حوار

تعقيب فقهي: الحجاب وأسئلة الثبات والتغير

The Hijab: Questions of Constancy and Change

الحمد لله الذي هيأ لنا من أمرنا رشداً، والصلاة والسلام علي سيدنا محمد القائل: «مَن يُرِدِ اللَّهُ به خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ»، وعلي آله وصحبه ومن اتبع شريعته إلي يوم الدين، وبعد، فهذه ورقة بحثية تبرز أهم المآخذ التي جاءت في بحث “الحجاب أسئلة الثبات والتغير”، اعتمدْت في إبرازها علي جملة من الأدلة النقلية والفهم الصحيح للمصطلحات والقواعد الأصولية، وفيما يلي أهم المآخذ:

المأخذ الأول

عقدت الباحثة مبحثًا بعنوان “الثابت والمتغير في مسألة الحجاب”، وفسرت الثابت أنه: ما اقتضاه الدليل القطعي، والمتغير هو: ما اقتضاه الدليل الظني، حيث قالت: «وإنما ينسب الثابت إلى الحكم القطعي باعتبار الدليل القطعي له اقتضاءً أصليًا مجردًا عن التوابع والإضافات التي ترتبط بالواقع، والمراد بالمتغير في هذا المبحث هو الظنية التي جعلت الدليل مجالاً لاختلاف العلماء، فالحكم الفقهي ينسب إلى التغير المقابل للثبات…».

ولبيان هذاالمأخذ أقول وبالله التوفيق: إن فهم وضبط المصطلحات الشرعية ومعرفة دلالاتها وحدودها، وما تشترك أو تتباين فيه من المهمات والمتطلبات لمن تصدَّر لدراسة الفقه، فالفهم الصحيح لها يؤدي إلى الوصول إلى الحكم الصحيح، كما أن عدم الفهم والتصور الصحيح للمصطلحات يؤدي إلى الانحرافات والخروج من الجماعة العلمية، وهو أمر مذموم سوءا في العلوم الطبيعية أو علوم الاجتماع أو الشرعية، وهذا يسمى بالشذوذ الذي يؤدي إلى التبديد لا التجديد.

فتفسير الباحثة للثابت والمتغير بهذا التفسير وقولها أن الحكم الفقهي الظني ينسب إلى التغير المقابل للثبات، يعد تغبيشًا وتمييعًا لمصطلح الثابت والمتغير. فالسؤال هنا: هل الثابت قاصر على القطعيات، وهل جميع القطعيات لا تغيير فيها؟ وهل كل ظني قابل للتغيير، وهل المتغير هو الظني فقط؟

إن الأحكام التي تتغير بتغير الزمان لها وصفان، إذا لم يتحققا أو يتحقق أحدهما دون الآخر، لم تكن داخلة في القاعدة، بل تكون من الأحكام الثابتة.

الأول: أن يكون الحكم من المسائل الاجتهادية.

الثاني: أن يكون الحكم من الأحكام المبنية على العرف أو العادة أو المصلحة أو القياس.

وبهذا يظهر لي، والله أعلم، أن كل حكم شرعي ليس اجتهاديًّا، ولم يكن مبنيًّا على العُرف أو العادة أو المصلحة هو من الثوابت التي لا تتغير بتغير الزمان والأشخاص.

قال الشاطبي: العوائد المستمرة ضربان:

أحدهما: العوائد الشرعية التي

———————————————————————————————-

([1]) أستاذ مساعد في أصول الفقه، جامعة الأزهر. الإنسانية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: جميع الحقوق محفوظة لمجلة المسلم المعاصر