كلمة التحرير

العلاقات الدولية في الإسلام: من خبرة جماعة علمية إلى معالم منظور حضاري جديد

العدد 133- 134، والعدد 137- 138

تتعدد المداخل لمجال “العلاقات الدولية في الإسلام”، ولقد قدمت مجلة المسلم المعاصر مجموعة دراسات عكست التنوع في هذه المداخل(1). أعدّ هذه الدراسات أساتذة من تخصصات عدة من مجال العلوم السياسية: القانون الدولي، والنظم المقارنة، والعلاقات الدولية، والنظرية والفكر السياسي، وكذلك تخصصات العلوم الشرعية والإسلامية، كما ساهمت علوم اجتماعية وإنسانية أخرى إلى جانب العلوم السياسية في هذه الدراسات.

ومع أهمية البحث عن الخيوط الناظمة بين هذه الدراسات، وكيف تقدم رؤية كلية عن “العلاقات الدولية في الإسلام”، كما جاءت في مجلة المسلم المعاصر، إلا أنه يظل لخبرة “مشروع العلاقات الدولية في الإسلام” عبر ربع قرن منذ بدايته (1986- ) دلالات معرفية ومنهاجية ونظرية وتطبيقية، خاصة أنها خبرة جماعية بحثية وتدريسية، خبرة ممتدة زمنيًا وقامت عبر امتدادها الزمني على تعاون وتفاعل وتشابك تخصصات عدة، وعلى أكثر من مستوى مما يمكن وصفه، وفق أ.د.منى أبو الفضل، بـ”الدراسات الحضارية”، وفي محاولة لعبور الجسر بين دراسات العلوم الاجتماعية الحديثة وبين دراسات العلوم الإسلامية التي تتناول مجال “العلاقات الدولية”.

ومن هنا يبدو مغزى هذا الملف الذي تقدمه مجلة المسلم المعاصر في عددين خاصين 133-134، وهذا العدد، وأعدادٍ لاحقةٍ؛ حيث إن هذا الملف لا يقدم جهودًا إنشائية منفردة وإن كانت تحمل الجديد، ولكن يقدم نماذج من دراسات كاشفة عن أركان هذه الخبرة، المشار إليها عاليًا، وعن خريطة مستويات هذه الخبرة ومناطقها البحثية. ومن ثم فإن هذه المقدمة تنقسم بين محورين: أحدهما يعرِّف بهذه الخبرة، والآخر يشرح هيكل الملف وموضوعاته؛ وهي موضوعات كاشفة عن خريطة أوسع وأثرى ليس المقدم منها في هذا الملف إلا نماذج وأمثلة.

هذا ويتضح مغزى هذا الملف من اعتبارين أساسيين:

* الاعتبار الأول: أهمية الخبرات الجماعية الممتدة لتأسيس وبناء جماعات علمية في مجال البحث والتدريس. فتقليد “الجماعة العلمية” تقليد ذو أهمية لإنتاج المعرفة والعلم، بقدر أهمية “التيارات الفكرية والسياسية” في مجال إنتاج الحركة والسياسات.

وتبرز أهمية هذا التقليد في ظل تنوع المنظورات المتنافسة في المجال المعرفي الواحد، ومن ثم، فإن بيان نطاق وخصائص منظور كل جماعة علمية هو أمر أساسي لتحديد هذه الجماعة في حد ذاتها وقدر إسهامها مقارنةً بالغير. وبقدر ما يبرز هذا التقليد واضحًا في دائرة الأكاديميا الغربية بقدر ما يحتاج لمزيد من الجهد في دوائرنا الأكاديمية وخاصة فيما يتصل بالجماعات العلمية من منظور إسلامي في مجالات المعرفة المختلفة؛ حيث تواجه هذه الجماعات تحديات لإثبات المصداقية والفعالية في مواجهة منظورات تبدو سائدة ومهيمنة.

والجماعة العلمية في العلوم السياسية من منظور إسلامي هي إحدى هذه الجماعات، وكان مشروع العلاقات الدولية في الإسلام مجالاً من مجالات تشكيلها وتشغيلها، منذ ما يقرب من ربع قرن، إلا أن استكمالها وتدعيمها –حول بناء منظور حضاري إسلامي للعلوم السياسية بصفة عامة والعلاقات الدولية بصفة خاصة- يظل يتطلب الكثير من الجهود والموارد والتواصل والتشبيك، ليس على صعيد جماعة بحثية مصرية، ولكن امتدادًا إلى دائرة عربية ثم إسلامية ثم عالمية(2).

* الاعتبار الثاني: تجدد الاهتمام، على الصعيد العالمي، من مداخل متعدد معرفية وفكرية ونظرية وسياسية، بمجال “العلاقات الدولية في الإسلام”، أو العالم الإسلامي في النظام العالمي الجديد، أو “المسلمون والتحولات العالمية”، أو “الإسلام والمسلمون والعولمة”…الخ من العناوين التي تعكس ما اكتسبه هذا المجال من أهمية متجددة وخاصة منذ نهاية الحرب الباردة. بحيث أضحى المسلمون مطالَبين بتقديم رؤيتهم -وليس فقط استهلاك رؤى “الغير”- عن أنفسهم وعن الإسلام في عالم نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين؛ أي في نهاية القرن الرابع عشر الهجري والربع الأول من القرن الخامس عشر الهجري. وكان المطلوب من المسلمين رؤية تجديدية تستجيب للتحديات المعاصرة ومن ثم تقدم اجتهادًا حضاريًا معاصرًا.

ويأتي هذا الاجتهاد استجابة إلى حالة متنامية من علم العلاقات الدولية ومن ثم الدعوة إلى تعددية المنظورات الحضارية كسبيل من سبل تحقيق هذا العلم للعالمية وكسبيل أيضًا للخروج من أزمته الراهنة. ويعد هذا واحدًا من أهم مبررات إمكانية تقديم منظور حضاري إسلامي مقارن، في نطاق هذا العلم (كما سنرى لاحقًا).

إن هذا الاجتهاد يستجيب بالطبع لبعض دوافع مشروع العلاقات الدولية ابتداء(3) ودوافع أخرى مكملة لها؛ من أهمها حالة الأمة الإسلامية ذاتها: بين الحاجة لتنظير جديد لأوضاعها –ينطلق من خصوصية تجربتها ووضعها في العالم، وبين الحاجة لأساس ثقافي وفكري جديد لنهضتها. ومن ثم فإن الحاجة لتقديم منظور إسلامي لدراسة العلاقات الدولية بصفة عامة وللتنظير حول أوضاع الأمة بصفة خاصة، لا تنبني على دوافع معرفية ونظرية فقط، ولكن ترتبط بواقع هذه الأمة وإمكانيات معالجة مشاكلها ضمن مشاكل الإنسانية، وتتجه نحو منظور بديل لذلك الذي يهيمن عليه منطق وسياسات القوى الصراعية المادية.

ولقد تعددت الاجتهادات الفكرية والنظرية حول هذه الرابطة بين الحاجة لتنظير إسلامي جديد وبين واقع الأمة واحتياجاتها. وأكتفي في هذا الموضع بالإحالة إلى رؤية للأستاذة الدكتورة منى أبو الفضل بهذا الصدد(4)، وتتلخص في الآتي:

إنه بسبب التغير العالمي ذاته، وبسبب الصحوة الإسلامية بصفة خاصة؛ فإن أحد سبل استعادة حيوية الأمة هو استعادة حيوية ميراثها الفكري والثقافي. ولأن أحد أهم مكونات الصحوة هو إحياء الوعي بالهوية الثقافية الإسلامية للأمة؛ ولذا أضحت الإسلامية تمثل استجابة حيوية لأمتنا، لأن الفوضى الثقافية الدؤوبة التي يتسم بها عالمنا تعمل كقوة قهرية على الحضارات المعاصرة. هذا وتكمن مصداقية وحيوية هذه الاستجابة المطلوبة في رسالة الإسلام ذاتها عبر التاريخ ودوره في المجتمعات والحضارة قوة أو ضعفًا. فلقد كان الإسلام دائمًا محركًا لتجديد الثقافة والحضارة عبر التاريخ في أرجاء مختلفة من العالم (العرب قبل وبعد الإسلام، البربر، الترك، المغول، الفرس، الهنود، ممالك شرق وغرب إفريقيا، مدن المتوسط المسيحية). ومن ثم يمثل عبور الفجوة الراهنة بين الثقافات ضرورة من أجل تجديد ثقافي للأمة كسبيل لتجديد هويتها وحل مشاكلها. وهذا التجديد الثقافي هو جزء من التجديد الثقافي العالمي الذي تحتاجه كل الثقافات في العالم، فإن الحاجة لهذا التجديد تشترك فيه الثقافات السائدة والتابعة على حد سواء. ومن ثم ترى د.منى أن المنظور الإسلامي هو مثال ذو مهمة vocational ideal وليس مجرد حرفة أكاديمية فنية.

وفي ظل هذين الاعتبارين فإن تقديم هذا الملف ليس إلا دعوة للقراءة الأكثر كلية وشمولاً في أبعاد الخبرة موضع الاهتمام، كذلك الدعوة إلى استكمال المسيرة من العمل البحثي والتدريس في إطار جماعة علمية للعلوم السياسية من منظور إسلامي حضاري.

إذن ماذا قدمت هذه الخبرة؟ وما هو مضمون هذا الملف؟ هذان هما محورا المقدمة.

أولاً- ربع قرن من خبرة جماعة علمية في العلاقات الدولية من منظور حضاري إسلامي:

هذه الخبرة ليست وحدها على الساحة، ولكنها فريدة سواء على صعيد الجامعات الإسلامية أو الجامعات المدنية في العالم الإسلامي. فهي وإن انطلقت من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة (1986) مع بداية مشروع العلاقات الدولية في الإسلام، إلا أن القفزات النوعية في البحث والتدريس في الجامعات لا تنطلق بدون تأسيس من رواد يقودون ويؤسسون لمدارس متميزة تنهض لهموم بحثية وعلمية جديدة. ولقد كان للعلامة المرحوم أ.د.حامد ربيع، منذ بداية السبعينيات، ثم العلامة أ.د.منى أبو الفضل في بداية الثمانينيات، فضل التأسيس، على مستوى التدريس والبحث، للتجديد على صعيدين معرفيين متكاملين، وعلى نحو فتح الطريق أمام جيل ثانٍ لاستكمال المسيرة. وهذان الصعيدان هما: تجديد الوعي بالأمة الإسلامية كمستوى للتحليل، والتنظير السياسي من مصادر إسلامية. وهما استجابتان لتحديين بارزين: حيث إن “الأمة الإسلامية” و”النموذج المعرفي والحضاري الإسلامي” كانا بمثابة الحاضر الغائب في ذاكرة ومنهاجية البحث والتدريس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية.

ولقد مثَّل د.حامد ربيع نقطة انطلاق نوعية في كلية الاقتصاد، تأسست في بداية السبعينيات مع تدريسه مقررات الفكر السياسي الإسلامي والنظرية السياسية في الإسلام وغيرها من المقررات التي انطلقت من مداخل حضارية، مراعية المقتضيات المنهاجية، وساعية لتفعيل الدور الكفاحي لعالم السياسة(5). كما قاد د.حامد ربيع عملية الإشراف على رسائل ماجستير ودكتوراه في موضوعات ذات أبعاد “إسلامية”؛ وبذا تولدت منه وحوله مدرسة تضم الآن الأساتذة الذين يهتمون بالتأصيل والتنظير لعلم السياسة من منظور حضاري إسلامي.

وفيما يتصل بالعلاقات الدولية أساسًا وموضِعها من المنظومة المعرفية متعددة المستويات لهذا العالِم الجليل(6)، يمكن القول إن البعد الإسلامي في دراسة العلاقات الدولية لدى د.حامد قد بدا واضحًا بين الأبعاد الأخرى. ولذا نجد أنه عبر السبعينيات وحتى أوائل الثمانينيات بلور فكر د.حامد ربيع أجندة من قضايا الأمة الإسلامية محل الاهتمام، كما تساءل عن إمكانية التنظير من مرجعية إسلامية. ويمكن القول إن هذه الأجندة وهذه المنهاجية التي أسس لها د.حامد ربيع يمكن أن تندرج تحت عنوان واحد؛ ألا وهو “المداخل الحضارية القيمية لدراسة الظاهرة السياسية الإسلامية، واقعًا وتنظيرًا”. ولقد كان د.حامد ربيع هو الرائد في هذا المجال على صعيد كلية الاقتصاد- جامعة القاهرة(7).

كذلك أضافت إسهامات د.منى أبو الفضل في هذا المجال أيضًا، وكان كتابها “الأمة القطب” دعوة لتحويل “الأمة” -هذا المفهوم المحوري في التأصيل الإسلامي- إلى مستوى للتحليل، كما قدمت مراجعات وتأصيلات معرفية ونظرية لأنماط التفاعل بين الغرب والشرق ودراسات المرأة والنظم العربية من منظور حضاري مقارن، ناهيك بالطبع عن تأصيلها في “النماذج المعرفية المتقابلة” الذي تنطلق منه دراسات “المنظورات الحضارية المتقابلة”(8).

وفيما يتصل بالعلاقات الدولية تحديدًا، واستكمالاً للمسارات المنهاجية والموضوعية التي دشنها د.حامد ربيع ود.منى أبو الفضل، بدأت مرحلة جديدة مع مشروع العلاقات الدولية في الإسلام 1986، وعبر ربع قرن. ودون توقف عند تفاصيل الزمان والمكان والأشخاص، يمكن رصد مجموعة من الملامح على صعيد عملية البحث والتدريس، والتي تمثل تراكمًا نوعيًّا عبر الزمان في مجال العلاقات الدولية من منظورات مقارنة وباستدعاء دائرة الأمة الإسلامية، وهو التراكم الذي ساهم فيه أساتذة من تخصصات أخرى داخل العلوم السياسية، وإن جمع بينهم همّ تطوير منظور بديل، كما تقاطعت اهتماماتهم بنظرية العلاقات الدولية مع النظرية السياسية والفكر السياسي.

وبداية يجدر القول إن الغاية من العرض التالي لخريطة الجهود المبذولة في هذا المجال، ليس مجرد التوثيق أو مجرد التعليق الموضوعي، ولكن الغاية الأساسية هي بيان أن الحديث عن “توجيه البحوث” ليس مجرد حديث إنشائي وأمنيات، ولكن يجب أن يكون حديث خُطط علمية منظمة متعددة المستويات، في نطاق بيئة وإطار علمي نشط وتعددي يقوم عليه ويشارك فيه المهتمون بالقضية. وتتلخص هذه الجهود كالآتي:

أ‌) جهود بناء منظور حضاري إسلامي للعلاقات الدولية:

1- كانت البداية مع مشروع بحثي جماعي بدأ 1986، واستغرق عشرة أعوام، وقام عليه -على صعيد كلية الاقتصاد- مجموعة من أعضاء هيئة التدريس والمدرسين المساعدين والمعيدين تحت عنوان “العلاقات الدولية في الإسلام”، صدرت أعماله 1996 في اثني عشر مجلدًا(9)، وتمت مناقشة أعماله في مؤتمر في كلية الاقتصاد نفسها(10).

2- كانت مخرجات المشروع بمثابة التمهيد اللازم لبناء منظور حضاري لدراسة العلاقات الدولية مقارنة بالمنظورات الأخرى. وكان هذا هو صميم التحدي؛ أي إدماج هذا المنظور في نطاق علم العلاقات الدولية. ولم تكن الاستجابة لهذا التحدي ممكنة بدون الانتقال إلى ساحة التدريس. وكان تدريس مقرر “نظرية العلاقات الدولية” منذ العام الجامعي 1998- 1999 هو ساحة التفاعل مع الطلبة على نحو حقق أمرين: من ناحية أولى اختبار مقولات المنظور وتطويره على ضوء الأسئلة المتراكمة للطلبة من خلفيات مختلفة، ومن ناحية أخرى- استثارة اهتمام جيل ثانٍ من شباب الباحثين بهذا المجال البحثي الجديد في نطاق الجماعة البحثية المصرية في مجال العلاقات الدولية(11). وعبر أكثر من عقدين أسهم عدد آخر من أساتذة العلوم السياسية في الإضافة والتراكم العلميين في هذا المجال(12)، وما زال الكثير من الجهد مطلوبًا لاستكمال بناء هذا المنظور الجديد، وخاصة في مجال “بناء المفاهيم المقارنة”.

3- هذا، ولقد اقترنت خبرة ما يزيد عن عقد من الزمان (1997- 2009) في تدريس مقرر نظرية العلاقات الدولية (من مدخل المنظورات المقارنة، وعلى نحو يفسح المجال لطرح مقولات منظور حضاري إسلامي في إطار مقارن) بإثارة الاهتمام والنقاش البحثي الأكاديمي المنظّم على صعيد كلية الاقتصاد (جامعة القاهرة) وعلى أكثر من مستوى: السمينار العلمي الشهري لقسم العلوم السياسية (1997)(13)، المؤتمر العلمي الذي نظمه مركز البحوث والدراسات السياسية لمناقشة مشروع العلاقات الدولية في الإسلام (1998)(14)، المؤتمر العلمي السنوي لقسم العلوم السياسية (2001) الذي تناول نماذج عالمية في تدريس العلوم السياسية، وكانت الدراسة الخاصة بخبرة الجامعة الإسلامية في ماليزيا والتعقيب عليها والمناقشات التي دارت حولها ساحة أساسية استدعت إشكاليات منظور حضاري إسلامي للعلوم الاجتماعية بصفة عامة، وفى مجال العلوم السياسية بصفة خاصة(15). وكذلك على صعيد مؤتمرات دولية تم خلالها عرض بعض الموضوعات التي تستدعي لطاولة النقاش الأكاديمي تطبيقاتٍ للمنظور الإسلامي. على سبيل المثال: ما طُرِح في مجال توظيف التاريخ لدراسة العلاقات الدولية، وفى مجال المنظومات القيمية التي تمثل مدخلاً أو إطارًا مرجعيًا يساعد في تشخيص وتفسير وتقويم مسار العلاقات الدولية (في كلياتها وجزئياتها)(16). أضف إلى هذا المؤتمر الدولي الثاني للتحيز عن مسارات متنوعة من المعرفة وحوار الحضارات الذي عُرضت فيه دراسة عن العلاقات الدولية من منظور حضاري مقارن(17)، وأخيرًا ضمن مؤتمر دولي عن الديمقراطية الكونية أو العالمية(18).

وفي السمينار العلمي لقسم العلوم السياسية (2002 – 2003) والذي تم عقده عبر عامين متواليين تحت عنوان: “علم السياسة: مراجعات نظرية ومنهاجية”، كان مدخل “إعادة تعريف ما هو سياسي” (نطاقًا، وموضوعًا، ووحدات للتحليل، ومنهاجية) مدخلاً جديدًا لاستدعاء ما يتصل بمنظور حضاري إسلامي مقارن في العلاقات الدولية، يطرح مقولات جديدة حول هذه الأمر(19). وكذلك كان السمينار العلمي للقسم بالتعاون مع مركز الدراسات الحضارية وحوار الثقافات خلال العامين الدارسيين (2008- 2009، 2009-2010) حول “مداخل التحليل الثقافي للظواهر الاجتماعية والسياسية”(20) فرصة علمية مهمة لتبيان كيف أن مراجعات العلوم الاجتماعية الحديثة إنما تسجل تجدد الاهتمام بالدين وبالثقافة والحضارة بصفة عامة وبالتقاليد الإسلامية بصفة خاصة في عمليات التنظير والبحث الاجتماعي، وهو الأمر الذي يجعل لجهود جماعتنا العلمية أهميتها المتزايدة؛ حيث أضحت مداخل التحليل الثقافي للعلوم السياسية أحد أهم مخرجات وملامح حالة مراجعة العلم خلال العقدين الماضيين.

4- وبعد أن امتدت الجهود من المشروع البحثي الجماعي، إلى التدريس ثم إلى البحث، كان لابد وأن تصل هذه الجهود إلى مجال تسجيل الرسائل العلمية لإعداد جيل ثانٍ من الباحثين المهتمين بهذا المنظور -معرفيًا ومنهاجيًا ونظريًا- أو على الأقل المهتمين بالمنظور القيمى -بصفة عامة- وبمراجعة المنظورات الغربية (الوضعية- العلمانية). وهذا على اعتبار أن هذه المراجعة هي نقطة انطلاق للمشاركة بعد ذلك في استكمال مسيرة منظور حضاري مقارن لدراسة العلاقات الدولية. وكان لابد من تأسيس الجهود في هذا المجال لعدة اعتبارات من أهمها: أنه لو توافرت الاهتمامات لدى بعض الباحثين؛ فقد لا تتوافر المعرفة -ولو الابتدائية- في مداخل العلوم الإسلامية اللازمة لتأسيس البحث من هذا المنظور. ولذا، كان تعريف جماعة من هؤلاء الباحثين الشبان بخبرة من سبقوهم في هذا المجال الدراسي (الخبرة المنهاجية منها والموضوعية)، ضرورة مسبقة، ولذا كانت دورة “المنهاجية الإسلامية في العلوم الاجتماعية، العلوم السياسية نموذجًا” دورة تعريفية بهذه الخبرات المتراكمة (عبر عقدين) التي حققتها “الجماعة البحثية” المهتمة بمنظور حضاري للعلوم السياسية بصفة عامة، ومن بينها العلاقات الدولية(21). أما الخطوة الثانية فلقد تمثلت في عقد دورة تدريبية للتعريف بمداخل العلوم الإسلامية(22).

كذلك وبعد الإعداد لكتاب في مضمون التدريب على المنهاجية الإسلامية في العلوم الاجتماعية عقدت دورتان الأولى (2009) عن أعمدة المنهجية الإسلامية(23)، والثانية (2010) في “تفعيل القيم في مجال البحوث الاجتماعية والسياسية”(24). كما نظمت دورات أخرى في منهاجية قراءة الفكر وقراءة النظام الدولي والعولمة من رؤية حضارية(25).

وإذا كان أعضاء هيئة تدريس كلية الاقتصاد وطلبتهم شاركوا في هذه الأنشطة إلا أن أكثرها تمت بالتعاون بين مؤسسات بحثية مستقلة تعمل في هذا المجال وأهمها: مركز الحضارة للدراسات السياسية، ومركز الدراسات المعرفية، والمعهد العالمي للفكر الإسلامي.

خلاصة القول حول جهود تطوير منظور حضاري لدراسة العلاقات الدولية، إن الخريطة السابق تحديد خطواتها، وإن لم تتوقف بالتفصيل عند إشكاليات هذا المنظور من حيث المضمون والمنهاجية (فهذا ليس موضع مقدمة هذه الملف)، إلا أنها تبين أن مراجعة التوجهات السائدة وإعادة بناء التوجهات اللازمة لخدمة قضايا الأمة معرفيًا وعمليًا- هي عملية مركبة تقتضي خطة علمية ترعاها جهود جماعية لا فردية؛ وذلك للتصدي للتحديات التي تواجه هذه العملية. فإن هذه الجهود لتطوير منظور حضاري قد واجهت تحفظاتٍ ونقدًا بل رفضًا ونقضًا. واجتمعت على هذا الصعيد اعتبارات سياسية (تخلط بين ما يسمى الإسلام السياسي والإسلام الحضاري، كما تخلط بين التجديد الحضاري وبين احتمالات الفتنة الطائفية) مع اعتبارات معرفية ومنهاجية ونظرية (من جانب الاتجاهات الوضعية العلمانية التي لا تستطيع التمييز بين العلاقة بين الدين والسياسة وبين كون الإسلام مصدرًا للقيم والسنن التي تشكل التصورات والرؤى المنهاجية) واعتبارات الدونية السياسية والاقتصادية لدى المسلمين (حيث يتعجّب البعض كيف وحال الأمة الإسلامية على ما هي عليه من ضعف وتفكك يمكن أن نبني منظورًا في مجال العلم)..الخ من الاعتبارات التي تشكل المواقف المختلفة ابتداءً من الاندهاش وعدم الثقة، إلى التشكك في إمكانية الحدوث، إلى التحفظ والتحذير من بعض العواقب والنقائص، إلى النقد الإيجابي الذي يساعد على اكتشاف مكامن الحاجة للتعميق والتوضيح، إلى النقض والرفض الكاملين للتعددية الحضارية انطلاقًا من أن الغربي السائد فقط هو العلمي وهو العالمي(26). ومما لا شك فيه أن هذه التحديات -في حالة الخبرة المصرية- تشترك في قسمات عديدة مع خبرات أخرى على المستوى العربي والإسلامي(27).

ب‌) جهود تجديد الوعي بدائرة الأمة الإسلامية والتحديات التي تواجهها في مرحلة العولمة (بعد نهاية الحرب الباردة)، وما بعد الحادي عشر من سبتمبر:

تجددت أجندة بحوث التحديات الداخلية والخارجية مع تجدد الاهتمام بالأبعاد الدينية– الثقافية– الحضارية للعلاقات الدولية. فبالرغم من أنه لا يمكن الفصل في معظم الأحيان بين المنهاجية وبين الموضوع، ونظرًا لأن الانطلاق من منظور حضاري إسلامي في الدراسة لا يمكن أن يكون اختيارًا واعيًا عامًا لدى كافة الباحثين؛ فإن تجديد الوعي بقضايا الأمة الإسلامية وتحدياتها يظل مقتربًا أكثر شمولاً وكليةً، حيث يمكن أن يساهم في دراسة هذه القضايا أصحاب منظورات أخرى.

وخاصة أن مراجعة حالة علم العلاقات الدولية – خلال العقدين الماضيين – قد بينت كيف أضحت الأبعاد القيمية والثقافية والدينية في قلب الاهتمامات النظرية والحركية على حد سواء، وكيف تنوعت مواقف المنظورات المختلفة من أسباب بروز هذه الأبعاد وآثارها على حالة العلم (الذي ظل طويلاً تسوده اتجاهات العلمنة واتجاهات البحث الوضعي الخالي من القيم)، وعلى النحو الذي أفرز التساؤل التالي: هل علم العلاقات الدولية يدخل مرحلة جديدة؟ وحيث إن قضايا الأمة الإسلامية (أو العالم الإسلامي) تستدعي -من مداخل متنوعة- موضع الإسلام والمسلمين في النظام الدولي المعاصر، لذا فإن المنتمين للمنظورات المختلفة وليس المنظور الحضاري الإسلامي فقط، ساهموا تشخيصًا وتفسيرًا وتحليلاً في دراسة هذا الموضع وآثاره على حالة السلم والاستقرار العالمييْن.

ولسنا هنا بالطبع محل رسم خريطة البحوث خلال ما يزيد عن العقد التي شاركت فيها اتجاهات متنوعة في تناول قضايا الأمة الإسلامية، ولكن أكتفي بالتوقف عند أهم ملامح الجهود التي جاءت المبادرة بها- من جانب التوجه الذي اهتم بالمنظور الحضاري للعلاقات الدولية وإن شارك في تنفيذها منتمون لمنظورات أخرى وفروع أخرى من العلوم السياسية (انطلاقًا من نفس كلية الاقتصاد).

وتنقسم الجهود على هذا الصعيد (على الأقل منذ 1997) بين المستويات التالية:

1- دمج دائرة العالم الإسلامي من جهةٍ والأبعاد الثقافية (والدينية) من جهة أخرى في دراسة مقررات العلاقات الدولية؛ وهو الأمر الذي يمثل نقلة نوعية من حيث دوائر الاهتمام التي كانت مقتصرة على الدوائر العربية والأفريقية والأوروبية والأمريكية، ومن حيث المنهاجية التي اقتصرت على السياسات الدولية التقليدية وامتدت نادرًا إلى الاقتصاد السياسي. ومنها: مقرر الثقافة في السياسات الدولية (مرحلة البكالوريوس) ومقرر العالم الإسلامي في السياسات الدولية (الدراسات العليا).

