مقدمة:
1- لا يوجد في كتب الاقتصاد حتى الآن باب من البنوك الإسلامية، ذلك أنها ظاهرة حديثة لم يمض على ظهورها عشر سنوات بعد.
2- كما أنه لا يوجد في كتب الفقه الإسلامي حتى الآن باب عن البنوك الإسلامية، ذلك أن كتب الفقه التي بين أيدينا إنما تعالج نظم الحياة الاقتصادية في صورتها التي كانت معروفة عند وضعها ولم تكن مؤسسة البنوك قد ظهرت إلى الوجود بعد.
3- ومن هاتين الملاحظتين يتبين لنا أننا نعالج موضوعا جديدا هو أحد موضوعات الاجتهاد المعاصر أن لم يكن أهمها على الإطلاق، والمجتهد مأجور على كل حال أن أصاب فله أجران وأن أخطأ فله أجر واحد.
4- والخطأ وارد على كل حال وبخاصة فيمثل هذه المسائل الشائكة التي تتعلق بالمال وهو عصب الحياة، والتي تتوقف صورها ووظائفها على الرد على سؤال مبدئي هو: هل البنوك في التطور الإسلامي للحياة المعاصرة من اختصاص القطاع الحكومي أم أن بالإمكان قيام القطاع الخاص به كذلك؟ ليس في نيتي الإجابة عن هذا السؤال وإنما أشرت إليه فقط لا حدد أبعاد الموضوع الذي أعالجه..
5- بعد ثان ينبغي أن أشير إليه هو أنه – حتى لو كان الرد على هذا السؤال السابق يسمح بقيام القطاع الخاص بالأنشطة المصرفية، فمازال من الضروري التفرقة بين الوضع الذي تتغير فيه كافة نظم الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية إلى النظام الإسلامي، والوضع الذي يقوم فيه بضعة بنوك إسلامية متناثرة هنا وهناك كالواحات الصغيرة في وسط أنظمة أخرى غير إسلامية، ويهمني هنا بالتحديد التفرقة بين البلاد التي هي بسبيل تحويل النظام المصرفيه فيها بأكمله (وعلى قمته البنك المركزي) إلى النظام الإسلامي وبين البلاد التي يقوم فيها بنك أو بنكان إسلاميان إلى جوار مئات البنوك الأخرى.
6- وحتى تتشعب بنا الموضوع فسأقتصر على بحث الحالة الأخيرة فقط دون غيرها من الحالات.
ويمكن إيجاز أهم الصعوبات التي تواجه هذه البنوك على النحو التالي:
أولاً: صعوبات قانونية:
تتعلق بتكييف العمل المصرفي وما يترتب على هذا التكييف من أحكام إلزامية.
1- فالعمل المصرفي في نظر القانون لا يجوز أن يتعرض لأي مخاطرة في نشاطه، وذلك حفاظا على سلامة الودائع والحسابات الجارية، لذلك تشترط القوانين ضوابط معينة في هذا الخصوص، منها مثلا ألا تتعدى الأنشطة التي تتضمن مخاطرة رأس مال البنك واحتياطياته (أي حقوق المساهمين) حتى تظل الودائع والحسابات الجارية بمنأي عن المخاطرة، بل وتعتبر القوانين المصرفية شراء الأسهم والمعادن النفيسة من قبيل المخاطرة لما تتعرض له من تغير في الأسعار…
وتنحصر لذلك سبل استثمار البنك لما لديه من ودائع والنسبة المسموح له التصرف فيها من الحسابات الجارية في الإقراض بفائدة وذلك بسبب أن عملية الإقراض – مهما قلت نسبة الفائدة – فيها ضمان لرأس المال المقرض.
2- وإذا كانت معظم القوانين تحدد حدا أعلى للفائدة لا يجوز تعديها فإن بعض القوانين تحدد كذلك حدا أدنى للفائدة لا يجوز النزول عنها وذلك حماية للمودعين بضمان حد أدنى من العائد لهم.
3- وتفاديا للاصطدام بهاتين المشكلتين (عدم جواز الاستثمار بالمخاطرة، وضمان حد أدنى للفائدة) وغيرها من المشاكل القانونية الأخرى، لم تجد الدول التي سمحت بإنشاء بنوك إسلامية فيها دون تغيير نظامها المصرفي – سبيلا إلى إزالة هذا التناقض إلا بإصدار قوانين خاصة تعفي هذه البنوك من الخضوع لكل أو بعض أحكام قوانينها المصرفية.
4- وفي خارج نطاق الدول الإسلامية – حيث لا أمل في إصدار قوانين خاصة لإعفاء البنوك الإسلامية من أحكام قوانينها المصرفية – فستظل هذه المشاكل بحاجة إلى حلول عملية تمكن البنوك الإسلامية من العمل وفقا للشريعة الإسلامية ودون اصطدام مع القوانين المصرفية.
