– ذكرنا في العدد الماضي (143) أن عبارة “مبادئ الشريعة الإسلامية” الواردة في المادة 2 من الدستور المصري تعني “القواعد” بالمصطلح الشرعي.
– وقد وردت بعض القواعد منذ عهد الرسالة في القرآن الكريم كقوله تعالى: (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا)، (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)، (وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى).
– وفي السنة النبوية كقوله صلى الله عليه وسلم: “إنما الأعمال بالنيات”، “رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه”، “لا ضرر ولا ضرار”.
– ثم توالى بعد ذلك صياغة القواعد بواسطة الفقهاء على مر العصور منبثة في كتبهم كقولهم “الضرورات تبيح المحظورات”، “الأصل براءة الذمة”، “الضرورة تقدر بقدرها”.
– ثم بدأ جمعها والتأليف فيها ككتب الأشباه والنظائر وشروحها، حتى وصلنا إلى أواخر العصر العثماني فوضعت اللجنة المشكلة لصياغة مجلة الأحكام العدلية في بدايتها 99 مادة اختارتها من كتب الأشباه والنظائر.
– وأخيرا – وليس آخرا – تبنى مجمع الفقه الإسلامي الدولي – بتمويل من مؤسسة الشيخ زايد بن سلطان – مشروعا جامعا استخرج من كتب الفقه الأصول مادة غزيرة للقواعد تجاوز عددها الأربعة آلاف قاعدة واستغرق العمل فيها ما يزيد على العشر سنوات، وقام بالعمل فيها ولها ما يزيد على المائة من العلماء من كافة بلاد العالم الإسلامي، وأنفق عليها ما يزيد على عشرة ملايين دولار، وسميت “معلمة زايد للقواعد الفقهية والأصولية” وتقع مع مقدمتها وفهارسها في بضعة وأربعين مجلدا هي الآن تحت الطباعة كما ستخرج في نسخة إلكترونية هي الآن قيد الإعداد.
هذا العمل العظيم هو المذكرة التفسيرية للمادة الثانية من الدستور، وسيترتب على خروجه إلى حيز النور العديد من التداعيات التي تنقل فكرة تطبيق الشريعة من مرحلة الشعار إلى مراحل تطبيقية واقعية تنظمها خريطة طريق تحدد المسار وتوحد الجهود وتقرب البعيد المأمول.
وللحديث بقية…