حوار

وجهة نظر في المجلة

العدد الافتتاحي

كلمة أكتبها مع ظهور هذه المجلة . أطرح فيها رأيا أراه في هدفها ومنهجها .. ولا أعده شأنا من شئون هيئة التحرير وحدها .. يبحثونه حول مائدة في غرفة مغلقة .. وإنما هو عندي أول الأمور التي تطرح للقراء فيسهمون فيها بالبناء والتطوير … يوما بعد يوم ..

فأنا أريد هذه المجلة واضحة الأهداف … محددة المنهج ..

وأريدها مجلة متخصصة..

ليست لكل الناس … فهي مجلة إسلامية ..

وليست لكل المسلمين .. فهي مجلة التحرك الإسلامي الرائد في كل مكان ..

وليست لكل من يحمل بطاقة انتماء لحركة أو جمعية أو حزب إسلامي ..

فهي تخدم فئة واحدة من بين هؤلاء جميعا…

فئة الباحثين عن الحقائق .. لا يعميهم تعصب لانتماء معين..

فئة الدراسين لأحداثهم وأحداث جماعاتهم. ماضيها وحاضرها ومستقبلها… دراسة موضوعية .. لاهرطقة غوغائية ..

فئة الناقدين للمناهج . بحثا عن المنهج الذي يواجه صواريخ العصر الموجهة… فئة الباحثين عن استراتيجية تظل العمل الإسلامي وتخطط له..

أريدها مختصه بذلك ..

ولا أريدها فكرا يناقش النظرية الإسلامية .. فلذلك مجالات أخرى كثيرة …

وإنما هي خبرة تناقش التطبيق .. وليس هناك مجال آخر سبقها في ذلك …

فليست مهمتها فيما رأى أن تبحث في العدالة الاجتماعية في الإسلام …

ولا في النظام المصرفي اللاربوي … ولا ما يتصل بذلك من نقل أو اجتهاد ..

وإنما أريدها أن تستفز العلماء للاجتهاد .. وأن تدعو لرسم الطريق العلمي العملي ليصب اجتهاد المجتهدين في قناة واحدة, تروي رقعة الفقه الإسلامي المعاصر .. وليست مهمتها عندي أن تتحدث عن الجهاد في سبيل الله … عن مشروعيته وأحكامه وآدابه .. فهي لن تأتي في ذلك كله بجدية…

وإنما أريدها أن تجيب على تساؤل آلاف المخلصين من أبناء الإسلام في هذا العصر. أين يوجهون طلقات بنادقهم؟ … وكيف يحمون ظهورهم من طلقات الآخرين؟.

ولا أتصورها تحدثنا عن روائع تاريخنا الإسلامي … وعن بطولة أجدادنا المسلمين.

وإنما أريدها أن تفتح بابا للحوار حول أقصر الطرق وآمنها لبناء بطولات جديدة من بين حشود أبنائنا وأحفادنا .. وسط عالم يناصبنا العداء …

وليست مهمتها فيما أرى أن تكتب عن أوضاع العالم الإسلامي , باكية شاكية من احتلال أراضه, ساخطة ناقمة على استبداد حاكمية , ولا أن تتناول أحداثه يوما بعد يوم بالتحليل والتعقيب … فليس هذا مجالها … وإنما أريدها أن تنشغل بحشد آلاف الساخطين والناقمين والمحللين والمعقبين, حول مائدة فكرية واعية …

مائدة لا تبحث في حلول المشاكل … ولكنها تضع تصميما لأدوات الحل.

وحل مشاكل عالمنا المستباح المتخلف – على أهميتها – لا تعدو أن تكون صناعة استهلاكية خفيفة… لا تقوم ولا تستمر بغير قاعدة راسخة من الصناعة الثقيلة ..

وما أكثر الذين يقدمون لنا الخبز اليومي على صفحاتهم … ولكن ما أقل الذين يصنعون الأفران …

رسالة هذه المجلة عندي أن تجمع العقول وأن تتيح لها الحوار في ندوة ممتدة في الزمان والمكان …

وليست مهمتها أن تفكر نيابة عن الآخرين ..

فلن ينفع الدائرين في دوامة النشاط الإسلامي بغير وعي أو تخطيط … أن يفكر لهم أحد سواهم…

ولن يشفع للمتدثرين بدفء حكايات الماضي وأحلام المستقبل من المحاربين القدماء .. أن يفكر لهم أحد سواهم.

ولن يجزئ عن المترقبين المتطلعين إلى فكر جديد في حقل العمل الإسلامي أن يفكر لهم أحد سواهم…

ورسالة هذه المجلة, كما أرى, أن تستنبت الأفكار عند هؤلاء وهؤلاء جميعا, وأن تمهد لها التربة .. وأن تيسر لها روافد الري الدائم … وأن تضمن لها نسمة الهواء وشعاع الشمس.. حتى تورق وتشرف على الإثمار..

وأحسب القارئ لكلمتي هذه, يخشي ألا ترى النور طويلا, مجلة هذا شأنها .. وتلك طبيعة أبحاثها .. وأن لا بد وتمتد إليها يد الباطشين … وأشاركه هذه الخشية ..

وأتوقع لها العقبات … والنكبات .. وقد تمر بها أعوام لا تجد أرضا تمنحها بطاقة انتساب … أو هوية موطنه … فتنتقل من مخبأ إلى مخبأ تحت جنح الظلام…

ولكن من يدري …؟

فقد يأتي اليوم الذي يطلبها فيه مئات الآلاف… ويستضيء بفكرها بضعة ملايين. من الذين وضعوا أرواحهم على أكفهم … وحملوا أكفانهم على كواهلهم وما أقعدهم إلا إفلاس في الفكر وعقم في التخطيط.

من الذين أتخمتهم الكتب الإسلامية… والصحافة الإسلامية… بما يعرفون وما يحفظون… ومازال السؤال على شفاههم , أجل نعلم ذلك ونؤمن به .. ولكن … كيف السبيل ..؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر