مقدمة:
مثلت السنة وظيفياً مصدراً مهماً لتشكيل رؤى وحياة المسلمين، ففيها وجدوا التطبيق الحي للقرآن ومنها استُمدت أحكام مهمة إلى جانب تلك المستمدة من نصوص القرآن، وهي فوق ذلك – وحيث هي سيرة وعمل النبي محمد r بما له من مكانة عظمى في النفوس- مثلت مصدر إلهام أخلاقي وإنساني، سلوكي واجتماعي باعتباره المثل الأعلى للمسلمين. ومن ثم فقد لعبت السنة دوراً مهماً في صياغة حياة المسلمين نساءً ورجالاً وكان حضورها مباشراً وحياً ويومياً في حياة المسلمين.
شغلت القضايا الاجتماعية ومنها علاقات النوع والأسرة وحقوق وواجبات الرجال والنساء حيزاً لا يستهان به في السنة النبوية. وبينما يمكن القول بكل ثقة ودون افتئات أن فعل الرسول ومواقفه الأغلب الأعظم كانت داعمة للنساء منصفة لهن، فإن الإشكال أو الشبهات المتعلقة باستضعاف النساء تكمن في قلة من الأحاديث التي تم تصعيدها وتوظيفها فيما بعد العهد النبوي أسوأ توظيف للتقليل من شأن النساء وحصارهن وقمعهن.
لقد بنى التيار الذكوري العنصري في هذه المنطقة استراتيجيته لتأسيس شرعية دينية لرؤيته الخاصة بعزل واستضعاف النساء على استخدام نصوص تلك الأحاديث سواء تلك التي تتعلق بتفسير طبيعة النساء كجنس إنساني أو موقفهن الديني أو مكانتهن الاجتماعية أو السلوك والسياسة التي يلزم اتباعها إزائهن.
واليوم تقف مسألة السنة النبوية وموقفها من النساء كقضية فارقة في موضوع إنصاف وتمكين النساء في العالم الإسلامي. فبينما تواجه محاولات التيار الذكوري المعادي للنساء لتوظيف نصوص القرآن الكريم أيديولوجياً في عزل وتكريس دونية النساء فشلاً نتيجة تهافت التفسيرات الاستضعافية المطروحة للعديد من الآيات، وبسبب الإمكانيات الكبيرة التي يتيحها النص ذاته لطرح تفسيرات بديلة مغايرة بل معاكسة، فإن ذلك التيار وجد إمكانيات أكبر لتأسيسه الشرعي في انتقاء بعض النصوص النبوية المشار اليها.
في المقابل نجد أن القوى التي تعمل لإنصاف النساء وتأكيد الكرامة والمساواة لهذا الجنس انطلاقاً من المرجعيات الإسلامية قد ركزت جهودها حتى الآن على النص القرآني. ولا يزال الجهد المبذول في مجال السنة – وهي المهمة الأشق والأصعب- لا يزال يراوح مكانه خوفاً من صعوبة المهمة أو إشفاقاً من الوصول إلى موقف صعب للاختيار بين………….
