مقدمة:
شهدت العقود الأخيرة من هذا القرن اهتمامًا متزايدًا بعلوم الحضارة العربية الإسلامية، سواء من جانب الدارسين العرب والمسلمين، أو من جانب المستشرقين والفلاسفة ومؤرخي العلم الغربيين على حد سواء . لكن البعض يتساءل أحيانًا عن جدوى البحث في كتب قديمة تعود بنا إلى الوراء ألف عام أو يزيد .. ولماذا تبذل كل هذه الجهود المضنية في عملية رصد المخطوطات وجمعها وفهرستها وترميمها وحفظها، ثم في تحقيق نصوصها ومعالجة نماذجها نسخًا وقراءة وحلاًّ لمشكلاتها واستجلاء لغوامضها ، ثم تناولها بالدراسة والتحليل بحثًا عما يمكن أن تتضمنه من معلومات قد تفيد أو لا تفيد؟
وأنصار هذا الاتجاه في التعامل مع التراث العلمي – رغم قلتهم – ينكرون الماضي تمامًا ويزدرون أي محاولة لإحياء تراثه، ويوجد في ساحة الفكر العربي من يتبني هذا الموقف الرافض لأي ربط بين التاريخ والحاضر بحجة أنه لا يصمد أمام أي تحليل عقلي دقيق حتى وإن كان يفيد في استنهاض الهمم ورفع المعنويات، فليس في التاريخ البشري – فيما يزعمون – أمجاد معنوية تتحول إلى جزء من ((الجينات)) المكونة لشعب من الشعوب وتظل كامنة في أفراده على شكل استعداد للنهوض ينتظر اللحظة المناسبة لكي يصبح واقعًا متحققًا[1]. بل إن هناك ، بكل أسف، من أبناء جلدتنا – نحن معشر العرب والمسلمين – من يعلن صراحة إن إحياء التراث إنما يكون بقتله[2]!! .
وإذا كان لأنصار ((القطيعة المعرفية)) حججهم ومبرراتهم، فإن قضية الدفاع عن التراث العلمي وأهميته من القضايا التى تثار بين الحين والحين في مؤتمرات وندوات عالمية، وكان – ولا يزال – الحديث عنها مرتبطًا بمبحث تاريخ وفلسفة العلم. فقد تساءل ((روبرت هول)) في خطابه أمام الجمعية البريطانية لتاريخ العلوم سنة 1969م عما إذا كان من الممكن أن يصبح تاريخ العلم تاريخًا ؟ Can the history of science be history?
وفي عام 1991م عقدت في فلورنسا ندوة لمناقشة المكانة التى يمكن أن يحتلها تاريخ العلم والتقنية في المجتمع الأوروبي المعاصر.
وفي سبتمبر من عام 1997م ألقى ((جون هيدلي بروك)) كلمة في الاحتفال بالعيد الخمسيني (الذهبي) للجمعية البريطانية لتاريخ العلوم الذي أقيم بمشاركة الاتحاد البريطاني لتقدم العلوم، وجعل عنوان كلمته السؤال التالي : هل هناك مستقبل لتاريخ العلم؟ Does the history of science have a future? ، خاصة وأننا نسمع أحيانًا شائعات تردد أن نهاية العلم قد اقتربت ، ولم يبق شيء نحتاج إليه بعدما نتمكن من استنساخ الإنسان ونتوصل إلى تفسير لحظة الخلق .. ألا تعني نهاية العلم نهاية لتاريخه؟! …
يقول ((بروك)) معلقا: من الواضح لأول وهلة أن هذا غير ممكن ، مع ذلك فإن المؤرخين مشغولون بهذه القضية التى يزداد الحديث عنها مع نهاية كل من القرون الأربعة الأخيرة))[3].
ونحن من جانبنا نقول: إذا افترضنا جدلاً أنه بالإمكان قطع الصلة بالتراث، فهل ستفعل ذلك معاهد ومؤسسات الاستشراق المعنية بتراثنا .. إننا نطرح في هذه الورقة بعض جوانب القضية المثارة قوميًّا عالميًّا ..
مظاهر وأسباب الاهتمام الدولي بالتراث العلمي:
يقول مؤرخ العلم المعاصر ((جان دومبريه))[4]: ((إن التراث العلمي لا يزال مجال عمل ضخم لم يتم)) . ويدعم صحة هذه المقولة ما تشهده حركة إحياء التراث العلمي منذ عدة عقود من نشاط منظم على مستوى العالم يهدف إلى إعادة نشر الأعمال الكاملة لكبار العلماء على اعتبار أنه مسئولية دولية تستوجب الرعاية والتعاون من جميع الدول، بما في ذلك الدول الغنية من العالم الثالث. فقد حدث أن لجأت الهيئات المسئولة عن نشر الأعمال الكاملة للعالم الشهير ((برنوللي)) إلى تدعيم جهودها عن طريق الاكتتاب العام، ويجرى حاليًا إعداد طبعة جديدة لهذه الأعمال من خلال التعاون بين أكثر من سبع دول، وسوف تصدر أجزاء هذه الطبعة تباعًا في نحو خمسة وأربعين مجلدًا .
كذلك أمكن إصدار مجموعة الأعمال الكاملة لعالم الرياضيات المعروف ((أويلر)) عن طريق الاستعانة بإمكانيات ست دول، بالرغم من أن قاعدة العمل كانت تقع جغرافيًّا في سويسرا.
وقد شرعت الولايات المتحدة الأمريكية حديثًا في تبني هذا المبدأ لإصدار أعمال العديد من العلماء أمثال: ((جاليليو)) في إيطاليا، و((نيوتن)) في إنجلترا، و((جاوس)) في ألمانيا، و((ديكارت)) و((لابلاس)) و ((لاجرانج)) في فرنسا وغيرهم. ولا ينبغي أن يدهش المرء لطول الوقت الذي يستغرقه إنجاز مثل هذه المشروعات ، ناهيك عن ضخامة التكلفة، فقد استغرق إصدار أعمال عالم الرياضيات الشهير ((كوشي)) أكثر من خمسين سنة.
ويواكب هذا الاهتمام العالمي بعملية إحياء التراث العلمي نشاط مكثف لمعالجة قضايا تاريخ العلم تتجلى مظاهره في إنشاء الأقسام والمؤسسات الأكاديمية المتخصصة في الكثير من جامعات العالم، وإصدار أكثر من مائة مجلة دورية متخصصة في تاريخ العلم ككل، أو في موضوع محدد من موضوعاته ، أو في مرحلة زمنية معينة من مراحل تطوره عبر العصور . يضاف إلى ذلك ما يعقد من مؤتمرات دولية في تاريخ العلم بصورة دورية تقريبًا كل ثلاث أو أربع سنوات منذ عام 1929م، وقد بلغت حتى الآن عشرين مؤتمرًا، عقد أحدها في القدس عام 1953م وآخر في لييج ببلجيكا سنة 1997م وكان آخرها بالمكسيك العاصمة في 8-14 يوليو 2001م، وعنوانه: Science & Cultural Diversity (العلم والتنوع الثقافي)[5].
ولا نجد في تعليقنا على هذا العرض الموجز لخريطة الاهتمام العالمي بقضايا التراث العلمي أفضل من كلمات ((جان دومبريه)) التى تقرر وجود فجوات واسعة في الأعمال التى تضمنتها هذه النشاطات ، إذ ((ليس للعلماء غير الغربيين أي وجود بها ، كما أنهم لم يحظوا حتى بالإعلام بأي أسلوب شامل، وفضلاً عن ذلك فإن علماء الرياضيات والفلك يظهرون بصورة أبرز من التى يظهر بها الجيولوجيون وعلماء التاريخ الطبيعي عمومًا. وهذا يؤدي إلى الانحياز بصورة منفرة ، فنحن اليوم لا نزال نعرف شارحي إقليدس ، بدءًا من ثابت بن قرة إلى أديلارد الباثي، ومن جيرار الكريموني إلى عمر الخيام الذي لا يمكن إنكار أنه كان أيضًا مبدعًا وشاعرًا وعالمًا في الرياضيات))[6].
ونضيف من جانبنا أن هذا التحيز الواضح في الاهتمام العالمي بتراث العلماء الغربيين دون غيرهم يجب أن يقابله جهد مكثف من جانب أصحاب الحضارات المختلفة التى أسهمت في صنع التقدم العلمي والتقني عبر الأجيال، وخاصة أبناء الحضارات العربية الإسلامية التى ظل علماؤها الرواد لأكثر من ثمانية قرون طوال يشعون على العالم علمًا وفنًا وأدبًا وحضارة، ولا نعرف اليوم شيئًا عن أغلب مؤلفاتهم ومخطوطاتهم المفقودة ، أو التى لا تزال بكرًا في مظانها المختلفة بأنحاء متفرقة من العالم، تنتظر من يتولى البحث عنها وإحيائها لتحظى من جموع الباحثين بدراسات تحليلية معاصرة. وليس هناك من شك في أن مثل هذه الدراسات التراثية للعلم الإنساني من شأنها أن توضح أهمية التحليل المنطقي لتاريخ العلوم وتقنياتها. فلا يمكن لأي باحث منصف مدقق إلا أن يضع النشاط العلمي والتقني في سياقه التاريخي العام، على اعتبار أن هذا النشاط عملية ممتدة ومتصلة خلال الزمان، ولن يوجد فهم واقعي للعلم بدون نقد متواصل له، فليس ثمة معرفة إنسانية لاتفقد طابعها العلمي متى نسى الناس الظروف التىنشأت في أحضانها، وأغفلوا المسائل التى تولت الجواب عليها وحادوا عن الهدف الذي وجدت أصلا من أجله[7]. ومن هنا يستحيل الفصل بين التراث العلمي ومراحله التاريخية ، نظرًا لأهمية تاريخ العلم في صياغة فلسفة العلم ونظريته العامة ، وإذا ما ران على العلم جهل بتاريخه ، فإنه لا محالة مخفق في مهمته.
وإذا كانت الخبرة الإنسانية تدعونا دائمًا إلى الاعتبار بدروس التاريخ، فإن تاريخ العلوم لا يد لنا فقط على المراحل الزمنية للتغيرات التى شهدها، ولكننا نتعلم منه أيضًا أن المشكلات والقضايا العلمية التى تواجهنا الآن ليست جديدة تمامًا، فالأساليب التى عولجت بها هذه القضايا في ظروف مغايرة عبر العصور لن تخلو أبدًا مما يمكن أن نفيد منه اليوم أو غدًا . ولذا فإن أية نظرية تطرح لنقد العلم قديمًا وحديثًا تكتسب أهميتها من المبررات المنطقية التى تقدمها كمسوغ لإعادة قراءة تاريخ العلوم في ضوء المرحلة التى يبلغها من تطوره على أساس ما يستجد دائمًا من أفكار تتعلق بالجوانب المختلفة لنظرية العلم والتقنية ، بحيث تجعل من هذه القراءة المعاصرة أساسًا لتحليل الواقع واستشرافًا لآفاق المستقبل .
ومن هنا نعثر على السبب الحقيقي وراء الاهتمام العالمي المتزايد بإعادة تحليل تاريخ العلم والتقنية برؤية موضوعية قدر الإمكان من خلال المؤسسات الأكاديمية والمجلات الدورية والترجمة والتأليف وإحياء تراث الأعلام في فروع العلم المختلفة .
ومن هنا أيضًا تظهر بجلاء أهمية إحياء التراث العلمي للحضارة العربية الإسلامية ، والعودة – من خلال الدراسات التأصيلية – بالعلوم التخصصية المعاصرة إلى جذورها في المجتمع الذي كان شاهدًا على ميلادها، والتعرف على طبيعة الظروف التى سمحت للمفاهيم والأفكار الوليدة أن تنمو وتزدهر، وتصبح بعد ذلك فروعًا في شجرة المعرفة، وروافد لا غني عنها لتغذية الحضارة الإنسانية؛ ذلك لأن الحقائق العلمية ليست كلها على درجة متكافئة من الأهمية والدلالة عندما يتناولها المؤرخ بالتحليل والتفسير في أي عصر من العصور، كما أن قيمة العلماء ومكانتهم تتحدد بقيمة القوانين والنتائج العلمية التى يتوصلون إليها وبمدى أثرها في دفع مسيرة التقـدم العلمــي الحضاري[8].
حتى عندما نتناول القضية من منظور قومي فيما يتعلق بالتراث العلمي العربي، فإننا نجد ما يناظرها بشكل خاص في أوربا حيث يحظى تاريخ العلم الأوروبي اليوم باهتمام متعاظم من أجل تأصيل الثقافة العلمية الأوروبية . وطبقًا لما جاء في تقرير عن ندوة ((تاريخ العلوم والثقافة العلمية في أوربا)) التى عقدت في فلورنسا عام 1991م للبحث عن جهود إحياء التراث العلمي في أوربا المعاصرة والمكانة التي يمكن أن يحتلها تاريخ العلم والتقنية في المجتمع الأوروبي المعاصر[9]، جاء في هذا التقرير أن العلم والتقنية ينظر إليهما كمكونات أساسية للعزة القومية؛ ولذلك فإن تاريخهما يميل إلى اتخاذ شكل ((الدفاع والمباهاة)) فيما يتعلق بالمجتمع العلمي للبلد المعنى، ومن سماته المثيرة في معظم البلدان الأوربية ميله إلى النمو في إطار قومي بالضرورة، على الرغم من العديد من اللقاءات والصلات الدولية القائمة بين الباحثين. ويتجلى الانحياز المقصود، أو غير المقصود، بوضوح عند مؤرخي بلد ما عند اختيارهم لموضوعات البحث، ومنها الحقب التاريخية أو الانجازات التى تبين تفوق دولة ما على الأخرى. مثال ذلك : الثورة الصناعية (الصلب والبخار والمنسوجات) في انجلترا خلال القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، وصناعة الحديد والصلب في السويد في القرن الثامن عشر، والميكانيكا والهيدروليكا في إيطاليا في عصر النهضة، وتقنيات التسليح والملاحة في أسبانيا خلال عصر الاكتشافات ، وهلم جرا. والنتيجة الواضحة لهذه الظاهرة هي صورة مشوهة لتطور العلم والتقنية في أوروبا . وهي تشبه منظرًا طبيعيًّا لا تظهر فيه سوى قمم الجبال .
كذلك أشار هذا التقرير الهام إلى وجود قدر كبير من الغموض يحيط بموضوع ((الأسلوب القومي في تاريخ العلم))، وتعدد الرؤي حول مشاهير العلماء في ضوء التعددية الثقافية الأوروبية، واعتبرت الندوة هذا الموضوع جديرًا بالبحث المنهاجي .
وفي محاولة لإيضاح الأهمية البالغة لتاريخ العلم والتقنية في أوروبا المعاصرة وانتشار الفهم العميق للماضي العلمي والتقني يركز التقرير على النقاط التالية:
1- إن أول نقطة جديرة بالملاحظة حول تاريخ العلم والتقنية في أوربا هي أن هذا التاريخ حيّ. وأنه تحت رعاية مجموعة كبيرة من الباحثين في مختلف الدول الأوربية، لكن مستوى العمل المؤسساتي يكاد يكون غائبًا؛ حيث يتناثر الباحثون في جهات أكاديمية متعددة: كليات العلوم وكليات التاريخ وأقسام الفلسفة وما إليها.. واقترح البعض مناقشة تأسيس اتحاد أوروبي وإصدار دورية أوربية لتاريخ العلم والتقنية ، بالإضافة إلى إجراء مشروعات مشتركة على أساس تعاوني، مثل طبع الأعمال الكاملة لكبار العلماء .
2- إذا كان العلم يوصف هذه الأيام بأنه ((معرفة بدون ذاكرة)) ، وأنه يشق طريقه إلى الأمام دون التفاتة واحدة إلى الخلف . وذلك بسبب انغلاق الباحثين أنفسهم في حاضر شبه دائم، واعتمادهم على مراجع لا يزيد عمرها عن بضع سنوات .. فإن ((فقدان الذاكرة المقنن)) هذا قد أسهم في وقت من الأوقات في زيادة فاعلية المشروع العلمي ، إلا إنه أصبح الآن مضادًا للإنتاجية، والباحثون المحرومون من الثقافة التاريخية والمنعزلون عن الأسس التى تقوم عليها علومهم ، يكونون أكثر عرضة لأن يضلوا طريقهم ويضاعفوا أخطاءهم . وكما اتضح جليًّا من رواية ((ذاكرة الماء)) التى أشرنا إليها، فإن أولئك الباحثين قد يظلون دائرين في حلقات مفرغة، أي في مسارات سبق اكتشافها من قبل ، واتضح أنها تفضي إلى نهايات مسدودة.. وبعض الاكتشافات التى تقدم اليوم على أنها إنجازات ثورية وإبداعية غير مسبوقة ، قد لا تكون في الحقيقة سوى إعادة تشكيل لبعض الأفكار القديمة التى أهملت وغمرها النسيان لسنين عديدة .
3- توقع المشاركون في هذه الندوة المعنية بالتأصيل الأوروبي للعلم، والتى اقتصرت المناقشات فيها على معالجة الموضوع في سياق أوروبي محض، توقعوا لمبحث تاريخ العلم والتقنية أن يؤدي دورًا كبيرًا في المستقبل ، وأن يحتل مكانًا بارزًا في مجال التعليم، مع دور جوهرى في ميادين التدريب الأوّلى، وأثناء فترة الخدمة. ويعني هذا بوضوح تدريب الباحثين في المقام الأول، وهو ينطبق أيضًا على المهندسين وطلاب العلوم الإنسانية والآداب، مما يتيح لهم مقدمة ميسرة لفهم حركة العلم والتقنية، واستيعاب ما فيها من طرق ومشكلات .
كذلك توجد طوائف أخرى كثيرة من العاملين الذين يهمهم هذا الأمر، مثل صانعي القرار السياسيين ومستشاريهم، والمتخصصين في دراسة السياسات العلمية، ورجال الاقتصاد ومحللي الابتكارات الذين يسعون إلى الحصول على معلومات وأدوات تمكنهم من مواجهة المشكلات المعاصرة ، بل إن أعضاء هذه الندوة يرون أهمية قصوى لتاريخ العلوم وتقنياتها بالنسبة لجميع فئات المجتمع في الريف والحضر، باعتباره يمثل الحد الأدنى من المعرفة بعلم التاريخ وفلسفته العامة، بجوانبه الاجتماعية والسياسية والعلمية، من أجل ممارسة صحيحة لحق التصويت!! .
والآن، تُرى هل يمكن أن نجد شيئًا يخصنا فيما ذكرناه عن مظاهر وأسباب الاهتمام الدولى الأوروبي بقضايا التراث العلمي ؟! ذلك الاهتمام الذي أخذ في الازدياد بصورة تلفت النظر خلال النصف الثاني من القرن العشرين خاصة بعد أن أظهرت الدراسات المتعلقة بتاريخ العلم وفلسفته أن الباحث الجيد هو الذي يكون على دراية تامة بأحدث ما توصل إليه زملاؤه في مجال تخصصه ، وأن يكون في الوقت نفسه ملمًّا إلمامًا كافيًا بأصول المفاهيم العلمية المتصلة بموضوع بحثه، وذلك من خلال متابعته الدقيقة لطبيعة نموها عبر مراحل تطورها، وهذا يعني أن الجمع بين الأصالة والمعاصرة في العلوم الطبيعية يعتبر من أهم سمات الباحث المتميز الذي يكون بلاشك أقدر من غيره على ممارسة البحث العلمي برؤية أعم ومنهج أصوب وذوق أرقى.
أهمية التراث العلمي العربي معرفيًّا وتقنيًّا وحضاريًّا
التراث العلمي العربي يشمل جزءًا كبيرًا من التاريخ العلمي والحضاري يخص الحضارة الإسلامية ودورها الرائد في مسيرة الحضارة الإنسانية ، بشهادة المنصفين من المؤرخين ، لكن بعض المنظرين يغفلون هذا الدور الإسلامي الرائد في الوقت الذي يحاولون فيه أن يؤرخوا لنظرية العلم بإيجاد أساس لها عند أفلاطون وأرسطو في الحضارة الإغريقية، أو عند بيكون وديكارت ومل وغيرهم من رواد النهضة العلمية الحديثة. بل إننا نجد من يثني كثيرًا على ما يسمى ((بالعلم العبري)) و((العلم المسيحي)) ، كما تساق التبريرات الواهية لاعتبار إسرائيل ضمن الحضارات الكبرى القديمة في الشرق . وللإشادة بالعصر الذهبي ((للعبقرية السامية)) في حضارة بابل وآشور[10]. ولم يستطع أكثر المؤرخين المعاصرين إنصافًا للحضارة العربية الإسلامية أن يخفى نزعته العرقية عندما تحدث عما أسماه ((بالمعجزة اليونانية)) وتفوقها على الحضارات المجاورة لها ، قائلاً: … وحديثنا عن الماضي محدود من عدة وجوه: وأحد هذه الوجوه الضرورية أنه يجب علينا أن نقصر أنفسنا علي أسلافنا فحسب … والواقع أن ثقافتنا النابعة من الأصل الإغريقي والعبري هي الثقافة التى تعنينا كثيرًا ، إن لم تكن هي كل ما يعنينا .. والزعم بأنها بالضرورة أرقى الثقافات فيه خطأ وشرّ .. لأنني إن كنت أرقى من جيراني فليس لي أن أقول ذلك، لكن لهم فقط أن يقولوه، وإذا زعمت لنفسي شيئًا من العلوّ لا يستطيعون – أو لا يقبلون – أن يصادقوا عليه ، فإن ذلك لا يثمر سوى العداوة بيننا ))[11].
وفي كتاب ((العلم في التاريخ)) لم يستطع المؤلف ((جون ديزموند برنال)) أن يخفى تحيزه الواضح إلى جانب الإغريق والفرس والرومان ، في الوقت الذي يكيل فيه اتهامات متنوعة للإسلام والمسلمين دون أن يشرحها أو يدلل عليها. فالإسلام -فيما يزعم برنال- أقام ثقافة متلاحمة ظلت باقية إلى يومنا هذا بالرغم من أنها ليست ثقافة تقدمية، واللغة العربية -فيما يزعم برنال أيضًا- هي التى حجبت الدور الكبير للعنصر الفارسي في العلوم الإسلامية الشرقية، والمسلمون يتحملون مسئولية كبيرة عن إقامة حواجز بين العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية إلى يومنا هذا، بدعوى أنهم لم يترجموا إنسانيات الإغريق مثلما ترجموا معارفهم العلمية والفلسفية ، فانتقلت الإنسانيات والعلوم إلى الثقافة الحديثة عن طريقين مختلفين، وينكر ((برنال)) مآثر علماء المسلمين ويقصرها فقط على مجرد حفظهم لمواريث القدماء، قائلاً : ((رضى معظم علماء المسلمين بالنمط الكلاسيكي الأخير للعلوم، ووثقوا هذا النمط، ولم يكن لديهم طموح كبير ليحسنوه ، ولم يكن لديهم أي طموح لأن يطوروه تطويرًا ثوريًّا ))[12].
وتجدر الإشارة أيضًا بإيجاز إلى بعض صور التحيز الواضح من جانب بعض المؤرخين عندما يتجهون إلى التأليف في تاريخ العلوم وتقنياتها لإزكاء نزعة قومية، حيث نجد بينهم من يكتب عن علم غير غربي، لا ليؤكد حق حضارة أخرى أسقط دورها من حركة التاريخ الإنساني، ولكن لكي يثبت أسطورة الجنس الآري وتفوقه، ويؤكد مقولة أن العلم لا يمكن إلا أن يكون غربيًّا.. فعندما صنّف ((جوزيف نيدهام)) وزملاؤه سبعة مجلدات ضخمة (بدأ إصدارها عام 1954م) عن العلم والحضارة في الصين، إنما كانوا يحاولون أن يفسروا السبب الذي حال دون أن تتبع التنمية في الصين نفس المسارالذي اتبعته الثورة العلمية الحديثة في أوروبا، ثم يسعون من خلال ذلك إلى تأكيد فرض ضمني مفاده أن العلم والتقنية اللذين أينعا بالفعل في أوروبا النهضة عالميّان ، وأن كل ما هو أوروبي لابد أن يكون عالميًا. وغالبًا ما يطرح أمثال هؤلاء المؤرخين المتحيزين مسألة ((العلم القومي)) في صورة منافسة يحاول فيها كل فريق التصدي بحماس لا يخلو من المبالغة في كثير من الأحيان للرد على كل ما يقلل من شأنهم في ساحة الفكر العالمي[13].
وعلى غرار ما فعل ((نيدهام)) بالنسبة للعلم الصيني، أو شيء قريب منه، حاول ((توبي هاف)) مؤخرًا أن يجيب على سؤال : لماذا ظهر العلم الحديث في أوروبا، على حين أن العالم العربي الإسلامي كان متقدمًا على الغرب الأوربي بكثير طوال الفترة التى مهدت لظهور هذا العلم؟ وروّج بالطبع لبعض المغالطات التاريخية في نقده للثقافة الإسلامية، لكنه لم يستطع أن يخفى أعلى جوانب التقدم التي أحرزها العلم العربي الإسلامي وتفوق بها على العالم الغربي في المرحلة التى يسميها ((فجر العلم الحديث)) [14].
أما أولئك الذين حاولوا اختراق الثقافة الإسلامية من خلال دراستهم لتراثها العلمي، فقد تطرقوا لأمور من صميم العقيدة الإسلامية ذاتها وروَّجوا لأفكار خاطئة عن الإسلام والمسلمين. ومن أمثلتهم ((إميلي سيفيج سميث)) الذي أورد في دراسة حديثة حول ((الاتجاهات الجارية في دراسة العلوم والطب عند المسلمين في العصر الوسيط)) كلامًا مبتسرًا عن الطب النبوي والرسائل المؤلفة من قبل علماء الدين، وليس من قبل الأطباء، على أساس اعتقادهم بأن المعرفة يمكن الحصول عليها فقط عن طريق الوحي والنبي محمد j وأعراف الصحابة المقربين وآرائهم . ويزعم ((سميث)) في دراسته أن رسائل الطب النبوي قد شاعت في مقابل الطب القائم على أساس إغريقي على أيدي فريق من الأطباء النطاسيين أمثال ابن جميع[15].
وفي مقال آخر بعنوان ((العلم في خدمة الدين)) يتخذ ديفيد كنج من خلال دراسته للتراث العربي الإسلامي مدخلاً لترويج أفكار خاطئة عن الإسلام، ويتخذ من هذا الستار العلمي رداءًا خادعًا، بحيث تبدو هذه الأفكار وكأنها تعبير صادق عن واقع الإسلام والمسلمين . ففي غمرة انشغاله بقضايا التراث العلمي الإسلامي المتعلقة بمسائل تحديد اتجاه القبلة واستطلاع أهلة الشهور القمرية، نجده يثير أسئلة لا تؤهله ثقافته للرد عليها، فهو مثلا يتساءل عن سبب اعتماد المسلمين لخمس صلوات رئيسية فقط، زاعمًا أن هذا التحديد لم يرد بشأنه نص صريح في آيات القرآن الكريم ، أو في أحاديث الرسول j ، ويظهر من خلال مناقشته لهذه القضية التى أقحمها على موضوع بحثه إقحامًا أنه يخلط بين الصلوات المفروضة وصلوات التطوع ، ويسوق روايات من عنده تنسب إلى الرسول j قوله بأن صلاة الضحى بدعة موروثة، هذا كان سببًا واضحًا – فيما يزعم – لحيرة المتأخرين وترددهم في ضم صلاة الضحى إلى الصلــوات الخـمس الرئيسية[16].
إن مثل هذه المواقف المتحيزة بدرجات متفاوتة للعلم الغربي ، بل لكل ما هو غربي، على حساب الإنجازات الحضارية للأمم الأخرى بصورة عامة، والأمة العربية الإسلامية بوجه خاص، ومثل هذه الدعاوي والافتراءات الموجهة ضد الإسلام، والمشككة في قدرات العقلية العربية الإسلامية وأصالة الفكر العلمي الإسلامي ، والمشوّهة لحقائق التاريخ والعلم على حد سواء، هو الذي يدعونا دائمًا إلى البحث في كنوز التراث لتأصيل ثقافتنا الإسلامية وإعادة صياغتها بما يلائم إيقاعات العصر، وتوقعات المستقبل ، وذلك في إطار الإلمام الواعي بكل الخصائص والقسمات الحضارية التى تخصنا وتميزنا عن الآخرين.
من ناحية أخرى، يجب أن نثنى -في جميع الأحوال- على ما يبديه الباحثون الغربيون من اهتمام متزايد بالتراث العلمي عند العرب والمسلمين، وعلى تفوقهم بالنسبة لما لديهم من معاهد وأقسام علمية ودوريات متخصصة في هذا المجال، مقارنة بما هو موجود في العالم العربي والإسلامي ، الأمر الذي يفرض علينا مضاعفة الجهود للحاق بركبهم ومشاركتهم في كتابة ما يخصنا على الأقل من تاريخ العلم والحضارة .
ولا بأس هنا من الإشارة إلى نموذج جدير بأن يحتذى بالنسبة لفروع العلم المختلفة، فقد استطاع كل من الدكتور محمد ظافر الوفائي والدكتور محمد رواس قلعجي أن ينجزا تحقيق ونشر كل ما كتب عن طب العيون (علم الكحالة) في الحقبة الإسلامية، استكمالاً لما بدأه ((ماكس مايرهوف)) محقق كتاب ((العشر مقالات في العين)) لمؤلفه حنين ابن إسحاق (طبع في القاهرة عام 1928)، و((هيرشبيرج)) ، الذي نشر عام 1925م مقتطفات من بعض المخطوطات العربية (نور العيون وجامع الفنون، الكافي في الكحل، المنتخب في علم العين)، والدكتوران مصطفى شريف العاني وحازم البكري محققا كتاب ((نهاية الأفكار ونزهة الأبصار)) لمؤلفه : عبد الله بن قاسم الحريري الاشبيلي البغدادي (نشر في بغداد عام 1979)[17].
التراث العلمي العربي زاد للحاضر والمستقبل:
إن الفوائد التى نجنيها من تحقيق تراثنا العلمي ودراسته عديدة ومتنوعة ، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
1- إثراء المدخل التاريخي في تدريس العلوم ، وتنمية الحس النقدي والثقة بالنفس لدى الناشئة، والوقوف على طبيعة التطور العلمي ومنهجية البحث والتفكير في العلوم المختلفة .
2- تصحيح تاريخ العلم وكشف حالات الغش الفكري والقرصنة العلمية من قبل بعض المؤرخين والنقلة والمستشرقين في حق تراثنا العربي والإسلامي .
3- التأصيل الجيد لمختلف فروع العلم المعاصر (البصريات – الصوتيات – الوراثة – البيئة – الشفرة – الجيولوجيا – الفلك .. إلى آخره) .
4- الكشف عن المزيد من النظريات والاختراعات المتقدمة في التراث الإسلامي، ونسوق مثالاً على ذلك قوانين الحركة والجاذبية التى اكتشفها ابن ملكا البغدادي والحسن الهمداني قبل نيوتن بعدة قرون.
يقول ابن ملكا البغدادي في كتاب ((المعتبر في الحكمة)) معبرًا عن تناسب القوة مع تسارع الحركة : (( … القوة الأشد تحرك أسرع وفي زمان أقصر)) ، ويقول معبرًا عن قانون الفعل ورد الفعل: (( إن الحلقة المتجاذبة بين المصارعَيْنِ لكل واحد من المتجاذبين في جذبهما قوة مقاومة لقوة الآخر ، وليس إذا غلب أحدهما فجذبها نحوه تكون قد خلت من قوة جذب الآخر . بل تلك القوة موجودة مقهورة ، ولولاها لما احتاج الآخر إلى كل ذلك الجذب)).
ويقول الهمداني عن الجاذبية الأرضية، في كتاب الجوهرتين : ((فهي ( أي الأرض) بمنزلة حجر المغناطيس الذي تجذب قواه الحديد من كل جانب)) .
وهنا لا ينبغي التعامل مع هذه النصوص التراثية دون اعتبار لفارق الزمن، فليس من قبيل المبالغة – كما يقول سبايسر ودي جراف – القول بأن نحو دستة من الطلاب فقط هم االذين قرأوا واستوعبوا كتاب (( برنسيبيا)) الذي وضعه إسحاق نيوتن عام 1678م خلال الخمسين عامًا التالية لنشره ، وأن عددًا قليلاً قد درسوه خلال قرنين ونصف بعد ذلك .. ويرجع ذلك إلى الصعوبة البالغة للموضوع وغموض اللغة التى كتب بها. بل إن المعادلات الشهيرة المنسوبة إلى نيوتن داخل الكتاب لا توجد بالصورة التى تعرف بها اليوم، وإنما وضعت في صورتها المألوفة لدينا عام 1750م فقط على يد العالم ((أويلر)) ، فالكتاب لا يحتوى إلا على عدد قليل جدًّا من الصياغات الدقيقة، ويقصر نيوتن دراسته فيه على منظومات ذات كتل نقطية ، ويتناول الأجسـام الجاسئة (أي الصلبة) تناولاً طفيفًا ولا يتط- رق مطلقًا للأجسام المـرنة[18].
وإن شئنا مثالاً آخر ، فقد أبرز ديفيدكنج أن رسالة السلطان الأشرف اليمني ( ت 1296م) تحتوى على أول إشارة مبكرة في المصادر الفلكية البسيطة إلى بوصلة مغناطيسية ، وذلك على الرغم من أن السلطان الأشرف اليمني لم ينسب هذا الابتكار لنفسه . وقد ألحقت بهذه الرسالة إجازتان من أستاذي السلطان تشهدان له بصحة ستة أسطرلابات صنعها الأشرف بنفسه، يوجد أحد هذه الأسطرلابات حاليًا في متحف ((متروبوليتان)) للفنون في نيويورك (بالرغم من أن مدى أصالته كان مدار تساؤل قبل نشر فهارس ديفيد كنج).
وتجدر الإشارة هنا إلى أن ديفيدكنج نشر في عام 1983م مجلدًا عن ((علم الفلك الرياضي في اليمن الوسيط)) استعرض فيه أكثر من مائة مخطوطة فلكية يمنية محفوظة في مكتبات أوروبا والشرق الأوسط ، وقدم قائمة بأكثر من خمسين فلكيًّا يمنيًّا مع مؤلفاتهم بعد أن عرض تاريخ علم الفلك في اليمن من القرن العاشر إلى أوائل القرن العشرين، كما تضمن الكتاب مؤلفين في الحساب، والمساحة، والمعضلات المتعلقة بتحديد أنصبة الميراث.
5- يمكن توظيف نصوص جيدة من التراث العلمي العربي في أغراض التأصيل لمناهج البحث العلمي ونظريات فلسفة العلم المعاصرة . ويكفى أن نشير هنا على سبيل المثال إلى ما ذكره ابن الهيثم في مقدمة كتابه ((المناظر)) عن المنهج العلمي ومقارنته بآراء فرنسيس بيكون وغيره، وما ذكره في مقدمة كتابه (( في الشكوك على بطليموس)) ومقارنته بمبدأ التكذيب المنسوب إلى كارل بوبر. وهنا يجد الباحث في تراثنا العلمي مددًا متدفقًا لدراسات مستقبلية مقارنة في مجالات الفكر العلمي[19].
6- تتضمن مخطوطات العلوم إفادات مباشرة وغير مباشرة تعني مؤرخي الحضارة . مثال ذلك أن كتاب أبي الوفاء البوزجاني في المنازل السبع تضمن أدق البيانات عن الضرائب ونظام الخراج وأعطيات العساكر، مما يُعد إضافة فريدة لا توجد في غيره، وأن كتاب التيسير في صناعة التدبير لابن زهر الإشبيلي اشتمل على تفاصيل مهمة عن الصراعات الداخلية والدسائس في أسرة الدولة المرابطية بالمغرب، وهو كتاب طب لا يقصـده الباحث عادة لمثل هذه الإفادات[20].
7- يمكن الإفادة من التراث العلمي العربي في ميادين تطبيقية عديدة، نذكر منها[21]:
( أ ) بفضل المعلومات الجيولوجية والتعدينية التى تضمنها كتاب الجوهرتين للهمداني اهتدت بعثة المسح الجيوفيزيائي لمعرفة موارد اليمن المعدنية والبترولية إلى اكتشاف العديد من المناجم المهمة التى تحتوى على خامات الزنك والحديد والرصاص، إلى جانب الفضة، بكميات تجارية.
(ب) كتب باحث غربي عن الفولاذ الدمشقي بأنه أكثر أنواع الفولاذ صلابة، وسرد تاريخ دراسته من جانب الأوربيين ، وأشار إلى أهميته في الصناعات الحديثة .
(جـ) جاء في عدد من الكتب التراثية وصف دقيق للهزات الزلزالية التى تعرضت لها البلدان العربية والإسلامية خلال القرون الماضية، منها:
كتاب ((صفة جزيرة العرب)) للهمداني، وكتاب ((بدائع الزهور ووقائع الدهور)) لابن إياس، وكتاب ((كشف الصلصلة عن وصف الزلزلة)) لجلال الدين السيوطي ، وغيرها. ولاشك أن مثل هذه المؤلفات التراثية تعتبر بمثابة سجلات زلزالية موثقة على أساس من الملاحظة والتجريب، والاسترشاد بما جاء فيها عن كل ما يتعلق بظاهرة الزلازل وتواريخ حدوثها ودرجات تأثيرها في المنطقة العربية والإسلامية خلال القرون الماضية يعتبر ضرورة منهجية ومعرفية لأي دراسات معاصرة أو مستقبلية تتعلق بخرائط التوزيع الزلزالي وتوقعات حدوث الزلازل في منطقة ما ، خاصة بعدما ظهر حديثًا ما يشير إلى أن أجزاء كثيرة من الأرض العربية والإسلامية لم تعد بعيدة تمامًا عن ((الأحزمة)) النشطة زلزاليًّا في أماكن محددة من العالم .
(د) يزخر التراث الإسلامي بالعديد من المؤلفات في مجالات علوم النبات والحيوان والعلوم الزراعية وعلم الرعي والمراعي ، نذكر منها :
كتاب ((النبات)) للدينوري ، وكتاب ((جامع فرائد الملاحة في جوامع فوائد الفلاحة)) لرضي الدين بن محمد الغزي ، وكتاب ((الفلاحة النبطية)) لأبي بكر أحمد بن وحشية، وكتاب ((الفلاحة الأندلسية)) لأبي زكريا محمد بن العوام الأشبيلي . وقد ترجم هذا الكتاب الأخير في القرن الماضي إلى الأسبانية والفرنسية، وقال عنه ((أنطون باسي)) في تقرير قدمه سنة 1859م إلى الجمعية الوطنية الزراعية الفرنسية: إنه موسوعة زراعية تامة تفرّد بها القرن الثاني عشر الميلادي ، وقال عنه مؤرخ الحضارة ((ول ديورانت)): ((إنه أكمل بحث في علم الزراعة ألف في القرون الوسطى برمتها)).
ويمكن الإفادة من هذه المؤلفات التراثية حاضرًا ومستقبلاً في تحديد العوامل الأكثر أثرًا في زحف الملوحة والجفاف على مناطق عديدة من الأرض العربية والإسلامية التى تعجز الآن عن تلبية احتياجات أهلها بعد أن كانت تجذب في عصور الازدهار الإسلامي كل الأوربيين بجمالها وخيراتها. ويبقى على المهمتين والمختصين أن يدرسوا أنواع النبات بهذه المناطق، وكيفية نموها والعناية بها وبيئاتها . والأسماء العربية للنباتات كثيرة في التراث العلمي الزراعي وتحتاج من المحققين العرب الهمة والدأب للكشف عن كنوز علمية وتعريبية في غاية الأهمية للأجيال العربية القادمة .
(هـ) توجد مؤلفات تراثية عديدة يمكن الإفادة منها في مجال طب الأعشاب الذي برع فيه علماء السلف ولا يزال معتمدًا في أكثر الدول، فقد أنشأت الهند والصين وباكستان معاهد وكليات لتدريسه، وتجرى فيه بحوث تطبيقية في أكثر من مؤسسة بمصر والمملكة العربية السعودية ، ويدعو بعض الباحثين الغربيين إلى إحياء تدريس الطب العربي وإنشاء اللوائح والأنظمة الضابطة للأطباء والصيادلة الممارسين له. ومن الملاحظ أن علماء أوروبا وأمريكا بدأوا يعيدون قراءة هذه المؤلفات التراثية بعد أن قل الاهتمام بها لفترة أمام التطور العلمي والتقني، وشرعوا في إجراء التجارب على الوصفات الشعبية التى وردت فيها في محاولة للكشف عن أدوية جديدة للأمراض . وفي السنوات الأخيرة زاد اهتمام شركات الأدوية في ألمانيا والدنمرك وهولندا وإيطاليا وأمريكا بهذا الموضوع وطلبوا من مصر وبعض دول المشرق شراء بعض النباتات مثل ورق السكران لتصنيع البنج الموضعي وبذر الخلة لاستخلاص أدوية القلب، وبذر البقدونس لعلاج احتباس البول وبذور الرجلة لعلاج الأرق وغيرها . وإذا علمنا أن هناك كثيرًا من الأمراض لا تزال تنتظر تطوير العلاج اللازم لها، وأن العلماء يبحثون في كل مكان، في أعماق الغابات وقيعان المحيطات، عن أعشاب تخلص البشرية من الأمراض الصعبة، وأن كتب التراث لا تزال كنزًا لم تصل إليه أيدي الباحثين، لوجدنا أهمية هذا التراث في عصرنا هذا، وتزايد حاجتنا إليه في المستقبل .
(و) يهتم الباحثون المعاصرون بدراسة الأساس العلمي للتصميمات الهندسية التى قامت عليها تقنية العقود والقباب بأشكالها المختلفة وزخارفها المتنوعة ، وذلك لإظهار قيمتها الجمالية الفائقة من جهة، ولإرشاد المعينين برعاية الآثار قبل الشروع في أعمال الترميم والصيانة وإعادة البناء والتركيب والزخرفة، من جهة أخرى. ونشير هنا إلى أهمية الأبحاث التى تجرى حاليًا حول هندسة العمارة الإسلامية في معهد أمير ويلز للآثار بلندن[22].
أيضًا ، يقوم العديد من الباحثين بتطبيق ما ورد في كتب التراث العلمي باستخدام الحاسب الآلى وخرجوا بنتائج بالغة الطرافة والدقة والنفاسة، ومن ذلك أن أكثر من باحث استعمل الصيغ الرياضية التى وردت في كتاب ((مفتاح الحساب)) لجمشيد الكاشي حول تصميم القبة والمقرنص والأزج أو الطاق، وأدخل تلك الصيغ في الحاسب الآلي لاستخراج تصاميم حديثة في العمارة الإسلامية[23].
(ز) كتب التراث العلمي والتقني تفيد كثيرًا في مجال التربية والتعليم لتدريب الطلاب على إعادة تركيب بعض الأجهزة والآلات البسيطة . فقد كان المهندسون والتقنيون في عصر الحضارة العربية الإسلامية يتبعون منهجًا علميًّا رائدًا في كل أعمالهم ، ويبدأون في الحالات الصعبة برسم مخططات، ثم يصنعون نموذجًا مصغرًا لما ينوون تنفيذه، وقد أعاد الفنيون المحدثون بناء العديد من التركيبات والآلات تبعًا للشروح التى قدمها التقنيون الإسلاميون في مؤلفاتهم، مثل ((كتاب الحيل)) لبني موسى بن شاكر، وكتاب ((الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل)) لبديع الزمان الجزري، وكتاب ((الطرق السنية في الآلات الروحانية)) لتقى الدين بن معروف الدمشقي، وكتاب ((الأسرار في نتائج الأفكار)) لأحمد بن خلف المرادي.
الشيء نفسه ينسحب على الآلات والأجهزة والأدوات العلمية والفلكية التى طورها علماء الحضارة العربية الإسلامية. ومثل هذه الأعمال تفيد كثيرًا في الأغراض التعليمية، كما تفيد بالنسبة لمعارض ومتاحف العلوم . وقد قام أكثر من باحث بتحديث التعامل مع المعلومات التراثية لاستخراج أوقات الصلوات وتحديد المناسبات الإسلامية المهمة من الصيغ الرياضية المقتبسة من كتب التراث. وأمكن الاستعانة بالحاسب الآلى لوضع جداول حديثة لكل المدن في العالم في كل أيام السنة الشمسية[24]. ونجد في عصرنا جهازًا شبيهًا بالأسطرلاب الخطى، هو المسطرة الحاسبة الزلاقة Slide Rule التى كانت الآلة الحاسبة الأحداث المعتمدة في الأبحاث العلمية قبل نحو خمسة وعشرين عامًا عندما انتشرت الآلات الحاسبة الإلكترونية ( أجهزة الكومبيوتر) .
خاتمة:
حاولنا في هذه الدراسة المتواضعة أن نجيب بإيجاز شديد على السؤال المطروح بشأن جدوى العمل التراثي وما يمكن أن يقدمه التراث العلمي العربي من فوائد للأمة في الحاضر والمستقبل، ومن عجب أن نجد أنفسنا مطالبين باتخاذ موقف المدافع عن التراث العلمي العربي والبحث عن أدلة مقنعة تؤكد أهميته ومكانته في حياتنا المعاصرة والآتية، في الوقت الذي نجد فيه أناسًا زالت حضارتهم واندثرت على مر العصور ، وغدت لغتهم أغرب من أن يتكلمها حتى المنتمين إليها، ومع ذلك فلا يزالون يعتزون ويفخرون بما يسمونه ((حضارتهم)) مع أنهم لم يقدموا للإنسانية إلا المآسي تعقبها المآسي.
إذا كنا مدركين لأهمية تراثنا ولا نعمل على رعايته والإفادة منه في حاضرنا ومستقبلنا، فتلك مصيبة، وإن كنا غير مدركين لذلك فالمصيبة أعظم.
– ملحق-
مجلات متخصصة في تاريخ العلم
((دليل مختصر))
سوف نقدم أدناه عددًا معينًا من المجلات المعنية بتاريخ العلم في قائمة ليست بطبيعة الحال تفصيلية. وقد حصلنا على العناوين والملاحظات الخاصة بهذه المجلات من مؤلفي المقالات المنشورة في العددين الأخيرين من مجلة العلم والمجتمع، إلا أنه يجب اعتبار ذلك مجرد تعريف عام. فنحن لا ندعى أننا نقدم وصفًا عميقًا لجوهر مجلة معينة أو لسياسة تحريرها. وأتبعنا هذه القائمة المحدودة بقائمة أطول من مجلات أخرى بدون تعليق، وتجدر الإشارة إلى أننا لم نعرض لعناوين المجلات المعنية بتاريخ التقنية، لأن هذا المجال الهام لم يُغط في العددين المذكورين.
– إيزيس Isis، فيلادلفيا.
هي المجلة الرئيسية المتخصصة، تصدر في الولايات المتحدة الأمريكية حيث تخدم باحثيها في المقام الأول. وتغطي هذه المجلة كل مجالات تاريخ العلم. سواء من حيث الموضوعات أو الفترات الزمنية، والمقالات النقدية المتنوعة تعتبر مفيدة للغاية ، كمـــــا أن ثبت المراجع (البيليوجرافيا) المجمعة سنويًّا يفيد كمرشد جيد للعمل.
- أوزيريس Osiris ، فيلادلفيا .
- مجلة بحثية مكرسة لتاريخ العلم وتأثيراته الثقافية، وتقدم السلسلة الجديدة من هذه المجلة أعدادًا عن موضوعات خاصة بالعلم الألماني أو الأمريكي .
- المجلة البريطانية لتاريخ العلم British journal for the history of sciences كمبردج .
- حوليات العلم Annalsof science، تايلور وفرانسيس ، لندن وواشنطن.
- مجلة تاريخ العلمRevue d’histoire des science ، باريس.
- هذه المجلات الثلاث تغطي تقريبًا مجال تاريخ العلم، بما في ذلك تاريخ الطب والتقنية ومجلة تاريخ العلم الفرنسية ذات المستوى الرفيع أصدرت لعدة سنوات أعدادًا إضافية خاصة بموضوعات معينة ( تم حديثًا تخصيص عددين لتاريخ العلم في الصين).
- Nuncius ، فلورنسا
- نسخة جديدة من مجلة Annali dell’ Istituto e Museo di Storia della Scienza di Firenze
- تحتوي هذه المجلة الإيطالية عملاً دوليًا دؤوبًا وعميق التخصص في تاريخ الثورة العلمية : الجوانب الثقافية ، والأجهزة العلمية، ومجموعات أبحاث وسجلات تاريخية، وترتبط المجلة بمعارض يرعاها متحف فلورنسا لتاريخ العلوم Museo di Storia della Scienze .
- دراسات في تاريخ وفلسفة العلم Studies in history and philosophy science اكسفورد ونيويورك، إحدى المجلات المميزة في تاريخ العلم. ويفضل الإصدار المنتظم لتحليلات نقدية لأعمال هامة، فإن هذه المجلة تخدم كمنبر عام للمناظرة والنقاش عالي المستوى حول مناهج البحث العلمي، وللموازنــــــة بين قضــايا نظرية المعرفة (الايستمولوجيا) والتاريخ.
- قيسيس Physis فلورنسا .
- أعيد إصدارها عن طريق الموسوعة الإيطالية Enciclopedia Italiana تحت إدارة كابيلليتي ؛ وهي تغطي تقريبًا جميع مجالات تاريخ العلم .
- سجلات تاريخ العلوم الدقيقة، برلين ونيويورك Archives for history of exact sciences, Springer – Verlag, Berlin, New York
- مجلة متخصصة يحررها تروسدل، وتغطي جميع المراحل الزمنية للتاريخ، بدءًا من العصور القديمة حتى اليوم. معظم المساهمين في هذه المجلة من المشتغلين بالرياضيات والمقالات بصورة عامة فنية جدًّا .
- سنتورس Centaurus ، كوبنهاجن.
- مجلة الجمعية الدنمركية لتاريخ العلم، وتغطي كل جوانب تاريخ العلم. وتبرز بصورة منتظمة الدراسات الخاصة بالجوانب الفنية للعلوم الدقيقة في العصرين القديم والوسيط .
- السجلات العالمية لتاريخ العلوم، روما Archives internationales d’histoire des sciences, Rome
- مجلة عامة لتاريخ العلم تصدرها الأكاديمية الدولية لتاريخ العلوم .
- تاريخ الرياضيات ، نيويورك Historia mathematica, New York .
- مجلة نقدية متخصصة في تاريخ الرياضيات.
- نشرة تاريخ علم الرياضيات، فلورنسا .
- Bollettino di storia delle sclenze matematiche, Florence
- هذه المجلة تحث منذ بدء صدورها عام 1981م ، على دراسة مصادر الرياضيات الإيطالية منذ عصر النهضة ، وهي تغطي كل مجالات تاريخ الرياضيات، لكنها تنشر بانتظام دراسات خاصة بالعصور القديمة والمتوسطة .
- مجلة تاريخ علوم الحياة (البيولوجيا) بوسطن Journal of the history of biology Kluwer, Boston وتعرف باسم JHB، يحررها إفريت مندلسون، وهي مجلة متخصصة في نشر المقالات المعنية بمختلف جوانب تاريخ البيولوجيا، مع التركيز ( وإن لم يكن على وجه الحصر) على العصر الحديث. وقد نشرت ، على وجه الخصوص، مقالات عديدة عن تاريخ نظرية التطور والوراثة، وارتبطت بعض موضوعاتها بإصدارات أوسع في مجال التاريخ الاجتماعي وتاريخ الأفكار، وبهذا فإن مجلة JHB تقدم تعريفًا واضحًا لنوع العمل الذي يقوم به حاليًا مؤرخو البيولوجيا الأكاديميون .
- تاريخ وفلسفة علوم الحياة History and Philosophy of life science, Naples
- مجلة لنشر الدراسات التاريخية التى تقوم بها Zoological station of Naples .
- دراسات تاريخية في العلوم الفيزيائية والبيولوجية، بيركلي، أمريكا Historical studies in the physical and biological science , Barkeley, USA.
- هذه المجلة أصبحت مرجعًا في هذا المجال.
- نشرة تاريخ العلوم والتقنية، باريس
- Bulletin signaletique, Histoire des sciences et des Techniques, CNRS – Paris
- تقدم دليلاً بيبليوجرافيًّا للإنتاج العلمي الواسع الانتشار مع تعليقات موجزة جدًّا .
- Sciences et techniques en perspective, Nantes
- مجلة يصدرها منذ عام 1981م مركز تاريخ العلوم والتقنية بجامعة نانتز، وهي متخصصة في علوم الفترة الزمنية 1750-1850م وعلاقاتها بعلم الفلسفة .
- Cahier d’histoire des siences et des techniques, Paris
- يخصص كل عدد من هذه المجلة لموضوع واحد، وهي من إصدار الجمعية الفرنسية لتاريخ العلم والتقنية، وتتضمن نصوص وتعليقات ومواد بيداجوجية تتعلق بأصول علم التدريس أو تيسير البحث .
- جانوس، أمستردام Janus, Amsterdam .
- مجلة دولية في تاريخ العلوم الطبية والصيدلة والتقنية .
- تاريخ العلم History of science، مجلة نقدية لمقالات وأبحاث في تاريخ العلم والطب والتقنية، بحكم سياقه الثقافي والاجتماعي ، كامبردج .
- – Historia Scientiarum, Tokyo مجلة يابانية في تاريخ العلم تغطي جميع المجالات .
- البحث الرياضي التاريخي ، موسكو
- Istorico – matematitcheskie Issledovanija, (Historicomathematic, Research), Moscow
- مجلة تنشر الإنتاج الروسي في تاريخ العلم .
- أمبيكس ، كامبردج Ambix, Cambridge
- مجلة جمعية دراسة الكيمياء القديمة ونشأة الكيمياء الحديثة- كامبردج .
- Llull ( Boletin de la Sociedad expanola de Historia da las ciencias de las Tecnicas) Zaragoza تنشر الإنتاج الأسباني والمقالات المترجمة إلى الأسبانية .
- مجلة تاريخ العلم، روما Rivista di storia della scienza, Rome
- مجلة عامة ولكنها تفضل العلوم الرياضية .
- ماثيسز Mathesis Mexico
- مجلة أنباء وتبسيط فلسفة وتاريخ الرياضيات .
- الدراسات الاجتماعية للعلم، لندن Social studies of science, Sage Publications, London
- مجلة للأبحاث المتعلقة بالأبعاد الاجتماعية للعلم والتقنية .
- الإبستمولوجيا الاجتماعية، واشنطن ولندن
- Social epistemology, Taylor Francis, Washington& London
- مجلة للمعرفة والثقافة والسياسة، يرأس تحريرها البروفيسور ستيف فوللر، مركز دراسة العلم في المجتمع، معهد فرجينيا للفنون المتعددة، بلاكسمبورج، الولايات المتحدة الأمريكية . وهي بمثابة منبر للحوار حول البحوث المتداخلة في العلاقات بين العلم والمجتمع. والمجلة تنفتح على ميدان ثقافي واسع لكنها ترتبط إلى حد ما بتاريخ وفلسفة العلم، وخاصة الرياضيات العرقية.
- تاريخ التحسيب History of Computing
- مجلة مرجعية.
- Recherches didactiques des mathematiques, Paris
- مجلة لتعليم الرياضيات، قسم الرياضيات، جامعة كونكورديا، مونتريال، كندا .
- الذكاء الرياضي The Mathematical Intelligence
هذه المجلات الثلاث تنشر، على غير اتفاق، مقالات خاصة بتاريخ تعليم الرياضيات، والأخيرة ذات مستوى رياضي أعلى . كما تتضمن الرسالة الإخبارية لمجموعة الدراسة الدولية عن العلاقات بين تاريخ وتعليم الرياضيات، دليلاً مفيدًا للغاية للأبحاث الجديدة في هذا المجال، ويمكن الحصول على هذه الرسالة الإخبارية مجانًا عند طلبها من الموزعين في جميع أنحاء العالم ويمكن الحصول على قائمة الموزعين بالاتصال بالأستاذ فيكتور كاتز على العنوان التالي:
- Victor Katz, Department of Mathematics, University of the District Columbia, 4200 Connecticut Avenue, NW, Washington, DC 20008, USA.
- Other Journals
- Acta historiae rerum naturalium necnon technicarum, Prague.
- Acta historia medicinae stomatologiae pharmaciae veterinae, Prague.
- Acta medicae historia patavina, Padua
- AGU Committee on the history of phsics newsletter, Greenbelt, USA.
- Annals of the history of computing, Reston, USA.
- Archive der Geschichte der Naturwissenschaften Vienna.
- Archive of natural history, London.
- Archiwum historii medycyny, Warsaw.
- Berichte zur Geschichte der pharmazie, Stuttgart.
- Berichte zur Wissenschaftgeschichte, Wiesbaden.
- Boletin de la sociedad espanola de histoire de la farmacia, Madrid.
- Bulletin de la Societe francaise d’historie des sciences et des techniques, Paris.
- Bulletin d’histoire de l’electrecite, Paris.
- Bulletin of the history of dentistry, USA .
- Bulletin of the history of medicine, Baltimore , USA.
- Cadernos de historica e filosofia da ciencia, Centro de logica epistemologiia historia da ciencia, Uniersidade estadual de Campinas, Brazil.
- Cahier du seminaire d’histoire des mathematiques, Paris.
- Clio medica, Amsterdam.
- Earth science history, Washington, USA.
- Fundamenta scientiae,Sao Paulo.
- Gesnerus, Aarun.
- Histoire de l’Education, Paris.
- Histoire et Nature,Cahier de l’Association pour l’histoire des sciences de la Nature, Paris.
- History and philosophy of logic, London.
- History and technology, London.
- Janas, Elboeuf – sur – Andelle, France.
- Journal for the history of arabic science Aleppo, Syria.
- Journal for the history of astronomy, UK.
- Journal for Japanese history of pharmacy, Tokyo.
- Journal for the History of medicine and allied science, USA .
- Koroth, quarterly devoted to the history of medicine and science, Jerusalem.
- Kwartalnik historii nauki i techniki, Warsaw.
- La vie des sciences, Academie des sciences, Paris.
- Lychnos Lardomshistorisk Samfingets Arsbok, Stockholm.
- Mdical history, London.
- Medician e historia, Barcelona.
- Medizinhistorisches Journal, Stuttgart.
- Newsltter of the Center for history of physics, USA.
- Scriftenreihen fur Geschichte des Naturwissenschaften, Technik und Medezin, Leipzig.
- Notes and records of the Royal of London, London.
- Organon, Wasaw.
- Pharmaceutical historian: Newsletter of the BritishSociety for the History of Pharmacy, London.
- Philosophia Naturlis, Meisenheim am Glan, Germany.
- Quipu, Latino american Journal on the history of science and technology, Mexico.
- Revue d’historie de la hebraique, Paris.
- Revue de synthese, Paris.
- Science in Context, Cambridge.
- Scientia, Milan.
- Sudhoffs Archiv, Zeitschrift fur Wissenschaftgeschichte, wiesbaden.
- Studia historica Academia scientiarum hungaricae, Budapest.
- Studies in history of biology, London & Baltimore.
- Studia leibnitiana, Zeitschrift fur Geschichte der philosophit und der Wissenschaften, Stuttgart.
- Theoria, revist de teoria, historia y fundamentos de la ciencia, san Sebastian.
- Tijdschrift voor Geschiedenis der Geneeshunde, Natuurwetenschappen Wiskunde en Techniek, Amsterdam.
ملحق
المؤتمرات الدولية السابقة في تاريخ العلم الإصدرات اللاحقة لأعمالها
(يحتوي على جدول لا يمكن تحميله على الموقع)
(*) أستاذ الفيزياء ونائب رئيس جامعة القاهرة.
[1] د. فؤاد زكريا، أين العرب من الإبداع العلمي، مجلة آفاق علمية، العدد الأول، 1985م.[2] د. صلاح قنصوة، ندوة (الجمالية العربية)، مجلة الفكر العربي، ‘67 ، 1992,
[3] راجع المقال الافتتاحي عن مستقبل ناريخ العلوم في المجلة البرطانية لتاريخ العلم:
Johm Hedley Brooke: does the history of science have a future, BJHS, 32 pp 1 – 20, 1999.
[4] يعمل جان دومبريه أستاذًا للرياضيات بجامعة نانت، وكان رئيسا للجمعية الفرنسية لتاريخ العلوم والتقنيات (1983 – 1988م).
[5] انظر في ملحق هذه الدراسة قائمة المؤتمرات الدولية وأهم المجلات المتخصصة في تاريخ العلم، عن: مجلة العلم والمجتمع، الترجمة العربية، ع 82/ 160 ، اليونسكو، مارس/ مايو 1991م.
[6] راجع في ذلك:
Jean Dhombres, “On the Track of Ideas and Explanation Down the Centuries: the History of Science today” I pact of science on society, UNESCO (1990) No 159, p.191.
[7] صلاح قنصوه، فلسفة العلم، دار الثقافة للطباعة والنشر، القاهرة 1981.
[8] راجع في ذلك:
– د. أحمد فؤاد باشا ، أساسيات العلوم المعاصرة في التراث الإسلامي : دراسات تأصيلية ، دار الهداية، القاهرة 1418هـ /1997م.
– د. أحمد فؤاد باشا ، التراث العلمي للحضارة الإسلامية ومكانته في تاريخ العلم والحضارة، مطابع دار المعارف، القاهرة ، 1983م.
– د. أحمد فؤاد باشا، في فقه العلم والحضارة، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية سلسلة قضايا معاصرة (20) 1997م .
[9] ما يكل أندريه: تاريخ العلوم والثقافة العلمية في أوربا ، مجلة العلم والمجتمع، ع167 ، اليونسكو 1992.
[10] رينيه تاتون : ((تاريخ العلوم العام، العلم القديم والوسيط)) ، ترجمة د. على مقلد، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، بيروت 1988 .
[11] جورج سارتون ، تاريخ العلم، الترجمة العربية ، دار المعارف بمصر 1976م .
[12] ج. د. برنال . العلم في التاريخ ، ترجمة د. على على ناصف ، الجزء الأول ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1981م.
[13] J. Needham, The Chinese Scientific Tradition.
عن مجلة العلم والمجتمع، الترجمة العربية ، اليونسكو ، ع 73 ، 1989م .
[14] توبي أ. هاف، فجر العلم الحديث: الإسلام – الصين – الغرب ، جزءان، ترجمة د. أحمد محمود صبحي، عالم المعرفة ، الكويت ، مارس وأبريل 1997، وقد أعددنا دراسة نقدية لهذا الكتاب نشرت بمجلة الأزهر ، الأعداد 7،8 (1997) و2 (1998م) .
[15] راجع الترجمة العربية لمقال ((سميث)) في : مجلة الثقافة العالمية، العدد 44، الكويت 1989م .
[16] يعمل ((ديفيد كنج)) مديرًا لمعهد تاريخ العلوم التابع لجامعة يوهان فولفجانج جوته في فرانكفورت، وقد قام منذ سنوات بفهرسة مقتنيات دار الكتب المصرية من المخطوطات العربية والفارسية والتركية المتعلقة بالفلك والرياضيات والميكانيكا والبصريات (2500 مخطوطًا) ، ونشر أبحاثه في ثلاث مجلدات، يعرض كل منها نفس المخطوطات (2500) من خلال منظورات مختلفة ، ومقاله المذكور ((العلم في خدمة الدين)) منشور في مجلة:
Impact of Science on Society, UNESCO, No 159, 245 – 262 (1990)
[17] تضم قائمة تحقيقات الوفائي وقلعجي الكتب التالية:
نور العيون وجامع الفنون لصلاح الدين الحموي – المهذب في الكحل المجرب لابن النفيس – الكافي في الكحل لخليفة بن أبي المحاسن الحلبي – المرشد في طب العين لمحمد بن أسلم الغافقي الأندلسي – البصر والبصيرة لثابت بن قرة الحراني – المنتخب في علم العين وعلاجاتها لعمار بن علي الموصلي – تشريح العين وأشكالها ومداواة أعلالها لعلي بن إبراهيم بن بختيشوع الكفرطابي – كشف الرين في أحوال العين لابن الأكفاني – أمراض العين وعلاجاتها لابن سينا – أمراض العين وعلاجاتها من كتاب كامل الصناعة الطبية لعلي بن عباس الأهوازي – نتيجة الفكر في علاج أمراض البصر لأبي العباس أحمد بن عثمان القيسي – أمراض العين وعلاجاتها من كتاب المعالجات البقراطية لأحمد بن محمد الطبري – أمراض العين وعلاجاتها من كتاب فردوس الحكمة لعلي بن سهل بن الطبري (من محاضرة للدكتور محمد ظافر الوفائي في مؤتمر الفرقان الرابع عن ((تحقيق مخطوطات العلوم في التراث الإسلامي )) لندن.
[18] د. سبايسر وب . راديليه دي جراف، نشر الأعمال الكاملة لعظماء العلماء مسئولية دولية، مجلة العلم والمجتمع ع 82/ 160. اليونسكو 1991.
[19] راجع لمزيد من التفصيل:
– د. أحمد فؤاد باشا ، دراسات إسلامية في الفكر العلمي، دار الهداية ، القاهرة 1997م.
– د. سهام النويهي، أحمد فؤاد باشا ، المنظور الإسلامي لفلسفة العلم، مجلة المسلم المعاصر ، ع 92، 1999م.
[20] د. إبراهيم شبوح، لماذا التراث العلمي؟ مؤتمر الفرقان : ((تحقيق مخطوطات العلوم في التراث الإسلامي)) لندن 1997.
[21] راجع في ذلك:
– لطف الله قاري، تراثنا العلمي والحياة المعاصرة ، مجلة الفيصل ، ع 227، أكتوبر / نوفمبر 1999.
– د. أحمد فؤاد باشا ، فصل المقال في ظاهرة الزلزال، كتاب مجلة الأزهر ، القاهرة ، رجب 1413هـ.
– د. أحمد فؤاد باشا ، الإسلام والعلم والعولمة، كتاب الجمهورية ، دار التحرير للنشر، القاهرة 1999م.
– شيربي وواد سورث، الفولاذ الدمشقي ، مجلة العلوم ، مؤسسة الكويت للتقدم العلمي ، يناير 1986.
– فلوريال سناجوستان، اتجاهات حالية في الطب العربي التقليدي، مجلة تاريخ العلوم العربية، نشر جامعة حلب، سوريا، المجلد8، 1984.
– محمد نذير سنكري، الأسماء العربية للبنات، أبحاث المؤتمر السنوى الخامس لتاريخ العلوم عند العرب الذي عقد عام 1981م ، نشر جامعة حلب 1983م.
[22] راجع في ذلك :
– Kh. Azzam and K. Critchlow, Astudy in the Geometry of the Arch in Islamic Architecture . The Prince of Wales Institute of Achitecture, London, 1997.
– P. Marchant, Unity in Pattern , Astudy Guide in Traditional Geometry, the Prince of Wales Institute of Architecture, London, 1997.
[23] راجع في ذلك على سبيل المثال:
– Y. Bold, Practical Arabic Mathematics: Measuring the Muqarnas by Al- Kashi, Centaurus, Vol. 35, pp. 193 – 241 , 1992.
[24] M. Ilyas. Astronomy of Islamic times for the 21st century , Mansell Publishing Ltd. London, 1989