5- وقد أمكن التوصل إلى حل المشكلة الأولى في جانب الودائع بتبني صيغة الشركة التعاونية أو السندات المتقاسمة الأرباح، وفي جانب التمويل باللجوء إلى نظام الشركة القابضة والشركات التابعة حيث يقرض البنك – سواء كان هو الشركة القابضة أو إحدى الشركات التابعة – الشركات التابعة التي تتولى هي الاستثمار بالمخاطرة في المشروعات.
6- أما المشكلة الثانية – في البلاد التي تستلزم ضمان حد أدنى من الفوائد على الودائع فمازالت بدون حل وفي حاجة إلى مزيد من البحوث.
ثانيًا:صعوبات فقهية:
كان البديل الذي تبادر إلى ذهن القائمين بالتخطيط لإقامة بنوك إسلامية هو إحلال التمويل بالمشاركة مكان الإقراض بالفائدة، واختاروا لذلك عقد القراض (أو المضاربة) من العقود الفقهية لتكييف علاقة المودع بالبنك من ناحية والبنك بالمقترض من ناحية أخرى وانفرد الإمام محمد باقر الصدر بتكييف العلاقة على أنها مضاربة واحدة بين المودع والمقترض مباشرة ويقوم فيها البنك بدور الوكيل عن مجموع المودعين في مواجهة مجموع المقترضين.
غير أن هذا التكييف بصورتيه لا يسعف في التكييف الشرعي لنشاط البنوك الإسلامية على النحو الذي سنوضحه، كما أنه لا يغطي سوى جزء واحد من هذه الأنشطة.
إذ سرعان ما تحفظت البنوك الإسلامية عن التوسع في عمليات المضاربة وفتحت بابا جديدا كيفته على أساس عقد بيع المرابحة، ومرة أخرى تبين أن بيع المرابحة لا يسعف هو الآخر في تكييف هذه الأنشطة.
هذا فضلا عن أن بعض الأنشطة ترددت البنوك الإسلامية في القيام بها كخطابات الضمان وعمليات الصرف الأجنبي.. نتناول بإيجاز كلا من هذه الأنشطة:
1- المضاربة:
يصطدم تكييف علاقة المودع من البنك والبنك مع المقترض (أو المودع مع المقترض مباشرة) على أساس عقد المضاربة الفقهي بصعوبات رئيسية إذ أن الفقهاء على خلاف بينهم في ذلك يرون لصحة المضاربة:
أ- عدم تحديد أجل للمضاربة وجعلوه مفسدا لعقد المضاربة نفسه (المالكية والشافعية وأحمد في رواية وبعض أصحابه، خلافا للحنفية) وعند من يجيز توقيت المضاربة يتوقف انتهاؤها على نضوض مال المضاربة أي تحويله ناضا إلى أصله ذهبا كان أو فضة.
وواضح أن نظام الودائع – الذي تتعامل به البنوك العادية والذي تحاول البنوك الإسلامية تطبيقه على أساس إسلامي – قائم أصلا على تحديد أجل الوديعة مما يتعارض مع هذا الحكم في عقد المضاربة.
كما أن تمويل البنك للمقترض يتعارض كذلك مع هذا الحكم إذا كان تمويلا لمدة محددة.
ب-عدم جواز المضاربة في غير الذهب والفضة (العروض) فهذا أصل مذهبي الشافعية والحنابلة وأن خالف متأخروهم في ذلك. أما المضاربة بمال الديون فلم يجزها الشافعية والمالكية خلافا للحنفية والحنابلة.
وواضح أن نظام الودائع الحالي يتعارض مع هذا الحكم لأنها لا تتم بالذهب والفضة وإنما بالنقود الورقية، أو بالشيكات وهي حوالة كما أن تمويل البنك للمقترض يتعارض مع هذا الحكم لنفس الأسباب.
ج- عدم جواز اشتراط سلعة معينة في عقد المضاربة.
فالمالكية والشافعية (خلافا للحنفية والحنابلة) يرون تقييد المضارب بسلعة معينة مفسدا للعقد.
وواضح أن تمويل البنك للمقترض يتعارض مع هذا الحكم إذا كان التمويل خاصا بعمليات محددة وهو ما يحدث غالبا في تمويل البنوك الإسلامية للعمليات إذ النادر أن يكون تمويلها عاما.
د- عدم معلومية حصة كل من طرفي عقد المضاربة في ربحها عند إبرام العقد مفسد للعقد عند إبرام العقد مفسد للعقد عند جميع الفقهاء، ومعظم البنوك الإسلامية تخالف هذا الشرط إذ لا تنص عقود الوديعة على حصة المودع من الربح (عدا عقود بنك فيصل السوداني التي تنص على خصم 25% من ربح الوديعة للبنك مقابل الإدارة وعدا البنك الإسلامي الأردني والمصرف الإسلامي بلوكسمبورج اللذين يعلنان مسبقا عن النسبة التي يتم توزيع الأرباح على أساسها).
