تمهيد :
تعتبر قضية قتل المرتد من القضايا المهمة والحساسة في عصرنا الحاضر؛ لما تثيره من إشكالات وتساؤلات حول حرية الاعتقاد ؛ إذ يعتبر الموقف من قضية الردة معبرًا عن الموقف من حرية الاعتقاد ، والبحث في هذه القضية يعتبر المنطلق لتحديد الموقف من الفكر الإنساني ، وحرية الفكر التي هي الأساس في معالجة المشكلة الحضارية .
ونظرًا لأهمية الموضوع فقد تم تناوله من قبل الكثيرين من الكتاب والباحثين، إلا أن الغالب على هذه النتاجات التعامل السطحي مع الموضوع ، والطابع الدفاعي الذي يبتعد عن العلمية والصراحة في معالجة موطن الإشكال ؛ مما جعل هذه الكتابات تثير المشكلة وتزيدها تعقيدًا ، من هذا المنطلق سنعالج قضية قتل المرتد في الفكر الإسلامي المعاصر من زاوية مضبوطة لم تطرق من قبل ؛ إذ نرى أن قضية الردة تحتاج إلى دراسة تجزيئية تشريحية من جوانب متعددة ، ففي بحثنا هذا سنتناولها من خلال المنظور القرآني ، وندعو الباحثين إلى الانطلاق منه لمعالجتها في نصوص السنة النبوية ، ومن ثم قراءتها في الفقه والتاريخ الإسلامي في ضوء معطيات النصوص الأصلية ، وليس المنطلق في البحث هو فصل القرآن عن السنة ؛ لأن القرآن هو الأصل، والسنة تطبيق وبيان ، ولا يمكن أن يخالف النص المبينِّ النص المبين ، وأما النسخ والتخصيص فلهما شروطهما التي ينتظر من دراسة أحاديث الردة أن تثبت مدى صلاحيتها لذلك ، هذا إذا كانت دلالة النص المبيَّن تقبل النسخ أو التخصيص .
سنتناول في هذا البحث جانبين اثنين:
– الردة في القرآن الكريم .
– موقف المعاصرين من قتل المرتد.
أولاً : الردة في القرآن الكريم
1- الردة في ضوء النصوص المؤصلة لحرية الاعتقاد :
لقد اشتمل القرآن على مجموعة من النصوص تؤصل مبدأ حرية الاعتقاد في الإسلام ، وهذه النصوص منها ما هو مباشر في الدلالة ، ومنها ما هو غير مباشر، وقد تميزت النصوص المباشرة بعموم دلالاتها بما يشمل المرتد ، وقد صرح بعض المفسرين بدخول المرتد في هذا العموم – كما سيأتي – وكذلك اشتملت هذه النصوص على مقاصد وعلل متحققة في المرتد :
فقوله تعالى : (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَــدْ تَبَيَّنَ الرُّشْــــــــدُ مِـــنَ الْغَيِّ ) ((البقرة:256) يتضمن علة نفي الإكراه في الدين ، وهي اتضاح دلائل الرشد من الغي، وهذه العلة تشمل المرتد ، فقد اتضحت دلائل الرشد والغي نحوه ؛ مما يمنع إكراهه في الدين ، وهذه العلة تؤكد عموم النص الذي اشتمل على أساليب العموم من خلال نفي الجنس المطلق والاستغراق بإيراد النكرة في سياق النفي.
وكذلك قوله تعالى :(وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)(يونس :99) فإرادة الله تعالى أن يكون الإنسان مختارًا ومكلفًا ، وما يتبع ذلك من اختلاف بين البشر هو بمثابة التعليل لاستنكار الله على الرسول أن يتفانى في سبيل هداية قومه حتى يكون كأنه يكرههم لشدة حرصه عليهم[1] .
ومن الملاحظ أن المفسرين لم يتطرقوا إلى قضية قتل المرتد عند تفسيرهم لهذه النصوص التي تؤصل حرية الاعتقاد إلا نادرًا . ولم يحصل هذا النادر إلا في الآية (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) ؛ فنجد إشارةً عند الإمام الطبري عند ترجيحه القول بتخصيص آية : (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)، حيث إنه يستدل على التخصيص بإكــــــــــراه المرتد عن دينه[2]،كما نجد إشارة محتملة عند أبى حيان في تفسيره ( البحر المحيط) حيث يقول : (قيل : لا يكره على الإسلام من خرج إلى غيره)[3] ، ودلالة هذا القول على موضوع الردة محتملة ؛ إذ لم يُبين من خرج إلى غير الإسلام هل خرج منه أم من دين آخر ، ويقول ابن حزم : (لم يختلف أحدٌ من الأمة كلها على أن هذه الآية ليست على ظاهرها ، لأن الأمة مجمعةٌ على إكراه المرتد عن دينه)[4] .
ونجد من المتأخرين الشيخ محمد الطاهر بن عاشور يقول بعد فلسفته قتل المرتد 🙁 وليس هذا من الإكراه في الدين المنفي بقوله تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) على القول: إنها غير منسوخة؛ لأن الإكراه في الدين هو إكراه الناس على الخروج من أديانهم والدخول في الإسلام ،وأما هذا فهو من الإكراه على البقاء في الإسلام)[5].
نُلاحظ على هذه الآراء أنها أخرجت قتل المرتد من عموم الآية ، واعتبرت قتل المرتد إكراهًا مشروعًا ، وهذا الرأي يصبُّ في منحى تخصيص النص، فالعموم مخصوص ، والعلة غير ملحوظة .
ونجد اتجاهًا آخر عند بعض المتأخرين يستند إلى العموم والعلة في الآية ، ويعتبر قتل المرتد داخلاً في النهى عن الإكراه ؛ إذ لا فرق بين الإكراه في الابتداء والإكراه في الدوام ؛ لأن الإسلام الذي يحصل به يكون فاسدًا في الحالتين[6] .
2- الردة في ضوء النصوص القرآنية التي تحدثت عنها مباشرة :
سنعرض أولاً النصوص التي تحدثت عن الموضوع ، ثم نستخلص منها الدلالات التي تتعلق بموضوعنا مع الإشارة إلى رقم الآية التي تتضمن الدلالة، ثم نناقش ما بني على هذه الآيات من استدلالات حول قتل المرتد أو مفهوم الردة .
عرض الآيات :
نعرض فيما يلي الآيات التي ورد فيها لفظ الردّة أو ما يدلُّ على معناها .
– جاء لفظ الردّة في القرآن الكريم في الآيات التالية :
1- (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَــيْءٍ قَدِير) (البقرة : 109) .
2- ( ولا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ استَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون) (البقرة : 217) .
3- (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِين) (آل عمران : 100) .
4- (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ) ( آل عمران : 149) .
5- (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (المائدة : 54) .
6- (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُم) (محمد: 25) .
– وجاء التعبير القرآني عن الردة بأسلوب آخر كالكفر بعد الإيمان ، أو التحريض عليه ، في الآيات التالية :
7- (وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ءَامِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ ءَامَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا ءَاخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(72)وَلاَ تُؤْمِنُوا إِلاَّ لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيم) (آل عمران : 72 – 73 ).
8- (كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(86)أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ(87)خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنْظَرُونَ(88)إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(89)إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّــالُّون) (آل عمران : 86 – 90) .
9- (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً(88)وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلاَ تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) ( النساء : 88 – 89).
10- (إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ءَامَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلا) (النساء : 137) .
11- (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) ( المائدة : 5).
12- (وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُون) (الأنعام : 88) .
13- (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ(73)يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ نَصِير)(التوبة : 73 – 74) .
14 – (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيم) ((النحل : 106) .
15- ( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُـــــونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِين) ((الزمر : 65) .
تحليل الآيات :
من خلال التأمل في مجموع الآيات التي ذكرناها نستطيع تسجيل الإفادات التالية :
1- ردَّة المؤمنين عن دينهم هدف أساسي للكفار وأهل الكتاب (آل عمران : 100 – 149) ، وتعدَّي ذلك حالة الأُمنية المبنية على الحسد (البقرة : 109) إلى الإصرار على القتال من أجل ردِّ المؤمنين عن دينهم (البقرة : 217) واتخذوا مع ذلك أسلوب التشكيك من خلال الإيمان وجه النهار والكفر آخره ( آل عمران : 72 – 73) بل إن فريقًا مارس ذلك فآمن ثم كفر ثم آمن ثم كفر ثم ازداد كفرًا ( النساء : 137) .
2- ردُّ المؤمنين عن دينهم هو هدف للمنافقين أيضًا ، الذين وصفهم القرآن بأنهم قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم ، بمعنى أنهم أعلنوا الكفر بعد أن كانو قد أعلنوا الإسلام وهو غير الإيمان ، وجعلهم ومن يكفــر بعد الإيمان سواء ( النســـاء : 88 – 89 ) (التوبة : 73 – 74) .
3- إنَّ الذين يكفرون بعد إيمانهم هم صنف من الناس معلوم في المجتمع ، وقد تحدَّث القرآن عنهم وعن مصيرهم ، واستثنى الذين يتوبون ، وبيَّن أنَّ منهم طائفة يستمرون على الكفر ويزدادون كفرًا (آل عمران : 86 – 90 ، النساء: 137) .
4- تمثل موقف القرآن من الردَّة والكفر بعد الإيمان بما يلي :
* أمر المؤمنين بالعفو والصفح عقب بيان رغبة أهل الكتاب ردّ المؤمنين عن دينهم (البقرة : 109) ، وإرشاد الرسول إلى عدم المبالاة بمحاولة طائفة من أهل الكتاب تشكيك المؤمنين عن طريق الردّة ،وذلك بأمر الرسول ببيان أن الهدى هدى الله ، وأنَّ الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء (آل عمران : 72 – 73).
*إرشاد المؤمنين إلى البعد عن طاعة وموالاة الكافرين والمنافقين الرّاغبين بردّهم عن دينهم (آل عمران :100 – 149 ، النساء : 88 – 89) وتهديد المؤمنين باستبدالهم بخير منهم في حال ردتهم عن دينهم (المائدة : 54) .
*بيان جزاء المرتدين عن الدّين والكافرين بعد الإيمان ، والمتمثل بإحباط العمل في الدنيا والآخرة ، والخلود في النار ، واللعنة والخلود فيها ، وعدم تخفيف العذاب عنهم ، واستبعاد الهداية عنهم باعتبارهم من الظالمين ، وعدم المغفرة وقبول التوبة ممن تكررت منه وازداد في الكفر (البقرة : 217 ، آل عمران : 86 – 90، النساء : 137 ، المائدة : 5 ، الأنعام : 88 ، الزمر : 65) .
* الترغيب بالتوبة من الردّة (آل عمران : 86 – 90 ، التوبة : 73 – 74) .
* رفع الغضب والعذاب عمن يكفر بعد إيمانه مكرهًا ما دام قلبه مطمئنًا بالإيمان (النحل : 106) .
نلاحظ من خلال الأسس التي استخلصناها من الآيات أنها لم تَنُص على عقوبة دنيوية مادية جزاءً للردّة والكفر بعد الإيمان ؛ وهذا ينسجم مع ما قدمناه من عموم قوله تعالى : (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) ، وعموم الآيات الأخرى، ويتأكد هذا المعنى بما أشارت إليه الآيات من وجود أناس يكفرون بعد الإيمان وتطلب منهم التوبة إلا أنهم لا يتوبون ، بل يستمرون في الكفر ويزدادون فيه ، وربما تابوا ثم عادوا إلى الكفر واستمروا فيه وازدادوا كفرًا ، تزداد هذه الحقيقة تأكيدًا بعدم اكتراث القرآن باتخاذ هذه العملية وسيلة لتشكيك المؤمنين ، إذ بيَّن طبيعة الإيمان والهدى والحق .
الاستدلالُ على قتل المرتد من القرآن:
انفرد الشيخ محمد الطاهر بن عاشور بالاستدلال على عقوبة القتل للمرتد من القرآن الكريم فقال : (وقد أشار العطف في قوله : (فَيَمُت) (البقرة : 217) بالفاء المفيدة للتعقيب إلى أن الموت يعقبُ الارتداد ، وقد عَلِمَ كلُّ أحد أنّ معظم المرتدين لا تحضر آجالهم عقب الارتداد ، فيعلم السامع حينئذ أن المرتد يعاقب بالموت عقوبة شرعية فتكون الآية دليلاً على وجوب قتل المرتد)[7] .
ونجد عند التأمل في هذا الاستدلال أنه غير دقيق ؛ إذ حمل الآية على المجاز من غير ضرورة ؛ حيث إنه رأى أن التعقيب بالفاء لا يمكن أن يكون حقيقة بدليل الواقع ، فحمله على المجاز على أنه إشارة إلى التعقيب بتنفيذ حكم شرعى هو القتل ، وهذا مسلك غير صحيح ؛ لما نُبينه فيما يلي :
– ليس هناك اتفاق بين اللغويين والأصوليين على أن الفاء العاطفة تفيد معنى التعقيب مع الترتيب دائمًا، وإنما يذهب كثير من اللغويين والأصوليين إلى أنها تأتي بمعنى (ثم) للترتيب والتراخي، نحو قوله تعالى : (وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4) فَجَعَلَـــــــهُ غُثَاءً أَحْوَى) (الأعلى : 4 – 5)
– وعلى مذهب القائلين بأن الفاء تفيد التعقيب دائمًا بدون تراخ فإنهم يرون أن التعقيب يكون بحسب المعقب به ، أي أن الفاصل الزمنى الذي لابد منه بين المتعاطفين بحكم العرف أو السنة الإلهية لا يعد تراخيًا يخدش من معنى التعقيب؛ ولهذا يرى هؤلاء في مثل قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِير) (الحج : 63) أن التعقيب بالاخضرار حاصل ، لكن ضمن السنة في نمو الزرع بين نزول المطر واخضراره[8] .
وبناء على ما ذكرنا فلسنا بحاجة إلى اللجوء إلى المجاز كما فعل الشيخ ابن عاشور ؛ إذ الحقيقة ممكنة على اختلاف الأقوال في الفاء ، إمّا بحملها على إفادة الترتيب فقط ، أو اعتبارها بمعنى (ثمّ) في إفادة الترتيب والتراخي ، أو باعتبار أن التعقيب فيها بحسب سنة الموت المعتاد بعد الهرم وانتهاء الأجل دون أي خروج على اللغة أو قواعد الأصول، بل إن هذا المنهج هو الأصل الذي ينبغي اعتماده ، لأنه اعتماد على الحقيقة ولا يصار إلى المجاز إلا إذا استحالت .
– وعلى افتراض أن الفاء تفيد التعقيب بدون تراخ فإن المعنى المجازي سيعود على التركيب اللغوي بالنقض ، حيث يصبح التركيب بعد استبدال الحقيقة بالمجاز كما يلي : من يرتدَّ منكم عن دينه فأميتوه وهو كافر .. إذ يُحَوِّلُ المجازُ العطفَ إلى جواب الشرط ، ويصبح جواب الشرط في (فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُم) استئنافًا ، وهو ما يناقض تركيب الجملة الأصلية التي تقضى القواعد باتفاق أن الفاء هنا في (فَيَمُت) للعطف وجوبًا لأن الفعل المضارع مجزوم[9] ، هذا كاف في نقد استدلال الشيخ ابن عاشور على قتل المرتد من القرآن الكريم.
مفهوم الردَّة في القرآن عند الشيخ عبد العزيز جاويش :
يتبنَّى الشيخ عبد العزيز جاويش مفهومًا خاصًّا للردَّة في القرآن والتي يرى أنها لم تُذكر في القرآن غير مرتين:
– في قوله تعالى : (ولا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ استَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّـــــارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون) (البقرة : 217) .
فيرى أن السياق ، وروح الكلمة ، يشيران إلى أن الارتداد المذكور في الآية هو الارتداد عن منازلة الأعداء الذين كانوا يقاتلون المؤمنين ليردوهم عن دينهم كفارًا بعد إذ آمنوا ، يؤكد هذا المعنى من خلال السياق الذي يتحدث عن القتال في الآيات السابقة ، ويخلص إلى أن الردة ليست الفسوق عن العقائد الإسلامية لشبهة قامت بأنفس المرتدين، ولكنها ردتهم عن نصرة الإسلام ، وتخلفهم عن تأييده وحمايته ، بينما أعداؤه يكيدون له ويحاربون رسوله والقوّامين عليه .
– الموضع الثاني الذي ذكرت فيه الردّة قوله تعالي : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيم) (المائدة : 54) .
ويرى أن التدبر في سياق الآيات السابقة لهذه الآية يؤكدُ أنها لا تكاد تخرج عن معنى آية البقرة[10] .
نلاحظ أن الشيخ جاويش انطلق في تحديد معنى الردّة من بعض الآيات ولم يستقصها ، وفسّر الردّة بعيدًا عن الإضافة التي ارتبطت باللفظ ، فعنوان الردة مرتبط بالدين مما يعنى الرجوع عنه، بينما خصّه هو بالرجوع عن نصرة الدين بما لا يستلزم معنى الكفر .. كما ناقض نفسه في هذه النقطة عند حديثه عن المرتدين غير المحاربين[11] ، حيث إنه فرّق بين مرتدٍ محارب وآخر غير محارب، بينما اعتبر الردّة فيما سبق محاربة بحد ذاتها .
من ناحية أخرى فإن ما رتَّبه القرآن على الردّة من جزاء لا ينطبق إلا على الكفر ، فالتخاذل عن الجهاد لا يستلزم إحباط الأعمال والخلود في النار .
وأيضًا تحدّث عن الردّة في غير حالة الحرب ، فبيّن أن الكفار كانوا يودون رد المسلمين عن دينهم حسدًا، مما يعنى أن الردة هدف ذو بعدٍ معنوي غير مرتبط بحركة القتال .
وبهذا يتضح عدم دقة هذا المفهوم الذي قدمه الشيخ عبد العزيز جاويش عن الردة في القرآن .
رأي الدكتور محمد عمارة في مفهوم الردَّة في القرآن :
يرى الدكتور محمد عمارة أنّ الآيات القرآنية تتحدث عن ردّة النفاق والمنافقين وأنها ردّة ذاتية وسرية غير معلنة ؛ ولهذا السبب لم يتضمن النص القرآني عقوبة دنيوية للـــردة ، إذ للمنافقين أحكام خاصة[12].
وهو رأي يجانب الصواب – فيما نرى – إذ كيف تكون الردّة سرية وتُتخذ محاولة لتشكيك المؤمنين ، هذا وإن كان يقصد بالمرتدين أنهم كانوا مؤمنين ثم تحولوا إلى النفاق فهذا ما لم يحصل ، ولو كان الأمر كذلك لسماهم منافقين وإلا تداخلت المصطلحات ، وإن كان يقصد أنهم كانوا منافقين وتحولوا إلى مرتدين فإنه لا يستقيم أيضًا؛ إذ إن القرآن وصف المرتدين بأنهم كفروا من بعد ما تبين لهم الهدى ومن بعد ما جاءتهم البينات ، وأنهم كفروا بعد إيمان ، وهذا الوصف لا ينطبق على المنافقين الذين لم يثبت لهم الإيمان أصلاً ، فعن أي شىء يرتدون . أما الذي تحدث عنه القرآن من قول المنافقين كلمة الكفر بعد إســــــلامهم (التوبة : 74)، فإنما يعنى إعلان الكفر بعد إعلان الإسلام ، فهي ليست ردة وتحولاً من الإيمان إلى الكفر كتلك التي تحدثت عنها الآيات ، كما أنه خلط بين الردة عن الدين التي هي الأصل في المصطلح، وبين ما سماه الردة عن كامل الولاء والموالاة للجماعة، والردة بهذا المعنى هي عين الحرابة التي علل بها قتل المرتد، بينما ذكر أن القرآن لم ينص على عقوبة للردة لأنها سرية ولا تعدو مزاولة الشك، وإن فضح القرآن لردة المنافقين عن الولاء – التي تحدث عنها – كاف لإلحاق العقوبة بهم كما هو الحال في قضية الإفك[13] وغيرها من القضايا التي يكشف حقائقها الوحي ، فردة المنافقين لم تعد سرية بهذا الملحظ ، فضلاً عن مضمون الحرابة في بعض جوانب التفسير الذي قدمه الدكتور عمارة للردة في الآيات التي لم يستقصها.
ثالثًا: مواقف الكتاب المعاصرين من قتل المرتد:
كما أشرنا سابقًا فإنّ الردّة أخذت حيزًا هامًّا من دراسات الفكر المعاصر ولا تزال مطروحةً على بساط البحث ، وفيما يلي نعرض اتجاهات الكتّاب والمفكرين في تناولهم لموضوع قتل المرتد، والتي يجمعها الانطلاق في معالجة الموضوع ، على أن هناك استفهامًا يطرح نفسه في تحديد العلاقة بين قتل المرتد وحرية الاعتقاد ، فتوزعت الإجابات بين المفارقة والتوفيق على ما سنبيِّنه في التصنيف التالي :
1- منهج تبريري توفيقي : انطلق من الحكم الفقهي بقتل المرتد على أنه قضية محسومة ، وجعل يفلسف هذا الحكم تارةً على حساب تخصيص النصوص القرآنية المانعة من الإكراه في الدين ، وأخرى على حساب توسيع مفهوم الردّة إلى ما هو أعم من الكفر وتغيير الرأى، وتم بناء على ذلك تقرير بعض التعليلات لقتل المرتد وتوصيف الردّة .
فالردّة استخفاف بالدين ، وتمهيد الطريق للانسلال من الجامعة الإسلامية وتمردٌ على العبادات والتقاليد ، والشرائع والقوانين ، بل على أساس بناء الدولة نفسها ، فالارتداد يرادف جريمة الخيانة العظمى، وبالتالى فمقاومته تعتبر واجبًا مقدسًا، فهي تغيير للولاء ، وتبديل للهوية ، وتحويل للانتماء ، وخروجٌ على الجامعة الإسلامية بكل مقوماتها الدينية والوطنية والسياسية ، صرح بذلك المرتد أم لم يصرح ، فقتل المرتد إنما هو قضاءٌ على عنصر الحرابة المتمثلة بالإعلان عن الكفر والشك في الإسلام[14] ، والتسامح مع المرتد يعنى السماح بانهيار الكيان الأساسي للدولة وغدت جريمة الردّة بذلك من النظام العام في مفهوم التشريعات الوضعية ، وهذا مما لا يمكن أن تتسامح فيه شريعة أو قانون[15] .
ويمكننا أن نسجل الملاحظات التالية على هذا المنهج :
1- انطلقت هذه الآراء في تبرير عقوبة الردّة من إسقاطات استنباطية اعتمدت على مقاربات بعيدة عن الإطار والظرف الذي تحدث عنه الفقهاء ؛ حيث إنه لا يوجد صدى لما ذكــروه في كتب الفقه التي تقرر المسألة[16] .
2- تكاد معظم المحاولات التوفيقية التي ذكرناها تُجمِعُ على إسقاط العقوبة على أمر آخر غير الكفر تعددت تسمياته ( الخيانة العظمى – الخروج عن الجامعة – الاستهزاء بالدين – الحرابة ..) إلا أن الذي يدعو إلى التساؤل هو أن أيًّا من هذه العناصر لم يُذكر في تعريف الردة الذي كاد يجمع الفقهاء على أنه (الكفر بعد الإسلام) فهو مجرد تغيير الفكرة تجاه الدين ، فمتى ثبت ذلك على الفرد حُكم بردّته وثبتت عليه إجراءات العقوبة .
وما دامت العقوبة عند بعض هؤلاء ليست على الكفر ، إذ لا إكراه في الدين، وإنما هي عقوبة على الحرابة أو ما ذكروه .. وكلُّ ذلك يتحقق عندهم بمجرد الإعلان عن الكفر ، فالسؤال الذي يطرح نفسه: ما الطريق للفرد إذا لم يعد يقتنع بأن الإسلام حق ، ولم يستطع أحدٌ إزالة شكوكه ، وقرر تغيير دينه من غير ضوضاء – تحت مظلة لا إكراه في الدين – مع احترامه لأنظمة المجتمع الإسلامي الذي يضم بين أفراده غير المسلمين ؟
لعلَّنا نجد الإجابة عند أصحاب هذا الاتجاه ، أنه لا توجد حالة يتم فيها الإعلان عن الكفر بعد الإسلام لمجرد تغيير الفكرة ، أو أنه بوسعه أن يمارس معتقده الجديد بينه وبين نفسه دون أي إعلان ، وبالتالي يكون متمتعًا بحصن (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّين) إذ لا تتأتي منه الحرابة[17] .
ونستطيع أن نعبر عن هذه الإجابة بأنه بوسع هذا الشخص أن يتحول من مسلم إلى منافق ، ولكن ليس بوسعه أن يتحول إلى كافر (ذمي) !
والسؤال الذي يبقى مطروحًا هنا ماذا أضافته آية (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّين) لهذا الشخص إذا لم يكن من حقه الإعلان ، فهو يتمتع بالحرية الداخلية قبل هذا النص وبعده؟
3- أهم نقطة توفيقية يعتمد عليها هذا الاتجاه هي اعتبار الردة خروجًا على النظام العام والقانون ، وأنها جريمة في كل القوانين يعاقب عليها في جميع الأنظمة .
ولدى التأمل نجد أن هناك خلطًا بين أمرين مختلفين هما: الخروج من الإسلام والخروج على الإسلام[18] رغم الفارق الكبير بينهما ؛ إذ الخروج على الإسلام خروج على الدستور يتمثل في حركة ملموسة تُدرك آثارها ، أما الخروج من الإسلام فلا يتعدى تغيير المعتقد مما لا يؤثر على غير صاحبه ما دام لم يقترن بأي عنصر من عناصر الفوضى أو الحرابة أو الفتنة ، ولا يمكن اعتبار مجرد تغيير الفكرة تجاه الدين أو الدستور خروجًا عليه لملحظين :
– الملحظ الأول: أن مجرد الإعلان عن الأفكار لا يوصف بالجرمية حتى لو خالفت الدستور ما دام صاحبها ملتزمًا بالقوانين والأنظمة في المجتمع والتي تضمن حرية الاعتقاد[19] .
– الملحظ الثاني: أن الدستور في المجتمع الإسلامي ينطوي على التنوع ويضمن لأفراده التعددية الدينية والفكرية، فأهل الكتاب ومن في حكمهم من الذميين هم صنف من أفراد المجتمع الإسلامي ، لهم ما للمسلمين من حقوق وعليهم ما عليهم ، ويلتزمون جميعًا بقانون واحد ونظام واحد يضمن لكلٍ حقوقه ، وللمجتمع وحدته[20]وتكامله ، لذلك فإن مجرد تغيير المعتقد لا يُعَدُّ مخالفًا للدستور ، لا سيما وأنه ينص على أنه (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّين) .
4- يعتقد الكثيرون أن ردة المسلم تثير الشكوك في صفوف المسلمين، وتدفع ضعاف الإيمان إلى اتباع الهوى وربما الردة ، لكن منهج الإسلام في بناء العقيدة لا يدعو إلى هذا القلق ، بل لم يبال القرآن بمحاولة أهل الكتاب تشكيك المسلمين بدينهم عن طريق الردة (وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ءَامِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ ءَامَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا ءَاخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(72)وَلاَ تُؤْمِنُوا إِلاَّ لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيم) (آل عمران : 72 – 73) ، فالإيمان لا يقبل إلا إن كان مبنيًّا على تفكير مستقل من كل فرد ، ولا يصح فيه التقليد واتباع الآباء ، بل كان التقليد هو أشد ما عابه الإسلام على المشركين ، فإذا كانت العقيدة مبنية على قواعد صحيحة فلا خوف على صاحبها من ردة فرد في المجتمع ، فإن تزعزع شىء من إيمانه فذلك فرصة له ليصحح اعتقاده وفق منهج علمى ، أما بالنسبة للمقلدين فإن إيمانهم عادة يكون كإيمان العجائز وهو أصلب من أن يزعزعه ردة شخص من المسلمين ، وإنا لنرى في المجتمع الإسلامي نموذجًا مصغرًا لذلك ، فما أن يطرح عالم من العلماء رأيًا غير مألوف على العامة حتى نجدهم ينبذونه ويتهمونه وهو ما يزال مسلمًا مشهودًا له بالعلم ، فكيف لو ارتد؟ لن تزيد ردته الناس إلا كرهًا له ونبذًا ، فضلاً عن أن يشكك في إيمانهم .
2- منهج توفيقي تأويلي : ينطلق هذا الاتجاه من نصوص القرآن على أنها القاعدة الأساسية في الحكم ، فيعتبر نصوص منع الإكراه في الدين كلية محكمة، ويفهم من خلالها ما يرد من نصوص السنّة التي تقرر عقوبةً للردّة، وقد تم التأويل لهذه النصوص من خلال افتراض أبعادٍ موضوعية لورودها كحالة الحرابة، أو ظروف سياسية تلبَّست بها ؛ أو من خلال الجمع بين النصوص المطلقة والنصوص التي تشير إلى بعض القيود ، وذلك بحمل المطلق على المقيد ، وفي كل الحالات اختلف تقرير نوع العقوبة بين القتل والتعزيز ، كما اختلفت آليات أصحاب هذا الاتجاه في تأصيل أفكارهم ودرجة العمق فيها[21] .
وأهم نقد يمكن أن يوجه إلى أصحاب هذا الاتجاه عدم الدقة في تحديد مدلول مصطلح الردة ، فنجدهم يستعملونه بمعنى الكفر بعد الإيمان عندما ينفون وجود عقوبة للردّة في القرآن ، ويضيفون إليه معنى الحرابة عندما يتعاملون مع نصوص السنة .
وهناك فريق آخر اعتمد على تأويل المفاهيم بدل تأويل النصوص، فاعتمد على مفهوم خاص للدين، وبناء عليه أصبح للردّة مفهوم جديد ، يتمثل بالإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح ، ونجد أصلاً لهذا المفهوم في تفسير المنار؛ حيث عرف الردّة بأنها الرجوع عن أصول الدين الأساسية والتي حددها بالإيمان بالله والإيمان بالغيب واليوم الآخر، والالتزام بالعمل الصالح[22] . وبالتالي فالارتداد كمفهوم لا يرتبط بقضية الإيمان بالله أو الإيمان باليوم الآخر ، إنما للمفهوم مصداقٌ آخر يرتبط بقضية – العمل الصالح – الذي هو عبارة عن مفهوم كلي عام ، ولعل أقرب المصاديق إلى الذهن هو ما نعبر عنه بالأعمال المناقضة للكليات كالعبث بأمن العباد والبلاد والظلم والجريمة والقتل والبغي والفتنة ، وكذا مناقضة القيــم والمثل الأخـلاقية والإنسانية العامة[23].
يلاحظ على هذا الرأي انطلاق صاحبه من مفهوم خاص للدين يتمثل بالإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح، إلا أنه خصّ الردّة بالرجوع عن العمل الصالح، فغدت عنوانًا جديدًا لجرائم أخرى كالبغي والفساد . وهو بهذا الاتجاه قد خلط بين المصطلحات وابتعد عن البعد الخاص لمفهوم الردّة المضافة إلى عموم الدين ، حيث إنه خصّها بجانب من جوانبه من غير ضرورة .
3- منهج تحليلي واقعي : انطلق أصحاب هذا المنهج في دراسة الردّة من خلال تحليل الواقع ، وإدراك الأسباب التي أدت إلى وجود ظاهرة الردّة في المجتمع ، ويتوزع أصحاب هذا المنهج على اتجاهين مختلفين :
الأول : يعزو المسألة إلى بعد سياسي ، يتمثل بالسلطة التي غيبت الحكم الإسلامي ، ومكنت من انسلاخ المجتمع من الإســلام ووقوعه في الجاهلية[24] .
الثاني : يعزو المسألة إلى بعد معرفي، حيث يرى أن التحولات التي شهدتها الإنسانية اليوم بلغت حدًّا لا يسمح بقبول الطرح القديم لمسألة الاعتقاد ، مما يدعو إلى تحليل أسباب التقصِّى من الإسلام والردّة عن الدين ، والعمل على تأسيس جديد للإيمان ، يقوم على الإرادة الشخصية في ظل الاختلاف والتعددية التي أرادها الله .
وهي نظرة ديناميكية داخلية – خارجية ، داخلية ؛ إذ هي تفهم الأسباب التي دعت فقهاء الماضي لإصدار فتاويهم في خصوص المرتد لكنها لا تبررها ولا تعتمدها في مواجهة مشكلة الإيمان في عالمنا المعاصر ، بل تقترح عوضًا عنها تمشيًّا جديدًا قائمًا على مبدأ حرية الاعتقاد القادر وحده على مواجهة فعّالة لظاهرة الردّة ؛ وخارجية لأنها تدرك التحولات العميقة التي تجتاح العالم الإسلامي والفكر الإنساني ، وتعتبر أنه لابد من تأسيس إيمان جديد لهذا العالم الجديد لا يتعامل مع الردّة من جانب الاعتبارات القـــــانونية، بل يراها مسألة وعي وفهم[25].
ويلاحظ على أصحاب هذا الاتجاه أنهم ابتعدوا عن دراسة الردّة من خلال النصوص وما تفيده من دلالات للفت الانتباه إلى ناحية مهمة هي عناصر الفعل في تشكيل ظاهرة الردّة ، ومعالجة الموضوع من خلال أسبابه بعيدًا عن الانفعال ، مع مراعاة الواقع وتطوراته.
الخاتمة :
إن ما قدمناه في دراستنا لقضية الردّة من خلال الآيات المؤصلة لحرية الاعتقاد، ولموضوع الردّة كما عرض لها القرآن ، يؤكد لنا عموم النهي عن الإكراه في الدين بما يشمل المرتد الذي يكفر بعد الإسلام ، إذ علّة نفي الإكراه متحققة فيه ، فقد تبيَّن الرشد من الغي بالنسبة له ؛ كما أن نصوص القرآن التي تحدَّثت عن الكفر بعد الإيمان لا تساعد على القول بقتل المرتد بل تؤكد العكس ، فنجد الذين كفروا بعد إيمانهم أناسًا يعيشون بين المسلمين على كفرهم الجديد ، وربما أسلموا ثم عادوا إلى الكفر واستمروا عليه وازدادوا فيه .
إلا أن ما نجده من نصوص في السنَّة، وما أوضحناه من اتجاهات في التعامل مع موضوع الردة ، وما نجده في المصنفات القديمة منذ القرن الخامس الهجرى من أنه لم يقع في شىء من المصنفات المشهورة أنّ النبي r عاقب مرتدًا أو زنديقًا بالقتل[26] ، وما يؤكده الباحثون من أن ألفاظ الردّة التي وردت على لسان المؤرخين والتي عبّروا بها عما حدث من بعض الأعراب في صدر خلافة الصديق – t – لا تعنى الكفر المخرج عن الملة ؛ لورود نصوص أخرى تثبت الإيمان لأصحاب هذه الأعمال التي وصفت بالردّة ، إضافة إلى الأبعاد والتداخلات السياسية التي تلقى بثقلها التاريخي في صياغة التصور حول موضوع الردّة[27] .
كل هذه المعطيات تعطى الباحث مبررًا للاقتصار على المعطى القرآني الذي بيناه ، مع التأكيد على حاجة المكتبة الإسلامية إلى دراسة تنطلق من هذا المعطى تستوعب موضوع الردّة من خلال نصوص السنّة التي تبدو متعارضة، ومن خلال حركة الردّة عبر التاريخ ، وعلاقة موضوع الردّة بالسلطة، وتاريخ نشوء المصطلح وتطوره .
ولابد من التنويه لأمر مهم وهو أن عدم تجريم من يُغير معتقده إلى غير الإسلام لا يعنى عدم تحريم ذلك إذا ما كان عبثًا أو غير مؤسس على فكر جاد، فليس كل ما يعتبر محرمًا في الإسلام يعتبر جريمةً يُعاقَبُ عليها الفرد ، فالتجريم له عقوبتان دنيوية وأخروية ، أما التحريم فهو فيما بين العبد وربه ، وبالتالي فلا يلزم من حرية الاعتقاد إباحة الكفر أو الباطل أو الخروج من الإسلام، وإنما المقصود هو رفع سلطان البشر عن التدخل في معتقدات الناس والمحاسبة عليها ، وترك ذلك إلى رب العباد ؛ إذ هو الوحيد الذي يعلم بأسرارهم[28] ، وكذلك فإن عدم وجود عقوبة دنيوية للمرتد لا يعنى إرشاد المسلمين إلى ترك دينهم وتجريب الأديان الأخرى ، ولا تعارض بين أن يكون الدين حريصًا على بقاء أتباعه فيه وبين ألاّ يعاقب من يتركه ؛ لأن دين الإسلام يتميز عن غيره باعتماده على العقل في بناء العقيدة وجعله الطريق السليم إلى الإيمان الصحيح ؛ لذا فهو لا يخشى أن يفكر أتباعه فيه لأنهم إن فكروا به فسيزدادون إيمانًا، وإن لم يهتدوا إليه فالله أعلم بسرائرهم ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها .
وعليه فالردّة عن الإسلام / الكفر بعد الإيمان لا توجب قتل المرتد، وإنما يترتب عنها حرام يقع فيه هذا الذي كفر ، وهو اتجاه تدعمه الآيات القرآنية المؤصلة لحرية الاعتقاد ، ويؤيد ما اتجهنا إليه الشرط الذي وافق عليه النبي (ص) في صلح الحديبية من أنه إذا أسلم مشرك يعاد إلى قريش وإذا ارتد مسلم لا يعاد إلى المسلمين[29]
الهوامش
[1] انظر دراسة مفصلة حول النصوص القرآنية المؤصلة لحرية الاعتقاد في الفصل الأول من رسالتنا (حرية الاعتقاد في القرآن الكريم)، رسالة لنيل شهادة الدراسات المعمقة في أصول الدين / جامعة الزيتونة 1998 .
[2] الطبري : التفسير: 5/ 415 ، ت ، محمود أحمد شاكر ، ط. دار المعارف – مصر .
[3] أبي خيان ، التفسير : 2 / 281 ، ط 1، السعادة – مصر 1328هـ .
[4] ابن حزم ( أبو محمد على بن أحمد) ، المحلي : 11/ 195 ت : محمد أحمد شاكر ، المكتب التجاري – بيروت .
[5] ابن عاشور ، التفسير : 2 / 337 ، ط. الدار التونسية للنشر 1984 .
[6] انظر : الصعيدي (عبد المتعال) ، الحرية الدينية في الإسلام : 103 – 104 ط: 1، دار الفكر العربي – القاهرة .
– شلتوت (محمود) ، الإسلام عقيدة وشريعة : 301 ط : 2، دار القلم ، القاهرة
– صدقي (محمد توفيق)، الإسلام هو القرآن وحده ، مجلة المنار : 523 مجلد : 9 جزء 7، سنة 1907 .
[7] ابن عاشور ، التفسير : 2 / 335 .
[8] انظر : السيوطى (جلال الدين) ، الإتقان في علوم القرآن : 1 / 526 ط:3 دار ابن كثير – دمشق 1996 .
– البوطى (محمد سعيد رمضان ): مباحث الكتاب والسنة : 180، ط. جامعة دمشق – كلية الشريعة 1995.
[9] انظر : عضيمة (عبد الخالق) ، دراسات لأسلوب القرآن : 260 ، جزء : 3 ، قسم : 1 ، صفحة : 178، ط. جامعة الإمام محمد بن سعود – الرياض .
[10] انظر : جاويش (عبد العزيز) : الإسلام دين الفطرة والحرية : 181 وما بعدها ، ط. ديوان المطبوعات الجامعية – الجزائر – أثر القرآن في تحرير الفكر البشري : 32 وما بعدها ، ط. النهضة – مصر .
[11] انظر جاويش : الإسلام دين الفطرة والحرية : 187 .
[12] انظر : عمارة (محمد) ، حرية الضمير .. واختيار الروح – مجلة العربي : 127 – 128 -الكويت ، العدد : 470، كانون الأول 1998 .
[13] المقصود قصة اتهام السيدة عائشة – رضىالله عنها – بالفاحشة ، ونزول براءتها في القرآن (انظر أوائل سورة النور) .
[14] انظر تفصيل ما أجملناه في : ابن عاشور ، التحرير والتنوير : 2 : 336 ، أصول النظام الاجتماعي في الإسلام : 171 وما بعدها. محمد الغزالي ، حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة : 102 ط:1 المكتب التجاري – مصر 1963 . يوسف القرضاوي ، جريمة الردة وعقوبة المرتد في ضوء الكتاب والسنة : 56 ط:1 مكتبة وهبة . القاهرة 1996 . محمد سعيد رمضان البوطي ، الجهاد في الإسلام : 213 ط:1 دار الفكر – دمشق 1993 . بري (محمد زكريا) ، الإسلام وحقوق الإنسان – مجلة عالم الفكر : 111 – 112 . محمد عمارة ، حرية الضمير .. والاختيار – مجلة العربي : 129 . الديرشوي ( عبد الله) ، الرأي ومدى المسئولية عنه في التشريع الإسلامى : 64 وما بعدها، رسالة استكمال لدرجة الماجستير في الفقه وأصوله ، كلية الشريعة – الجامعة الأردنية 1410 – 1990 .
[15] العمر (تيسير) ، حرية الاعتقاد في ظل الإسلام : 349 وما بعدها . محمد فتحي عثمان ، من أصول الفكر السياسي الإسلامي : 240، ط:1 ، مؤسسة الرسالة – بيروت 1979 – الكيلاني (عدى زيد) ، مفايهم الحق والحرية في الإسلام والفقه الوضعى : 184، ط:1، دار البشير – عمان 1979 .
[16] حاول الدكتور البوطى عزو علة الحرابة في الردة إلى الحنفية نظرًا لمنعهم قتل المرتدة ، وهي محاولة غير دقيقة ، لأن الحنفية وضعوا عقوبة بديلة للمرتدة ، كما أنهم حكموا بقتل المرتد الذي لا تتأتي منه الحرابة كالشيخ الفاني ( انظر : الجهاد في الإسلام : 213 – 214) ومن ناحية أخرى فقد ناقض الدكتور البوطى نفسه في هذه النقطة حين اعتبر أن مجرد الإعلان عن الردة يعتبر حرابة ، فكيف يكون إعلان المرتدة عن الردة حرابة ، ومن ثم لا تقتل ، لأن الحرابة لا تتأتي من المرأة ، إلا إن كان رأيه تلفيقًا بين رأي الحنفية في الحرابة ورأي الجمهور في قتل المرتدة (انظر الجهاد : 213 ، وحرية الإنسان في ظل عبوديته لله عز وجل : 85 وما بعدها) ، والغريب أن الدكتور البوطى قد ضمن حديثه عن تجريم المرتد بجميع صوره باعتبار الردة حرابة بذاتها كلامًا يشعر بأنه يرى عقوبة الردة هي التعزير، وهذه عبارته حرفيًّا: (ونظرًا إلى أن مقاومة الحرابة أيًا كان مصدرها ، تحتاج إلى سياسة لا ينهض بمسئولياتها ولا يقدرها حق قدرها إلا الحاكم أو إمام المسلمين ، فقد كان النظر في أمر المرتد وسبيل القضاء على خطره عائدًا إلى ما يراه إمام المسلمين بثاقب بصيرته وإخلاصه لمصالح الأمة ، من حبس له أو تضييق عليه أو محاوره له في أمر الشبهات التي اعتمد عليها في ارتداده ، أو قتل له ، إن رأى ذلك) . الجهاد : 214 ، ثم عزا بعد هذه العبارة إلى كتاب الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام للقرافي ، وقد عدت إلى الكتاب فلم أجد فيه شيئًا فيما يخص الردة.
[17] انظر : البوطي ، الجهاد في الإسلام : 212 .
[18] انظر : عبدالحميد متولي ، مبادئ نظام الحكم في الإسلام : 305، ط:4، منشأة المعارف -الإسكندرية 1978 .
[19] انظر تعريفنا لحرية الاعتقاد صفحة : 15 من رسالاتنا : حرية الاعتقاد في القرآن الكريم ، حيث نرى فرقًا بين حرية الاعتقاد والحرية الدينية .
[20] يقول الدكتور جورج قرم : ( إن مذهب القرآن على قدركاف من الوضوح مضمونًا وصياغة ، ويفسح مجالاً واسعًا للتوازن بين حس الوحدة وبين الاعتراف بالتعددية التي شاءها الله نفسه منذ بدء الخلق) ؛ ( انظر له ، تعدد الأديان وأنظمة الحكم : 211) .
[21] انظر آراء هذا الاتجاه : محمد توفيق صدقى ، الإسلام هو القرآن وحده ، مجلة المنار : 523، م9 – ج7
– عبد المتعال الصعيدي ، الحرية الدينية في الإسلام : 103 وما بعدها ، وحرية الفكر في الإسلام : 73 . محمود شلتوت الإسلام عقيدة وشريعة : 301 – عبد الحكيم حسن العيلي ، الحريات العامة : 427 وما بعدها – محمد سليم العوّا ، في أصول النظام الجنائي الإسلامي: 50 وما بعدها ، ط. منشأة المعارف – مصر .
[22] محمد رشيد رضا ، تفسير المنار : 3 / 318، ط:2 ، دار المعرفة – بيروت .
[23] الشيخ الركابي ، خطاب المشروع الوحدوي بين الفكر والممارسة : 93 – 98، ط:2 دار علاء الدين – دمشق 1997 .
[24] أقطاب هذا الاتجاه هم : سيد قطب في كتابه (معالم في الطريق) ، وأبو الأعلى المودودي في كتابه ( الإسلام والجاهلية ) ؛ انظر : النيفر (احميدة) ، من الردة إلى الإيمان إلي وعى التناقض – مجلة دراسات إسلامية مسيحية : 8 ، عدد: 13 – 1987 .
[25] أقطاب هذا الاتجاه هم جمال البنا في كتابه : (حرية الاعتقاد في الإسلام ) ومحمد الطالبي في مقاله : (الحرية الدينية – نظرة إسلامية ) وهو ماتبناه د. أحميدة النيفر في مقاله : (من الردة إلى الإيمان إلى وعي التناقض – مجلة دراسات إسلامية مسيحية : 7 – 8) وقد نقلت عنه النسبة إلى البنّا والطالبي .
[26] انظر: العيني (بدر الدين) ، عمدة القارى شرح صحيح البخاري : 24 / 80 ، ط. دار إحياء التراث العربي – بيروت . نقلاً عن ابن الطلاع (404 – 497هـ) في أحكامه .
[27] انظر حول هذه الإثارات : رجب محمد عبد الحليم ، الردة في ضوء مفهوم جديد : 83 ، ط. دار النهضة العربية – مصر . محمد عمارة ، الإسلام والحروب الدينية : 24 وما بعدها ط. دار علاء الدين – دمشق . سعيد عبد الفتاح عاشور، أضواء على حركة الردة في الإسلام – مجلة عالم الفكر : 283 -الكويت م : 12 ، ع: 4 – 1982 .
– حاج عبد الرحمن إبراهيم ، الردة بين الحرية الدينية والتحريم الجنائي ، بحث تمهيدي في مرحلة الماجستير في كلية الإمام الأوزاعي – بيروت 1997 . إلياس شوفاني ، حروب الردة ط:1 دار الكنوز الأدبية – بيروت 1995 – آمال القرامي ، حرية المعتقد في الإسلام ، ط:1 مطبعة النجاح – الدار البيضاء 1997 – محمد نور فرحات – الإسلام وحرية العقيدة ، المجلة العربية لحقوق الإنسان :88 ، العدد: 5 / 1998.
[28] انظر : عبد المتعال الصعيدي : ، الحرية الدينية في الإسلام : 65 – عبد الحميد متولي ، مبادئ نظام الحكم في الإسلام : 307 .
[29] انظر : أبو محمد عبد الملك بن هشام ، السيرة النبوية : 2 / 317 ت: مصطفى السقا ، إبراهيم الأبيارى ، عبد الحفيظ شلبي ط:2، البابي الحلبي 1955 .