ومن ناحية أخرى شهدت عملية تسجيل رسائل الماجستير والدكتوراة إقبالاً على موضوعات تعكس الاهتمام بوزن الأبعاد الثقافية والدينية في العلاقات الدولية، وهو الاهتمام الذي كان يعكس بدوره استجابة نظرية وعملية -في آن واحد- للصعود في وزن هذه الموضوعات، ومنها على سبيل المثال ما يتصل بعقيدة المحافظين الجدد وآثارها على السياسة الأمريكية، هوية المسلمين في فرنسا، الأبعاد الثقافية للاستراتيجية الأمريكية تجاه العالم الإسلامي منذ نهاية الحرب الباردة، البعد الديني في السياسة الأمريكية تجاه المملكة العربية السعودية، مراكز البحوث الأمريكية والتوجهات نحو العالم الإسلامي.

ومن ناحية ثالثة أسهمت بعض مراكز البحوث والبرامج البحثية (في نفس الكلية) بدور أيضًا في الاستجابة للصعود في وزن دائرة العالم الإسلامي والقضايا ذات الأبعاد الثقافية والدينية بصفة عامة سواء على صعيد السياسات الداخلية للدول الإسلامية أو السياسات الخارجية وخاصة سياسات القوى الكبرى تجاه العالم الإسلامي. إلا أنه تجدر الإشارة إلى أن هذا التوجه لم يكن بالطبع توجهًا عامًا لكافة المراكز البحثية المهتمة بالشأن السياسي سواء داخل الكلية أو خارجها. ولم يتضح هذا التوجه على صعيد مؤتمرين مهمين عُقِدا على التوالي لتقييم دور المراكز البحثية في خدمة السياسة وصنع القرار في مصر والعالم العربي(28).

وعلى العكس، فإن هذا التوجه كان حاضرًا وبدرجة أساسية ومركزية في الجهود البحثية لمؤسسات رسمية مثل رابطة الجامعات الإسلامية، التي أنجزت مشروعًا بحثيًا في نهاية التسعينيات (شارك فيه بعض أساتذة كلية الاقتصاد)(29) حول التحديات التي تواجه العالم الإسلامي في بداية القرن الجديد.

2- كان هذا التوجه حاضرًا لدى مراكز بحثية مستقلة تجعل من العلاقات الدولية الإسلامية محور نشاطها البحثي مثل مركز الحضارة للدراسات السياسية، الذي تم تأسيسه 1997 لاستكمال البحوث بعد إصدار أعمال مشروع العلاقات الدولية في الإسلام (1996). وتمثل حولية “أمتي في العالم” (حولية قضايا العالم الإسلامي) التي يصدرها هذا المركز الساحة التي تنشر بحوث المهتمين بأحوال هذا العالم. وتنطلق هذه الحولية من منهاجية خاصة، ويدور كل عدد من أعدادها حول خيط ناظم، ينقسم بين محور للأفكار وآخر للمؤسسات وثالث للتفاعلات والأحداث. وكانت الخيوط الناظمة للأعداد التي صدرت حتى الآن هي: العولمة، العلاقات البينية الإسلامية، تداعيات الحادي عشر من سبتمبر على الأمة الإسلامية، تداعيات العدوان على العراق واحتلاله، مسار الإصلاح في الأمة الإسلامية، مشروع النهوض الحضاري في الأمة الإسلامية، والعدد التاسع (تحت الإصدار) حول العدوان على غزة وتداعياته على مستقبل القضية الفلسطينية(30).

هذا، ولقد أصدر نفس المركز موسوعة من ستة أجزاء في بداية الألفية الجديدة -تم إنجازها في عامين- تحت عنوان “الأمة في قرن”. قدمت أجزاؤها الستة بحوثًا معمقة في خريطة ممتدة ومتراكمة من الموضوعات، وعلى نحو قدم تقويمًا أفقيًا ورأسيًا لحال القضايا الرئيسية التي تواجه الأمة سواء على صعيد السياسة أو الفكر أو الاقتصاد أو العسكرية أو المرأة والسكان، أو الأقليات والأقوام، أو المستقبليات أو التربية أو التعليم… وعلى نحو يرسم التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها الأمة على عتبة قرن جديد(31).

وفى مقابل هذا الاهتمام المباشر والمعمق بدائرة الأمة الإسلامية ابتداءً، فإن بعض الجهود البحثية على صعيد كلية الاقتصاد قد اقتربت من هذه الدائرة، بطريقة غير مباشرة وذلك في سياق أكثر اتساعًا أو في إطار مقارن مع دوائر أخرى وقضايا أخرى. ونذكر على سبيل المثال: الاهتمام بموضوع التطور في الفكر السياسي الإسلامي(32)، وبمراحل تطور السياسة الخارجية المصرية، التاريخية والمعاصرة(33)، وعلاقتها بالإسلام(34)، وبأوضاع وسياسات بعض الدول الإسلامية في جوار مصر(35)، والسياسة الخارجية للحركات الإسلامية(36)، والأبعاد الثقافية والحضارية في عملية الإصلاح الجارية (التربية المدنية، تجديد الخطاب الديني، الهوية والتعليم..)(37)، الأبعاد الثقافية والدينية في مشروع الشرق الأوسط الكبير (أو الموسع أو الجديد)(38)

وفى المقابل؛ فإن برامج بحثية متخصصة في الكلية قد اقتربت بصورة مباشرة من دائرة الأمة الإسلامية، ولكن انطلاقًا من موضعها في النظام الدولي -بعد الحادي عشر من سبتمبر بصفة خاصة، وبالنظر بدرجة أساسية إلى أنماط العلاقة بين الأديان أو الثقافات أو الحضارات محل الاهتمام في الدراسات النظرية أو الخبرات العملية على حد سواء. وكان هذا هو مسار مركز الدراسات الحضارية وحوار الثقافات (برنامج حوار الحضارات سابقًا) الذي تأسس في الكلية في أبريل 2002، والذي استطاع حتى الآن أن يحقق تراكمًا في عدد من المجالات البحثية التي تطرح مباشرة الإشكاليات المتصلة بالأبعاد الدينية والثقافية والحضارية للعلاقات الدولية الراهنة، كما تتعامل مع الجدالات بين المنظورات المختلفة في علم العلاقات الدولية حول هذه الإشكاليات. وهذه المجالات البحثية هي:

التأصيل النظري(39)، التقويم الأفقي المقارن للخبرات الحوارية على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية(40)، دراسة القضايا محل الحوارات، والتي تظهر بصددها إمكانيات الحوار أو عدمه بين الثقافة العربية الإسلامية والثقافات الأخرى(41)، تفعيل الأبعاد الثقافية والحضارية في عمليات التغيير للتغلب على أزمة الأمة الفكرية والحركية(42)، رصد وتشخيص وتفسير أزمات العلاقات بين المسلمين والمسيحيين (على الصعيد الوطني والعالمي) ودلالاتها بالنسبة لمآل الحوار ومخاطر تسييسه والقيود الراهنة على فعاليته في خدمة قضايا المسلمين والعالم(43)، موضع الحوار من استراتيجية القوى الكبرى وخاصة الاتحاد الأوروبي(44)، والولايات المتحدة(45) تجاه العالم الإسلامي، وأخيرًا الحوارات البينية بين شعوب الحضارة الإسلامية(46).

خلاصة القول حول خريطة هذه الجهود البحثية: إنها تمثل استجابة علمية منظمة للتحديات المعرفية والمنهاجية والنظرية الناجمة عن تجدد صعود الدين- الثقافة- الحضارة في مجال نظرية العلاقات الدولية من ناحية، كما تمثل استجابة أخرى للتحديات المتصاعدة التي تواجه الأمة الإسلامية وخاصة بعد الحادي عشر من سبتمبر. وعلى صعيد هذين الجانبين تقدم هذه الاستجابة، تراكمًا علميًا مبعثه الدائرة العربية الإسلامية ذاتها، أو مبعثه المهتمين بمنظور حضاري للعلاقات الدولية، وذلك إلى جانب التراكم الذي يحظى به هذا المجال من واقع إسهام الباحثين والعلماء في الغرب.

ومن ناحية أخرى فإنه -بغض النظر عن تفاصيل موضوعات القضايا محل الاهتمام في كل محور من محاور خريطة هذه الجهود (والتي سنقدم نماذج منها في الملف الخاص)، فإن الجدال بين الرؤى والمنظورات يتمحور حول إشكالية كبرى أساسية وهى ما نمط العلاقة بين الثقافي والسياسي في تفسير العلاقات الدولية بين العالم الإسلامي والغرب منذ ما بعد الحادي عشر من سبتمبر؟ ومما لا شك فيه أن لمنظور حضاري إسلامي رؤيته لهذه العلاقة انطلاقًا من طبيعة هذا المنظور وخصائصه، وخاصة موضع “الإسلام” من المنظومة المعرفية والثقافية للأمة.

بعبارة أخيرة، فإن تأسيس وبناء المنظور –باعتباره رؤية تجديدية- قد اقترن به تفعيلٌ وتشغيلٌ له في مجالات بحثية تجدد الوعي بالأمة الإسلامية وموضعها من النظام العالمي استنادًا إلى رؤية تكتسب ذاتيتها من تراثها الحضاري بكل مستوياته.

إذن، ما هيكل هذا الملف من المسلم المعاصر؟ وكيف تمثل موضوعاته نماذج من هذه الخريطة المركبة والثرية في مجال التدريس والبحث(47)؟

ثانيًا- هيكل الملف ومضمونه ونماذج الدراسات:

يتكون الملف من أربعة أجزاء تقسم على عددين من أعداد مجلتنا الموقرة؛ وذلك كالآتي:

الجزء الأول: في التأصيل لمنظور حضاري لدراسة العلاقات الدولية، والجزء الثاني: في مصادر التنظير من الفكر الإسلامي والتاريخ (وقد خرجا في العدد 133 و134 من المسلم المعاصر)، والجزء الثالث: أبعاد أساسية في منظور حضاري لدراسة العلاقات الدولية، والجزء الرابع: قضايا واقع الأمة في العالم (ويمثلان العدد الراهن من المسلم المعاصر).

ولم يكن اختيار نماذج الدراسات في كل جزء من هذه الأجزاء، ناهيك عن هذا التقسيم الرباعي بالمهمة السهلة، إلا أنها جرت وفق منطق معين يستهدف إبراز التراكم عبر ربع قرن من البحث في بناء منظور حضاري إسلامي للعلاقات الدولية وكيفية تفعيله وتشغيله.

هذا، ويمثل مشروع العلاقات الدولية في الإسلام البنية التحتية لتشييد هذا المنظور الحضاري الإسلامي للعلاقات الدولية. ولقد انطلق المشروع، على ضوء دوافعه وغاياته(48)، من التأصيل الفقهي للعلاقات بين المسلمين وغيرهم من الأمم. أي إن نقطة البداية في المشروع كانت دراسة “الأساس الشرعي والمبادئ الحاكمة للعلاقات الخارجية” في الإسلام، وكانت النقطة الثانية هي منظومة القيم الحضارية؛ أي الأساس القيمي الحضاري في الإسلام.

ومن ثم، فإن الجزء الأول من الملف يقدم دراستين تعكسان هذين الأساسين المتكاملين: الفقهي، والقيمي الحضاري. والدراسة الأولى (أعدها أ.د.أحمد عبد الونيس رحمه الله) تقوم على عرض الاتجاهات الفقهية الكبرى حول تأسيس أصل العلاقة بين المسلمين وغيرهم سلمًا أو حربًا، مبينة موضع اجتهاد آخر يقوم على أن الدعوة هي أساس العلاقات بين المسلمين وغيرهم، ومن ثم فإن المسلمين -بغض النظر عن التنظيم السياسي الذي يجمعهم (دولة واحدة، عدة دول، جماعة)- مأمورون بناء على عموم وشمول الشريعة بالاتصال بغيرهم لتوصيل الدعوة، وذلك بناءً على أسس معينة تمثل الأساس الشرعي المستمد من الأصول.

والدراسة الثانية (أعدتها كاتبة هذه السطور) تبين كيف أن الأساس الشرعي يمثل اللبنة الأساسية، وتسانده مصادر أخرى تكشف عن منظومة القيم الحضارية؛ حيث نجد أن الدراسة الثانية ترسم خريطة مصادر بناء المنظور الحضاري ومجالات تفعيله وتشغيله، على نحو يجعل منها دراسة كاشفة عن منطق هيكل الملف وموضوعاته في الأجزاء الثلاثة التالية. وحيث إن مصادر بناء المنظور، وفق غايات وأهداف مشروع العلاقات الدولية في الإسلام، لم تقتصر على المصادر التأصيلية (القرآن والسُّنة)، ومن ثم فقد امتدت مخرجات المشروع إلى التاريخ والفكر الإسلامي، فإن الدراسة الثانية في الجزء الأول توضح بقدر كبير من التفصيل موضع هذين المجالين في عملية التنظير الحضاري وانطلاقًا من التأصيل الفقهي.

ويقدم الجزء الثاني من الملف لأبعادٍ منهاجيةٍ لدراسة العلاقات الدولية في التاريخ والفكر الإسلامي. وتبين دراسات هذا الجزء موضع الفكر الإسلامي وكيفية الاقتراب منه كمصدر بنائي من مصادر منظور إسلامي حضاري يطرح إشكاليات من نمط آخر؛ فما هي النماذج الفكرية التي تعاملت مع العلاقات الدولية؟ وكيف يمكن تحديدها ورسم خريطتها ما بين نماذج فقهية، فلسفية، تاريخية، معاصرة…؟ وما هي عناصر الإطار النظري للبحث في إسهاماتها: هل عناصر القوة والضعف، أم هل أسباب الانحدار وأسباب الصعود؟ وما هي القواسم المشتركة بين إسهاماتها؟

وإذا كانت الدراسة الثانية في الجزء الأول من الملف قد حددت خريطة هذه النماذج والإشكاليات وغايات البحث في الفكر الإسلامي عن موضع العلاقات الدولية منه، إلا أن الملف يقدم نموذجين فقط: نموذجًا تراثيًا يقدم ما يمكن وصفه بالفكر العمراني الحضاري ويجسده نموذج ابن خلدون، أما الدراسة الثانية فتقدم نماذج فكرية حديثة ومعاصرة من حيث تناولها للتحديات التي واجهت الأمة الإسلامية في مرحلة الضعف والاستعمار والمقاومة.