ه- هذا بالإضافة إلى أن عقود الوديعة التي تبرمها البنود الإسلامية خالي من الإذن الخاص الصريح من المودع للبنك للقيام بالأعمال التالية التي لا يجوز القيام بها دون إذن خاص:
1- لا يجوز – عند جميع المذاهب – للمضارب دون إذن خاص أن يعقد مضاربة أخرى بمال المضاربة، فإن فعل انعزل وانعقدت المضاربة رأسا بين رب المال والمضارب الثاني، إلا عند الشافعية الذين يرون بطلان المضاربة الثانية..
2- كما اتفقت المذاهب – على خلاف بينها في التفاصيل – على عدم جواز أن يشارك المضارب غيره شركة عقد دون إذن خاص.
3- وفيما عدا المالكية ترى باقي المذاهب عدم جواز خطط مال المضاربة بغيره دون إذن خاص.
4- كما لا يجوز للمضارب – عند جميع المذاهب – أن يستدين على مال المضاربة دون إذن خاص.
وهكذا نرى أن تكييف علاقة المودع والمقترض بالبنك على أساس عقد المضاربة لا يستقيم وفقا للأحكام الفقهية لهذا العقد.
إن وظيفة التمويل المحدد بمدة والغير مرتبط بعملية معينة – والتي تتمثل بصورة واضحة في الودائع المطلقة وفي التمويل العام للعملاء – لا يمكن أن تتفق مع مفهوم عقد المضاربة بأي حال من الأحوال.
2- بيع المرابحة:
استخدام عقد بيع المرابحة خاصة لتغطية نشاط الاعتمادات في حالة عدم دفع العميل كامل قيمة الاعتماد، فاعتبر البنك أنه يشتري البضاعة نقدا ويبيعها للعميل بأجل بسعر أعلى. ويصطدم هذا التكييف بعدة أمور:
أ- منها النهي عن البيع لأجل بأعلى من سعر البيع نقدا، والنهي عن الشراء نقدا والبيع لأجل.
ب-ومنها النهي عن البيع قبل القبض وعن بيع ما لا يملك إذ أن البنك يبيع السلعة إلى العميل عند فتح الاعتماد ولا يكون قد تملكها أو قبضها بعد.
وتفاديا لهذا النهي، فقد لجأت البنوك إلى تقسيم العملية إلى مرحلتين أولاهما وعد بالبيع والشراء ينقلب بعد تملك البنك للبضاعة وقبضها إلى بيع حقيقي.
ج- وهنا اصطدمت بالأمر الثالث وهو عدم إلزامية الوعد بالبيع فقها مما يعرض البنك لاحتمال أن يمتنع العميل عن شراء البضاعة فيما بعد فلا يستطيع البنك إلزامه بها.
د- كما اصطدمت بالنهي عن بيعين في بيعة أو صفقتين في صفقة.
3- خطابات الضمان:
كيفها الفقهاء المعاصرون بأنها كفالة والكفالة فقها من عقود التبرع لذا لم يجيزوا للبنوك الإسلامية تقاضي عمولة أو أجر عليها.
4- عمليات الصرف الأجنبي:
جاء في الفقه النهي في الصرف عن أي أجل حتى أن يلج باب بيته، أي ينبغي أن تتم المبادلة فورا، ومعروف أن عمليات الصرف الحاضر لا تتم دائما في شباك البنك يدا بيد وإنما تتم كذلك وفي المبالغ الكبيرة بالذات بواسطة خطابات وقيود في الدفاتر لا ينطبق عليها شروط الفورية بالصورة التي يؤكد عليه الفقه.
هذا عن الصرف الحاضر.
أما الصرف الآجل فقد التبس الأمر على البعض فلم يفرق بين الحالة التي يؤجل فيها تسليم أحد البدلين والحالة التي يؤجل فيها تسليم كلا البدلين (والتي تتم عادة لتثبيت سعر الصرف عند تنفيذ عقد توريد بعملة أجنبية ويمكن تكييفها فقهيا بأنها وعد بالصرف) وبالتالي لم يمارسوا كلا النوعين من الصرف الآجل.
ما معنى هذا كله؟
هل نحن ي طريق مقفل؟
لا فالطريق فسيح موصل، وإنما ضيقنا على أنفسنا وعلى الناس حين تصورنا أن الفقهاء القدامى لم يتركوا للمتأخرين مجالا للاجتهاد بعدهم وأن صور المعاملات قد تحددت على النحو الذي وردت في كتب الفقه فلا مجال للتجديد..
هذا هو الفهم الضيق الذي أدى بنا إلى هذا الموقف.
