التعددية تنوع مؤسس على “تميز … وخصوصية”، تُقابِل الأحادية والتفرّد، وتحتاج إلى إطارين “الوحدة – والجامعية”؛ لكنها لا تعني بالضرورة الخصام والقطيعة ولا التمزق والتفرق. فبدون الوحدة الجامعة لا يمكن تصور التنوّع والتعدد والخصوصية والتميز. والأمر بعكسه صحيح. وتعددية الحضارات والأمم والأديان والثقافات والأفكار أمر واقع لا يُنكر، لكن الرؤية الإسلامية تؤصل لهذه التعددية الحضارية تأصيلاً متميزًا، يتميز بإنسانيته وفطريته قدرته التعايشية والواقعية العالية.
فالرؤية الإسلامية تقصر صفة “الواحدية” على الذات الإلهية والحق الذي من عندها، فيما ترى المخلوقاتِ أزواجًا، والمساعي أشتاتًا، وأن لكلٍّ وجهةً هو مُوَلَّيها … إن الرؤية الإسلامية الثابتة ثبات الاعتقاد تجعل من التعددية والتنوع “سُنّة” من سُنَن الله -سبحانه وتعالى- في الخلق والمخلوقات، بل هي آية من آياته (عز وجل)، ليس فقط في عالم الأكوان والطبيعيات، بل في الاجتماع الإنساني والعمران البشري، وفي شئون الأمم والحضارات.
ومن ثم فهي تعددية الشرعة الوسطى والمنهاج الوسط. فالوَسَطية الجامعة التي يُختص بها الإسلام وحضارته وأمته (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) (سورة البقرة: آية 143)، هي وَسَطية العدل والميزان والتوازن، النائية بنفسها عن طرفي الغُلُو: طرف الإفراط وطرف التفريط. ومن ثَمَّ فإن التعددية الموزونة بميزان هذه الرؤية الوَسَطية لابد أن تعني تميزًا لفرقاء يجمعهم جامع، وخصوصياتٍ متنوعةً في إطار ثوابتِ وَحْدة، الأمر الذي يجعل هذه التعددية تنمية ونماءً للخصوصيات، وحفظًا وحماية للهويات والذاتيات.
ولقد قرّر التاريخ الإسلامي واقعية هذا المعنى، وشهدت دول الحضارة الإسلامية ونظمها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية صورًا عديدة لتطبيقات التعددية الثقافية والعرقية والدينية والطبقية والمذهبية وغيرها.
ففي القوميات والجنسيات واللغات تعددية وتنوع هما آية من آيات الله، كما قال سبحانه: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ ) (سورة الروم: آية 22)، وقال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) (سورة الحجرات: آية13). وهذه التعددية يلم شعتها جامع الإنسان والإنسانية، وقانون التعارف الحضاري والتواصل الأممي.
وتعددية الشرائع والمناهج التي هي أساس تعدد الحضارات وتنوعها هي أيضًا سُنَّة إلهية تُحفَّز على التنافس في الخيرات والاستباق في الطيبات، وتؤطر التدافع بين الحضارات على دروب الارتقاء والإبداع. وقد أشار القرآن الكريم إلى وحدة الملة والدين عند الله تعالى وتعددية الشرائع، كما في قوله تعالى: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) (سورة الشورى: آية 13)، وقال (صلى الله عليه وسلم): “الأنبياء إخوة لعلّات، دينهم واحد وأمهاتهم شتى” حديث متفق عليه. وقال -تعالى- (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) (سورة المائدة آية 48).
وقد قدمت الحضارة الإسلامية نموذجًا فريدًا في حفظ التعدديات غير المتناقضة؛ حفظها من التعارض الذي يؤول للتصارع، بل أبرزت قدرة عالية على حلّ التناقضات حال وقوعها، بآليات ومقاصد لا تذهب إلى إلغاء الآخر أو نفيه، ولا إلى القطيعة عنه والانغلاق دونه بمخاصمته. ومن ثم يتكامل مع مفهوم “التعدد الحضاري” في الرؤية الإسلامية مفاهيم التعارف الحضاري والتدافع الحضاري والتوازن الحضاري والتداول الحضاري.
وبالنسبة لمفهوم “التعارف الحضاري”: فلقد أكد الإسلام -بكل جلاء- اختلاف الناس وتنوعهم، بل جعل ذلك سُنَّة إلهية قاضية، (وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ) (سورة هود: آية 118)، ونسب هذه الحال إلى الجعْل الإلهي والمشيئة العليا، وبيّن أن وراءها قصدًا ولها غاية؛ ألا وهي أن يتعارف الناس والأمم. إن اختلاف الناس وجعلهم شعوبًا وقبائل، وجماعاتٍ وأممًا، وطوائف وقوميات …إلخ، لم يكن ليتعالى بعضهم على بعض أو يتفاضلوا بناء على أعراق أو أوطان أو ألوان أو طبقة أو مال أو سلطان، بل ليتعارفوا ويتواصلوا، ويسهل التعايش فيما بينهم.
لقد فهم الفكر الإسلامي ذلك من روح دينه ونصوصه التي منها قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (سورة الحجرات: آية 13). وإن هذا التعارف يجعل كل فريق ينتفع بما عند الآخر، فلا تقف الحدود الإقليمية أو العرقية العنصرية أو اللغوية أو الطبقية سدودًا وقيودًا على التبادل والتعارف الحضاري. ويرتبط التعارف الحضاري بمبدأ الأصل البشري الواحد: (إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى) (الحجرات: 13)، وأن القرآن الكريم يوجه خطابًا يضم الناس مسلمهم وغير مسلمهم: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ).
وهذا التعارف يقتضي المعرفة المتبادلة، وينفي التفاضل بالعنصر أي “التفرقة العنصرية” المرتبطة بالجنس أو باللون، أو بالأرض أو بأي عامل من العوامل غير القيمة السامقة التي سماها القرآن: (التَّقْوَى)؛ وهي جماع الإيمان والعمل الصالح.
إن التعارف الحضاري يثبت أن جميع الناس في الشرف بالنسبة الطينية إلى آدم وحواء سواء، وإنما يتفاضلون بالنسبة الدينية وهي طاعة الله ومتابعة رسوله r. قد يتميز الناس (عن) بعضهم البعض لعامل ماديٍّ أو ثقافي ما، لكن ذلك لا يكون سببًا ضروريًا لتمايزهم (على) بعضهم البعض. إن الحضارة الإسلامية وأصولها -بهذا المفهوم- تنادي الناس تناديًا حضاريًا: يا أيها الموزعون في الأرض شعوبًا وأممًا وطوائف وجماعاتٍ، إنكم من أصل واحد، فلا يفخر أحد على أحد، ولا يبغِ أحد على أحد، اجتمعوا في نظام عالمي تحت راية واحدة: لا راية جنس، ولا راية لون، ولا راية لغة، ولا راية المصالح العاجلة، ولا راية القوة الباطرة، إنما تحت راية الحق الذي تقبله الفطرة وتسعد في ظله الروح: راية الله.
وهذا التعارف -في أصول الفقه الحضاري الإسلامي- يوجه نحو تكاليف حضارية من النوع الكلي؛ تكاليف التواصل في كل مجالاته الثقافية والسياسية والاقتصادية، والتلاقي والتعاون على البرَّ والتقوى لا على الإثم والعدوان، الأمر الذي تبرز فيه الأخلاقية الإسلامية في القِسط والبر بغير المسلمين، وفي جوّ من الأمن والأمان يتيح للدعوة الإسلامية أن تمضي، ويتيح للمخالف أن يقف منها موقفًا حرًّا، لا قهر فيه ولا إكراه، ويتيح للمسلم أن يتزوج من غير المسلمين، ويتيح للجميع أن يأكل بعضهم من طعام بعض، وأن يتحاوروا في كل الشئون، بل يتجادلوا ولكن بالتي هي أحسن، لا بغيرها: (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (سورة العنكبوت: آية 46).
إن سنة التعارف الحضاري هي التي تكفل للبشر أن يتعرف بعضهم على ما لدى الآخر من قيم وأفكار، من مشترك ومن خصوصيات، وأن تبقى العلاقة -ضمن المنظومة الإسلامية- قائمة على احترام الحرمات، وصون الكرامات، والقسط في كل المعاملات، بل وزيادة البر والإحسان؛ تحقيقًا لمقاصد عليا أقرتها الشريعة الإسلامية.
والتعارف الحضاري ينفي “الانغلاق الحضاري”، وينفي “التصادم” لغير ما سبب، وينفي “الصراع الحضاري” لغايات ضئيلة من قبيل الهيمنة على العالم، والسعي لرسم صورة هذا العالم على نمط هو من خصوصيات أمة أو حضارة معينة لكنه لا يضاد حقيقة التدافع الحضاري الذي نفضل تمييزه عن مفاهيم مثل الصراع والصدام الحضاري.
وبالنسبة لمفهوم التدافع الحضاري: فواضح أن التعدد والاختلاف والتنوع بوصفه سُنَّة إلهية ومبدءًا من مبادئ الرؤية الحضارية الإسلامية، قد يتحول من اختلاف تنوع إلى اختلاف تضادّ وتناقض، وحينئذٍ تتحرك الرؤية الإسلامية صوب حل التناقض بكل ما لديها من أدوات وآليات لا تَكِرُّ على أسسها بالإبطال. فلا سبيل إلى اعتماد النهج الصراعي الإهلاكي فيما يسمى بصراع الحضارات أو صراع القوى العالمية الذي يصور العالم في هيئة غابة يحكمها قانون القوة المجردة من أية قيمة أو مبدأ سامٍ. إنما السبيل هو ما أصَّل له القرآن الكريم واعتمده سُنَّة من سُنَن الله في الخلق، الحافظة والحافزة، وهو سنة التدافع الحضاري.
فبدلاً من مفهوم الصراع الطبيعي المبني على أن الفطرة هي حرب الكل ضد الكل، زكَّى الإسلام “سبيل التدافع” الذي لا يتغيَّا “محو الآخر” وإنما تعديل المواقع بين وجهات نظر متنافسة، أو بين حق ينبغي أن يُحقّ وباطل يجب أن يُبْطل، ذلك من المعايير الإسلامية الضابطة والحاكمة. فالتدافع حراك لا إهلاك، إنه الدفع بالتي هي أحسن: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (سورة فصلت: آية 34)، إنه كما تدل الآية دفْع يحوَّل المتدافعين من موقف العداوة إلى موقف الولي الحميم، دَفْعٌ من حال السيئة إلى حال الحَسَنِة والحسُنْى والإِحْسان، لا إلى حال الفناء والتوحد مع الذات، والإلحاق والهيمنة وما شابه.
هذا التدافع هو الذي حفظ الأرض من الفساد، وهو من فضل الله ليس على المسلمين وحدهم وإنما على العالمين، يقول تعالى: (وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) (سورة البقرة: آية 251).
وفي هذا الإطار نفهم مفاهيم الدَفْع والدِفَاع والتدافع بوصفها عمليات حضارية كبرى، وفي طيِّها وسيلة “القتال” حين لا يكون إلا القتال؛ لتعديل مواقف المشركين من الشرك إلى التوحيد، ومن الاعتداء إلى احترام الحرمات والارتداع عن إيذاء الناس. ومن هنا نجد أن القرآن يؤكد دفاع الله عن المؤمنين: (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ) (سورة الحج: آية 38)، ثم يأذن للمظلومين بمقاتلة الظالمين. ولأنه سبحانه قَدَّر لهذا الظلم أن يقع في مُلكه، فقد شرع في مواجهته الجهادَ والمجاهدة وقد يكون بالقتال وذلك بحسبه، وينبّه الناسَ إلى ما في هذا القَدَر والتقدير من سُنّة عظيمة ومِنّة كريمة: (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا…) (سورة الحج: آية 40)، إلى آخر الآيات من سورة الحج.
هذا التدافع على ما يبدو فيه من اشتباه بالتصارع، ولكنه شديد التمايز عنه. إنه يدفع بالتي هي أحسن، ويدافع عن حال الظلم، ويدفع الآخر لتغيير موقفه المستنكَر، إنه أمر بمعروف ونهي عن منكَر، إنه تفاعل في سُنة تحفظ الدنيا من الترهُّل والتكاسل، وتحفظ النفوس من القعود والتقاعس، إنه تنافس في تحصيل القوة بكل معانيها وتجلياتها، ليس للاستكبار والتعالي، إنما للحيلولة دون فساد الأرض، وتهديم صوامع الرهبان، وبيع المصلين، وصلوات الأحبار، ومساجد المسلمين لرب العالمين. إنه تدافع لصالح الذين يسكنون “الأرض”، ولصالح “العالمين”.
من هذا وَجَبَ التعارف بين المسلم والعالمين، التعارف بوصفه منطلقًا للتواصل والتواصي، هذا التعارف لا يتم بغير حوار وجدال، وسجال حضاري وتناظر ثقافي، يحقق المقاصد العليا، ويجعل الدعوة نظام حياة ونهج حضارة مستديمًا. ولهذا لهج القرآن بدعوة غير المسلمين لهذا الحوار الحضاري السجالي المستقيم على شرعة ومنهاج، والمنضبط بأخلاقيات جَدَلٍ راقية، والطارح لكل الأسئلة المعلّقة في المسافة البينية الواقعة بين حضارة الإسلام وسائر الحضارات، والهادف للوصول إلى كلمة سواء:
(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ)- (آل عمران: الآية64).
(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ) (المائدة: الآية 59).
(قُلْ أَتُحَآجُّونَنَا فِي اللّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ) (سورة البقرة: آية 139).
(قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)- (سورة البقرة: الآية 111).
هذا الحوار لا يقف عند حدود ما يسمى اليوم بحوار الأديان، والذي يصوره بعضهم تصويرات مغلوطة كتمازج الأديان وزمالتها وما إلى ذلك. إنه حوار بين القيم العليا التي تمثلها كل حضارة، حوار غير دخيل على طبيعة الحضارة الإسلامية التي جاء دينُها ينادي الأقوام من كل حدب وصوب، ويراسل الدول والشعوب، ويجعل من التعارف أرضية القيم العالمية، ومن الحوار أداته الكبرى.
إن الحوار بين أتباع الحضارات المختلفة -في المنظور الإسلامي- هو سُنة الأنبياء (عليهم السلام) الذين حاوروا الآخر المخالِف وأطالوا الجدال معه حتى قال قائلهم: (قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا) (سورة هود: الآية 32). ويأخذ هذا الحوار مساحة واسعة من القرآن، حتى ليصحّ وصفه بأنه كتاب حوار بالأساس، من مثل: حوار إبراهيم مع النمرود، حوارات موسى مع فرعون ثم مع مارقة قومه، حوار عيسى مع بني إسرائيل ثم مع الحواريين، حوارات نوح وهود وصالح وشعيب مع أقوامهم،… ذلك غير الحوار الأعظم الدائر بين الرب تعالى وبين الإنسان (المؤمن، وغير المؤمن).
كذلك تشبّعت سنة الرسول r بالصفة الحوارية، سواء ما يمكن أن ندعوه بالحوار الداخلي أو البيني، أو ذلك الحوار مع الآخر الخارجي (نواةً للحوار الحضاري العابر للتاريخ). فالحوار خصيصة لصيقة بالإسلام منذ انبعث نورُه في مكة المكرمة؛ حاور رسول الله r الخواصَّ والعوام، وشرع لهذا الحوار آدابًا وقيمًا ترقى على كل نظير، شرع الاستماع والإنصات إلى الغير، شرع الأدب الرفيع في استقبال أسئلة الآخر على محمل الجِدّ حتى ولو كان هذا الآخر هازئًا، وشرع منهاجَ الحجة والبرهان لا العسف والطغيان.
وعلى منوال الحوار القرآني والحوار النبوي، سارت الحضارة الإسلامية تفتح ميادين الاحتكاك والتواصل، وقنوات الحوار والجدال الحضاري، بلا مواربة ولا تضييق. ففي كنف هذه الحضارة عاشت أقوامٌ وشعوبٌ، ومِللٌ ونحل، وطوائفُ وطبقات،… عاشت وتعايشت، ودرست وتدارست، حتى شاع في قرون الإسلام حوارات المسلمين مع علماء المسيحية على وجه الخصوص، ومع كافة أصحاب الأفكار والآراء الفلسفية والعقدية المتصلين بالحضارة الإسلامية، حتى الملحدين منهم.
في مناخ من التسامح والانفتاح، والثقة بالنفس والتشجيع على التدارس المشترك والتساجل، وتبادل المعارف والأفكار، ظهر “علم الكلام” عند المسلمين مختصًّا بأهم مكونات الحضارة الإسلامية (العقيدة)، للأخذ والردّ مع المخالفين بأدلة عقلية ووفق منطق جامع، وبناءً على تمهيدات إنسانية مشتركة.
هذا الحوار الحضاري الذي أصّلت له الحضارة الإسلامية وضمّنته منظومة قيمِها العليا ومقاصدها الكلية هو الذي ينهض جانبٌ من الفكر الإسلامي اليوم لإبرازه وتقديمه بديلاً عن دعوات وصرخات شاذة ترفع شارات “الصدام بين الحضارات والصراع بين الثقافات، والحروب بين الأديان”، وما شاكَلَ.
إن الطرح الإسلامي المعاصر للحوار بين الحضارات يأتي بمثابة بديل ودعوة لإعادة تشكيل العلاقات الدولية بشكل مختلف تمامًا، وتعبيرًا عن الاعتقاد بإخفاق الأساس السياسي-القانوني الذي أقيم عليه عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، والذي افترض الرشادة والانضباط الطوعي في إرادات القوى السياسية الكبرى. يأتي اليوم للتعبير بوضوح عن الحاجة إلى نوعية جديدة من المعالجات لقضايا العلاقات الدولية التي أفرزتها نهاية الحرب الباردة، معالجات تتواءم مع الأسس القيمية للإسلام وحضارته؛ لتحقيق توافق عالمي في الآراء ولإقامة نظام عالمي جديد في الألفية القادمة، على أساس الإيمان والقيم المعنوية والأخلاقية المشتركة بين الحضارات المعاصرة.
فالحوار بين الحضارات –بهذا- ومن ناحية أولى ليس دعوة لمجاراة الواقع أو حتى لإدخال تعديلات طفيفة عليه، بل هو مطالبة بتغيير الأسس والجذور التي يصدر عنها هذا الواقع، وهو من ناحية ثانية ليس هدفًا نهائيًّا أو أمرًا مطلوبًا لذاته، إنما هو طريق وعملية جديدة مدعوّ إليها لغيرها: لإعادة بناء النظام العالمي.
في الفكر الحضاري الإسلامي لم يبدأ الأمر انفعاليًّا؛ فبالإضافة إلى تجذر الروح الحوارية في الإسلام وحضارته كما تقدّم، فإن الكثير من المفكرين المحدَثين والمعاصرين رأوا مبكرًا أن الأزمة التي يمر بها العالم لا مخرج منها إلا من خلال “حوار بين الحضارات”، أعلن ذلك منذ مطلع السبعينيات كل من المفكريْن: المصري عبد الوهاب المسيري، والفرنسي المسلم “روجيه جارودي”، في كتاب بهذا العنوان: “في سبيل الحوار بين الحضارات”.
إن صحوة الفكر الإسلامي وانبعاثة الأمة التي برزت مظاهرها في الربع الأخير من القرن الميلادي المنصرم، واجهت -في مقابل دعوة الحوار هذه- موجة من التهييج والتشويه، باسم التهديد الإسلامي والخطر الأخضر والخطر الإسلامي (راجع كتابات برنارد لويس نموذجًا)، تقابلها دراسات منصِفة حول أسطورية وخرافية هذا الخطر أو التهديد (راجع مثلاً: جون اسبوزيتو: التهديد الإسلامي: حقيقة أم أسطورة، فريد هاليداي: الإسلام والغرب: خرافة المواجهة، انجمار كارلسون: الإسلام وأوروبا تعايش أم مواجهة؟).
لكن الأمر أخذ شوطًا وشططًا بعيدًا منذ العام 1993م، حين طلّ الأمريكي صاموئيل هانتنجتون بمقالته المقرِّرة لـ”صدام الحضارات”، والمستنفرة لساسة الغرب لإعلان الحرب الحضارية على الحضارات الأخرى سيما حضارة الإسلام، وإلى حصار الإسلام وحضارته وعالمه ضمن “حدود دامية” تحول دون انسياح خطر الإسلام على الغرب: (صامويل هانتنجتون: صدام الحضارات: إعادة صنع النظام العالمي). وكان الرد الأنسب هو إبراز الوجه الحقيقي لحضارة الإسلام، المتمثل في القيمة التعارفية مقصدًا أعلى، والوسيلة الحوارية قيمةً وأداةً فاعلة.
إن الحوار بين الحضارات ينهض على مبادئ إنسانية لا تتبدل ولا تتحول، وهي التي من الضروري القبولُ بها أساسًا لمضيّ العملية الحوارية من قبيل: التنوع البشري، الكرامة الإنسانية، المساواة الأصيلة وعدم التمييز الخَلقي أو العنصري، تنوع مصادر المعرفة، التغاير الثقافي…إلخ. وكذلك مبادئ تعد مستلزماتٍ ترتبط تلقائيًا بالقبول بهذه المنطلقات من قبيل: الاحترام المتبادل لهذه الحقائق أو الحقوق، التسامح في شأن الخصوصيات، نبذ محاولات الهيمنة الأحادية، التمسك بمبادئ العدالة والإنصاف والسلام والتضامن، واعتماد الحوار والتفاهم المتبادل والتصدي للمذاهب الصدامية، والسعي لتعزيز القيم العالمية المشتركة وتحديد التحديات الإنسانية المشتركة، والتأكيد على مشاركة الشعوب والأمم في صنع القرار محليًا ودوليًا… كل ذلك بغية إيجاد أرضية مشتركة بين مختلف الحضارات وداخلها.
هذا الحوار في طرحه الجِدّي يشترط التزام “الدول” و”الأمم والحضارات” بالأهداف التي تعزز القيم الإنسانية قاسمًا مشتركًا بين الحضارات، والتركيز في الحوار على الموضوعات المعاصرة والحدّ من آثار “النـزعة التاريخية”؛ أي التي تبرز الماضي الصدامي أو الصراعي للحضارات. وكذلك يُشترط التكافؤ بين الإرادات. ويفترض بالتالي ضرورة تجاوز الأوزان النسبية الواقعة بين قدرات الكيانات العالمية أو الحضارية القائمة. وإلا فليتأخر الحوار كثيرًا إلى أن تعدل موازين القوى.
إن العالم برمُّته يمرّ بنوبة عاصفة من الأزمات المتراكبة ذات الأصول والامتدادات الحضارية-الثقافية، وإن هذا العالم الذي يضم في كنفه عدة حضارات كبرى متمايزة -على رأسها حضارتا الإسلام والمسيحية أو الإسلام والغرب– لفي حاجة ماسّة لمراجعة الأسس التي قام عليها في المرحلة الأخيرة، وإعادة تركيبها بإحلال ما هو قيميّ خُلقيّ معنويّ واقعي محل ما هو براجماتي سياسي محض، مع إضافة وسيلة جديدة لم يعرفها القانون الدولي بهذا الشكل، ولعلها تكون الأجدى، وهى وسيلة “الحوار“، ليس بين الدول فقط على ما عُهد في المواثيق الدولية من آليات التفاوض والوساطة والمساعي الحميدة .. الخ، إنما “الحوار بين الحضارات”: بين الشعوب والمجتمعات والمنظمات وبين السَّراة من صفوات الأمم.
هذا هو السبيل نحو التقارب بين الشعوب ومن ثم بين الدول، وإزالة أسباب سوء التفاهم القائمة على الفهم الأحادي من بعيد، ودعم التقدم في حوار جِدِّيّ من منطلق المشترك الحضاري والإنساني.
والإنســان في الرؤية الحضارية الإســلامية:
يُعَدّ التصور الذي تقدمه كل حضارة للإنسان: (ما هو؟ وكيف ينبغي أن يكون؟) من العلامات الفارقة والكاشفة عن طبيعة هذه الحضارة. إن جوهر كل حضارة يمكن أن يتكشف من الوقوف على حقيقة نظرتها للإنسان.
فبينما ترى بعض الحضارات المعاصرة الإنسانَ متراوحًا بين المقام الإلهي، وبين مقام حيواني بهيمي، فتتيح له – في شقها الأول- كل ما يتمنى، وتفتح أمامه مجالات التشهي بلا حدود حتى تيسِّر له قتلَ نفسه بغير لوم ولا تأثيم، وتستحل له أن ينكس فطرته ويطمس جبلته الطيبة، فإنها – في شقها الآخر- تتلاعب به ولا تنمّي فيه إلا النوازع المادية والأغراض الغريزية، بل تعلي عنده غايات الكسب المادي والتنافس الاستهلاكي بغضّ الطرف عن أي معان قيمية تتحقق فيها إنسانيته العليا التي فطره الله – تعالى- عليها.
وبينما تقدم حضاراتٌ “الإنسانَ” على أنه مادة بلا قيمة، وجسد بلا روح، وتصوره حضاراتٌ أخرى تصويرًا هلاميًّا ككائن متناسخ أو متناوبِ الحياة والموت، في أشكال لا معنى لها، وبينما تساويه حضارات ونظريات مع عالم الأشياء، بل ربما قدّمت عالم الأشياء والحيوان والنبات على عالم الإنسان وعدَّت كلَّ استثمار من الإنسان لها رجسًا وإثمًا.
بينما كل ذلك كائن اليوم وبعضه يسعى لإلحاق الآخرين بركبه، فإن الحضارة التي ابتناها الإسلام تقدم للإنسان تصورًا فريدًا، يتماشى مع الفطرة ولا يلوي عنقها، ويتكامل مع قوانين الطبيعة واستعدادات سائر المخلوقات ولا يخرج بها عن طورها. فالمنظور الحضاري الإسلامي يرى الإنسانَ كائنًا فريدًا في الكون، يتساوى مع المخلوقات في صفة المخلوقية لله تعالى ولوازمها ومقتضياتها، لكنه يتميز عنها في سائر الصفات.
فالإنسان – في المنظور الحضاري الإسلامي- جعله الله تعالى في الأرض خليفة، واستعمره فيها، وحمّله “الأمانة” التي أبت السماوات والأرض والجبال أن يحملنها وأشفقن منها، وكرّمه منذ بدء خلقه، فخلقه بيده، وعلّمه من كل شيء، وأسجد له ملائكته، ثم أنزله إلى الأرض متصلاً به، وسخّر له ما في السماوات (من شموس وأقمار ونجوم وسحب ورياح…)، وما في الأرض جميعًا من الله تعالى، وحَمَلَه في البر والبحر، ورزقه من الطيبات، وفضّله على كثير من مخلوقاته تفضيلاً.
الإنسان – في المنظور الحضاري الإسلامي- روح وجسد، وإنْ تقدمت الروح على الجسد وكانت قوّامة عليه، كحال راكب الدابة مع دابته، فإن الروح لا تضطهد الجسد ولا تدعي – في هذا المنظور- أنه دنِس نجَس على كل حال، أو أنه مصدر الخطيئة التي وقع أو يقع فيها الإنسان. الإسلام – بوسطيته واعتداله وعدله- يعترف للجسد والجانب المادي من النفس الإنسانية بحقوقه وحرياته، وكذا الأمر بالنسبة للعقل والنفس والجانب الروحي، لكنه في كلا الحالين لا يترك الإنسان سُدى، ولا يعترف بالإباحية المطلقة، بل يكتنف الروحَ والجسدَ في حدود الله تعالى الواسعة، ويحفظهما من نواقصهما بمقاصد عليا وشرائع طاهرة مطهِّرة.
الإنسان – في المنظور الحضاري الإسلامي- مبرّء براءة أصلية، لا يحمل خطيئة غيره ولو كان هذا الغير أخاه أو أباه، بريء حتى تثبت عليه إدانة، بل المجال مفتوح أمامه لكي يُصلح ما أفسد، ويرجع عما سدر فيه وغوى، فلا يؤاخَذ على عجل، وليس مرصودًا حتى إذا زل عوجل بالعقاب.
والإنسانُ – في هذا المنظور- محفوف بالرعاية، لا ينهض في هذا الكون المترامي الأطراف وحده، وليس عدوًا للطبيعة ولا منافسًا لها، وليست الأقدار الإلهية بالتي تسعى لإعاقته أو مشاكسته على النحو الذي تصوره أساطير بعض الحضارات الأخرى. فالمنظور الإسلامي يرى الإنسان مخلوقًا مبتلىً، مُنح من النعم والملَكَات ما يجعله كفئًا لعبور الامتحان الدنيوي إلى الفوز الأخروي. وليست البلايا والمصائب التي تعتور الإنسان سوى فصلٍ من فصول هذا الاختبار لتمحيصه وتمييز خبيثه من طيبه.
ولا يقتصر الابتلاء الحضاري على مادة المصائب، فهناك القوانين المأمور ألا يتجاوزها، وهي حدود لا قيود. وهناك الواجبات والالتزامات التي لا يصح إهمالها. هذا الابتلاء الذي يمنح الحياة الإنسانية طعمًا، ويحرك قوى الإنسان المفكّرة والإرادية والمبدعة ويستفز فيه طاقاته وملكاته ليدفع الأقدار بالأقدار، فالابتلاء قرين الدفع والتدافع.
هذا التصور الحضاري لا يقتصر على الإنسان الفرد، بل يمتد ليصور الإنسان في تجلياته الجماعية على مستويات: الأسرة والجماعة، والدولة والأمة، والبشرية جمعاء. ومن هنا يتحرك المنظور الحضاري في المجال السياسي الداخلي والدولي ليفرز قيمًا تتواءم مع الإنسان الخليفة المستخلَف، المكرّم الممتحن (المشرَّف المكلَّف)، فيكون قوام الحكم والسياسة قول الله تعالى لنبيه الملك داوود (عليه السلام): (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ) [ص: 26].
فالعمل السياسي الدولي بغير مقتضى الخلافة والاستخلاف، وكذلك الاستبداد واتباع الهوى السياسي، والحكم بغير الحق بين الناس، وعدم تحقيق قيم العدل والمساواة والتكريم لعامة الناس، والافتئات على حريات الناس لاستعبادهم وانتهاب حقوقهم… كلها ممارسات سياسية تعارض جوهر “الإنسانية السياسية” كما يتصورها المنظور الحضاري الإسلامي.
وعلى أساس هذا التصور، تتشكل صورة “العلاقات الدولية” من منظور حضاري إنساني، تفرزه عقيدة الإسلام وشرعته، فالعالم هو أولاً عالم الإنسان، لا الطبيعة ولا الموارد ولا الجغرافيا، ولا المصالح المادية البحتة. والعالم هو عالم القيم والإنسانية والمصالح الإنسانية معًا، وعالم العلاقات والتفاعلات والسلوكيات الدولية اللائقة بإنسان المعمورة ومعمورة الإنسان. ومن ثم فليس العالم بغابة، وليست الكيانات الدولية – في أصل الرؤية – بحيوانات مفترسة، يأكل قويها ضعيفها، وتسيطر عليها المخاوف المتبادلة.
العلاقة الدولية – هذا المنظور: هي فرع عن تصوره للإنسان: علاقة تعاون على البر والتقوى، والخير والهدى، لا على إثم ولا عدوان. علاقة تدافع بالتي هي أحسن (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ) [المؤمنون: 96]، لا علاقة صراع وتقاتل، علاقة غايتها أن تصل البشرية إلى كلمة سواء تحت راية واحدة، هي راية الله الخالق المعبود بحق، وأن تكون قيم العدالة والحق والتحرر من القيود المصطنعة والاستقامة والالتزام هي القانون الدولي الإنساني الأعلى.
المصادر
1- د. محمد عمارة، التعددية: الرؤية الإسلامية والتحديات الغربية (القاهرة: دار نهضة مصر، 199): سلسلة في التنوير الإسلامي (8).
2- د.سيف الدين عبد الفتاح، مدخل القيم: إطار مرجعي لدراسة العلاقات الدولية في الإسلام، (في): د.نادية محمود مصطفى (إشراف): العلاقات الدولية في الإسلام، الجزء الثاني، (القاهرة: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط1، 1419هـ/ 1999).
3- د. زكي الميلاد، من حوار الحضارات إلى تعارف الحضارات، مجلة الكلمة (تصدر عن منتدى الكلمة للدراسات والأبحاث)، العدد (36)، السنة التاسعة، صيف 2002م / 1423هـ ).
4- د.محمد رأفت عثمان، الحقوق والواجبات والعلاقات الدولية في الإسلام، (بيروت، دار اقرأ،1982).
5- د. أحمد شلبي، العلاقات الدولية في الفكر الإسلامي، العلاقات بين المسلمين وغير المسلمين في مجالات السلم والحرب: موسوعة الحضارة الإسلامية، (القاهرة: مكتبة النهضة، 1994).
6- سيد قطب، في ظلال القرآن، تفسير سورة الحجرات، ط الشروق.
7- المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة – إيسيسكو، الكتاب الأبيض حول الحوار بين الحضارات [بمناسبة إعلان سنة2001 “سنة الأمم المتحدة للحوار بين الحضارات”]، (منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة)، 1422 هـ / 2002م.
8- روجيه جارودي، من أجل حوار بين الحضارات، ترجمة: ذوقان قرقوط، (بيروت: دار النفائس، 1990).
9- صامويل هانتنجتون، صدام الحضارات: إعادة صنع النظام العالمي، ترجمة: طلعت الشايب، (القاهرة: دار سطور، 1998).
10- عبد الحميد أبو سليمان، الإنسان بين شريعتين- رؤية قرآنية في معرفة الذات ومعرفة الآخر, القاهرة: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، 2003.
للاستزادة:
11- غوستاف لوبون، حضارة العرب، ترجمة وتحقيق: عادل زعيتر،القاهرة: دار إحياء الكتب العربية (مطبعة الحلبي)، 1969.
12- سيجريد هونكه، فضل العرب على أوروبا، ترجمه وحققه وعلق عليه: الدكتور فؤاد حسنين علي، القاهرة: دار العالم العربي للنشر، 2008.
(*) سبق نشر أصل هذه المقالة حول مفهوم “الإنسان” في المنظور الحضاري الإسلامي في: مجموعة باحثين، تحت إشراف د.سيف الدين عبد الفتاح ود.نادية مصطفى، الإنسان والحضارة، في: موسوعة الحضارة الإسلامية، إشراف عام وتقديم: محمود حمدي زقزوق، القاهرة: وزارة الأوقاف- المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، 1426هـ- 2005م.