هذا ولقد حظيت نماذج فكرية أخرى باهتمام الجماعة البحثية في أكثر من مشروع بحثي، من قبيل ابن خلدون، محمد عبده، طارق البشري، محمد خاتمي، منى أبو الفضل، حامد ربيع، عبد الوهاب المسيري(49)، كما حظيت بعض المفاهيم المقارنة بين هذه النماذج وغيرها باهتمام آخر، (على سبيل المثال: مفهوم القوة مقارنة بين الغزالي وميكافيلي)(50). ناهيك عن تقديم رؤية كلية عن العلاقات الدولية في خريطة التراث الإسلامي، سواء من مدخل الرؤية للعالم (للعامري) أو من مدخل أحد التقسيمات الإسلامية للمعمورة (ابن خلدون)(51).

ويقدم الجزء الثاني من الملف فيما يتعلق بالتاريخ نموذجين من نماذج الاقتراب من تاريخ الأمة: الاقتراب النظمي الشارح لنمط صراعات القوى بين الدول الإسلامية وغيرها من الدول عبر مراحل تطور التاريخ الإسلامي، والاقتراب الثاني هو اقتراب التفاعلات الحضارية الشارح لمناط الأفكار والهويات من التفاعلات بين العالم الإسلامي والغرب. وهذان الاقترابان من التاريخ الإسلامي اقترابان متكاملان يعكسان كيف لا يمكن الاكتفاء بالتواريخ السياسية الرسمية على حساب التواريخ الفكرية والثقافية والاجتماعية. فإن الأنماط والنماذج التاريخية المستنتجة من واقع كل اقتراب لتبين كيف أنه لا يمكن فهم المسار التاريخي من خلال اقتراب واحد فقط، ومن هنا يتضح جانب من مفهوم “الحضاري” ألا وهو جانب الوصل بين الثقافي والسياسي والربط بين الداخلي والخارجي.

ويشارك في هذا الجزء الثاني من الملف جيل من شباب الباحثين الذين يحملون مهمة استكمال مسيرة البحث من منظور إسلامي في العلوم السياسية. والغاية من إشراكهم، وكذلك إشراك مجموعة أخرى في الجزء الثالث، هو بيان كيف أن الجماعات العلمية كيان حي يلزم لنموه واستمراره أجيال متتابعة من الباحثين.

وبعد تناول الجزءين الأول والثاني من الملف مصادر التنظير لمنظور إسلامي للعلاقات الدولية (التأصيلية والبنائية والاختبارية) على نحو يبين خصائص هذا المنظور، باعتباره منظورًا قيميًا حضاريًا، فإن الجزء الثالث يتوقف بقدر من التفصيل عند بعض المفاهيم والأبعاد الأساسية في دراسة العلاقات الدولية من هذا المنظور، وهذه الأبعاد هي كالآتي:

1- تأسيس أصل العلاقات الدولية ومحركها، وهنا تأتي الدراسة عن ثلاثية مفاهيم الدعوة -القوة- الجهاد.

2- المفاهيم الأساسية: وهنا تأتي الدراسة عن مفهوم “الحضاري” ثم الدراسة عن منظومة مفاهيم حضارية التي تمثل عامود الرؤية الكونية في الإسلام(52).

وإذا كانت ثلاثية مفاهيم الدعوة – القوة – الجهاد تكشف عن رؤية حضارية مقارنة تبرز كيف أن منظورًا إسلاميًا للعلاقات الدولية هو منظور قيمي واقعي، فإن منظومة المفاهيم الحضارية تستكمل هذا الكشف وتدعمه، وعلى نحو يساعد الفكر الإسلامي المعاصر على تجاوز الاستقطاب بين ثنائية الحرب أو السلام، كما لو كانا بديلين لا يتكاملان، في حين أن الرؤية الكونية في الإسلام هي رؤية الوسطية التي تؤسس لتجاوز كل الثنائيات التي تقع فيها نماذج معرفية ومنظورات أخرى. ومن ثم، فإن بناء مفهوم “الحضاري” ليس بديلاً عن مفهوم الفقهي والشرعي، ولكن ينطلق منه ويبين منهاجية تجاوز الثنائيات الشائعةفي مجال العلاقات بين كافة أمم العالم، وخاصة في مجال العلاقات بين المسلمين وغيرهم.

3- الفواعل ومستوى التحليل (الدولة-الأمة)، وهنا تأتي الدراسة عن الدولة بوصفها فاعلاً خارجيًّا، والدراسة عن الأمة كمستوى للتحليل. وحيث إن إشكالية العلاقة بين مستوى التحليل والفواعل أو وحدات التحليل من أهم الإشكاليات المنهجية والنظرية التي تتصدى لها المنظورات المتنافسة والمقارنة في مجال علم العلاقات الدولية، فكان من المهم تقديم نماذج من مناقشة هذه الإشكالية كما جاءت في إسهامات بعض طلبة الدراسات العليا في مقرر العالم الإسلامي في السياسات الدولية. وتقدم هذه النماذج مداخل متكاملة للاقتراب من هذه الإشكالية. وكانت مناقشة هذه الإشكالية مع طلبة الدراسات العليا من أهم مجالات التدريب على التفكير النظري المقارن وعلى نحو يجدد الوعي بمستوى الأمة من ناحية، كما يستدعي من ناحية أخرى ما يتصل بالتنظير من مصادر إسلامية إلى ساحة التنظير لدراسة العلاقات الدولية بصفة عامة؛ حيث إن الدراستين عن الدولة وعن الأمة قد سعتا إلى المقارنة بين طرحهما من منظور إسلامي وطرحهما من منظورات أخرى في العلوم السياسية.

وهذا النمط من المقارنات بين “تنظير من منظور حضاري إسلامي ومن منظورات أخرى يتم استدعاؤه أيضًا في الأبعاد الأخرى لدراسة العلاقات الدولية المشار إليها في الملف، حيث إن أصل العلاقات ومحركها، والفواعل ومستويات التحليل والمفاهيم والعمليات وحالة النظام الدولي(53)، من أهم أبعاد دراسة المنظورات في علم العلاقات الدولية، واستنادًا إلى النماذج المعرفية المتقابلة التي تقوم عليها هذه المنظورات(54).

وإذا كانت هذه المقارنات تتطلب مهارات معرفية ومنهاجية، إلا أن التأصيل الإسلامي ابتداءً لهذه الأبعاد إنما يتطلب مداخل منهاجية أكثر أهمية للتعامل مع مصادر بناء منظور إسلامي سواء دراسة الأصول أو التراث (فكرًا وتاريخًا). وجميعها تطرح على الباحث إشكالية العلاقة بين الثابت والمتغير.

ولذا، فإن مشروع العلاقات الدولية في الإسلام تضمن جزءين منهاجيين آخرين؛ وهما الكتابان الثالث(55) والسابع(56). ويتضمن الكتاب الأول تسجيلاً دقيقًا وحيًّا لخبرة فريق البحث في التعامل مع كتب الفقه والسيرة والتفاسير فيما يتصل بدراسة العلاقات الدولية في الأصول الإسلامية، ولتحديد الاتجاهات الفقهية الكبرى حول قضايا وموضوعات محددة مثل الحرب، والسلام، الدولة. وتنبع أهمية هذا الجزء المنهاجي من أنه يقدم خبرة متخصصي العلوم السياسية بفروعها المختلفة (القانون الدولي، النظرية والفكر، والنظم) في التعامل مع هذه المصادر، على نحو يساهم في محاولة سد الفجوة التي يعاني منها مثل هؤلاء المتخصصين؛ أي الفجوة بين دراسة العلوم الاجتماعية والعلوم الشرعية والإسلامية. أما الكتاب السابع؛ فهو يتضمن الخبرة المنهاجية للتعامل مع مصادر دراسة التاريخ الإسلامي اللازمة لمتابعة تطور وضع الأمة في النظام الدولي مقارنة بالخبرة المنهاجية للدراسات النظمية الدولية (الغربية) التى تعاملت مع التواريخ الغربية.

وإذا كانت إشكالية الثابت والمتغير إشكالية أساسية عند بناء منظور حضاري إسلامي لدراسة العلاقات الدولية كما سبقت الإشارة، لا تواجهها منظورات أخرى، وبقدر ما تحمل هذه الإشكالية دلالات مهمة بالنسبة لطبيعة المنظور ذاته، بقدر ما ترتبط بإشكالية أخرى، وهي عن العلاقة بين القيم والواقع التي تطرح بدورها دلالات أخرى حول طبيعة هذا المنظور باعتباره منظورًا ذا طبيعة خاصة، أي منظورًا قيميًا واقعيًا. وهذه الدلالات عن العلاقة بين القيم والواقع تحملنا إلى الجزء الرابع والأخير من هذا الملف: قضايا واقع الأمة في العالم.

ويقدم الجزء الرابع نماذج من أجندة قضايا العلاقات الدولية للأمة الإسلامية، سواء فيما بين كياناتها أو بينها وبين الأمم الأخرى أو قضايا ذات صفة عالمية. وهي القضايا التي يفرزها “واقع الأمة” في العالم، مما يستلزم فقهًا لهذا الواقع ومن ثم تفعيلاً وتشغيلاً للمنظور. وعلى نحو يبين معه كيف أن هذا المنظور بحكم مصادره ومرجعيته ليس كما يرى البعض مجرد منظور مثالي قيمي يحدد ما يجب أن يكون ويعجز عن وصف وتشخيص الواقع، ناهيك بالطبع عن تفسيره أو تقديم رؤى عن اتجاهات تغييره، ولسنا هنا بالطبع في معرض مناقشة هذا الرأي القائم على رفض ما يسميه البعض: الخلط بين مثاليات الدين وحقائق العلم(57)، ولكن تكفي الإشارة إلى معنى أن المنظور هو منظور قيمي واقعي:

المنظور الحضاري الإسلامي -وإن كان قيميًا بحكم مصادره وطبيعته- إلا أن الرؤية التي يقدمها حول العالم المحيط انطلاقًا من الأساس الشرعي، ومن منظومة القيم ومجموعة القواعد والمبادئ، ليست رؤية تقرر ما يجب أن يكون فقط، ولكن هي ذات صلة كبيرة بالواقع؛ ذلك لأن للقيم –كما يقول البعض(58)– دورًا ووظيفة في الرؤية الإسلامية، كما أن هذه القيم ذات طبيعة مختلفة عن نظائرها الغربية؛ لأن القيم في منظور إسلامي هي إطار مرجعي، هي مدخل منهاجي، هي نسق لقياس الواقع ولتفسيره وتقويمه وتغييره.

وكما يقول البعض الآخر(59) عن غايات التنظير من منظور حضاري إسلامي: فإن هذه الغايات لا تنفصل عن فقه الواقع، فهذا الفقه منطلق أساسي في هذا المنظور، ولكن مع عدم الفصل بينه وبين فقه الحكم الشرعي. بعبارة أخرى، لا يعرف المنظور الحضاري الإسلامي فصلاً بين الممارسة المتغيرة، والبعد القيمي الثابت الذي يتم الاحتكام إليه دائمًا عند التفسير وعند التقويم وعند التدبر وعند التغيير: فإذا كان فقه الحكم الشرعي، ومنظومة القيم والقواعد والمبادئ هي الميزان؛ فإن الواقع هو الموزون الذي يدور حوله إعمال العقل والتجريب والاجتهاد والتجديد. وفي المقابل، فإن المنظورات الغربية لا تحوز هذا الميزان القيمي. ولهذا؛ فإن المنظور الإسلامي يعد وسطًا بين أقصى المثالية القيمية التي تقدم الفكرة والقيمة لذاتها وبين أقصى المادية التاريخية الملتزمة بالتجريب والتي تريد الحفاظ على الواقع القائم في إطار التوازن (هذا ولقد سبق وأشرنا إلى خصائص النسق المعرفى الاسلامى الذى ينبثق عنه مثل هذا المنظور ذي الطبيعة القيمية – غير المنفصلة عن الواقع).

ولهذا أيضًا؛ فلا يمكن القول إن منظورًا إسلاميًا لدارسة العلاقات الدولية هو مجرد منظور مثالي يوتوبي؛ لأنه يقرر ما يجب أن يكون عليه حال هذه العلاقات، في حين: أن هذه المثالية، لم تنطبق -كما يتصور البعض- إلا أربعين عامًا فقط؛ ذلك لأن هذا المنظور بقدر ما يحدد الغايات، فهو بحكم طبيعة مصادره يحدد أيضًا ضوابط الحركة وشروطها التي تحكم بدورها النتائج. بعبارة أخرى، هو ليس مثاليًّا أخلاقيًّا بالمعنى الضيق، ولكنه متصل بالسلوك وبأبعاد الاستخلاف في الواقع. ومن ثم؛ فإن فقه هذا الواقع لا يقل أهمية عن فقه الأٍساس الشرعي والأساس الحضاري القيمي. ولكن وبدلاً من الانطلاق من الواقع فقط ونحوه بدون نسق قياسي، فإن منظومة القيم الإسلامية (كمدخل منهاجي وإطار مرجعي -كما أوضحنا) تمثل الإطار الجامع الكلي المحيط بالسلوك ضبطًا لكل من المادية المفرطة والعقلانية والتجريبية الجامدة والتي تفتقد معها الرؤى والتحليلات كل منطق أو هدف غير مادي. ولذا يصبح مثلا الجهاد قيمة وليس مجرد أداة، وتصبح حقوق الإنسان ضرورة وليست مجرد قضية.

ولا يمكن ادعاء أن هذا الجزء الرابع من الملف يقدم نماذج ممثلة لكامل خريطة واقع الأمة في العالم وهي خريطة ذات مستويات متعددة متداخلة.

إلا أن هذه النماذج التي يقدمها الملف تقترب من بعض مجالات واقع الأمة في العالم وهي: العلاقات بين دولٍ تمثل أركان الأمة, الاقتصاد والمصالح الجارية في التفاعلات والمبادلات البينية, قضية القدس في القلب من قضية الصراع الحضاري مع إسرائيل, التدخلات الخارجية من مدخل الإصلاح في العالم الإسلامي, حوار الحضارات وصعود الأبعاد القيمية لوضع الأمة في العالم. إنها مجرد نماذج من خريطة قضايا أكثر تعقيدًا قدمتها إصدارات “أمتي في العالم” عبر ما يزيد عن عقد من الزمان (كما سبقت الإشارة), وقدم لكل منها المستشار طارق البشري مبرزًا في كل مقدمة الخيط الناظم في كل إصدار, هذا ويتصدر هذا الجزء الرابع من الملف قراءة في مقدمات البشري هذه تحت عنوان “نحو منهج للنظر في قضايا الأمة في العلاقات الدولية”. وهذا المنهج الذي ينطلق، كما تبين من مقدمة البشري للعدد الأول من الحولية, من ضرورة تجديد الوعي بالأمة كمستوى للنظر تجاوزًا للرؤى الاختزالية والضيقة لقضايا عالم المسلمين التي تقع إما في أسر دوائر قطرية أو وطنية أو نوعية دون قدرة على تلمس الفضاء الأوسع الذي تنتظم على صعيده هذه القضايا، ألا وهو فضاء “أمتي في العالم” ودوائره المتحاضنة والمتكاملة وطنيًا وإقليميًا وأمميًا وإنسانيًا.

خاتمة القول في تقديم هذا الملف يتمحور حول ماذا بعد هذه الخبرة؟

إن غاية الجهود السابقة ليست معرفية ونظرية فقط ولكن يجب أن تنتقل من نطاق النخب إلى نطاق خدمة التغييرات الداخلية والخارجية في دوائر ثلاث متقاطعة:

1. يجب أن تكون منطلقًا لإسهام حضاري لإبداع حلول ذاتية لمشاكل مجتمعاتنا، تراعي خصوصية هذه المجتمعات وتستفيد من خبرات الآخرين.

2. الإسهام في بلورة أفكار التغيير السياسي والمجتمعي وذلك بتقديم أطروحات لمشروع حضاري إسلامي يزداد التساؤل عن ماهيته، وخاصة مع بروز وزن القوى السياسية ذات المرجعيات الإسلامية ومع بروز دور المجتمع المدني الإسلامي، وذلك في نفس الوقت الذي تواجه فيه هذه القوى السياسية والمدنية تحديات خارجية تزيد من وطأة التحديات الداخلية.

3. كما يمكن أن تساهم في التجديد الحضاري العالمي: فإذا لم تكن قدراتنا المادية تكافئ قدرات القوى المتقدمة والمهيمنة، إلا أن منظومة قيم نموذجنا الحضاري يمكن أن تساهم في علاج الخلل القيمي على المستوى العالمي.

إن الغايات السابقة ليست آنية ولكن تحتاج من أجل تحقيقها إلى المزيد من التحديد لأولويات أجندة قضايا البحث والحركة، ومزيد من الرؤى التجديدية في مجال التغيير الداخلي والخارجي. ناهيك بالطبع عن مزيد من التراكم في الإنتاج العلمي المعرفي منه والتطبيقي. ومن ثم فيمكن تقديم بعض المقترحات كالآتي:

‌أ- نظرًا لأن إشكالية التدخل الخارجي وتأثيراته على الحيز الداخلي اتخذت أبعادًا متنامية، وحيث إن ثلاثية قضايا: الإصلاح، الوحدة، الاستقلال هي قضايا كبرى متشابكة في منظومة الرؤية الإسلامية للعلاقات الدولية (من الداخلي إلى البيني إلى الآخر)، وحيث إن فكر رموز الأمة من مفكريها وعلمائها وفقهائها -عبر نصف القرن الماضي- لم يلق بعد من العناية والدراسة ما لاقاه نظراؤهم في القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين؛ فإن هناك حاجة للقراءة الجامعة الشاملة التراكمية المقارنة في فكر هؤلاء الأعلام في محاولة لجمع خيوط “مشروع حضاري إسلامي” للتغيير. فكم بذلت جهود فكرية وحركية على هذا الصعيد، وهى وإن لم تحرز نتائج جذرية عبر نصف القرن الماضي؛ فإن أحد أهم الأسباب هو تناثرها وتجزؤها وعدم القيام عليها بالجهد التجميعي أو المقارن. بحيث لا عجب الآن من تكرار مقولات مثل أين ملامح مشروع حضاري إسلامي يواجه التحديات الخارجية -قبل الداخلية- والتي ازدادت وطأتها بدرجة غير مسبوقة في ظل العولمة وما بعد الحادي عشر من سبتمبر؟

إذن المنطلق هو ما تم إنجازه مسبقًا، من خبرات فكرية وحركية، قبل أن نتساءل عما الجديد المطلوب. ولعل من أهم الدوافع لهذا المنحنى الاستراتيجي هو البحث في الرؤى عن كيفية تحويل الرابطة العقدية بين أرجاء الأمة إلى روابط مصالح ملموسة، وبحيث لا تصبح دائرة الأمة الإسلامية دائرة مثالية أو مبعثًا لمجرد روابط روحية وإيمانية وتاريخية لا علاقة لها بالحاضر أو بالمستقبل. بعبارة أخرى: فإن خدمة قضايا الأمة الإسلامية لابد وأن تنطلق من تأصيل لكيف أن إنشاء الروابط المصلحية بين الأمة وتدعيمها هو من أهم خطوات خدمة قضايا الأمة -سواء على المستويات الوطنية أو الإقليمية أو عبر الإقليمية أو العالمية.

‌ب- استجابة البحوث المستقبلية لأجندة قضايا ذات أولوية يمكن وضعها تحت العنوان التالي: الأبعاد الدينية والثقافية للتدخلات الخارجية حقيقة أم توظيف سياسي؟ فإن إشكالية العلاقة بين الثقافي والسياسي تقفز على أكثر من مستوى؛ ابتداء من الحوارات مع الآخر (دوافعها، وأهدافها وآلياتها ومخرجاتها) إلى عمليات الإصلاح الداخلية وموضع الثقافي- الديني منها (تجديد الخطاب الديني، التربية المدنية (بلا دين)، ديموقراطية بلا إسلاميين، المعايير المزدوجة تجاه قضايا الأقليات في العالم الإسلامي وقضايا المسلمين في الغرب).

بعبارة أخرى؛ فإن الوعي بالأهداف السياسية والاقتصادية والعسكرية للتدخلات الخارجية في العالم الإسلامي لا يجب أن يحجب الوعي أيضًا بالأبعاد الثقافية والحضارية ذات الجذور التاريخية والعقيدية في توجيه مجتمعاتنا ونظمنا وأنفسنا.

كما أن التخوف والتحذيرات من مقولات صراع الحضارات التي أطلقها غربيون لا يجب أن تجعلنا -ونحن في غمار تأصيل مفاهيم التدافع والتعارف الحضاري- ننكر ما نلمسه وما نشهده من علامات ودلائل الصراع الحضاري من جانب دوائر غربية تقود وتهيمن على سياسات الغرب تجاه العالم الإسلامي، ولا تستنكف أن توظف -وبوضوح وبعلانية وبدون مواربة أو دبلوماسية- أدواتٍ ثقافية ودينية فجة.

ومن ثم، فإن التسييس لا يجب أن يخفى عن وعي الباحثين في مجال حوار الأديان والثقافات، إلا أنه يجب التمييز بين التسييس الذي هو من طبائع الأمور، وبين التسييس الضال الذي يوظف الأديان والثقافات في صراعات قوى استئصالية لا تعارفية. كما أن الأبعاد الثقافية لا يجب أن تخفى عن وعي الباحثين في مجال التدخلات الخارجية في عمليات التحول السياسي والمجتمعي في دولنا.

‌ج- دعم الجهود الفردية والمتناثرة الساعية لتطوير منظور حضاري مقارن للعلوم السياسية والعلاقات الدولية بخاصة، وذلك يتطلب ما يلي:

من ناحية أولى، التطوير من داخل العلم وبدون انفصال عن منظورات العلم الأخرى، حتى لا يظل ما هو “إسلامي” منفصلاً عن العلوم الحديثة ولا ينتمي إلا إلى العلوم الشرعية. فهذا هو التحدي المعرفي والنظري الأساسي الذي يواجهنا.

ومن ناحية أخرى، حماية ودعم المناخ الأكاديمي التعددي مثل الذي ساد في كلية الاقتصاد جامعة القاهرة وسمح لهذه الجهود بالبروز والنمو إلى جانب جهود منظورات ومدارس أخرى. وبحيث أضحى الجدال الأكاديمي بين هذه المنظورات من أهم علامات إنجاز هذه الكلية.

ومن ناحية ثالثة، دعم توجه البحوث الجماعية التي تتجاوز الحدود بين تخصصات العلوم السياسية وبينها وبين غيرها من العلوم الاجتماعية الأخرى، كما تخترق الحدود بين العلوم الاجتماعية والعلوم الشرعية. وإذا كانت هذه البحوث وسيلة من وسائل تجسير الفجوة بين الشرعي والاجتماعي، فثمة وسائل أخرى مهمة (مثل دورات تدريب المتشرعين في مجال العلوم الاجتماعية، ودورات تدريب الاجتماعيين في مجال العلوم الشرعية).

ومن ناحية رابعة، البحوث الجماعية هي السبيل أيضًا لتحقيق قفزات نوعية في سبيل تطوير منظور حضاري مقارن. وإذا كان مشروع العلاقات الدولية في الإسلام كمشروع جماعي قد حقق قفزة نوعية أولى، فإن هناك حاجة إلى قفزة ثانية وثالثة ورابعة، لن تتحقق إلا بجهود جماعية، وذلك للانتقال من مرحلة تأصيل الحاجة إلى منظور جديد وشرح خصائصه إلى مرحلة بناء المفاهيم وتصميم مناهج التطبيق، والتشغيل على تطبيقات تتصل بقضايا الأمة المحورية.

ومن ناحية خامسة، إن سياسة حرق المراحل تحتاج لأمرين متلازمين: أولهما هو تحقيق التواصل بين الجزر التي تقوم على نفس الهموم الأكاديمية في عدة دول إسلامية، وذلك حتى يتحقق التراكم النوعي القادر على إحداث قفزة نوعية في زمن أقل. وثانيهما مد جسور التواصل مع الجماعات البحثية الغربية التي تهتم بتعدد المنظورات الحضارية في مجال العلم كما تهتم بالأبعاد الثقافية للعلاقات الدولية، فإن مثل هذه الجماعات قد تبدي تفهمًا أكثر أو اهتمامًا أكبر بالجهود المبذولة لتطوير منظور حضاري للعلاقات الدولية (وهى الداعية إلى أن عالمية العلم لن تتحقق بدون إسهام منظورات حضارية أخرى إلى جانب الغربية) مقارنة بأبناء الوطن المنتمين إلى مدارس أخرى، حيث يبدو أنهم في معارضتهم ونقدهم ملكيون أكثر من الملك، أو متمسكون بقديم العلم الغربي الذي تجاوزته التطورات في الغرب ذاته، وذلك مع تجدد الاهتمام بالقيم وبدور الدين والثقافة في العلاقات الدولية.

بعبارة أخرى فإن جهود تطوير منظور حضاري للعلاقات الدولية يجب أن توضع كجزء مندمج من اتجاهات التطور في العلم وليس بمعزل عنه، وهذا يتطلب الكتابة باللغة الإنجليزية وعقد المؤتمرات الدولية حول هذا الموضوع أو المشاركة في مؤتمرات دولية ذات صلة مثل المؤتمرات السنوية للجمعيات العلمية العالمية وهو ما لم يتحقق حتى الآن بصورة كاملة.

‌د- وتبقى مسألة تشغيل تفعيل هذه البحوث وهذه المنظورات الحضارية، أي مسألة خلق الصلة والرابطة بين العالم وبحوثه ورؤاه وتصوراته وبين صانع السياسة ومتخذ القرار من ناحية وبين المواطنين الذين في حاجة لتجديد في سلوكهم وفى أنماط رؤاهم من ناحية أخرى.

فإلى متى تظل صناعاتنا الثقيلة في الجامعات وفى المراكز البحثية يقتصر تفعيلها وتشغيلها على حيز النخب العليا الفكرية والدراسية (هذا بفرض التحقق على هذا الصعيد أيضًا)؟ حقيقةً إن دور العالِم والباحث، على صعيد إعداد الأجيال الوسيطة التي تستمر بتقاليد المدارس الفكرية وتطورها هو دور أساس ولا غنى عنه ويضمن التجديد واستمرار العطاء على صعيد إنتاج العلم والرؤى والتصورات، ولكن يظل السؤال المطروح عاليًا يكتسب مشروعيته وذلك بالنظر إلى حجم الفجوة القائمة بين النخب الفكرية من أعلى وبين المواطنين من ناحية وبين صناع السياسة ومتخذي القرار في بلداننا من ناحية أخرى. ولذا كم تساءل أستاذنا د. حامد ربيع عن كفاحية عالم السياسة وكم انطلق في بحوثه الاستراتيجية من ضرورة خلق الرابطة بين النظرية والحركة.

ومما لا شك فيه أنه إذا عرفنا أسباب هذه الظاهرة التي وراء عدم تشغيل وتفعيل منتجات العلم الاجتماعي والإنساني من أجل خدمة قضايا الأمة الإسلامية، لعرفنا كيف نعالج هذا القصور. ومن التفسيرات المطروحة بهذا الصدد ما يلي:

الأمر الأول: هو عزوف صناع السياسة والحركة عن تلقي المشورة العلمية لأسباب ترجع لطبيعة النظم والحكومات وعدم توافر هياكل تداول الآراء والمشورة، ناهيك بالطبع عن العزوف الأكبر عن الاستعانة بأصحاب التوجهات الإسلامية المعرفية والنظرية أو بالذين يدعون إلى أخذ دائرة الأمة الإسلامية في الاعتبار عند تخطيط السياسات وتحديد الأهداف والمصالح المرجو تحقيقها. وهذا العزوف مرجعه مقولات سيارة -غير ذات مصداقية- ألا وهى أن الرابطة العقدية وإن ولدت مشاعر وتضامنًا معنويًا إلا أنها لا تولد بالضرورة مصالح، ومن ثم؛ فإن البراجمتية وحماية المصالح الوطنية لا تقتضى بالضرورة تخطي حدود المصالح الوطنية وتهديدها تحت دوافع النصرة مع الدول الإسلامية… كما يرجع هذا العزوف إلى أمر آخر أكثر أهمية؛ وهو أن أصحاب هذه التوجهات الإسلامية (الحضارية في مجال البحث العلمي) محسوبون على المعارضة السياسية الإسلامية أو على ما يسمى الإسلام السياسي – سواء كان سلميًا أو عنيفًا.