وإلا فقد أوضح الأصوليين أن الأصل في المعاملات خلافا للعبادات هو الإباحة وإن بإمكاننا أن نستحدث ونجدد في صور المعاملات بما يحقق مصالحنا دون حاجة إلى تخريجها أو قياسها على عقد قديم أو رأي قديم… طالما أننا لا نصادم نهيا ورد في كتاب الله وسنة رسوله… هذه حدود الله التي لا ينبغي أن نتعداها، أما اجتهادات الفقهاء فليس لها قوة الدليل الشرعي…
وقد تنبهت الهيئات المخططة للاقتصاد أللا ربوي في باكستان إلى هذا الأمر بالنسبة للمضاربة فاستبعدت هذا الاسم وأطلقت أسم التمويل بالمشاركة في الربح والخسارة P.L.S Profit – Loss – Sharing غير الربوية حتى لا تقع في تضارب مع أحكام عقد المضابة كما أوضحها الفقهاء.
ومن المهم هنا أن نوضح أنه في غياب التنظيم القانوني والتنظيم الفقهي معا لعمليات البنوك الإسلامية، فلا يبقى سوى أن تنظم البنوك هذه العلاقات بعقود تفصيلية ولوائح داخلية على أساس أن العقد شريعة المتعاقدين حتى لا تبقى هذه العلاقات في فراغ دون نص تشريعي أو اتفاقي يحكمها.
ثالثًا: الصعوبات المصرفية:
1، 2- وأركز حديثي هنا في ثلاث مسائل رئيسية الأولى والثانية منها تتعلقان بالسيولة ولا تمثلان في النظام المصرفي القائم على الفائدة مشكلة تذكر، وهما مسألة سرعة استثمار السيولة عند توافرها وسرعة تدبيرها عند الحاجة إليهاا، ذلك أن البنوك المتعاملة بالفائدة تستطيع في نفس اليوم، خلال دقائق أو ساعات على الأكثر أن تقرض أو تقترض من بعضها البعض هاتفيا وبالتلكس.
ذلك أن المقابل محدد معروف وهو سعر الفائدة السائد في ذلك اليوم أو تلك اللحظة.
هذه السيولة لا تتوافر لدى البنوك الإسلامية حتى الآن، ذلك أن تأسيس عملها على التمويل بالمشاركة يستدعي فترة زمنية تتم خلالها دراسة المشروع طالب التمويل ومناقشة شروط التمويل قبل البدء في التمويل الفعلي.
هذه الصورة العادية للعمل بين البنك والعميل مازالت هي المسيطرة في التمويل بين بنك وآخر، وهيلا تحل مشكلة السيولة لا الإيجابية منها ولا السلبية..
ونقترح لهذه المسألة حلين أحدهما يتعلق بالتمويل العام والثاني بالتمويل الخاص. ويتم كلاهما في إطار اتفاقات ثنائية أو جماعية بين البنوك الإسلامية أشبه باتفاقات خطوط الائتمان Line of Credit المعروفة بين البنوك العادية، وتفترق عنها في أن مقابل التمويل حصة من الربح بدلا من الفائدة المحددة على رأس المال.
وتكون في حالة التمويل العام حصة في أرباح البك العامة محسوبة على أساس نظام النمر وفي حالة التمويل الخاص حصة من ربح المشروع الذي تم التمويل له.
ويراع أن نظام التمويل العام لا يقتصر تطبيقه على حالة بنكين أحدهما لديه فائض كبير دائم والآخر لديه نقص دائم في السيولة، وإنما يمكن تطبيقه بين بنكين متشابهين في مركز السيولة إذ بإمكانهما تبادل التعاون في توفير السيولة، ويتم الحساب في آخر العام على أساس المقاصة في النمر ثم استحقاق الرصيد الدائن لحصة من أرباح البنك المدين.
كما يراعى في نظام التمويل الخاص اعتماد أحد البنكين على الآخر في دراسة المشروع والاكتفاء موجز له هاتفيا وبالتلكس حتى يحقق التعاون أثره في حل مشكلة السيولة بجانبيها الإيجابي والسلبي.
1- بقيت مسألة مصرفية ثالثة هي اضطرار البنوك الإسلامية – ولحين وجود شبكة كاملة من البنوك الإسلامية تغطي جميع بلدان العالم – إلى الاحتفاظ بأرصدة هامة في حساباتها مع مراسليها في البلاد التي لا توجد بها بنوك إسلامية، خاصة في البلاد الأوروبية والأمريكية حتى تغطي بها ما قد تفتحه من اعتمادات أو تنفذه من تحويلات خارجية. ولا تتقاضى البنوك الإسلامية فوائد على هذه الأرصدة، وهي أن تقاضيها – أخذا بالفتوى الراجحة في هذا الموضوع – فإنها لا تضيفها إلى أرباحها وإنما تصرفها في وجوه النفع العام، أي أن هذه الأرصدة من الناحية الاقتصادية أموال معطلة بالنسبة للبنوك الإسلامية.
والحل الوحيد لهذه المشكلة هو سرعة تأسيس بنوك إسلامية في العواصم المالية الهامة لتغطية هذه الحاجة واستثمار الأرصدة لديها استثمارا قصيرا تشترك البنوك في الاستفادة من عائده دون اضطرار إلى الاحتفاظ بأرصدة هامة لدى البنوك القائمة على الفائدة.
رابعًا: الصعوبات المعنوية:
وهذه بعضا نفسي وبعضها خلقي:
فعلى الصعيد النفسي:
مازالت العقلية الربوية مسيطرة على المودعين والمقترضين فالمودعين يتوقعون عائدا مساو للفائدة الربوية إن لم يكن أعلى منها، والمقترضون يتوقعون دفع عائد مساو للفائدة الربوية أن لم يكن أقل منها… وقليل من هؤلاء وأولئك من يضع في المقام الأول عامل الحل والحرمة، أو من يضع في الاعتبار عنصر المخاطرة بالخسارة الذي تفترق به عمليات المشاركة عن عمليات الفائدة المحددة، أو من يقدر الدور الرائد الذي تقوم به البنوك الإسلامية في وسط مخالف تماما للمبادئ التي تقوم عليها..
هذه القلة هي السند الحقيقي للبنوك الإسلامية، وهي موجودة في صفوف الفقراء ومتوسطي الحال أكثر ما هي في أوساط الأغنياء.
وهنا تحتاج البنوك الإسلامية إلى مزيد من توعية المسلمين بالجانبين الديني والاقتصادي في هذا الموضوع..
ولا يفوتنا هنا أن نؤكد على حقيقتين جديرتين بالعناية:
أولاهما: ما يلمسه المشتغلون بالشئون المالية الدولية من أن القدر الأعظم من القروض الكبيرة والمتوسطة والطويلة الأجل إنما تذهب إلى الشركات الصناعية العالمية المتقدمة تقنيا والقادرة على دفع الفوائد المرتفعة.
وثانيهما: ما تحرص عليه البنوك الإسلامية من استثمار أموالها في مشروعات تسهم في تنمية المجتمعات الإسلامية واستغلال موارد البلاد الإسلامية الطبيعية والبشرية، وهي أهداف تحظى بالأولوية على ما عداها خاصة إذا كانت ربحيتها المادية المباشرة مجزية كذلك..
2- على الصعيد الخلقي:
تعتمد عمليات التمويل بالمشاركة على أمانة المقترض وضميره في المقام الأول إذ مهما أحكمت البنوك الإسلامية رقابتها على العمليات التي تمولها – مع ما يستلزمه ذلك من أجهزة ضخمة لدراسة المشروعات.
قبل تقرير تمويلها، ولمتابعتها ومراقبتها أثناء تنفيذها – فإنه يبقى دائما بإمكان المقترض غير الأمين أن يفوت على البنك الذي يموله بالمشاركة جزءا صغيرا أو كبيرا من أرباحه سواء بحجز عمولة عند المنبع أو بزيادة المصاريف وتخفيض الدخل أو ير ذلك من الحيل التي تستعمل عادة للتهرب من الضرائب..
لذلك لم يكن غريبا أن تتحرى البنوك الإسلامية الدقة في اختيار عملائها تحاشيا للمفاجآت غير السارة التي قد تنتج عن تمويل من ليسوا على المستوى المطلوب من الأمانة والضمير اليقظ..
هناك طائفة أخرى لا تقل خطرا على البنوك الإسلامية هي طائفة المغامرين الذي يحلو لهم المخاطرة بأموال غيرهم، والذين لا تقبل البنوك الربوية من حيث المبدأ أقراضهم إلا بضمانات قوية ليسوا على استعداد لتقديمها لعدم ثقتهم في نجاح مشروعاتهم، ويجدون في استعداد البنوك الإسلامية – من حيث المبدأ – لتحمل الخسارة مطمعا لأحلامهم .. وغالبًا ما يلجأ أفراد هاتين الطائفتين من العملاء إلى ادعاء التقوى والورع والحرص على عدم التعامل مع البنوك الربوية استدرارا لعطف البنوك الإسلامية..
هذا الخطر المزدوج يستوجب من البنوك الإسلامية – إلى جانب الحذر والحيطة – مداومة أنظمتها وأساليب عملها حتى تصل إلى درجة من الانضباط والدقة اللازمين للخروج من دائرة العلاقات الشخصية إلى دائرة المعايير الموضوعية للتعامل من الجمهور.
