المقدمة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيّد المرسلين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبد الله ورسوله، وبعد:
فقد جاءت الشريعة الإسلامية لتكوّن نظامًا شاملًا ودقيقًا في شتى مجالات الحياة، واهتمت نصوصها العامة بكل جوانب الحياة الإنسانية، وأبرز العلماء أهمية حفظ خمسة جوانب مهمة في حياة الإنسان، وهي ما اصطلح على تسميتها بالضرورات الخمس – الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال-، ولم تغفل الشريعة الإسلامية الإشارة لمظلّة هذه الضروريات الكبرى، المتمثلة في حفظ المجتمع بكل مكوناته ومحتوياته كإطار عام، ومن أجل ذلك ركّزت كثير من نصوص الشريعة العامة على حفظ الكيان الأكبر للإنسان، وهو حفظ المجتمع، ولا يُحفظ المجتمع بلا حفظ لكافة مكوناته، فجاءت هذه الدراسة لتسليط الضوء على مجال من أهم مجالات الحياة العصرية، فكانت بعنوان: “الأمن السيبراني في ضوء المقاصد الشرعية”.
مشكلة الدراسة:
تكمن مشكلة البحث في التكييف الشرعي للأمن السيبراني، ثم البحث عن وسائل تحقيقه في واقع الناس، وفي خضم الحديث المتزايد عن تقصير المؤسسات الحكومية وغير الحكومية بشتى أنواعها في حفظ معلوماتها الخاصة والعامة، وفي زحمة الهجمات التي تستهدف المعلومات الخاصة والعامة، ونظرًا لتقصير كثير من المؤسسات الرسمية والخاصة في حفظ وأرشفة وتأمين المعلومات والمواد الإلكترونية، فقد تنامى الاهتمام بالأمن المعلوماتي، وبات مصطلح الأمن السيبراني يزاحم اهتمامات وأولويات الأفراد والدول، لذا جاءت هذه الدراسة للمساهمة في الكشف عن أهمية الأمن السيبراني، وربطه بعلم مقاصد الشريعة الإسلامية، وإبراز وسائل تحقيقه، وبيان أثره على مقاصد التشريع الضرورية، ومن أجل الإجابة عن التساؤلات الآتية:
- ما الأمن السيبراني؟
- كيف يتحقق الأمن السيبراني لدى الأفراد والمؤسسات؟
- ما التأصيل الشرعي للأمن السيبراني؟
- ما العلاقة بين الأمن السيبراني ومقاصد التشريع؟
أهمية الدراسة:
تظهر أهمية الدراسة من خلال الآتي:
- أهمية علم المقاصد الشرعية، التي هي بمثابة الروح للإنسان.
- تسليط الضوء على جانب تكويني للمنظومة الأمنية ضمن المقاصد الشرعية.
- تفعيل علم المقاصد في حفظ كيان الأمة ونظامها المعلوماتي.
أهداف الدراسة:
تهدف الدراسة لتحقيق الآتي:
- بيان دور المقاصد الشرعية في المحافظة على أمن الشخصية الفردية والجماعية.
- بيان شمولية الأمن لكافة مجالات الحياة.
وقد كثرت الكتابات في مقصد الأمن، ولكن لم أجد من أفرد الأمن السيبراني وارتباطه بالمقاصد الشرعية في مؤلف واحد، وجاء بحثي ليكشف عن العلاقة بين الأمن السيبراني والضروريات الخمس، ومدى أهمية تعزيز الوسائل التي تُسهم في تحقيقه من جانب الوجود وجانب العدم.
أسباب اختيار الموضوع:
- الرغبة في إثراء المكتبة العلمية بشكل عام، والزاوية المقاصدية بشكل خاص.
- إبراز النصوص المقاصدية التي تهتم بمقصد الأمن السيبراني.
- بيان دور الأمن السيبراني في حفظ مقاصد الشريعة الضرورية.
منهج الدراسة:
استخدم الباحث المنهج الوصفي التحليلي مستفيداً من المنهج الاستقرائي والمنهج الاستنباطي، وقد ربط الباحث مضمون دراسته بالواقع الفلسطيني، كدراسة حالة.
الخطة التفصيلية للدراسة:
اقتضت طبيعة الدراسة أن تكون خطتها التفصيلية في مقدمة، ومبحثين، وخاتمة، فكانت على الهيكلية الآتية:
المقدمة: وتشمل مشكلة الدراسة، وأهميتها، وأهدافها، وأسباب اختيار الموضوع، ومنهج الدراسة، والخطة التفصيلية.
المبحث الأول: الأمن السيبراني، وتأصيله الشرعي، وأهميته، ووسائل تحقيقه.
المطلب الأول: معنى الأمن السيبراني وتأصيله الشرعي وأهميته.
المطلب الثاني: وسائل تحقيق الأمن السيبراني.
المبحث الثاني: مقاصد الأمن السيبراني، وأثره على الضروريات الخمس.
المطلب الأول: مقاصد الأمن السيبراني.
المطلب الثاني: أثر الأمن السيبراني على الضروريات الخمس.
المطلب الثالث: الأمن السيبراني في ضوء القواعد الشرعية.
الخاتمة: وتشمل أهم النتائج والتوصيات.
* * *