حوار

نواة الشورى والديمقراطية: رؤية منهاجية

العدد 91

تمهيد :

قد يبدو للوهلة الأولى أن موضوع هذه الندوة  الشورى والديمقراطية  ، قد قتل بحثًا وباتت ساحته لاتسمح بطروح جديدة ، وأن الغاية من المعالجة قاصرة على التذكرة بجملة من الثوابت التى ترسخت في أذهان الخاصة والعامة بخصوص العلاقة بين الشورى والديمقراطية كنسقين فكريين وكآليتين سياسيتين هامتين . إلا أن هذا ظن محض عار عن الصحة . ويمكن القول بأن التأصيل الدقيق لهذين المفهومين لم يتم الاقتراب منه بعد، على حد علمنا ، أو بالأحرى في رأينا ، كما أن ساحة البحث عن القاسم المشترك بينهما، بعيدًا عن النظرة الاختزالية السطحية ، لا تزال أرضًا بكرًا جديرة بأن تتوجه إليها جهود الباحثين.

ومن البديهي أنني لن أسعى في هذه الورقة إلى طرح محاولة لتأصيل دقيق لهذين المفهومين ، ولا إلى تجلية مستفيضة للقاسم المشترك بينهما ، بحكم عدم اتساع المقام لذلك . بل إنني سأحاول مس إشكالية سيولة هذين المفهومين ، ثم ألقى الضوء على نواة القاسم المشترك بينهما والتى تتمثل في : المشاركة . فلقد كثر الحديث عن هذين المفهومين والانتصار لأحدهما بلا تحفظ، ونبذ الآخر بلا هوادة دون اهتمام جاد بوضع ضوابط صارمة لبنائهما ، وبلا محاولة لرصد دائرة التقاطع بينهما ، أو البحث _ بالتعبير القرآني _ عن كلمة سواء بينهما(1) .

أولاً : مفهوم الشورى : ثمة حاجة في محاولة تحديد هذا المفهوم إلى رؤيته في السياق القرآنى الذي ورد به ، والسياق التطبيقي له على يد الرسول والصحابة . ودون دخول في تفصيلات لايتسع لها المقام ، تكفى الإشارة إلى ما يلي :

(1) السياق القرآني لمفهوم الشورى: وردت مادة الشورى في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع(2) :

( أ ) الموضع الأول : ورد لفظ  تشاور  في قوله تعالى { فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا}(3) في سياق يتعلق بتنظيم العلاقة التى لاتنفصم بين الزوجين بعد الطلاق : علاقة النسل الذي ساهم كلاهما فيه وارتبط كلاهما به ، وترتيب رضاع الطفل بعد الطلاق . وأرسى هذا النص آلية لترتيب تلك العلاقة بالرضا المتبادل والتشاور مع احاطتها بضوابط نصية وإيمانية(4) . والتشاور يشكل هنا إذن آلية لترتيب العلاقة في نسق مجتمعي لرعاية  القاسم المشترك  الذي يظل قائمًا رغم فض علاقة الزوجية، ومن الممكن الاستئناس بهذا النص في البحث عن كلمة سواء أو بالتعبير العصري  قاسم مشترك  يكفل إبراز ذاتية شتى أطراف العلاقات المجتمعية في كل أنساقها التي تحقق مبدأ التعددية ، وإبراز نقطة التلاقي التي تؤسس محور وحدة الهدف ، ومعنى ذلك أن محور  التشاور  هو تبادل الرأي بين فرقاء متمايزين في المصالح ويجمعهم في نفس الوقت قاسم مشترك تستدعي رعايته : التعاون واتخاذ قرار بشأنه بالرضا. ومعنى ذلك أن الشورى مفهوم : علاقي ، الاختلاف لا ينفي إمكانية تشغيله ، ولكنه مع ذلك لا يعمل كآلية إلا في ضوء سعي أطرافه لترتيب وضعية القاسم المشترك، ولا موضع فيه للإكراه في مرحلة الوصول إلى كلمة سواء ، ولكن القرار الذي يتم التوصل إليه يكتسب سلطة ويعدو مرجعًا حاكمًا للعلاقة ، وإلا اتسمت تلك العملية برمتها بالعبثية.

