الحديث متصل منذ انتهاء الحرب الباردة فى مطلع التسعينات حول العلاقات بين الحضارات فى عالمنا . وقد برزت من خلال هذا الحديث مدرسة فكرية ترى أن الصراع بين هذه الحضارات هو الذى سيحكم العلاقات الدولية ويتحكم فيها .
وبالمقابل برزت مدرسة فكرية أخرى تنادى بالحوار بين الحضارات بلوغاً لتعارف ومن ثم التعاون وما أكثر الندوات الت تناولت موضوع الحوار ،ومثلها المؤتمرات . وقد اختار المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية أن يكون موضوع مؤتمره الثامن لعام 1996 هو “الإسلام ومستقبل الحوار الحضارى ” ،” نظراً لما للحوار من أهمية بالغة فى ارساء دعائم السلام والاستقرار ” .
أحد الأسئلة المطروحة ضمن هذا الموضوع هو “إذا كان الإسلام يدعو إلى الحوار ،ويحث على التفاعل الحضارى لازدهار العمران ،فما هو موقفه من الصراع ؟ “
جذبنى هذا السؤال فرأيت أن أجتهد فى محاولة الإجابة عنه ،ناظراً بداية فى مفهوم الصراع والتعرف على ظاهرته ،ثم مستحضراً موقف الإسلام من الصراع كما نراه من خلال الكتاب المبين ،ثم مستذكراً كيف تجلى هذا الموقف علمياً فى الممارسة على أرض الواقع ،وأخيراً بلورة رؤية مستقبلية .
والصراع فى لسان العرب “الطرح بالأرض ” ،وفى القرآن الكريم {القوم فيها صرعى}[الحاقة :7 ] . وكلمة الصراع توحى بوجود طرفين يتصارعان أو أكثر ،وباستخدام القوة . وقد يكون أحد الطرفين هو النفس الأمارة بالسوء. والصراع نشاط موجود فى كل مكان من عالم الإنسان . وظاهرة الصراع هى أحدى الحقائق الثابتة فى واقع الإنسان والجماعة ،وعلى مستويات الوجود البشرى كافة وهى تعبر عن “موقف نشأ من التناقض فى القيم أو فى المصالح بين أطراف تكون على وعى وإدراك بهذا التناقض مع توافر الرغبة لدى كل منها للاستحواذ على موضع لا يتوافق ،بل ربما يتصادم مع رغبات الآخرين . فالظاهرة تعنى وجود تعارض فى أحد أبعاد الوجود البشرى . واستمرار هذا لتعارض وربما التناقض يؤدى إلى أحد أمرين إما الصدام بين الأطراف أو إدارته وحله “. كما يقول د . أحمد فؤاد رسلان فى مقدمة كتابه ” نظرية الصراع الدولى ” .
يرتبط الصراع بالقيم ،وبما يعتقده الإنسان من أنه خير وشر ،وتقوى وفجور ،وعدل وجور ،ومعروف ومنكر،وإيمان وكفر … وقد أوضح لويس كوسر ذلك فى تعريفه الذى أشار أيضاً إلى تحقيق وضعيات نادرة أو مميزة ،وفرق فيه بين الصراع والمنافسة التى لا تتضمن السعى لمنع المنافسين من تحقيق أهدافهم .. ويلاحظ العلماء الذين درسوا الصراع أنه يمكن أن يكون ظاهراً ومسيطراً ،أو خفياً متنحياً ،ويمكن السيطرة عليه أو غير ممكن ،وقابلاً للحل أو غير قابل ،وقد ميزوا بينه وبين التوتر الذى يتضمن العداوة والخوف والشك وتصور اختلاف المصالح ،ولكنه لا يمتد بالضرورة إلى ابعد من الاتجاهات والإدراكات ليصبح مواجهة مفتوحة بين الإدارات ،والتوتر يسبق غالباً مرحلة انفجار الصراع ،وهو يلازمه ،وهناك علاقة قوية بين أسباب كل منهما ،ويميز هؤلاء العلماء بين ثلاثة مستويات من الصراع انطلاقا من طبيعة أطرافه ؛فهناك صراع بسيط بين أفراد يمارسونه مباشرة ،وصراع منظمات يتم بين جماعات منظمة مثل صراع الدولة مع النقابات العمالية ،وصراع جماعات لكل منها انتماؤها .
واضح أن ظاهرة الصراع البشرى قديمة بدأت مع وجود الإنسان ،منذ أن توعد أحد ابنى آدم آخاه “لأقتلنك” ثم طوعت له نفسه قتل أخيه فأصبح من الخاسرين . وهذا ما دعا المفكرين لدراستها عبر العصور . ومن هؤلاء هان فى تسو الصينى الذى جادل بأن جوهر المجتمع هو القوة ،وأن الناس فيهم نزوع إلى الكسل والجبن والخوف هو الذى يوجد الخير فيهم ويدفعهم إلى العمل درءاً للعقاب ،دهير الكتبس اليونانى الذى اعتقد أن الصراع هو قانون العالم المرئى ،والسفسطائيون الذين ذهبوا إلى القول بوجود تعارض بين القانون والطبيعة وأن العدالة ليست سوى مصلحة الأقوى وأن الطبيعة هى حكم القوة ،وبوليب الرومانى الذى قدم تفسيراً شاملاً للمجتمع على أساس مفهوم الصراع استمده من التاريخ الرومانى وفكرة أن السلام العالمى لا يمكن تحقيقه إلا من خلال مركزية السلطة فى روما ،كما أوضح رسلان فى كتابه .
تأخذ ظاهرة الصراع فى عالمنا المعاصر أبعاداً خطيرة ،بعد أن اكتوى العالم فى النصف الأول من القرن العشرين الميلادى بنار حربين عالميتين ،ما أسرع أن تلتهما حرب باردة استمرت خمساً وأربعين سنة ، فقد شهد العالم المعاصر منذ انتهاء الحرب الباردة حوالى خمسين صراعاً مسلحاً أساسيا ،وعدداً مماثلاً لصراعات أصغر هنا وهناك فى أرجائه ،كما يقول الاستاذ بيتر والينستين من إدارة بحوث السلام والصراع فى جامعة أوسالا بالسويد ،فى بحثه “إيجاد شروط لحوار بناء : خمسة دروس للمستقبل ” الذى قدمه لندوة “الإسلام وأوربا ” (الأردن – 6 / 1996) . وأصبح من الشائع فى عالمنا الحديث عن الصراع الدولى الذى يعبر عن مفهومه عن ظاهرة عدم التوافق أو التناقض فى المصالح والقيم والأهداف القومية بين القوى الفاعلة فى النظام الدولى . وتتحول ظاهرة التناقض هذه إلى ظاهرة صدام حين تسعى قوة فاعلة للتدخل فى شؤون قوة فاعلة أخرى . وتزداد ظاهرة الصراع انتشاراً فى المجتمع الدولى كلما افتقد هذا المجتمع الشريعة ،ويشهد عالمنا طرح نظريات صنع القرار ونظرية الاتصالات ونظرية النظم لريتشارد سيندر وكال دريش ومورتون كابلان . ويلاحظ أن غالبيتها ظهر فى الولايات المتحدة الأمريكية فى أعقاب الحرب العالمية الثانية .
لقد فتح انتهاء الخرب الباردة الباب لصراعات كثيرة تنشب بيد دول أو فى داخل الدول ،فى الوقت الذى يتضاءل فيه خطر المواجهة النووية الشاملة بين القوى العظمى ،الأمر الذى غير بنود جدول أعمال السياسة الدولية .
ويلاحظ “والينستين ” بحق بحثه أن حروباً جديدة بعضها بلا جذور وبعضها الآخر جذوره ممتدة فى التاريخ أخذت مكانها ،وبدأ الحديث يتردد حول “تهديدات جديدة ” بعد تفكك الاتحاد السوفيتى ،ولم يعد خافيا أن بعض منظرى الصراع فى الغرب بعامة والولايات المتحدة بخاصة طرحوا “الإسلام ” باعتباره خطراً يهدد الحضارة الغربية . وهكذا أصبح موضوع الصراع بين الإسلام والغرب والإسلام وأوروبا محل مناقشة. وتفنن مرجو هذه النظريات فى تشويه صورة الإسلام وتاريخ الحضارة العربية الإسلامية ،وفى التخويف من الصحوة الإسلامية التى سموها “الأصولية ” والخلط بينها وبين “التطرف الدينى ” ،وفى وضع شرائط مشاهد حول المواجهة الحتمية القادمة بين الحضارتين الغربية والعربية الإسلامية . وقد نظمت قوى الهيمنة الدولية حملة قوية دعائية لتعميم ذلك كله ،وقامت الحركة الصهيونية بدور خاص على هذا الصعيد شرحناه فى أحد فصول كتابنا ” فى مواجهة نظام الشرق الأوسط ” . وهكذا عادت تتردد من جديد مقولات “انتشار الإسلام بحد السيف ” “والحرب المقدسة ” “الجهاد ” “ودار الحرب ” مع أحاديث عن الحكم الإسلامى والمرأة فى الإسلام ووضع غير المسلمين فى المجتمعات الإسلامية .
إن عالمنا يشهد اليوم وهو يواجه الأبعاد الخطيرة لظاهرة الصراع محاولات جادة لمحاصرة هذه الظاهرة، ويشارك المسلمون مع غيرهم من المؤمنين ومحبى السلام القائم على العدل بجهودهم فى هذه المحاولات ويمكننا ونحن نتابع الاستجابة لتحدى الحملة المنظمة لتشويه الإسلام وإثارة الإحن بيين الحضارتين أن نلاحظ أمرين : أولهما حرص تيار قوى بين المسلمين على الدعوة إلى الحوار والدخول فيه مع كل القوى فى عالمنا رافعاً شعار التعرف وصولاً إلى التعاون على البر والقوى ،وهكذا رأينا أنواعاً من الحوار تجرى ومنها حوار دينى وآخر سياسى اقتصادى اجتماعى . والأمر الآخر أن أصواتاً قوية غربية بدأت تنطلق فى مواجهة هذه الحملة داعية إلى الحوار وللتعرف على صورة الإسلام الصحيحة وتاريخ الحضارة العربية الإسلامية ، ومنفذة المزاعم التى ترددها حملة التشويه ،والأمران معاً يحثان على تكثيف الجهود لطرح حقائق الإسلام وشرح موقف الإسلام من الصراع .
يتحدد موقف الإسلام من الصراع تبعاً للتصور الإسلامى للكون والحياة والاجتماع الإنسانى والإنسان . فالله سبحانه خالق كل شيء. وقد شاءت إرادته أن يجعل فى الأرض خليفة ،فأنشأ الإنسان من الأرض واستعمره فيها زوده بالسمع والبصر والفؤاد ،وهداه النجدين ،وأعطاه حرية الإرادة ،وحمله الأمانة ،وجعله مسئولا بعد أن بين له الطريق المستقيم ،وسخر له أشياء كثيرة فى الكون والبر والبحر ،ودعاه إلى الإيمان وعمل الصالحات واستباق الخيرات .
الإنسان فى هذا التصور ذو نفس وروح وعقل . وقد سوى الله سبحانه النفس الإنسانية فألهمها فجورها وتقواها ،وطلب من الإنسان أن يزكيها ليفلح ،وحكم بالخيبة على من يدسها ،وهكذا فإن هناك صراعاً يجرى على مستوى النفس الإنسانية بين الخير والشر والتقوى والإثم والحلال والحرام والحق والباطل ،وهو صراع مرتبط بالقيم ،ومرجعة القيم فى التصور الإسلامى هى الوحى الإلهى الذى أنزله الله على أنبيائه ورسله . والإنسان مدعو إزاء هذا الصراع إلى الارتقاء بنفسه الأمارة بالسوء فى مدارج السالكين لتصبح لوامة إذا خل صاحبها بالقيم ولتصل إلى منزلة النفس المطمئنة بالمجاهدة والنهى عن الهوى ،وقد ورد فى الأثر وصف جهاد النفس بأنه جهاد أكبر ،وهنا يبرز أو ل معنى من معانى الجهاد. وهذا المعنى يستهدف تحقيق السلام فى النفس الإنسانية بحيث تصبح راضية مرضية من خلال تحقيق التوازن بين الأشواق والضرورات ،والإسلام كما أوضح سيد قطب فى كتابه السلام العالمى والإسلام يبدأ ببناء السلام فى العالم بتحقيق سلام النفس الفرد ،ومن ثم سلام الأسرة ،فسلام المجتمع ،وصولاً إلى السلام العالمى .
الإسلام إذا يعترف بوجود الصراع على صعد كثيرة ،وهو ينطلق من هذا الاعتراف إلى توجيه الناس لكيفية حل هذا الصراع بدءاً من صعيد النفس ،وهذا ما نراه بوضوح على صعيد الأسرة التى بدأ بزوجين ذكر وأنثى خلقهما الله من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً . فهناك رباط شرعى هو “النكاح “يجمع بين الزوجين يباركه خالقهما ،يحدد لكل منهما حقوقه وواجباته ويجعلهما “محصنين ” ،تكون معاشرتهما بالمعروف ،فإن لم يتحقق ذلك فيكون “التسريح بالإحسان ” بعد أن تصل جهود الإصلاح إلى طريق مسدود .؟ وفى ظل هذا الرباط الشرعى ينشأ الأطفال ولهم حقوقهم التى تحرسها القيم وأولها حق الحياة فلا وأد ولا قتل ،ثم بقية الحقوق الأخرى صحية وتربوية . وفى كنف الأسرة تكون رعاية الإنسان حين تتقدم به السن ويبلغ به الكبر فيصبح شييخاً وقد يرد إلى أرذل العمر . والوحى الإلهى فى القرآن الكريم حافل بالتوجيهات لمعالجة أى صراع ينشب على صعيد الأسرة ذات الأجيال بين الزوجين أو بين الابن ووالديه بشأن المعتقد {وان جاهداك على أن تشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما فى الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إلى ثم إلى مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعلمون } [لقمان 15] .
تعنى تعاليم الإسلام عناية كبيرة بمعالجة الصراع الاجتماعى فى المجتمع ،فتنظر إلى الجماعة كأنهم جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ،وهى تحث من ثم على التكافل الاجتماعى والانفاق فى سبيل الله . كما أنها تحذر من “القارونية ” من أمثال قارون الذى كان من قوم موسى فبغى عليهم،وتدعو إلى مواجهة البغى بغير حق والطغيان بكل أشكاله ،وهى تركز على مبدأ العدل حلاً للصراع الاجتماعى {ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا أهدلوا هو أقرب للتقوى . واتقوا الله إن الله خبير بما تعلمون } [المائدة : 8 ] . كما تؤكد على مبدأ الشورى . {وأمرهم شورى بينهم }. {والذين إذا أصابهم البغى هم ينتصرون } [الشورى :38 ،39] .
يواجه الإسلام ما ينشب من صراع بين الشعوب والأمم والدول بتوجيهات إلهية لحل الصراع ،نابعة من تصور متكامل للعلاقات التى ينبغى أن تكون بين الناس . فالله سبحانه خلق الناس جميعا من ذكر وأنثى ، أصلهم واحد ،وجعلهم شعوباً وقبائل ليتعارفوا ،فالتعارف هدف لهم ،وهو جل وعلا شاء لهم أن يكونوا مختلفين فى ألسنتهم وألوانهم ولا فرق بينهم فى الإنسانية وكلهم سواسية كأسنان المشط ،وقد دعاهم إلى التعاون على البر والتقوى ونهاهم عن التعاون على الإثم والعدوان ،ولم ينههم عن بر من لم يقاتلهم فى الدين ولم يخرجهم من ديارهم وعن الاقساط إليهم . ودعا إلى الدخول فى السلم كافة . فالسلم هو الأصل حين يقام الميزان بالقسط ،والقتال هو لمواجهة الكفر والطغيان والبغى بغير حق حين يحدث طغى فى الميزان ،وحين يحدث طغى فى الميزان ،وحين يحدث العدوان {وقاتلوهم فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ،ولا تعتدوا ،إن الله لا يحب المعتدين } [البقرة :190] . وهذا جهاد فى سبيل الله ،وهكذا فإن الجهاد هو لرد حقوق المغتصبة ، وقمع العدوان ونصرة المظلوم وحماية الدعوة إلى الله . وجاءت تعاليم الإسلام متضمنة توجيهات بشأن انتهاء الحرب ومعاملة الأسرى ،ومؤكدة على الوفاء بالعهد {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود }[المائدة :1] ، {وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ،ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها ،وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً ،ان الله يعلم ما تفعلون }[النحل :91] ،وقد وصف القرآن الكريم المؤمنين بأنهم {الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق}[الرعد :20] ،{والموفون بعهدهم إذا عاهدوا }[البقرة :177] .
لقد فرض الإسلام الجهاد فى سبيل الله بمعناه الشامل الذى يتضمن جهاد النفس ،وجهاد الشيطان ،وجهاد الكفار والمنافقين ،وجهاد أهل المنكر من الظلمة والفسقة ،وهو فى جميع هذه الأحوال مقترن بالقيم العليا التى حددها الله سبحانه لعباده ،من تزكية للنفس إلى نصر الحق وإعلاء كلمة الله فى الأرض ،ولهذا نراه يرد فى الآيات القرآنية فى مواجهة الظلم والطغيان والبغى بغير حق ،دفاعاً عن المؤمنين {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين }[البقرة : 251] . كما نراه يرد مقترنا بالسلم الذى هو الأصل . بل ونجد كلمة ” المودة ” ترد بعد العداء {عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير غفور رحيم }[الممتحنة :7 ] . وهذه السورة تبدأ بنهى الله سبحانه المؤمنين عن أن يتخذوا عدو الله وعدوهم أولياء ،لأنهم كفروا بما جاء من الحق وأخرجوا الرسول . وهى تتضمن ذكراً لإبراهيم عليه السلام ،ولنا فيه أسوة حسنة ،الذى قال لأبيه الكافر لاستغفرن لك ودعا {ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا بنا انك أنت العزيز الحكيم }[الممتحنة :5 ] . وواضح أن الفرق شاسع بين صورة الجهاد فى القرآن ،وتلك الصورة التى رسمها بعض الكتاب غير المسلمين عن “الحرب المقدسة فى زعمهم” وقد اختار مراد هوفمان هذا القول عنواناً لفصل فى كتابه ” الإسلام مع القانون عنواناً لفصل فى كتابه “الإسلام كبديل ” ،وبين كيف تعامل الإسلام مع القانون الدولى للحرب على أساس الآيات القرآنية ،وانتهى إلى القول بعد استعراض هذه الآيات ” فإذا نظر القارئ إلى هذه الخلفية نظرة متأنية ،وعرف أن الإسلام يدعو للسلام فرضاً مفروضاً ، ويحرم العدوان ،ويستنكر كل حرب عدوانية ،فإنه سيفهم الآيات التى بترها عن سياقها هانز فو كنج وتخيرها ليرهن بها على ما زعم ،ولقد نبه من قبل محمد أسد عام 1980 على أهمية السياق ،الذى يجب أن يأخذه المرء فى الحسبان قبل استنطاق الآية على غير ما تنطق به (الإسلام كبديل ص 234 من الترجمة العربية ) .
ممارسة موقف الإسلام من الصراع فى تاريخ الحضارة العربية الإسلامية .
شهدت فترة البعثة المحمدية وبخاصة فى العهد المدنى ممارسة رسول الله صلى الله عليه وسلم لموقف الإسلام من الصراع ،فقدمت أنموذجاً احتذى المسلمون به ،وقد سار الخلفاء الراشدون وفق هذا الأنموذج ،وضربوا أمثلة علمية عليه ،ومن بين هذه الأمثلة وصية أبى بكر الصديق رضى الله عنه ليزيد بن أبى سفيان “وإنى موصيك بعشر / لا تقتل امرأة ولا صيباً ولا كبيراً هرما ،ولا تقطعن شجرا مثمرا ،ولا تخربن عامرا ،ولا تعقرن شاة ولا بعيرا إلا لمأكلة ،ولا تحرقن نخلا ولا تغرقنه ولا تكلل ولا تجبن ” (نيل الأوطار :7 /248 ) نقله وهبه الزخيلى فى كتابه العلاقات الدولية فى الإسلام ) . واستمرت هذه الممارسة النبوية لموقف الإسلام من الصراع مصدر هداية للتابعين وللفقهاء فى مختلف العصور ،وحرص المؤرخون على إبراز الأمثلة المشرفة التى جاءت على هداها ،ومن بين هذه الأمثلة ما ذكره ابن الأثير فى كتابه بالكامل فى التاريخ من قصة أهل سمرقند ،وما ذكره البلاذرى فى فتوح البلدان ،حين شكوا إلى الخليفة عمر بن عبد العزيز قتال قتيبة بن مسلم الباهى لهم دون إنذار فحكم قاضى الخليفة سليمان بن أبى الرى بخروج العرب المسلمين من أرض أهل سمرقند إلى معسكراتهم ومن ثم يتباحثون فى أمر الصلح أو الحرب وفقاً لتعاليم الإسلام .
لعل من أبرز ما سجله تاريخ العمران الحضارى العربى الإسلامى على صعيد “الصراع ” هو اسهام للفقهاء المسلمين فى بلورة “قانون دولى إسلامى “. وقد عنى مجيد خدورى بدراسة هذا الإسهام فى كتابه “القانون الدولى الإسلامى ” الذى قدم فيه كتاب السير للشيبانى ،فالأنظمة القديمة التى سبقت الإسلام لم تكن “دولية ” لأنها فشلت فى إدراك مفهومى المساواة والمعاملة بالمثل القانونين ،على حد قوله ،وحين ظهر الإسلام وبفضل دعوته الشاملة للبشرية جمعاء استشعرت الدولة الإسلامية الحاجة لبلورة القانون الدولى الإسلامى الذى هو “ليس نظاماً منفصلاً عن الشرع الإسلامى ،بل هو امتداد له ،والغاية منه تنظيم علاقات المسلمين بغير المسلمين سواء كان ذلك ضمن البلاد الإسلامية أو خارجها ” .وقد فرض المسلمون هذا النظام القانونى على أنفسهم وكانت أحكامه الخليقة أو الدينية تلزم المسلمين ” وإن كان بعض ما فيه من قوانين ليس فى صالحهم ” . وهكذا لم تكن قوة “السير ” الملزمة مبينة أساسا على نوع من المعاملة بالمثل بل كانت انطلاقاً من مبادئ واضحة محددة جاء بها الإسلام . وهكذا ما جعلها تنجو من الكيل بمكيالين . ويلاحظ خدورى أن الإسلام كان يفرض على المؤمنين المسلمين أن يحيوا حياة منسجمة مع الشرع الإسلامى ومع المبادئ الخليقة الإسلامية وخارجها ،وأن الإسلام انتشر بواسطة التجارة والعلاقات الثقافية التى اقامها المسلمون عبر حدود الدولة الإسلامية . ومشهور المثل الذى يقدمه انتشار الإسلام فى جزر الهند الشرقية على أيدى التجار المسلمين الذين سألوا شعوب تلك الجزر عن أحكام التعامل التجارى عندهم، وعرضوا عليهم أحكام الإسلام فى هذا التعامل فسعدوا بها وأصبحوا مسلمين .
لقد عمد بعض الفقهاء المسلمين فى ظل الظروف التاريخية التى عاشوها إلى تقسيم العالم إلى دار الإسلام ودار الحرب ،ولكن فقهاء مسلمين آخرين طرحوا دار العهد أو دار الصلح أيضا ،ودار العهد هى جملة الإقاليم التى عقدت عهداً مع المسلمين ،وعدد هؤلاء الفقهاء واجبات دار الإسلام تجاه دار العهد التى من بينها حمايتها من أى عدوان خارجى حتى لو كان القائم بهذا العدوان فئة من المسلمين المنشقين ،والحفاظ على حرية المعاهدين وعدم التدخل فى شؤونهم الخاصة ،واحترام المعاهدين فى أشخاصهم وأموالهم وحرمة منازلهم ،والحفاظ على الحرية الدينية لهم ،كما أوضح د . إحسان الهندى فى كتابه “الإسلام والقانون الدولى ” ويوجز خدورى فهمه لنظرية لجهاد فى سبيل الإسلام بأن هدف الجهاد نشر الدعوة وإشاعة حكم الله سبحانه فى العالم أجمع . وهو بمعناه الشامل لم يكن بالضرورة دعوة إلى العنف أو القتال الفعلى ،إذا أن الإسلام يستطيع أن يبلغ غايته عبر الوسائل السلمية ،وفى وسعنا اعتباره كفاحاً بالحجة والسيف “. وقد سبق أن أوضحنا متى يكون الكفاح بالسيف وفقاً لتعاليم الإسلام. وقد عنى عدد من الباحثين الغربيين بدراسة كتب “السير ” ،و”السير ” جمع سيرة وبه سمى الكتاب الذى يبين سيرة المسلمين فى المعاملة مع المشركين من أهل الحرب ومع أهل العهد منهم المستأمنين وأهل الذمة ومع المرتدين ،ومع أهل البغى الذين حالهم دون حال المشركين وإن كانوا جاهلين وفى التأويل مبطلين ” كما عرفها السرخسى فى كتاب المبسوط ،وقد راجع هذا الكتاب جوزيف هامر فون بورجستال عام 1827 الذى وصف الشيبانى مؤلف السير بأنه هيوجو جروشيوس المسلمين . وجرشيوس هو العالم الهولندى الذى تناول فى مؤلفاته موضوع السلم والحرب . وقد سبقه الشيبانى بثمانية قرون حيث توفى جروشيوس عام 1645 م بينما كانت وفاة الشيبانى عام 804 م . ويتتبع خدورى خلفاء الشيبانى فى كتابه السير ،ويقرر أن المعاهدة التى عقدها السلطان سليمان القانونى سنة 1535 مع ملك فرنسا فرنسيس الأول أبرز أداة تضمنت الاعتراف بأن السلم هو القاعدة التى تنظم علاقات المسلمين بغيرهم من الشعوب .
تأثرت ممارسة المسلمين لموقف الإسلام من الصراع بالظروف التاريخية التى مروا بها ،وقد أدى قيام الدويلات فى اطار الدولة الإسلامية إلى التوصل لاتفاق ضمنى مع الجيران غير المسلمين ينظم العلاقات بينهما على أساس المساواة والمصالح المتبادلة والتعامل بالمثل . وبقى غالبية الفقهاء يؤكدون على ضرورة التزام المبادئ التى جاءت بها تعاليم الإسلام ومنها مبدأ العدد ومبدأ الشورى ،وقد حفظ لنا التاريخ أمثلة رائعة على هذا الالتزام من أشهرها فتوى شيخ الإسلام فى عهد السلطان سليم الأول العثمانى بشأن عدم جواز إكراه أهل الكتاب الذين يخضعون للحكم الإسلامى على اعتناق الإسلام ،لأن الشريعة الإسلامية تقول ببقائهم على دينهم وان يمارسوا حرية شعائرهم الدينية ،واستوفت هذا المثل الأستاذ الأمريكى البرت هو لا يبير Albert Howe Lybyer فى كتابه “the Government of the Ottoman Empire in the time of Suleiman Magnificent (1913 Harvara)”(حكومة الإمبراطورية العثمانية فى عهد سليمان الرائع ) ،فخص بتعليق واف أوراده عبد العزيز الشناوى فى كتابه “الدولة العثمانية – دولة إسلامية مفترى عليها” حول التزام هذه الفتوى . وهذه الأمثلة الرائعة لا تعنى عدم وجود أمثلة الأمثلة الرائعة لا تعنى عدم وجود أمثلة أخرى على ممارسة لم تلتزم ،إذا وجد منها أيضا كثير وصدرت فتاوى كثيرة تبرر أفعالاً تعسفية قام بها الحكام أصدرها مفتون استمالتهم السلطات ،ولكن الأمثلة الرائعة هى التى بقيت تلهم المؤمنين وتذكر بأنموذج السيرة النبوية .
جديد جد على صعيد الممارسة بعد انهيار الدولة العثمانية وإلغاء الخلافة الإسلامية وبروز الدولة القطرية فى دائرة الحضارة الأوروبية . وذلك بفعل هيمنة الغرب على هذه الدول ووضع نظام علمانى تسير عليه مستمد من النظام العلمانى الغربى تأثرت به غالبيتها ،وهكذا تساهل البعض فى أمر العلاقات الخارجية، ودعا البعض إلى فصل الدين عن الدولة فصلاً تاماً ،ودعا بعض آخر إلى إقامة نظام إسلامى ضمن إطار المجموعة الدولية ومن أبرز القائلين بهذا الرأى الأخير عبد الرازق السنهورى فى كتابه “الخلافة ” . وآل الأمر إلى ربط الإسلام بقضية السلام والأمن العالميين على حد قول مجيد خدورى .
تفاعل موقف الإسلام من الصراع مع الواقع القائم فى عالمنا .
لافت النظر أن الفكر الإسلامى نشط فى علامنا المعاصر ،عالم ما بعد الحرب العلمانية الثانية ،فى إمعان النظر وإعمال الفكر فى الصراع المحتدم على صعد عدة فى العالم ،وعنى بدراسة النظام الدولى القائم وبالتفاعل مع حقائق الواقع ،واستشعر الحاجة لقيامه بدوره فى طرح رؤية إسلامية لحل الصراع وبلوغ السلام القائم على العدل . ويمكننا أن نرصد على هذا الصعيد ثلاث أفكار تبلورت لديه .
الفكرة الأولى : أن الإسلام قادر على التعايش مع العقائد الأخرى ،وهو مؤهل لأن يقدم إسهاماً متميزاً فى القانون الدولى والمعاملات الدولية ،وذلك من خلال تأكيده على المبادئ الأخلاقية فى التعامل ،واعتماده معياراً واحداً فى إقامة العدل الذى ينبغى أن يكون جوهر النظام الدولى لأنه أساس المللك ،{ولا يجر منكم شنآن قوم على ألا تعدلوا ،اعدلوا هو أقرب للتقوى ،واتقوا الله إن الله خبير بما تعلمون } [المائدة :8] . ولقد درس عدد من المفكرين المسلمين أزمة القيم التى تتحكم فى النظام الدولى ،وأحاطوا بما سببته من كوارث لشعوب العالم فى النصف الأول من القرن العشرين الذى شهد اندلاع حربين عالميتين وفى النصف الثانى الذى شهد احتدام الحرب الباردة وتفجر عشرات الحروب فى جهات مختلفة من عالمنا ،فطرحوا موقف الإسلام من الصراع والمبادئ التى تحكم التعامل مع الآخرين فى نظر التعاليم الإسلامية ،ومثل على ذلك ما كتبه محمد إقبال فى “تجديد الفكر الدينى ” وما كتبه مالك بن نبى فى “الإفريقية الأسيوية ” . ومن الملاحظ العربية الإسلامية تنبت فى المحافل الدولية مواقف من بعض القضايا المطروحة تنطلق من هذه المبادئ ، وأبرز مثل يعيشه العالم وهو الدفاع القوى عن حق مقاومة الاحتلال الذى تؤكده الشرعية الدولية وتعمد قوى الهيمنة إلى إنكاره ملصقة بممارسيه المقاومين تهمة الإرهاب . وقد رأينا كيف أدان بيان القمة العربية الأخيرة التى انعقدت فى القاهرة فى يونيو – حزيران 1996 كل أشكال الإرهاب وميزت فى الوقت نفسه بين الإرهاب ومقاومة الاحتلال مؤكدة أن هذه المقاومة حق شرعى يجب أن يصان ويحترم وليست إرهاباً ، ومثل آخر هو فضح اعتماد قوى الهيمنة الدولية معيارين فى التعامل ،ويلقى هذا التوجه تجاوباً متناسياً من قبل عامة الناس من مختلف الشعوب التى تدرك بفطرتها أن أساس العدل وجوهره هو أن لا ترضى للأخر ما لا ترضاه لنفسك ،وأن تحب لأخيك الإنسان ما تحبه لنفسك ،وقد أوضح الفكر الإسلامى المعاصر أن مشاركة الجول فى دائرة الحضارة العربية الإسلامية فى التوقيع على الاتفاقات الدولية يعنى أن المسلمين يعيشون مع من لا يحاربهم فى دار العهد .
الفكرة الثانية: أن الإسلام بطبيعته يحث على الحوار الهادف لتحقيق التعارف وصولاً إلى التعاون على البر والتقوى بين الأمم والشعوب والدول والتجمعات الإقليمية ،وأن حاجة عالمنا ماسة إلى هذا الحوار فى ظل احتدام صراعات كثيرة فيه ،وأن المسلمين من ثم مدعوين إلى مباشرة هذا الحوار ،ويمكننا أن نرى بوضوح إقبال المسلمين فى عالمنا على صور مختلفة من الحوار ،فهم يشاركون فى حوارات دينية مع المسيحيين واليهود وإتباع أديان أخرى من بوذيين وهندوسيين وشنتويين ،وهم يشاركون فى حوارات إقليمية حكومية مثل الحوار العربى الأوربى ،وهم يشاركون فى حوارات فكرية غير حكومية حول موضوعات وقضايا حيوية ،وقد أسهم عدد من المفكرين المسلمين فى شرح ظاهرة الحوار هذه ،والإحاطة بها ،وتوضيح أهداف الحوار وعوامله وأساليبه ونتائجه ،وكان لكاتب هذه الورقة إسهام متواضع على هذا الصعيد فى كتابين “الحوار العربى الأوروبى ” “وعمران لا طغيان ” وفى كتاب تحت الطبع عنوانه “تجديد الفكر استجابة لتحديات العصر ” .
الفكرة الثالثة :أن الفكر الإسلامى يتابع ما تقوم به مراكز بحثية تعبعة لقوى الهيمنة الدولية من تنظير لتفجير صراعات فى عالمنا ،ومن تحريض على الإسلام ووصفه بأنه الخطر الأكبر على الحضارة الغربية ،وكذلك على الكونفوشوسيه حضارة الصين ،ولافت للنظر أن الفكر الإسلامى لم ينجر فى غالب الأحيان إلى موقف رد الفعل على هذا التحدى ،بل اتخذ موقف الاستجابة الفاعل مؤكداً على حرصه على الحوار بين الحضارات وتعارف الثقافات وشارحاً حقائق الإسلام وأباطيل خصومه ومتجاوباً مع حرص بعض الغربيين على رفض دعاوى العداوة للإسلام ومتعاوناً معهم . وقد رأينا هذا بوضوح فى موقف الفكر الإسلامى من نظرية صدام الحضارات التى طرحها صموئيل هنتنجتون وساندها روبرت كالبن الذى كتب مؤخراً “نهايات الأرض ، رحلة إلى فجر القرن الحادى والعشرين ” وقدم عرضاً لهذا الكتاب عاطف الغمرى فى أهرام 2/7/1996 .
كما رأينا ذلك بوضوح فى ردود عدد من المفكرين الأوروبيين على هذه النظرية فى عديد من الندوات الفكرية ،ومثل عليها ندوة “الإسلام وأوروبا ” التى عقدت فى 6 / 1996 فى الأردن بمشاركة عدد من المعاهد السويدية البحثية .
وبعد ..
فإن الفكر الإسلامى الذى ينهل من معين الوحى الإلهى ويتفاعل مع الواقع القائم بإمعان النظر فيه وإعمال الفكر للإسلام فيها دوره الفاعل فى إقامة نظام عالمى قائم على العدل ،وفى تحديد ماهية الصراع فى عالمنا على أساس من القيم العلا ،فهو حقيقته صراع بين العدل والجور ،والتعارف والتناكر ،وتعاون على البر والتقوى وتعاون على الأثم والعدوان ،وحق الباطل .. بين قوى هيمنة دولية يحكمها طغاة وقارونيون جدد وقوى المؤمنين الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه ويتطلعون إلى عالم يسوده السلام المستتب القائم على العدل . ومن هنا فالحوار ليس بين شرق وغرب ولا بين هذه الدولة وتلك ولا بين شمال وجنوب وإنما هو بين الفئة المؤمنة الساعية للعدل والقوى الطاغوتية ،والفئة المؤمنة فيه تخاطب الناس وتدعوهم بالتى هى أحسن ولا تعتدى ،ولكنها ترد العدوان وهى تلتزم بتعاليم الوحى الإلهى فى التعامل مع الآخر ،ونصب عينها أن السلم هو الأصل وأن الحرب العادلة هى عند الضرورة لرد الاعتداء ورفع الظلم وهى مدركة أن السلام يمكن أن يتحقق إذا تعامل الناس على أساس يمكن أن يتحقق إذا تعامل الناس على أساس من الندية لتلبية مصالحهم المشتركة الحيوية ووضعوا الميزان وأقاموا الوزن بالقسط ولم يخسروا الميزان . كما أنها واثقة من انتصار الحق {ولينصرون الله من ينصره إن الله لقوى عزيز } [الحج: 40 ] .