والأمر الثاني: هو مسئولية العالم ذاته عن فقدان الصورة الصحية عن العلاقة بين المثقف أو المفكر أو الأكاديمي وبين السلطة. فنجد من خرج عن عزلته ولكن ليركب موجه الشهرة فيلبس لباس الدور العام متخطيًا حدود العلاقة بين العالم وبين السياسي. وبدلًا من أن يصبح خبيرًا للسلطة مستقلاً يصبح سياسيًا، سواء في صفوف السلطان أو في صفوف قوى المعارضة. وإذا كان صوت هذا النموذج يصل للقادة ويصل للناس إلا أنه -وبسبب طبيعة النظم- لا يكون ذا مردود سريع وفاعل سواء لدى صانع القرار أو المواطن العادي؛ فلقد أضحى مجرد ظاهرة صوتية في نظر صاحب القرار إن كان يساعد على تقديم صورة مزيفة عن ديموقراطية النظام، كما أضحى هذا العالِم يمثل في نظر المواطن -وعبر الفضائيات- ظاهرة حوارية يراقبها عن بعد، وقد يفقه بعض ما يقوله وقد لا يفقه. بعبارة أخرى فإن معظم هذه النخب الفكرية والأكاديمية ذات الدور العام مازالت تتكلم فيما بينها أو تتجه إلى قمة النظام أو تناشد الشعوب، ولكنها مازالت تفتقد -في نفس الوقت- التواجد الفعلى بأفكارها بين الناس لتحركهم تحركًا فاعلًا يؤمن بضرورة التغيير وجدواه ولتحدد لهم خطوات إجرائية محددة يستطيعون من خلالها المساهمة في التغيير.

الأمر الثالث: أن الواقع الذي يقدمه التفسير السابق، ليس مسئولية العالِم بمفرده -سواء الذي لم يستطع أن يكسر جدار العزلة أو من نزل إلى ساحة الحركة ولكن بلا مردود فاعل- ذلك لأن انتقال الفكرة إلى الواقع بطريقة طبيعية وعلى نحو مثمر إنما يفترض مناخًا وهياكل غير متوافرة في بلداننا. ألا وهو مناخ الاحتفاء بفكرة واحتضانها بواسطة مراكز بحثية وتداولها في مناقشات عامة -خاصة وعامة- لبلورتها وتطويرها وحتى يتلقفها الإعلام ليوصلها إلى القاعدة أو يتلقفها الساسة لتحويلها إلى برامج عمل. ولكن ما يحدث لدينا هو العكس منذ البداية فلا يكتب للفكرة هذا النماء بل ربما يتم وأدها عمدًا أو عن غير عمد. ولعل من أهم أسباب الوأد غير المتعمد للأفكار ومن ثم عدم نمائها وعدم خروجها من محاضن ولادتها، هو افتقادنا لتقاليد الجماعة البحثية، التي يقوم أعضائها بالقراءة النقدية لإنتاج بعضهم البعض ويحدثون تراكمًا على من سبقهم في نفس المجال وبنفس التوجه. وكذلك افتقاد الصلة بين تلك الجماعات وبين وسائل الإعلام الجادة أو مراكز صنع القرار التي تؤمن بأهمية صناع الرؤى والتصورات الاستراتيجية كمنطلق لحركة سليمة.

وإذا كان مشروع العلاقات الدولية -في كلية الاقتصاد- قد حقق قفزة نوعية بواسطة فريق بحثي جماعي كان فريدًا من نوعه في حينه سواء من حيث تضافره أو من حيث اختلافاته ونقاشاته، فلم يتوافر نفس القدر من الزخم بعد ذلك، ومن ثم لا يمكن مقارنة الإنجاز المعرفي والنظري (وإن لم يكن التطبيقي) الذي حققه المشروع، بما تحقق بعد ذلك عبر ما يزيد عن عقد من الزمان (1996- 2010) حيث لم تتوافر الجهود الجماعية العلمية المنظمة اللازمة لاستكمال ما أسسه المشروع بصورة أكثر عمقًا وشمولاً. فباستثناء جهود متفرقة من جانب البعض، لم يتحقق الجمع بينها بصورة منظمة وجماعية لتقديم اجتهادات في مجال المفاهيم المقارنة، والمنهاجية المقارنة. بعبارة أخرى وإن ازدهرت دراسات واقع العلاقات الدولية للعالم الإسلامي في دائرتنا البحثية –مقارنة بما قبل- إلا أن الإنجاز المعرفي والنظري والمنهاجي لم يؤدِّ إلى استكمال عملية بناء منظور حضاري (إسلامي) مقارن لنظرية العلاقات الدولية. كذلك لم تتوافر المؤسسات الفاعلة -الوسيطة بين القلم وبين القارئ- لتسوق منتجاتنا عن قضايا وأحوال العالم الإسلامي، وهى منتجات ثقيلة وليست بمقال لرأي في صحيفة أو كتيب جيب، ولذا عزفت دور النشر عن نشرها وتسويقها بحجة أنها ليست طلب القارئ ولا يمكن تسويقها على نحو يحقق أرباحًا.

وعلى ضوء كل ما سبق فإن توجيه البحوث في جامعات مصر والدول الإسلامية التي يوجد بها تخصصات علوم سياسية وعلاقات دولية (بصفة خاصة) من اجل خدمة قضايا الأمة الإسلامية في حاجة لمساندة الهيئات والمؤسسات المدنية والرسمية والإسلامية ذات الموارد المالية وذات إمكانيات الوصول إلى الإعلام وإلى الناس.

وهذه المساندة مطلوبة في مجالات ثلاثة:

1. دعم ومساندة تكوين فرق البحث الجماعية المنظمة لتنفيذ خطط قصيرة الأجل (لمدة عامين) لتحقيق تراكم في عملية بناء منظور حضاري إسلامي مقارن لدراسة العلاقات الدولية.

2. التنسيق بين الجماعات البحثية (الوطنية) التي تقوم على مثل هذه الخطط حتى لا يحدث تكرار وحتى يتحقق التراكم العام في هذا المجال. وحتى تنكسر الحواجز بين هذه الجماعات وبينها وبين نظائرها في الجامعات الأجنبية، يمكن القيام بالآتي:

– تكوين شبكة لدارسة وباحثي العلاقات الدولية من منظورات مقارنة في جامعات الدول الإسلامية.

– عقد مؤتمر دوري كل ثلاث أو أربع سنوات لعرض نتائج مشروعات الفرق البحثية في الجامعات المختلفة ويشترك فيه علماء بارزون في نظرية العلاقات الدولية في الجامعات الغربية من المهتمين بالمداخل الثقافية والحضارية المقارنة لدراسة العلاقات الدولية (المدرسة البنائية الجديدة، المدرسة النقدية).

– ومنعًا لهدر الطاقات والجهود السابقة للتشبيك والتنسيق، يمكن الانطلاق من تقييم ما حققته حتى الآن مؤسسات مثل: علماء الاجتماع المسلمين في الولايات المتحدة وفى بريطانيا وخاصة بالطبع من حيث البحث المعرفي والنظري في مجال نظرية العلاقات الدولية والعلاقات الدولية للعالم الإسلامي. (وإن كان يجب عدم الفصل بين هذين الجانبين النظري والتطبيقي، إلا أنه يجب ألا يجور أحدهما على الآخر).

3. وأخيرًا: الاهتمام بإعداد كوادر الجيل الثاني من شباب الباحثين وأعضاء هيئة التدريس. ومن سبل ذلك: إعداد دورات التدريب المنهاجية من ناحية، وإدماجهم في مشروعات البحث الجماعية وخاصة النظرية من ناحية أخرى، وتشجيع وتنظيم احتكاكهم المستمر بالدوائر الأجنبية حتى تتسع دائرة معارفهم وخبراتهم العلمية ولا تقتصر على دوائر جامعات العالم الإسلامي.

فإن خدمة قضايا الأمة الإسلامية، في المجالات الثلاثة السابق اقتراحها لن يتحقق بدون الانفتاح على جامعات دوائر حضارية أخرى والتواصل معها بطريقة إيجابية، أي بطريقة لا تقتصر على النقل واستهلاك العلم المستورد فقط ولكن تقوم على نقده وتقييمه واستيعابه وتجاوزه بإنتاج جديد يجسد واقع ما أسمته د. منى أبو الفضل “الأنساق المعرفية المتقابلة” من ناحية(60)، ويساهم في عملية التجديد الثقافي العالمي إلى جانب منظورنا الحضاري الذي يجب أن يمثل -كما تقول د.منى أبو الفضل(61)– قوة من قوى تحقيق هذا التجديد المطلوب عالميًا الآن. وأعتقد أن مجال العلوم السياسية بصفة عامة وفى مجال العلاقات الدولية بدرجة أوضح (وخاصة على صعيد الجماعة البحثية في مصر) قد حقق، عبر ثلاثة عقود في السبعينيات وأوائل الثمانينيات) مسارًا وئيدًا دشن قواعده العامة د.حامد ربيع وأسست د.منى أبو الفضل ركائزه النظرية في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات، وقام فريق مشروع العلاقات الدولية في الإسلام منذ 1986 وحتى الآن باستكشاف وتطوير إمكانياته النظرية التطبيقية في أحد فروع علم السياسة.

وفي النهاية لا يسعني إلا أن أعبر عن سعادتي بهذا التعاون الخلاق بين مجلة المسلم المعاصر تلك القلعة العريقة والمعطاءة وبين مركز الحضارة للدراسات السياسية؛ في الكشف عن تلك المسيرة العلمية والجهود المتراكمة وإبرازها للباحثين والمهتمين من أبناء الأمة كي يستوعبوا درسها ويراكموا عليه بناءً وإنماءً. كما أثمّن غاليًا الجهد الكبير الذي قام به الفريق التحريري في المجلة، والفريق البحثي بمركز الحضارة (مدحت ماهر، سمية عبد المحسن، محمد كمال، شيماء بهاء الدين)، وأخص بالتقدير منهم الابنة الباحثة ماجدة إبرهيم؛ لما أولوه من جهد وفكر وتدقيق لهذا العمل حتى خرج في صورته النهائية التي أرجو أن ينفع الله بها القارئ والمهتم.

الهوامش

(1) انظر:

– د.سيف الدين عبد الفتاح، مدخل القيم (1): الإشكالية ومحاولة التأصيل، المسلم المعاصر، العدد (89)، السنة 23، أغسطس – أكتوبر 1998، ص ص 19 – 50.

– ـــــــــ، مدخل القيم (2): المفردات والمنظومة، المسلم المعاصر، العدد (90)، السنة 23، نوفمبر – ديسمبر 1998- يناير 1999، ص ص 13 – 42.

– د.أحمد عبد الونيس شتا، في القانون الدولي والشريعة الإسلامية، المسلم المعاصر، العدد (101)، السنة 26، يوليو – سبتمبر 2001، ص ص 57 – 104.

(2) عقد مركز الحضارة للدراسات السياسية في طريق التأسيس لهذه الجماعة حلقة نقاشية محدودة بعنوان: “نحو بناء جماعة علمية في العلوم السياسية من منظور حضاري” في الفترة (4-5 أغسطس 2008)، حضرها عدد من أساتذة العلوم الاجتماعية، بالإضافة إلى عدد من الباحثين الشباب، بهدف إقامة جسور التواصل والتنسيق بين الأساتذة والباحثين في العلوم السياسية ضمن مظلة هذا المنظور. واستكمالا لجهود تلك الحلقة، يشرف المركز على إعداد قاعدة لبيانات وأعمال الأساتذة والباحثين ضمن المنظور الحضاري على المستويين العربي ثم الإسلامي.

(3) د.نادية محمود مصطفى، مقدمة مشروع العلاقات الدولية في الإسلام: الأهداف، الدوافع، المنطلقات، (في): د. نادية محمود مصطفى (إشراف): المقدمة العامة لمشروع العلاقات الدولية في الإسلام، الجزء الأول من المشروع، القاهرة:المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1996.

(4) Mona Abul Fadl: Islamization as a force of global culture renewal: the relevance of Tawhidi episteme to modernity, the American Journal of Islamic Social Sciences, Vo 2, 1988.

– د. حامد عبد الماجد: الوظيفة العقيدية للدولة الإسلامية، دار التوزيع للنشر الإسلامية، القاهرة، 1993.

– سيف الدين عبد الفتاح: مدخل القيم، إطار مرجعي لدراسة العلاقات الدولية في الإسلام، (في) د. نادية محمود مصطفى (إشراف وتحرير): مشروع العلاقات الدولية في الإسلام، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، القاهرة، 1996.

(5) انظر دراسات مسحية تراكمية لإنتاج د. حامد)في(: د.حسن نافعة، د. عمرو حمزاوي (محرران): تراث ربيع بين كفاحية العالم ومقتضيات المنهج، أعمال ندوة قسم العلوم السياسية “احتفالية حامد ربيع” (29- 30 يونيو 2003)، كلية الاقتصاد، جامعة القاهرة، 2004.

(6) انظر في هذا الصدد:

د. نادية محمود مصطفى: قراءة في أعمال د. حامد ربيع في مجال العلاقات الدولية (في) المرجع السابق.

(7) من عناوين الأدبيات التي قدمها د. حامد في هذا المجال:

* الإسلام والقوى الدولية (1981).

* سوف أظل عربيًا (13 رؤية) (1978- 1980): نحن والعالم، قيمنا المعنوية في التاريخ الإنساني، القيم الإسلامية والتراث الأوروبي، الحضارة الإسلامية والحضارة الأوروبية بين الكراهية والإعجاب، أين قيم العروبة والإسلام من عالمنا المعاصر، الوظيفة الحضارية للعروبة الإسلامية، الدولة العالمية والعروبة الإسلامية، نحن والحضارة البيضاء إلى أين الطريق.

