– الغرض من التقويم في المحاسبة ووحدة قياس القيمة:
أ- الغرض من التقويم في المحاسبة التقليدية هو معالجة رأس المال النقدي المكتتب فيه وأوجه استعماله ومتابعته في دورته المستمرة وتتبع الزيادة أو النقص فيه, والميزانية في ظل هذه النظرية التقليدية عبارة عن وثيقة تاريخية تعطي صورة تمت بصلة إلى زمن الاكتتاب فقط.
وقد ظهرت أخيرا نظرية القيمة الاستبدالية التي تنادي بأن الغرض من التقويم ليس هو معالجة رأس المال الأصلي من حيث عدد وحداته النقدية وكميته المادية – كسلع وخدمات – أي في شكله الاقتصادي. فالميزانية عبارة عن وثيقة تعطي صورة حقيقة حاضرة للأصول والخصوم ورأس المال في التاريخ الجاري. والفقه الاسلامي المحاسبي ينادي بأن الغرض من التقويم هو معرفة قيمة الملكية في ساعة معينة, وما الميزانية إلا بيان بقيمة تلك الملكية في ساعة معينة, وما هي إلا وثيقة تراد التعكس القيمة الجارية لا القيمة التاريخية, اي ان التقويم هو لمعالجة رأس المال في صورته الحقيقة الحاضرة اي في شكله الاقتصادي.
ب- وتساءل الاستاذ باروكيلف في المؤتمر العالمي السادس للمحاسبة عما إذا كان من الممكن اتخاذ أساس بديل للوحدة النقدية في الحسابات وقد حدا به إلى هذا التساؤل عدم ثبات قيمة الوحدات النقدية الحالية كمقياس للقيمة. واقترح البعض كبديل – مثلا – اتخاذ متوسط أجر عمل العامل في الساعة كوحدة لمقياس جميع القيم. ووجهة النظر الاسلامية في هذه المسألة – كما أفهمها وأراها وأنادي بها – أن نظام الوحدة النقدية نظام لابديل له لأن الوحدات النقدية المطلقة – من الذهب والفضة – معدة بأصل الخلقة وباعداد الله تعالي لأداء هذه الوظيفة في هذا الكون – وظيفة الثمنية وقياس القيمة, والنقود المقيدة – كالنقود الحالية – ليس لها في نظر الفقه الاسلامي في الحقيقة ما للنقود المطلقة إلا باعتبار ما تعادل من النقد الخلقي.
2- الأصول والقيمة في المحاسبة – تقسيم الاصول – وجود دورة استعمال ثم استبدال شاملة لجميع العروض – المحافظة على رأس المال تعني المحافظة على سلامته في شكله الاقتصادي:
أ- يتنازع الأصول والقيمة في المحاسبة حاليا نظريتان: النظرية التقليدية التي تنادي بالنظر إلى أعيان الأصول وذواتها كأشياء مع التفكير في قيمتها من حيث هذا المفهوم الطبيعي العيني لها ومن حيث التغيرات التي تأخذ مكانها في قيمتها في تاريخين معينين. أما النظرية الثانية فتنادي بالتفكير في الأصول من حيث تدفق وانسياب النقدية من المشروع وإليه ناظرة إليها كنفقات تنساب ككل إلى الجهاز الانتاجي للمشروع تاركة فكرة النظر إليها كأشياء. وما الأصول إلا مجرد أرصدة تكاليف ونفقات مرجأة ولا تعني الأرقام الظاهرة في الميزانية أي تقويم إيجابي لأعيان الأشياء وذواتها ويظن أصحاب هذه النظرية أنهم بالتخلص من المفهوم الطبيعي العيني لأعيان عناصر الميزانية يتخلصون من الارتباكات والمشاكل السائده حو العلاقة بين التكلفة والقيمة السوقية.
والتفكير في الأصول والقيمة قي الفقه الاسلامي المحاسبي يرتكز على الدوام على فكرة المال المتقوم وعلى المفهوم الطبيعي العيني لأعيان عناصر الميزانية كأشياء تقوم تقويما إيجابيا لمعرفة قيمة الملكية في ساعة معينه ومتابعة رأس المال في دورته المستمرة وتتبع الزيادة أو النقص فيه.