(ب) الموضع الثاني : وردت مادة الشورى بصيغة فعل الأمر في سياق السرد القرآني لخبرة غزوة أحد. فلقد أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم بشورى أصحابه وخرج للقاء العدو خارج المدينة رغم أنه كان يميل إلى لقائهم بالمدينة . ووسط التداعيات التي ترتبت على هزيمة المسلمين في أُحد جاء الأمر من الله لرسوله بالتأكيد على الشورى وبيان ضوابطها في قوله تعالى : {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُم وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ  يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}(5) ، ومن اللافت للنظر أن أمر وشاورهم في الأمر يأتي هذه المرة عقب لحظة تحرك فيها الهوى فخالف الرماة أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم وانخرطوا في جمع الغنائم فوقعت الهزيمة وساد نوع من عدم التناسق في الصف . وسياق الآية التي أوردنا نصها دليل على الحاجة إلى الشورى في كل الأحوال وبالأخص في حالة الانحراف العارض عن الجادة ، فالسياق هنا يتجه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وفي نفسه شيء من المسلمين فهم تحمسوا للخروج ، ثم اضطربت صفوفهم ، فرجع ثلث الجيش قبل المعركة , وخالفوا بعد ذلك أمره ، وضعفوا أمام إغراء الغنيمة , ووهنوا أمام إشاعة مقتله، وانقلبوا عدا نفر قليل منهم مهزومين(6) .

وتجلي هذه الآية الكريمة في سياقها هذا شروط تفعيل آلية الشورى: لين الجانب من ولي الأمر ، ونبذ الجفاء وغلظة القلب، (حتى لو كانت سلوكياتهم تستدعي شيئًا من ذلك) . فلا موضع لضيق الصدر في مواجهة الضعف البشري للمحكومين ، ولابد من ود يسع الجميع ، وحلم لا يضيق بجهل أحد . ولابد من شرط ثانٍ : العفو عنهم ، ولا يخفي أن العفو إنما يكون عن خطأ تأكد الحاكم من وقوعهم فيه ، وفي ذلك إخلاء للساحة من الشدة في المحاسبة التي كرست في زماننا هذا مقولة سلبية :  من يعمل يخطأ فيجازى ، ومن لا يعمل يسلم من الخطأ فيكافأ . والشرط الثالث : أن يتجاوز الحاكم العفو عما يملك العفو عنه إلى التضرع إلى الله أن يغفر لأتباعه ما لا يملك هو أن يغفره لهم .

وفي ظل هذه الشروط الثلاثة، وفي ضوء الملابسات المشار إليها ، يقرر القرآن مبدأ الشورى بالنسبة لولي الأمر حتى لو كان هو محمد صلى الله عليه وسلم المعصوم الذي يوحى إليه ولا ينطق عن الهوى(7) . وهذا النص القاطع لا يدع للأمة الإسلامية مجالاً على حد قول أحد المفكرين ـ للشك في أن الشورى مبدأ أساسي لا يقوم نظام الإسلام إلا به . أما شكل الشورى ، والوسيلة التي تتحقق بها ، فهي أمور قابلة للتحوير والتطوير وفق أوضاع الأمة وملابسات حياتها ، وكل شكل وكل وسيلة تتم بها حقيقة الشورى ، لا مظهرها ـ هي من الإسلام . ويأتي التأكيد على الشورى هنا مؤكدًا على أن ما أحدثته من إنقسام في أحرج الظروف لا يعفي منها ولا يقوم دليلاً على إمكانية الاستغناء عنها(8).

ولم يقف النص القرآني الذي بين أيدينا عند حد بيان شروط ما يمكن أن نسميه  بيئة تفعيل الشورى  بل تعدى ذلك إلى تحديد أمرين : لحظة الشـورى (تقليب أوجه الرأي واختيار اتجاه من الاتجاهات المعروضة) فإذا انتهى دور الشورى بـ(العزم) أي اتخاذ قرار ، دخلنا في مرحلة التنفيذ ، ولا موضع فيها إلا للحسم في التطبيق وعدم التردد مع التوكل على الله تعالى . فمشورة أي طرف غير ملزمة في مرحلة المداولة وتغليب الرأي كشرط لحرية الرأي ، ولا موضع للتراجع بعد اتخاذ القرار لأن ذلك مدعاة لعدم الحسم والتردد والفوضى ، ولابد من احتمال تبعة قرار الشورى بتنفيذه ، ولا يعنى ذلك التحصن المطلق للقرار ، بل يعني جعل موضوع الشورى هو مراقبة عواقب القرار في التطبيق العملي ، وليس إعاد المشاورة بصدد موضوعه قبل تطبيقه ، ولعل هذه المعالجة تبين أن من السطحية بمكان الزعم بأن الشورى معلمة أو بأنها ملزمة . فهي معلمة قبل اتخاذ القرار ، ملزمة معلمة معًا لحظة اتخاذه، ملزمة بعد اتخاذه .

(جـ) الموضع الثالث: وردت لفظة شورى في سورة تحمل اسم سورة  الشورى  تضم ثلاثًا وخمسين آية . ومن اللافت للنظر في هذا الموضع ما يلي :

* سورة الشورى مكية مما يؤكد محورية مفهوم الشورى بالنسبة للمجتمع وعدم اقتصاره على المستوى السياسي الخاص بالدولة . فلم تكن للإسلام دولة في مكة . ولابد بالتالي من إعادة النظر في إشكالية : هل الشورى معلمة أم ملزمة . فالشورى مفهوم علاقي تشمل أنساقه العلاقات المجتمعية بكل مستوياتها، فضلاً عن الدولة ، والأمة .

