عرض ونقد كتب

عرض كتب: المبادئ العشرة لعلم الجدل عند الإمام عبد القاهر البغدادي من خلال كتابه ” عيار النظر في عمل الجدل”

العدد 175

بعد قراءتي لكتاب (عيار النظر في علم الجدل) لصاحبه؛ الإمام عبد القاهر البغدادي والذي أهدانيه محققه؛ المحقق المدقق والدارس الحصيف أستاذنا أحمد محمد عروبي، وبعد مسيرة ماتعة مع هذا السفر الجليل منزلة وقدراً، الرائع سبكاً ونظماً، وبعد أن تقدم الأستاذ محمد مجدي السيد بقراءة نقدية لعمل المحقِق في الكتاب([1])، أحببت أن أشارك غيري بقراءة مختصرة لأهم ما جاء في الكتاب المحقَق تكون مدخلاً إليه، وعوناً على كشف سره ومكنونه، عنوتها بـ: (المبادئ العشرة لعلم الجدل عند الإمام عبد القاهر البغدادي من خلال كتابه عيار النظر في علم الجدل).

وقد هداني الله تعالى إلى أن أجعلها قراءة استنباطية؛ أستنبط من خلالها المبادئ العشرة لعلم الجدل عند الإمام عبد القاهر البغدادي من خلال كتابه الذي بين أيدينا وأقدمها للقارئ مرتبة موضحة ممثلة، راجياً من الله تعالى أن تكون ذخراً لصاحبها، نافعة لقارئها.

وقبل الدخول في صلب هذه القراءة لا بد من مقدمة نبين فيها موضوع هذه القراءة، ودوافعها وأهدافها، والمنهج المتبع فيها، وخطة العمل.

أولاً: موضوع القراءة

موضوع هذه القراءة كما هو واضح من خلال عنوانها (المبادئ العشرة لعلم الجدل عند الإمام عبد القاهر البغدادي من خلال كتابه عيار النظر في علم الجدل) هو بيان تجليات هذه المبادئ العشرة لعلم الجدل في كتاب العيار للإمـام عبد القاهر البغـدادي، وهذه المبادئ حسب العلماء هي: (1: الحد، 2: الموضوع، 3: المسائل، 4: الثمرة، 5: النسبة، 6: الفضل، 7: الواضع، 8: الاسم، 9: الاستمداد، 10: حكم الشارع)، وستقوم هذه القراءة بعرض مختصر لهذه المبادئ من خلال الكتاب.

ثانياً: دوافع وأهداف هذه القراءة

أنهضتنا للقيام بهذا العمل جملة من الأسباب والأهداف، نذكر منها إعجابنا بصنيع الإمام عبد القاهر البغدادي في هذا العمل الجليل، ذلك أن مبادئ هذا الفن – أعني علم الجدل- إما ظلت متفرقة ضمن مقدمات العلوم الأخرى كالأصول والكلام والفقه والخلاف والنحو وغير ذلك كما أشار المحقق([2])، أو أنها لم تكتمل ولم تجتمع في مؤلف خاص ومستقل بها، بل ربما تجد الباحث ينبه إلى بعض المسائل، وآخر إلى مصادر الاستمداد، وثالثاً يتناول الحد والموضوع، وهكذا. فلما جاء الإمام البغدادي جمع هذا المتفرق، ورتق هذا الفتق، وحصر موضوع هذا العلم وبوَّب أبوابه وفصل مسائله، حتى اجتمعت كل مبادئ علم الجدل في مؤلفه.

ثالثاً: منهج القراءة

من المسلَّم به بين الباحثين الأكاديميين أن طبيعة المنهج ترجع إلى طبيعة الموضوع لأجل أن يكون هنالك نوع من التجانس بين الموضوع المقرب والمنهج المعتمد، ولما كان موضوع هذه المقالة هو عبارة عن قراءة فلا بد أن يكون المنهج الوصفي هو المعتمد بالدرجة الأولى إن صراحة أو ضمناً، ولذلك توسلنا في هذه القراءة بالمنهج الوصفي ذي المرجعية الموضوعية([3])، من أجل تمثل وعرض المادة الجدلية التي في كتاب العيار، ولما كان الموضوع رهيناً بقصد مخصوص وهو تجلية المبادئ العشرة لهذا العلم من خلال الكتاب، فقد وجب علينا التوسل بمنهج آخر لا يقل أهمية عن سابقه وهو المنهج التحليلي التركيبي([4])، وذلك بغية استنباط مبادئ العلم لأنها لا توجد إلا ضمناً فتحتاج إلى قوة استنباطية لإخراجها من القوة إلى الفعل، وهكذا تآزر المنهجان؛ الوصفي ذي المرجعية الموضوعية والتحليلي ذي الغاية التركيبية في مقاربة موضوع هذه القراءة.

رابعاً: خطة العمل

تتوزع مضامين هذه القراءة على مقدمة موطئة ومبادئ عشرة وخاتمة حسنى، أما المقدمة فقد خصصت للحديث عن الموضوع وما يتعلق به؛ أهمية ودواعياً ومنهجاً وخطة.

وأما المبادئ العشرة فهي المباحث المقصودة من هذه القراءة، خصصنا الأول منها للاسم والثاني للواضع، والثالث للاستمداد، والرابع للموضوع، والخامس للمسائل، والسادس للحد، والسابع للغاية، والثامن للنسبة، والتاسع للفضل، والعاشر للحكم. وقد تعرضنا للتعريف بكل مبدأ عند الحديث عن كل واحد منها على التفصيل.

ثم أنهينا هذه القراءة بخاتمة حسنى موضوعها آيات بينات من الذكر الحكيم في مناظرة إبراهيم u للنمرود بن كنعان في سورة البقرة وتحليلها من خلال مبادئ علم الجدل كما هي عند الإمام، وهي خاتمة تطبيقية تروم الدربة على امتلاك الملكة الجدلية وتوظيفها أخلق وأنفع توظيف.

* * *

المبحث الأول

تعريفات أولية

المطلب الأول: في تعريف المبادئ في اللغة

المبادئ، جمع مبدأ، والمبدأ مصدر ميمي يأتي في اللغة بمعاني كثيرة، لكن أصول هذه المعاني ترجع إلى معنى الأس والقاعدة والركيزة التي لا يمكن الاستغناء عنها، فمبدأ الشيء ما به تكون ذاتيته وماهيته وبدايته في الزمان والمكان، وبه يخرج إلى الوجود، وبانعدامه لا يمكن الحديث عن وجوده.

 

 

 

 

———————————————————————-

([1]) انظر: تحقيق كتاب عيار النظر في علم الجدل لعبد القاهر بن طاهر البغدادي (ت 429هـ) قراءة نقدية، للأستاذ محمد مجدي السيد، مجلة المسلم المعاصر، عرض ونقد كتب، السنة الثالثة والأربعون العدد (169).

([2]) انظر المبحث الثاني من الفصل الثاني من قسم الدراسة للمحقق، عيار النظر، ص 87 وما بعدها.

([3]) عن المنهج الوصفي ذي المرجعية الموضوعية انظر: أبجديات البحث في العلوم الشرعية “محاولة في التأصيل المنهجي” لفريد الأنصاري، الناشر دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الخامسة 1437هـ/2016م. ص: 66-67.

([4]) عن المنهج التحليلي التركيبي انظر أبجديات البحث في العلوم الشرعية، مرجع سابق، ص 96-99.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر