كيف ننظر إذن إلى المفردات ؟ لماذا ندخل هذه المكونات السبعة ضمن كيان منظومة القيم ؟
تساؤل له أهميته فضلاً عن مشروعيته ،وإن مد معنى القيمة إلى التأسيس والتأصيل ،والمجال والفاعلية ، ومساحات الوعى والسعى هى فى الحقيقة محاولة لاستثمار السعة اللغوية والآفاق المفهومية والقدرات التصنيفية وتجليات التوظيف ،إنها بحق تؤصل مداخل وزوايا لرؤية قيمة العقيدة وعقيدة القيم ،قيمة الشرعةوالمنهج المتولد عنها وشرعة القيم ،القيم المؤسسة الحاكمة والقيم المولودة والقيم المشتقة ،قيمة الأمة وأمة القيم ،قيمة الحضارة والعمران وعمران القيم ،قيمة المقاصد الكلية ،ومقاصد القيم ،قيمة السنن ،وسنن القيم ، تعبيرات بعضها من بعض تتقاطع كمفردات وتتفاعل كمنظومات وتتساند وتتكامل.
مد القيم إلى كامل المساحة المعرفية والبحثية أمر مهم يعكس كيف يمكن أن نجعل القيم كروح سارية فى البنية المعرفية وما يترتب على ذلك من آثار . إن كل المفردات السابقة فضلاً عن العلاقات فيما بينها والروابط البينية بين عناصرها وتفاعلاتها داخلة فى الفهم القيم وتحديد منهج النظر إليها ،القيم بما هى – توظيفاً – رؤية للعالم ومدخلاً منهجياً وتحليلياً ونموذجاً إرشادياً وإطاراً مرجعياً ونسقاً قياسياً وتقوياً ،لابد أن تتحرك صوب الجمع المتفاعل بين هذه المفردات .
1– العقيدة الدافعية
العقيدة الدافعة تنجلى ضمن مجال العلاقات الدولية على مختلف أشكالها ومستوياتها ،إنها الرؤية التوحيدية فى مقابل علمنة العلاقات الدولية ،بما يفرض التمايز فى الرؤى من مقتضيات ومستلزمات وحقائق .
إن الرؤية العقدية تتجلى ضمن رؤية كلية للعالم بكل تنوعاته ،إطار عقدى أساسى يتمثل فى التوحيد ومجال فاعلية كونية (الكون) ومسئولية الإنسان عنه وفى إعماره ،وفاعل يتحرك ضمن الساحة الحضارية ،إنه الإنسان ،الإنسان من أهم عناصر المعادلة العقدية ،ليس ذلك إلا رؤية للإنسان المستخلف ،خلافة الإنسان تفرض معادلة بين الوحى والعقل والواقع ،الإنسان هو حاملها والفاعل الأساسى (فيها) ،وفى هذا السياق هناك علاقات متنوعة بين كل ما تشمله المجالات الثلاثة محكومة بالرؤية التوحيدية ،Tawhid Epistimeتشكل الحياة فى حركتها علاقاتها وما تتضمنه من جملة العوالم المختلفة عالم الأشياء ،الأفكار ،الأشخاص ، الأحداث ،الذات والآخر ،هذا التشغيل للرؤية ضمن مجال معرفى معين يتطلب جملة من العناصر تجمع بين ملاحظة عناصر ووحدات المنظومة العقدية وتفاعلها وتشغيلها ضمن المجال المعرفى ،أو ذلك الحقل بكل سماته وخريطته الموضوعية والمعرفية .. هل يمكن بأى حال على سبيل المثال أن نتصور علاقة دولية ممتدة بدون رؤية كامنة أو ظاهرة للعالم ؟ .
إن معظم الأفكار التى حاولت تفحص الأطر الفكرية الأيديولوجية والعناصر الثقافية والمعرفية ضمن منظومة النظام الدولى ،تؤكد من خلال هذا التفعيل والتشغيل ،أنه ما من نظام دولي إلا وله جملة من السمات تميزه بفعل تطور العناصر ومساحاتها،وشبكة العلاقات فيما بينها ،وعناصر تفاعلها وتفعيلها ،النظام الدولى لابد أن يكون له عقيدة ،أيا كانت تسميتها ،بل إن هذا النظام غير مانع من أن تكون له عقيدة معلنة ،وأخرى تتعلق بالممارسة وبالحركة ،إننا أمام تطورات فى النظام الدولي ،هى فى التحليل الأخير تتضمن تبدلاً فى (الرؤية – الإدراك – التصور – الوسائل ) ،وتحريك كل ذلك فى إطار عالم النظم وعالم الشعارات وعالم الرموز ، وعالم الحركة الدولية الفعلية وأشكالها .
إن هذه الرؤية العقدية تشير إلى ضرورة دراسة هذا الجانب العقدى وعدم إهماله فى رؤية النظام الدولى ، وإلا سنظل نتعامل مع النظام الدولى ضمن تطورات مادية فحسب .. ماذا عن مرحلة تطور النظام الدولى الذى شهدته حركة الكشوف الجغرافية المسماه كذلك ،ثم تبعتها الحركة الاستعمارية ضمن عناصر منظومة معرفية وفكرية اشتملت على جملة من العناصر أهمها : القوة – الدعاية والتمويه – رسالة عبء الرجل الأبيض – التخلف والتقدم – حقوق الاستيلاء وأرض لا صاحب لها .. جملة من التشكيلات الفكرية أبرزت أهمية صياغة خريطة عقدية للنظام الدولى آنذاك تتبنى رؤية تجعل الإنسان مركزها والإنسان الغربى على وجه التحديد ،وهو مما أفضى كل عناصر علاقات القوة وكل حقائق التبرير الفكرى والعقدى ضمن منظومة أيديولوجية لا يمكننا أن نفسر ذلك إلا فى سياق : كيف أن تلك الرؤية للعالم جعلت من الحركة الاستعمارية السائدة .. رؤية تكاد تكون متكاملة ،لم تكن الوسائل فيها والممارسات المرتبطة بها إلا تجليات فكرية فى محاولة للتنظير لعمليات الطغيان فى إطار علاقات قوة شائهة ومشوهة . إن عناصر التاريخ الأوربى فى هذه الآونة يمكن تحريكه وتفسيره فى سياق ذلك ،وفى سياق المواجهة لكل عناصر قوة أو فاعلية تحد من تطبيق هذه الرؤية المخالفة . إن الاستئثار بالقوة والاستثمار بعناصرها ،كانت محركاً أيديولوجياً وعقدياً اقتضت بروز عناصر نظريات من مثل : البقاء للأقوى ،النظرة التطورية ،البقاء للأصلح ،نشر المدنية ،معادلات الهيمنة والاستئثار والسيطرة .
إن البحث فى هذه السياق يشير إلى رؤية عقدية كلية تمكنت مع وجود عناصر معرفية من علمنة الرؤية لجمل العلاقات ،ومنها العلاقات الدولية ،أن تكون منظومة تفاعلت فيها عناصر وحققت مردودها على المستوى التاريخى والممارسة الفعلية .
مركزية الإنسان الغربى ،مفهوماً ونموذجاً وطريقة حياة وقدرة ،كل ذلك أحاط بحركة فعلية فى الحياة وتصور معين للكون .
هل يمكننا إذا كتابة التاريخ العالمى فى تطوره ضمن هذه الرؤية العقدية ؟
حينما ترتبط بالواقع الدولى وتطوره ؟
وهل يمكن بذلك أن نطرح عناصر رؤية نقدية للظاهرة الاستعمارية بكل تجلياتها ،وهل يمكن البحث فى عناصر النظام العالمى الجديد عن الأشباه والنظائر والفروق ومساحات الفروق ومناطها وعناصر العموم والخصوص ضمن تحول الظواهر ،وأصول الثابت والمتغير ؟ إن فحص هذه الحركة تكون عناصر المفاصل الفكرية والعقدية والثقافية والأيديولوجية الناظمة للرؤية والتصور والدافعة للمارسة والحركة ، والمولودة لعناصر أنظمة وسائل .
إن هذه الرؤية الكلية المنسابه تجعل من ضرورات تفحص الظاهرة (سطحاً وعمقاً )مستويات وعناصر ،عموم وخصوص ،ثابت ومتغير سكون وحركة علاقات وتشابكات ؛إذا يقدم ذلك كله إسهاماً من الناحية المنهاجية فى الوصف والرصد كعملية منهجية ،والتحليل والتفسير كأطر منهجية والتعميم والتقويم كعناصر منهجية واضحة الأصول عميقة الجذور .
إن تاريخ الدولة العثمانية فى علاقاتها بالنظام الدولى يجب أن يظل فى ضوء العناصر العقدية والتصور وعناصر التهديد للنظام وتكويناته وأطره ،إن هذا النظام وفق عناصر الرؤية يتعرف على :
1- عناصر التهديد الحقيقية .
2- عناصر التهديد المحتملة والمستقبلة .
3- عناصر الاستقرار والتمكين لهذا النظام واستمراره .
4- الوسائل المؤدية لذلك ضمن حركة عالمية .
5- هاجس الإسلام وقوته و تجسيده فى كيان دولى جماعى .
6- هاجس الدولة العثمانية الباقى يضغط على عناصر حركة دولية معاصرة ضمن كيان النظام الدولى المعاصر (البوسنة والهرسك) .
ليس معنى ذلك أن رؤية العالم ليست مجرد تصور العناصر خارجه الكيان .. بل هى تصور للآخر عبر الذات ووعيها وحركتها .
ومن هنا فإن أية محاولة من الناحية المنهاجية للرد على هذا التحليل بأنه قاصر أو أعرج أو أعور ،لا يتعرف على أصول أن الحقول المعرفية وفق تصنيفاتها تحدد فى المقام الأول بؤرة اهتمام ونطاق للتحليل . وإن هذا النطاق التحليلى فى اهتمامه لا يعنى أن يقتصر عليه عند التطرق إلى مرحلة التفسير ..
هو ما يعنى ضرورات تغيير التعميم فى هذا النطاق . إن هذا الإدراك يجعلنا لا ننكر أثر ضعف الداخل أو ما أسماه مالك بالقابلية للاستعمار للظاهرة الاستعمارية بوج عام .
إننا فى حقيقة الأمر أمام : عناصر تحليل ومجال معلومات ،ومجال حيوى له ،ومناطق تفسير وإمكانيات تعميم .
إن إمكانات دراسة نماذج النظم الدولية ضمن هذه الرؤية العقدية دون إهمال جملة الأبعاد الداخلية فى إطار عناصر الظاهرة والقابلية لها ،تشكل إمكانات منهجية متميزة فى الوصف والرصد ،والتحليل والتفسير ، والتعميم والتقويم .
2– الشرعة الرافعة :
ليس من هدف هذا البحث أن يتحدث عن الخصائص التى صار الحديث عنها شائعاً حينما نتحدث عن الشرعة وليس من هدف هذا البحث أن نبحث عن الآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية المؤكدة لهذه السمات المؤصلة لهذه الخصائص ،وليس من هدف هذا البحث كذلك أن يربط بين إطار الخصائص والسمات الكلية للشرعة والمنهج المتولد عنها متمثلاً فى منظومة التفاعل بين نظريتى الحكم والتكليف ،فنحاول أن نفصل فى هاتين النظريتين ،فلذلك مظانه التى يجب البحث فيها ومصادرة المعتبرة التى يجب الرجوع إليها . ولكن الهدف لهذا البحث هو التأكيد على أن كل هذه الأمور وفق عناصر السعة اللغوية والمفهومية للقيم من ناحية وعناصر السعة اللغوية والمفهومية الشرعية من ناحية أخرى ،تتيح لهذا المنظور أن يعتبر الشرعة (الخصائص والسمات – نظرية الحكم – نظرية التكليف – القواعد الكلية) – على ارتباط فيما بينهما – أساساً مكيناً ضمن منظومة قيم التأسيس ،لا يمكن فهم القيم إلا من خلال هذه الرؤية .
الهدف من هذا البحث أن نوضح الخصائص باعتبارها عناصر بنيانية فى نسق الشريعة العام فتولد نظرية فى الأحكام مشتقة عن مؤسسة على قاعدة منها ،ونظرية الأحكام تجد تأسيسها فى نظرية التكليف التى تنصرف إلى منظومة الأفعال وبيان قيمها وأوزانها . وربما فى هذا الإطار الذى يوضح العلاقة بين سمات الشرعة وخصائصها الكلية والبنيانية من جانب ،وتأسيس نظرية الحكم بكل مجالات وتفريعاتها من جانب ثان ، وتأصيل كل ذلك على قاعدة من نظرية التكليف (الإنسان مكلف ) من جانب ثالث – هو الذى حرك الفاعليات التأصيلية والتنظيرية والتقعيدية لصياغة عناصر التفاعل ضمن عناصر معادلات كلية وقواعد أصولية وفقهية فصيغت ضمن عبارات ذهبية قصيرة هى من جوامع الكلم التى يسهل تسكين الأمور الجزئية فيها ورد الأمور الفرعية إلى أصولها وقواعدها رداً جميلاً يتسم بالوعى والتدبر والبصيرة .
إن قواعد الضرر على سبيل المثال والقاعدة العمدة فى ذلك (الضرر يُزال)والقاعدة الأصلية المساندة (لاضرر ولا ضرار )هى من القواعد الناشئة عن تفاعل الخاصية الأساسية من خصائص الشرعة كسمة بنيانية من سماتها (اليسر ورفع الحرج )والتى تملك تأثيراتها بدورها على النظرة التكليفية للإنسان (الاستطاعة والوسع والطاقة )،أحوال (الضرر والضرورة ). ولا شك أن هذا وذاك لا يؤثر بدوره فى نظرية الأحكام التى تراعى الاختلاف وجهاته المتنوعة (الإنسان – المكان – الزمان ) فى إطار المصلحة كفكرة بنيانية فى الشرعة ،فالشريعة مدارها المصلحة ،رحمة كلها وعدل كلها ،ومن مراعاة المصالح تنبع أصول سمات أخرى تتسم أخرى بها الشرعة من الصلاحية كسمة ممتدة تصف الشرعة ،والإصلاح كهدف تأسيس وعمرانى فكر الإنسان وحركته .
شكل يصعب رفعه على الموقع
رؤية متكاملة من العلاقات المتشابكة تعبرعن علاقات التفاعل والتداخل والتقاطع والتساند والتوالد والتوافق والارتباط والاحتضان
شكل يصعب رفعه على الموقع
ان لكل شرعيه اطرا وطرايق منهاجيه تحقق فى سياقاتها (عناصر خصائصها وسمائها التشريعية والتكونية ). كما تحقق عناصر تكوينها وأركانها النظرية فى إطار نظرية الحكم الفقهية، المتعلقة بنظرية التكليف الأساسية ،وضمن سياقات فقهية ترى وتسكن ضمن هذه العناصر التكوينية فى خصائص الشرعة وأهم سماتها والمبادئ الحاكمة لأطرها وطرائقها . ماذا يعنى ذلك .. إلا أطراً عامة تترجم فى خصائص مكونة تكوينية داخلية فى بنية الشريعة تحقق لها عناصر تشغيل وتفعيل مكوناتها النظرية الجزئية (الحكم / التكليف) التكوينات الجزئية لابد أن تنظم ضمن خط الشريعة فى خصائصها التكوينية (اليسر العموم – الخلود – الصلاحية – الشمول اليسر والرحمة .. إلخ ) .
إن هذا النظم ضمن الخصائص التكوينية لابد أن يكون عملية منهجية حقيقية منضبطة الحدود محدد القواعد ..
هذا التكوين المعرفى والناظم بين كليات الخصائص والسمات والمبادئ والتكوينات الجزئية يصاغ ضمن نظريات فاعلة (الحكم / التكليف) .
ونظم هذه الجزيئات يكون بضم قواعد كلية أصولية وفقهية ،بحيث تحدد عناصر منهاجية ونظم التكوينات الفقهية ضمن تجريد القواعد . إنها عمليات مقصودها فى الحقيقة ،كيف تنساب الجزيئات من الخصائص التكوينية ؟ وكيف ترد وتجرد هذه التكوينات الجزئية الفقهية ضمن قواعد كلية وضمن ضوابط كلية منهجية وأصولية .
مستويات ثلاثة مهمة تقدم عناصر تشغيل وتدريب فى التكوين المعرفى والفكرى والمنهجى للأنساق المعرفية إن الحكم الفقهى الجزئى دائماً لابد أن يولد وينساب من الخصائص التشريعية التكوينية (وفهم النص) بكل امتداداته لا التحرك فى دائرة الفهم اللفظى أو التكوينات يجب رؤيتها ونظمها فى قواعد ،بحيث تعتبر هذه الأولى منطلقات ،والأخيرة ضوابط وقواعد حاكمة .. إنها عملية معرفية مهمة ومقدمة مهمة لعمليات التشغيل والتفعيل فى العملية البحثية ومت يربطها من حركة تتعلق بمناهج التفكير والتدبير والتغيير والتأثير جميعاً .
إن عناصر التأصيل النظرى والتنظيرى للعلاقات الدولية فى الرؤية الإسلامية لابد وأن تتحرك ضمن عمليات التسكين لهذه العناصر ،هل يمنك التعامل مع ذلك باعتبار الخواص التى تنساب منها القواعد والأحكام التى ترتبط بمجال العلاقات الدولية ؟ كيف تكون هذه الأحكام منسابة من شرعة الشمول ،والخلود، والصلاحية والرحمة والتيسير وغير ذلك من أمور مهمة ؟ إن تأسيس العلاقة على الدعوة يجعل عناصر العالمية وما يتبعها من أمور وخصائص محققاً لذلك ،بينما تأسيس العلاقة على السلم قد تتحكم فيها العناصر القائمة على قبول الأمر الواقع طالما أنه يحقق عناصر السلم الدولى ،كما أن تأسيس العلاقة على الحرب يمكن أن يبدد الطاقات والفاعليات ضمن عمليات حربية لا تنقطع ،رؤية تفترض العداء فى كل من حولها لا يمكن أن توجه إلى مقصود العمارة البنائى ،إن السلم أداة كالحرب وغيرها من أدوات وظيفية بالأساس .
إن الدعوة عملية شاملة وحقيقية لا ينفك عنها ضرورة البحث فى الأدوات (بالتى هى أحسن) وهى عملية حضارية كلية عالمية تحاول تجميع كل عناصر الشبكات التى تحاول وتقاوم علاقات اللامعنى والعبثية والطغيان ،إن وقوف عالم المسلمين ضمن هذا السياق والتأكيد على أن ذلك هو عملية ضمن بنية الشرعة ومقصودها وحركتها وأصول نظريتها الجزئية وقواعدها الكلية إنما يشكل حجية واقعية لهذه المبادئ وعناصر فاعليتها وتفعيلها ليس فقط لتأكيد حجية الأفكار ،ولكن لنقد وتقويم جملة العناصر المتتالية التى تتحكم بعناصر معادلة فكرية وعالمية واستئثارية ومركزية أو فرضاً لرؤية ،بل هى وظيفية تصب لمصلحة تكريم الإنسان وعناصر استخلاف فى مختلف دوائر العلاقات الإنسانية العامة والخاصة ،الفردية والجماعية والمجتمعية فى سياق التعارف .
والدعوة هى حركة فكرية تتوسل كل أداة على مساحة فاعلة ومتصلة ،تؤكد على أدوات ووسائل (هى فى التكييف وفى الواقع والظرف (أحسن)و (أقوم ).
كيف يمكن أن نفهم ونحقق عناصر القواعد فى الضرر والضرورة ؟ إن العلاقة الدولية هى إحدى نماذج العلاقات تحقق أصول العام ضمن القواعد الكلية العامة ،والخاص ضمن إطار الحدث ،وتفهم أصول الواقع العام منه والخاص بما يمكن من ترشيد الحركة وعناصر ضبطها .
شكل يصعب رفعه على الموقع
هذا النظر الذى يحقق أصول وصف وتقويم لابد وأن يكشف عن حقائق التعامل الدولى وتفاعلها . إننا نستطيع أيضاً أن نقوم من خلال ذلك الأفكار التى ترتبط بالنظام الدولى وتطوراته (صراع الحضارات)، (نهاية التاريخ ).
إنه نقد أساسى لكل عناصر فكرة العالمية المرتبطة بالشمول واليسر وغيرها من أصول وخصائص ،أيضاً عناصر القواعد الكلية . هل يمكن فى هذا السياق أن تقوم عناصر أجندة بحثية تتعلق بهذه الأمور وتكويناتها وتشكيلاتها ضمن الموضوع البحثى ،أو طريقة الرؤى الحاكمة أو التقويمات للسياسات والعلاقات والنظم ؟ إنها كلها عمليات معرفية لا تزال فى حاجة لربط بين عمليات التأصيل والتشغيل والتفصيل ،أشرنا إلى نماذج فحسب يمكن أن تشكل اقتداءً بها ،وقدرات وإمكانات بحثية ومعرفية ،إنها الشرعة بما تتسم به من خصائص مولدة وأحكام جزئية ،وعناصر تكليفية ،وقواعد كلية ناظمة وضابطة فى آن .
نسق معرفى يملك فى كياناته وترتيباته وجزئياته تدريبات على مهارات (الرد)و (التسكين )، والتحريك ،إن النظر الجزئى عملية ضمن نظام معرفى ،والجزئى لا يمكن فهمه على حقيقته وفى جوهره إلا بالكلى . والجزئى حركة من الخطورة لو اكتفى بها ،وقاصرة إن توقفنا عندها أو عليها ،وشائعة إن وقفنا على آثارها ، وخاطئة إن عممنا من خلالها .
إن حركة العقل السليم البحثية واجتهاده فى هذا المقام فى رحلة الذهاب والإياب ،وملاحظة الجزيئات ضمن رؤية كلية جامعة واقعة للتصور الكلى والتسكين وملاحظة العلاقات الخاصة بين الجزء والكل ،والتفاعل فيما بينها والانتظام فى تكوينهما وتأصيلهما وتحريكهما ،التكليف وفق هذا التصور حالة من حالات الالتزام والمسئولية والاخنبار ،وهو يتنافى هنا مع العبثية واامبالاة والجبرية والإكراه فهذه عمليات مهمة يجب تصورها بدقة ..
إن معنى الإلزام الذى يحرك أصول الاختبار الواعى والمسئولية المترتبة إنما تحرك معادلات التكليف (أنلزمكموها وأنتم لها كارهون )الإلزام هنا غير الإكراه . والتكليف عملية تتحرك صوب الإنسان المؤهل لها (الأمانة) (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون ) ،(أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا ءامنا وهم لا يفتنون ) ،فأصل التكليف إنما يحرك أصول حركة الابتلاء والاختبار المحرك لعناصر السعى والوعى فى إطار حركة الاختيار وفعل الإرادة وفعل العدة .
3– القيم التأسيسية الحاكمة : تشير إلى التوحيد والتزكية والعمران على تفاعل فيما بينها .
شكل يصعب رفعه على الموقع
ويرتبط بها القيم الوسيطة الناظمة :
العدل – الكرامة – الأمانة – المساواة – الاختيار – الشورى – الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر .
ومن هذه وتلك تخرج القيم المولدة التى ترتبط بحقل التفاعل الدولى والعلاقات المتفاعلة فيه مثل الاستخلاف – العالمية – الدعوة – الآخر – التسامح – الوفاء بالعهد – المعاملة بالمثل – الأمن – سفينة الأرض ship of Earth .
يمكن ترجمة العناصر فى الشكل التالى :
شكل يصعب رفعه على الموقع
فى هذا السياق نحن أمام مستويات ثلاثة .
القيم الكلية الحاكمة المتعلقة بأطر التكوين العقيدى ،التوحيد قيمة كلية مركزية لا تقبل التصاعد ،منها تتولد القيم وإليها تعود . (التوحيد – التزكية – العمران ) (الله – الإنسان – الكون ) ثم يأتى المستوى الثانى ليكون عناصر القيم الكلية .
القيم الواصلة أو هى الواسطة الناظمة فى إطار المنظومة الكلية القابلة للترتيب والتنظيم فى إطار علاقة تصاعدية ،وهى مثل : العدل القيمة العليا الحاكمة لنظام القيم لا ترى القيم الأخرى إلا فى سياقها ،العدل أصلاً وفق هذه الأصول عملية قيمية ومنهاجية هى القادرة من خلالها أن تعطى للقيم الأخرى مذاقها الخاص ؛ لأنها تعمل فى هذا السياق على تسكين القيم ومجال حركتها وحدود فاعليتها وأصول مجالها الحيوى وتسوية العدل، غير مطلق التسوية .. كل ذلك بما تحمله القيم الثلاث من امتداد القيم فى تجلياتها وحركتها .. قيمة الاختيار تفرض الشورى كحقيقة كلية وعملية صيانة وحركة وممارسة تربوية .. كما تفرض فى عناصر التزامها إطاراً للحركة الدائمة الصالحة والمصلحة وإرساء قواعد الخير والبعد عن أطر الفساد أو حركة إنه أمر بمعروف ونهى عن منكر .
وقيم التسوية تقوم على المساواة فى أصل الخلقة المفضى إلى التكريم الإلهى كقيمة ،وحمله الأمانة واستخلافه فى الأرض عمليات بعضها من بعض تفضى إلى رؤية التسوية العادلة ،لا تتعرف على ذلك إلا من خلال قدرات فاعلة تؤهل الإنسان من مساواة ابتدائية إلى إبداعات حياتية تجعل من المساواة مجالات لاختيارات إنسانية متكررة ومتنوعة وممتدة تخفق أحياناً وتصيب أحايين أخرى ،كل ذلك يولد عناصر قيم كلية جامعة من مثل التقوى التى هى مناط التفاضل وأصول عناصر الالتزام والإيمان ،التقوى كعملية وممارسة اكتسابية ممتدة تعبر عن سلوك الخير الممتد فى حركة فاعلة وعلاقات ممتدة تكون شبكة التقوى كعنصر قيمى يمثل اللحمة بين القيم ويمد خيوطها إلى قيمة التوحيد الأساسية .
القيم الناظمة تحقق فاعليات القيم فى الرؤية والتصور فى التنظيم والأدوات ،فى الممارسة والحركة ،إنها جوهر تعريف السياسة بأنها قيام على الأمر (مطلق الأمر ) بما يصلحه . حركة عدل ، فأينما كان العدل فثم شرع الله .
هذه القيم فى أصولها الكلية المرتبطة بالكيان العقدى ،تحرك عناصر القيم فى قيم ناظمة وسيطة تترجم هذه القيم الكلية إلى تصورات ونظم وحركات تتجلى فيها قيم كلية ذات أهمية قصوى (العدل – المساواة – الاختيار) وتحرك تلك بدورها تجليات الحركة الكلية ؛لتؤكد على قيم مولدة لا تؤثر فى كليتها ،ولكن تجلياتها وتؤصل عناصر قيم غاية فى الأهمية ،انظر إلى قيم محددة للعلاقة وهى :
الاختلاف – التعارف – التعارف – التعاون – التعايش . وقيمة أساسية تشكيل عناصر الحركة وهى (المعروف الدولى )و (المنكر الدولى ).
وكل ذلك يزكى إطار نموذج عالمية مبطن بالمركزية وكثير من الأفكار العنصرية العالمية قيمة أساسية فى التعامل الدولى (سفينة الأرض) وعمرانها ،علاقة عقدية تحترم عناصر التنوع والخصوصية ،تحقق مقتضى الاتصال لا الانفصال …
القيم فيها لا ترتبط بمنط حضارى لا تتعداه ،بل هى تقوم على قاعدة (وحدة القيم )التى تراعى فى حق الغير مث مراعاتها فى حق الذات أو النفس ..
القيم فيها كيانية جماعية (من مثل نفس ..) تحرك عناصر الكل الجمالى لحماية أصل الوجود الإنسانى الفردى الذى يعد لبنة لكل علاقة وبما تقتضيه عناصر التكريم ،وحمل الأمانة وأصول قيمة الأستخلاف ،إنها قيمة أساسية تتجلى ضمن حركة فعلية تحرك المستويات الثلاثة فى القيم قيم كلية ناظمة ووسيطة ،وقيم كلية مولدة ومتجلية فى حقل العلاقات الدولية ) وهى فى كل الأحوال موصولة ضمن شبكة علاقات لا تشذ فيها القيمة أو تتوه عن محاضنها الكلية أو مساراتها الأساسية والكلية ،فقيم الاحتضان تؤصل قيم النظم وهى قيم المسير والمسار ،وقيم الاحتضان والمسار تولد بدورها قيم رؤية ونظام وحركة تشكل عناصر إرشاد غاية فى الأهمية للعلاقة الدولية ،وتؤصل عناصر حركة واعية ،حتى أنها تجعل من القوة قيمة ،ولكنها قيمة تابعة لعناصر العدل وأصول التوحيد وحقائق العمران وحركات التزكية وإقرار المساواة وتأصيل لعناصر الاختيار القوة كقيمة هى قيمة حامية للقيم منضبطة بها متحركة فيها وعها محققة لمقصودها ،إنها لا تنفصل عن البنيات والكتاب والميزان (البنيات التوحيدية ،والشرعة ،والعدل ) ولكنها موصولة ،فكما أرسل الله الرسل بالبينات ،وأنزل الكتاب ووضع الميزان ،فإنه كذلك أنزل الحديد فيه بأس ،ومنافع للناس ،والبأس والمنافع هى كذلك بمقدار عناصر الاختيار الواعى لتحقيق مقصود القوة (البأس والمنفعة ) وتتفاعل كل هذه العناصر ضمن حركة عدل حامية دافعة ونافعة ومانعة من الاعتداء والعدوان بما تحققه من عناصر بأس ،وفى كل الأحوال تهيئ عناصر البناء العمرانى وحركته ،وتؤصل عناصر التزكية الإنسانية فى حركة موصلة دائماً وأبداً ،ابتداء وانتهاء بالتوحيد .
شكل يصعب رفعه على الموقع
حركة فاعلة تتأصل فيها عناصر الوصل بين عناصر القوة (المنافع / البأس ) من منطلق البينات التى يحتوى عليها الكتاب ،وفق أصول الميزان فهى ليست قوة خانعة تابعة أو طاغية بل محققة للمقصود . فائقة واعية بتأسيسها وأشكالها وحركتها ومقصودها وأهدافها ،تحركها عناصر الدافع كسنة تتلازم مع القوة .
4– الأمة الجامعة :
إن البحث فى عناصر العقيدة الدافعة والشرعة والقيم الحاكمة تجعلنا نصل إلى الأمة القطب ،الأمة الجامعة ، الأمة الخيرية .. الأمة القيمة / القيمة الأمة .
إنها كلها عناصر تحاول أن تجعل من الأمة فاعلاً حاضراً ،وحضارى الأصل ،فيه الحضور والشهود لا الغياب والمغيب .
والأمة تجمع فى مكوناتها قيم الوسيطة كحركة إيجابية فاعلة (الأمة الوسط )ليست طرفاً منعزلاً ،ولكنها وسط يتحرك بين العالمية ،الوسط هنا معنى حضارى تتفاعل فيه عناصر الجغرافيا / المكان ،وعناصر التاريخ / الزمان وعناصر الإنسان / الجماعة الوسيطة هى حركة بالقيم ومنها ،وهى تحريك لكل عناصر التوسط الجامع بين ثنائيات تتراحم لا تتصارع ،ثنائيات مفتعلة ،ثنائيات تتدافع لتحقيق الإعمار لا الهدم أو التخريب ،حركة الأمة الوسط تعبير عن الجعل الإلهى بالصيرورة (وكذلك جعلنا كم أمة وسطاً ) لتحقيق وظائف الاتصال والتعارف المفضى إلى حقائق الشهادة والحضور ،والأمة هى خيرية بشروطها وحركتها وممارستها (الإيمان / الأمر بالمعروف ،والنهى عن المنكر ) الأمة هنا حقيقة لا وهم (د . القرضاوى ) الأمة (قيمة) بما تتفاعل به عناصر الوسيطة وحقائق الخيرية وحركة الشهادة .
والأمة أمة القيم بما تحمله من شرعة ومنهج تحرك به أصول الدعوة وعالميتها ضمن حقائق الشهود والشهادة والحضور والوعى ،والفاعلية والتأثير .
الأمة تتكون من عناصر مثالية معنوية قد تتحقق وجوداً وكيانياً ،وقد تظل إطاراً فكرياً ومرجعياً يسعى لتفعليه وتجسيده ،قيمة فكرة الأمة فى أنها لا تموت وهى كذلك ضمن عناصر الحفظ للذكر ..
الأمة لا تتجمع على ظلال ،الأمة فيها طائفة لا تزال على الحق ،الأمة قد كوجود لا تزول ،ولكن قد توجد على مستويات عدة (الخمائر )التى تحفزها وتجعل منها قاعدة للإقلاع الحضارى وعمليات التجدد الذاتى المتواصلة ،فهى محفوظة الذكر ولو حتى فى الوجدان ..
يظل التفكير – حتى من جانب الخصم – أن تلك الأمة – وإن لم يكن فيها مقومات الوحدة والتفاعل – ذات هوية بفعل الاحتمال ،ومرهوبة بأصول الإمكانات ،وقادرة أن تفرض عنان التفكير فى هذا السياق ،فإن ضعف الأمة فى تكويناتها وكياناتها لا تزال تعبيراً عن حقائق فى جوف الذاكرة للمعتنقين لعقيدتها الإسلام ، أمة يفكر بذلك الخصم قبل المتنبى لها . الأمة كيان وحركة وإمكانات ،إما تكون فاعلة فتمارس حقائق وسيطتها وشروط خيريتها ،أو قابلة للفعل ،فيظل الشعور بالتقصير .. (إثم الأمة )هى عملية تعظيم التكوين الرمزى فى صورة المؤتمر الإسلامى حركة تشكل الحدود على مجمل الحركة والقدرات ،حتى ولو كان التأثير ضعيفاً أو هامشياً أو باهتاً فى إطار القابليات .. إن الشعور بالخلل يحرص على استكمال عناصر الفاعلية والإرداة .. وهى فى كل الأحوال بالأمة تظل عناصر متحركة قابلة للتجسيد أو قابلة للامتداد والحركة والتعظيم ،إنها تمثل سعة الفكرة المعنوية التى تحرك العقيدة ،والهدف (مقصد )،الإمام (مركزها ) ،الأم محضن للفرد .. إنها بذلك تكون عناصر الفعل الهادف الجامع (الهدف جزء من الفاعلية ) ،والجامعة جزء من الفاعلية ،والوسيطة صفة فاعلة ،والخيرية شرط الفاعلية (الإيمان – الحركة الحامية – الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ) .
الأمة تحرك عناصر ثقافة تصلها بالكيان وتحرك عناصر الوعى بها .
ماذا يعنينا من فكرة الأمة وفق الاعتبار الذى يجعل من الأمة أمة القيم ،ومن الأمة قيمة فى حد ذاتها ؟ !
الأمة وفق هذا التصور هى الفاعل الحضارى ،فإذا أردنا أن نجعل من الفعل الحضارى (وحدة تحليل )فإن (الأمة )هى أهم شرط للفاعلية التحليلية لمثل هذه الوحدة .
إننا أمام نقطتين نظن أهميتها فى إطار النظر المنهجى (للفعل الحضارى )و (الأمة )كعنصرين مكملين فى تأسيس وحدة التحليل المقترحة فى جعل العلاقات الدولية .
الأولى :هى محاولة النظر فى نسق الإشكالات الذى يحيط هذا الاعتبار ؛حيث أنه يولد قضية مهمة :
– كيف يمكن أن نعتبر الأمة وفعلها الحضارى كوحدات تحليلية ؟
– ماذا عن مفهوم الأمة الإسلامية وعلاقتها بوحدات الانتماء الأخرى ،فرعية بوحدات الانتماء الأخرى ، فرعية أو مولدة ،أو فى تصور البعض مناقضة ؟
– ماذا يترك من آثار حول قضايا الانتماء ،الهوية وأصول الولاء والبراء ،وقضايا التمايز والاختصاص ؟
– ما هى التأثيرات النوعية والكمية والكيفية والتفاعل فيما بينها باعتبار مفهوم الدولة القومية وفق عناصر انتشاره ،ووفق الإطار الذى ولد فيه على اعتبار الأمة وحدة تحليل ؟
– ما هى حقيقة قضايا التجزئة ومصادرها وما يمكن أن تحدده من علاقات بينية بين فواعل داخل الأمة ،أو بين الأمة فى رؤيتها لذلك التعامل ؟
– ما هى التأثيرات النوعية والكمية التى يتركها مفهوم مثل (العولمة)الذى امتلك انتشاراً واهتماماً ،هو بالضرورة يؤثر على تصور هذه الأمة وأفعالها الحضارية كوحدات تحليل . خاصة أن تلك العولمة قد ملكت بنية أساسية تمثلت فى ثورات معلوماتية وتقنية واتصالية لاشك أنها لاتركت آثاراً جوهرية على الفعل الحضارى ،ومكوناته ومستوياته وعلاقته وحجمه كما وكيفاً ؟ وهو ما حرك عناصر جديدة ،وأعاد صياغة عناصر أخرى وتشكيلها ونظم فيما بينها وأعاد ترتيبها ضمن منظومة عالمية متغيرة ،وربما جديدة تملك تأثيراً على مقياس الفاعلية وإمكاناتها وأشكالها ؟!
إن هذا التساؤل الأخير يوصلنا إلى النقطة الثانية : والتى تعنى فى فحواها :
هل يمكن تفعيل اعتبار الأمة وحدة تحليلية وكذا فعلها الحضارى الممتد ؟ ما هى الإمكانات المتاحة لتفعيل هذا المفهوم ؟ وكيف فى كل وسط قد يسهم بصورة أو بأخرى فى اعتبار الأمة كوحدة تحليلية ،وحدة مهمشة غير قادرة على أن تفعل ضمن مناطق بحثية ،خاصة فى العلاقة الدولية ؟
إن هاتين القضيتين تولدان عناصر المفارقة بين حال الوهن والضعف والتجزؤ للأمة ،وحال الإمكانات والفاعليات المهدرة ،التى يمكن أن تتحول إلى عناصر إمكانات وتمكين .
وهذه المفارقة يجب أن تولد (حالة بحثية )تنتج عن نموذج يولد Paradigmرؤية كلية للعالم الذى حولنا وإمكانات التفاعل معه والفاعلية فيه ،رؤية تحرك أصول إسهام النظام المعرفى الإسلامى فى إطار ما يولده من نظرية للوجود ،ونظرية للقيم ،ونظرية للمعرفة على تفاعل فيما بينها ،رؤية كلية لا تقتصر على الرؤية التأسيسية والتنظيرية والتأصلية ،ولكن تحاول أن تسير مع عناصر تحريكها وتفعيلها وتشغيلها ،فى إدراك الذات وقدارتها وإمكانات تعظيمها ،وعى يتحول إلى سعى ،وعى الذات ،ووعى الآخر ،ووعى الموقف بحيث يمكننا البحث فى أصول هذه الرؤية وإمكانات تفعيلها .
رؤية تنظيرية تشكل إطاراً للتنظير بالمعنى الواسع للنظريات ،إن مدخل القيم يشكل محاولة فى هذا المقام تحرك عناصر تأصيل نظرية للأمة ونظريات لفعلها وشهودها الحضارى ،سواء ملكت حجتها فى المصادر التاريخية ،أو فى المصادر التأسيسة ،أو فى المصادر التى تتعلق بالواقع والوسط المحيط .
ونسقاً مفهاهيمياًيحرك معنى الأمة ،أصول التعارف ،سنة الاختلاف ،حقائق التعدد ،ضرورات التعايش ، الأمة القطب ،الشهود الحضارى ،التكوينات الحضارية ،الأمة القيمة .
كل ذلك يجب أن يحدد بدوره الإشكالات الأجدر بالتناول ،الإشكالات البحثية وما يولده ذلك من أجندة بحثية على شاكلتها ،تتفيأ عناصر الأمة الجامعة وما يتولد من فعلها وفاعليتها من حضارة شاهدة فاعلة .
إن ما تطرقنا إليه آنفاً فى النقطة الأولى يشكل مثالاً مهماً على تحديد تلك الإشكالات الأقدر بالتناول . وهى ما يحدد أجندة بحثية تتوافق وأصول فكرة (الأمة الجامعة )،دراسة التحديات والكشف عن جذورها ،دراسة الواقع فى ضوء عناصر الذاكرة التاريخية والحضارية للأمة وإمكاناتها المستقبلية الفاعلة فى عالم شديد التشابك سريع التطور والتغير .
عناصر الفاعلية والتفعيل يجب ألا تقتصر على المستوى التنظيرى ،بل يجب أن تتخطى ذلك فتقترح نماذج مؤسسة جامعة وفاعلة ،ونماذج حركية فى هذا المقام تستوعب طبيعة العلاقات والسنة التى تتحكم بها وتحرك الوعى بصددها والسعى من خلال الوعى بها .
إمكانات الأمة فى التعامل مع مستويات العولمة المختلفة ،وإمكانات استثمار أوضاعها ونقاط ضعفها فى سياق مصلحة عالم المسلمين .
إن أفكاراً تتحرك صوب تفتيت الأمة وتشرذم قواها لا جامعيتها المقرونة بفاعليتها ليست من الأمة فى شئ على ما أكدنا فى هذا المقام .
إن كل خطوة جامعة ولو جزئية أو محددة فى المجال (المجال الاقتصادى مثلاً ) إنما تصب فى تقوية كيان الأمة كهدف استراتيجى وحضارى .
إن هذه الرؤية الكلية هى المطلوبة فى هذا المقام .
الأمة وحقل التعامل الدولى :
الأمة بما تمثله من قيمة ،وما تحمله من رسالة ودعوة ،وما تتميز به من صفات ،وتضطلع به من وظيفة تشكل الفاعل الحضارى الأساسى ،إنه مفهوم وفق عناصر الجامعية فيه يبحث فى :
عناصر تكون الأمة :ومقتضيات ذلك التكوين والبناء ،وما يحدده من مناطق تشير :
ما هى مستويات الجامعية ؟
ما هى آليات تحقيقها ؟ والإمكانات المتاحة لتأسيسها وتأصيلها ؟
ما هى معوقات الجامعية فى الأمة وتأثيراتها على العلاقات البينية ؟
ما هى التأثيرات النوعية والكمية للعولمة على جامعية الأمة ،سواء ما تتيحه من عناصر إيجابية أو عناصر سلبية ؟
عناصر فاعلية الأمة :فى الاستمرارية والقدرة والتأثير والقيام بالأدوار المنوطة بها :
إن معادلات التأسيس القائمة على أن الاختلاف سنة ،والتعدد حقيقة ،والتعارف علمية ،والتعايش ضرورة ، والحوار آلية . معادلة تتحرك صوب وعى الأمة بوسطيتها ووسطها ومجالات أدوارها الحيوية وفاعليتها ز
الأمة تختص بعقيدتها التى بعقيدتها التى هى قاعدة الاختصاص والهوية والتمايز ،هى معانى القبلة فى الأمة التى تتحرك صوب المقصد ،فأصل الأم الذى هو جذر للأمة القصد والوجهة ،والأمة تحمل شرعتها وتترجمها إلى منهج نظر ومنهج حركة ومنهج تغيير وتفكير وتدبير وتأثير . والأمة تحمل القيم الأساسية والحاكمة فتجعلها أهم سمات خيريتها ووسيطتها ،الأمة – التوحيد ،الأمة – العدل . الأمة – الاختيار والفاعلية الأمة – التزكية والتربية ،الأمة – العمران والحضارة ،الأمة – السنن الواعية بها والساعية من خلالها ،الأمة المقاصد ،إن حفظ بنيان المقاصد بمراتبها هو حفظ لبنيان الأمة ومجالات فاعليتها وفق أولويات تؤكد لهذه الأمة أدوارها ووجهتها .
إن هذا بدوره يفرض عناصر بحثية تشير إلى :
البحث فى مستويات الفاعلية للأمة ،وآليات تحقيقها ،والإمكانات والمعوقات ،وغير ذلك من أمور للبحث فى تجليات الفاعلية ضمن المجالات النظامية والمؤسسة .
إن التنبيه إلى عناصر التصور وأطر التفاعل التى تستثمر وهن الأمة ،وتقلص من فاعلياتها تجد لها القاعدة فى داخل الأمة ،كيانها وإرادتها ،وعدتها (توشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها ، قالوا : أمن قلة نحن يا رسول الله ،قال : بل أنتم يومئذ كثير ،ولكن كثرتكم كغثاء السيل ،لينزعن الله من قلوب أعدائكم المهابة ،وليقذفن فى قلوبكم الوهن ! ،قيل : وما الوهن ،قال : حب الدنيا وكراهية الموت ).
إن العناصر التقديرية التى يحملها الحديث من الأهمية بمكان اللبحث فى مناط الفاعلية للأمة ،بل ربما تحدد أصول البحث ومناطقه وموضوعاته المختلفة التى تسهم فى فهم واقع الأمة وتحدياتها وإمكانات فاعلية الأمة فى ظل وضع التعدد فى الوحدات والكيانات .
إذا ما جعلت الأمة ضمن منظومة تكون نسق القيم كمدخل منهجى فإنها يمكن أن تحرك إشكالات بحثية من نوع معين تتوجه إليها بالدراسة والبحث ؛إذا يتفرع من معانى (الأم )أى القصد تحديد وجهة البحث ، ومنهج النظر فيه ،ومنهج التناول لقضايا الأمة وإشكالاتها ومؤسساتها ومنهج التعامل مع الموضوعات المرتبطة بكيان الأمة وإشكالاتها .
إنها تعبر عن معنى لواستطعنا تأصيله وتحريكه لتم تحديد (الوجهة البحثية )بما تشكله من تمثيل (القبلة البحثية )فى هذا المقام .
نظن أنه مقصود الأستاذ الدكتور حامد ربيع حينما كتب سلسلة من مقالاته تحت عنوان (أمتى والعالم ) .
خامساً : مفهوم الحضارة ومكانته
من منظومة المدخل القيمى السباعى :
(الحضارة الفاعلة الشاهدة ) ؟:
شكل يصعب رفعه على الموقع
عقيدة الحضارة وحضارة العقيدة .
شرعة الحضارة وحضارة الشر عة .
قيمة الحضارة وحضارة القيمة .
أمة الحضارة وحضارة الأمة .
سنة الحضارة وحضارة السنة .
مقاصد الحضارة وحضارة المقاصد .
الحضارة هى المعنى الجامع للوعى – والحضور ،والعمران والشهود .
فالحضارة تؤسس كيانها على عقيدة وعرى تتفاعل منها وتؤكد عليها ،إنها حضارة (التوحيد )لا تعرف الغياب أو التوارى ،أو المداهنة ،كما لا تعرف الطغيان أو الاستثناء أو الهيمنة . إنها وفق ذلك حضارة الاستخلاف ،والاستخلاف حضور واع بكل آفاق المحيط الحضارى ،كما أنه حضور عادل آفاق المحيط الحضارى ،كما أنه حضور عادل يعنى منظومة الحقوق المستندة إلى منظومة من العقود ،إن العهد الإلهى تتفرع عنه مجمل العهود الأخرى طالما توافقت من عناصر الاشتراك الاتساقى والفطرة الحضارية الساعية إلى العمران الحضارى .
فاستحقت تلك العقيدة أن تعتبر (عقيدة الحضارة )بما تمكن متبنيها لبناء حضارى على صراط مستقيم ، إنها تنظر إلى الإنسان وفق أصول الوسط الحضارى الذى هو محل الخيرية وشرط الشهود ،إن كرامة الإنسان جزء لا يتجزأ من مفهوم الحضارة ،والرؤية إلى الكون والحياة والرابطة بين هذه العناصر جميعها تمثل تأسيساً عقدياً لمعنى الحضارة فتجعلها استخلافاً لا استئثاراً ،وهى فى سعيها لهذا التصور تؤكد على عالمية تمكن الحضارة وتمكن العقيدة معاً ،إن الفتنة الحضارية تتأتى من عناصر القصور أو التجزئ أو التشطير أو التفسيخ ،إن العرى الحضارية لا يمكن أن تتوثق إلا فى ظل (حضارة العقيدة )؛إذا تؤكد على عناصر المنظومة الحضارية من أكبر الجرم الذى يقترف بحق (حضارة العقيدة )أو (عقيدة الحضارة ) لأن التبعية هى النقيض أو الفن الضد من رؤية عقيدية تجعل من توحيد الله منطلقاً ومسيرة ومرجعاً ومنتهى ومقصداً ؛فتؤسس له رؤية حضارية متميزة ،لأى نمط حضارى هو نوع من الشرك الحضارى إن صح هذا التعبير ،إن التبعية بكل عناصرها هى التى تطرد العقيدة وفاعليتها وتفعيلها فتجعل العقيدة خامدة ،والحضارة غافلة وهى فى كل الأحوال نقيض كل معانى الوعى والحضور والعمارة والشهود ،فما من شك أن هذه المعانى هى كيان من الفاعلية الحضارية ومنظومة إيجابية تكرس معنى الحضارة ومنظومة إيجابية تكرس معنى الحضارة نظراً وعملاً .
(لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً )إن الكيان الحضارى والنمط الحضارى لابد أن تكون لها شرعة ولابد أن تتحرك بمنهج صوب مقصد . إن تفلت الحضارة من الشرعة أو من المنهج يحرك كل نوازع الحضارة الطاغية ،والحضارة تتأكد عناصر تأسيسها وتشق سماتها من الخصائص العامة للشرعة ؛لأنها حضارة تتسم بالشمول رؤيتها والعموم فى مقاصدها واليسر فى مسيرتها والتوسط فى مكانتها وأدوارها من غير إفراط أو تفريط .
إنها كذلك تعبر عن الحضارة وعمارتها باعتبارها قيمة تأسيسية ،(العمران ) بكل ما يرتبط به من مفاهيم أولية أو تحضيرية أو تحفيزية أو سننية أو عمليات تتعلق بالعملية العمرانية تشكل الحضارة كقيمة ،وهى حضارة القيم كما سبقت الإشارة إلى ذلك .
والحضارة والأمة تبدوان فى علاقة حميمة حينما تربط بين خيرية الأمة ووسطيتها وحركة شهودها الحضارى كأمة ،أمة تحمل رسالتها الحضارية فتجعلها وظيفة حضارية تتحرك فى سياقاتها لتؤصل مفهوماً عالمياً يقوم على التعارف والاستخلاف والعمران .
أما عن ارتباط الحضارة بالسنن فهو من البديهات التى تجعل من السنن أهم عمليات أصول الفقه الحضارى وعملية البناء الحضارى ،إشارة إلى جملة السنن التحذيرية التة تنطلق إلى التحذير من انهيار الحضارات وتدهورها أو انكفائها وعزلتها وغير ذلك من العمليات الحضارية ،فإنها جميعاً مرهونة بسنن تفعل فعلها فى سياق سنن شرطية بالفعل الحضارى المقترن بعناصر الوعى والسعى .
وارتباط الحضارة بالمقاصد يمكن فى أن أصول الهمارة الحضارية هى فى أن أصول العمارة الحضارية هى فى أبسط معانيتها تحقيق مقتضى الحفظ للمقاصد الكلية ،التى بحق يمكن نعتها بالمقاصد الحضارية الكبرى ، وذلك فى ضوء الشروط والمقتضيات والأولويات الضرورية والحاجية والتحسينية ،إنها بحق عنصر أصيل يستوعب فعاليات العمارة الحضارية ويؤصل مساراتها ومجالاتها المختلفة .
مفهوم الحضارة والتعامل الدولى ،
الحضارة قيمة ،قيمة العمران وعمارة القيمة :
فى إطار استعراض مفهوم الحضارة والحديث عن مكوناته يبدو لنا أن لذلك أثراً مهماً على علاقات التعامل الدولى ومسيرته . إن هذا المفهوم يوضح ليس فقط دراسة موضوعات بعينها مشيراً إلى أهميتها القصوى فى تكامل الرؤية والتعامل مع هذا الواقع بكل امتداداته الكبرى ،بل أكثر من ذلك يحد رؤى للنظر ويدقق مناهج للتعامل فى إطار استعراض منظومة مفهوم الحضارة والحديث عن مكوناته ،يبدو لنا أن هذا التأصيل يترك آثاراً مهمة على علاقات التعامل الدولى ومسيرته ،وأن هذا التأصيل المفهومى لمنظومة الحضارة لا يوضح فقط توجيه النظر إلى دراسة موضوعات بعينها مشيراً لأهميتها فى فهم التعامل الدولى وأصول النظام الدولى ولكن كذلك يشير إلى إمكانات لنقد الواقع وتقويمه ،بل ويحدد رؤى ومناهج للنظر والتعامل على حد سواء .
إن إدخال مفهوم الحضارة ضمن عناصر المدخل القيمى بحيث تتحول الحضارة إلى قيمة وتترجم القيمة إلى بناء وعمارة حضارية لهى من الأمور التى تمكننا من النظر حضارى يؤكد على جملة من العناصر فى علاقة هذا المفهوم كمفهوم قيمى بدائرة التعامل الدولى والعلاقات الدولية :
إن مفهوم الحضارة والمنظور الحضارة للعلاقات الدولية يشيران إلى أهمية الأبعاد الثقافية والمعنوية فى تحليل العلاقات الدولية والإمكانية التى يمكن أن يشكلها الفعل الحضارى كوحدة تحليل ،التحليل الثقافى تفرضه جملة من المقولات بدت تحيط دائرة التعامل الدولى بحيث لا يستطيع الباحث أن يتحاشاها ؛الكونية ، صدام الحضارات ،الدين وحقائق التعامل الدولى ،علاقة الظاهرة الدينية بالظاهرة السياسية والدولية ،نقد أسس تكوين النظام الدولى واستناداته الفلسفية ،أثر ثروة المعلومات والاتصال فى العلاقات الدولية .
إن إدخال مفهوم الحضارة ضمن هذا السياق هو وحده الكفيل باستيعاب مثل تلك العناصر ومناقشاتها ،فضلاً عن دراستها دراسة معقمة ،فضلاً عن الاتجاهات ما بعد الحداثية التى لها جملة من الإسهامات فى حقل التعامل الدولى والقيم المرتبطة به ،صدام الحضارات والحوار فيما بينها .. إلخ .
*إن مفهوم الحضارة يشير إلى مستوى التأسيس الحضارى بما يحرك ضرورات دراسة العناصر التى تشير إلى رؤية الأنساق المختلفة للعالم والتأكيد على نماذج حضارية متقابلة ضمن حضارة الطغيان وحضارة العمران ،بحيث تؤسس مدخلاً نقدياً فى دراسة كثير من الموضوعات المطروحة على أجندة العلاقات الدولية من مثل ظاهرة :
المجاعة ،البيئة والحفاظ عليها ،الهجرة الدولية ،الاتصال الدولى ،دعوات تأسيس النظم العالمية الجديدة فى الاقتصاد والثقافة والإعلام والمعلومات التقنية وهجرة العقول .. الخ .
*تقديمالنقد فى سياق البحث عن جوهر حركة الأنساق الحضارية فى إطار مقولات صدام الحضارات ونهاية التاريخ وصناعة العدو ،وذلك فى إطار التمييز بين عالميتين ،بما يحرك نقد تأسيس الحضارة الغربية فى سياق المنشأة الأيديولوجية للقانون الدولى ،والتحيزات ضمن تأسيس مفهوم الجماعة الدولية ،وهيمنة الدول الكبرى ،بل ودولة كبرى واحدة منظمة الأمم المتحدة ،وعناصر التحيز الكامنة فى النظام الدولى الجديد .
*إن المنظور الحضارى كذلك يحرك عناصر البحث فى العلاقة الأكيدة بين الداخل والخارج فى نطاق الفعل والقابلية ،بما مثل إطاراً نقدياً لسياسات دول العالم الثالث ودول المنظومة الإسلامية ،والدول العربية ضمن دراسة مقولة مالك بن نبى ،الاستعمار والقابلية للاستعمار التى تسهم باعتبارها مدخلاً دراسياً فى نقد أنماط إهدار القدرات والإمكانات وعناصر القوة .
سادساً : السنن الشرطية القاضية ،
السنة وأصول الفعل الحضارى ،
مقدمة للتعامل الدولى :
السنن هى الكلية السادسة ،وهى تشتمل على جملة من الكليات المتفاعلة ،هى جملة من القوانين والنواميس التى تحكم الحضارية العامة وتشمل المجالات الحضارية المختلفة ،أى أنها تستوعب جملة الأفعال الحضارية فى امتدادها وتراكمها ،والتعامل الدولى يستغرق بدوره جملة أفعال حضارية يتفاعل فيها الداخل بالخارج والثابت بالمتغير ،وإذا قررنا أن التعامل الدولى فى الإسلام يشير إلى أنساق متعددة : نسق يمثل عوالم الأفكار التى تحكم التعامل الدولى فى كل تنوعاته ،ونسق يحدد عالم الخبرات التى تمثل تجليات هذا التعامل فى تفاعله مع عالم أفكاره آخذاً فى الاعتبار الواقع بكل تنوعاته ومكوناته . فإن التعامل الدولى تحكمه سنن متشابكة وما يتصور من سنن تحكم النفس يمكن امتدادها إلى عناصر الاجتماع مهما اتسعت جنباته ،صحيح أن حراك السنن فى هذه الأحوال يجب أن يحرك معان أكثر تعقيداً من حيث الكم والنوع ،إلا أن صلاحية السنة للتعميم تظل أمراً لا يمكن إهداره فى نطاق استثمار السنة فى إطار حركته ودوائر التعامل الدولى كلها .
إن سنن الطغيان على سبيل المثال فى النفس والمجتمع والتاريخ والإطار الدولى واحدة ،فالنفس الطاغية تولد علاقة طغيان اجتماعية وجماعية ،وحوادث التاريخ لا تخرج عن سنن الطغيان وتعميمها فى هذا المجالات المختلفة لحركة السنن وإعمالها (الفرد / الجماعة / المجتمع الإنسانية ) .
سنن التعامل الدولى :
التعامل الدولى يستغرق جملة من المجالات :
التعاملات والعلائق والمواقف والحوادث .
شكل يصعب رفعه على الموقع
*الساحة الحضارية : الإنسان – المكان – الزمان .
العناصر الأساسية فى المعادلات الحضارية : الكون- الإنسان – الحياة .
عالم النفس – عالم الاجتماع – عالم الأحداث الزمنية – الأحداث الكونية .
العوالم الحضارية : عالم الأفكار – عالم الأحداث – عالم الأشخاص – عالم الأشياء – عالم النظم – عالم المنهج – عالم الرموز – عالم المفاهيم .
العمليات الحضارية : عمليات البناء الحضارى – عمليات العمارة الحضارية – عمليات التحريك – عمليات البناء الحضارى – عمليات العمارة الحضارية – عمليات التحريك – عمليات التشغيل – عمليات التفعيل – عمليات التغيير – عمليات الحركة – عمليات بناء الوسائل والآليات – عمليات التمكين – عمليات الاستشراق – المجال المنهجى والتنظيرى والمعرفى والعلمى والعمليات المختلفة .
*الفعل الحضارى ومجال الحركة السنية : السمات والخصائص :
الفعل الحضارى فعل ممتد زمنياً متراكم حركياً يفترض رؤية ومنظوراً (رؤية للعالم) وهو عملية : تطورية تاريخياً يفترض وسائل وأدوات عمل قصدى – الفعل الحضارى لا يمكن أن يكون عفوياَ الفعل الحضارى يفترض استثمار :
الإمكانات – القدرات المسهلات والميسرات الوعى بالعقبات والصعوبات تحويل القدرات إلى فاعليات الفعل الحضارى : عمق تاريخى
ذاكرة حضارية
اعتبار وعبرة
بنية حضارية
رؤية للفعل
علم وعمل
تدبر وبناء واستشراق
الفعل الحضارى : جملة من الأفعال تسير ضمن رؤية محددة وهدف معين ، مع تراكمها يتكون الفعل الحضارى ،منظومة أفعال والقدرة على نظم الأفعال .
الفعل الحضارى : يتحرك ضمن مناخ عام وبيئة كبرى تجمع بين جملة من الأفعال الحضارية الممتدة التى تكون حالة عامة ،هذه الحالة العامة تجد إمكانية عناصر وصفها بالسنن وعناصر تحليلها من منظور سننى ، ومحاولات تفسيرها من مدخل السنن ،واكتشاف التعميمات والقوانين باعتبارها أصولاً حاكمة مشتقة من المعانى السننية والمنظومة المتفاعلة بالسنن ،كما تقدم السنن دوراً تقويمياً بما تحدد من عناصر اهتمام بالإصلاح والتغيير .
ودوراً تنبؤياً أو بالأحرى (تدبرياً )استشرافياً يحقق معنى الاستشراق فى إطار القانون الأكبر الكامن فى المنظومة السننية (فعل الشرط / جواب الشرط ) وباعتبارها سنناً شرطية كلية . (علم دراسات المستقبل ) ويحقق معنى يفيد فى التعامل مع الظواهر لا التحكم بها أو العبث فيها ولكن فى الوعى بأصول الظاهرة وتكوينها وسماتها الرئيسية وأصول التعامل والتفاعل ،والانتقال من سنن الوصف إلى سنن المعرفة إلى سنن التغيير فى إطار إرساء رؤى منهجية وناظم معرفى وعمل متحرك مناهج تفكير (معرفى / وعى / منهج) مناهج تغيير (حركة – تفاعل – عمليات) . الفعل الحضارى وحدة تحليل تءصل المعانى وتحيل إلى التعامل السننى الذى يتعهد منهج عدل ،من العدل الألهى أن جعل الله سبحانه وتعالى الجزاء من جنس العمل ،والأفعال بشروطها ،والنتائج بأسبابها .
السنن تحرك عناصر التفكير (السببى المنظومى )بما يحرك (السبب إلى السنة )،السبب و منظومة الأسباب توافق الأسباب ،تساند الأسباب ،تفاعل الأسباب دائرة الأسباب ،الأسباب وحراكها ،الأسباب المقدمة الأسباب النتائج ،أوزان الأسباب ،تراتب الأسباب ،سبب الأسباب ،هامش الحركة الإنسانية ومعرفة الأسباب ، والوعى السببى وعملية التفسير ،هضم السنن والأسباب والتنوع بتفسيرات (الجبرية – القدرية – المؤامراتية – الخرافية والعبثية ) .
تشاكل الأسباب ،تنازع الأسباب وتعارضها ،تحديد الأسباب خريطة الأسباب ،اصطناع الأسباب ،الخلط بين العوامل والأسباب والأعراض ،الأسباب والشروط ،الأسباب وعلل الأسباب ،تضخيم الأسباب ،الأسباب فى حالة الحركة ،الأسباب عملية موازية للعمليات فى الواقع ،الأسباب الأصلية والأسباب التابعة ،الأسباب المشتقة الأسباب الوسيطة ،الأسباب الدخلية ،البحث عن الأسباب فى منطقة الخطأ ،التراكم السببى ،السبب المفتاح – المركز ،السبب المركب ،السبب الكامن – السبب الظاهر ،السبب المسرع – المفجر ،خريطة الأسباب الحشد المسببى ،البحث الحقيقى عن الأسباب والبحث الزائف ،تزييف الأسباب ،الأسباب القاتلة الأسباب المخذولة ،الأسباب المرفوضة ،الأسباب الدافعة ،الأسباب المانعة ،الأسباب الجامعة ،المشترك السببى ،المضاعف السببى ،متوالية الأسباب السبب المباشر وغير المباشر ،السبب الآنى والسبب المتراخى – سلسلة الأسباب ،السبب الكلى والجزئى ،السبب العام والخاص ،السبب الحال المؤجل ،السبب الأصلى والمكمل ،السبب الضرورى ،والحاجى والتحسينى السبب (الأولوية ) .
*الفعل الحضارى إما أن يسهم فى بناء الحضارة أو هدمها ،قد يكون سلبياً وقد يكون إيجابياً ،وقد يختلط فيه الإيجابى والسلبى بما يغلب أحدهما على الآخر .
*الفعل الحضارى المأزوم ،قرين الابتلاء ،الابتلاء حالة حضارية تتسم بالدوام .
*الفعل الحضارى (خير العمل أدومه وإن قل .. ) .
*العقبة الحضارية (فلا اقتحم العقبة ..) .
*الفعل الحضارى وأصول الوعى بالضغوط الحضارية وكيفية تحويل الضغوط والتأكيد على عناصرها .
فى هذا الإطار يمكن أن نعدد منظومة من السنة ترتبط بالتعامل الدولى .
*سنن التدافع الحضارى والتعامل الدولى .
*سنن التداول الحضارى والتعامل الدولى .
*سنن الإبدال الحضارى والتعامل الدولى .
*سنن التعارف الحضارى والتعامل الدولى .
*سنن الاختلاف والتعدد الحضاريين والتعامل الدولى .
*سنن التعاون الحضارى والتعامل الدولى .
*سنن العمارة الحضارية والتعامل الدولى .
*سنن التبعية / الاستقلال الحضارى والتعامل الدولى .
*سنن الاستخلاف الحضارى والتعامل الدولى .
*سنن الطغيان الحضارى والاستكبار والتعامل الدولى .
*العلاقة السياسية الفرعونية ( الداخلية / الدولية ) والتعامل الدولى .
*سنن العلاقات الدولية المتنوعة وإطار التعامل الدولى .
*سنن القوة والضعف فى التعامل الدولى .
*سنن الأزمة ( والخروج )و (والخروج )و (الإرادة )و (العدة )والتعامل الدولى .
*سنن التوازن الحضارى والتعامل الدولى .
*سنن الابتلاء فى التعامل الدولى .
لاشك أن هذه السنن وتفعيلها فى دائرة التعامل فى هذا المقام على سيبل المثال لا الحصر ،ذلك أن الأفعال الحضارية تتشابك وتتفاعل فى إطار مجال التعاون الدولى وتنوع حركاته ،إلا أن جملة السنة المذكورة آنفاً ومحاولة تفعيلها وتشغيلها توضح مفاصل العلاقات الدولية والتعامل الدولى ،سواء تعلق الأمر بالتاريخ أوالأمر بالتاريخ أو التعامل الدولى فى حركته المعاصرة .
وتتفاعل منظومة السنة التى ترتبط بالعلاقات الدولية بحيث ترسم نموذجاً تفسيرياً وتقويمياً فى غاية الأهمية فى دراسة النماذج التاريخية والنماذج المعاصرة .
سابقاً : المقاصد الحافظ – المقاصد والتعامل الدولى :
المقاصد هى الكلية السابقة ،وهى الكلية النهائية ضمن منظومة المدخل القيمى ،المقاصد قيم ؛لأنها تحاول أن تجعل الغايات والمجالات والمراتب عناصر لا يمكن إهمالها ضمن هذا المدخل القيمى .
والمدخل المقاصدى منظومة متكاملة تتسم بالحراك والتكامل ؛كما أنها تراعى فى حق الغير كما تراعى فى حق النفس ،وهى أصول (نظرية العدل )فى الرؤية والرأى والموقف والحكم والاتجاه والسلوك ،كما أنها تراعى على المستوى الفردى من دون إهمال للدائرة الاجتماعية والمجتمعية والجماعية (الجمع والمجموع ) . إنه فقط لا يتحدث عن حفظ النفس كمفردات ،ولكنه عن يتحدث عن الجنس العام الداخلى تحت هذا المعنى (من قتل نفساً بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ) فمراعاة ذلك فى الفرد وفى الجميع والمجموع ،فى الكلى والجزئى ،فى العام والخاص ،فى الأصل والمكمل ،فى الحال والآجل ،إنما تعبر عن جملة من العناصر المهمة التى يجب أن تراعى فى هذا المقام .
إن المدخل المقاصدى يراعى (منظومة المجالات )و (منظومة القصد المباشر فى الحفظ )و
(منظومة المراتب )،(ومنظومة الكليات )،و (منظومة الحفظ فى حق الغير )و (منظومة الحفظ الجماعى )،و (منظومة المسئوليات والالتزامات الفردية والجماعية )،(منظومة الحقوق والواجبات الإنسانية )ومنظومة الارتباط بين المدخل المقاصدى والمدخل التكليفى فى إطار جملة الفروض التضامنية والثقافية ،نظرية التكليف والربط بين وجهيها العينى والكفائى إنما يوضح كيف تتعلق بالأعيان وتمتد إلى الفروض الكفائية بما تحقق حراكاً بين النوعين من الفروض وبما يحقق عناصر التكافل فيما بينهما .
بل إن هذه المجالات وما تلحق بها من عناصر مشتقة ومتنوعة وتابعة وفرعية ،وعناصر المراتب ،وجملة العمليات ،وجملى الرؤى والمواقف وعناصر الحركة المرتبطة بها فى سياق عمليات الحفظ كأصول للعمارة الحضارية وعمران الإنسانية إنما يحقق مضمون الرؤية القيمية من جانب (العدل / المساواة / الاختيار / الدعوة ) كما أنه يمتد إلى الدائرة السننية من حيث إن مجالات الحفظ والتضييع تعبر عن نطاق ومجال حيوى للسنن (الدين – النفس – النسل – العقل – المال ) ،هذه القوانين التفصيلية تعتبر مضمون منظومة مهمة لا يمكن التفريط فيها أو الغفلة عنها .
التعامل الدولى حركات وعلاقات ومواقف وأحداث وعمليات ترتبط ب(النفس ) ( والنسل )و (العقل )و (المال )فضلاً عن الدين ،ومقاصد حفظها يجب أن ينطلق من رؤية العالم باعتباره هذه العناصر أساسية ضمن الرؤية الكلية .
وللحفظ معنيان أو إن شئت الدقة مستويان : مستوى بالسلب بمنع الضرر ،ومستوى إيجابى يتعلق بعمرانها ، وفى كلا المستويين فإن الإمر يتجه – والحال هذه – نحو توفير مناخ للعمارة الكونية بالعناصر والكليات الخمس الأساسية :
الدين كأس للرؤية ،والنفس كوجود أساسى ،والنسل كاستمرار وعلاقات ،والعقل أداة التعامل الأساسية ، والمال كعصب حياة وأصول عمران وإنماء .
والتفاعل بين الكليات الخمس ويشكل منظومة خماسية الأبعاد ،بينما يتجه الأمر بعد ذلك إلى المراتب الأساسية (الضروريات )،(الحاجيات )،(التحسينات ). إن القيم الكامنة خلف (المجالات ) ، والقيم فى إطار وزن (المراتب ) ،تشير إلى الإمكانات القيمية لمدخل المقاصد .
إن الدعوة تحاول الحفاظ على النفس والنسل والعقل والمال فى سياق رؤية يشكلها الدين ،ويكون الحافظ على تلك الأربعة هو كيان الحفاظ على الدين بمعنى إعمال قواعده والالتزام بأحكامه ،والأمر لا يزال يحتاج إلى مزيد من تفصيل لا يتسع المقام له .
☼☼☼