في ظروف يقف فيها وطننا على مفترق طرق.. علينا أن ننير السبل المختلفة ونجلس معا رغم اختلافاتنا الفكرية والأيديولوجية، أولا لتحديد أهدافنا المشتركة، ثم اختيار الأصلح لوطننا في هذه اللحظة التاريخية.. ولا شك أن الدرس الأكبر الذي
تعلمناه جميعا من ميدان التحرير (25 يناير الى 11فبراير) والذي يجب ألا ننساه أبدا: أن لقاؤنا ممكن، واتفاقنا ممكن، وعملنا معا ليس فقط ممكنا بل ومبدعا وملهما ومحققا للمعجزات.
من الأسئلة الكبرى المطروحة على الساحة العامة حاليا وليس فقط الساحة الفكرية سؤال: ما شكل الدولة التي نريدها: دينية أم مدنية؟
يدور جدل واسع حول هذه الثنائية: مدنية أم دينية، وأحيانا مدنية أم إسلامية (إسلامية عند البعض تعني دينية).
وفي محاولة منا للقيام بدور إيجابي في هذا الجدل بما يساهم في إنارة السبيل وتحقيق التوافق وزيادة مساحة المشترك بيننا، ندير الحوار التالي بين مقالات وكتب، حديثة وقديمة لعدد من العلماء والمفكرين والأئمة الأجلاء.
المتحاورون: الدكتور جابر عصفور، الدكتور جلال أمين، الأستاذ جمال البنا، الأستاذ خليل عبد الكريم، الدكتور رفيق حبيب، الزعيم سعد زغلول، المستشار طارق البشري، الدكتور محمد سليم العوا، الدكتور محمد عابد الجابري، الإمام محمد عبده، الدكتور محمد يحيى، الدكتورة منى أبو الفضل، الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي.
– ما هي الدولة الدينية؟
القرضاوي: الدولة الدينية من حيث تركيبها أو تكوينها، قوامها الكهنة أو رجال الدين فهي حكومة البابا أو الاساقفة أو الكرادلة أو نحو ذلك من أصحاب الألقاب الذين يمثلون في الأرض إرادة السماء، ليس لأحد حق الاعتراض على هذه الدولة أو المساءلة أو النقد لأن الاعتراض على ممثل السماء اعتراض على السماء نفسها أي على الله تعالى، تتصف هذه الدولة بالجمود والثبات المطلق فهي لا تقبل التغيير ولا تلين مع الأيام وذلك لجمود مصادرها وجمود رجالها. وسائل هذه الدولة هي الإرهاب والتخويف، إرهاب الفكر بتحريم النقد، وإرهاب الروح بالتهديد بقرارات الحرمان …(1).
جلال أمين: دولة يمارس حكامها الحكم باسم الله معلنين أنهم يطبقون شريعته ويستلهمون مقاصده ويلتزمون أوامره ونواهيه، أمثلة الدول الدينية كثيرة فقد سادت أوربا في العصر الوسيط وحتى عصر النهضة…كذلك حُكْم العرب للدول المفتوحة بعد الاسلام… هناك مشاكل متعددة في الدولة الدينية أهمها: أن هذه الدولة يديرها بشر، بشر يحاولون بقدر ما تيسر لهم من جهد وفهم أن يطبقوا شريعة الله وان يجعلوا ارادة الله هي العليا ولكنهم يصيبون ويخطئون، منهم المخلص ومنهم غير المخلص، يوفقون أو لا يوفقون، والمشكلة هنا أن الحاكم يطبق فهمه هو لأحكام الدين، ولكنه باستمرار ينسب هذا الفهم إلى الارادة الإلهية، فيسبغ على تطبيقه وفهمه الخاص للدين مكانة على أعلى درجة من السمو. ومعظم الناس لا يقبل بسهولة أن كثير من النصوص الدينية يمكن أن يكون لها اكثر من تفسير. المشكلة الثانية أن الدولة الدينية تواجه بالضرورة ظروفا متغيرة، فالحياة لا تسير على نفس المنوال إلى الابد، وهو أمر يتطلب تغيير السياسة والتحول من مسلك قديم إلى مسلك جديد حتى لو بقي الالتزام بالمبادئ الدينية والأخلاقية ثابتا وصارما.. هذه الحاجة إلى التغيير تواجهها الدولة الدينية بصعوبة، إذ أن الثابت في الدين أكثر قداسة من الثابت في المبادئ القانونية أو الاجتماعية(2).
– ما هي الدولة المدنية؟
جلال أمين: الدولة المدنية- عندما يستخدم هذا المصطلح كمقابل للدولة الدينية- تعني دولة لا يزعم حكامها أنهم يحكمون باسم الله أو يطبقون شريعته أو يستهلمون مقاصده، بل يحكم حكامها باسم الشعب او باسم الديكتاتور أو باسم مبادئ سياسية أو اجتماعية قال بها مصلح شهير أو نادت بها ثورة أو حازت قبولا عاما من الناس.أمثلة الدول المدنية تشمل نظام الحكم في أثينا وروما القديمتين، ودول أوربا في عصر النهضة المستقلة عن الباباوية، كما تكاد تشمل كل دول العالم في الوقت الحاضر. والدولة المدنية ليست بالضرورة دولة معادية للدين، فالمهمة الأساسية لها هي حفظ الأمن وحماية النظام العام، وهذا في دولة اغلبية سكانها من المتدينين يفرض على الدولة المدنية واجبات كثيرة تتعلق باحترام الدين وصيانته من أي اعتداء(3).
منال: يمكن إجمال صفة “مدنية الدولة” في ثلاث ملامح أو مبادئ اساسية(4):
الأول: مبدأ المواطنة
فالدولة المدنية تعامل كل من يعيشون على أرضها ويحملون جنسيتها على السواء ودون أية تفرقة بينهم على أساس: دين أو عرق أو جنس أو لون.. الخ، فالجميع سواء في الحقوق والواجبات.
يأتي ذلك في مقابل الدولة الدينية التي تميز اتباع دين ما (هو دين الدولة) على سواهم من المواطنين غير المنتمين لهذا الدين.
الثاني: مبدأ المساءلة
في الدولة المدنية الجميع – خاصة من هم في السلطة- يخضع للمساءلة، لا أحد فوق القانون بدءا من رئيس الدولة إلى أصغر منصب فيها، فالجميع مساءل ومحاسب أمام الشعب الذي هو مصدر السلطات. والقانون يضعه الشعب عن طريق ممثلين له.
وذلك في مقابل العصمة أو عصمة بعض المناصب أو المراجع في الدولة الدينية .
الثالث: مبدأ إطلاق الحريات
الدولة المدنية تطلق الحرية للعلم والتفكير والابداع والتعبيروالنقد ..الخ بالاضافة بالطبع لحرية المجال الخاص للفرد فيما يأكل ويلبس ويعتقد بالشكل الذي لا يمس حريات الآخرين.
(ذلك في مقابل العديد من القيود على الحريات في الدولة الدينية سواء على العقيدة او ممارسة الشعائر أو العلم والابداع والتعبير).
والدولة المدنية قد تكون ذات مرجعية دينية، وقد تكون ذات مرجعية “لا دينية” وساعتها تكون دولة علمانية(5).
– هل الدولة الاسلامية و/أو دولة الخلافة بهذا المعنى دولة دينية أم مدنية؟
جلال أمين: “حكم العرب الدول المفتوحة بعد الاسلام حكما دينيا، من المدينة أولا ثم من دمشق فبغداد. وكذلك كان حكم العرب في الأندلس، والخلافة العثمانية في استنبول”(6).
خليل عبد الكريم: “الاسلام عرف الدولة الدينية وهي التي أقامها الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة، ولا يعرف الدولة السياسية التي هي من صنع البشر ينفذونها بوحي من عقولهم وتفكيرهم.. هم الذين بمحض إرادتهم ينشئون نظامها ويشرعون دستورها والقوانين التي تلائم ظروفهم وبيئاتهم..”.
و”المناداة بمبدأ الحاكمية هو إعادة للدولة الدينية التي انقطعت من الأرض بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك سيؤدي – مع افتقار من يقومون على الدولة إلي العصمة التي كانت من خصوصيات الرسول صلى الله عليه وسلم- الى قيام دولة ثيوقراطية استبدادية لا تسمح بوجود حد أدنى من المعارضة وهو نوع من الحكم تجاوزه الزمن ودخل متحف التاريخ السياسي”(7).
جابرعصفور: “حرص العقلاء من المصلحين المسلمين المحدثين، أمثال الامام محمد عبده، على تأكيد أن الإسلام هدم بناء السلطة الدينية ومحا أثرها حتى لم يبق لها عند الجمهور من أهله اسم ولا رسم، ولم يدع الاسلام لأحد بعد الله سلطانا على عقيدة أحد ولا سيطرة على إيمانه، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم مبلغا ومذكرا لا مهيمنا ومسيطرا، وليس في الإسلام -كما يذكر الإمام محمد عبده- ما يسميه البعض الإمام المعصوم.. ولا الرموز الدينية التي لا يقبل قولها المساءلة أو النقاش أو الاختلاف،.. ونصوص الدين والسنة الصحيحة تؤكد أن من حق كل مسلم أن يفهم عن كتاب الله وعن سنة رسوله دون توسط من أحد من سلف أو خلف شريطة أن يكون هذا المسلم مجتهدا جامعا شروط العلم وأدواته التي تعينه على الفهم،.. فإذا كان هذا الفهم ينفي وجود السلطة الدينية في الإسلام، فإنه ينفي صفة الدولة الدينية في الوقت نفسه ويؤكد أهمية الدولة المدنية من منظور أننا أدرى بشئون دنيانا التي نحن مأمورون بإعمارها وإعمال مبادئ العلم في تطويرها، فالتفكير فريضة إسلامية وإعمال مبادئ العقل والإفادة من كل منجزات العلوم الطبيعية والانسانية فرض عين على كل مسلم….”.
“….لم تعرف ثقافتنا العربية معنى الدولة بشكل عام ولا المدنية بوجه خاص إلا حديثا ونقلا عن أوربا التي تعلمنا من تقدمها مفاهيم المواطنة وكل ما يتصل بها من مبادئ الديموقراطية وتداول السلطة..وحرية تكوين الأحزاب والفصل بين السلطات.. الخ من لوازم الديموقراطية.. وكان من الطبيعي أن يتطلع رواد الاصلاح إلى نموذج الدولة المدنية الأوربي الذي رأوا فيه خلاصا من شرور كثيرة وبديلا واعدا لدولة الخلافة التي انتهى بها الأمر إلى الانهيار في تركيا سنة 1924 وقيام أتاتورك بتأسيس نظام جمهوري مدني في تركيا وهو الأمر الذي قسم العالم الإسلامي بين مؤيدين للدولة المدنية البازغة ومعارضين خائفين منها”.
“لم تمت فكرة الدولة الدينية أو الخلافة الاسلامية (حسب تسمية الشيخ رشيد رضا) بسقوط دولة الخلافة في تركيا التي لم تعد عثمانية ولم تعد دولة دينية على السواء، فقد استمر الشيخ رشيد رضا في الدعوة إلى إحياء دولة الخلافة الإسلامية او الإمامة العظمى.. وذلك على نحو ما تبلور في استمرار الدعوة إلى دولة دينيةمناقضة للدولة المدنية باعثة لأمجاد الخلافة القديمة، وكان ذلك دون اعتبار للعصر ومتغيراته التي مضت بعيدا عن اتجاه “دولة الخلافة” أو” الدولة الدينية “.
“ان الدعوة لإقامة الخلافة هي دعوة لإقامة دولة دينية، من طراز عصري لا يهم، ولكنها دعوة صريحة لإقامة دولة دينية”..(8).
نرى من النص المنقول عن الكاتب انه يعتبر دولة الخلافة والدولة الاسلامية مرادفا للدولة الدينية، وذلك رغم أنه يؤكد في موضع آخر من المقال نفسه أن الإسلام هدم السلطة الدينية وأنه لا دولة دينية في الإسلام، وكأن دولة الخلافة والدولة الاسلامية كانت بعيدة تماما عما أراده الإسلام، ولا يستثني الكاتب من ذلك أي عصر أو عهد من عهود الدولة الإسلامية.
محمد عبده: الحاكم في الإسلام هو حاكم مدني من جميع الوجوه، هو مسؤول وليس معصوم، والأمة هي مصدر السلطات ولها الحق أن تخلعه متى رأت ذلك من مصلحتها. ولا يجوز لصحيح النظر أن يخلط الخليفة عند المسلمين بما يسميه الإفرنج (تيوكراتيك) أي سلطان إلهي…(9).
الدولة المدنية لا تفرق بين مواطنيها في مجال احتلال الوظائف العامة إلا على أساس الكفاءة، وهناك العديد من غير المسلمين الذين تولوا مناصب عامة كبرى في الدولة الاسلامية وذلك بشهادة المؤرخين والفلاسفة من غير المسلمين(10). ومع الامتزاج التام بين المسلمين وغير المسلمين في الحياة العلمية تم صياغة الحضارة العربية بمشاركة أتباع الديانات المختلفة.. وينشأ هذا الجو المتمدن المنفتح في ظل مناخ من الحريات ليكون العرب كما قال جوستاف لوبون “أول من علم العالم كيف تتفق حرية الفكر مع استقامة الدين”(11)، وتشيع هذه الروح العلمية أيضا في مناخ من المساواة بين الطبقات ..، تلك هي صورة المجتمع المتمدن في الدولة الاسلامية(12).
ليس من الإسلام أي خوف على حرية العلم والابداع والتفكيروالنقد(13) … “إن الإسلام يوسع صدره للجميع بميزان واحد هو ميزان احترام العلماء للعلم”(14).
القرضاوي: الدولة الإسلامية دولة مدنية و ليست دولة دينية، فرق كبير بين الدولة الاسلامية أي الدولة التي تقوم على أساس الإسلام، و”الدولة الدينية الثيوقراطية” التي عرفها الغرب في العصور الوسطى… الخطأ كل الخطأ الظن بأن الدولة الاسلامية دولة دينية، إنما الدولة الإسلامية إذا نظرنا للمضمون لا الشكل وإلى المسمى لا الاسم “دولة مدنية” مرجعها الاسلام، وهي تقوم على أساس الاختيار والبيعة والشورى ومسؤولية الحاكم أمام الأمة، وحق كل فرد في الرعية أن ينصح لهذا الحاكم ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر، بل يعد الإسلام هذا واجبا كفائيا على المسلمين، ويصبح فرض عين إذا قدر عليه مسلم وعجز غيره عنه أو جبن عن أدائه. والحاكم في الاسلام واحد من الناس ليس بمعصوم ولا مقدس يجتهد لمصلحة الأمة فيصيب ويخطئ.. وهو يستمد سلطته وبقاؤه في الحكم من الأرض لا من السماء ومن الناس لا من الله، فاذا سحب الناس ثقتهم منه وسخطت أغلبيتهم عليه وجب عزله بالطرق الشرعية… والحاكم في الاسلام ليس وكيل الله بل هو وكيل الأمة أو أجيرها، وكلته في إدارة شئونها أو استأجرته لذلك كما قال أبو بكر بعد أن ولي الخلافة: “كنت أعمل لنفسي واليوم أعمل لكم فاصرفوا إلي من بيت مالكم ما يكفي لعيش رجل من قريش ليس بأعلاهم ولا أدناهم”.
والدولة الاسلامية لا يقوم عليها رجال دين بالمعنى الكهنوتي المعروف، إنما يوجد علماء دين من باب الدراسة والتخصص وهذا باب مفتوح لكل من أراده وقدر عليه، وعالم الدين انما هو معلم ومرشد، وإذا كان عالم الدين كفئا يمكن أن يكون من رجال الدولة بمؤهلاته وكفايته لا بجبته وعمامته، فإنما تقوم الدولة بالأقوياء الأمناء، الحفظاء العلماء(15).
جمال البنا: إن فكرة دولة إسلامية مستبعدة ولا يجوز أن تكون محلا لخوف لأن الدولة في الإسلام دولة مدنية ومحور عملها العدل وتحقيق إرادة الشعب، ودورها الحقيقي لا يكون في مجال الدين.
وقد أقامت وثيقة المدينة(16) – لأول مرة – حق المواطنة على أساس الارض، فكل من يتخذ من الأرض وطنا يصبح مواطنا له الحقوق والواجبات التي تمنح لكل الذين يقيمون في هذا الوطن على اختلاف أصولهم وأديانهم وأجناسهم(17).
“لم تحكم المؤسسة الدينية في الاسلام أبدا لا بصفة مباشرة أو غير مباشرة”(18).
الجابري: لما كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ترك الأمر لصحابته ليفصلوا فيه من بعده وكانت حادثة السقيفة الشهيرة، فان ما أقره الصحابةوعمل به الخلفاء من بعدهم كل ذلك يؤول أمره إلى الاجتهاد، والاجتهاد في مسألة تُرك أمرها للمسلمين سيختلف حتما باختلاف العصور وتغير الظروف.. الشيء الثابت الوحيد الذي يبقى هو أن هناك شريعة يتطلب تنفيذها وجود “ولي أمر”. والدولة الإسلامية منذ اجتماع السقيفة دولة يقرر المسلمون في شأنها بحسب ما يرون المصلحة وبحسب ميزان القوى المادية والمعنوية، ليس هناك نص يلزم المسلمين بنوع معين من الحكم ولا يوجد نص ينهاهم عن نوع من الحكم. الصحابة في عملهم كان المحرك الأساسي لهم هو “المصلحة”.. ونظرية “أنتم أعلم بشئون دنياكم”، في ضوء ذلك يمكن تفسير حروب الردة، ووقف عطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة، وغيرها من أفعال الصحابة(19).
العوا: مما لا خلاف فيه بين أهل الاختصاص أن إسلامية الدولة لا تنافي مدنيتها، بل المدنية مقررة في شريعة الإسلام وفقهه(20).
حتى محمد رشيد رضا عند حديثه عن الإمامة وضع نظام للإمامة العظمى يدخل في بابين أحدهما قواعد حكومة إسلامية مدنية.. وثانيهما قواعد للتربية والتعليم الجامع بين هداية الدين ومصالح الدنيا..ويدخل في هذا الحث على الاشتراك مع جميع الشعوب في خدمة الانسانية العامة وترقية الآداب والحضارة في جميع الأمم(21).
– الدين والسياسة، الدين والدولة، انفصال أم اتصال؟
عصفور: يمكننا أن ننفي التطابق بين طرفي ثنائية الاسلام “دين ودولة” فواو العطف لغةلا تقيم اتحادا بل تفصل بين المعطوفين بما يؤكد تمايزهما، ومن ثم تمايز الإسلام كدين عن الدولة التي يغدو الإسلام مصدرا من مصادرها التشريعية، دون أن يكون هو إياها بالضرورة، فالاسلام دين بالقطع ولكنه ليس دولة إلا على سبيل الصفة التي قد تلحق بالدين أو لا تلحق به بلا تطابق أو تحويل لثنائية العطف اللغوي إلى اتحاد موهوم بين ما هو غير متحد أو متطابق.
الدين الاسلامي كغيره من الأديان في هذا السياق، كلها تقوم على الهدايات العامة والأحكام الكلية التي لا يمكن التفريط فيها، أو التنازل عنها، أو التهوين من شأنها، فهي بكل ما تقوم عليه في جواهرها الصافية..لا تتناقض فيما بينها بل تتآزر وتتداعم، فتغدو مصدرا لا غنى عن استلهامه في التشريعات المدنية، ولا سبيل الى تجاهل مقاصد الدين الكبرى في صياغة القوانين والدساتير، لا تمييز في ذلك بين دين وغيره…(22).
الجابري: نحن نفصل بين فصل الدين عن الدولة من جهة وبين حضور الإسلام كشريعة وكخلفية في مجتمع تتكون الأغلبية الساحقة من أفراده من المسلمين من جهة أخرى. ما يحتاج إليه المجتمع هو فصل الدين عن السياسة بمعنى تجنب توظيف الدين للأغراض السياسية باعتبار أن الدين يمثل ما هومطلق وثابت بينما تمثل السياسة ما هو نسبي ومتغير،السياسة تحركها المصالح الشخصية أوالفئوية أما الدين فيجب أن ينـزه عن ذلك وإلا فقد جوهره وروحه، جوهر الدين وروحه أنه يوحد ولا يفرق… أما السياسة فجوهرها وروحها أنها تفرق، السياسة تقوم حيث يوجد الاختلاف أو حيث يمكن أن يقوم اختلاف وبالتالي فهي أقرب إلى أن تكون “فن إدارة الاختلاف” منها إلى أي شيء آخر.. من هنا كان ربط الدين بالسياسة أيا كان نوع هذا الربط ودرجته يؤدي بالضرورة إلى ادخال جرثومة الاختلاف إلى الدين، والاختلاف في الدين إذا كان أصله سياسيا يؤدي ضرورة إلى الطائفية ومن ثم إلى الحرب الأهلية. والتاريخ الحاضر منه والماضي شاهد على ذلك، فمنذ زمن عثمان، أي منذ بدأ توظيف الدين في المجتمع الاسلامي توظيفا سياسيا، والاختلاف فيه قائم والحرب الأهلية لا تهدأ إلا لتقوم من جديد بصورة أو بأخرى ولكن دائما بتوظيف الدين في السياسة نوعا من التوظيف.
إن الإسلام عقيدة وشريعة حقيقة لا يمكن أن تكون موضع جدال…وأحكام الشريعة يتطلب تنفيذها وجود “ولي أمر”…وسؤال هل الإسلام دين ودولة؟ هوسؤال مزيف ولم يسبق أن طرح هذا السؤال منذ ظهور الإسلام وحتى أوائل القرن الماضي… فهو سؤال منقول من النموذج الحضاري الغربي، وللخروج من هذا الزيف يجب البدء بالتمييز بين السلطة المنفذة للأحكام الشرعية وبين الهيئة الاجتماعية المسماة الدولة.. ذلك أن الاسلام في نظر أصحاب المرجعية التراثية يشتمل على أحكام يجب أن تنفذ والدولة هي السلطة التي تتولى التنفيذ(23).
العوا: الاسلام عقيدة وشريعة أي دين ودولة، والأحكام المتعلقة بالشريعة (الدولة) في الاسلام محدودة العدد، والغالب في شئون الحياة متروك ليقوم الخلق بتدبيره بحسب ما يحقق المصالح. وهذا يعني أن المرجعية العامة في المجتمع هي للقرآن والسنة…، عندما ننكر حقيقة الجمع الاسلامي بين العقيدة والشريعة أو بين الدين والدولة فسوف نتجه الى مرجعيات أخرى شتى ليس الاسلام من بينها وهذا ضد هويتنا المتجذرة وتكويننا الثقافي وخصائص شعبنا الظاهرة والباطنة. والمرجعية لا تقتصر على المقاصد العامة لكنها تشمل إعمال النصوص والأحكام.
والأصل الاسلامي المعهود منذ نزول القرآن وآمن به الناس أن الإسلام نظام يشمل بأحكامه النصية أو الاجتهادية جوانب حياة الناس كافة.
إن الدعوة إلى فكرة شمول الاسلام لجوانب الحياة كافة لم تظهر إلا كرد فعل لمحاولة ترسيخ الدعوة العلمانية فكرا وممارسة في مواجهة الأصل الاسلامي القائم بنظمه الاجتماعية وأنساقه الثقافية وقيمه ومسلماته الفكرية في السياسة والاقتصاد، التي مهما حادت عنها الحكومات فانها بقيت هي الأمر الوحيد المقبول لدى الأمة وتنظيماتها المدنية ومؤسساتها الدينية(24).
القرضاوي: لم يعرف الإسلام طوال تاريخه هذا الانفصال المشئوم بين الدين والحياة بما فيها من علم وثقافة، وقضاء وتشريع، وسياسة واقتصاد. ولم يعرف المسلمون هذا التقسيم في كثير من شئونهم بين ما هو ديني وما ليس بديني فلم يكن عندهم تعليمان: تعليم ديني وتعليم مدني، ولا قضاءان أحدهما شرعي والآخر أهلي، ولا سلطتان إحداهما دينية والأخرى زمنية أو دنيوية، بل امتزج الدين عندهم بأمور الحياة كلها امتزاج الروح بالجسم فهل يمكن أن تفصل بين الروح والجسم أو تميزبينهما؟كذلك الدين والحياة امتزجا في كيان واحد هو المجتمع أو الأمة المسلمة(25).
الزعيم سعد زغلول: “من ذا الذي يدعي أن الإسلام ليس مدنيا ولا هو بنظام يصلح للحكم؟ فأية ناحية مدنية من نواحي الحياة لم ينص عليها الاسلام هل البيع أو الاجارة أو الهبة أو أي نوع آخر من المعاملات….ألم يدرس شيئا من هذا في الأزهر؟- السؤال موجه للشيخ علي عبد الرازق الذي ينتقد سعد زغلول كتابه “الاسلام وأصول الحكم” في هذا التصريح – أولم يقرأ أن أمما كثيرة حكمت بقواعد الاسلام فقط عهودا طويلة كانت أنضر العصور وأن أمما لا تزال تحكم بهذه القواعد وهي آمنة مطمئنة؟ فكيف لا يكون الاسلام مدنيا؟”(26).
جمال البنا: “الاسلام دين وأمة وليس دينا ودولة”.
الاسلام كدعوة يضم ثلاث مكونات أساسية: العقيدة والشريعة والعمل، الشريعة تضم كل ما ينظم العلاقات ما بين الناس بعضهم وبعض أو بينهم وبين الحكومة…
الشريعة هي مجموعة أحكام يقتضيها العدل ويسعى الشعب لتحقيقها بالوسائل الديمقراطية في الدولة الديمقراطية.. ويتطلب اقتلاع فكرة دولة الشريعة من الأذهان جهدا كبيرا ومتصلا يقوم على مبدئين: الأول أن تطبيق الشريعة في حد ذاته لا يعني الدولة الدينية كما أشرنا، والثاني أن الدولة الدينية ليست من الإسلام أصلا، فالإسلام لم ينـزل لإقامة دولة وإنما لهداية الناس، والدولة لا يمكن أن تقدم شيئا للدين لأنها لو أرادت تطبيق الشريعة دون إيمان الشعب بها فان هذا التطبيق لا قيمة له، وستفقد الشريعة بذلك روحها وطابعها الايماني وتصبح مجرد قوانين من قوانين الدولة تطبقها بردع السلطة(27).
وضع الاسلام المبادئ العامة والأساسية للحكم والنظام السياسي ولكنه ترك التفاصيل والاجرائيات للمجتهدين… والحكم في الاسلام جزء من الشريعة التي تستهدف العدل وتلحظ المصلحة وتقوم على النظرالعقلي وإعمال الفكر، وأحكامها معللة لا تعبدية وقد استثنينا من اطارها ما يتعلق بالعقيدة والعبادة(28).
الشريعة تقوم على المصلحة ومحلها العقل، كل ما يتعلق بالشريعة فإنه يمت إلى العدل بسبب.. العقيدة تقوم على الإيمان، كل ما يتعلق بالعقيدة يمت إلى الحرية بسبب…
إن تطبيق الشريعة – بالشكل الذي أراه- لن يكون إلا مشروعا لإحلال مبدأ العدل وجعله محورا في عالم العلاقات والقيم التي تحكم المجتمع. وأن يتم هذا بالشكل الديمقراطي أي عندما تريد ذلك الأغلبية وتسلك إلى تطبيقه عبر الطرق المشروعة – أي الانتخابات- ولعلي لو كنت قبطيا يساورني بعض الخوف من ذلك لآثرت التمسك بإعمال الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الثابتة التي تحرم تحريما قاطعا المساس بحقوق غير المسلمين في المجتمع المسلم بحيث لا يمكن حتى للأغلبية في المجلس التشريعي أن تمسها(29).
الإسلام علمانيا من بعض الأوجه..، يتفق الإسلام مع العلمانية في أنه يرفض الدولة الثيولوجية ويجعل الحكم عقدا سياسيا.. ويعتمد التعاقدية في الكثير من المعاملات، لكن الاسلام لا يقتصر كالعلمانية على الدنيا وإنما يضم إليها الآخرة ويحاول الجمع بينهما.. أما العلمانية فهي الدنيوية البحتة(30).
– لكن أين نحن / أين تقع خصوصيتنا الحضارية بين المدنية ذات المرجعية الدينية، والمدنية العلمانية؟
جمال البنا: إن “الأساس الايماني للديمقراطية هو تعبير عن النفسية الأوربية، الأساس الإيماني للماركسية هو رد فعل لوجود نقص في الأساس الإيماني للديمقراطية الرأسمالية وكلاهما غريبان عن النفسية العربية والاسلامية، ولهذا لم يكتسبا عمقا واقتصرا على طبقة من الحزبيين أو المثقفين.. وسيظل الاخفاق ما ظلت الشعوب بعيدة عن أساسها الإيماني.
إن طريق النهضة أمامنا قريب من طريق نهضة اليابان، أي التوصل إلى الأساس الايماني للشعب والبناء عليه(31).
وفيما يتعلق بعلمانية الحكم علينا أن نضع ثلاث اعتبارات في التقدير: الأول مدى نقاء العلمانية الأوربية، والثاني: طبيعة بلادنا “مصر والمنطقة العربية”، والثالث: نتائج تطبيق العلمانية في المجتمع الاوربي(32).
القرضاوي: إن شروط النماء والتقدم ليست متوفرة في الأنظمة الجاهزة التي نستوردها من الآخرين، إننا نرحب بأن نقتبس ما ينفعنا ونترك ما لا يلائمنا، لكن الخطر كل الخطر يكمن في أن نأخذ النظام بأكمله: بجذوره الفلسفية، ومصادره الفكرية وتوجهاته التشريعية وقيمه الاخلاقية(33).
طارق البشري: “.. قد يؤدي استيراد نمط تنظيمي أو فكري من بيئة مخالفة إلى عكس النتائج المرجوة منه وإلى عكس ما كان مقصودا أصلا من الاستيراد” ويدلل على ذلك بنماذج تاريخية(34).
منى أبو الفضل: إن أهم مايميز المعرفة التوحيدية أو النموذج المعرفي التوحيدي وجود نسق من القيم والمعايير التي مصدرها الغيب بالأساس وليس الانسان وحده.. يؤدي هذا وظائف هامة جدا لأي إنتاج معرفي؛ فهو يحدث التماسك واللحمة غير المنظورة لكل الانتاجات الحضارية… ويمثل الوحي الإلهي المرتكز الأساسي في هذا النسق المعرفي؛ ويقصد به الهداية الصادرة من أصل علوي يتجاوز ويفوق الإنسان… ويلعب الوحي دورا هاما في “الجمع بين ماهو مادي وماهو معنوي على نحو يستعصى على العقل البشري تحقيقه عند ارسائه لفلسفة وضعية مستبعدا البعد الغيبي، مما يؤدي إلى إنتاج فلسفات متأرجحة بين أقصى طرفي النقيض من مادية مفرطة إلى مثالية مغرقة. في حين يعطينا الوحي القاعدة للعمل والتعقل في منظومة معرفية وسطية مزاجها التوازن والاعتدال”(35).
إذن ربما يكون السؤال الأهم والأولى الذي يفرض نفسه الآن بعد هذا الجدل العاصف هو:
– ماذا تعني المرجعية دينية لدولة مدنية؟
رفيق حبيب: الدولة المدنية متفق عليها، ولكن مرجعيتها مختلف حولها، فالبعض يراها مرجعية بشرية لا دينية..، والبعض يراها مرجعية إلهية دينية.
والاختيار إذن، بين دولة مدنية دينية، وبين دولة مدنية لا دينية. وهنا لا ينبغي لطرف أن يدعي لنفسه حق الاختيار نيابة عن المجتمع، ولا ينبغي لطرف أن يفرض الوصاية علي الأطراف الأخري، أو يفرض الوصاية علي المجتمع. فالدولة المدنية الدينية لا تقوم إلا في مجتمع يغلب عليه الطابع المدني الديني، والدولة المدنية غيرالدينية، لا تقوم إلا في مجتمع يغلب عليه الطابع المدني غير الديني… والمجتمع هو صاحب الحق في اختيار مرجعيته.
والحرية الحقيقية، هي الحرية التي تمكن المجتمع من اختيار مستقبله الذي يتمناه،… وإذا كانت النخب والتيارات السياسية تريد تحقيق الحرية للمجتمع، وتريد التنسيق فيما بينها لتتعاون من أجل مواجهة الاستبداد، فعليها أن تؤمن أولا بحق المجتمع في اختيار مرجعيته، وهو أول شروط الدولة المدنية. أما الدولة المدنية التي تفرض العلمانية علي الجميع، وتفرض العلمانية علي المجتمع، فليست بدولة مدنية(36).
د. محمد يحيى: إن المرجعية هنا تقف عند مستوى القيم العامة والرؤية الحياتية والأهداف والمقاصد الاجتماعية وترجمتها في برامج تفصيلية اجتماعية واقتصادية.. إلخ، تطرح في خطط عمل للحكومة وإدارات الدولة ومؤسساتها، ووفق هذا الإطار لا تختلف المرجعية الدينية في قليل أو كثير عن المرجعية الفكرية والأيدولوجية التي لا ينكر أحد أنها تمثل الأساس لأي حزب أو تنظيم سياسي في أي مكان.
مفهوم المرجعية الدينية الإسلامية لا يتضمن.. نظرة صراعية مع المختلفين في العقيدة والدين لأنه حسب ما تجسده في برامج عمل تفصيلية يصبح بمثابة خطط وتصورات عامة وإنسانية الطابع وموجهة للجميع بدون تمييز أو تفرقة وعاملة لخير المجتمع بكل فئاته، وليست عاملة على نشر عقيدة بعينها لاسيما وأن مهمة نشر العقيدة والدعوة تنشط من خلال المؤسسات التاريخية التعليمية القائمة بهذا الأمر منذ عهود بعيدة وقد تمرست فيه(37).
منال: يبقى هذا السؤال، سؤال المرجعية الدينية ماذا تعني؟ وكيف تطبق؟ في حاجة لمزيد من التأصيل والتفصيل والعمل.
أخيرا يبقى الجدل… بين خوف من خبرات معاصرة غير مشجعة لدول “إسلامية” قدمت صورة سلبية لهذا النموذج وأخفقت في تحقيق آمال شعوبها، وبين خوف من مرجعيات أخرى تنتمي لنموذج معرفي مغاير لا تتفق وبيئتنا الثقافية والحضارية والتاريخ والتكوين الاجتماعي والنفسي لنا، مع خوف آخر من إطلاق الحريات بلا آية ضوابط من شرع أو دين أو قيم عليا بما يهدد ثقافة المجتمع وروابطه وهويته، فالقيم تكتسب قوتها وثباتها من مصدرها، فالقيم ذات المصدر العلوي الغيبي تحقق في المجتمع ما لا تحققه القيم ذات المصدر البشري النسبي المتغير بطبيعته.
وفي الختام ربما تشعر مثلي أن هذا الخلاف بين المدارس والآراء الفكرية ليس عظيما كما يبدو، وأن التوافق كامن في العديد من زوايا المناقشة التي دارت على صفحات الكتب والصحف، وربما بقليل من الهدوء وصدق النوايا نصل لمجموعة من المبادئ المشتركة التي تُجمع كافة الاتجاهات على وجودها في الدولة التي نريدها والتي من شأنها تحقيق النهضة لوطننا ولأوطاننا.
الهوامش
(1) يوسف القرضاوي، التطرف العلماني في مواجهة الإسلام (نموذج تركيا وتونس)، دار الشروق: ط2، 2006، ص 84.
(2) جلال أمين، في فضل الدولة المدنية، جريدة الشروق، 8 أبريل 2011.
(3) المرجع السابق.
(4) تم استخلاص هذه المبادئ الثلاث من مجموع كتابات هؤلاء الأعلام الممثلين في الحوار وغيرهم ومجموع النقاشات الدائرة على الساحة الفكرية.
(5) يفرق د. عبد الوهاب المسيري رحمه الله بين نموذجين للعلمانية: علمانية جزئية: بمعنى فصل الدين عن الدولة مع السماح بوجود دور للدين في المجال الخاص وكمحرك للجانب الروحي والأخلاقي من حياة الأفراد في المجتمع..، وبين علمانية شاملة وهي التي تأخذ موقفا مضادا أو عدائيا من الدين بحيث تفصله تماما عن المجالين الخاص والعام، كذلك يوضح كيف تحول الغرب من العلمانية الجزئية الى الشاملة، ولمزيد من التفصيل في هذا الأمر ارجع إلى: عبد الوهاب المسيري: العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة، المجلد الأول والثاني، القاهرة: دار الشروق، 2002.
وكثير ممن يتحدثون عن الدولة المدنية في وطننا في الوقت الحالي يقصدون بها العلمانية الجزئية مثل: د. جلال أمين، د. أحمد زايد.
انظر جلال أمين: المرجع السابق، أحمد زايد: ماذا تعني الدولة المدنية؟، جريدة الشروق، 26 فبراير، 2011.
(6) جلال أمين، المرجع السابق.
(7) خليل عبد الكريم، الإسلام بين الدولة الدينية والدولة المدنية، القاهرة: دار مصر المحروسة، 2004، ص 20، 21.
(8) جابر عصفور: الإسلام دين ودولة: مساءلة شعار، مجلة وجهات نظر، العدد المائة وواحد، يونية 2007، ص 45، 46، 47.
(9) محمد عبده، الإسلام والنصرانية مع العلم والمدنية، جمعية نهضة مصر، الطبعة السادسة 1375هـ، ص 66، 67.
(10) من أبرز الأسماء يوحنا بن ماسويه الذي وضعه هارون الرشيد في الرقابة على جميع المدارس “وزير التعليم” وقال مستر داربر أحد المؤرخين وكبار الفلاسفة الأمريكان معلقا على ذلك: “لم يكن النظر إلى البلد الذي عاش فيه أو الدين الذي ولد فيه ولم يكن النظر إلا لمكانته من العلم والمعرفة..” ص 18، أيضا اسم يوحنا النحوي الذي يقول عنه أحد المؤرخين الغربيين: “إن المحبة التي نشأت بين عمرو بن العاص فاتح مصر ويوحنا النحوي ترينا مبلغ ما يسمو إليه العقل العربي من الأفكار الحرة والرأي العالي بمجرد ما أعتق من الجاهلية ودخل في التوحيد أصبح على غاية من الاستعداد للإبحار في ميادين العلوم الفلسفية والأدبية” ص 86. أيضا جيور جيس بن بختيشوع طبيب المنصور، والعديد من الأمثلة الأخرى، راجع: محمد عبده، المرجع السابق، ص 19: 24.
(11) السابق، ص 95.
(12) السابق، ص 90: 92.
(13) السابق، ص 98:103.
(14) السابق، ص 23، 24.
(15) القرضاوي، التطرف العلماني في مواجهة الإسلام، مرجع سابق، ص75. و القرضاوي، من فقه الدولة في الاسلام، القاهرة: دار الشروق، ط3، 2001، ص 56.
(16) وثيقة المدينة هي الوثيقة التي وضعها الرسول r أول قدومه إلى المدينة وتعرف لدى المفكرون المحدثون بدستور المدينة وفي كتب التراث بـ “صحيفة الموادعة” وتقرر هذه الوثيقة ان الأنصار – وهم السكان الأصليين للمدينة- والمهاجرين – وهم من أهل مكة أصلا- واليهود الذين كانت لهم جالية كبيرة في المدينة منذ القدم وبنوا فيها حصونا لهم وأقاموا بينهم وبين قبائل الانصار حلفا، قررت الوثيقة ان هذه الفئات الثلاث أمة واحدة، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم وأنهم يتكافلون بالمعروف ولا يحارب بعضهم بعضا، كما يشتركون في الدفاع عن المدينة معا.
(17) جمال البنا، هل يمكن تطبيق الشريعة، دار الشروق، ط1، 2008، ص 19، 20.
(18) جمال البنا، الإسلام والحرية والعلمانية، القاهرة: دار الفكر الإسلامي، ص 31.
(19) محمدعابد الجابري، الدين والدولة وتطبيق الشريعة، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2009.
(20) انظر على سبيل المثال، محمد عمارة، الإسلام والسلطة الدينية،…./ عبد الحميد متولي، مبادئ نظام الحكم في الإسلام،…./ صلاح سلطان محررا، الحكومة المستقبلية بين الإسلام والعلمانية: مناظرة مصر بين الدولة المدنية والدولة الإسلامية، ضياء الدين الريس، الإسلام والخلافة في العصر الحديث.
(21) محمد سليم العوا، الإسلام دين ودولة: مساءلة مقال، مجلة وجهات نظر: العدد المائة واثنان، يولية 2007، ص 49.
(22) جابر عصفور، مرجع سابق، ص 45.
(23) محمد عابد الجابري، مرجع السابق، ص 57: 63.
(24) محمد سليم العوا، مرجع سابق.
(25) القرضاوي، التطرف العلماني في مواجهة الإسلام، ص 105.
(26) محمد سليم العوا، مرجع سابق، نقلا عن الزعيم سعد زغلول من كتاب محمد إبراهيم الجزيري وسعد زغلول: ذكريات تاريخية طريفة، ص45.
(27) جمال البنا، هل يمكن تطبيق الشريعة، مرجع سابق، ص 18.
(28) جمال البنا، البرنامج الاسلامي، القاهرة: دار الفكر الإسلامي،2001، ص 27، 28.
(29) جمال البنا، هل يمكن تطبيق الشريعة، مرجع سابق، ص23.
(30) جمال البنا، الإسلام والحرية والعلمانية، مرجع سابق، ص 33: 36.
(31) جمال البنا، البرنامج الإسلامي، مرجع سابق، ص 18، 19.
(32) جمال البنا، الإسلام والحرية والعلمانية، مرجع سابق، ص 33، 35،36.
(33) يوسف القرضاوي، التطرف العلماني في مواجهة الإسلام، مرجع سابق، ص 99.
(34) طارق البشري، الملامح العامة للفكر السياسي الإسلامي، القاهرة: دار الشروق، ط2 2005، ص75 ، 76 .
(35) منى أبو الفضل، تعقيب على ملف العدد والحلقة النقاشية: “نحو منظور حضاري لقراءة سيرة وتاريخ المرأة المسلمة”، في دورية المرأة والحضارة، العدد الثاني، ربيع أول 1422 هـ-2001 م، ص 159، 160.
(36) http://forum.islamstory.com/12084-د-رفيق-حبيب-يكتب-الدولة-المدنية-دينية-أم-لا-دينية-؟.html
(37)http://www.islamicnews.net/Document/ShowDoc08.aspDocID=94556&TypeID=8&TabIndex=2