خامسا: الصعوبات الإدارية:
تتمثل هذه الصعوبات في مرحلتي ما قبل التمويل وما بعد التمويل:
1- قبل أن يقرر البنك الإسلامي تمويل مشروع ما، فإنه يقوم بدراسته من الناحية الاقتصادية وكذلك من الناحية الفنية إذا اقتضى الأمر، ويتوقف على نتيجة هذه الدراسة تقرير موقف البنك من تمويل المشروع سلبا أو إيجابا مع ما يترتب على هذا التقرير من نتائج. وتتلخص صعوبات هذه المرحلة في زيادة الأعباء المالية والإدارية على البنك بسبب ضرورة الاستعانة بعدد من الخبراء في مختلف المجالات.
وأظن أن التطور الطبيعي في هذا الصدد سيؤدي إلى اعتماد البنوك الإسلامية على شركات متخصصة تابعة لها تتولى تمويلها وتقوم هي بعبء دراسة المشروعات الداخلة في اختصاصها لحسابها ولحساب البنك الممول مما يخفف على البنك كثيرا من العبء في هذا الخصوص.
2- تفترض أنظمة متابعة المشروعات ومراقبة حساباتها مستوى من الأداء الإداري والحسابي غالبا ما يفتقده أصحاب المشروعات طالبة التمويل، وليس هذا بغريب في البلاد الإسلامية التي تنتمي إلى العالم الثالث المتخلف تنظيميا وإداريا، وهنا تؤدي البنوك الإسلامية دورا إضافيا في رفع مستوى الأداء لدى عملائها وهي مهمة حضارية ليس من السهل القيام بها خاصة وأن غالبية المشروعات في العالم الثالث فردية لم يعتد أصحابها على التنظيم الذي تتسم به المشروعات الجماعية…
3- وعلى كل حال فإن البنوك الإسلامية بحاجة مستمرة إلى تكوين الكوادر القيادية والتنفيذية المؤمنة عقائديا بفلسفة النظام والقادرة فنيا على تطبيقه، وإلا اضطرت إلى الاستعانة بمن يشوه جلال الفكرة بسوء التطبيق.
سادسا: الصعوبات المحاسبية:
ترجع الصعوبات المحاسبية إلى استبدال مبدأ المشاركة في الأرباح بمبدأ الفائدة المحددة سواء في علاقة المودع بالبنك أو علاقة البنك بالمقترض، ذلك أن علم المحاسبة الحديث يعرف نوعين من التمويل لا ثالث لهما: فإما أن يكون الممول شريكا في رأس المال وإما أن يكون مقرضا دائنا للمشروع بمبلغ التمويل وفائدته. أما طائفة الممولين الذين ليسوا شركاء في رأس مال المشروع ويتقاضون رغم ذلك حصة في أرباحه فلهم وضع خاص لا تسعف فيه قواعد علم المحاسبة الحالي..
وينبغي لذلك إرساء بعض القواعد والنص عليها بوضوح سواء في عقود الوديعة أو في عقود التمويل. ونعرض هنا لبعض القواعد:
1- مشاركة المودع في أرباح البنك:
كان المفهوم الذي تبادر إلى ذهن من خططوا لنظم البنوك الإسلامية هو التسوية بين المودع والمساهم في الأرباح، وقد نص على ذلك بصورة مطلقة في المادة 56 من النظام الأساسي لبنك دبي الإسلامي وفي المادة 52 من نظام بنك البحرين الإسلامي.
أما بيت التمويل الكويتي فبعد أن نص نظامه الأساسي في المادة 46 على مبدأ التسوية عاد إلى جواز تفضيل رأس المال فيما زاد على 0.20%.
والأصل في فكرة التسوية هو مراعاة صالح المودعين، ولكنها في الحقيقة تتجاهل الفرق الجوهري بين المودع والمساهم من حيث الوضع القانوني والاقتصادي لكل منهما إذ المساهم شريك باق في البنك وإذا باع سهمه حل المشتري محله قانونا في حقوقه والتزاماته ويتحدد سعر السهم على أساس القيمة الحقيقية التي يراعي فيها حجم احتياطيات البنك ومخصصاته. أما المودع فعابر سبيل ينسحب عند انتهاء مدة وديعته الإسمية دون بقاء أي حقوق معلقة له في احتياطيات البنك ومخصصاته وليس له خلف عام أو خاص يحل محله في هذه الحقوق.
وفي الواقع التطبيقي لم يأخذ بنك دبي الإسلامي بمبدأ المساواة بين المودعين والمساهمين ولكنه أبقى النص على حاله دون تعديل أو إلغاء، وقام عمليا، كما قام بيت التمويل الكويتي – بتوزيع نسب ربح للمودعين مختلفة عن نسب المساهمين، بل وتنوعت النسب بين المودعين أنفسهم تبعا لنوعية الوديعة.
أما بنك فيصل الإسلامي السوداني فقد نص بوضوح في المادة 60 من نظامه الأساسي على أن الاحتياطيات تخصم بعد تأدية أنصبه المودعين من الأرباح. بينما نصت المادة 59 من نظام بنك فيصل المصري على أن الاحتياطيات تخصم قبل توزيع الأرباح على المودعين وإن هذا التوزيع يتم وفقا للقواعد التي يضعها مجلس الإدارة.
أما البنك الإسلامي الاردني فقد نصت المادة 18 من قانونه صراحة على الفصل الحسابي بين أعمال التمويل والاستثمار المشترك – حيث تستخدم أموال الودائع – وبين أعمال الخدمات الأخرى التي يقدمها البنك ولا يوزع شيء من أرباحها على المودعين.
كما نصت المادة 21 على أن مجلس الإدارة هو الذي يقرر النسبة التي توزع على المودعين ويحتفظ البنك بالباقي.
وقد جرى بنك فيصل المصري عمليا على هذه القاعدة في حساباته كما يتضح من تقريره السنوي الأول ص 39 ومن تقريره السنوي الثاني ص35.
ونخلص من هذا الاستعراض السريع لمسألة التسوية بين المودعين والمساهمين إلى ضرورة النص بوضوح على النقاط التالية:
أ- هل يستحق المودع حصته في أرباح جميع العمليات التي يقوم بها البنك أم تستثنى منها الخدمات المصرفية مثلا؟
ب-هل تخصم الاحتياطيات (كلها أو بعضها) قبل أو بعد التوزيع على المودعين؟
ج- ما هي نسبة المودع من الربح؟ وهل تختلف وفقا لنوعية الوديعة؟
د- هل يخصم من هذه النسبة حصة للبنك مقابل الإدارة؟
ه- وفي جميع الحالات فالمستقر عليه العمل هو احتساب الودائع على أساس نظام النمر بمراعاة المبلغ والمدة.
وينبغي على كل حال عدم ترك تحديد أرباح المودعين لمجلس إدارة البنك نظرا لما يعتري ذلك من جهالة مفسدة لعقد الوديعة ومفضية إلى النزاع، ونظرا إلى انعدام رقابة المودع على مجلس الإدارة بخلاف المساهم الذي يختار مجلس الإدارة ويحاسبه من خلال الجمعية العمومية للمساهمين.
2- مشاركة البنك في أرباح المقترض:
تثير هذه المسألة عدة صعوبات تتخلص في:
أ- تحديد وعاء المشاركة هل هي عملية خاصة أم تمويل عام لجميع عمليات العميل.
ب-تحديد المصروفات التي تخصم قبل الوصول إلى الأرباح القابلة للتوزيع، ويحسن الاقتصار على المصروفات المباشرة للعملية تحاشيا للدخول في أبحاث مطولة تتعلق بالمصاريف الإدارية للعميل.
ج- تحديد العملة التي يتم الحساب على أساسها، ويحسن أن تكون عملة البنك حتى يتحمل العميل مخاطر اختلاف سعر التحويل أو على الأقل يحمل حساب العملية هذه الفروق، ولا تترك للبنك يتحملها وحده.
د- تحديد مدة لتصفية العملية حتى لا تظل معلقة إلى ما لا نهاية، كما يلزم تحديد طريقة سداد المتحصل أولا بأول حتى لا يستخدمه العميل في عملياته الأخرى.
ه- تحديد النسبة التي يستحقها العميل من الربح مقابل إدارة العملية ويكون الباقي للتمويل سواء قام به البنك بمفرده أو شاركه فيه العميل، ويقتسم الباقي في هذه الحالة على أساس نظام النمر أي المبلغ والمدة.
و- تحديد الحالات التي يتحمل فيها العميل كامل الخسارة بسبب سوء إدارته أو مخالفته للإتقان.
هذه بعض النقاط التي الاتقان عليها صراحة في عقد التمويل حتى تسهل المحاسبة على أساسها.
على أن تمويل البنك للعملاء لا يقتصر على صورة المشاركة في الربح والخسارة وإنما يمكن أن يأخذ صورا أخرى كالمرابحة والتأجير أو الاقتضاء نسبة من المبيعات أو رقم الأعمال… إلخ وينبغي في جميع الحالات عمل عقود تفصيلية تنظم العلاقة تحاشيا لأي خلاف في المستقبل.
3- تقدير الأرباح في نهاية العام:
لا يحدث عملا أن تتطابق وديعة عامة معينة مع مشروع استثماري معين بحيث يتحدان في القيمة وبداية ونهاية المدة، وإنما تصب الودائع العامة (أي غير المخصصة لمشروع معين) في سلة واحدة تتولى هي بالتالي المشروعات بحيث إذا انتهت مدة وديعة لا يترتب على سحبها تعطل المشروعات محل التمويل..
هذا الاشتراك والتداخل بين مجموع الودائع في تمويل المشروعات في الوقت الواحد وفي الأوقات المتتالية يترتب عليه عدم إمكان تسوية حساب أرباح وديعة عامة معينة عند انتهاء مدتها، كما أنه لا يمكن عمل هذه التسوية عند انتهاء المشروع محل التمويل لعدم تخصيص الوديعة بمشروع محدد، لذلك تتخذ السنة المالية وحدة لتسوية حسابات الأرباح والخسائر..
هنا نكتشف أن قواعد المحاسبة القاضية باحتساب الأرباح المحققة فقط وتأجيل احتساب أرباح المشروعات التي لم تنته بعد إلى عام قادم – هذه القواعد تؤدي عند تطبيقها في حالة الودائع المشاركة في الأرباح أما إلى حرمان المودعين من حصصهم في أرباح بعض المشروعات التي شاركت ودائعهم في تمويلها، وأما إلى تعليق تسوية حقوقهم نهائيا إلى حين انتهاء هذه المشروعات وكلا الأمرين غير مقبول بالنسبة للمودع عابر السبيل خلافا للمساهم المقيم..
ويتحتم حسما لوضع المودعين اللجوء إلى تقدير حصة من أرباح المشروع عن المدة محل المحاسبة منسوبة إلى كامل مدة المشروع مع الحيطة والحذر بطبيعة الحال حتى يكون التقدير أقرب ما يمكن إلى الواقع.. وتبقى بعد ذلك ضرورة التسامح المتبادل بين المودع والبنك عما قد ينتج في الواقع من غبن يسير على أحد الطرفين، وتأخذ هذه التسوية صورة الصلح المنهي للعلاقة بالتراضي بين الطرفين حتى لا يصح لأحدهما الرجوع على الآخر فيما بعد، وينبغي لذلك النص على هذه التسوية الحاسمة للحساب بين المودع والبنك في عقد الوديعة ثم في إيصال المخالصة بين الطرفين عند استلام المودع حصته من الربح.
وحتى لا تختلط المفاهيم المحاسبية نرى أن نحتفظ بمصطلح الأرباح للفائض الذي يوزع على المساهمين وأن نستخدم للفائض الذي يوزع على المودعين مصطلحا آخر كالعائد أو الدخل حتى يستقل كل من هذين النوعين بالقواعد المحاسبية التي تناسبه.
بقيت إشارة أخيرة في هذا الخصوص تتعلق بالمودعين الذين يعتمدون في معاشهم على دخل ودائعهم والذين يلزمهم لذلك ترتيب لدخل منتظم لهم. وهنا يستطيع البنك عمل مركز مالي شهري أو فعلي يوزع على أساسه حصصا من الأرباح تحت الحساب لحين التسوية النهائية آخر العام، وقد اتبع بنك فيصل المصري هذا النظام في عامه الثاني وقام بصرف نسب تقريبية تحت الحساب كل ثلاثة شهور.
إن فائدة هذا النظام لا تقتصر على ترتيب دخل منتظم للمودعين وإنما تعين كذلك على أن يتخذ المودع قراره بتجديد مدة الوديعة عند انتهائها أو سحبها بناء على ما يلمسه من عائد تقريبي للوديعة دون انتظار الحساب الختامي الذي قد يتأخر ظهوره عدة شهور.
سابعًا: الصعوبات السياسية:
وأقصد بها السلبيات الناتجة عن فقدان التوازن الضروري لكيان البنك وتشكيلاته الرئيسية… هذا التوازن الذي يهتز حين تسيطر حكومة أو فرد أو مجموعة من الأفراد على سياسة البنك وقراراته التنفيذية من خلال ملكيتها لنسبة مؤثرة من أسهم رأس المال.
والإجراء الطبيعي لتحاشي هذا الوضع ونتائجه السلبية، هو تحديد حد أعلى لملكية أي شخص أو هيئة أو مجموعة من المصالح لأسهم البنك مما يضمن إيجاد التوازن داخل أجهزة البنك القيادية والتنفيذية ويضمن بالتالي التوفيق الواعي بين المصالح العامة والخاصة في مناخ موضوعي يستهدف تحقيق أهداف البنك.
خاتمة:
لقد أصبحت البنوك الإسلامية حقيقة واقعة، وحركتها في اتساع تكسب كل يوم أرضا جديدة وأنصارا جددا، ويهمنا في ختام هذا البحث أن نؤكد على نقطتين.
أحداهما: هي أهمية استكمال البنوك الإسلامية لأنظمتها وتطويرها وصقلها حتى تتمكن في مستقبل قريب من وضع نظام للرقابة على سلامة مسيرتها وحمايتها من أطماع المنتفعين والمتسلقين..
وثانيهما: هي ضرورة تساند وتعاون البنوك الإسلامية بدافع من إخلاص النية لله ومن الوعي بالأهداف والمصالح والمخاطر المشتركة.
والله ولي التوفيق