(1)
تســتهدف هـذه الورقــة دراســة موضوع اللغـة العـربيـة, وبيـان مكـانتهـا, وتحـديد دورهــا في مؤسســات التعليم بمسـتوياتهـا الثلاثـة : العـام ( ابتداء من الروضـة إلى المدرسـة الثانوية ), والعالي ( في الجـامعـات والمعــاهد العليـا ), والأعلى ( في الدراسـات العليـا, والبحث العلمي ). والمقصـود ببيــان مكـانتهـا ودورهـا ثلاثـة أمـور :
أولهــا : أن تـدرس اللغــة العربيــة باعتبارهــا مــادة إجبـاريــة, وأن يكون تدريســها جـادًّا وشـــاملاً وقـادراً على إكســاب الطـلاب مهــارات الســماع, والحديث, والكتابــة, والقـراءة, وإتقـان قواعــد اللغة : نحـواً, وصـرفـاً, وبلاغــة, وتعبيراً, ومدارســة أدبهــا : شـعراً, ونثـراً, وفنوناً إبداعية.
وثانيهـا : أن تكون هذه اللغة هى لغة التدريـس في جميع المواد : الإنســانية منهـا والعلمية والثقافيـة والمهنية.
وثالثهـا : أن تكون اللغة العربيـة هى لغــة التفــاهم, والتعـامل, والإدارة, والتوجيه التربوي, والنشــاطات الطلابية,. والصبغـة اللغويــة الرسميــة لمؤسســات التعليم.
ولا نحتاج أن نؤكـد أن هـذه العنـاية الشــاملة المطلوبـة للغة العربيــة, لا تنفي بأى حـال من الأحـوال تدريـس اللغات الأجنبيــة, باعتبارهـا لغــات ثانيــة, أو استخدام هذه اللغات في تدريس بعض المواد جزئيًّــا أو كليًّــا حسـب الحاجات التعليميــة التي تُقدَّر بقدرهــا؛ ذلك أن التفريط في تعلم اللغـات الأجنبيــة هو إهدار لضرورة معرفيـة محققة, والعدول عـن اســتخدام هذه اللغات في التعليم ســواء أكـانت قديمـة ( كاللاتينيــة ) أم حديثة ( كـالإنجليزيـة والفرنسـية ), ويؤدي إلى تقديم بعض المـواد الدراســية بصورة مبتورة, ويحـرم الطـالب من الرجوع إلى المراجع المؤلفـة بهذه اللغات, ويضعف قـدرة البــاحث العلمى في البحث عن الحقيقة والمعرفـة, حيثمـا يجـدهـا, غير مبـال من أى وعـاء خرجت.
(2)
ولعـله من المفيــد, بعد تحـديـد مجــال هذه الدراســة, أن نستعيد بإجمال بعض المسلمات التى توصل إليهـا علمـاء التربية وعلــم النفــس, والدين, والاجتمــاع, والتــاريخ والحضــارة والتـى يـلزم دومـاً تذكرهـا والاسترشـاد بهـا عند معالجـة موضـوع اللغة ـــ أى لغـة ـــ في مجتمعهـا, وفي مؤسسـات التعليم التـى ينشــئهـا المجتمع ويعهـد إليهـا برعـاية اللغة :
أ . وأول هذه المسلمـات هى أن اللغة وعـاء الفكــر, وأداة التفكــير. ومع أن الفكـر ينطلق فطـريًّـا من العقل كمـا يقول «بركلى», فــإن تسلســـله وتحليلاتـه ومقـرراتـه تتـم باستعمـال اللغة وألفاظهـا وتراكيبهـا ومنطقهــا, وكـأنمـا يحــادث الإنســان نفســه وهـو في حال التفكير, كمــا نبــه كولردج وبياجيــه وجمهور علمــاء النفس. وقـد يلجـأ الإنســان إلى أسلوب الرسـم, أو استخدام الأرقـام, أو تكوين الصـور الذهنيـة, أو استحضـار الأصـوات, أو غــير ذلك. ولكن ذلك كلـه من الوســائط اللغويــة, التى تترابط وتتوالى بالألفـاظ والتعبــيرات اللغويـة الصريحــة.وعليــه فـإن التفكـير واللغة مترابطـان, وارتــفاع الذكــاء يؤدي إلى ــ الرقـى اللغـوي, كمــا أن إتقــان التعبـير اللغوي يؤكـد منطقيـة التفكـير ويؤدى إلى تميزه.
وينبنى على إقرار هذه المســلَّمة, أن يحـرص المربون على الارتفــاع بمســتوى اللغة لدى الناشــئين, وإغناء ثروتـهم من الألفــاظ والتراكيب والمصطلحـات الأدبيـة والعلميــة, والعلو باللغة عن المسـتوى العــامى والـدارج. وهـذا أمـر ملحوظ عندمــا يـوازن بـين تفكــير المثقفين وتعبــيراتهـم وبـين تفكــير المحرومـين من الثقـافــة والصقل اللغوي, ومقـدرة كل مـن الفريقـين على التوســع الفكـري والعلمى والإبداعي(3).
ب. وثانيهـا أن اللغة هـى وســيلة التفــاهم والتواصل الاجتمــاعي. وهى مسـلمـة لا تحتاج إلى اســتدلال. ولكن التواصــل الاجتماعى يتقــارب أو يتباعـد من جهـة وينجـم عنــه توحـد المجتمع أو تميزه إلى طبقـات من جهـة أخرى, وفقـاً لمستوى اللغة المستعملة, وكونهـا فصيحة أو عاميـة, ومرتفعــة أو هابطـة. فالعنـاية بإشـاعة اللغة التـى يفهمهـا كـل الناس, والاجتهــاد فى الارتفــاع بمســتواهـا, وتقليل الفـارق بين قصحاتهـا وعاميتهـا ـــ يؤدي إلى إحكــام التواصـل الاجتمـاعى والترقى به(4).
جـ. وثالثهـا أن اللغـة هى عنوان الهويـة للمجتمع, فـإذا بدأنـا بمجتمعنـا المحـدود فالعربيــة هـى عنوان الهويــة الوطنيــة, وإذا نظـرنـا إلى العـالم العربي المتسـع الـذى يتكلم اللغة العربيـة, فهى إذن عنـوان الهويـة القوميــة. وقـد يجـد العربى المسـافر من شرق البلاد العربيـة إلى مغربهـا بعض الصعوبـة فى التعـامل مع اللهجـات الدارجـة المحلية, ولكنـه إذا تصفح الجريدة فى أى من البلاد العربيـة وإذا استمع إلى خطبة الجمعة فى أى من مسـاجدهـا, فإنه يجـد نفسـه, ويجـد قومه ممثلين في هـذا اللسـان الواحـد الذي يجمع بينهم.
ومن الأخبــار التاريخيــة المعبرة, أن الشــعب الأمريكى, بعـد أن أخرج الإنجليز فى حرب التحرير, فكـر جديًّا فى تبنى لغة قوميـة غـير الإنجليزية. واستغل اليهود الفرصـة فاقترحوا العبريـة, ولكنهـا رفضت لأنهـا تعبر عن هوية أخـرى. وفى النهـاية قبـل الأمريكيون اللغة الإنجليزية, ولكنهم حتى الآن يسمونهـا فى معـاهد اللغات بالجامعات « اللغة الأمريكيـة ». ولم أنتبه إلى ذلـك إلا حينما سـألت أحد الدارسين فى أمريكـا عن مكـان دراسـة اللغـة الإنجليزيــة, فقــال : في ’’ALI‘‘, فقلت ومن هـو «علي» هـذا, فقـال هذه الحــروف الأولى لعبــارة ’’ American Language Institute‘‘ أى « معهــد اللغـة الأمريكيـة » وكـم اغتممت حينمـا سألت مـرة عن موقع قسـم اللغة العربيـة فـى إحدى الجامعات الأمريكيــة, فقيل لي : ضمن قسم اللغة العبرية.
د. ومسلّمـة رابعـة تخص موقع اللغة العربيــة من دراســة ديننــا الإسلامي الحنيف, والتعـامل مع تراثـه وحضـارتـه ةالعالم الإسلامي, وهى أن اللغة العربيـة لسـان الـدين الإســلامي. فهـى التى وسعت كتـاب الله تعـالى, وسنة نبيـه الكريم ـــ صّلى الله عليــه وسلم ـــ, والتراث الفقهى والحضـارى للمســلمين. وباللغـة العربيـة نتعبـد فلا صلاة إلا بــأم الكتـاب وهـى عربيــة الألفاظ. ومـا مـن مسـلم إلا ويعرف التكبير, والحمد, والتسبيح, والتسليم والاستغفـار, وأقـداراً من القرآن الكريم والأدعيـة, ومـا إلى ذلك ـــ باللغة العربية. وطلاب العلوم الشــرعية يدرســون ويبحثون باللغة العربية. وعلمـاء المسلمين فى كل مكان يتعـاملون مع اللغة العربية ومراجعهـا, ومع أن الترجمـات إلى اللغات الأخــرى مطلوبــة ومفيدة, فـإن معـرفـة العربيــة هو من مقتضيـات التخصص في الدراسـات الإسلامية(5).
وليـس هـذا الموقف مـن ربـط الدين باللغـة مقصوراً على المسـلمين, بل هو المعمول بـه لدى غـير المسلمين أيضـاً. ومن ذلك أنـه لمـا انفصلت إنجلترا عن رومـا, وتنبت المذهب البروتسـتانتي تقرر أن يكون الوعظ والعبــادة فى الكنــائس باللغة الإنجليزية بدلاً من اللاتينية.
هـ. ومن مجمع المسلمات الأربع الســابقـة تظهـر نتيجـة لا مشــاحة في صحتهـا, وهي أن العناية باللغة العربيـة في مؤسسـات التعليم,ضرورة حتمية. ومـا من أمـة في العالم, لهـا تاريخ حضـاري تعتـد بـه وهويـة قوميـة تتمســك بهـا ويتواصـل أبناؤهـا بهـا ـــ إلا وتمسـكت بلغتهـا الخاصـة بهـا, حتى إسرائيل, وهى مجتمع متعــدد الأعـراق والأصـول والألسـنة, فإنهــا تفرض اللغـة العبريـة باعتبـارهــا لغـة الهويـة والتعليم في جميع مؤسســات التعليم بهـا. وإذا كـانت الإنجليزيـة والفرانكوفونيـة قد زينتـا لبعض الدول في إفريقيا وآسيـا بسبب الاستعمـار الإنجليزي والفرنسـى, فإن عدداً من هذه الدول, قـد بدأ مؤحـراً يتحسـس ذاتـه وأصوبـه ويعود إلى لغته الأصلية فيعطيها مكـانتهـا.
(3)
يعتـبر القسـم الأول من فتـرة التعليم العـام, وهو القسـم الذي يشتمل على المدرسة الابتدائية, والسنوات الست التي تسبقهـا ـــ أهـم مرحـلة في حياة الناشـئ مـن حيث النمـو اللغــوي وتحـديــد التوجهـات اللغويـة التي تحكـم حياته المســتقبلة. وفـى خـلال هـذه المرحلــة, تتحقق أسـاسيـات النمو اللغوى, ويُتخذ قراران ذوا تأثير بالغ على لغة الناشـئ.
فأمـا أسـاسـيات النمـو اللغوي فتتم في الســنوات الست الأولى من حيـاة الناشـئ, وهى السنوات التي يمضيهـا غالبـاً مع والدته وأهلـه, وقد مضـي جزءاً منها في دور الحضـانــة أو ريــاض الأطفــال. فمـن الأم يكتسب الطفل اللغة العربية, وفي الحضـانة والروضـة يثبّت مـا اكتسبـه أو يشوشـه, فيتعلـم الأصوات ويتكيف لهـا وبهـا لنطق هـذه اللغة؛ إذ لكل لغـة أصوات تناســبهـا, ويولد الطفـل ومعـه الـقدرة الفطـرية على اسـتعمـال أصوات تبلغ المائتين. وبتقليــد من حوله ينتخب الأصوات التي تنـاسب اللغة المختارة فيثبتهـا, كما يتعلم الكلمات وتكوين الجمل وكيفية التفاهم .. فإذا ســارت هذه الأمـور على نسق واحـد ثبت النمو اللغوي الأسـاسى, واذا تنافرت المؤثرات بين البيت ودار الحضـانة والروضـة, بأن تتعدد اللغات التي يسمعهـا, أو يتنافر النطق بهـا تنـافراً كبيـراً, اسـتمر لنمو اللغوي ولكن بصـورة منقوصــة أو مشوشــة. وينصف الوالدان والمربون إذا تنبهـوا إلى الأمر وحــافظوا على التوافق اللغوي فـى الأمــاكن الثلاثـة, والمفروض أن يكـون هـذا التوافق لصـالح اللغة العربية, بأن تتجنب الحضـانات والرياض التى لا تسودهـا العربية.
حقيقة إن بعض علماء النفس والتربية قد بينوا إمكــان تعلم الطفل أكثر من لغـة واحـدة, وهو فى هذه السـن المبكرة, إلا أن هذا مشـروط بشـروط ليس من السهل توافرهـا. ومن هؤلاء العــلمــاء الدكتور جلين دومــان البريطــانى الذى أصـدر فى سنــة 1963م كتابـــه « علَّـم طفلك القراءة » وبين فيــه إمكان تعلـم الأطفـال الصغـار عـدة لغـات فى وقت واحد, بشــرط توفـر شــروط التعليـم الطبيعية, كـأن يكون للوالد لغــة غــير لغـة الأم, وتكـون فى البيت مربيـة لهـا لغـة ثالثـة, ويعيش الجميع في وسـط يتكلم لغـة رابعـة. وادعى « دومــان» إمكــان تعلم الطفل اللغـات الأربع. ولكن, أى تعلّـم ؟ وبـأى مســتوى ؟ وقـد رد الواقع نظريـة دومــان, ولم نســمع عن تطبيقهــا بعد ذلـك. وعليـه فـإن إدخـال الأطفـال دور حضانة أو رياض تمـارس فيهـا لغـات غير العربيــة, قـد يؤدي إلى التقــاط هؤلاء الأطفـال طرفـاً مـن لغـة الحديث في هذه اللغات. ولكنـه التقاط لا يدوم كثيراً إذا لم يتـابع, وله تأثير سلبي على تثبيت لغة الأم والبيت.(6).
وأمـا القرار الأول الهـام الذي يُتخـذ في هـذه المرحلة فهو اختيار نوع المدرسـة « الابتدائية » والاختيار الأمثـل هو اختيار المدرســة التي أعدهـا المجتمع, وأقرتهـا وزارة التربيـة والتعليم وهـى المدرســة العربيـة, التـى تُـدرس المنهج الابتدائى باللغة العربيــة. فـإذا عـدل الوالدان عن ذلك واختارا واحدة من المدارس الخاصة التى تكون فيهـا لغـة التعليم لغــىً غيـر العربيـة, فهذه بداية لمشكلـة تستمـر عـادة مع الطفل طوال حياته؛ ذلك أن المدرسة التى تعلم بغــير العربيــة تُعـد لمدارس وجـامعـات بعدهـا تكون لغـة التعليـم فيهـا هـى نفس لغـة هذه المدرســة, ويصبح الانتقـال مـن هـذا الخط المتتـابع إلى مدارس أو جـامعـات تعتـمد العربيـة لغـة التعليم فيهـا مسـألة صعبة, وإن لم تكن مستحيلة. ومع أن المدارس الخاصـة التى تدرس بلغــة أجنبيـة ملزمـة بحكم القـانون(7) أن تدرس منهج اللغة العربية المقرر لمدارس الدولة, فإن هذا التدريس لا يكفى لتثبيت اللغــة العربيــة, بل سـتكون العربية بمثـابة اللغة الثانية وليس الأولى بالنسـبة للطالب, وسيكـون نطقه بهـا وقراءتـه لها نطق الغربـاء وقراءتهـم, وهيهـات أن يتوفـر للطالب مســتوى الفصـاحــة الذي يتوفـر لأبنـاء المدارس العربية.
وأمـا القرار الثـاني الهام, فليس في يـد الطـالب أو البيت, وإنمـا في يـد وزارة التربيـة والتعليـم التى تحدد السنة الدراسية لـبدء تعليم اللغة الأجنبيـة في المدارس الابتدائيـــة. وقـد تــأرجحت مواقف الوزارات في البلاد العربيــة, مـا بين التكبير والتوسط والتأخير, نظـراً لاهتمـام المربين بتعليـم التلاميـذ إحـدى اللغـات الأجنبيــة التي لا يوجد اختلاف حول أهمية تعلمهـا, وإنمـا يحصـل الاختلاف حـول تــاريخ البـدء بهـا. فـالمتعجلون يتوهمون أن التبكـير يسـاعد على إتقان اللغـة الأجنبيـة ويوفــر لهـا مـدة أطـول. والمتريثون يخشـون من تأثــير مـا يسميه علمــاء النفس والتربيــة « الازدواج اللغـوي » والذي يـؤدي بكل تـأكيد إلى التشـويش على اللغة الأولى, ولا يتحقق منـه بـالضرورة تقدم ملحوظ فى تعلم اللغة الثانية.
والعجيب أن هذه المشـكلة لا وجـود لهـا في مدارس البـلاد الغربيـة, التي تحرص في مجموعهـا على تخصيص الســنوات الأربع الأولى من المدرسـة الابتدائية للغة القوميــة, وتبدأ تعليم اللغـة الثـانية بعد العاشـرة غالبـاً, وفى بعضهـا بعد الثانيـة عشــرة(8). ومع ذلك فـإن أبنـاء هذه المدارس الغربيـة يُتمون المرحلـة الابتدائية ثم الثانويـة, وتكون حصيلتهم من اللغة الأجنبيــة, التي قد تتعـدد فتصبح لغتين, حصيلــة متمـيزة إذا قيســت بحصيلــة الطـلاب في مدارسـنا. ويرجع ذلك إلى طرق التدريس.
ولذلك فإننـا ندعـو إلى مراعـاة ما يلي قي هذا القسـم من مدارس التعليم العام :
- الـتركيز على اللغة العربيــة في السـنوات الست الأولى من عمر الناشـئ.
- اختيـار المدرسـة التى تطبق المنهج الحكومي, حيث يكون التدريس باللغة العربية.
- تأخير تدريس اللغــة الأجنبيـة إلى مـا بعد الصف الثالث أو الرابع الابتدائى.
- أن يهتم أوليــاء الأمور الذين يختارون لأبنائهـم المدارس الخاصـة, التي يكون التعليـم فيهـا بلغـة غير العربية, برعـاية النمو اللغوى العربي لأبنـائهـم, وعـدم حرمـانهم من إتقـان لغتهم القوميـة وأن يكونوا واعين لنتائج اختيارهـم, ومن حيث الاضطـرار إلى متابعــة تعليــم أولادهـم في مدارس ثـم جامعـات تستخدم نفس اللغه الأجنبيـة التي بدأوا تعليمهم بهـا.
- أن تـزداد عنـايـــة إدارة التعليـم الخـاص في وزارة التربيـة والتعليـم بمراقبـة مســتوى التدريس للغة العربيـة والدين الإسـلامي في المدارس الخاصـة؛ ذلك أن هاتين المـادتين توأمتـان, وكل منهـا تؤثـر على الأخرى.
(4)
أمـا القسـم الثـاني من فترة التعليم العام, فهو ست سنوات تشمـل على المدارس الاعدادية, والمدرسـة الثانوية أو مـا يوازيهـا من المدارس الفنيــة. وتعزيز اللغـة العربيـة من خلال هـذا القسـم يتطلب التنبه إلى ثلاث مسـائل :
المســألة الأولى : هـى أن عظتدداً غـير قليـل من الطلاب, قـد ينتهـى تعليمــه لسبب أو لآخـر بانتهـاء المرحلة الثانوية. وهذه الظـاهرة عالميـة, وتوجـد في مختلف المجتمعـات. وعليــه فـإن على المعنيين بتعزيز اللغة العربيـة, أو يبذلـوا قصـارى جهـدهم لـتزويد الطـلاب بخـاتمـة التعليم والتدريب للغة ومهـاراتهـا.
والملحـوظ أن مناهج اللغة العربية في البلاد العربيــة قد ضعفت عمـا كـانت عليــه فى النصف الأول من القـرن العشــرين. وتعتـبر كتب على الجـارم وزملائــه في لنحو والصرف والبلاغـة فاصـلاً بين مرحلـة الإتقان المعقول حينمـا كـانت هذه الكتب وأشباههـا تدرس في مـدارس التعليم العـام, وبين المرحلـة التي التبســـيط والتخفيف بـل والتمييع, وكـانت النتيجـة أن خريجي التعليـم العام قـد ضعف مسـتواهـم بشكل ملحوظ. وقد جربتُ أكثـر من مرة امتحـان طلاب من بلاد عربيـة مختلفة, بنفس الامتحـان الذي تقدمـه دولة أجنبية, وهى بريطـانيا في مـادة اللغة العربيـة ( المستوى العادي / O Level ) وهو امتحـان يعتمـد أسـاساً على اكتشـاف معرفـة الطـالب بالقواعد العربيـة, بـأن يُطلب منـه أن يضبـط نصـاًّ عربيًّـا من صفحـة واحـدة. وكم فزعت حينمـا وجدت أن معظم من امتحنوا لم ينجحوا فى ذلك الامتحـان. ولهذا الضعف العام مظـاهره المعروفة في القدرة المحـدودة لخريجـي المدرســة الثانويـة فى الكتابة والقراءة الصحيحتين.
ولقـد وضعت هذه الظـاهرة المؤسفة موضع الدراسـة من قبل بعض وزارات التربيـة والتعليم فى البلاد العربية, وألفت لجـان خـبراء لدراسـتهـا ووضع توصياتهـا لعلاجهـا. والتوصيات مجموعـة ومطبوعة وممكنـة التنفيذ(9). ولكـن النتيجـة حتى الآن هى اسـتمرار المشـكلة. ولا يتبـادر إلى الأذهان أن المشكلة تكمن فى اللغة نفسهـا, وإنمـا هى مشكـلة الكتاب, والمـدرس, والوسـط المدرسـي, وأخيراً وليس آخراً الطالب المعتز بلغته العربية, الحريص على اكتســاب الصحـة والفصـاحة والبلاغـة فى كـل مـا يقول ويكتب بالعربيـة.
وهذه هى المســألة الثانيـة التى يلوم التنبيـه إليهـا, وهى مدى إدراك الطلاب لجلال اللغة العربيـة, وعظمـة تراثهـا الأدبى, واعتزازهـم بتعلمهـا وإتقانهـا, إذ بغـير هـذا الإدراك والاعـتزاز يضعف الوازع العقلى والعـاطفى للتعلـق باللغة والاهتمام بدراستهـا, والمفروض أن تهتم المدرسـتان الإعدادية والثانوية ببيان ذلك وتعمقـه فى نفوس الطلاب. ومما يسـاعد على هذا البيــان أن يفهم الطلاب أن اللغة العربيـة هـى لغة «مجربة»(10), بمعنى خضوعهـا للتجريب اللغوى والحضـاري القاسـيين خلال التـاريخ فثبتت بنجـاح. وكـان التجريب الأول أن نزل القرآن الكريم بهـا فوســعته لفظـاً وغـايـة وإعجـازاً, ثم جـاء التجريب الثانى لدى ســياحة المسلمين في الأرض للدعوة والجهـاد ففرضت اللغة العربية محاسنهـا فى عدد كبـير من البلاد التى وفدت إليهـا, أمـا التجريب الأكبر فقـد رافق ازدهـار الحضـارة العربية الإسلامية وما فيهـا من تأليف وترجمـة, وإبـداع فى مجــالات الفكـر, والتشــريع, والإدارة, والسياسة, والعقـائد, والعلم والفلسفـة. فحملت ذلك كلــه, وبهـرت العـالم بكفـاءتهـا, حتى أن مثقفي أوربـا كـانوا يســارعون إلى تعلمهـا ويتبـاهون باســتعمالهـا, وتفضيلهـا على اللاتينيـة واللغات المحلية(11), وإلى جانب صفة التجريب, فـإن العربيـة لغـة غنيـة ونامية وولود, ولهـا من أصولهـا وطرق تنميتهـا مـا يجعلهـا قـادرة على التعــامل مع متطلبات التعبير المتجددة فى كل عصر, مما سنفصله بعد قليل.
والمسـألة الثالثـة هى تدريس كافـة المواد الدراسيـة فى هذه المرحلة باللغة العربيـة بطمأنينـة وثبـات, وقد نجحت جمهرة البلاد العربيـة في تعريب العلوم المدروسة, مع اختلافات طفيفة فى ترجمة المصطلحات العلمية. وسواء درست ( علوم الحياة ) بهذا الاسم الشـائع فى مصـر أم باسـم ( البيولوجي ), وسـواء سميت ( الفيزياء ) فى سوريا بهـذا الاسم الذى استعملته العرب ســابقـاً أم باسم ( الطبيعة ) فالخلاف هين, وكذا الحال مع الرمـوز الكيميائيـة مثلاً, بين أن تبقى الحروف اللاتينية, أو يوضع مـا يقابلهـابالرموز العربيـة. فـإن ذلك كله وأشبتهه ممـا يمكن أن يتم التفاهم حولـه, وينبغى أن يتـم, ليكون المصطلح واحـداً في كل البلاد العربيـة.
على أن الأهم من المصطلح هو اللغة العلميـة التي تشرحه, والتى تستعمل فى معالجة القضـايا العلمية. إ، هذه اللغة قد عُربت أيضـاً. وبتعريبهـا مع المصطلحـات أمكن للمثقف العربي الذي أتم مرحلـة التعليم العام على الأقل, أن يتكلم ويقرأ عن قضـايا العلم, بلغتـه, وأن يفكـر في المشكلات والتجـارب العلمية بسهـولة فى لغتـه. وهـذا ما ينبغى أن تنتبـه إليـه المدارس الفنيـة أيضـاً, لأنـه قـد يحصل الوهم فيهـا بأن معرفـة المصطلح الأجنبي ضروريـة وكـافيـة, ونحن لا ننـازع في أهمية معرفـة المصطلح ولا نستنكره, لكنه وحدة غـير كـاف؛ لذلك فإننـا ندعـو بكل قوة أن يسـتعمل المصطلح العربى بحـذاء المصطلح الأجنبى, وأن تكون المعالجة العلمية والحديث والتأليف فى الموضوعـات الفنية باللغة العربيـة, وألا يخطر ببـال الدارسين أن لغتهـم القومية عاجزة عن ذلك.
(5)
للعـرب عراقـة محققة فى إنشــاء الجـامعات, فقـد اتفق المؤرخـون, ومن أبرزهـم شــارل هاســكنز المؤرخ الأمريكي, أن الجـامعات العربيــة الإسلاميـة قد سبقت جامعات أوروبا بأربعة قرون. وأنهـا لم تكن مقتصرة على الدراسـات الدينية, بل ضمت إليهـا فنون المعـرفـة والعلوم أيضـاً. ونضيف أن الجامعات العربيــة قد فتحت مجــال الدراسـة للإنـاث فيهـا قبل أمريكـا بأحد عشر قرناً, إذ لم تتمتـع المرأة فى أمريكـا بـالتعليم الجــامعى إلا ببـدايــة القرن العشـرين, في حين أن جامعـة القرويين قد سمحت بذلك في القـرن لبتـاســع الميلادي(12).
ومن تحصيل الحـاصـل أن نتذكـر أن الدراسـة في الجامعات العربيـة الإسلامية كـانت ولا زالت باللغة العربيـة, وكان على قصـادهـا من الطلاب الغربيين أن يتعلموا العربيـة كما ذكرنا.
وبنشـأة مؤسسـات التعليم العالي العصرية في القرنـين الأخيرين بتسـمياتهـا المختلفــة (المدارس والمعــاهد العليـا المتخصصـة, والكليــات, والجامعـات الأهلية, والجامعات الحكومية ) نجد أن اللغة العربيـة قد استعملت لغة للتعليم فيهـا جميعـاً, ليس فقط المواد الإنسانية, بل وفي المواد العلمية, بما في ذلك العلوم الطبية أيضـاً.
ففي مصـر مثلاً, نشـأت أولاً المدارس والمعـاهد, ومنهـا مدرسـة الطب بقصـر العيني التي افتتحهـا محمد علي باشـا سنة 1838م في القـاهرة ( وكـانت نواتهـا موجودة قبل ذلك في الأسـكندرية ), وكان التدريس فيهـا باللغة العربيـة. ثم قـاكت الجامعـة الأهليـة سـنة 1908م وورد في محـاضر جلسـات مجلسهـا بتاريخ 28/ 4/ 1908 أن لغـة التدريس في الجامعة هي اللغة العربيـة دون سـواهـا, لتكون واسـطة لنشـر المعـارف وترقيـة العلوم بين الناطقين بالضـاد(13). وقد تمثل شـاعر النيـل حـافظ إبراهيـم هذا المقصـد بالبعث الثقافي للعرب فافتتح قصيدته في تحية الجامعة المذكورة بقوله :
حياطم الله, أَحْيوا العِلْمَ والأدبا
إن تنشُروا العلمَ يَنشُر فيكم العربا
وفي سـنة 1923 قـامت الجـامعة المصـرية الرسميـة وضُمت إليهـا الجامعة الأهليـة, ومدرســتهـا والحقوق, ونص قرار إنشـائهـا على أن تكون لغـة التعليم فيهـا هى اللغة العربيـة, ما لم يقـرر المجلس العلمي للجامعة في أحوال خاصة استعمال لغة أجنبية(14).
وفي سوريـا أنشئت كلية الطب سنة 1919م, وتلتهـا كلية طب الأسـنان, وتقـرر أن يكون التدريس فيهمـا باللغة العربيـة. ومــا زال هذا القـرار منفذاً ومرعيًّـا بكـامل الاعتزاز زالإصرار حتى يومنـا هـذا. وغني عن الإشـارة أن التدريس في الكليـات الجامعيـة الأخرى كان ولا يزال بالعربيـة.
وفي هـذا النسـق الالـتزامي باللغة العربيـة في مؤسسـات التعليم العالي العربيـة, قـامت كلية الطب بالجامعة الأمريكية في بيروت, فكــان التدريس فيهـا باللغة العربيـة, ثم تغير إلى الإنجليزية فيمـا بعـد, حينمـا اختل ذلك النسق. ولما أنشأ الفرنســيون كلية طب الأسنان في بـيروت, جعلوا التدريس فيهـا باللغة الفرنسيـة, وهذا ما فعلوه في شمـال أفريقيا أيضـاً.
على أن التشـبث باللغة العربيـة في التدريس, لم يكن مجرد حمـاس لغوي أو قومـي أو دينـي, على حســاب الإتقـان العلمــي الـذي تطلب بكـل تــأكيد الاستعـانة بالغات الأجنبية, فيمـا جد من أبحـاث وعلوم ومـا ظهـر من مؤلفـات تتضمن هـذا الجديد في فروع المعرفـة المختلفة. وقـد كـانت وسـيلة القائمين على مؤسسـات التعليم العالي :
- إرســال البعثـات إلى الخـارج لتحصيل الجديد والعمل على ترجمته.
- حشـد عدد كبير من المترجمين المجترفين الذين عكفوا على ترجمـة المراجع الفرنسـية والإنجليزية والتركيـة, وسـبب الترجمـة من التركيـة هو سبق الأتراك في نقل علـوم الغرب الحديثــة وتدريسها باللغة التركية.
جـ. افتتـاح مصـر مدرسـة لتخريج المترجمين باسم ( مدرسـة الألسن ).
د. وأخـيراً تشــجيع العلمـاء العرب على تأليف كتب باللغة العربيـة فى عـامة الموضوعـات المطلوبة.
ويمكننـا التمثيل لذلـك باختصـار بمراجعة حياة واحدا ممن اشتغلوا بالترجمـة والتأليف في تلك الـفترة وهو رفاعـة بك الطهطــاوي, الذي ابتعثتــه مصر إلى فرنسـا, فـأتم تعليمـه بالفرنسـية ( وهو ابن الوجــه القبـلي في مصـر ) وقـام بنفســه بترجمـة اثني عشـر كتـاباً, وقال في ذلك :
على عدد التَّواتُر مُعرباتي
تفي بفنون سلم أو جهـادِ
ومَلْطِبْرونُ يشهـد وهو عَدْلُ
ومُونْتيسْكو يُقرُ بلا تمـادي
ولاح لسـانُ باريسٍ كشمس
بقـاهرة المُعزَّ على عمـادي(15)
ورفـاعـة بك هو صـاحب فكرة مدرسـة الألسن وكـان أول مدير لهـا.
وقـد أخذت الجـامعـات العربيـة موضوع الترجمـة إلى العربيـة والتأليف فيهـا مـأخذاً جديًّـا, ففي مصـر مثلاً نمت ترجمـة 86 كتـابـاً في عهـد كلـوت بـك العميد الأول لكليـة الطب(16). وفي سوريـا ترجم مثل هـذا العـدد من الكتب الطبية. وقـد وصف الدكتور أحمد شـوكت الشطـي الترجمـات المصرية في مدرسة قصر العيني بقوله : « لو تصفحنـا الكتب التي ألفت أو ترجمت لوجدناهـا كتبـاً ممتازة لا تقل عـن أمثـالهـا في ذلك الحـين من كتب الغـرب جـودة في الطبع, وحســناً في التعبيـر, وبراعـة في الإيضـاح »(17).
كمـا لجـأت الجـامعات العربيـة إلى اســتقدام المدرسـين الأجـانب حيثمـا اقتضت الضــرورة ذلـك, علـى أن يعـاونهـم المترجمـون. كمـا حرصت على انتقـاء الأجـانب الذيـن يعرفـون العربيـة مثـل عميـد كليــة طب قصر العيني الفرنسـي « بـيروت بك » الذي كـان يتقن اللغـة العربيـة وكـان يُدرس الكيميـاء. ونصت قرارات الجامعة المصرية على أن اسـتقدام غـير العـرب مؤقت لحين عودة طـلاب البعثـات من الخـارج واقتدارهـم على القيام بمهـام غـير العرب.
وبهـذا الإجراءات وأشــباههـا ثبتت أقـدام الجـامعـات العربيــة في القيـام بواجباتهـا التعليمية باللغة العربيـة في مواد الدراسـة الإنسـانية والعلمية بلا استثنـاء.
وبالاقتراب من نهـاية القرن العشـرين, زاد عـدد الجـامعـات في البلاد العربيـة, حتى بلغ عـدد المسجـل منهـا في اتحـاد الجـامعـات العربيـة حتـى الآن 139 جامعـة, ويبلغ عدد الجامعـات التي لم يتم تسجيلهـا, ومعظمهـا خاصـة 30 جامعة, وبمراجعــة الأتظمـة الأســاســية لهذه الجـامعـات, نجد أن الغالبية العظمى منهـا قد حذت حـذو الجـامعة المصـرية الأولى فى إقـرار اللغة العربيـة لغـة التدريس الأســاســية في الجـامعـات, مع جواز التدريس بغيرهـا إذا اقتضت المصلحة العلميـة ذلك, وأقرتـه المجــالس العلميـة للجـامعات. وفي سنــة 1976م, صدر القـانون الاتحـادي رقم 4 بشـأن جـامعة الإمـارات, وتنص المادة الخامسـة فيه على أن « اللغة العربيـة هى لغـة التدريس في الجـامعــة, ولمجلس الجـامعـة أن يقـرر استعمـال لغة أخرى في أحوال خاصـة, إذا استـدعت طبيعة المقررات ذلك ».
والتغيــير الذي طــرأ على موقف الجـامعـات من اللغة العربيـة, هو إقرار تدريس المـواد الطبية باللغة الإنجليزية, واستخدام هذه اللغة بتوسـع في تدريس الهندســـة, وتــأكيد وصل الطلاب بالمصطلحـات اللاتينيـة فى الكليــات العلميـة الأخرى. وبقيت بعض الجـامعـات فى شمـال أفريقيـا مرتبطة باللغة الفرنسـية ريثمـا تتوافر جهـود التعريب الكـافية لهـا. كمـا أن الجـامعات الأمريكية الموجودة في البلاد العربيـة, وهـى غـير كثيرة, تدرس باللغــة الإنجليزيــة, وتابعتهــا بعض الجـامعـات الخاصـة. ومع ذلك فيمكن القول بدون مبالغـة, بـأن السيادة اللغوية مـا زالت معقـودة للغة العربيـة, دون تشكـك جدي فى كفـاءتهـا.
(6)
وفى الوقت الذي نستظهر فيه, بكل ثقـة وموضوعيـة, أنه لا توجـد مشكلـة, ولا ينبغـي أن توجـد, في اسـتخدام اللغـة العربيــة فى الجامعـات, لتدريـس المواد الإنسـانية, بمـا في ذلك العـلوم الإداريـة والاقتصـاديـة والسياسـية والنفسـية, التي قد تُدخـلهـا بعض التصنيفـات ضمن دائرة (العلـوم) لا (الإنســـانيات) ـــ فإننــا لا نســتطيع أن نتجـاهل أن تدريـس المواد العلميـة البحتة, والهندسـة, والعلوم الطبية باللغة العربيـة ما زال موضع اسْتشـكال واعـــتراض من بعض الجـــامعيين والـــتربويين. ومن الواجب أن نتدارس هذه المشــكلة بكل إنصـاف وتدقيق, وبعـيداً عن أى انفعال عاطفي.
إن المتشككين في أهلية اللغة العربيـة للاسـتعمـال في هذه المجـالات يسـوقون المبررات الآتية :
- أن الموضوعـات العلميـة والهندسية والطبية قـد تقدمت, ومـا تـزال تتقدم, بسـرعة مذهلـــة في العالم الغربي, وأن التأليف فيهـا يتم بلغـاته وخـاصة الإنجليزية والفرنسـية. وعليه, فلكي نوصـل الأستاذ والطالب بكل جديد في هذه المجـالات, ينبغي أن نرجعهمـا إلى المؤلفـات والمراجع والمصـادر والدوريـات المكتوبــة في هذه اللغات.
- أن وصل الدارسـين باللغة الغربيـة المختارة لذلك, وهى الإنجليزية في شـرقي العــالم العربي, والفرنســـية فى غربيــه, يُقدرهـم على حضور الحلقـات الدراسية والمؤتمرات العلمية العالميـة, ويمكنهـم من التعـارف مع المتخصصين في المهن العلمية والهندسية والطبية في العالم, ومنـاقشتهـم, والاطــلاع على الجـديـد في مختــبراتهم ومستشفياتهم ومواقع أعمالهـم.
- أن الدراســـة في هذه المجــالات بالإنجليزية أو الفرنســية تســاعـد الراغبين في استكمـال دراسـاتهم العليـا أو إجراء أبحـاث علميــة متقدمة على القيــام بهـذه المهـام بســـهولة, نظـراً لتمكنهـم من اسـتعمال المراجع الوفـيرة والحديثـة في هاتين اللغتين.
- أن التدريـس باللغات الأجنبيــة يُمكّن مـن توظيف العلمــاء الأجـانب فى المواقع التدريســية المناسبـة لخـبراتهـم فى الجـامعات العربيـة.
هذه هى مـبررات اللجـوء إلى اللغات الأجنبيـة فى هـذا الموضوع, استخلصناهـا من عدد مـن الكتابـات والنــدوات التى عالجت هذا البحث. وهـى فى الحقيقة تـدور حـول المراجع الأجنبية بيسـر, وهو هـدف هـام ولا شـك.
وفي المقـابل هـذا التوجـه يسـتظهر المتمسـكون باللغة العربيـة مجموعـة من الاعتبـار التى نسـردهـا فيمـا يلى بنفس الموضوعية التى سـردنا بهـا سـابقاتهـا :
- أن العرب, فـى مجــال البحث العلمى, والتعبير العلمي, وفى مقـدمته ما يتعلق بــالطب ـــ أصـلاء لا دخــلاء, وتاريخهـم مع العلـوم والطب ضـارب فى القدم والعراقـة. وحســبنا أن نرجع إلى الكتب التي رصدت حركــة التـأليف باللغة العربيـة فى هذه المجـالات, لنتبين إسهــام العـرب والكـاتبين بالعربيــة فى تطوير العلوم والطـب : بحثـاً, وترجمـة, وإبداعـاً, وعـرضـاً ميسـراً.
فـإذا رجعنـا إلى أقـدم هـذه الكتب وهو « الفهـرســت لابـن النديم » المتوفى سـنة 385 هـ, ثم إلى أوسـطهـا وهو « مفتـاح الســعادة ومصبـاح الســيادة » لطـاش كُبْرى زاده المتوفى سنة 968 هـ, و « وكشـف الظنون عن أسمــاء الكتب والفنون » لحــاجى خليفـة المتوفى سـنة 1067 هـ, وأخـيراً إلى أحدثهـا وهو « تـاريخ الآداب العربيـــة » لكــارل بروكلمــان المتوفى ســنة 1956م ـــ والمقصـود بــالآداب فـى الكتــاب الإصدارات العربيـة في فنون المعرفـة وليس الأدب بمعنـاه المحـدود فقط ـــ وكذلك « تـاريخ التراب العربي » للعـالم الـتركي الدكتـور فـؤاد ســيزكين, وسلســلة « إسـهامات علمــاء العـرب والمسلمين » للعالك السـعودى الدكتور على الدفّـاع ـــ حفظهمـا الله. إذا رجعنـا إلى هذه الكتب نجد أنهـا حافلـة بأسمـاء المؤلفات شـاملة لبواكيـر الأبحـاث العربية فى هذه المجـالات. ثـم الترجمـات التى قـام بهـا العرب للكتابـات الإغريقيـة مع تصحيحـات العرب عليهـا, وأخــيراً وهو الأهـم إبداعـات العرب والمسلمين وإضافتهـم إلى مـا عُرف حتى زمـانهـم. وقـد اعترف العــالم بهذه التصحيحـات والإبداعـات والإضـافات, وحـرصـوا على ترجمــة الكتب العربيـة فكــانت أســاس النهضـة العلميــة فى أوروبـا.
ويمكننـا أن نذكـر, على سبيل المثـال لا الحصـر, بعض عناوين الكتب العربيـة للتذكير بأصالتنـا في هذا المضمـار, فمنهـا القانون فى الطب لابن سـينا, والحـاوي في الطـب لـلرازي, وكتـاب الشـامل فى الطب الـذي أتم منـه ثمــانين جـزءاً قبل موتـه, وكـانت خطته جعله في ثلاثمـائة جـزء, وكتــاب البيطـرة لحنـين بن إسحـاق, وأســرار الكيميـاء لجـابر بن حيان, والمنـاظر والمرايا والبصريات لابن الهيثم, وكتــاب النبــات للدينـوري, والزراعـة لأبى الخير الأشبيلى, والجامع لمفردات الأدوية والأغذيـة لابن البيطـار, والرياضـيات للخوارزمى, وغيرهـا(18).
- عدم توقف التأليف باللغة العربيـة في العلوم والهندسـة والطب فقد تـابع العرب والمسلمون التأليف بهـا, وما زالوا يـترجمون كل جديد إليهـا حتى يومنـا هـذا. وقـد أشــرنا إلى المؤلفـات التى ظهـرت في مصر وفـى سـوريـا من قبل, ومنهـا على سبيل المثـال أيضـاً : معجم الألفــاظ الزراعيـــة للأمــير مصطفى الشـهابى, والشـذور الذهبيـة في الألفاظ الطبيـة لمحمد عمـر التونســى, ومعجم مصطلحـات تعويض الأســنان لميشـيل الخوري, وكتب الجراحـة لمحمد البقلي, وكتب الزراعــة والنبــات والجيولوجيا والكيميـاء لمحمد نـدا, وكتــب علـم الجراثيـم للدكتور أحمد حمدي الخيـاط, وعلم الطبيعـة لجميل الخـاني, والأمـراض الباطنيـة لحسني سـبح, وعلم تشـخيص العقـاقـير للدكتور زهـير البابـا(19), ومـا كتبـه الدكتور عـبد الرحمن مخلـوف فى تخطيط المدن والذي سمـاه (علم التخطيط العمـراني الشـامل ) ودرَّســه بالعربيـة في جــامعتى القاهرة والإمـارات, وكذلك كتابات الدكتور جلال شــوقى فى الهنـدســة الميكـانيكيــة, وبوجـد هـذه الكتب وأمثـالهـا, مـا زال الطـلاب فى كليــة الطب بجـامعة دمشق يتـابعون دراســاتهم بلا أدنى مشــقة. كمـا أن الموضـوعات العلميــة والهندسـية وُجدت لهـا مراجع كـاملة باللغة العربيـة.
وقـد أسهمت مجـامع اللغة العربيـة فى القـاهرة ودمشـق وبغداد فى حركـة التعريب, ووضع مصطلحـات عربيـة مناسـبة بإزاء المصطلحـات الأجنبيـة الجـديدة. ثـم أخـذت جامعـة الدول العربيــة هـذا الموضـوع مـأخذ الجـد والضـرورة, فشــكلت المكتب الدائم للتعريب فـى الوطـن العربي بالربـاط ـــ الذي قام بجهـد عظـيم يُحمـد لرجـالـه, ومنهـم الدكتور محمد الفارسي مؤسس اتحـاد الجـامعـات الإسـلاميـة رحمـة الله, والدكتـور عبد العزيز بن عـبد الله مـن علمـاء المغرب, والعالم السـوري الدكتور ممدوح حقـى أطـال الله بقـاءهمـا. وقـد أصـدر المكتب المذكـور مجلــة ( اللسـان العربـى ), التي حفلت بــالبحوث والمصطلحــات العلميــة, وأصـدر فى عـام 1971م باللغة العـربيـة والفرنســية والإنجليزية معاجم الجيولوجيـا والحيوان والنبــات والرياضيــات والفيزياء والكيمياء.
وقـد رفعت جهـود هذا المكتب آمـال الوزراء المســئولين عن التربيـة والتعليـم والتخطيط فى البلاد العربيــة فـأصدروا فى سنة 1970م بمناسبة انعقـاد مؤتمرهم الثــالث فى مراكش توصيـــة تثلج الصـدور, جـاء فيهـا « فـإن المؤتمر يُوصى بـأن تبادر جميع الدول العربيـة فى أسـرع وقت ممكن إلى اتخـاذ التدابير والوسـائل الكفيلة باستعمال اللغة العربيـة لغة تدريس فى جميع مراحـل التعليم العـام والمهنى والجـامعى, مع العنـاية الكـافيـة باللغات الأجنبيـة »(20).
- إن اللغة العربيـة غنية ومطواعة, ممـا يهيئهـا لمواجهـة المستجدات, بما فيهـا من ثـروة لفظية, وبما وضعه علماؤهـا من قواعد وآليات لتطويرهـا باستمرار. أمـا الثروة الذاتية فهـى معروفـة وتشهد بهـا معـاجم اللغـة. وأمــا قواعــد التطوير وآلياتهـا فنشير إلى أهمها بما يلى :
أ ـــ التعريب :
وهو أخذ كلمـة غـير شـائعة, وقبولهـا إمـا بذاتهـا وإمـا بتحويرهـا لتوافق الأقيســة العربيـة والنطق العربي. فمثلاً (التلفزيـون), عربت فبقيت على حالهـا ولا حرج, وعربت مرة أخرى بتحويرهـا إلى (تِلْفَــاز), وهو وزن عربى لا بـأس بذلك. ومن العــرب من يستعمل لفظ (المرئى), وهو لفظ ارتجل وفقـاً للمعنى وهو حسن. وفى جميع هذه الأحوال, زُوَّد العربي بلفظ مناسب ومقبول وفقـاً لقواعـد التعــامل مع اللفظ الأجنبى وتَحفَّـظ المعجم الوسـيط فرمـز للكلمـة الأصليــة بحـرف الدال دلالــة على أنهـا دخلية. وقد عَرَّب القـرآن الكريم كثيـراً من الألفـاظ الـتي كـانت شــائعـة وقت التنزيل وأصولهـا حبشية أو فـارسية, فلم يكـن في ذلـك عجب, وعقـد لهــا السيوطي باباً خاصًّا في (الإتقـان)(21).
ب ـــ الاشتقاق :
وهو غير الاشتقاق القياسى المعتمـد في الصرف. ويقصـد بـه أخـذ لفظ من آخـر, مع تنـاسب بينهمـا فى المعنى أو الأحرف أو الترتيب. وقـد عـدد العلمـاء منه أربعـة أنواع هى الاشتقاق الصغير, والاشتقاق الكبيـر, والأكبر, والكُبّـار, ممـا هو مبين في مراجعـه. ومن الاشتقاقات التي قُبلت فـور وضعـها لفـظ (تـأميم), وضعه المرحوم الأستاذ الزيات صاحب تارسـالة, بمعنى رد ملكية شئ إلى الأمة بمجموعـهـا. ومـن اشتقاقات السـنوات الأخيـرة لفظ (العَوْلمة) و (العَلْمنة) الأول من (العــالم), والثـاني منه أيضـاً أو من (العِلْـم), وكـان الشــائع اســتعمال العلمانية (بكسر العين أو فتحهـا).
ج ـــ النحت :
هو ابتكـار كلمـة بالأخ1 من كلمتين أو أكثـر, وهو إمـا فعلـى مثل : (بَسـمل), بمعنـى : قال بسم الله, وإمـا اسمي مثل (جُلمود) مــأخوذ من (جَمْـد وجَلْد), وإمـا نسبي مثل (درعمـي) مأخوذ من (دار العلوم). وعلى هذه الوتــيرة نحتت كلمـات (الَحوقَلَة والفَنْقَلَــة والَحْيعَلَــة) مـأخوذ من قولهـم : لا حـول ولا قوة إلا بالله, وقولهـم في الجـدال : فإن قلتَ قُلتُ, ونداء المـؤذن أو غـيره : حي على الصلاة أو غير ذلك.
ويسـتعنل النحت كثـيراً في ألفـاظ الصيدلة, حتى في اللغات الأجنبيـة. فمثلاً دواء (البنــادول) المشــهور, أضيفت إليـه مـادة (الكـودين), لاستخـراج دواء جديد هو (البنــادين), واســتعملت بيوتــات الأدويـة العربيــة النحت في تســمية تركيبـاتهـا.
د ـــ القياس :
وقـد لستعمله مجمع اللغة العربيـة مع كلمــات مثل : (سَــمَّاعة) و (خَرَّاطة) و (غَسَّــالة) كلهـا بالقيـاس على صيغـة المبالغـة (فعَّـال) لإفـادة ك،ثرة السمـاع, أو الخـراطــة أو الغَســيل, ولم يكـن ذلك مسـتعملاً من قبل. وبهـذا تجـاوز المجمع صيغ اســم الآلـة المعـروفــة (مِفْعـال, ومِفْعـل, ومِفْعلة).
هـ ـــ التوليد :
وهـو توليد كلمــة جـديدة مـن أصل عربي, لتوصيـف آلــة أو غيرهــا, مثل : هـاتف من هَتـف, ومِسَــرَّة من أسَـرَّ, وكلاهمــا مُحــدث بالتوليد لتســمية (التليفـون). وقد اســتقرت كلمــة (الهاتف) ونُســيت الأخرى تقريبـاً. والعبرة في الكلمـات المولدة أو المرتجلـة أو المتـرجمـة بالشــــيوع وقـبول النــاس باستعمالهـا.
و ـــ الارتجال :
وهو ابتكـار كلمــة جديدة لمعنى جديد.
ز ـــ الترجمـة :
وهـى مفهـومـة, وقد ترجمـوا مؤخـراً عمليــة (التنـــاتج اللاجنســـي), بالاستنسـاخ, وقـد أشــاعت وســائل الإعلام الكلمــة الثانيــة, مع أن الأولى أدق علميَّــا. ومـن المتخصصـين من يستعمل (الكلْونـة) تعريبـا للفظ الأجنبـي وهو Cloning.
ح ـــ المجـاز :
وهو باب واسـع, ولعـل منه كلمـة (سـيارة), وأصلهـا اللغوي القديم بمعنى (القافلـة), وإذ إنهـا تســير بجمـالهـا فقد استعير لفظها لما يُستعمـل له الآن, ووجه الشبه واضح.
وعندمـا توجد الإرادة العربيـة لمقابلة كل جديـد بلفظ يناسـبه وفقـاً لأيَّ من القواعـد السـابقة أو غيرهـا, فالأمـر هين. وممـا يسـاعد عليــه دعـم المجـامع اللغويـة وتَقَبُّل أعمـالهـا والعاملين فيهـا(22) وتشجيع الباحثين في كل فـن على اقتراح كلمـات عربيـة لمـا يرد فى مجـالات تخصصاتهـم, تمهيـداً لإقرارهـا من المجـامع أو شـيوعهـا بين الناس وقبولهـا للاستعمـال(23).
- إن الكلمــات التي توضـع فى أي لغـة, لتسمية ظـاهرة علمية معينة, يقصـد بهـا أمـران : أولهمـا : تسهيل التعـامل مع هذه الظـاهرة من حيث فهمهـا ودراستهـا والبحث فيهـا, وثانيهمـا : اســتعمالهــا تطبيقيًّـا فى التعـامل مع النــاس. فمثلاً كلمـة Hypertension في الإنجليزية يقابلهـا في العـربيــة (ارتفاع ضغط الدم). وكمـا أن كـل طبيب يريد التعـامل مع المراجع الإنجليزيــة يجب أن يعـرف المصطلـح الإنجليزي, فـإن الطبيب العربى, أو أى طبيب يريد التفــاهم مع مـريض عربي, يجب أن يعرف المصطـلح العربي, وإلا اضطـر إلى الاستعـانة بمترجـم. ولذلك فإنه مع اٌقـرار بأن التعـامل مع المصطلحـات الأجنبيـة والمراجـع الأجنبيـة مفيدا جدًّا, فــإن معـرفــة المصطلحــات العربيـة والتوصيـف العربي للظواهـر والحقــائق العلميــة وتطبيقاتهـا ضــروري. وهذا يرشح أن يكون التدريس أسـاسـاً باللغة العربيـة, وتكون معرفة غيرهـا إضـافيًّا.
- إن واقــع التدريـس باللغــة الإنجليزية للمواد العلميــة والطبيـة, فى الجـامعـات العربيـة, قـد وضع موضـع الدراسـة التقييمية مؤخـراً, واختـيرت له كلية العلوم الطبية بجـامعة الملك فيصل بالدمـام التي تُدرس فيهـا العلوم الطبية باللغة الإنجليزية, واسـتخدمت فيــه اســتبيات دقيقة, وعينـات من الطلاب المستجدين, والذين أمضـو نصف مدة الدراسـة, وطـلاب التخرج والدراسـات العليـا, وكـانت نتيجـة هذه الدراسـة أن الطلاب جميعـاً يقـدرون استعمـال العربيـة والإنجليزيـة فى الدراسـة والبحث, ولا يقبلـون الاكتفــاء بواحــدة, ولكنهـم يفضلون بنسـبة 70% أن تكون الدراسـة باللغة العربيـة أسـاسـاً مع الاهتمــام البالغ باللغة الإنجليزيــة. وقـد اشــتملت الاستبيانات تقييم قـدرات الطلاب على فهم لغة التدريس, واســتخدام المراجع, والمناقشــة في قـاعة الدراسـة, وعند الامتحـانات الشفوية والتحريرية, وإعداد الأبحــاث العلميــة وتقديمهـا, ومتابعـة الدراســات العليا(24).
وحبذا لو أجريـت دراسـات ميدانيـة مشـابهة في كلية الطب فى دمشق باعتبار أن لغـة التدريس فيهـا هى العربيـة بصفة رئيســـية, وكذلك في كليــة الطب والهندســـة في القـاهرة باعتبار أن لغـة التدريس هى الإنجليزية مع إدخـال العربيـة أحيـاناً في بعض الشــروح وتقـديم المصطلحـات. إذن لتكـاملت لدينـا من هذه الدراسـات صورة حقيقية عن خبرة الطلاب والمدرسـين ومعـاناتهـم في متابعة الدراسـات العلميـة والطبية والهندسية دون إهدار أى مصلحـة.
- وأخــيراً فــإن تدريس العلـوم والطب والهندسـة وأشباهـهـا باللغة العربيـة يؤدي لا محـالــة إلى تعزيز اللغـة العربيـة وإغنائهـا, وتطويرهـا, وإقدارهـا على مواجهـة متطلبـات الحيـاة المتجددة. والعكس صحيح, إذ أن الاعتمــاد على غيرهـا في هذه المجالات يُضمرهـا, ويزري بمكـانتهـا, ويُشعـر أهلوهـا بضعف أهليتهـا للتعبير الشـامل المتنوع دون وجـه حق, وعليه فـإن إعزاز اللغـة العربيـة, الذي لا يختلف على أهميتـــه عربيــان, يقتضي استعمـالها لا إهمالهـا.
وبتــأمل المــبررات التي يســوقها الأكــاديميون والمربون المتشــككون في قدرة اللغة العربيــة على أن تكون لغـة التدريس الفعَّـالــة والناجحـة في مجـالات العلـوم والهندســة والطب, وكذلك الاعتبـارات التي يقدمهـا المنـاصرون للغة العربيـة, الواثقـون من كفـاءتهـا وأهليتهـا لهذه المهمـة ـــ نجد أن كفـة المتككين بصفة عامة مرجوحـة, وأن استخدام اللغـة العربيــة للتدريس في الإنســانيات والعلوم جميعـاً هـو الاتجـاه الصحيح, باعتبار أنهـا اللغة التي يسـاندهـا التاريخ, والتجربـة الســابقة الناجحــة, ووفرة المـراجع المؤلفــة فيهـا, وقـوة اللغــة ومرونتهـا, والحـاجــة العلميــة للمجتمع العربي النـامي والمتطور إلى التعامل بهـا, واستحقاقهـا للتنميــة والتطوير والتعزيز المستمـر.
ومع ذلك فإنه يلزم أخـذ الملحوظـات الأكـاديمية جديـة واهتمـام, والعمـل على تحقيق المصـالح التي تستهدفهـا وهى متابعـة جهود التعريب لكـل جديد في العلوم, وإقدار الطـالب العربي على الإفـادة المباشـرة من المراجع الأجنبية كلمـا لـزم لــه ذلك لضمـان توسُّعه وتضلُّعه المستمرين.
ولا شــك لدينـا أن الجهـد الذي بُذل فى الجامعة السـوريـة بشــأن تعريب مواد العلـوم والهندســة والطب هو الجهـد الرائـد, والذي ينبغى أن يُقلـد, ويُتـابع, ويُدعَّـم. كمـا ينغى توجيــه المناســدة لرجالاته القائمين عليـه بضـرورة استيفاء ما قد يُحتـاج إليه من استيفاءات لا غنى عنهـا في مجـالات الترجمــة, والتـأليف, والاهتمــام باللغـة الأجنبيــة لتمكين الطـلاب ممـا يـلزم للإفــادة من المراجع العالمية.
ولا شــك لدينا أيضـاً أن الجامعـات المتشــككة في جـدوى تدريس العلوم والهندسـة والطب بالعربية يمكن أن تنضم إلى ركب التعريب تدريجيًّا, إذا كُسـر لديهـا الحـاجز النفســي الموجود حالياً ضـده. والذي نقترحــه على هذه الجـامعـات أن تدرس موقف الجامعات المصرية من هذا الإشــكال, فتقليده يعـاون كثيراً على كسـر هذا الحاجز, ويُمهد لمـا نتمنـاه من تعميم التدريس باللغة العربيـة في جميع جامعاتنا.
والموقف في جامعات مصر, هو ثمـرة التجربـة الطويلة التي مر بهـا هذا القطر(25) فى كليـات العلوم, والزراعـة, والهندسـة, والطب, منذ بدايـة القرن التاسـع عشـر, وخـلاصـــة هـذا الموقف هـو إعطـاء المصطلحـات العلميــة وأوصـافهـا والعمليـات المتعلقة بها باللغة الإنجليزية, مع السـماح بأن يكون التدريس بمعنى إيصـال المعلومـة إلى الطالب والتأكد من فهمـه لهـا باللغة العـربية. وتظـل أولويـة اسـتخدام اللغة الإنجليزيـة قائمــة فيمـا يتعلق بالكتب الدراســية المعتمدة, والمراجع والدوريـات التي يكلف الطلاب بمراجعتهـا. أمـا الأبحـاث التي يعدونهـا أو يقدمونهــا فيجمـع فيهــا بـين اللغتين. ويختلف حجم اللغة الأجنبيـة من كليـة إلى كليـة, ومن مـادة إلى أخرى, وفقـاً للحاجة العلميـة. ومن الطبيعي لذلك أن يزداد حجمهـا في كليــة الطب وأن يقل قليـلاً في كليــة الهندســة, ثـم أقل في الكليـات العلمية الأخرى. والخلاصـة أن موقف الجـامعات في القطر المصـري هو الجمع بين اللغتين العربيـة والأجنبيـة, مع غلبة الأجنبية بالدرجات التي ذكرناهـا.
فـإذا رأت جامعـات أخـرى فى البلاد العربيـة الأخذ بالنمـوذج المصـري ـــ وهو ليس فى نظرنــا الموقف الأمثل, ولكنه أقل ضرراً من نمـاذج الاعتمـاد المطلق على اللغة الأجنبية ـــ فسوف يسـاعد ذلك ـــ لا محـالة ـــ على حل الإشـكـال تدريجيًّا. أمـا الانتقال الكـامل إلى اللغة العربية فيحتاج إلى جهود جماعيـة تشــترك فيهـا جامعـة الدول العربيـة, والمجـامع العلميـة, واتحـاد الجامعات العربيـة, وعلمــاء العرب وتتمثل في : إنعـاش الترجمــة, وتشجيع التأليف بالعربيـة, ووضع المعـاجم المقارنة للمصطلحــات الجديدة المترجمــة, ومـا جـرى هـذا المجرى من الجهود. وأخــيراً, بل وأولاً أيضـاً, أن انعقد النية الصـادقة لـدى الجـامعيين العـرب على ألا يقل موقفنــا من اللغة العربيــة عن موقف العــبريين من العبريـــة, والأتــراك من التركيـة, بل وحتى الإيطاليين والأسبان من الإيطالية والأسبانية, وهى جميعـاً لغــات لا تدعى الصــدارة في رصـد الإنتاج العلمي العالمي, ومع ذلك فهى اللغات المعتمدة فى بلادهــا للتدريس الجامعى بصفة عامة.
(7)
نقصـد بــالتعليم الأعلى, فى هذه الورقــة, مرحلـــة البحث العلمي والدراسات العليا, التى يشـارك فيهـا الطلاب فى خطط البحث العلمى لجامعاتهم, ويسهمون في تطوير الأبحـاث بمـا يعدونــه من رســائل جامعيــة لنوال الدرجـات المقـررة لذلك. وهـى مرحلة تتصف بالأخذ والعطـاء, أكثـر من أي مرحلة أخرى, ولكنه أخذ وعطـاء على مستوى الهضم والتمثل والنضج المفضي إلى الإضافة والتجديد وربمـا الإبداع.
ومن أجل «الأخذ» الصحيح, لابد من وصـل الطلاب بالمراجـع العربيـة والأجنبيـة معـاً, ولا حـدود حينئذ للغات التي يجب أن يتعـاملوا معهـا, فقـد تكون قديمــة جدًّا كالهيروغليفيـة, والبابليــة, واليونانيـة القديمـة, وقـد تكون غير ذلك من اللغـات المعــاصرة ذات العلاقــة بالموضوع المدروس. ويعين الطالب على التواصل مع لغته العـربيـة تقـدم الجهـود الجمـاعية فى الترجمـة والتأليف التى أشرنا إليهـا ســابقـاً. وهـى جهـود تحتـاج إلى قرارات وتمـويل, ودعـم متنوع من جميع الجهـات المعنيــة. ولا فرق فى متطلبات «الأخـذ» بين أن تكون الدراســة في الإنسـانيات أو العلوم, فلكلًّ تاريخ غائر عندنـا, نخن العـرب والمســلمين, وعند غيرنـا, ولكــلًّ متطلبـــات معــاصرة وتداخــلات بين جهـود البــاحثين أينمـا كانوا وأيًّـا كانت لغاتهم. والمهم ـــ فيما يتعلق بـأهداف هـذه الورقــة ـــ ألا يدير البــاحثون أســاتذة كــانوا أو طلاًبـا, ظهورهـم لــتراثهم العتيد المـدون باللغة العربيـة.
ومن أجـل «العطـاء», الذي ندعوا الله أن يكون وفــيراً, والذي ظهـرت بوادره المشــجعة فيمــا صـدر ويصـدر عن الجامعـات من رسـائل رصينة ـــ لا تخلو مـن التفحـص الدقيـق, ولتجديـد, والإضافــة ـــ لابد من أن يكون للغـة العربيـة نصيب من جهـود الباحثين, ومن ذلك :
- ضـرورة تكليف البـاحثين بترجمـة ما يمرون به من مصطلحـات أجنبيـة في مجـال الدراســة, إلى اللغة العربيـة. وقـد التـزم بذلك عـدد من البـاحثين في علم النفس والتربيـة والفلسفـة والجغرافيـا والزراعـة وسـائر العلوم والطب. فـالحقوا بكتبهـم قوائـم بالمصطلحـات وترجماتهـا العربيـة. كمـا أن بعض مصـدري المعاجم قد فعلوا ذلك. ولاشــك أن هذه الترجمــات تبقى فرديـــة حتى يثبتهـا الاستعمـال أو تتبناهـا المجـامع المختصة.
- تكليف الباحثين الذي يعدون رســائلهم بلغة أجنبيـة, أن يلحقوا بهـا ملخصـاً وافيـاً باللغة العربيـة, حتى يتمكن قراء العربية الذين لا يتقنون تلك اللغة الأجنبية من متابعــة الأبحـاث الجديدة. ويعتبر هذا من التقاليد الجامعية العالمية, عندمـا تسمح جامعـة لطالب دراسات عليا بكتابة رسالته بلغة غـير لغة الدول التي بها الجامعة, فحينئذ لابد من إيراد ملخص بلغـة الدولــة, تعزيزاً للغتهــا ولمكتبتهـا.
- إن تحقيق المخطوطـات العربيـة ونشـرهـا, ومـا زالت فى خزائن المكتبات العـاكة والشخصية آلاف منهـا, ضروري لرصـد الـتراث العـربـي في الإنســانيات والعـلوم, ووضعـه بين يدي الأجيـال الصـاعدة.
- ومثل ذلك يقـال عن حياة علمـاء العـرب والمسلمين, الذين لم ينالوا حقهـم من الدراســة, وكثــيراً مـا تؤدي هذه الدراسـات إلى اكتشــاف المخبـوء من المؤلفـات التراثــية, والتنبيــه إليهـا أو نشـرهـا(26).
(8)
خلاصـة
إن هذه الورقـة تمثـل صوتـاً من مئـات الأصـوات الـتي تتعـالى الآن في العالم العربـي كلــه, للتذكــير بأهميــة اللغة العربيـة, وموقعهـا عند الناس وفى المجتمع, باعتبارهـا وعاء الفكـر, ووسيلة التفاهـم والتواصـل الاجتمـاعي, وعنــوان الهويـة القوميــة والحضــارية, ولســان الدين الإسلامي الحنيف.
وقد بينت الورقـة مجـالات تعزيز اللغة العربيـة فى جميع مراحـل التعليم, حيث يبدأ النمـو اللغوى فى البيت وفي روضـة الأطفال, ثم يُنمـى في المدرسـة الابتدائية المناسـبة التي تعني بهـذه اللغة وتصونهـا عن الازدواج اللغوي بتعليم لغة أو لغات أخـرى قبـل أن يكتمـل للناشئ نمو كـاف في الأسـاسـيات اللغويـة العربيـة وفي المدرســة الثانويـة يُوجــه الطـالب إلى الاعتزاز بهذه اللغـة ومعـرفــة كفاءتهـا المجربـة عبر القرون, كمـا يُزود بالقواعـد والمهـارات اللازمـــة لإتقانهــا, والمصطلحـات العربيـة للموضوعـات العلمية التي يدرسـهـا.
أما في الجامعـة وفى الدراسـات العليـا, فيـلزم أن يكون التدريـس فيهــا باللغة العربيـة, سـواء في المجـالات الإنسـانية أو العلميــة, إذ أن هـذه اللغـة من الـثراء والمرونـة بحيث تســتطيع أن تلبى جميع المتطلبــات الدراســية والبحثيــة. وفي مكتبتهـا التراثية والمعـاصرة قدر كـاف من المراجع, التى لا يجوز أن يغفل عنهـا, مع الحاجة الدائمـة إلى زيادتهـا والإضـافة إليهـا كمـا هي الحال فى كل لغة.
***
الهوامـش
- ورقة مقـدمة إلى الندوة التي تقيمهـا جمعية حماية اللغة العربيـة بالشـارقة, بتاريخ 4 شعبان 1422هـ الموافق 20 أكتوبر 2001م.
- من رجـال التربيـة والتعليم والفكـر الإسـلامي, وأسـتاذ الأدب العربي وطرق تدريس العربيـة بجـامعـة الملك سعـود بالريـاض سابقـاً, ويعمل حاليـاً مستشـاراً ثقافيـاً بديوان رئيس دولة الإمـارات العربيـة المتحدة, أبوظبي.
- السيـد / محمد عثمـان ومحمد خيري حربي : آراء ومقترحـات بشأن تدريس اللغة القوميـة, القاهرة 1956م.
د. عبد العزيز القوصي وآخرون : اللغة والفكـر ـــ القاهرة, 1946م.
د. مرزوق بن صنيان بن تنباك : الفصحى ونظرية الفكـر العامي ـــ الرياض, 1986م.
جان بياجيه (ترجمـة أحمد عزت راجح) : اللغة والفكـر عند الطفل ـــ القاهرة, 1954م. انظـر الفصل الثالث والرابع والنتائج.
محمد عبد الحميد أبو العزم : المسلك اللغوي ومهـارته ص 127 ــ 168, القـاهرة, 1953م.
- John B. Caroll : Language and Thought, P. 18, New Jersey. 1964.
- عز الدين إبراهيم وعبد الودود ديفز : مختصر الكلم الطيب لابن تيمية وترجمـته إلى الإنجليزية. المقدمـة ـــ دار القرآن الكريـم, بيـروت, 1999م.
- Glenn Doman : Teach Your Baby to Read, London 1963.
- انظر المادة 17/ 2 من القانون الاتحـادي رقم 9 لسنة 1972 في شأن المدارس الخاصة.
- السيد / محمد عثمـان ومحمـد خيري حربي : آراء ومقترحـات, ص10.
- لنظـر على سبيل المثال : جامعـة الدول العربية. المنظمـة العربية للتربيـة والثقافـة والعلوم : اجتمـاع خـبراء متخصصين في اللغة العربيـة في عمـان 1974. القاهرة 1975م.
- التعبير للدكتور شكـري فيصل, وانظـر بحثـه بعنوان « التحـدي اللغوي » ضمن وقائع ندوة التحـديات الحضـارية والغزو الفكـري لدول الخليج العربي, فس مسقط 1985م ص289, إصـدار مكتب التربيـة العـربـي لدول الخليج, الريـاض 1987.
- عباس محمود العقـاد : أثر العرب في الحضـارة الأوربيـة ص69, دار المعـارف بمصـر, ط6.
- ش. هـ. هاسكنز (وترجمـة جوزيف نسيم يوسف) نشأة الجامعات في العصور الوسطـى, ص 243 ــ الإسكندريـة 1971م.
جوزيف نسيم يوسف : المدخل إلى جامعات العصور الوسطى, ص 121 ــ الإسكندرية 1971.
د. عز الدين إبراهيم : معالم رئيسية في مسيرة الجامعات الإسلامية, ص 16 ـــ 26, الرياض 1984م.
(13) جامعة القاهرة (العيد الماسي) ص 25 إصدار جامعة القاهرة 1983م.
(14) المصـدر السـابق, ص61.
(15) المعربات : الكتب التي عربهـا رفاعـة بك وقد ظهـرت متتابعة بلا توقف, ملطبرون هو عالـم الجغـرافيـا Malte Brun المتوفـى سنة, 1826م, تـرجـم كتاب « الجغرافيـا العموميـة » ومونتيســكو هو القانوني الفرنسـي الشـهير Montesquieu المتوفـى سنة 1755م, ترجم له «أصول الشـرائع والنواميس». وأمـا لسـان باريس فإشـارة إلى كتابه «تخليص الإبريز في تلخيص باريز», وانظـر عمـر الدسوقس في الأدب الحديث, جـ 1 ص25 ـــ 30, ط بيروت.
(16) المصـدر السابق, ص 122.
(17) د. حـامد محمود صغراطـة : تعريب التـدريس والعلوم في الجـامعات العربيـة ضرورة حضـارية, ص 96, رســالة الخليج العربي, العدد 15, السنـة الخـامسـة, الرياض 1985م.
د. مازن المبـارك : اللغة العربيـة في التعليـم العالي والبحث العلمي, ص 42 ـــ 43, ط 2 بيروت, 1981م.
(18) ابن النديم : الفهرست, طبعـة مكتبة خيـاط المصـورة عن طبعـة فلوجيـل. المقالـة السـابعـة (الفن الثـاني في أخبـار أصحـاب التعليم والمهندسين والأرثمـاطيقيين والموسيقيين والُحسَّـاب والمنجمين وصناع الآلات وأصحـاب الحيل والحـركـات والفن الثالث في ابتداء الطب وأخبار المتطببين وأسمـاء كتبهـم) والمقالة العاشرة في أخبار الكيميائيينوالصنعويين وأسماء كتبهـم.
(19) د. مازن المبـارك : اللغة العربيـة في التعليم والبحث العلمي, ص 15, 47, 48 بيـروت 1986م.
(20) د. أحمد مطلوب : دعـوة إلى تعريب العلوم في الجـامعـات, ص 28 ـــ 30 الكويت 1975م.
(21) جلال الدين السيوطي : الإتقان في علوم القرآن ج2 ص125, القـاهرة 1974م.
(22) مـن المواقف الهزلية غير المقبولة, مـا أشاعه المتنكرون لأعمـال المجـامع, من أن كلمـة (سندوتش) وضعت لهـا عبارة (شاطر ومنشطـور وبينهـا طــازج), وهو غيـر صحيح؛ لأن الكلمـة التى وضعهـا مجمع اللغة تاعربيـة فى القـاهرة ودخلت بعث ذلك المعجـم الوسيـط, هى كلمـة (شطيرة) وهى كلمـة دقيقة ومقبولة.
(23) د. أحمـد مطلوب : دعـوة إلى تعريب العلوم, ص 70 ـــ 89.
د. إبراهيم كــايد محمود : مقدرة اللغة العربيـة على استيعـاب مصطلحـات العلوم والثقافة, ص47 ـــ 75, رسـالة الخليج العربي. العدد 41 السنة 12 الرياض 1992م.
(24) د. سليمـان عبـد العزيز السحيمى والدكتور عدنان أحمد البـار : رأى طلاب الطب من تعريب التعليم الطبى, ص 41 ـــ 65, رسـالة الخليج العربى 42 سنة 1992م.
(25) اكتفينا بالتمثيل بمصـر, لتوفر المعلومـات عن تجربتهـا, عند إعداد هذه الورقة. وربمـا كان الأمـر كذلك في العراق والسوادن وغيرهمـا.
(26) وهذا ما يفعله الدكتور على الدفاع في جميع كتبه من سلسلة (إسهـام علمـاء العرب والمسلمين), وانظـر أيضـاً كتابه (أعلام الفيزياء فى الإسلام) بالاشتراك مع د. جلال شوقي, مؤسسة الرسـالة؛ بيـروت 1984م.