* الإسلام في لعبة الأمم: الصحوة الإسلامية حركة شعوب تبحث عن ذاتها وليس تحريكًا لجيوش تسعى إلى القتال (1985).

* حوار مع د. حامد ربيع حول المشروع الحضاري الإسلامي: الفكر القومي في العالم العربي عفا عليه الزمن (1988).

* عملية توظيف الورقة الإسلامية في تحطيم القدرات الذاتية للوطن العربي الإطار الفكري للتعامل.

* الإسلام وعملية تخريب الوطن العربي.

* إشكالية التراث وتدريس العلوم السياسية في الجامعات العربية (1985).

* استراتيجية التعامل الدولي في تقاليد الممارسة الإسلامية.

وحول أهم أطروحاته في هذا المجال، انظر: د. نادية محمود مصطفى: مرجع سابق، ص ص 430- 442.

(8) من أعمال د.منى أبو الفضل في هذا الصدد:

* الأمة القطب: نحو تأصيل منهاجي لمفهوم الأمة في الإسلام، القاهرة، مكتبة الشروق الدولية، 2005.

* من قضايا تطوير التعليم في الوطن العربي: نحو منهجية علمية لتدريس النظم السياسية العربية، القاهرة، مكتبة الشروق الدولية، 2006.

* المنظور الحضاري وخبرة تدريس النظم السياسية العربية، في: دورة المنهاجية الاسلامية في العلوم الاجتماعية : حقل العلوم السياسية نموذجا، القاهرة: مركز الحضارة للدراسات السياسية ومركز الدراسات المعرفية، 2000.

* الإسلام والشرق الأوسط، ترجمة د. السيد عمر، القاهرة، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1994.

* Where East Meats west: the west on the Agenda for The Islamic Revival, international institute of Islamic thought, Herndon, Virginia, USA, 1412/1992.

(9) د. نادية محمود مصطفى (تحرير وإشراف)، مشروع العلاقات الدولية في الإسلام (12 جزء)، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، القاهرة، 1996.

(10) د. نادية محمود مصطفى، د. سيف الدين عبد الفتاح (محرران)، العلاقات الدولية بين الأصول الإسلامية وبين خبرة التاريخ الإسلامي، أعمال ندوة مناقشة مشروع العلاقات الدولية في الإسلام، مركز البحوث والدراسات السياسية، جامعة القاهرة، 2000 (جزءان).

(11) د. نادية محمود مصطفى: عملية بناء منظور إسلامي للعلاقات الدولية، إشكاليات خبرة البحث والتدريس (في) د. نادية محمود مصطفى، د. سيف الدين عبد الفتاح (محرران) المنهاجية الإسلامية في العلوم الاجتماعية: العلوم السياسية نموذجًا. المعهد العالمي للفكر الإسلامي، مركز الحضارة للدراسات السياسية، القاهرة، 2002.

(12) انظر على سبيل المثال:

– د. عبد الخبير عطا: البعد الديني في دراسة العلاقات الدولية (دراسة في تطوير الحقل).

ود. أماني صالح: توظيف المفاهيم الحضارية في التحليل السياسي: الأمة كمستوى للتحليل في العلاقات الدولية (في): أعمال “مشروع التأصيل النظري بين الثقافة والحضارة والدين”، إعداد وتنسيق علمي، د. نادية محمود مصطفى ود.منى أبو الفضل، جامعة القاهرة: برنامج حوار الحضارات (2003- 2005)، دمشق: دار الفكر، 2008.

(13) أعماله غير منشورة، وقدمت د. نادية مصطفى في إحدى جلساته عرضًا عن إشكاليات البحث والتدريس من منظور إسلامي مقارن في مجال العلاقات الدولية.

(14) د. نادية محمود مصطفى، د. سيف الدين عبد الفتاح (محرران): العلاقات الدولية بين الأصول الإسلامية…، مرجع سابق.

(15) د. عبد الخبير عطا: تجربة الجامعة الإسلامية في ماليزيا في تدريس العلوم السياسية من منظور التكامل بين العلوم الاجتماعية وبين العلوم الشرعية (في) د. مصطفى منجود (محرر): نماذج عالمية في تدريس العلوم السياسية، أعمال المؤتمر العلمي لقسم العلوم السياسية (الإسكندرية، 16- 18 مايو 2001)، قسم العلوم السياسية، سلسلة المؤتمرات العلمية (2)، القاهرة، 2003.

وانظر أيضًا التعقيب المكتوب الذي قدمته د. نادية مصطفى ومناقشات السادة أعضاء هيئة التدريس في نفس المرجع السابق.

(16) الندوة المصرية- الفرنسية التاسعة في العلوم السياسية التي نظمها مركز البحوث والدراسات السياسية بالتعاون مع المركز الفرنسي للوثائق والدراسات الاقتصادية والقانونية (C.E.D.E J) تحت عنوان “العلوم السياسية والعلوم الاجتماعية: الآفاق والتوقعات، في القاهرة، فبراير 2000 (أعمالها غير منشورة). وانظر بصفة خاصة: د. نادية مصطفى: التاريخ في دراسة النظام الدولي: رؤية مقارنة.

(17) مؤتمر “حوار الحضارات والمسارات المتنوعة للمعرفة (المؤتمر الثاني للتحيز(“، فبراير 2007، جامعة القاهرة: برنامج الدراسات الحضارية وحوار الثقافات بكلية الاقتصاد.

(18) ورشة عمل “بناء الديمقراطية العالمية”، عقدت بالقاهرة في الفترة (6 – 8 ديسمبر 2009)؛ حيث قدمت د.نادية مصطفى ورقة بعنوان: “نحو منظور إسلامي لبناء ديمقراطية عالمية”.

(19) د. نادية محمود مصطفى: إعادة تعريف السياسي والعلاقات الدولية (في) د. نادية محمود مصطفى (محرر) علم السياسية مراجعات نظرية ومنهاجية، أعمال السمينار العلمي لقسم العلوم السياسية، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2004م.

(20) د. نادية محمود مصطفى (محرر)، مداخل التحليل الثقافي للظواهر الاجتماعية والسياسية، أعمال السمينار العلمي لقسم العلوم السياسية (2009 – 2010)، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة. (تحت الإعداد للنشر)

(21) د. نادية محمود مصطفى، د. سيف الدين عبد الفتاح (محرران): المنهاجية الإسلامية…، مرجع سابق.

(22) تم عقد هذه الدورة –الممتدة- على مدار عام (2002) قدم خلالها أ.د.علي جمعة خمسة عشر محاضرة في مداخل العلوم الشرعية، وكذلك أ.د.طه جابر العلواني وأ.د.عبد الحميد أبو سليمان، أ.د.سيف الدين عبد الفتاح وأ.د.السيد عمر وأ.د.نادية محمود مصطفى، قدموا خبرات تطبيقية في هذا المجال، كما قام المتدربون باختيار موضوعات من أجندة العلاقات الدولية المعاصرة، واقتربوا منها من مداخل العلوم الإسلامية (التفسير، الحديث، التاريخ، الفقه…) ولقد صدرت محاضرات أ.د.علي جمعة في الدورة –بعد تطويرها- في شكل كتاب. انظر:

د.علي جمعة، الطريق إلى التراث الإسلامي- مقدمات معرفية ومداخل منهجية، نهضة مصر، الطبعة الثانية، أغسطس 2005م.

(23) دورة “المنهاجية الإسلامية”، نظمها مركز الدراسات المعرفية والمعهد العالمي للفكر الإسلامي، في الفترة (7 – 12 فبراير 2009.

(24) دورة منهاجية بعنوان “في كيفية تفعيل القيم في البحوث والدراسات الاجتماعية”، نظمها مركز الحضارة للدراسات السياسية، بالتعاون مع كل من مركز الدراسات المعرفية ومركز الدراسات الحضارية وحوار الثقافات، في الفترة (6 – 11 فبراير 2010).

(25) نظم مركز الحضارة للدراسات السياسية في هذا الإطار:

* دورة تثقيفية بعنوان: “قراءة المفكر وعالم الأفكار”، حاضر فيها أ.د.سيف الدين عبد الفتاح، في الفترة (7 يوليو – 11 أغسطس 2008).

* دورة تثقيفية بعنوان: “كيف نفكر في الأحوال الراهنة العالمية”، في الفترة (13-24 يناير 2008).

(26) انظر على سبيل المثال:

* د. علي الدين هلال، في الكلمة الافتتاحية في أعمال مؤتمر مناقشة مشروع العلاقات الدولية في الإسلام (في) د. نادية محمود مصطفى، د. سيف الدين عبد الفتاح (محرران)، مرجع سابق.

* انظر أيضًا: د. وجيه الكوثراني: الذاكرة والتاريخ في القرن العشرين، دراسات في البحث التاريخي، الفصل الثامن تحت عنوان: “في البحث عن خبرة التاريخ الإسلامي لدراسة العلاقات الدولية، نقد للمنهج الإسلامي أو المنظور الإسلامي، ويتضمن مشاركته في أعمال مؤتمر مناقشة مشروع العلاقات الدولية في الإسلام بالتعقيب على الجزء السابع من المشروع من إعداد د. نادية محمود مصطفى تحت عنوان: مدخل منهاجي لدراسة التطور في وضع العالم الإسلامي في النظام الدولي.

* وانظر عرضًا كليًا مقارنًا لهذه المواقف في: د. نادية محمود مصطفى، عملية بناء منظور إسلامي للعلاقات الدولية، مرجع سابق، وكذلك انظر مناقشة لهذه المواقف في: د. مصطفى منجود (محرر): مرجع سابق.

(27) انظر: د. عبد الخبير عطا: دور الجامعات في العالم العربي والإسلامي في بناء النسق الثقافي والحضاري للأمة أسباب الفشل ومقومات النجاح (في) د. سيف الدين عبد الفتاح (محرر): التعليم العالي في مصر خريطة الواقع واستشراف المستقبل، أعمال المؤتمر السنوي الثامن عشر الذي عقد في 14-17 فبراير 2005، جامعة القاهرة: مركز البحوث والدراسات السياسية.

(28) عقدت الجمعية العربية للعلوم السياسية بالتعاون مع مركز الخليج في الشارقة مؤتمرًا شارك فيه عدد من مراكز البحث في الشئون السياسية للنظر في دور هذه المراكز في الوطن العربي. وعن أعمال هذا المؤتمر انظر مجلة النهضة، دورية علمية تصدر عن كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، كذلك عقد المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية، في مستهل افتتاحه مؤتمرًا عن دور مراكز البحوث وكيفية دعمها لصنع السياسات والقرارات. انظر: نحو دور مؤثر لمراكز البحث والتفكير في صنع السياسات في مصر، 21/ 12/ 2004.

(29) د. نادية مصطفى، التحديات الخارجية التي تواجه العالم الإسلامي (في) رابطة الجامعات الإسلامية، مشروع التحديات التي تواجه العالم الإسلامي في القرن الجديد، الجزء الثالث، القاهرة، 1999م.

(30) “أمتي في العالم”: كتاب غير دوري يهتم بقضايا العالم الإسلامي، صدر منها: العدد الأول (1998) في 1999، والعدد الثاني في 2000، وتم إصدار عدد خاص “الأمة في قرن” في ستة أجزاء في 2002. كما تم إصدار الأعداد: الخامس (2003)، العدد السادس (2005)، والعدد السابع (2006)، والعدد الثامن (2009)، والعدد التاسع تحت الإعداد للنشر.

(31) د.نادية مصطفى (إشراف ورئاسة تحرير)، الأمة في قرن، موسوعة قضايا العالم الإسلامي في قرن، مركز الحضارة للدراسات السياسية، دار الشروق الدولية، القاهرة، (2002- 2003)، 6 أجزاء؛ وهي: الماهية- المكانة- الإمكانية، خبرة العقل المسلم- خبرات وتطورات وحوارات، الإسلام في عالم المسلمين (نماذج وحالات)، أنماط الفواعل والتفاعلات في الداخل الإسلامي، الأقوام والأعراق والملل في عالم متداخل، تداعي التحديات والاستجابات والانتفاض نحو المستقبل.

(32) محمد سليم العوا، التيار الإسلامي وتجديد الفكر السياسي (في) د. علا أبو زيد (محرر): الفكر السياسي المصري المعاصر، أعمال المؤتمر السنوي الخامس عشر للبحوث السياسية (16- 18 فبراير 2002، مركز البحوث والدراسات السياسية، 2003م.

انظر أيضًا: محمد سليم العوا، التيار الإسلامي في مصر (في) د. نازلي معوض أحمد (تقديم وتحرير):الخبرة السياسية المصرية في مائة عام، أعمال المؤتمر السنوي الثالث عشر للبحوث السياسية (4- 6 ديسمبر 1999)، مركز البحوث والدراسات السياسية، 2001م.

(33) د. علي الدين هلال (محرر)، دراسات في السياسة الخارجية المصرية من ابن طولون إلى السادات، مركز البحوث والدراسات السياسية، 1987م.

(34) د. نادية محمود مصطفى، الإسلام والسياسة الخارجية المصرية (في): د. مصطفى علوي (محرر)، المدرسة المصرية في السياسة الخارجية، مركز البحوث والدراسات السياسية، 2001.

(35) د. نازلي معوض (محرر)، مصر ودول الجوار الجغرافي، مركز البحوث والدراسات السياسية.

(36) د. نيفين مسعد، د. عبد العاطي محمد، السياسة الخارجية للحركات الإسلامية، مركز البحوث والدراسات السياسية، 2000.

(37) د. نادية محمود مصطفى (محرر)، التربية المدنية في مصر: تقويم واستشراف، مركز البحوث والدراسات السياسية.

– د. نادية محمود مصطفى، د. إبراهيم البيومي غانم (محرران)، حالة تجديد الخطاب الديني في مصر، مركز البحوث والدراسات السياسية، 2006.

(38)د. علا أبو زيد، د. إبراهيم البيومي، المجتمع المدني العربي: إشكاليات العلاقة مع السلطة والمجتمع، بحث مقدم في مؤتمر: الشرق الأوسط الكبير: جدال الداخل والخارج ومستقبل المنطقة العربية، المؤتمر السنوي لمركز البحوث والدراسات السياسية والذي عقد في الفترة من 26 إلى 29/ 12/ 2005 (تحت الطبع).

– د. ضياء رشوان، التيارات الإسلامية بين الفعل الأهلي- المدني والسياسي، بحث مقدم في مؤتمر: الشرق الأوسط الكبير: جدال الداخل والخارج ومستقبل المنطقة العربية، المؤتمر السنوي لمركز البحوث والدراسات السياسية والذي عقد في الفترة من 26 إلى 29/ 12/ 2005 (تحت الطبع).

(في) د. نادية محمود مصطفى، د. باكينام الشرقاوي (محرران)، مشروع الشرق الأوسط الكبير وأمن المنطقة العربية، مركز البحوث والدراسات السياسية. (تحت الطبع).

(39) د.نادية محمود مصطفى، د.منى أبو الفضل (إعداد وتنسيق علمي)، مشروع التأصيل النظري بين الثقافة والحضارة والدين، مرجع سابق.

(40) د. نادية محمود مصطفى، د. علا أبو زيد (محرران)، من خبرات حوار الحضارات: قراءة في نماذج على الصعيد العالمي والإقليمي المصري، برنامج حوار الحضارات، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2003م.

– د. نادية محمود مصطفى (محرر)، مسارات وخبرات متنوعة في حوار الحضارات، برنامج حوار الحضارات، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2004م.

– د. نادية محمود مصطفى، د. علا أبو زيد (محرران)، خطابات عربية وغربية في حوار الحضارات، برنامج حوار الحضارات، 2004.

(41) د. نادية محمود مصطفى (محرر)، خصائص الثقافة العربية والإسلامية في ظل حوار الحضارات، برنامج حوار الحضارات، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2005.

– د. نادية محمود مصطفى (محرر)، الهوية الإسلامية في أوروبا… إشكاليات الاندماج، برنامج حوار الحضارات، 2005.

– د. أماني صالح (محرر)، مراجعة في خطابات معاصرة حول المرأة: نحو منظور حضاري، برنامج حوار الحضارات، 2007.

(42) د. نادية محمود مصطفى، د. سيف الدين عبد الفتاح (محرران)، اللغة والهوية وحوار الحضارات، برنامج حوار الحضارات، 2006.

– د. نادية محمود مصطفى، د. رفعت العوضي (إشراف وتحرير)، الأمة وأزمة الثقافة والتنمية، برنامج حوار الحضارات، مركز الدراسات المعرفية، البنك الإسلامي للتنمية، دار السلام، 2007.

– د. نادية محمود مصطفى، د. سيف الدين عبد الفتاح (إشراف وتحرير)، الخصوصية الثقافية، نحو تفعيل التغيير السياسي والمجتمعي، أعمال المؤتمر الذي نظمه برنامج حوار الحضارات في سبتمبر 2006، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2008.

(43) مع اندلاع أزمة الرسوم الدانماركية نظم برنامج حوار الحضارات حلقتي نقاش في 9/2، 28/ 2/ 2006 على التوالي تحت عنوان “أزمة في مسار حوار الثقافات والأديان: قراءة في تداعيات وقائع الحالة الدانماركية”. (أعمالها تحت الإعداد للطبع ضمن أعمال كتاب عن أزمات الحوار الداخلية والخارجية) وانظر أيضًا: د. نادية محمود مصطفى، الرسوم الدانماركية وشروط الحوار العادل: قراءة في مغزى العلاقة بين الثقافي والسياسي، 3/ 4/ 2006، من موقع:

http://www.islamonline.net/arabic/contemporary/2006/04/article01.shtml

– كذلك نظم برنامج حوار الحضارات عقب اندلاع أزمتي الإسكندرية بين المسلمين والمسيحيين ندوتين مغلقتين تحت عنوان “المسلمون والمسيحيون بين العزلة والتطرف: تحديات الجماعة الوطنية” (26 نوفمبر 2005)، قواعد العيش المشترك (5 فبراير 2005) (أعمالهما تحت الإعداد للطبع ضمن أعمال كتاب عن أزمات الحوار الداخلية والخارجية).

(44) د. نادية محمود مصطفى (محرر)، أوروبا وإدارة حوار الثقافات الأورومتوسطية: نحو رؤية عربية للتفعيل، برنامج حوار الحضارات، 2007.

(45) د. نادية محمود مصطفى (تنسيق علمى وإشراف)، د. معتز عبد الفتاح (محرر)، الدبلوماسية العامة الأمريكية تجاه العالم الإسلامي، أعمال الندوة التي نظمها برنامج حوار الحضارات في أبريل 2006، 2007.

(46)نادية محمود مصطفى، باكينام الشرقاوي (تنسيق علمي وإشراف)، مراجعة وتـحرير: أسامة أحمد مجاهد، تركيا – جسر بين حضارتين: على ضوء مساعي انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، جامعة القاهرة: مركز الدراسات الحضارية وحوار الثقافات، 2010.

– نادية محمود مصطفى، باكينام الشرقاوي (تنسيق علمي وإشراف)، مراجعة وتـحرير: أسامة أحمد مجاهد، إيران والعرب: المصالح القومية وتدخلات الخارج (رؤى مصرية وإيرانية)، جامعة القاهرة: مركز الدراسات الحضارية وحوار الثقافات، 2009.

(47) تمثلت جهود تجديد وعي الطلبة وشباب الباحثين بدائرة الأمة الإسلامية وموضعها في عملية التفاعل الحضاري الراهن في ما قام بالإشراف عليه برنامج حوار الحضارات في الكلية من الأنشطة الطلابية التي شارك فيها طلاب من جامعات أخرى. ويمكن تسجيل الأنشطة التالية:

* دورات التثقيف الحضاري السنوية (2005 – 2009) والتي استمرت كل منها لمدة أربعة أيام، وتم تنظيمها تحت العناوين المتتالية التالية:

– من أجل بناء الذات الحوارية والوعي الحضاري (1) ( 4- 7/ 9/2005)

– من أجل بناء الذات الحوارية والوعي الحضاري (2) ( 3- 6/9/2006)

– نحو بناء الذات الحضارية ووعي الجماعة الوطنية (2 – 6 سبتمبر 2007)

– ثقافات متنوعة في حضارة جامعة (24- 28 أغسطس 2008)

– ثقافات متنوعة في حضارة جامعة (ب) (16- 20/8/2009)

* نموذج محاكاة منظمة المؤتمر الإسلامي الذي نظم خمس دورات حتى الآن (2005 – 2009). وتقليد تنظيم نماذج المحاكاة في الكلية يرجع إلى ما يزيد عن عشرة أعوام؛ حيث درج بانتظام عقد نماذج الاتحاد الأوروبي، الكونجرس الأمريكي، الأمم المتحدة، الجامعة العربية، كما عقدت بعض نماذج عن البورصة، الاتحاد الأفريقي. وتناولت مجالس نموذج المؤتمر الإسلامي موضوعات إدارة أزمات الأمة، قضية التضامن والوحدة الإسلامية، العلاقات الاقتصادية الإسلامية، الاقتصاد الإسلامي، العلاقات الثقافية الإسلامية، حوارات الثقافات والحضارات والأديان…

* جولات الحوار بين طلبة الكلية ووفود طلابية أجنبية (أمريكية وأوربية). وتم إعداد بعض هؤلاء الطلبة في دورة لتنمية المهارات الحوارية، وفي لقاءات مع الأساتذة حول القضايا محل الحوار المرتقب. ومن أهم هذه القضايا: المرأة وحقوق الإنسان والديموقراطية والجهاد في الإسلام، سياسات للولايات المتحدة والدول الأوربية تجاه قضايا الصراعات في العالم الإسلامي، الأوضاع الداخلية في الدول الإسلامية، أزمات حوار الثقافات (كما حدث إبان أزمة الرسوم الكاريكاتيرية في الصحف الدانماركية)…

(48) د.نادية محمود مصطفى، مقدمة مشروع العلاقات الدولية في الإسلام: مرجع سابق.

(49) راجع في ذلك:

– د. نادية محمود مصطفى: حول إسهام التراث الخلدوني في الفكر الدولي والنظرية الدولية دراسة استكشافية في الإشكاليات المنهاجية، دراسة قدمت إلى مؤتمر”عالمية ابن خلدون” المنعقد بمكتبة الاسكندرية بالتعاون مع المجلس الأعلى للثقافة والتربية والعلوم في ديسمبر 2006، (تحت الطبع).

– د.سيف الدين عبد الفتاح، بناء المقاييس والتراث السياسى الإسلامى وقياس الفساد نموذجا لدى ابن خلدون، دراسة مقدمة إلى ندوة “ابن خلدون ووحدة المعرفة”، القاهرة، 2006.

– د.نادية محمود مصطفى: العلاقات الدولية للأمة الإسلامية في منظومة فكر الإمام وحركته، مجلة المسلم المعاصر، عدد 119-120(عدد خاص عن الإمام محمد عبده)، إبريل – يونيو 2006.

– د. سيف الدين عبد الفتاح، “رؤية العالم عند الأستاذ الإمام”: دراسة تحليلية نقدية، نوفمبر 2005، ورقة أولية مقدمة إلى احتفالية محمد عبده بمكتبة الإسكندرية.

– د.نادية محمود مصطفى، قراءة في البناء الفكري لطارق البشري، (في): أعمال ندوة الاحتفاء بطارق البشري يوليو (1998)، القاهرة: دار الشروق،2000.

– د. سيف الدين عبد الفتاح، “أمتي في العالم- أمتي والعالم: حامد ربيع عالم حمل هم الأمة في عقله” (في) أ.د. نادية مصطفى، أ.د. سيف الدين عبد الفتاح (تحرير): أمتي في العالم (حولية قضايا العالم الإسلامي) 1998م، مركز الحضارة للدراسات السياسية، القاهرة، 1999م.

– مركز الحضارة لدراسات السياسية، مركز الدراسات احضارية وحوار الثقافات، ندوة “قراءة في منظومة العطاء الفكري للدكتورة منى أبو الفضل”، القاهرة، 15، 16 مارس2009، ضمن مشروع “قراءة في الفكر الحضاري لأعلام الأمة”.

– د. عمرو حمزاوي (محرر)، أعمال ندوة قراءة في تراث حامد ربيع، جامعة القاهرة: قسم العلوم السياسية بكلية الاقتصاد، 2004.

– عزة جلال، اخصوصية الثقافية والحضارية عند محمد خاتمي: رؤية حاكم فيلسوف، في: د.نادية مصطفى، د.محمد بشير صفار (تنسيق علمي وإشراف)، مراجعة وتحرير: علياء وجدي، الخصوصية الثقافية: نحو تفعيل التغيير السياسي والاجتماعي، برنامج الدراسات الحضارية وحوار الثقافات، 2008.

(50) مصطفى محمود منجود، القيم والنظام المعرفي في الفكر السياسي: رؤية مقارنة في إسهامَي الغزالي ومكيافيللي، إسلامية المعرفة ، مج 5، ع 19، ص ص 31 – 83.

(51) انظر في ذلك:

– د. نادية مصطفى: دراسة العلاقات الدولية في الفكر الإسلامي: بين الإشكالات المنهجية وخريطة النماذج والمفاهيم الفكرية، بحث أعد كإطار نظري لاستكمال المستوى الثالث من مشروع “العلاقات الدولية في الإسلام” والخاص بالفكر الإسلامي، يوليو 2008. (تحت الإعداد للنشر)

– د. نادية محمود مصطفى: حول إسهام التراث الخلدوني في الفكر الدولي، مرجع سابق.

(52) انظر: د.محمود حمدي زقزوق (إشراف وتقديم)، موسوعة الحضارة الإسلامية، وزارة الأوقاف، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، 1429هـ/2005م. وقد قام مركز الحضارة بإعداد المفاهيم الخاصة بنظم الحكم والعلاقات الدولية في الإسلام في تلك الموسوعة.

(53) د. نادية محمود مصطفى: إشكاليات البحث والتدريس في علم العلاقات الدولية من منظور حضاري مقارن، بحث مقدم إلى مؤتمر”حوار الحضارات والمسارات المتنوعة للمعرفة (المؤتمر الثاني للتحيز(” فبراير 2007، جامعة القاهرة: برنامج الدراسات الحضارية وحوار الثقافات بكلية الاقتصاد. (تحت الطبع)

(54) حول مفهوم المنظور والنماذج المعرفية المتقابلة انظر: د. منى أبو الفضل، النظرية الاجتماعية المعاصرة: نحو طرح توحيدي في أصول التنظير ودواعي البديل، إسلامية المعرفة، العدد 6، سبتمبر 1996، ترجمة د. نصر عارف، ص ص 69- 109.

(55) د. أحمد عبد الونيس، د. عبد العزيز صقر، د. سيف الدين عبد الفتاح، د. مصطفى منجود: المداخل المنهاجية للبحث في العلاقات الدولية في الإسلام، مرجع السابق.

(56) د. نادية محمود مصطفى: مدخل منهاجي لدراسة تطور وضع العالم الإسلامي في النظام الدولي (في) مرجع سابق.

(57) حول أوجه النقد والتحفظ والرفض للمشروع والمنظور وأسانيد كل منها المعرفية والمنهاجية انظر: د.نادية محمود مصطفى، د.سيف الدين عبد الفتاح (محرران)، العلاقات الدولية بين الأصول الإسلامية وبين خبرة التاريخ الإسلامي، مركز البحوث والدراسات السياسية، 2000. (المجلد الثاني)

(58) د.سيف الدين عبد الفتاح، مدخل القيم، مرجع سابق.

(59) د. حامد عبد الماجد: مرجع سابق، ص ص 46- 47.

(60) د. منى أبو الفضل، مرجع سابق.

(61)Mona Abul Fadel, Paradigms in political science revisited: Critical options and muslim perspectives. American Journal of Islamic Social Sciences, Vol. 6, No 1, March 1989.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر