البنوك
1-منذ أكثر من ربع قرن رفعنا شعار أن البنوك الإسلامية ” وجدت لتبقى”….
كان ذلك في مواجهة المراقبين الذين كانوا يظنون – مع كل مشكلة أو عقبه تقابلها البنوك الإسلامية – أنه قد آن لها ان تغلق أبوابها وتصبح قصتها قطعة من التاريخ، ولكن ذلك لم يحدث، بل حدث عكسه تماماً؛ إذ ازداد عدد البنوك الإسلامية، وازداد حجم ودائعها، واضطرت بعض البنوك التقليدية في العالم السلامي
، بل وبعض البنوك العالمية إلى فتح شبابيك أو فروع أو حتى بنوك تابعة تتعامل بطريقة البنوك الإسلامية، لا اقتناعاً منها بهذه الطريقة، وإنما لمجرد جذب الودائع من المسلمين ومن البلاد الإسلامية. بل أقول أكثر من ذلك: إنه إذا كان البعض يعتبر ذلك نجاحاً للبنوك الإسلامية فهو في الحقيقة ليس نجاحاً لإدارات البنوك الإسلامية بقدر ما هو نجاح للمودعين في حرصهم على البعد عن المعاملات الربوية ورعاً وتمسكاً بقيمهم الدينية.
2-وكون البنوك الإسلامية وجدت لتبقى لا يعنى ثباتاً على شكل معين أو صورة معينة أو صيغة أو آلية معينة، فهذا الشكل وهذه الصيغة ليسا من احكام الدين بل هي اجتهادات معاصرة لإيجاد بديل عن المعاملات المصرفية القائمة على صيغة القرض بفائدة، تلك الصيغة التي مارسها اليهود من قديم رغم تحريم التوراة لها والتي حاربها السيد المسيح والإسلام من بعده، ومع ذلك ظل اليهود يمارسونها وطوروا هذه الممارسة في صورة مؤسسة البنوك التي أصبحت ركناً اساسياً في النظام الاقتصادي الرأسمالي وحاربتها النظرية الماركسية على أساس اقتصادي بعيداً عن متطلبات الأديان التي لا تؤمن بها الماركسية اصلاً . ومن هنا اخذت المسالة أبعاداً أكثر من التحريم الديني للتعامل بالربا، وبعبارة أخرى إذا كان تحريم الربا هو السبب المباشر في نشأة البنوك الإسلامية لكنه ليس المبرر الوحيد لوجود هذه البوك واستمراراها.
من ناحية أخرى، وبسبب اتفاق الأديان السماوية على تحريم الربا، فقد كان نجاح البنوك الإسلامية في إيجاد بديل لا يتعامل بالربا محركاً لمصرفيين غربيين للتفكير في السير في نفس الاتجاه، ودعوة المصرفيين الإسلاميين إلى تعديل التسمية إلى مصارف اللاربوية Interest – Free Bank كي يتسنى لغير المسلمين المساهمة فيها والتعامل معها.
3-كان امام اللجنة التحضيرية لبيت التمويل الكويتي- وهو الاسم الذى اختارته للمؤسسة المالية التي كنا ندعو إلى إنشائها – العديد من الخيارات – وكلها مشروع- كبدائل للنظام المصرفي التقليدي ، منها الصورة التعاونية والتي تبين أن النظام القانوني الذى وضعه الاستعمار لبلادنا لا يسمح بها لأنشطة البنوك والتأمين والاستثمار رغم انها مسموح بها في بلادهم ، ومنها صورة البنك الحكومي الذى يتحاشى الانتقاد الخاص بعملية خلق النقود، ويملك من وسائل الرقابة والحماية وإمكانية تقديم بعض الخدمات مجاناً مما تفتقر إليه الصورة التجارية، ولكن كان من العسير اقناع إحدى الحكومات بتبني هذا المشروع في الوقت الذى كانت الفكرة ذاتها ليست محل اقتناع من المسئولين وما زالت العبارة الى تضمنتها المذكرة الحكومية الشارحة لمشروع القانون الصادر بإنشاء البنك والتي تبرر ذلك بأنه لإتاحة الفرصة أمام من يتحرجون من العامل مع البنوك التقليدية مازالت هذه العبارة شاهداً على الموقف الحكومي من الفكرة ذاتها لذلك لم يكن امام المؤسسين من خيار إلا صورة الشركة المساهمة رغم السلبيات الكثيرة التي تتضمنها، وفى مقدمتها التحكم البغيض لرأس المال في مرفق حيوي يمسك بعصب الحياة الاقتصادية.
4-ولقد سبقت هذه التجربة الرأسمالية تجربتان من نوع آخر لم تكللا بالنجاح هي تجربة الشيخ أحمد إرشاد في باكستان والى انتهت بالفشل لضعف رأس المال، وتجربة بنوك ميت غمر للدكتور أحمد النجار والى استولت عليها حكومة عبد الناصر رغم النجاح الذي حققته. كما تبعت هذه التجربة تجربتان من نوع آخر كذلك ما زلتا قائمتين إحداهما بنك الفقراء في بنجلاديش، والثانية بنك الأمل للفقراء في اليمن.
إن هذه التجارب على ضعفها تقف شاهداً على أن الصورة الرأسمالية ليست هي الصورة الوحيدة للعمل المصرفي.
أما البنوك التي أنشأتها الدولة أو أممتها في كل من باكستان وإيران والسودان فقد تلبست بها الظروف السياسية التي مرت ومازالت تمر بها هذه البلاد؛ مما يجعل تقييم تجربتها أمراً بالغ الصعوبة.
ما زال أمام دول الخليج حيث المد الإسلامي الشعبي بخير وعافية وحيث الأحوال الاقتصادية تسمح بتجربة رائدة لبنك حكومي إسلامي يقف إلى جانب بيوت الزكاة ومؤسسات الأوقاف نموذجاً يقتدى به وتكتمل به باقة المؤسسات المالية الإسلامية مع مؤسسات التأمينات التي سنتحدث عنها بإذن الله في مقالة قادمة.
5-إن قيام المئات من البنوك الإسلامية والمئات من الفروع الإسلامية للبنوك التقليدية والعالمية على نفس النمط مع ما فيه من إيجابيات لا تخفى على أحد، يحمل معنى سلبياً كبيراً هو صفه التقليد التي تلازمنا حتى في المسائل المستجدة الى هي بطبيعتها قابلة لتعدد الاجتهادات، ولكن غلبة روح التقليد جعلت الجميع يتبع نفس الطريق دون محاولة البحث عن طرق أخرى.
لنحاول إذن بروح الاجتهاد والابتكار أو الابداع بحث بعض مشاكل البنوك بغيه إيجاد حلول وبدائل لا للبنوك الاسلامية فحسب بل وللبنوك التقليدية أيضاً. فكلا النوعين معاملات مستحدثة، وكلا النوعين في أزمة.
6-ونبدأ بأزمة البنوك التقليدية:
وهي ذات شقين، شق يتعلق بالشرعية: فقد حاولت حله بفتح فروع إسلامية فوقعت بذلك في مشكلتين: الأولى تتعلق بالمصداقية إذ بهذا أكدت أن معاملات بنكها الأصلي غير مشروعة، وأدى ذلك إلى المشكلة الثانية المتمثلة في الشك في حقيقية معاملات الفرع الإسلامي، هل مواردها واستثماراتها مستقلة عن البنك الأصلي؟ وهل هناك رقابة شرعية على نشاطها؟ هذا فضلاً عن المشاكل الخاصة بالبنوك الإسلامية والتي تشاركها فيها بحكم أنها ” إسلامية” وسنأتي إلى مناقشتها بعد قليل.
أما شق الفساد:فينبغي إخضاع كبار المسؤولين في البنوك والمؤسسات المالية العامة لقانون من اين لك هذا، بحيث تحصر ثرواتها وثروات أولادهم وزوجاتهم عند تسلمهم مهامهم ويحاسبون عند انتهاء علاقتهم الوظيفية على ما كسبوه، ولا يكتفى في عقاب من تثبت إدانته بجرائم الفساد بعقوبات الحبس بل يجب أن تشمل العقوبة المصادرة والغرامة والسجن والفصل من الوظيفة والحرمان من الوظائف العامة.
7-ويدعونا إلى الاستطراد في جانب الإصلاح القانوني إلى اقتراح سلسلة من الإجراءات القانونية لتنظيم النشاط المصرفي والمالي ولحماية الائتمان العام، من أهمها وضع ضوابط للنشاط المصرفي والمالي والاستثماري الإسلامي سواء بصورة مستقلة أو ضمن التشريعات الخاصة بهذه الأنشطة في الدولة.
لقد حرصت على وضع هذا الإطار القانوني للنشاط الإسلامي دول مثل الامارات وماليزيا وتركيا، فضلاً عن الدول التي حولت اقتصادها بالكامل كباكستان وإيران والسودان ، بينما أبقت دول أخرى على إخضاع البنوك الإسلامية فيها لنفس الضوابط الحاكمة للبنوك التقليدية مع الفوارق الأساسية بين النوعين، وفي هذا ما فيه من تجاهل لهذه الفروق وما ينتج عن هذا المسلك من إجحاف بحق البنوك الإسلامية والمتعاملين معها ، فضلاً عن التعاطف الواضح مع البنوك التقليدية على حساب البنوك الإسلامية بما يخل بمبدأ المساواة المنصوص عليه في الدساتير وفى مواثيق حقوق الإنسان. ومن العجب أن يحدث هذا التمييز في دول إسلامية بينما تكون دول غير إسلامية أكثر تقديراً للمواقف واحتراماً للحقوق.
إن إخلال الحكومات بمبدأ المساواة ليس قولاً يلقى جزافاً، فغير خاف على أحد رفض العشرات من طلبات فتح فروع لبنوك إسلامية تم شراء مقار لها وتجهيزها في الوقت الذي يصرح فيه للبنوك الأخرى الأقل حجماً بفتح فروع لها. كما ان من المعروف ان سلطات البنوك المركزية تمنع البنوك الإسلامية من توزيع أرباح على مودعيها أكثر من الفوائد التي توزعها البنوك التقليدية حماية للأخيرة من منافسة الأولى لها.
8-من اهم ما تحتاجه البنوك – إسلامية وتقليدية – لحمايتها من مدينتها ن الإجراءات التالية والتي ينبغي تضمنينها في قوانين النشاط المصرفي:
أ – إعطاء وثائق البنوك القوة التنفيذية بأمر على عريضة من رئيس المحكمة وعلى المتضرر أن يعارض في الامر وفق إجراءات محددة وضمن مدد محددة.
ب-تخصيص محاكم خاصة أو دوائر خاصة للنظر في الدعاوي المرفوعة من البنوك أو عليها، وان تكون إجراءاتها على وجه السرعة.
ج-تجريم امتناع المدين القادر على الوفاء عملاً بقولة صلى الله عليه وسلم: ” مطل الغنى ظلم، يحل عرضه وعقوبته”.
د – إيجاد قنوات اتصال ميسرة بصورة مستمرة بين الجهاز المصرفي والأجهزة الشرعية كدور الإفتاء، للاطمئنان على مراعاة الثوابت الشرعية، ويحسن تخصيص دوائر ضمن دور الإفتاء متخصصة في المسائل المصرفية.
9-لقد تضاربت فتاوى الأجهزة الشرعية سواء منها الحكومية او التابعة للبنوك الإسلامية في مختلف البلاد بصورة لافتة للانتباه وداعية على التدارك السريع.
ليس عيباً أن يجهل علماء الشريعة أو الدين عموماً معاملات المصارف وغيرها من الأمور المالية والفنية، إذ أن خطط الدراسة في المعاهد التي يتخرجون منها لا تشمل مثل هذه العلوم (وقد نادينا في غير هذا الموضع بضرورة تطوير هذه الخطط بحيث تخرج علماء شرعيين متخصصين في فروع التخصصات الحديثة المختلفة).
ولكن العيب أن يتعرضوا بالإفتاء في أمور يجهلونها ولم يحصلوا علماً فيها، والعيب الأكبر أن يسيسوا فتاواهم ويبيعوا دينهم بدنيا غيرهم من رجال السلطة ممن يخضعون لتأثيرات خارجية كصندوق النقد الدولي وغيره من السلطات.
10 –من الأمور التي درستها اللجنة التحضيرية السابق الإشارة إليها مسألة التكييف الشرعي والقانوني للعلاقات الرئيسية والفرعية في البنك، وفيما يلي بيان بأهم هذه العلاقات.
أ- العلاقة بين البنك والمودع: ونحن نستخدم عبارة المودع هنا تجاوزاً؛ لأنها العبارة المستخدمة عادة، لا لأنها العبارة الصحيحة شرعاً وقانوناً.
ولقد سبق القانونيون على بحث هذه العلاقة في البنوك التقليدية قبل ظهور البنوك الإسلامية، وانتبهوا إلى نتيجة اقرتها المحاكم الدولية، وهي انها ليست علاقة وديعة بالمعنى القانوني للوديعة وإنما هي علاقة قرض.
أما العلاقة في البنك الإسلامي فهي تتردد بين تكيفيين يترتب على كل منهما نتائجه الشرعية والقانونية:
تكييف على أنها علاقة مضاربة يكون المودع فيها هو رب المال ويون البنك كشخصية اعتبارية هو المضارب ويقتسمان الربح بالنسب التي يتفقان عليها مسبقاً.
وتكييف على أنها علاقة وكالة يكون المودع فيها هو الأصيل والبنك وكيل عنه، ويكون المستفيد من المال هو الطرف الآخر، ويمكن في هذه الحالة ان يكون أجر الوكيل نسبة من الربح، كما يمكن أن يكون مبلغاً محدداً حسبما يتفقان.
ويمكن الجمع بين التكييفين فيكون أساس السلة العامة للودائع هو المضاربة، ويكون أساس السلال الخاصة هو الوكالة كما في حالة تخصيص الوديعة بمشروع معين كبناية أو إيجار تمويلي لمعدات أو غير ذلك.
ب –العلاقة بين البنك ومستخدم الأموال: هذه العلاقة في البنوك التقليدية هي علاقة قرض، اللهم إلا في حالة ما إذا استخدم البنك نفسه الأموال في شراء عقار لاستعماله أو أسهم شركات في الحدود التي يسمح بها القانون.
أما في البنك الإسلامي فقد تنوعت الصور وهذا هو وجه الابداع الذي وصل إلى حد الثورة في المفاهيم المصرفية، فقد استخدمت البنوك الإسلامية عدة صور من العقود المعروفة في فقه المعاملات وطورتها بدرجات متفاوتة مع ما يترتب على كل صيغه من آثار ونتائج، فمن مرابحة إلى متضاربة إلى مشاركة إلى إيجار تمويلي إلى سلم إلى استصناع إلى مزارعة، ولم يكن استخدام هذه الصيغ بنفس النسب حيث أخذت صيغة المرابحة حظ الأسد لضعف عنصر المخاطرة فيها.
ج –ولهذا السبب ولتفاصيل لا محل للدخول فيها هنا وجهت انتقادات إلى صيغة كان يمكن التقليل من شأنها لو أنها كانت صيغة بين عدة صيغ، أما وهي تزيد في حجم الأموال المستخدمة بها عن 90% وفي بعض البنوك تصل إلى 100% فالأمر يحتاج إلى أن يؤخذ بجدية من ناحيتين: من ناحية عدم وصول عنصر المخاطرة إلى 0%، ومن ناحية تطوير باقي الصيغ والمحافظة على التوازن بين مختلف الصيغ. وينبغي أن يترجم هذا التوازن إلى نسب مئوية تظهر في تقارير البنك الفصلية والسنوية وتكون محل مساءلة لمدير الاستثمار أمام الإدارة ولمجلس الإدارة أمام الجمعية العامة.
11_ إن المشكلة تتمثل في المستوى الأخلاقي والديني لدى مستخدمي الأموال بالدرجة الأولى، هي تشبه مشاكل الفساد في البنوك التقليدية، وقد آن الأوان لوقفة حازمة في هذا الصدد من حيث تطوير الصيغ والتشدد في الضمانات، وفى الجزاءات التي توقعها البنوك على المخالفين، وإذا كان الضرب على يد المدين القادر المماطل يحتاج إلى تدخل تشريعي من الدولة، الأمر الذي تمس حاجة حماية البنوك التقليدية والإسلامية إلية، فتكون عملية التشدد هي الحل الوحيد. ولا يمنع ذلك من ترتيب دورات تثقيفية وتوجيهية للمتعاملين مع البنوك.
12- ولا يسعنا ونحن نتحدث عن المستوى الأخلاقي والديني لدى مستخدمي الأموال أن نتجاهل جانب موظفي البنك ومديريه من ناحيتين: ناحية المعرفة الدقيقة بالأحكام الشرعية في المعاملات ، وناحية الاقناع بالعمل المصرفي الإسلامي والحماس لنجاحه: أما الناحية الأولى فلا يكفى فيها أن يكون هناك نماذج معدة جيداً ودليل مفصل للعمليات المصرفية، بل لا غنى – إلى جانب ذلك – عن الدراسة الفقهية والفهم السليم لجميع تفاصيل العمليات المصرفية والجانب الفقهي لها ،ولن يتيسر هذا إلا بدورات دراسية مكثفة وربط الترقي الوظيفي باجتياز اختبارات تعقد في نهاية هذه الدورات ، وهذا يقتضي وجود معهد دراسي متخصص يقدم هذا الدورات ، والبنك المركزي هو الجهة المؤهلة لإنشاء مثل هذا المعهد.
واما الناحية الثانية فلن تتحقق بالدراسات والاختبارات وإنما بان يكون العمل المصرفي الإسلامي رسالة تحمل وليست وظيفة تؤدى، وما يقتضيه ذلك من إجراء مقابلات مكثفة قبل تسلم العمل، ومن الاستبعاد الفوري-لمن يتبين عدم إقناعه بالفكرة وتفاعله معها – من العمل الذي له صله بالجمهور إلى أعمال في المكاتب الخلفية؛ إذ ليس أضر بالعمل المصرفي الإسلامي من شعور الجمهور بعدم اقتناع موظف البنك برسالته وأفكاره.
13- المودعون في البنوك الإسلامية هم الفئة الضعيفة التي تحتاج الي حماية ، ذلك أنهم – خلافاً – للمودعين في البنوك التقليدية الذين هم دائنون للبنك ولا علاقة لهم بنتائج أعماله من ربح أو خسارة- شركاء للبنك في اعماله بل إن البنك يعمل بأموالهم ولحسابهم، ولا يمثل رأسمال البنك إلا قدراً زهيداً لا يتجاوز 3 -5 % من مجموع الودائع، ومع ذلك فإن مجلس الإدارة المنتخب من المساهمين هو الذي يتحكم في استثمار الودائع وفي توزيع الأرباح دون أية رقابة من جانب المودعين الذين ليس أمامهم إلا الرضوخ لما يقرره مجلس الإدارة وتعتمده الجمعية العامة للمساهمين.
فالمودعون مغيبون تماماً ليس لهم جمعية عمومية ولا يختارون مجلس الادارة ولا مراقب الحسابات ولا المراقب الشرعي، وتكييف علاقتهم بالبنك على أنها علاقة رب المال بالمضارب لا تبرر هذا الوضع؛ لأن رب المال في الشريعة يختار المضارب لثقته الشخصية فيه، أما في ظل الشخص المعنوي فلا وجود للاعتبار الشخصي لا في مدير الاستثمار ولا مدير البنك ولا مجلس الإدارة ، ولذلك يكون التعامل مع شخص معنوي أدعى لاتباع نظام مؤسسي يكون فيه للمودعين جمعية عمومية تقول كلمتها في اختيار مجلس الإدارة ومراقب الحسابات والمراقب الشرعي، ويمكن تنظيم ذلك على أساس إعطاء كل مودع عدداً من الأصوات يتناسب مع مقدار وديعته. وقوانين الشركات المساهمة تتسع لهذا المفهوم حيث تبيح جمعية عاملة لحماية السندات، أي لدائني الشركة.
أرجو أن يكون لهذه الملاحظات صداها وأن تجد من يهتم بالتفكير فيها ومناقشتها؛ علناً نخرج من جو الركود الحالي أو الدائرة المغلقة التي ندور داخلها.