* النص الذي وردت به كلمة  الشورى  وهي قوله تعالى : {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}(9) ورد في سياق لابد من النظر إليه كبيئة محددة لمعالم هذا المفهوم في السياق القرآني . ذلك أن سورة الشـورى تتحـدث عـن هــذا المفهـوم في إطـار تقـريرها وحـدانية الله كمصدر للوحي ووحدة الوحي ووحدة العقيدة ووحدة المنهج والطريق ووحدة القيــادة في ظل العقيدة(10). وبتعبير آخر : لب الشورى ، هو إقامة جسور اتصال تحقق : الوحدة مع التعدد، حيث الوحدة رمز  لكلمة السواء  والتعدد تعبير عن التمايز بين البشر الذين سوى الله بنانهم بكيفية تجعل لكل منهم بصمة خاصة ، وجعلهم شعوبًا وقبائل ليتعارفوا، وأمرهم أن يكونوا كالجسد الواحد من جهة أخرى، الشورى إذن هي آلية المشاركة مع الإبقاء على التعددية والتمايز .

* يحدد هذا السياق  الشورى  كخصلة لا تقوم في فراغ ، بل كجزء من منظومة قيمية شاملة نسيجها هو : الإيمان والتوكل علي الله ، واجتناب كبائر الإثم والفواحش ، والمغفرة عند الغضب ، والاستجابة لله ، وإقامة الصلاة والانتصار من البغي والعفو والإصلاح والصبر ، ووسط هذه المنظومة تنتظم  الشورى  كسمة للجماعة المسلمة(11) . والتعبير بجعل أمرهم شورى بينهم يعني المشاركة ووجود قاسم مشترك لا مراء فيه أعم وأشمل من الدولة في حياة المسلمين . ولعل في اختتام آية الشورى هذه بقوله تعالي {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} تأكيد على ندب الإسلام للمشاركة ودعمه لأسباب التواصي بما في ذلك : الإنفاق، الفكرة بعدم البخل بالنصيحة، والتعاون على الأمر بالمعروف والقيام على أمر الأمة بما يصلحه ، وغرس فضيلة الاهتمام بفروض الكفاية ،  فمن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم (12) .

ويستشف من هذه القراءة السريعة للسياق القرآني لمفهوم (الشورى) ، أنه مفهوم علاقي يتجسد في سلوك ، ويتعلق بظاهرة تابعة بمعنى أنه يتأثر بنوعية أطرافه وبالبيئتين المادية والفكرية له وبالظروف الموقفية , وهو في التحليل الأخير : آلية للتوصل إلى قرار  إلى كلمة سواء  عبر الرضا والمشاركة(13) على أساس أن الحقوق تتأسس على التكليف والمسؤولية ، وأن لا تكليف بلا حرية ، وأن الحريات العامة سبل ووسائل لتحقيق مقاصد الشريعة في حفظ : الدين والعقل والنفس والمال والعرض ، والسلطة العامة وجوهرها هو: المصلحة العامة الراجحة للأمة . وأسمى أنساق تلك السلطة هو : الإجماع، أو بلغة أخرى : سلطة الأمة ، وأحكام الشريعة الإسلامية هي صاحبة السيادة في الدولة الإسلامية ، وكل أفراد الأمة في منزلة واحدة أمام الشرع(14).

2- مفهوم الشورى في التطبيق : يجلي تطبيق النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الدلالات التي ينبغي التركيز عليها في بناء رؤية صحيحة لهذا المفهوم، ولقد أشار الحافظ ابن كثير في معرض حديثه عن الشورى إلى أن النبي كان  يشاور أصحابه في الحروب ونحوها ليطيب بذلك قلوبهم . وهكذا لما حضرت عمر بن الخطاب الوفاة حين طعن جعل الأمر بعده شورى في ستة نفر وهم : عثمان وعلي وطلحة والزبير وسعيد وعبدالرحمن بن عوف رضي الله عنهم فاجتمع رأي الصحابة على تقديم عثمان عليهم(15) .

ولا يتسع المقام لتقديم تحليل سياسي لمقولة ابن كثير التي اقتبسناها أعلاه بنصها، ناهيك عن إيراد نماذج تطبيقية أخرى ، وتكفي الإشارة إلى الخطوط العريضة التالية :

(1) أن الرسول صلى الله عليه وسلم استن تطبيق الشورى كوسيلة لتحقيق التوافق المجتمعي المعبر عنه بتطييب القلوب ، ولو كان عليه الصلاة والسلام يستمع لآراء الصحابة ثم لا يلتزم بها لما طابت نفوسهم ولما كان للشورى من جدوى .

(2) الموقف الذي اختصه ابن كثير بالذكر في معرض تطبيق الصحابة للشورى يوضح أن المنظومة الفكرية لهذا المفهوم تشمل ما يلي :

(أ) الشورى آلية للتوصل إلى توافق في الرأي بخصوص اختيار البديل الأمثل من بين عدة خيارات مطروحة . فلب الشورى هو المشاركة في صنع القرار السياسي .

(ب) الشورى تستوجب وضع ضوابط محددة لتطبيقها حسب الاعتبارات الموقفية . فلقد امتنع عمر عن إثارة مسألة كيفية اختيار خليفة له وهو في مكة لغلبة العامة وإمكانية فهم كلامه علي غير وجهه . وأكد على : جواز الاستخلاف وعدمه ، واتخذ ما يلزم لمنع افتتان المرشح بنفسه أو افتتان الأمة بصلاحه ، وأكد على مبدأ صفوية الشورى بالنسبة للقضايا الدقيقة والحساسة على أن تلي المداولات التي تتم في المرحلة الأولى شورى عامة تشمل الأمة كلها ، وجعل الحكم للأغلبية في حسم قضية الشورى ، وأقام عنصرًا محايدًا في عملية الشورى ، وحدد أمدًا للتوصل إلى قرار ، وكفل للقرار الذي يتم التوصل إليه النفاذ في مواجهة من أيده ومن عارضه .

(جـ) الكيفية التي نفذ بها الستة تعليمات عمر أكدت مرونة الشورى وإمكانية ابتكار آليات حسب الموقف لتطبيقها ، حيث عرض الزبير التنازل عن حقه لعلي , وعرض عبدالرحمن فكرة خلع نفسه على أن يتولى الإشراف على عملية الشورى . وكان على بن أبي طالب ثاني من بايعوا عثمان بعد مبايعة عبد الرحمن له(16) .

ثانيًا : مفهوم الديمقراطية :

إذا كان الإسلاميون قد ادعوا الاختصاص بالشورى ، فإن الديمقراطية هي المفهوم الذي ادعت جل اتجاهات الاختصاص به دون غيرها ، كما لم يعدم من هاجمه بلا تحديد لمضمونه بأكثر من ذلك الشعار الفضفاض (حكم الشعب بواسطة الشعب لصالح الشعب)، فلقد انتحلت أشد النظم السياسية مركزية واستبدادًا وصف  الديمقراطية  ، تمامًا كما تطلقها البلدان الغربية على نفسها وكذلك بلدان العالم الثالث . ونادرًا ما اهتم أحد بإبراز أن الديمقراطية لا تعدو أن تكون آلية سياسية لنظام الحكم ، ولا تشكل أبدًا القيمة العليا الحاكمة له ، أو الفكرة الأم المؤسسة للنظام، وبتعبير أوضح : تتحكم الليبرالية في الغرب في الديمقراطية كمفهوم وكآلية للتطبيق(17) ، في حين تشكل فكرة السعي إلى استئصال الملكية الخاصة على مرحلتين محور الديمقراطية المركزية القائمة على ديكتاتورية طبقة عمالية أو فلاحية(18) . وسنكتفي هنا بالإشارة إلى أركان ومقومات الديمقراطية بمدلولها الغربي . والركن هو ما كان لازمًا لوجود الشيئ ويشكل جزءًا من حقيقته، والشرط هو ما كان لازمًا لوجوده ولكنه لا يشكل جزًْا من حقيقته .

1- أركان الديمقراطية : يرى البعض أن للديمقراطية ركنان :

(أ) الاعتراف بمبدأ سيادة الشعب واشتراكه في الحكم ، فهي – لغة – حكم الشعب أي سيادة الشعب باعتباره المصدر الوحيد لكل السلطات وصاحبها، وتتجسد في صور ثلاث للمشاركة الشعبية : الديمقراطية المباشرة، والديمقراطية النيابية (بأنواعها الثلاثة : البرلماني والرئاسي ونظام الجمعية) والديمقراطية شبه المباشرة(19) .

(ب) الحرية والمساواة : بأن تقف السلطة الحاكمة على الحياد ولا تتدخل في تنظيم ممارسة الأفراد لحرياتهم إلا بالقدر الذي يكفل عدم التصادم بين من يمارسون حرياتهم ، إلا أن بعض الأنظمة تعدت المساواة القانونية بين المواطنين إلى التدخل الإيجابي لتحقيق المساواة الفعلية، وأضافت الحريات الاقتصادية والاجتماعية الفردية والجماعية إلى الحريات السياسية ، كالحقوق المعترف بها للأسرة والحقوق النقابية(20) . وقبل الانتقال إلى مقومات الديمقراطية نود رصد الملاحظات التالية :

– أركان هذا المفهوم فضفاضة وقابلة للتضييق والتوسيع.

– الفلسفة الحاكمة لبيئة تطبيق مفهوم الديمقراطية هي الفيصل في تحديد محتواه . ذلك أن المفاهيم كالكائنات الحية تتأثر بالبيئة التي تعمل فيها سواء المادية أو الفكرية .

– أن اعتبار السيادة الشعبية مرادفًا لمفهوم (حكم الشعب) بحاجة إلى مراجعة . فالسيادة في الحقيقة ملك للمنظومة الفكرية التأسيسية التي يعبر عنها عادة بروح الأمة أو دستورها . فكلمة (حكم الشعب) لابد أن تستدعي تساؤلات كثيرة منها : أي شعب ؟ الموجود حاليًا فقط أم الذي وجد والموجود والذي سيوجد في مكان ما ؟ هل من حق الشعب عدم احترام أية ثوابت ؟ هل صاحب السيادة هو الشعب بمفهومه الاجتماعي (كل السكان) أم بمفهومه السياسي (من يمارسون الحقوق السياسية فحسب)؟ وإذا كانت النخبة والبيروقراطية، والأحزاب السياسية البيروقراطية والشركات المتعددة الجنسيات ، والمؤسسات الإعلامية الضخمة ، قد أصبحت هي التي تحكم ، فهل لا يزال هناك متسع للقول بأن الديمقراطية – في التطبيق هي حكم الشعب لنفسه لصالح نفسه ، وأن الحكم مرادف للسيادة ؟

2- مقومات الديمقراطية : ليس ثمة اتفاق بين الباحثين علي تحديد مقومات الديمقراطية ، فالبعض يركز على عدة مقومات والبعض الآخر يركز على مقومات أخرى حسب طبيعة الدراسة . ومن أبرز المقومات التي يشير إليها الباحثون عادة المقومات التالية(21) :

أ- مبدأ الفصل بين السلطات ، وحكم الأغلبية .

ب – تعميق ورعاية حقوق الترشيح والانتخاب والاستفتاء.

جـ – الارتقاء بقواعد تأطير القوى السياسية(22) .

د- تعزيز وعي القوى السياسية .

هـ – السعي إلى تحقيق التمكن الاقتصادي .

ز- التوظيف الديمقراطي لثورة الاتصال والمعلومات .

ح- مسايرة المستجدات واستيعابها.

ونحن نميل إلى عدم الفصل بين أركان الديمقراطية ومقوماتها ، ونرى أنها تتمحور حول مقومات أربع : مبدأ حكم الشعب لنفسه والمساواة ، وحكم الأغلبية ، والفصل بين السلطات .

وخلاصة ما سبق أن الشورى والديمقراطية هما في التحليل الأخير آليتان سياسيتان قابلتان للتشغيل بطرائق وأشكال متعددة ، وهما محكومتان بنسق قيمي ، ولكنهما هما في ذاتيهما لا تعدوان أن تكونا جهدًا بشريًا لتحقيق التوافق على صعيد كافة الأنساق المجتمعية وعلى صعيد الدولة . ومن المغالاة بالتالى القول بأن الشورى ذات أصل مقدس أو أن الديمقراطية تستند إلى مرجعية بشرية وضعية محضة . وبالتالى فإن كلتا هاتين الآليتين قابلة للتطبيق في أي مجتمع بشرط احترام مرجعيته التأسيسية ، أي النسق الفكرى الدستورى الحاكم للممارســة السـياسية(23). العلاقة إذن بين الشورى والديمقراطية ليست علاقة تصادم ، كما أنها لاتصل إلى حد التطابق إلا في حالة تماثل المرجعية التأسيسية ، ولا تصل إلى حد التعارض المطلق إلا في ظل فرضية نظرية هي : إنعدام القاسم المشترك ، ولما كانت الفطرة البشرية سوية في أصلها ، والإنسان مكرم حيًا وميتًا بحكم إنسانيته بصرف النظر عن أي اعتبار آخر ، فإن تصور إنتفاء القاسم المشترك بين هاتين الآليتين غير متصور . ودعونا نفترض أن جوهر الشورى والديمقراطية معًا هو : المشاركة في تدبير كل ماله علاقة بأمور المعاش الدنيوية فالقاعدة أنه لا اجتهاد مع نص ظاهر قطعي الدلالة ، تجعل مجال الشورى هو الاجتهاد البشرى في تطبيق النصوص مع قابلية ذلك الاجتهاد للنقد والمراجعة ، وكذا الاجتهاد فيما ليس فيه نص من أمور دنيانا . ومجال الديمقراطية هي الأخرى هو تنظيم العلاقات الدنيوية.

ثالثًا : المشاركة السياسية :

للمشاركة معان قاموسية تشمل : الدخول في الشئ وتكوين جزء منه بأشكال عديدة بعضها قسرى وبعضها عفوى أو طوعي(24) . ومن الشائع النظر إلى المشاركة على أنها فعل نابع من إرادة حرة . إنه يعني المساهمة من جانب أطراف علاقة تضيق أو تتسع في تنظيم وصياغة وتنفيذ شتى المشروعات المتعلقة بالصالح المشترك الجامع بينهم ، وفي تعزيز ذواتهم (التعددية بكل صورها وأشكالها) ووحدة نسيجهم (فكرة البناء الواحد أو الجسد الواحد) .

والمشاركة السياسية هي بوجه عام : الأنشطة الإرادية التي يزاولها أعضاء المجتمع بهدف اختيار حكامهم وممثليهم والمساهمة في صنع السياسات والقرارات بشكل مباشر أو غير مباشر .

وسنكتفي هنا بالإشارة إلى مقومات المشاركة السياسية كجوهر للشورى والديمقراطية ، مع ضرورة تذكر أن لهذا المفهوم أبعاد إجتماعية ثقافية اقتصادية إعلامية تصب في التحليل الآخير في بوتقة القاسم المشترك بين الديمقراطية والشورى، ولكن المجال لايتسع لرصدها وتحليلها . وتتمثل مقومات المشاركة السياسية فيما يلي(25) :

* لامركزية السلطة .

* تفويض السلطة .

* مراقبة السلطة .

* تداول السلطة .

ومن الشواهد على محورية توفر هذه المقومات الأربع في الديمقراطية والشورى:

أ _ لامركزية السلطة : ليس الأمر بالشورى مقصورًا على الحكام ولكنه موجه في الوقت نفسه إلى الجماعة بكاملها ، أى المجتمع في شتى علاقاته الرأسية والأفقية . ويقول الحسن بن علي  علم الله أن نبيه ليس بحاجة إلى مشورة ولكنه أراد أن يستن به من بعده . واشتراك الأمة في الشورى قاعدة أساسية في الإسلام . ,لما كانت الشورى تحتاج إلى معرفة وقدرة على الاستنباط فإن الطابع النخبوي للشورى في المسائل الدقيقة قائم بالنسبة للشورى والديمقراطية معًا ، مع توسيع نطاق الشورى وحرية إبداء الرأى لتشمل الأمة كلها . ومن المقومات الأساسية لتعزيز الشورى في الإسلام والجمع بين مزايا المركزية واللامركزية : صلاة الجماعة والجمع ومؤتمر الحج السنوى وغيرها(26). وتحقق الديمقراطية ، أو بالأحرى تسعى إلى تحقيق اللامركزية ، حيث يشارك الشعب كله في السلطة في ظل الديمقراطية المباشرة أو الديمقراطية شبه المباشرة ، كما يشارك عن طريق نوابه وبطرائق شتى في ظل الديمقراطية غير المباشرة .

ب _ تفويض السلطة : أصبح المجتمع والدولة ظاهرتين بالغتي التعقيد الآن بحيث تستحيل ممارسة كل فرد في المجتمع السلطة بنفسه . وبات من الضرورى اللجوء إلى تفويض السلطة ، بمعنى إنابة البعض في ممارستها وفق ضوابط ومحددات معينة ترتبط بالزمان والمكان . وتفويض السلطة في ظل آلية الشورى واضح تمامًا في التجربة العمرية السابق ذكرها . وتفويض السلطة في ظل كل الأنظمة الديمقراطية بدهية غنية عن البيان .

جـ – مراقبة السلطة : ترتكز الشورى كسمة إساسية لنظام الحكم في الإسلام على مجموعة من وسائل مراقبة السلطة ، تشمل : ضمان حق مراجعة الحكام مع تقديم صيغة للمعارضة مع السمع والطاعة في المعروف ، وإسناد مهمة تقويم الحكام إلى أهل الحل والعقد في المقام الأول ، واعتبار الشورى لازمة مع مراعاة ألا تفوت إتخاذ القرارات السياسية بالسرعة المطلوبة ، وإرساء قاعدة نقض القرار إن لم يتأسس على شورى تتناسب مع درجة عموميته والتسليم بحق المساءلة المتبادلة بين الحاكم والمحكوم مع وضع ضوابط لأداء المعارضة السياسية في مراقبة الحاكم ، وحظر احتجاب الحكام المحليين عن الرعية ويتيسر قدرة الرعية على توجيه الاتهامات لهم وتشجيع الوجهاء علي نقل شكاوى الرعية وطلباتها ، وتوسيع مهمة البريد الرسمي كقناة لنقل مطالب الأمة والرقابة الشعبية علي السلطة(27) .

أما عن مراقبة السلطة كأحد سمات الديمقراطية فتتجلى في أمور كثيرة نذكر منها : الاستفتاء الشعبي والاعتراض الشعبي والرقابة الدستورية والقضائية والشعبية والفصل بين السلطات .

د – تداول السلطة : من الأوهام التى يرددها البعض أن الخليفة نائب عن رسول الله . والصحيح أن أساس الخلافة البيعة ، والخليفة نائب عن الأمة. واختياره مسألة رأى ومشورة . ودليل ذلك أن المسلمين سموا عمرًا خليفة خليفة رسول الله ، فقال عمر  إن هذا يطول  بمعني الحاجة إلى ضم كلمة خليفة إلى اللقب مع كل خليفة جديد . ولو كان الخليفة نائبًا عن الرسول لما كان هناك محل لإطالة اللقب. والمسلمون بتسمية خليفتهم  أمير المؤمنين  نفوا عنه أن يكون خليفة الله أو خليفة نبيه ، وأكدوا أنه وكيل عن الأمة ونائب عنها بموجب عقد مبرم بين أهل والحل والعقد والأمة والخليفة ومحكوم بالقرآن والسنة .

ويؤكد ذلك بجانب تقرير حق الخليفة في الاستقالة وحق الأمة في عزله مبدأ تداول السلطة في النسق الأعلى لمنظومة الخلافة . أما في الأنساق الأدنى من السلطة فإن الصحابة كرسوا مبدأ تداول السطة وصاغوا جملة من القواعد الكفيلة باستقرار السلطة وتداولها في آن واحد .

خلاصة عامة : يتضح من المعالجة السابقة أن العلاقة بين الشورى والديمقراطية جوهرها هو المشاركة . وربما يتسنى بتحليل المشاركة كمفهوم شامل متعدد الأبعاد ، وتحليل مفهومي الشورى والديمقراطية كآليتين سياسيتين مرنتين في أشكالهما وأساليبهما الخروج من دوامة رفض إحداهما ، أو الظن بإستحالة الجمع بينهما ، أو الخلط بين استيراد الطرائق والأساليب الديمقراطية وبين إحلال المنظومة القيمية الغربية محل المنظومة القيمية الإسلامية كإطار مؤسسي حاكم لتلك الطرائق والأساليب، وقد يعفينا ذلك أيضًا من الجدل العقيم الذي يفرغ الشورى من محتواها بالزعم بأنها غير ملزمة بإطلاق أو معلمة بإطلاق . فالقول بأنها ملزمة في كل مراحل صنع القرار السياسي مرادف للاستبداد والتعطيل إذ لابد أن ينفسح المجال أمام اختيار بديل من بين عدة بدائل ، وتبني رأى من بين عدة آراء ، والقول بأنها  معلمة  بعد اتخاذ القرار يعني الشلل السياسي واستحالة الحزم . وينبغي أن يكون السؤال المحوري المطروح ليس : أيهما أفضل الشورى أم الديمقراطية فذلك طرح متحيز ويتضمن مغالطة عفوية أو مقصودة . والسؤال الجدير بالبحث عن إجابة له : ماهي المرجعية والضوابط الحاكمة لكل من الشورى والديمقراطية ؟ وعندها تغدو المقارنة ممكنة ، والقبول والرفض واردين، والبحث عن  الكلمة السواء  بين المفهومين ميسرًا .

والحمد لله رب العالمين .

(1) أرشد القرآن الكريم إلى أهمية البحث عن كلمة سواء (قاسم مشترك) بين المتمايزين لتحديد أساس لتنظيم العلاقة بينهم يقول تعالى: { قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم } ( آل عمران : 64).

(2) انظر : محمد فؤاد عبدالباقي : المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم ، القاهرة: دار الريان للتراث، 1987، ص391.

(3) البقرة : 233 .

(4) سيد قطب : في ظلال القرآن الكريم ، القاهرة : دار الشروق ، ط13، 1987، المجلد الأول ، ص233، 253 .

(5) آل عمران : 159 .

(6) سيد قطب : مرجع سابق ، جـ1، ص500 .

(7) جمال البنا، د. حسن العناني ، القيم المعنوية المشتركة: أزمة الإدارة في العصر الحديث، والحل الإسلامي لها ، القاهرة ، المعهد الدولي للبنوك والاقتصاد الإسلامي ، 1982 .

(8) سيد قطب ، المجلد الأول ، ص501 .

(9) الشورى : 38 .

(10) سيد قطب : المرجع السابق ، المجلد الخامس ، ص3137.

(11) راجع سورة الشورى : الآيات 36 – 43 .

(12) راجع مفهوم الأمر في السياق القرآني في : السيد عمر، الدور السياسي للصفوة في صدر الإسلام ، رسالة دكتوراه ، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ، 1991، ص76 _ 79 ، والذي خلص فيه إلى أن ذلك المفهوم مرادف قرآني للفظ (السياسة) ويعني : السعي عبر التكافل العام إلى رعاية مجموع الأوامر التكليفية وفقًا للشرع الإسلامي محددًا بذلك المجال العام للشورى.

(13) لب (الكلمة السواء) هنا هو مقتضيات تشمل : عبادة الله وسلوك المكلف في سبيل الله في كل ما يعن له ، والتواصي بالحق والصبر ، والقيام المعاشي وإعداد القوة والخلافة والتمكين في الأرض . انظر المرجع السابق ، ص87 _ 92 .

(14) المرجع السابق ، ص103 .

(15) أبو الفداء إسماعيل بن كثير ، تفسير القرآن العظيم ، نشره : أسعد طرابزوني الحسيني ، القاهرة ، د.ت، جـ4 ص119. وكان للرسول صلى الله عليه وسلم مجلس شورى مكون من أحد عشر صحابيًا هم حمزة وجعفر وأبو بكر وعمر وعلي وابن مسعود وعمار وحذيفة وأبو ذر والمقداد وبلال . انظر : منير العجلاني ، عبقرية الإسلام في أصول الحكم ، دمشق ، مطبعة النضال ، د.ت: ، ص75 .

(16) راجع تحليلاً سياسيًا مفصلاً لكيفية تطبيق الصحابة لآلية الشورى في هذا الموقف في مراحل : الإعداد للشورى ، وتطبيق الشورى ، وما بعد اتخاذ القرار في : د. السيد عمر ، الدور السياسي للصفوة في صدر الأسلام ، القاهرة : المعهد العالمي للفكر الإسلامي ، 1996، ص59 – 71 .

(17) انظر في تأصيل الليبرالية الغربية من خلال تحليل أعمال توماس هوبز، وجون لوك، وجان جاك روسو، وبارون دي مونتسكيو، وإدموند بيرك، وهيجل وجون ستيوارت ميل ، د. حورية توفيق مجاهد ، الفكر السياسي من أفلاطون إلى محمد عبده، القاهرة : مكتبة الأنجلوالمصرية، 1986، ص354 ، 465.

(18) محمد قطب ، مذاهب فكرية معاصرة ، القاهرة ، دار الشروق ، ص178 – 182 ، ص410 – 414 .

(19) د. محمد مرغني خيري، النظم السياسية ، القاهرة : مطبعة جامعة عين شمس ، 1985 ، ص169 _174 .

(20) د. محمد مرغني خيري ، مرجع سابق ، ص214 .

(21) استخلصنا هذه المقومات من دراسة غير منشورة للدكتور السيد عمر بعنوان  البيئة الداخلية والعملية الديمقراطية في عهد مبارك : استندت إلى رصد المقومات الواردة في : د. محمد خيري مرغني ، مرجع سابق ، ص215 – 244، تقرير التنمية البشرية لعام 1992، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ، نيويورك ، مطبعة اكسفورد، 1992، ص27 _ 30 ،

Michael Margalis, Viable Democracy, Penguin Books Ltd. 1977, PP. 122-123. & PP. 164-181 & Richard W. Poston, Democracy Speaks many tongues, Newyork, Harber & Row, PP. 32-35 .

(22) المراد بتأطير القوى السياسية هنا ، اتاحة الفرصة لكافة المواطنين للانتظام في أطر شرعية تسعى إلى الإمساك بالسلطة أو الضغط عليها أو التعاون معها لخدمة مصالح معينة مشروعة .

(23) أشار صمويل هانتجتون مؤخرًا إلى أمرين أن الذي يجعل الغرب  غربيًا  هو جملة ثوابت تتمثل في : التراث الكلاسيكي والمسيحية الغربية واللغات الأوربية وحكم القانون والتعددية والمجتمع المدني والفردية والأجهزة النيابية ، وأن الثقافة الغربية فريدة بحكم هذه المدخلات وبالأخص بإعتبار المدخلين الديني واللغوي ، وأن الاتجاه إلى الوعي من جانب كل مجتمع غير غربي بخصوصيته اللغوية والدينية والثقافية آخذ في الاطراد مع التحديث .

انظر : Samuel P. Hantington, The west Unique Not Universal, Foreign Affairs, Nov. Dec.1996, Vol. 75, No. 6 PP. 28 – 35 .

(24) عرّف قاموس أكسفورد المشاركة بأنها : المساهمة في معاناة شخص ما، أو في عمل أو مؤامرة ما . انظر :

A.S. Harnly, Oxford advanced learner’s dictionary p.620-621.

ومعنى ذلك أن هذا المفهوم قابل لأن يكون ذا مضمون إيجابي أو سلبي ، وهو بحاجة بالتالي إلى ضوابط تحقق استقامته. انظر أيضًا : د. السيد عليوة، مبادئ علم السياسة، القاهرة 1995م ، ص 246 .

(25) للتوسع في دلالة المشــــاركة السياسية وصورها ومحدداتها وآثارها ، وآليات قياسها ، انظر د. السيد عليوه : مبادئ علم السياسة (القاهرة  1995) ص 345 _ 349 ، 399 _ 410 .

(26) د. شمس مرغني علي ، القانون الدستوري ، القاهرة : عالم الكتب ، 1978 ، ص 91 _ 95 .

(27) انظر في تفصيل ذلك : د. السيد عمر ، الدور السياسي للصفوة في صدر الإسلام ، العهد العالمي للفكر الإسلامي ، 1996 ، ص 148 _ 165 .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر