكون بين مبادئ عقلية توصل إليها عن طريق العقل، ومبادئ عقلية متضمنة في نصوص نقلية، ولكن ثبت صدقها أيضًا عن طريق العقل(171).
***
الهــوامش
- أنظر : د. عبد الصبور شاهين «العلمانية ــ تاريخ الكلمة» ص 124 مقال ملحق ضمن كتاب أحمد فرج «جذور العلمانية».
- انظر : السابق ص 126 ملحق ضمن كتاب جذور العلمانية، وانظر : د. القرضاوي ـــ التطرف العلماني ص 13.
- انظر : منير البعلبكي «قاموس المورد» ص 510، 517، 518، 527 ـــ دار العلم للملايين ـــ بيروت 1970.
- انظر : مجمع اللغة العربية ــ المعجم الوسيط 3/624 الطبعة الثانية 1973م دار الدعوة ــ استنبول ــ ودار المعارف القاهرة 1973م، وقد كان هذا رأي المعجم في طبعته الاولى 1960م ولكن المعجم في طبعته الثالثة 1985م جاء فيه العِلماني ــ بكسر العين ــ خلاف الديني أو الكهنوتي، وهذا خطأ فادح يخالف الترجمة الصحيحة للكلمة، انظر د. عدنان الخطيب من 166 «قصة دخول العلمانية في المعجم العربي» ملجق بكتابه جذور العلمانية. وانظر معجم العلوم الاجتماعية ص 211، 245 إعداد نخبة من الأساتذة ــ طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب.
- انظر : د. أحمد فرج من ص 138 «علماني وعلمانية تأصيل معجمي» محلق بكتابه جذور العلمانية ود. عبد الصبور شاهين ص119 «العلمانية، تاريخ الكلمة وصيغتها، ملحق بـ أحمد فرج «جذور العلمانية».
- انظر: «الكتاب» لسيبيويه 3/280 الهيئة المصرية للكتاب 1977م وانظر : تفسير الطبري 3/327 والشوكاني «فتح القدير» 1/355 وابن الجوزي «زاد المسير» 1/413.
- انظر : د. عبد الصبور شاهين ــ السابق ص 127 وأحمد فرج السابق : ص 143.
- انظر : عدنان الخطيب ص 146 ــ 166 ملحق بكتاب «جذور العلمانية». لابد من الإشارة هنا إلى أن الخطاب العلماني يهمه دائمًا أن يربط العلمانية بالشعب والعامة في مقابل رجال الدين أو الكهنوت. انظر على حرب «نقد الحقيقة» ص57، والقصد من ذلك هو ـن تبرز العلمانية على أنها تمثل سواد الأمة والشعب في مقابل طبقة احتكارية هي طبقه رجال الدين والكهنوت، فتكون العلمانية لذلك ذات مدلول إيجابي يقابل القهر والاسنبداد. انظر : د. رفعت السعيد «العلمانية بين العقل والإسلام والتأسلم» ص7.
- انظر : د. محمد سعيد رمضان البوطي «العقيدة الإسلامية والفكر المعاصر» ص247 كتاب جامعي ــ مقرر لطلاب السنة الثالثة في كلية الشريعة بجامعة دمشق.
- انظر : د. القرضاوي : التطرف العلماني في مواجهة الإسلام» ص 13 ــ أندلسية للنشر والتوزيع ــ المنصورة ــ الطبعة الأولى 1413 هـ ـــ 2000م وانظر له أيضًا كتابًا أسبق بكثير «الإسلام والعلمانية وجهًا لوجه» ص 48 ــ دار الصحوة ــ القاهرة ــ الطبعة الثانية 1414 هـ 1994م والطبعة الأولى للكتاب 1407 هـ ــ أي 1986، 1987م.
- انظر : د. المطعنى «العلمانية وموقفها من العقيدة والشريعة» ص7.
- الشيخ محمد مهدي شمس الدين «العلمانية» ص 125 ــ مع أن الشيخ شمس الدين يعيدها إلى العالم على غير قياس.
- انظر : عماد الدين خليل «تهافت العلمانية» ص46 مؤسسة الرسالة ــ ط 6/1407 هـ ـــ 1986 م وهو يستخدم الكلمة مضبوطة بالكسر في أكثر صفحات كتابه.
- انظر : د. زكي نجيب محمود «تجديد الفكر العربي» ص34، 35.
- انظر : د. سفر الحوالي «العلمانية» ص 21 دار مكة للطباعة والنشر والتوزيع ــ الطبعة الأولى 1402 هـ ــ 1982م مكة المكرمة ــ وهي في أصلها ــ رسالة ماجستير مقدمة في كلية أصول الدين ــ جامعة الأزهر ــ إشراف د. محمد قطب.
- انظر : عزيز العظمة «العلمانية تحت المجهر» ص157 وله أيضا «العلمانية من منظور مختلف» ص17، 18 مركز دراسات الوحدة العربية ــ ط1 /1992.
- انظر : د. رفعت السعيد «العلمانية بين الإٍسلام والعقل والتأسلم» ص 7 ــ دار الأهالي للطباعة والنشر والتوزيع ــ دمشق ــ الطبعة الأولي 2001م.
- انظر : محمد البهي «العلمانية والإسلام بين الفكر والتطبيق» ص7، 8 ،، طبعة القاهرة 1976 وله : «الفكر الإسلامي والمجتمع المعاصر ــ مشكلات الأسرة والتكافل» ص11 طبعة بيروت 1967 د، ط.
- انظر : د. سيد محمد نقيب العطاس «مداخلات فلسفية في الإسلام والعلمانية» ص34 ــ ترجمة محمد طاهر الميساوي ــ دار النفائس ــ الأردن ــ الطبعة الأولى 1420هـ ــ 2000م.
- انظر د. محمد عمارة «العلمانية بين الغرب والإسلام» ص5 ــ دار الوفاء للنشر ــ الطبعة الأولى 1417 هـ ــ 1996م سلسة نحو عقلية إسلامية واعية رقم 23 ولة أيضًا : «الحوار بين الإسلاميين والعلمانية» ص9 ــ نهضة مصر ــ القاهرة، يونيه 2000د. ط سلسلة في التنوير الإسلامي رقم 49.
- انظر : د. عبد الوهاب المسيري «العلمانية تحت المجهر» ص 58 ــ 60.
- انظر : د. السيد رزق الحجر «مدخل لدراسة الفكر الإسلامي الحديث والمعاصر» ص 316 ـــ 317.
- انظر : «جذور العلمانية» ص129، 117، 146 للدكتور السيد أحمد فرج ــ دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع ــ المنصورة ــ سلسلة نحو عقلية إسلامية واعية رقم 3 ــ الطبعة الخامسة 1413هــ ــ 1993م، وقد أضاف الدكتور أحمد فرج إلى الكتاب ثلاثة ملاحق أحدها له والثاني للدكتور «عدنان الخطيب».
- انظر : د. عمر عبدالله كامل «العواصم من قواصم العلمانية» ص11 ــ مكتبة التراث الإسلامي ــ القاهرة ــ الطبعة الأولى 1419هـ ــ 1998م.
- انظر : «أسباب النزول بين الفكر الإسلامي والفكر العلماني» ص15، 16، أولاد : عثمان للكمبيوتر وطباعة الأوفست ــ الطبعة الأولى 1417هـ ــ 1996.
- انظر : د. زكريا فايد «العلمانية ــ النشأة والأثر في الشرق والغرب» ص11 ــ الزهراء للإعلام العربي ــ الطبعة الأولى 1408، 1988م.
- انظر له : «علمانيون أم ملحدون» ص6 ــ دار ثابت ــ الطبعة الأولى 1310 هـ ــ 1990م.
- انظر له : «حقيقة العلمانية بين الخرافة والتخريب» ص7، 8 صدر عن الأمانة للجنة العليا للدعوة الإسلامية بالأزهر الشريف ــ الناشر دار الصابوني ــ القاهرة د. ط، د، ت.
- انظر : د. حسن حنفى ود. عابد الجابري «حوار بين الشرق والغرب» ص 42 ــ مكتبة مدبولي ــ الطبعة الأولى 1190م.
- انظر : د محمد عابد الجابري «وجهة نظر» ص102.
- انظر له : «ملاك الحقيقة المطلقة» ص23 ـــ مكتبة الأسرة 1999م.
- انظر له : «الأسس الفلسفية للعلمانية» ص37 ــ دار الساقي ــ الطبعة الثانية 1998 ــ بيروت.
- انظر له : «حول الدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية» ص90، 95.
- انظر له : «لبنات» ص53 ــ 68 ــ دار الجنوب للنشر ــ تونس 1994 والشرفي هنا لم يتعرض لاشتقاق المصطلح إلا أن أسباب حديثه عن سير العلمنة يفهم منه أنه يعتبرها من الدنيوية والتوجه إلى هذا العالم المغيبات والماوراثيات.
- انظر : د. فادي إسماعيل «الخطاب العربي المعاصر» ص155، 156. المعهد العالمي للفكر الإسلامي ط2/1993.
- انظر : د. سيد محمد نقيب العطاس «مداخلات فلسفية في الإسلام والعلمانية» ص34، 44.
- انظر : «السابق» ص55.
- انظر : «السابق» ص67، 68.
- انظر : د. عدنان الخطيب «قصة دخول العلمانية في المعجم العربي» ص146، 166.
- انظر : د. فتحي القاسمي «العلمانية وانتشارها شرقا وغربًا» ص56، 57.
- قال عز وجل : }وَقَاُلوا مَا هِيَ إلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نمُوتُ ونَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إلاَّ الدَّهْرُ ومَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمِ إنْ هُمْ إِلاّ يَظُنُّون{(سورة الجاثية :24)، }فَمِنَ الَنَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَالَهُ فِي اَلآخِرَةِ مِنْ خلاَق{(سورة البقرة : 200).
- انظر : عبد الله العلايلي «حول كلمة علمنة» مجلة آفاق البيروتية، عدد خاص بالعلمنة، حزيران 1978م، ص2،1.
ولكن أنبه هنا إلى العلمانية لا تنسب إلى العَلم ـــ بفتح العين ـــ وإنما إلى العالم، إذ لا صلة للعَلم بالعَلمانية؛ لأن العَلم هو مثل العُلاّمة ما يستدل به، يعني أنه علامة، أو دلالة، وسبب الخطأ كما يبدو قراءة غير صحيحة للقاموس المحيط، فقد جاء فيه، ومعْلم الشيء كمقعد مظنته، وما يستدل به؛ كالعُلاّمة كرمانة، والعَلْم : الخلق كله. فكلمة العَلْم في السياق مجرورة معطوفة على كلمة العُلامة، أي أن العلم هو وخطأ في الفهم. انظر : د. القرضاوي «التطرف العلماني في مواجهة الإسلام» ص13.
- انظر : د. فتحي القاسمي ص55، 65.
- د. فتحي القاسمي ص54.
- السابق ص54.
- السابق ص55.
- انظر : د. ولتر ستيس «الدين والعقل الحديث» ص251. ترجمة وتعليق : د. إمام عبد الفتاح إمام ـــ مكتبة مدبولي ـــ القاهرة ـــ ط1/1998م. وانظر : د. زكي نجيب محمود «خرافة الميتافيزيقا» ص3، مكتبة النهضة المصرية 1953م.
- انظر : كرين برينتون «تشكيل العقل الحديث» ص71، 72.
- انظر : د. برهان غليون «اغتيال العقل» ص 165، ط3/1990م ـــ مكتبة مدبولي ـــ القاهرة.
- انظر : عادل ضاهر «الأسس الفلسفية للعلمانية» ص38، دار الساقي ـــ بيروت ـــ ط2/1998.
- انظر : علي حرب «نقد النص» ص210.
- انظر : علي حرب «نقد الحقيقة» ص 58.
- انظر : د. عزيز عظمة مناظرة مع د. عبد الوهاب المسيري «العلمانية تحت المجهر» من 157، ورفعت السعيد «العلمانية بين الإسلام والعقل والتأسلم» ص7.
- انظر : د. عزيز العظمة «العلمانية تحت المجهر» ص 157، وله «العلمانية من منظور مختلف» ص17، 18. وانظر : فتحي القاسمي «العلمانية وانتشارها شرقًا وعربًا» ص63، 64.
- انظر : د. فتحي القاسمي «العلمانية وانتشارها» ص71.
- انظر : د. محمد عابد الجابري «وجهة نظر» ص102.
- انظر : د. فتحي القاسمي «العلمانية وانتشارها» ص71. وانظر : د. الجابري «وجهو نظر» ص102.
- انظر د. القاسمي «السابق» ص62.
- انظر : السابق ص62.
- انظر : فتحي القاسمي «العلمانية وانتشارها شرقًا وغربًا» ص73.
- انظر : السابق ص68.
- انظر : السابق ص 84.
- انظر : د. يحيى هاشم حسن فرغل «العلمانية بين التخريف والتخريب» ص46 ـــ 50، والدكتور البهي «العلمانية والإسلام بين الفكر والتطبيق» ص44، نشره مجمع البحوث الإسلامية. فهمي هويدي «التطرف العلماني» ص224، ود. رفعت السعيد «العلمانية بين الإسلام والعقل والتأسلم» ص22، ود. القاسمي «العلمانية وانتشارها…» ص91.
- قد يرد هنا سؤال وهو كيف يصح هذا الاستنتاج وقد اعتبرنا العلمانية ضاربة بجذورها في أقصى التاريخ ومتغلغلة في كل الحضارات؟ والإجابة : أن العلمانية ظاهرة تبرز أحيانا وتخفت أحيانًا أو تضمحل قليلاً، ونحن نقصد تفاقمها في العصر الحديث، وانتشارها في شكل جديد يرتكز على العلم بمفهومه الحديث.
- انظر : د. طيب تيزيني «النص القرآني وإشكالية البنية والقراءة» ص18، 110، 111، 216، 420.
- انظر : د. طيب تيزيني «النص القرآني وإشكالية البنية والقراءة» ص140، 141.
- انظر : السابق ص420.
- انظر : د. طيب تيزيني «الإسلام والعصر، تحديات وآفاق» ص129 بالاشتراك مع د. البوطي ـــ دار الفكر ـــ دمشق. لقد أصبحت كلمة الأصولية والسلفية سبة وشتيمة يتشاتم بها العلمانيون. انظر : علي حرب «نقد النص» ص155، 218.
- انظر : د. طيب تيزيني «النص القرآني وإشكالية البنية والقراءة» ص13.
- انظر : السابق 28.
- انظر : د. طيب تيزيني «النص القرآني وإشكالية البنية والقراءة» ص28.
- انظر : السابق ص110.
- انظر : السابق ص140، 141. وانظر أيضًا : د. طارق حجي «الثقافة أولاً وأخيرًا» ص32، والصادق بلعيد «القرآن والتشريع» ص8.
- انظر : د. طيب تيزيني «النص القرآني …» ص 167، 316، 329، والمقصود بالإسلام الرسمي السلطوي هم أهم السنة والجماعة، ويعتبرون هذه السلطوية ابتدأت منذ عهد عثمان رضي الله عنه.
- انظر: د. محمد أركون «تاريخية الفكر الإسلامي» ص31، 41، 52.
- انظر : د. محمد أركون «القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني» ص97.
- انظر : السابق ص33، 34.
- انظر : د. محمد أركون «تاريخية الفكر الإسلامي» ص159.
- انظر : د. محمد أركون «القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني» ص97.
- انظر : السابق ص33، 34.
- انظر : د. محمد أركون «تاريخية الفكر الإسلامي» 159.
- انظر : د. محمد أركون «قضايا في نقد العقل الديني» ص136. 175.
- انظر : د. محمد أركون «الفكر الإسلامي قراءة علمية» ص118.
- انظر : السابق ص211.
- انظر : د. محمد أركون «قضايا في نقد العقل الديني» 121.
- لهجة هازئة من عادل ضاهر «الأسس الفلسفية للعلمانية» ص41.
- انظر : عادل ضاهر «السابق» ص40، 41. وكلمة إسلامويون تعني إسلاميين متطرفين في قاموسهم، وهي مستعارة من الثقافة الغربية فإن كل الكلمات التي تنتهي بـ”isme” تتخذ في اللغات الأوروبية معنىً سلبيًا إلى حد ما؛ لأنها تدل على الأنظمة الفكرية المغلقة، في حين أن الكلمة التي تنتهي بـ “ite”هي إيجابية، مثلاً : rationalismعقلانوية و rationaliteعقلانية و scientismعلموية بينما scientifite تعني العلمية. انظر هاشم صالح «الهامش التوضيحي على كتاب أركون : تاريخية الفكر» ص208.
- انظر : د. أركون «تاريخية الفكر» ص167.
- انظر : د. أركون «القرآن من التفسيرات الموروث إلى تحليل الخطاب الديني» ص9.
- انظر : د. أركون «قضايا في نقد العقل الديني» ص313.
- انظر : د. أركون «قضايا في نقد العقل الديني» ص23.
- انظر : السابق : ص314.
- السابق : ص120.
- انظر : د. أركون «القرآن من التفسيرات إلى تحليل الخطاب الديني» ص9.
- د. أركون «القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني» ص49.
- انظر : د. أركون «قضايا في نقد العقل الديني» ص135، 136.
- انظر : د. أركون، السابق ص138.
- المقصود بالغرائزية أن التطرف والجمود غريزي عفوي في الشعوب والعقائد تتكون بشكل عفوي غريزي فهي لذلك ليست حقائق وإنما أساطير وميثيات، ولكن يجب أن لا ينكر دورها في تنوير المجتمعات.
- انظر : أركون «قضايا في نقد العقل الديني» ص136 ـــ تعليقات هاشم صالح في الهامش.
- انظر : غوستاف لوبرن «الآراء والمعتقدات» ص115، 116.
- بدلاً من إيديولوجية وهي كلمة استخدمها د. طه عبد الرحمن ود. سيد نقيب العطاس، ويستخدم د. محمد عمارة كلمة فكروية.
- انظر : د. أركون «قضايا في نقد العقل الديني» ص122، وتعليقات هاشم صالح ص121.
- لقد تأثر بهذه اللغة العلمانية بعض الإسلاميين فأخذوا يرددون نفس المصطلحات المغرضة. انظر : علي حب الله «قراءة نقدية» ص25، 26.
- انظر : د. القاسمي «العلمانية وانتشارها» ص73.
- انظر : د. القرضاوي «التطرف العلماني في مواجهة الإسلام» ص17.
- ت. س. إليوت «ملاحظات نحو تعريف الثقافة» ص101، 102، ترجمة وتقديم : د. شكري محمد عياد ــ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـــ مكتبة الأسرة 2001م د.ط.
- إليوت «ملاحظات نحو تعريف الثقافة» ص41، 42.
- السابق ص42.
- إليوت «ملاحظات نحو تعريف الثقافة» 173.
- السابق 174.
- انظر : مراد هوفمان «الإسلام في الألفية الثالثة» ص109.
- انظر : د. عبد المجيد الشرفي «لبنات» ص54.
- السابق ص54.
- انظر : د. محمد سيد نقيب العطاس «مداخلات فلسفية في الإسلام والعلمانية» ص31.
- انظر : د. محمد عبد الله الشرقاوي «دراسات في الملل والنحل» ص17 فما بعدها ـــ الطبعة الأولي : 1414 هـ ـــ 1993م ـــ دار الفكر العربي.
- العطاس «مداخلات فلسفية …» ص43.
- السابق ص45.
- انظر : د. محمد أركون «تاريخية الفكر …» ص294.
- امظر : علي حرب «نقد الحقيقة» ص70.
- انظر : علي حرب «الممنوع والممتنع» ص26.
- انظر : السابق ص 27.
- انظر : د. العطاس «مداخلات فلسفية» ص72، 73.
- السابق ص45.
- السابق ص 45.
- انظر : جورج بوليتزر «أصول الفلسفة الماركسية» ص123، 132.
- انظر : د. عبد الوهاب المسيري بالاشتراك مع د. عزيز العظمة «العلمانية تحت المجهر» ص120، وموسوعة اليهود واليهودية، 1/209 ـــ دار الشروق ـــ الطبعة الأولى 1999م.
- انظر : د. المسيري «العلمانية تحت المجهر» ص121، 122.
- انظر : د. المسيري «العلمانية تحت المجهر» ص122، 123، وموسوعته «اليهود واليهودية» 1/259.
- انظر : د. المسيري «العلمانية تحت المجهر» ص 124، 125، وموسوعته «اليهود واليهودية» 1/308، 309، 310، وانظر : د. مراد هوفمان «الإسلام في الألفية الثالثة ديانة في صعود» ص91. كما يحصل الآن في العراق 8/4/2003م؛ حيث تتجتوز أمريكا بمنطق القوة والهيمنة كل المعايير الأخلاقية والدولية لتفرض سيطرتها ورؤيتها لمستقبل العالم دون أي اكتراث بالآخرين. إن هذه العجرفة هي التي ستجرٍ العالم إلى حرب نووية مدمرة لا محالة. والله أعلم.
- مراد هوفمان «الإسلام في الألفية الثالثة» ص94.
- د. الميسيري «العلمانية تحت المجهر» ص125.
- سلامة موسى «اليوم والغد» ص239.
- السابق 58 ـــ 63.
- السابق ص257.
- انظر : السابق ص229 ـــ 231.
- انظر : د. طارق حجي «الثقافة أولاً وأخيراً» ص 111.
- انظر : د. طارق حجي «الثقافة أولاً وأخيراً» ص25. ملاحظة : قد تكون هذه الدولة هي التي دعا إليها القذافي تحت اسم «لإسراطين».
- انظر : د. مراد وهبة «ملاك الحقيقة المطلقة» ص366.
- السابق ص29.
- انظر : السابق ص353.
- على حرب «نقد النص» ص22.
- انظر : السابق ص23.
- انظر : السابق ص366.
- إن كلمو إرهاب في القرآن ذات إيجابي وهو الردع }وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةِ وَمِنْ ربَاطِ الْخَيْل تُرْهِبُونَ بهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَءَاخَرينَ مِنْ دُونِهمْ لاَ تَعْلمُهُمْ وَمَا تنفِقُوا مِنْ شَيءْ فِي سَبيل الَلَّه يُوَفَّ إلَيْكُمْ وَأَنُتُمْ لَاَ تُظْلَمُونَ{(الأنفال : 60) عندما يكون الإرهاب من أجل الدفاع عن الحق أو الحصول عليه فنعم الإرهاب هو. ولكن الَكلمة شُحنت بمعاني سلبية دموية تتبادر إلى الأذهان بسبب الترويج الإعلامي الغربي والعربي المستمر والمتكرر.
- لقد اجلى ذلك فيما آلت إليه العلمانية في أبرز صورها وذلك في الغطرسة الأمريكية التي كشرت عن أنيابها بكل صراحة في غزو العراق، ورفضت الإذعات لمقررات الأمم المتحدة التي هم واضعوها، ولكنها لم تعد تخدم مصالحهم فأصبحت الرؤية الأمريكية اليوم هي المطلق الذي يجب على كل الآخرين الإذعان له، وإلا واجهوا الموت تحت وابل القنابل الذكية. وهكذا لم تجد العلمانية مفرًّا من المطلق.
- انظر : د. عادل ضاهر «الأسس الفلسفية للعلمانية» ص62.
- انظر : السابق ص 63 ـــ 66.
- انظر : السابق ص66 ـــ 67.
- انظر : السابق ص71.
- انظر : د. عادل ضاهر «الأسس الفلسفية للعلمانية» ص74.
- انظر : السابق ص74.
- انظر : السابق ص61.
- انظر : السابق ص70.
- يقول الإمام الغزالي عن منهجة في تحري الدقة في عرض مذاهب الخصوم : «فجمعت تلك الكلمات ورتبتها ترتيبًا محكمًا للتحقيق، واستوفيت الجواب عنها، حتى أنكر بعض أهل الحق علي مبالغتي في تقرير حجتهم، وقالوا : هذا سعي لهم، فإنهم كانوا يعجزون عن نصرة مذهبهم بمثل هذه الشبهات لولا تحقيقك لها، وترتيبك إياها، وهذا الإنكار من وجه حق». انظر : «المنقذ من الضلال» ص57 للغزالي ـــ المكتبة الشعبية ـــ بيروت ـــ لبنان ـــ بدون تاريخ. كما تعرض الرازي لانتقادات من العلماء لمبالغته في تقرير آراء الخصوم، وإفراطه في شرحها وتفصيلها حتى اعتبر ذلك منه إسهامًا في البدع والعقائد الزائفة.
- انظر : د. عادل ظاهر «الأسس الفلسفية للعلمانية» ص60. ويجب أن ننتبه إلى أن الفصل بين الأساس الديني من جهة والأساس الخلقي أو العقلي من جهة ثانية قائم على أصل زائف؛ لأن الأساس الديني نفسه يطرح نفسه على أساس ديني وعقلي في نفس الوقت.
- انظر : علي حرب «نقد الحقيقة» ص57.
- انظر : د. عادل ضاهر «السابق» ص47.
- انظر : السابق ص48.
- انظر : د. عادل ضاهر «الأسس الفلسفية للعلمانية» ص 49. ويتبنى ذلك أيضًا : د. عبد المجيد الشرقي «لبنات» ص155، وله أيضًا : «الإسلام والحداثة» ص18، ود. عزيز العظمة «العلمانية تحت المجهر» ص170.
- انظر : علي حرب «نقد النص» ص210، وله : «الممنوع والممتنع» ص54. وانظر : جورج طرابيشي «مقال مشارك في حوار المشرق والمغرب» ص138.
- انظر : عادل ضاهر «السابق» ص390 ــ 392.
- انظر : عادل ضاهر «السابق» ص39، وانظر أيضًا : د. عزيز العظمة «العلمانية تحت المجهر» ص170.
- انظر : علي حرب «الممنوع والممتنع» ص26.
- انظر : ل. دونوروا وألبيرباية «من العلمنة إلى الفكر الحر» ص27، ترجمة عاطف علي ـــ دار الطليعة ـــ بيروت ـــ ط1/1986م.
- انظر : آلان تورين «نقد الحداثة» ص7، ترجمة أنور مغيث ـــ المجلس الأعلى للثقافة 1997م د.ط.
- عادل ضاهر «السابق» ص30، 327.
- السابق ص 327، 328.
- السابق ص 361.
- انظر : عادل ضاهر «السابق» ص 362.
- انظر : السابق ص5.
- انظر : السابق ص53.
- السابق ص 291.
- انظر : السابق ص424، 425.