ونحن نتمسك بوجهة النظر الاسلامية في التفكير في الأصول والقيم من حيث كونها مالا متقوما لا من حيث كونها أرصدة أرصدة تكاليف مسافة ونفقات مرجأة, وأقرر بأن التخلص من فكرة المفهوم الطبيعي العيني لأعيان عناصر الميزانية كأشياء والنظر إليها كأرصدة تكاليف لا غير قد أوقع المحاسبة – في رأيي – في مشكلة أخرى أصعب وأشد تعقيدا هي مشكلة تحديد كم من النفقة التي أنفقت في المدة المالية الحالية أو في مدة سابقة سيرحل ويساق إلى مدد مقلبة كأصل من الأصول وكم منها سيحمله إيراد المدة الحالية.
ب- تقسيم الاصول:
تختلف النظرية الاسلامية في الأصول والقيمة عن النظريات السائدة اختلافا جوهريا بينا في المبادئ الاساسية التي تعالج كيفية تقسيم العناصر المكونة للأصول.
فبينما تنادي المحاسبة التقليدية بتقسيم الأصول أو الموجودات من حيث الحركة أو البقاء في المشروع إلى أصول ثابته وأصول متداولة على ان تشمل الأصوال المتداولة النقدية, المدينين, أوراق القيض , المخزون السلعي, … نجد النظرية الاسلامية المحاسبية تنادي بالنظر الى الأصول في المشروع من حيث:
1- المعاملة أولا
2- أو الانتفاع أولا
ومن ثم تنقسم الأصول إلى مجموعتين رئيسيتين وإلى قطاعين في الميزانية هما:
1- مجموعة النقود
2- مجموعة العروض
والفكرة الأساسية وراء هذا التقسيم أن النقود مقصود منها المعاملة أولا لا الانتفاع والعروض مقصود منها الانتفاع أولا لا المعاملة, والنقود ليست مقصودة لذاتها بل وسيلة إلى المقصود ولا تصلح للانتفاع بعينها في سد الحاجات الأصلية – والصورة التي قد ينتفع فيها بعين النقود باستثمارها في صورة قرض بفائدة محددة ربا يحرمه الاسلام – فالنقود تؤدي في المشروع وظيفة تختلف عن وظيفة العروض ولا عجب أن يفرد لها مجموعة مستقلة تميزها عن سائر الأصول الأخري في الميزانية بل العجب ألا نفعل ذلك. وتشمل مجموعة النقود دين النقد أو دين القرض وهو ما كان أصله من قرض, أما دين التجارة أو دين البيع وهو ما كان أصله من بيع وتجارة فحكمه حكم عروض التجارة في الفقة الاسلامي ويدخل ضمن مجموعة العروض.
هذا التمييز بين النقود والعروض وإفراد النقود في مجموعة مستقلة عن العروض في الميزانية هو عكس ما تشاهده حاليا في المحاسبة من اعتبار وإظهار النقدية والمدينين والبضاعة في مجموعة واحدة هي مجموعة الأصول المتداولة.
وقد بدأت تظهر في المحاسبة اتجاهات وآراء حديثة كتقرير اللجنة الفنية والبحوث التابعة لمجمع محاسبي التكاليف والأشغال بانجلترا في سنة 1954, الذي تنادي فيه اللجنه – بصفة شخصية – بأنها قد أنتهت من دراستها التحليلية لعمليات المشروع إلى أن حاصل النقدية بين حواصل المشروع ما هو إلا حاصل مساعدة كقوة شرائية تستعمل لتمويل عمليات دورة التشغيل والمتاجرة بين استعمال واستبدال العروض وهذه هي وظيفة النقود الأساسية في المشروع أما الحاصل الأساسي فمداره العروض.
ونجد الاستاذ نوريس يدعو إلى التمييز بين الأصول التي تساهم في أداء الخدمات وتوريد السلع في المشروع والتي يتكون منها الجهاز الانتاجي في المشروع وبين النقود والمطالبات القانونية بالنقود – المدينين والدائنين – التي يتكون منها المركز المالي في المشروع وما النقود على حد قوله إلا اختراع مناسب لتسهيل المبادلة.
ج- تقسيم العروض:
أما مجموعة العروض – وهي ما سوى النقود – فيدور التفكير في تقسيمها في الفقه الاسلامي المحاسبي من حيث:
1- الاعداد للبيع وكونها مرصودة للربح.
2- عدم الاعداد للبيع وكونها غير مرصودة للربح.
ومن ثم تنقسم العروض إلى:
1- عروض القنية: وهي العروض غير المعدة للبيع غير المرصودة للربح.
2- عروض التجارة: وهي العروض المعدة للبيع المرصودة للربح.
ونشير هنا مرة أخرى إلى وجه الشبه في هذا التقسيم وبين ما تنادي به اللجنة الفنية والبحوث التابعة لمجتمع محاسبي التكاليف والاشغال بانجلترا من تقسيم الأصول الى عروض رأسمالية وعروض إيرادية.
وإنني أحبذ هذا التقسيم الجديد للأصول في الميزانية على أساس وظائفي وأعرضه على الباحثين في عالم المحاسبة لمناقشته.
الأصول
| |
مجموعة النقود مجموعة العروض
عروض التجارة عروض القنية
وفي رأي الخاص أن هذا التقسيم وما وراءه من مبادئ قد يحل مشكلة من مشاكل المحاسبة الحالية وهي مشكلة الصعوبة في وضع بعض الأصول كالحسابات الاسمية المدينة مثلا من تأمين نور أو مياه وإيجار مقدم ضمن الأصول الثابته أو الأصول المتداولة . ويعرض لنا بعض المحاسبين هذه المشكلة فيقولون أن تأمين النور أو المياه يبقي في المنشأة ولا تحسبه المنشأة عادة إلا عند تصفيتها فهو من هذه الناحية يشبه الأصل الثابت إلا أنه من ناحية أخرى يمثل دينا للمنشأة قبل شركة النور أو المياه فهو يشبه المدين او الأصل المتداول. وكذلك قد يبدو أن الايجار المقدم لأول وهلة يشبه المدينين إلا أنه من ناحية أخرى يختلف عن المدينين من حيث أن المنشاة لن تسترد مبلغة نقدا كما هو في الحال في الديون. ووجهة النظر الاسلامية في تقسيم الأصوال تريجنا من هذا التردد ومن هذا الحيرة باعتبار أن المنافع والخدمات غير المعدة للبيع المشتراه بقصد الاقتناء هي من عروض القنية, واعتبار أن المنافع والخدمات المشتراه بقصد التجارة والمعدة للبيع هي من عروض التجارة.
فالايجار المقدم مثلا من عروض القنية باعتبار أن الايجار عقد بيع منفعة وان المنفعة مال وأن هذا المال غير معد للبيع بل يراد للاقتناء وليس هناك وجه شبه بينه وبين دين التجارة أي دين البيع الذي أصله من بيع والذي حكمه حكم عروض التجارة كما أنه ظاهر بوضوح أنه لايشبه دين القرض أي دين النقد الذي أصله من قرض والذي يدخل ضمن مجموعة النقود.
د- تأكيد وجود دورة انتفاع واستعمال ثم استبدال واخلاف مستمرة شاملة لجميع العروض في المشروع المستمر وتأكيد أهمية فكرة تقليب المال في التجارة في الفقه الاسلامي المحاسبي وإخلاف المال وإدارته حالا بعد حال وفعلا بعد فعل طلبا للربح. وينبغي علينا أن نتفهم نظريات التقويم في المحاسبة في ظل هذه الدروة المستمرة الشاملة لجميع العروض وأنه لكي يستمر التشغيل أو المتاجرة على نفس المستوى لابد من استبدال واستخلاف العروض المستعملة للمحافظة على رأس المال الفعال في المشروع ورأس المال الاقتصادي.
ه- تعني المحافظة على سلامة رأس المال في الفقة الاسلامي المحاسبي المحافظة على سلامة رأس المال الاقتصادي أى من حيث كميته ووحداته المادية وقوة استبدال العروض والسلع والخدمات به لا من حيث عدد وحداته النقدية.
ومن ثم يتقرر أن رأس المال المستهلك – من عروض وخدمات – في سبيل تحصيل الربح يتعين تعويضه على أساس القيمة الاستبدالية لا على أساس التكلفة التاريخية الأصلية. وهذا هو رأيي في السلامة الحقيقة لرأس المال, وهذا هو في نظري معنى بقاء أصل المال سليما.
3- ماهية الربح, الغلة, الفائدة في الفقه الاسلامي – فكرة الربح المددي – البيع ضرورة لظهور الربح لا لحدوثه – الربح ينشأ ولو لم تتم عملية البيع – الربح التقديري يؤخذ في الحسبان عند قياس الربح:
أ- ماهية الربح في الغلة والفائدة في الفقه الاسلامي المحاسبي:
يتنازع الربح حاليا في المحاسبة نظريتان: نظرية النمو والزيادة في القيمة ونظرية الخدمات أو النظرية التحليلية للعلاقة بين الايراد والنفقات.
والربح في الفقة الاسلامي نوع من النمو والزيادة في رأس المال وفي القيمة إلا أنه يوجد نوعان آخران من نماء المال هما الغله والفائدة. أما الغلة فهي ما يتجدد من عروض التجارة بلا بيع لرقابها كثمرة النخل المشتري للتجارة وأجرة الدار المشتراه بقصد الربح والتجارة قبل بيعها. وأما الفائدة فهي كل نماء أو زيادة تتعلق بعروض القنية. فكل ربح نماء ليس كل نماء ربحا.
ويلتقي مفهوم الربح في الفقة الاسلامي المحاسبي مع مفهومه من وجهة نظر الاقتصاديين.
وأرى أن نسير على نظرية النمو والزيادة في القيمة عند مقياس الربح وألا يتذبذب مفهوم الربح في المحاسبة بين نظريتين: لا إلى هذه ولا إلى تلك مع ضرورة التمييز عند تصوير حسابات النتيجة السنوية بين أنواع النماء الثلاثه المختلفة لرأس المال من ربح وغلة وفائدة وإظهار نوع على حدة في مفردة مستقلة.
ب- فكرة الربح المددي في الفقه الاسلامي المحاسبي:
ضرب الحول – السنة القمرية – مدة تقديرية لحصول النماء دون الالتفات إلى مدته الحقيقية ومنعا من الانتظار أقيم السبب الظاهر وهو الحول مقام المسبب وهو النمو وقدر النمو بالحول, فلا تنتظر حتى بنض المال وتظهر حقيقة الربح بالبيع.
هذا ما تادى به الفقه الاسلامي المحاسبي مذ أربعة عشر قرنا وهو ما ينادي به علم المحاسبة من الأخذ بفكرة الربح المددي دون الربح الحقيقي عند قياس الربح لاعتبارات إجتماعية وقانونية تحول دون انتظار إنهاء عمليات المشروع مع ملاحظة مع ان التقديرات الاسلامية كلها بالأهلة لا بالشمس فهي التي حددها الله سبحانه وتعالى مواقيت للناس.
ج- البيع ضرورة لظهور الربح لا لحدوثه ولا يتوقف حدوث الربح على وقوع عملية البيع.
وما البيع إلا تبديل العروض التي من غير جنس إلى رأس المال بجنسه لتظهر حقيقة الربح. ولهذا لا يصح في نظري – إذا فهمنا الربح على أنه نماء جار في الحول – أن يقال أن الربح لا ينشأ الا عند وقوع عملية البيع بل يقال إن عملية البيع تظهر حقيقة الربح فقط.
والعبرة عند التقويم في نظر الفقه الاسلامي – فيما أرى – هي بحدوث الربح لا بظهوره. وإنني – بصفة شخصية – أرى الأخذ بهذا المبدأ من مبادئ الفقة الاسلامي المحاسبي الذي هو على النقيض تماما مما تنادى به المحاسبة التقليدية حاليا من انه لا يعقل أن يكتسب المشروع أرباحا دون بيع فعلي, كما أدعو في نفس الوقت الى التخلص من الفكرة التي تربطنا وتشدنا إلى الالتفات إلى ظهور الربح عند معالجة مالم ينض من المال والعبرة هي بحدوث الربح لا بظهوره وبصيرورته متحققا بالبيع.
د- كل ربح حاصل في أثناء الحول- ولو قبل آخره بلحظة – تحقيقا أو تقديرا بالقوة أو بالفعل يعين في النفقة الاسلامي أخذه في الحسبان عند التقويم. إن الربح التقديري قوة وقدرة على الاستنماء والاسترباح يجب عدم إعفالها ويجب ألا نضرب صحفا عن وجودها وطالما أننا ننظر بعين الاعتبار إلى القمية الجارية فيتعين أن ننظر بعين الاعتبار إلى القوة والقدرة على الاسترباح, وكما لاندع جانبا القيمة الجارية للأصول فاننا لا ندع ايضا العوامل الفعالة في قيمة رأس المال وقدرات المشروع على الاكتساب.
وطالما ان هناك نموا وزيادة – ولو تقديرا وحكما – فيجب أن يشملها القياس عند التقويم.
هذا الرأي الذي يراه الفقه الاسلامي المحاسبي – وأراه معه – يهدم عقيدة راسخة من قواعد التقويم في المحاسبة التقليدية هي قاعدة عدم احتساب أرباح إلا إذا تحققت فعلا. وباظهار حسابات النتيجة السنوية – على السواء – للربح التقديري والربح الحقيقي الحاصلين في أثناء الحول والخسارة الحقيقية والخسارة التقديرية, تذوب مشكلة الربح المحقق وغير المحقق في المحاسبة ويختفي التناقض في مبادئ المحاسبة التقليدية بين أخذ الخسارة التقديرية في الحسبان دون الربح التقديري. ونستفيد أو تتحمل كل مدة مالية بكامل نصيبها من الربح أو الخسارة تحقيقا أو تقديرا.
4- ماهية القيمة الجارية في الفقه الاسلامي المحاسبي – التقويم بسعر البيع العادي الحاضر في ميزانية الاستغلال – التقويم بسعر البيع المستقبل في ميزانية التنازل أو الترك – إتباع نظام (( التالي أولا)) في استعمال المخزون السلعي وتسعيره – تكلفة المبيعات هي تكلفة استبدالها لا تكلفتها التاريخية.
أ- القيمة الجارية للعروض – من عروض قنية وعروض تجارة – هي الأساس السليم لتصوير مركز مالي لمشروع مستمرة في تاريخ معين. ونعني بالقيمة الجارية في النظرية الاسلامية للتقويم سعر للبيع العادي الحاضر في تاريخ الميزانية بعد استبعاد مصاريف البيع والتوزيع. ويتضمن هذا المركز النماء الحقيقي والتقديري بأنواعه الثلاثه من ربح وغله وفائدة, على أن يظهر كل منها في مفردة مستقلة مع بقاء رأس المال ثباتا لأغراض المقارنة.
ب- كيفية تقويم الدين المؤجل بقيمته الجارية في الفقه الاسلامي المحاسبي:
الاسلام يحرم الربا, والفائدة الحالية – كما يقرر الاستاذ الشيخ محمد أبو زهرة – لا تختلف عن الربا الذي حرمه القرآن, وعلى هذا فلا تصلح قاعدة سعر الخصم المعروفة لتحديد القيمة الحالية للديون الؤجلة وقد توصل الفقه الاسلامي إلى حل لهذه المشكلة بتقويم الدين المؤجل إذا كان مرجوا بعرض, ثم تقويم العرض بنقد حال. وضرب لنا الفقهاء مثلا برجل له عشرة جنيهات مؤجلة فيقال ما مقدار ما يشتري بهذه العشرة جنيهات المؤجلة من الثياب مثلا فاذا قيل خمسة أثواب قيل واذا بيعت هذه الخمسة بنقد حال فبكم تباع؟ فاذا قيل بثمانية جنيهات اعتبرت هذه الثمانية قيمة للعشرة جنيهات المؤجلة. وأقول فاذا قيل بأثني عشر جنيها قيمة للعشرة جنيهات المؤجلة. فالفقه الاسلامي المحاسبي يكفل الوفاء بالحاجات العملية للسوق المالية والتجارية والاقتصادية ويكفل تطبيق نظرياته تطبيقا عمليا.
ج- ونقرر أن النظرية الاسلامية للتقويم نظرية كاملة, فهي إذ تنادي لغرض تصوير مركز مالي في تاريخ معين باتخاذ سعر البيع الحاضرأساسا للتقويم في ميزانية الاستغلال تنادي بأنه لغرض تصوير مركز مالي في تاريخ معين في ميزانية التنازل أو الترك تتخذ القيمة الاقتصادية المستقبلة لا القيمة الحاضرة أساسا للتقويم أي وفقا لسعر البيع المستقبل في السوق الموسمية العادلة.
د- تكلفة عروض التجارة المستعملة, وهي تكلفة استبدالها لا تكلفتها التاريخية, ونرى أن يتبع في معالجة استعمال المخزون السلعي وتسعيره نظام (( التالي أولا)) Next –in – First -Outالذي يمثل سعر الاستبدال. وذلك بدلا من نظام (( الآخر أولا)) First -OutLast – in – الذي لا يتخلى نهائيا عن فكرة التكلفة التاريخية. وفي رأيي أن النظام (( التالي اولا )) يكفل المحافظة على سلامة رأس المالي من حيث قوته الاستبدالية
ه- يحتسب إستعمال عروض القنية – الاستهلاك – على أساس القيمة الاستبدالية الجارية لا على أساس التكلفة الأصلية التاريخية للمحافظة على سلامة رأس المال في شكله الاقتصادي.
و- أرى التخلي نهائيا عن نظرية التكلفة التاريخية في التقويم في المحاسبة واتباع نظرية القيمة الجارية وألا تكون الميزانية خليطا من مفردات تقوم بأثمان تاريخية ومفردات تقوم بأثمان جارية.
وأستلفت الأنظار إلى أهمية تصوير مراكز محاسبية اقتصادية.
5- معالجة أثر مستويات الثمن المتغيرة في التقويم في الفقه الاسلامي:
أ- اختلاف الفقهاء في ضم الدنانير إلى الدراهم بالاجزاء أم بالقيمة:
يرى الحنفية ان يضم أحد النقدين إلى الآخر بالقيمة في وقت الزكاة. أما المالكية والحنابلة فيرون الجميع بالأجزاء لا بالقيمة بأن يجعل كل دينار بعشرة دراهم ولو كانت قيمته اضعافها.
ونحن نختار الرأى الذي قال به الحنفية في الالتفات إلى القيمة الجارية الحقيقة.
ب- رسالة ابن عابدين في (( تنبيه الرقود على مسائل النقود)):
تتلخص هذه الرسالة القيمة في أن هناك قولين في معالجة أثر رخص وغلاء النقود – أى التضخم والانكماش النقدي – عند الوفاء بقيم البيوع والقروض:
1) لايلزم إلا المثل عددا ونوعا ولا ينظر إلى القيمة وليس للبائع غيرها إن زادت فالبيع على حاله ولا يتخير المشتري وكذا إن انتقصت ليس للبائع أن يستوفي غيرها ولا يرجع بالتفاوت.
2) ينظر الى قيمة الفلوس لا عددها فيلزم قيمتها في يوم البيع في البيع وفي يوم القبض في القرض لا مثالها أي أنها تستوفى قيمة لا عددا.
ويحذرنا ابن عابدين فيقول: (( وإياك أن تفهم أن خلاف أبي يوسف جار حتي في الذهب والفضة فانه لا يلزم لمن وجب له نوع منها سواء بالاجماع فان ذلك الفهم خطا صريح ناشئ من عدم التفرقة بين الفلوس والنقود)) .
ونحن نختار الرأي الذي قال به أبويوسف تمشيا مع رأينا في النظر عند التقويم إلى القيمة الجارية الحقيقية.
ج- وعلى هذا فأرى عدم تجاهل التغيرات الدائمه التي تلحق قيمة الوحدات النقدية الحالية وأنه ينبغي قياس أثر هذه التغيرات في مستويات الثمن – بسبب التضخم النقدي عند تصوير المراكز المالية السنوية واعداد حسابات النتيجة السنوية. ويتم ذلك باستخدام أرقام فياسية لهذا التغير, ثم تتم معالجة القيم الفعلية Actual Valuesلاظهارها مقرونة بالقيم النقدية الأساسية Basic Values في زمن الاستثمار الأصلي وبالقيمة النقدية الجارية في تاريخ الميزانية. وأرى أن نكتفي حاليا- على الأقل – باظهار هذه البيانات المقارنه كمعلومات إضافية في ميزانيات تذكارية وحسابات أرباح أو خسائر تذكارية تلحق بالميزانيات والحسابات الختامية القانونية المنشورة.